بحث قانوني هام عن بعض التطبيقات المعاصرة لنظرية الظروف الاستثنائية
أمير حسن جاسم
مدرس القانون الإداري المساعد
جامعة تكريت / كلية القانون
المقدمة
تعد نظرية الضرورة استثناءاً أو قيداً يرد على مبدأ سمو الدستور والنتائج المترتبة عليه، وتستمد هذه النظرية مدلولها من القاعدة الرومانية التي تقول ” إن سلام الشعب فوق القانون ” وبموجب هذه النظرية فإن القواعد الدستورية وجدت لتنظيم ممارسة السلطة في الدولة وهذا التنظيم يرتكز على مبادئ تهدف بالدرجة الأساس إلى تقييد سلطة الحكام وإيجاد نوع من التوازن والفصل بين مؤسساته المختلفة وذلك من اجل تامين وحماية مبدأ سيادة القانون وحقوق الإنسان وحرياته، وحيث إن هذه المبادئ قد شرعت للظروف الطبيعية فإذا ما استجدت ظروف استثنائية قاهرة من شأنها المساس بكيان الدولة أو السلامة العامة للمجتمع كحالة الحرب والأزمات الحادة أو حالة التمرد والعصيان لابد من مواجهتها باتخاذ تدابير استثنائية. فحالة الضرورة هذه هي التي تجيز لإحدى هيئات الدولة إلا وهي الهيئة التنفيذية متمثلة برئيسها أن تعلق كل أو بعض نصوص الدستور وتباشر ممارسة وظيفة التشريع خلال مدة من الزمن ويجب أن لا تستمر هذه الحالة إلا لمواجهة الظروف التي أدت إليها فينبغي العودة إلى الحالة الطبيعية حال زوال تلك الظروف فالضرورة تقدر بقدرها.
والجدير بالذكر أن الفقه استعمل مصطلحات عدة لهذا المفهوم فنجده تارة ً يستخدم مصطلح الظروف الاستثنائية وتارة مصطلح الضرورة لنفس المفهوم.
وبسبب ما للإجراءات المتخذة من قبل السلطة التنفيذية في تلك الفترة من اثر مباشر وخطر على حياة المجتمع وما يصاحبه من مصادرة للحقوق والاعتداء على الحريات العامة فإن مثل هذه الصلاحيات يجب أن لا تمنح إلا في حالة خاصة جداً بحيث يؤدي عدم تدخل الإدارة لمواجهة هذه الظروف إلى إلحاق ضرر جسيم بالدولة يهدد وحدة أراضيها ويشل حركة الحياة فيها، فيباح هنا للسلطة التنفيذية إصدار تشريعات وان مثل هذا الإجراء سيؤدي إلى نتائج خطيرة على حياة المجتمع وقد يؤدي إلى تعزيز النظم الدكتاتورية التي لا يهمها سوى الاستمرار في اضطهاد الشعوب والتحكم في مصائرها وهذه الأسباب هي التي دفعت القضاء، ولاسيما مجلس الدولة الفرنسي، إلى إرساء ثوابت هذه النظرية وإشتراطه لتطبيقها خضوع الإجراءات المتخذة من قبل السلطة التنفيذية إلى رقابة القضاء الإداري وضرورة انتهاء تطبيقها حال زوال هذا الظرف الاستثنائي.
وقد اتبعنا في هذا البحث المنهج التحليلي الذي يقوم على تحليل أراء الفقهاء ومناقشتها ومعرفة مدى انطباقها على الواقع العملي للوصول إلى أفضل السبل لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم من تجاوزات السلطة التنفيذية.
وسنقسم هذه الدراسة في سبيل ذلك إلى ثلاثة مباحث نمهد قبل الخوض فيها لعلاقة ركن الاختصاص في القرار الإداري بنظرية الظروف الاستثنائية ثم نخصص المبحث الأول لمفهوم نظرية الظروف الاستثنائية والثاني لأثر نظرية الظروف الاستثنائية على مبدأ المشروعية والثالث للسلطة التشريعية لرئيس الدولة في ظل الظروف الاستثنائية لننتهي بخاتمة نعرض فيها لأهم النتائج والتوصيات التي توصلنا إليها.
تمهيد
ركن الاختصاص وعلاقته بنظرية الظروف الاستثنائية
يُقصد بالاختصاص الصلاحية القانونية التي تمنح لموظف أو هيئة عامة لمباشرة عمل من الأعمال القانونية.(1) يعرفه البعض بأنه تقسيم العمل بين الهيئات العامة للدولة تتولاها القوانين والقرارات التنظيمية وفقاً لمتطلبات المصلحة العامة.(2) حيث تتولى الدساتير تحديد المواضيع التي يجوز لكل من السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية مباشرتها. ولا يجوز لها أن تتعداها وإذا ما خالفت هذه القاعدة فإن قرارها يكون مشوباً بعيب اغتصاب السلطة. فليس لرجل الإدارة مباشرة أي من اختصاصات السلطتين التشريعية والقضائية. فإذا ما فعل ذلك ترتب على هذا العمل انعدام القرار الإداري لكوننا أمام حالة غصب للسلطة. (3)
في حين إذا ما تعرضت حياة الأمة لازمات ومخاطر من الممكن أن تؤدي إلى انهيار الدولة أو تعرض سلامتها للخطر فان مثل هذه الظروف الاستثنائية تتيح للسلطة التنفيذية التجاوز على قواعد الاختصاص الوظيفي الموضوعة أصلاً للظروف العادية فتصبح قادرة على خوض غمار التشريع والتي هي في الأصل من اختصاص السلطة التشريعية، ففي خضم هذه الظروف التي تمر بها البلاد لابد أن تسمح الشرعية الدستورية لجهات معينة تتمثل بالسلطة التنفيذية باتخاذ القرارات اللازمة لمواجهة الأخطار التي تمر بها البلاد وذلك بعد توافر شروط معينة وإجراءات محددة تنص عليها هذه الدساتير.(4)
وان حق السلطة التنفيذية في اتخاذ بعض القرارات الاستثنائية والتي تكون مشوبة بعيب الاختصاص الذي يتجسد في اغتصاب السلطة لكونها تدخل في المجال التشريعي أو مشوبة بعيب مخالفة القانون حيث تعد مثل هذه القرارات غير مشروعة في معيار القواعد العامة التي تحكم الظروف العادية في الوقت الذي تعد مشروعة بل واجبة في ظل الظروف الاستثنائية متى كان ذلك لازماً لحماية البلاد من خطر داهم.(5)
ويتبين لنا مما سبق أن السلطة التنفيذية وعند قيامها بالإجراءات واتخاذها القرارات اللازمة لمواجهة الظروف الاستثنائية تكون قد تجاوزت الاختصاص الممنوح لها واغتصابها للسلطة ومع أن ما تمارسه السلطة التنفيذية في ظل هذه الظروف كان من اختصاص السلطة التشريعية إلا أن الدساتير عادة ما تخول السلطة التنفيذية سلطة اتخاذ تلك الإجراءات لمواجهة هذا الظرف الاستثنائي.
