الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومسألة عقوبة الإعدام :
ما ھو موقف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من عقوبة الإعدام ، ھل ھناك إشارة إلیھا في نصوصه أم لا ؟ لم یتطرق الإعلان العالمي إلى عقوبة الإعدام ، حیث خلت نصوصھ من الإشارة إلى ھذه العقوبة ولكن نجد المادة الثالثة منه تنص على : ” لكل فرد الحق في الحیاة والحریة ، وسلامة شخصه . ” لذلك فقد تمت مناقشة مسألة عقوبة الإعدام في إطار الحق في الحیاة ، وھذا خلال الفترة التي تم التحضیر فیھا لمشروع الإعلان ، حیث قامت الأقلیة من المشاركین بعرض اقتراح یتمثل في أن عقوبة الإعدام تمثل انتھاكا للحق في الحیاة ، ولكنھ لم یلق الإجماع العام . خلال الأعمال التحضیریة للإعلان قدمت العدید من المقترحات المتعلقة بمسألة عقوبة الإعدام فالاقتراح الأول تمثل في النص صراحة على عقوبة الإعدام باعتبارھا قید أو استثناء على الحق في الحیاة أما الاقتراح الثاني فقد نص على إلغاء عقوبة الإعدام ، و تضمن الاقتراح الأخیر النص على الحق في الحیاة من دون الإشارة إلى عقوبة الإعدام (1) لقد بذل مجھود كبیر في سان فرانسیسكو، من أجل تبني میثاق عالمي لحقوق الإنسان أو ما یسمى بالشرعة الدولیة لحقوق الإنسان ، فقد كانت الفكرة تدور أساسا حول إعداد وثیقة بشأن حقوق الإنسان وحریاته الأساسیة یتم إرفاقھا بالمیثاق وعدھا جزءا لا یتجزأ منھ ، لكن لم یستجب لھذا المشروع خلال المؤتمر . انعقدت الدورة الأولى للجنة حقوق الإنسان في 10 فیفري 1947 ، خلالھا قامت الأمانة العامة وعلى رأسھا ” جون ھمفري”بإعداد مذكرة لشأن المقترحات التي أدلت بھا بعض الدول كبنما ، كوبا ، تشیلي ، الولایات المتحدة الأمریكیة حیث اكتمل ملف اللجنة ب 14 مشروع آخر ، وعلى إثرھا قدمت الأمانة العامة ثلاثة اقتراحات متعلقة بشكل ھذه الوثیقة تتمثل في وثیقة في شكل إعلان ، أو یكون في شكل معاھدة ملزمة ، أو یكون مجرد تعدیل لمیثاق الأمم المتحدة ، أما فیما یخص الحقوق التي تتضمنھا ھذه الوثیقة فھي حقوق متعلقة بالمساواة ، بالحریة وأخرى بالضمان الاجتماعي ، وكان الحق في الحیاة أول عنوان في قائمة الحقوق المتعلقة بالحریة (2) من اجل إعداد المشروع تم تشكیل لجنة صیاغة مخصصة لھذا الغرض تضم ممثلین من استرالیا ، شیلي الصین ، فرنسا لبنان ، المملكة المتحدة ، الولایات المتحدة الأمریكیة ، الھند ، بنما ، كوبا وفي الوقت نفسه أعدت لجنة حقوق الإنسان مسودة أولیة تتضمن دیباجة و 48 مادة وفي انتظار اجتماع لجنة الصیاغة قامت كل من الولایات المتحدة والمملكة المتحدة بتقدیم اقتراحات أخرى تتمثل في اعتبار عقوبة الإعدام استثناء على الحق في الحیاة والذي تمت دراستھ في نفس الوقت مع اقتراح الأمانة العامة للجنة . حقوق الإنسان أثناء انعقاد الجلسة العامة للجنة في جوان 1947 (3) لكن ” روینه كاسان ” و ” روزفلت” صرحا انھ من الأفضل تجنب الإشارة إلى عقوبة الإعدام لسببین أثنین : أولھما أن ھناك العدید من الدول على وشك إلغاء عقوبة الإعدام وثانیھما أن الأمم المتحدة وافقت على مبدأ إلغاء العقوبة .
وقد كان” السید كورتسكي ” ، المندوب السوفیاتي من بین المؤیدین لوجھات نظرھم وفي نھایة جلسات للجنة الصیاغة ، أتان أن تسند مھمة إعداد مسودة أولیة لمشروع الإعلان على فرد واحد وھو” رونیھ كاسان” الذي قرر حذف جمیع الإشارات السابقة لعقوبة الإعدام (4) .في عام 1947 لم یكن ھناك اختیار نھائي لشكل ھذه الوثیقة ، حیث قامت لجنة الصیاغة بإعداد وثیقتین منفصلتین مشروع إعلان ومشروع اتفاقیة ، فالأول قدمه “روینھ كاسان” وتنعدم فیه الإشارة إلى عقوبة الإعدام ، أما المشروع الثاني فھو المقترح من قبل المملكة المتحدة. أما فیما یخص نص المادة الثالثة فرغم الجھود المبذولة لإدخال تعدیلات على النص الأصلي إلا انه تمت إحالته دون تغییر للجنة التي تبنتھ ب 16 صوت دون وجود تصویت بضد أو امتناع ، حیث تم تناول المادة الثالثة في قسمین یتضمن ” لكل فرد الحق في الحیاة ” أما القسم الثاني ” لكل فرد الحق في الحریة وسلامة شخصه ” وعلیه اعتبرت المادة الثالثة ” جوھر الإعلان ” . بعد موافقة المجلس الاقتصادي والاجتماعي على تقدیم مشروع نص الإعلان للجمعیة العامة للأمم المتحدة وقبل التصویت النھائي خضع النص لمناقشات حادة ، خاصة فیما یخص المادة الثالثة ، ومن بین التعدیلات المقترحة وقتھا ھو إلغاء عقوبة الإعدام في زمن السلم ، حیث أعرب بعض ممثلي الوفود عن مخاوفھم من نص المادة الثالثة ممثلین من الإتحاد السوفیاتي ، ومن دول اشتراكیة ، موافقتان على نص المادة الثالثة على النحو المقترح من لجنة حقوق الإنسان (5) وقد اقترح الإتحاد السوفیاتي نص جدیدا یستعاض به عن المادة المتعلقة بالحق في الحیاة ، یضم التزامات تقع على عائق الدول ، وھو یتمثل في التزام الدول بحمایة الأفراد من الجوع ، وقد دعمت كل من أوكرانیا وبیلا روسیا ھذا الاقتراح كما وافقت علیه كل من یوغسلافیا، ھایتي ، الجمھوریة الدومنیكیة وبلجیكا . لكن ما یھمنا ھنا في اقتراح الإتحاد السوفیاتي وبالتحدید ما تضمنته الجملة الرابعة من ھذا الاقتراح :
“یجب أن تلغى عقوبة الإعدام في زمن السلم ” ، حیث اعتبر غیر ملائم وسابق لأوانه ، أما المملكة المتحدة فقد تدخلت قائلة أن إدراج مثل ھذا النص سیجعل الموافقة على الإعلان من طرف بعض الدول أمرا صعبا أما ھو لندا فبالرغم من أنھا ضد الإبقاء على عقوبة الإعدام لكنھا صرحت بعدم إمكانیة إدراج نص كھذا ضمن محتوى الإعلان ، كما أشارت “لیونور روزفلت” إلى أن اللجنة الثالثة لیست مشرع للقانون الجنائي وبالتالي فالإعلان لیس ھو السبیل لإیجاد حل لمشكلة عقوبة الإعدام . في ظل كل ھذه الاقتراحات ، تم تقدیم اقتراح آخر من قبل المناضلین لإدراج إلغاء عقوبة الإعدام في نص الإعلان ، اقترحوا إدراجھ ضمن المواد المتعلقة بالمعاملة اللاانسانیة والمھنیة . بعد التصویت تم رفض الاقتراح السوفیاتي ب 21 صوت ضد 18 ممتنعین و 9 موافقین ، أما عبارة ” الحق في الحیاة ” فقد تمت المصادقة علیھا ب 49 صوت دون وجود أي صوت ضدھا مع امتناع اثنین فقط ، أما عبارة ” الحریة وسلامة شخصه ” فقد تم تبنیھا ب 47 صوت وامتناع 4 أصوات . حیث عرض رئیس اللجنة المادة ككل للتصویت ، حینھا تدخل الممثل السوفیاتي قائلا أن وفده لیس لدیه أي اعتراض على أي طرف لكنه رأى أن المادة غیر مكتملة وھذا بسبب عدم إدراج ضمانات الحق في الحیاة بما في ذلك إلغاء عقوبة الإعدام . وأضاف قائلا أن الإتحاد السوفیاتي سیمتنع عن التصویت على ھذه المادة ، كما امتنعت كل من ، شیلي ، المكسیك ، بنما ، ھایتي عن التصویت بعد تقدیم مبرراتھم والتي لم تكن لھا علاقة بمسألة عقوبة الإعدام (6).
