الأطراف المتعاقدة في التجارة الكترونية
إعداد: شايفة بديعة
باحثة في صف الدكتوراه تخصص قانون خاص تحت إشراف الدكتور برايك الطاهر
مقدمة
يعد موضوع التجارة الكترونية عبر الانترنيت من أكثر الموضوعات الحديثة في عصر المعلومات
إثارة للجدل القانوني في وقتنا الحاضر، وما ينتج عنها من معاملات الكترونية أو تعاقدات الكترونية أصبحت تمثل محورا أساسيا في حياة الأفراد والمؤسسات بل الحكومات أيضا لا يمكن الاستغناء عنها في ضل التطور السريع والمتلاحق للمعاملات التجارية عبر الوسائل الكترونية الحديثة.
لاشك في أن ظهور شبكة الانترنيت وما أحدثته من ثورة في قطاع الاتصالات ،أتاح للإنسان الحصول على مايريد من المعلومات ،وبسرعة زمنية قياسية لم يشهدها العالم من قبل ،فسهلت هذه الشبكة تنظيم المعاملات بين الأفراد ، وخصوصا في مجال التعاقد والمرسلات ،بحيث يستطيع أي شخص أن يبرم العقود وان يتفاوض بشأنها مع أية جهة أخرى ،وأينما وجدت مادامت تتصل بشبكة الانترنيت .
وعلى الدور الفعال الذي يلعبه التعاقد عبر شبكة الانترنيت إلا انه يثير العديد من الإشكاليات والمخاطر، وحيث أن كل بيئة جديدة تثير تحديات قانونية لابد من الوقوف أمامها لإيجاد التنظيم المناسب لها ، من خلال ما سبق ذكره ونظرا لأهمية التعاقد بين كافة المتعاملين في التجارة الكترونية عبر الانترنيت يقتضي منا التعرف على ما هية الأطراف المعاملات التجارة الكترونية ؟ وماهي الإشكاليات والمخاطر التي يثيرها التعاقد عبر شبكة الانترنيت؟
ويتم معالجة الموضوع منتهجين أسلوب الوصف والعرض وفق مبحثين:
المبحث الأول: أساسيات المعاملات التجارية الكترونية
تعرف التجارة الإلكترونية بأنها: «ممارسة كل الأنشطة التجارية من شراء وبيع وتبادل للمنتجات وتقديم الخدمات والتسوية المالية والتعاملات المصرفية باستخدام الوسائط والشبكات الإلكترونية*».
باستقراء تعريف التجارة الإلكترونية يتضح أنها تتم عن طريق وسائط إلكترونية . وهذه الوسائط تتمثل فى أدوات متعددة بعضها معروف من قبل واستخدم منذ زمن طويل مثل التلفون والتلفزيون والفاكس, وبعضها أكثر حداثة وتطورا مثل أجهزة الحاسب الآلي والشبابيك الإلكترونية في البنوك والإنترنت, وكل هذه الأدوات ظهرت بفضل الثورة العلمية الهائلة التي حدثت في السنوات الأخيرة. وبفضل هذه الأدوات المتعددة أصبحت توجد معاملات متطورة , فنسمح الآن عن الشراء (1) عن طريق التلفــــون ويسمى بالتجــــــارة الصوتـيـــــــــــة Telechat)و (Voice commerce وغيرها من المعاملات التجارية الحديثة.
