بحث قانوني و دراسة عن المنافسة غير المشروعة في القانون الكويتي
مـــعــهــد الــكــويـــــــــــــــــــــت
للدراسات القانونية والقضائية
المنافسة غير المشروعة والاحتكـار في القانون الكويتي
إعــداد
مـحـمـد مــبارك فضيـل البـصـمــان الرشيدي
الدفعة التاسعة
2006 – 2008
بـسـم الـلـه الـرحـمـن الـرحـيــم
قـال تعــالى :
” ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون {18} إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ”
(الآية : 18 -19 من سورة الجاثية )
إهــــــــــداء :
اهدي بحثي هذا إلى كل من قد م لي النصيحة والتشجيع والتوجيه في هذه الحياة , راجياً من الله أن أكون عند حسن ظنهم بي ..
و إلى جميع زملائي في الدفعة التاسعة ..
وإلى كل من علمني حرفاٌ….
ولهـــم مني جزيل الشكر
محمد البصمان
المقدمة :
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين , سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين وأصحابه الميامين .. وبعد ….
فهذا بحث متواضع أقدمه لمعهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية , وإلى إخواني وزملائي في الدفعة التاسعة , راجياً من الله التوفيق لإضافة فائدة بسيطة من خلاله في جانب من جوانب الحياة القانونية .
وقد وقع الاختيار على المنافسة غير المشروعة والاحتكار في القانون الكويتي موضوعاً لهذا البحث المتواضع , نظراً لما يشكله هذا الموضوع بشطريه من أهمية في الحياة الاقتصادية والقانونية , وخاصة وأن دولة الكويت تتبنى في وقتنا الحالي سياسة السوق المفتوحة , والتي من شانها فتح باب حرية المنافسة على مصراعيه .
ولا شك بأن للمنافسة المشروعة فائدة كبيرة تعود على جمهور المستهلكين , وعلى التجار أنفسهم لتحسين خدماتهم ومنتجاتهم , الأمر الذي يعود بالفائدة بشكل اكبر على الاقتصاد الوطني .
ولكن حرية المنافسة تحتاج إلى تنظيم يحميها من الممارسات الخاطئة التي يتبعها بض التجار في إطار المنافسة , والمنافسة الحرة المشروعة حتى تحقق أهدافها لا بد أن ترتكز على حماية شطري مبدأ حرية التجارة المتمثلين في حرية العرض وحرية الطلب , فمن جانب حرية العرض يحق لكل شخص الاشتغال بالتجارة ومنافسة غيره والانتقال من قطاع إلى قطاع , ومن جانب حرية الطلب فإنه يحق للعميل الارتكاز على مبدأ حرية التعاقد , وعليه فإن الوظيفة القانونية للمنافسة المشروعة تستهدف الحد من غلواء تطبيق مبدأ حرية التجارة .
وقد خصص المقنن الكويتي الفصل الثالث من الباب الثالث للكتاب الأول في قانون التجارة الكويتي للمنافسة غير المشروعة والاحتكار , من المادة (55) إلى المادة (60مكرراً – هـ -) .
ولا يخفى علينا الترابط الكبير بين المنافسة غير المشروعة والاحتكار , ولذلك تناولت كلا الموضوعين , وقد واجهتني صعوبة في المراجع المتخصصة بالقانون الكويتي بشأن المنافسة غير المشروعة والاحتكار , وخاصة المؤلفات التي تناولت تعديل القانون التجارة بالقانون رقم 13لسنة1996م , حيث لم أجد مرجعاً متخصصاً تناول المنافسة غير المشروعة بعد ذلك التعديل , أما بشأن موضوع الاحتكار فوجدت فيه مرجعاً مهماً اعتمدت عليه كثيراً , وهو كتاب الاحتكار والأفعال الاحتكارية للدكتور احمد الملحم .
وقبل الدخول في موضوع هذا البحث المتواضع , لابد من التنبيه بأنه يوجد في الدول العربية من يطلق على المنافسة غير المشروعة مصطلح آخر وهو المزاحمة غير المشروعة , ولا فرق بينهما بشأن المعنى المقصود من ورائهما, ونجد أيضا بقانون التجارة الكويتي استخدم لفظ المزاحمة تارة ولفظ المنافسة تارة أخرى.
وقد استخدمت لفظ (المقنن الكويتي) بدلاً من (المشرع الكويتي) , خروجاً من الخلاف حول مشروعية إطلاق لفظ المشرع , فالمشرع في عقيدة كل مسلم هو الله وحده الخالق العالم بشئون خلقه – سبحانه وتعالى – .
وقد وضعت خطة لبحثي المتواضع سرت عليها فكانت كالتالي :
الفصل الأول : المنافسة غير المشروعة :
المبحث الأول : ماهية المنافسة غير المشروعة :
المطلب الأول : تعريف المنافسة غير المشروعة ومعيارها :
الفرع الأول : تعريفها ومعيارها في القانون المقارن .
الفرع الثاني : تعريفها ومعيارها في القانون الكويتي .
المطلب الثاني : تمييز المنافسة غير المشروعة:
الفرع الأول : المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة بنص القانون.
الفرع الثاني: المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة بمقتضى العقد.
الفرع الثالث : المنافسة غير المشروعة وبعض الأنظمة الأخرى .
المبحث الثاني : أعمال المنافسة غير المشروعة :
المطلب الأول : أعمال تتضمن اعتداء على سمعة التاجر أو على ملكيته لعناصر المحل التجاري .
المطلب الثاني : أعمال تتضمن اعتداء على التنظيم الداخلي للمحل التجاري .
المطلب الثالث : أعمال تضمن اعتداء على التنظيم العام للسوق
المبحث الثالث : دعوى المنافسة غير المشروعة :
المطلب الأول : الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة.
المطلب الثاني : شروط دعوى المنافسة غير المشروعة :
الفرع الأول : قيام حالة المنافسة .
الفرع الثاني : الخطأ .
الفرع الثالث : الضرر .
الفرع الرابع : رابطة السببية .
المطلب الثالث : المسئولية الناشئة عن أعمال المنافسة غير المشروعة :
الفرع الأول : المسؤولية المدنية .
الفرع الثاني : المسؤولية الجنائية .
المطلب الرابع : تجارية دوى المنافسة غير المشروعة.
الفصل الثاني : الاحتكار والأفعال الاحتكارية :
المبحث الأول : مفهوم المركز الاحتكاري في القانون الكويتي .
المطلب الأول : معيار المركز الاحتكاري .
المطلب الثاني: سوق المنتجات البديلة :
الفرع الأول : السوق السلعي أو الخدمي .
الفرع الثاني : السوق الجغرافية .
المبحث الثاني : صور الأفعال الاحتكارية في القانون الكويتي والمسئولية الناشة عنها :
المطلب الأول : صور إساءة استغلال المركز الاحتكاري :
الفرع الأول : إعاقة المنافسة .
الفرع الثاني : خفض المنتجات في السوق .
الفرع الثالث : الحصول على مقابل مرتفع للمنتجات .
المطلب الثاني : المسئولية الناشئة عن إساءة استغلال المركز الاحتكاري :
الفرع الأول : المسؤولية المدنية .
الفرع الثاني : المسؤولية الجنائية .
وعلى تلك الخطة نسير – إن شاء الله تعالى – , وقبل الدخول في موضوع البحث هناك فائدة عظيمة معبرة ذكرها الأصفهاني في مقولته الشهيرة حين قال:
” أني رأيت أن لا يكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده :
لو غير هذا لكان أحسن ..
لو زيد هذا لكان يستحسن…
لو قدم هذا لكان أفضل….
لو ترك هذا لكان أجمل…..
….. وهذا من أعظم العبر, وهو دليل على استيلاء النقص على كافة البشر “.
الفصل الأول : المنافسة غير المشروعة :
تمهيد وتقسيم :
تمثل المنافسة غير المشروعة أهمية كبرى في هذا الوقت , لما تشهده الأسواق الاقتصادية من انفتاح وتنافس كبيرين , إلى جانب التطور الهائل في وسائل الدعاية والإعلان والاتصال , الأمر الذي قد يؤدي إلى إضفاء عدم المشروعية على المنافسة باستخدام إحدى الوسائل غير المشروعة .
وقبل الدخول في موضوع هذا البحث المتواضع , علينا أولا استعراض العناصر المكونة للمحل التجاري بشكل من الإيجاز الشديد , نظرا للترابط الوثيق بين المحل التجاري والمنافسة غير المشروعة , فالمحل التجاري (المتجر) هو عبارة عن كتلة من الأموال المنقولة تخصص لممارسة مهنة تجارية وتتضمن بصفة أصلية بعض المقومات المعنوية , وقد تشمل مقومات مادية .
فالمحل التجاري (المتجر) ليس عبارة عن المباني أو المكان (العناصر المادية) المخصص لممارسة مهنة التجارة فقط , فقد كان قديماً هذا هو تصور المحل التجاري (المتجر) , فالمحل التجاري عبارة عن فكرة معنوية تقوم على تصور شامل وجامع لكل العناصر التي يتكون منها المحل التجاري .
وعلية فإن المحل التجاري يتكون من عناصر مادية وأخرى معنوية , فقد يتصور وجود المحل التجاري (المتجر) بوجود العناصر المعنوية فقط , ولكن لا يمكن تصور وجود المحل التجاري بعناصر مادية فقط دون العناصر المعنوية .
وقد نصت المادة (34) من قانون التجارة الكويتي :
( 1- المتجر هو محل التاجر والحقوق المتصلة بهذا المحل .
2- ويشمل المتجر على مجموعة من العناصر المادية وغير المادية تختلف بحسب الأحوال , وهي بوجه خاص , البضائع والأثاث التجاري والآلات الصناعية والعملاء والعنوان التجاري وحق الإيجار والعلامات والبيانات التجارية وبراءات الاختراع والتراخيص والرسوم والنماذج) , وبذلك تكون المادة قد تكفلت ببيان بعض عناصر المحل التجاري , ومراعاة من المقنن الكويتي لطبيعة الحياة الاقتصادية فقد ذكرها على سبيل المثال , نظراً للتغيرات التي تصيبها من وقت لآخر .
ويعد الاتصال بالعملاء عنصراً من العناصر المكونة للمحل التجاري , وهو عبارة عن مجموعة العملاء الدائمين الذين يعتادون شراء حاجياتهم من التاجر أو الاستعانة بخدماته وهم يلتصقون به , بسبب صفات تتعلق بشخصه أو صفات تتعلق بمحله , والسمعة التجارية يقصد بها قدرة المحل على اجتذاب العملاء بسبب ميزة خاصة فيه .
والحق بالإجارة يعد عنصراً من عناصر المحل التجاري أيضا , وهو عبارة عن حق التاجر المستأجر في البقاء في العقار الذي يباشر فيه التجارة المدة المنصوص عليها في عقد الإجارة , والتنازل عن هذا الحق للغير متى كان العقد لا يتضمن شرطاً يحرم ذلك التنازل .
أما الاسم التجاري فيستخدم لتمييز المحل التجاري عن غيره من المحلات التجارية الأخرى , وقد ذكر المقنن الكويتي الرخص والميداليات من ضمن عناصر المحل التجاري ( المتجر ) .
وتمثل حقوق الملكية الأدبية والفنية ( كحق المؤلف بالنسبة لدور النشر ) , والملكية التجارية ( براءات الاختراع والعلامات التجارية ) , والملكية الصناعية ( الرسوم والنماذج الصناعية ) , عنصراً من العناصر المعنوية المكونة للمحل التجاري ( المتجر ) .
كانت تلك هي العناصر المعنوية للمحل التجاري (المتجر) , أما الشق الآخر للعناصر المكونة للمحل التجاري فهي العناصر المادية , وهي الأثاث التجاري والآلات والعدة وهي الأشياء المنقولة الأزمة لاستغلال المحل التجاري , والبضائع والمعدات المعدة للبيع .
إلى جانب تلك العناصر المعنوية والعناصر المادية , توجد عناصر أخرى اختلف بشأنها الفقه القانوني الوضعي , وذاك لمعرفة مدى اعتبارها من ضمن عناصر المحل التجاري(المتجر) من عدمه , كالعقارات والحقوق والدين , وليس الترجيح بين الآراء المختلفة داخلاً ضمن موضع هذا البحث , ولذلك سوف نتجاوز الأمر بالإحالة إلى الأبحاث المتخصصة بهذا الجانب .
ولابد من التنبيه بأنه دار جدل فقهي في تحديد العنصر الرئيسي للمحل التجاري , الذي لا يتصور وجود المحل التجاري دونه , وخلاصة ذلك وفقاً للرأي الراجح فإن عنصر الاتصال بالعملاء هو العنصر الرئيسي الذي يدور مع المحل التجاري (المتجر) وجوداً وعدماً .
وبعد هذا التمهيد الذي استعرضت فيه المحل التجاري ( المتجر ) والعناصر المكونة له , سوف نستعرض – إن شاء الله تعالى – المنافسة غير المشروعة , التي تناولها المقنن الكويتي في المواد ( 55-56-57-58-59-60-60مكررا ) من المرسوم بقانون التجارة الكويتي رقم 68 لسنة 1980 , من خلال معرفة ماهيتها وأعمال المنافسة غير المشروعة إلى جانب معرفة دعوى المنافسة غير المشروعة .
ونخصص المبحث الأول لماهية المنافسة غير المشروعة , والمبحث الثاني لأعمال المنافسة غير المشروعة , والمبحث الثالث لدعوى المنافسة غير المشروعة .
المبحث الأول : ماهية المنافسة غير المشروعة :
حرية التجارة تقضي بوجود حرية للمنافسة داخل السوق بين عدة تجار يتنافسون فيما بينهم , ولابد من أن تمارس تلك المنافسة بوسائل سليمة وشريفة وجائزة تسمح بها العادات والأعراف التجارية , ولا شك بأنه متى وجدت تلك المنافسة الشريفة , وجدت فائدة كبيرة على الاقتصاد الوطني ومن قبله المستهلك البسيط .
إلا أن شدة المنافسة تدفع البعض إلى استخدام وسائل غير مشروعة يكون من شأنها الحد من المنافسة أو حتى القضاء عليها , الأمر الذي يضفي صفة عدم المشروعة على تلك المنافسة , وحتى نتمكن من تمييز المنافسة المشروعة والمنافسة غير المشروعة علينا معرفة المنافسة غير المشروعة , إلى جانب تمييز المنافسة غير المشروعة عن غيرها من الأنظمة المشابهة لها والتي تهدف للحد من المنافسة .
وسوف نقوم بتخصيص المطلب الأول من هذا المبحث لتعريف المنافسة غير المشروعة بشكل مقارن إلى جانب معرفة موقف القانون الكويتي من ذلك , أما المطلب الثاني فيكون – إن شاء الله تعالى – لتميز المنافسة غير المشروعة عن غيرها من الأنظمة القريبة منها .
المطلب الأول : تعريف ومعيار المنافسة غير المشروعة :
المنافسة غير المشروعة ترتبط وتتصل اتصال وثيق بإيديولوجية معينة , كان من شأنها ظهور المنافسة غير المشروعة , حيث ترتبط بنظام الحرية الاقتصادية والتجارية , بحيث تتلاشى المنافسة في ظل الدول التي كانت تأخذ بالنظام الشيوعي , فقد قال ماركس عن المنافسة قولته الشهيرة : ( المنافسة تقتل المنافسة ) , وقد تتلاشى أيضا المنافسة غير المشروعة في الدول التي تأخذ بنظام الاقتصاد الموجه , وعليه فمن ينادي بتطبيق سياسة الاقتصاد المفتوح عليه التسليم بمبدأ حرية المنافسة .
وتعريف المنافسة غير المشروعة تناوله العديد من فقهاء القانون الوضعي , نظراً لما يشكله الموضوع من أهمية في الحياة الاقتصادية والنظم القانونية , وسوف نستعرض ذلك بشكل مقارن في الفرع الأول.
أما في القانون الكويتي فقد تعرض له المقنن الكويتي في المواد ( 55-56-57-58-59-60-60مكررا ) من قانون التجارة الكويتي , وسوف نستعرض – إن شاء الله تعالى – موقف القانون الكويتي من تعريفه للمنافسة غير المشروعة في الفرع الثاني لهذا المطلب .
الفرع الأول : تعريف ومعيار المنافسة غير المشروعة بشكل مقارن :
كان أول ظهور للمفهوم القانوني للمنافسة غير المشروعة في الفقه القانوني الوضعي في سنة 1850م في فرنسا , من خلال المرور باجتهادات وتجارب عديدة , فعندما وضع القانون مبدأ للمسئولية المدنية استند القضاء على هذا المبدأ لإدانة أفعال المنافسة غير المشروعة , ثم تم بناء نظام المنافسة غير المشروعة شيئاً فشيئاً .
وفي الفقه القانون الوضعي كانت هناك آراء فقهاء وشراح تدور في فلكه , حيث لم تشكل في مجموعها نظرية متكاملة للمنافسة غير المشروعة , إلى أن جاء الفقيه روبييه ووضع نظرية للمنافسة غير المشروعة , تقوم على أساس التفرقة بين المنافسة غير المشروعة والأنظمة الأخرى القريبة منها والمشابهة لها والهادفة إلى الحد من المنافسة , حيث أعتبرها كناية عن أفعال تعتبر ممارسة غير نظامية وغير صحيحة للمنافسة , تشكل بذلك خطأ نظراً لتعارضها مع المبادئ القانونية العامة والأعراف التجارية , ويستحق مرتكبها الملاحقة والإدانة , كما يجب إلزامه بالكف عن ممارسته , وبالتعويض عن الضرر الذي تسبب به .
ولتحقيق مزيداً من الفائدة والتوضيح علينا استعراض التعريفات المختلفة لبعض فقهاء القانون الغربي والعربي التي تناولت المنافسة غير المشروعة , ونبدأ بالفقيه بوبيه حيث قال ” أن المنافسة غير المشروعة هي تلك التي تقوم على وسائل ملتوية وخادعة ودسائس ينبذها الشرف والاستقامة , ورغم تعدد هذه الوسائل إلى مالا نهاية فإن الغاية تبقى دائماً هي : تحويل زبائن الغير واستقطابهم وهذا ما يسهل التعرف عليها مهما كان الشكل الذي تتخذه ” .
أما الفقيه داراس فقد عرفها ” العمل المقترن عن سوء نية لإيقاع الالتباس بين منتجات صناعية أو تجارية , أو الذي يسئ إلى سمعة مؤسسة منافسة ” , وهنا يتضح لنا تطلبه لسوء النية عند القيام بالمنافسة غير المشروعة وهذا من شأنه تضيق نطاق المنافسة غير المشروعة , وذهب الأستاذ لوتارنك إلى الهدف من دعوى المنافسة غير المشروعة عند تعريفه للمنافسة غير المشروعة , حيث قال ” تهدف المنافسة غير المشروعة إلى معاقبة التجار أو الصناعيين بسبب أخطاء أرتكبها أثناء ممارسة نشاطهم المهني , سعياً وراء فوائد غير شرعية على حساب مزاحميهم , بشكل يضر بهؤلاء , وعلى القاضي في هذا المجال الاعتداد بالأعراف المهنية , لأن انتهاكها يشكل أساساً للدعوى المذكورة ” , أما الأستاذ كلود لويل فينظر إلى المنافسة غير المشروعة على اعتبارها كناية عن فعل خاطئ وحسب , يتعارض مع عادات التجار ويهدف أو يؤدي إلى تحويل زبائن الغير .
وفي الفقه القانوني الوضعي العربي عرفها الدكتور أحمد شكري السباعي ” أن المنافسة غير المشروعة هي التزاحم على الحرفاء أو الزبناء عن طريق استخدام وسائل منافية للقانون أو الدين أو العرف أو العادات أو الاستقامة التجارية أو الشرف المهني ” , وحسناً فعل عندما جعل مخالفة المنافسة لأحكام الدين – أي الشريعة الإسلامية – منافسة غير مشروعة لما للترابط بين العبادات والمعاملات فالإسلام ” عقيدة وشريعة ” .
وقد عرفها الدكتور جوزيف نخله سماحة في أطروحته للدكتوراه التي كانت المنافسة غير المشروعة موضوعاً لها ” أنها خطأ مهني يرتكبه تاجر أو صناعي , سعياً وراء منافع غير مشروعة على حساب بقية منافسيه , يخالف فيه المبادئ القانونية والأخلاقية السائدة في التعامل , والاستقامة والأمانة المفروضتين في العرف التجاري , وموجب استعمال الحق في التجارة الحرة , دون المس بحقوق بقية التجار ” .
وبعد استعراض تعريف المنافسة غير المشروعة في الفقه القانوني الوضعي الغربي والعربي , نستعرض بعض النصوص القانونية التي تناولت المنافسة غير المشروعة , فقد نص قانون الملكية الصناعية الأسباني الصادر في سنة 1902م على أن المنافسة غير المشروعة ( كل محاولة غايتها الاستفادة دون حق من فوائد شهرة صناعية أو تجارية ناتجة عن مجهود الغير نص هذا القانون على حقوقه ) .
ونصت المادة ( 33 ) من القانوني النموذجي للدول العربية بشأن العلامات التجارية والأسماء التجارية والبيانات التجارية وأعمال المنافسة غير المشروعة ( يعتبر غير مشروع كل عمل من أعمال المنافسة يتنافى مع العادات الشريفة في المعاملات الصناعية والتجارية ) , ونصت المادة ( 5 ) من قانون المنافسة الأردني المؤقت لسنة 2002 ( الممارسات المخلة بالمنافسة : أ- يحظر – تحت طائلة المسئولية – أي ممارسات أو تحالفات أو اتفاقيات صريحة أو ضمنية تشكل إخلالاً بالمنافسة أو الحد منها أو منعها وبخاصة ما يكون …………. ) , وجاءت المادة ( 8 ) من قانون تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار اليمني رقم 19 لسنة 1999 لتقضي بــ ( أ – يمنع القيام بأي تصرف قد يؤدي إلى الحد من المنافسة أو إضعافها أو إيجاد عقبات تحول دون دخول منشآت قائمة أو إخراج منشآت منافسة من السوق ) , ونصت المادة ( 10 ) من اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية في سنة 1925م بلاهاي ( كل فعل مزاحمة مخالف للعادات الشريفة في الصناعة أو التجارة يشكل مزاحمة غير مشروعة ) .
أما بشأن موقف القضاء العربي في محاولة لوضع تعريف للمنافسة غير المشروعة فكان كما يلي : وضعت محكمة النقض بجمهورية مصر العربية تعريفاً للمنافسة غير المشروعة حيث قالت ” يعد منافسة غير مشروعة ارتكاب أعمال مخالفة للقانون والعادات أو استخدام وسائل مخالفة لمبادئ الشرف والأمانة في المعاملات إذا قصد به إحداث لبس بين منشأتين تجاريتين أو إيجاد اضطراب بأحدهما متى كان من شأنه اجتذاب عملاء إحدى المنشأتين للأخرى أو صرف عملاء المنشأة عنها ” .
وفي لبنان حاولت محكمة التمييز اللبنانية وضع تعريف للمنافسة غير المشروعة ” على التاجر أن يتبع مبادئ الاستقامة المشروعة التي يجوز إتباعها بالمزاحمة بين التجار , أما إذا استعمل التاجر أساليب مشبوهة وملتوية في هذه المزاحمة يعتبر عمله خرقاً لهذه الطرق وخروجاً عليها ” .
وفي قضاء المملكة المغربية , جاء حكم محكمة الدار البيضاء بـ ” يعتبر الفقه والقضاء منافسة غير مشروعة كل فعل يرتكبه التاجر عن سوء نية بهدف تحويل أو محاولة تحويل الحرفاء أو الزبناء أو محاولة إلحاق الضرر بمصالح منافس له عن طريق استخدام وسائل منافية للقانون أو الأعراف أو العادات أو الشرف المهني أو الاستقامة المهنية ” .
أما فيما يتعلق بمعيار تحديد المنافسة غير المشروعة والتي نستطيع من خلاله معرفة مدى إمكانية وصف الأعمال بعدم المشروعية , فهناك ثلاثة مذاهب في الفقه القانوني الوضعي , أولها المذهب الشكلي الذي يعتمد على النص القانوني بحيث يجوز ممارسة كل أساليب المنافسة ماعدا التي ينص القانون على عدم جوازها , وهذا ما أخذ به القانون الألماني في القانون الصادر في سنة 1896م , وما يتميز به هذا المذهب هو حسم مسألة تمييز أفعال المنافسة غير المشروعة عن الأفعال المقبولة والمشروعة , إلا أنه في الحقيقة يحد من نطاق تطبيق أعمال المنافسة غير المشروعة وبالتالي يحد من ملاحقتها , وخاصة وأن الأعمال الاقتصادية والتجارية تتصف بالتطور المستمر , ونظراً لجمود تلك النصوص فقد هجر القانون الألماني هذا المذهب عندما أصدر قانون سنة 1909م والخاص بالمنافسة غير المشروعة .
والمذهب الثاني هو المذهب الواقعي , حيث يرى بأن المنافسة غير المشروعة انتهاك لأمر يوجبه المجتمع وعليه فلابد من الرجوع إلى قواعد الأعراف والعادات المهنية لتقويم الأسلوب المعتمد في المنافسة , وقد أخذت بهذا المذهب القانونين التي يكون للعرف دور كبير فيها .
والمذهب الثالث والأخير من المذاهب الفقهية للقانون الوضعي , هو المذهب المثالي حيث يستند على الأخلاق التي تشكل معياراً لتقويم أعمال المنافسة وعلى القاضي إتباع ما تقضي به الأخلاق عند تحديده لنوع أعمال المنافسة , وقد واجه هذا المذهب انتقاداً يقضي بأن الأخلاق قد تختلف من منطقة لأخرى بسبب الظروف والعوامل المختلفة بين الدول الاجتماعية والاقتصادية وسياسية .
كانت تلك هي المذاهب الفقهية في القانون الوضعي , أما موقف النظم القانونية في الدول الغربية فهي منقسمة إلى قسمين , الأول يستند إلى نص عام يتعلق بالمسئولية المدنية ويعول على فكرة الخطأ كمعيار , وتأخذ به كلاً من فرنسا وبلجيكا وهولندا وكثير من الدول التي تأثرت بقانون نابليون , أما النظام الثاني فإنه يعتمد على قانون خاص بالمنافسة غير المشروعة , وهو موقف القانونين السويسري و الألماني , وفي الحقيقة فإن كلا النظامين يتفقان حول نقاط محدده , تتمثل بوجود نص عام يمنع المنافسة غير المشروعة , إلى جانب العديد من الحالات الكثيرة المتشابهة , أما نقاط الاختلاف بينهما فإنها تقوم على أساس اتجاه السياسة التشريعية في كل دولة والهدف من وراء الحماية عند حظر أعمال المنافسة غير المشروعة , فإما يهدف إلى حماية المستهلك (كألمانيا) أو حماية المتنافسين (كفرنسا) .
وعليه نجد أنه في فرنسا يتخذ القانون من فكرة الخطأ أساسا لتحديد أعمال المنافسة غير المشروعة , أما في ألمانيا فإن السلوك الحسن هو معيار أعمال المنافسة غير المشروعة , وفي إيطاليا فإن المعيار هو المس بمبادئ الاستقامة المهنية , أما المعيار في القانون البريطاني فهي الأعراف والعادات التجارية لما يشكله العرف من دور كبير بريطانيا .
الفرع الثاني : تعريف ومعيار المنافسة غير المشروعة في القانون الكويتي :
لما كانت الكويت تأخذ بمبدأ الاقتصاد الحر كان لزاماً عليها التسليم بحرية المنافسة , الأمر الذي ينطوي عليه العديد من المزايا , منها ما يعود على المستهلك ومنها ما يعود على التجار , وبالتالي يعود النفع بشكل عام على الاقتصاد الوطني .
وتقضي سياسة الاقتصاد الحر بطبيعة الحال فتح الباب على مصراعيه أمام كل من يريد القيام بالعمل التجاري , الأمر الذي من شأنه دفع البعض لاستغلال تلك المساحة من الحرية بصورة غير مشروعة , من خلال وسائل تمنعها وتحظرها العادات والأعراف التجارية , وترتكز الوظيفة القانونية للمنافسة الحرة كما تبين لنا سابقاً على حماية شطري مبدأ حرية التجارة , المتمثلة في حرية الطلب وحرية العرض , ومن شأن حظر أعمال المنافسة غير المشروعة الحد من تجاوز حرية التجارة بالاعتداء على حقوق الآخرين.
ولا يوجد في قانون التجارة الكويتي قبل صدور القانون رقم ( 13) لسنة 1996م تعريفاً للمنافسة غير المشروعة , مما دفع شراح القانون الكويتي إلى الاجتهاد لوضع تعريف للمنافسة غير المشروعة , فقد عرفها الدكتور طعمة الشمري بأنها ” كل عمل في مجال التجارة أو الصناعة أو المال أو الخدمات أو غيرها من المجالات يقوم به شخص من شأنه إلحاق ضرر بشخص منافس أو تحقيق مكاسب على حسابه بإتباع وسائل يمنعها القانون ” , وبذلك ترك القانون أيضا المجال واسعاً أمام اجتهادات القضاء في محاولته لوضع تعريف للمنافسة غير المشروعة .
ونظراً لما أتسم به قانون التجارة من نقص كبير في هذا الجانب , فقد أضاف المقنن الكويتي مواد جديدة للمرسوم بقانون رقم ( 68 ) لسنة 1980م , بإصدار القانون رقم (13) لسنة 1996م , و به سد النقص الذي كان يعانيه قانون التجارة في هذا الجانب , حيث وضعت المادة (60مكررا) من قانون التجارة الكويتي تعريفاً للمنافسة غير المشروعة حيث جاء فيها ( يحظر القيام بأي عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة , ويعتبر من قبيل أعمال المنافسة غير المشروعة كل عمل يقع عمدا من تاجر بالمخالفة للعادات والأصول المرعية في المعاملات التجارية في دولة الكويت ويكون من شأنه صرف عملاء تاجر منافس آخر أو الإضرار بمصالحه أو إعاقة حرية المنافسة بتقيد أو تفادي المنافسة في مجال إنتاج أو توزيع البضائع أو الخدمات في الكويت ………. ) .
والمعيار الذي اخذ به القانون الكويتي في تحديد أعمال المنافسة غير المشروعة هو ما جاء في متن نص المادة السابقة (….. بالمخالفة للعادات والأصول المرعية في المعاملات التجارية …. ) , وبذلك يقترب القانون الكويتي من المذهب الواقعي الذي يرى المنافسة غير المشروعة على أنها انتهاك لأمر يوجبه المجتمع وعليه فلابد من الرجوع إلى قواعد الأعراف والعادات المهنية , ويشكل هذا المعيار تعزيزا من قبل المقنن الكويتي لدور العرف في إطار المسائل التجارية , إلى جانب ما يشكله – أي العرف – في قانون التجارة الكويتي حيث يعد مصدراً من مصادر قانون التجارة , حيث نصت المادة (2) على ( مع مراعاة ما نص عليه في المادة 96 تسري على المسائل التجارية قواعد العرف التجاري فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون أو غيره من القوانين المتعلقة بالمسائل التجارية , ويقدم العرف الخاص أو العرف المحلي على العرف العام , فإذا لم يوجد عرف طبقت أحكام القانون المدني ) .
وقد تجاوز القانون الكويتي ما وجه إلى المذهب الواقعي من نقد يتمثل باختلاف الأعراف من منطقة لأخرى , حيث نص على (….. بالمخالفة للعادات والأصول المرعية في المعاملات التجارية في دولة الكويت ) , وبذلك تكون الأعراف والأصول التجارية في دولة الكويت هي وحدها المعيار في أعمال المنافسة غير المشروعة ومن شأن ذلك فتح الباب واسعاً أمام اجتهادات القضاء وهي سياسة مفيدة اتبعها المقنن الكويتي .
المطلب الثاني : تمييز المنافسة غير المشروعة :
بعد أن استعرضت تعريف ومعيار المنافسة غير المشروعة بصورة مقارنة , مع معرفة موقف القانون الكويتي من ذلك , علينا زيادة في إيضاح المنافسة غير المشروعة وتمييزها عن غيرها من الأنظمة القريبة والمشابهة لها والتي تهدف إلى الحد من المنافسة .
فعندما نظم القانون أحكام منافسة غير المشروعة في صورة عامه , وضع أحكام لمواضيع أخرى مختلفة من شأنها الحد من المنافسة وهو ما يسمى بالمنافسة الممنوعة , وهي تتميز وتختلف كثيراً عن المنافسة غير المشروعة .
وسوف نخصص – إن شاء الله تعالى – الفرع الأول من هذا المطلب للمنافسة الممنوعة بنص القانون , والفرع الثاني للمنافسة الممنوعة بمقتضى العقد , والفرع الثالث والأخير نتناول فيه بعض الأنظمة الأخرى .
الفرع الأول : المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة بنص القانون :
حرية المنافسة تقتضي التدخل من قبل المقنن الكويتي ليس للحد من أعمال المنافسة غير المشروعة , بل لإيقاف أعمال المنافسة الممنوعة أيضا , وهو الأمر الذي من شأنه دفع المقنن إلى النص في القانون على تطلب وجود شروط يجب توافرها لمزاولة مهنة معينة , فعندما يقوم شخص ما بممارسة هذه المهنة دون توفر تلك الشروط القانونية فيه , فإن أعماله فهذا الصدد تعد من قبيل المنافسة الممنوعة بنص القانون .
وبذلك تختلف المنافسة الممنوعة بنص القانون عن المنافسة غير المشروعة من حيث الأساس , ففي المنافسة الممنوعة بنص القانون يكون الأساس هو النص القانوني , فالقانون يتطلب لمزاولة مهنة الصيدلة مثلاً الحصول على الإجازة الجامعية في الصيدلة , ويحظر القانون الكويتي أيضا ممارسة الأجنبي التجارة في الكويت دون شريك كويتي , فأعمال المنافسة هنا بمخالفتها لنص القانون ما يتطلبه من شروط تكون تلك الأعمال ممنوعة سواء كانت بوسائل مشروعة أو غير مشروعة , بعكس حالة في المنافسة غير المشروعة التي لا تقوم إلا عند قيام المنافس بأعمال ووسائل غير مشروعة .
إلى جانب ذلك الاختلاف فإن المنافسة الممنوعة بنص القانون يقرر لها عادة المقنن جزاءات عديدة , فعادة ما يكون الجزاء المقرر للمنافسة الممنوعة يكون كبيراً مقارنة لما هو مقرر للمنافسة غير المشروعة .
ولتمييز المنافسة غير المشروعة عن الممنوعة نستعرض هذا المثال – فكما قيل بالمثال يتضح المقال – , فمهنة المحاماة تتطلب الحصول على إجازة جامعية بالقانون , فعند قام شخص ما بممارسة المهنة دون الحصول على الإجازة الجامعية تلك , تكون أعماله من قبيل أعمال المنافسة الممنوعة بنص القانون , أما إذا حصل ذلك الشخص على الشهادة المطلوب توافرها ومارس مهنة المحاماة وانتحل درجة الدكتوراه وأدعى حصوله عليها , فإننا هنا بصدد منافسة غير مشروعة .
الفرع الثاني : المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة بمقتضى العقد :
تعد المنافسة الممنوعة بمقتضى العقد النوع الآخر للمنافسة الممنوعة إلى جانب المنافسة الممنوعة بنص القانون , وأساس المنع للمنافسة الممنوعة بمقتضى العقد هنا هو نص العقد المبرم بين الأطراف وليس نص القانون كما هو الحال في المنافسة الممنوعة بنص القانون , حيث يقوم أحد أطراف العقد بمخالفة ما تم الاتفاق عليه .
فعندما ينص في عقد بيع محل تجاري على عدم ممارسة البائع تجارة مماثلة بالقرب من موقع المتجر المباع , ولمدة محددة في العقد , فإن البائع عليه الالتزام بما تم الاتفاق عليه , وعند إخلاله بهذا الالتزام يكون عمله من قبيل المنافسة الممنوعة بمقتضى العقد , وعلى البائع الالتزام في هذه الحالة أيضا بعدم المنافسة ولو كانت المنافسة غير مباشرة , كأن يسخر شخص ما للعمل لحسابه في تجارة مماثلة لنشاط المتجر الذي سبق بيعه .
ومثلاً آخر على المنافسة الممنوعة بمقتضى العقد هو الاتفاق الذي يتم بين أرباب العمل والعمال , بحيث يلتزم العامل بعدم ممارسة تجارة مماثلة أو يلتزم بعدم العمل لدى متاجر منافسة تزاول نشاطاً مماثلاً , وهنا ولابد من تحديد مدة الالتزام أما الاتفاق المطلق دون تحديد مدة زمنية فهو غير جائز , حفاظاً على حق العامل بالعمل وتوفير الرزق له ولذويه .
فالاتفاق على توزيع حصري لسلعة معينة بحث يقوم التاجر بشراء السلع الذي ينتجها المصنع المتعاقد معه دون غيره , أو أن يمتنع المصنع عن بيع ذات السعة لتجار آخرين تفادياً للمنافسة من قبل التجار الآخرين , وهذا الاتفاق على التوزيع الحصري صحيح بشرط أن يكون محدداً من حيث الزمان والمكان , والإخلال بعد من قبل المصنع عندما يمول تاجر لحاسب المصنع يعد ذلك من قبيل المنافسة الممنوعة بمقتضى العقد .
وتختلف المنافسة الممنوعة بمقتضى العقد عن المنافسة غير المشروعة بما تثيره تلك الأعمال من مسئولية , فإذا كانت أعمال المنافسة غير المشروعة تثير المسئولية التقصيرية , فإن أعمال المنافسة الممنوعة بمقتضى العقد تثير المسؤولية التعاقدية لأنها تشكل إخلالاً بالتزام عقدي .
الفرع الثالث : المنافسة غير المشروعة وبعض الأنظمة الأخرى :
هناك بعض الأنظمة التي تقترب وتشابه المنافسة غير المشروعة , ولكن في الحقيقة هناك اختلاف كبير وجوهري بينها وبين المنافسة غير المشروعة .
فالمنافسة غير المشروعة تختلف عن المضاربة غير المشروعة , فالمضاربة غير المشروعة تشكل دعوى جنائية يقرر لها القانون الكويتي عقاباً , فقد نصت المادة (2) من المرسوم بقانون رقم10 لسنة 1979م في شأن الإشراف على الاتجار في السلع وتحديد بعض أسعارها نصت على ( يحظر العمل على ارتفاع أسعار السلع ارتفاعا مصطنعاً ) , وفي فرنسا يوجد هناك نوع من المنافسة يقترب من المنافسة غير المشروعة يسمى المنافسة الطفيلية , وهي عبارة عن قيام أحد الأشخاص بالاستفادة من الشهرة والسمعة الطيبة اللتين أكتسبهما الغير بصورة مشروعة , نتيجة جهده الشخصي دون أن يؤدي ذلك بالضرورة إلى أي خطر التباس يصيب الجمهور , ومثال على ذلك هو استعمال أساليب دعاية ناجحة معدة لصنف معين يعود للغير من أجل استقطاب الزبائن وتحويلهم نحو بضاعة من صنف آخر تختلف تماماً عن الأول , إلا أن هذا النوع قد واجه انتقادا لم يمنعه من تبني بعض البلدان له ” فقد جاء في حكم لمحكمة بلدية بروكسل التجارية بتاريخ 14-2-1965م ما يحدد المزاحمة الطفيلية ويميزها عن المزاحمة باستعمال حصة عمله الخاص بمجال المزاحمة , التي له وحده حق الاستفادة منها , تجنباً للقيام شخصياً بمجهود مماثل …. وهي تختلف عن المزاحمة غير المشروعة من حيث أن عناصرها عادية جداً , فلا تكون ملكية حصرية مانعة , تقليدها ممنوع , أو سبباً للإيقاع في الالتباس , ولكن تطور الممارسة التزاحمية نحو المزيد من التهذيب ؟ , بفرض إزالة هذا الشكل من المزاحمة أيضا باعتباره يؤلف خطأ ” .
وفي بعض الأنظمة القانونية يوجد نظام يسمى بالمنافسة الاحتيالية تختلف عن المنافسة غير المشروعة , ففي لبنان هناك ما يسمى بالمزاحمة الاحتيالية والتي اعتبرها القانون اللبناني من ضمن الجرائم الواقعة على الأموال , وإن كان البعض يعتبر هذه الصورة هي الصورة الجنائية للمنافسة غير المشروعة .
المبحث الثاني : أعمال المنافسة غير المشروعة :
إن المنافسة غير المشروعة تتعدد صورها وتتنوع نظراً لما تتسم به الحياة الاقتصادية من تطور وتنوع مستمرين , ففي ظل حياة اقتصادية تتبنى حرية المنافسة يلجأ البعض إلى وسائل غير مشرعة منافية للأعراف والعادات التجارية , إلى جانب ذلك نجد أن البعض يقوم بابتكار وسائل غير مشروعة للمنافسة حديثة ومتجددة .
وقد حالف القانون الكويتي التوفيق عندما قام بذكر بعض الحالات الشائعة على سبيل المثال والتي تعتبر من قبيل أعمال المنافسة غير المشروعة , إلى جانب وضعه لمعيار عام ومرن لأعمال المنافسة غير المشروعة , مع ملاحظة عدم تطلب القانون لسوء النية عند القيام بتلك الأعمال.
ومن شأن تلك السياسة التشريعية التي سلكها المقنن الكويتي إعطاء دور كبير للقضاء في هذا المجال , الأمر الذي يترك الباب واسعاً أمام القاضي في تكييفه لتلك لأعمال وما إذا كانت تعد من أعمال المنافسة غير المشروعة أم لا .
ونستعرض أعمال المنافسة غير المشروعة التي ذكرها المقنن في قانون التجارة الكويتي ضمن عدة مجموعات , تكون المجموعة الأولى للأعمال التي تتضمن اعتداء على سمعة التاجر وعناصر محله التجاري في المطلب الأول , أما المطلب الثاني فيكون للأعمال التي تتضمن اعتداء على التنظيم الداخلي للمحل التجاري (المتجر) , والمطلب الثالث والأخير فسيكون – إن شاء الله تعالى – للأعمال التي تتضمن اعتداء على التنظيم العام للسوق .
المطلب الأول : أعمال تتضمن اعتداء على سمعة التاجر أو على ملكيته لعناصر المحل التجاري ( المتجر ) :
كل ما يتضمن اعتداء على سمعة التاجر أو الحط من قيمة بضاعته يشكل عملاً من أعمال المنافسة غير المشروعة , كالإدعاء على خلاف الحقيقة أن التاجر على وشك الإفلاس , أو الادعاء بان التاجر المنافس لا يوجد من يتعامل معه لضعف ائتمانه أو بث دعاية كاذبة بأن التاجر المنافس سيء السلوك , أو أن التاجر ينتمي إلى حزب سياسي أو تنظيم معادي للدولة , ويكون من شأن تلك الأفعال إلحاق الضرر به أو ببضاعته .
ومن أهم وابرز صور أعمال المنافسة غير المشروعة لجوء التجار إلى طرق ووسائل تدليسية , وهي عبارة عن أعمال غش لتصريف بضاعتهم أو خدماتهم يكون من شأنها تضليل جمهور المستهلكين , وهذه الصورة تدرس على أساس أنها صوره من صور أعمال المنافسة غير المشروعة , وتدرس أيضا من ضمن مباحث حماية المستهلك .
وتنص المادة (56) من قانون التجارة الكويتي على أنه ( لا يجوز للتاجر أن يلجأ إلى طريق التدليس والغش في تصريف بضاعته وليس له أن ينشر بيانات كاذبة من شأنها أن تضر بمصلحة تاجر آخر يزاحمه وإلا كان مسئولاً عن التعويض ) , وتعد هذه المادة تطبيقاً لمعيار المنافسة غير المشروعة التي تحظر الأعمال التي تخالف الأعراف والعادات التجارية .
وطرق التدليس كثيرة ومتنوعة من أهمها التزوير وتقليد واستعمال الاسم أو العنوان أو العلامة التجارية لتاجر آخر , فقد قضت محكمة النقض المصرية بأحد أحكامها بـ ” 2- تقليد العلامة التجارية يقوم على محاكاة تتم بها المشابهة بين الأصل والتقليد بحيث تدعو على تضليل الجمهور فيعد بهذه المثابة من بين صور الخطأ يمكن الاستناد إليه كركن في دعوى المنافسة التجارية غير المشروعة التي لا تخرج عن كونها دعوى مسئولية عادية أساسها الفعل الضار.” .
وتقليد سلع ومنتجات تجار آخرين يتحقق سواء كان التقليد من حيث الشكل واللون أو الخواص أو المواصفات , مع ملاحظة أن يجوز للتاجر استخدام الدعاية والإعلان لترويج بضاعته , ولكن يجب أن تتصف بالحقيقية حتى وإن بالغ في حدود معينة في تلك الدعاية , ولكن لا يجوز له المبالغ إلى الحد التي يصل فيه إلى درجة التدليس , أو أن يكون من شأن دعايته الإساءة إلى التجار الآخرين أو بضاعتهم , مع ضرورة مراعاة النظام والآداب العامة .
ويعتبر أيضا من قبيل أعمال المنافسة غير المشروعة الأفعال التي يقصد من ورائها انتزاع زبائن التجار الآخرين , فضلاً عن تضليل جمهور المستهلكين , حيث نصت المادة (57) من قانون التجارة الكويتي بأنه ( لا يجوز للتاجر أن يذيع أموراً مغايرة للحقيقة تتعلق بمنشأ بضاعته أو أوصافها أو تتعلق بأهمية تجارته , ولا أن يعلق خلافاً للواقع أنه حائز لمرتبه أو شهادة أو مكافأة , ولا أن يلجأ إلى أية طريقة أخرى تنطوي على التضليل قاصداً بذلك أن ينتزع عملاء تاجر يزاحمه إلا كان مسئولا عن التعويض ) , وهنا يتضح لنا بشكل جلي وواضح سياسة المقنن الكويتي عند تنظيمه للمنافسة غير المشروعة , حيث يهدف إلى حماية التجار من أعمال المنافسة غير المشروعة التي قد يقوم بها تجار آخرين , إلى جانب حمايته لجمهور المستهلكين.
وبموجب هذا النص فإنه لا يجوز لأي تاجر إذاعة بيانات كاذبة تتعلق بضاعته من حيث منشأ البضاعة أو الأوصاف , ولا يجوز أيضا الإدعاء بحصوله على شهادات ودرجات معينه للمنتج , ويقع عبء إثبات أعمال المنافسة غير المشروعة سالفة الذكر على من يدعي وقوعها .
وقد نصت المادة (60مكررا) أيضا بشكل واضح وصريح بأن الاعتداء على سمعة التاجر عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة , حيث نصت :
( ……. وتعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة بوجه خاص :
1- ………..
2- ……….
3- الإساءة إلى سمعة تاجر آخر أو الحط من قيمة بضاعته .
4- ………………… ) .
إلى جانب ذلك فإن أي اعتداء على عناصر المحل التجاري سواء كانت المعنوية أو المادية منها , فإن ذلك يعد عملاً من أعمال المنافسة غير المشروعة , فالمتجر كما وضحت سابقاً ونصت عليه المادة (34 ) من قانون التجارة الكويتي :
( 1- المتجر هو محل التاجر والحقوق المتصلة بهذا المحل .
2- ويشمل المتجر على مجموعة من العناصر المادية وغير المادية تختلف بحسب الأحوال , وهي بوجه خاص , البضائع والأثاث التجاري والآلات الصناعية والعملاء والعنوان التجاري وحق الإيجار والعلامات والبيانات التجارية وبراءات الاختراع والتراخيص والرسوم والنماذج ) , وهذه العناصر بطبيعة الحال عرضة للاعتداء من قبل تجار منافسين آخرين , ويعتبر الاعتداء عليها من أعمال المنافسة غير المشروعة مما يستوجب قيام مسئولية المعتدي مدنياً وجنائياً .
ونصت المادة (55) من قانون التجارة الكويتي على ( 1- إذا استعمل العنوان التجاري غير صاحبه أو استعمله صاحبه على صورة تخالف القانون جاز لذوي الشأن أن يطلبوا منع استعماله ولهم أن يطلبوا شطبه إذا كان مقيداً في السجل التجاري ويجوز لهم الرجوع بالتعويض إن كان له مقتضى .
2- وتسري هذه الأحكام على العلامات والبيانات التجارية على الوجه المبين في هذا القانون . ) , وعليه تقوم مسئولية من يعتدي على العلامة التجارية التي تعد من عناصر المحل التجاري (المتجر) , مع ملاحظة تطلب المقنن التسجيل بالنسبة للعلامة التجارية في السجل التجاري وكذلك الحال بالنسبة للبيانات التجارية , علماً بأن التسجيل لا يخلق ملكية العامة التجارية بل يقررها ويؤكدها , ومع ذلك فالمقنن الكويتي لم يضفي الحماية القانونية للعلامة التجارية غير المسجلة .
وقدر قررت محكمة النقض المصرية بشأن الاعتداء على العلامات والبيانات التجارية ” أنه يترتب على كسب ملكية العلامات التجارية حق خاص لصاحبها يخول له وحده استعمال العلامة ومنع الغير من استعمالها , إلا أن الاعتداء على هذا الحق لا يتحقق إلا بتزوير العلامة أو تقليدها من المزاحمين لصاحبها في صناعة أو تجارة ” .
والقانون الكويتي لم يتطلب هنا تحقق الضرر بالضرورة وإنما اكتفى باحتمالية تحققه , إلى جانب ذلك فقد وضع القانون الكويتي عقاباً جنائياً نصت عليه المادة (92) من قانون التجارة الكويتي , إلى جانب ما قرره من عقوبات لحماية السجل التجاري , ولا نريد الخوض كثيراً بتفصيلات موضوع العلامة التجارية لما فيها ما تفصيلات كثيرة قد يكون محلها بحث متخصص بها يحيط بالموضوع من جميع جوانبه نظراً لتوسعه .
والاعتداء على الملكية الصناعية التي تعد من العناصر المعنوية للمحل التجاري (المتجر) يعد عملاً من أعمال المنافسة غير المشروعة.
المطلب الثاني : أعمال تتضمن اعتداء على التنظيم الداخلي للمحل التجاري (المتجر) :
يعتمد كل تاجر على التنظيم الداخلي لمحله التجاري في جذب عملائه والمحافظة عليهم , فهو يختار الطاقم الإداري والمستخدمين والعمال الذين يعتمد عليهم نشاط المحل , وقد يترتب على اختلال هذا التنظيم اضطراب نشاط المحل التجاري وانصراف عملائه عنه , وعليه يكون كل عمل يقوم به تاجر منافس من شأنه إحداث اضطراب في التنظيم الداخلي للمحل التجاري هو من قبيل أعمال المنافسة غير المشروعة .
وقيام التاجر المنافس بتحريض عمال تاجر منافس آخر بقصد إلحاق الاضطراب أو ترك العمال للمحل التجاري أو إفشاء أسرار المحل التجاري الذي يعمل به العامل , كل ذلك يعد عملاً من أعمال المنافسة غير المشروعة .
وفي بعض الأحوال يقوم التاجر المنافس بإغراء عمال تاجر منافس للعمل لديه بأجور مرتفعة أو في مراكز ممتازة , وذلك بقصد معرفة أسرار الصناعة والمواد المستخدمة فيها وعملائها .
وهذه الحالة هي ما نصت عليه المادة (58) من قانون التجارة الكويتي ( لا يجوز للتاجر أن يغري عمال تاجر آخر أو مستخدميه ليعاونوه على انتزاع عملاء هذا التاجر أو ليخرجوا من خدمة هذا التاجر ويدخلوا في خدمته ويطلعوه على أسرار مزاحمه وتعتبر هذه الأعمال مزاحمة غير مشروعة تستوجب التعويض ) .
ونصت أيضا المادة (59) من قانون التجارة الكويتي على ( إذا أعطى التاجر لمستخدم أو عامل سابق شهادة مغايرة للحقيقة بحسن السلوك وضللت هذه الشهادة تاجر آخر حسن النية فأوقعت به ضرراً جاز بحسب الأحوال وتبعاً للظروف أن يرجع التاجر الآخر على التاجر الأول بتعويض مناسب ) , وهذه المادة عالجت حالة إعطاء شهادة خبرة مغايرة للحقيقة مثلاً في مجال معين من خلال عمل العامل لدى التاجر , ومن الملاحظ تطلب القانون حسن النية لدى التاجر المتضرر إلى جانب وقوع الضرر , فلم يكتفي بالضرر الاحتمالي كما هو الحال في بعض حالات أخرى .
المطلب الثالث : أعمال تتضمن اعتداء على التنظيم العام للسوق :
تندرج ضمن هذه المجموعة أعمال منافسة غير مشروعة تشكل اعتداء على التنظيم العام للسوق , والتي يهدف المقنن من ورائها إلى حماية السوق بوجه عام , ومن هذه الأعمال ما نصت عليه المادة (60) من قانون التجارة الكويتي ( من كانت حرفته تزويد البيوت التجارية بالمعلومات عن أحوال التجار وأعطى بيانات مغايرة للحقيقة عن سلوك احد التجار أو وضعه المالي وكان ذلك قصداً أو تقصير جسيم كان مسئولا عن تعويض الضرر الذي ينجم عن خطئه ) .
وهذه الصورة تختلف عن صور الأعمال التي تتضمن اعتداء على سمعة التاجر من حيث الهدف من الإساءة , بحيث يكون الهدف من إساءة سمعة التاجر صرف العملاء عنه , أما في هذه الصورة فيكون الهدف هو إحداث اضطراب بالسوق من خلال تشويه سمعة التاجر بإعطاء بيانات كاذبة للبيوت التجارية .
وقد تطلب القانون من التاجر الذي زود البيوت التجارية بالمعلومات الخاطئة القصد أو التقصير الجسيم وعليه فلا يسأل عن التقصير اليسير الذي يقع منه .
وعليه تقوم مسئولية من يحدث الضرر ويلتزم بتعويض التاجر الذي لحقه الضرر جراء تلك الأفعال , وتقوم مسئولية البيوت التجارية تجاه من أعطتهم البيانات الكاذبة بموجب المسئولية العقدية , وليس أعمال المنافسة غير المشروعة والتي لا تقوم إلا في حالتين : الأولى أن يتعمد تزويد بيت تجاري آخر خارج البلاد أو داخلها بالإساءة إليه وإخراجه من السوق لتقليل عدد المتنافسين أو حتى احتكار السوق , والحالة الثانية التي تقوم فيها مسئوليته هي أن يتواطأ البيت التجاري مع أحد التجار لإعطاء معلومات خاطئة لتاجر منافس بقصد الأضرار به .
ونصت المادة (60مكررا) على ذكر حالات من شأنها إحداث اضطراب في التنظيم العام في السوق , حيث نصت على ( يحظر القيام بأي عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة , ويعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة كل عمل يقع عمداً من تاجر بالمخالفة للعادات أو الأصول المرعية في المعاملات التجارية في دولة الكويت , ويكون من شأنه صرف عملاء تاجر منافس أو الأضرار بمصالحه , أو إعاقة حرية التجارة بتقييدها أو تفادي المنافسة في مجال إنتاج أو توزيع البضائع أو الخدمات في الكويت .
وتعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة بوجه خاص :
1- الاتفاق الصريح أو الضمني على تحديد سعر بيع البضائع أو الخدمات إلى الغير .
2- إعاقة دخول منافسين في السوق بسبب غير مشروع .
3- ……………………………………………
4- كل نشاط من شأنه إحداث اضطراب في السوق بقصد الأضرار بتاجر أو تجار آخرين . ) .
وبذلك ذكرت المادة السابقة ثلاثة حالات من شأنها أحداث اضطراب في التنظيم العام في السوق وهي الاتفاق بين عدة تجار على تحديد سعر بضاعة أو خدمه سواء كان الاتفاق صريحاً أو ضمنياً , إلى جانب كل عمل من شأنه تقييد حرية التجارة أو تفادي المنافسة في مجال أنتاج أو توزيع البضائع أو الخدمات في الكويت .
والأعمال التي تؤدي إلى إعاقة دخول منافس إلى السوق بسبب غير مشروع تعد أيضا من أعمال المنافسة غير مشروعة .
والاندماج الذي يتم بين شركتين فإن المشرع حظر ذلك وخاصة عندما يكون بهدف تفادي المنافسة , الأمر الذي يستلزم لتحقيق تفادي للمنافسة , إيجاد إعاقة جوهرية يحققها ذلك الإدماج , ويترك للقضاء تحديد قدر تلك الإعاقة الجوهرية لتطبيق أعمال المنافسة غير المشروعة .
وفي نهاية هذا المبحث نؤكد على السياسة التشريعية الناجحة والناجعة التي اتبعها المقنن الكويتي , بحيث ذكر تلك الحالات على سبيل المثال , ووضع معياراً مرناً هو كل عمل يقع عمداً من تاجر بالمخالفة للعادات والأصول المرعية في المعاملات التجارية في دولة الكويت , و يمَكن هذا المعيار القضاء من التوسع في التطبيق عند تعرضه لأعمال المنافسة غير المشروعة , التي تتسم بالتطور والتجدد المستمرين .
المبحث الثالث : دعوى المنافسة غير المشروعة :
دعوى المنافسة غير المشروعة هي الحماية القانونية للمحل التجاري (المتجر) من الاعتداءات التي قد يتعرض لها , ولهذه الدعوى أهمية كبيرة في الحياة القانونية والقضائية , نظراً لما يحدث في الحياة الاقتصادية والتجارية من أعمال منافسة كثيرة وشديدة , قد تدفع البعض إلى أعمال تتصف عادة بعدم المشروعية .
وعلى ذلك فسوف نخصص – إن شاء الله تعالى – المطلب الأول من هذا المبحث للأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة , والمطلب الثاني نخصصه لشروط دعوى المنافسة غير المشروعة من قيام حالة المنافسة مرورا بالخطأ والضرر وانتهاء برابطة السببية , أما المطلب الرابع فنخصصه للمسؤولية المدنية والجنائية التي تثيرها دعوى المنافسة غير المشروعة , أما المطلب الرابع والأخير فنستعرض فيه تجارية دعوى المنافسة غير المشروعة .
المطلب الأول : الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة :
لم يضع المقنن الكويتي أحكاما خاصة تنظم المسؤولية الناشئة عن أعمال المنافسة غير المشروعة , مما تراك المجال واسعاً أمام اجتهاد كلاً من الفقه والقضاء لتحديد الأساس القانوني الذي تقوم عليه دعوى المنافسة غير المشروعة , نتج عنه اختلاف وجهات النظر حول ذلك الأساس .
ففي الفقه القانوني الوضعي توجد عدة مذاهب لتحديد ذلك الأساس , فهناك المذهب التقليدي الذي يؤسس دعوى المنافسة غير المشروعة على أساس المسئولية المدنية التقصيرية , وهذا الاتجاه هو الغالب في فرنسا , إلا أن هذا المذهب واجه عدة انتقادات تتمثل في اكتفاء القانون في بعض الحالات باحتمالية وقوع الضرر , في حين أن المسئولية التقصيرية تتطلب وقوع الضرر فعلاً , كما أن الدعوى لا تهدف فقط لجبر الضرر وتعويضه كما هو الحال بالمسئولية التقصيرية , وإنما تهدف أيضا إلى وقف الفعل الضار فهي ذات طابع تأديبي .
وهناك مذهب فقهي آخر يجعل من التعسف في استعمال الحق أساساً لدعوى المنافسة غير المشروعة , وهذا المذهب تعرض للنقد أيضا , حيث لا يمكن تطبيق المعايير العادية للتعسف في استعمال الحق على أعمال المنافسة غير المشروعة , لان المنافسة ليست استعمالاً تعسفياً في لحق حرية التجارة فلم يتجاوز التاجر الغاية التي أنشئ من اجلها الحق , إلى جانب عدم تطلب الدعوى للنية غير المشروعة لدى الفاعل .
وذهب آخرون وخاصة في ألمانيا وايطاليا إلى القول بأن دعوى المنافسة غير المشروعة تهدف إلى حمل المعتدي على الاعتراف بحق المدعي , وتهدف إلى إعادة الحق لصاحبه وتعويضه إن كان له مقتضى , وقد انقسم هذا الفريق إلى قسمين في تحديد الحق المشار إليه , القسم الأول يرى بان الحق هو حق ملكية على الزبائن , والقسم الثاني إن الحق يعتبر من الحقوق العامة للشخص , ولم يسلم هذا المذهب من النقد أيضا .
وهناك من يرى بأن الأساس القانون للدعوى هو استعمال الحرية المدنية بشكل مفرط , فهي دعوى مسئولية من نوع خاص, وهناك اتجاه ظهر حديثاً يرى بان دعوى المنافسة غير المشروعة تتجه شيئاً فشيئاً إلى اعتبارها دعوى اقتصادية .
وفي بعض القوانين في الدول العربية تؤسس دعوى المنافسة غير المشروعة على المسئولية التقصيرية , كما هو الحال في الأردن التي تؤسس الدعوى على المادة (256) من القانون المدني الأردني الخاصة بالمسئولية التقصيرية .
وفي جمهورية مصر العربية تؤسس الدعوى على أساس المادة (163) من القانون المدني المصري أي على المسئولية التقصيرية , حيث قضت محكمة النقض المصرية بـ ” …. كانت المنافسة التجارية غير المشروعة تعد فعلا تقصيريا يستوجب مسئوليه فاعلة عن تعويض الضرر المترتب عملا بالمادة 163 من القانون المدني …. ” .
وفي لبنان هناك اتجاهين في القضاء اللبناني الأول يؤسسها على المسئولية التقصيرية , والاتجاه الأخر على أساس أنها نوع خاص من المسئولية , وفي الكويت فإن الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة هي المسئولية المدنية التقصيرية , وهذا ما أكدته محكمة التمييز الكويتية حين قالت ” إن المنافسة غير المشروعة لا تعدو أن تكون صورة من صور الخطأ التقصيري الذي يستوجب مسئولية فاعله …… إن ما أتاه الطاعن وإن لم يرق إلى درجة تقليد لمصنفات المطعون ضده ,طبقاً لأحكام قانون التجارة السابق , إلا أنه بما انطوى عليه من اعتداء على حقوق هذا الأخير في استغلال مصنفاته التي يملك دون غيره حق طبعها وتوزيعها داخل الكويت يعد منافسة غير مشروعة لمخالفته للقانون والعادات والشرف والأمانة في المعاملات , وهو من ثم يشكل في حقه خطأ مدنياً يستوجب مسؤوليته عن تعويض الضرر الناشئ عنه ” .
وفي حكم آخر قضت محكمة الاستئناف العليا ( دائرة التمييز) بـ : ” المقرر أن المنافسة التجارية غير المشروعة تعتبر فعلاً تقصيرياً يستوجب مسئولية فاعله عن تعويض الضرر المترتب عليه عملاً بالمادة (227) من القانون المدني , واستخلاص الخطأ الموجب للمسئولية مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع , بغير معقب , مادام استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بأوراق الدعوى ….. ” .
وفي حكم آخر أيضا ” المنافسة غير المشروعة ومنها تقليد علامة تجارية لعلامة أخرى تحكمها القواعد المنظمة للعمل غير المشروع الواردة في القانون المدني باعتبارها من صور المسئولية التقصيرية التي يلزم لتحققها توافر أركان هذه المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببية … ” .
المطلب الثاني : شروط دعوى المنافسة غير المشروعة :
بعد استعراض الاتجاهات الفقهية للأساس القانون لدعوى المنافسة غير المشروعة , مع معرفة الأنظمة القانونية القوانين في بعض الدول العربية , وبعد تأسيس دعوى المنافسة غير المشروعة في الكويت على أساس المسئولية التقصيرية , فإن شروط دعوى المنافسة غير المشروعة هي ذات شروط المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية , إلا أنه نظراً للطبيعة الخاصة بدعوى المنافسة غير المشروعة لا بد من توفر شرط أولي هو قيام حالة المنافسة .
وعليه سوف يكون الفرع الأول لقيام حالة المنافسة , والفرع الثاني للخطأ , والفرع الثالث للضرر , أما الفرع الرابع والأخير فيكون لرابطة السببية بين الخطأ والضرر.
الفرع الأول : قيام حالة المنافسة :
يشترط لمباشرة دعوى المنافسة غير المشروعة وجود حالة منافسة بين تجارتين متماثلتين أو متشابهتين , ولا يشترط أن تكون بين تاجرين , كالمنافسة بين شخصين يتاجرين في الملابس الجاهزة أو الجلود , فإذا قام احدهم بعمل من أعمال المنافسة غير المشروعة , فإن التاجر المضرور يستطيع الرجوع على التاجر المعتدي بدعوى المنافسة غير المشروعة .
ويختلف الأمر إذا حدث بين تجارتين مختلفتين , فلو قام شخص يتاجر بالجلود بعمل من أعمال المنافسة غير المشروعة للإضرار بشخص يتاجر بالمواد الغذائية مثلاً , فإن التاجر المضرور لا يستطيع الرجوع على التاجر المعتدي بدعوى المنافسة غير المشروعة , ولكنه يستطيع الرجوع بموجب دعوى المسئولية التقصيرية على أساس الفعل الضار الذي لحقه , والحال كذلك فيما إذا كان الفعل صادر من شخص ليس بتاجر .
ولا يشترط التطابق والتماثل التام بين تجارتين , وإنما يكتفا بوجود تشابه , فإن كان هناك شخص يتاجر بالملابس الجاهزة ويبيع من ضمنها أحذية , فإنه يستطيع الرجوع بدعوى المنافسة غير المشروعة على تاجر يبيع الأحذية فقط .
الفرع الثاني : الخطأ ( أعمال المنافسة غير المشروعة ) :
لم يضع المقنن الكويتي تعريفاً بصورة عامة للخطأ , وإنما استقر الفقه والقضاء على تعريفه بأنه ( إخلال بواجب قانوني مقترن بإدراك المخل إياه ) , ويستفاد من ذلك بأن للخطأ عنصرين , أولهما موضوعي يتمثل في إخلال المخطئ بواجب قانوني , والآخر شخصي يتجسد في ضرورة أن يكون المخطئ مدركاً أنه بفعله قد أخل بالواجب القانوني .
ولكن للخطأ في دعوى المنافسة غير المشروعة معنى خاص , بحيث يشترط وجود حالة منافسة تسبقه , أي يحدث الخطأ سواء كان بسوء نية أو بغير ذلك أو كان نتيجة إهمال بحقيقة ما يقوم به من عمل اثر على نشاط التاجر المنافس .
وأن كان يتطلب لوقوع الضرر بصورة عامه توفر الإخلال بواجب قانوني , فإن الإخلال بدعوى المنافسة غير المشروعة هو إخلال بواجب الصدق والأمانة والشرف والنزاهة في التعاملات التجارية , إلى جانب الإخلال بالعادات والأصول المرعية في المعاملات التجارية في دولة الكويت , وهذا ما أكدته محكمة التمييز الكويتية حين قالت ” إن المنافسة غير المشروعة لا تعدو أن تكون صورة من صور الخطأ التقصيري الذي يستوجب مسئولية فاعله …… إن ما أتاه الطاعن وإن لم يرق إلى درجة تقليد لمصنفات المطعون ضده ,طبقاً لأحكام قانون التجارة السابق , إلا أنه بما انطوى عليه من اعتداء على حقوق هذا الأخير في استغلال مصنفاته التي يملك دون غيره حق طبعها وتوزيعها داخل الكويت يعد منافسة غير مشروعة لمخالفته للقانون والعادات والشرف والأمانة في المعاملات , وهو من ثم يشكل في حقه خطأ مدنياً يستوجب مسؤوليته عن تعويض الضرر الناشئ عنه ” .
الفرع الثالث : الضرر :
تقضي المادة (227) من القانون المدني الكويتي بـ (1- كل من احدث بفعله الخاطئ ضرراً بغيره يلتزم بتعويضه , سواء أكان في إحداثه الضرر مباشراً أم متسبباً .
2- ويلتزم الشخص بتعويض الضرر الناشئ عن فعله الخاطئ ولو كان غير مميز) , ويعد ( الضرر ركناً أساسيا في المسئولية التقصيرية إلى جان الخطأ ورابطة السببية , بل هو الركن الجوهري لها , وأهميته تفوق أهمية الخطأ فإذا أمكن في بعض الحالات لهذه المسئولية أن تقوم بغير خطأ , فلا يتصور أبدا وجودها بلا ضرر ) .
ويكفي لمباشرة دعوى المنافسة غير المشروعة , أن يكون الضرر المراد درئه احتمالياً , إذا لا يشترط في الغالب أن يكون ضرراً محققاً , ولا يشترط أيضا أن يكون الضرر جسيماً , فيستطيع المضرور رفع الدعوى ولو كان الخطأ يسيراً , ويستوي أن يكون الضرر مادياً أو أدبياً كالاعتداء على سمعة التاجر , حيث نصت المادة (231) من القانون المدني على ( 1- يتناول التعويض عن العمل غير المشروع الضرر ولو كان أدبيا ……… ) .
مع ملاحظة أن المحكمة لا تقضي بالتعويض إلا إذا كان الضرر محققاً بالفعل في الحالات التي يتطلب بها تحقق وقوع الضرر , أما إذا كان الضرر احتمالياً فإن المحكمة تكتفي باتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع وقوع الضرر مستقبلاً , وهذا ما قضت به المحكمة الكلية في أحد أحكامها ” للقاضي أن يحكم بالإجراءات الوقائية فيقضي بالكف عن الاستمرار في أعمال المنافسة أو يأمر بغرامة تهديديه , وللتاجر صاحب المصلحة أيضا أن يلجأ للقضاء المستعجل لاتخاذ إجراء وقتي غايته وقف أعمال المنافسة غير المشروعة بالنسبة للمستعجل , الأمر الذي ترى فيه المحكمة بصفتها محكمة أمور مستعجلة بما لها من سلطة الهيمنة على سير الدعوى وتوجيهها وتحوير طلبات المدعي إلى طلب الحكم بوقف طرح تلك البضاعة مشترى المدعي عليه من الشركة البائعة بمنطقة وكالة المدعي ” .
ويلتزم المسئول عن العمل غير المشروع بتعويض المضرور عن الخسارة التي لحقه به وما فاته من كسب طالما كان ذلك نتيجة طبيعية للعمل غير المشروع , وهذا ما قررته المادة (230) من القانون المدني الكويتي .
الفرع الرابع : رابطة السببية :
تقضي القواعد العامة بتوفر رابطة السببية بين الخطأ والضرر لقيام المسئولية عن العمل غير المشروع , ولذلك يستطيع المدعى عليه أن يدفع عن نفسه المسئولية بإثبات أن الضرر الذي لحق المدعي ليس له علاقة بالخطأ الذي صدر منه , كأن يثبت بأن الضرر حدث نتيجة لسبب أجنبي لا يد له فيه , أو نتيجة لقوة قاهرة أو حادث مفاجئ أو نتيجة خطأ المضرور نفسه , وهذا هو ما نصت عليه المادة (233) من القانون المدني .
ويقع عبئ إثبات رابطة السببية بين الخطأ والضرر على عاتق المدعي حتى تقبل دعواه , مع ملاحظة أن إثبات رابطة السببية في دعوى المنافسة غير المشروعة تتصف بصعوبة كبيرة في إثباتها , وخاصة في الحالات التي يكون فيها الخطأ محتملاً , ولذلك فإن القضاء يتساهل في إثبات رابطة السببية في مثل هذه الحالات .
المطلب الثالث : المسئولية الناشئة عن أعمال المنافسة غير المشروعة :
تثير أعمال المنافسة غير المشروعة عند قيامها وتحقق شروطها , مسئولية مدنية تتمثل بالمسئولية التقصيرية , إلى جانب إثارتها في بعض الحالات لمسئولية جنائية يسأل عنها المعتدي .
وعلى سوف نخصص – إن شاء الله تعالى – الفرع الأول للمسئولية المدنية الناشئة عن أعمال المنافسة غير المشروعة , والفرع الثاني سيكون للمسئولية الجنائية لتلك الأعمال .
الفرع الأول : المسئولية المدنية الناشئة عن أعمال المنافسة غير المشروعة :
قيام المسئولية المدنية على أساس المسئولية التقصيرية تعني التزام المعتدي بتعويض المضرور , حيث نصت المادة (227) من القانون المدني الكويتي (1- كل من احدث بفعله الخاطئ ضرراً بغيره يلتزم بتعويضه , سواء أكان في إحداثه الضرر مباشراً أم متسبباً ) .
ويلتزم المسئول عن العمل غير المشروع بتعويض المضرور عن الخسارة التي لحقه به وما فاته من كسب , طالما كان ذلك نتيجة طبيعية للعمل غير المشروع , وهذا ما قررته المادة (230) من القانون المدني الكويتي .
ويشمل التعويض الذي يلتزم به المعتدي الضرر المادي والضرر الأدبي , فقد نصت المادة (231) من القانون المدني على ( 1- يتناول التعويض عن العمل غير المشروع الضرر ولو كان أدبيا ……… )
وقد كان القانون الكويتي واضحاً بشأن إلزام المعتدي بتعويض المضرور , وذلك في المواد التي ذكر فيها أعمال المنافسة غير المشروعة , وهذه النصوص هي :
نصت المادة (55) من قانون التجارة الكويتي على ( 1- إذا استعمل العنوان التجاري غير صاحبه أو استعمله صاحبه على صورة تخالف القانون جاز لذوي الشأن أن يطلبوا منع استعماله ولهم أن يطلبوا شطبه إذا كان مقيداً في السجل التجاري ويجوز لهم الرجوع بالتعويض إن كان له مقتضى .
2- وتسري هذه الأحكام على العلامات والبيانات التجارية على الوجه المبين في هذا القانون ) .
ونصت المادة ( 56 ) من قانون التجارة الكويتي على أنه ( لا يجوز للتاجر أن يلجأ إلى طريق التدليس والغش في تصريف بضاعته وليس له أن ينشر بيانات كاذبة من شأنها أن تضر بمصلحة تاجر آخر يزاحمه وإلا كان مسئولاً عن التعويض ) .
ونصت المادة ( 57 ) من قانون التجارة الكويتي بأنه ( لا يجوز للتاجر أن يذيع أموراً مغايرة للحقيقة تتعلق بمنشأ بضاعته أو أوصافها أو تتعلق بأهمية تجارته , ولا أن يعلق خلافاً للواقع أنه حائز لمرتبه أو شهادة أو مكافأة , ولا أن يلجأ إلى أية طريقة أخرى تنطوي على التضليل قاصداً بذلك أن ينتزع عملاء تاجر يزاحمه إلا كان مسئولا عن التعويض ) .
ونصت المادة (58) من قانون التجارة الكويتي ( لا يجوز للتاجر أن يغري عمال تاجر آخر أو مستخدميه ليعاونوه على انتزاع عملاء هذا التاجر أو ليخرجوا من خدمة هذا التاجر ويدخلوا في خدمته ويطلعوه على أسرار مزاحمه وتعتبر هذه الأعمال مزاحمة غير مشروعة تستوجب التعويض ) .
ونصت المادة (59) من قانون التجارة الكويتي على ( إذا أعطى التاجر لمستخدم أو عامل سابق شهادة مغايرة للحقيقة بحسن السلوك وضللت هذه الشهادة تاجر آخر حسن النية فأوقعت به ضرراً جاز بحسب الأحوال وتبعاًُ للظروف أن يرجع التاجر الآخر على التاجر الأول بتعويض مناسب ) .
والمادة (60) من قانون التجارة الكويتي ( من كانت حرفته تزويد البيوت التجارية بالمعلومات عن أحوال التجار وأعطى بيانات مغايرة للحقيقة عن سلوك احد التجار أو وضعه المالي وكان ذلك قصداً أو تقصير جسيم كان مسئولا عن تعويض الضرر الذي ينجم عن خطئه ) .
الفرع الثاني : المسئولية الجنائية الناشئة عن أعمال المنافسة غير المشروعة:
نصت المادة (60مكررا-هـ-) من قانون التجارة على ( يعاقب على مخالفة أحكام المادة 60مكررا بالغرامة التي لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد عن ثلاثة أضعاف العائد الذي حصل عليه التاجر من الجريمة .
ويضاعف الحد الأقصى لهذه العقوبة إذا أدت الأعمال المنصوص عليها في المادة المشار إليها في الفقرة السابقة إلى مركز احتكاري , كما يجوز للمحكمة أن تقضي بإغلاق المنشأة لمدة لا تزيد عن سنة واحدة .
وتختص النيابة العامة دون غيرها بالتحقيق والتصرف والادعاء في هذه الجرائم والجرائم المرتبطة بها . )
وقد فرق القانون عند تقدير للعقوبة بين حالتين , الحالة الأولى هي في حال القيام بأفعال المنافسة غير المشروعة المنصوص عليها في المادة (60مكررا) , والحالة الثاني في حالة وصول الشخص من خلال تلك الأفعال إلى مركز احتكاري , حيث تشدد في الحالة الثانية نظراً لخطورة ذلك الأمر .
والملاحظ أن القانون الكويتي قرر تلك العقوبة بالنسبة للأفعال التي نص عليها في المادة (60مكررا) , في حين أن هناك أفعال منافسة غير مشروعة في المواد (55,56,57,58,59,60) من قانون التجارة لم يخضعها لحكم نص تلك المادة , وإن كانت المادة (60مكررا) تستوعب بعض تلك الحالات .
مع ملاحظة جعل القانون تلك الجرائم من اختصاص النيابة العامة ومن شأن ذلك توسيع اختصاصات النيابة العامة , وتأكيداً من المقنن على أن الأصل في مباشرة الدعوى العمومية للنيابة العامة , إلى جانب وضوح الثقة التي يكنها المقنن للنيابة العامة , الأمر الذي يستلزم منا العمل على أن تبقى دائماً النيابة العامة عند حسن الظن وذلك من خلال الإطلاع والعمل المستمرين.
وهناك بعض الحالات لم تشملها المادة السابقة , توجد بعض النصوص القانونية التي يمكن تطبيقها على أعمال المنافسة غير المشروعة .
فقد جرم المقنن كل تعدي على براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية , من وقت منح براءة الاختراع وقيدها في السجل المعد لهذا الغرض , حيث نصت المادة (41) من القانون رقم 4لسنة1962م بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة دنانير ولا تزيد على مائتين وخمسة وعشرون ديناراً أو بإحدى هاتين العقوبتين :
1- كل من قلد موضوع اختراع منحت عنه براءة وفقاً لهذا القانون .
2- كل من قلد موضوع نموذج صناعي تم تسجيله وفقاً لهذا القانون .
3- كل من باع أو عرض للبيع أو التداول أو أستورد من الخارج أو حاز بقصد الاتجار منتجات مقلدة أو مواد عليها رسم أو نموذج صناعي مقلد مع علمه بذلك متى كان الاختراع أو الرسم أو النموذج مسجلاً في الكويت .
4- كل من وضع بغير حق على المنتجات أو الإعلانات أو العلامات التجارية أو أدوات التعبئة أو غير ذلك بيانات تؤدي إلى الاعتقاد بحصوله على براءة اختراع أو تسجيله رسماً أو نموذجاً صناعياً ) .
ومن الملاحظ أن العقوبة متمثلة بالغرامة وضعت في أوضاع اقتصادية تختلف الأوضاع التي نعيشها في وقتنا الحالي وعلى المشرع التدخل هنا حتى يعدل من الأمر لعجل العقوبة في تناسب مع الجريمة .
وتنص المادة (93) من قانون التجارة على 1(- يجوز لمالك العلامة في أي وقت ولو كان ذلك قبل رفع أية دعوى، أن يستصدر، بناء على عريضة مشفوعة بشهادة رسمية دالة على تسجيل العلامة، أمرا من القاضي المختص باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة، وعلى الأخص حجز الآلات آو آية أدوات تستخدم أو تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة وكذا المنتجات أو البضائع وعناوين المحال أو الأغلفة أو الأوراق أو غيرها مما تكون وضعت عليها علامة أو البيانات موضوع الجريمة. 2- ويجوز إجراء هذا الحجز عند استيراد البضائع من الخارج . 3- ويجوز أن يشمل الأمر الصادر من القاضي ندب خبير أو أكثر لمعاونة القائم بالحجز على عمله وإلزام الطالب بتقديم كفالة ) .
وتنص المادة (95) من قانون التجارة على (1- يجوز للمحكمة في أية دعوى أن تقضي بمصادرة الأشياء المحجوزة أو التي تحتجزها فيما بعد،لاستنزال ثمنها من التعويضات أو الغرامات، أو للتصرف فيها بأية طريقة أخرى تراها المحكمة مناسبة. 2- ويجوز لها كذلك أن تأمر بإتلاف العلامات غير القانونية، وان تأمر عند الاقتضاء بإتلاف المنتجات والأغلفة ومعدات الحزم وعناوين المحل والكتالوجات وغيرها من الأشياء التي تحمل هذه العلامات وتحمل بيانات غير قانونية، وكذالك إتلاف الآلات والأدوات التي استعملت بصفة خاصة في عملية التزوير، ولها أن تأمر بكل ما سبق حتى في حالة الحكم بالبراءة . 3- ويجوز للمحكمة أن تأمر بنشر الحكم في الجريدة الرسمية على نفقة المحكوم عليه ) .
وبذلك قد استعرضت المسئولية الجنائية لأفعال المنافسة غير المشروعة , ومن قبلها تعرضنا للمسئولية المدنية التي تثيرها أفعال المنافسة غير المشروعة في القانون الكويتي .
المطلب الرابع : تجارية دعوى المنافسة غير المشروعة :
إذا توفرت أركان دعوى المنافسة غير المشروعة وشروطها تقضي المحكمة بقبولها , ومن ثم تقوم بنظرها والفصل فيها , والدائرة المختصة بنظر الدعوى هي الدائرة التجارية بالمحكمة الكلية أو الجزئية إذا كان مبلغ التعويض يدخل في نصاب المحكمة , والاختصاص ينعقد للدائرة التجارية باعتبار أن النزاع ينشأ بين تاجرين , وتتعلق بالأعمال ( التي يقوم بها التاجر لحاجات تجارية ) كما نصت المادة (8) من قانون التجارة الكويتي , وغالباً ما تتعلق دعوى المنافسة غير المشروعة بأعمال تجارية أصلية أو أعمال تجارية بالتبعية , وخاصة التبعية الشخصية .
كما أن ( الأصل في عقود التاجر والتزاماته أن تكون تجارية , إلا إذا اثبت تعلق هذه العقود والالتزامات بمعاملات مدنية ) وهو ما نصت عليه المادة (8) من قانون التجارة الكويتي .
وعليه يكون القانون الواجب التطبيق هو قانون التجارة الذي ( تسري أحكامه على التجار وعلى جميع الأعمال التجارية التي يقوم بها أي شخص ولو كان غير تاجر ) كما نصت المادة (2) والمادة (96) من قانون التجارة .
ويستوي أن تتحقق المسئولية لشخص اعتباري أو شخص طبيعي , وإذا تعدد المعتدين للمضرور الرجوع عليهم مجتمعين أو منفردين , ولا يمنع مطالبة أحدهم من مطالبة الآخرين كما جاء بالمادة (346) من القانون المدني , ولا يجوز لمرتكب الفعل ( أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة بغيره من المدينين ولكن يجوز له أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة بنفسه بالأوجه المشتركة بين المدينين جميعاً ) وهو ما قررته المادة (346) من القانون المدني الكويتي .
الفصل الثاني : الاحتكار والأفعال الاحتكارية :
تمهيد وتقسيم :
صدر قانون التجارة رقم68 لسنة1980م ولم يتضمن تنظيماً قانونياً للاحتكار , مما نتج عنه ظهور قصور تشريعي كبير في هذا الجانب , وخاصة في ظل حرية المنافسة وما ينتج عنها من ممارسات , الأمر الذي دفع المقنن الكويتي للتدخل وتنظيم الاحتكار بإصدار القانون رقم13 لسنة1996م بإضافة مواد جديدة القانون التجارة في شأن المنافسة غير المشروعة والاحتكار .
ولم يحظر القانون الكويتي الاحتكار في ذاته , لأنه قد تؤدي إليه حرية المنافسة من خلال تفوق التاجر على منافسيه باستخدام وسائل مشروعة , وإنما قام القانون الكويتي بحظر إساءة استغلال المركز الاحتكاري , وحظر الوصول إلى مركز احتكاري من خلال أعمال المنافسة غير المشروعة .
وهنا يظهر لنا جانب آخر من الترابط بين أعمال المنافسة غير المشروعة والاحتكار , وهذا جانب آخر جعلني أتناول الاحتكار إلى جانب المنافسة غير المشروعة في هذا البحث المتواضع , وسوف يتضح لنا الترابط الكبير بين القانون والاقتصاد .
وللاحتكار أنواع عدة , فهناك الاحتكار القانوني الذي يستند إلى نص قانوني , كما نصت عليه المادة (153) من الدستور الكويتي ( كل احتكار لا يمنح إلا بقانون وإلى زمن محدود ) , وهذه المادة تتعلق بالاحتكار القانوني الذي يكون موضوعه الالتزام باستثمار مورد من الموارد الطبيعية أو مرفق من المرافق العامة .
وهناك نوع آخر للاحتكار هو الاحتكار الطبيعي , بحيث لا يستطيع السوق استيعاب أكثر من تاجر , كما هو الحال بالنسبة لسوق سكك الحديد , والنوع الثالث والأخير للاحتكار هو الاحتكار الفعلي وهو ما يتوصل إليه التاجر من خلال المنافسة المشروعة وانصراف العملاء إليه .
ومن يتمتع بمركز احتكاري قد يقوم بأفعال تشكل إساءة لاستغلال ذلك المركز الاحتكاري الذي يتمتع به المحتكر , وهو ما يطلق عليه إساءة استغلال المركز الاحتكاري , ويطلق عليه أيضا الأفعال الاحتكارية .
وقد تناول المقنن الكويتي في الاحتكار والأفعال الاحتكارية في المواد (60مكررا-ب-) و (60مكررا-ج- ) , وحدد مسئولية المحتكر عن أفعاله الاحتكارية في المادة (60مكررا-د-) , وعليه سوف نتناول في المبحث الأول المركز الاحتكاري ومفهومه في القانون الكويتي , والمبحث الثاني لإساءة استغلال المركز الاحتكاري أي الأفعال الاحتكارية .
المبحث الأول : مفهوم المركز الاحتكاري في القانون الكويتي :
قبل صدور القانون رقم 13لسنة 1996م لم يتصدى المقنن الكويتي للاحتكار إلا وهو بصدد تنظيمه لعقود الإذعان , وترك للقضاء والفقه القانوني الوضعي مهمة وضع شروط عقد الإذعان .
علماً بأن الفقه والقضاء يستلزم لقيام عقد الإذعان احتكار التاجر لسلعة أو خدمة تعتبر من الضروريات بالنسبة للعملاء , احتكاراً قانونياً أو فعلياً أو على الأقل السيطرة سيطرة تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق .
وقبل التعرض للمعيار الذي وضعه المقنن الكويتي للمركز الاحتكاري , يحسن بنا التعرض للمعايير السابقة التي تم الأخذ بها قضاءاً وفقهاً , فهناك المعيار العددي الذي يرى أن الوقوف على مدى تحقق المركز الاحتكاري يكون بالنظر إلى عدد البائعين , إذ كلما قل العدد رجح قيام الاحتكار , فعندما يوجد بائع واحد نكون بصدد احتكار بحت , وكلما زاد عدد البائعين كلما اقتربنا أكثر من المنافسة الكاملة , ويعاب على هذا المعيار أنه لا يهتم بدرجة مرونة المنتج بحث قد يوجد بائع واحد لمنتج معين ولكن توجد منتجات بديلة .
وهناك معيار نسبة العرض الكلي للمنتج في السوق ( الحصة السوقية ) , فالاحتكار يقوم في كون الحصة السوقية كبيرة , فكلما زادت الحصة كلما زادت احتمالية وجود احتكار .
أما المعيار الثالث فهو معيار الفرق بين الثمن والنفقة الحدية , فكلما عظم الفارق بين ثمن المنتج والنفقة الحدية كلما كانت درجة الاحتكار كبيرة , أي يعول على نسبة الأرباح التي يحققها التاجر .
وسوف نستعرض في هذا المبحث معيار المركز الاحتكاري في القانون الكويتي , وذلك في المطلب الأول , وتكون سوق المنتجات البديلة هي موضوع المطلب الثاني , والتي نستطيع من خلالها الاستدلال على مرونة العرض والطلب , إلى جانب معرفة السوق الجغرافية كما سيتم توضيح دورها لاحقاً – إن شاء الله تعالى-.
المطلب الأول : معيار المركز الاحتكاري في القانون الكويتي :
نصت المادة (60مكررا-ب-) على ( يكون التاجر في مركز احتكاري إذا أصبحت لديه القدرة على التحكم في أسعار السلع والخدمات ) , وقد تضمنت المذكرة الإيضاحية لهذه المادة بياناً واضحاً قائلة فيه ( وضع المشروع معيار المركز الاحتكاري قوامه مقدرة التاجر على التحكم في أسعار السلع والخدمات , وبهذا تجنب المشروع الخلاف الدائر حول تعريف المحتكر , وتفادى التعريف القائم على بيان الحصص في ظل نظام قانوني لا يفرض ضرائب على نشاط التجار , ومن أمثلة الحالات التي يكون فيه التاجر محتكرا , إذا لم يكن له منافس أو كان يتعرض إلى منافسة غير جوهرية أو محدودة النطاق , أو إذا لم تكن بين مجموعة من التجار منافسة جوهرية في سوق شراء أو بيع بضاعة أو خدمة , أو إذا أصبح لدى التاجر حصة في السوق تفوق منافسيه بدرجة كبيرة , ما لم يثبت أنه لا يستطيع التحكم في الأسعار أو تفادي المنافسة , ويدخل في تقدير ذلك مقدرته المالية , ووصوله إلى أسواق البيع أو الشراء , واتصاله بالشركات الأخرى ومقدرته التفاوضية , وعوائق دخول تجار آخرين منافسين في السوق ) .
وبذلك تكون المذكرة الإيضاحية قد تكفلت ببيان معيار المركز الاحتكاري بشكل واضح وجلي , مع ملاحظة أن المقنن الكويتي أخذ بالمنهج القضائي التقديري عند وضعه للمعيار, وحسناً فعل عندما ترك المجال واسعاً أمام القضاء لتحديد مدى توفر القدرة على التحكم في أسعار السلع والخدمات , نظراً لما تتسم به الحياة الاقتصادية من تطور وتبدل مستمرين .
فالمعيار هو المقدرة على التحكم في أسعار السلع والخدمات , مع ضرورة التنبيه على أن أصل المشروع بقانون المعد من قبل اللجنة الفرعية الخاصة في مجلس الأمة لم يكن بهذه الصياغة , إذ أن الصياغة تختلف من ناحيتين : الناحية الأولى كان مشروع القانون ينص على المقدرة على تفادي المنافسة في تحديده لمعيار المركز الاحتكاري , والناحية الثانية أن المشروع كان ينص على القدرة على التحكم في أسعار السلع ( أو ) الخدمات , وليس السلع ( و ) الخدمات كما هو الحال في القانون الحالي.
وقد ضيق المقنن من مفهوم المركز الاحتكاري عندما نص على القدرة على التحكم بأسعار السلع والخدمات , ولم يشمل المفهوم على القدرة على تفادي المنافسة.
إلى جانب تضيقه عندما تطلب القدرة على التحكم في أسعار السلع والخدمات , ولم يجعلها التحكم في أسعار السلع أو الخدمات , ولا يتصور أن تكون من قبيل الأخطاء المادية , الأمر الذي كان من شأنه أثارة هذه الصياغة للعديد من التساؤلات , فهل يتطلب المقنن لإضفاء صفة المحتكر أن يتعامل التاجر في السلع والخدمات ؟ ومن البديهي أن يكون الجواب : بـ لا , لان التاجر يكون بمركز احتكاري حتى ولو كان يتاجر بسلعة معينة أو خدمة معينه , والسؤال الآخر : هل المقنن يوجب حتى يكون التاجر في مركز احتكاري أن يكون محتكر في مجال سلعة وخدمة ما بعد البيع ؟ والجواب أيضا : بـ لا , لان الأخذ بهذا القول يعني بأن المقنن لا يرى تحقق المركز الاحتكاري إلا في مجال السلع والخدمات دون الخدمات المستقلة , وهذه النظرة تتنافى مع علة إصدار القانون , والمتمثلة في تضمين السلع والخدمات تلافياً لمآخذ المرسوم بقانون رقم 10لسنة1979م في شأن الإشراف على الاتجار بالسلع وتحديد أسعارها الذي يشمل السلع دون الخدمات, ” وعلى ذلك فلابد من تفسير المعيار على أن المقدرة لدى التاجر على التحكم في الأسعار تشمل إما السلع وإما الخدمات , وإما كليهما من باب أولى ” .
والسؤال الأخير : متى يكون بمقدرة التاجر التحكم في الأسعار ؟ والإجابة تتمثل في الحالة التي يكون بها التاجر ليس له منافس كما هو الحال في الاحتكار القانوني أو الطبيعي , أو كانت له منافسة محدودة النطاق أو غير فعالة أو غير جوهرية , كما هو الحال في السوق الذي يضم عدداً قليلاً من التجار .
واهم التطبيقات القضائية بشأن مفهوم الاحتكار هو حكم محكمة الاستئناف العليا في الكويت , في دعوى ضد شركة الهواتف المتنقلة , فقد قررت المحكمة عدم تكييف العقد المبرم بين الشركة المدعى عليها وبين احد المشتركين في خدمة الهاتف النقال بأنه من قبيل عقود الإذعان , لان الشركة لا تتمتع باحتكار , مستندة على أن الخدمة ليست من الضروريات التي لا غنى للناس عنها , وان المرسوم الصادر بتأسيس الشركة لم يمنحها حق احتكار الخدمة , وعلى هذا الحكم عدة ملاحظات تتمثل في أن الخدمة التي تقدمها شركة الهواتف المتنقلة وإن لم تكن من الضروريات , إلا أنه لا يتطلب توفر تلك الصفة لإضفاء صفة المحتكر , أما الاستناد إلى المرسوم بتأسيس الشركة بأنه لم يمنحها حق احتكار الخدمة , فهذا لا يمنع من تحقق احتكار فعلي للخدمة , علماً بأن الحكومة رفض في السابق طلبات عديدة لتأسيس شركات للهواتف المتنقلة سابقاً .
ومن المؤشرات الدالة على تحقق المركز الاحتكاري ما ذكر في المذكرة الإيضاحية , منها إذا لم يكن له منافس أو كان يتعرض إلى منافسة غير جوهرية أو محدودة النطاق , أو إذا لم تكن بين مجموعة من التجار منافسة جوهرية في سوق شراء أو بيع بضاعة أو خدمة , أو إذا أصبح لدى التاجر حصة في السوق تفوق منافسيه بدرجة كبيرة , ما لم يثبت أنه لا يستطيع التحكم في الأسعار أو تفادي المنافسة , ويدخل في تقدير ذلك مقدرته المالية , ووصوله إلى أسواق البيع أو الشراء , واتصاله بالشركات الأخرى ومقدرته التفاوضية , وعوائق دخول تجار آخرين منافسين في السوق .
المطلب الثاني : سوق المنتجات البديلة :
نقصد من وراء سوق المنتجات البديلة تعريف المنطقة التي يتمتع التاجر فيها بالمقدر على التحكم في أسعار السلع والخدمات إلى جانب معرفة مرونة المنتج , فلابد لمعرفة ذلك التطرق إلى السوق السلعي أو الخدمي , والتطرق لتحديد السوق الجغرافية التي يتمتع فيها التاجر بتلك القدرة .
والفائدة التي تعود علينا من خلال استعراض السوق السلعي أو الخدمي تتمثل في معرفة مدى توفر المنتجات البديلة أو المتشابهة بدرجة كافية , أي التي يقوم بعضها مقام بعض , أما فائدة السوق الجغرافية فأنها تفيد في معرفة الأسواق القريبة من تلك المنطقة .
وعليه سوف نستعرض في الفرع الأول السوق السلعي أو الخدمي , وفي الفرع الثاني نخصصه للسوق الجغرافية .
الفرع الأول : السوق السلعي أو الخدمي :
يقتضي معرفة مرونة سوق المنتجات البديلة , البحث عن مدى مرونة الطلب , إلى جانب معرفة مدى مرونة العرض .
ويعرف الاقتصاديين مرونة الطلب بأنها درجة استجابة الكمية المطلوبة لما يحدث من تغير في ثمنها , وتوجد طريقة حسابية يستدل منها على درجة مرونة الطلب على منتج معين تتمثل في :
مرونة الطلب = التغير النسبي في الكمية % التغير النسبي في الثمن
وتفترض هذه المعادلة الحسابية أن الزيادة في أثمان بعض المنتجات إما أن يؤدي إلى انخفاض الكمية المشتراه منها , أو إبقاء الكمية المشتراه كما هو قبل الزيادة في الأسعار , فإن لم تتغير الكمية كان السلعة غير مرنة وإن حدث انخفاض في الكمية نتيجة للتغير في السعر كانت السلعة أو المنتج مرن .
ولتوضيح ذلك , فلو افترضنا جدلاً أن ثمن الملح 100 فلس ويستهلك 100 كيلوغرام أسبوعيا , ثم ارتفع الثمن إلى 150 فلس وأصبح الاستهلاك 95 كيلوغرام أي قل الاستهلاك بنسبة 5% نتيجة ارتفاع الثمن , وتقضي القاعدة بأن إذا كان التغير في الطلب أكثر من 1% كانت السلعة مرنة , أما إن كان التغيير في الطلب اقل من 1% كانت السلعة غير مرنة , أما إذا كان التغير 1% صحيح فإن المرونة متكافئة .
وعليه فكلما كان المنتج غير مرن كان احتمال توفر الاحتكار اكبر , وكلما كان المنتج مرن كلما ضعف احتمال وجود الاحتكار .
وعلى القضاء عند البحث عن مدى توفر سوق للمنتجات البديلة أن يبحث عن مدى توفر مرونة الطلب , لمعرفة مدى إمكانية توفر منتجات بديلة يمكن اللجوء إليها , ففي دعوى الهواتف المتنقلة لم يتطرق الحكم لمرونة الطلب على الخدمة , لمعرفة مدى وجود منتجات بديلة يمكن اللجوء إليها , إلى جانب الخلط بين الاحتكار القانوني والاحتكار الفعلي .
أما مرونة العرض فتعني عند الاقتصاديين أن تغير السلعة في اتجاه معين يؤدي إلى تغير الكمية المعروضة في نفس الاتجاه , وعليه فإن تغيرت الكميات بشكل اكبر من التغير في السعر , كان عرض المنتج مرناً , أما إن كان التغير في الكميات المعروضة للبيع من المنتجات أقل من التغير في السعر كان عرض المنتج غير مرن .
والمعادلة الحسابية لمعرفة مرونة العرض هي:
مرونة العرض = التغير النسبي في الكمية المعروضة % التغير النسبي في الثمن
فإن كان حاصل النسبة 1% صحيح كانت المرونة متكافئة , وإن كان اقل من 1% كانت المنتج غير مرن , أما إذا زاد عن 1% كان المنتج مرناً .
وتعني مرونة العرض مدى إمكانية تجار آخرين في تحويل خطوط إنتاجهم عندما تتغير أسعار منتج معين في السوق نحو ذلك المنتج , والمرونة المطلوبة هنا هي على المدى القريب ولا تتطلب على المدى البعيد فقط .
الفرع الثاني : السوق الجغرافية :
وهذا الموضوع هو الشق الآخر لمعرفة سوق المنتجات البديلة , حيث لابد من معرفة حدود السوق الجغرافية التي يمارس التاجر فيها عمله التجاري , ولابد أن تسود في هذه السوق ظروف اقتصادية متشابهة أو متماثلة .
وتظهر أهمية هذا الموضوع في الدول ذات المساحات الكبيرة , والدول التي تأخذ بأنظمة اتحادية , أو تربطها سوق اقتصادية واحدة , كما هو الحال في معرفة السوق الجغرافية في السوق الأوروبية المشتركة .
أما في الكويت فلا تثير السوق الجغرافية أية إشكاليات , لان الحدود الإقليمية لدولة الكويت هي السوق الجغرافية لتشابه الظروف الاقتصادية فيها .
المبحث الثاني : الأفعال الاحتكارية في القانون الكويتي والمسئولية الناشئة عنها:
القانون الكويتي لم يحظر الاحتكار لذاته , وإنما حظر إساءة استغلال المركز الاحتكاري , إلى جانب حظر الوصول إلى المركز الاحتكاري من خلال أعمال المنافسة غير المشروعة , وهذا ما أكدته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 13لسة1996م حين قالت (….. أما الاحتكار الفعلي الذي يتوصل إليه بعمل من أعمال المنافسة المشروعة فهو عمل مشروع لا غضاضة فيه ) .
والأفعال الاحتكارية محظورة على التاجر الذي يتمتع بمركز احتكاري , ولا يخضع لها التاجر العادي وإنما يسأل وفقاً لأعمال المنافسة غير المشروعة , فكل عمل غير مشروع محظور على التاجر العادي هو محظور على التاجر المحتكر , وهنا يتضح لنا وجه آخر من أوجه الترابط بين المنافسة غير المشروعة والاحتكار .
وقد وضع القانون نصوصاً عالج فيه مسئولية التاجر المحتكر عن الأفعال الاحتكارية , التي يسيء فيها استغلال مركزه الاحتكاري , بتقرير وتحديد المسئولية المدنية والمسئولية الجنائية .
وعليه فسوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين , الأول نخصصه لصور إساءة استغلال المركز الاحتكاري , والثاني يكون للمسئولية الناشئة عن إساءة استغلال المركز الاحتكاري متمثلة بالأفعال الاحتكارية .
المطلب الأول : صور إساءة استغلال المركز الاحتكاري :
لم يضع القانون الكويتي معيارا للأفعال التي تشكل إساءة لاستغلال للمركز الاحتكاري , وإنما ذكر صوراً لتلك الأفعال على سبيل المثال , وبذلك فتح الباب واسعاً أمام اجتهاد القضاء والفقه القانوني الوضعي .
وحتى نكون أمام فعل احتكاري أي يمثل الفعل إساءة في استغلال المركز الاحتكاري , لابد أن يتمتع التاجر بمركز احتكاري , أي تكون لديه القدرة في التحكم بأسعار السلع والخدمات , حتى نستطيع بعد ذلك بحث صفة ذلك الفعل ما إذا كان فعلاً احتكارياً أم لا .
وقد ذكر القانون الكويتي ثلاثة فقرات في المادة (60مكررا-جـ-) تمثل إساءة استغلال للمركز الاحتكاري , وقد ذكرت على سبيل المثال , وسف نتعرض لتلك الحالات مع الإشارة إلى ما تعرضت له المادة في متنها من حالات أخرى .
وعليه نخصص الفرع الأول لإعاقة المنافسة , والفرع الثاني لخفض المنتجات في السوق , والفرع الثالث للحصول على مقابل مرتفع للمنتجات , وتشكل جميع تلك الصور إساءة لاستغلال المركز الاحتكاري من قبل المحتكر .
الفرع الأول : إعاقة المنافسة :
مما لاشك فيه أنه ليس من مصلحة المحتكر وجود منافسة في السوق أو وجود نمو لها , لأنه يسعى إلى زيادة أرباحه , وفي سوق لا يتعرض فيه للمنافسة يكون التاجر متمتعاً بحياة هادئة لا أحد ينافسه داخل ذلك السوق , لذلك يسعى المحتكر على إعاقة المنافسة من خلال من تجار آخرين من دخول السوق للمنافسة , ومن العوائق الرئيسية في الكويت لإعاقة المنافسة الحصول على ترخيص لممارسة العمل التجاري , وعلى المقنن التدخل لتنظيم وعلاج ما يثيره هذا الموضوع من إشكاليات كثيرة وحتى يحقق للجميع الفرص المتساوية في الحصول على تلك التراخيص , ويعتبر هذا عائقاً من العوائق القانونية , وهناك عوائق غير قانونية أخرى يقوم بها المحتكر يهدف من ورائها إلى إعاقة المنافسة , كإلزام المحتكر عملائه التاجر بعقود زمنية طويلة , حتى لا يترك المجال للآخرين , أو كأن يستأثر بموجب عقود على كل المواد الأولية اللازمة للإنتاج .
وعليه يكون للمضرور المطالبة بكف المحتكر عن تلك الأفعال , إلى جانب حصوله على التعويض إن كان له مقتضى .
الفرع الثاني : خفض كمية المنتجات في السوق :
لا يستطيع المحتكر التحكم في الأسعار والكميات المعروضة في الوقت نفسه , فإما أن يزيد كمية المعروض وبالتالي ينخفض السعر , أو أن يخفض المعروض وبالتالي يرتفع السعر, والقاعدة تقضي بأنه كلما قل العرض زادت الأسعار , وكلما زاد العرض انخفضت الأسعار .
وقد يقوم المحتكر بزيادة المعروض لخفض السعر حتى يتمكن من البيع بكميات كبيرة , وهذا الأمر لا شك بأنه يعود بالفائدة عليه وعلى جمهور المستهلكين في ذات الوقت , ولا يحظر القانون هذا الفعل , ولا يشكل إساءة لاستغلال المركز الاحتكاري .
ولكن عندما يلجأ المحتكر إلى زيادة كمية المعروض لتحقيق أرباح هائلة لا تعكس القيمة الحقيقية للمنتج على حساب الآخرين , فإن هذا يشكل إساءة لاستغلال المركز الاحتكاري , وخاصة عندما يكون المنتج غير مرن .
ويشكل عدم التلاؤم بين المقابل الذي يتلقاه المحتكر وبين الخدمة التي يقدمها , عملاً من أعمال إساءة المحتكر لمركزه الاحتكاري , ومثال ذلك هو شراء خط هاتف نقال من محتكر مع تقديمه لخطوط اتصال رديئة وسيئة , لا تتناسب مع ما دفعه العميل من مبالغ طائلة في سبيل الحصول على تلك الخدمة .
ويدخل في تقدير ذلك , مقدار المقابل ودرجة سوء الخدمة , وحجم الأرباح التي يحققها المحتكر , ومدى توافر الأعمال التي من شأنها رفع كفاءة الخدمة , ومدى بذل المحتكر الجهد المطلوب من أجل تحسين الخدمة .
الفرع الثالث : الحصول على مقابل مرتفع للمنتجات :
عندما تكون درجة مرونة العرض والطلب منخفضة على المنتج فإن صاحب المركز الاحتكاري قد يلجأ إلى عرض المنتج بقدر الطلب , ثم يقوم بزيادة الأسعار إلى حد غير معقول من أجل جني اكبر درجة ممكنة من الأرباح , ويقوم المحتكر بذلك خاصة في الأسواق التي تعاني من عوائق دخول المنافسين , لان ارتفاع الأسعار يشجع على دخول السوق من قبل التجار الآخرين , ولكن تمنعهم تلك العوائق من الدخول للسوق .
ومسألة تقدير ارتفاع الأسعار مسألة موضوعية يستقل بها قاضي الموضوع , ويدخل في حساب ذلك الأرباح التي يحصل عليها المحتكر بالمقارنة مع تكاليف الإنتاج أو الشراء , ومقدار قيمة المنتج في الأسواق المقارنة .
وهناك صورة أخرى تشكل إساءة لاستغلال المركز الاحتكاري , هي تضمين العقود المبرمة مع الغير شروطاً تعسفية , وهي تلك الشروط التي لا تتفق مع الأعراف والعادات والأصول التجارية , وهي تلك الشروط التي ليس في مقدرة المحتكر إيرادها عند وجود منافسة فعالة في السوق من قبل تجار آخرين .
ويدعوا الدكتور أحمد الملحم ” إلى عدم التشديد في تكييف تلك الشروط التعسفية , نظراً إلى عدم التكافؤ في المقدرة التعاقدية بين المحتكر والمستهلك , وللحيلولة دون إساءة استغلال المركز المحتكر ” .
المطلب الثاني : المسئولية الناشة عن إساءة استغلال المركز الاحتكاري :
بعد أن تعرضنا لصور إساءة استغلال المركز الاحتكاري في القانوني الكويتي , وفي حالة تحققها تقوم المسئولية المقررة قانوناً بشأنها , وعليه لا بد من التعرض للمسئولية المقررة لها سواء كانت مسئولية مدنية أو جنائية .
وسوف نخصص – إن شاء الله تعالى – الفرع الأول من هذا المطلب للمسئولية المدنية , والفرع الثاني نخصصه للمسئولية الجنائية لإساءة استغلال المركز الاحتكاري من قبل المحتكر .
الفرع الأول : المسئولية المدنية :
تنص المادة (60مكررا- د-) على أنه ( إذا أساء التاجر المحتكر مركزه القانوني , كان للقاضي بناء على طلب المضرور الحكم بالتعويض أو تعديل الشروط التعسفية في العقد أو الإعفاء منها كلياً ) .
ومن الواضح أن المقنن الكويتي فرق بين حال كون الخطأ ( الفعل الاحتكاري ) يشكل خطأ عقدياً أو تقصيرياً , ففي حال كون الخطأ عقدياً يكون للمضرور طلب تعديل الشروط التعسفية أو الإعفاء منها كلياً , إلى جانب المطالبة بالتعويض إن كان له مقتضى .
أما إذا كان الخطأ يشكل خطأ تقصيرياً فإن للمضرور طلب التعويض إلى جانب الكف عن الإساءة لاستغلال المركز الاحتكاري فقط .
الفرع الثاني : المسئولية الجنائية :
لم يضع المقنن الكويتي عقوبة جنائية لإساءة استغلال المركز الاحتكاري , واكتفى بما قرره في هذا الصدد بشأن المسئولية المدنية , وقد جانب المقنن الصواب في ذلك , لان الإساءة في حد ذاتها تشكل عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة , ورغم ذلك لم يشملها يخضعها المقنن لنص المادة (60مكررا-هـ-) التي قررت عقوبة جنائية لأعمال المنافسة غير المشروعة .
إلى جانب ذلك فقد رصد المقنن الكويتي عقوبة جنائية لمن يصل إلى مركز احتكاري من خلال أعمال المنافسة غير المشروعة المنصوص عليها في المادة (60مكررا) , ولم يجعل أعمال إساءة استغلال المركز الاحتكاري خاضعة لنص تلك المادة .
وعلى المقنن التدخل في ذلك فإما أن يرصد عقوبة جنائية لإساءة استغلال المركز الاحتكاري , أو أن يخضع إساءة استغلال المركز الاحتكاري لنص المادة (60مكررا-هـ-) التي تقرر عقوبة جنائية لأعمال المنافسة غير المشروعة .
مع ملاحظة إمكانية تكييف الفقرة الثانية من المادة (60مكررا-جـ-) الخاصة بإساءة استغلال المركز الاحتكاري ( ……………….. 2- خفض كمية السلع أو الخدمات المعروضة من قبله في السوق أو تقديم خدمة لا تتلاءم مع حجم المقابل الذي يتلقاه . …….) , يمكن تكييفها على أساس المادة ( 2 ) من المرسوم بقانون رقم10لسنة 1979م بشأن الإشراف على الاتجار في أسعار السلع وتحديد أسعار بعضها , حيث حظرت خفض كمية السلع المعروضة لتحقيق ربح مصطنع , وقد نصت المادة (14) من القانون سالف الذكر على ( بالحبس لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن ثلاثة سنوات وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد عن عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين ) , مع ملاحظة أن النص يطبق على السلع دون أن يشمل الخدمات , علماً بأن النيابة العامة هي المختصة بالتحقيق والتصرف والادعاء بشأن القانون سالف الذكر , بموجب المادة (20) منه .
الخاتمة :
وبذلك نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا البحث المتواضع بفضل وتوفيق من الله العلي القدير , والذي استعرضت فيه موضوع المنافسة غير المشروعة والاحتكار في القانون الكويتي , وقد تم تقسيم البحث إلى فصلين الأول كان للمنافسة غير المشروعة , وتطرقنا فيه إلى تعريفها ومعيارها بشكل مقارن إلى جانب معرفة موقف القانون الكويتي , مع تمييز المنافسة غير المشروعة عن الأنظمة القريبة منها , ومن ثم تعرضنا لأعمال المنافسة غير المشروعة المنصوص عليها في القانون الكويتي , وفي ختام الفصل الأول تناولنا دعوى المنافسة غير المشروعة , والمسئولية التي تثيرها أعمال المنافسة غير المشروعة .
أما الفصل الثاني فكان لموضوع الاحتكار , حيث تناولنا فيه المركز الاحتكار ومفهوم المركز الاحتكاري في القانون الكويتي , إلى جانب الأفعال الاحتكارية التي تشكل إساءة لاستغلال المركز الاحتكاري , والمسئولية التي تثيرها سواء كانت مدنية أو جنائية .
وأهم ما توصلت إليه من خلال هذا البحث المتواضع من نتائج وتوصيات , تتمثل في :
حسناً فعل المقنن الكويتي عندما تدخل بالقانون رقم 13 لسنة 1996م بإضافة مواد جديدة إلى المرسوم بقانون رقم 68 لسنة 1980م بإصدار قانون التجارة , نظراً لما كسف عنه الواقع العملي من قصور تشريعي في تنظيم جانب من الحياة الاقتصادية .
وضع القانون الكويتي تعريفاً ومعياراً للمنافسة غير المشروعة , وهو كل عمل يقع عمدا من تاجر بالمخالفة للعادات والأصول المرعية في المعاملات التجارية في دولة الكويت , وبذلك ترك المجال واسعاً لاجتهاد القضاء في تحديد أعمال المنافسة غير المشروعة .
ذكر القانون الكويتي أعمال المنافسة غير المشروعة على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر , ومن شأن ذلك إعطاء مرونة لنصوص القانون ولاجتهادات القضاء , نظراً لما تشهده الحياة الاقتصادية من تطور وتجدد مستمرين .
لم يشترط القانون الكويتي سوء النية عند القيام بأعمال المنافسة غير المشروعة , وفي ذلك توسيعاً من قبل المقنن لنطاق تطبيق أعمال المنافسة غير المشروعة .
تتميز المنافسة غير المشروعة عن العديد من الأنظمة المشابهة لها . والتي تهدف إلى الحد من المنافسة , كالمنافسة الممنوعة بنص القانون أو بمقتضى العقد .
تعتبر المسئولية التقصيرية هي الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة , مع مراعاة ما تقتضيه تلك الدعوى من خصوصية في أحكامها , نظراً لما تطلبه القانون في بعض الحالات من احتماليه تحقق الضرر وتوفر حالة المنافسة .
وضع القانون مسئولية مدنية وجنائية لأعمال المنافسة غير المشروعة , تتناسب مع ما تشكله تلك الأعمال من ضرر و خطورة في الحياة الاقتصادية .
دعوى المنافسة غير المشروعة تعتبر تجارية , يطبق بشأنها قانون التجارة رقم68لسنة 19980م .
أما فيما يتعلق بالاحتكار , فإن القانون الكويتي وضع معياراً للمركز الاحتكاري هو القدرة على التحكم في أسعار السلع والخدمات , ويكتفي القانون الكويتي لقيام المركز الاحتكار القدرة على التحكم في أسعار السلع أو الخدمات .
ذكر المقنن الكويتي بعض المؤشرات الدالة على توفر المركز الاحتكاري , وذلك في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 13لسنة1996م .
هناك ثلاثة أنواع للاحتكار , وهي الاحتكار القانون الذي يكون بنص القانون , والاحتكار الطبيعي الذي يوجد في سوق لا تستطيع أن تستوعب أكثر من تاجر , وهناك احتكار فعلي .
لم يضع القانون الكويتي معيار لإساءة استغلال المركز الاحتكاري , وإنما ذكر بعض الحالات على سبيل المثال , وبذلك ترك للقضاء الباب واسعاً للاجتهاد .
لم يضع القانون الكويتي عقوبة جنائية لأعمال إساءة استغلال المركز الاحتكاري , وهذا نقص تشريعي , يجب على المقنن تداركه , أما بإضافة نص جديد أو بتطبيق نص المادة (60مكررا-هـ-) وخاصة الجانب الجنائي منها على أعمال إساءة استغلال المركز الاحتكاري .
في هذا البحث المتواضع يظهر لنا الترابط الكبير بين القانون والاقتصاد , الأمر الذي يتطلب دائماً مرونة من قبل المقنن عند تنظيمه لمسالة اقتصادية معينة , وهذا ما فعله المقنن فعلاً , وقد وفق في ذلك .
من الواضح بأن الهدف الذي يسعى المقنن من ورائه من خلل تدخله بالقانون رقم13لسنة1996م , هو حماية المستهلك , إلى جانب حماية التجار من بعضهم البعض , وبالتالي حماية السوق من الممارسات الخاطئة , والتي من شأنها إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني بصورة عامة .
الاتجاه الذي يسود دولة الكويت في هذا الوقت هو المزيد من الانفتاح الاقتصادي , وهذا يتطلب معرفة اقتصادية وقانونية كبيرتين , وخاصة أن هذا الوعي يتطلب توفره بصورة أكبر في رجال القضاء .
اتجاه المقنن الكويتي بجعل الجرائم الناشئة عن أعمال المنافسة غير المشروعة , من اختصاص النيابة العامة , هو تأكيد منه على أن الاختصاص الأصلي لمباشرة الدعوى العمومية هو للنيابة العامة , ومن شأن ذلك أيضا إعداد أعضاء النيابة إعدادا جيداً في هذا الجانب في حال ترقيهم ليصبحوا من رجال القضاء .
هذه الثقة التي يؤكدها المقنن في النيابة العامة , تجعل على أعضاء النيابة العامة مسئولية كبيرة , تحتم العمل على زيادة الاطلاع والجهد والعمل المستمر على تطوير القدرات المختلفة لديهم , حتى يكونوا عند حسن الظن بهم .
وفي الختام أرجوا أن أكون قد وفقت في عرضي لهذا الموضوع , من خلال هذا البحث المتواضع , وأرجوا منكم تجاوز ما بدر مني من تقصير , فقد حاولت بقدر ما استطيع عرض هذا الموضوع بصورة واضحة وسهلة العبارة , وادعوا الله أن يوفقني مع أخواني في الدفعة التاسعة للباحثين القانونيين في معهد الكويت للدراسات القانونية والقضائية في عملنا , وأن يمددنا بعونه منه , وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا أتباعه , وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه , أنه ولي ذلك والقادر عليه .
تم بحمد الله وتوفيقه …
ملحـــــق
بعض مواد المرسوم بقانون رقم 68 لسنة 1980
بـإصدار قانون التجارة ( رقم : 68 / 1980 )
المنافسة غير المشروعة والاحــتـكـــار
– المادة (55) :
1- إذا استعمل العنوان التجاري غير صاحبه، أو استعمله صاحبه على صورة تخالف القانون، جاز لذوي الشأن إن يطلبوا منع استعماله، ولهم أن يطلبوا شطبه إذا كان مقيدا في السجل التجاري ويجوز لهم حق الرجوع بالتعويض إن كان له المحل.
– وتسري هذا الأحكام في استعمال العلامات والبيانات التجارية على الوجه المبين في هذا القانون.
– المادة (56) :
لا يجوز للتاجر أن يلجأ إلى طرق التدليس والغش في تصريف بضاعته، وليس له أن ينشر بيانات كاذبة من شأنها أن تضر بمصلحة تاجر آخر يزاحمه، وإلا كان مسؤولا عن التعويض.
– المادة (57) :
لا يجوز للتاجر أن يذيع أمورا مغايرة للحقيقة تتعلق بمنشأ بضاعته أو أوصافها أو تتعلق بأهمية تجارته، ولا أن يعلن خلافا للواقع انه حائز لمرتبة أو شهادة أو مكافأة، ولا أن يلجأ إلى أية طريقة أخرى تنطوي على التضليل، قاصدا بذلك أن ينتزع عملاء تاجر آخر يزاحمه وإلا كان مسؤولا عن التعويض.
– المادة (58) :
لا يجوز للتاجر أن يغري عمال تاجر أو مستخدميه ليعاونوه على انتزاع عملاء هذا التاجر أو ليخرجوا من خدمة هذا التاجر أو يدخلوا في خدمته ويطلعوه على أسرار مزاحمه. وتعتبر هذه الأعمال مزاحمة غير مشروعة تستوجب التعويض.
– المادة (59) :
إذا أعطى التاجر لمستخدم أو عامل سابق شهادة مغايرة للحقيقة بحسن السلوك، وضللت هذه الشهادة تاجرا آخر حسن النية فأوقعت به ضررا، جاز بحسب الأحوال وتبعا للظروف أن يرجع التاجر الآخر على التاجر الأول بتعويض مناسب.
– المادة (60) :
من كانت حرفته تزويد البيوت التجارية بالمعلومات عن أحوال التجار وأعطى بيانات مغايرة للحقيقة عن سلوك احد التجار أو وضعه المالي، وكان ذلك قصدا أو عن تقصير جسيم، كان مسؤولا عن تعويض الضرر الذي نجم عن خطئه.
– المادة (60 مكررا) :
يحظر القيام بأي عمل من أعمال المنافسة غير المشروعة ، ويعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة كل عمل يقع عمدا من تاجر بالمخالفة للعادات أو الأصول المرعية في المعاملات التجارية في دولة الكويت، ويكون من شأنه صرف عملاء تاجر منافس أو الأضرار بمصالحه، أو إعاقة حرية التجارة بتقييد أو تفادي المنافسة في مجال إنتاج أو توزيع البضائع أو الخدمات في الكويت.
تعتبر من أعمال المنافسة غير المشروعة بوحه خاص :
– الاتفاق الصريح أو الضمني على تحديد سعر بيع البضائع أو الخدمات إلى الغير.
– إعاقة دخول منافس في السوق بغير سبب مشروع.
– الإساءة إلى سمعة تاجر آخر أو الحط من قيمة بضاعته.
– كل نشاط من شأنه إحداث اضطراب في السوق بقصد الأضرار بتاجر أو تجار آخرين.
– المادة (60مكررا- أ- ) :
يجوز لوزير التجارة والصناعة بقرار يصدره حماية للاقتصاد الوطني إخضاع بعض السلع والخدمات لنظام التسعير.
– المادة (60مكررا- ب -) :
يكون التاجر في مركز احتكاري إذا أصبحت لديه القدرة على التحكم في أسعار السلع والخدمات.
– المادة (60 مكررا- جـ -) :
يحظر على من يتمتع بمركز احتكاري إساءة استغلال هذا المركز على وجه غير مشروع عند تعامله مع الغير وتعد بوجه خاص إساءة استعمال المركز الاحتكاري الأعمال الآتية:
– إعاقة احتمالات المنافسة من الآخرين بغير سبب مشروع.
– خفض كمية السلع أو الخدمات المعروضة من قبله في السوق أو تقديم خدمة لا تتلاءم مع حجم المقابل الذي يتلقاه.
– الحصول على مقابل مرتفع للبضاعة أو الخدمة أو تضمين العقود المبرمة مع الغير شروطا لصالحه لا تتفق والعادات التجارية أو ما كان بمقدوره تضمينها تلك العقود لو كانت هناك منافسة فعالة من تجار آخرين.
– المادة (60مكررا- د -) :
إذا أساء التاجر استغلال مركزه الاحتكاري ، كان للقاضي بناء على طلب المضرور الحكم بالتعويض أو تعديل الشروط التعسفية في العقد أو الإعفاء منها كليا.
– المادة (60مكررا– هـ -) :
يعاقب على مخالفة أحكام المادة 60 مكررا بالغرامة التي لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد على ثلاثة إضعاف العائد الذي حصل عليه التاجر من الجريمة. ويضاعف الحد الأقصى لهذه العقوبة إذا أدت الأعمال المنصوص عليها في المادة المشار إليها في الفقرة السابقة إلى مركز احتكاري ، كما يجوز للمحكمة إن تقضي بإغلاق المنشأة لمدة لا تزيد على سنة واحدة.
تختص النيابة العامة دون غيرها بالتحقيق والتصرف والإدعاء في هذه الجرائم والجرائم المرتبطة بها.
المراجــــــــــع :
• الكتب :
1- د.أحمد الملحــــم : الاحتكار والأفعال الاحتكارية دراسة تحليلية مقارنة في القانون الأمريكي والأوربي والكويتي . الطبعة الأولى . الكويت . مجلس النشر العلمي . لجنة التأليف والتعريب والنشر . جامعة الكويت . (1997) .
2- د.أحمد شكري السباعي : الوسيط في القانون التجاري المغربي والمقارن . الجزء الثالث . بدون عدد للطبعة . الرباط . دار نشر المعرفة للنشر والتوزيع . (بدون سنة نشر ) .
3- د. احمد محمود حسني : قضاء النقض التجاري . المبادئ التي قررتها محكمة النقض في ثمانية وستين عاما 1931-1999 . الإسكندرية . منشأة المعارف. الطبعة الأولى . (2000) .
4- د.جوزيف نخله سماحة : المزاحمة غير المشروعة دراسة قانونية مقارنة . الطبعة الأولى . لبنان . مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر . (1991) .
5- د.زهير عباس كريــم : مبادئ القانون التجاري دراسة مقارنة . الطبعة الأولى . الأردن .مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع . (1995).
6- د.حسني المصـــري : القانون التجاري الكويتي . الطبعة الثانية . الكويت . مؤسسة دار الكتب . (1995-1996) .
7- د.محسن شفيــــق : الوسيط في شرح القانون التجاري . الطبعة الثانية . جمهورية مصر . مكتبة النهضة المصرية . (1955).
8- د.مصطفى كمال طــه : القانون التجاري . الطبعة الأولى . الإسكندرية . دار الجامعة الجديدة للنشر . (1996) .
9- د.سمير عاليـــــه : أصول القانون التجاري . الطبعة الثانية . لبنان . المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع . (1996) .
10- د.عبد الرزاق السنهوري : الوسيط في شرح القانون المدني الجديد . الجزء الأول . الطبعة الثالثة . بيروت . منشورات الحلبي الحقوقية .(2000) .
11- د.عمر حسيـــــن : المنافسة والاحتكار دراسة تحليلية رياضية . الطبعة الأولى . جمهورية مصر .مكتبة دار النهضة العربية . (1960) .
12- د.فوزي محمد سامـي : شرح القانون التجاري دراسة مقارنة . الطبعة الأولى . الأردن . مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع . (1997).
13- د.خالد سعد زغلول حلمي: مبادئ الاقتصاد السياسي . بدون عدد للطبعة . لا يوجد ناشر .(1998) .
• البحوث :
1- د.احمد الملحـم : مدى مخالفة الاندماج والسيطرة لأحكام المنافسة غير المشروعة . مجلة الحقوق. يصدرها مجلس النشر العلمي . جامعة الكويت . السنة 19 . العدد 3 . سبتمبر 1995م .
2- د.طعمه الشمري : أحكام المنافسة غير المشروعة في القانون الكويتي . مجلة الحقوق . يصدرها مجلس النشر العلمي . جامعة الكويت. السنة 19 . العدد 1 . مارس 1995م.
• المجلات :
1- مجلة الحقوق . مجلة فصلية محكمة تعنى بالدراسات القانونية والشرعية تصدر عن مجلس النشر العلمي . جامعة الكويت .
• الأحكام القضائية :
– في دولة الكويت :
1- حكم محكمة الاستئناف ( دائرة التمييز ) . طعن رقم 151-1982. تجاري . جلسة 9-2-1982م . مجلة القضاء والقانون . س11 ع 3 شوال 1406هـ . يونيو 1986م . صفحة 33 .
2- محكمة الاستئناف العليا . الدائرة التجارية الثانية . دعوى رقم 428-89 . بجلسة 5-12-1989م . حكم غير منشور . مستخرج من مركز تصنيف وبرمجة الأحكام القضائية . كلية الحقوق . جامعة الكويت .
3- حكم محكمة الاستئناف العليا ( دائرة التمييز ) . طعن رقم 180-1988م . تجاري . جلسة 20-2-1989م . مجلة القضاء والقانون . س17 . العدد الأول . ربيع الثاني 1416هـ . سبتمبر 1995م .
4- حكم محكمة الاستئناف العليا ( دائرة التمييز ) . طعن رقم 157-1989م . تجاري , جلسة 15-10-1989م . مجلة القضاء والقانون . س 17 . العدد الثاني . جمادى الثاني 1416هـ . نوفمبر 1995م .
5- المحكمة الكلية . القضية رقم 522-1968 . مستعجل . جلسة 30-10-1968م . مجلة القضاء والقانون . س1 . ع2 . صفحة 84 .
– في جمهورية مصر العربية :
1- حكم محكمة النقض المصرية . مدني . بتاريخ 25- 6- 1959م . مجموعة أحكام النقض . س10 . رقم77 . ص505 .
2- حكم محكمة النقض المصرية . طعن رقم 435 . سنة 34 . جلسة 26-12- 1968م . س 19.
3- حكم محكمة النقض المصرية . الطعن رقم 2274 . لسنة 55 القضائية . بتاريخ 22 نوفمبر سنة 1986 .
4- حكم محكمة النقض المصرية . الطعن رقم 505 . مدني . بتاريخ 25 يونيه 1959م .
– في دول عربية أخـرى :
1- محكمة التمييز المدنية الأولى اللبنانية . قرار رقم116 بتاريخ 23- 10- 1969م . مجموعة اجتهادات حاتم . جزء 96 رقم 1 . ص 30 .
2- حكم محكمة الدار البيضاء . بتاريخ 7- 1- 1963م . نشر في جريدة المحاكم (G.T.M ) في 10 -2-1963 . صفحة رقم 17 .
الفهرس :
المقدمة ……………………………………………………………. 1
الفصل الأول : المنافسة غير المشروعة ………………………………… 5
المبحث الأول : ماهية المنافسة غير المشروعة ………………………….. 7
المطلب الأول : تعريف المنافسة غير المشروعة ومعيارها ………………… 8
الفرع الأول : تعريفها ومعيارها في القانون المقارن ……………………… 9
الفرع الثاني : تعريفها ومعيارها في القانون الكويتي …………………….. 14
المطلب الثاني : تمييز المنافسة غير المشروعة …………………………. 16
الفرع الأول : المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة بنص القانون……. 16
الفرع الثاني: المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة بمقتضى العقد …… 17
الفرع الثالث : المنافسة غير المشروعة وبعض الأنظمة الأخرى …………. 18
المبحث الثاني : أعمال المنافسة غير المشروعة ……………………….. 20
المطلب الأول:أعمال تتضمن اعتداء على سمعة التاجر أو على ملكيته لعناصر المحل التجاري .20
المطلب الثاني : أعمال تتضمن اعتداء على التنظيم الداخلي للمحل التجاري … 24
المطلب الثالث : أعمال تضمن اعتداء على التنظيم العام للسوق ………….. 25
المبحث الثالث : دعوى المنافسة غير المشروعة ………………………. 27
المطلب الأول : الأساس القانوني لدعوى المنافسة غير المشروعة ………… 28
المطلب الثاني : شروط دعوى المنافسة غير المشروعة ………………… 30
الفرع الأول : قيام حالة المنافسة ……………………………………. 31
الفرع الثاني : الخطأ ……………………………………………… 31
الفرع الثالث : الضرر ……………………………………………. 32
الفرع الرابع : رابطة السببية ………………………………………. 34
المطلب الثالث : المسئولية الناشئة عن أعمال المنافسة غير المشروعة …….. 34
الفرع الأول : المسؤولية المدنية ……………………………………. 35
الفرع الثاني : المسؤولية الجنائية …………………………………… 36
المطلب الرابع : تجارية دوى المنافسة غير المشروعة …………………. 39
الفصل الثاني : الاحتكار والأفعال الاحتكارية ……………………….. 40
المبحث الأول : مفهوم المركز الاحتكاري في القانون الكويتي ……………. 41
المطلب الأول : معيار المركز الاحتكاري …………………………… 42
المطلب الثاني: سوق المنتجات البديلة ………………………………. 45
الفرع الأول : السوق السلعي أو الخدمي ……………………………. 46
الفرع الثاني : السوق الجغرافية …………………………………… 47
المبحث الثاني:صور الأفعال الاحتكارية في القانون الكويتي والمسئولية الناشة عنها ……. 48
المطلب الأول : صور إساءة استغلال المركز الاحتكاري ……………….. 48
الفرع الأول : إعاقة المنافسة ……………………………………… 49
الفرع الثاني : خفض المنتجات في السوق …………………………… 50
الفرع الثالث : الحصول على مقابل مرتفع للمنتجات …………………… 50
المطلب الثاني : المسئولية الناشئة عن إساءة استغلال المركز الاحتكاري. ….. 51
الفرع الأول : المسؤولية المدنية …………………………………… 52
الفرع الثاني : المسؤولية الجنائية ………………………………….. 52
الخاتمة ……………………………………………………….. 54
اترك تعليقاً