المبحث الأول
مفهوم نظرية الظروف الاستثنائية
قد تتعرض حياة الدولة للأخطار والأزمات التي تهدد وجودها وكيانها وان السلطة التنفيذية في ضوء هذه الظروف بحاجة إلى صلاحيات جديدة للقيام بواجبها في الحفاظ على كيان الدولة ووجودها وان تعارض هذه المصالح مصلحة احترام القانون ومصلحة الحفاظ على الدولة وللموازنة بين هذه المصالح فقد ابتدع الفكر القانوني هذه نظرية الظروف الاستثنائية وسنحاول في هذه المبحث التعرف على مفهوم هذه النظرية وذلك في المطلبين الآتيين :ـ
المطلب الأول
أساس نظرية الظروف الاستثنائية وبداية نشأتها
الرأي السائد في الفقه يتجه إلى إن فكرة الضرورة هي أساس نظرية الظروف الاستثنائية ويقصد بالضرورة تلك الحالة من الخطر الجسيم الحال التي يتعذر تداركها بالوسائل العادية مما يدفع السلطات القائمة على حالة الضرورة أن تلجأ إلى الوسائل القانونية الاستثنائية لدفع هذا الخطر ولمواجهة الأزمات(6) وفكرة الضرورة هذه تقوم على ركنين(7) ركن موضوعي ويتمثل بوجود خطر يهدد مصلحة جوهرية معتبرة قانونا وركن شكلي يتمثل في التجاوز على أحكام القانون هذه هي فكرة الضرورة بصورة عامة، وهناك من يرى تحديد حالة الضرورة في نطاق القانون الدستوري ذلك أنها توجد كلما كانت الدولة في وضع لا تستطيع معه أن تواجه أخطاراً معينة سواء كان مصدر هذه الأخطار داخلياً أم خارجياً إلا بالتضحية بالاعتبارات الدستورية التي لا يمكن تجاوزها في الأوضاع العادية (8). وبالتالي فان نظرية الضرورة تعني إضفاء المشروعية على عمل هو في الظروف العادية غير مشروع.
وتعد هذه النظرية من النظريات العامة في القانون التي لا يقتصر مجالها على القانون الدستوري وإنما يتعداه إلى مجالات القانون الأخرى ويحق القول هنا أنها من النظريات الهامة في مجال القانون العام حيث إنها تمثل الجانب الاستثنائي لمبدأ المشروعية وقد اهتم الفقه والقضاء ولاسيما القضاء الإداري الذي حددها وذلك بوضع الشروط والضوابط اللازمة لتطبيقها. وبالنظر لحداثة هذه النظرية واختلاطها مع غيرها من النظريات التي تحكم عمل الإدارة اختلف الفقه في تحديد أساس واحد لهذه النظرية (9).
وترجع الأصول الأولى لنظرية الظروف الاستثنائية في القانون العام إلى الفقه الألماني الذي اتخذ منذ البداية النظرية القانونية لهذه النظرية والتي تجد أساسها في كتابات بعض الفقهاء الألمان منهم هيكل وهرنك وجلينك، فقد برر هيكل خروج الدولة على القانون في هذه الحالة إن الدولة هي التي أوجدت القانون وهي تخضع له لتحقيق مصالحها وعلى ذلك فلا خضوع عليها إذا كانت تحقيق صالحها هو في عدم الخضوع إلى القانون الذي يعد وسيلة لغاية هي حماية الجماعة فإذا لم تؤدي هذه القواعد إلى هذه الغاية فلا يجب الخضوع إلى القانون وعلى الدولة أن تضحي به في سبيل الجماعة (10)
وكان الفقيه جلينك قد برر النظرية التي تحل بها الحكومة محل السلطة التشريعية تحت ضغط الحوادث لمواجهة الضرورة وبكل الوسائل المتاحة وعلى ضوء هذه الآراء يذهب الفقه الألماني إلى اعتبار نظرية الظروف الاستثنائية نظرية قانونية على أنها تعد حقاً للدولة وبناءً على ذلك تكون الأعمال والإجراءات التي تتخذها الدولة في أحوال الضرورة هي إجراءات مشروعة ولا ترتب مسؤولية على الإدارة ولا يجوز للغير مطالبة الإدارة بالتعويض عما يلحقهم من ضرر جراء ذلك.
أما الفقه الفرنسي فقد انقسم إلى مرحلتين تاريخيتين ففي الأولى وهي القديمة اتخذ الفقه النظرة السياسية باعتباره جزءً من المدرسة الديمقراطية ثم ما لبث أن انتقل إلى المرحلة الثانية التي اتخذ فيها النظرة القانونية لنظرية الضرورة حيث ساعدها في هذا المجال قضاء مجلس الدولة الفرنسي، في حين يستند أصحاب نظرية الضرورة باعتبارها نظرية سياسية على مبدأ سيادة القانون وعلى هذا الأساس تكون جميع الإجراءات التي تصدر عن الإدارة لمواجهة أي ظرف استثنائي مخالفة فيها القواعد القانونية بدعوى الضرورة هي إجراءات باطلة وتظل غير مشروعة قانوناً وتترتب المسؤولية على الحكومة ما لم يصححها البرلمان بقوانين التضمينات وهو ما كان عليه الحال في بريطانيا والولايات المتحدة فقد استقرت أحكام القضاء على اعتبار نظرية الظروف الاستثنائية مجرد نظرية سياسية لا يمكن أن تكون بذاتها أساساً قانوناً للسلطات التشريعية لرئيس الدولة في الظروف الاستثنائية ففي هذه الدول هناك ما يعرف بحالة الطوارئ وهي تقابل حالة الضرورة (11).
ويطلق البعض على النظرية الألمانية التي تؤخذ من الطبيعة القانونية لنظرية الظروف الاستثنائية بأنها لم تكن في حقيقتها نظرية قانونية بقدر ما كانت تشكل نظرية ديكتاتورية ولذلك لم تكن مقبولة لدى الفقه الفرنسي ودفع ذلك بعضهم إلى رفض الأخذ بالنظرية السياسية وفضلوا عليها النظرية القانونية (12) ولكن على وجه مغاير للفقه الألماني ومن الفقهاء الفرنسيين الذين اخذوا بالتصوير القانوني لنظرية الضرورة العميد (دكي) الذي أباح للسلطة التنفيذية إصدار القرارات التشريعية على اعتبار الضرورة تمثل استثناء على الجانب الشكلي لمبدأ المشروعية ولكن هذا الاستثناء يبقى دائماً محاط بالشروط والقيود (13).
ويرجع ظهور نظرية الظروف الاستثنائية إلى مجلس الدولة الفرنسي عندما قام بوضع الضوابط الخاصة بها بتحديد شروطها وإضفاء مشروعية من نوع خاص على أعمال الإدارة الصادرة في ظلها عندما عمل المجلس على منح الإدارة سلطات استثنائية في الظروف استثنائية في ظل غياب النصوص الدستورية المتضمنة لهذه النظرية والعمل على تكملة هذه النصوص مما يشوبها من قصور وذلك بإعطاء الإدارة سلطات كافية لمواجهة تلك الظروف الاستثنائية على إن القضاء يعمل على تفسير النصوص الدستورية من خلال تحديد مفهومها والشروط اللازمة لتحقيقها (14) وعلى هذا فان المصدر الحقيقي لهذه النظرية هو القضاء وبالتحديد (قضاء مجلس الدولة الفرنسي) وقد ذهب جانب من الفقه إلى أن هذه النظرية هي من خلق مجلس الدولة الفرنسي خلال الحرب العالمية الأولى ويؤكد ذلك الدكتور يحيى الجمل بقوله (أثناء الحرب العالمية الأولى اخذ مجلس الدولة الفرنسي موقفاً مغاير لموقف محكمة النقض موقفاً اعتمد نظرية الضرورة وان أطلق عليها مسميات أخرى فأحياناً يسميها نظرية سلطات الحرب وأحياناً يسميها نظرية الضرورة)(15)
وهناك من الفقهاء من يرى بان هذه النظرية موجودة في الفقه الإسلامي وهم يستندون في ذلك إلى قاعدتي (الضرورات تبيح المحضورات) و (الضرورة تقدر بقدرها)وهناك من يرى بأنها مقررة في الشريعة الإسلامية وهي تلتقي في جوهرها مع وجهات نظر الفقهاء المحدثين (16) وهناك من يرى أن نظرية الضرورة أو الظروف الاستثنائية معروفة ومقررة في الشريعة الإسلامية إلا أنها ليست من خلقها حيث أنها معروفة ومقررة في عالم ما قبل الإسلام إذ وردت تطبيقات لحالة الضرورة في كل من الشريعة اليهودية والشريعة المسيحية وان نظرية الضرورة كتنظيم دستوري لم تظهر إلا بعد نشأة الدولة بمفهومها الحديث القائم على مبدأ سيادة القانون ومبادئ احترام حقوق وحريات الإنسان. (17) وان هذه النظرية بشروطها وضوابطها الجديدة هي من خلق مجلس الدولة الفرنسي الذي صاغها في إطار قانوني محدد بحيث لا تعد أية واقعة تدخل ضمن هذه النظرية ما لم تكن داخلة ضمن هذا الإطار.
