الشرط الجزائي بين مطلب العدالة التعاقدية و هاجس ضمان تنفيذ الالتزام
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
من إعداد : سعد بوجناني باحث في الشؤون القانونية و القضائية.
مقدمة :
إن هم الناس الدائم، هو ضمان المستقبل، الأمر الذي يؤدي بهم إلى إبرام عقود متنوعة من أجل تبادل الأموال والخدمات، وقد أفسح المشرع المجال للأفراد المتعاقدة لتدعيم عقودهم واتفاقاتهم بما يسمى بالشرط الجزائي، الذي يعتبر أبرز الوسائل التي أوجدتها الإرادة بغية تعزيز وعود المدين بتنفيذ التزاماته التعاقدية.
ويتعلق الشرط الجزائي بشكل مباشر بالعقود، ويوجد إما على شكل بند أو شرط، كما لا يميز بين عقد مدني أو آخر تجاري، لأن الإطار القانوني للشرط الجزائي موحد، لكن في حالات كثيرة يزيغ هذا الأخير عن وظيفته الأساسية والتي تمكن في تأمين تنفيذ الالتزامات التعاقدية وتقدير التعويض الناتج عن الإخلال بهذه الالتزامات إلى وسيلة للاستغلال وللإثراء على حساب الغير دون وجه حق، الأمر الذي دفع المشرع إلى إعطاء القضاء الضوء الأخضر لتعديل بنود الشرط الجزائي ضمانا لتنفيذ الالتزامات التعاقدية بشكل عادل ومتوازن في العلاقة التعاقدية، وذلك من خلال القانون رقم 27.95[1] المعدل والمتمم للفصل 264 ق.ل.ع .
وعليه، فما هي الطبيعة القانونية للشرط الجزائي؟
وما مدى مساهمة الشرط الجزائي في تكريس العدالة التعاقدية؟
وما وظيفته في ضمان تنفيذ الالتزامات التعاقدية؟
كل هذه التساؤلات سنجيب عليها من خلال مبحثين؛ بحيث سنشرع في (المبحث الأول) بتبيان الإطار القانوني للشرط الجزائي، ثم نبرز تدخل القضاء في تعديل الشرط الجزائي تحقيقا للعدالة التعاقدية( المبحث الثاني).
المبحث الأول : الإطار القانوني للشرط الجزائي
لقد نظم المشرع المغربي مقتضيات الشرط الجزائي في الفصل 264 من قانون الالتزامات والعقود في باب عدم تنفيذ الالتزامات وآثاره من الفرع الأول المعنون “بمطل المدين” التي خولت لأطراف العلاقة التعاقدية التصرف بحرية في اشتراط ما شاؤوا من بنود العقد، إذ جاء في الفقرة الثانية من نفس الفصل:
“يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على التعويض عن الأضرار التي قد تلحق الدائن من جراء عدم الوفاء بالالتزام الأصلي كليا أو جزئيا أو التأخير في تنفيذه “.
وهكذا، ظل التعويض الاتفاقي لفترة طويلة يخضع لمبدأ سلطان الإرادة المكرس في الفصل 230[2] من ق.ل.ع الذي بمقتضاه لا يجوز تعديل العقد أو إلغائه إلا باتفاق طرفيه، أو في حالات التي يحددها القانون. فبقي القضاء يطبق ما أملته إرادة الأطراف، إلى أن حانت ساعة التغيير الجوهري بتدخل القضاء لتعديل الشرط الجزائي لإقرار التوازن العقدي وتحقيق العدالة والإنصاف بين المتعاقدين، الذي توج بالتدخل التشريعي الذي عدل وتمم الفصل 264 من ق.ل.ع بمقتضى قانون 27.95 الذي أضاف ثلاث فقرات إلى الفصل المذكور.
وعليه، فإننا سنشرع بداية ببيان ماهية الشرط الجزائي (المطلب الأول)، ووظائفه (المطلب الثاني).
المطلب الأول : ماهية الشرط الجزائي
إذا كان المشرع المغربي لم يعط بتاتا تعريفا لا صريحا ولا مبهما للشرط الجزائي، فإنه ترك هذه المهمة للفقه، وسبب هذا الفراغ التشريعي يرجعه بعض الفقه[3] إلى دقة وتشعب هذه المؤسسة.
وإذا تسائلنا عن ما هو الشرط الجزائي فإن الإجابة ستعود بينا إلى السيرورة التاريخية لهذا الشرط (الفقرة الأولى)، ومحاولين إعطاء تعريف لهذه المؤسسة (الفقرة الثانية).
الفقرة أولى : الصيرورة التاريخية للشرط الجزائي
يرجع الأصل التاريخي للشرط الجزائي إلى القانون الروماني[4]، الذي كان يطلق عليه اسم stipulatio poena وهي عبارة تحمل معنى الشرط والعقاب، حيث كان الرومان يعتبرون المدين الذي لا ينفذ التزاماته كمجرم[5]، إذ كان الشرط الجزائي عبارة عن وعد بجزاء معلق على شرط، ويتمثل هذا الأخير في حالة عدم قيام المدين الواعد بتنفيذ التزامه الأصلي[6]، بدفع جزاء من المال محدد مسبقا من المتعاقدين في حالة عدم تنفيذ الواعد لالتزامه[7].
من ثم فإن غاية الشرط الجزائي في ظل القانون الروماني ليس تعويض الضرر الناشئ عن عدم تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإنما معاقبة المدين عن الإخلال بالتزامه، فهذا الشرط كانت له صبغة عقابية محضة[8]، لكون أن الرومان كانوا قد عبروا عن كلمةpoena بفكرة العقاب، وفي هذا الصدد يذهب البعض[9] أن هذه الكلمة لها أثر لوضع بدائي يوقد في النفس شعور الثأر ويحملها على فرض عقوبة. وهكذا، فقد كان الشرط الجزائي في ظل هذا القانون يخضع لعدة أحكام خاصة أبرزها :
أن الشرط الجزائي يصبح نافذا بمجرد حلول الأجل، ودون حاجة لتوجيه إنذار.
أنه يجب أداء ذلك الشرط المتفق عليه بالكامل، حتى ولو تم تنفيذ الالتزام بشكل جزئي.
إن الشرط الجزائي يكون غير ملزم إذا كان عدم تنفيذ الالتزام الأصلي راجعا إلى فقدان الشيء[10].
و هذه المسألة في نظرنا تحمل قسطا من الصواب، لأن الشرط الجزائي التزام تابع للالتزام الأصلي، والقاعدة الثابتة فقها وقضاء أن الفرع يتبع الأصل ويأخذ حكمه والعكس ليس صحيح.
فهذه أهم الأحكام التي كانت تأطر الشرط الجزائي في القانون الروماني، إذ تقوم على المفهوم الذي كان يحكم ذلك الشرط في ظله، من حيث إنه جزاء وعقاب للمدين الذي لا ينفذ التزامه التعاقدي.
ثم بعد ذلك تقرر مبدأ سلطان الإرادة، وأصبح العقد شريعة المتعاقدين فلم تعد هناك حاجة للالتجاء إلى الشرط لإضفاء الصفة الالزامية على العقود، فمتى انعقد العقد صحيحا، كان ملزما دون الحاجة لأي اشتراط، وأصبح الشرط الجزائي مجرد اتفاق ينصب على تقدير التعويض الواجب في حالة إخلال المدين بالتزامه. وهكذا، أصبح ينظر للشرط الجزائي في العصور الوسطى على أنه مجرد تقدير اتفاقي للتعويض[11]. فتلاشت بذلك حدة المفهوم العقابي لهذا الاتفاق التعويضي، وهذا هو الاتجاه الذي سارت فيه مدونة نابليون لسنة 1804 حيث نصت في مادتها 1229 على أن: “الشرط الجزائي هو تعويض عن الأضرار اللاحقة بالدائن نتيجة عدم تنفيذ الالتزام الأصلي”.
