دراسة وبحث قانوني شامل عن الحماية القانونية للأجور في حالة إفلاس صاحب العمل
مقدمة:
إن الظروف الاقتصادية التي تمر .ا المؤسسة قد تؤدي إلى مو.ا، أي إلى إفلاسها وتصفيتها وعنذئد تفتتح الإجراءات
الجماعية لتحصيل حقوق دائني المؤسسة. وفي الغالب يكون من بين هؤلاء الدائنين الأجراء الدين لم يتقاضوا أجورهم لمدة زمنية معينة قبل شهر الإفلاس.
وتطبيقا للقواعد العامة، يدخل هؤلاء العمال مع الدائنين الآخرين ليك . ونون جماعة الدائنين التي سوف تتقاسم ما ينتج عن
تحصيل و بيع أصول المؤسسة المفلسة.
لكن ونظرا للطابع المعيشي لدين الأجر، فقد خصت كل تشريعات الدول هذا الأخير بنظام خاص يسمح بضمان استيفاء
العمال لدينهم في الأجر عند إفلاس المؤسسة، و إن اختلفت هذه الدول في تعاطيها مع هذه المسألة.
، (I) فهناك من التشريعات من تلجأ إلى منح ديون الأجر حق امتياز فتستوفى بالأولوية والأفضلية على جميع الديون الأخرى
.(II) وهناك من الدول التي تعرز هذا النظام بإيجاد هيئات ضمان تتولى دفع أجور العمال في حالة إفلاس مؤسسا.م
حماية ديون الأجر عن طريق منح حق الامتياز: (I
يقوم هذا النظام ، المستمد من أحكام القانون المدني ، على فكرة أنه إذا كان العمال لا يستفيدون من الأرباح التي تحققها
المؤسسة ، فلا يجب أن يضاروا بالمقابل من الضوائق المالية التي يمكن أن تتعرض لها نفس هذه المؤسسة .وبالتالي وجب منح العمال
حق أولوية في استيفاء أجورهم قبل الدائنين الآخرين.
وظهور هذا النظام لأول مرة في قانون نابليون( 1804 ) في فرنسا ، وكان قاصرا على الخدم المترلي قبل أن يتوسع نطاقه في
1838 إلى الأجراء و الممتهنين، لكن حق الامتياز هذا يأتي في المرتبة الرابعة ضمن الديون الممتازة الأخرى ، مما أضفى على هذه الحماية
طابعا صوريا. ووجب الانتظار حتى سنة 1935 ليعاد النظر في امتياز ديون الأجر الذي تقدمت إلى المرتبة الأولى، فأصبحت تستوف
بالأفضلية و الأولوية على كل الديون الأخرى، بما فيها ديون الخزينة العامة وديون الضمان الاجتماعي و كذا ديون المصاريف القضائية.
ويتمثل نظام الامتياز في منح العمال الحق في إقتضاء أجورهم –عند إفلاس صاحب العمل- بالأولوية من الأصول الموجودة أو
المتبقية لدى المؤسسة، أو من الديون التي يحصلها القائم على التفليسة.
لكن إذا كان نظام الامتياز معترفا ومعمولا به في كل الدول تقريبا ، فإن هذه الأخيرة تختلف في طريقة التعامل معه وكيفية
تطبيقه سواء من حيث تحديد أصناف العمال الذين يستفيدون من هذا النظام، أو من النظام، أو من حيث طبيعة و مقدار الحق
المضمون .ذا الامتياز، ثم أخيرا من حيث مرتبته.
1) العمال المستفيدون من حق الامتياز:
إن الهدف الأول من حماية ديون الأجر هو حماية العمال الذين تربطهم علاقة عمل في حالة إفلاس. لكن تختلف الدول في
تحديد نطاق هذه الحماية من حيث الأشخاص الذين يتمتعون .ا.
243
فبعض الدول، في كالجزائر، تمنح حق الامتياز لأجور جميع العمال دون تمييز ، بغض النظر عن طبيعة عقد العمل (محدد المدة
أو غير محدد المدة) ، أو شكله (مكتوب أو غير مكتوب) أو صحته.
