بحث قانوني حول القبض أو الحجز بدون وجه حق

القبض أو الحبس أو الحجز بدون وجه حق

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

النص القانوني وعلة التجريم :
• وترجع علة التجريم هنا إلى أن الاعتداء على حرية الإنسان يعد انتهاكا صارخا لأبسط قواعد السلوك الإنساني وحرمانا لحق الإنسان فى التمتع بحريته وهو حق طبيعي لا يجب أن يقيد طالما أن الإنسان يمارسه فى نطاق الشرعية والقانون

المبحث الأول أركان الجريمة
تحديد أركان الجريمة :
يبين من نص المادة 280 عقوبات أن جريمة القبض أو الحبس أو الحجز بدون وجه حق تقوم على ركنين اثنين الركن المادي والركن المعنوي
الركن المادي :
يقوم الركن المادي على عنصرين اثنين

الأول : نشاط إجرامي يتخذ صورة القبض أو الحبس أو الحجز
الثاني : أن يكون هذا النشاط بغير وجه قانوني
أولا : القبض أو الحبس أو الحجز :
يتخذ الفعل المكون للركن المادي فى هذه الجريمة صور ثلاثة : القبض أو الحبس أو الحجز وتشترك هذه الصور فى كونها تمثل حرمان المجني عليه من حرية التجول والانتقال مدة زمنية طالت هذه المدة أم قصرت ويتميز القبض بأنه يتحقق بإمساك المجني عليه وتقييد حركته وحرمانه من حريته من التجول كما يريد دون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة والحبس فهو احتجاز الشخص فى أحد السجون أما الحجز فيقصد به حرمان المجني عليه من حرية التجول فترة من الوقت ويتمثل ذلك فى أمر المجني عليه بعدم التجول أو تهديده حتى لا يتجول أو احتجازه فى مكان خاص
ويكتفي المشرع لتحقيق الركن المادي بأحد هذه الأفعال القبض أو الحبس أو الحجز فقد يقع القبض دون أن يتبعه حبس أو حجز كما إذا قبض على شخص ثم اطلق سراحه وقد يقع الحجز دون أن يسبقه قبض كما لو حجز المدرس تلميذه فى مدرسة أو صاحب الفندق الذى يحتجز العميل الذى امتنع عن دفع الأجرة
وينبني على ما تقدم أن القبض والحبس والحجز وأن كانت صورا ثلاثة لا يتحقق الركن المادي للجريمة إلا بتوافر أحداها باعتبارها صورا متعادلة تشترك فى عنصر واحد هو حرمان الشخص من حريته وقتا طال أو قصر لكن كلا منها يشكل جريمة مستقلة قائمة بذاتها سواء من حيث طبيعتها أو من حيث أركانها
وإذا وقع الفعل فى إحدى الصور سالفة الذكر فإنه يستوي أن يكون الجاني فردا عاديا أو موظفا عاما كما يستوى أن يقع الفعل بنشاط إيجابي أو بمجرد الامتناع

ثانيا – أن يقع الفعل بدون وجه حق
عبر المشرع عن هذا الشرط بقوله فى المادة 280 من قانون العقوبات بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفى غير الأحوال التى تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوى الشبهة ويقصد به ألا يوجد سبب يبيح الفعل كالقبض أو الحبس أو الحجز استعمالا للسلطة أو استعمالا للحق فقد أعطي قانون الإجراءات الجنائية مأمور الضبط القضائي أن يأمر القبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه فى أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح التى يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر كما أن لكل من شاهد الجاني متلبسا بجناية أو جنحة يجوز فيها قانونا الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه

الركن المعنوي :
جريمة القبض أو الحبس أو الحجز بغير وجه قانوني جريمة عمدية يتخذ الركن المعنوي فيها صورة القصد الجنائي وهو يقوم على عنصرين هما : الإرادة والعلم فيجب أن تتجه إرادة الجاني نحو ارتكاب الفعل وإلى حرمان المجني عليه من حرية التجول بغير وجه قانونا مع العلم بأن فعله إنما يكون عدوانا على الحق الذى يحميه القانون أى أن من شأن فعله أن يحقق النتيجة المعاقب عليها
وعلى ذلك إذا انتفي لدى الجاني الإرادة أو العلم انتفي القصد الجنائي فإذا أكره الجاني أكراها ماديا على حجز شخص فى مكان ما فأنه لا يعد مرتكبا لهذه الجريمة إذ أن إرادته لم تتجه حرة مختارة على إتيان هذا الفعل كذلك الشأن حالة من يغلق مكانا يوجد بداخله شخص معتقدا على خلاف الواقع أن بإمكان هذا الشخص أن يغادر المكان من باب أخر أو أن يغلق باب محله بعد خروجه معتقدا خلاف للحقيقة بعدم وجود شخص بداخله ففى هذه الحالات لا تقوم الجريمة لانتفاء القصد الجنائي
وجدير بالذكر أن الجهل بواقعة معينة هو انتفاء العلم بها وهو أمر سلبي أما الغلط فيها فهو علم بها على نحو يخالف الحقيقة وهو أمر إيجابي فإذا تطلب المشرع العلم بالعناصر الواقعية للجريمة لتوافر القصد الجنائي فمعني ذلك أن الجهل أو الغلط فيها ناف لهذا القصد فالجهل بهذا النوع من الوقائع أو الغلط فيه يعد جهلا أو غلطا جوهريا ينتفي به القصد والأمثلة سالفة الذكر تؤكد هذا المعني
ولا عبرة بالباعث على ارتكاب جريمة القبض أو الحبس أو الحجز بدون وجه حق فالباعث ليس ركنا من أركانها أو عنصرا من عناصرها فلا أثر له من الناحية القانونية فى الجريمة وجودا وعدما