غير أن الاجتهاد الفرنسي في تلك الحقبة لم يكن يسمح للقضاة بمنح الدائن مبلغا يفوق حجم الضرر الذي لحق به، لكنه كان يسمح لهم بتخفيف هذا الجزاء لصالح المدين إذا كان يفوق بوضوح الضرر الحقيقي، وتجدر الإشارة أن سلطة التخفيف هذه لم تكن ترتكز على أي قانون[12].
وبذلك يكون المشرع الفرنسي في تلك الفترة قد أدار ظهره لكل من المفهوم الروماني البدائي الذي كان يرى في الشرط عقوبة خاصة يمكن أن تنضاف إلى التعويض، وبمفهوم القانون الفرنسي القديم ذاته الذي كان يعتبر أن الشرط مجرد تقدير اتفاقي للتعويض يمكن للقضاء مراجعته، وأرسى نهجا جديدا يجعل من الشرط الجزائي تعويضا اتقاقيا وجزافيا ثابثا لايقبل المراجعة[13].
ولقد كان هذا هو المرجع لظهور الشرط الجزائي بالمغرب، والذي من خلاله وجد القضاء المغربي ضالته في الفصل 230 ق.ل.ع المجسد لمبدأ سلطان الإرادة، لإضفاء المشروعية على التعويض الاتفاقي في عهد الحماية.
وفي ماي 1978 قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريرا أمام الجمعية العامة أشار فيه إلى الانتشار الملفت للشروط التعسفية[14] في أغلبية العقود ومن ضمنها عقود الإذعان[15].
لتضرب بعد ذلك موجة التعديلات في حدود نفس السنة على جل القوانين المدنية الغربية واللاتينية، وعلى رأسها التشريع الفرنسي، الذي أدخل تعديلات أهمها التعديل الذي طرأ على المادة 1152[16] من القانون المدني الفرنسي، والتي كانت ترغم القضاء بالحكم بالتعويض للدائن حتى ولو لم يثبت هذا الأخير الضرر الذي أصابه من جراء عدم تنفيذ الالتزام التعاقدي أو بسبب التأخر في تنفيذه، ما دام أن المتعاقدين اتفقا وقدرا مسبقا التعويض المستحق[17]، وطبعا لم يكن من حق القضاء أيضا التدخل من أجل تعديل مبلغ الشرط الجزائي سواء بالرفع أو التخفيض.
إلا أن الملاحظ بخصوص هذا التعديل أنه احتفظ للشرط الجزائي بالطابع العقابي، غير أن هذه العقوبة أصبحت مراقبة جزئيا من القضاء الفرنسي. ولقد تنبه المشرع الفرنسي إلى عدم كفاية ذلك القدر من الحماية التي نجمت عن التعديلات السالفة الذكر، فاستحدث تعديلا جديدا بموجب القانون الصادر في 11 أكتوبر 1985 قرر به القضاء سلطة التدخل من تلقاء نفسه لفحص الشروط التعسفية وتقدير مدى المغالاة في تقرير التعويض، ثم استخدم سلطاته التي خولها له قانون يوليوز 1975 في تعديل هذه الشروط بالزيادة أو بالنقصان[18].
وبذلك يكون المشرع الفرنسي قد خطى خطوة جديدة في مجال الابتعاد عن المبادئ العامة المرتبطة بسلطان الإرادة والحرية التعاقدية من أجل تحقيق قدر أوفر من الحماية الطرف المغلوب على أمره[19].
فمنح القاضي سلطة التدخل من تلقاء نفسه لجواز مخالفة بنود العقد لعدم تعلقها بالنظام العام[20] يجعل منه معاونا للطرف الضعيف في الكشف عن الشرط التعسفي ومدى الإجحاف المترتب عليه، ثم التدخل بتعديله، ولو لم يكن صاحب الحق قد انتبه إلى حقه بسبب عدم خبرته التي كانت في ذلك الوقت الدافع إلى قبوله بمثل هذه الشروط.
وفي ضوء هذا التعديل توالت الأحكام والقرارت الصادرة من المحاكم الفرنسية التي قضت بأنه يعد تعسفيا ذلك الشرط الجزائي الذي اشترط فيه المكري تعويضه بمبلغ يساوي أكثر من خمسة أضعاف القيمة الإيجارية في الفترة التي يستمر فيها المكتري في شغل العين بعد إنهاء المدة المتفق عليها في العقد وذلك بخفض الحكم قيمة التعويض إلى ما يقارب القيمة الكرائية المتفق عليها في العقد، وغيرها من الاجتهادات القضائية التي أزاحت الطابع الإكراهي للشرط الجزائي وبالتالي تعديل بنوده بتخفيضها أو الرفع منها[21]، متى تبين لقاضي الموضوع أن مقدار التعويض المتفق عليه لا يتناسب مع الضرر الواقع فعلا[22]، مما أدى إلى التفاعل الإيجابي من طرف الاجتهاد القضائي المغربي مع هذا التعديل التشريعي على مستوى القانون الفرنسي، هذا التطور في مجال القانون الفرنسي كان دافعا ليستفيق المشرع المغربي من سباته بتعديله للفصل 264 من خلال قانون 95-27 الذي دخل حيز التنفيذ 6 سبتنبر 1995 .
والمشرع المغربي شأنه شأن الفقه الإسلامي يأخذ بمبدأ العقد شريعة المتعاقدين، الذي يلزم المتعاقدين بتنفيذ العقد في كل ما اشتمل عليه دون تعديل فيه، إلا ما اتفق عليه المتعاقدان برضاهما.
وإذا كان المبدأ في الفقه الإسلامي هو حرية التعاقد، فإن هذه الحرية ليست مطلقة بل هي مقيدة بحدود النظام العام الإسلامي، كإطار شرعي يطوق الإرادة التعاقدية، وميزة النظام العام في الشريعة الإسلامية هو أن دائرته تتسع كثيرا عن الفقه المغربي من خلال عدة أمور كتجريم الغرر والذي نهي عنه النبي صلى الله عليه وسلم، لما فيه من كسب غير مشروع بأكل أموال الناس بالباطل[23]، بالإضافة إلى الربا التي تقترن بدفع المدين مبلغ من المال كغرامة مالية محددة جزاء تأخره أو إخلاله بالتزامه التعاقدي فهذا شرط باطل ولا يجب الوفاء به .فالشرط الجزائي في الفقه الإسلامي مباح في جميع العقود المالية، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينا، فإن هذا من الربا الصريح[24].
ويمكننا القول بأن الفقه الإسلامي يجيز من حيث المبدأ الشرط الجزائي، لأنه ليس فيه ما يخل بما وضعه الشارع الحكيم من حدود عامة وخاصة فيلزم على الناس مراعاتها عند إنشائهم للعقود.
الفقرة الثانية: تعريف الشرط الجزائي
إن المشرع المغربي كما أشرنا أنفا لم يعط بتاتا ولو إشارة لتعريف مؤسسة الشرط الجزائي، وفي الحقيقة ليس المشرع المغربي فقط، بل جل التشريعات المقارنة كذلك، إلا أن المشرع الفرنسي حاول أن يعطي مفهوما للشرط الجزائي غير أنه وقع في تردد وخلاف في مسألة تعريف بهذ المؤسسة، وهو ما سنبينه لاحقا.
لكن في الواقع، وبتصفحنا لأهم مؤلفات كبار المسشرقين حول هذا الموضوع، فإننا لم نصادف كثيرا مصطلح “الشرط الجزائي” إذ لم يذكر كثيرا، فما كان متداولا هو لفض “التعويض الاتفاقي”، فهوالمصطلح الأصلي لهذا الالتزام، فهذا الأخير كالعديد من المصطلحات القانونية وجدنا له تعاريف فقهية متعددة، وهذا أمر تعودناه في الفكر القانوني، ومن أهم هذه التعاريف تعريف الفقيه عبد الرزاق السنهوري[25] الذي عرف الشرط الجزائي بأنه: “التعويض الذي يقوم بتقديره المتعاقدان مقدما بدلا من تركه للقاضي، والذي يستحقه الدائن إذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه، وهذا هو التعويض عن عدم التنفيذ، أو على مقدار التعويض الذي يستحقه الدائن إذا تأخر المدينن في تنفيذ التزامه، وهذا هو التعويض عن التأخير”.