أبعد من هذا حيث توسع هذه الحماية حتى لمستحقات العمال الممتهنين Iles Maurice و تذهب دولة جزر موريس
على غرار العمال العاديين و بنفس المرتبة وهناك من الدول من تحدد حصرا طوائف العمال التي تستفيد من هذا الامتياز على غرار
أين يقصر هذا الحق على، الأجراء والعمال اليدويين والخدم المترلي والمحامين و الأطباء و المستشارين UROGUAY الأرغواي
القانونيين الذين يشتغلون بعقد عمل.
وبالمقابل هناك دول أخرى، وبعد أن تعترف بحق الامتياز للعمال بصفة عامة ، تحرم بعض أصناف العمال من هذا الحق بسبب
مسؤوليتهم الحقيقية أو المفترضة في إفلاس المؤسسة. ويتعلق الأمر عادة بالعمال الذين مارسوا وظائف قيادية داخل المؤسسة بحيث
يمكن اعتبارهم أ.م قد ساهموا بصفة أو بأخرى في الوضعية التي آلت إليها المؤسسة. ولهذا لا يجب أن يستفيد هؤلاء تحت غطاء
وضعيتهم القانونية كأجراء من هذه الضمانات أو الامتيازات القانونية التي وجدت لحماية ضحايا الإفلاس.
يحرم من حق الامتياز الخاص بالأجور: ، Norvège ففي دولة النرويج
– العمال الذين مارسوا سلطة فعلية في المؤسسة (أي الإطارات القيادية) .
– العمال الذين يملكون على الأقل 20 % من رأس مال المؤسسة.
– ممثلو العمال داخل مجالس الإدارة.
– العمال الذين تربطهم علاقة قرابة مباشرة بمدير المؤسسة أو بالعمال الذين يملكون على الأقل 20 % من رأس مال المؤسسة.
– قريب من هذا الاتجاه، تلجأ بعض الدول إلى التضييق على بعض فئات العمال من حيث الاستفادة من حق الامتياز، بحيث
أ.ا تعترف لم .ذا الحق مبدئيا، لكن تقيده إما من حيث درجة الامتياز، و إما من حيث مبلغ الدين الممتاز.
مثلا ، أين تعتبر ديون الأجر من الديون التي تستفيد من الامتياز و تحتل Nouvelle Zélande ففي زيلا ندا الجديدة
المرتبة الرابعة من حيث درجة استحقاقها ، فإ.ا تتدحرج إلى الدرجة السابعة إذا تعلق الأمر بالديون الخاصة بزوج صاحب العمل
المفلس إذا كان هذا الزوج تربطه علاقة عمل بالمؤسسة المفلسة.
وإن كانت التشريعات المنظمة لإفلاس الشركات لا تحرم العمال الذين ساهموا في تسيير ، Australie أما في أستراليا
المؤسسة المفلسة ، ولا أزواجهم و لا أقربائهم من حق الامتياز المقرر للأجر، لكن تقيد هذا الحق بمقدار محدد يتمثل في مبلغ 2000
دولار ، أي أن هذه الطائفة من العمال لا تتمتع بحق الامتياز فيما تعدى هذا المبلغ.
2) حدود الدين المضمون بالامتياز:
تختلف الأنظمة القانونية في تحديد الأجر الخاضع للامتياز سواء من حيث طبيعته أو من حيث مقداره.
أ-من حيث طبيعة الدين محل الامتياز:
الأصل أن دين الأجر يقصد به ذلك المقابل الذي يتلقاه العامل جراء تقديم عمله أو القيام بخدمة معينة. وهذا هو المقصود
بالأجر بمعناه الضيق، وبالتالي فمن المفروض أن حق الامتياز لا يشمل إلا هذا الجانب. لكن مع هذا، نجد أن بعض الدول تتوسع في
تحديد طبيعة دين الأجر بحيث يشمل هذا الأخير – إلى جانب الأجر بمعناه الضيق- تعويضات أخرى (كتعويضات العطل و العطلة
السنوية، عطلة المرض، عطلة الأمومة أو تعويضات التسريح).