المطلب الثاني
شروط تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية
تكاد تتفق الدساتير المنظمة لنظرية الظروف الاستثنائية إلى تقييدها بشروط معينة حتى لا تصبح النصوص المنظمة لها وسيلة بيد السلطة التنفيذية لتحقيق مصالح شخصية هذا بالإضافة إلى إن تحديد مثل هذه الشروط يعد وسيلة لتمييز هذه النظرية عن النظريات الأخرى التي تحكم عمل الإدارة كنظرية أعمال السيادة ونظرية السلطة التنفيذية للإدارة وان مثل هذه الشروط أو القيود نجد أساسها في الفقه الفرنسي الذي ذهب إلى تقيد هذه النظرية وذلك بوضع الضوابط والشروط المحددة لها والتي هي على النحو التالي :-
أولاً: قيام الظرف الاستثنائي
ويتمثل هذا الظرف بوجود تهديد بخطر موجه ضد الدولة وهو أهم الشروط اللازمة لقيام هذه النظرية وهذا الخطر الذي قد يكون داخلياً كالكوارث الطبيعية الاقتصادية أو العصيان المسلح والمظاهرات غير المسلحة، وقد يكون خارجياً كالحروب ويستقر الفقه على وجوب توافر وصفين في هذا الخطر وهما الجسامة والحلول وقد ذهب جانب من الفقه إلى أن الخطر يكون جسيماً إذا كان من غير الممكن دفعه بالوسائل القانونية العادية فإذا أمكن دفعه بهذه الوسائل لا يعد جسيماً(18)، أما بالنسبة لصفة الحلول فان الخطر الحال يعني أن تبلغ الأحداث أو الظروف حداً تؤدي معه حالاً ومباشرة ً إلى المساس بالمصلحة موضوع الحماية (19)، ما يعني وجود تهديد بخطر جسيم حال موجه ضد الدولة. (20)
ثانياً: استحالة مواجهة الظرف الاستثنائي بالطرق القانونية العادية :-
إن هذا الشرط يعني بأنه إذا ما حدث ظرف استثنائي وكانت هناك قواعد قانونية أو دستورية قادرة على مواجهة هذا الظرف فانه ينبغي اللجوء إلى هذه القاعدة أما إذا لم تكن هناك نصوص قانونية قادرة على مواجهة هذا الظرف ففي هذه الحالة يجب اللجوء إلى نظام قانوني استثنائي لتفادي هذا الظرف على أن يتم ذلك تحت رقابة القضاء الإداري وهو ما ذهب إليه مجلس الدولة الفرنسي في عام 1958 حين أكد على انه إذا كان الموقف الاجتماعي أو الاقتصادي الناتج عن الحرب التي كانت دائرة في الهند الصينية بان السلطات والوسائل التي يملكها الحاكم بموجب القوانين القائمة تكفي لمواجهة متطلبات هذا الموقف دون حاجة إلى أن يتجاوز نطاق اختصاصاته المقررة في هذه القوانين (21)، وعلى هذا الأساس فان التصرف أو الإجراء الصادر لمواجهة هذا الظرف الاستثنائي يجب أن يكون مما تقتضيه الضرورة القصوى وفي حدودها(22)، أي أن الضرورة تقدر بقدرها فإذا ما تجاوزت الإدارة لهذا القدر فإنها تعرض نفسها للمسالة وتكون قراراتها عرضة للطعن أما القضاء بالإلغاء أو التعويض.
ثالثاً:- أن يكون الهدف من النظام القانوني الاستثنائي تحقيق المصلحة العامة
إن شرط المصلحة العامة هو شرط جوهري في كل الأعمال التي تصدر عن الإدارة سواء أكانت الظروف عادية أم استثنائية وان أي عمل تتخذه الإدارة يجب إن يقصد به تحقيق مصلحة عامة وألا تكون الغاية منه الوصول إلى تحقيق إغراض شخصية (23)، وان الإدارة يجب إن تهدف إلى دفع هذه الظروف ومواجهتها للمحافظة على كيان الجماعة وهذا هو الهدف الخاص فإذا ما أخلت الإدارة واستعملت سلطتها الواسعة في أي هدف آخر من أهداف المصلحة العامة كان تصرفها مشوباً بانحراف السلطة.
المبحث الثاني
اثر نظرية الظروف الاستثنائية على مبدأ المشروعية
ولا بد لنا هنا من تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نخصص الأول لعلاقة نظرية الظروف الاستثنائية بمبدأ المشروعية والثاني لضمانات تطبيق مبدأ المشروعية وكما يلي :ـ
المطلب الأول
نظرية الظروف الاستثنائية ومبدأ المشروعية
الأصل انه يتعين على السلطة التنفيذية وتطبيقاً لمبدأ المشروعية الالتزام بالقانون في كل زمان ومكان أياً كانت الظروف غير أن هذا الأصل إذا كان صالحاً في الظروف العادية فانه ليس كذلك في الاستثنائية (24) فإذا كان مبدأ المشروعية يفرض على الإدارة أن تتقيد فيما تتخذه من أعمال وتصرفات بأحكام القوانين وبعدم الخروج عليها وان تستند أعمالها وتصرفاتها إلى قاعدة قانونية تجيزها إلا أن ذلك لا يكون كذلك إذا ما تعرضت لظروف غير مألوفة تتطلب الإسراع في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية امن الدولة ونظامها العام ومرافقها الأساسية مما يهددها من مخاطر وبالقدر الذي تقتضيها هذه الظروف الطارئة الجديدة. (25)
وفي إطار بيان العلاقة بين نظرية الظروف الاستثنائية ومبدأ المشروعية فقد تبنى الفقه تيارين أساسيين (26)، الأول ينكر كل قيمة قانونية لنظرية الظروف الاستثنائية ويعتبرها خروجاً على مبدأ المشروعية ولا تستند إلى أي أساس قانوني وهذا هو التيار الأساسي الذي تبنته المدرسة الانكلو أمريكية، أما التيار الثاني فيعتبر نظرية الظروف الاستثنائية قانونية داخل مبدأ المشروعية وتتمثل في ذاتها الأساس القانوني لسلطات الإدارة الاستثنائية وهذا هو التيار القانوني الذي يعد تلك النظرية نظرية قانونية ثبتها الفقه الألماني وجانب من الفقه الفرنسي مع بعض القيود.
