القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي
مهند عزمي مسعود أبو مغلي
عين شمس الحقوق القانون الدولي طالب الدكتوراه 2005
ان عملية الحياة في دوران واستمرار، ولما كانت الحياة الاقتصادية ترتبط مع عملية الحياة وجوداً أو عدماً ، وكون البيئة القانونية هي الأساس للارتقاء بمستوى المعيشة والتطور الاقتصادي ، فإنه يتعين وجود تنظيم قانوني يسبق أي شكل من أشكال التطور الحضاري مقدماً له مفتاح الارتقاء والازدهار.
ومن الوسائل التي أكدت القوانين كافة ، على ضرورة مراعاتها لما تمثله من دور فعال لرفع المستوى المعيشي ، فضلاً عن المستوى الاقتصادي ، هنالك الإرادة ـ إرادة المتعاقدين ـ في تحمل الالتزامات والتمتع بالحقوق سواء على الصعيد المحلي أو الصعيد الدولي .
وقد تجلى دور الإرادة في إبرام العقود على الصعيد الدولي لما تحمله هذه العقود غالباً من دور مالي يفوق مثيله من العقود المحلية ، وهو الأساس الذي قامت عليه العقود الدولية ، إلى جانب دور التشريعات في توفير الحماية القانونية اللازمة لتنفيذ هذه العقود المرتكزة إلى إرادة المتعاقدين في تحديد الأطر القانونية التي تحكم الالتزام العقدي .
ومن أولى هذه الأطر القانونية في تنظيم مسائل العقد تحديد القانون الذي يحكم العقد في حال أدنى خلاف وقع في تنفيذ العقد الدولي .
ولقد كان تنازع القوانين في مسائل العقود الدولية من أهم مسائل القانون الدولي، وما زال من أدقها على صعد فنيتها واتساع مجالها .
وعلى ضوء ذلك ، فإن الأمر يدعونا إلى تحديد المقصود بالعقود الدولية للوصول إلى تحديد القانون الواجب التطبيق بشأنها ، بحيث تخرج العقود التي لا تعد من عقود المبادلات التجارية . ويقتصر بحثنا على عقود التجارة الدولية ، والمتمثلة بعقود التجارة الإليكترونية ووسائل فض منازعاتها في ضوء مشكلة تنازع القوانين والمتمثلة بالتحكيم .
وعلى ضوء ذلك فإن العقود التي ستكون محلاً لهذه الدراسة تتمثل بعقود التجارة الدولية، وبالتالي يخرج من نطاقها عقود الأحوال الشخصية وعقود العمل وعقود المعاملات المالية العقارية وغير العقارية أو العقود المتعلقة بالعلاقات الاقتصادية الدولية مثل البيوع الدولية للمنقولات المادية وغير المادية . ولا يؤثر على طبيعة عقود التجارة الدولية التي ارتبطت بنشأة القانون الدولي الخاص وفقاً لمضمونه الحديث أن تكون الدولة أو أحد مشروعاتها العامة طرفاً بالعقد ، كون انتقلت الدولة كطرف متعاقد من المتعاقد الحارس إلى المتعاقد المشارك ، بحيث صارت الدولة شريكاً في مسرح الحياة الخاصة الدولية بوصفها مشترية أو بائعة أو مقترضة وذلك وفقاً لنماذج عقود المشروحات العامة الوطنية والشركات الأجنبية كعقود الاستثمار وعقود الأشغال العامة وعقود التعاون الصناعي وعقود نقل التكنولوجيا وعقود المساعدات الفنية وعقود المنشآت الصناعية ، وخير شاهد على ذلك في عقود تسليم المفتاح وعقود تسليم المنتج في اليد وعقود تسليم التسويق في اليد .
وعليه فإذا استبعدت جميع العقود الدولية التي لا يكون محلاً لها المبادلات التجارية فإن محور دراستنا سيقتصر على عقود التجارة الدولية وذلك على صعيد بيان ماهية العقد الدولي الإلكتروني ومسائل فض منازعاته في ميدان تنازع القوانين من خلال التحكيم وصولاً إلى تحديد القانون الواجب التطبيق .