المطلب الأول: الأدوات الرئيسية للتجارة الكترونية
رغم تعدد الأدوات الرئيسية التي تعتمد عليها التجارة الإلكترونية فإنه يمكن القول بأن هناك ست أدوات رئيسية تعتمد عليها التجارة الإلكترونية
ونوضح فيمايلى طبيعة الدور الذي تؤديه كل أداة في مجال التجارة الإلكترونية وذلك علي النحو التالي
الفرع الاول: التليفون
يعد التلفون من الأدوات المستخدمة منذ زمن طويل (2) ويعد هو الأداة الأكثر استخداما في مجال التجارة الإلكترونية. ويقدر عدد المشتركين بحوالي(3) مليار خط واشتراك في التلفون في العالم
ويسمح التلفون بعمل دعاية لكثير من السلع والخدمات لاسيما أنه يتمتع بميزة الاستعمال الميسور للكثير من الأفراد، ورغم الأهمية التي يحتلها التلفون في مجال التجارة الإلكترونية إلا أنه لايصلح للاستخدام أحيانا في إتمام المبادلات التي تستلزم تسليم مستندات معينة, مما يحتم الاعتماد على أدوات أخرى مثل الفاكس
الفرع الثاني: الفاكس
يهيئ الفاكس حلا سريعا بوصفه طريقة لنقل المستندات بالنسبة لرجال الأعمال, وتتمثل الميزة الأولي للفاكس في أن هذه الآلة تحل محل خدمات البوسطة التقليدية في إمكانية توصيل المستندات بسرعة كبيرة، كما أن الفاكس به إمكانية الاحتفاظ بالمراسلات التجارية ويمكن عن طريق الفاكس إتمام الكثير من المبادلات والإعلانات وتبادل أوامر الدفع وبعض الصور الخاصة بالمبادلات
الفرع الثالث: التلفزيون
يلعب التلفزيون دورا جوهريا في مجال التجارة الإلكترونية . ويقدر البعض (4) بأنه يوجد حوالي مليار مشاهد يتعرفون على مشترياتهم عبر التلفزيون, ولكن يبقى أن التلفزيون وسيلة مشاهدة فقط. وعلى الرغم أن التلفزيون يعتبر أكثر انتشارا من التلفون , إلا أن أحد القيود التي ترد علي التلفزيون- بوصفه وسيلة تتعلق بالتجارة الإلكترونية- هو أن إتمام الصفقات من خلاله يحتاج لمراحل متعددة
الفرع الرابع : نظم الدفع الإلكتروني
يترتب علي استخدام نظم الدفع الإلكتروني في مجال التجارة الإلكترونية حث التجارة الإلكترونية علي التقدم والازدهار بشكل كبير. ويترتب علي ذلك بالتبعية نمو سوق البطاقات الإلكترونية .
إن نظم الدفع الإلكترونية ودفع النقود عبر الشبابيك الإلكترونية في البنوك, وبطاقات الائتمان والبطاقات الذكية كلها تشكل جانبا من التجارة الإلكترونية
ولا تستخدم نظم الدفع الإلكتروني في الإرسال والاستقبال فقط, ولكنها تستخدم حاليا كأدوات رئيسية سواء في التجارة الإلكترونية أم التقليدية ،والملاحظ في السنوات الأخيرة أن البطاقات أصبح لها قدرات هائلة على تخزين المعلومات , وبصفة خاصة البطاقات المسماة بالبطاقات الذكية. وأصبحت هذه البطاقات منتشرة بصورة كبيرة في الدول المتقدمة مثل أوربا والولايات المتحدة الأمريكية. إذ يشيع الآن استخدام مثل هذه البطاقات في البيع والشراء وهى مزودة بحد أقصى لايمكن الشراء بعده وذلك حتى تتوفر الثقة في مثل هذه الأدوات وتنتشر البطاقات كذلك في مجالات كثيرة مثل بطاقات الهاتف وغيرها
الفرع الخامس : نظام الإرسال الالكتروني:
يؤدى نظام الإرسال الإلكتروني إلى تسهيل تبادل المراسلات وسرعتها, وبالتالي يسهل إتمام المعاملات التجارية بين المشروعات بعضها البعض, وتكون محصلة كل ذلك توسع التجارة وازدهارها عبر الإنترنت. ويعد الإرسال الإلكتروني- الآن- أحد الأدوات الرئيسية للتجارة الإلكترونية.