_____________________
1- أنظر : یحیاوي ( نورة ) ، حمایة حقوق الإنسان في القانون الدولي والقانون الداخلي ، دار ھومة الطباعة والنشر و التوزیع ، 2004 ، ص . 84
1- I oanna Nakou ، la peine de mort en droit international، mémoire de majister ، université (1) de lille 2 ، faculté des siences juridiques politiques et sociales 2 000 p . 16 .
2- انظر:حسن (بھي الدین) وسعید(محمد السید) ،حقوقنا الآن ولیس غدا( المواثیق الأساسیة لحقوق الإنسان)،مركز القاھرة لدراسات حقوق الإنسان ، دون مكان شر، دون طبعة،ص. 40
3- I oanna Nakou ، Op . CiT ، p17
4- I bid ، p 18.
5- I oanna Nakou. Op..CiT . p. 19 –
6- I oanna Nakou . Op.CIT p. 20
لجنة حقوق الإنسان ومسألة عقوبة الإعدام :
تم إنشاء اللجنة المعنیة بحقوق الإنسان بموجب المادة 28 من العھد الدولي الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة ولدى اللجنة 18 عضو یطلق علیھم لفظ ” خبراء ” یجب أن یكون من مواطني الدول الأطراف في العھد یوكل إلیھا مھمة الرقابة على تنفیذ أحكام العھد من جانب الدول الأطراف فیھ ، وذلك عن طریق تلقي ودراسة التقاریر التي تلتزم الدول بتقدیمھا إلى اللجنة طبقا للمادة 40 من العھد ، وكذلك عن طریق فحص الشكاوى سواء التي تقدمھا الأطراف طبقا للمادة 41 من العھد أم تلك التي یقدمھا الأفراد بمقتضى البروتوكول الاختیاري الأول الملحق بالعھد . وقد تضمنت المواد من 28 إلى 39 من العھد القواعد التي یحكم تشكیل اللجنة وممارستھا لوظائفھا (1) بخصوص عقوبة الإعدام ، فإن اللجنة المعنیة بحقوق الإنسان ترى انھ بالرغم من أن الدول الأطراف لیست ملزمة بإلغاء عقوبة الإعدام إلغاء تاما ، إلا أنھا تظل ملزمة بالحد من استخدامھا وقصر توقیعھا على أشد الجرائم خطورة ، وتؤكد اللجنة على انھ من المستصوب للدول أن تفكر في إعادة النظر في قوانینھا الجنائیة بغیة إلغاء ھذه العقوبة ، وأن أیة تدابیر تتخذ في ھذا الاتجاه تعتبر تقدما نحو التمتع بالحق في الحیاة و أثناء نظرھا في التقاریر المقدمة من الدول تقوم اللجنة بطلب معلومات بخصوص عقوبة الإعدام بقصد الاطلاع على ظروف تطبیق ھذه العقوبة في الدول الأطراف في العھد وعلى اثر ذلك تحث الدول على إلغاء العقوبة أو قصرھا على أشد الجرائم خطورة . أما فیما یخص التحفظات التي أبدتھا الدول أثناء مصادقتھا على العھد فیما یخص المادة السادسة فتمثلت في تحفظات الولایات المتحدة الأمریكیة على الفقرة الخامسة من المادة السادسة والتي تتعلق بتطبیق العقوبة على القصر حیث تنص على ” لا یجوز الحكم بعقوبة الإعدام على جرائم ارتكبھا أشخاص دون الثامنة عشرة من العمر ، كما لا یجوز تنفیذ العقوبة على حامل ، لكن قوبل ھذا التحفظ باعتراضات شدیدة من طرف كل من : ألمانیا بلجیكا ، دنمارك ، إسبانیا ، فلندا ، فرنسا ، إیطالیا ، النرویج ، ھولندا ، البرتغال والسوید ، حیث سحبت ھذه الدول بشدة مثل ھذه التحفظات كونھا تتعارض مع أحكام العھد ومناقضة لروح وھدف المادة 06 بالإضافة إلى تحفظ الولایات المتحدة ، فكل من إیرلندا ، النرویج و تایلندا كانت لھا ھي الأخرى تحفظ حیث تحفظت إیرلندا على الفقرة 5 من المادة 6 لكنھا سحبت تحفظھا في 1998 ، أما النرویج كان تحفظھا بشأن الفقرة 4 من المادة 6 والتي تنص على أن لكل محكوم علیه الحق في طلب العفو أو إبدال العقوبة حیث ویجوز منح العفو العام آو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جمیع الأحوال ، لكنھا سحبت التحفظ في 2 دیسمبر 1979 ، أما تایلندا فكان تحفظھا یتعلق بالفقرة 5 الخاصة بتنفیذ العقوبة على القصر (2) وختاما یمكن القول أن اللجنة المعنیة بحقوق الإنسان تؤدي الوظیفة الحیویة الممثلة في رصد التمتع بالحقوق المنصوص علیھا في العھد ، وھي المفسر الأبرز لمعنى العھد الدولي الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة ، سواء تمثل ذلك في اعتمادھا لتعلیقات عامة أو بحثھا لشكاوى مقدمة من أفراد أو دول یدعى فیھا حدوث انتھاكات للعھد وعند قیامھا بذلك فإنھا تسعى إلى تقدیم تفسیر كامل وواسع لمعنى أحكام العھد بما یتفق مع طابعھا كأداة لضمان الحقوق والحریات الأساسیة ، ولا یقتصر أعضاء اللجنة في عملھم على النظر ببساطة في الوضع القانوني الشكلي المنطبق بخصوص دولة أو قضیة بعینھا ، بل إنھم بالأحرى یغوصون في الواقع العملي القائم على أرض الواقع في الدول التي تعنى بھا اللجنة ویصدرون استنتاجات بقصد تحقیق تغییرات إیجابیة ، وعلى مر السنین ، أسرفت أعمال اللجنة عن إجراء تغییرات عدیدة في القوانین والسیاسات والممارسات على الصعید الوطني العام وكذلك في سیاق القضایا الفردیة .
