مدى مساهمة الاجتهاد القضائي في إنشاء القواعد القانونية
ذ/ عز الدين الماحي
منتدب قضائي إقليمي
وأستاذ باحث بكلية الحقوق بمراكش
يعتبر الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، بحيث لا يمكنه العيش إلا في جماعة تنشأ بين أفرادها روابط وعلاقات لم تخضع في البداية لأي تنظيم، إذ كان الأفراد يلجأون إلى القوة والعنف لتحقيق متطلباتهم ورغباتهم، الشيء الذي أدى إلى نشوء نزاعات وتطاحنات، وإلى انعدام الأمن والإستقرار القانوني.
لذلك كانت الحاجة ماسة إلى وجود سلطة عليا لها قوة إلزامية يخضع لها الجميع… فجاءت فكرة القانون، الذي يعد علما هاما ونافعا لكل أفراد المجتمع على السواء، فهو الذي يحدد النطاق المشروع لتصرفات الأفراد وعلاقاتهم داخل مجتمع منظم، وآية ذلك أنه إذا كان الإنسان قد اختار الإنخراط في مجتمع تتشابك فيه المصالح وتتعارض، فإن الثمن المقابل هوالإمتثال أحكام القانون، حتى درج البعض على القول” إن القانون في الجماعة كالدم في الجسم الحي، يسري فيها مصدر للحياة، فهو لازم لوجودها ولازم باستمرار حياتها وبغيره لا وجود لها ولا حياة”(1).
والواقع أن القاعدة القانونية تستمد وجودها من مصادر تاريخية رسمية وتفسيرية.
فالأولى، يقصد بها المنابع التي قد يستقي منها المشرع بعض أحكامه، ومن ذلك اعتبار الشريعة الإسلامية والقانونية الفرنسي من قبيل المصادر التاريخية لقانون الالتزامات والعقود المغربي، وذلك لاستقاء المشرع بعض أحكامه منهما(2) ويرى بعض الفقه (3) أن المشرع وإن كان قد استقى بعض القوانين التي أصدرها فيما يراه التعبير عنه تحت اسم المصادر التاريخية هو مضمون القاعدة وليس مصدرها
أما المصادر الرسمي (4) أو الشكلية فهي التي يستمد منها القانون الإلزامية، وبالتالي سيطرته وسلطانه، وقد أطلق عليها وصف الرسمية، لأنها الطرق المعتمدة التي تجعل القاعدة القانونية نافذة فتعطيها بذلك قوة الإلزام. كما أطلق عليها وصف الشكلية لأنها المظهر أو الشكل الخارجي الذي تظهر فيه الإرادة الملزمة للجماعة ن فإذا وضعت قاعدة تشريعية، كانت العوامل التي أملت على الشارع حكمها ه مصدرها (5) المادي وكان التشريع مصدرها الرسمي.
أما المصادر التفسيرية فيقصد بها المراجع الذي يستعان بها في تفسير القانون (6)، فهي معين أو مساعد على حسن تفهم القانون وإزالة حاقد أحوطه من لبس أو غموض، ومن ذلك في القانون المغربي الفقه والقضاء، وترجع أهمية الدور الذي يقوم به هذين الأخيرين إلى ما تتسم به القوانين عادة من إيجاز ، فيأتي الفقه ويفسر ما بها من غموض ويستجلي ما بها من معاني ويقارن بين أحكامها فيظهر ما قد يكون بها من قصور، ويبرز الحاجة إلى تكملة ما بها من نقص (7)، أما القضاء وبأحكامه المتعددة واتجاهاته المحددة فإنه يساعد من دون شك على تحديد معاني النصوص ، بل يتعدى ذلك إلى إنشاء بعض الأحكام خلف ستار مصدر أو آخر من المصادر الرسمية.
والظاهر أن الخلاف أثير حول تحديد نوعية مصدر القضاء وذلك باختلاف البلدان والعصور.
ففي العهد الروماني، لعب الاجتهاد القضائي دورا لا يقل أهمية عن القانون والعرف، منذ أن تولى البريتور شؤون القضاء بحيث لم يقتصر على تطبيق القانون، بل كان يضع قواعد عامة غالبا ما تكون جديدة، أو عرف سابق يجمع في منشورات قضائية أطلق عليها فيما بعد اسم المنشور الدائم.
وفي عهد الشريعة الإسلامية، مر القضاء بالمراحل الثلاثة التالية :
ظهرت المرحلة الأولى في عهد النبي (ص) مر القضاء بالمراحل الثلاثة التالية :
ظهرت المرحلة الأولى في عهد النبي (ص) الذي كان أول قاض في الإسلام، إذ اعتبر الإجتهاد القضائي مصدرا من مصادر الشريعة الإسلامية بدليل أن رسول الله لما عين معاذ بن جبل قاضيا على اليمن، سأله كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ فكانت إجابته أقضي بكتاب الله ، فإن لم أجد، فبسنة رسول الله، فإن لم أجد اجتهد رأيي ولا ألو، وسمي هذا الإجتهاد، بالاجتهاد الفردي .
وفي المرحلة الثانية أصبح للقضاء أهمية كبرى في تكوين أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ، إذ امتزج الفقه والقضاء، معا فكان القاضي فقيها ، والفقيه قاضيا، واتبع ف هذا العهد (أي عهد الخلفاء الراشدين) الاجتهاد الجماعي، وهو اجتماع أهل الرأي والأمة للتشاور في حكم مسألة لم ينص على حكمها ودليله ما روي عن سعيد بن المسبب عن علي رضي الله عنه، أنه قال: قلت يا رسول الله الأمر ينزل بنا بعدك لم ينزل به القرآن ولم نسمع منك فيه شيئا، قال:
اجمعوا له العابدين من المومنين واجعلوه شورى بينكم ولا تقضوا فيه برأي واح(8).