وقد عرفه الأستاذ الدكتور أنور سلطان[26] بقوله أن: “الشرط الجزائي اتفاق يقدر فيه المتعاقدان سلفا التعويض الذي يستحقه الدائن إذا لم ينفذ المدنين التزامه أو إذا تأخر في تنفيذه”.
وعرفه بعض الباحثين[27] على أنه “اتفاق بمقتضاه يلتزم شخص بالقيام بأمر معين يكون في الغالب دفع مبلغ من النقود في حالة إخلاله بالتزام أصلي مقرر في ذمته أو تأخره في الوفاء بذلك الالتزام الأصلي، جزاء له على هذا الإخلال أو التأخير وتعويضا للدائن عما يصيبه من ضرر بسبب ذلك”.
مقال قد يهمك : قرار قضائي مثير : طلب المعلومات المتعلقة بالقرض و بدخل الزوج للاعتماد عليها لطلب الزيادة في قيمة النفقة لا يعتبر إفشاء للسر المهني
وعليه، فإن فكل هذه التعاريف المشار إليها تركز على الهدف والغاية من التعويض الاتفاقي، فكل منهما يمثل مدرسة قانونية، فبالنسبة للبعض فقد اعتبر التعويض الاتفاقي شرطا جزائيا غايته بالدرجة الأولى هو معاقبة المدين على إخلاله بالالتزام الملقى على عاتقه بموجب العقد وتعويض الدائن عن الإخلال بالتزامه، في حين اعتبر الفقيه عبد الرزاق السنهوري التعويض الاتفاقي بين الدائن والمدين على التعويض في حالة إخلال المدين بالتزامه التعاقدي. والأمثلة على الشرط الجزائي كثيرة ومتنوعة، نورد بعضها فعلى سبيل المثال، شروط المقاولة، قد تتضمن شرطا جزائيا يلزم المقاول بدفع مبلغ معين عن كل يوم أو كل أسبوع عن كل مدة أخرى من الزمن يتأخر فيها المقاول عن تسليم العمل المعهود إليه إنجازه. ولائحة المصنع قد تتضمن شروطا جزائية تقضي بخصم مبالغ معينة من أجرة العامل جزاء له على الإخلال بالتزاماته المختلفة[28].
وبالرجوع إلى تعريف الفقيه السنهوري الذي يعكس الرأي الذي يركز على الصفة التهديدية والعقابية للشرط الجزائي، إذ يعتبر اللجوء إليه من وسائل ضمان تنفيذ الالتزامات التعاقدية.
وهذا التصور هو الذي أخذ به المشرع الفرنسي من خلال المادة 1226 من القانون المدني الفرنسي المشار إليها آنفا، والتي عرفت الشرط الجزائي بموجبه أنه شرط يلتزم شخص بضمان تنفيذ العقد بتقديم شيء في حالة عدم تنفيذ، كما نصت المادة 1229 من نفس القانون على أنه: “تعويض الدائن عن الأضرار التي تلحقه من جراء عدم تنفيذ الالتزام الأصلي”، إلا أن التعريف الأول انتقد، لكونه عام وناقص، إذ اقتصر على حالة عدم التنفيذ، كما أن التعريف الثاني لم يسلم من الانتقاد كذلك، لأنه حصر التعويض على حالة وقوع الضرر، وهذا يخالف المادة 1152 من القانون المدني الفرنسي، والتي بمقتضاها يمكن للمشترط الحصول على التعويض المشترط في حالة الإخلال ولو لم يحصل الضرر[29].
وهذا الأمر يبين مدى التضارب والتردد الذي وقع فيه المشرع الفرنسي حول طبيعة الشرط الجزائي[30]، والذي أشرنا له في بداية هذه الفقرة. ونعتقد أن المشرع المغربي حسنا فعل بعدم تعريفه للشرط الجزائي، إذ اكتفى بتأكيد مشروعيته وبيان أحكامه ووظيفته في الفصل 264 في فقرتها الثانية التي تنص على أنه : “يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على التعويض عن الأضرار التي قد تلحق الدائن من جراء عدم الوفاء بالالتزام الأصلي كليا أو جزئيا أو التأخير في تنفيذه” .
ووفقا للفقرة أعلاه، فالتعويض الاتفاقي أو الشرط الجزائي هو “الاتفاق المسبق الذي يقدره فيه المتعاقدان مسبقا التعويض الذي يستحقه الدائن إذا لم ينفذ المدين التزامه أو إذا تأخر في تنفيذه[31]. هو إذن تقدير اتفاقي وجزافي للتعويض يدفع من قبل المدين المخل بالالتزام التعاقدي[32]، والذي أثبت الخطأ من جانبه والضرر الحاصر للدائن وبتوفر بطبيعة الحال العلاقة السببية بين الخطأ والضرر[33].
والغالب أن يوضع الشرط الجزائي في نفس العقد الأصلي، غير أنه ليس هناك ما يمنع من أن يضمن اتفاق لاحق، بشرط أن يكون هذا الاتفاق كما ذكرنا سابقا على واقعة إخلال المدين بالتزامه أي سابق على عدم تنفيذ أو التأخير فيه لأنه إذا كان لاحقا لها فإنه يعتبر صلحا لا شرطا جزائي[34]، والذي يتنافى مع وظيفة الشرط الجزائي التعويضية في ضمان تنفيذ الالتزامات التعاقدية وهو معرض حديثنا في المطلب الموالي.
المطلب الثاني: وظائف الشرط الجزائي في ضمان تنفيذ الالتزامات التعاقدية
لعل من أهم الوظائف التي يؤديها الشرط الجزائي، دفع المدين إلى تنفيذ التزامه على الوجه المطلوب والحسن ودون إخلال، وهو ما يشكل الخاصية الأولى لوظيفة الشرط الجزائي التهديدية (الفقرة الأولى)، ذلك لأن المدين يعلم مسبقا بأنه معرض لتعويض الدائن عن الضرر الذي سيلحق به جراء عدم التنفيذ التزامه التعاقدي أو التأخر في تنفيذه وهي الخاصية الثانية المتمثلة في وظيفة الشرط الجزائي التعويضية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: وظيفة الشرط الجزائي التهديدية
يرى جانب مهم من الفقه أن الشرط الجزائي يكتسي طبيعة العقوبة الخاصة، يرتبط في وظيفته مع الجزاء العام، فإذا كان هذا الأخير يطبق على من خرق النظام الاجتماعي العام التعاقدي حيث يعلم المدين ما يتعرض له إذا أقدم على خرق العقد بعدم تنفيذه أو التأخير فيه، وبالتالي فإن الشرط الجزائي عندهم يتسم بقوة إلزامية قاطعة ولا يقبل المراجعة، وهذه قرينة قاطعة للطابع التهديدي للشرط الجزائي[35]، إضافة إلى أن الشرط الجزائي بخاصيته التهديدية هذه يشكل وجها من أوجه العدالة الخاصة[36]، إذ أن الدائن الذي يشترط شرطا جزائيا مرتفعا بموجب السلطة التي يعطيها له العقد، يستعمل وسيلة الضغط المتوفرة لديه المتمثلة في الشرط الجزائي ليلزم المتعاقد معه على احترام النظام العام القانوني للعقد، ومن هنا فإن التأثير النفسي للعقوبة الخاصة بالشرط الجزائي تدفع المدين إلى تنفيذ الاتزام التعاقدي الأصلي، فالجزاء الخاص في نظر هذا الجانب الفقهي مبني على حرية إرادة المتعاقدين[37].