_____________
1- انظر: شورات الأمم المتحدة ، الحقوق المدنیة والسیاسیة ( اللجنة المعنیة بحقوق الإنسان ) ، صحیفة الوقائع رقم 15 تنقیح 1 ، ص 13
2- I oanna Nakou ، Op .CiT ، p. 43 -45
مدى اعتبار عقوبة الإعدام انتھاك للمادة السابعة من العھد الدولي :
إن أھم الإشكالیات التي ثارت أمام اللجنة المعنیة بحقوق الإنسان فیما یتعلق بعقوبة الإعدام ومدى تعارضھا مع المادة 7 من العھد كانت بخصوص مسألتین ھما : – ھل تنفیذ عقوبة الإعدام یشكل انتھاكا للمادة 7 ھل إبقاء المحكوم علیھم بالإعدام مدة طویلة دون تنفیذ الحكم یشكل انتھاكا للمادة 7 إن اللجنة المعنیة بحقوق الإنسان ، لم تذھب إطلاقا على اعتبار إن عقوبة الإعدام في حد ذاتھا ، تنتھك المادة 7 من العھد ، بینما الجدل ثار حول طرق تنفیذ ھذه العقوبة وھل یشكل البعض منھا انتھاكا للمادة المذكورة باعتبارما تسببه من معاناة وألم شدیدین ، وإن كان الواضح من آراء اللجنة أن ھناك بعض من طرق تنفیذ عقوبة الإعدام یشكل انتھاك واضحا لأحكام المادة 7 حیث یبدو من استعراض تلك الآراء أن النقطة الفاصلة التي تمیز بین ما یتعارض مع المادة 7 من طرق التنفیذ وما لا یتعارض معھا مازالت غیر واضحة . وعدم توصل اللجنة إلى خط فاصل بین النوعین من الطرق ، یتفق مع ما توصل إلیه الدكتور شریف یبسوني في تحلیلھ للمعاملة التي یمكن أن تشكل ” عقوبة قاسیة وغیر عادیة ” ، حیث انتھى إلى الآتي :
أن الاختلافات الكبیرة في نظریات علم إدارة السجون ومعاییر معاملة المجرمین فیما بین البلدان بلغت حدا انه لا یوجد معیار موحد في ھذا الصدد ویمكن أن یقال إن الخطر المفروض على العقوبة القاسیة وغیر العادیة یشكل مبدأ ما من مبادئ القانون الدولي ، لان لھ ھذا الوزن في النظم القانونیة للبلدان المتحضرة ، لكن ھذا وحده لا یعطي الخطر محتوى محددا تحدیدا كافیا بحیث یكون لھ تأثیر على تطبیقات یمكن تحدیدھا وتكون قادرة على تحقیق أكثر من مجرد الاعتراف العام ( 1) وبخصوص تطبیقات اللجنة المعنیة بحقوق الإنسان في ھذا الصدد نشیر إلى أنھ في شكوى مقدمة من ” جوزیف كنیدلر” ضد كندا ، اعتبرت اللجنة أن طریقة تنفیذ عقوبة الإعدام في بنسلفانیا بواسطة الحقن الممیتة لا تشكل انتھاكا للمادة 7 من العھد (2) ، لكن أكثر الشكاوى التي ثار فیھا جدل حول مسألة مدى تعارض تنفیذ عقوبة الإعدام مع المادة 07 ، ھي شكوى ” تشارلز تیتاتنج ” ضد كندا (3) ففي ھذه الشكوى ضمن الشاكي إدعاءاته أن قرار تسلیمه للولایات المتحدة ینتھك المادة 7 من العھد لأنه إذا أدین في الولایات المتحدة سوف یواجه عقوبة الإعدام ، وذكر أن الإعدام في كالیفورنیا یكون عن طریق الخنق بغاز السیانید ، وان ھذه الطریقة لتنفیذ عقوبة الإعدام نقد عقوبة قاسیة وغیر إنسانیة بالمعنى المقصود في المادة 7 من العھد ، وذلك لان الاختناق یمكن أن یستغرق مدة تصل على 12 دقیقة یضل الشخص خلالھا واعیا ، یعني من ألم وعذاب شدیدین ویحدث له ھذیانا وتشنجات ، وغالبا ما تبرز لا إرادیا ویخلص إلى أن قرار تسلیمه دون الحصول على ضمانات من الولایات المتحدة بعدم تنفیذ عقوبة الإعدام یشكل خرقا للمادة 7 من العھد. ودفعت كندا بأنه لیست ھناك طریقة من الطرق المستخدمة حالیا في الولایات المتحدة ، تشكل یحطم طبیعتھا انتھاكا للعھد أو لأیة قاعدة من قواعد القانون الدولي ، وبوجه خاص لا یوجد ما یدل على أن الخنق بغاز السیانید وھو الطریق المتبع لتنفیذ عقوبة الإعدام في كالیفورنیا یتناقض مع العھد أو مع القانون الدولي . وفي ھذه القضیة كان على اللجنة أن تنظر فیما إذا كان تنفیذ العقوبة في حالة معینة یشكل انتھاكا للمادة 07 من العھد ، وفي البدایة أشارت اللجنة إلى انه كانت المادة 6/2 من العھد تبیح توقیع عقوبة الإعدام كجزاء على أشد الجرائم خطورة ، فإن تنفیذ ھذه العقوبة ینبغي أن یكون على نحو یؤدي إلى تفادي حدوث تعارض مع المادة 7 ، وھو أن یكون التنفیذ بطریقة تسبب أقل درجة ممكنة من المعاناة البدنیة والنفسیة لمن تنفذ فیه (4) وعلى أساس المعلومات المعروضة على اللجنة ، خلصت إلى أن الإعدام خنقا بغاز “السیانید” في حالة توقیع عقوبة الإعدام على الشاكي ، لن یعني بمعیار إحداث أقل درجة ممكنة من المعاناة البدنیة والنفسیة ، وبالتالي معاملة قاسیة وغیر إنسانیة تنتھك المادة 7 من العھد ، وبناء علیه فإن كندا التي كانت تتوقع على نحو معقول انھ إذا حكم على الشاكي بالإعدام ، فسوف ینفذ فیھ الحكم بطریقة تشكل انتھاكا للمادة 7 من العھد ، لم یمتثل لالتزاماتھا بموجب العھد بتسلیمھا الشاكي دون طلب وتلقي ضمانات بأنه لن یعدم . ویتضح من قرار اللجنة السابق أنھا تتوسع في مفھوم الضحیة ، فقد أدخلت مفھوم ” الخطر الحقیق “
