سمات الاقتصاد الإسلامي
بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد،،،من استعراض الأحكام المختلفة الضابطة للنشاط الاقتصادي (الاستهلاك، الانتاج، التوزيع، التبادل) والتي تضمنها المذهب الاقتصادي في الإسلام، يمكننا استخلاص السمات التالية التي تميز اقتصادا يحكمه هذا المذهب، أي الاقتصاد الإسلامي:
(1) انه اقتصاد يميز بين الغايات والوسائل بوضوح تام، فالإنتاج والفعالية الاقتصادية إجمالاً موجهة للاستهلاك، لكن الاستهلاك – وهو مآل النشاط الاقتصادي – ليس أكثر من وسيلة لإدامة الوجود الإنساني الفاعل، أما غايات هذا الوجود فهي أكبر من مجرد الاستهلاك أو مجرد النمو الاقتصادي.
ان غايات الوجود الإنساني تحددها الأُسس الاعتقادية التي يؤمن بها الإنسان المكَّرم: “ولقد كرمنا بني آدم…”، الإنسان الخليفة: “وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة”، الإنسان الذي يعبّد نفسه لخالقه: “وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون”، وهذه غايات أرفع وأرحب من مائدة طعامه أو خزانة ملابسه بكل تأكيد!! .
(2) انه اقتصاد مختلط تتعايش فيه أشكال الملكية الخاصة والعامة معاً، توفر الأولى وسائل إشباع الحاجات الخاصة، كما تشحذ الحافز الفردي للنشاط الاقتصادي، وتوفر الملكية العامة: صور الاستخلاف الاجتماعي، وسائل إشباع الحاجات العامة والشروط المادية اللازمة لإنتاج العرض العام.
(3) انه اقتصاد يؤكد الوظيفة الاجتماعية للملكية الخاصة؛ فلا اكتناز للنقد ولا احتجاز للأرض ولا احتكار للعروض ولا استئثار بالموارد ولا ضرر ولا ضرار… يتأكد كل ذلك من خلال جملة أحكام موضوعية ملزمة.
(4) انه اقتصاد تتعايش فيه أُسس حقوقية مختلفة ترعى اعتباري العمارة والعدالة؛ فالعمل والملكية والحاجة، كلها أُسس معتمدة في نظام التوزيع الإسلامي، وبترتيب غائي يحقق مقاصده، فالعمل الاقتصادي يعتمد أساسا حقوقيا يحكم مرحلة التوزيع الابتدائي، والعمل والملكية المكتسبة بطريق مشروع والمدارة بطريق مشروع يحكمان مرحلة التوزيع الوظيفي، بينما تحكم الحاجة مرحلة إعادة التوزيع.
(5) انه اقتصاد يحقق تخصيصا كفوءا للموارد بسبب عدالة نظامه التوزيعي، ووظيفية ووسطية نمطه الاستهلاكي، زيادة على دور الحكومة في تأمين الرفاهية الاجتماعية ومسؤوليتها عن العرض العام.
(6) انه اقتصاد تقترن فيه الكفاءة الاقتصادية بالعدل التوزيعي لأنه يحشد جميع موارد المجتمع للفعالية الاقتصادية، ولأنه يعتمد نظاماً توزيعياً يؤكد الوظيفة الاجتماعية للموارد، ويؤكد اقتران عائدها بالعمل أو المخاطرة، كما أنه يؤكد مبدأية إعادة التوزيع على نحو موسع وحازم من خلال أوسع عملية إعادة توزيع عرفها الاجتماع الإنساني.
(7) انه اقتصاد يشترك فيه التوجيه الأخلاقي مع الضوابط الموضوعية في صياغة السلوك الاقتصادي؛ فالفرد تلزمه الدولة موضوعياً بالسلوك المرضي، لكنه مندوب لذلك ومأجور عليه من خلال منظمة القيم التي يؤمن بها.
(8) انه اقتصاد ينجم عنه تركيب اجتماعي متجانس، بسبب ضوابط الإسلام التي تحكم توزيع الثروة، وتحكم توزيع القوة السياسية في المجتمع المسلم، وفي ظل المعيارية الجديدة للمكانة الاجتماعية.
(9) إن الاقتصاد الإسلامي يرتكز على مذهب اقتصادي مبرأ من النسبية والانحياز الطبقي لأنه ببساطه من لدن الله تعالى: الحَكَم العدْل ذي العلم المحيط، ولأنه كذلك فهو جدير بان يكون صالحا لكل زمان ومكان.
اترك تعليقاً