ونحن نرى أن لاشيء أكثر عدالة من الحرية في فرض الجزاء مقدما، وأن التهديد العقابي هو الذي قد يضمن احترام و تنفيذ الالتزامات التعاقدية.
علاوة على مبدأ حسن النية اللازم توفره دائما وأبدا، وهذا ما دعا أنصار هذا الاتجاه إلى محاولة وضع حدود معينة لسلطة القضاء في مراقبة الشروط الجزائية المجحفة، حيث إن هذه المراجعة لا تعني حدود معادلة الشرط بالضرر المتحقق فعلا، لأن من شأن ذلك تجريده من كل فعالية من الناحية الزجرية وإعطاء امتياز للمدين السيئ النية وإنما يجب أن تكون المراجعة فقط إلى الحد الذي لا يعتبر فيه الشرط مبالغا فيه كثيرا[38]، “بحيث يجب أن يظل متجاوزا للضرر بنسبة اختلف الفقه في تحديدها[39].
وعليه، فمبررات هذا التصور الفقهي لطبيعة الشرط الجزائي الزجرية بالإضافة إلى وظيفته الأصلية المتمثلة في التعويض هي عديدة[40]؛ “أهمها المادة 1152 من القانون المدني الفرنسي سواء في صيغتها الأصلية أو بعد التعديل الذي لحقها سنة 1975 المشار إليها آنفا، تتضمن حكمين؛ الأول في عدم قابلية الشرط الجزائي للمراجعة، لكن بشروط دقيقة حددتها الفقرة الثانية[41] من نفس المادة[42].
إذن يمكن القول، وبكل جزم أن الصيغة المادة 1152 من القانون المدني الفرنسي دليل قاطع على الطابع الإكراهي للشرط الجزائي[43]، وهذا هو مرجع المشرع المغربي في طبيعة الشرط الجزائي من خلال الفصل 264 من ق.ل.ع الذي يؤكد بدوره على الطبيعة الزجرية للشرط الجزائي، فالغاية من إدراجه بالدرجة الأولى في بنود العقد هو إجبار الطرف الآخر على تنفيذ التزامه التعاقدي وليس التعويض، فالأصل في العقود هو التنفيذ العيني[44] وإعمالا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين.
وإن كان المشرع بمقتضى الفقرة الثانية من نفس المادة قد منح للمحكمة السلطة التقديرية من أجل التدخل لمراجعة الشرط الجزائي، فإن الهدف منه بالأساس هو حماية طرفي العلاقة التعاقدية من الصبغة التعسفية للتعويض الاتفاقي الذي قد يكون مبالغا فيه، أو قد لا يكون لا متناسبا مع قيمة الضرر الذي لحق الدائن.
الفقرة الثانية: الوظيفة التعويضية للشرط الجزائي
يذهب بعض الفقه أن الشرط الجزائي لا يشكل عقوبة[45]، لأن سبب ومبرر دفع مبلغه هو الضرر وليس الخطأ، في حين تسعى العقوبة دائما إلى زجر الخطأ، وما يؤكد ذلك هو أنه لا يمكن الجمع بين التنفيذ العيني للاتزام الأصلي وبين دفع مبلغ الشرط، لأن أساسهما واحد وهو وجود الضرر، وإلا سنكون أمام إقرار مقابل مضاعف لذلك الضرر، فالمتعاقدان عند اتفاقهما على الشرط الجزائي فإنهما يقررانه للحالة التي يقع فيها الإخلال بالاتزام التعاقدي، أي أنه في اعتبارهما يشكل التعويض عن الضرر الذي لابد أن يحدثه ذلك الإخلال، لذلك، فإنه لايتصور استحقاق الشرط في غياب كل ضرر[46].
وفي هذا الصدد فقد جاء في المادة 1229 من القانون المدني الفرنسي على أن: “التعويض عن الأضرار التي تلحق بالدائن من جراء عدم تنفيذ الالتزام الأصلي”.
ويتضح جليا من استقراء هذا النص، أن المشرع الفرنسي جعل من الشرط الجزائي ذو طبيعة تعويضية، حيث يهدف إلى إلزام المدين بدفع الشرط الجزائي المتفق عليه[47]. بالإضافة إلى أن الشرط الجزائي حسب هذا الاتجاه يدخل في نطاق المسؤولية العقدية، فهدف هذه الأخيرة هو جبر الضرر وإزالة آثاره عن الدائن، ولا يستقيم القول بأن القصد من المسؤولية المدنية هو إيقاع العقوبة بالمدين، بل هدفها هو إعادة التوازن إلى للذمة المالية التي اختلت نتيجة إخلال المدين بالتزامه[48]، وذلك بخلاف المسؤولية الجنائية التي بأنها تسعى إلى حماية كيان المجتمع في توقيع العقاب ضد الجاني المرتكب للجريمة[49].
علاوة على ذلك، فإن الشرط الجزائي في حالة التي يقوم فيها على تقدير مرتفع[50] لمبلغ التعويض فالمراد هنا هو حمل المدين على التنفيذ ضمانا للسلامة التعاقدية للالتزام[51]، ومبرر استحقاقه هو الضرر الناتج عن الإخلال بالالتزام[52]، وليس الخطأ الذي وراء ذلك الإخلال، وبالتالي، لا يمكن اعتبار الشرط الجزائي المرتفع بمقدار التعويض عقوبة بمعنى الكلمة، لأنه لا يقوم بالدور الأساسي الذي تضطلع به العقوبة ألا هو ردع الخطأ[53]،
وفي نفس السياق، فإن القانون المدني الفرنسي في مادته 1231 تجيز تخفيض الشرط الجزائي للالتزام، وهذا التخفيض يتم بالاستناد إلى الضرر المحقق فعلا، وليس بالاستناد إلى جسامة الخطأ.
وعليه، فإن هذا التصور من جانب هذا الفقه الذي لا يرى في الشرط الجزائي إلا جانبه التعويضي تبنته بعض التشريعات العربية، التي لا ترى فيه سوى وسيلة لتقدير التعويض، ومتى أثبت المدين عدم تحقق الضرر، فإن الدائن لا يستحق أي تعويض من جملتهم تشريعنا المغربي، والذي من خلال صياغة الفصل 264 من ق.ل.ع يكون قد حدد تصوره في اعتبار الشرط الجزائي تعويضا اتفاقيا عن الضرر الذي لحقه الدائن نتيجة إخلال المدين بالتزامه. ومن ثم فهو يتجاوز التصور الذي استقرت عليه الممارسة القانونية القائمة على فكرتي الجزاء والتهديد[54] فمن جهة، نظم المشرع الشرط الجزائي ضمن أحكام المسؤولية العقدية، ولعل ما يؤكد ذلك، أن المشرع المغربي ضمن أحكام “التعويض الاتفاقي” وبالتالي فهي فكرة لا تمت بأي صلة لفكرة الغرامة أوالتهديد، ومن جهة أخرى، فقد جعل المشرع التعويض الاتفاقي في مقابل الضرر الناتج عن عدم التنفيذ أو التأخير فيه، كما أنه لم يحدد درجة المبالغة من أجل إقرار تخفيض مبلغ الشرط الجزائي، ويكون بذلك قد جعل التعويض في مقابل الضرر الذي سيحصل.
وبه، جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ما يلي :”عندما ينص عقد أنه في حالة عدم إفراغ محتل لمحل في تاريخ محدد، يلتزم هذا الأخير بأن يؤدي مبلغ 100,00 عن كل يوم تأخير، فإن هذا البند يشكل شرطا جزائيا تابعا لالتزام أصلي وليس غرامة تهديدية، وهو واجب التطبيق حتى إن لم يثبت الدائن حقيقة الضرر اللاحق به، إن الغرض من هذا الشرط هو منع أي جدل حول وقوع الضرر، إذ يفترض وقوعه ويجعله ثابتا، كلما حدد مقدار التعويض عنه، الشيء الذي لا يجيز منح أي تعويض إضافي”[55].
