المبحث الأول
التعريف والخصائص
جاء في الفقرة رابعا من المادة 6 أن (( المشروع الفردي، شركة تتألف من شخص طبيعي واحد مالكا للحصة الواحدة فيها ومسئولا مسؤولية شخصية وغير محدودة عن جميع التزامات الشركة.
ومن التعريف المذكور ومن مجمل مواد القانون نستطيع أن نتبين خصائص شركة المشروع الفردي وهي كالأتي :
1- تتكون الشركة من شخص واحد على أن يكون هذا الشخص طبيعيا
بمعنى أن الأشخاص المعنوية غير مباح لها تكوين شركة المشروع الفردي استنادا للنص، وللعلة التي ذكرناها سابقا عن التحريم على الأشخاص المعنوية المشاركة في شركات الأشخاص، للمسؤولية المطلقة والتضامنية عن ديون الشركة .
2- تقوم الشركة على الاعتبار الشخصي
أي أن مكانه صاحب المشروع المالية وسمعته التجارية المصدر الرئيس لائتمان الشركة . وبناء على ذلك اشترط القانون أن يظهر اسم صاحب المشروع الفردي في اسم الشركة . كأن يقال (شركة صالح إبراهيم للمقاولات مشروع فردي )، لأنه موضع ثقة الغير في الشركة، فأقتضى أن يظهر اسمه مع اسمها ( م 13 / أولا ) (( .. مع إضافة … واسم احد أعضائها في الأقل أن كانت تضامنية أو مشروعا فرديا))
3- المسؤولية المطلقة لصاحب المشروع الفردي .
قلنا سابقا بأن إنشاء هذا النوع من الشركات لا ينهض على فكرة فصل الذمة المالية بين ما هو موجود في الشركة وبين ما هو خارجها، وهي الفكرة التي تقوم عليها إنشاء شركة الرجل الواحد التي تعرفها بعض القوانين وبذلك تتداخل أموال الشريك مع أموال المشروع . وهذا مبعث الانتقاد الموجه لهذه الشركة، فضلا عن انتفاء وجود العقد الأساس في تكوين الشركات.
فالمادة 37 / ثانيا تنص على انه (( لدائني المشروع الفردي مقاضاته أو مقاضاة مالك الحصة فيه وتكون أمواله ضامنة لديون المشروع ويجوز التنفيذ على أمواله دون إنذار المشروع )) وعليه يستطيع دائن المشروع الفردي التنفيذ على أموال صاحب المشروع خارجه دون اشتراط التنفيذ على أموال الشركة أولا كما تقضي بذلك بعض القوانين بالنسبة لشركة التضامن، أو بغير الإنذار الذي يتطلبه القانون العراقي لصحة الرجوع على أموال الشريك في الشركة التضامنية ( م 37 / أولا).
ولم نستطع تلمس الحكمة من هذا النص، ولماذا لم يتطلب القانون إنذار الشركة قبل الرجوع على أموال صاحب المشروع خارج نشاط الشركة، فقد يكون الإنذار دافعا لصاحبه في الإيفاء بديون المشروع وبالتالي الحفاظ على المشروع . على العموم خفف المشرع من هذا التداخل في الحالة العكسية عند مطالبة دائني صاحب المشروع لدين خارج نشاط الشركة إذ يمتنع تنفيذ الدائنين على أموال المشروع إلا لدين ممتاز.
وكما ذكرنا ذلك سابقا، نحن مع تكوين شركات من شخص واحد تقوم على أساس فصل الذمة المالية للشخص بين ما هو في المشروع وما هو في النشاط خارج المشروع . ولا يكون ذلك إلا بصيغة الشركة المحدودة، ولا يعني ذلك بأننا ضد إباحة تكوين شركة المشروع الفردي ولكن ليس بأحكامها الحالية , وأبرزها التداخل بين أموال المشروع والأموال خارجه .