ولما كانت عقود التجارة الدولية تخضع في أحكامها إلى الأحكام العامة في التعاقد وخاصة تحديد دور سلطان الارادة في ظهورها إلى حيز الوجود الأمر الذي دفعنا في هذه الدراسة إلى دراسة الأحكام المتعقلة بقانون الاردادة بغية الوصول الى تحديد نطاق خضوع التجارة الدولية لقانون الارادة ودراسة الاحكام المتعلقة والآثار الناجمة عن إعماله في هذا الإطار بالقدر الذي تقتضيه متطلبات حل مشكلة تحديد القانون الواجب التطبيق في عقود التجارة الدولية في ضوء مسألة تنازع القوانين . والأصل في خضوع عقود التجارة الدولية لقانون الإرادة يقتصر على الجانب الموضوعي للعقد في مجال تكوين العقد وشروط انعقاده الموضوعية في التراضي والمحل والسبب من ناحية ومن ناحية أخرى ما يتعلق بآثار العقد بالنسبة للأشخاص أو موضوعه والتزامات الفرقاء فيه وأساس المسؤولية نظراً لتحديد القانون الواجب التطبيق بشأنها .
وعلى ضوء ما تقدم فإن المحاور الرئيسية لدراستنا ستشمل العقد الدولي ماهيةً وقواعد واثار ومدى خضوع هذا العقد في أحكامه الموضوعية لقانون الإرادة وللصلة الوثيقة بين العقد الدولي بالعقد الإلكتروني والذي يعد الصورة المثلى لعقود التجارة الدولية تطرقت دراستنا لماهية هذا العقد وقواعده وآثاره ووسائل فض منازعاته في إطار مشكلة تنازع القوانين المتمثلة بالتحكيم بغية الوصول إلى تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي بمضمونه الكامل.
إن دراسة القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي تبرز أهمية تحديد مفهوم ومعيار العقد الدولي ونطاق خضوع أحكام العقد الدولي لقانون الإرادة على صعيد القانون الوضعي والقانون الدولي الخاص .
كما تبين هذه الدراسة مفهوم العقد الدولي من خلال بيان وضع الاتجاه الفقهي في تعريف العقد والاتجاه التشريعي له ، وبنفس الوقت ولما كان العقد الإلكتروني هو الصورة الواضحة للعقد الدولي في مجال عقود التجارة الدولية ويمثل المحور الرئيسي هذه الدراسة اقتضى الأمر في تحديد ماهية العقد الإلكتروني ودراسة أحكام التراضي فيه ، ودور العنصر الزماني والمكاني في إبرامه ودراسة أحكام إثباته على صعد المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني .
ومن ناحية أخرى ولما كان العقد الدولي في مجال القانون الواجب التطبيق تثور فيه المنازعات على صعد الانعقاد والتنفيذ والآثار فإن هذه الدراسة تحاول تحديد مدى ملائمة قواعد الإسناد التقليدية في حل تلك المنازعات في ضوء قواعد الإسناد للرابطة العقدية في مجاليها الجامد والمرن، والأثر المترتب على تعطيل قواعد الإسناد والبحث عن الوسائل الناجعة لفض هذه المنازعات بوسائلها المعاصرة والتي أهمها التحكيم ، وبنفس الوقت معالجة هذه المحاور على صعد المنازعات العقدية الإلكترونية .
– وما دام أن التحكيم هو من وسائل فض منازعات عقود التجارة الدولية الإلكترونية فإن هذه الدراسة تهدف إلى تحديد دور هذا التحكيم في فض تلك المنازعات وذلك من خلال رسم مفهوم ومزايا التحكيم وسلطان المحكم في اختيار القانون الواجب التطبيق والتزاماته في مواجهة المحتكمين والآثار الناجمة عن قراراته من حيث التزامات المحكم وبطلان حكم التحكيم .
– كما بينت هذه الدراسة خلاصة لموضوعها والنتائج التي توصلت إليها والتوصيات التي تلفت النظر للعناية بها.
