بحث قانوني عن العقد المحدد المدة

العقد المحدد المدة 

مقدمة:

عملت مدونة الشغل الجديدة على تنظيم كيفية إبرام عقود الشغل: كما حددت أشكال عقود الشغل في ثلاثة أنواع طبقا للمادة 16 التي نصت في فقرتها الأولى على أنه:

“يبرم عقد الشغل لمدة غير محددة أو لمدة محددة أو لإنجاز شغل معين”.

ولقد أفرزت القواعد المنظمة للعقد المحدد المدة عدة صعوبات تتمثل أساسا في التأويل العسير لمقتضياته، نظرا لعدم تقنين المشرع المغربي لكل الحالات التي تدخل في إطار العقد المحدد المدة، وعدم تحديد موقفه الصريح بخصوص مجموعة من الإشكاليات التي أدت إلى حدوث تضارب في الاجتهاد القضائي.

لكن هدا لا يعني أن القضاء الاجتماعي قد التزم الصمت بخصوص الإشكالات التي برزت سواء على مستوى الواقع العملي، أو على مستوى القانون الذي يحمل مجموعة من الثغرات، بل عمل على وضع مجموعة من القواعد التي ساهمت في ايجاد حلول جذرية لبعض الحالات.

وقد مر العقد المحدد المدة بمراحل تاريخية مهمة عمل من خلالها المشرع بين الفينة والأخرى على التدخل بغية تجاوز الصعوبات التي برزت في كل مرحلة من المراحل.

ويبقى الإشكال المطروح للنقاش هو إلى أي حد يمكن القول أن القضاء الاجتماعي قد حاول إيجاد حلول جذرية لأهم الإشكاليات التي أفرزها العقد المحدد المدة ، ثم كيف تعاملت مدونة الشغل الجديدة مع موضوع العقد المحدد المدة ؟

وللإجابة عن ذلك نرى من الأنسب أن معالجتنا لهذا الموضوع إلى مبحثين، نخصص الأول للحديث عن أحكام العقد المحدد المدة، والمبحث الثاني لتعامل القضاء الاجتماعي مع العقد المحدد المدة .

المبحث الأول: أحكام العقد المحدد المدة 

المطلب الأول: مفهوم العقد المحدد المدة . 

إن عقد العمل المحدد المدة هو ذلك العقد المبرم لمدة معلومة ومحددة، ويكون منعقدا إما على أساس مدة زمنية معينة أو على أساس مدة إنجاز مشروع ما .

ويمكن تشفي هذا المفهوم أيضا من خلال المقتضيات الواردة في قانون الالتزامات والعقود المغربي، وذلك حين تعرضه للقواعد المتعلقة بعقد الشغل أو عقد تقديم خدمات من خلال العبارات التي وظفها ق ل ع حين تعرضه لتعريف عقد الشغل وهكذا نجد الفصل 723 استعمل عبارة أجل محدد أو من أجل أداء عمل معين، وكذلك الفصل 727 منع تأجير الخدمات إلى أجل غير محدد، كما أضاف الفصل728 بأنه يبطل كل اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص بتقديم خدماته طوال حياته أو لمدة تبلغ من الطول حدا بحيث يظل حتى بعد موته.

فمن خلال تفحصنا لهذه الفصول السابقة الذكر يمكن لنا القول إنها تؤكد على كون العقد يجب أن يبرم لمدة محددة سواء كانت هذه الفترة مرتبطة بالزمن أو مرتبطة بإنجاز عمل معين .

ولقد جاءت مدونة الشغل الجديدة بمقتضيات تتعلق بالعقد المحدد المدة، حيث نجد المادة 16 منها تنص على أنه”… يمكن إبرام عقد الشغل المحدد المدة في الحالات التي لا يمكن أن تكون فيها علاقة الشغل غير محددة المدة…”.

  • وما يلاحظ على هذه المادة أنها في الفقرة الثالثة حصرت الحالات التي يتم فيها إبرام عقد الشغل المحددة المدة وذلك في أربع حالات وهي:

– إحلال أجير محل أجير أخر في حالة توقف عقد شغل هذا الأخير، ما لم يكن التوقف ناتجا عن الإضراب.

– ازدياد نشاط المقاولة بكيفية مؤقتة.

– إذا كان الشغل ذا طبيعة موسمية.