العقوبة :
يعاقب المشرع على جريمة القبض على شخص أو حبسه أو حجزه بدون وجه حق بالحبس أو بغرامة مائتي جنيه أى أن المشرع اعتبر هذه الجريمة جنحة على عكس ما اتبعه المشرع الفرنسي الذى اعتبرها جناية وقرر لها عقوبة السجن عشرين عاما

المبحث الثاني
الظروف المشددة لعقوبة القبض بدون وجه حق
تحديد الظروف المشددة :
اعتد المشرع ببعض الوسائل التى يلجأ إليها الجاني فى ارتكاب القبض بدون وجه حق فجعل منها ظروف مشددة للعقاب على الجريمة المنصوص عليها فى المادة 280 وجدير بالملاحظة أن المشرع وأن اقتصر فى بيان الظروف المشددة على القبض إلا أن هذه الظروف تسرى أيضا فى حالة الحبس أو الحجز بدون وجه حق فلا يعقل أن يكون المشرع قد قصد بالمادة 282 عقوبات تشديد العقوبة فى حالة القبض فقط مع أنه اخف من الحجز أو الحبس وهذه الظروف هى :

1-التزى بدون وجه حق بزي مستخدمة الحكومة :
ويقصد بالزنى هنا الزى الرسمي الذى يرتديه بعض موظفي الحكومة كرجال الشركة أو الجيش فتزى المتهم بزي أحد هؤلاء يسهل له ارتكاب الجريمة حيث أن المتهم يستغل ثقة المجني عليه فى السلطات العامة كما يستغل أيضا واجب الأفراد إطاعة القوانين واللوائح
ويتعين لتوافر هذا الظرف المشدد أن يرتدى أحد الجناة الزى الرسمي أو يضع العلامة المميزة بطريقة غير مشروعة فإذا استعان الموظف بزيه الرسمي الصحيح فإن هذا الشرط لا يتحقق

2-الاتصاف بصفة كاذبة :
الصفة هى المركز الذى يتبوأه الشخص بحكم وظيفته أو مهنته ويمنح صاحبه سلطات أو مزايا معينة يستطيع أن يباشرها أو يتمتع بها وعلى ذلك فالاتصاف بصفة كاذبة هو أن ينسب الجاني لنفسه بغير حق صفة شخص له سلطة القيام بالقبض أو الحبس أو الحجز ولا يشترط أن يكون ذلك مصحوبا بانتحال اسم هذا الشخص كأن ينتحل الجاني صفة وكيل النيابة لإلقاء القبض على شخص ما

3-إبراز أمر مزور مدعي صدوره من جانب الحكومة :
يقصد بالأمر المزور المدعي صدوره من جانب الحكومة كل أمر مكتوب ينسب صدوره خلافا للحقيقة إلى إحدى السلطات العامة كالأمر الصادر من النيابة العامة أو سلطة التحقيق بالقبض على شخص فيكفي لتوافر هذا الشرط أن يكون الأمر مكتوبا بحيث يكون من شأنه خداع من يقدم إليه وإيهامه بصحته ولكن لا يتوافر الشرط إذا اقتصر الجاني على مجرد الادعاء شفويا بوجود أمر بالقبض أو إذا استعان بأمر صحيح صادر من جهة حكومية

4-التهديد بالقتل :
يجب أن يصدر عن الجاني نفسه قول أو فعل يصح وصفه بأنه تهديد بالقتل فالتهديد بإفشاء أمور أو بنسبة أمور مخدشة للشرف أو الاعتبار أو التهديد بأى نوع من أنواع الإيذاء لا يصح سببا للتشديد
ويشترط لتحقيق هذا الظرف أن يتعاصر التهديد بالقتل مع الجريمة المرتكبة فالقبض بغير وجه حق جريمة وقتية تقع بمجرد تقييد حركة المجني عليه وحرمانه من حرية التجول ولو للحظة لذا يجب أن يكون التهديد بالقتل معاصرا للقبض وإلا لا يعتد به أما جريمة الحبس أو الحجز بدون وجه حق فهي جريمة مستمرة طالما استمرت حالة الحجز أو الحبس لذا فإن التهديد يعد سببا لتشديد العقاب ولو وقع بعد الفعل طالما كان معاصرا لأى لحظة من لحظات الحجز

5-التعذيب البدني :
يقصد بالتعذيب البدني أى فعل من شأنه أن يصل إلى حد الإيلام البدني الجسيم كإحداث حروق أو إصابات أو رضوض أو بتر عضو من أعضاء جسم المجني عليه وقد يتحقق هذا التعذيب باستخدام آلة صلبة واحدة كالعصا الغليظة أو كعب بندقية أو سكين اله وقد استبعد المشرع التعذيب النفسي أو المعنوي من نطاق تشديد عقوبة الجريمة المنصوص عليها فى المادة 280 عقوبات فأى فعل من شأنه التأثير السيئ على الحالة النفسية للمجني عليه كالتهديد بقتله أو قتل أحد ابنائه أو إهانته والنيل من كرامته أو وضعه فى مكان مظلم يوحي بالخوف والفزع والرعب أو سرد الأخبار السيئة على مسامعه أو إطلاق الرصاص حوله كل ذلك لا يعد سببا لتشديد عقوبة الجريمة وقرر المشرع فى حالة توافر ظرف التهديد بالقتل أو التعذيب البدني عقوبة الشغال الشاقة المؤقتة ..

Share

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.