ويذهب الدكتور يحيى الجمل إلى أن (نظرية الضرورة لا تؤدي إلى هدم الشرعية وتجاورها تجاوراً كلياً) (27) ويستفاد من ذلك إن نظرية الظروف الاستثنائية تؤثر تأثيرا جزئياً فحسب في قواعد المشروعية غير أن الفقه في تصوره لهذه العلاقة إلى مذاهب شتى فمن الفقه من يذهب إلى أن نظرية الظروف الاستثنائية تنتج أثارها على مبدأ المشروعية من خلال توسيع قواعد المبدأ بما يؤدي إلى التلطيف من أداء واجبها في المحافظة على النظام العام وسير المرافق ولكن المشروعية ذاتها قائمة. (28)
ففي تلك الظروف يتم توسيع المشروعية وتعديل حدودها وهو أمر يجريه القاضي بحكم قوامته على تفسير القانون بما يلائم ظروف تطبيقها فالأمر يتعلق بتفسير قواعد القانون تفسيراً واسعاً يسمح للإدارة بسلطات العمل السريع التي تقتضيه مهمتها لصيانة الأمن وحسن سير المرافق العامة (29). بينما عبر البعض عن ذات الاتجاه (توسيع نطاق المشروعية) بطريقة أخرى إذ أن الأحكام الدستورية يجب أن تخضع أمام الضرورة العليا لسلامة البلاد وهذه النظرية تمثل استثناءاً وارداً على مبدأ علو الدستور حيث يوقف العمل بهذا المبدأ لصالح الحكام وتعفى السلطة التنفيذية من احترام الدستور والقوانين إذا ما اقتضت ذلك الضرورات العليا لسلامة الدولة، ويتضح من خلال هذه الآراء أن نظرية الضرورة أو الظروف الاستثنائية عُدت توسيعاً في نطاق مبدأ المشروعية على نحو يشمل معه الإجراءات الاستثنائية التي تتخذها الإدارة لتكسبها شرعية استثنائية (30) وتعتبر هذه النظرية استثناءاً من مبدأ المشروعية أو قيداً يرد عليه فالأحكام الاستثنائية للظروف الاستثنائية تتعارض والأحكام العامة في مبدأ المشروعية لذلك يبدو القول بان مبدأ المشروعية يتسع ليشمل طائفتين من الأحكام والقواعد المتعارضة في الهدف والطبيعة والدور قولاً غير دقيق لان توسيع دائرة المشروعية العادية يفترض تناغماً في الحلول وانسجاما في الأحكام أو على الأقل عدم التعارض بينهما. لان طبيعة النظام القانوني الاستثنائي الذي تستخدمه الضرورة يختلف عن النظام المعد لحكم المشروعية في الظروف العادية اختلافاً جذرياً. (31)
وان النظام القانوني الاستثنائي للضرورة لا يمكن اعتباره خارجاً عن المشروعية لتقيده بالقواعد الدستورية وهي أهم وأعلى مصادر المشروعية ولا يجوز مخالفتها له على أي نحو شأنها في ذلك شأن القواعد العادية حيث إن الأحكام الاستثنائية التي تخلقها نظرية الظروف الاستثنائية تشكل نظاماً قانونياً يستقل في بنائه عن المشروعية العادية ولكن في الوقت ذاته يشاركه في قاعدة أساسية هي قاعدة دستورية حيث يمثل الدستور بقواعده المصدر الشكلي للقواعد العادية والاستثنائية على حد سواء. (32)
إن إجراءات الضرورة تضل مقيدة بالقيود الدستورية والضمانات المقررة في قواعد الدستور ولا تملك السلطة القائمة على حالة الضرورة التحلل من هذه القيود بدعوى الضرورة أو الظروف الاستثنائية. وتخلق نظرية الظروف الاستثنائية أحكاماً استثنائية يكون لها الأولوية في التطبيق إلى جوار قواعد المشروعية العادية وهو ما يعني أن اثر هذه النظرية لا يقتصر على تفسير النصوص القانونية تفسيراً موسعاً لأحكام الضرورة وان كانت استثناءاً من قواعد المشروعية العادية وهي لا تعتبر استثناءاً من الدستور وإنما استثناء من النصوص التشريعية وان نظرية الضرورة لا تعتبر خروجاً على مبدأ المشروعية لان مصدرها القانوني هو الدستور المقنن لها.وتقيدها بسائر القواعد الدستورية وهنا يبقى اثر إجراءات الضرورة محدوداً بالمجالين التشريعي واللوائح دون أن يمتد إلى المساس بالقواعد الدستورية (33) غير أن هناك اتجاهاً فقهياً يخالف هذا الاتجاه ويرى أن القواعد الدستورية ليست بمنأى عن المساس سواء بالإيقاف أو التعديل وعلى هذا الأساس فان هناك من يقرر بان نظرية الضرورة تجيز للسلطة التنفيذية أن تعمد إلى تعطيل الحياة النيابية أو تعديل الدستور من غير إتباع الأساليب والإجراءات الدستورية. (34)
ويؤكد أصحاب هذا الاتجاه بان الأحكام الدستورية والتشريعية يجب أن تخضع أمام الضرورات العليا لسلامة الدولة فيباح في الظروف الاستثنائية لبعض السلطات أن تخرج عن المبادئ العامة وهذه هي نظرية الضرورة (35) وتأكيداً لذلك فقد ذهب البعض إلى أن الدساتير قد أعطت الحكومة الحق بإيقاف الدستور أو تعطيله أو مخالفة نصوصه في بعض الأحوال الاستثنائية لصيانة الأمن ومصالح الدولة الكبرى.(36)
ونحن نؤيد الرأي الذي يذهب إلى أن إجراءات الضرورة تمتد إلى المساس بالقواعد الدستورية أي أن القواعد الدستورية ليست بمنأى عن المساس في حالة الظروف الاستثنائية إذا كان الحفاظ على هذه القواعد يتعارض مع واجبات الدفاع عن مصالح الدولة العليا المهددة بالانتقاص أو الهلاك وذلك لأنه ليس من المنطقي التضحية بالمصالح الدولة العليا من اجل الحفاظ على النصوص الدستورية على أن يكون مؤقتاً لفترة لازمة ومتعلقاً بموضوعها.
المطلب الثاني
ضمانات نفاذ مبدأ المشروعية
من مبادئ المسلم بها خضوع الدولة للقانون ولا يتحقق ذلك إلا بخضوع الحكام والمحكومين على حد سواء لأحكام القانون وذلك بان تتقيد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في جميع أعمالها بالقانون وبأحكامه، حيث يكفل مبدأ المشروعية حماية جدية للأفراد في مواجهة الإدارة التي تملك من القدرات والسلطات ما قد يغريها بالاعتداء على حقوقهم وحرياتهم وذلك بفضل ما يفرضه على الجهة الإدارية من التقيد في تصرفاتها بأحكام القوانين غير انه مهما كانت القيمة النظرية لهذا المبدأ إلا انه يبقى عديم القيمة من الناحية العلمية إلا إذا وجدت ضمانات تكفل امتثال السلطات العامة المضمونة وتقيدها بحدودهم (37)
ومهما تعددت الضمانات التي تكفل احترام مبدأ المشروعية فان الضمان الأمثل يكون بتنظيم رقابة قضائية على نشاط السلطات العامة سواء كان هذا النشاط تشريعياً أم إدارياً فهذه الرقابة القضائية تعد مبدأ متمماً ومكملاً لمبدأ المشروعية لأنها تحقق ضمانة أكيدة للأفراد لمواجهة السلطة العامة وتمكنهم من الالتجاء إلى جهة مستقلة محايدة من اجل توقيع الجزاء الناتج عن اتخاذ الإجراءات الإدارية تصرفاً بالمخالفة لما تقضي به القواعد القانونية ويتمثل هذا الجزاء في الحكم ببطلان التصرف المخالف للقانون أو التعويض عن الأضرار التي أحدثها وهنا تظهر فاعلية الرقابة القضائية باعتبارها من أهم ضمانات نفاذ مبدأ المشروعية ذلك أن القضاء يمثل إحدى السلطات العامة يخضع في مباشرة وظيفته للقانون حكمه في ذلك حكم سائر السلطات العامة الأخرى ويتم التحقق من ذلك عن طريق ما تتضمنه القوانين من طرق الطعن في الأحكام وإجراءات رد القضاة ومخاصمتهم غير أن مدى فاعلية هذا الضمان يتوقف على مدى استقلال السلطة القضائية وتمتعها بالضمانات الكافية لصيانة هذا الاستقلال فمتى فقد رجال القضاء استقلالهم وكانت السلطة التنفيذية هي المهيمنة على اختيارهم وترقيتهم وممارستهم لاختصاصات وظائفهم فان الرقابة القضائية في هذه الحالة تفقد فاعليتها ويصبح مبدأ المشروعية غير قائم من الناحية العملية (38) ويوجد إلى جانب هذا الضمان عدة ضمانات أخرى تكفل احترام مبدأ المشروعية ومن هذه الضانات مبدأ الفصل بين السلطات والرقابة البرلمانية على تصرفات الحكومة وفكرة جمود الدساتير.