أما المرحلة الثالثة، بدأت بتدوين الفقه، وفي بداية هذا العهد قل شأن القضاء وارتفع شأن الفقه، ومع ذلك كان للقضاء أهمية بصفته الرقيب والحارس على تطبيق الأحكام وحفظ الحقوق وردها إلى أصحابها عند الاعتداء عليها، قال عز وجل ” لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط”(9).
وأهمية الإجتهاد القضائي في الإسلام، تعتبر السند الذي يجعل منه الأصوليون مصدرا للقاعدة عن طريق البحث في الأدلة الشرعية على الأحكام العملية في الفقه الإسلامي وضرورة من ضرورات التشريع الإسلامي، إذ لولا تدخل القضاء لتعطلت كثير من الأحكام على ما يستجد من الأحداث التي ينعدم فيها النص وخاصة أن الإجتهاد القضائي يحقق مزية كبرى، وهي صلاحية الإسلام في كل زمان ومكان (10).
أما في القانون الإنجليزي، فإن الأهمية التي اكتسبها الإجتهاد القضائي تكاد تفوق الأهمية التي لعبها في القوانين الأخرى، إذ بفضله تم جمع شتات العادات القديمة وإعطاؤها صياغة جديدة حتى أصبحت قابلة للتطبيق، ومن هنا أطلق عليه اسم قانون الأعراف والقضاء (11) ومن تم أصبح كل حكم يشكل “سابقة قضائية (12) يتقيد بها القاضي ويعتمدها في قضايا مماثلة، وبهذه الكيفية اعتبر القانون الإنجليزي من صنع القضاء.
وإذا كان القضاء كذلك ، فقد اعتبرته معظم القوانين الحديثة مصدرا تفسيريا لا غير، يستند عليه للاستئناس ، وهذا الموقف جاء نتيجة للتفسير الخاطئ الذي تبناه رجال الثورة لمبدأ فصل السلطات، حيث بموجبه لا يجوز للسلطة القضائية أن تتدخل في شؤون السلطتين التشريعية والتنفيذية ، إلا أن الواقع العملي أظهر قصورا هذا الموقف حيث كثيرا ما يضطر القاضي حتى لا ينعت بهروبه عن أداء العدالة إلى الإجتهاد للوصول إلى حل يطبق على النزاع ثم تتواتر هذه الأحكام وتستقر على الأخذ بهذا الحل في الحالات المماثلة، فتوجد بذلك القاعدة القانونية.
أهمية الموضوع وإشكالاته
يتعلق موضوعنا المزمع إلقائه : بمدى مساهمة الاجتهاد القضائي في إنشاء القواعد القانونية، والذي تبرز أهميته ن الناحيتين : القانونية والقضائية.
أ- أهمية الموضوع
من الناحية القانونية
يسن التشريع عادة في قواعد كلية، توضع لتسري على جميع الناس وتحسم كل ما عسى أن ينشأ عن علاقاتهم الاجتماعية من أنواع النزاع، وتكون هذه القواعد مظروفة في ألفاظ لغوية وجيزة مركزة قد تخل بالمعنى لقصر اللغة وتعرض المشرع للسهو والخطأ في التعبير.
فاللغة مهما بلغت دقتها قاصرة عن التعبير، لا تستطيع دائما أن تسع كل ما يريد الواضع أن يحملها من معان، وبشرية المشرع تعرضه للخطأ والسهو والنسيان وتعجز عن استحضار كل أنواع النزاع التي ستحدث ليكون النص جامعا لها كلها، ولا تستطيع هيئة تشريعية مهما بلغت فطنتها ومعرفتها أن تعطي نصوصا لا تختلف المحاكم في تطبيقها ولا يختلف الفقهاء في فهمها وشرحها.
من الناحية القضائية
يلعب القضاء دورا هاما في فض النزاعات التي تقوم بين الأفراد باعتباره مؤسسة قضائية يتم اللجوء إليها، لأن القانون يمنع عليهم اقتضاء حقوقهم بأنفسهم.
فالقاعدة القانونية توضع في حالة سكون وأن الذي يبث فيها الحركة هو القضاء الذي يظهر حكم القانون مجسما في الواقع، فيبعث فيه الحياة، ويكيف ما يحدث في المجتمع من وقائع تجعل القانون ينمو ويتطور وإلا عد منكرا للعدالة.
ب – إشكالية البحث
ما مدى مساهمة الاجتهاد القضائي في إنشاء القواعد القانونية ؟
إن محاولة مقاربتنا لهذه الإشكالية ستنصرف إلى الجانب المدني دون الجانب الإداري ، ويعزى ذلك إلى الدور الإنشائي الواضح لهذا الأخير متبعين في ذلك التصميم التالي :
المبحث الأول : ماهية الاجتهاد القضائي
المبحث الثاني : مدى مساهمة الاجتهاد القضائي في خلق القواعد القانونية
المبحث الأول : ماهية الاجتهاد القضائي
المطلب الأول : مفهم الاجتهاد القضائي
الاجتهاد مصدر مأخوذ من فعل : اجتهد الشخص، يجتهد إذا جد وبذل جهدا للوصول إلى الهدف والمبتغى، أما الاجتهاد في اصطلاح الفقهاء فهو عملية استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية في الشريعة وهي القرآن والسنة وإجماع علماء الأمة الإسلامية والقياس.
