ايضاحات قانونية حول اسباب رفض اتفاقية سيداو
لهذة الاسباب نرفض اتفاقية سيداو / بقلم بلال حسن التل
الاتفاقية حالة تمرد على الخالق ثم على منظومتنا القيمية
إلى متى سيظل أمننا رهين حفنة من الرجال والنساء المنفلتين من عقال قيمنا؟
الاتفاقية انتقاص للسيادة الوطنية واستباحة للخصوصية الثقافية وحَجر على التفكير
كثير من دول العالم ترفض التوقيع على اتفاقيات دولية لتعارضها مع قيمها ومصالحها
مطلوب تكثيف الأنشطة التي ترسخ الهوية الإسلامية لمجتمعنا
لو كنت صاحب قرار لأقمت حد الحرابة على بعض الذين يدافعون عن اتفاقية سيداو لأن هذا البعض يسعى في الأرض فساداً . ويريد إغراق بلدنا في هذا الفساد. مستغلاً حماس البعض الآخر منا لشعارات حرية المرأة، ولشعارات الحداثة، وغيرها من الشعارات البراقة التي تخطف الأبصار. وتجعل بعضنا يسير على غير هدى وبصيره، خلف الفاسدين المفسدين في الأرض. الذين يأخذ افسادهم أشكالاً شتى من بينها الاتفاقيات الدولية. التي صار من الثابت أنها تحولت إلى أداة لتدخل القوى الكبرى في الشؤون الداخلية للشعوب. ومحاولة إعادة تركيب بُنى هذه الشعوب الثقافية، والاجتماعية، والتشريعية وفق المنظور الغربي الذي لا يعترف بالآخر وخصوصياته، خاصة إذا كان هذا الآخر نحن المسلمين.
ومثلما صارت الاتفاقيات الدولية أداة للتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب، فقد صارت أيضاً وسيلة من وسائل انتقاص سيادة الدول. خاصة وان هذه الاتفاقيات ومنها اتفاقية سيداو تفرض على هذه الدول تقديم تقارير دورية عن مدى تطبيق الاتفاقية، كما أنها تفرض على هذه الدول تعديل تشريعاتها لخدمة أهداف هذه الاتفاقيات. التي تربط المنح والمساعدات للدول الفقيرة بتنفيذ هذه الاتفاقيات. وكلها ممارسات تصب في خانة الانتقاص من سيادة الدول.
ليس انتقاص السيادة والتدخل في الشؤون الداخلية هو السبب الوحيد الذي ندعو من أجله لرفض اتفاقية سيداو من حيث المبدأ. وأن كان هذا سبباً كافياً لرفض الاتفاقية. فكيف وقد تجمعت الكثير من الأسباب التي تدعو إلى رفض هذه الاتفاقية. وأول ذلك أن الاتفاقية تشكل حالة تمرد على الخالق عز وجل. عبر التمرد على الطبيعة السوية للإنسان. عندما نص بندها السادس عشر على فصل الدور عن الجنس. وعلى التساوي المطلق والتماثل التام بين الرجل والمرأة. وعدم إلصاق الأمومة ورعاية الأسرة بالمرأة. فالمادة (ب/ 5) من الاتفاقية تنص على أن الأمومة وظيفة اجتماعية. أما المادة (5/أ) فتنص على تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة بهدف القضاء على الأدوار النمطية. كذلك فان الاتفاقية تلغي ولاية الأب على ابنته. وتسمح بزواج المسلمة من غير المسلم. و تعتبر أي فوارق بين الرجل والأنثى تميزاً وعنفاً ضد المرأة.
ومثلما أن الاتفاقية حالة تمرد على الخالق. فإنها تمثل حالة تمرد على مجمل عقائدنا. وعلى استقرارنا الاجتماعي. وتشكل خطراً جسيماً على الأسرة الأردنية. وتهدد مجتمعنا بالمزيد من التشرذم. خاصة عندما تعطي المرأة حرية السكن. ولا نعني هنا اشتراط السكن عند عقد القران، ولكنها حرية مطلقة للمرأة ، أن تمارسها متى تشاء. دون إذن أبيها أو أخيها، أو زوجها. مما يعني في صورة من الصور أن تقتصر العلاقة الزوجية على لحظة الرغبة الجنسية. فإذا قضيت هذه الرغبة انتقل كل زوج إلى مكان سكنه، وهذا تناقض صارخ مع مفهوم المودة، والسكينة، الذي يشكل أساس الزواج الإسلامي. كما أن الاتفاقية تسمح بإقامة علاقات غير شرعية خارج إطار الزواج الشرعي.