المبحث الثالث
السلطة التشريعية لرئيس الدولة في الظروف الاستثنائية
تتعرض الدولة لظروف استثنائية خاصة ولا يمكن مواجهتها إلا بإجراء استثنائي مقابل يتمثل في النصوص الدستورية المتعلقة بمثل هذه الأزمات وان مثل هذه النصوص ذات تأثير على مظاهر الحريات العامة وضمانات تلك الحرية وبهذا الصدد خرج دستور الجمهورية الخامسة على التقاليد الدستورية التي حرص المشرع الدستوري الفرنسي أن يتمسك بها عند إعداد الدساتير فلقد تضمن دستور 1958 نصاً معالجاً للظروف الاستثنائية وهو المادة 16 منه التي تخول رئيس الجمهورية سلطة اتخاذ الإجراءات التي تتطلبها هذه الظروف، وقد كان وراء هذه المادة الجنرال ديغول لأنه أراد أن يكون رئيس الدولة في قمة النظام السياسي وهي الفكرة التي سبق له إن أشار إليها في خطابه الذي ألقاه سنة 1946 والمعروف باسم خطاب بايو وتتلخص هذه الفكرة بأنه يجب على رئيس الجمهورية عند إحاطة المخاطر بالوطن أن يكفل استقلاله وان يؤمن تنفيذ المعاهدات المبرمة مع فرنسا(39) وقد تأثرت دساتير بعض الأقطار العربية بالمادة 16 من الدستور الفرنسي ومنها الدساتير العراقية حيث أشارت إلى ذلك المادة 51 من دستور 29 نيسان 1962 وكذا الحال في دستور عام 1970 ودستور سنة 2005، ومن الدساتير العربية التي أخذت بحالة الأزمات الخاصة دستور 1971 المصري بموجب المادة 74 منه وسوف يتم تقسيم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب نتكلم فيها عن شروط تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية حيث نخصص الأول لهذه الشروط في الدستور الفرنسي والثاني لما يتطلبه الدستور المصري في الخصوص والثالث لتلك الواردة في الدستور العراقي وكما يلي :ـ
المطلب الأول
شروط تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية في الدستور الفرنسي
تنص المادة 16 من الدستور الفرنسي لسنة 1958على انه { إذا أصبحت مؤسسات الجمهورية أو استقلال الأمة أو سلامة أراضيها أو تنفيذ تعهداتها الدولية مهددة بخطر جسيم حال ترتب عليه توقف السير المنتظم لسلطات المادة الدستورية كان لرئيس الجمهورية أن يتخذ من الإجراءات ما تتطلبه هذه الظروف بعد استشارة كل من رئيس الوزراء ورئيس الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ والمجلس الدستوري ويجب أن يكون الغرض من الإجراءات التي يتخذها رئيس الجمهورية أن يؤمن للسلطات الدستورية في اقل مدة ممكنة الوسائل الفعالة لانجاز مهام وظائفها على أن يأخذ رأي المجلس الدستوري حيال هذه الإجراءات وفي هذه الظروف يجتمع البرلمان بقوة القانون ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يحل الجمعية الوطنية خلال ممارسته لهذه السلطات الاستثنائية } ومن هنا فإن هذه المادة تتضمن نوعين من الشروط لابد من توافرها معاً ليتسنى تطبيقها، الأولى موضوعية والثانية شكلية نفصلها في أدناه :ـ
أولاً :- الشروط الموضوعية : –
وتشمل الشروط التالية :ـ
أ- أن يكون هناك خطر جسيم وحال :ـ تتطلب المادة 16 أن تتعرض مؤسسات الجمهورية أو استقلال الأمة أو سلامة أراضيها أو تنفيذ تعهداتها الدولية لخطر جسيم وحال لكي يستطيع رئيس الجمهورية أن يستخدم هذه المادة وهذا الخطر قد يكون داخلياً أو خارجياً غير أن شرط الخطر الجسيم الحال يتسم بالعمومية وقد اختلف الفقه في تحديد جسامة الخطر فيذهب بعضهم إلى القول بان الخطر الجسيم هو الذي من شأنه أن يحدث ضرراً لا يمكن إصلاحه أو لا يصلح إلا بتضحيات كبيرة تذهب إلى رأي آخر إلى أن الخطر الجسيم هو الخطر غير المألوف أي الخطر الذي يخرج عن إطار المخاطر المتوقعة كما انه خطر كبير من حيث المدى (40).
كما يصعب تحديد الوقت الذي تصبح فيه مؤسسات الجمهورية أو استقلال الأمة أو سلامة أراضيها أو تنفيذ تعهداتها الدولية مهددة بمثل هذا الخطر أي يجب أن يكون الخطر حالاً وعلى هذا فان الخطر المستقبل خطر محتمل الوقوع وليس من قبل الخطر الحال وكذلك لا يكفي أن يكون الخطر قد وقع فعلاً لان الخطر الذي وقع وانتهت أثاره ليس من قبيل الخطر الحال.
ب- أن يترتب على الخطر توقف السير المنتظم لسلطات العامة الدستورية:ـ يذهب غالبية الفقه الفرنسي إلى الاكتفاء بتوقف السير المنتظم لهذه السلطات بمعنى انه ليس من الضروري أن يكون البرلمان والحكومة والسلطة القضائية في حالة لا تمكنها من أداء وظائفها بل يكفي أن يتعذر عليها مباشرة هذه الوظائف بصورة عادية طبيعية وهو أمر متروك لتقدير رئيس الجمهورية (41) إذ أن هذه السلطة لم تمنح لرئيس الجمهورية إلا ليحول دون انهيار الدولة بسبب الخطر العاجل هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان المادة 16 تنص على أن يجتمع البرلمان بقوة القانون حين يلجأ رئيس الجمهورية إلى تطبيقها مما يفيد بان هذه السلطة الدستورية العامة لم تتوقف تماماً عن مباشرة وظيفتها وانه في مقدورها أن تمارس عملها فليس من المعقول أن يطلب رئيس الجمهورية الانتظار إلى أن تصاب بالشلل الكامل السلطات العامة الدستورية حتى يستطيع أن يستخدم السلطة الاستثنائية التي تقررها له هذه المادة (42) والجدير بالذكر بأنه على اثر تمرد الجيش الفرنسي المرابط في الجزائر في 21/نيسان /1961 اصدر الجنرال ديغول وبتاريخ 30 نيسان قراراً بتطبيق المادة 16 فأثار بذلك جدلاً فقهياً حول مدى توافر الشروط الموضوعية المشار إليها أعلاه في ذلك التاريخ فذهب بعض الشُراح إلى أن احد هذه الشروط لم يتحقق استناداً إلى انه في هذا التاريخ لم يكن السير المنتظم للسلطات العامة الدستورية متوقفاً إذا لم يقم أي عائق أمام اجتماع مجلس الوزراء والبرلمان لمجلس وعلى خلاف هذا الرأي ذهب فريق آخر من الشُراح إلى أن شروط تطبيق المادة 16 كانت متوافرة في 30 نيسان 1961 حيث وجد في هذا التاريخ خطر عاجل يهدد مؤسسات الدولة.