(5) إذا قررت انه إذا قامت دولة بتسلیم شخص یخضع لولایتھا ، في ظروف یكون من نتیجتھا نشوء خطر حقیقي یترتب علیه أن حقوقه بموجب العھد سوف تنتھك في ولایة دولة أخرى ، فإن الدولة الأولى تنتھك العھد في ھذه الحالة ، وھذا الاتجاه من جانب اللجنة من شأنه أن یضمن حمایة أوسع لحقوق الإنسان المنصوص علیھا في العھد ، لكن اللجنة عندما انتھت إلى الاستنتاج السابق لم تحدد ما ھي الطرق التي من شانھا إحداث أقل درجة ممكنة من المعاناة البدنیة والنفسیة ، حیث لا یوجد معیار متفق علیھ عملیا نستطیع أن نقول على أساسه إن طریقة من الطرق أقل معاناة من الطرق الأخرى إلا ما كان تعسفیا بشكل ظاھر ، وكان متناقض بشكل فظ مع القواعد الأخلاقیة لمجتمع دیمقراطي وقاسي بشكل متعمد . فیما لا شك فیه أن أي شكل من أشكال التنفیذ ھو قاسي بطبعتیه ، ولكن بما أن عقوبة الإعدام لا یحظرھا العھد ، فإنه یجب تفسیر المادة 7 في ضوء المادة 6 فالعھد كل لا یتجزأ ، وعلیه فمحاولة قیاس ألم ومعاناة الإنسان الذي تنفذ فیه عقوبة الإعدام ھي غیر مجدیة ، وان تصنیف تلك الطرق على أساس مدة الألم والقول إن التنفیذ الذي یستغرق مدة طویلة یكون منتھكا للعھد ، والأقل مدة یتفق مع العھد ، فمن الصعوبة تحدید أي الأنواع من الألم مسموح به في إطار المادة 07 وأیة درجة غیر مسموح بھا في إطار نفس المادة . من خلال التفسیر الذي قدمتھ اللجنة یتبین وكأنھا ترید إلغاء عقوبة الإعدام على الأقل في المدى البعید ولكنھا لم تصرح بذلك صراحة، لأن توقیع ھذه العقوبة مازال مباحا بموجب العھد ، كما یجدر بھا ألا تدخل في جدل من ھذا النوع لأنه قد یؤدي بھا إلى نتائج لا تتفق مع دورھا كجھاز للرقابة على تطبیق صك دولي متعلق بحقوق الإنسان . أما مسألة بقاء المحكوم علیھم بالإعدام مدة طویلة دون تنفیذ الحكم ،ففي شكاوى عدیدة دفع الشاكون بأن ذلك یشكل معاملة قاسیة وغیر إنسانیة في مفھوم المادة 7 من العھد ، وكقاعدة عامة (6) في الفقه الثابت للجنة ھو أنھا لا تعتبر أن طول فترات الاحتجاز في ظل نظام حبس صارم في أقسام المحكوم علیھم بالإعدام یشكل معاملة قاسیة أو غیر إنسانیة ، إن كان الأمر لا یتجاوز مجرد استفادة المحكوم علیه من طرق الطعن في حكم الإعدام ، وأنه یتعین دراسة وقائع وملابسات كل حالة على حده لمعرفة ما إن كانت ثمة مخالفات أم لا . حیث انتھت اللجنة في كثیر من الشكاوي إلى عدم وجود انتھاك للمادة 7 من العھد ، ففي الشكویین المقدمین (7) من “راندولفباریت وكلاید سوتكلیف ” ، ضد جامایكا ذكرت اللجنة أنھ في الدول التي یتضمن نظامھا القضائي إجراءات للطعن في الأحكام الجنائیة ، فإن ھناك عنصر تأخیر بین الحكم بعقوبة الإعدام واستنفاذ طرق الطعن المتاحة یلازم عملیة الطعن ، وأن التأخیر لمدة عشر سنوات بین تاریخ صدور حكم الاستئناف وحكم اللجنة القاضیة التابعة لمجلس الحكمة ، یعدد تأخیرا طویلا ، حیث انه لا یشكل انتھاك للمادة 7 من العھد وقد تأكدت الفلسفة القانونیة للجنة في قضیة ( جونسون ضد جامایكا ) (8) ففي ھذه الشكوى كان التساؤل المطروح أمام اللجنة ھو مدى اعتبار طول فترة الاحتجاز انتظارا لتنفیذ الحكم بالإعدام انتھاكا للمادة 7، حیث رأت اللجنة أن التمسك بطول فترة الاحتجاز واعتبارھا في حد ذاتھا انتھاكا للمادة 7 من العھد ، من شأنه أن یرتب آثارا سلبیة أو لھما أن القول بذلك یؤدي إلى نتیجة خطیرة ھي انه إذا نفذت الدولة الحكم بالإعدام في سجین بعد أن أمضى فترة من الزمن انتظارا لتنفیذ العقوبة فیه ، لن یكون ھناك أخلال بالمادة 07 من العھد ، في حین أن الدولة إذا امتنعت عن التنفیذ فسوف تنتھك العھد وھذا التفسیر لا یتماشى مع ھدف ومقصد العھد كما أضافت اللجنة إلى أن الأثر الثاني الذي یترتب على جعل عامل الوقت في حد ذاته كمعیار لوجود انتھاك للعھد من عدمه ، ھو نقل رسالة إلى الدول الأطراف التي تطبق عقوبة الإعدام مفادھا انھ ینبغي لھا أن تنفذ الحكم بالإعدام في أسرع وقت ممكن بعد صدور الحكم ، ولیست ھذه ھي الرسالة التي ترغب اللجنة في نقلھا إلى الدول الأطراف .
_________________
1- أنظر : محمد الكاشف ( عبد الرحیم ) ، الرقاة الدولیة على العھد الدولي الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة ، القاھرة ، دار النھضة العربیة، 20 ، ص. 579 .
2- الشكوى رقم 470 /1991 الوثائق الرسمیة للجمعیة العامة ، الدورة رقم A تقریر اللجنة المعنیة بحقوق الإنسان ( A 48 الملحق 40(4/ ص384
3- انظر: الشكوى رقم 469 / 1991 الوثائق الرسمیة للجمعیة العامة الدورة A ) تقریر اللجنة المعینة بحقوق الإنسان ص . 223 ، في ھذا البلاغ كان الشاكي من الرعایا البریطانیین ، وكان مقیما (493 الملحق 40 (40/49 في الولایات المتحدة الأمریكیة وھاجر إلى كندا عام 1987 وطلبت الولایات المتحدة من كندا تسلیمه رسمیا إلھا المحاكمة في كالیفورینا لأنھ أتھم في 19 قضیة شملت الخطف 12 جریمة قبل ارتكبت عامي 1974 -1975 سلم إلى الولایات المتحدة فادعى أن قرار تسلیمه منا في لأحكام العھد ..
4- انظر: محمد الكاشف ( عبد الرحیم ) ، المرجع السابق ، ص . 571 .
5- انظر: محمد الكاشف ( عبد الرحیم ) ، نفس الصفحة
6- أنظر : محمد الكاشف ( عبد الرحیم ) ، المرجع السابق ، ص 572 .
7- انظر: محمد الكاشف ( عبد الرحیم ) ، ص . 573.
8- الشكوى رقم 588/1994 ، راجع في ذلك : محمد الكاشف ( عبد الرحیم ) ، المرجع السابق ، ص . 573.
عقوبة الإعدام في إطار اتفاقیات جنیف لعام 1949 :
من أجل مناقشة مسألة عقوبة الإعدام في إطار اتفاقیات جنییف لابد من الإشارة إلى المادة الثالثة (1) المشتركة والتي تنص على : ” في حالة قام نزاع مسلح لیس له طابع دولي في أراضي أحد الأطراف السامیة المتعاقدة ، یلتزم كل طرف في النزاع بأن یطبق كحد أدنى الأحكام التالیة :
1- الأشخاص الذین لا یشتركون مباشرة في الأعمال العدائیة بمن فیھم أفراد القوات المسلحة الذین ألقوا عنھم أسلحتھم ، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر یعاملون في جمیع الأحوال معاملة إنسانیة ، دون أي تمییز ضار یقوم على العنصر أو اللون ، أو الدین أو المعتقد أو الجنس ، أو المولد أو الثروة أو أي معیار مما كل آخر ، ولھذا الغرض الأفعال التالیة في ما یتعلق بالأشخاص المذكورین أعلاه ، ویبقي محظورة في جمیع الأوقات والأماكن .