فهل هذه الحالات وحدها التي تبرر إبرام عقد محدد المدة، والحالات غير الواردة تكون عقود غير المحددة المدة، وبالرغم من النص في الفقرة الأخيرة على أن هناك حالات وقطاعات استثنائية تحدد بموجب نص تنظيمي إبرام عقد محدد المدة.

ونعتقد أن هذه المقتضيات ما هي إلا تكريس لما كان منصوصا عليه في الفصل الأول من النظام النموذجي الذي حدد أنواع الأجراء في مؤقتين وقارين، ولم يكن من المنطقي حصر الحالات التي يكون فيها العقد محدد المدة، فبهذا الاعتبار يمكن القول أن العقود المحددة المدة وضعت لتكملة العقود غير المحددة المدة، فالعقد المحدد المدة يغطي العمل المؤقت، فاللجوء إلى إنشاء عقد محدد يكون ملازما للعمل المؤقت .

فالعقد المحدد المدة يغلب عليه الطابع الإتفاقي بين الأطراف، حيث تتولى إرادتهم تحديد مدة العقد، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الذي يعيشه العالم اليوم من ضرورة إدخال مفهوم المرونة في علاقات الشغل الفردية، فمن مظاهر المرونة فبإبرام عقد الشغل، أنه يمكن للأطراف الاتفاق على مدة محددة أو بناء على طبيعة العمل الذي سيؤديه العامل لفائدة المؤاجر
وعقد الشغل المحدد المدة ينتهي بحلول الآجل المحدد له، أو بانتهاء الشغل الذي كان محلا له، كما أن الطرف الذي ينهي عقد الشغل قبل حلول اجله يكون ملزما بتعويض الطرف الآخر، إلا إذا كان الإنهاء مبررا كصدور خطأ جسيم أو ناشئا عن قوة قاهرة .

ولق عرف العقد المحدد المدة انتشارا واسعا في الوقت الراهن، داخل المؤسسات الصناعية بصفة عامة والصغيرة والمتوسطة بصفة خاصة، فاللجوء إلى إنشاء عقد محدد المدة سيساعد على امتصاص البطالة ولو بصفة جزئية فهو يوفر مناصب شغل دائمة وذلك عندما ينتقل الأجير من عمل مؤقت إلى عمل آخر.

وكما سبق القول فهو عنصر من عناصر المرونة التي يطالب المؤجرين، لكن يجب أن لا تتحول هذه المرونة إلى فائدة لأرباب العامل وتصبح وبالا على الأجراء، إذا ما علمنا أن المشغلين أصبحوا يلجئون إلى إبرام عقود محددة المدة للتملص من الالتزامات التي يرتبها قانون الشغل في ظل وفرة اليد العاملة.

المطلب الثاني:التمييز بين العقد المحدد المدة والعقد غير المحدد المدة. 

إن التمييز بين كل من العقد المحدد المدة وغير المحدد المدة يكتسي صعوبة دقيقة، خاصة إذا ما استحضرنا الهدف من وراء إبرام عقد الشغل، والمتمثل أساسا في استقرار الشغل، فالعقود المحددة المدة متعددة، وبالتالي تصعب عملية إيجاد معيار التفرقة بين العقد المحدد المدة وغير المحدد المدة، هذا الأخير الذي يكون قائما عند عدم تحديد الأطراف لمدة العقد ففي هذه الحالة يكون عقدا غير محدد المدة، وما يميز هذا الأخير هو كونه يكون أكثر حماية للعامل باعتبار المزايا التي يخولها للعامل في حالة رغبة المشغل في إنهائه.

و إذا كان كلا العقدين ينظما الشغل المطلوب من الأجير والتزامات الأطراف وطريقة تنفيذه وطريقة أداء الأجر فهنا ليس هناك اختلاف بينهما، بينما تظهر أهمية التمييز بينهما في الآثار المترتبة عن إنهائهما.

فالعقد المحدد المدة ينتهي بحلول اجله أو بانتهاء الموسم أو العمل المعين الذي كان محلا له، دون أن يترتب عن ذلك أي تعويض، وهو ما شجع أرباب العمل على إبرام مثل هذه العقود .

وهو ما أكده المشرع المغربي في المادة 33 من مدونة الشغل والتي جاء فيها:” ينتهي عقد الشغل المحدد المدة بحلول الأجل المحدد للعقد، أو بانتهاء الشغل الذي كان محلا له…”، وبالتالي فهو لا يرتب في ذمة المشغل احترام مهلة الإخطار وعدم أحقية الأجير في التعويض عن الإعفاء.

