السبب كركن أساسي للتعهد
La cause comme élément essentiel de l’obligation
نظرية السبب: تكلم الشارع المصري عن هذه النظرية في المادة (94) من القانون المدني الأهلي والمادة (148) مختلط إذ تقرر على أنه (يشترط لصحة التعهدات والعقود أن تكون مبنية على سبب صحيح جائز قانونًا):
L’obligation n’existe que si elle a une cause certaine et licite
وقد تكلم الشارع الفرنسي أيضًا عن هذه النظرية في المادة (1131) مدني إذ نص على أن السبب المشروع ركن من الأركان الأساسية لصحة العقد.
من ذلك يكون من المسلم به أن (سبب التعهد) عند الشارعين المصري والفرنسي من مستلزمات وجود التعهد، ولكن رغمًا عن ذلك فقد انتقدت هذه النظرية في فرنسا انتقادًا شديدًا كما سنبين فيما بعد.
تعريف السبب: يعتبر Domat واضع ومؤسس هذه النظرية ومع ذلك فإنه لم يضع تعريفًا لها – وقد حاول بعض المؤلفين تعريف (سبب التعهد) ولكنهم لم يصلوا إلى التعريف الكافي.
قال Colmet de Santerre إن سبب التعهد هو الغرض المباشر الذي يرغب الإنسان الوصول إليه عند ما يتعاقد
C’est le but immediat et direet que le debiteur se propose d’atteindre en s’obligeant
واعتقد Oudot إن الإنسان يصل لمعرفة سبب التعهد إذا سأل نفسه السؤال الآتي:
لماذا يعمل التعهد ؟ السبب يكون في الجواب على هذا السؤال.
وقد انتقد بلانيول قول Oudot هذا وقال إنه لا يكفي وضع السؤال المذكور لأنه للإجابة عليه يلزم أولاً معرفة (ما هو السبب) وما الفرق بين السبب والباعث.
وأمام هذه الصعوبات رُئي بحث سبب التعهد في كل تعهد من التعهدات على حدة.
أولاً: في التعهدات الناشئة من واقعة fait – يكون السبب في التعهد هو الواقعة نفسها (يجب عليك أن تدفع لأنك ارتكبت عملاً مضرًا بالغير).
ثانيًا: في التعهدات الناشئة من القانون loi – يكون السبب هو القانون نفسه (يجب عليك أن تدفع لأن القانون يلزمك بذلك).
ثالثًا: في التعهدات الناشئة عن عقود التبادل Contrats Synallagmatiques – يكون السبب في تعهد أحد الطرفين هو سبب تعهد الطرف الآخر، ففي عقد البيع مثلاً أبيع لك عقارًا بمبلغ 1000 جنيه – تعهدي أنا البائع ينحصر في نقل ملكية هذا العقار وتسليمه إليك – وتعهدك أنت المشتري ينحصر في دفع الثمن إليَّ.
ما هو سبب تعهد كل منا ؟
لماذا أنا بصفتي بائعًا تعهدت بأن أجعلك مالكًا للعقار وأسلمه إليك ؟ هذا لكي أحصل على تعهدك بدفع الثمن إليَّ وقدره 1000 جنيه – هذا المبلغ الذي احتاج إليه.
حينئذٍ تعهدك يصلح لأن يكون سببًا لتعهدي – والآن القول للمشتري بدوره – لماذا تعهدت بدفع الثمن إليَّ أنا البائع، هذا لأحصل على تعهدك بنقل ملكية العقار وتسليمه إليَّ.
حينئذٍ تعهد البائع يصلح لأن يكون سببًا لتعهد المشتري.
رابعًا: في التعهدات الناشئة عن العقود الفردية:
( أ ) في بعض هذه العقود كالقرض والوديعة والرهن يكون سبب التعهد هو التسليم الذي تم بمعرفة المقرض أو المودع أو الراهن.
لماذا يجب على المقترض أو المودع عنده أو المرتهن رد الشيء المسلم إليه، لأنه استلمه.
(ب) في عقود أخرى فردية أيضًا وتسمى عقود مجانية Contrats de bienfaisances ou à titre gratuit كالهبة والكفالة.
لماذا أتعهد أن أهب لك شيئًا، لأني أرغب في فائدتك – وكذلك في الكفالة – لماذا أضمنك وأكفل سداد دينك إذا لم تقم أنت بسداده لدائنك، لأجل أن أقوم لك بخدمة.
وهذه العقود جميعها يكون السبب محصورًا في فكرة الإحسان وفي التبرع.
الفرق بين السبب والباعث
التفرقة بين السبب والباعث دقيقة جدًا وبعض المؤلفين أثبتوا أن السبب والباعث شيء واحد وأن كليهما من المحرضات على إتمام التعهد – ومن الصعب جدًا معرفة أي المحرضات هو السبب وأيها هو الباعث أو البواعث (Baud. L. et Barde 1 g 302) ومع ذلك فإنهم يذكرون الفوارق الآتية.
الباعث هو النتيجة الغير مباشرة Raison indireete والبعيدة عن التعهد – أما السبب فهو النتيجة المباشرة Raison directe المطلوب الحصول عليها ومثال ذلك – أشتري قمحًا – ما هو سبب هذا التعهد، هو الحصول من المتعهد على تعهد بتقديم القمح، هذا من جهة – ومن جهة أخرى لماذا يُلزمني القمح، لأجل أن استعمله كتقاوي لأرضي أو لأبيعه بالقطاعي أو لأتصدق به – كل هذه أسباب عرضية وبعيدة فهي تعتبر بواعث من الوجهة القانونية.
يؤخذ من المثال السابق:
1 – إن ليس للتعهد إلا سببًا واحدًا وأن البواعث يحتمل أن تكون عديدة.
2 – إن السبب يشتق من طبيعة التعهد ومعلوم دائمًا ولكن الباعث يمكن أن يكون سرًا.
أهمية هذه التفرقة:
أن لا تأثير للخطأ على الباعث على التعهد، أما الخطأ على السبب فيمنع من تكوين التعهد.
مثال ذلك: إني اعتقدت بأيلولة ميراث عظيم لي فاشتريت منزلاً – ولكن بعد ذلك علمت أن الشخص الذي كنت أعتقد أني ورثت ماله ما زال على قيد الحياة أو أنه جردني من الميراث بوصية عامة – فولو أن الباعث الذي دفعني على الشراء كان باعثًا خطأ – فإني مع ذلك اعتبره قانونًا مرتبطًا بالتعهد الذي وقعته ملزمًا بنتائجه القانونية.
الشروط اللازمة قانونًا لسبب التعهد: طبقًا للمادة (94) مدني أهلي و(142) مختلط يجب أن يكون سبب التعهد صحيحًا Certaine ومشروعًا Licite.
ونص القانون المدني الفرنسي في المادة (1181) أن لا أثر للتعهد إذا كان بغير سبب أو مبنيًا على سبب غير صحيح أو غير مشروع.
L’obligation sans cause, ou sur une fausse cause, ou sur une cause illicite ne peut avoir aucun effet.
ليس بين النصين المصري والفرنسي خلاف، إذ عند ما تقول المادة المصرية بوجوب (سبب صحيح للتعاقد) يفهم من ذلك أنها تريد أن تقول إن السبب يجب أن يكون له وجود فعلي – ويؤخذ من ذلك أن التعهدات التي بلا سبب أو مبنية على سبب غير صحيح لا تعتبر صحيحة ولا أثر لها.
(1)
في السبب الصحيح
السبب لا يكون صحيحًا في حالتين:
الحالة الأولى: عدم وجود سبب.
الحالة الثانية: وجود سبب غير صحيح.
1 – ففي الحالة الأولى يندر أن يرى الإنسان تعهدًا بغير سبب لأن التعهد الذي من هذا القبيل لا ينتج إلا من عمل شخص غير عادي – ولكن هذه الحالة تحصل أحيانًا في التعهدات ذات السبب المتجدد Cause successive أو بمعنى آخر التعهدات التي تتجدد بغير انقطاع incessament renouvellées إذ قد يحصل أن السبب الذي كان موجودًا في بدء التعهد ينقطع بعد مضي مدة من الزمن فمن هذا الوقت يكون التعهد بغير سبب وبمعنى آخر غير موجود – مثال ذلك:
استأجرت منزلاً بمبلغ عشرين جنيهًا شهريًا لمدة سنة واحدة – سبب تعهدي بدفع مبلغ الأجرة هو تعهد المؤجر بأن يجعلني انتفع بالمنزل – هذا سبب متجدد لأن المؤجر يلزمه أن يجعلني انتفع بالمنزل كل يوم حتى انتهاء السنة – فلو فرض بأن المنزل المؤجر حُرق يصبح المؤجر غير ملزم بتعهده لأنه أصبح في حالة لا تمكنه من تنفيذ تعهده – ومن جهتي أنا المستأجر هل أكون ملزمًا بالاستمرار على دفع الأجرة – بالطبيعة لا – لأنه من يوم أن انقطع تعهد المؤجر أصبح تعهدي بغير سبب.
2 – وفي الحالة الثانية – حالة وجود سبب غير صحيح – أما أن يكون التعهد:
( أ ) بناءً على سبب خطأ Cause erronnée.
(ب) أو على سبب صوري Cause simulée.
1 – يكون السبب خطأ: إذا كان لا يوجد الاعتقاد بصحة سبب التعاقد إلا عند الملتزم (المتعهد) مثال ذلك: قدمت لي وصية من والدي يوصي إليك فيها بشيء نفيس أريد أنا شخصيًا أن أقتنيه – فأتفق معك على أن أعطيك بدلاً منه مبلغًا من المال يُدفع بعد سنة – في أثناء هذه السنة وجدت وصية أخرى مبطلة للوصية الأولى – ففي هذه الحالة لا أكون ملزمًا أن أدفع لك المبلغ المتفق عليه لأن سبب تعهدي كان الخطأ الذي وقعت فيه.
2 – يكون سببًا صوريًا: عندما يتفق الطرفان في التعهد على ذكر سبب آخر غير السبب الحقيقي كأن يكون سبب الالتزام:
1/ غير مشروع لمخالفته للقانون أو للآداب أو للنظام العام – كتعهد ذكر فيه أن سببه قرض حالة أنه في الواقع دين لعب قمار.
2/ أو لا يكون للتعهد سبب أصلاً فيذكر في العقد سبب غير حقيقي لإعطاء العقد سببًا ظاهرًا مشروعًا، مثال ذلك: حرر شخص لبعض ورثته عقد بيع عن عين من أملاكه وذكر في العقد أنه استلم الثمن وهو في الواقع لم يستلم شيئًا واستمر ينتفع بالعين المبيعة حتى وفاته – السبب في هذا العقد صوري لأنه في الواقع عقد وصية وليس بعقد بيع.
ويلاحظ أن قضاء المحاكم الأهلية جرى أخيرًا على اعتبار التعهد ذو السبب الصوري صحيحًا إذا كان للتعهد سبب آخر حقيقي ومشروع، ففي التعهد الذي يزعم المدين أنه دين لعب قمار وفي العقد المزعوم أنه عقد وصية، يصح للدائن في العقد الأول أن يثبت أن السبب هبة ويجوز للبائع في العقد الثاني أن يثبت أنه عقد هبة لأن الهبة في صورة عقد بيع صحيحة قانونًا (راجع أحكام محكمة استئناف مصر الأهلية الصادرة في 16 نوفمبر سنة 1920 مجموعة رسمية سنة 1922 صـ 226 – وفي 14 ديسمبر سنة 1922 مجموعة رسمية سنة 25 صـ 51 وفي 17 مارس سنة 1926 المحاماة السنة الثامنة صـ 759).
من ذلك يؤخذ أن صورية السبب لا تكون مبطلة للتعهد إلا إذا كان التعهد بغير سبب أو سببه غير مشروع.
(2)
في مشروعية السبب
السبب يكون غير مشروع إذا كان مخالفًا للقانون أو للآداب أو للنظام العام (مادة 1133 مدني فرنسي) ومن ذلك لا يكون للتعهدات المبنية على الأسباب المذكورة أي أثر قانوني – وكثيرًا ما يقاضى مدينون بسبب مثل هذه التعهدات ويدفعون الدعاوى بأن سبب التعهد غير مشروع – والموضوع دقيق في بعض الأحوال – إذ ذهبت أحكام المحاكم بعيدًا وألغت تعهدات لأن الباعث فيها غير مشروع وليس السبب.
أمثلة لتعهدات أسبابها غير مشروعة:
1 – شركة أُلفت لاستغلال لعب القمار يكون سبب التعهد غير مشروع لأن لعب القمار ممنوع في القطر المصري.
2 – تعهد شخص بدفع مبلغ لامرأة لتكون خليلة له.
3 – التنازل عن منزل للدعارة.
4 – التعهد بالامتناع عن فعل يعتبر جريمة مثل التعهد بفصم عرى علاقة زنا.
5 – تعهد شخص لشخص آخر بقصد التخلص من إجراءات متعلقة بجريمة كالتعهد بعدم التبليغ عن الجريمة.
6 – تعهد المفلس لبعض دائنيه بشيء مقابل حصوله على تسوية Concordat إضرارًا بباقي الدائنين (حكم 9 مارس سنة 1898 مجموعة التشريع والقضاء المختلط السنة العاشرة صـ 180).
أمثلة لتعهدات مشكوك في عدم مشروعية أسبابها:
1 – يوجد أشخاص صناعتهم التوسط في عقد الزواج وذلك بالسماح إلى مريدي الزواج بالتقابل للمفاوضة في شروط الزواج وفي العادة يجعلونهما يتعهدان – في حالة تمام عقد الزواج – بدفع شيء في المائة من الدوطة أو بمبلغ معين – هل لمثل هؤلاء الأشخاص (سماسرة الزواج) الحق في مقاضاة الزوجين بدفع المال للذين تعهدا بدفعه.
لم نعثر على أحكام في هذا الموضوع صادرة من المحاكم المصرية – ولكن المحاكم الفرنسية قضت في هذا الموضوع أن التعهد لا وجود له لأنه مبني على سبب غير مشروع. ومن أسباب هذه الأحكام أن رضاء الوالدين والزوجين في عقود الزواج يجب أن يكون حرًا من كل تأثير أجنبي مؤثر على تقديراتهم الشخصية.
وقد قال بودرى لانكنتنرى وبارد في هذا الموضوع إنه في الحقيقة لا يرى الإنسان في مثل هذه العقود شيئًا مخالفًا للآداب أو لعدم المشروعية – ولماذا لا يفكرون في انتقاء هؤلاء السماسرة عندما يعدم هؤلاء خدماتهم بغير أجر – لماذا نمنعهم من الحصول على مقابل الأتعاب التي يتحملونها والمصاريف التي يحتمل أن يصرفوها (راجع بودرى وبارد الجزء الأول صـ 357 نبذة 311 مكررة).
2 – كان القضاء الفرنسي يقضي ببطلان الاتفاق المحرر بين مدير مسرح وبين مقاول الحفلات الذي يجتهد في إنجاحها ويحرص الجمهور إن حقًا أو كذبًا على استحسانها والاشتراك فيها، وبنى أحكامه على أن أمثال هؤلاء المقاولين يتعهدون بتعهد غير مشروع لأن الجمهور يحرض على دفع ثمن التذكرة بغير تقدير شخصي وبتحريض من هؤلاء المقاولين – (راجع حكم محكمة ليون الصادر في 25 مارس سنة 1873 وتعليقات دالوز على المادة (1133) مدني فرنسي صـ 1007 نبذة 524 وما بعدها) وقد عدل القضاء الفرنسي الحديث عن هذا الرأي وقضى بأن سبب التعهد السابق مشروع (راجع حكم محكمة استئناف باريس الصادر في 5 إبريل سنة 1900 دالوز 1903 2 – 279 بلانيول الجزء الثاني صـ 263 نبذة 1009).
3 – كثيرًا ما يخلط القضاء بين السبب والباعث وقد حكم بأن التعهد الذي يأخذه مدير محل معد للدعارة بمشتري نبيذ الشمبانيا بقصد استهلاكه في محله – تعهد باطل – وكذلك التعهد ببيع منقول مخصص لفرش منزل الدعارة إذا كان البائع عالمًا بهذه الظروف لأنه لولا عمل البائع ما كان يمكن لصاحب المحل فرشه وإدارته لعدم وجود الدراهم اللازمة لهذا العمل (راجع بودرى لاكنتنرى وبارد جزء أول صـ 361 نبذتي 313 و314 والتعليقات عليها).
إثبات السبب
في العادة يذكر السبب في التعهد – ففي عقود التبادل يذكر السبب دائمًا فيها لأن السبب كما علمنا يكون في التعهدات المتبادلة بين الطرفين – ففي عقد البيع يبين دائمًا الشيء الذي يسلمه البائع والثمن الذي سيدفعه المشتري.
ولكن في العقود الفردية contrats unilateraux التي تحرر عادةً بورقة واحدة يحصل أن سبب التعهد لا يذكر في الورقة – وعندما يذكر يقال إن الورقة مسببة Le billet est causé كأن يقال مثلاً في السند (عليَّ لفلان مبلغ 100 جنيه مصري اقترضتها منه) السبب هو القرض – ولكن إذا كان ما ذكر بالسند هو (عليَّ لفلان 100 جنيه مصري) من غير أن يذكر شيء آخر – هنا السبب غير مذكور ويقال إن التعهد غير مسبب Le billet est dit non causé.
هل يلزم الدائن في حالة التعهد الغير مسبب أن يثبت وجود سبب للتعهد المتمسك به، أو يلزم المدين الذي يرفض الدفع أن يثبت عدم وجود سبب للتعهد، يمكن أن يؤخذ من المادة (214) مدني أهلي و(274) مدني مختلط أن عبء الإثبات يكون على الدائن.
La preuve de l’obligation doit être faite par le creancier
وبما أن لا تعهد بغير سبب فيجب أن يلزم أولاً الدائن بإثبات وجود سبب للتعهد – رغمًا عن ذلك فقد جرى القضاء المختلط بوجوب تكليف المدين بالإثبات – إثبات أن السند بغير سبب أو أنه مبني على سبب غير مشروع – لأن التعهد المكتوب يفرض أن له سبب وأنه تعهد صحيح حتى إذا كان السبب غير مذكور به (راجع حكم محكمة الإسكندرية المختلطة الصادر في 16 يناير سنة 1895 مجموعة التشريع والقضاء المختلط السنة السابعة صـ 87 وحكم 10 مارس سنة 1897 المجموعة المذكورة السنة التاسعة صـ 190).
وقد استند القضاء المختلط في هذا الموضوع على المادة (1132) مدني فرنسي التي نصت على أن التعهد يكون صحيحًا ولو أن سببه غير مذكور فيه.
La convention n’est pas moins valable quoique la cause n’en soit pas exprimée
وهذه المادة غير موجود ما يقابلها في القانون المصري الأهلي والمختلط.
نقد نظرية سبب التعهد
انتقد جملة مؤلفين حديثين هذه النظرية، فقد قال بودرى وبارد جزء أول نمرة 321 وما بعدها – إنها نظرية غير مفيدة inutile وخطرة dangereuse وقال بلانيول إنها نظرية خطأ.
أولاً: عدم فائدة النظرية:
النظرية عديمة الفائدة لأنه يكفي ذكر ركني الرضا consentement ومحل العقد objet كركنين أساسيين للتعهد وأن الآثار القانونية التي تنسب (للسبب) تُستنبط من مبادئ القانون العامة.
1 – ففي عقود التبادل عند ما يسقط تعهد أحد الطرفين يختفي تعهد الطرف الآخر بما أن كلاً من هذين التعهدين خاضع للشرط الضمني بقيام كل طرف بتعهده – وهذا هو ما يعبر عنه قانونًا (بالتعهد الضمني).
فإذا سلمنا بذلك فليس هناك فائدة من التعلق بنظرية السبب pacte commissoire tacite.
2 – وكذلك في العقود الفردية حيث إن تعهد المدين لا يوجد إلا بالشرط المفروض وهو حصول (التسليم) فعلاً – أن المتعهد لم يتعهد إلا بهذا الشرط – فإذا لم يحصل على الوديعة فلا يوجد مودع عنده في هذه الحالة لا يكون للتعهد سبب كما يقولون، ولكن الواقع هو عدم انعقاد العقد لعدم وجود ركن الرضا والشيء نفسه. ويكفي أن يقال ببطلان التعهد لعدم توفر ركني الشيء والرضا.
3 – في عقود التبرع يقولون إن السبب هو نية المتبرع وهنا يكفي لإثبات عدم فائدة النظرية أن لا فرق بين السبب والباعث – وحتى لو لم يوجد فرق بينهما فإن نية الإعطاء ما هي في الواقع إلا ركن الرضا في العقد.
ثانيًا: خطر النظرية:
نظرية السبب نظرية خطرة لأنها مربكة إذ تجبر القاضي على البحث المضني الذي كثيرًا ما ينتهي به الأخذ بالباعث على اعتبار أنه السبب.
ثالثًا: خطأ النظرية:
1 – في عقود التبادل: يوجد السبب في التعهدات المتبادلة بين الطرفين فسبب تعهد البائع يكون سبب تعهد المشتري وسبب تعهد المشتري يكون سبب تعهد البائع ولكن هذا مستحيل لأن السبب والنتيجة effet يظهران في وقت واحد ومن غير المفهوم أن السبب لا يسبق النتيجة في الظهور.
2 – في العقود الفردية يكون سبب تعهد المدين هو واقعة التسليم بمعرفة الطرف الآخر – ولكن هذا التسليم ليس في الحقيقة سبب التعهد وإنما هو العامل الأساسي للتعهد فإذا لم يحصل إقراض لما كان هناك تعهد.
الخاتمة
لكل ذلك رأى بلانيول وبودرى وأغلب المؤلفين الفرنسيين أنه يمكن الاستغناء عن نظرية سبب التعهد إذ لا تأثير على القوانين من هذا الاستغناء (راجع بلانيول جزء 2 صـ 373 نبذة 1039) وعلى ضوء هذه الانتقادات ظهرت قوانين حديثة (القانون الألماني سنة 1896 والقانون السويسري سنة 1881 والياباني سنة 1896) تاركة بالمرة هذه النظرية…
عبد الحميد رشدي
القاضي بمحكمة المنيا الابتدائية الأهلية