ففي بعض الدول في البرازيل، وكولومبيا، و موريتانيا، والسنغال، و النيجر، فإن دين الأجر الذي يستفيد من حق الامتياز
يشمل الأجر القاعدي إضافة إلى كل التعويضات والمكافآت و الحق في العطل بجميع أنواعها.
244
وفي زنلاندا الجديدة ، يمتد الامتياز إلى الأجور سواء المحسوبة على أساس الزمن أو على أساس القطعة ، سواء كانت هذه
الأجور ثابتة أو متغيرة (بالعمولة)، إضافة إلى التعويضات الخاصة بالعطل السنوية و العطل المرضية.
وتتجه بعض الدول الأخرى إلى التوسع أكثر في تحديد معنى الأجر الذي يشمله الامتياز، فإلى جانب الأجر وكل العناصر
المرتبطة به، نجد بعض الدول تقضي تشريعا.ا صراحة اعتبار تعويضات التسريح ضمن عناصر الأجر المعنية بالامتياز كما هو الحال
في ماليزيا، كرواتيا، جمهورية التشيك، و تايلاندا.
وأخرى تذهب أبعد من هذا لما توسع دين الأجر ليشمل حتى منحة التقاعد، كما هو معمول به في البيرو و باكستان.
ودائما في نفس السياق، يجب تخصيص مكانة خاصة لدولتين حددتا على سبيل التدقيق، كل عناصر دين الأجر التي يشملها
الامتياز و هذا تفاديا لأي تأويل أو إ.ام.
فنص تشريع دولة زامبيا على هذه العناصر على النحو التالي:
1) كل المبالغ المستحقة عن الأجر خلال الأشهر الثلاثة السابقة عن شهر الإفلاس.
2) كل المبالغ المستحقة عن العطل الخاصة بالسنتين السابقتين عن شهر الإفلاس.
3) كل المبالغ المستحقة عن الغياب مدفوعة الأجر الخاصة بالثلاثة أشهر الأخيرة قبل شهر الإفلاس.
4) مصاريف التوظيف و التعويضات الأخرى المنصوص عليها في عقد العمل.
5) تعويض التسريح والمقدر بأجرة الثلاثة أشهر الأخيرة.
6) كل التعويضات الأخرى المستحقة للعامل بسبب التسريح.
أما تشريع مدغشقر، فيحدد هذه العناصر كما يلي:
1) ديون الأجر.
2) التعويض عن العطل مدفوع الأجر.
3) التعويض عن إعدار التسريح في حدود أجر ستة ( 06 ) أشهر.
4) تعويضات التسريح على أساس 10 أيام عن كل سنة عمل في حدود ستة أشهر.
ب- من حيث مقدار الدين:
نختلف الدول في تحديد مقدار دين الأجر الذي يستفيد من حق الامتياز فدول تحدده على أساس فترة زمنية معينة، و أخرى
تحدده على أساس مقدار أو مبلغ معين.
وتتراوح هذه الفترة الزمنية من ثلاثة شهور كما هو الحال في زامبيا إلى ثلاثة سنوات كما تنص عليه تشريعات كل من
سلوفاكيا وباكستان وجمهورية التشيك. وقد تكون أربعة أشهر كما هو معمول به في جزر موريس وأوغندا، أما الأرجنتين و النرويج
فإن المدة المشمولة بالامتياز فمحددة بستة أشهر. و تساوي اثنا عشر شهرا في كل من بلغاريا و الهندراوس.
وهناك من الدول من تميز بين أصناف العمال (فيما يتعلق بتحديد فترة الأجر المشمولة بحق الامتياز).
ففي تركيا، يستفيد من الامتياز الخدم في حدود أجرة الاثنا عشر شهرا الأخيرة.
بينما يقتصر هذا الأجل بالنسبة للعمال الآخرين على أجرة الستة أشهر الأخيرة قبل إعلان الإفلاس.
وفي الأرغواي ، تقدر هذه المدة بستة أشهر بالنسبة للعمال اليدويين ، لتطول إلى حد السنة بالنسبة للمحامين و الأطباء و الخدم.