وبالنسبة للاجتهاد القضائي فيكفي لتوضيحه تسجيل ما عبر عنه الأستاذ الدكتور موسى عبود ” رحمه الله” في محاضرة ألقاها بدعوة من اتحاد المحامين الشباب تحت عنوان :” الاجتهاد القضائي ودوره في النظام القضائي المغربي (13)” تبين من خلال التعرفات التي نجدها في مختلف كتب القانون، أن الإجتهاد القضائي هو مجموع الحلول القانونية التي تستنبطها المحاكم بمناسبة فصلها في المنازعات المعروضة عليها …”
والملاحظ أن عبارة الاجتهاد القضائي لم يعط لها نفس المعنى في لغات أخرى ، إذ يقصد بها القانون الإنجليزي النظرية العامة للقانون في حين تعني الاجتهاد وعلم الحقوق معا في اللغة الألمانية.
وغداة وضع مشروع التقنين المدني الفرنسي صرح بورتلي (14) في خطاب له قائلا :” إن الاجتهاد القضائي (15) يشكل بالفعل علما، وتخضع له الأشخاص، كما تكرس الجهود من أجل دراسته…”
فالاجتهاد القضائي إذن، كلمة عامة لا يقصد بها ما تقرره محكمة أدنى أو أعلى، أو ما يصدره المجلس الأعلى بصفته يسهر على تطبيق القانون السليم، وإنما المراد كل ما يصدر عن تلك الجهات جميعها من قرارات يتأكد منها أنها طبقت القواعد القانونية تطبيقا سليما فوضحت معالمها وفق مراميها وغاياتها التي قصدها المشرع يوم وضعها خصوصا إذا كان صادرا عن أعلى هيئة وهي المجلس الأعلى.
وتلك هي أسمى الغايات التي يهدف القضاء وصولها ويسعى المتقاضون إلى بلوغها في تقاضيهم (16).
المطلب الثاني : التمييز بين الاجتهاد القضائي والعمل القضائي
برزت العديد من النظريات التي حاولت تحديد مفهوم العمل القضائي، منها النظرية الشكلية، والنظرية المادية، ثم النظرية المختلطة
1-النظرية الشكلية
يتحدد العمل القضائي من خلال الشكل الذي يصب فيه، وأهم من دافع عن هذه النظرية carré de Malberg(17) الذي يرى أن الأمر الجوهري في نظرية الوظائف هو البحث عن الطرق والوسائل التي تمارس بها الدولة نشاطها لأداء مهامها المختلفة، وبالتالي فإن القضاء في ذاته ليس وظيفة مختلفة اختلافا تاما عن الإدارة، إنه جزء من الوظيفة الإدارية يخضع لنظام وأشكال معينة.
2-النظرية المادية :
أهم من نادي بهذه النظرية هوالفقيه “ديجي “(18) بحيث نظر إلى العملية القضائية في حد ذاتها، فالذي يقوم بالعمل القضائي عنده موظف عام، وليس بشرط أن يكون قاضيا بالمعنى الضيق لكلمة قاض.
3-النظرية المختطة :
نادى بها الفقيه Raymand Guilient(19) الذي يقرر أنه في الجزء الأول لهذا العمل يكون تصور الواقعة والاختيار بين الوقائع وغربلتها.
فالقاضي يجد نفسه أمام العديد من الوقائع التي رفعها المتنازعون، ومنها الصحيح والباطل، ومنها الصائب والزائف، ومنها المنتج وغير المنتج، وعلى القاضي أن يقوم بالبحث والفحص والتصفية مستخدما في ذلك طرق البينة القانونية حتى ينتهي إلى تكوين فكرة عن هذه الوقائع.
فالعمل القضائي ما هو إلا عمل من أعمال الوظيفة القضائية والتي يطلق عليها أعمال القضاء أو النشاط القضائي، هذه الأعمال ما هي إلا طائفة من الأعمال للسلطة القضائية بجانب أعمال الإدارة القضائية.
ويجب أن تتوافر في العمل القضائي ثلاثة عناصر، وهي وجود نزاع أو مركز خلاف يستدعي تدخل القاضي، وهيئة من الغير تحسم النزاع بمعنى هيئة ليست لها مصلحة في النزاع وهي مستقلة لا تخضع لأية سلطة إدارية، لمنع تدخل الغير في عملها وضمانا لحيادها، والإجراءات التي تحيط هذا العمل بما يكفل حماية الأفراد وتضمن لهم الدفاع عن حقوقهم وه وسيلة لتحقيق القانون وضمان تطبيقه على الوجه الصحيح(20).
أما الاجتهاد القضائي (21) فهو أساسا المسلك الذي ينهجه القاضي في حكمه، يما يتعلق ذلك بنصوص القانون، وما يتصل باستنباط الحكم الواجب تطبيقه عند عدم وجود النص.
المطلب الثالث : الأسس التي يقوم عليها الاجتهاد القضائي
ينبني الاجتهاد القضائي على ثلاثة أسس، وهي أدوات الصياغة القانونية، والتكييف القانوني، والتفسير القضائي.
1-أدوات الصياغة القانونية : Les Instruments de la Formulation Juridique
هذه الأدوات تكمن في القاعدة القانونية، والمبادئ العام للقانون، والمفاهيم القانونية والنمط القانوني.
-القاعدة القانونية La régle Juridique
يقصد بها القاعدة العامة المجردة وهي العنصر الأولي الذي يتكون منه القانون، هذا وإن القاعدة القانونية قد لا تتطابق ضروريا مع النص القانوني، هذا الأخير يشير فقط إلى الحكم القانوني المدون كتابة في شكل تشريع، أما القاعدة قد تكون مدونة في إطار نص قانوني وقد تكون عرفية أو متصلة بقواعد العدالة أو بالقانون الطبيعي والقاضي هو الذي يستخرجها من مصادرها غير المكتوبة ويطبقها على وقائع النزاع.