وهذا القرار يرسخ ما سار عليه المشرع من أن أداء فوائد التأخير في تنفيذ الالتزام المضمن في بنود الشرط الجزائي بأنه لاعلاقة له بتاتا بالغرامة التهديدية.
وعليه، ومهما كانت الحجج التي اعتمدها هذا الفريق أو ذاك، فإن الفقه المعاصر يؤكد على الطبيعة المزدوجة للشرط الجزائي[56]، فهو يشكل من جهة وسيلة لضمان تنفيذ هذا الالتزام التعاقدي، ومن جهة أخرى، “يشكل تقديرا جزافيا للتعويض عن الضرر الناتج عن إخلال أحد المتعاقدين بالتزامه[57]، ويبرر هذا الاتجاه الوظيفة المزدوجة بكون الشرط الجزائي وحتى في حالة وجود مبالغة فادحة في مبلغه، فإن المراجعة القضائية له لا تعني معادلة مبلغه بالضرر المتحقق، بل يقتصر دور القاضي على إلغاء تلك المبالغة الفادحة المجحفة مع الإبقاء على نوع من التفاوت بينهما، مما يعني الاحتفاظ بوظيفته التهديدية إلى جانب وظيفته التعويضية[58]. فهذه المراجعة القضائية للشرط الجزائي هي أساس حديثنا في المطلب التالي.
المبحث الثاني : تدخل القضاء لتعديل الشرط الجزائي تحقيقا للعدالة التعاقدية
بالرغم من قدسية العقد وضرورة تنفيذه ما لم يصبح محل الالتزام مستحيلا، فإن هناك من المتعاقدين من لا يطمئن لكل الجزاءات القانونية التي خولها له القانون من أجل استفاء حقوقه، الأمر الذي يدفعه إلى إقحام بعض الشروط الجزائية التي وإن كانت مشروعة فقد تصل إلى درجة التعسف[59]. وبذلك أضحى ما يسمى بالشرط جزائي وسيلة للإكراه بفرض جزاءات مبالغ فيها، كما تحول لأداة تحقق الاضطراب بالعقود بدلا من ضمانة لتنفيذ الالتزامات المتعاقدين بشكل يهدف إلى تكريس مبدأ التوازن العقدي.
مقال قد يهمك : دور القضاء الإداري في ترسيخ مبادئ الحكامة بالجماعات الترابية
ولقد استشعر المشرع المغربي ضرورة التليين من مبدأ سلطان الإرادة، بما يكفل الحد من التعسف وإقرار العدالة التعاقدية، التي لا غنى عنها لضمان استقرار المعاملات، فما كان منه إلا أن منح القضاء مكنة تعديل الشرط الجزائي، بموجب القانون رقم 27.95 المغير والمتمم للفصل 264 من ق.ل.ع الذي يشكل الأساس القانوني للشرط الجزائي في القانون المغربي.
ويقتضي تأصيل دور القضاء في تعديل الشرط الجزائي الرجوع إلى موقف القضاء قبل تعديل الفصل 264 المنوه إليه، وذلك لاستقصاء أهمية التعديل الطارئ على الفصل المذكور(المطلب الأول)، ثم ننتقل في (المطلب الثاني) إلى توضيح مطلب العدالة التعاقدية من خلال تعديل الشرط الجزائي .
المطلب الأول: موقف القضاء المغربي من مراجعة الشرط الجزائي قبل تعديل الفصل 264 من ق.ل.ع
في فترات خلت، وقبل هبوب رياح التغيير على الفصل 264 من قانون الالتزامات والعقود، لم يكن القضاء المغربي يجد أي سند قانوني يسعفه في مراجعة التعويض الاتفاقي، بل كان دائما ما يصطدم بمبدأ سلطان الإرادة[60] الذي يغل يده عن أي مراجعة لبنود العقد، وإن كان جائرة، وهو الوضع الذي لم يكن للعمل القضائي فيه من سبيل إلى تحقيق العدالة التعاقدية[61] .
وإزاء الفراغ التشريعي الذي كان يوطد له الفصل 264 من قانون الالتزامات والعقود قبل التعديل بنصه : “الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام. وتقدير الظروف الخاصة بكل حالة موكول لفطنة المحكمة، التي يجب عليها أن تقدر التعويضات بكيفية مختلفة حسب خطأ المدين أو تدليسه”. فتنامت بذلك و بشكل مستفحل ظاهرة الشروط الجزائية المتسمة بالتعسف[62] الأمر الذي كان يضع القضاء في محنة إعادة التوازن للعقد في ظل غياب المقتضى القانوني.
وفي سياق هذا الخصاص التشريعي، انشطر موقف القضاء من مراجعة الشرط الجزائي ما بين مؤيد لهذه المراجعة (الفقرة الأولى) وما بين معارض لها (الفقرة الثانية) .
الفقرة الأولى : الاتجاه المؤيد للمراجعة
لقد تدخل جانب من القضاء المغربي لوضع حد للتعسفات التي تطال الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية[63] عن طريق تخفيض مبلغ الشروط الجزائي[64]، وذلك بهدف إعادة التوازن إلى العلاقة التعاقدية[65]، إذ نجد ذلك سواء على مستوى قضاء الموضوع أو قضاء المجلس الأعلى، وبه أصدرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قرار لها جاء فيه :
“التعويض المشروط بالعقد مبالغ فيه، وهو كشرط جزائي عن عدم التنفيذ وقد استقر الاجتهاد على أن الشرط الجزائي يرجع للمحكمة حق تعديله لجعله مناسبا بتغطية الضرر، إن الضرورات تقدر بقدرها وحيث توصل البائع بنصف ثمن العقار المبيع وأن فسخ البيع من شأنه أن يرجع له العقار وقد ارتفع ثمنه عشر مرات عن تاريخ البيع، في حين أن المبالغ التي تسلمها ولو اشترى بها المشتري نصف العقار لارتفعت قيمتها أيضا وقد استغلها البائع بدوره. وحيث إن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية ترى أن المبالغ المدفوعة والبالغة 5500 درهم كافية لتغطية الضرر”[66].
ولا يفوتنا أن نشيد بهذا الاجتهاد القضائي الذي ضمن قدرا كبيرا من العدالة التعاقدية المفضية إلى ضمان تنفيذ الالتزام التعاقدي بعدالة، حيث راعت المحكمة ما عاد على المدين من نفع، وبناء عليه، عملت على تقدير التعويض الاتفاقي، وهو عين الصواب في نظرنا، إذ أن تنفيذ الالتزام التعاقدي يتعين أن يتم في جو من التوازن بما يحقق الغاية من التعاقد دون رجحان كفة أحد المتعاقدين عن الآخر.
وفي نفس المنحى، قضى المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) في قرار متميز له بما يلي: “حيث إنه ليس هناك ما يمنع قضاء الموضوع من مراجعة مبلغ الشرط الجزائي المبالغ فيه منعا لإثراء أحد المتعاقدين على الآخر”[67].
ويلاحظ من هذه الحيثية ضرورة الحد من الشروط الجزائية التعسفية، لئلا يحدث إثراء بلا سبب مشروع، هذا الإثراء الذي يهدم الالتزام التعاقدي، ويؤدي تبعا لذلك إلى عدم الاستقرار في مرحلة تنفيذ العقد.
الفقرة الثانية: الاتجاه المعارض للمراجعة
يتمسك الاتجاه المناهض لمراجعة الشرط الجزائي بمبدأ العقد شريعة المتعاقدين المقرر في الفصل 230 من ق.ل.ع وهذا ما يستشف وإن بطريقة غير مباشرة، من قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الذي جاء فيه : “الشرط الجزائي شرط اتفاقي وليس بوقتي ولا تهديدي وإنما هو اتفاق قابل للتنفيذ على حاله والأصل فيه عدم التخفيض وهو ما سار عليه اجتهاد هذه المحكمة والتي تؤكد أنه إذا ذكر في الاتفاق أن الطرف الذي يقضي في تنفيذه بدفع مبلغا معينا من النقود على سبيل التعويض فلا يجوز أن يعطى التعويض للطرف الآخر أكثر أو أقل …”[68].