إبرازا لأهداف هذه الدراسة فإن منهجيتها لبحث موضوع القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي ستكون دراسة تحليلية تأصيلية للفكر الدولي في ضوء اجتهاد القضاء الدولي وأحكام المحكمين بغية الوصول إلى نظرية متكاملة لأحكام القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي .
إظهاراً لأهداف البحث وإبرازا لمنهجيته فإن محاور دراسة موضوع هذا البحث (القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي ) ستكون ببيان ودراسة أحكام العقد الدولي من حيث مفهوم ومعيار العقد الدولي ومدى خضوع هذا العقد لقانون الإرادة وصولاً لتحديد مدلول الإرادة ودراسة أحكامها على صعد القانون الوضعي وفكرة قانون الإرادة وتطورها في القانون الدولي الخاص ، ومفهوم العقد الدولي من حيث الاتجاه الفقهي في تعريفه والاهتمام التشريعي في تحديده ومحاولة رسم معيار محدد للعقد الدولي .
ومن ناحية أخرى الوقوف على أحكام العقد الإلكتروني ماهيةً من حيث دراسة فكرة التراضي والنطاق الزماني والمكاني وكذلك دراسة مسألة إثباته على صعد المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني ومن جانب أخر دراسة الناحية العملية في العقد الدولي في نطاق القانون الواجب التطبيق على صعد أحكام المنازعات وقواعد حلها ووسائل فض منازعاتها وذلك من خلال دراسة قواعد الإسناد التقليدية ومدى ملائمة تطبيقها على عقود التجارة الدولية الإلكترونية في مجال قواعد الإسناد للرابطة العقدية بمجاليها الجامد والمرن وتحديد آثار تعطيل قواعد الإسناد وكذلك دراسة هذه الأفكار على صعد المنازعات العقدية الإلكترونية .
ومن ناحية ثالثة، ولما كان التحكيم الوسيلة الدولية المعاصرة في فض منازعات عقود التجارة الدولية الإلكترونية فإن هذه الدراسة ستتناول بحث موضوع مفهوم ومزايا التحكيم من حيث تحديد تعريف التحكيم وسلطة المحكم في اختيار القانون الواجب التطبيق وتحديد التزامات المحكم في مواجهة المحتكمين والآثار الناجمة على صدور الحكم في تلك المنازعة موضوع التحكيم.
وستنهى هذه الدراسة بخاتمة تحدد خلاصة موضوعها والنتائج المتوصل إليها والتوصيات التي يتعين أخذها بالاعتبار على صغد التنظيم الدولي لأحكام نظرية القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي .واتماماً للفائدة من هذه الدراسة وموضوعها سيتبعها بملاحق تمثل النصوص القانونية على مستوى الشرعة الدولية والتشريعات الوطنية الماسة بتنظيم أحكام العقد الدولي والتجارة الإلكترونية.
إن فكرة القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي تلقي الضوء على ماهية العقد الدولي مفهوماً وأحكاماً ونظاماً قانونياً وتحدد قواعد إبرامه وإثباته وإجراءاته وصوره المظهرة للتجارة الدولية ووسائل فض منازعاته المتمثلة بالتحكيم .
وان دراسة فكرة القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي بهذه المثابة تشكل آلية قانونية تبرز فنية ودقة العقد الدولي من حيث بيان مفهومه وكيفية إبرامه ومعالجة الآثار الناجمة عن انعقاده ووسائل فض المنازعات الناشئة عن إعمال مبدأ سلطان الإرادة في ضوء تحديد القانون الواجب التطبيق لحل مسألة تنازع القوانين بشأنها وتأتي هذه الفنية في تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي من خلال الموازنة بين دور المعيار القانوني التقليدي الذي يكشف عن دولية الروابط العقدية في هذا الشأن والتي تقتضي تضمينها لعنصر أجنبي أو اكثر وأن يكون موضوع العقد الدولي متعلقاً بمصالح التجارة الدولية مع الآخذ بعين الاعتبار انه يتعين أن تتعدى تلك الآثار إطار الاقتصاد الوطني من خلال انتقال الأموال أو الخدمات خارج نطاق الخضوع لسيادة الحدود .