أ- الاعتداء على الحیاة والسلامة البدنیة ، وبخاصة القتل بجمیع أشكالھ والتسویة والمعاملة القاسیة والتعذیب .
ب – أخذ الرھائن .
ج- الاعتداء على الكرامة الشخصیة ، وعلى الأخص المعاملة المھنیة والحاطة بالكرامة .
د- إصدار الأحكام وتنفیذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكلة تشكیلا قانونیا وتكفل جمیع الضمانات القضائیة اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة .
تحظر المادة الثالثة ھذه الأفعال وقت النزاع المسلح الذي لیس له طابع دولي (2) ، وھذا طبعا دون المساس بحق الدولة في معاقبة المجرمین والخضوع لقانونھا ویشمل ذلك دون أن ینحصر فیھا النزاعات المسلحة بین الحكومات والجماعات المسلحة المنظمة أو النزاعات التي تدور في ما بین تلك الجماعات ولا تعرف المادة مصطلح ” النزاع المسلح ” إلا أن معاییر عدة تحددت من خلال الممارسة ، من بینھا :
– أن یكون التعرف إلى ھویة أطراف النزاع ممكنا أي أن تتمتع بحد أدني من التنظیم والھیكلة وتسلسل في القیادة .
– أن یصل النزاع المسلح إلى مستوى أدنى من الحدة ، فیفترض في العادة أن تلجأ الأطراف إلى قواتھا المسلحة أو تستخدم الوسائل العسكریة ، وتشكل المدة التي تستمر خلالھا أعمال العنف عنصرا إضافیا ینبغي أخذه في الحسبان .
ولذلك لا تسري المادة 3 المشتركة على حالات الاضطرابات والتوترات الداخلیة مثل أعمال الشغب وغیرھا من أعمال العنف المعزولة والمتفرقة بالنسبة لعقوبة الإعدام في زمن الحرب ، فقد تناولتھا الاتفاقیة الثالثة الرابعة من اتفاقیات جنیف والتي تتمثل في اتفاقیة جنیف بشأن معاملة الأسري الحرب ( 12 أوت 1949 ) (3) ، واتفاقیة جنیف بشأن حمایة الأشخاص المدنیین في وقت الحرب ( 12 أوت 1949 ) (4) ولكن يبقى اول صك تضمن التطبیق المحدود لعقوبة الإعدام ھو اتفاقیة جنیف لعام 1929 حیث نصت المادة 66 على :
بعد اعتماد نص الاتفاقیة ، أصبح ھناك تفكیر في إجراء تعدیل لھا ، وعلیھ تمت إجراءات التنقیح سنة 1938 حیث قامت مجموعة من الخبراء الدولیین بإعداد تقریر أولي بناءا على طلب من اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر وكان من المقرر مناقشة خلال المؤتمر الدبلوماسي 1940 ، برعایة الحكومة السویسریة لكنه تأجل بسبب الحرب العالمیة الثانیة . ولقد تم مناقشة مسألة عقوبة الإعدام وأسرى الحرب الأول مرة في إطار مؤتمر الخبراء الحكومیین في جنیف 1947 ، وعلى إثرھا اقترح الخبراء تمدید وقف العقوبة من 3 إلى 6 أشھر ، كما اقترحوا بعض التغییرات والتي تتمثل في (5) : على أسرى الحرب والدولة الحامیة أن یكونا على علم من قبل بالجرائم المعاقب علیھا بالإعدام ، وقد شدد الخبراء على نقطة مھمة مفادھا أن السجین لیس ملزم بواجب الولاء لھذه الدولة وبالإضافة إلى اقتراح لجنة الصلیب الأحمر الدولي بتقلیص عدد الجرائم المعاقب علیھا بالإعدام ، وفي نفس الوقت تم اقتراح مفاده الإبقاء على عقوبة الإعدام في جرائم القتل والاغتصاب ، لكنه رفض بسبب الفوارق الھائلة الموجودة في التشریعات الوطنیة ، فمثل ھذه الأحكام قد تؤدي إلى تحفظات واسعة على الاتفاقیة بالإضافة ، إلى اقتراح آخر وھو تمدید وقف العقوبة إلى نھایة الأعمال العدائیة . ولقد أعدت اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر مشروع اتفاقیة تمت مناقشته خلال آخر مؤتمر عقد في ستوكھولم في أوت 1948 ، وفي الأخیر تم اعتماد ھذا النص الذي أصبح فیما بعد اتفاقیة جنیف المتعلقة بأسرى الحرب 12 أوت 1949 والتي بموجبھا یخضع أسرى الحرب للقوانین الأنظمة المعمول بھا في القوات المسلحة للدولة الحاجزة وتتم محاكمتھم أمام محكاكم عسكریة إلا إذا كان تشریع الدولة الحاجزة ینص على أن تتم المحاكمة أمام المحاكم المدنیة ( المادة 82، 84) وفیما یخص عقوبة الإعدام فقد نصت المادة 100 من نفس الاتفاقیة على وجوب تبلیغ أسرى الحرب والدول الحامیة في أقرب وقت ممكن بالمخالفات التي تستوجب عقوبة الإعدام طبقا لقوانین الدولة الحاجزة كما تنص أیضا انه لا یجوز فیما بعد تقریر عقوبة الإعدام عن أي مخالفة إلا بموافقة الدولة التي یتبعھا الأسیر، كما لا یجوز إصدار الحم بالإعدام على احد أسرى الحرب إلا بعد توجیھ نظر المحكمة بصورة خاصة حسب المادة 87/2 إلى أن المتھم لیس من رعایا الدولة الحاجزة وھو بذلك غیر ملزم بأي واجب للولاء لھا . وتضیف المادة 101 أنه إذا صدر حكما بالإعدام على أسیر حرب ، فإن الحكم لا ینفذ قبل انقضاء مھلة لا تقل عن سنة شھور من تاریخ وصول الإخطار المفصل المنصوص علیه في المادة 107 إلى الدولة الحامیة ، حیث تعتبر ھذه المدة المحددة في ھذه المادة طویلة إذا ما قورنت مع تلك التي تنص علیھا اتفاقیة 1929 ، والھدف من ھذه الفترة ھو السماح بوصول المعلومات إلى الدولة الحامیة ، وعلیه یجب أن یتضمن البلاغ ما یلي : (6)
– الصیاغة الدقیقة للحكم أو القرار بالإعدام .
– ملخص موجز للتحقیق الابتدائي ، یبین فیھ ما إذا كان للأسیر حق في الاستئناف أو رفع نقض أو التماس إعادة النظر في الحكم . وإذا أصبح الحكم نھائیا أو كان الحكم الابتدائي یقضي بالإعدام ، وجب على الدولة الحاجزة أن ترسل إلى الدولة الحامیة بأسرع وقت ممكن إخطارا مفصلا یتضمن ما یلي :
النص الكامل للحیثیات والحكم .
– تقریرا مختصرا عن التحقیقات والمرافعات ، یبین على الأخص عناصر الاتھام والدفاع .
– بیانا عند الاقتضاء ، بالمنشأة التي تستنفذ فیھا العقوبة .