نفس التوجه كرسه المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) حيث ورد في قرار له ما يلي: “قضاة الموضوع عندما اعتبروا فسخ العقد الرابط بين الطالبة والمطلوب في النقض فسخا تعسفيا لعدم وجود المبرر وقضوا بالرجوع مع أن العقد يبيح ذلك، بعلة كون الطاعن يصطدم بالمبدأ القانوني القائل بأنه لا يمكن الحكم بما لم يطلب، قد خرقوا مقتضيات الفصل 230 من ق.ل.ع وجعلوا قرارهم ناقص التعليل المنزل منزلة انعدامه مما يعرضه للنقض”[69].
وعند المفاضلة بين كلا الاتجاهين؛ المؤيد والمعارض لمراجعة الشرط الجزائي، نؤيد وبشدة الاتجاه المؤيد لمراجعة التعويض الاتفاقي لما في ذلك من ضمان تنفيذ الالتزامات التعاقدية دون إرهاق الطرف المخل بشروط جزائية مبالغ فيها، خاصة إذا اكتسب صبغة التعسف. غير أنه في المقابل من ذلك، فإنه لا تثريب على الاتجاه المعارض للمراجعة، نظرا لعدم وجود نص يخوله إمكانية تعديل التعويض الاتفاقي، ووجود الفصل 230 من ق.ل.ع الذي يرسي مبدأ العقد شريعة المتعاقدين. ومعلوم أن الاجتهاد لا ينقض بمثله، فالاتجاه المؤيد اجتهد، وكذا الاتجاه المعارض اجتهد، ويبقى مطلب وجود مقتضى قانوني يخفف من وطأة الشروط الجزائية ذي أولوية كبرى، وهو ما تم فعلا.
المطلب الثاني : تمظهرات العدالة التعاقدية في تعديل الفصل 264 من ق.ل.ع
تحركت الآلة التشريعة سنة 1995 فصدر القانون رقم 27.95 الذي أضاف إلى الفصل 264 من ق.ل.ع الفقرات الآتية : “يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على التعويض عن الأضرار التي قد تلحق الدائن من جراء عدم الوفاء بالالتزام الأصلي كليا أو جزئيا أو التأخير في تنفيذه. يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه أو الرفع من قيمته إذا كان زهيدا، ولها أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على الدائن من جراء التنفيذ الجزئي يقع باطلا كل شرط يخالف ذلك”.
ويبدو جليا من خلال فحص هذه المقتضيات أن المشرع تدخل من أجل كبح الحرية التعاقدية[70] والانتقاص من سلطان الإرادة والمتمثل في الفصل 230 من ق.ل.ع، ولم يشأ المشرع المغربي أن ينص على بطلان العقود المضمنة بشروط جزائية لوعيه بأهمية هذه الشروط التي تضغط على الملتزم بها وتدفعه إلى الوفاء بالتزامه، إلا أنه في المقابل، أعطى للقاضي سلطة تقدير التعويض الناتج عن الإخلال بالتزام التعاقدي[71]. والنهج الذي سلكه المشرع في هذا التعديل محمود، على أساس أنه يضمن العدالة التعاقدية من خلال تحييد الشروط الجزائية المطبوعة بالغلو أو الزهد وتعديلها، مما يجعل العقد متوازن من حيث مراكز أطرافه، كما أنه لا حاجة إلى إبطال العقد برمته مادام أنه في السلطة التقديرية الممنوحة للمحكمة ما يغني عن البطلان، حفاظا على العقد ما أمكن بقصد الوصول به إلى الوجهة المقصودة وهي تنفيده كالتزام تعاقدي.
وعلى العموم، فإن المشرع بموجب التعديل الطارئ على الفصل 264 من ق.ل.ع بالقانون 25.97 قد أعطى للقاضي سلطة التدخل من أجل :
– الرفع من قيمة التعويض الاتفاقي إذا كان هزيلا، مقارنة مع ما لحق الدائن من ضرر جراء التأخير في تنفيذه أو عدم التنفيذ أو التنفيذ الجزئي، وهنا تظهر العدالة التعاقدية في الرفع من مقدار التعويض إلى القدر الذي يجبر ضرر المدين، حيث إنه لا ضرر ولا ضرار.
– التخفيض من قيمة الشرط الجزائي إذا كان مبالغا فيه وهذه الحالة تعتبر الأكثر شيوعا والأكثر تهديدا للعدالة التعاقدية، فإن مراجعتها متوقفة على توفر بعض الشروط، أولا: أن تتسم هذه الشروط بالغلو والمبالغة، والمعيار في تحديد المبالغة هو الضرر الواقع فعلا. ثانيا؛ أن يكون المدين متسما بمبدأ الحسن النية[72]، في تعامله مع الالتزام الذي يربطه بالمتعاقد الآخر، وذلك بأن يكون عدم التنفيذ أو التأخر فيه خارج عن إرادته وأن لا تكون له نية مسبقة في الإضرار بالدائن.
وتتجلى العدالة التعاقدية هنا في أسمى مراميها؛ أولا في التلطيف من حدة الشروط الجزائي التعسفية والمبالغ فيها التي يترتب عن العمل بها اختلال فاحش في العقد[73] الأمر الذي يؤدي إلى ضياع طريقه نحو تنفيذ الالتزام التعاقدي، ويحسب للمشرع في هذه الحالة أنه منح للمحكمة في اجتثاث مثل هذه الشروط.
– هذا، ويمكن للقاضي أن يخفض من التعويض المتفق عليه آخذا بعين الاعتبار ما جناه الدائن من التنفيذ الجزئي.
ومن حسن صياغة التعديل التشريعي، أن جعل من النظام العام بحيث لا يجوز الاتفاق على مخالفته، إذ يقع باطلا كل شرط يخالف ذلك[74]. والمقصود كل شرط يخالف مقتضيات الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 264 من ق.ل.ع، وهي ضمانة ما بعدها ضمانة في سبيل جعل التعويض الاتفاقي آلية ناجعة في ضمان تنفيذ الالتزامات التعاقدية، دون إفراط ولا تفريط.
ولقد لاحظ أحد الباحثين[75] أنه على الرغم من الإيجابية التي قد تحظى بها عدم جواز مخالفة هذه المقتضيات، فإن هذه الإيجابية سرعان ما تصبح محل نظر، على اعتبار أن المخاطب هو المتعاقدان، وهي مسألة بديهية فقهيا وقضائيا في جوهر التعويض الاتفاقي، بل كان يجب أن يخاطب بالالتزام القضاء، لأنه هو الملزم في استعمال تلك السلطة.
ونحن لا نسايره هذا الرأي ، لأن المشرع حينما يخاطب المتعاقدين بنص تشريعي، فهو بالضرورة وبداهية يخاطب حتى القضاء، لأن هذا الأخير هو السلطة المعهود إليها بتطبيق النص القانوني، فلا يعقل أن يفصل بين الخطاب الموجه للمتعاقدين وبين ذلك الموجه للقضاء، فهذه تفرقة لا طائل منها، وتضر أكثر مما تنفع.
ولعل الشرط الجزائي في ضوء التعديل الذي حمله القانون 27.95 أحد أنجع الآليات الضامنة لتنفيذ الالتزامات التعاقدية لكونه يحمل طابعا تهديديا يشكل هاجسا للمتعاقد المدين، فيندفع بالتالي إلى السعي الحثيث لاستكمال تنفيذ الالتزام مخافة الوقوع في شراك دفع الشرط الجزائي الذي لا يمكن أن يكون إلا متناسبا مع مقدار الضرر الذي لحق الدائن، على اعتبار أن مقتضيات الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 264 جاءت قوية ومتينة للغاية في شأن ضمان عدالة الشرط الجزائي، وقد أبى المشرع إلا أن يزيد في قوة هذه العدالة حينما اعتبر هذه المقتضيات من صميم النظام العام.