وبنفس الوقت لابد من توافر العنصر المؤثر الفعال بغية الدمج بين المعيار الموسع والمعيار المضيق مع مراعاة أثر المعيار الاقتصادي دون الاقتصار في تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي غلى معيار دون اخر، بل ان مسالة تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي تأخذ بعين الاعتبار الدور المتكافئ أو المتعادل لهذه المعايير الثلاث ، بحيث يؤخذ بعين الاعتبار المعايير التقليدية في تحديد القانون الواجب التطبيق سواء على صعد قواعد الإسناد الجامدة والمرنة وأعمال اثر انتقال الأموال أو الخدمات إلى خارج الحدود ومعيار تعلق تلك العقود بالمبادلات التجارية الدولية ومراعاة أثر العوامل المؤثرة والمحايدة ، مما يمكن من صياغة معياراً متوازن على أساسه يحدد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي.
وعليه فإن المعيار الذي يتعين أن يؤخذ به في تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي هو المعيار المتوازن الذي يأخذ بعين الاعتبار المعيار التقليدي المتمثل بقواعد الإسناد والصفة الدولية المتعلقة بالتجارة الدولية بحيث يكون هناك عنصر أجنبي أو أكثر بين فرقاء العقد ويتعلق الأمر بانتقال الأموال والخدمات عبر الحدود أخذاً بفكرة المعيار الاقتصادي وان يكون هذا العنصر الأجنبي يحقق هذا الأثر سواء كان مؤثراً أو محايداً في مضمون هذا العقد.
وانطلاقاً من ذلك فإن تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي يتعين أن تؤخذ بموجبه وفي ضوء مسألة تنازع القوانين الأثر الفعال للمعايير التقليدية في القانون الدولي الخاص والوسائل المعاصرة القائمة على رعاية دور خضوع عقود التجارة الدولية لقانون الإرادة على صعيد العقود الدولية والتي تهم موضوع دراستنا والمتمثلة بعقود التجارة الإلكترونية لذلك فان الأهمية العلمية لموضوع دراستنا يتمثل بتكريس المعيار المتوازن في تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي.
أما الأهمية العملية لموضوع دراستنا فيمكن إجمالها بأن العقد الدولي والمتمثل بعقود التجارة الإلكترونية فإن وسائل تحديد القانون الواجب التطبيق على المنازعات الناشئة عنه يتعين أن تكرس فكرة فض المنازعات على الصعيد الدولي والمتمثلة بالتحكيم من خلال تفعيل دور قواعد الإسناد في فض منازعات عقود التجارة الإلكترونية للرابطة العقدية على صعدها المرنة والجامدة وإيجاد البدائل لفض تلك المنازعات في حال تعطل قواعد الإسناد إذا توافرت موجبات تعطلها ، وبنفس الوقت رسم أحكام القانون الواجب التطبيق المتعلقة بالتحكيم واختيار القانون الواجب التطبيق من قبل المحكم والتزاماته وبطلان حكمه.
إن العقد الدولي يعبر عن التطور الاقتصادي والارتقاء في التنظيم القانوني على الصعيد الدولي الأمر الذي يعني أن العقد الدولي يخضع لمفهوم ومعيار محدد في مدلوله وقواعد إيجاد كيانه من حيث شرائطه الشكلية والموضوعية وأحكامه وآثاره.
لذلك روعيت معايير محددة في شرائطه الشكلية والموضوعية من حيث الماهية والقواعد والإجراءات والآثار.
ومن أهم المبادئ التي تحكم العقد الدولي في مقومات وجوده على الواقع هو خضوعه لقانون الإرادة والتي تخضع لمدلول لغوي ومدلول اصطلاحي.
مما يعني اتجاه إرادة ذوي الشأن في العقد إلى اختيار القانون الواجب التطبيق على موضوع عقدهم، والذي يكون ميدان تطبيقه العقد الدولي من خلال معيار تحديد الطابع الدولي للرابطة العقدية والتي ذهب التوجه الفقهي والتشريعي إلى تفعيله على الواقع من خلال معيار التوازن الذي يجمع بين المعيار القانوني الموسع والمعيار القانوني المضيق من خلال تكريس فكرة المعيار التقليدي لقواعد الإسناد والمعيار الاقتصادي ومعيار التعلق بالصفة التجارية الدولية.
ولقد كانت الصفة المميزة للعقد الدولي ووسيلته العملية المتمثلة بالعقد الإلكتروني والذي يخضع في وجوده إلى الأحكام العامة للعقد مع الآخذ بعين الاعتبار بصورة خاصة لإثباته من خلال شروط الكتابة في المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني.
وهذا يعني أن تحديد مفهوم العقد الدولي ودور الإرادة في تنظيم أحكامه الموضوعية واثر وجود هذه الأحكام الموضوعية المتمثلة بالعقد الإلكتروني تمثل الجانب النظري لأحكام نظرية تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي وهو ما تم بحثه في الباب الأول من هذه الدراسة.
وأما ومن الجانب الآخر والمتمثل بالجانب العملي من هذه الدراسة وهو ما يخص منازعات العقد الدولي والقانون الواجب التطبيق في إطار مشكلة تنازع القوانين فإن هذه الدراسة عالجت أثر قواعد الإسناد التقليدية وتحديد مدى ملاءمتها للتطبيق على عقود التجارة الإلكترونية وذلك من خلال بيان أثر قواعد الإسناد على الرابطة العقدية بجوانبها الجامدة والمرنة.
والتي تخضع بالنتيجة تلك المنازعات واثار تلك الرابطة العقدية إلى قواعد الإسناد التقليدية مع مراعاة مقتضيات المعيار المتوازن من خلال مراعاة فكرة النظام العام والغش نحو القانون كما عالجت هذه الدراسة الحلول على صعد المنازعات العقدية الإلكترونية في ضوء قواعد الإسناد التقليدية جامدة ومرنة في حالة تعطل قواعد الإسناد ، وذلك من خلال تطبيق قانون دولة القاضي.
وترجمة لفكرة العقد الدولي بصورتها الناصعة في عقود التجارة الإلكترونية ووسائل حل منازعاتها المعاصرة والمتمثلة بالتحكيم والتي تناولت الدراسة تحديد مفهوم ومزايا التحكيم في إطارها ودور المحكم وسلطانه والتزاماته واثار حكمه والتي عالجتها الدراسة بغية تحديد القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم لفض منازعات عقود التجارة الدولية الإلكترونية لكن ذلك في إطار حلول مشكلة تنازع القوانين.
ومن خلال معالجة هذه الدراسة للجانب العملي والعلمي لموضوعها (القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي) يتوصل إلى رسم أحكام نظرية عامة لهذا الموضوع للربط بين واقع دولية العقد ووسائل فض منازعاته المعاصرة بالتحكيم للوصول بالنتيجة إلى تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي من خلال تكوينه ووسائل فض منازعاته على صعد الماهية والأحكام والإجراءات والآثار.
نتائج الدراسة:
إن النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة ومن خلال خلاصة موضوعها تتمثل بمايلي :
1- إن معيار الإرادة التي تخضع له عقود التجارة الدولية يتمثل بتوجه إرادة ذوي الشأن لإعمال موضوع العقد وفقاً للقصد والاختيار في إطار حسن النية وتنفيذ ما اشتمل عليه العقد.
2- لقد روعيّ مبدأ سلطان الإرادة واثار تفعيله على اتفاقات ذوي الشأن في القانون الدولي الخاص وذلك من خلال اتجاه إرادة الفرقاء إلى أعمال اتفاقهم على الواقع رغم وجود سمة الدولية في اتفاقهم .
3- إن المعيار الحقيقي في دولية العقد يمثل المعيار المتوازن الذي يقوم على الأثر المتكافئ للعامل التقليدي والمتعلق بالتجارة الدولية والمعيار الاقتصادي وذلك تفعيلاً للمعيار القانوني الموسع والمعيار القانوني المضيق في تحديد الطابع الدولي للرابطة العقدية.