وترسل الإخطارات المنصوص عنھا في البنود المتقدمة إلى الدولة الحامیة بالعنوان الذي تبلغه مسبقا للدولة الحاجزة .كما توجد أحكام أخرى من الاتفاقیة تنص على ضمانات إجرائیة تطبق بشكل خاص في حالات عقوبة الإعدام. فتنص المادة 86 على ألا یعاقب أسیر الحرب إلا مرة واحدة عن الذین نفسه أو المتھمة نفسھا كما تؤكد المادة 99 على أنه لا یجوز محاكمة أو إدانة أي أسیر حرب لفعل لا یحظره صراحة قانون الدولة الحاجزة أو القانون الدولي الذي یكون سریا وقت ارتكاب الفعل ، كما لا یجوز ممارسة أي ضغط معنوي أو بدني على أسیر الحرب لحمله على الاعتراف بالذنب عن الفعل المنسوب إلیه وفي الأخیر تنص المادة على حق الدفاع الذي یجب أن یكفل لأسیر الحرب ، ومن بین الحقوق الأخرى التي نصت علیھا الاتفاقیة ھي حق الحصول على محامي ( المادة 105 ) والحق في استئناف أي حكم یصدر ضد الأسیر ، أو رفع دعوى لنقضه أو التماس إعادة النظر فیه ، ( المادة 106 ) (7) انه بالرغم من أن تم ورود عقوبة الإعدام في نصوص الاتفاقیة الثالثة بجنیف لكنھا حاولت وضعھا في إطار محدود مع فرض بعض الضمانات اللازمة ، وھذا حتى لا یتم تطبیقھا بشكل مفرط .
____________
1- أنظر : جاكوب ( بیترغر) ، تعزیز احترام القانون الدولي الإنساني ، اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر ، ص . 4 .
2- Amnesty international. Normes relative a la peine de mort.2005.p36 .
3- اتفاقیة جنیف بشأن معاملة أسرى الحرب المؤرخة في 12 أوت 1949 اعتمدت وعرضت للتوقیع والتصدیق والانضمام من قبل المؤتمر الدیلوماسي لوضع اتفاقیات دولیة لحمایة ضحایا الحروب ن المعقود ف في جنیف خلال الفترة من 21 أكتوبر 1950 ،وفقا لأحكام المادة 38.
4- اتفاقیة جنیف بشأن حمایة الأشخاص المدنیین في وقت الحرب المؤرخة في 12 أوت 1949 اعتمدت وعرضت للتوقیع والتصدیق والانضمام من قبل المؤتمر الدبلوماسي لوضع اتفاقیات دولیة لحمایة ضحایا الحروب المعقودة في جنیف من تاریخ بدء النفاذ 21 أكتوبر 1950 وفقا لأحكام المادة 53 خلال الفترة من 21 أفریل إلى 12 أغسطس 1942
5-Ioanna Nakou ..op.CiT ;p. 78
6- CiT،P Op ، I oanna Nakou
. أنظر : ملخص اتفاقیات جنیف 1949 اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر ، ص 10 7-
عقوبة الإعدام في اتفاقیة جنیف بشأن حمایة الأشخاص المدنیین في وقف الحرب :
إلى جانب الاتفاقیة الثالثة التي اھتمت بتوفیر الحمایة لأسرى الحرب توجد اتفاقیة أخرى تطرقت إلى عقوبة الإعدام والتي تخص فئة أخرى من الأشخاص، وھم المدنیین ، ویتعلق الأمر باتفاقیة جنیف لحمایة المدنیین أثناء النزاعات المسلمة المؤرخة في 12 أوت 1949 لم تتضمن اتفاقیة جنیف لعام 1929 نصوصا متعلقة بحمایة المدنیین ، لذلك عملت لجنة الصلیب الأحمر على تحقیق ھذا الھدف ، الذي انطلق بمشروع طوكیو كمشروع أولي للاتفاقیة (1) ، لكن بسبب الحرب العالمیة الثانیة لم یكتب لھذا المشروع الناجح ، وفي سنة 1946 استأنفت المناقشات حول الموضوع في ظل مؤتمر عقدته اللجنة ، فكان من بین المواضیع المطروحة للنقاش ھو مراقبة فرض عقوبة الإعدام على المدنیین من جانب الدول المحتلة ، أو واضعة الید ، وعلى إثره لاحظ” كلودبیلو” وھو عضو في لجنة الصلیب الأحمر انھ بعد الحرب العالمیة الثانیة صدم الرأي العام بسبب العدد الكبیر أو الضخم من أحكام الإعدام التي صدرت ضد المدنیین من قبل سلطات الاحتلال ، فتشكلت في تلك الفترة رغبة كبیرة في الحد من فرض عقوبة الإعدام إلى أقصى حد ممكن . وفي عام 1947 (2) قدم مشروع اتفاقیة إلى مؤتمر الخبراء الحكومیین الذي عقد بجنیف حیث لم یتضمن الإشارة إلى عقوبة الإعدام ، لكن تم إرفاقه بسلسلة من اللوائح التي قامت بإعدادھا اللجنة بناء على توصیات تقدمت بھا الوفود ، حیث كانت الأحكام المتوصل إلیھا مماثلة للأحكام الخاصة بحمایة الأسري . وفي عام 1948 شكل مؤتمر ستوكھولم أھم خطوة اتخذت بشأن حمایة المدنیین من مواجھة عقوبة الإعدام عقب مؤتمر ستوكھولم تم بتي مفھومین جدیدین ھما : (3)
1- إذا تم إلغاء عقوبة الإعدام في الوطن قبل الاحتلال فإنھ لا یمكن فرضھا مرة أخرى .
2- لا تنفذ عقوبة الإعدام على الأطفال دون سن الثامنة عشرة .
وفي الأخیر توج مؤتمر ستوكھولم باتفاقیة جنیف الرابعة 12 أوت 1949 حیث ان القاعدة العامة لھذه الاتفاقیة تتمثل في أن القوانین الجنائیة للأراضي المحتلة تبقى ساریة المفعول خلال فترة الاحتلال المادة (1/64) أما فیما یتعلق بعقوبة الإعدام فسلطة الاحتلال یمكنھا فرض عقوبة الإعدام في جریمة التجسس التخریب ضد منشآتھا العسكریة وجریمة قتل عمدیة تسببت في إحداث وفاة ، و قد كانت لجنة الصلیب الأحمر تأمل في الحد من عقوبة الإعدام في جرائم القتل العمد وغیرھا من الحالات التي تؤدي إلى قتل شخص أو أكثر . لقد أثیر الكثیر من الجدل حول الأحكام المتعلقة بخطر إعادة تطبیق عقوبة الإعدام من قبل سلطات الاحتلال إذا كانت العقوبة قد ألغیت من قبل. فخلال المؤتمر الدبلوماسي لعام 1949 (4) الأولي لستوكھولم من قبل اللجنة الثالثة و المملكة المتحدة أما كندا والولایات المتحدة فكانت ضد الإلغاء ودعت إلى تجنب وضع مثل ھذه النصوص كونھا ستجعل العدالة بأیدي جیش سلطة الاحتلال وعلیه ستنعدم الشفافیة في الإجراءات المتخذة أمما المحاكم ، وھذا ما أیدتھ فرنسا التي احتملت أن سلطة الاحتلال قد تفرض عقوبة الإعدام مرة أخرى حتى بالرغم من أنھا قد ألغیت من قبل . أما بالنسبة للجرائم التي تستوجب فرض عقوبة الإعدام فإن القوانین الجزائیة التي تصدرھا دولة الاحتلال لا یجوز أن تقضي بعقوبة الإعدام على أشخاص محمیین إلا في الحالات التي یدانون فیھا بالجاسوسیة أو أعمال التخریب الخطیرة للمنشآت العسكریة التابعة لدولة الاحتلال أو بمخالفات متعمدة سببت وفات شخص أو أكثر وبشرط أن یكون الإعدام ھو عقوبة ھذه الحالات بمقتضى التشریع الذي كان ساریا في الأراضي المحتلة قبل بدء الاحتلال (المادة 