ويسمح هذا النظام لأجهزة الحاسب الآلي الموجودة في مشروعات مختلفة بتبادل الوثائق والمستندات والمعلومات دون تدخل من جانب الإنسان. ويترتب على استخدام هذه الأداة تقليل النفقات عموما, وفى المقابل سرعة إتمام العرض, والتسجيل, وطلب البضاعة
ويترتب على استخدام نظم الإرسال الإلكتروني تخفيض النفقات(5) من 5 إلي 20% وكسب 50% من الوقت المخصص لإتمام الإجراءات وقد أمكن تعميم هذا النظام في قطاعات متعددة مثل إدارات الجمارك مما أدى إلى تسهيل التجارة الدولية
الفرع السادس : الإنترنت
الإنترنت (6) شبكة عالمية (على نطاق عالمي) من الشبكات الحاسوبية المختلفة المتصل بعضها ببعض بواسطة وصلات اتصالات بعيدة. وهذه الشبكة مكونة من منظمات ومؤسسات متنوعة تشمل الدوائر الحكومية والجامعات والشركات التجارية التي قررت السماح للآخرين بالاتصال بحواسبها ومشاركتهم المعلومات. ويعود إلى كل منظمة أو مؤسسة أمر تجديد أسس عرض هذه المعلومات. مقابل ذلك يمكن لهذه المؤسسات استعمال معلومات مؤسسات ومنظمات أخرى. ولا يوجد مالك حصري للإنترنت , وأقرب ما يمكن أن يوصف بالهيئة الحاكمة للإنترنت هو العديد من المنظمات الطوعية مثل جمعية الإنترنت أو الفريق الهندسي المساند للإنترنت
ونظرا لأن الإنترنت يلعب دورا هاما في مجالات متعددة للتجارة الإلكترونية, فإن غالبية الدراسات (7) المتعلقة بالتجارة الإلكترونية تهتم بدراسة تطور الإنترنت ووظائفه وأثره علي التنمية الاقتصادية
لقد بدأت أهمية الإنترنت في التزايد منذ الستينيات حيث بدأ كوسيلة أساسية في الاتصالات (8), ويرجع الفضل للعالم Paul Paran في اكتشافه عام 1962, وفي عام 1969 (9) وجدت شبكة باسم ARRANET(Advanced Research project Agency Network) تأسست بين أربع جامعات أمريكية بمساعدة وزارة الدفاع. ومن بعدها استطاع الكثير من المستخدمين استعمال الشبكة . وبعد ذلك ذاع استخدام الإنترنت في العالم, ففي (10) عام 1997 اتضح أن أكثر من 110 دولة في العالم تستخدم شبكة الإنترنت، وفى عام 1998 قدر عدد المستخدمين للإنترنت بحوالي 147 مليون مستخدم علي مستوى العالم, وقد زاد هذا العدد ليكون في عام 2000 حوالي(11) 300 مليون مستخدم علي المستوى الدولي. وسيترتب علي شيوع استخدام الإنترنت نمو التجارة الإلكترونية وازدهارها, ومن المتوقع أن يصل حجمها إلي 2 أو 3% عام 2001 وستشكل حوالي 14 % من كل نفقات الاستهلاك عام 2007
وعلي ذلك يمكن القول – بحق- أن الإنترنت سيكون أداة فعالة متعددة الاستخدامات لإتمام العمليات التجارية. انه يسمح بإتمام الكثير من العمليات عبر الشبكة سواء كانت بين المنتجين أم المستهلكين وكذلك بين الدول بعضها وبعض. فعلي سبيل المثال بعد رؤية للشخص لإعلان ما عبر الإنترنت فإن المستهلك في أية دولة يستطيع أن يطلبه فورا عبر الإنترنت ،وقدر عدد المستخدمين للإنترنت لشراء منتجات في فرنسا عام 1994 بحوالي مليون شخص وفي المقابل كان هناك أكثر من 000ر8000 شخص في أمريكا (12) وفي تقدير تم لحجم استخدام الإنترنت تبين أن فرنسا (13) قد حصلت على 20 درجة من 200 , بينما حصلت الولايات المتحدة الأمريكية على120 درجة في هذا المجال.
وبالإضافة إلى ما سبق فإن استعمال الإنترنت في مجالات معينة يعد أرخص من غيره من الوسائل, فضلا عن أنه يعد أداة تسلية للكثير من الناس(14).
وأمام الأهمية المتعاظمة للإنترنت فإن الاتجاهات العلمية الحديثة تسعى نحو تحسينه وتقليل تكاليف إنتاجه واستخدامه, فضلا عن وضع الأطر القانونية الكفيلة بحسن استخدامه وحمايته
وفي النهاية تجدر الإشارة إلي أن كل أدوات التجارة الإلكترونية مستمرة في التطور والنمو والازدهارية
المطلب الثاني : أطراف التجارة الكترونية
يتبين مما سبق ان التجارة الكترونية تشمل على كافة انواع المعاملات التجارية التي تعتمد على المعالجة،
وتداول البيانات في شكل نصوص أو أصوات او صور وهذا يعني ان هذه يعني التجارة تمتد إلى كافة أشكال التجارة التقليدية عن طريق استخدام وسائل حديثة لنقل المعلومات مثل الفاكس وهو لايتطلب وجود سلطة مصادقة على عكس كل من التلكس و الانترنيت فالتعامل من خلالهما يستلزم عادة وجود طرف ثالث يؤكد على توقيعات وموافقات الأطراف (15)،الأمر الذي يدفعنا إلى إلقاء نظرة على الأشكال الواقعية وللتجارة والخدمات ،الالكترونية ، وبيان ذلك يقتضي تصنيفها كما يلي :
تجارة إلكترونية بين الشركات BUSINESS TO BUSINESS(B2B) الفرع الأول :
يعد هذا النوع من أقدم أنواع التجارة الإلكترونية، والمقصود به هو التعامل بين التجار وبعضهم البعض ويتم هذا النوع من التجارة بين مؤسسات الأعمال بعضها البعض وفيها يتم استخدام شبكة الإنترنت من خلال تقديم طلبات الشراء إلى الموردين وتسلم الفواتير، وكذلك القيام بعملية الدفع ويعد هذا الشكل من أكثر أشكال التجارة الإلكترونية انتشارا(16 ) .
لأن الغالبية العظمى من معاملات التجارة الإلكترونية تتم بين الشركات التجارية الدولية، وهذا النوع من التجارة يعتمد أساسا على اتفاقيات التبادل الإلكتروني للبيانات(17).
ثالثا : تجارة إلكترونية بين المستهلكين
النمط الثالث من أنماط التعامل في التجارة الإلكترونية بين المستهلكين بعضهم البعض، والذي انتشر مع شيوع استخدام الإنترنت وتطور التقنيات الحديثة، ومثال هذا النوع المعاملات التي تتم من خلال المتاجر الإلكترونية بقيام المستهلك بتقديم البضائع في المزاد، لكي يزايد المستهلكون الآخرون على ثمنها ويقوم المتجر الإلكتروني بالخدمة من خلال إتاحته للمستهلكين بوضع بضائعهم للبيع على موقعه، ومن أمثلة تلك المواقع موقع جريدة الوسيط الإلكترونية على شبكة الإنترنت والتي تتيح من
خلال موقعها للعديد من المستخدمين عرض بضائعهم ومنتجاﺗﻬم وعقاراﺗﻬم وغيرها بغرض البيع والاتجار عبر شبكة الإنترنت(18)، وهنا يثور التساؤل: هل تصرفات المستهلكين مع بعضهم البعض تندرج ضمن الأعمال التجارية أم لا ؟
بعض الفقهاء الفرنسيين يرون أن التجارة الإلكترونية هي إحدى طرق التجارة الدولية، حيث يتم إعمال القانون التجاري الفرنسي على التجارة عبر الإنترنت، لأن المادة الأولى من القانون التجاري الفرنسي تنص على أن التجار هم من يمارسون أعمال التجارة بشكل اعتيادي، وهكذا يمكن إعمال هذه المادة على التجارة عبر الإنترنت، كما أنه بالرجوع إلى أحكام نص المادة 45 من الجزء 102 /أ من القانون الفيدرالي الأمريكي الموحد لمعاملات الكمبيوتر لعام 1999، والتي عرفت التاجر بأنه » الشخص الذي يقوم على سبيل الاحتراف بعمل من الأعمال التالية : جمع المعلومات، ممارسة أي مهنة أو حرفة، تشغيل العاملين وتوظيفهم « ، كما تنص المادة 2 من القانون الجزائري رقم 59/ 75 لعام«1975يعد عملا تجاريا بحسب موضوعه :
– كل شراء للمنقولات لإعادة بيعها بعينها أو تحويلها أو شغلها.
– كل شراء للعقارات لإعادة بيعها « ….. والمادة الأولى عرفت التاجر بأنه: » يعد تاجرا كل شخص طبيعي أو معنوي يباشر عملا تجاريا ويتخذه مهنة معتادة له، ما لم يقضي القانون بخلاف ذلك « ومفاد ذلك أنه يشترط لاكتساب صفة التاجر ممارسة الأعمال التجارية على وجه الاحتراف، ومن ثم فإن اعتياد أحد المستهلكين على عرض منتجاته يعد بلا شك عملا تجاريا تطبق عليه قواعد القانون التجاري، كما أن المشرع الجزائري يجعل بعض الأعمال تكتسب صفة التجارية حتى ولو وقعت لمرة واحدة، وعلى ضوء ذلك فإن شراء أحد مستخدمي الإنترنت لمعلومات أو بضائع من موقع معين بغية استغلالها تجاريا يعتبر من الأعمال التجارية حتى ولو وقعت مرة واحدة، لأﻧﻬا تخرج عن غرض الشراء بقصد الاستخدام الشخصي والذي يعد معيارا للتمييز بين العمل التجاري والعمل المدني.
رابعا : تجارة إلكترونية بين الحكومة والمنتجين GOVERNMENT TO BUSINESS (G2B)
هذا الشكل يعد من أشكال التجارة الإلكترونية التي تتم بين الحكومات والمنتجين، ومن أهم أمثلتها عقود المزايدات والمناقصات والتوريدات الحكومية، ويمكن تعريف المعاملات الإلكترونية الحكومية بأﻧﻬا الاستخدام الفعال لجميع تقنيات المعلومات والاتصالات، لتسهيل وتسريع التعاملات بدقة عالية داخل الهيئات الحكومية وبينها وبين تلك التي تربطها بالأفراد وكذا قطاعات الأعمال. وبالنظر للطبيعة القانونية لهذه الأعمال يتبين أﻧﻬا أعمالا تجارية بالنسبة للموردين لكوﻧﻬا تمارس بشكل معتاد، وعادة ما يكون لهؤلاء سجل داخل الهيئات الحكومية يقيدون فيه مسبقا، كذلك يمكن تحديد تجاري لهذه الأعمال بالرجوع إلى القانون التجاري والقانون المدني وكذا القوانين الخاصة الأخرى. بالإضافة إلى ما سبق هناك ما يعرف باسم التعاملات بين الحكومات والمواطنين
GOVERNMENT TO CONSUMERS (G2C) ،وهذه التعاملات تعتمد بشكل أساسي على تقديم الخدمة للمواطنين، ويصعب اعتبارها من أشكال التجارة الإلكترونية، ومن أهمها إصدار التراخيص وتبادل المعلومات وخدمات التعليم عن بعد، وما يمكن قوله أن العلاقة بين الحكومة
والمواطنين في التعامل الإلكتروني لا تندرج ضمن الربحية مناط العمل التجاري، وإنما تتخذ شكل الخدمة العامة (19).
المبحث الثاني : ايجابيات وسلبيات التجارة الكترونية
إن التجارة الإلكترونية قد حظيت باهتمام كبير من جانب المشروعات التجارية، وأيضا من جانب المستهلكين، وذلك لاتسامها بالعديد من المزايا الواقعية، التي تساهم في سرعة تدفق البضائع والخدمات والمعلومات عبر الحدود الوطنية للدول، وقد ترتب على ذلك تنامي هذه التجارة خلال سنوات قليلة، وفي نفس الوقت فإن طبيعة الإنترنت كشبكة مفتوحة وارتباطها بوجود العولمة
الاقتصادية قد أدى إلى ظهور العديد من المخاطر.
المطلب الأول : ايجابيات التجارة الإلكترونية
إن لهذه التجارة مزايا متعددة يتعلق بعضها بالأطراف المتعاملة ﺑﻬا والبعض الأخر لعوامل الزمان والمكان ووسائل الإبرام المتاحة لها، ولبيان أهم المزايا نستعرض النقاط التالية :
الفرع الاول : حلول المستند الكتروني محل المستندات الورقية في المعاملات التجارية
يقوم الورق بدور رئيسي في التجارة ولاسيما الدولية منها، فالأوراق هي التي تحمل المعلومات والتعليمات وتستخدم في التوثيق والتصديق، فالورق له كثير من الخواص، فهو رخيص الثمن ويسهل استخدامه، ولكن يعيبه أنه يحتاج إلى حيز مكاني كبير لتخزينه، والكميات الضخمة من الأوراق المستخدمة في التجارة تؤدي حتما إلى تكاليف نقل وتداول مرتفعة، وبسبب هذا الكم الهائل من الأوراق فإنه يصعب الحصول على المعلومة بسرعة وهذا التأخير لا يمكن قبوله في التجارة الدولية في عصر تزداد فيه الفائدة البنكية، والهدف من التجارة الإلكترونية هو خلق مجتمع المعاملات اللاورقية، أي إحلال دعائم إلكترونية محل الورقية، والاستغناء عن المستند الورقي بالمستند الإلكتروني للتغلب على سلبيات المستندات الورقية، ومن هذه السلبيات بطء حركة المستندات الورقية، واحتمال تأخير إجراءات الجمارك وتعرض البضاعة لخطر الفساد والتلف، وشغلها حيز كبير للحفظ.