خاتمة :
تبين من دراسة مقتضيات الشرط الجزائي أنه آلية فعالية تكفل ضمان تنفيذ العقود، كما أن التعديل الذي طرأ على الفصل 264 من قانون الالتزمات والعقود،
جعل من مطلب العدالة التعاقدية أمرا واقعا يمكن للعمل القضائي تكريسه في النوازل المتعلقة بالشرط الجزائي المبالغ فيه أو الزهيد على الخصوص.
وحتى يكون النظام القانوني للشرط الجزائي أكثر فعالية على ما هو عليه الآن، نلفت الإنتباه إلى بعض المقترحات التالية :
ضرورة تخصيص تنظيم قانوني واف للشرط الجزائي في قانون الالتزمات والعقود بدل فصل واحد.
ضرورة تنبيه الموثقين والعدول والحامون المكلفون بإبرام العقود الأطراف بقيمة وأهمية وخطورة الشروط الجزائية.
العمل على تعزيز الوظيفة التهديدية والتعويضية للشرط الجزائي.
تدخل المحكمة لتحقيق العدالة التعاقدية بتعديل الشرط الجزائي كلما تبين لها من وثائق الملف أنه غير عادل دونما حاجة لطلب الأطراف ذلك.
الهوامش :
[1]– القانون رقم 27.95 ، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.95.157 بتاريخ 13 من ربيع الأول 1416 (11 أغسطس 1996) الجريدة الرسمية عدد 4323 بتاريخ 6 شتنبر 1993، ص 2443.
مقال قد يهمك : اجتهاد قضائي:تسقط نفقة البنت الواجبة على والدها بمجرد زواجها
[2]– جاء في الفصل 230 ما يلي :” الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون.”
[3]– سعيد الدغيمر، تنفيذ الالتزام بمقابل أو بطريق التعويض قضائيا في التشريع المدني المغربي، أطروحة لنيل دكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالرباط، السنة الجامعية 1982/1981، ص 429.
[4]– فؤاد معلال، الشرط الجزائي في القانون المغربي، أطروحة لنيل دكتوراه في القانون الخاص، كلية سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم قانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، السنة الجامعية 1993/1992، ص 5.
[5]– محمد بالفقير،”حدود سلطة القاضي في تعديل التعويض الاتفاقي”، مقال منشور بكتاب قانون الالتزامات والعقود بعد مرور 100 سنة، سلسلة الندوات والأيام الدراسية العدد، 42 السنة 2013، مطبعة الوراقة، مراكش، الطبعة الأولى 2013، ص 433.
[6]– طلال المهتار، البند الجزائي في القانون المدني، أطروحة لنيل شهاد الدكتوراة، جامعة باريس للحقوق والاقتصاد والعلوم الإجتماعية، سنة 1974، ص41.
[7]– عبد الرزاق أيوب، سلطة القاضي في تعديل التعويض الاتفاقي، دراسة مقارنة،مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء الطبعة الأولى، 2003، ص 11.
[8]– فؤاد معلال، الأطروحة السابقة، ص 6.
[9]– طلال المهتار، مرجع سابق، ص 41.
[10]– فؤاد معلال، الأطروحة السابقة، ص 6.
[11]– فؤاد معلال، نفس المرجع، ص 7.
[12]– طلال المهتار، مرجع سابق، ص 42.
[13]– فؤاد معلال، الأطروحة السابقة، ص 8.
[14]– محمد بحماني، حماية المتعاقد من الشروط التعسفية – دراسة مقارنة -، أطروحة لنل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث، القانون المدني، جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء، السنة الجامعية 2006/2005، ص 200 و201.
[15]– لقد عرف أغلب الفقه عقد الإذعان على أنه هو العقد الذي يسلم فيه القابل (المستهلك) بشروط مقرر يضعها الموجب ( التاجر) لا يقبل مناقشته فيها، وذلك فيما يتعلق بسلعة أو خدمة تكون محل احتكار قانوني أو فعلي، أو تكون المناقشة محددة النطاق في شأنه أو في شأنها.
للتفصيل أكثر في الموضوع انظر : حسني محمود عبد الدايم، العقود الاحتكارية بين الفقه الإسلامي والقانون المدني، دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، الطبعة الأولى، سنة 2007، ص 35.
[16]– جاء في المادة 1152 من القانون المدني الفرنسي القديم ما يلي: “إذا ذكر في الاتفاق أن الطرف الذي يقصر في تنفيذه يدفع مبلغا معينا من النقود على سبيل التعويض، فلا يجوز أن يعطى لتعويض الطرف الآخر مبلغ أكثر أو أقل.”
[17]– د.عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظرية الالتزام بوجه عام، الاثباث-آثار الالتزام، الجزء الثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، طبعة 1998، ص 875.
[18]– محمد شكري سرور، موجز الأحكام العامة للالتزام في القانون المدني المصري، دار الفكر العربي، القاهرة، الطبعة الأولى، سنة 1985، ص 80.
[19]– محمد بحماني، مرجع سابق، ص 202.
[20]– د.فؤاد محمود معوض، دور القاضي في تعديل العقد، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، طبعة 2004، ص 327.
[21]– عبد المنعم موسى إبراهيم، حسن النية في العقود، دراسة مقارنة، منشورات زين الحقوقية، لبنان، طبعة 2006، ص 11.
[22]– فؤاد محمود معوض، مرجع سابق، ص 325.
[23]– أمجد محمد منصور، النظرية العامة للالتزامات، مصادر الالتزام، مطبعة برجي، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى، 2006، ص 91.
[24]– علي أحمد السالوس، فقه البيع والإستشاق والتطبيق المعاصر، دار الثقافة، قطر، الطبعة السابعة، 2008، ص 756.
[25]– عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص 851.
[26]-.أنور السلطان، النظرية العامة للالتزام، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 1997، ص 172.
[27]– طارق محمد مطلق أبو ليلي، التعويض الاتفاقي في القانون المدني، دراسة مقارنة، أطروحة استكمال الماجستير في القانون الخاص، جامعة النجاح الوطينة كلية الدراسات العليا، نابلس، فلسطين، السنة الجامعية 2007، ص 8.
[28]– عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، نظرية الالتزام بوجه عام، الاثباث-آثار الالتزام، الجزء الثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، طبعة 1998.، ص 852.
[29]– هشام علالي، الشرط الجزائي، مجلة المحاكم المغربية، عدد 155 شتنبر، أكتوبر، 2017، ص 101.
[30]– الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح أحكام القانون المدني الجديد، مطبعة دار إحياء الثراث العربي، بيروت، السنة 1984، ص 64.
[31]– د.إدريس فتاحي، الاتفاق على تعديل أحكام المسؤولية العقدية في القانون المغربي والمقارن، مطبعة الأمنية، الرباط، طبعة 2004، ص 51.
[32]– سعيد الدغيمر، مرجع سابق ، ص 429.
[33]-.محمود جمال الدين زكي، الوجيز في النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني المصري، مطبعة جامعة القاهرة، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1978، ص 758.
[34]– إدريس فتاحي، مرجع سابق، ص 51.
[35]– هشام علالي ، الشرط الجزائي ، مرجع سابق، ص107 و108.
[36]– فؤاد معلال، مستقبل الشرط الجزائي بعد صدور القانون رقم 27.95 بتاريخ 13 يوليوز، مجلة القانون والاقتصاد، عدد 14، سنة 1997، ص 91.
[37]– هشام علالي، الشرط.الجزائي، مرجع سابق، ص 108.
[38]– فؤاد معلال، مستقبل الشرط الجزائي بعد صدور القانون رقم 27.95 بتاريخ 13 يوليوز، مرجع سابق، ص 86.
[39]– هشام علالي، الشرط الجزائي ،مرجع سابق ، ص 108.
-[40]محمد بالفقير، حدود سلطة القاضي في تعديل التعويض الإتفاقي، مرجع سابق، ص 433.