68/2) (5) تضیف الفقرة الثالثة من نفس المادة أنه لا یجوز إصدار حكم بإعدام شخص محمي إلا بعد توجیه نظر المحكمة بصفة خاصة إلى أن المتھم لیس من رعایا دولة الاحتلال ، وھو بذلك غیر ملزم بأي واجب للولاء نحوھا . كما لم تمھل الاتفاقیة فئة الأشخاص القصر، حیث أشارت في آخر فترة من المادة 68 انه لا یجوز بأي حال إصدار حكم بإعدام شخص محمي تقل سنه عن ثمانیة عشر عاما وقت ارتكاب الجریمة ، ولقد تمت إضافة ھذا النص تبعا لاقتراح من الاتحاد الدولي لحمایة الأطفال والذي یقوم على أساس فكرة أن الأطفال لیسوا مسؤولین عن أفعالھم بسبب عدم نضجھم (6) كما نصت المادة 75 (7) أنه لا یجوز حرمان الأشخاص المحكوم علیھم بالإعدام بأي حال من حق رفع التماس العفو أو بإرجاء العقوبة ، وفیما یتعلق بتنفیذ حكم الإعدام فإن الحكم لا ینفذ قبل مضي مدة لا تقل عن ستة شھور من تاریخ استلام الدولة الحامیة للإخطار المتعلق بالحكم النھائي الذي یؤید عقوبة الإعدام أو بقرار التماس العفو أو إرجاء العقوبة ، وھذا الآجل یمكن تقلیصه في بعض الحالات الخاصة والخطیرة التي تتعرض من خلالھا دولة الاحتلال أو قواتھا المسلحة لتھدید منظم لأمنھا وعلى الدولة الحامیة أن تتلقى أخطارا بخفض المھلة لو تعطي لھا الفرصة دائما لإرسال ملاحظاتھا في الوقت المناسب بشأن أحكام الإعدام ھذه إلى سلطات الاحتلال المختصة . لقد استجابت الاتفاقیة الرابعة لنداء اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر على أمل أن تفرض عقوبة الإعدام على عدد محدود من الجرائم وھذا ما إلتمسناه في المادة 68/2 كما أن ھذه الاتفاقیة أعملت على دعوة الدول الإلغاء عقوبة الإعدام من اجل حمایة رعایاھا من تطبیق العقوبة في حالة الاحتلال العسكري .
______________
1- ھذا المشروع تم اعتماده من قبل المؤتمر الخامس عشر للجنة للدولیة للصلیب الأحمر
2- Ioannou Nakou.Op.CiT.P. 8
3-I bid.p.8
4-I dem
5- أنظر : أبو أنلة ( محمود رفیق ) ، موسوعة حقوق الإنسان ، مجلد ج 1، ( حقوق الإنسان في الاتفاقیات والقرارات ) الدولیة التي صدرت في ظل الأمم المتحدة ، القاھرة ، مطابع الأھرام ، 197 ، ص 262.
6- انظر: المرجع السابق ، ص . 262 .
7- انظر: أبو اتلة ( محمود رفیق ) ، المرجع السابق ، ص 265 ، ملخص اتفاقیات جنیف الأربع ، اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر ، الطبعة السادسة ، المركز الإعلامي القاھرة 2005 ، ص . 17
عقوبة الاعدام في البروتكولين الاضافيين لاتفاقيات جنيف :
لقد نالت كل اتفاقیات جنیف موافقة الدول بصفة كبیرة ، ولكن لسوء الحظ فإن ھذا لا ینطبق على البروتوكولین الإضافیین لھذه الاتفاقیات ، وبما أن عقوبة الإعدام ھي محور بحثنا واھتمامنا فكیف تجسد موقف ھذین البروتوكولین من عقوبة الإعدام ؟
إذا كانت اتفاقیات جنیف الأربع صنفت حسب الشخص الذي وجھت لحمایته فإن البروتوكولین الإضافیین لعام 1977 (1) یتم التمیز بینھما بحسب نوع النزاع فالبروتوكول الأول الملق باتفاقیات جنیف المعقودة في 12 أوت 1949 ، متعلق بحمایة ضحایا النزاعات المسلحة الدولیة ، أما البروتوكول الإضافي الثاني فھو متعلق بضحایا المنازعات المسلحة عن غیر الدولیة . یتضمن البروتوكول الأول مادتین متعلقتین بعقوبة الإعدام ، فالمادة 76 في فقرتھا الثالثة تحظر فرض عقوبة الإعدام على النساء الحوامل وأمھات صغار الأطفال اللواتي یعتمد علیھن أطفالھن بسبب جریمة تتعلق بالنزاع المسلح ، كما أنه لا یجوز أن ینفذ حكم الإعدام على مثل ھؤلاء النسوة . بالإضافة إلى المادة 75 التي جاءت ببعض الضمانات والتي تتمثل في فرض المعاملة الإنسانیة على كافة الأشخاص الذین ھم في قبضة أحد أطراف النزاع مع تمتعھم بحد أدنى من الحمایة التي تكفلھا لھم ھذه المادة دون تمییز ، كما تحظر ھذه المادة مجموعة من الأفعال سواء ارتكبھا مدنیون أو عسكریون كممارسة العنف إزاء حیاة الأشخاص مثل القتل – التعذیب ،العقوبات البدنیة ، انتھاك الكرامة الشخصیة ، أخذ الرھائن ، التھدید ….الخ . وعلیه فالبروتوكول الإضافي الأول یحظر تنفیذ عقوبة الإعدام بجریمة تتعلق بالنزاع المسلح على الأشخاص الذین لا یكونون قد بلغوا بعد الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجریمة ( المادة 77 )(2) في المشروع الأولي للبروتوكول الذي أعدته اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر قبل المؤتمر الدبلوماسي 1947 ، تناول حظر تنفیذ عقوبة الإعدام على النساء الحوامل فقط ، دون أن یشمل ھذا الحظر أمھات صغار الأطفال ، ولقد فسرت اللجنة تقدیمھا لھذا الاقتراح أنھا استوحتھ من الواقع المعیشي ومن الظروف التي تعیشھا ھذه الفئة . وفي ھذا الصدد أعربت اللجنة عن رغبتھا في رؤیة مثل ھذا الحظر یشمل فترة زمنیة معقولة بعد ولادة الطفل ، وھو التعدیل الذي تقدمت بھ ألمانیا ، كما تقدمت وفود أخرى باقتراح وھو استبدال مصطلح ینفذ ب ” تنفیذ أو حكما ” . من خلال المادة 76 نلاحظ أنھا استعملت مصطلحین ” حكم ” وتنفیذ ” حیث ربطت المصطلح الأول بعبارة ” یجنب قدر المستطاع ” ، وذلك بإشارتھا إلى محاولة أطراف النزاع العمل على تجنب إصدار أحكام بالإعدام على النساء الحوامل وأمھات صغار الأطفال لتضیف في جزء أخیر من المادة أنه لا یجوز تنفیذ حكم الإعدام على مثل ھؤلاء النسوة (3) إن الحظر الوارد في المادة 76/3 یتعلق بالجرائم المرتكبة التي لھا ارتباط أو اتصال بالنزاع المسلح اما المادة 77/5 والمادة 2 من البرتوكول الأول فھما تحظران عقوبة الإعدام ضد الأشخاص القصر الذین تقل أعمارھم عن 18 سنة وقت ارتكاب الجریمة . لقد تم اقتراح ھذا النص في مشروع تم إعداده من طرف لجنة الصلیب الأحمر لمؤتمر الخبراء الحكومیین حیث تم إعادة طرحه مرة أخرى دون أي تغییر جوھري في المؤتمر الدبلوماسي لعام 1974 ولقد فسر ممثل اللجنة ذلك أنه تكرار للمادة 68 /4 من اتفاقیة جنیف الرابعة لكن إدراجھ في البروتوكول الأول سیعمم الحمایة لھذه الفئة .