وتتميز المعاملات الإلكترونية بعدم وجود أي وثائق ورقية، إذ أن كافة الإجراءات والمراسلات بين طرفي المعاملات تتم إلكترونيا، وهو ما يتفق مع الغرض من التجارة الإلكترونية، وهكذا يصبح المستند الإلكتروني(20(
الفرع الثاني :توفير الجهد اللازم للبيع والتسوق
التجارة الإلكترونية تعزز فرص التوسع في إمكانية الحوار بين المنتجين والمستهلكين، لأﻧﻬا تقل المسافة بينهم،وبالتالي يجد المستهلك حاجته دون جهد كبير أو عناء، وقد أدى ذلك إلى الارتقاء بجودة المنتجات أو الخدمات قبل البيع وبعده، ومن هنا تم تحسين فعالية وكفاءة السوق، وذلك من خلال التعامل على نحو مباشر دون تدخل الوسطاء التقليدين مثل المستوردين والمصدرين وتجار الجملة والتجزئة (21) .
الفرع الثالث : توفير الوقت وحرية الاختيار
التجارة الإلكترونية تؤدي إلى اختصار الزمان، وبالتالي توفير الكثير من الوقت، وهذه الحقيقة الجديدة في عالم الأعمال قدا مهدت الطريق لهذه التجارة نحو اتساع الأسواق بأقل تكلفة، وإتاحة الفرص للمؤسسات الكبيرة و المتوسطة والصغيرة على السواء في عرض منتجاﺗﻬا من خلال الاتصالات السريعة التي تختصر الوقت.
كما توفر التجارة الإلكترونية فرصة رائعة لزيارة مختلف أنواع المحلات على الإنترنت، وبالإضافة إلى ذلك فهي تزود الزبائن بالمعلومات الكاملة عن المنتجات ومواصفاﺗﻬا وأسعارها وصيانتها ومقارنتها بغيرها من السلع المتاحة، وإمكانية تجربة بعض السلع المعلن عنها مثل برامج الكمبيوتر والألعاب، وإمكانية التواصل مع شركات عالمية خارج النطاق المحلي(22).
الفرع الرابع:قوة المنافسة وزيادة نوع وكم الانتاج
كما أن التعامل إلكترونيا يفتح الباب واسعا لرفع درجة المنافسة لدى شركات العالم أجمع، الأمر الذي يؤدي إلى مواصلة المنافسة للوصول إلى العملاء، وذلك من خلال تحسين الإنتاج وزيادته وإبراز ما لدى هذه الشركات من قدرات إبداعية ومقومات تكنولوجية وصولا بالطاقة الإنتاجية لديها إلى درجة الاستغلال الكامل.
الفرع الخامس :انخفاض تكلفة وسيلة الاتصال والحد من مشاحنات الأسواق
إن مباشرة التجارة الإلكترونية عن طريق شبكة الإنترنت يتيح إمكانية التعامل بين أطراف العقود من خلالها، فهي تتم بتكلفة منخفضة خاصة عند الإعلان عن الشركات والمنتجات بصفة عامة، وهذا يشجع المستهلكون الجدد على ممارسة أنشطتهم التجارية أو بالاشتراك من خلال هذه التجارة، وتتزايد بذلك القوة الشرائية(23)، والتجارة عبر الإنترنت تحد من بعض الإحتككات والمشاحنات التي قد تحدث داخل الأسواق التقليدية بين الموردين والمستهلكين، ذلك لأﻧﻬا تجعل النشاط التجاري أقرب إلى المثالية ولاسيما بالنسبة للمستهلكين( 24)، حيث يكون بإمكان هؤلاء إبرام أكثر الصفقات بعد التفكير الهادئ وهم في موقعهم، دون أي مشاحنات أو قلق.
الفرع السادس :انخفاض أثمان شراء المتاجر وتكاليف العمل :
إن تكلفة إنشاء المتاجر الإلكترونية مقارنة بتكلفة المتاجر التقليدية تكون منخفضة(25) ، وينسحب ذلك على تكاليف أداء مهام العمل الإلكتروني، حيث تكون مهام الأعمال التقليدية أكثر كلفة، ومن أمثلتها الاتصالات ومراقبة المخزون السلعي وإجراء الحسابات والتعامل مع المستهلكين(26)
المطلب الثاني: المعوقات التي تعترض التجارة الإلكترونية:
على الرغم من كل هذه المزايا، هناك من المخاطر ما يهدد هذا النوع من التجارة، ولذلك سنتعرض للبحث في النقاط التالية للمخاطر التي ﺗﻬدد التجارة الإلكترونية وإمكانية تجنبها.
الفرع الأول:صعوبة إثبات حجية المستندات الإلكترونية :
يعد إثبات المستندات الإلكترونية من أهم المعوقات التي تواجه التجارة الإلكترونية، وذلك لاختلاف طبيعة المحرر الإلكتروني عن مثيله التقليدي(27) ، ومن المعلوم أن قواعد الإثبات اثنان: قواعد
موضوعية وقواعد شكلية(إجرائية)ومن ثم المتفق عليه أن قواعد الإثبات الإجرائية تعتبر من النظام العام لأﻧﻬا تتعلق بنظام التقاضي، أما قواعد الإثبات الموضوعية فبعضها يتعلق بالنظام العام بينما غالبية تلك القواعد ليست من النظام العام، لأﻧﻬا موضوعة أصلا لحماية المتخاصمين، ولهذا يجوز الاتفاق مقدما على مخالفتها، ولا يجوز للمحكمة أن تقضي ﺑﻬا من تلقاء نفسها، وفي كثير من التشريعات تم الإقرار لحجية المحررات الإلكترونية ومساواﺗﻬا بالمحررات التقليدية في الإثبات من خلال مبدأ التناظر
الوظيفي، ويقصد به المساواة في الحجية ما بين الكتابة الإلكترونية والكتابة التقليدية، والمثال على ذلك ما ورد في القانون الفرنسي على أنه يعتد بالكتابة المتخذة شكل إلكتروني كدليل شأﻧﻬا شأن الكتابة
على دعامة ورقية بشرط أن يكون في الإمكان ضرورة تعيين الشخص الذي صدرت منه وأن تعد وتحفظ في ظروف من طبيعتها ضمان سلامتها.
الفرع الثاني :انعدام الثقة في هوية المتعاقدين وتوقيعاﺗﻬم الإلكترونية :
يقصد بالوثوق في هوية المتعاقدة، تلك العملية التي يمكن خلالها التحقق من هوية الشخص الذي يمارس نشاطه عبر شبكة الإنترنت مع شخص أخر.
فالطبيعي أن تكون التجارة محاطة بالثقة عند إبرام العمل التجاري لتسهيل التحقق من هوية الأطراف ومدى حجيتها، إلا أن هذه الثقة قد تكون محدودة أو مهددة بعدم الصحة عبر الوسائل الإلكترونية، الأمر الذي قد يتشكك منه المستهلك، فيلجأ إلى البحث عن كل حماية للطمأنينة بشأن مدى إمكانية تنفيذ الطرف الأخر لالتزامه القانوني، ومدى قدرة أمن الاتصالات الإلكترونية في تحقيق لمصداقية.
ومن أهم سبل الوصول إلى هذه المصداقية موثوقية التوقيعات الإلكترونية لكافة الأطراف، على أساس أن هذه التوقيعات تعتبر بمثابة عنصر حيوي من عناصر نجاح التجارة الإلكترونية، طالما أﻧﻬا مؤهلة لاكتساب نفس الشروط التي يتطلبها القانون في التوقيعات اليدوية التقليدية.
الفرع الثالث : إشكالية المحافظة على سرية البيانات الشخصية :
فعلى مدى السنوات الماضية ومنذ ظهور الإنترنت تزايدت عمليات نقل البيانات، وهو ما أثير معه مسألة كيفية توفير السرية لهذه البيانات وحمايتها، وهذه الصعوبة تتعلق بالنواحي الفنية الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبرمجيات وأنظمة التشغيل، وهناك نقص واضح في الأمان والبروتوكولات التي تنظم عمل التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت، وأيضا أدوات تطوير البرمجيات في حالة تغيير مستمر.
الخاتمة
لقد أصبحت التجارة اٌلكترونية في وقتنا الحالي محرك فعال لتنشيط العمل التجاري بين الأطراف المختلفة المتعاملة فيه من أفراد و مؤسسات و إدارات ، لما تمنحه من انفتاح لخلق أسواق كبيرة تعرض فيها منتجات المؤسسات ، حيث هي فرصة للراغبين في البحث عن أساليب أنجح لتحقق أكبر الأرباح عن طريق قنوات الترويج و البحث عن زبائن و أسواق جديدة ، عبر الوسائل الإلكترونية بالاعتماد على نظم الدفع و السداد الحديثة .
قائمة الهوامش والمراجع
1/عمر خالد محمد الزریقات، عقد البيع عبر الإنترنت، رسالة دكتوراه، آلية الحقوق، جامعة عين شمس، 2005 ، ص1
(2) – Roger Leroy&Gay lord A, jentz, Law for electronic commerce, Thomson Learning, 2000, p4.
3/وهو عبارة عن جهاز یسمح بنقل البيانات بين Modulateur démodulateur هو اختصار لكلمة Modem – المودم
4/جهاز الكمبيوتر وخط الهاتف حتى یتمكن الشخص من تحقيق الاتصال بين الكمبيوتر والأطراف الإعلامية وبالتالي الدخول إلى شبكة الإنترنت.
5/ – عمرو عبد الفتاح ، المرجع السابق، ص 42
–6/ محمد السعيد رشدي، الإنترنت والجوانب القانونية لنظم المعلومات، مؤسسة دار الكتب للطباعة والنشر والتوزیع، الكویت، 997 ، ص11 )
–7/ مجلة البحوث القانونية والاقتصادیة، مجلة نصف سنویة محكمة تصدرها آلية الحقوق، المرجع السابق، ص 101 )
8/– بهاء شاهين، العولمة والتجارة الإلكترونية، رؤیة إسلامية، الطبعة الأولى، بدون دار نشر، 2000 ، ص 1)
–9/ عمرو عبد الفتاح علي یونس، المرجع السابق، ص 53 ) 59
10/-إبراهيم أحمد سعيد زمزمي، المرجع السابق ، ص54
11– ومن أهم الأنظمة الإلكترونية التي توفرها شبكة الإنترنت لأطراف التجارة الإلكترونية ما یلي: نظام الویب وهو عبارة عن قاعدة بيانات غير منسقة وغير منظمة موزعة على جميع أنحاء العالم، وأیضا ، WIDE WEB(www)
وهذه الخدمة تتيح استخدام شبكة الإنترنت كمكتب برید، بحيث یستطيع مستخدم الإنترنت بواسطتها e-mail البرید الإلكتروني إرسال أو تلقي رسائل من أشخاص آخرین.
12/التجارة الإلكترونية بين المحترفين تتطور بشكل ثابت ومستمر، حيث حققت في فرنسا تطورا ملحوظا، فقد حققت عشرة ) مليارات أورو عام 2005 ، إلا أن هذا الرقم یظل ضئيلا نسبيا بالنسبة للتجارة التقليدیة للسلع التي حققت أربع مائة مليار أورو. عام 2005
. 13/ عمرو عبد الفتاح علي یونس، المرجع السابق، ص 86 )
) –14/ دراسة عن التجارة الإلكترونية، مسائل تهم الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية في سياق المفاوضات المستقبلية. متعددة الأطراف، البنك الإسلامي للتنمية، عدد سبتمبر 2001 ، ص 46
. 15/– إبراهيم أحمد سعيد زمزمي، المرجع السابق، ص 56
16/ عایض راشد عایض المرى، مدى حجية الوسائل التكنولوجية الحدیثة في إثبات العقود التجاریة، رسالة دكتوراه، الحقوق، جامعة عين شمس، القاهرة، 1998 ، ص 34
17/ عمرو عبد الفتاح علي یونس، المرجع السابق، ص 8
18/إبراهيم أحمد سعيد زمزمي، المرجع السابق، ص 66 )
19/– إبراهيم أحمد سعيد زمزمي، المرجع السابق، ص 47 )
–20/ مراد محمود یوسف مطلق، التعاقد عن طریق وسائل الاتصال الإلكتروني –دراسة مقارنة– رسالة دكتوراه، آلية الحقوق، جامعة عين شمس، 2007 ، ص 3
/21/ إبراهيم أحمد سعيد زمزمي، المرجع السابق، ص 50 )
22/إبراهيم بختي، التجارة الإلكترونية، مفاهيم وإستراتيجيات التطبيق في المؤسسة، دیوان المطبوعات الجامعية، الجزائر. 2005 ، ص 67
23/إبراهيم أحمد إبراهيم، الإطار القانوني للتجارة الإلكترونية، مجلة التحكيم العربي، العدد السابع، جویلية 2001 ، ص 69
) 24/ نفس المرجع، ص 69
–25/ محمد إبراهيم عرسان أبو الهيجاء، القانون الواجب على عقود التجارة الإلكترونية، رسالة دكتوراه، جامعة الدول العربية معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، 2004 ، ص 31
. 26/ إبراهيم أحمد سعيد زمزمي، المرجع السابق، ص 52
27/ مهند عزمي مسعود أبو مغلي، القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي، رسالة دكتوراه، آلية الحقوق، جامعة عين ،شمس، 2005 ، ص 74
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً