بحث قانوني قيم عن حماية أمن المعلومات والخصوصية في قانون الإنترنت – ورقة عمل
مقدمه الي المؤتمر الدولي الاول حول
“حماية امن المعلومات و الخصوصيه في قانون الانترنت”
برعاية الجمعيه الدوليه لمكافحة الاجرام السيبيري بفرنسا
الفتره من 2 الى 4 يونيو 2008
القاهرة
جمهورية مصر العربية
ورقة عمل يقدمها:
الدكتور/ راشد بن حمد البلوشي
مساعد عميد كلية الحقوق للدراسات الجامعيه
جامعة السلطان قابوس
سلطنة عمان
المحتويات
المقدمه
اولا: ما هيه الجرائم المعلوماتيه
ثانيا: أهم صور الإستخدام غير المشروع للحاسب الآلي
ثالثاً: الأدلة في الجريمة المعلوماتية
رابعا: حجية المخرجاتالالكترونية في الاثبات
خامسا: حجية المخرجاتالالكترونية أمام القضاء الجزائي
سادسا: الخلاصة
سابعا: التوصيات
المقدمـــــــــــــــة:
إن التطورات المتلاحقة في مجال الحاسبات الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات قد أحدثت هوة شاسعه بين الأفراد فيما يتعلق بالتعامل مع هذه التقنيات الحديثة فلقد نشأ عن اجتماع تكنولوجيا الاتصالات و تكنولوجيا الحاسب الآلي ثورة حقيقية في المعلومات حيث أدت ثورة الاتصالات إلى تراكم مذهل في المعرفة وحصيلة هائلة في المعلومات تعجز الوسائل البشرية عن ملاحقتها وفهرستها واستخلاصهاوتصنيفها ومعالجتها والاستفادة منها والسيطرة على تدفقها من مصادر متباينة ومتنوعة.
حيث ولآلاف السنين كان كم المعلومات المتولدة عن التفاعلات البشرية محدودا إلى حد كبير، ولم يمثل حجمها بالتالي مشكلة أو يقف عائقا أمام عمليات تجميعها وتخزينها ومعالجتها واسترجاعها.
ومع تقدم الجنس البشري بمرور الزمن وتزايد معارفه بدأت كميات المعلومات المتوفرة تنمو وتزداد ببطء ولكن بثبات مطرد، ومنذ الثورة الصناعية وما رافقها وتلاها من تنوع وازدياد في حجم الأنشطة العلمية والتكنولوجية، وما نجم عنها في الوقت الحاضرمن تطورات اقتصادية واجتماعية وانعكاسات ثقافية وحضارية، بدأت المعلومات المنتجة والمتداولة تتزايد بمتوالية هندسية واسعه القفزات وطرأ على رصيدها الكلى طفرة كمية فاقت طاقة الفكر الإنساني على متابعتها أولاً بأول والاستفادة منها بالدرجة المرضية والمطلوبة، وإزاء هذه الطفرة بدت الطرق التقليدية لجمع وتنظيم المعلومات عاجزة عن تلبية احتياجات المستفيدين من المعلومات بكفاءة وفاعليه، وأصبح محتما استخدام أساليب علمية وتقنية متطورة لمواجهة فيض المعلومات المتدفق والتعامل معه، وعلى مدى الثلاثين أو الأربعين عاما الماضية اتخذ السعى لإيجاد حلول مناسبة للتغلب على مشكلة تزايد حجم المعلومات مسارين رئيسيين: تمثل(أولهما) في تركيز العديد من دراسات” علم المعلومات” على التحسين والتطوير في عملية فهم طبيعة المعلومات ومكوناتها وكيفية حصرها وتجميعها وتبويبها وتصنيفها وتحليلها بهدف الاستفادة منها بفعالية عظمى، وتبدى(ثانيهما) في ظهور ورواج مستحدثات تقنية متقدمة للتحكم في المعلومات وتجميعها ومعالجتها واختزانها واسترجاعها وتحسين الإنتفاع بها كالحاسبات وتقنيات المصغرات الفيلمية والأقراص الليزرية ووسائط الإتصال والائتمار من بعد، والتي يشكل تزاوجها واندماجها معا ما يعرف بتكنولوجيا(تقنية) المعلومات أو المعلوماتية.
وهكذا تتضح إيجابيات الثورة المعلوماتية والتكنولوجية التي جاء بها الحاسب الآلي وقدرتها على تغيير مختلف أوجه الحياة إلى الأحسن والأفضل غير أن هذه الثورة المعلوماتية ذاتها تحمل في طياتها بذور الشر التي تتمثل في الاستخدام غير المشروع لنظم الحاسب الآلي فيما يسمى بالجريمه المعلوماتيه.
هذا ولعل أهم ما دفع الباحث لاختيار هذا الموضوع هو الحاجة الماسة التي يصادفها المشتغل بالقانون في الجانب القانوني والتنظيمي فيما يتعلق بالإجرام المعلوماتي أو الاليكتروني كما يفضل البعض وسمه حيث لم يتخذ هذا الموضوع في الواقع العربي الأبعاد التي اتخذها في الولايات المتحدة الامريكية والغرب أو الشرق الصناعي .
ناهيك عن أن بوادرهذا الموضوع بدأت تظهر مع زيادة وتيرة النمو المتسارع الذى تشهده دول عربية عدة في استخدام النظم المعلوماتية فضلا عن ظروف السياسة الدولية والتبعية التكنولوجية وارتفاع نسبة العمالة الأجنبية في قطاع المعلوماتية خصوصاً في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي من مناخ موات لانتهاك حرمة البيانات الشخصية وحق الإنسان في الخصوصية والمساس بالأمن القومى لهذه الدول وسيادتها الوطنية.
وإدراكا لتجاوب الواقع العماني مع ثورة تقنية المعلومات وما يشهده من جهود لتحويلها إلى عناصر تفيد في التنمية والتقدم، واستشرافا لمستقبل مسيرته صوب الأخذ في مختلف قطاعاته بتقنية الحاسبات والمعلوماتية يغدو من الضروري الانكباب من الآن على دراسه سلبيات ومخاطر هذه التقنية وفي مقدمتها آفه” الجريمة الاليكترونية” المتولدة عن استخدامها حتى يمكن- بقدر الامكان- تفاديها والتقليل من حدة آثارها.
إن هذا الورقه تهدف إلى القاء الضوء على تطوير وسائل الإثبات بما يواكب التطور في وسائل الإجرام المعلوماتي فلقد ترتب على التطور المتزايد في استخدام الحاسب الآلي وما صاحبه من ظهور طائفة جديدة من الجرائم لم يكن لها وجود من قبل أن يصبح متطلبا من ” السلطات القضائية ” أن تتعامل مع أشكال مستحدثة من الأدلة في مجـال الإثبات الجنائي.
من هنا تأتي أهمية مناقشة موضوع حجية الأدلة الناتجة عن الحاسبات الآلية حيث سوف تحاول هذة الورقه الاجابه على الأسئلة الأتية:
· إلى أي مدى يمكن قبول المخرجات الالكترونية؟
· وما هي حجيتها في القانون المقارن (الفرنسي و الانجليزي و العماني)؟
ومن هذ المنطلق رأينا تسليط الضوء في هذه الورقه على مشكلة الإجرام في القطاع المعلوماتي، وبدا لنا انه قد يكون من الأصوب في معالجه هذا الموضوع أن يسير تصميم العمل في خطوات منطقية تبدأ باستجلاء المقصود بالجريمه المعلوماتيه و أهم صور الإستخدام غير المشروع للحاسب الآلي والوقوف بعد ذلك على الأدلة في الجريمة المعلوماتية و حجية المخرجاتالالكترونية بشكل عام و امام القضاء الجزائي بشكل خاص مع الاستنارة في ذلك كله بفقه مقارن وبخبرات متنوعه في الميدان التشريعي.
هذا ما تهدف الى مناقشته هذه الورقة من بين اوراق عمل المؤتمر الدولي الأول حول
“حماية امن المعلومات و الخصوصيه في قانون الانترنت”2008.
اولا: ما هيه الجرائم المعلوماتيه
لقد مرت الجريمة المعلوماتيه او الالكترونية نتيجة للتدرج في الظاهرة الجرمية الناشئة عن بيئة الحاسب الآلي بعده اصطلاحات ابتداء من إساءة استعمال الحاسوب مروراً باصطلاح احتيال الحاسوب ثم اصطلاح الجريمة المعلوماتية فإصطلاح جرائم الكمبيوتر والجريمة المرتبطة بالكمبيوتر ثم جرائم التقنية العالية وجرائم الهاكرز وأخيرا جرائم الانترنت Siper Crime[1].
هذا ولا يوجد تعريف محدد ومتفق عليه بين الفقهاء حول مفهوم الجريمة المعلوماتية إذ منهم المضيق لهذا المفهوم ومنهم الموسع ومنهم من يقسم تعريف الجريمة الإلكترونية الى ثلاث اتجاهات.
فمن التعريفات المضيقة للجريمة المعلوماتية أنها :
1- ” الفعل غير المشروع الذي يتورط في إرتكاب الحاسب الآلي”
2- إنها ” الفعل الإجرامي : الذي يستخدم في إقترافه الحاسب الآلي كأداة رئيسية”[2]
3- أنها ” مختلف صور السلوك الإجرامي التي ترتكب بإستخدام المعالجة الآلية للبيانات ”
ومن التعريفات الموسعة لمفهوم الجريمة المعلوماتية
تعريف الفقيهان ( Michel – Redo ) حيث يعرف بأن الجريمة المعلوماتية بأنها سوء إستخدام الحاسب ويشمل الحالات المتعلقة بالولوج غير المصرح به لحاسب المجني عليه أو بياناته . كما تمتد جريمة الحاسب لتشمل الإعتداءات المادية على جهاز الحاسب ذاته أو المعدات المتصلة به ، وكذلك الإستخدام غير المشروع لبطاقات الإئتمان وإنتهاك ماكينات الحساب الآلية بما تتضمنه من شبكات تحويل الحسابات المالية بطرق إلكترونية وتزييف المكونات المادية والمعنوية للحاسب بل وسرقة جهاز الحاسب في حد ذاته أو أي مكون من مكوناته[3].
كما يرى البعض ان تعريف الجريمة الإلكترونية له ثلاث اتجاهات وذلك على النحو التالي:
الاتجاه الاول:يستند أصحاب هذا الرأي إلى لزوم أن يكون نظام الحاسب الآلي هو محل الجريمة، فيجب أن يتم الاعتداء على الحاسب الآلي أو على نظامه، فقد عرفها روزنبلات Rosenblatt بقوله: هي نشاط غير مشروع موجه لنسخ أو تغيير أو حذف أو الوصول إلى المعلومات المخزنة داخل الحاسب أو التي تحول عن طريقه[4].
الاتجاه الثاني:ويستند أنصار هذا الاتجاه إلى معيار شخصي يستوجب أن يكون فاعل هذه الجرائم ملما بتقنية المعلومات واستخدام الحاسوب لإمكانية اعتبارها من جرائم الحاسب الآلي[5]. وعليه يعرف ديفيد ثومبسون David Thompson ،الجريمه المعلوماتيه بأنها: أي فعل غير مشروع تكون المعرفة بتقنية المعلومات أساسية لمرتكبه والتحقيق فيه وملاحقته قضائيا[6] ، وبناء على ذلك لا بد أن يكون مرتكب الجريمة الإلكترونية على درجة كبيرة من المعرفة التكنولوجية بالحاسبات لتلاحقه هذه الجريمة قانونيا كما ان هذا التعريف أخذت به وزارة العدل الأمريكية في تقريرها الصادر سنة [7]1989.
الاتجاه الثالث: يستند إلى وسيلة ارتكاب الجريمة فيشترطون وجوب ارتكابها بواسطة الحاسب الآلي، كما عرفها تايدمان Tideman بأنها: كل أشكال السلوك غير المشروع أو الضار بالمجتمع الذي يتركب باستخدام الحاسب[8]، أو هي كل جريمة تتم في محيط الحاسبات الآلية ، وبالتالي يعد هذا التعريف توسعا كبيرا في مفهوم الجريمة الإلكترونية كونه يعد الجريمة التي تقع على سرقة الحاسوب وما يتعلق به جريمة إلكترونية.
واخيرا فان هناك تعريفات اخرى منها التعريف الذى اقترحته مجموعة من خبراء منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية كأساس للنقاش في اجتماع عقد بباريس في عام 1983 وذلك لبحث الجريمة المرتبطة بالمعلوماتية وورد فيه أنه” كل سلوك غير مشروع أو غير أخلاقى أو غير مصرح به يتعلق بالمعالجة الآليه للبيانات أو بنقلها” لكنه تعريف فيه من المرونه والاتساع ما ادى على التسوية بين السلوك غير المشروع قانوناً والسلوك الذى لا يرتب سوى استهجانه اخلاقيا ذلك أنه لا تلازم دائما ما بين الفعل المستهجن اخلاقيا وذلك المؤثم قانوناً.وعرفت الجريمة المعلوماتية كذلك بأنها نشاط جنائى يمثل اعتداءً على برامج وبيانات الحاسب الآليكترونى.
ثانيا : أهم صور الإستخدام غير المشروع للحاسب الآلي
أن الجرائم المرتبطة بالاستخدام غير المشروع للحاسب الآلى كثيرة ومتنوعة فهى تشمل الاحتيال المعلوماتى والقرصنه(برامج النسخ غير المشروع) والتجسس المعلوماتى في نطاق قطاع الأعمال والتخريب المعلوماتى والإرهاب وانتهاك حرمه الحياة الخاصة[9].
و بشكل عام يمكن أن تصنف جرائم الحاسب الآلي إلى صنفين:
الجرائم ذات الجانب الاقتصادي: وذلك كالاحتيال المعلوماتي والتجسس في نطاق قطاع الأعمال بهدف توظيف هذه المعلومات والبيانات ضد المجني عليه، وقرصنة برامج الحاسب الآلي، وإتلاف المعلومات سواء كان للبيانات نفسها أم الوسائط التي تحمل هذه البيانات. وسرقة الخدمات أو الاستعمال غير المصرح به لنظام الحاسب الآلي.
الجرائم المتصلة بانتهاك حرمة الحياة الخاصة:
وذلك باللجوء إلى أساليب غير مشروعة للحصول على بيانات صحيحة عن الأفراد بطريق غير مشروع، أو إفشاء بيانات شخصية للغير بطريقة غير مشروعة[10]، وهي التي تمس الأمور الجوهرية في حياة الأفراد، ، والغاية من حماية هذا الحق ضمان السلام والسكينة لهذا الجانب من الحياة غير المتصل بالأنشطة العامة بجعله بمنأى عن التقصي والإفشاء للغير.
ثالثاً: الأدلة في الجريمة المعلوماتية:
وإذا كان هذا هو حال تعريف الجريمة المعلوماتية كما سبق الاشاره اليه في اولا، فإن هذه الجريمة كغيرها من الجرائم لها أركانها وعناصرها وتمر بذات المراحل التي تمر بها الجريمه كما في شأن الجرائم العادية كالسرقة والقتل وهذه المراحل هى التفكير في الجريمة والتحضير لها ثم تنفيذ الجريمة ومحاولة التخلص من آثارها.
ولذلك تثور هنا مسالة استخلاص الدليل الذي تثبت به الجريمة المعلوماتية،وإذا كان الاعتراف هو سيد الأدلة يليه شهادة الشهود فضلاً عن القرائن والآثار الناجمة عن النشاط الإجرامي بما لها من دور في إثبات الجريمة وكشف الحقائق فيها بالنسبة لجرائم قانون الجزاء التقليديه فإن قواعد هذا القانون تبدو قاصرة إزاء ملاحقة مرتكب الجريمة المعلوماتية مما حدا البعض على القول بأن قواعد قانون الجزاء التقليدية تواجه تحديات إزاء مواجهة الجريمة المعلوماتية وتبدو قاصرة عن مواجهة العديد من الأفعال التي تهدد مصالح إجتماعية واقتصادية ارتبطت بظهور وانتشار جهاز الحاسب الآلى وشبكة المعلومات الدولية(انترنت), مما أدى الى ظهور طائفة جديدة من الادله خاصه بالجريمه المعلوماتيه اطلق عليها الاداه التقنيه كالدليل الرقمي (digital evidence).
ولقد كان ظهور الجريمة المعلوماتية عاملاً حاسماً في قيام كثير من الدول بسن تشريعات جديدة أو تعديل تشريعاتها القائمة لمواجهة الجريمة المعلوماتية ومن بينها المشرع العماني الذي تدخل جدياً لمواجهة هذا النوع وذلك بموجب التعديل في قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 72/2001 حيث أدرج هذ الأفعال في الباب السادس الخاص بالجرائم الواقعه على الأفراد وذلك في الفصل الثاني مكرر المادة 276 مكرر من قانون الجزاء العماني و الذي سوف نسلط الضوء على بعض نصوصه عند استعراض التجارب القضائية في هذا المجال لاحقاً.
هذا وحيث ان موضوع إثبات الجريمة المعلوماتية من الموضوعات التي تتميز بندرة التطبيق القضائي فانه تبرز للوجود مسألة صعوبة جمع الاستدلالات والأدلة في الجريمة المعلوماتية إذ أن هذه النوعية من الجرائم توجد في بيئة لا تعتمد التعاملات فيها- أصلا- على الوثائق والمستندات المكتوبة بل على نبضات إليكترونية غير مرئية لا يمكن قراءتها بواسطة الحاسب والبيانات التي يمكن استخدامها كأدلة ضد الفاعل ويمكن في أقل من الثانية العبث بها أو محوها بالكامل لذلك فإن المصادفه وسوء الحظ لهما دور كبير في اكتشافها وذلك أكثر من الدور الذى تلعبه أساليب التدقيق والرقابة.