ثانياً:- الشروط الشكلية :
تلزم المادة 16 رئيس الجمهورية أن يستشير مقدماً وقبل أن يضعها موضع التطبيق كل من رئيس الوزراء – رئيس الجمعية الوطنية – ومجلس الشيوخ والمجلس الدستوري والرأي الذي تشير به هذه الشخصيات والهيئات استشاري غير ملزم فلرئيس الجمهورية السلطة والحرية في قبول الرأي أو رفضه (43) واستناداً إلى القانون الأساسي بشان القواعد المتضمنة لسير العمل بالمجلس الدستوري يشترط أن يكون رأي المجلس فيما يتعلق بتوافر شروط بتطبيق المادة 16 مسبباً وان يُنشر وإذا أخذنا بنظر الاعتبار القوة الهائلة التي يتمتع بها الرأي العام في فرنسا فان رئيس الجمهورية يرتكب مخاطرة شديدة إذا أعلن تطبيق المادة 16 رغم انتهاء المجلس الدستوري إلى عدم توافر شروط تطبيقها والأمر يكون العكس من ذلك إذا لم يطبق رئيس الجمهورية المادة 16 بعد أن رأى المجلس الدستوري توافر شروط تطبيقها اذ أن نشر هذا الرأي يدعم موقف رئيس الجمهورية في مواجهة الرأي العام الذي ينفر عادة من تطبيق أي نظام استثنائي بحكم ما يتضمنه من تقييد للحريات والحقوق العامة. (44) هذا بالإضافة إلى أن المادة ذاتها تشترط أن يوجه رئيس الجمهورية خطاباً إلى الأمة يخبرها بقراره تطبيق المادة 16 وان المقصود بهذا الإجراء الشكلي أن يوضح رئيس الجمهورية للرأي العام الأسباب التي دفعته لتطبيق المادة 16 ليحظى بتأييد الشعب له بالقرار الخطير الذي اتخذه.
المطلب الثاني
شروط تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية في الدستور المصري
تنص المادة 74 من الدستور المصري لسنة 1971 على أنه (لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر ويوجه بياناً إلى الشعب ويجري الاستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلال 60 يوماً من اتخذها).
ومن خلال نص هذه المادة يتبين لنا بان الشروط التي يستلزم توافرها لتطبيقها هي ما يلي :ـ
أولاً:- أن يقوم خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن لتجيز هذه المادة لرئيس الجمهورية إصدار هذه الإجراءات (لوائح الضرورة).
ثانياً:- ان يؤدي قيام خطر يعوق مؤسسات الدولة عبر دورها الدستوري ويلاحظ أن المادة 74 لم تشترط في الخطر الذي يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء عملها أن يكون جسيماً وعاجلاً وهو ما اشترطته المادة 16 من الدستور الفرنسي إلا أن ذلك لا يعني أن رئيس الجمهورية في مصر يستطيع أن يستخدم السلطة التي تخولها له المادة 74 عند قيام خطر عادي غير جسيم حيث أن هذه المادة اذ تخول رئيس الجمهورية سلطة استثنائية خطيرة فانها لابد وان يكون استخدم هذه السلطة لمواجهة خطر استثنائي جسيم يتناسب مع خطورة هذه السلطة وجسامتها.(45)
ثالثاً :- أن يهدد هذا الخطر موضوعات معينة حيث يلاحظ المشرع الدستوري المصري بان هناك بعض الموضوعات التي يترتب على المساس بها تعرض امن الدولة ووجودها للخطر وعلى هذا الأساس جاءت المادة 74 من الدستور المصري فعددت هذه المواضيع وهي الوحدة الوطنية وسلامة الوطن ومؤسسات الدولة.
رابعاً :- أن يوجه رئيس الجمهورية بياناً إلى الشعب وذلك عندما يستخدم السلطة التي تقررها له والمقصود بهذا الإجراء أن يوضح رئيس الجمهورية للشعب الأسباب والدواعي التي دفعته إلى استخدام السلطة الاستثنائية المخولة له بموجب النص الدستوري سعياً وراء كسب الرأي العام. (46)
خامساً:- أن يجري استفتاء على ما اتخذه رئيس الجمهورية من إجراءات خلال 60 يوماً من اتخاذها
وهنا لا بد من التذكير أن اسلوب الاستفتاء وان كان أكثر ديمقراطية من أسلوب الرقابة البرلمانية وهذا ما اشترطته المادة 16 من الدستور الفرنسي بان البرلمان يجتمع بقوة القانون ولا يجوز حل الجمعية الوطنية طوال فترة استخدامها هذه السلطة إلا انه من الناحية العملية يتعذر في اغلب الأحيان إجراء استفتاء في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
المطلب الثالث
شروط تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية في الدستور العراقي
ينص البند تاسعاً من المادة 61 من الدستور العراقي لسنة 2005 في تعدادها لصلاحيات مجلس النواب على ما يلي :ـ (أ ـ الموافقة على إعلان حالة الطـوارئ
بأغلبية الثلثين بناءً على طلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.
ب ـ تعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً قابلة للتمديد وبموافقة عليها في كل مرة.
ج ـ يخول رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من إدارة شؤون البلاد خلال مدة إعلان حالة الحرب وحالة الطوارئ وتنظم هذه الصلاحيات بقانون بما لا يتعارض مع الدستور).
ومن خلال نص هذه المادة يتبين لنا أن الشروط التي يستلزم توافرها لتطبيق هذه المادة هي :-
1- قيام حالة الحرب أو قيام ظرف استثنائي لا يمكن مواجهته بالقوانين الاعتيادية وان مثل هذا الظرف يجسد تهديد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن.
2- أن يقدم طلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء إلى مجلس النواب يطلبون فيه الموافقة على إعلان حالة الطوارئ.
3- موافقة ثلثي مجلس النواب على إعلان حالة الطوارئ أو تطبيق نظرية الظروف الاستثنائية.
4- صدور قانون ينظم الصلاحيات التي يتم منحها لرئيس الوزراء لمواجهة هذا الظرف الاستثنائي.
5- أن لا تتعارض ممارسة رئيس مجلس الوزراء لصلاحياته في مواجهة هذا الظرف الاستثنائي مع أحكام الدستور.
6- أن يعرض رئيس مجلس الوزراء الإجراءات التي اتخذها في ظل الظرف الاستثنائي والنتائج التي انتهى إليها بعد اتخاذ تلك الإجراءات المناسبة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتهائها.
المطلب الرابع
المقارنة بين نظرية الظروف الاستثنائية وفق الدستور الفرنسي والمصري والعراقي
1- الدستور الفرنسي وبموجب المادة (16) من الدستور يستلزم لممارسة هذه السلطة توافر شرطين يجب توافرها معاً أولهما إن يقوم خطر جسيم وعاجل يهدد مؤسسات الجمهورية (47) واستقلال الأمة أو سلامة أراضيها أو تنفيذ اتفاقاتها الدولية، وثانيهما أن ينشأ عن ذلك توقف السير المنتظم للسلطات العامة الدستورية بينما تكتفي المادة (74) من الدستور المصري لإصدار مثل هذه الإجراءات من قبل رئيس الجمهورية أن يقوم خطر يهدد الوحدة الوطنية فيما تشترط الفقرة (جـ) من البند تاسعاً من المادة (61) قيام الظرف الاستثنائي دون أن تحدد ماهية هذا الظرف وطبيعته.