ففي بدایة الأمر قام المكلفون بالصیاغة باستعمال عبارة ” مفروضة ” وذلك على النحو التالي : “عقوبة الإعدام لا یمكن فرضھا ضد الأشخاص الذین تقل أعمارھم عن 18 سنة وقت ارتكاب الجریمة وفي وقت لاحق استبدلت كلمة مفروضة ” تنفیذھا ” لأنھا اعتبرت أكثر فعالیة وأكثر دلالة . (4) إن النصوص المتعلقة بعقوبة الإعدام في البروتوكول الإضافي الثاني المتعلق بالنزاعات المسلحة غیر الدولیة ، تم وضعھا بصعوبة بسبب طموحات لجنة الصلیب الأحمر الدولیة ، من جھة ومن جھة أخرى عداء بعض الدول للجنة بحجة أنھا تتدخل في الشؤون الداخلیة الدولیة ، كما أن بعض أحكامه تتداخل مع أحكام العھد فیما یخص الحقوق المدنیة والسیاسیة ومع الآلیات الإقلیمیة لحمایة حقوق الإنسان فالنص الوحید الوارد في البروتوكول الثاني المتعلق بعقوبة الإعدام ھو النص الشبیھ بالمادة 6/5 من العھد الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة وھو ینص على : ” لا یجوز أن یصدر حكم بالإعدام على الأشخاص الذین ھم دون الثامنة عشرة وقت ارتكاب الجریمة كما لا یجوز تنفیذ عقوبة الإعدام على أولاة الأعمال أو أمھات صغار الأطفال ” . لقد أراد الفریق العامل على صیانة البروتوكول الثاني الذھاب إلى أبعد مما ورد في العھد فیما یخص عقوبة الإعدام وذلك بوقف تنفیذ عقوبة الإعدام حتى نھایة النزاع على أمل أن یتم العفو كشكل من أشكال المصالحة ، لكن تم إلغاء ھذا الاقتراح في آخر لحظة .
أثناء التحضیر لمؤتمر الخبراء الحكومیین لسنة 1972(5) قامت لجنة الصلیب الأحمر بوضع مشروع بروتوكول ملحق للمادة الثالثة المشتركة بین اتفاقیات جنیف الأربع والذي ذھب إلى أبعد ما ذھبت إلیه المادة الثالثة، حیث أن مشروع البروتوكول نص على أن المقاتلین المتواجدین لدى سلطات العدو لا ینفذ فیھم عقوبة الإعدام إذا كانت جریمتھم الوحیدة ھي المشاركة في النزاع المسلح . یبدو ھذا النص انه یضمن للمقاتلین في النزاعات المسلحة غیر الدولیة حصانة من تنفیذ عقوبة الإعدام، لكن لم یتم الترحیب بھذا الاقتراح وتم رفضه، وعلیه قدمت اللجنة اقتراحا للوصول إلى حل وسط وھو التوقیف الاختیاري لتنفیذ عقوبة الإعدام حتى نھایة الأعمال العدائیة، حیث عرض ھذا الاقتراح من خلال مشروع بروتوكول قدم للمؤتمر الدبلوماسي عام 1974 محتجین بان الحظر التام ھو أمر مستحیل . بعد التشاور الذي تم بینھم وبین خبراء في القانون الجنائي ، فھذا النص لا یعارض القوانین الوطنیة بسبب أنه لا بلغني فرض عقوبة الإعدام ، بل ھو مجرد تأجیل تنفیذ الحكم بعد انتھاء الأعمال العدائیة وفي ھذا الصدد عارضت باكستان ھذا الاقتراح مبرة ذلك بتشریعھا الوطني فحسب ھم الأخیر كل أحكام الإعدام یجب تنفیذھا خلال 3 أشھر وإلا فسیخضع المحكوم علیھم إلى التعذیب والمعاملة اللاإنسانیة المھنیة بسبب طول المدة، ولقد أثار ھذا الاقتراح جدلا واسعا بین الوفود لكن في نھایة المطاف تم اعتماده كما استمر النقاش حول إمكانیة توسیع فئة الأشخاص المحمیین إلى جانب حمایة النساء الحوامل والأشخاص الذین تقل أعمارھم عن 18 سنة وأمھات صغار الأطفال . (6) بالرجوع إلى الأعمال التحضیریة للبرتوكول الثاني ( 7) وبالتحدید أثناء مناقشة مشروع المادة 6 في إطار مؤتمر الخبراء الحكومیین ، تضمن النص الخاص بالأطفال نسختین الأولى موجھة للذین تقل أعمارھم عن 15 سنة ، أما الثانیة فتتعلق بأولئك دون سن الثامنة عشرة حیث أجمع الخبراء ماعدا خبراء الولایات المتحدة الأمریكیة على أن یكون السن المعمول بع ھو 18 سنة ولكن بالرغم من ھذا الإجماع لم یسلم ھذا النص من المعارضة ، فقد عارضت باكستان إدراج مثل ھذا النص بسبب انه قد یشجع الشباب على المشاركة في النزاعات المسلحة . إن الصیاغة النھائیة للمادة 6 ھي بمثابة تسویة جاءت عقب مفاوضات ، حیث رفض اقتراح اللجنة بشأن توقیف تنفیذ العقوبة حتى نھایة الأعمال العدائیة لقد حقق البروتوكولین الأول والثاني تقدما وتطورا في الاتجاه نحو إلغاء عقوبة الإعدام كما وسعا من مجال الحمایة لفئات مختلفة من الناس بالرغم من أن الموافقة علیھا لم تكن واسعة من طرف الدول .
_________________
1- انظر: أبو أنلة ( محمود رفیق ) ، موسوعة حقوق الإنسان ، مجلد ج 1، ( حقوق الإنسان في الاتفاقیات والقرارات الدولیة التي صدرت في ظل الأمم المتحدة ، القاھرة ، مطابع الأھرام ، 197 ، ص . 262 .
2- انظر: أبو انلة ( محمود رفیق ) ، المرجع السابق ، ص 265 ، ملخص اتفاقیات جنیف الأربع ، اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر ، الطبعة السادسة ، المركز الإعلامي القاھرة 2005 ، ص . 17
3- أعتمد أو غرض للتوقیع والتصدیق والانضمام من قبل المؤتمر الدبلوماسي لتأكید القانون الدولي الإنساني المنطبق على النزاعات المسلحة وتطویره ، وذلك بتاریخ 8 حزیران 1977 تاریخ بدء النفاذ 7 دیسمبر 1978 وفقا لأحكام 23 ، المادتین 95
4- انظر: المنظمة العربیة للإصلاح الجنائي ، عقوبة الإعدام في الوطن العربي ، دراسة حول عقوبة الإعدام في بعض . الدول العربیة ، 2007، ص . 67 .
5- أنظر : بن براھیم فخار (حمو) ، عقوبة الإعدام دراسة مقارنة ، رسالة ماجستیر ، جامعة الجزائر، كلیة الحقوق ، سنة 2002، ص91
6-I oanna Nakou Op. Cit P. 7
7- I bid :
المؤلف : جودي زينب .
الكتاب أو المصدر : عقوبة الاعدام بين التشريعات الوطنية والقانون الدولي
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً