كتاب نظرية الدفوع في القانون اليمني
الفصل الاول
المبحث الاول : تعريف الدفع
أ- في اللغة :-
الدفع في اللغة يأتي بمعنى التنحية و الإزالة يقال دفع عنه الأذى بمعنى نحاه و أزاله عنه ، و قد يراد بالدفع ” الاضطرار “يقال دُفع فلان إلى كذا أي أضطر إليه فهو مدفوع إليه أي مضطر .
و قد يراد بالدفع ” الرد ” يقال دفعت إليه كذا أي ردته إليه و تأتي بمعنى رد القول و إبطاله فيقال دفعت القول أي ردته بالحجة .
ب – في المصطلح القانوني :-
توجد تعاريف كثيرة للدفع من قبل فقهاء القانون و هي و إن اختلفت في الصياغة إلا أن جميعها تتجه إلى معنى واحد حيث يعرفه البعض بأنه ( هو ما يجيب به الخصم على طلب خصمه بقصد تفادي الحكم له به ) و منهم من يعرفه بأنه في مفهومه العام في القوانين المدنية ( يطلق على جميع وسائل الدفاع التي يجوز للخصم أن يستعين بها ليجيب على دعوى خصمه بقصد تفادي الحكم لخصمه بما يدعيه سواء كانت هذه الوسائل موجهة إلى الخصومة أو إلى بعض إجراءاتها أو موجهة إلى اصل الحق المدعى به أو إلى سلطة الخصوم في استعمال دعواه ) و يعرفه آخرون بأنه ( وسيلة إجرائية يعترض بها الخصم على الحق المدعى به أو على الخصومة أو أي من الإجراءات المكونة لها أو على حق الخصم في الدعوى ) .
هذه التعاريف للدفع تصب كلها في معنى واحد و لها مفهوم واحد و من خلالها يمكن أن نوضح آلاتي :-
1- أن الدفع هو الوسيلة التي يعترض بها الخصم على الدعوى التي رفعت أمام القضاء في مواجهته من قبل الخصم الآخر و الدفع بذلك يختلف عن إنكار الدعوى حيث أن إنكار الدعوى قد يكون صريح و قد يكون ضمنيا فالصريح هو عند تلفظ الخصم بأنه منكر لكل ما جاء في الدعوى من وقائع و طلبات أو يأتي عن طريق الكتابة أو الإشارة المفهمة ، والإنكار الضمني و هو ما يستخلص من سكوت الخصم عن الإجابة عن دعوى خصمه و على ذلك نصت المادة (9) من القانون رقم(21) لسنة 1992م بشأن الإثبات وتعديلاته على انه ( إذا كان المدعى عليه حاضرا وجب عليه أن يجيب على الدعوى بالإقرار أو الإنكار ولا يشترط اللفظ بل يكفي المعنى فان امتنع اعتبر منكرا ) .
و لذلك فان المنكر لا يحمل عبء الإثبات و إنما يقع عبء الإثبات في هذه الحالة على رافع الدعوى و ذلك كون المدعى عليه قد أنكر الدعوى إنكارا مجردا و لهذا اعفي من الإثبات . أما إذا تقدم الخصم بدفع في مواجهة دعوى خصمه كأن ينكر المدين بقاء الدين في ذمته ففي هذه الحالة يلزم بإثبات ما يدعيه من وفاء الدين و ذلك بسبب كونه قد نفى عنه الأصل و هو براءة الذمة و اقر بأنه كان مدين للدائن و جل ما في الأمر انه قد رد القرض للدائن و هو بذلك تقدم بدعوى يلزم بإثباتها و أعفى بدفعه الدائن(المدعي) من الإثبات كما انه من خلال دفعه لم ينكر الدعوى إنكارا مجردا إنما كان إنكاره يرتكز على إقرار بوجود مديونية في ذمته و لم يكن إنكارا مجردا .
2- الدفع وسيلة دفاع يستخدمها الخصم في مواجهة دعوى خصمه و لهذا فإن الدفع يولد الحق في استعماله متى ما وجه الطلب القضائي إلى الخصم و هو لذلك وسيلة دفاعية مخولة للخصوم و ليس وسيلة هجومية.
3- و لكون الدفع وسيلة دفاعية يستخدمها الخصم في مواجهة خصمه لا يشترط أن توجه فقط إلى اصل الحق المدعى به ( الدفع الموضوعي ) و إنما قد يوجه إلى إجراءات الخصومة ( الدفوع الإجرائية ) كما إنها قد توجه إلى حق الخصم في استعمال الدعوى ( الدفع بعدم القبول ) .
و على ذلك فإن الدفع هو وسيلة إجرائية يستخدمها الخصم في الرد على طلب خصمه قاصدا منه عدم الحكم لخصمه بطلباته أو بجزء منها بغض النظر عن نوع الدفع المقدم ، فهو إذا وسيله دفاع سلبية محضة .
وقد عرفه القانون اليمني الدفع رقم (40) لسنه 2002م في المادة (179)منه بأنه : ( الدفع دعوى يبديها المدعى عليه أو الطاعن اعتراضا على موضوع الدعوى أو الطعن أو شروط قبولهما أو أي إجراء من إجراءاتهما ) .
ج- شروط ممارسة الحق في الدفع :
إن الحق في الدفع هو الوجه المقابل للحق في الدعوى الذي يشترط لممارسة هذا الحق الشروط القانونية الاتيه :
1- أن يكون الدفع قانونيا :-
ويقصد بذلك أن يكون موضوعه التمسك بحق أو مركز يحميه القانون .
2- أن يكون الدفع جوهريا :
ويعني أن يكون متعلقا بموضوع الدعوى أو شروطها أو إجراءَ من إجراءاتها ومؤثراً فيها بحيث يؤدي لو صح إلى تغيير وجه الحكم فيها .
2- الصفة في الدفع :
وتثبت الصفة في الدفع لمن كان طرفاً في الحق المدعى به أولمن يخوله القانون صفه غير عاديه مثل الدائن في الدعوى غير المباشرة ، والكفيل الذي يجيز له القانون التمسك بالدفوع الخاصة بالمدين والصفة في الدفع الإجرائي تكون لمن له الحق في الدفع الإجرائي ، فلا يجوز مثلاً أن يدفع ببطلان الإعلان إلا الخصم الذي كان إعلانه معيباً أما الخصم الآخر الذي لم يكن إعلانه معيبا ًمثلا فلا يجوز له التمسك بالبطلان الحاصل في إعلان خصم أخر.
3- سقوط الحق في الدفع :
إذا لم يتبع في الدفع الترتيب القانوني المعين كالدفع الإجرائي غير المتعلق بالنظام العام فأنه يسقط إذا لم يقدم قبل الكلام في الموضوع كما يسقط الحق في الدفع أياً كان إذا تم التنازل عنه صراحة أو ضمناً ، أو سبق الفصل فيه ، أو قدم بعد إقفال باب المرافعة.
د- واجب المحكمة إزاء إبداء الدفوع :
يجب على المحكمة أن تمكن الخصم من إبداء الدفع خلال المرافعة كما يجب أن تعتد بالدفع في حكمها وتورد ذلك عند تسبيبها للحكم غير أن المحكمة لا تلتزم إلا بالدفع القانوني أو الجوهري حيث عليها تمكين الخصم من إبدائه وإيراده في حكمها قبولاً أو رفضاً أما الدفع غير القانوني وغير الجوهري أو الذي لم يقدم بشكل جازم يقرع سمع المحكمة فلا تلتزم المحكمة بإيراده في حكمها أو الرد عليه وعلى هذا أستقر قضاء محكمة النقض المصرية.
الفصل الثاني : أنواع الدفوع :-
لا تختلف الدفوع من تشريع إلى أخر و لكن قد يحصل اختلاف من حيث تقسيم أنواع الدفوع فتوجد تشريعات تأخذ بالتقسيم الثنائي للدفوع حيث تقتصر أنواع الدفوع على الدفع الموضوعي و الدفع الإجرائي فقط و ليس معنى ذلك أنها لا تأخذ بالدفع بعدم القبول أو أن قضائها يرفض أي يدفع بعدم القبول إنما تعتبر الدفع بعدم القبول إما دفع موضوعي أو دفع أجرائي كون الدفع بعدم القبول قد يتعلق بالإجراءات و قد يتعلق بالموضوع أي انه نوع وسط بين النوعين و لهذا فأنا التشريعات التي تأخذ بالتقسيم الثنائي تعمل به ألا أنها أما أن تعتبره دفع أجرائي أو دفع موضوعي و الواضح أن قانون المرافعات رقم (28 ) لسنة 1992م كان يأخذ بهذا التقسيم و ذلك تأثرا بالقانون المصري ألا قانون المرافعات رقم (40) لسنة 2002م قد اخذ بالتقسيم الثلاثي للدفوع و اعتبر الدفع بعدم القبول نوع مستقل و أن كان إجرائي أو كان موضوعي و على هذا فأن أنواع الدفوع بحسب التقسيم الثلاثي هي :-
المبحث الأول : الدفع الإجرائي :
أولا: التعريف:
و هو الوسيلة التي يستخدمها الخصم في الطعن في صحة الخصومة أو في الإجراءات المكونة لها هادفا من ذلك إسقاط الخصومة أو إرجاء النظر في موضوعها . فهي توجه إلى الخصومة أو إلى بعض إجراءاتها دون التعرض لذات الحق المدعى به أو المنازعة فيه ، ويقصد بها تفادي الحكم في الموضوع بصفة مؤقتة.
و أي كان الدفع الإجرائي الذي يستخدمه الخصم في مواجهة الطلب القضائي سواء قصد به إخراج النزاع من ولاية المحكمة بسبب نوع الدعوى أو مكانها أو وجهه بقصد الكشف عن وجد خلل موضوعي في الإجراءات كالدفع بانعدام ولاية القيم أو صفة المحامي أو وجهه بهدف التخلص من الخصومة دون الفصل فيها أو وجهه بقصد الكشف عن وجود خلل في الإجراءات كالدفع ببطلان عريضة الدعوى أو الطعن لرفعها بغير الطريق المقرر قانوناً .
ثانياً: النظام القانوني للدفع الاجرائي:
فكافة هذه الدفوع توجه إلى إجراءات الخصومة و لا توجه إلى الموضوع و لهذا فقد استلزم المشرع اليمني من خلال المواد ( 181 ، 185 ، 186 ) مرافعات نافذ نظام معين لتقديم الدفع الإجرائي من كون انه يجب تقديمه قبل الخوض في الموضوع و أن يقدم قبل أي دفع بعدم القبول كما انه يجب إبداء الدفع الإجرائي في عريضة الطعن كما يجب جميع أنواع الدفوع الإجرائية في وقت واحد معا و إبداء كافة الأوجه التي يبنى عليه الدفع الإجرائي و يسقط حق الخصم في التمسك به إذا خاض في الموضوع أو تقدم بدفع بعدم القبول أو لم يبده في عريضة الطعن و يسقط حقه في التمسك به إذا لم يبده مع بقية الدفوع الإجرائية و علاوة عن سقوط حق الخصم في الدفع فانه قد يتقدم بالدفع ألا انه لم يبدي كافة اوجه فانه في هذه الحالة يسقط حقه في ما لم يبده منها .
ويتضح مما سبق أنه يتعين إبداء سائر الدفوع الشكلية( الإجرائية) معاً وقبل التكلم في الموضوع و إلا سقط الحق في ما لم يبدا منها .
ويستثنى من هذه القاعدة الآتي :-
1- الدفوع المتصلة بالنظام العام ، وهذه يجوز إبداؤها في أي حالة تكون عليها الإجراءات كالدفع بعدم الاختصاص النوعي ، وقد ضمت هذه الدفوع المتعلقة بالنظام العام المادة (186) مرافعات نافذ وجعلتها على سبيل المثال .
2- الدفوع التي قد ينشأ الحق في التمسك بها بعد التكلم في الموضوع ، كالدفع بإسقاط الخصومة أو اعتبارها كأن لم تكن .
وإذا قدمت جميع الدفوع الإجرائية معاً في مذكرة أو صحيفة أو مشافهة الآخر و ذلك مع مراعاة الدفوع الشكلية ذآت الأولوية كالدفع بعدم الاختصاص المكاني ، فيستوي بطبيعة الحال أن يتقدم بعضها البعض ، وكل ما يتطلبه القانون في ماعدا ذلك أن يدلى بها الخصم معاً في مناسبة واحدة ، بمعنى أنه لا يجوز له أن يقتصر على إبداء دفع في مذكرة ويدلي بآخر في مذكرة أخرى ، أو أن يقتصر في مرافعته الشفوية على إبداء دفع ثم في جلسة أخرى يبدي دفعاً آخر و القانون في المادة (181) يشترط إبداء الدفع بعدم الاختصاص المكاني قبل الخوض في الموضوع أو قبل إبداء أي دفع آخر و إلا سقط الحق في التمسك به .
والغرض المقصود من هذه القاعدة عدم السماح للمدعى عليه بالتراخي في إبداء الدفوع التي لا تمس أصل الحق منعاً من تأخير الفصل في الدعوى .
كما أن الحق في إبداء الدفوع الإجرائية لا يسقط لمجرد التمسك بتأجيل نظر الدعوى إلى جلسة أخرى للاستعداد .
ثالثاً: بعض أنواع الدفوع الإجرائية ( الشكلية ) التي نظمها القانون اليمني :-
ويعد من الدفوع الإجرائية ( الشكلية ) التي نظمها القانون اليمني من خلال نص المواد ( 181، 182 ، 183 ، 184 ) من القانون رقم (40) لسنة 2002م بشأن المرافعات والتنفيذ المدني . الدفع بعدم اختصاص المحكمة بالنظر في الدعوى مكانيا ، والدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى ، والدفع ببطلان أوراق التكليف بالحضور ، والدفع ببطلان أي من أوراق المرافعات ، والدفع بإسقاط الخصومة أو باعتبارها كأن لم تكن وأي دفع يتصل بالإجراءات .
رابعاً : دراسة للدفع بالإحالة كمثال للدفوع الإجرائية ( الشكلية ) :
(1)الإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص
(2)الإحالة بالاتفاق
(3) الإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمة أخرى
(4) الإحالة للارتباط
أولا : الإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص :
أوجب المشرع اليمني على المحكمة عملاً بنص المادة (183) مرافعات نافذ إذا قضت بعد م اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة .
وهذا النص أملته الرغبة في القصد في الوقت وفي الإجراءات والنفقات حتى لا يتحمل المدعى أعباء رفع دعوى جديده .
وفيما يلي دراسة له :-
1- أصبحت الإحالة واجبه على المحكمة سواء قضت بعدم اختصاصها محلياً أو قيمياً أو نوعياً أو وظيفياً . و القانون اليمني لم يعتبر الاختصاص القيمي للمحاكم و ذلك لعدم وجود محاكم مختصة قيميا و لذلك لا وجود لمثل هذا الدفع في قانون المرافعات اليمني و إنما يعمل به في القانون المصري لوجود المحاكم المتخصصة قيميا أو ما تعرف بالمحاكم الجزئية .
2- تحال الدعوى بحالتها أي بما اشتملت عليه من أحكام فرعية موضوعية أو بما تم فيها من إجراءات إثبات .
ويعتد أمام المحكمة المحال أليها الدعوى بما تم من إجراءات الإثبات أمام المحكمة الأولى . ويعتد بسبق حضور المدعى عليه قبل إحالة الدعوى بالمادة (183) مرافعات نافذ التي تقرر إحالة الدعوى بحالتها بحيث يجوز نظر موضوع الدعوى أمام المحكمة المحال ة أليها ولو في غيابه متى تحققت من صحة إعلانه بالجلسة أمام هذه المحكمة .
3- تلتزم المحكمة المحال أليها الدعوى بنظرها .
4– لا تلتزم المحكمة المحال أليها الدعوى بالإحالة إلا بالأسباب التي بنيت عليها بحيث انه إذا رأت أنها على الرغم من الإحالة غير مختصة بنظر الدعوى لسبب آخر ، وجب عليها الحكم مع هذا بعدم الاختصاص .
5- إلزام المحكمة المحال أليها الدعوى بها لا يخل بحق الخصم في الطعن في الحكم بعدم بعدم الاختصاص. كما أن تعرض الخصوم للموضوع أمام المحكمة المحال أليها الدعوى لا يعد رضاء بالإحالة مانعاً من الطعن في الحكم الصادر بها .
6- لا تخل المادة بحق المدعى عليه في طلب التعويض طبقاً لقواعد المسؤولية إذا كان المدعي قد قصد الكيد في رفع دعواه إلى محكمة غير مختصة .
7- إذا صدر الحكم بالإحالة في غيبة أحد الخصوم ثم تخلف عن الحضور أمام المحكمة المحال أليها الدعوى ، وجب على المحكمة المحال أليها الدعوى أن تلزم الخصم بإعلان الغائب تحقيقاً لحسن سير العدالة وضماناً لصدور الأحكام في مواجهة الخصوم ، ما لم يكن هذا الخصم الغائب هو الذي كان قد تمسك بعدم الاختصاص والإحالة.
8- إذا قضت المحكمة بإحالة الدعوى ألي محكمة أخرى وكلفت قلم كتاب هذه المحكمة بتحديد جلسة يعلن بها الخصم أدارياً فان هذا لا يعفى المدعي من موالاة إجراءات خصومته بحيث إذا وقف السير فيها مدة سنه ( تبداء من تاريخ الحكم بالإحالة ) جاز التمسك بإسقاطها .
ويترتب على ما سبق أيضا :
(أ) عدم اعتبار طلبات الخصم أو دفوعه أو دفاعه مثارة أمام محكمة الإحالة إلا بإثارتها بالفعل أمامها ولو تضمنتها صحيفة دعواه الأصلية أو صحيفة استئنافه أو مذكراته السابقة على الإحالة.
(ب) لا يملك القاضي المستعجل الإحالة . لأن الإحالة هي حكم بفرض الاختصاص على المحكمة المحال أليها الدعوى وهذا ما لا يملكه قاضي الأمور المستعجلة لمساسه بالموضوع ، وأن كان يملكه بصدد الاختصاص المحلي للدعوى المستعجلة .
ثانياً: الاحله بالاتفاق :-
تنص المادة (101) مرافعات نافذ على أنه ” يجوز الاتفاق بين الخصوم مقدماً على اختصاص محكمة معينه ، كما يجوز أثناء نظر الدعوى أن يتفق الخصوم جميعاً على إحالة الدعوى إلى محكمة أخرى ، فتقرر المحكمة المنظورة أمامها الدعوى إحالتها إليها مع مراعاة الاختصاص النوعي للمحاكم النوعي للمحاكم ويجب على المحكمة المحال أليها الدعوى أن تفصل فيها “.
ويتضح من أن النص السابق لا يعمل به إلا إذا كانت المحكمة المرفوعة أليها الدعوى مختصة بنظرها ، أما إذا كانت هذه المحكمة غير مختصة بنظرها فلن تكون هناك فرصة لإعماله . ويشترط كذلك أن لا يكون اتفاق الخصوم على الإحالة غير مخالف لقاعدة من قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام .
ثالثاً: الإحالة لقيام ذات النزاع أمام محكمة أخرى :-
قد تختص اكثر من محكمة بدعوى واحدة كما إذا تعدد المدعى عليهم ، أو إذا اتفق على موطن مختار لتنفيذ عقد . فيرفع المدعي دعواه أمام محكمة مختصة ثم يرفعها أمام محكمة أخرى مختصة قبل الفصل في الدعوى الأولى لعدم رضاه مثلاً عن اتجاه هذه المحكمة في تحقيق القضية المرفوعة أمامها ، وكما قد يقيم شخص دعواه أمام محكمة غير مختصة ثم يثبت لها اختصاصها بعدم الاعتراض عليه في الوقت المناسب ، فترفع الدعوى مره أخرى لسبب من الأسباب المتقدمة أو لغيره من الأسباب أمام محكمة أخرى مختصة .
ولما كان القانون لا يجيز أن تقدم دعوى واحده أمام محكمتين ولو كانت كل منهما مختصة بنظرها ، ليتفادى تعدد الإجراءات وتناقض الأحكام ، أجاز – عند قيام قضيتين عن دعوى واحدة- طلب إحالة القضية الثانية إلى المحكمة المرفوعة أمامها القضية الأولى . ويشترط لقبول الدفع بالإحالة :-
1) أن تكون القضيتان دعوى واحدة بالمعنى الصحيح بأن يكون موضوعهما واحد وسببهما واحد وأن يكون الخصوم في إحداهما هم نفس الخصوم في الأخرى .
2) أن تكون الدعوى مرفوعة بالفعل أمام المحكمتين ، فلا محل للإحالة إذا كانت إحدى الخصومتين قد انقضت بالفعل في موضوعهما أو انقضت بغير حكم في موضوعها .
3) أن تتبع كل من المحكمتين جهة القضاء العادي ، فلا تجوز الإحالة إذا كانت الدعوى مرفوعة أمام محكمة القضاء الإداري وإحدى المحكم المدنية .
4) أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة إليها مختصة بنظر الدعوى .
5) و أخيرا إن يتم إبداء الدفع قبل الخوض في الموضوع و قبل أي دفع شكلي أخر و إلا سقط الحق في التمسك به .
وتكون إجراءات الدفع بالإحالة والحكم فيه بأن يقدم هذا الدفع إلى المحكمة المختصة التي رفعت أمامها الدعوى متأخرا ، وهذه المحكمة تفصل فيه وإذا قضت بالإحالة فأن المحكمة المحال إليها تلتزم بنظرها .
رابعاً: الإحالة للارتباط :-
الارتباط هو قيام صلة وثيقة بين دعويين تجعل من المناسب ومن حسن سير العدالة جمعهما أمام محكمة واحدة لتحققهما وتحكم فيها معاً منعاً من صدور أحكام لا توافق بينهما .
ويتحقق الارتباط ولو لم يكن السبب والموضوع في الدعويين واحد ولا يلزم أن يكون الخصوم في إحداهما هم الخصوم في الأخرى . ومن أمثلة الارتباط، دعوى الفسخ اللتان يرفعهما كل من الطرفين على بسبب عدم الوفاء بالالتزامات ، ودعوى الموكل على الوكيل بتقديم حساب ودعوى الوكيل على الموكل بطلب مصاريفه وأتعابه .
ويشترط لجواز الحكم بالإحالة: –
1) أن تكون المحكمة المطلوب الإحالة أليها مختصة بالدعوى القائمة أمامها .
2) آن تكون المحكمة المطلوب الإحالة إليها مختصة بالدعوى المطلوب إحالتها ولا يلزم أن تكون هذه المحكمة مختصة بها اختصاصا محلياً و إنما يجب مراعاة قواعد الاختصاص النوعي و القيمي عند الإحالة.
3) أن تكون المحكمتان تابعتين لجهة القضاء العادي ، وان تكون من درجة ، وإلا ترتب على ذلك إخلال بدرجات التقاضي ، فلا تجوز الإحالة من محكمة أول درجه إلى محكمة ثاني درجه والعكس صحيح .
وتكون إجراءات الدفع بالإحالة والحكم فيه بأن يقدم الدفع بالإحالة للارتباط إلى أي من المحكمتين وهي التي تقوم بالفصل فيه ولها أن ترفضه ولو تحققت شروط الإحالة المتقدمة الذكر ، وذلك إذا علت على صلة الارتباط اعتبارات أخرى ، كان تكون الدعوى المرفوعة أمامها أكبر أهميه من الدعوى القائمة أمام المحكمة الأخرى .
المبحث الثاني : الدفوع الموضوعية(1):-
أولا التعريف:
هو الدفع الذي يوجهه الخصم إلى موضوع الدعوى بقصد المنازعة في الحق المدعى به أما عن طريق أو تأكيد واقعة تؤثر في وجوده أو مقداره أو استحقاقه أو تنظيمه القانوني .
و هنا نرى أن الدفع الموضوعي يستخدمه المدعى عليه في مواجهة المدعي موجها إياه إلى الحق المدعى به و ذلك كالتمسك بواقعة معاصرة لنشأة الحق المدعى به ترتب منع إنتاج كل أو بعض أثارها القانونية كما لو تمسك المدعى عليه بصورية العقد أو بإبطاله للغلط .
أو بالتمسك بواقعة من شأنها إنها كافة أثار الواقعة التي يتمسك بها المدعي كالتمسك بالوفاء بالحق المدعى به .أما ما يذهب إليه من أن الإنكار أي إنكار الحق المدعى به – إنكار الواقعة المنشئة – أو إنكار أثارها يعتبر دفعا موضوعيا فمن وجهة نظري أن مثل هذا الإنكار لا يعتبر دفعا كون الدفع هو دعوى و الدعوى يترتب عليها انتقال عبء الإثبات من المدعي إلى المدعى عليه كما أن الإنكار ما هو إلا دفع بمعناه اللغوي بمعنى رد القول لا بمعنى الدعوى و لهذا فقد أوردت التعريف السابق كونه يتوافق مع ما ذهب إليه بعض فقهاء القانون (2).
ويعد الدفع الموضوعي وسيلة دفاع ممتازة لأنه يوجه إلى الحق المرفوعة به الدعوى كالدفع بتزوير مستند العقد أو الدين ، والدفع بانقضاء الدين بالوفاء أو بالتقادم أو بالمعاوضة وكالدفع بعدم دستورية القانون أو عدم صحة التكليف الذي أنزله القاضي على واقعات النزاع .
والدفوع الموضوعية لا تقع تحت حصر، ومصدرها القانون الموضوعي المدني أو التجاري وما تفرع منهما وإذا كانت متعلقة بالقانون العام فمصدرها ذلك القانون بفروعه المختلفة.
ثانيا : النظام القانوني للدفع الموضوعي :-
يتميز الدفع الموضوعي بقواعد خاصة عن الدفوع الأخرى وتتمثل تلك القواعد في الأتي :
1) لا يتقيد الخصم في إبداء الدفوع الموضوعية بترتيب معين حيث يجوز تقديمها في أية حالة تكون عليها الإجراءات ولو لأول مرة أمام المحكمة الاستئنافية.
2) يعتبر الحكم في الدفع الموضوعي قبولاً أو رفضاً حكماً قطعياً في الموضوع لذلك فأنه يرتب حجية الأمر المقضي بمجرد صدوره .
3) يستنفذ الحكم الصادر في الدفع الموضوعي سلطة أول درجة بالنسبة لموضوع الدعوى .
فلو الغي الحكم في الدفع من محكمة الاستئناف ولو لعيب شكلي فإنها تفصل في الموضوع في هذه الحالة.
4) لا يجوز تقديم الدفع الموضوعي أمام محكمة النقض لأن هذه المحكمة محكمة قانون وليست محكمة واقع إلا أنه يجوز تقديم الدفع الموضوعي المتعلق بالنظام العام أمام محكمة النقض كما يجوز لها أن تأخذ يه من تلقاء نفسها بشرط تنبيه الخصوم إلى ذلك .
على أن الدفع الموضوعي المتعلق بالنظام العام إذا لم يقدم في عريضة الطعن فإنه يسقط الحق في تقديمه فالدفوع أمام هذه المحكمة ذات طابع خاص .
5) أوجب قانون المرافعات اليمني النافذ من خلال المواد ( 185 ، 186، 188) على المحكمة أن تحكم في الدفع الموضوعي إذا كان متعلق بالنظام العام قبل الفصل في الموضوع بحكم مسبب بل أنه ألزمها أن تفصل فيه قبل الفصل في الموضوع ولو لم يكن متعلقاً بالنظام العام .
وعلى العموم فإن الدفوع الموضوعية هي التي يترتب على قبولها رفض لطلب المدعي كلياً أو جزئياً وتنظيمها في ذلك القوانين المنظمة للحقوق المتنازع عليها والمتعلقة بأصل الحق ونورد منها ما يلي :-
ثالثاً: بعض الدفوع الموضوعية التي نظمها القانون اليمني النافذ:-
أ)بعض الدفوع الموضوعية التي نظمها قانون الإثبات اليمني النافذ:
1- الدفع بعدم سماع الدعوى إذا تقدم ما يكذبها محضاً . م /14 إثبات
2- الدفع بعدم سماع الدعوى التي تكون على ملك كان للمدعي أو لمورثه إلا في الأحوال التي لا تكون لاحد يداً عليه في الحال أو أن يكون ديناً أو أن يدعي إقرار ذو اليد ملكه أو أن يكون وقفاً . م /14 إثبات نافذ.
3- الدفع بعدم سماع الدعوى التي تكون لغير المدعي لنفسه بحق أدمي محض إلا أن يكون المدعي له مما تلزمه نفقته أو شريكاً له في المدعى به . م/14 إثبات نافذ.
4- الدفع بعدم سماع الدعوى التي تكون من أحد الزوجين على الآخر فساد عقد الزواج لا تسمع إلا مع دعوى نفي غير هذا العقد. م/14 إثبات نافذ .
5- الدفع بعدم سماع الدعوى بملك المؤرث لا يذكر موته مالكاً أو ذا يد. م/15 إثبات نافذ.
6- الدفع بعدم سماع الدعوى من المقاسم أو وارثه في قسمه مستوفيه شروط صحتها إلا من القاصر بعد بلوغه والغائب بعد حضوره وبشرط أن لا يمضي سنه من وقت البلوغ أو الحضور .م/16 إثبات نافذ.
7- الدفع بعدم سماع الدعوى في شفعة العالم بالبيع في البلد بعد مضي ثلاثة أيام من وقت العلم بالبيع .م/17 إثبات نافذ .
8- الدفع بعدم سماع الدعوى في شفعة العالم بالبيع الغائب خارج البلد بعد مضي شهر من وقت العلم بالبيع .م/17 إثبات نافذ .
9- الدفع بعدم سماع الدعوى من حاضر بعقار مضى عليه ثلاثون عاماً من يوم وضع اليد عليه من شخص يتصرف فيه تصرف المالك بلا مطالبة ولا قرابة ولا مصاهرة ولا ظروف غير عادية تسود فيها الفوضى أو التغلب ويتعذر فيها الوصول إلى الحق باستثناء الميراث والوقف والشركة فلا تحدد بمده. م/18 إثبات نافذ .
10- الدفع بعدم سماع الدعوى من حاضر بحق متجدد كأجرة المباني والأراضي بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق . م/20 إثبات نافذ .
11- الدفع بعدم سماع دعوى القاصر فيما باعته أمه أو من له ولاية عليه للضرورة أ, الأنفاق إذا كان بثمن الزمان والمكان .م/20 إثبات نافذ.
12– الدفع بعدم سماع الدعوى من ذي مهنة حاضراً كالطبيب وغيره بحق من حقوق مهنته أو مصروفات تكبدها في أدائه بعد مضي سنة من وقت أداء العمل .م/21 إثبات نافذ .
13- الدفع بعدم سماع الدعوى من حاضر في حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون فيها مع عدم المطالبة بعد مضي سنه من تاريخ الاستحقاق .م/22 إثبات نافذ .
14- الدفع بعدم سماع الدعوى في حقوق أصحاب الفنادق والمطاعم وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم بعد مضي سنه من تاريخ الاستحقاق . م/22 إثبات نافذ.
15- الدفع بعدم سماع الدعوى في حقوق العمال والخدام والأجراء من أجور يوميه وغير يوميه أ, ثمن ما قاموا به من توريدات لمخدوميهم بعد مضي سنه من تاريخ الاستحقاق .م /22 إثبات نافذ .
16- الدفع بعدم سماع الدعوى من حاضر بسائر الحقوق التي لا تتعلق بعقار ولم يرد ذكرها في المواد (19 ، 20 ، 21 ، 22) من قانون الإثبات مع عدم المطالبة بعد مضي خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق . م/23 إثبات نافذ.
ب) بعض الدفوع الموضوعية التي نظمها القانون الجنائي اليمني النافذ:-
1- الدفع بانقضاء الحق في الشكوى بعد مضي أربعة أشهر من يوم علم المجني عليه أو بارتكاب أو بزوال العذر القهري الذي حال دون تقديم الشكوى في جرائم القذف والسب وإفشاء الأسرار والإهانة بالقول أو بالفعل أو الإيذاء الجسماني البسيط ما لم تكن تلك الجرائم وقعت على مكلف بخدمة عامة أثناء قيامه بواجبه أو بسببه .م/(27،29) إجراءات جزائية .
2- الدفع بانقضاء الحق في الشكوى بعد مضي أربعة أشهر من يوم علم المجني عليه أو بارتكاب أو بزوال العذر القهري الذي حال دون تقديم الشكوى في الجرائم التي تقع على الأموال فيما بين الأصول والفروع والزوجين والاخوة والأخوات . م/(27،29) إجراءات جزائية .
3- الدفع بانقضاء الحق في الشكوى بعد مضي أربعة أشهر من يوم علم المجني عليه أو بارتكاب أو بزوال العذر القهري الذي حال دون تقديم الشكوى في جرائم الشيكات . م/(27،29) إجراءات جزائية .
4- الدفع بانقضاء الحق في الشكوى بعد مضي أربعة أشهر من يوم علم المجني عليه أو بارتكاب أو بزوال العذر القهري الذي حال دون تقديم الشكوى في جرائم التخريب والأضرار بالأموال الخاصة وقتل الحيوانات دون مقتضى والحريق غير العمدي وانتهاك حرمة ملك الغير وكذلك في الأموال الأخرى التي نص عليها القانون. م/(27،29) إجراءات جزائية .
5- الدفع بسقوط الحق في الشكوى لموت المجني عليه .م/29 إجراءات جزائية.
6- الدفع بانقضاء الدعوى الجزائية بوفاة المتهم.م/36 إجراءات جزائية.
7- الدفع بانقضاء الدعوى الجزائية بمضي المدة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك .م/37 إجراءات جزائية.
8- الدفع بانقضاء الحق في سماع الدعوى الجزائية في الجرائم الجسيمة بمضي عشر سنوات من يوم وقوع الجريمة. م/38 إجراءات جزائية.
9- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية عند عدم وجود جريمة . م/42 إجراءات جزائية.
10- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية إذا لم تتوفر عناصر الجريمة .م/42 إجراءات جزائية.
11- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية لعدم بلوغ المتهم سن المسألة الجزائية . م/42 إجراءات جزائية.
12– الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية لسبق صدور حكم في القضية غير قابل للطعن . م/42 إجراءات جزائية.
13- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية لسبق صدور قرار بالا وجه لإقامة الدعوى واستنفاذ طرق طعنه. م/42 إجراءات جزائية.
14– الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية بصدور عفو عام أو خاص . م/42 إجراءات جزائية.
15- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية بوفاة المتهم . م/42 إجراءات جزائية.
16- الدفع بعدم تحريك الدعوى الجزائية بانقضاء الدعوى بالتقادم . م/42 إجراءات جزائية.
17- الدفع بانقضاء الاتهام بوفاة المخالف أو بمضي سنه على وقوع المخالفة دون اتخاذ إجراءاتها.م/7 أحكام المخالفات.
18- الدفع بأسباب الإباحة المنصوص عليها في المواد (26 ،37 ) من قانون الجرائم والعقوبات لاستبعاد صفة الجريمة.
ج) بعض الدفوع الموضوعية التي نظمها القانون المدني اليمني النافذ:-
1- الدفع بعدم سماع دعوى الغبن إذا رفعت بعد ثلاث سنوات من تاريخ العقد مع عدم المانع .م/181 مدني نافذ.
2- الدفع بعدم سماع دعوى بطلب إبطال العقد بعد مضي ثلاث سنوات مع عدم المانع وتبدأ المدة بالنسبة للصغير من يوم بلوغه رشيداً ، وناقص الأهلية غير الصغير من يوم زوال سبب ذلك وفي حالتي الغلط والتدليس من اليوم الذي ينكشف فيه .م/200 مدني نافذ.
3- الدفع بعدم سماع الدعوى باسترداد ما دفع بغير وجه حق بعد انقضاء عشر سنوات من اليوم الذي يعلم فيه كل طرف بحقه مع عدم المانع م/331 مدني نافذ.
4- الدفع بعدم سماع الدعوى بوقف نفاذ التصرف بانقضاء مدة ستة أشهر من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بحقه في طلب وقف نفاذ التصرف مع عدم وجود المانع .م/368 مدني نافذ.
5- الدفع بانقضاء الحق بالوفاء به أو بما يعادل الوفاء مع القبول أو تجديد أو المسا قطه به أو اتحاد الذمة فيه أو بدون وفاء في حالة الإبراء منه أو باستحالة تنفيذه دون إخلال بالتعويض عنه ممن يلزمه ذلك .م/396 مدني نافذ.
6- الدفع بعدم سماع الدعوى بإبطال البيع أو بتكملة الثمن بعد مضي ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية في مالك العقار المبيع أو من وقت موت المالك .م/513 مدني نافذ .
7- الدفع بعدم سماع دعوى المشتري أو دعوى البائع بسبب نقص أو زيادة المبيع أذا انقضت سبه من وقت تسليم المبيع للمشتري تسليماً فعلياً مع عدم وجود مانع .م/513 مدني نافذ .
8- الدفع بعدم سماع الدعوى بضمان ترتب على فوات وصف أو ظهور عيب في المبيع بعد مضي سنه من وقت تسليم المبيع للمشتري ولو لم يكتشف العيب إلا بعد ذلك ما لم يتفق المتعاقدان على مدة ضمان أطول .م/550 مدني نافذ.
9- الدفع بانقضاء الحق بالوفاء إذا اثبت المدين أن الوفاء به اصبح مستحيلاً عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه إلا ما استثني بنص. م/441 مدني نافذ .
10- الدفع بسقوط حق البائع في حبس المبيع إذا أحال أحداً على المشتري بكل الثمن أو بما بقي له فيه وقبل المشتري .م/554 مدني نافذ.
11- الدفع بعدم سماع الدعوى المتعلقة بالعمل بانقضاء سنة من وقت انتهاء عقد العمل .م/ 80 مدني نافذ.
12- الدفع بعدم سماع الدعاوى المتعلقة بالعمالة والمشاركة في الأرباح والنسبة من جملة الإيرادات والنتاج أو ما شاكل ذلك بعد مضي سنه من الوقت الذي سلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه طبقاً لأخر جرد .م/800 مدني نافذ .
13- الدفع بعدم سماع الدعوى بالاسترداد بعد مضي سنه من وقت قبض الأجور التي لا تتفق مع الأسعار المقررة .م/902 مدني نافذ .
14- الدفع بعدم سماع الدعوى من المسافر قبل صاحب المكان بانقضاء ستة أشهر من اليوم الذي يغادر فيه المكان .م/954 مدني نافذ.
15- الدفع بعدم سماع الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بعد انقضاء خمس سنوات على حدوث الواقعة التي تولدت عنها أو من تاريخ علم ذي المصلحة بوقوعها .م/ 1077 مدني نافذ .
16- الدفع بعدم سماع دعوى الملك من حاضر على ذي اليد الثابتة الذي يتصرف تصرف المالك بلا مطالبة ولا قرابة ولا مصاهره ولا ظروف غير عاديه تسود فيها الفوضى أو التغلب ويتعذر فيها الوصول إلى الحق بعد مضي ثلاثين سنه من يوم وضع اليد .م/1118 مدني نافذ
د) بعض الدفوع الموضوعية التي نظمها القانون التجاري اليمني النافذ:-
1- الدفع بتقادم حق المشتري في طلب الفسخ أو إنقاص الثمن وحق البائع في طلب تملكه الثمن بمضي سنه من يوم التسليم الفعلي .م/91 تجاري نافذ .
2- الدفع بتقادم دعوى ضمان العيب بسنه من يوم تسليم المبيع .م/93 تجاري نافذ.
3- الدفع بتقادم الدعوى الناشئة عن عقد نقل الأشياء أو عقد الوكالة بالعمولة للنقل أ, بدعوى المسؤولية عن الهلاك الكلي للأشياء بسنة من اليوم الذي يجب فيه التسليم وعن التأخير أو التلف أو الهلاك الجزئي للأشياء من يوم التسليم أو من اليوم الذي وضع فيه الشيء تحت تصرف المرسل إليه .م/144 تجاري نافذ .
4- الدفع بسقوط الحق في رفع دعوى المسؤولية عن الناقل الجوي بمرور سنتين من يوم بلوغ الطائرة جهة الوصول أو من اليوم الذي كان يجب أن تصل فيه أو من يوم وقف النقل . م/212 تجاري نافذ.
5- الدفع بعدم سماع الدعوى الناشئة عن الكمبيالة تجاه قابلها بمضي ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق .م/519 تجاري نافذ.
6- الدفع بعدم سماع الدعوى الناشئة عن حامل الكمبيالة تجاه المظهرين أو الساحب بمضي سنه من تاريخ الاعتراض (البروتستو) المحرر في الميعاد القانوني أو من تاريخ الاستحقاق إن اشتملت الكمبيالة على شرط الإعفاء من الاعتراض .م/519 تجاري نافذ.
7- الدفع بعدم سماع دعوى المظهرين بعضهم تجاه بعض أو تجاه الساحب بمضي ستة أشهر من اليوم ألذي وفىَ فيه المظهر الكمبيالة أو من يوم إقامة الدعوى عليه .م/519 تجاري نافذ.
8– الدفع بتقادم دعاوى رجوع حامل الشيك على المسحوب عليه والساحب والمظهر وغيرهم من الملتزمين بمضي ستة اشهر من تاريخ انقضاء ميعاد تقديم الشيك .م/566 تجاري نافذ.
9- الدفع بتقادم دعوى رجوع مختلف الملتزمين لوفاء الشيك بعضهم تجاه بعض بعد مضي ستة أشهر من اليوم الذي وفىَ فيه الملتزمين أو من يوم مطالبته قضائياً .م/566 تجاري نافذ.
10-الدفع بسقوط الدعاوى الناشئة عن تطبيق الأحكام المنصوص عليها في المواد (599 ، 601، 603) تجاري نافذ بمضي سنه من تاريخ الحكم بشهر الإفلاس .م/604 تجاري نافذ.
دراسة لفكرة الدفع بعدم دستورية القانون كتطبيق للدفوع الموضوعية :-
أولا :- التعريف :-
هو عبارة عن دفع موضوعي يتعلق بمسألة أولية هي دستورية و هي تسبق الفصل في موضوع الدعوى .
و الدفع بعدم دستورية القانون هو إحدى وسائل الرقابة القضائية على دستورية القانون غايته حماية الشرعية القانونية التي تؤدي إلى ضمان الحريات الفردية و العامة للمواطنين و الوسيلة الثانية هي الدعوى المباشرة بعدم دستورية القانون و قد اخذ المشرع اليمني بكلتي الوسيلتين إلا أن تنضيمه للوسيلتين السابقتين يختلف عن النظم القضائية الأخرى .
ثانيا : موضوعه :-
و موضوع الدفع بعدم دستورية القانون هو عدم مطابقة القانون للدستور و المقصود بالقانون بمعناه الشكلي هو عبارة عن مجموعة القواعد القانونية المجردة الصادرة عن السلطة التشريعية بإجراءات خاصة . و بمعناه الموضوعي هو عبارة عن كل قاعدة عامة مجردة سواء صدرت عن السلطة التشريعية او التنفيذية كاللوائح بجميع أنواعها لان مضنة الخروج على أحكام الدستور قائمة بالنسبة أليها جميعا و هذا الرأي الذي تناه القضاء المصري . و المعيار الموضوعي هو الأولى بالتأييد و يتفق مع ما نادى به كبار فقهاء القانون العربي و الأجنبي .
ثالثا :اوجه مخالفة القانون للدستور :-
قد تكون تلك المخالفة موضوعية عندما يخالف التشريع الضوابط العامة المنصوص عليها في الدستور مثل ( كفالة الحريات العامة – حق الملكية مصون – للمساكن حرمة – كفالة حرية الرأي و التعبير– كفالة حق التقاضي و الدفاع ) و قد يخالف التشريع نصوص محددة في الدستور مثل قاعدة عدم جواز رجعية القانون في المسائل الجنائية – قاعدة المتهم بريء حتى تثبت إدانته وفقا لمحاكمة عادلة – و قاعدة عدم جواز إنشاء محاكم استثنائية . فلو خالف التشريع هذه القواعد كان مشوبا بعدم الدستورية كما قد تكون المخالفة الدستورية متعلقة بالاختصاص كإصدار قانون من السلطة التنفيذية و هي لا تملك ذلك كما تكون المخالفة عيبا في التشريع إذا صدر التشريع من السلطة المختصة إلا انه كان على خلاف أحكام الدستور لانحرافه عن الغاية التي ابتغاها الدستور من التشريع . و قد تتمثل المخالفة للدستور في المخالفة للقيد الزمني في ممارسة التشريع كأن تصدر السلطة التشريعية قانونا بعد انتهاء ولايتها و قد تكون المخالفة الدستورية متمثلة في الشكل الذي يصدر به القانون بدون مراعاة الإجراءات اللازمة لصدوره و المدونة في الدستور و المنظمة في اللائحة الداخلية .
رابعا : النظام القانوني للدفع بعدم دستورية القانون :-
أن الدفع بعدم الدستورية و أن كان تطبيقا من تطبيقات الدفع الموضوعي إلا انه يتميز بأحكام خاصة تختلف عن الأحكام القانونية للدفع الموضوعي تتمثل في القواعد آلاتية :-
1- المحكمة المختصة في الفصل بالدفع : تختلف النظم القضائية في بيان المحكمة المختصة بالفصل في الدفع فهناك نظامان قانونيان هما :
النظام الأول : و هذا النظام يجعل من اختصاص محكمة الموضوع الفصل في الدفع بعدم الدستورية و يجعل من سلطة الخصم سواء كان متهما أو مدعى عليه أن يدفع بعدم دستورية القانون الذي يحكم النزاع فإذا اثبت دفعه كان على محكمة الموضوع الامتناع عن تطبيق القانون فقط و لا تحكم بعدم دستورية القانون كما أن هذا الحكم لا يقيدها في قضية أخرى و هذا ما يسير عليه النظام القضائي في الولايات المتحدة الأمريكية .
النظام الثاني : و هذا النظام توجد فيه محكمة مختصة لنظر الدفع بعدم الدستورية فإذا تقدم الخصم بدفع بعدم دستورية القانون الذي يحكم النزاع أمام محكمة الموضوع و رأت المحكمة أن الدفع مبنيا على أساس صحيح قررت وقف السير في نظر النزاع و إحالة الدفع إلى المحكمة الدستورية كما هو الشأن في النظام القضائي اليمني و يتضح ذلك من خلال نص المادة (186/7) مرافعات نافذ أو تكليف مقدم الدفع برفع دعوى خلال اجل محدد أمام المحكمة الدستورية العليا كما هو الشأن في النظام القضائي المصري . و ميزة هذا النظام تؤدي إلى وحدة الأحكام الصادرة بعدم الدستورية و كذلك فان الحكم الصادر بعدم دستورية القانون يكون حكم ملزما للكافة لانه يكون بمثابة التشريع . أما إذا رأت محكمة الموضوع أن الدفع غير مبني على أساس صحيح فان عليها أن تحكم بعدم قبول الدفع .
و على محكمة الموضوع أن تحيل الدفع و أوراقه إلى المحكمة العليا ( الدائرة الدستورية ) مصحوبا بطلب منها الفصل في دستورية القانون لان المحكمة العليا لا تقبل القضية الدستورية إلا بناء على طلب من المحاكم أو دعوى ترفع بالإجراءات العادية لرفع الدعوى . إلا إذا رأت المحكمة العليا بمناسبة نظرها دفهاً أو دعوى بعدم الدستورية أن هاك نصوصا أخرى في القانون غير دستوريه فان لها الحق في الحكم بعدم دستوريته . لأن مخالفة القانون للدستور تتعلق بالنظام العام مما يجوز للمحكمة العليا أن تقضي في ذلك من تلقاء نفسها .
2- مدى تعلق الدفع بعدم الدستورية بالنظام العام :
إن قانون المرافعات اليمني من خلال نص المادة (186/7) قرر بأن الدفع بعدم دستورية القانون من النظام العام وبالتالي فأنه يجوز أثارته ولو لأول مره أمام المحكمة العليا كما أن للمحاكم أي كانت درجتها أن تثيره ولو من تلقاء نفسها وفي هذه الحالة عليها أحالته إلى الدائرة الدستورية للفصل في مسألة عدم دستورية القانون
3- أثر الحكم بعدم دستورية القانون :
أن قانون المرافعات اليمني من خلال نص المادة(234/1) والتي جعلت للحكم الصادر في مسألة دستورية القانون من عدمه أي انه إذا ما كان صادراً إيجابا أو سلباً جعلت له الحجية المطلقة على الكافة بحيث أن القاعدة العامة هي قصر حجية الأحكام على أطراف الخصومة وموضوعها وسببها إلا انه وضع استثناء على هذه القاعدة عدد من الأحكام الصادرة ومنها الحكم الصادر بعدم دستورية القانون حيث يكون له حجية مطلقة على الكافة بغض النظر عن وحدة السبب والموضوع .
المبحث الثالث : اوجه التفريق بين الدفوع الشكلية(الإجرائية) والموضوعية:
قد رأينا سابقاً من أن الدفوع الشكلية دفوع توجه للإجراءات التي رفعة بها الخصومة إلى القضاء أي أن الدفع الشكلي يوجه إلى الإجراءات وعلى عكس ذلك فإن الدفع الموضوعي يوجه إلى الحق المدعى به بقصد منع القضاء من الحكم للخصم به وعلى ذلك فإن اوجه التفرق بين مضمون الدفع الشكلي وإجراءات الدعوى هي كا لتالي :
1- يتعين إبداء الدفع الشكلي قبل التكلم في موضوع الدفع وإلا سقط حق الخصم في التمسك به ما لم يكن الدفع متعلقاً بالنظام العام التي يجوز إبداءها في أي مرحلة تكون عليها الدعوى كالدفع بانعدام الحكم لصدوره من قاضي انتهت ولايته ، أما الدفع الموضوعي فيحق إبداءه في أي مرحلة عليه الدعوى أمام محكمتي الموضوع الأولى و الثانية ولا يجوز إبداءه أمام محكمة النقض كون هذه المحكمة ذات طابع خاص لا يجوز معه إبداء الدفع الموضوعي أمامها لأول مرة ما لم يكن متعلقاً بالنظام العام كالدفع بعدم سماع الدعوى لتقدم ما يكذبه محضاً طبقاً لنص المادة(186/4) مرافعات نافذ .
2- يجب إبداء الدفوع الشكلية معاً أو ما يراد إبداءه منها دفعةً واحدة ، ويجب إبداء جميع الوجوه التي بني عليها الدفع كلاً على حده مع مراعاة الدفوع الإجرائية ذات الأولوية كالدفع بعدم الاختصاص المكاني وإلا سقط الحق في كل دفعاً إجرائي لم يقدم أو الأسباب التي لم يتم ذكرها في عريضة الدفع عملاً بنص المادة(181) مرافعات نافذ كما أن عدم مراعاة ترتيب الدفوع ذات الأولوية وتأخير إبداءها في عريضة الدفع قبل أي دفع إجرائي قد يعتبر تنازلاً ضمنياً عنة حق التمسك به وهذا بعكس الدفوع الموضوعية التي يجوز إبداء الدفوع الموضوعية مع عدم مراعاة أي ترتيب في إبداءها أو للأسباب التي بني عليها الدفع ولا يعتبر تنازلاً ضمنياً تقديم دفع موضوعي عن آخر أو التأجيل لبعض الأسباب التي قد يبنى عليها الدفع الموضوعي .
3– الأصل أن المحكمة تقضي في الدفع الشكلي قبل الخوض في الموضوع وذلك بقرار مسبب كون قبول الدفع الشكلي يغني المحكمة عن التعرض للموضوع ولكن يجوز للمحكمة أن تضم الدفع للموضوع بشرط أن تصدر حكماً تبين فيه أسباب قبول الدفع من عدمه بعيداً عن الفصل في الموضوع .
4- الحكم الصادر بقبول الدفع الشكلي لا يمس اصل الحق المدعى به و إنما يترتب عليه أنها النزاع أما م المحكمة التي تفصل في قبول الدفع ومع ذلك يجوز رفع الدعوى بإجراءات صحيحة أما الحكم الصادر بالدفع الموضوعي فيترتب عليه إنهاء النزاع في اصل الحق المدعى به .
5- الحكم الصادر في لدفع الشكلي استقلالاً قبل الفصل في الموضوع يجعل ولاية المحكمة الاستئنافية إذا ما طعن في الحكم الصادر من محكمة أول درجة سواء بقبول الدفع أو رفضه يجعل ولايتها قاصرة في النظر في الدفع ولا يجوز لها أن تفصل في الموضوع كون محكمة أول درجة لم تستنفذ ولايتها عليه وعلى محكمة ثاني درجه إذا ما ألغت الحكم الصادر في الدفع من محكمة أول درجه فعليها إعادة الملف لمحكمة أول درجة لتستنفذ ولايتها في الموضوع وذلك بعكس الدفع الموضوعي كون الحكم الصادر من محكمة أول درجه في الدفع الموضوعي يعد استنفاذ لولايتها في نظر موضوع النزاع مما يجعل ولاية محكمة الاستئناف كاملة في نظر موضوع النزاع طبقاً لشروط القانون .
6- الحكم الصادر في الدفع الشكلي يعد حكماً فرعياً أو جزئياً أي قبل الفصل في الموضوع أما الحكم الصادر في الدفع الموضوعي بقبول الدفع أو رفضه يعد حكماً كلياً في موضوع النزاع وتستنفذ به المحكمة ولايتها في نظر النزاع .
المبحث الرابع : الدفع بعدم القبول :
و هو الوسيلة القانونية التي يعترض بها الخصم على عدم توفر الشروط القانونية للدعوى أو ينكر بها الخصم حق خصمه في الدعوى .
و على ذلك فان الدفع بعدم القبول يستخدمه المدعى عليه كوسيلة يتمسك بها بوجوب الحكم بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة أو الصفة أو كالدفع بعدم قبول الطعن لفوات الميعاد م(186/5) .
وعلى ذلك فإن الدفع بعدم القبول ما نص عليه قانون المرافعات اليمني فإنه يوجه إلى شروط قبول الدعوى أو الطعن أو حق الخصم في رفعهما وذلك بخلاف القانون المصري الذي اعتمد التقسيم الثنائي للدفوع وجعل الدفع بعدم القبول أما شكلي أو إجرائي وهذا عكس ما أخذ به القانون اليمني من خلال المادة (179) مرافعات نافذ والتي اعتمد النظام الثلاثي للدفوع وجعل الدفع بعدم القبول اعتراضا على شروط قبول الدعوى أو الطعن أي انه يوجه إلى الوسيلة التي تحمي الحق و هي الدعوى إما لعدم توافر شروط قبول الدعوى أو لانعدام حق الخصم في الدعوى .
و من خلال نصوص قانون المرافعات اليمني رقم (40) لسنة 2002م المادة (187) فان الدفع بعدم القبول و هو ما عبر عنه القانون ( بعدم جواز النظر) يجوز إبداءه في أي مرحلة تكون عليها الدعوى أمام درجتي التقاضي و أن على المحكمة أن تفصل فيه قبل الخوض في الموضوع كما يجوز إبداءه و لو أول مرة أمام محكمة النقض إذا ما كان متعلقا بالنظام العام . و على ذلك فان الدفع بعدم القبول دفع يستقل بذاته عن الدفوع الشكلية أو الدفوع الموضوعية و أن كان هناك بعض اوجه الشبه بينه و بين الدفع الشكلي أو الموضوعي في بعض النواحي.
1- سلطة المحكمة في التعرض للدفع :
تختلف سلطة المحكمة إزاء هذا الدفع حسب سبب عدم القبول فإذا كان السبب يتعلق بمصلحة عامة كان على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى من تلقاء نفسها كالحكم بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها أما إذا تعلق الدفع بمصلحة خاصة كالدفع بالتقادم فإنها لا تحكم به من تلقاء نفسها و إنما لابد من التمسك به من قبل الخصم ذي المصلحة وعل ذلك متى رأت المحكمة أن الدفع متعلق بالنظام العام أو بالاحرى وجود أسباب تمنع المحكمة من قبول الدعوى وكانت هذه الأسباب متعلقة بالنظام العام وتبينت المحكمة أثناء السير في نظر النزاع ولم يتمسك بها أحد من الخصوم كان لها أن تتعرض لتلك الأسباب من تلقاء نفسها وتصدر حكمها بعدم السير في الدعوى بعد أن تنبه الخصوم إلى ذلك حتى يبدو ملاحظاتهم صوناً لمبداء المواجهة .
2- كيفية الفصل في الدفع :
أن قانون المرافعات اليمني أوجب على المحكمة من خلال نص المادة(187) ان تقضي في الدفع بعدم القبول قبل الفصل في الموضوع وأوجب النص على المحكمة أن تفصل فيه قبل الفصل في الموضوع وعلى ذلك لا يجوز للمحكمة أن تصدر قراراً بضم الدفع بعدم القبول إلى الموضوع .
3- حجية الحكم الفاصل في الدفع :
إن الحكم الصادر في الدفع بعدم القبول سواء بقبوله أو رفضه لا تحوز حجية الأمر المقضي به كون هذا الوصف لا يترتب ألا على الأحكام التي تفصل في موضوع الحق أو المركز القانوني والحكم بالدفع بعدم القبول لا يفصل في الموضوع و إنما يفصل في مسألة اجرائيه يترتب على قبول الدفع عدم خوض المحكمة في الموضوع والفصل فيه .
4- لا يؤدي الحكم في الدفع بعدم القبول إلى استنفاذ سلطة المحكمة بالنسبة للموضوع :
أن الحكم بالدفع بعدم القبول لا يعد فصل في الموضوع و إنما يعد فصلاً في مسألة إجرائية آثارها الخصم ومنع المحكمة من نظر موضوع النزاع وبالتالي فإن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى وإلغائه من قبل محكمة ثاني درجه يلزم هذه الأخيرة إعادة الملف إلى المحكمة الابتدائية للفصل في الموضوع وذلك كي تستنفذ محكمة أول درجة ولايتها في نظر النزاع وحتى لا يفوت على الخصوم درجة من درجات التقاضي .
الفصل الثالث
:- مناقشة المادة (179) على ضوء المفاهيم القانونية
و من خلال ما أوردناه سابقا يجب علينا أن ندخل في صلب موضوع هذه الدراسة تعريف قانون المرافعات اليمني رقم (40) لسنة 2002م و الذي عرف الدفع من خلال نص المادة (179) و التي نصت على أن ( الدفع دعوى يبديها المدعى عليه أو الطاعن اعتراضا على موضوع الدعوى أو الطعن أو شروط قبولهما أو أي إجراء من إجراءاتهما ) . هذا هو النص القانوني مجال هذه الدراسة و الذي أراه معيبا بالقصور من حيث صياغته بحسب مفهومي الخاص . حيث أن مفهوم النص يوحي بان من حق الطاعن تقديم دفوع على الطعن مع انه هو من تقدم بالطعن في الحكم الصادر ضده طالبا إلغاءه ، و كذا من حيث صياغته بلفظ بالمدعى عليه و الطاعن في المادة (179) الذي من حقه تقديم الدفوع . و سوف نناقش ذلك من حيث أحقية الخصوم في استعمال الدفوع و إلى ماذا يوجهه الخصم ؟ و ذلك من خلال دراسة موجزة .
1- لقد حاول المشرع اليمني تلافي القصور القانوني الموجود في قانون المرافعات السابق رقم (28) لسنة 1992م بشكل عام من خلال قانون المرافعات الجديد رقم (40) لسنة 2002م و بشكل خاص فقد حاول المشرع اليمني تلافي القصور الواضح في المادة (133) من القانون القديم و التي عرفت الدفع بأنه ( الدفع دعوى يبديها المدعى عليه لو ثبتت لبطلت دعوى المدعي في الادعاء القائم أو في الحق المدعى به ) .
هذا النص و للوهلة الأولى يتضح للناظر فيه مدى القصور في النص حيث أن النص السابق قد قصر الحق في تقديم الدفوع على المدعى عليه فقط ، كما انه قد قصر الدفع على نوعين فقط و هما الدفع الموضوعي هو ما قصد به المشرع ( الحق المدعى به ) و الدفع الآخر هو الدفع بعدم القبول و هو ما عناه بقوله ( في الادعاء القائم ) و هو بذلك لم ينص على الدفع الإجرائي و الذي يعد الأكثر استعمالا من جانب الخصوم .
2- و لتلافي ذلك عمل المشرع على تلافي هذا القصور و قد كان تم وضع تعريف من قبل لجنة التقنين في مجلس النواب و كانت برقم (176) في مشروع قانون المرافعات و التي عرفت الدفع بأنه ( يقصد بالدفع الوسيلة التي يتم بها الاعتراض على موضوع الدعوى أو الطعن أو أي إجراء من اجر ائتهما أو الحق فيهما أو شروط قبولهما ) . و قد بررت لجنة التقنين أن أسباب تعديل المادة (133) من القانون القديم بهذا النص و ذلك كي يشمل النص أنواع الدفوع . و في كل الأحوال فإن هذه التعريفات الثلاثة سواء الوارد في القانون القديم أو في مشروع القانون أو في القانون الجديد تعد مشتملة على جوانب من القصور في الصياغة و كذا مع ما تم استحداثه في قانون المرافعات الجديد و هي أحقية الخصم في تقديم دفع بانعدام الحكم في أي مرحلة من مراحل التقاضي و عدم سقوطه باعتباره من النظام العام بل ذهب إلى جواز رفع دعوى مبتدأه بانعدام الحكم متى ما توافرت الأسباب التي تجعل الحكم منعدما . و لنعرض و بشكل مختصر إلى منهم الذين لهم الحق في تقديم الدفوع .
4- من المعلوم أن الدفع كما سبق ما هو إلا دعوى يستخدمها الخصم في مواجهة ادعاءات خصمه بقصد منع الحكم لخصمه بطلباته و الخصم هو لفظ عام يشمل كلا من المدعي و المدعى عليه و الطاعن و المطعون ضده أي و بشكل أخر فهو مصطلح يحتوي كافة أطراف الخصومة في كافة مراحل التقاضي و كون هذه الدراسة محددة حول القصور في النص القانوني و لكون لا خلاف حول أحقية المدعى عليه أو المطعون ضده في إبداء أي دفوع و إلى ماذا يتوجه الدفع كما أن لفظ المدعى عليه يشمل المدعى عليه و المدعي – إذا ما وجه إليه دفع من خصمه أو رفعت عليه دعوى فرعية – أمام محكمة أول درجة بحسب المفهوم العام للمصطلح و بحسب رأي فإنه يشمل كذلك المطعون ضده أمام محكمة ثاني درجة كون الطعن في الحكم ما هو ألا دعوى ذات شكل و طابع خاص و لكن صياغة النص على النحو السابق جعلت فيه نوع من القصور خاصة في استخدام الدافع من حيث إلى ماذا يتم توجيه و بشكل أدق أي من الخصوم الذي يعترض على الطعن اهو المدعى عليه إما الطاعن و بحسب مفهوم النص فان كلاهما يعترض على الطعن و لكون لا خلاف لدي في مفهوم المدعى عليه كما أوضحنا سابقا ألا أن ذكره مع الطاعن أوجد مشكلة في الصياغة و لذلك سوف اقصر هذه الدراسة على الطاعن و ذلك كون لفظ الطاعن لا يشمله لفظ المدعى عليه لكونه اللفظ يقتصر على من رفع الطعن أمام محكمة ثاني درجة أو أمام محكمة النقض .
1- ماهية الطاعن
و اقصد بالطاعن هنا هو من يرفع الطعن في الحكم الصادر من محكمة أول درجة أمام محكمة ثاني درجة لصدور حكم ضده من محكمة أول درجة بسبب دعوى رفعت عليه من قبل خصمه أو أن محكمة أول درجة قد حكمت عليه رغم انه رافع الدعوى على خصمه ابتداء أمامها أما لعجزه عن إثبات دعواه أو لعدم اختصاص المحكمة أو لتقديم خصمه أدلة تثبت كيدية الدعوى و عدم صحتها و إلى غير ذلك مما يجعل محكمة أول درجة تحكم عليه و في كل الأحوال فان الطاعن ما هو في حقيقته ألا محكوم عليه و هذا في رأي ما يخول له الحق في تقديم دفع مهما كان نوعه طالما أن القانون يعطيه الحق في ذلك و كذا أن الطعن ما هو ألا دعوى ذات طابع خاص حدد المشرع إجراءاته و شروطه و كون الطاعن يخاصم الحكم الصادر ضده فهو مدعي في ذلك و المدعي من حيث الأصل من حقه استعمال الدعوى لا الدفع للحفاظ على حقوقه و لكن كون الطاعن ما هو ألا محكوما عليه فهذه الصفة ما تخوله توجيه الدفوع و إبداءها في مواجهة الحكم الصادر ضده من محكمة أول درجة و لنستعرض دفوع الطاعن على ضوء تقسيم الدفوع كما اخذ به قانون المرافعات اليمني .
3- دفوع الطاعن :
1- و كما سبق فان الطاعن هو من يتقدم بطعن أمام محكمة ثاني درجة طالبا إبطال الحكم الصادر ضده من محكمة أول درجة و لذلك فله الحق في استعمال الدفوع سواء كانت دفوع شكلية أو موضوعية أو عدم القبول أمام محكمة ثاني درجة وفقا للشروط و القواعد التي حددها المشرع و توجيهها إلى الحكم الصادر ضده أما إلى إجراءات الدعوى التي صدر فيها الحكم أو ألا موضوع الدعوى الصادر فيها أو إلى أحقية الخصم في استعمال الدعوى التي صدر فيها الحكم و لنستعرض إلى أين يتم توجيه الدفع المقدم من الطاعن في ضوء أنواع الدفوع :
أ- الدفوع الموجهة إلى العمل الإجرائي : و كما تقدم بيانه فان الدفوع الشكلية دفوع لا توجه إلى موضوع الدعوى و لا إلى أحقية الخصم في استعمال الدعوى و إنما توجه إلى الإجراءات و اقصد هنا الطعن في العمل الإجرائي أو ما يعرف بتمسك الطاعن بسبب من أسباب البطلان الواردة على العمل الإجرائي و ليس على العمل القضائي و الذي يحكمه نظام انعدام العمل القضائي و هو ما سنتطرق له فيما بعد . و لذلك فان من حق الطاعن التمسك ببطلان الحكم لما شاب الحكم من بطلان كالقصور في التسبيب أو لما شاب أحد الأعمال الإجرائية من بطلان أثرة فيه و هو بذلك يوجهها إلى الإجراءات التي قام عليها الحكم أو إلى شروط صدور الحكم و لذلك نحن أمام وضعين :
الأول : انه قد تقدم أمام محكمة أول درجة بدفوع الإجرائية و هو بذلك يحق له التمسك بها أمام محكمة ثاني درجة طالبا من خلالها إبطال الحكم المطعون فيه طالما انه قد تمسك بهذا البطلان وفقا للطرق و الشروط المحددة قانونا و لم يصحح هذا البطلان بأي سبب من أسباب التصحيح كأن يتقدم أمام محكمة أول درجة بدفع ببطلان عريضة الدعوى للتجهيل بالمدعي أو المدعى به إلا أن محكمة أول درجة تفصل بعدم قبول الدفع و هنا يحق للطاعن التمسك بهذا الدفع أمام محكمة ثاني درجة طالما أن نعيه قد قام على أيساس و أن هذا البطلان لم يصحح أمام محكمة أول درجة .
الثاني : هو عدم تمسك الطاعن أمام محكمة أول درجة بدفاعه إلا أن القانون يعطيه الحق في إبدائها أمام محكمة ثاني درجة و ذلك أما لكون هذه الدفوع من النظام العام يحق التمسك في أي مرحلة من مراحل التقاضي أو انه لم يحضر أمام محكمة أول درجة و حضر أمام محكمة ثاني درجة فله الحق في التمسك بكافة الدفوع الإجرائية على أن يقدمها في عريضة طعنه و قبل التكلم في الموضوع . و من ذلك فان الطاعن يحق له إبداء الدفوع الشكلية أمام محكمة ثاني درجة و هو بذلك يوجهها الإجراءات التي جعلت الحكم معيبا بالبطلان أو أن السبب المؤدي للبطلان لا يستطيع المحكوم عليه إبداءه أمام محكمة أول درجة كون هذا البطلان الذي شاب الحكم قد نتج بسبب عيب ذاتي في الحكم يؤدي إلى بطلانه كالقصور في التسبيب و مثل هذا البطلان لا يمكن التمسك به أمام محكمة أول درجة و إنما يتم إبداءه أمام محكمة ثاني درجة على أن تتضمنه عريضة الطعن و يتم إبدائه قبل الخوض في الموضوع ألا سقط حق الخصم في إبدائه .