245
أما في غينيا، فيميز المشرع بين الأجور التي تدفع على فترات لا تتعدى الخمسة عشر يوما، فتكون مشمولة بالامتياز في حدود
ستة أشهر، أما الأجور المدفوعة شهريا فتستفيد من الحماية في حدود اثنا عشر شهرا.
وتلجأ بعض الدول إلى تحديد مقدار الدين المضمون ليس على أساس فترة زمنية معينة، بل على أساس مبلغ نقدي تختلف معايير
تقديره من دولة لأخرى. فبعض الدول تحدد سقف ديون الأجر المضمون بالامتياز بمقدار معين كما هو الحال عليه في دولة مالطا
200 جنيه مالطية) أو أستراليا( 2000 دولار استرالي) أو جزر السيشل ( 30000 ) روبية. )
ودول أخرى تحدده على أساس الأجر الأدنى الوطني كما هو الحال عليه في إسبانيا اين يكون الدين المضمون من حاصل ثلاثة
مرات الأجر الأدنى اليومي مضروب في عدد الأيام غير مدفوعة الأجر.
أما في البنين و الكونغو و تونس ، فمقدار الدين المشمول بالامتياز يتحدد بقدر الجزء من الأجر غير القابل للحجز عليه. أما
بعض الدول الأخرى فتلجأ إلى معياري الفترة الزمنية والمبلغ المحدد في نفس الوقت كما تنص عليه تشريعات كل من كندا (أجرة الستة
أشهر الأخيرة في حدود 2000 دولار كندي) و الولايات المتحدة الأمريكية (التسعون يوما الأخيرة في حدود 4000 دولار أمريكي)
وزنلاندا الجديدة ( الأربعة أشهر الأخيرة في حدود 6000 دولار).
مع الملاحظة أن بعض الدول مثل الجزائر لم تحدد في تشريعا.ا مقدار الدين المشمول بالامتياز، مما يفهم منه أن دين الأجر
يستفيد من هذا الضمان مهما بلغت قيمته.
3 مرتبة الامتياز:
تتحدد فعالية حق الامتياز بالمرتبة التي يمنحها المشرع لدين الأجر ضمن الديون الممتازة الأخرى كديون الخزينة العمومية وديون
صندوق الضمان الاجتماعي وديون المصاريف القضائية وعلى العموم كل الديون الأخرى التي تستفيد من حق الامتياز، فالاعتراف
لدين الأجر بحق امتياز ثم منحه مرتبة متأخرة ضمن الديون الممتازة الأخرى لا يفيد شيئا إذا استغرقت هذه الديون المتقدمة كل أصول المؤسسة المفلسة.
وفي هذه المسألة أيضا، تختلف تشريعات الدول في المرتبة التي تمنحها لامتياز ديون أجر العمال.
فهناك من الدول التي تقضي تشريعا.ا بأن تستوفى ديون الأجر قبل كل الديون الأخرى حتى تلك التي تحض بحق امتياز بما
فيها ديون الخزينة العامة وديون هيئات الضمان الإجتماعي. وحتى قبل المصاريف القضائية، وهذا هو الحال في كل من
الجزائر، البرازيل،كرواتيا، ا.ر،و الفلبين، فكل هذه الدول تمنح حق امتياز مطلق لديون الأجر. ويتجلى هذا الإطلاق ليس
فقط في المرتبة الأولى التي تختص .ا ديون الأجر،و لكن أيضا في مقداره بمعنى أن كل المبالغ المستحقة للعمال مهما بلغت قيمتها
تستفيد من هذه المرتبة، وهذا عكس بعض الدول التي وإن تعترف لدين الأجر بحق امتياز،إلا أ.ا لا تمنح لكل الدين المرتبة الأولى،
كما هو الحال عليه في جزر موريس التي تقصر هذه المرتبة على أجر 120 يوم الأخيرة قبل شهر الإفلاس، وكذلك الحال بالنسبة
لساحل العاج وغينيا و مد غشقر (الستون يوما الأخيرة من العمل قبل شهر الإفلاس) ونفس الحالة نجدها في كل من اسبانيا،
ماليزيا، البنين، السنغال مع اختلاف بينهم حول كيفية حساب الجزء من دين الأجر الذي يستفيد من امتياز الدرجة الأولى. ففي
كل هذه الدول، يتمتع جزء من دين الأجر بالمرتبة الأولى، والجزء الباقي يستفيد من درجة مخالفة حسب تشريعات كل دولة.
أما دول أخرى، فإ.ا تساوي من حيث الدرجة بين ديون الأجر وديون الخزينة العمومية، وكذلك الديون المستحقة لهيئات
مثلا ففي هذه الدول تستفيد كل هذه Bahamas الضمان الاجتماعي. وهذا ما نجده في كل من جمهورية التشيك والبهاماس
الديون على حد السواء بامتياز الدرجة الأولى، وهذا يعني أنه إذا لم تكفي أصول المؤسسة لاستيفاء جميع الحقوق، فيحصل ما يسمى في القانون المدني بقسمة الغرماء ، إذ يخسر كل طرف دائن جزءا من حقه يساوي نسبة حقه الأصلي في مجموع الديون.
246
وفي أنظمة أخرى تمنح ديون الأجر حقا الامتياز، ولكنه يأتي في مرتبة متأخرة عن ديون أخرى.ففي جمهورية الإكوادور
واسبانيا والهندراوس، فتأتي ديون الأجر في المرتبة الثالثة بعد ديون الدولة ومؤسسات الضمان الاجتماعي.
وتأتي في الدرجة الرابعة في لبنان بعد ديون الخزينة العمومية، ثم المصاريف القضائية ثم الديون الخاصة المضمونة برهون رسمية.
ونفس المرتبة تحتلها ديون الأجر في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث تأتي بعد المصاريف القضائية، ثم ديون الخزينة
العمومية ثم ديون النفقة المستحقة للزوجة (أو الزوجات) والأولاد.
مع الملاحظة أخيرا أن بعض الدول لا تمنح أي حق امتياز لديون الأجر التي تعتبر في هذه الأنظمة ديون عادية، وهذا ما هو
معمول به في دولة البحرين و الكويت.
حماية ديون الأجر عن طريق مؤسسة ضمان: (II
لاقت حماية الأجر عن طريق حق الامتياز في حالة إفلاس صاحب العمل انتقادات شديدة، وأثبتت في كثير من الأحيان عدم
نجا عتها في ضمان حق العمال في استيفاء أجورهم.
فمن الناحية النظرية، فإن الفلسفة التي يقوم عليها نظام حماية الأجر هي .اية وتصفية المؤسسة وبيع أصولها مع أنه قد تكون في بعض الأحيان هذه المؤسسات صالحة للتقويم أي للاستمرار لولا تراكم هذه الديون عليها بما فيها ديون الأجر.
ثم أنه من الناحية العملية، يعترض نظام حماية الأجر عن طريق الامتياز عوائق تحول في كثير من الأحيان دون إمكانية تحققه.
فمن جهة فإن نظام الحماية في هذه الحالة لا يكون ذا فعالية إلا إذا كانت للمؤسسة المفلسة أصول تكفي للوفاء بكل ديون
الأجر و هذا لا يتحقق دائما.
ومن جهة ثانية فإن اقتضاء الحق حتى و لو كان مضمونا بحق امتياز يفترض إجراءات تنفيذ جماعية ، هذه الإجراءات التي
يمكن أن تستغرق وقتا طويلا ، وهذا ما يتعارض مع الطابع المعيشي للأجر.
ثم من جهة ثالثة فإن هذا الامتياز لا يمكن أن يمتد إلى ديون الأجر الناشئة بعد شهر الإفلاس، وبالتالي سيطرح الإشكال
بالنسبة للأجور التي يستحقها العمال عن الفترة اللاحقة لشهر الإفلاس وحتى تصفية المؤسسة .ائيا.
والواقع أنه ، ولتجنب كل هذه المساوئ ، لجأت بعض الدول إلى تصور ميكانيزمات أخرى لضمان حق الأجراء في استيفاء
مستحقا.م في حالة إفلاس صاحب العمل، و ذلك عن طريق إنشاء مؤسسة أو هيئة ضمان على شاكلة هيئات الضمان
الاجتماعي، مهمتها دفع أجور العمال عند إفلاس أو إعسار الهيئة المستخدمة.
وظهر هذا النظام لأول مرة في بلجيكا سنة 1967 ، ثم في هولندا سنة 1968 ، ثم في السويد سنة 1970 ثم في الدانمرك
سنة 1972 ، ثم في فرنسا و فنلندا و النرويج عام 1973 ، واعتمدت هذا النظام في ما بعد دول أخرى كالنمسا، استراليا، اليونان،
ايطاليا، بولونيا، سويسرا، و دول أخرى.
1) الإطار التنظيمي لمؤسسة الضمان :
تقوم مؤسسات ضمان ديون الأجر على نفس المبادئ التي تخضع لها هيئات الضمان الاجتماعي، بمعنى أن تمويلها يتم أساسا
عن طريق اشتراكات إجبارية تدفع من طرف أرباب العمل وتسيرها هيئات مستقلة تقوم بدفع الأجور المضمونة للعمال ثم تعود .ا –
عن طريق الحلول- على المؤسسة المفلسة . ويكون حق الحلول هذا مضمونا بنفس درجة الامتياز الذي يتمتع به دين الأجر.
فتسيير هذه المؤسسات يكون غالبا عن طريق هيئات مستقلة متساوية الأعضاء ( ممثلون عن العمال و آخرون عن
247
أصحاب العمل) مدمجة ضمن التنظيم الإداري الموجود في الدولة.
ففي النمسا مثلا ، يخضع صندوق التعويضات في حالة الإفلاس للوزارة الفدرالية للعمل والشؤون الاجتماعية أما في
النرويج فالصندوق الوطني للضمان تسيره إدارة متفشية العمل .
ولا يخرج عن هذه القاعدة إلا النظام في بولونيا أين يحظى صندوق ضمان مستحقات العمال باستقلالية تامة حيث يتمتع
بالشخصية القانونية ويسيره جهاز يتكون من ممثلين عن أصحاب العمل (ثلثي الأعضاء) و ممثلين عن العمال (ثلث الأعضاء).
أما عن طريقة تمويل هذه الهيئات، فالأصل أنه يقوم على اشتراكات أصحاب العمل وحدهم باعتبار أن هذه المؤسسات تقوم
بوظيفة ضمان أو تأمين هؤلاء ضد خطر عدم إمكانية دفعهم لأجور العمال في حالة الإفلاس و هذا هو النظام المتبع في النمسا و
الدانمرك وفنلندا و فرنسا والنرويج وبولونيا.
ومع هذا ، توجد أنظمة أين تساهم الدولة في تمويل هذه الهيئات كما هو الحال في سلوفاكيا أين تتدخل في تمويل هذه المؤسسات
الدولة مناصفة مع أصحاب العمل، أو في اليونان أين تساهم الدولة في ميزانية هيئة الضمان في حدود 1.5 مليون أورو سنويا.
أما في سلوفينيا، فينفرد نظامها بخاصية أن تمويل الهيئة لا يتم إلا عن طريق ميزانية الدولة وحدها.
وغني عن البيان أنه توجد مصادر أخرى لتمويل هذه المؤسسات إضافة إلى اشتراكات أصحاب العمل و/أو الدولة، وتتمثل
في الغرامات التي تحصلها بسبب تأخر دفع الاشتراكات، أو الفوائد التي تحصل عليها مقابل إيداع أموالها لدى البنوك ، أو المبالغ التي
تجنيها جراء استعمالها لحق الحلول بعد أن تدفع للعمال ديون الأجر المضمون.