4- يكتسب صاحب المشروع صفة تاجر . والمادة 36 التي تنص وإذا أعسرت الشركة اعتبر كل شريك فيها معسرا )) تنصرف إلى الشركة التضامنية والمشروع الفردي لأن المادة 35 التي تسبقها تقرر المسؤولية المطلقة في الشركتين المذكورتين , ولأن الشركة من شركات الأشخاص، يفهم ذلك من المسؤولية غير المحدودة، ومن الاسم الذي يجب أن يحمل اسم صاحب المشروع ومن خصائص شركات الأشخاص على وجه العموم أن يكتسب صفة تاجر كل شريك مسؤوليته مطلقة عن ديون الشركة .
ومن المؤكد أن التفليسة واحدة للمشروع ولصاحب المشروع عند إفلاس الأول، كما لا يلزم صاحب المشروع بالواجبات المفروضة على التاجر .
ولا يستطيع أن ينشأ شركة مشروع فردي، إلا من أكمل الثامنة عشرة من العمر بغير عارض من عوارض الأهلية متمتعا بالأهلية القانونية، وكذلك من يكون متمتعا بالأهلية القضائية المأذون له بالاتجار .
المبحث الثاني
انتقال الحصـــــة
تتميز هذه الشركة في عدم وجود هيئة عامة متعددة الأطراف فيها فالهيئة العامة مكونة من شخص صاحب المشروع الفردي ( م 101 )( ) وعليه :
أولا : فأن نقل الحصة عن طريق البيع، تحكمه القواعد الآتية :
1- بيع الحصة كاملة لشخص واحد على أن يكون متعتعا بالأهلية وغير ممنوع قانونا، يؤدي إلى استمرار الشركة بشكلها القانوني ( شركة مشروع فردي، على أن يعدل العقد ويعلن عن التعديل في وسائل الإعلان التي بينها القانون .
2- إذا تعلق البيع بجزء من الحصة أو بيعت لاكثر من شخص فيقتضي تحول شركة المشروع الفردي إلى نوع آخر من أنواع الشركات، وأن تتوفر الشروط في متلقي الحصة حسب طبيعة الشركة الجديدة .
وفي الحالتين سيكون لدينا شريك خارج وآخر داخل، وتتحدد مسؤولية كل شريك بالالتزامات التي نشأت أثناء وجوده بالشركة، ويستطيع الخارج أن يلقي المسؤولية على من تلقى منه الحصة ولكن ذلك مشروط بموافقة الدائنين بناء على قواعد حوالة الدين .
ثانيا : حالة الوفاة
إذا توفى صاحب المشروع الفردي انتقلت الشركة إلى الورثة حسب انصبتهم في القسام الشرعي . ويحكم الأمر الاحتمالات التالية .
1- إذا كان الوارث شخصا واحدا لديه الأهلية ولا يحول مانع على أن يكون صاحب مشروع فردي، فيصبح مالكا للمشروع الفردي . ويعدل العقد طبقا لهذا الوضع ويعلن عنه .
ونرى في هذه الحالة أن يسأل الوارث عن ديون المشروع التي سبقت انتقال الملكية له واللاحقة لذلك . لأن أموال المورث مسؤولة عن ديونه ما كان منها ناشئا عن نشاط المشروع، وما كان خارجه .
ولما انتقلت هذه الأموال إلى الوارث، فتنتقل مثقلة بالديون التي ارتضى الوارث المسؤولية عنها بقبوله الاستمرار بالشركة . وإلا يستطيع رفض الاستمرار بالشركة، ويترتب على ذلك تصفية أموال المورث، وتسديد الديون منها أولا وبعدها تنتقل إلى الوارث.
2- إذا تعدد الورثة، ورغب أكثر من واحد المشاركة فيها، تتحول إلى نوع آخر من أنواع الشركات، على أن لا يحول دون ذلك مانع قانوني وهو ما أشارت له المادة 70 / ثانيا التي تقضي بأنه (( إذا توفى مالك الحصة في المشروع الفردي وكان له أكثر من وارث يرغب في المشاركة فيها ولم يكن هناك مانع قانوني . وجب تحويله إلى أي نوع آخر من الشركات المنصوص عليها في هذا القانون )) .
وغني عن القول أن رغبة القصر يعبر عنها من ينوب عنهم، لأن الفقرة أولا من هذه المادة التي تعرضت لحالة الوفاة في الشركة التضامنية بينت انه بامكان من ينوب عن القاصر التعبير عن قبوله الاستمرار في الشركة نيابة عنه.
وفي حالة المشروع الفردي نرى الدافع الاجتماعي اقوى منه في حالة الشركة التضامنية لأن الجامع بينهم في الحالة الأولى صلتهم بالمورث، وتربطهم الرغبة في استمرار النشاط الاقتصادي الذي بدأه مورثهم، وعليه نرى استمرار القصر في الشركة من خلال قبول من ينوب عنهم على أن يعقب ذلك في كل الأحوال تعديل العقد ونشره .
المبحث الثالث
إدارة الشركة
لشركة المشروع الفردي مدير مفوض، صاحب المشروع الفردي أو شخص من الغير وسنوضح كل حالة بصورة منفردة وكما يأتي :
أولا ـ المدير ـ صاحب المشروع الفردي .
يمكن أن يكون صاحب المشروع الفردي وهذا هو الغالب، هو مدير للمشروع . ويكون ذلك بالنص في البيان الذي يعده صاحب المشروع، بديل عن العقد ( م 14 ) من قانون الشركات وإذا لم يذكر في البيان من يتولى الإدارة، فيكون صاحب المشروع الفردي هو المدير أيضا، لأن الإدارة في شركات الأشخاص للشركاء، إلا إذا جرى تحديد مدير من الخارج، أو تحديد شريك بعينه في الشركة التضامنية .
ولا مساغ في هذه الحالة ـ المدير صاحب المشروع ـ للحديث عن تجاوز الصلاحيات وحدود المسؤولية، للتداخل بين الهيئة العامة والادارة والملكية.
ثانيا ـ المدير من الغير
عندما يكون المدير شخصا من الغير، فأنه يعين وتحدد اختصاصاته ومكافآته وطريقة عزله من قبل صاحب المشروع , وعليه إذا تجاوز صلاحياته فالمشروع مسئول عن تلك التصرفات تجاه الغير، ولكن له الرجوع على المدير فيما تجاوز فيه حدود صلاحياته ,إلا إذا كان الغير سيء النية فتقع المسؤولية على المدير تجاه الغير في هذا التجاوز .
وإذا تعاقد المدير لحسابه الخاص وباسم الشركة وضمن حدود الصلاحيات، فتسأل الشركة عنها إلا إذا كان من تعاقد معه المدير يعلم بأن العقد لمنفعته الشخصية، وفي كل الأحوال يجوز عزل المدير وفي أي وقت، على أن لا يسبب ذلك ضرر للمدير، عندها يستطيع المطالبة بالتعويض عن الضرر مع وقوع العزل.
وينطبق هذا الحكم سواء كان المدير معينا في العقد ( البيان ) أو بعد تأسيس الشركة، ولا مساغ أيضا للقول بأنه عندما يكون معينا في العقد فهو جزء من الشركة لا يجوز تغييره لتعلق حق الآخرين به .
لأن التغيير حصل من الهيئة العامة، ولا يوجد تعدد للشركاء حتى يمكن القول بأن البعض من هؤلاء الشركاء عول في المشاركة على أن يكون المدير من عين في العقد . ولا يحق لمن يتعامل مع الشركة أن يدفع بأنه تعامل معها لأن مديرها من تعين في العقد أيضا .
لأن المدير لا يغير من إئتمان الشركة فهو لا يسأل ما دام يؤدي واجباته ضمن حدود صلاحياته . ولذلك أيضا فأن إفلاس الشركة في شركات الأشخاص لا يؤدي إلى إفلاس المدير لأنه لا يكتسب صفة تاجر، فما يزاوله من عمل تجاري ينصرف إلى الشركة التي هو غريب عنها، ولأنه يتعاقد باسم الشركة ولحسابها .
اترك تعليقاً