والقاعدة القانونية هي قائمة على عنصرين وهما : فرضها وحكمها أو أثرها القانوني.
والفرض القانوني هو الظاهرة التي إذا تحققت في الواقع وجب تطبيق الحكم.
أما الأثر القانوني الذي تشمله القاعدة القانونية فهو القانون الواجب تحقيقه.
-المبادئ العامة للقانون Les Principes Généraux du droit
تعتبر شكلا ثانيا من أشكال الصياغة الفنية في المجال القانوني ، ويختلف المبدأ القانوني عن القاعدة القانونية في أنه لا يقدم حلا محددا للنزاع المطروح على القاضي، فهو مجرد فكرة عامة مشتركة بين مجموعة قواعد ترتبط بنظام قانوني معين يحكمه منطق قانوني واحد وتتحدد مصادر قواعده.
ولكي يستخرج القاضي المبدأ العام محل الاعتبار، عليه أن يقوم بعملية تحليل مجموع القواعد المتعلقة بنظام قانون معين، من أجل استبعاد الخصوصيات المتعلقة بكل قاعدة وتفصيلاتها.
-المفاهيم القانونية Les Concepts Juridiques
يقصد بها التأصيل القانوني لمجموعة من القواعد القانونية والمبادئ القانونية العامة، وتهدف المفاهيم القانونية إلى التبسيط عن طريق التأصيل .
-النمط القانوني Le Modèle Juridique
يقصد به النموذج مثل الشروط المقبولة كمعيار لطائفة من الأشخاص المرتبطين برابطة تعاقدية في عملية محددة مدنية أو تجارية .
2-التكييف القانوني (22) La Qualification Juridique
هو إعطاء النزاع المعروض على القاضي الوصف القانوني الذي يسمح بتطبيق قاعدة قانونية معينة، ويتم ذلك عن طريق مقارنة الوقائع بمفترض القاعدة القانونية التي يراها القاضي محتملة التطبيق على النزاع المطروح عليه.
والقاضي عندما يمارس الاجتهاد، فإنه يجتهد لإجراء التكييف القانوني والذي لا يمكن أن ينزله بطريقة فجائية على النزاع المعروض عليه، بل لابد من إجراء لتهيئة النزاع، فعليه أن يضع في اعتباره دائما قاعدة قانونية محتملة التطبيق على النزاع، فالتكييف القانوني هو في الحقيقة عمل ذهني يتوصل به القاضي إلى تطبيق القانون على وقائع النزاع.
3-التفسير القضائي (23)
يعد التفسير القضائي عنصرا جوهريا في تطبيق القانوني، وهو ضروري لتطبيق القاعدة القانونية على واقع النزاع المنشور أمام القاضي.
يعد التفسير القضائي عنصرا جوهريا في تطبيق القانوني، وهو ضروري لتطبيق القاعدة القانونية على واقع النزاع المنشور أمام القاضي.
والتفسير القضائي هو على شكلين ، فإما أن ينصب على توضيح معاني الألفاظ في حالة غموضها، وإما أن يتصل بإصلاح العيوب في النص إن وجدت، وبالتالي إزالة التناقض أو التعارض بين النصوص القانونية، أو إكمال النقص الوارد في التشريع.
المبحث الثاني : مدى مساهمة الاجتهاد القضائي في إنشاء القواعد القانونية
انقسم الفقه، وهو بصدد حديثه عن إمكانية مساهمة الاجتهاد القضائي في صنع القواعد القانونية الى اتجاهين : اتجاه تقليدي أدار ظهره وتنكر لكل سلطة إنشائية للقاضي واتجاه معاصر رأى أنه بإمكان القاضي العمل على خلق القواعد القانونية.
المطلب الأول : الاتجاه التقليدي
يتزعم هذا الاتجاه، الأستاذ G.RIPIERT (24) الذي ينكر كل سلط إنشائي للقاضي إذ لا يعترف بوجوده إلا كعضو تنفيذي لإرادة المشرع.
وبالتالي، فوظيفته تنحصر في تطبيق القانون على النوازل المعروضة عليه، فإذا اعترف للقاضي بسلطة تفسير القواعد القانونية الغامضة والمبهمة، فهذا لا يعني أن القاضي يتخذ من تفسير النصوص دريعة ليدعي مساهمته في خلق القواعد القانونية، فالقضاة حسب تعبير G.RIPIERT عملوا على تجديد القاعدة، لكن هذه الأخيرة تعد سابقة على قرارهم ومفروضة عليهم.
فالقاضي إذن، وفق الاتجاه التقليدي ليس بسلطة تشريعية تخول له حق ممارسة النشاط التشريعي، وأنه لا يمكن النظر للوظيفة القضائية كسلطة ثالثة أساسية في الدولة ولا كسلطة موازية للسلطتين الأخريين.
فالقاعد القانونية دائما حسب الفقه التقليدي تتسم بالعمومية والتجريد وبالتبعية من المستحيل إدراج الاجتهاد القضائي في صف المصادر الشكلية للقانون الوضعي (23).
وفي هذا الصدد كتب الفقيه كاري دي مالبرغ قائلا:”… سلط البث في النزاع تحصر القاضي في خلق قاعدة للدعوى المرفوعة على أنظاره، وفي هذا المعنى يجب أن نؤكد وبقوة على أن الاجتهاد القضائي لا يمكن تصوره في فرنسا كمصدر عام للقانون الوضعي (24).
والواقع أن الاتجاه التقليدي، وهو بصدد إبعاده لسلطة الخلق والإبداع انطلق من مؤيدات نظري دستورية، وتشريعية.
-مؤيدات نظرية
تكمن في نظرية مونتسكيو المستمدة من كتابه “ روح القوانين القائمة على مبدأ الفصل بين السلطات، أي أن وظيفة المحاكم تطبيق القواعد القانونية، أما إنشائها ، فإن الأمر موكول للسلطة التشريعية.
وفي هذا الصدد يقول :
” سلطات القاضي أصبحت مجردة وغير مرئية”
“قضاة الأمم ليسو سوى اللسان الناطق بالقانون، رجال ميتمين ليس لهم القدرة على معايشة القوة والصرامة”.
-مؤيدات دستورية للعهد الثوري
أوكلت النصوص القانونية للعهد الثوري للسلطة التشريعية القيام بوظيفة إملاء القواعد القانونية، فالسلطة القضائية توجد في وضعية تابعة للمشرع، ولا يعتبر القضاء سوى مطبق للمراسيم التي وضعها المشرع.
-مؤيدات تشريعية :
تكمن في نظرية كمال النظام القانونين وفي قوة الشيء المقضي به للحكم القضائي
أ-نظرية كمال النظام القانوني
ترى هذه النظرية، أنه إذا لم يوجد نص في التشريع يأمر بالقيام بعمل معين، أو ينهي عنه، فعلى المخاطبين بأحكام القانون، الوقوف في منطقة الإباحة القانونية، هذه النظرية تم تعضيدها بالاستناد على مقتضيات المادة الخامسة (25) من التقنين المدني الفرنسي التي بموجبها يمنع على السلطة القضائية وضع قرارات تنظيمية.
ب-الاستناد على مدلول المادة 1351 من التقنين المدني بشأن قوة الشيء المقضى به
إن مبدأ قوة الشيء المقضي به لا يهم سوى أطراف النزاع، وبالتالي يستحيل إعداد قاعدة قانونية متصفة بالعمومية عن طريق الأحكام القضائية .
فمبدأ قوة الشيء المقضى به لاينتج أثره الكامل سوى بين أطراف النزاع لا غير ولا يسري أثره على الكافة.
المطلب الثاني : الاتجاه المعاصر
على نقيض الاتجاه التقليدي المشار إليه آنفا، برز اتجاه معاصر أكثر لمسا للواقع المعاش وأكثر اهتماما بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية، استند على مجموعة من النظريات والمؤيدات في محاولة منه إيجاد تبرير حقيقي وأساسي لإنشاء القواعد القانونية من طرف الاجتهاد القضائي
أ-أهم النظريات في الفقه المعاصر
-نظرية التفويض
لاحظ الفقيه “ديبيرو “(26) أن العرف التشريعي أي القانون العادي لا يسلم به إلا إذا نص عليه في الدستور، وهكذا يقول :
” ومن المعلوم أن العرف له مكانة أدنى من القواعد التشريعية وقد يدمج ضمن القواعد القانونية إذا ما تبناه المشرع…”
” ومن أجل الاعتراف به يجب أن ينص على تفويض في القانون الوضعي وبدون ذلك ستفرغ القاعدة من محتواها القانوني …”
واسترسل ديبيرو في وصفه للقاعدة القضائية قائلا : أنه إذا كان الاجتهاد القضائي مثابر، فإنه لا يمكن سوى عادة عادية ولا يمكن أن نضفي عليه قيمة العرف إلا باعتراف صريح للمشرع للقاضي…”
-نظرية القبول الضمني :
يتزعم هذه النظرية الفقيه فالين (27) إذ يرى أن فكرة خلق القانون من طرف الاجتهاد القضائي تتصادم وبالخصوص في القانون الوضعي الفرنسي مع مقتضيات المادتين الخامسة التي تمنع القضاء من وضع قرارات تنظيمية والمادة 1351 بشأن نسبية قوة الشيء المقضي به، غير أن هذا التصادم تخف حدته مع مقتضيات المادة الرابعة التي تلزم القاضي بالحكم دون التمسك بسكوت النص القانوني أو غموضه.
فالمشرع قد يقبل القاعدة القضائية فيعمل على تبنيها في القانون الوضعي، وبالتالي يمكن القول أن المشرع قبل ضمنيا قاعدة الاجتهاد القضائي.
-نظرية رضا المعنيين
من وجه نظر السيد موري، فإن الطابع الأساسي للسلطة الإنشائية للاجتهاد القضائي يستمد قيمته من الطبيعة القانونية للمحاكم نفسها، ومن عنصر هام يتمثل في رضا المعنيين، وبالتالي يجب النظر إلى القاضي بوصفه سلطة اجتماعية موجودة بالفعل في المجتمع، وليس كجهاز بالمفهوم القانوني، وبجانب هذه الوظيفة المسندة إليه من طرف القانون، يتمتع القاضي بسلطة خاصة يستعملها بالفعل، ليخرج أحيانا عن حدود اختصاصه، فالقرارات التي يتبيناها في مثل هذه الظروف ا يمكن أن نضفي عليها قيمة القاعدة القانونية إلا إذا كان هناك رضا المعنيين به.
فرضا المعنيين يرتكز على الاعتقاد بالطابع الإلزامي للقاعدة وبالتالي يترجم بقبول.
هذا الرضا الذي يضفي على الحكم أو القرار القضائي قيمة قانونية، ليس من الضروري أن ينال رضا الجميع أي أغلبية المتقاضين ن ,غنما فقط صنف منهم، وحينما يسري على هذا الصنف يسري عمليا على جميع المتقاضين سواء كانوا رجال قانون أو قضاة أنفسهم.