2) حدود الديون المضمونة:
الأصل أن كل العمال يستفيدون من حماية ديون أجورهم عن طريقة هيئة الضمان. ومع هذا توجد دول حرمت بعض طوائف
العمال من هذا الحق. ففي النمسا مثلا ، لا يتمتع .ذا الحق العمال المسيرون والإطارات السامية التي كان لها دور فعلي في تسيير
المؤسسة وفي سويسرا، يحرم أيضا من هذا الحق الإطارات العليا و الأجراء الذين يملكون مساهمات مالية في المؤسسة. ويمتد هذا التضييق
إلى أزواج هذه الفئات إذا كانوا أجراء في نفس المؤسسة. و الحال نفسه في استراليا.
أما في اسبانيا، فلا يستفيد من هذا النظام الخدم الذي أقصاه المشرع صراحة من هذا الامتياز.
ويدخل ضمن الديون المضمونة في إطار هذه الهيئات ، ديون الأجر بمعناها الواسع، فكل عناصر الدين المرتبطة بعلاقة العمل
يشملها نظام الضمان، الأجر بمعناه الضيق، والعلاوات والمكافآت والعطل المدفوعة الأجر وكل التعويضات المرتبطة بإ.اء علاقة العمل.
ويتوسع القانون الوضعي الفرنسي في مفهوم الديون المضمونة ليشمل حتى بعض الديون التي ليست لها علاقة بالأجر و لكن مع
هذا ترتبط بعقد العمل كرأسمال الوفاة عند وجود اتفاقية جماعية تضع على عاتق صاحب العمل التزام بدفع مبلغ معين عند وفاة العامل.
لكن يجب الإشارة إلى أن كل الأنظمة التي أخدت بمبدأ ضمان دين الأجر عن طريق هيئة مستقلة وضعت حدودا لمقدار
الدين المضمون بناءا إما على معيار زمني، أو معيار حسابي أو الأخذ بالمعيارين معا.
ففي فنلندا و ايطاليا وبولونيا وسلوفاكيا و جمهورية التشيك ، فإن الدين المضمون لا يتعدى اجر الثلاثة أشهر الأخيرة قبل
الإفلاس. ويحسب على أساس الستة أشهر الأخيرة في لكسمبورغ .أما دول أخرى فتعمد إلى تحديد هذا الدين المشمول بالحماية
على أساس حسابي و إن اختلفت بعد ذلك في طريقة تقديره. ففي جمهورية التشيك يحسب هذا المبلغ على أساس واحد ونصف
1،5 ) قيمة الأجر الوطني المتوسط عن كل سنة عمل، و في النمسا لا يجوز أن يتعدى الدين المضمون ضعف الأجر الذي تحتسب )
كورون سويدية) في السويد. ) SEU على أساسه اشتراكات الضمان الاجتماعي. ومبلغ هذا الدين لا يجوز أن يتعدى 100.000
248
خلاصة :
تحاول كل دولة أن تتعاطى مع مشكلة احتمال ضياع حق العمال عند إفلاس صاحب العمل حسب معطيا.ا الداخلية –
وجود أو عدم وجود حالات كثيرة للإفلاس وكذلك حسب التزاما.ا الدولية و ذلك بانضمامها إلى المواثيق الدولية التي تكرس حق
العامل في استيفاء أجوره في حالة إفلاس المؤسسات المستخدمة والواقع أن لكلا النظامين المعروفين حاليا مزايا و عيوب حسب
الظروف التي يطبق فيها.
و يجب التنويه في الأخير أن هناك تصورات أخرى أو ميكانيزمات أخرى ممكن أن تلعب دورا في حماية أجور العمال في هذه
الوضعية بالذات.
ففي دولة الدومينيك ، و كذلك في موزنبيق، و أمام انعدام الأطر القانونية التي تحمي الأجور ،فنص المشرع في الدولتين على
الهيئات المستخدمة اكتتاب عقود تأمين لحماية الأجور في حالة الإفلاس.
و في روسيا البيضاء ، ألزم التشريع كل صاحب عمل أن يك . ون لديه صندوق احتياطي لضمان دفع الأجور في حالة إفلاس
المؤسسة و يمول هذا الصندوق من الأرباح التي تحققها المؤسسة بعد دفع الضرائب.
اترك تعليقاً