[41]– فؤاد معلال، مستقبل الشرط الجزائي بعد صدور القانون رقم 27.95 بتاريخ 13 يوليوز، مرجع سابق، ص 86.
[42]– أنظر المادة 1152 من القانون المدني الفرنسي السالف الذكر.
[43]– عبد الرزاق أيوب، مرجع سابق، ص 27.
[44]– يطلق على التنفيذ العيني بالفرنسية “النفاذ الطبيعي” فالأصل في تنفيذ للالتزام أن يتم عينيا، أي أن يتم بأداء عين موضوع الالتزام، فإن لم يؤديه المدين انشغلت مسؤوليته ولزمه بالتالي لتعويض. للتوسع أكثر في الموضوع أنظر: ادريس العلوي العبد لاوي، النظرية العامة للالتزام، الإرادة المنفردة- الاثراء بلا سبب، المسؤولية التقصيرية- القانون، الجزء الثاني، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الاولى،2000، ص 105 وما بعدها.
[45]– سعيد الدغيمر، مرجع سابق، ص 328 .
[46]– فؤاد معلال، مستقبل الشرط الجزائي بعد صدور القانون رقم 27.95 بتاريخ 13 يوليوز، مرجع سابق، ص 95 و 96.
[47]– محمد بالفقير، حدود سلطة القاضي في تعديل التعويض الاتفاقي، مرجع سابق ، ص 433.
[48]– فؤاد معلال، مستقبل الشرط الجزائي بعد صدور القانون رقم 27.95 بتاريخ 13 يوليوز، مرجع سابق ،ص 96.
[49]– أحمد أبو العلاء، الجريمة من خلال علم الإجرام، من حيث الأسباب والعلاج، مطبعة الخليج العربي، تطوان، الطبعة الأولى، 2012، ص 14.
[50]– هشام علالي، الشرط الجزائي، مرجع سابق، ص 109.
[51]– فؤاد معلال، مستقبل الشرط الجزائي بعد صدرو القانون 27-95 بتاريخ 13 يوليوز، مرجع سابق، ص 60.
[52]– عبد الرزاق أيوب، مرجع سابق، ص 28 .
[53]– هشام علالي، مرجع سابق، ص 109.
[54]– عبد الرزاق أيوب، مرجع سابق، ص 29 .
[55]– قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، عدد 144، بتاريخ 1988/1/19، منشور بمرجع الحسن البوعيسي، كورنولوجيا الاجتهاد القضائي في مادة الالتزامات والعقود، دار الأمان الرباط، الطبعة الأولى 2004، ص 9 .
[56]– طلال المهتار، مرجع سابق، 51 .
[57]– عدنان إبراهيم السرحان ونوري حمد خاطر، شرح القانون المدني مصادر الحقوق الشخصية الالتزامات، مطبعة دار الثقافة للتصميم ولإنتاج، الطبعة الأولى، الإصدار الثالث، 2008. ، ص 105 .
[58]– عبد الرزاق أيوب ،مرجع سابق، ص 50 .
[59]– أيوب العنتير ، التوازن العقدي بين قانون الالتزامات والعقود وقانون تدابير حماية المستهلك، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، وحدة قانون الأعمال والمقاولات، جامعة محمد الخامس-السويسي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،السويسي-الرباط، السنة الجامعية 2011 -2012 ص 64.
[60]– المكرس بموجب الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود.
[61]– حتى يكون العقد عادلا، يجب أن يحصل كل طرف من أطراف العقد على منافع متكافئة ومتماثلة مع ما يحصل عليه الطرف الآخر من ذات العقد، مادام هذا الأخيرهو نتاج إرادة حرة مستنيرة، التي تشكل قوام العدالة التعاقدية.
للتفصيل أكثر في الموضوع راجع : ياسين منصوري، دور النظام العام الاقتصادي في تحقيق العدالة التعاقدية، مقال منشور بمجلة الإشعاع، عدد مزدوج 45/44، يونيو 2016، ص 159.
[62]– التعسف هو أن يمارس الشخص فعلا مشروعا في الأصل بمقتضى حق شرعي ثبت له أو بغير عوض أو بمقتضى إباحة مأذون فيه اشرعا على وجه يلحق بغيره الإضرارأو يخالف حكمة المشروعية .
للتعمق أكثر في الموضوع راجع : محمد رياض، التعسف في استعمال الحق على ضوء المذهب المالكي والقانون المغربي، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1992 ، ص 30.
[63]– نزهة الخالدي، الحماية المدنية للمستهلك ضد الشروط التعسفية-عقد البيع نموذجا-أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث القانون المدني، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال-الرباط، السنة الجامعية 2005-2004 ،ص 129.
[64]– ماجده عبد المجيد عبد المهدي المخاترة، سلطة القاضي في تحقيق التوازن العقدي، دراسة مقارنة، أطروحة لنيل شهادة الدكتورة في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، السنة الجامعية 2014/2013، ص 165.
[65]– ريما فرج مكي، تصحيح العقد- دراسة مقارنة، المطبعة الحديثة للكتاب، لبنان، الطبعة الأولى، 2011 ، ص 93.
[66]– قرار عدد 748، صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بتاريخ 1985/03/07 في الملف المدني عدد83/2759، أوردته نزهة الخالدي، في الاطروحة السابقة، ص 129.
[67]– قرار عدد 977 ملف مدني عدد 3874/85 ،ذكرته نزهة الخالدي في الأطروحة السابقة، ص 130.
[68]– قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، عدد 144، بتاريخ 19 يناير 1988، منشور بالمجلة المغربية للقانون، عدد 17، سنة 1988، ص 138.
[69]– قرار صادر عن محكمة النقض،” المجلس الأعلى سابقا” عدد 144، بتاريخ 19 يناير 1988، منشور بالمجلة المغربية للقانون، عدد 17، نفس المرجع، ص 138.
[70]– الحرية التعاقدية هو ذلك المبدأ الذي يحكم فترة انعقاد العقد، والذي يحدد الطرف المراد التعاقد معه، إذ يمكن للشخص الإقدام على عملية التعاقد من عدمه، بالإضافة إلى الحرية في تحديد شروط العقد و مضمونه .للتوسع أكثر في الموضوع أنظر مازن القضاوي، مبدأ سلطان الإرادة بين الإطلاق وإكراهات التوازن التعاقدي- بيع العقاري نموذجا- رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2014/2013 ، ص 16.
[71]– عبد الرزاق حباني، التوجهات الحديثة في العقد، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء، السنة الجامعية 1998، ص 65.
[72]– يلعب مبدأ حسن النية دورا مهما في العلاقة التعاقدية، سواء عند إبرام العقود أو عند سريانها. كما أن القانون يرغب دائما بأن تنفذ الالتزامات التعاقدية بحسن نية، ولقد حاول بعض الفقه تعريف هذا المبدأ بأنه تصرف بأمانة وصدق مع المتعاقد الآخر بعيدا عن الاستغلال اللامعقول لوضعيته القانونية والمالية والاجتماعية .للتوسع أكثر في الموضوع أنظر : يعقوب إدريس، المصدر التاريخي لمبدأ حسن النية ودوره في تمديد عقد الكراء ، مجلة القصر،عدد 25، يناير 2010 ، ص 53 وما بعدها.
[73]– جميلة لعماري، أبعاد الإرادة العقدية في التشريعين المغربي والمقارن، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث، القانون المدني،جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، عين الشق -الدار البيضاء، السنة الجامعية 2002/2001، ص302 .
[74]– الفقرة الأخيرة من الفصل 264 من قانون الالتزامات والعقود.
[75]– خالد الفكاني ، أثر تغيير الظروف الاقتصادية على العقد، أطروحة لنيل الدكتورة الوطنية في الحقوق، تخصص قانون خاص، وحدة التكوين والبحث القانون المدني، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال-الرباط، الموسم الجامعي2013/2014، ص 261.
اترك تعليقاً