أما العقد غير المحدد المدة فإن إنهاءه بإرادة المشغل دون أن يراعي في هذا الإنهاء الأحكام الواردة في الفرع الثالث من الباب الخامس المتعلق باحترام شكليات الإنهاء وأجال الإخطار ، يخول للأجير المطالبة أمام القضاء عن التعويضات المستحقة له.

ويمكن إنهاء العقد غير المحدد المدة بإرادة الأجير عن طريق الاستقالة.

ولقد اتجه الفقه لإيجاد معيار للتفرقة بين كلا العقدين إلى معيار، الأجير القار والأجير المؤقت، وبالتالي فالأجير المؤقت يكون غالبا مرتبطا بعقد محدد المدة، أما الأجير القار فهو ذلك المرتبط بعقد غير محدد المدة، لكن رغم بساطة هذا المعيار، فإنه من الناحية العملية يصعب معرفة الإرادة الحقيقية للأطراف المعتمدة عند إبرام العقد .

وما يلاحظ على مستوى الواقع أن المشغل يبرم عقد محدد المدة وعند انتهاء أجله يتم إبرام عقد جديد محدد المدة وهو ما يتكرر لعدة مرات، وهي وسيلة يحاول من خلالها المشغل التنصل من الالتزامات المترتبة عن العقد غير المحدد المدة، وفي هذا الإطار يجب الإشارة إلى أن العقد المحدد المدة إذا تجدد ضمنيا فإننا في هذه الحالة سنصبح أمام عقد غير محدد المدة وهو ما سار عليه الاجتهاد القضائي المغربي .

كما يختلط بالعقد المحدد المدة عدة عقود كعقود العمل المتقطعة التي يتعرض لها المشرع، وهي تتميز بطابعها الموسمي حيث يعتبر الأجراء ينتمون إلى طائفة العقود المحددة المدة . والعمل الموسمي يحدد حسب أعراف معينة ومعروفة فعقد العمل من أجل موسم معين يعتبر عقدا محددا.

كما يعتبر العقد المحدد المدة إذا أبرم من أجل عمل معين كتقديم الأجير لخدماته في أعمال البناء فالعقد في هذه الحالة ينتهي بانتهاء البناء المتعاقد من أجله أو من أجل النيابة عن أجير متغيب ففي مثل هذه الحالات يعتبر العقد محدد المدة. ويرى بعض الفقه أنه لا ينبغي الاعتداد بالمدة في هذه العقود لأن تعويض أجير متغيب قد يستغرق وقت كبيرا فلا يصبح بمقتضاه أجيرا رسميا إذا تم الأخذ بعين الاعتبار المدة في وصف مدة العقود.

ونفس الأمر يثور في الحالة التي يتم فيها إبرام عقد من أجل ورش معين بحيث لا يمكن معرفة المدة التي يستغرقها إنجاز الورش المذكور مسبقا ، ففي هذه الحالة يعتبر العقد محدد المدة ولا يتم الاعتداد بالمدة التي استغرقت فيه للقول بكونه يعتبر عقدا غير محدد المدة، لكن إذا تم استخدام الأجير في عدة أوراش متتالية فإن العقد يعتبر في هذه الحالة غير محدد المدة.

غير أنه وبالرجوع إلى المادة 168 من مدونة الشغل الجديدة نجدها تنص على أنه” يبرم عقد الشغل لمدة غير محددة أو لمدة محددة أو لإنجاز شغل معين”.

فانطلاقا من هذه المادة نلاحظ أننا أمام ثلاثة أنواع من عقود الشغل علما أن عقد الشغل المبرم لإنجاز عمل معين كان يعتبر عقدا محدد المدة . فهل هذا يعني أن عقد الشغل المبرم لإنجاز عمل معين يعتبر قائما بحد ذاته؟ وماذا في حالة ما إذا تجاوزت مدة الشغل 6 أشهر في القطاع الفلاحي أو سنة في غير القطاع الفلاحي؟ وهل هذا يعني أن العقد لا تأخذ فيه بعين الاعتبار المدة المخصصة لإنجازه ؟.

مجموعة من الأسئلة تحتاج إلى أجوبة صريحة للحد من التضارب الذي قد يظهر بخصوص تكييف هذا النوع من العقود.
ونحن نرى أن عقد الشغل المبرم لإنجاز شغل معين هو عقد محدد المدة ينتهي بانتهاء الشغل المبرم من أجله دون الأخذ بعين الاعتبار المدة التي تستغرق في إنجازه بل بطبيعة العمل الذي غالبا ما يكون مؤقتا، ويبقى للقضاء الممر الكبير في تحديد وتكييف العقد المبرم لإنجاز شغل معين وبالتالي تحديد موقفه بخصوص المادة 16 من مدونة الشغل.

المبحث الثاني: تعامل القضاء الاجتماعي مع العقد المحدد المدة. 

المطلب الأول: دور القضاء في إعادة تكييف طبيعة علاقة الشغل. 

أصبح للقضاء دور كبيرا في تكييف القواعد القانونية القائمة على الحالات المثارة أمامه، بحيث لعب القضاء الاجتماعي دورا هاما في إعادة تكييف بعض العقود المحددة المدة وذلك بإبطالها مع إعطائها الآثار المرتبطة بالعقود غير المحددة المدة .

وقد ركز القضاء على ضرورة ملازمة صنف العقد بطبيعة العمل فإدراج العبارات الغامضة أو الصريحة في العقد لا يؤثر في طبيعة العمل الذي يصبح عنصرا حاسما يجعل العقد إما محدد المدة أو غير محدد المدة .

ولقد جعل القضاء الاجتماعي من ضمن أهدافه، تأمين حماية الأجير واستقراره في الشغل الذي يشكل مورد رزق بالنسبة إليه وذلك بضمان أجره القار باعتباره يعمل تحت تبعية المشغل لمدة غير محددة إلا أن الواقع العملي أفرز مجموعة من المعوقات منها ما هو ناتج عن الظروف الاقتصادية ومنها ما يرجع بالأساس إلى عقلية المشغل الذي قد لا يتعاقد وفق مبدأ حسن النية ، الأمر الذي دفع بالقضاء إلى التدخل بغية إضفاء الوصف الحقيقي على العقد المبرم، فقيام المشغل بإخفاء الطبيعة القانونية الحقيقية للعقد بإعطائه تكييف ظاهري دفع القضاء إلى التدقيق في طبيعة هذه العقود قصد إيجاد معيار للتمييز بين العقدين .

وقد طرحت أمام القضاء مجموعة من الدعاوى التي وجد القضاء فيها نفسه مظطرا إلى تحديد طبيعة العلاقة الشغلية في كل حالة مستعملا سلطته التقديرية في تكييف العقود تحقيقا لمبدأ استقرار الشغل.

وهكذا اعتبر القضاء الاجتماعي أن تضمين المشغل في العقد المحدد المدة شرطا يخوله حق فسخ العقد بإرادته المنفردة قبل حلول أجله المحدد يجعله عقدا غير محدد المدة.

وقد جاء في حكم صادر عن ابتدائية القنيطرة ما يلي” وحيث ينص البند الأخير من العقود المدلى بها من قبل المدعى عليها بالحرف على ما يلي:” وإن فسخ العقد يمكن أن يحدث في كل وقت وحين وبدون سابق إنذار” وعليه فإن تضمين هذا الشرط يرفع عن تلك العقود صفة التحديد وتصبح بموجبه عقودا غير محددة المدة ما دام يخول للمؤاجر وضع حد للعلاقة الشغلية إبان سريانهما في أي وقت وبدون تعليل مما يجعل أمد انتهائها أمرا غير متوقع “.

وقد اعتبر القضاء في الحكم المشار إليه أعلاه أن حرية إنهاء المشغل للعقد وفي اللحظة التي يختار ما يجرد تحديد أجل الإنهاء عن أي معنى ويجعل من هذا العقد عقدا غير محدد المدة وهو نفس الاتجاه الذي قضت به محكمة النقض الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ 19/11/1953 والذي جاء فيه ما يلي” إن العقد المتنازع فيه يعد عقدا لمدة غير محددة وذلك لتضمينه بند يخول لأحد الأطراف إمكانية فسخه في أي وقت خلال مدة سريانه… وبدون أن يكون هذا الطرف ملزما بتبرير دوافعه” .

كما أكد القضاء في جملة من الأحكام والقرارات الصادرة عنه على أن تضمين العقد بندا يمنع فسخه بالإرادة المنفردة أبان سريانه ولحين انتهاء مدته لا يضفى عليه وصف العقد المحدد لأن الأمر يتطلب معرفة اللحظة التي ينتهي فيها العقد بشكل مؤكد وذلك في بداية إبرام العقد .

ولقد تدخل القضاء لتأصيل مبدأ استقرار الشغل حتى في الحالة التي يتم فيها تحديد أجل الانتهاء بشكل واضح وأضفى عليه صفة العقد عند غير محدد المدة، دفعا للتحايل على بالقانون على القانون [
وقد اعتبر المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 26/12/1968 أن مجموع العقود المحدد المدة يشكل عقدا واحدا مستمرا لحماية الأجير من كل تحايل يقدم عليه المشغل. وقد جاء في هذا القرار”إن عقد العمل الذي يبرم لمدة محددة سنة واحدة ثم يجدد كتابة كل سنة نفس المدة ولعدة سنين يعتبر عقدا غير محدد المدة لأن تجديده وتجديده إنما هو وسيلة يهدف من ورائها المشغل إلى إضفاء وجود عقد شغل محدد المدة للتهرب من الآثار القانونية للعقد المذكور “.

وفي نفس الاتجاه سارت محاكم الموضوع، وقد جاء في قرار لاستئنافية القنيطرة الصادر بتاريخ 1/11 /1991 ما يلي” وحيث أنه من الثابت من مقتطعات الأداء وكذا مضمون العقد المحدد المدة أن المستأنف عليه ابتدأ عمله منذ السبعينات مع المستأنف ولم تدل هذه الأخيرة بأي حجة تثبت أنه كان مجرد عامل موسمي قبل إبرام العقود المحددة المدة” مما يجعل دفع (الشركة ) غير مؤسس ويتعين استبعاده” .

وانطلاقا مما سبق يتبين أن القضاء يعتبر اشتغال الأجير بمقتضى عقود سنوية محددة يجعله أجيرا رسميا . وأن تكرار العقود المحدد المدة يولد عقودا غير محدودة المدة وبالتالي لا يمكن إنهاء العلاقة الشغلية دون احترام الإجراءات القانونية لإنهاء عقود العمل غير محددة المدة. لأن الأجير لا يكون متأكدا من تاريخ انتهاء عقد شغله فتتابع هذه العقود بدون توقف بالرغم من عدم تضمنها أي شرط تجديده بفقدها صفتها المحددة ولو تم إبرام كل تعاقد جديد بشروط جديدة وبحدود متفاوتة .
وفي الحالة التي سيكون فيها العقد المحدد المدة ينص صراحة على قابليته للتجديد الضمني، فإن امكانية وضع حد له لا يكون إلا عند نهاية الأجل المتفق عليه بالنسبة لكل فترة.

ومما ينبغي التأكيد عليه أن العقد يعتبر محدد المدة كلما كانت المهمة محددة وغير دائمة كما في حالة استبدال أجير بأخر غائب مؤقتا،أو في حالة ازدياد الشغل في ظرف موسمي معين نتيجة حصول نشاط غير عادي في المؤسسة.

وحماية لاستقرار الشغل اعتبر المجلس الأعلى في قرار له صادر بتاريخ 21/11/1982 أن عجز المشغل عن إثبات نوعية العمل وطريقة الاستخدام يجعل العقد غير محدد المدة، وقد استند القضاء على مكافأة الأقدمية لاعتبار الأجير رسمي.
وما يمكن أن نستخلصه من كل هذه القرارات والأحكام ، أن القضاء مجمع كله على اعتبار أن عقد العمل غير محدد المدة هو الأصل ، وهو توجه قضائي يسير نحو تكريس المنظور الاجتماعي والحمائي لمقتضيات قانون الشغل.

شارك المقالة

1 تعليق

  1. بعد انهاء عقد انابيك لمدة محددة جددت مع الشركة العقد لمدة غير محددة لكن كتب بالعقد CDI contrat anapec هل يوجد عقد بهذا الشكل ؟ كما جاء في نصه اني ساعمل لمدة ثلاثة اشهر تدريب قابلة للتجديد مرة واحدة قبل ان تفعل CDI مع العلم انني اشتغلت بهذه الشركة لمدة سنتين بعقد انابيك ، سؤال هل ما جاء بالعقد صحيح قانونيا ام ان هناك تحايل و نصب ، و شكرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.