و لعل من أهم المواضيع حساسية وأصليه موضوع الدليل الذي تثبت به الجريمة المعلوماتية أو الجريمة المتعلقة بالحاسب الآلى، حيث تعتبر قواعد قانون العقوبات التنفيذية تواجه تحديات إزاء مواجهة الجريمة المعلوماتية وتبدو قاصرة عن مواجهة العديد من الأفعال التي تهدد مصالح اجتماعية واقتصادية ارتبطت بظهور وانتشار جهاز الحاسب الآلى وشبكة المعلومات العنكبوتية(الانترنت)[11]
لذلك وبعد أن أصبح المجتمع المعلوماتى حقيقة واقعة حيث تعتمد المجتمعات المعاصرة في تسيير شئونها على تقنيات الحاسبات والمعلومات ومن ثم يتعين على أجهزة العدالة الجنائية مع تقلص الدور التقليدي للوثائق في الإثبات وازدياد مطرد في كم المعلومات المنتجة أو المعروضة في أوعية- لا ورقية مستحدثة- أن تتعامل في ممارستها لحق المجتمع في الدفاع عن كيانه ضد الإجرام مع أشكال مستحدثة من الأدلة غير المادية وذلك في مجال الإثبات الجنائى وهو ما يفرض على الفكر القانوني من جهة أن يسعى دوماً لتطوير أساليب كشف الجريمة المعلوماتية والوسائل المستخدمة في عمليات البحث الجنائي والتحقيق وهو ما يتطلب برامج تخصصية في التدريب لاكتساب هذه المهارات في أعمال الإستدلال والتحقيق المعلوماتى ومن ناحية أخرى يجب تحديث الأساليب الإجرائية المتبعة لجمع الأدلة في الجرائم المعلوماتية- وتحديثها على نحو يكفل إستجابتها بشكل كاف وبدون أن تتعرض حقوق الأفراد وحرياتهم للخطر عند الإثبات.
لعل المبررات السابقة في شأن صعوبة استخلاص دليل الإثبات تحث بالتأكيد على ضرورة مسارعة رجال الاستدلال والتحقيق بتطوير وسائلهم البحثية وقدراتهم العلمية وليس بالضرورة أن يكون المحقق خبيراً في الحاسب الآلى ولكن لا بد من الإلمام ببعض المسائل الأولية التي تمكنه من التفاهم مع خبراء الحاسب الآلى وحسن استغلالهم في كشف الجرائم وجمع الأدلة كما انه من الضرورى أن يكون المحقق ملماً بالإجراءات الإحتياطية التي ينبغى اتخاذها نحو مسرح الجريمة في الجريمة المعلوماتية والتدابير اللازمة لتأمين الأدلة و القول ذاته بالنسبه للقضاة من حيث ضرورة تسليح القاضي الجزائيبتقنية وعلوم الحاسب الآلي لمواكبة المناقشة العلمية للمخرجاتالالكترونية .
ثالثا: حجية المخرجاتالالكترونية في الإثبات
بداية يمكن القول أن نظم الإثبات في القانون المقارن تنقسم إلي مدرستين اساسيتين الاولى تتبع نظام الإثبات المعنوي أو المطلقوفيه لا يقيد المشرع أطرف الرابطة الإجرائية بتقديم أدلة معينة بل للقاضي أن يقتنع بأي دليل وهذا هو النظام السائد في القانون الفرنسي .
اما المدرسه الثانيه فتتبع نظام الإثبات القانوني أو المقيدوفيه يحدد القانون الأدلة التي يجوز تحقيقها والإستناد إليها في الحكم وهذا هو النظام السائد في القانون الإنجليزي.
و رغم إختلاف نظام المدرستين في نظام الإثبات إلا أن هناك ضوابط معينة تحكم الأدلة الناتجة عن الحاسب الآلي بشكل عام يلتزم بها القضاء لتحاشي سوء التصرف ولدعم وحماية حقوق
الأطراف أو غيرها من الحقوق محل الإحترام وهذه الضوابط مدارها أصل البراءة و ما يتفرع عنه من نتائج وآثار وما يستتبعه من وجوب توافر شروط معينة في المخرجاتالالكترونية حتي يمكن الحكم بالإدانة ذلك أنه لا محل لدحض قرينة البراءة وافتراض عكسها إلا عندما يصل إقتناع القاضي إلي حد الجزم واليقين فاذا كان القاضي لم ينته إلى أن المخرجاتالالكترونية السابق ذكرها تصل بنسبة الفعل أو الجريمة المعلوماتية إلى المتهم المعلوماتي كان عليه أن يقضي بالبراءة …
كما يجب أن تكون عقيدة القاضي و إقتناعه بالإدانه قد إستمدت من مخرجات كمبيوتريه طرحت بالجلسة لأن القاعدة هي أن لا يحكم إلا بناء على التحقيقات التي تحصل بالطرق والشروط القانونية و ليس بناء على معلوماته الشخصية أو على ما قد يكون قد رآه بنفسه أو حقيقة في غير مجلس القضاء كما ينغي الإ يؤسس القاضي الجزائيحكمه على دليل ناتج عن الحاسب الآلي لحقه سبب يبطله ويعدم أثره .
عليه و تحقيقا لليقينية والشفوية والمشروعية في الدليل فان مجمل شروط قبول المخرجاتالالكترونية تتلخص في المبادئ الثلاثه التاليه:
1- مبدأ يقينيه المخرجاتالالكترونية.
2- مبدأ وجوب مناقشة المخرجاتالالكترونية
3- مبدأ مشروعية المخرجاتالالكترونية.
1- مبدأ يقينية المخرجات الالكترونية
جرت عدة محاولات في الفقهتتعلق بتقسيمات اليقين فقد فرق البعض بين يقين البديهيات أو المسلمات المقبولة عامة في الضمير الإنساني ومن أبرز أمثلته : اليقين الرياضي وبين اليقين الإستقرائي وهو الذي يعقد على الإستدلال بالقياس لإثبات شئ معين كما فرق البعض الآخر بين اليقين الميتافيزيقي أو الغيبي وهو الذي يستنبط من أمور غيبية واليقين الفيزيقي أو الطبيعي وهو الذي يستنبط من إدراك الحواس البشرية واليقين المعنوي وهو الذي يستنبط من نشاط الآخرين غير ان الراجع في الفقه الإجرائي المعاصر هو تقسيم اليقين من حيث مصدره إلي يقين قانوني ويقين معنوي.
فاليقين القانوني يعني : تلك الحالة الناجمة عن القيمة التي يضفيها القانون على الأدلة ويفرضها على القاضي بمقتضى ما يصدره من قانونية محددة،فهو نوع من اليقين يتلقاه القاضي عن إرادة المشرع وهذا النوع من اليقين هو السائد في القانون الإنجليزي[12].
إلا إن القانون العام في انجلترا لم يعد يأخذ بنطرية الأدلة القانونية على الإطلاق بل بدأ يتقبل مبدأ حرية تقدير الأدلة لذلك فقد أصبح الحديث عن الإدانه بدون أي شك معقول أو الإدانه الخالية من أي شك هو السائد في القانون الإنجليزي حالياً.
ومن هذا المنطلق نجد أن القضاء الإنجليزي يملك حرية الحكم بالإدانة بناء على شهادة شخص واحد طالما أن هذه الشهادة تحقق اليقين إذا كانت القاعدة العامة في إنجلترا أن المحكمة الجنائية لا يجب أن تدين المدعي عليه إلا عندما تكون عناصر الجريمة قد تم إثباتها بعيداً عن كل شك معقول.
وإذا إنتقلنا لمناقشة يقينية المخرجاتالالكترونية نجد أن قانون البوليس والإثبات الجزائيفي بريطانيا يشترط حتى تتحقق يقينية المخرجاتالالكترونية أن تكون البيانات دقيقة وناتجة عن حاسب يعمل بصورة سليمة[13].
اما في فرنسا فإنه لا محل لدحض أصل البراءة وإفتراض عكسه إلا عندما يصل اقتناع القاضي الى حد الجزم واليقين والآمر لا يختلف بالنسبة لمخرجات الحاسب الآلي إذ يشترط القانون الفرنسي في المخرجات الالكترونية أن تكون يقينية حتي يمكن الحكم بالإدانة ذلك أنه لا محل لدحض قرينة البراءة وإفتراض عكسها إلا عندما يصل اقتناع القاضي إلي حد الجزم واليقين ويتم الوصول إلي ذلك عن طريق ما تستنتجه وسائل الإدراك المختلفة للقاضي من خلال ما يعرض عليه من مخرجات كمبيوترية سواء كانت مخرجات لا ورقية أو الكترونية كالأشرطة المغناطيسية والأقراص المغناطيسية والمصغرات الفيليمية وغيرها من الأشكال الإلكترونية غير التقليدية للتكنولوجيا التي تتوافر عن طريق الوصول المباشر أم كانت أخيراً مجرد عرض لهذه المخرجات المعالجة بواسطةالالكترونيه على الشاشة الخاصة به أو على الطرفيات.
اما في سلطنة عمان فقد اكدت المحكمة العليا على أصل البراءة وذلك في حكمها الصادر بالقرار رقم 50 في الطعن رقم 22/2004م في جلسة 2/3/2004م و الذي نص على ” يكفي للقضاء بالبراءة مجرد التشكك المعقول في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية الأدلة لأن الأصل في الإنسان البراءة وأن الجريمة صورة من صور السلوك الشاذ الخارج عن المألوف فقد وجب الاحتياط في نسبتها على شخص معين استصحاباً لهذه القاعدة الأصولية”.
وهكذا يستطيع القاضي من خلال ما يعرض عليه من مخرجات كمبيوترية وما ينطبع في ذهنه من تصورات واحتمالات بالنسبة لها أن يحدد قوتها الاستدلالية على صدق نسبة الجريمة المعلوماتية إلى شخص معين من عدمه، فكأن القاضي يصل إلي يقينية المخرجاتالالكترونية عن طريق نوعين من المعرفة:
أولهما : المعرفة الحسية التي تدركها الحواس من خلال معاينة هذه المخرجات وتفحصها.
وثانيهما: المعرفة العقلية التي يقوم بها القاضي عن طريق التحليل والاستنتاج من خلال الربط بين هذه المخرجات والملابسات التي أحاطت بها و اذا لم ينته القاضي إلي الجزم بنسبه الفعل او الجريمة المعلوماتية إلى المتهم المعلوماتي كان من المتعين عليه أن يقضي بالبراءة فالشك يجب أن يستفيد منه المتهم المعلوماتي.
2- مبدأ وجوب مناقشة المخرجات الالكترونية
الأصل الذي يحكم إجراءات المحاكمة هو أن تكون المرافعة شفوية وحضورية والمقصود بالمرافعة هنا جميع إجراءات التحقيق النهائي الذي تجريه المحكمة[14].
ومفهوم مبدأ وجوب مناقشة المخرجات الالكترونية يعني بصفة عامة أن القاضي لا يمكن أن يؤسس إقتناعة إلا على العناصر الإثباتية التي طرحت في جلسات المحاكمة وخضعت لحرية مناقشة أطراف الدعوى، ولا يختلف الأمر بالنسبة للمخرجات الالكترونية بوصفها أدلة إثبات إذ ينبغي أن تطرح في الجلسة وأن يتم مناقشتها في مواجهة الأطراف[15].
وتأسيساً على ذلك يجب أن تبدي شفاهة ، وفي حضور جميع الخصوم ، كافة الطلبات والدفوع والمرافعات فتطرح الإدلة عليهم للمناقشة فيها ، سواء كانت ادلة تقيليدية أو أدلة ناتجة عن الحاسبات الآلية،ويسمع شهود الدعوى من جديد في مواجهتهم والخبير يجب أن يحضر ويقرأ تقريره شفوياً في الجلسة[16].
كما أن متحصلات الجريمة التي تم ضبطها يجب أن تعرض على القاضي شخصياً وذلك حتي يقيم اقتناعه على ما شاهده وسمعه بنفسه في المحكمة، وتعد الشفوية والحضورية من الركائز الأساسية التي يترتب على إغفالها بطلان إجراءات المحاكمة لما في هذا الإغفال من إهدار لحق الدفاع بحرمانه من الإلمام بالأدلة المقدمة ضذه لتفنيدها.
وهذا ما اكدت عليه المحكمه العليا في سلطنة عمان في حكمها الصادر بالقرار رقم 83 في الطعن رقم 51/2004م- جلسة 13/4/2004م والذي نص على “كل دليل تعتمد عليه المحكمة في حكمها يجب أن يكون قد طرح شفوياً في الجلسة وجرت في شأنه المناقشة الشفوية كذلك ويستمد القاضي اقتناعه من حصيلة هذه المناقشات الشفوية ولا يستمده من المحاضر المكتوبة”.
وعلى ذلك فإن كل دليل يتم الحصول عليه من خلال بيئة تكنولوجيا المعلومات يجب أن يعرض في الجلسة ليس من خلال ملف الدعوى أو التحقيق الإبتدائي لكن بصفة مباشرة أمام القاضي ،وهذه الأحكام تنطبق على كافة الأدلة المتولدة عن الحاسبات الآلية ،وأيضاً بالنسبة لشهود الجرائم المعلوماتية الذين يكون قد سبق أن سمعت شهادتهم في التحقيقالإبتدائي فإنه يجب أن يعيدوا أقوالهم مرة أخرى من جديد أمام المحكمة ،كذلك فإن خبراء الأنظمة المعلوماتية على إختلاف تخصصاتهم[17] ينبغي أن يمثلوا أمام المحاكم لمناقشتهم أو مناقشة تقاريرهم التي خلصوا أليها إظهاراً للحقيقة وكشفاً للحق .
وهذا يعني أن المخرجات الالكترونية سواء كانت مطبوعة أم بيانات معروضة على شاشة الحاسب أم كانت بيانات مدرجة في حاملات البيانات فإنه يجب مناقشتها وتحليلها.
ففي فرنسا نصقانون الإجراءات الجنائية الفرنسي في الفقرة الثانية من المادة 427 على هذه القاعدة الهامة بالقول إنه لا يجوز للقاضي أن يؤسس حكمة إلا على أدلة طرحت عليه أثناء المحاكمة ونوقش أمامه في مواجهة الأطراف كذلك فإن قاعدة وجوب مناقشة الدليل الجزائيمن القواعد الأساسية في القانون الإنجليزي.
لذلك فإن قاعدة وجوب طرح الدليل بالجلسة لا تحول دون حق القاضي في الإستناد إلى ما ورد بالتحقيقات الأولية من أدلة بوشرت في مواجهة المتهم أو أطلع عليها، ومن ثم لا يعيب الحكم أنه أدان المتهم بناء على إقراره بمحضر ضبط الواقعة دون أن تسمعه المحكمة طالما أن الإقرار الوارد بمحضر ضبط الواقعة كان مطروحاً للمناقشة بالجلسة كذلك فإن القاضي الجزائيليس ملزماً بتسبيب طرحة لبعض الأدلة أو الأخذ ببعضها الآخر ، فهو حر في إقتناعة بالدليل الذي يراه طالما تحقق فيه شروط ثبوته بالأوراق وطرحه بالجلسة لتمكن الخصوم من مناقشتهبل للقاضي أن يستعين في اقتناعه بالقرائن التي تعزز الأدلة وتساندها طالما أن هذه الأدلة لها أصل بالأوراق وطرحت بالجلسة[18].
إن قاعدة وجوب مناقشة الدليل الجزائيسواء كان دليلاً تقليدياً أم كان ناتجاً عن الحاسب الآلي تعتبر ضمانات هامة وأكيدة للعدالة حتي لا يحكم القاضي الجزائيفي الجرائم المعلوماتية بمعلوماته الشخصية أو بناء على رأي الغير.ففكرة عدم جواز أن يقضي القاضي في الجرائم المعلوماتية بناء على معلوماته الشخصيةهي من أهم النتائج المترتبة على قاعدة وجوب مناقشة أو طرح الدليل الجزائيسواء كان دليلاً تقليدياً أو ناتجاً عن الحاسب الآلي في الجلسة لأنه لا يسوغ للقاضي أن يحكم بمقتضي معلوماته الشخصية في الدعوى ، أو على ما رآه بنفسه أو حققه في غير مجلس القضاء وبدون حضور الخصوم ،ذلك أن هذه المعلومات لم تعرض في الجلسة ولم تتح مناقشتها وتقييمها ، ومن ثم يكون الإعتماد عليها مناقضاً لقاعدتي الشفوية والمواجهة التي تسود مرحلة المحاكمة كذلك فإن هناك تناقضاَ بين صفتي القاضي والشاهد إذا أن الشهادة تتطلب إدراك الوقائع ثم نقلها إلي حيز الدعوى وفي هذه العملية تتدخل إعتبارات عدة منها عنصر التقدير لدى الشاهد وإدراكه وذاكرته إلي غير ذلك من العوالم والمؤثرات التي لها دخل كبير في تقدير الشهادة ولهذا يحتاج الأمر من جهة القاضي إلي تقدير وتمحيص لأقوال الشاهد حتي يمكن التحقق من مدى صدق أقواله وهو جدير بذلك لما له من ملكتي النقد والتفسير أما إذا كان مصدر هذه الشهادة القاضي نفسه فيتعذر عليه إجراء الرقابة المطلوبة إذ يقع حينئذ في صراع مع نفسه لأن الأمر يقتضي أن تكون المعلومات التي يدلي بها بعيدة عن التحيز والتأثيرات الشخصية[19].
وهذا ما اكدت عليه المحكمه العليا في سلطنة عمان في حكمها الصادر بجلسة 29/10/2002م- الطعن رقم 72/2002م حيث جاء في حكمها” أن تقدير الدليل بالصورة التي تكشف قناعة المحكمة من إطلاقات محكمة الموضوع لا تجوز إثارته أمام المحكمة العليا”.
اما فكرة عدم جواز أن يقضي القاضي في الجرائم المعلوماتية بناء على رأي الغير فهي مما يتقيد به القاضي الجزائي أيضاً في تكوين إقتناعه عدم التعويل على رأي للغير بل يجب أن يستمد هذا الإقتناع من مصادر يستقيها بنفسه من التحقيق في الدعوى وهذا نتيجة هامة من النتائج المترتبة على قاعدة وجوب مناقشة الدليل في المواد الجنائية يستوي في ذلك أن يكون دليلاً تقليدياً أو متولداً عن الحاسبات الآلية ،وتطبيقاً لذلك لا يجوز أن يحيل الحكم في شأن وقائع الدعوى ومستنداتها إلى دعوى أخرى غير مطروحة ،أو ان تعتمد المحكمة على أدلة ووقائع استقتها من أوراق قضية أخرى لم تكن مضمومة للدعوى التي تنظرها للفصل فيها ولا مطروحة على بساط البحث بالجلسة تحت نظر الخصوم[20] لكن يلاحظ أنه وإن كان يجب أن يصدر الحكم عن عقيدة للقاضي يستقيها هو مما يجريه من التحقيقات مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره إلا إن ذلك لا يعني حرمان القاضي بصفة مطلقة من الأخذ برأي الخبير متى إقتنع به هو حيث يتعين عليه في هذه الحالة أن يبين أسباب أقتناعه بهذا الرأي بإعتباره من الأدلة المقدمة إليه في الدعوي المطلوب منه أن يفصل فيها[21].
3- مبدأ مشروعية المخرجات الالكترونية
إن كل الأدلة التي يتم الحصول عليها عن طريق إنتهاك حق أساسي للمتهم تكون باطلة ولا يمكن التمسك بها ومراعاتها في أي مرحلة من مراحل الإجراءات ومن ثم فإنه يجب أن تكون المخرجاتالالكترونية أو الأدلة الناتجة عن الحاسب الآلي صحيحة ومشروعة حتي يمكن الحكم بالإدانة.
و مبدأ مشروعية الدليل في الجرائم المعلوماتية يعني ان يكون هذا الدليل و ما يتضمنه قد تم وفق الإجراءت والقواعد القانونية والأنظمة الثابتة في وجدان المجتمع المتحضر أي أن مشروعية الدليللا تقتصر فقط على مجرد المطابقة مع القاعدة القانونية التي ينص عليها المشرع بل يجب أيضاَ مراعاة إعلانات حقوق الإنسان والمواثيق والإتفاقات الدولية وقواعد النظام العام وحسن الآداب السائدة في المجتمع بالإضافة إلي المبادئ التي استقرت عليها المحاكم العليا[22].
وعلى ذلك فإنه يتعين على القاضي الجزائيألا يثبت توافر سلطة الدولة في عقاب المتهم بصفة عامة والمتهم المعلوماتي بصفة خاصة إلا من خلال إجراءات مشروعة تحترم فيها الحريات وتؤمن فيها الضمانات التي رسمها القانون ولا يحول دون ذلك أن تكون الأدلة سواء كانت تقليدية أم كانت ناتجة عن الحاسب الآلي صارخة على إدانة المتهم طالما كانت هذه الأدلة مشبوهه ولا يتسم مصدرها بالنزاهة وإحترام القانون.
ففي القانون الفرنسي نجد أن الإثبات الجزائيحر الإ أن حرية الإثبات لا تعني أن يكفي البحث عن الدليل الجزائيسواء كان تقليدياً أم كان ناتجاً عن الحاسب الآلي بأية وسيلة كانت، ففي الواقع أن إحترام حقوق الدفاع وحماية الكرامة الإنسـانية ونزاهة القضاء تستوجب أن يكون الحصول على الدليل الجزائيقد تم وفقاً لطرق قانونية مشروعة،فرغم أن قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي لا يتضمن أية نصوص تتعلق بمبدأ الأمانة أو النزاهة في البحث عن الحقيقة القضائية حتى بعد تعديلاته الأخيرة إلا أن الفقه والقضاء كانا بجانب هذا المبدأ سواء في مجال التنقيب عن الجرائم التقليدية أم في مجال التنقيب عن جرائم الحاسب الآلي كأن يستخدم رجال الشرطة طرق معلوماتية في أعمال التصنت على المحادثات التليفونية ولذا يشير أحد الفقهاء الفرنسيين إلي أن القضاء قد قبل إستخدام الوسائل العلمية الحديثة في البحث والتنقيب عن الجرائم الا انه اكد على أن يتم الحصول على الأدلة الجنائية ومن بينها المخرجاتالالكترونية بطريقة شرعية ونزيهة[23].
ومن أمثلة الطرق غير المشروعة أو الطرق غير النـزيهة التي يمكن أن تستخدم في الحصول على الأدلة الجنائية ومن بينها المخرجاتالالكترونية نذكر على سبيل المثال لا الحصرالاستجوابات المنهكة لقوى المتهم المعلوماتي – كأن يستدعى للتحقيق معه في أوقات متأخرة من الليل أو في ساعات مبكرة من الصباح وتكرار ذلك ، أو إطالة التحقيق لمدة طويلة بغية معرفة معلومات معينة حول قاعدة بيانات Data Base أو نظام إدارة البيانات أو خريطة تدفق البيانات أو قنوات أرسال البيانات أو التصميم التفصيلي للنظام المعلوماتي، أعمال التحريض على إرتكاب الجريمة المعلوماتية من قبل رجال الضبطية القضائية كالتحريض على الغش أو التزوير المعلوماتي ، التجسس المعلوماتي ، الإستخدام غير المصرح به للحاسب، التصنت والمراقبة الإلكترونية عن بعد على شبكات الحاسب الآلي دون مسوغ قانوني مشروع.
والقاعدة هي أن الإجراء الباطل يمتد بطلانه إلي الإجراءات اللاحقة عليه اذا كانت هذه الإجراءات تترتب عليه مباشرة فقد كانت المادة 170 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسية قبل تعديلها بالقانون رقم 2/93 الصادر في يناير 1993 تنص على أن البطلان يلحق الإجراء المعيب والأعمال التالية له بعض النظر عن توافر رابطة معينة بينها وقد ورد هذا النص في شأن الإستجواب والمواجهة المنصوص عليها في المادتين 111-114.
في المقابل فإننا نجد أن القانون الإنجليزي يتوسع في العمل بقاعدة استبعاد الدليل الجزائيالذي تم الحصول عليه بطريقة غير مشروعة وهكذا فإن كل دليل قد تم التوصل إليه مباشرة أو بطريقة غير مباشرة وكان متضمناً إعتداء على الحقوق الأٍساسية للمواطن يتعين أستبعاده من جلسة المرافعة حتي ولو كان دليلاً ملائماً أو موضوعياً أي يتصل بموضوع النزاع مباشرة فيتبعه أو يساهم في إثباته .
وفي هذا الخصوص تقرر المادة 76 من قانون البوليس والإثبات الجزائيالصادر سنة 1984 والمعمول به من أول يناير 1986 والذي حل محل قانون الإثبات الجزائي لسنة 1965 أن إعتراف المتهم يتم رفضة بإعتباره دليلاً إذا لم تستطع سلطة الإدعاء أن تثبت أنه لم يتم الحصول عليه بواسطة الضغط أو أنه كان نتيجة لسلوك معين يجعل هذا الإعتراف مشكوكاً فيه.
كما تعطي المادة 78 من القانون سالف الذكر للمحكمة سلطة إلغاء أو استبعاد الدليل الذي يريد المدعي العام أن يقدمه ” …….أنه إذا أخذ في الإعتبار كل الظروف وتم فهم هذه الظروف التي أعطي فيها الدليل ،وأن إلغائه كان بسبب وقوع أضرار تتعلق بعدالة إجراءات الدعوى فإن المحكمة لا يمكن أن تقبلة ”
وواضح أن المجال الرئيسي لتطبيق هذه المادة والخاص بالاعترافات التي يتم الحصول عليها عن طريق الشرطة مع تجاهل القواعد القانونية التي ينص عليها قانون البوليس والإثبات الجزائي وما تقرره القوانين بالنسبة لأسلوب الاستجوابات.
ومن القضائية في هذا الخصوص إستبعاد أو رفض المحاكم الإنجليزية قبول أعتراف تم الحصول عليه مع عدم احترام القواعد الجوهرية وبوجة خاص عدم إحترام قاعدة إعادة تلاوة الأقوال للتغلب على أي خطاً يكون قد وقع من جانب الشرطة وكذلك عدم احترام حق الإستعانة بمدافع لكي يقنع متهماً صامتاً في أن يتحدث أو عدم إحترام القواعد المقررة عند أرتكاب مخالفة مرورية أيضاً إلغاء الإعتراف الذي تم الحصول عليه بموجب إجراء غير نزيه.
رابعا: حجية المخرجات الالكترونية أمام القضاء الجزائي
لقد ذكرنا – آنفاً – إن نظام الإثبات الحر أو نظام الأدلة المعنوية هو السائد في القانون الجزائيالفرنسي. ففي هذا النظام لا يرسم القانون طرقاً محددة للإثبات يتقيد بها القاضي الجزائيبل يترك حرية الإثبات لأطراف الخصومة في أن يقدموا ما يرون أنه مناسب لإقتناع القاضي هذا من ناحية ومن ناحية أخري يترك للقاضي في ان يتلمس تكوين إعتقاده من أي دليل يطرح أمامة وفي أن يقدر القيمة الإقتناعية لكل منها حسبما تنكشف لوجدانه حيث لا سلطان عليه في ذلك إلا ضميره كما وأنه غير مطالب بأن يبين سبب إقتناعه.
ومع ذلك فإن هذه الحرية ليست مطلقة، فالقانون وإن إعترف للقاضي بسلطة واسعة في تقدير الدليل فإنه قد قيده من حيث القواعد التي تحدد كيفية حصوله عليه والشروط التي يتعين عليه تطلبها فيه ومخالفة هذه الشروط قد تهدر قيمة الدليل وتشوب قضاءه بالبطلان[24]. وهكذا يتميز نظام الأدلة المعنوية بالدور الفعال للقاضي حيال الدليل.
– فالمشرع الفرنسي قد خول رئيس محكمة الجنايات سلطة تفويضية بمقتضاها يمكنه أن يتخذ كافة الإجراءات التي يعتقد أنها مفيدة في الكشف عن الحقيقية حيث لا قيد عليه سوى شرفه وضميره ( م 310 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي ).
وينتج عن ذلك على سبيل المثال أن يسمع أقوال بعض الأشخاص بدون حلف يمين على سبيل الإستدلال كما أن له أن يأمر بضبط أشياء جديدة لم يتم ضبطها من قبل أو أن يأمر بتلاوة تقرير الخبير أو شهادة غائب ومن ناحية أخرى فإن القاضي الجزائي حر في وزن وتقدير كل دليل فمبدأ حرية القاضي في الإقتناع تعني أن يقدر القاضي بكامل حريته قيمة الأدلة المعروضة عليه تقديراً منطقياً مسبباً وإن هذا الإقتناع يجب أن يكون منطقياً وليس مبنياً على محض التصورات الشخصية للقاضي ،فهذا المبدأ لا يعني ” التحكم القضائي” بل إن القاضي ملتزم بأن يتحري المنطق الدقيق في تفكيره الذي قاده إلي إقتناعه بحيث إذا إعتمد في تفكيره على أساليب ينكرها المنطق السليم كان لمحكمة النقض أن ترده كذلك يجب أن يبين القاضي الأدلة التي أعتمد عليه وكانت مصدراً لأقتناعة.
فإذا كان تقديره للأدلة لا يخضع لرقابة محكمة النقض أذ ليس لها أن تراقبه في تقديره إلا أن لها أن تراقب صحة الأسباب التي استدل بها على هذا الإقتناع.
وكذلك يتميز نظام الإثبات الحر أو المطلق بحرية أطراف الخصومة في الإثبات فسلطة الإتهام لها أن تثبت التهمة بكافة وسائل الإثبات المشروعة وللمتهم أن يدحض هذا الإتهام بكل الممكنات المخولة له.
ومبدأ حرية الإثبات والإقتناع يطبق أمام جميع أنواع القضاء الجزائيمن محاكم المخالفات والجنح والجنايات دون تفرقة بين القضاء والمحلفين حيث لم يميز بينهما المشرع الفرنسي .
إذ نصت المادة 303 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي على أن يقسم المحلفون على أن يصدروا قراراتهم طبقاً لضمائرهم وإقتناعهم الشخصي.
وأذا كان مبدأ الإثبات المعنوي يشمل كل جهات القضاء الجزائيفإنه يمتد أيضاً إلي كل مراحل الدعوى الجنائية سواء في مرحلة التحقيق الإبتدائي أو التحقيق النهائي وهكذا فإن المبدأ كما يطبق أمام جهات التحقيق النهائي فإنه يطبق أيضاً أمام قضاء التحقيق والإحالة.
أن مشكلة حجية المخرجاتالالكترونية على المستوي الجزائيلا تبدو ملحة أو عاجلة في نظر الفقهاء الفرنسيين فالأساس هو حرية الأدلة وحرية القاضي في تقدير هذه الأدلة. والواقع أن الفقة الفرنسي يدرس حجية المخرجاتالالكترونية في المواد الجنائية ضمن مسألة قبول الأدلة الناشئة عن الآلة أو الأدلة العلمية مثل الرادارات والأجهزة السينمائية وأجهزة التصوير وأشرطه التسجيل وأجهزة التصنت.
تلك الأدلة التي أخذ بها المشرع وقبلها القضاء في إطار مجموعة من الشروط من أهمها أن يتم الحصول عليها بطريقة شرعية ونزيهة وأن يتم مناقشتها حضورياً عن طريق الأطراف.
وعلى هذا الأساس حكمت محكمة النقض الفرنسية أن أشرطة التسجيل الممغنطة التي يكون لها قيمة دلائل الإثبات يمكن أن تكون صالحة للتقديم أمام القضاء الجنائي[25].
– و لو انتقلنا الى حجية المخرجات الالكترونية أمام القضاء الجزائي الذي يتبنى نظام الإثبات القانوني أو المقيد كما هو السائد في القانون الإنجليزي ، لوجدنا ان هذا النظام يتميز بأن المشرع هو الذي يقوم بالدور الإيجابي في عملية الإثبات في الدعوى فهو الذي ينظم قبول الأدلة سواء بطريق تعيين الأدلة المقبولة للحكم بالإدانه أو بإستبعاد أدلة أخرى أو بإخضاع كل دليل بإن يضفي حجية دامغة على بعض الأدلة وأخرى نسبته على البعض الآخر أما دور القاضي في ظل هذا النظام فهو دور آلي لا يتعدى مراعاة توافر الأدلة وشرائطها القانونية بحيث اذا لم تتوافر لا يجوز له أن يحكم بالإدانة بل يحكم بإستبعاد الدليل حتى لو اقتنع بأن المتهم مُدان فهو لا يستطيع أن يتحرى عن الحقيقة بطرق أخرى لم ينص عليها المشرع[26] ولا أن يطلب إكمال أدلة ناقصة بل عليه أن يلتزم بما حدده المشرع. بيد أنه يمكن القول أنه قد طرأت بعض التلطيفات على حدة هذا النظام حيث نجد أن القانون العام لم يعد يأخذ بنظرية الأدلة القانونية على اطلاقها بل بدأ يتقبل مبدأ حرية تقدير الأدلة.
اما فيما يتعلق بالتطبيقات الخاصة بالأدلة الناتجة عن الحاسبات الآلية لوجدنا في بريطانيا ، وفي قضية جولد وشفرين سنة 1988 حاول الدفاع ان يشكك في أدلة الإثبات . مدعياً أن الكثير من الأدلة التي بني عليها الإدعاء إتهامة يجب إستبعادها حسب تقدير القاضي وفقاً للقسم 78 من قانون البوليس والأثبات الجزائيلسنة 1984 كما انتقد اساليب التحري في النظام البريطاني للأجهزة التليفونية لإثبات الوصول غير المصرح به للجاني في بيرستل وخاصة استخدام جهاز رصد البيانات وجهاز رصد المكالمات ( ميراكل المعجزة ) والذي حدد هوية إثنين من المتهمين اللذين تمت اعتراض اتصالاتهما بل لقد ادعى الدفاع ان هيئة التليفونات البريطانية قد ارتكبت جريمة عند قيامها بجمع الأدلة ، هذه الادعاءات رفضها القاضي بتلر الذي كان ينظر للقضية وبالتالي لم ينجح الاستئناف في حين أن القسم 78 لا يمس مباشرة أنشطة الشرطة في التصنت إلا أن هذا القسم كما يتم تفسيره حالياً قادر على استبعاد أي دليل يتم الحصول عليه عن طريق شرك.
وفي أحد القضايا قام البوليس بتركيب جهاز تصنت على خط تليفون أحدى الشاكيات بناء على موافقتها وقد افتعلت الشاكية عدة مكالمات تلفونية مع الشخص الذي كان البوليس يشك في إرتكابه الجريمة وقد تم تسجيل هذه المكالمات التي تضمنت موضوعات تدين المتهم لكن القاضي استبعد هذه التسجيلات على أساس أنها تمت من شرك خداعي[27] .
لكن ما مدى تمسك القانون الإنجليزي بنظرية ثمار الشجرة المسمومة[28] في مجال المخرجاتالالكترونية ؟جوهر هذه النظرية : أنه أذا كانت الشجرة السامة لا تطرح إلا ثمار سامة لآن الطبيعة السامة من الأصل لابد أن تنتقل بالضرورة إلي الفرع فأن نفس الشئ يحدث بالنسبة للدليل الجزائي في عدم مشروعية الدليل الأصلي تمتد إلي الدليل الفرعي أو الدليل اللاحق وبالتالي يتعين استبعادهما معاً طالما أن الدليل الثاني يرتبط بالأول ويترتب عليه[29].
ومن هذا المنطلق تنص الفقرة الرابعة من المادة 76 من قانون البوليس والإثبات الجزائيسالف الذكر على أنه أذا كان الاعتراف غير مقبول فإن كل ما يترتب عليه بعد ذلك يصبح غير مقبول يستوي في ذلك الأدلة التقليدية أو الأدلة الناتجة عن الحاسب الآلي[30].
– أما فيما يتعلق بسلطنة عمان فقد اولت السلطنة اهتماماً كبيراً بقطاع الاتصالات من أجل تطويرها لتواكب مثيلاتها من الدول العربية والأجنبية حتى أصبحت تعيش عصر التكنولوجيا بشكل كبير.
فأعتمدت مؤسساتها وهيئاتها وأجهزتها المختلفة في القطاعين العام والخاص سواء الادارية منها أو الاقتصادية أو العلمية أو الامنية على نظم الحاسب الآلي.
إلا أن استخدام التقنية التكنولوجية هذا صاحبه ظهور جرائم كثيرة ومتنوعه كالسرقة والنصب والاحتيال والقرصنة وغيرها من الجرائم في هذا المجال. مما جعل الحاجة ماسة لاصدار التشريعات اللازمة للحد من تلك الجرائم ومواجهة مرتكبيها وانزال العقاب بهم من اجل حماية مصالح المجتمع وتحقيق الردع العام.
ونتيجة لحدوث كثير من الاختراقات و المخالفات المتعلقة بالحاسب الآلي اذ سجلت اول جريمه معلوماتيه في سلطنة عمان في عام 1995 وهي تتعلق بالاختراقات الخاصه بشبكه الانترنت في بعض الحسابات الخاصه بالموسسات العامه و الافراد و ذلك في محافظة مسقط و استمر بعد ذلك الحال مما حدى بالمشرع العماني لمواجهة تلك الجرائم والتصدى لها و ذلك بموجب التعديل في قانون الجزاء الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 72/2001 حيث أدرج هذ الأفعال في الباب السادس الخاص بالجرائم الواقعه على الأفراد وذلك في الفصل الثاني مكرر( المادة 276 مكرر) من قانون الجزاء العماني.
فنصت المادة/276(مكرر) بأنه يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنتين وبغرامة من مائه ريال إلى خمسمائة ريال أو باحدى هاتين العقوبتين كل من تعمد استخدام الحاسب الآلي في ارتكاب أحد الأفعال الآتية:
1- الالتقاط غير المشرع للمعلومات او البيانات.
2- الدخول غير المشرع على أنظمة الحاسب الآلي.
3- التجسس والتصنت على البيانات والمعلومات.
4- انتهاك خصوصيات الغير أو التعدي على حقهم في الاحتفاظ بأسرارهم.
5- تزوير بيانات أو وثائق مبرمجة أياً كان شكلها.
6- اتلاف وتغيير ومحو البيانات والمعلومات.
7- جمع المعلومات والبيانات وإعاده استخدامها.
8- تسريب المعلومات والبيانات.
9- التعدي على برامج الحاسب الآلي سواء بالتعديل أو الاصطناع.
10- نشر واستخدام برامج الحاسب الآلي بما يشكل انتهاكاً لقوانين حقوق الملكية والأسرار التجارية.
وقد رفع المشرع العماني الحد الأدنى للعقوبة المذكورة في المادة/276 مكرر(1) بحيث لا تقل عن ستة أشهر على كل من يستولي أو يحصل على نحو غير مشرع على بيانات تخص الغير تكون منقولة أو مختزنة أو معالجة بواسطه انظمة المعالجة المبرمجة للبيانات.
وضاعف العقوبة على من يرتكب تلك الافعال السابقة من مستخدمي الحاسب الآلي.
و في المادة/276 مكرر(3) رفع الحد الأعلى للعقوبة إلى مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تجاوز ألف ريال على كل من:
1- قام بتقليد أو تزوير بطاقة من بطاقات الوفاء او السحب.
2- استعمل او حاول استعمال البطاقة المقلدة أو المزورة مع العلم بذلك.
3- قبل الدفع ببطاقة الوفاء المقلدة أو المزورة مع العلم بذلك.
و في المادة/276 مكرر(4) عاقب بالسجن مدة لا تزيد على 3سنوات وبغرامه لا تجاوز خمسمائة ريال كل من:
1- استخدام البطاقة كوسيلة للوفاء مع علمه بعدم وجود رصيد له.
2- استعمل البطاقة بعد انتهاء صلاحيتها أو إلغائها وهو عالم بذلك.
3- استعمل بطاقة الغير بدون علمه.
وفيما يتعلق بنظام الإثبات في القانون العماني بداية يجب التنويه الى انه لا يوجد قانون خاص للإثبات في سلطنة عمُان حيث يتم الرجوع الى قانون الاجراءات الجزائيه الصادر بالمرسوم رقم 97/99 و المعدل بالمرسوم رقم 73/2001 وكذلك من خلال القضاء الذي يأخذ على عاتقة مسئولية الإثبات في الدعوى العمومية من خلال سن مبادئ قانونية ترسيها المحكمة العليا و التي يطلق عليها محكمة النقض في بعض الدول.
حيث نجد ذلك واضحا في المواد 90 و 177 و 186و 191و 192و 200من قانون الاجراءات الجزائيه على إحترام مبداء شرعيه الادله المستخدمه في اثبات الدعوى الجنائيه وضمان حقوق الدفاع وحماية الكرامة الإنسـانية ونزاهة القضاءو ضرورة أن يكون الحصول على الدليل الجزائيقد تم وفقاً لطرق قانونية مشروعة
ومن خلال تتبع الأحكام الصادرة من المحكمة العليا تبين أن السلطنة من الدول التي أخذت بالمدرسة التي تتبع نظام الإثبات المعنوي أو المطلق حيث لم تلزم المحكمة اطراف الرابطة الإجرائية بتقديم أدلة معينة بل للقاضي أن يقتنع بأي دليل كما هو النظام السائد في فرنسا, و نجد ذلك واضحا في حكم جلسة المحكمة العليا المؤرخ في 10/6/2002م الطعون رقم 74 و86 و84لعام 2002م حيث نص على: “لمحكمة الموضوع سلطة واسعة في سبيل تقصي ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها وتكوين عقيدتها من جماع الأدلة المطروحة عليها بطريق الاستقراء والاستنتاج ما دام استخلاصها سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي”.
كما أن المحكمة جعلت للقاضي الحرية الكاملة في سبيل تقصى الحقيقة وجعلت من نص القانون على أدلة معينة هو الاستثناء وهذا ما اكدت عليه المحكمه العليا في سلطنة عمان في حكمها الصادر بجلسة 26/11/2002م- الطعن رقم 89/2002م و الذي نص على” أن القضاء الجزائي يملك سلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل تقصي ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها ومدى اتصال المتهم بها وله مطلق الحرية في تكوين عقيدته من الأدلة ما دام استخلاصه سليماً ولا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ما لم يقيده القانون بأدلة معينة في إثباتها”.
خامسا: الخلاصه
1- أن الجناة قد طوروا طرق الإجرام على نحو دقيق من التقنية العالية في بيئة تكنولوجيا المعلومات.
2- أن مخرجات الحاسب الآلي ما هي إلا تطبيق من تطبيقات الدليل العلمي بما يتميز به من موضوعية وحياد وكفاءة و أن المخرجاتالالكترونية يجب ان لا تثير أية صعوبة عند تقديمها كأدلة إثبات على جرائم الحاسب الآلي.
3- إن المخرجاتالالكترونية لها حجيتها في أطار مجموعة من الشروط تتمثل في :
– ان تكون هذه المخرجاتالالكترونية يقينيه
– أن يتم الحصول عليها بطريقة مشروعة ونزيهة
– وأن يتم مناقشتها حضورياً عن طريق الأطراف
4- أن القاضي يصل إلى يقنية المخرجاتالالكترونية عن طريق نوعين من المعرفة أولهما المعرفة الحسية التي تدركها الحواس من معانية هذه المخرجات وبفحصها والآخر المعرفة العقلية التي يقوم بها القاضي عن طريق التحليل والاستنتاج من خلال الربط بين هذه المخرجات والملابسات.
سادسا: التوصيات
في ختام هذه الورقه يوصي الباحث:
1- ضرورة تسليح القاضي الجزائيبتقنية وعلوم الحاسب الآلي لمواكبة المناقشة العلمية للمخرجاتالالكترونية .
2- إضافة مقرر دراسي لطلاب كليات الحقوق تتضمن معلومات عن الحاسب الآلي وتقنياته و طرق الاثبات و التحقيق في القضايا المتعلقه بالحاسب الالي .
3- ينبغي أن تكون المخرجاتالالكترونية مجال للمناقشة عند الآخذ بها كأدلة إثبات أمام المحكمة.
4- ان تتصدى الجمعيه العربيه للقانون الجنائي لوضع مشروع عربي موحد حول ضرورة تطوير وسائل الإثبات بتطور وسائل الإجرام.
5- التعجيل في اصدار قانون الاثبات في سلطنة عمان ليكون هاديا للمشتغلين في مجال الاثبات في المسائل القانونيه بشكل عام.
قائمة المراجع
1. د. هلالي عبد اللاه أحمد ، تفتيش نظم الحاسب الآلي وضمانات المتهم المعلوماتي دراسة مقارنة ، القاهرة: دار النهضة العربية ، الطبعة الأولي1997 .
2. د. هلالي محمد عبد اللاه أحمد ، حجية المخرجاتالالكترونية في المواد الجنائية بدون دار نشر 1999.
3. د. هلالي عبد اللاه أحمد ، إلتزام الشاهد والإعلام في الجرائم المعلوماتية ، دراسة مقارنة ، القاهرة: دار النهضة العربية ، 1997.
4. د. هشام محمد فريد رستم ، قانون العقوبات ومخاطر تقنية المعلومات ، مكتية الآلات الحديثة ، أسيوط 1992 .
5. د. أحمد عوض بلال ، التطبيقات المعاصرة للنظام الإتهامي في القانون الأنجلو أمريكي ، القاهرة: دار النهضة العربية.
6. د. مأمون محمد سلامة ، قانون الإجراء الجنائية معلقاً عليه بالفقة والقضاء ، القاهرة : دار الفكر العربي ، 1981 .
7. د.آمال عبد الرحيم عثمان ، الخبرة في المسائل القانونية رسالة دكتوراة جامعة القاهرة: 1964.
8. د. أحمد ضياء الدين محمد خليل ، مشروعية الدليل في المواد الجنائية كلية الحقوق ، جامعة عين شمس سنة 1984.
9. د. سامي الملا ، اعتراف المتهم ، رسالة دكتوراه ، جامعة القاهرة ، 1969.
10- د. غنام محمد غنام, عدم ملاءمة القواعد التقليدية في قانون العقوبات لمكافحة جرائم الكمبيوتر، بحث مقدم إلى مؤتمر القانون والكمبيوتر ، كلية الشريعة والقانون ، جامعة الإمارات العربية المتحدة ، مايو 2000
11- عبابنة، محمود أحمد، جرائم الحاسوب وأبعادها الدولية، دار الثقافة، عمان، 2005.
12- قورة، نائلة عادل محمد فريد قورة، جرائم الحاسب الآلي دراسة نظرية تطبيقية، منشورات الحلبي، بيروت، ط1، 2005.
13- د. محمد فهمي طلبة، الموسوعة الشاملة لمصطلحات الحاسب الإلكتروني, مطابع المكتب المصرى الحديث ، 1991 ، ص 31 ، د. محمد فهمي طلبة ، فيروسات ا لحاسب وأمن البيانات ، القاهرة ، مطابع الكتاب المصري الحديث سنة ، 1992، ص 19 وما بعدها.
14- المكتب الفني – مجموعة الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا عن هيئة توحيد المبادئ والدائرة الجزائية مع المبادئ المستخلصة منها لسنة 2002م-المحكمة العليـا- وزارة العـدل – سـلطنة عمُان.
15- المكتب الفني – مجموعة الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا عن هيئة توحيد المبادئ والدائرة الجزائية مع المبادئ المستخلصة منها لسنة 2004م-المحكمـــــــة العليـــــــا- وزارة العـــــدل – ســـــــلطنة عمُـــــــان.
16- مجموعة أحكام النقض المصرية س س50 رقم 149 ص 770 ، نقض 14 ديسمبر سنة 1942
17- قانون الجزاء العماني رقم 34/1974 المعدل بالمرسوم السلطاني رقم 72/2001.
18- قانون الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم رقم 97/99 المعدل بالمرسوم السلطاني رقم 73/2001.
[1] – د. هلالي عبد اللاه أحمد ، إلتزام الشاهد والإعلام في الجرائم المعلوماتية ، دراسة مقارنة ، القاهرة: دار النهضة العربية ، 1997، 13.
[2] – د. هشام محمد فريد رستم ، قانون العقوبات ومخاطر تقنية المعلومات مكتبة الآلات الحديثة ، اسيوط 1992 ، ص 30
[3] – د. هلالي عبد اللاه أحمد, مرجع سابق، ص 14.
[4] – عبابنة، محمود أحمد، جرائم الحاسوب وأبعادها الدولية، دار الثقافة، عمان، 2005.
[5] – – د. هلالي عبد اللاه أحمد, مرجع سابق، ص 14.
[6] – قورة، نائلة عادل محمد فريد قورة، جرائم الحاسب الآلي دراسة نظرية تطبيقية، منشورات الحلبي، بيروت، ط1، 2005.
[7] – عبابنة، محمود أحمد , مرجع سابق, ص16.
[8] – هشام فريد رستم, مرجع سابق.
[9] – د. هشام رستم, مرجع سابق.
[10] – عبابنة، محمود أحمد , مرجع سابق،ص 82.
[11] – د. غنام محمد غنام, عدم ملاءمة القواعد التقليدية في قانون العقوبات لمكافحة جرائم الكمبيوتر، بحث مقدم إلى مؤتمر القانون والكمبيوتر ، كلية الشريعة والقانون ، جامعة الإمارات العربية المتحدة ، مايو 2000.
[12]- قورة، نائلة عادل محمد فريد، مرجع سابق, ص82
[13] – د. هلالي عبد اللاه أحمد ،مرجع سابق ،ص ص 91-95.
[14]- د. مأمون محمد سلامة ، قانون الإجراءات الجنائية معلقاً عليه بالفقة والقضاء ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، سنة 1981 ، ص 732 ما بعدها ، أنظر أيضاً : نقض 20 نوفمبر سنة 1986 مجموعة أحكام النقض رقم 979 ص ( 943) ، نقض 15 يونيو سنة 1980 مجموعة أحكام النقض س س50 رقم 149 ص 770 ، نقض 14 ديسمبر سنة 1942 ، مجموعة القواعد جـ رقم 107 ص 103
[15] – د. هلالي عبد اللاه أحمد ، مرجع سابق ، ص ص 102-103
[16] – نقض 13 ديسمبر سنة 1955 مجموعة أحكام محكمة النقض المصريه رقم 100 ( ص 297)
[17]- محمد فهمي طلبة، الموسوعة الشاملة لمصطلحات الحاسب الإلكتروني, مطابع المكتب المصرى الحديث ، 1991 ، ص 31 ، كذلك د. محمد فهمي طلبة ، فيروسات ا لحاسب وأمن البيانات ، القاهرة ، مطابع الكتاب المصري الحديث سنة ، 1992، ص 19 وما بعدها.
[18] – د. هلالي عبد اللاه أحمد ، مرجع سابق ، ص ص 109-110
[19] – د.آمال عبد الرحيم عثمان ، الخبرة في المسائل القانونية رسالة دكتوراه جامعة القاهرة سنة 1964، ص 147 ومابعدها ، مجموعة القواعد القانونية جـ 6 رقم 334 ص 458
[20] – د. هلالي عبد اللاه أحمد ،مرجع سابق ،ص ص 113-114.
[21] – د.هلالي عبد اللاه احمد، مرجع سابق ،ص 115 كذلك لمزيد من التفاصيل راجع نقض 2/12/1979 س 49 رقم 192 ، ص 902، نقض 19/11/1986 س 56 رقم 174 ( 912 )، نقض 18/11/1974 مجموعة أحكام النقض س ا رقم 521 ( ص 59).
[22] – د. احمد ضياء الدين محمد خليل ، مشروعية الدليل في المواد الجنائية ، كلية الحقوق ، جامعة عين شمس سنة 1982 ، د. محمد سامي الملا ، اعتراف المتهم ، رسالة دكتوراه ، جامعة القاهرة سنة 1969 ص 24 وما بعدها.
[23] – (1) د. هلالي عبد اللاه أحمد ،مرجع سابق ،ص 121.
[24] – د.هلالي عبد اللاه أحمد ، مرجع سابق ، ص 30
[25] – د. هلالي عبد ا للاه أحمد،مرجع سابق ص ص 30-42. كذلك د. أحمد عوض بلال ، التطبيقات المعاصرة للنظام الإتهامي في القانون الأنجلو أمريكي ، القاهرة ، دار النهضة العربية ،سنة 1992-1993 ، ص ص 261-267.
[26] – د. هلالي عبد ا للاه أحمد،مرجع سابق ص 50.
[27] – د. هلالي عبد اللاه أحمد ، مرجع سابق ، ص 131-132.
[28] – هو في الأصل اصطلاح ظهر في أمريكا ثم انتقل إلي إنجلترا .
[29] – ويقابل هذه النظرية في الشريعة الإسلامية القاعدة الأصولية أنه لا يبني صحيح على باطل أو ما بنى على باطل فهو باطل
[30] – د. هلالي عبد اللاه أحمد ، مرجع سابق، ص 135.
اترك تعليقاً