4- ساد التوجه للاخذ بالمعيار المتوازن للصفة الدولية في الرابطة العقدية على الواقع الفقهي والتوجه التشريعي.
5- إن الصورة الجلية للعقد الدولي تمثلت بعقد التجارة الإلكترونية والذي يخضع في وجوده للفكرة التقليدية في التراضي والشرط الشكلي في الإثبات من خلال تطلب وجود الكتابة في المحررات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني بحيث تعد الكتابة شرط إثبات.
6- إن تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي يظهر واقعه العملي من خلال مدى ملائمة قواعد الإسناد التقليدية لفض منازعات عقود التجارة الإلكترونية سواء على صعيدها الجامد او على صعيدها المرن.
7- إن الوسيلة الفعالة في فض المنازعات الناشئة عن العقد الدولي في حالة تعطيل قواعد الإسناد هي تطبيق قانون دولة القاضي.
8- إن التحكيم هو الوسيلة الناجعة في فض منازعات العقد الدولي بصورته الإلكترونية مع غلبة التحكيم المؤسسي في صنع هذه الحلول.
9- إن صحة الإجراءات في التحكيم ونطاق سلطة المحكم والآثار الناجمة عن صدور قراره تخضع لأحكام التنظيم القانوني الدولي المؤسسي من خلال مراعاة قواعد وإجراءات التحكيم على المستوى الوطني والدولي.
وعلى ضوء خلاصة موضوع هذه الدراسة والنتائج المتوصل إليها فإن هذه الدراسة توجه العناية للاهتمام بالجوانب الآتية :
1- بناء منظومة تشريعية على المستوى الدولي تحدد معيار الصفة الدولية للرابطة العقدية يلجأ إليها وتفعيل أحكامها في حال عدم وجود اتفاق بين ذوي الشأن من تكوين العقد الدولي إلى تنفيذ مضمونه.
2- مراعاة أن الأولى بالرعاية والتطبيق هو ما ذهبت إليه إرادة ذوي الشأن في كيان العقد الدولي واختيار القانون الواجب التطبيق بشأن اتفاقهم.
3- رسم آلية فض منازعات العقد الدولي بصورته الإلكترونية والعادية تحقيقاً لمبدأي الاقتصاد في الإجراءات ومنع اطالة أمد التقاضي.
4- تفعيل دور قانون دولة القاضي في حال تعطل قواعد الإسناد في تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي بكافة صوره ومجالاته.
5- مراعاة ظروف واسباب الآمان في إجراءات التقاضي وحماية مصالح الخصوم في العلاقات التحكيمية على صعيد اختيار القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي.
6- حماية فكرة النظام العام والخصوصية التحكيمية في حلول ووسائل فض المنازعات الناجمة عن العقد الدولي في ضوء مشكلة تنازع القوانين.
7- تجذير الدور الفعال لقواعد الإسناد التقليدية في فض منازعات العقد الدولي جمعاً للتقليدية والمعاصرة.
8- صياغة شروط القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي وفض المنازعات الناجمة عنه وفقاً لقواعد محددة يتعين رسم أحكامها على مستوى التشريع الوضعي والدولي.
9- الحرص على فعالية إرادة ذوي الشأن في حماية مصالحهم العقدية على النطاق الدولي في ميدان التجارة الإلكترونية.
10- تفعيل شروط إعادة وصلاحية تعديل توجهات إرادة ذوي الشأن على ضوء الظروف الطارئة بعد إبرام العقد الدولي بالشكل الذي تراعى فيه مصالحهم منعاً لأثار الالتزام المرهق لأطراف العقد الدولي.
11- تفعيل دور القاضي الوطني في تعديل شروط العقد منعاً لاستغلال الحاجة ودفعاً للغش والتدليس والتقدير المبالغ فيه.
12- يتعين أن تبقى القواعد القانونية التقليدية وخاصة قواعد الإسناد هي الأساس في بناء الشرعة الدولية في مجال تنظيم نظرية القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي.”
اترك تعليقاً