ب- الدفوع الموجهة إلى موضوع الدعوى : و كما سبق أن الدفوع الموضوعية توجه إلى موضوع الدعوى و هو اصل الحق المدعى به و لهذا فمن حق الطاعن التمسك بكافة الدفوع الموضوعية و لو لأول مرة أمام الاستئناف لان الدفع الموضوعي هو تطبيق فعال لحق الخصوم في الدفاع ألا أن الخصوم لا يجوز لهم تقديم أي دفوع موضوعية أمام محكمة النقض كونها محكمة قانون و ليست محكمة موضوع . و من ذلك فان الطاعن يوجه الدفوع الموضوعية إلى الحق المدعى به قاصدا إلغاء الحكم الصادر في مواجهته من محكمة أول درجة و ذلك من خلال تأكيد الواقعة المانعة أو المنهي و التي تعمل بدورها على عدم استحقاق الخصم للحق موضوع الدعوى و الصادر فيه الحكم الابتدائي . و لكن فقهاء القانون كما لاحظت عند إيرادهم أمثله تطبيقيه يوردون الحالات التي من حق المطعون ضده إبداء الدفع الموضوعي أمام محكمة ثاني رجة و لكني أرى انه كذلك من حق الطاعن التمسك بدفاعه الموضوعي أمام محكمة ثاني درجة للتأكيد في أحقيته هو في الحق المدعى به و الصادر فيه حكم ابتدائي لصالح خصمه و ذلك من خلال أيراد كافة الأسباب التي تأكد هذا الحق و أن كان لم يتقدم بها أمام محكمة أول درجة طالما أنها لم تغير الطلب الأصلي .
جـ- الدفع الموجهة إلى الحق في استعمال الدعوى :
و لكون الدفع بعدم القبول دفع يمتاز من كونه يوجه إلى حق استعمال الخصم للدعوى أما لعدم توافر شروط قبولها أو لانعدام الحق في الدعوى و لكون فكرة الدفع بعدم القبول تقوم على اعتباره من النظام العام فان للطاعن إبداء هذا الدفع في أي مرحلة تكون فيها الخصومة أمام محكمتي أول درجة و ثاني درجة بل إذا كان الدفع يتعلق بالنظام العام جاز إبدائه أمام محكمة العليا كالدفع بحجية الآمر المقضي به م ( 186/6 ) مرافعات و بذلك و كما هو مقرر فان الخصم يوجه هذا الدفع إلى حق خصمه في استعمال الدعوى التي صادر فيها حكم ضده لسبق الفصل فيها و بذلك فأنه يعمل على إلغاء الحكم اللاحق الصادر في مواجهته .
د- الدفع الموجهة إلى العمل القضائي
: كما انه تبقى حالة أخرى للطاعن و هو تقدم الطاعن بدفع بانعدام الحكم و ذلك لصدوره في غير خصومة و غير ذلك من الحالات التي قررها المشرع اليمني في القانون رقم ( 40) لسنة 2002م و قد فضلت أن أورده بصورة مستقلة و ذلك كون هذا الدفع يتعلق بالنظام العام و يحق للخصم إبداءه في أي مرحلة من مراحل التقاضي و لو أمام قاضي التنفيذ كما انه يحق لمن صدر الحكم ضده رفع دعوى مبتداه يطلب من خلالها انعدام العمل القضائي لصوره في غير خصوه و إذا توافرت أي حالة من الحالات التي تستوجب انعدام العمل القضائي .
و على ذلك فان الطاعن يحق له التمسك بالدفوع التي تقدم بها أمام محكمة أول درجة و كذا له الحق في تقديم دفوع لم يسبق أن تمسك بها أمام محكمة أول درجة إلا أن القانون أعطاه الحق في ذلك . و في كل الأحوال فان الطاعن يتمسك بهذه الدفوع طالبا إبطال الحكم الابتدائي و موجها إياه إلى العمل الإجرائي من إجراءات الخصومة أو بطلانه بسبب عيب شاب الحكم أي فقدان الحكم للعمل الإجرائي الذي يتطلب القانون توافره في الحكم كقصور التسبيب أو عدم فصله في اوجه الدفاع الموضوعية كما انه قد يوجه إلى العمل القضائي لتوافر حالة من حالات انعدام الأحكام .
2- الاستثناء :- و الاستثناء الذي اقصده هنا هو أن من حق الطاعن توجيه الدفوع إلى الطعن و هذا في حالة ما إذا رفع في مواجهته طعن مقابل أو فرعي و هو ما نصت عليه م ( 286 ) و في هذه الحالة يصبح طاعن و مطعون ضده و لذلك فان الدفوع التي يستخدمها توجه إلى الطعن الفرعي أو المقابل المقدم من خصمه كان يدفع بعدم قبول الطعن لفوات الميعاد م(186/5) . و النص القانوني لم يوضح هذه المسألة و غامض من هذه الناحية و لم توضح المادة المقصود بالطعن هل هو الطعن الأصلي أم انه الفرعي أو المقابل .
و من خلال هذه الدراسة الموجزة يتضح أن الطاعن يحق لهم التقدم و التمسك بكافة أنواع الدفوع متى توافرت حالات الدفع و توافرت شروطه كما أن كافة الخصوم أي كان منهم فانه يوجه دفعه أما إلى إجراءات الخصومة أو إلى الحق المدعى به أو إلى حق الخصم في استعمال الدعوى و بذلك فان القصور الذي شاب المادة ( 179 ) مرافعات جاءت قاصرة لعدة أسباب :
الأول : كونه جاءت بلفظ حق التمسك بالدفع على المدعى عليه و الطاعن و أن كان المفهوم من لفظ المدعى عليه يشمل كذلك المطعون ضده و المدعي إذا ما انقلب مركزه القانوني إلى مدعى عليه . و مع ذلك فأن النص يظل معيبا بالقصور كون أن المراد من تقنين الأحكام و صياغة القانون هو ورود النصوص القانونية بشكل سليم واضح لا لبس فيها و لا غموض . أما إيراد نصوص تدخل الشك في مفاهيم العامة و تحدث انقلاب في المفاهيم القانونية لدى الخاصة فلا يمكن قبولها و قد احسن التشريع المصري بان ترك تعريف الدفع لفقهاء القانون يعرفونه بالطريقة التي تتفق مع المفاهيم القانونية .
الثاني : أن مفاد النص يوحي أن الطاعن له الحق في تقديم الدفوع – و هذا لا خلاف عليه – موجها إياها إلى الطعن أو إلى أي إجراء من إجراءاتها أو إلى أي شرط من شروط قبوله مع انه هو الذي تقدم بالطعن و أن قيل إنما قصد إيراد الطاعن كي يشمله النص في من يحق لهم التمسك بالدفوع و إبدائها و أن مفاد النص هو أن الخصم أي كان و متى توفرت فيه الشروط التي تخوله التمسك بالطعن أن يتقدم بالدفع موجه إياه إلى إجراءات الخصومة أو إلى موضوع الطلب القضائي أو إلى شرط قبوله . و هذا كذلك يرد عليه أن الأصل في النصوص القانونية أن تأتي واضحة و سليمة من حيث الصياغة القانونية .
و لكون تعريف الدفع إذا ما أريد أن يكون شاملا لكافة الخصوم و الحالات آمر في غاية الصعوبة يصعب إيراده في نص قانوني كما فعل المشرع اليمني ، كون مثل هذا التعريف حسب ما أراه في غاية الصعوبة و المستحسن هو جعل تعريف الدفع مفتوحا لفقهاء القانون يعرفونه بأي طريقة يرونها مناسبة كونه لا خلاف في الخصم الذي من حقه إبداء الدفع و إلى ماذا يوجهه و بعبارة أدق إلى لا خلاف في طرق و إجراءات و شروط التمسك بالدفوع .
و لما سبق فإني أرى وجود قصور في النص القانوني يجب تلافيه من قبل المشرع و على ذلك اقترح إعادة صياغة النص القانوني الوارد في المادة (179) بحيث انه يأتي بلفظ الخصم بدلا من المدعى عليه و الطاعن كون لفظ الخصم اعم و يشمل كافة أطراف الخصومة في كافة مراحلها و يشمل كذلك الحالات التي تتغير فيها المراكز القانونية للخصوم و كذا أن أيراد لفظ الخصم مع تحديد أنواع الدفوع لا يجعل من النص معيبا بالقصور بل يجعل من النص متكاملا من حيث المقصود من الدفع كتعريف بحيث يصبح النص على النحو الآتي ( الدفع دعوى يبديها الخصم اعتراضا على موضوع الدعوى أو الطعن أو شروط قبولهما أو أي إجراء من إجراءاتهما ) أما حالات تقديم الدفوع و شروطه و كافة ما ينظم الدفع فان القانون قد حدد اغلب الشروط و الحالات و ترك التفاصيل الدقيقة على فقهاء القانون و ذلك بسبب عدم القدرة على حصر أشكال الدفوع و أنا في هذا الرأي في تعديل النص مع أستاذي الدكتور خالد سعيد و الذي اقترح إعادة صياغة النص و أضيف لذلك انه الأفضل هو إلغاء النص و جعل تعريف الدفع لفقهاء القانون يخوضون فيه كيفما يشاءون بحسب المفاهيم القانونية للدفع و تقسيماته .
و في نهاية هذه الدراسة الموجزة أتمنى أن أكون قد توصلت من خلالها إلى فهم قانوني سليم و أن أكون أولا و قبل كل شيء قد بنيتها على أسس قانونية سليمة و أن أكون قد أكملت موضوع الدراسة من كل جوانبه و في الأخير أرجو أن ينال الاستحسان و بالله التوفيق .
المراجع التي تم الاستعانة بها :-
1- قانون المرافعات و التنفيذ المدني اليمني رقم (28) لسنة 1992م
2- قانون المرافعات و التنفيذ المدني اليمني رقم (40) لسنة 2002م
3- قانون الإثبات اليمني رقم (28) لسنة 1998م
4- مشروع تعديل القانون رقم (28)لسنة 1992م بشان المرافعات و التنفيذ المدني اليمني طباعة و اخراج مكتبة خالد بن الوليد للطباعة و النشر .
5- الوسيط في القانون المدني د/ عبدالرزاق السنهوري طبعة دار إحياء التراث العربي
6- الوسيط في القضاء المدني د/ فتحي والي
7- موسوعة المرافعات المدنية و التجارية المستشار أنور طلبة
8- نظرية الدفوع المدنية و التجارية د/ احمد ابوالوفاء
9- نظرية الدفوع الجنائية المحامي حامد الشريف
10- نظرية البطلان د/ فتحي والي و د/ احمد ماهر زغلول
11-الوجيز في أصول القضاء المدني اليمني د/ خالد سعيد جباري
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي
اترك تعليقاً