وباجتماع هذين العنصرين، تظهر القاعدة القضائية.
المطلب الثالث : وجهة نظرنا
الظاهر أننا نميل إلى الاتجاه الذي يرى أنه بإمكان القضاء الإسهام في إنشاء القواعد القانونية للاعتبارات التالية :
-النصوص القانونية حينما توضع، توضع في حالة سكون، وأن الذي يبث فيها الحركة هو القضاء مجسما في الواقع ، فالمشرع وإن قصر في وضع النصوص التي تستطيع مجاراة التطور، فإن المهمة تنتقل إلى القضاء الذي عليه أن يسد كل نقص في النصوص، ذلك أن وظيفته لا تقتصر على تطبيق القاعدة القانونية الجامدة كما هي، وإنما من واجبه أيضا أن يسد كل ثغرة تظهر في صرحها وأن يجعلها مسايرة لما يستجد داخل المجتمع من وقائع وأحداث جديدة لم يستطع المشرع التنبؤ بها خاصة.
متى علمنا أن القواعد القانونية المغربية السائدة في هذا المجال قد عرفت ميلاد غالبيتها منذ سنة 1913، فالنصوص القانونية متناهية أي جد محدودة، والوقائع التي تعرض يوميا على القضاء غير متناهية هو الكفيل وحده-في انتظار تدخل المشرع- بالتوفيق بين المتناهي والقضاء عن طريق الأحكام أو القرارات التي تصدر عنه(30).
– القاضي حينما يخلق حلا عادلا للنزاع، فإنه يخلق حلا فرديا والحكم الذي يصدره لا تكون له حجية إلا بالنسبة لهذا النزاع، لكن حكمه قد يسهم في إنشاء القواعد القانونية إذا أخذت محاكم أخرى بنفس الحل الذي أخذ به في الحكم الأول في المنازعات المشابهة ففي هذه الحالة يصبح الحل المأخوذ به ليس صادرا عن حكم فردي، بل يظل صادرا عن القضاء، ويجب دائما التفرقة بين حكم القاضي ، وبين القضاء ، فالأول يستطيع فقط خلق الحلول الخاصة، أما الثاني فهو مصدر من مصادر القاعدة القانونية.
– المبدأ يقضي بأنه على القاضي أن يبث في النزاع المعروض عليه، لذلك يصبح من المتعذر حرمانه من ابتداع الحل القضائي الذي لا يجده في النصوص القانونية، وإلا جعلناه في موقف يحاكي الموقف الذي أشار إليه الشاعر العربي :
ألقاه في اليم مكتوفا وقال
له إياك أن تبتل بالماء
التخفيف من مبدأ الفصل بين السلطات، فمن المعلوم أن “مونتسكيو” يعتبر العدو الأول للحكم الاستبدادي والخصم الأكبر والمخيف للحكم المطلق في جميع مجتمعات العالم، لذلك تبقى نظرياته غامضة، لأنها من جهة تدعو إلى تأسيس ملكية أرستقراطية، ومن جهة ثانية، فتحت الأبواب لتأسيس نظام ملكي أكثر معاصرة بالنسبة لعهد ملك فرنسا، والذي يكون فيه البرلمان اللسان المعبر للبورجوازية والأرستقراطية.
– استقرار القضاء على اتجاه معين، يعد من الناحية العملية في حكم القاعدة التشريعية، لأنه إذا استقرت ومحكمة النقض (المجلس الأعلى) على قضاء معين، فإن القضاء الأدنى يكون ملزما من الناحية العملية باحترام هذا الاتجاه وإن كانت لها من الناحية القانونية أن تقضي على خلاف قاعدة محكمة النقض، إلا أنها تعلم من الناحية الواقعية أن قضائها سوف يكون مصيره النقض.
– استحضار مقتضيات الفصل 369 من قانون المسطرة المدنية الذي يقضي بأنه إذا بت المجلس الأعلى في قراره في نقطة قانونية يتعين على المحكمة التي أحيل عليها الملف التقيد بقرار المجلس الأعلى في هذه النقطة.
– ليس غريبا أن نشاهد القضاء المدني لا يتردد في ابتداع الحلول الجديدة، ويكفي على هذا شاهد الدور الكبير الذي لعبه القضاء المدني في فرنسا بناء نظرية المسؤولية المدنية والذي يفوق عند المقارنة الذي لعبه قرينه الإداري في تأسيس نظرية المسؤولية الإدارية.
– التشريع الجديد يصدر غالبا لسد نقص في القانون القائم، ومع ذلك لم يقل أحد أن التشريع الجديد الذي يسد نقصا في القانون هو مصدر احتياطي ن بل يظل دائما في مقدمة المصادر الأصلية، وبالمثل، فإن القضاء عندما يخلق قاعدة جديدة تسد نقصا في القانون لا يقوم في ذلك بعمل
احتياطي، وإنما يقوم بالعمل الأصلي الذي يقوم به أي مصدر آخر من مصادر القانون.
كثيرة هي القضايا والوقائع التي تعرض على قضائنا في الوقت الراهن، ولا يجد لها حلول مناسبة وناجعة في تشريعنا نظرا للغموض والقصور الذي يلف هذا الأخير، الشيء الذي يستلزم معه إيجاد الحل القضائي الملائم الذي من شأنه خلق قاعدة قانونية نذكر على سبيل المثال لا احصر :
-قاعدة تشطير المسؤولية (31)
* تحديد مفهوم الأمي الوارد من خلال مقتضيات الفصل 427 من ظهير الالتزامات والعقود المغربي، إذ أضحى اليوم ثابتا أن الأمي هو الشخص الذي لا يعرف اللغة التي حرر بها العقد .