وعند هذه النقطة نحب أن نذكر بعض المتحمسين بشدة للاتفاقية بان المجتمع الأردني مجتمع مسلم بسكانه وبتاريخه السياسي والاجتماعي والثقافي. يتساوى في الدفاع عن قيمة المسلم والمسيحي . ولذلك فإنه من غير المسموح تجاوز هذه الحقيقة للعبث بقيم مجتمعنا تحت ستار الاتفاقيات الدولية. ومن ثم لا يجوز أن يبقى استقرارنا الاجتماعي و السياسي والاقتصادي رهين حفنة من النساء والرجال، الذين انفلت عقالهم من كل قيم الأمة وأعرافها وتقاليدها، استجابة لنـزوات ، وتحقيقاً لمكاسب شخصية يؤمنها لهم التمويل الأجنبي، الذي حولهم إلى أدوات لتنفيذ أجنداته. بعد أن صاروا جسوراً لتدخله في شؤوننا الداخلية. من خلال استقواء هذه الحفنة من الرجال والنساء بالأجنبي لإحداث هزات اجتماعية ، واقتصادية، وسياسية في منظومتنا القيمية، والتشريعية. خاصة وأن عدداً من هؤلاء الوكلاء وصل إلى موقع صناعة القرار والتأثير فيه.
ولا تكتفي اتفاقية سيداو بان تفرض علينا التحلل من منظومتنا القيمية وتعديل تشريعاتنا لخدمة أهدافها، بل أنها تريد منا أن نلغي عقولنا وخصوصيتنا الثقافية ، وتحجر على رأينا عندما نصّت أنه لا يجوز إبداء أي تحفظ يكون منافياً لموضوع الاتفاقية وغرضها . وهذا النص الدكتاتوري العرفي. يؤشر لنا، على أن العقلية التي كانت وراء هذه الاتفاقية، هي نفس العقلية التي فرضت الحصانة والقدسية على أكذوبة المحرقة اليهودية. ومنعت مجرد مناقشة وقائع هذه المحرقة بأسلوب علمي ووثائقي. وهذه الحقيقة تجعلنا نطرح سؤالاً حول المرجعية الفلسفية والفكرية للاتفاقيات الدولية. وهل هي اجتهادات الفكر الغربي؟ أم اجتهادات الفكر البوذي؟ أم اجتهادات الفكر الهندوسي؟ بكل ما في هذه المدارس الفكرية من تناقضات داخلها، وبينها وبين المدارس الأخرى. ثم أين يقع الفكر والفقه، والاجتهاد الإسلامي من هذه المدارس الفكرية ومن ثم الاتفاقيات الدولية التي تحاول فرض مفاهيم وقيم هذه المدارس خاصة الغربية منها علينا في أبشع عملية استباحة ثقافية، وتغيب للخصوصية الثقافية لشعوب الأرض غير الغربية خاصة الإسلامية منها؟؟ وهي استباحة تسعى إلى إلغاء التنوع البشري وصبه في قالب واحد، مما يتنافى مع حكمة الخالق في التنوع.
إن الأسباب التي توجب رفض اتفاقية سيداو كثيرة. وكل واحدة منها تكفي منفردة لرفضها وإغلاق باب الحوار حولها. فإذا كان الغرب يمنع مناقشة أكذوبة المحرقة اليهودية. فإن من حقنا أن نقول أنه لا يجوز أن تخضع ثوابت الأمة وتعاليم دينها للنقاش. من قبل كل من هب ودب . ولا يجوز أن تكون مرجعية الحكم على معتقداتنا الدينية، وسلوكنا الاجتماعي. هي افرازات التجربة الغربية بكل ما فيها من سوءات، يريد البعض أن يفرضها علينا.
ليس ما أوردناه أعلاه هو كل الأسباب التي تدعونا إلى رفض الاتفاقية، بل إننا نستطيع القول أن المبررات التي ساقها أنصار الاتفاقية لإقناع الناس بها تصلح كأسباب لرفض الاتفاقية. فبعض الذين دافعوا عن الاتفاقية تذرعوا بأن الأردن جزء من هذا العالم. وهي كلمة حق أريد بها باطل. ذلك أن دول العالم، لا توقع كلها على الاتفاقيات الدولية. فهناك دول كثيرة ترفض التوقيع على اتفاقيات دولية لتعارض هذه الاتفاقيات مع قيمها ومصالحها. ويكفي أن نذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت ترفض التوقيع على الكثير من الاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية سيداو، فهل الولايات المتحدة الأمريكية ليست جزءاً من هذا العالم الذي يتحدثون عنه؟
ومن التبريرات التي ساقها أنصار هذه الاتفاقية زعمهم أنها لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية ومع التشريعات الأردنية. ولهؤلاء نقول: إن تقاطع الاتفاقية مع بعض أحكام الشريعة الإسلامية، وبعض نصوص القوانين الأردنية. ليس مبرراً لقبولها بل هو مبرر لرفضها لأن عندنا ما يغني عنها، ويجنبنا أخطارها. وللذين يعلنون احترامهم للشريعة الإسلامية في معرض دفاعهم عن السيداو نقول: إذا كان قبولكم للاتفاقية بسبب عدم تعارضها مع الشريعة الإسلامية. فلماذا لا تعملون على تطبيق هذه الشريعة في حياة الناس، خاصة في مجال المرأة بدلاً من استيراد صيغ مثيرة للجدل. وغير منسجمة مع قيمنا وتقاليدنا وقبل ذلك مع شريعتنا؟!
أما حكاية أن سيداو مطلب وطني واستجابة لرغبات المنظمات النسائية في الأردن ، فهي حكاية مضحكة، فيها الكثير من الافتتاء على إرادة أبناء الوطن، وتزوير لهذه الإرادة. وإذا كان الأمر كما تقولون، فاطرحوا الاتفاقية على الاستفتاء الشعبي العام، لنرى هل هي مطلب وطني أم لا؟ أما أنها استجابة لرغبات المنظمات النسائية . فالسؤال هو: ما هي المنظمات ؟ وكم تمثل؟ وهل تستطيع إيصال واحدة من عضواتها إلى مجلس النواب في انتخابات حرة نزيهة؟ وكم من أصوات النساء الأردنيات يمكن أن تحصل عليها عضوات هذه الجمعيات؟ أما إذا كانت الحكاية حكاية صوت عالٍ، وصخب إعلامي . فإننا نقول: إنه إذا جد الجد وحان الحين فسيكتشف المدافعون عن هذه الجمعيات أنهم يسمعون جعجعة ولا يرون طحناً .
خلاصة القول هي: إن كل المبررات التي ساقها المدافعون عن اتفاقية سيداو هي مبررات واهية، ومع ذلك فإننا ندعو إلى عدم الاستهانة بهم. لأسباب كثيرة، لعل في طليعتها ارتباط هذه الاتفاقية بمراكز صنع القرار العالمي، التي تريد أن تصبغ العالم بصبغة واحدة وأن تمحو كل المكونات الثقافية لشعوب الأرض لحساب ثقافة واحدة هي الثقافة الغربية. وهذا يستدعي منا أن نكثف الأنشطة التي ترسخ الهوية الإسلامية لمجتمعنا. وأن نضغط لوضع تشريع يمنع دخولنا. في أي اتفاقية تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. وأن تعرض كل الاتفاقيات التي تريد الحكومة الدخول فيها على مجلس الإفتاء قبل توقيعها. وهنا يبرز دور علماء الشرع الحنيف في التصدي للدفاع عن حرمات الله من خلال التصدي لهذه الاتفاقية وأمثالها.
خاصة وأن بعض المدافعين عن هذه الاتفاقيات يختبؤون وراء نصوص شرعية، ويحاولون ليّ ذراعها وتفسيرها بما يتفق مع نصوص هذه الاتفاقيات. وعلى العلماء أن يقودوا تحركاً جماعياً لتحصين المجتمع والدفاع عن قيمه، وعليهم أن يحرضوا على قيام تحرك نسوي جاد للوقوف أمام حفنة النساء اللواتي صادرن رأي المرأة في بلادنا، لحساب أجندات خارجية تجعلنا نتساءل: لماذا هذا التركيز على قضايا المرأة وتناسي قضايا أشد خطورة وأهمية مثل قضايا الفقر والفساد، وكلاهما يأكل حقوق المرأة والرجل معاً ؟ وفي هذا الإطار نحب أن نسأل المدافعين عن حقوق المرأة. لماذا لا يتم الربط بين هذه الحقوق والحقوق السياسية للشعوب التي احتلت أرضها وفلسطين والعراق في مقدمتها؟ فحق العودة والسكن في الوطن حق مقدس يجب أن تتمتع به المرأة الفلسطينية والمرأة العراقية، وأن نسعى إلى توفيره لهما بدلاً من أن نعمل على إخراج بناتنا وزوجاتنا وأمهاتنا من بيوتنا .
اترك تعليقاً