2- تخول المادة 16 من الدستور الفرنسي رئيس الجمهورية سلطة اتخاذ الإجراءات التي تتطلبها الظروف الاستثنائية دون أن تحدد ماهية هذه الإجراءات وكذلك الحال بالنسبة للمادة 74 من الدستور المصري والتي تخول سلطة اتخاذ الإجراءات السريعة لمواجهة الخطر القائم أما بالنسبة للمادة 61 من الدستور العراقي فقد خولت رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة لإدارة شؤون البلاد على أن لا تتعارض هذه الصلاحيات مع الدستور في حين أن نص المادتين 16، 74 قد خولتا رئيس الجمهورية في كل من فرنسا ومصر سلطة اتخاذ أي إجراء يرى لزومه للقضاء على الخطر القائم بما في ذلك وقف العمل ببعض النصوص الدستورية.(48)
3- نصت المادة (16) من الدستور الفرنسي على بعض الشروط الشكلية وهي استشارة بعض الشخصيات والهيئات قبل أن يقرر رئيس الجمهورية تطبيقها على الرغم من أن الرأي الذي تبديه هذه الهيئات والشخصيات استشاري غير ملزم إلا انه يكفل عدم تسرع رئيس الجمهورية في تطبيق نص دستوري يخوله سلطة استثنائية، في حين لم تشترط ذلك المادة (74) من الدستور المصري وكذا الحال مع المادة 61/ تاسعا/ ج من الدستور العراقي.
4- تتفق المادتان 16و74 في كل من الدستور الفرنسي والمصري على ضرورة أن يوجه رئيس الجمهورية بياناً للشعب حين يستخدم هذه السلطة في حين لم تنص المادة 61/ تاسعا / ج على قيام رئيس الوزراء بذلك.
5- تشترط المادة 16 من الدستور الفرنسي أن يكون الهدف من الإجراءات الاستثنائية هو إعادة السير المنتظم للسلطة العامة الدستورية في اقل مدة ممكنة في حين لم تحدد المادة 74 من الدستور المصري الهدف من هذه الإجراءات ولا المادة 61/ تاسعا / ج من الدستور العراقي.
6- اشترطت المادة (16) من الدستور الفرنسي إن يأخذ رئيس الجمهورية رأي المجلس الدستوري بشأن الإجراءات التي ينوي اتخاذها في حين اشترطت المادة 61/ تاسعا/ ج من الدستور العراقي موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب وبناءاً على طلب مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء في حين لم تشترط المادة (74) ذلك.
7- أقرت المادة 16 من الدستور الفرنسي انه عند استخدام رئيس الجمهورية السلطة الاستثنائية المقررة له في ظل الظروف الاستثنائية، بان البرلمان مجتمع بقوة القانون ولا يجز حل الجمعية الوطنية طوال فترة استخدامه لهذه السلطة في حين اشترطت المادة (74) من الدستور المصري أن يجري استفتاء على ما اتخذه رئيس الجمهورية من إجراءات خلال 60 يوم، في الوقت الذي فضل المشرع الدستوري العراقي في المادة 61/ تاسعا/ ج من الدستور العراقي أن يعرض رئيس مجلس الوزراء الإجراءات ألمتخذه والنتائج على مجلس النواب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انتهائها.
الخاتمة
لا بد لنا في ختام بحثنا هذا من تحديد أهم النتائج والتوصيات التي انتهينا إليها وهي كما يلي :-
أولاً:ـ النتائج
1- الإجراءات والقرارات التشريعية المتخذة من قبل السلطة التنفيذية تعد معدومة في ظل الظروف العادية لكونها تمثل حالة من حالات اغتصاب السلطة في حين تكون مشروعة في ظل الظروف الاستثنائية.
2- تطبق نظرية الظروف الاستثنائية عند وجود خطر جسيم حال يهدد كيان الأمة وسلامتها إذا ما طبقت القوانين الاعتيادية، وعليه يكون لهذه السلطة اتخاذ إجراءات استثنائية لدفع هذا الخطر.
3- تعتبر نظرية الظروف الاستثنائية خروجاً على مبدأ المشروعية.
4- رئيس السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية) في مصر وحده المخول بموجب المادة 74 من الدستور باتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه الظرف الاستثنائي، في حين يتطلب لتطبيق المادة (16) من الدستور الفرنسي من رئيس الجمهورية أن يتخذ هذه الإجراءات بعد استشارة رئيس الوزراء ورئيس الجمعية الوطنية والمجلس الدستوري ومجلس الشيوخ، بينما يتطلب المشرع الدستوري العراقي في المادة 61/ تاسعا/ ج من الدستور العراقي لاتخاذ الإجراءات من قبل رئيس الوزراء موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب.
5- عدم وضوح رؤية المشرع الدستوري في العراق لنظرية الظروف الاستثنائية ففي الوقت الذي يتطلب موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب لكي يتم منح هذه السلطة لرئيس الوزراء لم يبين المشرع ما هو الإجراء الذي يمكن اتخاذه فيما إذا لم يكن المجلس في دورة انعقاده، ناهيك عن انه لم يبين الحل في حالة حصول ظرف استثنائي في فترة حل مجلس النواب.
6ـ إن تقييد صلاحيات رئيس الوزراء في العراق بالالتزام بأحكام الدستور حتى في ظل الظروف الاستثنائية يفسر الخوف المترسخ تاريخياً من إطلاق يد السلطة التنفيذية وانتهاكها لحقوق الأفراد وحرياتهم والخشية من عدم الموازنة بين الخطر الذي تسببه هذه الظروف والإجراءات المتخذة من قبل السلطة التنفيذية.
ثانياً :ـ التوصيات
يوصي الباحث بما يلي :ـ
1- تعديل المادة 61/ تاسعاً من الدستور العراقي لتكون مشتملة على كافة الجوانب المتعلقة بالظروف الاستثنائية التي تهدد كيان الدولة وتهدد سلامتها بالخطر وان مثل هذا الخطر يكون حالاً والخطر الحال هو الذي يكون قد وقع فعلاً أو على وشك الوقوع إذ لا تجد الإدارة أي فرصة للجوء إلى أية وسيلة أخرى لمواجهته.
2- من الضروري أن يتبنى المشرع الدستوري العراقي نظرية الظروف الاستثنائية بشكل واضح ليكون النص على الشكل التالي :ـ
(إذا أصبحت مؤسسات الدولة أو سلامة أراضيها مهددة بخطر جسيم حال يهدد الوحدة الوطنية وترتب عليه توقف المؤسسات العامة الدستورية كان لرئيس الوزراء بعد موافقة رئيس الجهورية أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر على أن يعرض هذه الإجراءات على مجلس النواب خلال الخمسة عشر يوماً التالية ليقرر ما يراه مناسباً وفي حالة كون مجلس النواب منحلاً تعرض الإجراءات على المجلس في أول اجتماع له وتزول هذه الإجراءات والتدابير بزوال أسبابها).
3- خضوع جميع القرارات من الإجراءات المتخذة من قبل رئيس الوزراء وهو بصدد ممارسته لصلاحياته المنصوص عليها في المادة 61/ تاسعا/ ج من الدستور العراقي للرقابة أمام محكمة القضاء الإداري التي لها أن تقرر رد الطعن أو تعديل القرار المطعون فيه مع الحكم بالتعويض باعتبارها قرارات إدارية تخضع لأحكام المادة { 7 / ثانياً / ط } من قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 106 لسنة 1989.
هوامش البحث
(1) د. ماهر صالح علاوي، مبادئ القانون الإداري، جامعة الموصل، دار الكتب للطباعة والنشر، 1996، ص ـ164.
(2) د.طعيمة الجرف، مبادئ القانون الإداري، دار النهضة العربية، 1985، ص 113.
(3) د. سليمان الطماوي، النظرية العامة للقرار الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، 1994، ص 304.
(4) د. نعم احمد محمد ودولة احمد عبدا لله، التنظيم القانوني لحالة الطوارئ، دراسة مقارنة، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية، المجلد2، العدد 4 لسنة 2005، ص 120.
(5)- د.سليمان الطماوي، النظم السياسية للقانون الدستوري دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1988، ص533.
(6) د. وجدي ثابت غربال، السلطات الاستثنائية لرئيس الجمهورية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1988، ص 75.
(7) د. يحيى الجمل، نظرية الضرورة في القانون الدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1974، ص 72.
(8) نفس المصدر السابق، ص 13.
(9) سعدون عنتر الجنابي، أحكام الظروف الاستثنائية في التشريع العراقي، مطبعة وزارة الثقافة والإعلام، بغداد، 1981، ص 59ـ61.
(10)- د.إحسان المفرجي، النظرية العامة في القانون الدستوري والنظام الدستوري في العراق، بغداد، 1990،، ص 168.
(11) كاظم الجنابي، سلطة رئيس الدولة التشريعية في ظل الظروف الاستثنائية، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة إلى كلية القانون بجامعة بغداد، 1996، ص 72.
(12) د. خالد رشيد الدليمي، مبدأ المشروعية والرقابة على أعمال الإدارة، محاضرات ألقيت على طلبة كلية القانون، جامعة بغداد، المرحلة الثالثة، ص. 15
(13)- د. وجدي ثابت غربال، مصدر سابق، ص 72.
(14) د. شاب توما منصور، القانون الإداري، ط3، مطبعة جامعة بغداد، بغداد، 1978، ص 173.
(15) د. يحيى الجمل، مصدر سابق، ص 47.
(16) نفس المصدر السابق، ص 47.
(17) كاظم الجنابي، مصدر سابق، ص 8.
(18)- د. إبراهيم عبد العزيز شيحا، القانون الدستوري، الدار الجامعية، بيروت، 1983، ص 807.
(19) د. وجدي ثابت غربال، مصدر سابق، ص 106.
(20) كاظم الجنابي، مصدر سابق، ص 25
(21) نفس المصدر السابق، ص 26.
(22) د. عبد الباقي نعمة عبد الله، الظروف الاستثنائية بين النظرية والتطبيق، بحث منشور في مجلة العدالة العراقية، العدد 1- 2، س 6، 1980، ص 19.
(23) د. مصطفى كامل، شرح القانون الإداري، بغداد، 1949، ص 37.
(24) د.خالد رشيد الدليمي، مصدر سابق، ص 42.
(25) د.احمد مدحت، نظرية الظروف الاستثنائية، بلا مكان ولا سنة نشر، ص 55.
(26) د. وجدي ثابت غربال، مصدر سابق، ص 108.
(27) د. يحيى الجمل، مصدر سابق، ص 48 وما بعدها.
(28)- د. سليمان الطماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية، ط 4، دار الفكر العربي، القاهرة، 1976، ص 123.
(29) د. وجدي ثابت غربال، مصدر سابق، ص 109وما بعدها.
(30)- د. عبد الغني بسيوني، ولايات القضاء الإداري على أعمال الإدارة، منشأة المعارف العامة، 1983، ص 243.
(31) د. وجدي ثابت غربال، مصدر سابق، ص 79.
(32) نفس المصدر السابق، ص 80 وما بعدها.
(33) نفس المصدر السابق، ص 82 و 82.
(34) د. عبد الحميد المتولي، الوجيز في النظريات والأنظمة السياسية ومبادئها الدستورية، ط1، دار المعارف، مصر، 58 19– 1959، ص226.
(35)- د. محمد حلمي، المبادئ الدستورية العامة، بلا مكان ولا سنة نشر، ص 87.
(36) د. وحيد رأفت، القانون الدستوري، القاهرة، 1987، ص 59.
(37) د. احمد مدحت، مصدر سابق، ص 57.
(38) د. طعيمة الجرف، مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون،بلا مكان نشر، 1963، ص 14.
(39) د. احمد مدحت، مصدر سابق، ص 57.
(40) د. يحيى الجمل، مصدر سابق، ص 128.
(41)- د. احمد مدحت، مصدر سابق، ص 70.
(42) د. كاظم الجنابي، مصدر سابق، ص 180 وما بعدها.
(43) نفس المصدر السابق، ص 183.
(44) نفس المصدر السابق، ص 183.
(45) د. يحيى الجمل، مصدر سابق، ص 192.
(46)- د. احمد مدحت، مصدر سابق، ص 72.
(47) نفس المصدر السابق، ص 74.
(48) د. يحيى الجمل، مصدر سابق، ص 206.
قائمة المصادر والمراجع
أولاً :ـ الكتب
1- د. إبراهيم عبد العزيز شيحا، القانون الدستوري، الدار الجامعية، بيروت، 1983.
2- د.إحسان المفرجي، النظرية العامة في القانون الدستوري والنظام الدستوري في العراق، بغداد، 1990.
3ـ د.احمد مدحت، نظرية الظروف الاستثنائية، بلا مكان ولا سنة نشر.
4ـ سعدون عنتر الجنابي، أحكام الظروف الاستثنائية في التشريع العراقي، مطبعة وزارة الثقافة والإعلام، بغداد، 1981.
5ـ د. سليمان الطماوي، النظرية العامة للقرار الإداري، دار الفكر العربي، القاهرة، 1994.
6- د. سليمان الطماوي، النظرية العامة للقرارات الإدارية، ط 4، دار الفكر العربي، القاهرة، 1976.
7- د.سليمان الطماوي، النظم السياسية للقانون الدستوري دراسة مقارنة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1988.
8ـ د. شاب توما منصور، القانون الإداري، ط3، مطبعة جامعة بغداد، بغداد، 1978.
9ـ د.طعيمة الجرف، مبادئ القانون الإداري، دار النهضة العربية، 1985.
10ـ د. طعيمة الجرف، مبدأ المشروعية وضوابط خضوع الدولة للقانون،بلا مكان نشر، 1963.
11ـ د. عبد الحميد المتولي، الوجيز في النظريات والأنظمة السياسية ومبادئها الدستورية، ط1، دار المعارف، مصر، 58 19– 1959.
12- د. عبد الغني بسيوني، ولايات القضاء الإداري على أعمال الإدارة، منشأة المعارف العامة، 1983.
13ـ د.ماهر صالح علاوي، مبادئ القانون الإداري، جامعة الموصل، دار الكتب للطباعة والنشر، 1996.
14- د. محمد حلمي، المبادئ الدستورية العامة، بلا مكان ولا سنة نشر.
15ـ د. مصطفى كامل، شرح القانون الإداري، بغداد، 1949.
16ـ د. وجدي ثابت غربال، السلطات الاستثنائية لرئيس الجمهورية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1988.
17ـ د. يحيى الجمل، نظرية الضرورة في القانون الدستوري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1974.
18ـ د. وحيد رأفت، القانون الدستوري، القاهرة، 1987.
ثانياً :ـ الرسائل والبحوث والدراسات العلمية
1ـ د. خالد رشيد الدليمي، مبدأ المشروعية والرقابة على أعمال الإدارة، محاضرات ألقيت على طلبة كلية القانون، جامعة بغداد، المرحلة الثالثة،.
2ـ د. عبد الباقي نعمة عبد الله، الظروف الاستثنائية بين النظرية والتطبيق، بحث منشور في مجلة العدالة العراقية، العدد 1- 2، س 6، 1980.
3ـ كاظم الجنابي، سلطة رئيس الدولة التشريعية في ظل الظروف الاستثنائية، رسالة ماجستير غير منشورة مقدمة إلى كلية القانون بجامعة بغداد، 1996
4ـ د. نعم احمد محمد ودولة احمد عبدا لله، التنظيم القانوني لحالة الطوارئ، دراسة مقارنة، بحث منشور في مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية، المجلد2، العدد 4 لسنة 2005.
اترك تعليقاً