* تقرير حق الكد والسعاية (32) باعتباره عرف قديم سائد في المناطق السوسية بالخصوص يقضي بتمتيع كل عامل- وخصوصا الزوجة- في إطار النظام الأسروي بنصيب مما ساهم به من إنتاج نتيجة كده وسعايته، وقد دون فقهاء سوس هذا العرف معتمدين على ما جرى به العمل في المناطق الأطلس الصغير، والسهول المحيطة بها وبعض مناطق الأطلس الكبير حيث تكون الزوجة شريكة لزوجها فيما جمعه من مال بمساعدتها أي بكدها وسعايتها.
*رهن المنازل (33) مفاد ذلك قيام مالك عقار بإسكان شخص معين بمنزله مقابل قيام هذا الأخير بإقراضه مبلغا معينا، وأداء كراء رمزي أو بدون أدائه ، مع التزامه بإفراغ المحل بمجرد انتهاء المدة المحددة وحصوله على مبلغ القرض.
تلكم بعض الجوانب التي ارتأيت إثارتها في هاته المساهمة العملية، ولا أحسب أنني أوفيت الموضوع حقه، أوسع وأعمق من أن تستغرقه هذه المساهمة الفتية المتواضعة، وليس لي من شفيع عن كل تقصير وقصور سوى احتمائي بواسع سماحتكم.
الهوامش
(1)- جميل الشرقاوي : دروس في أصول القانون : دار النهضة الغربية الطبعة الثانية 1984 ص 3.
(2)-حسن كيرة : أصول القانون 1960 ص 37.
(3)-سمير تناغو : النظرية العامة للقانون 1985 ص 238.
(4) يطلق الأستاذ سمير تناغو على المصدر الرسمي السبب المنشئ الذي أنشأ القاعدة القانونية كالتشريع والعرف والقضاء… ولكن عاد إلى القول إن “… القانون لا يظهر إلى الوجود بمجرد تكوين مادته الأولية، بل لابد من صياغة هذه المادة الأولية في شكل قواعد قانونية صالحة للتطبيق ، وهنا يبدأ دور ما سمي بالصياغة القانونية، وأول وسائل الصياغة القانونية هو إنشاء القاعدة بهذا الوصف، أي تحويلها من مادة أولية إلى قاعدة وضعية…” للمزيد في الإيضاح : النظرية العامة للقانون مرجع سابق ص 237.
(5) إن سبب القانون يختلف عن مصدره، فليس صحيحا أن البحث عن مصدر القانون هو البحث عن الأسباب المنشئة للقاعدة القانونية، وإذا كان صحيحا أنه لا يوجد شيء بلا مصدر ولا نتيجة بلا سبب فإنه صحيح أيضا القول بأننا عندما نبحث عن مصدر القانوني فإننا لا نبحث عن سبب وجوده فمصدر القانون يختلف عن سببه، فالسبب هو الباعث إلى الحركة، أما المصدر فهو المعين الذي نبحث بداخله عن الشيء، أستاذنا امحمد الامراني زنطار : المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية الطبعة 2001 المطبعة والوراقة الوطنية ص 28.
(6) سمير تناغو : مرجع سابق ص 239.
(7)الأستاذ امحمد الامراني زنطار مرجع سابق ص 36.
(8) يوسف الكتاني، الحاجة إلى الاجتهاد اليوم ومجالاته مجلة كلية الشريعة العدد 13 و 14 فبراير 984 جامعة القرويين ص 30.
(9) الآية 25 من سورة الحديد.
(10) ابراهيم شحاتة في اجتهاد القاضي، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية الجزء الرابع، العدد 1 يوليوز 1962 ص 415.
(11) خالد عبد الله عيد : مدخل لدراسة القانون الجز الأول ، نظرية القانون طبعة 1980-1981 ص 169.
(12) السابقة القضائية هي حكم قضائي صادر في واقعة قانونية، والمفروض أن تلتزم المحكمة بالأخذ به في قضية لاحقة مماثلة للواقعة السابقة للمزيد من الإيضاح : صالح محسوب، السوابق القضائية ودورها في الاستقرار القضائي مجلة القضاء مجلة حقوقية فصلية نقابة المحامين في جمهورية العراق، الأعداد الأول والثاني والثالث والرابع 1999 السنة 53 مطبعة النورس: بغداد الصفحة 35 وما بعد :
(13) مجلة المحاماة عدد 3 يوليوز 1969 صفحة 15.
(14) Rotalis, Discours ¨réliminaire sur le projet du code civil Dalloz 1980 TI la Juris prudence
(15) الواقع أن التعاريف التي أعطيت لعبارة الاجتهاد القضائي عرفت تباينات، فجانب في الفقه عرف الاجتهاد القضائي استنادا إلى المعيار العضوي أو الوظيفي.
فالمعيار العضوي يقصد به الحكم الصادر عن السلطة القضائية أي مجموع المحاكم التي تتولى الفصل فيما يرفع إليها من أقضية، أما المعيار الوظيفي فيقصد به مجموع الأحكام التي تصدرها المحاكم وفقا للقواعد والأحكام القانونية للمزيد من الإيضاح انظر : محمد مصطفى الزحيلي : أصول المحاكمات الشرعية والمدنية طبعة 1981-1982 مؤسسة الوحدة دمشق ص 30 وما بعد.
(16) النقيب محمد بلهاشمي التسولي : الاجتهاد القضائي في المادة الاجتماعية/ مجلة المرافعة، هيئة المحامين بأكادير، ندوة قانون الشغل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، العدد 3.2 ماي 1993 مطبعة النجاح الجديد الدارالبيضاء ص 171.
(17) Carré de malberg : contribution à la théorie générale de l’état spécialement d’après les données fournies par le droit constitutionnel frainçais Tome premier Paris 1920 p 816.
(18) Duguit : traité de droit constitutionnel Tome 2 Paris 1928p 429
(19)Raymande Guillien Juridictionnel et l’autorité de la chose jugée thèse bordeaux 931.
أورده القطب محمد طبلية : العمل القضائي في القانون المقارن والجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي في مصدر دار الفكر العربي القاهرة ص 24.
(20) الغوتي بن ملحة : الاجتهاد القضائي المجلة القضائية : نقابة هيئة المحامين بالعراق العدد 1 السنة 2000 ص 47.
(21) ذهب الأستاذ الأمراني زنطار محمد إلى القول: ” إن الاختلاف في الاجتهاد القضائي بين المحاكم الدنيا إذا كان يعتبر أمرا عاديا بالنسبة لها سبب تعددها وانتشارها في مناطق مختلفة من المملكة، ونظرا لاختلاف درجاتها أيضا بين محاكم ابتدائية واستئنافية، فهذا الوضع يعتبر شاذا بالنسبة للمجلس الأعلى الذي يعتبر أداة لتوحيد الاجتهاد القضائي المغربي وتوحيد المعاملات وازدهارها وتطور الاقتصاد وتحسين الوضعية الاجتماعية لكافة المواطنين : الاجتهاد القضائي في المادة المدنية بين الثبات وعدم الاستقرار مجلة المحامي العدد 16 السنة 10 ص 45.
(22) إن النظريات الفقهية التي صيغت في مجال التكييف القانوني للوقائع تتمحور في اتجاهين ، اتجاه يحاول تطبيق رقابة محكمة النقض على التكييف واتجاه يحاول توسيع هذه الرقابة بجعلها شاملة للمزيد من الإيضاح :
أستاذنا محمد الكشبور : رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية، محاولة للتمييز بين الواقع والقانون ، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء ص 300.
(23) كثيرا ما يدق التمييز بين التفسير والتأويل.
فالتفسير بمفهومه الضيق هو بيان في أصول القانون 1972 ص 192 وفي مفهوم أوسع .
“تفسير التشريع هو توضيح ما أبهم من ألفاظه، وتكميل ما اقتضب من نصوص وتخريج ما نقص من أحكامه والتوفيق بين أجزائه المتناقضة السنهوري وأبو ستيب : أصول القانون 1952 ص 235، وإذا كان فقه القانون الوضعي يرى الترادف بين التفسير والتأويل ففي الفقه الإسلامي يقصد بالتأويل صرف النظر عن معناه الظاهر منه إلى معنى يحتمله لدليل على ذلك.
ولمزيد من الإيضاح حول المقارنة بين التفسير والتأويل انظر :
-بلعيد كرومي : سلطة القاضي في تفسير النصوص الشرعية والوضعية أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص كلية الحقوق الدارالبيضاء 1990.
– عبد الوهاب خلاف : تفسير النصوص القانونية وتأويلها، مقال منشور بمجلة القانون والاقتصاد المصرية مارس 1848 العدد II السنة 18 ص 177 وما بعدها
– محمد صبري العدي : تفسير النصوص في القانون والشريعة الإسلامية موسوعة القضاء والفقه للدولة العربية ع 27 ص 1 وما بعدها
Pierre André : côté Linterprétation de la loi une création sujette à des contraintes.
(24) G Ripert. Les créatrices du droit L.G.D.J 1955p 384
(25) Geny. Méthode d’interprétation et sources en droit privé prositif T2P35.
526° Carré de Malberg. Contribution à la théorie générale de l’état p 246.
(27) article 5 du code civile français, stipule que “il est défendu aux juges de prononcer par voie de disposition générale et réglementaire sur les causes qui leur sont soumises”.
(28) Dpeyroux. La jurisprudence, source abusive des droits p349.
(29) valine.Le pouvoir normative de la jurisprudence p:613.
(30) الأستاذ : محمد الكشبور : نظام التعاقد ونظرية القوة القاهرة والظروف الطارئة (الطبعة الأولى 1413 -1993) مطبعة النجاح الجديدة ص 196-197.
(31) للمزيد من الإيضاح : الأستاذ امحمد الأمراني زنطار : تشطير التعويض بين المسؤولية الخطيئة والمسؤولية المفترضة ، دكتوراه دولة في الحقوق، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بالدارالبيضاء 1996.
(32) للمزيد :
-الصديق بلعربي : السعاية، المرافعة العدد 6 ص 54.
-أحمد غذ الفقيه : وضعية المرأة العاملة في إطار القانون الاجتماعي، رسالة مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء 1996 ص 120.
– الحسن الملكي : المرأة وحق الشقا، جريدة العلم بتاريخ 23 مارس 1993.
(33) للمزيد من الإيضاح حول مشروعية الممارسة السائدة حول رهن المنازل :
-ذ. عبد الكريم الطالب : تعليق على قرارين صادرين عن محكمة الإستئناف بمراكش ك مجلة المناهج العدد 1 السنة 2001 ص 122 وما يليها.
-ذ. محمد صابر : حقيقة الرهن المتعارف عليه في مدينة مراكش من خلال مناقشة رد وتعليق بشأن قرارين استئنافين – مجلة المناهج العدد المزدوج 3-4 سنة 2003 مطبعة النجاح الجديدة ص 147.
– عبد العلي حفيظ : مشروعية الممارسة السائدة حول رهن المنازل، نشرة محكمة الاستئناف بمراكش : العدد4.3 مارس 2003 ص 173.
مجلة المحامي عدد 43 ص 67
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً