المحامي منتصر عدنان رواجبة – يكتب عن التزوير – نابلس
جريمة التزوير
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
“إهداء ”
الى نبع العطاء ……
ونهر الحنان الذي لا ينضب …..
الى الذين أهدروا عمرهم في سبيل تربيتي ….
الى والدي الاحباء ……
أهدي هذا العمل المتواضع
عرفانا بفضلهما الجليل
الذي طوق عنقي الى يوم الدين
المحامي منتصر عدنان رواجبة – نابلس
المقدمة
التزوير في حقيقته هو إالباس الباطل ثوب الحق مما يؤدي الى تغيير الحقيقة
واضطراب الثقة في التعامل لدى الافراد في المجتمع ولذا فجرائم التزوير من الجرائم الخطرة لما فيها من عدوان على سلطان الدولة ، واعتداء على مصالحها المادية ، والإضرار بمصالح الافراد والثقة العامة ويعد التزوير في المحررات الرسمية والعرفية من الجرائم الشائعة في المجتمع .
وقد حاولت جاهدا إن يشمل هذا البحث لو جزاءا بسيط من أهم موضوعات التزوير مع التعليق عليها .
المحامي
منتصر عدنان رواجبة
نابلس
بسم الله الرحمن الرحيم
المبحث الأول : تعريف التزوير وأركانة :
تعريف التزوير : هو تغيير الحقيقة بقصد الغش في محرر بأحد بأحد الطرق التي نص عليها القانون تغييراً من شأنه أن يسبب ضرر.
وقد نص المشرع على التزوير في في المحررات في المواد (211) الى (227) من قانون العقوبات (1) ولم يذكر تعريفاً للتزوير كما أنه لم يبين أركان هذه الجريمة وكل ما جاءت به النصوص سالفة الذكر هو بيان الطرق التي يقع بها التزوير المعاققب عليه والعقوبات التي توقع في حالة التزوير الانواع المختلفة من المحررات.
والتعريف السائد في الفقه هو التعريف الذي وضعه الاستاذ جار سون وهو يصور التزوير الذي ذكرناه بعالية (2).
علة تجريم التزوير :
قد اختلف الرأي حول علة تجريم التزوير في المحررات أو المصلحة التي يهدف القانون بالتجريم حمايتها فقد ذهب الرأي الراجح الى أن علة التجريم في المحررات تكن في إهدار للثقة العامة وإخلاله بالتالي بالضمان واليقين والاستقرار الذي ينبغي أن يحيط بالمعاملات وسائد مظاهر الحياة القانونية في المجتمع ، فالناسيعتمدون على الأوراق الكتوبة لاثبات وهي النهاية وسيلة ثمينة لحسم المنازعات قضاء.
إذ تقوم بها الأدلة الكتابة التي تعد أهم وسائل الاثبات القانونية تلك علة التجريم مع التسليم بأن من شأن التزوير أحياناً إحداث أضرار مادية أو معنوية بالمال والشرف.
فمن يزور شهادة علمية لا يضر فحسب بالثقة العامة في المحررات الرسمية لكنه يهدد بالضرر كذلك مصلحة أخرى .
وهي إن تقتصر مزاولة العمل الذي ترخص به هذه الشهادة على من توفرت فيه شروط حملها ومن يزور مخالصة من دين أو سند دين أو شيكاً على غيره لا يضر فحسب الثقة العامة التي وضعه في المحررات العرفية وإنما يهدد بالضرر حقاً حالياً للغير .
(1) نظراً للمادة 211 – 227 من قانون العقوبات.
(2) جرائم التزييف والتزوير ، شريف الطباخ – نشر محاسب وليد الصدر 2005 ص 180
المطلب الأول: أركان التزوير وأقسامه
التزوير يتقسم الى :
1- تزوير خطي : هو نوع من محاولات تقليد التوقيعات والخطوط والحتجاج بها على صاحبها الأصليين هذه المحاولات تتم باساليب شتى مختلطة وسبل متغيرة تتوقف في المقام الأول على حدي ثقافة المزور وكافة الامكانات المتاحة له وكذلك على مهاراته الشخصية أو مهارة من يعاونه.
2- تزوير مادي : فيتناول امكانية احداث تغير في المحررات الصحيحة ويكون جوهريا مثل إضافة بعض البياناات أو محو بعضها جزئياً أو كلياً بوسيلة من الوسائل شتى آلية أو كيميائية وذلك بغرض الاستفادة من هذا المحرر أو المستند كمحاولة إخفاء صفة القدم على محرر حديث أو غيره.
3- التوير المعنوي : هو ذلك الذي يقع إثناء إنشاء المحرر لأبعده وانه لا يترك أثراً ماديا في المحرر تدركه العين.
أركان جريمة التزوير :
اولاً : تغير حقيقة في محرر أي ابدال واقع ويكون التغير حاصلا في أمور جعل المحرر لاثباتها في ويكون التغير بحسب الظروق والأحوال التي نص عليها القانون.
ثانياً : العمد أو القصد الجنائي.
ثالثاً : الضرر.
الفرع الأول: تغير الحقيقة :
هذا هو الركن الأول في التزوير وهو لا يتوافر الا اذا اجتمعت فيه القيود الاربعة التالية وهي التغير ووقوعه في المحرر وتعلقه بوقائع كان المحرر مجعولاً لاثباتها ارتكاب ذلك باحدى الطرق المنصوص عليها في القانون .
القيد الأول : تغير الحقيقة
لابد وحتما من ابدال الواقع حتى يعد الفعل جريمة يعاقب عليها فاثبت الحقيقة لو بطريقة الغش لا يعد تزويراً فغذا مسح شخص شرطاً في عقد لا يزال الشرط يقرا معه جيداً فلا تزوير لان الحقيقة لم تتغير فان صعبت قراءة الشرط وصار مشكوكاً في الغرض منه فالتزوير حاصل الان الحقيقة تغيرت ومن هنا تبين إن الحقيقة لا يستلزم ابدالها بغيرها بل يعد تزويراً.
اشكال تغير الحقيقة :
توفر الجريمة التزوير بطمس الامضاءات الصحيحة ووضع أختام بدلا منها لتمتنع مضاهاة الامضاءات على ورق أخرى وان طمس الامضاءات الصحيحة الموضوعة على العقد ووضع اختاماً بدلاً منها لتمتنع مضاهاة الامضاءات على ورقة أخرى عبث مادي في العقد يتوافر به التزوير لما فيه من تغير الحقيقة الطريقة التي تم بها التوقيع عند التعاقد.
(الطعن رقم 2043 لسنة 4ق – جلسة 25\2\1935)
إثبات الموظف في الورقة واقعه مزوره اختلقها وجعلها في صورة واقعه صحيحة تزوير (1)
(الطعن رقم 421 لسنة 14ق – جلسة 24\4\1954)
وضع بصمة اصبع شخص ما على أحد المحررات بقصد نسبتها لشخص آخر هو تزوير بطريقة الاصطناع .(2)
(الطعن رقم 793 لسنة 4ق – جلسة 25\3\1935 )
تغير الحقيقة في الأموال المستحقة على الممول أو مقدارها في ورد المال تزوير معاقب عليه. (3)
(1) طعن رقم 2043 لسنة 4ق – جلسة 25\2\1935
(2) طعن رقم 421 لسنة 14ق – جلسة 24\3\1954
(3) طعن رقم 793 لسنة 4ق – جلسة 25\3\1935
القيد الثاني: المحرر المكتوب :
يجب ان يكون تغير الحقيقة حاصلا في الكتابة أي في محرر مكتوب من قبل أو محرر يكتب بهذا الغرض ولكي يكون هناك تزوير يجب أن يكون المحرر الواقع التغير فيه أو بواسطته موجهاً لتغير حالة شخص أو الحق من الحقوق والمحرر في نظر الخبير يتكون من ثلاثة أعضاء وترتبط ببعها ارتباطاً وثيقاً ولا يمكن أن تقوم للمستند قائمة ولا تكون له بغير هذا الاعضاء الثلاثة مجتمعة وهي :
1- مادة الكتابة وأدواتها.
2- الورق .
3- الكتابة ذاتها من عبارات وتوقيعات وأرقام .(1)
1- مادة الكتابة وأدواتها :
وهي تمثل جانباً له شأن في الظروف التي تحيط بعملية الكتابة اليدوية والتي يمكن لاي خبير أن يأخذها في اعتباره وهي تنقسم ثلاثة أقسام :
أ- مواد كتابة صلبة : وهي القلم الرصاص – القلم الكوبي – أقلام ملونة.
ب- مواد كتابة لزجة : هي الأقلام ذات السن الكروي وهذة تستعصي على المحو الآلي.
وتتطلب جهودا خاصة لازالتها بالمحاليل الكيميائية ومقاومتها للعوامل الجوية واحتفاظها لمدة طويلة وهي صالحة للاستعمال في كتابة المحررات ذات القيمة كالشيكات والكمبيالات والحوالات وغيرها ممن يخشى عليها من محاولات التزوير المادي أو الصناع التدريجي لكتابتها بمرور الزمن.
ج- مواد الكتابة السائلة : وهي عبارة عن سوائل مائية ذائبة في المادة مضاف اليها مواد تساعد على حفظها من التلف ومنها الأحبار الكربونية والاحبار الملونة وأحبار الخشب الأحمر والأحبار الحديدية.
1- التزييف والتزوير في ضوء الفقه والقضاء ، سيد زكريا ، دار الحقيقة . 2005 ص 216
الورق : وهي المادة التي سطر عليها الحروف أو الكلام أو لاعلامات الاصطلاحية المتفق عليها.
الكتابة : وهي الوسيلة التي يعبر بها الشخص عما يريده وتنقسم الى نوعين لكل منها أساليبه ودراساته.
أ- الكتابة اليدوية ب – الكتابة الآلية.
أ- الكتابة اليدوية : وهي تنقسم الى كتابة يدوية طبيعية وطتابة يدوية غير طبيعية *الكتابة اليدوية الطبيعية هي الكتابة التي تقدر عن الشخص بصورة طبيعية تلقائية بحركات اعتاد عليها فاذا ما تدخلت عوامل خارجية تنحرف اليد عن سيرها وتسلك سبلاً مغايرة فيطلق على ذلك أو ينشأ عن هذا التدخل الكتابة غير الطبيعية . * ويهدف البعض الى الكتابة غير الطبيعية إما الاخفاء شخصية حتى يتعذر الاستدلال عليه أو الوصول الى معرفته أو إما الى تقليد الكتابة والاحتجاج بها لدى أصحابها الاصلين زوراً .
ب- الكتابة الآلية :
1- الكتابة على الآلة الكاتبة.
2- الطباعة .
3- الختم والكليشات.
لذلك : * لا تهم اللغة التي كتب بها المحرر اذا ما كانن مكوناً من الكلمات.
*لاتهم المادة التي سطر عليها فقد تكون من ورق أو غيره.
*ليس بشرط ان تكون الكتابة بخط اليد فقد تكون غير يدوية.
القيد الثالث : يجب أن يكون التغير حاصلاً في أمر من شأن المحرر اثباته.
المقرر أنه لا يكفي للعقاب أن يكون الشخص قد قرر غير الحقيقة في المحرر بل يجب أن يكون الكذب قد وقع في جزء من أجزاء المحرر الجوهرية التي من أجلها أعد المحرر لاثباته وكان القرار المطعون فيه قد التزم هذا النظر اذا اعتبر أن العبارة الواردة باعلان المدعي تزويره بشأن اقامة المطعون هذه الأول-التابع- من الطاعن بغرض عدم صحتها ليست بياناً جوهرياً في خصوص الاعلان بل هي من نافلة القول لا يترتب على ورودها أو اغفالها صحته أو بطلانه فأن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد.
(الطعن رقم 1035 لسنة 44ق جلسة – 8\12\1974 س 25ق 187 ص 830 )
وقوع التزوير على شيء مما أعد المحرر بيان هام مما يجب إثباته في محاضر أعمال المأموريات المكلف بها معاون المحكمة الاحوال الشخصية غن هذا البيان هو عنصر أساس لاثبات مايدرج في هذه الحاضر من البيانات . (1)
القيد الرابع :
أن يكون التزوير تم يحسب الأحوال التي نص عليها القانون أو طرق التزوير لوجود التزوير لا يكفي أن تكون الحقيقة قد تم تغييرها في محرر بل يجب أن يكون هذا التغير قد حدث بطريقة من الطرق التي بينها القانون ولقد بينه القانون طرق التزوير في المادتين (211 :213 ) من قانون العقوبات وهما خاصتان بالتزوير الحاصر في المحررات الرسمية والمادة (215) الخاصة بالتزوير المعنوي.
(1) الطعن رقم 1035 لسنة 44ق جلسة – 8\12\1
الفرع الثاني : القصد الجرمي :
جرائم التزوير عمدية بتطلب فيها الشارع توافر القصد الجرمي الذي يتكون من العلم بعناصر الجريمة وإرادة ارتكابها وهذا هو جوهر القصد العام كما يجب أن يتوافر لدى الجاني نية خاصة هي استعمال المحرر المزور فيما زوره من أجله فالقصد الجرمي هنا بتخذ القصد الخاص ، وقد عرف القصد الجرمي في التزوير بأنه (تعمد تغير الحقيقة في محرر من شأنه ان يسبب ضرراً وبنية استعمال المحرر فيما غيرت الحقيقة من أجله ) وقد رجح هذا التعريف في الفقه والقضاء (1)
وقد ذهب رأي الفقه أن القصد الجرمي في الجرائم التزوير يرتبط بسلوك الجاني فما دام من شأنه تغير الحقيقة فانه يفترض ولا يتطلب الامر اثباته.
فالقصد الجرمي في جرائم التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدهوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه. (2)
إما محمكة التميز الاردنية فقد أقرت بأن القانون يعاقب على التزوير الذي يقع في محرر رسمي أو عرفي باعتباره جريمة قائمة بذاتها وليس من عناصرها استعمال المحرر المزور بل تكفي نية استعمال المسائلة (3) والنية عرفتها المادة 63 من قانون العقوبات الأردني بأنها ( ارتكاب الجريمة على ما عرفها القانون ).
1- نقض 16 مايو س28 رقم 129 ص 609.
2- نقض 14 ابريل 1988 رقم 42 س 58 حكم غير منشور.
3- تميز جزاء رقم 6\84 صفحة 769 سنة 1984.
*وسنتناول دراسة القصد الجرمي على النحو التالي :
أولاً : القصد العام :
يجب أن يتوافر لدى الجاني العلم بأنه يغير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون ، و ان من شأن هذا التغير فيما لو استعمل المحرر أن يترتب عليه ضرر مادي أو ادبي حال أو محتمل الوقوع يلحق بالفرد أو بالصالح العام وان مجرد احتمال الضرر كاف للعقاب على التزوير ولو لم تستعمل الورقة المزورة او تقدم للاحتجاج بها كما هو ظاهر من المادة 261 من قانون العقوبات الاردني التي جعلت استعمال الورقة المزورة جريمو مستقلة عن التزوير (1) فيكفي أن يكون الجاني عالماً بحقيقة الواقعة المزورة و أن يقصد تغيرها في المحرر.
ويجب أن يتوافر لدى الجاني العلم بموضوع الجريمة وهو المحرر وما اذا كان عرفياً أو رسمياً بأنه له قوة في الاثبات أي أن المشروع يترتب عليه آثار قانونية (2) وذهب رأي فقهي الى أن العلم بان تغير الحقيقة ينصب على محرر تفترضه طبيعة الأشياء إذا يفترض توافر التميز لدى المتهم (3)
ولا يؤثر في قيام القصد الجرمي بعد ذلك أن يحدث ضرر بالفعل أم لا يستوي أن يتحقق الضرر الذي كان يقصده الجاني أو الضرر من نوع آخر كما لا يحول دون توافر القصد الجرمي أن يلحق الضرر بمن يقصده الجاني أو غيره.
ولا أثر للبواعث والاغراض التي يهدف اليها الجاني في تحقيقها من فعله على قيام القصد الجرمي.
1- تميز جزاء رقم 175\85 صفحة 1006 سنة 1987.
2- نقض 9 مارس 1982 مجموعة احكام النقض س 32 ص 921 رقم 158.
3- الدكتور محمود نجيب حسني المرجع شرح قانون العقوبات- القسم الخاص- دار النهضة العربية.
القصد الخاص :
لا يكفي لتوافر القصد الجرمي في التزوير انصراف إرادة الجاني الى ارتكاب الفعل المادي المكون للجريمة ، وانما يلزم بالاضافة الى ذلك ان تكون نيته قد اتجهت وقت ارتكاب هذ الفعل الى استعمال المحرر المزور أي الى الاحتجاج به على اعتبار انه صحيح فهذه النية هي في الواقع التي تكسب التزوير خطورة تبرر العقاب عليه ولذلك فان انتقائها يفيد تخلف القصد الجرمي.
فالعلاقة وثيقة في نفسية المتهم بين تزوير المحرر واستعماله مزوراً وهذا ما أكدته محكمة النقض المصرية أن نية الغش التي يتطلبها القانون في جريمة التزوير تتوفر متى اتجهت نية الجاني الى استعمال المحرر فيما انتشى من اجله فالاستعمال يمثل الهدف الذي يسعى اليه الجاني ويسعى الى تحقيقه من سلوكه الاجرامي إذ أن التزوير في حقيقة المال جريمة قائمة بذاتها بسبب هذه الخطورة وهي مستق عنه جريمة استعمال المحرر المزور والعبرة في تناول هذه النتيجة هي بوقت مباشر سلوك الجاني.
فاذا زور شخص محرر بقصد اجراء تجربة علمية مثلاً ، وقبل تمزيقه حصل عليه آخر واستعمله فالاول لا يعاقب على التزوير بينما الثاني يعاقب على الاستعمال إذن القصد الخاص يكون بتغير الحقيقة عن علم وأراده وأن ترتكب بسوء نية وهو ما يسمى القصد الخاص.
الفرع الثالث: الضرر :
يراد بالضرر كل مساس بحق أو بمصلحة يحميها القانون أي هو اهدار للحق واخلال بمصلحة مشروعه معترف بها في القانون ؟
وان الضرر ركناً من أركان التزوير يترتب على ذلك التزام القاضي بان يثبت في حكمه بالادانة توافر هذا الضرر وإلا كان حكمه معيباص.
وليس من عناصر الضرر أن يحل بشخص معين الا أن الناس أمام القنون سواء من حيث جدارتهم بالحماية إزاء أضرار التزوير ولا تتطلب فكرة الضرر أن يمثل جسامه معينة فأقل الأضرار جسامه يقدم له التزوير.
وإذا انتقى الضرر وانتقى التزوير حتماً وحالات انتقاء الضرر لا تدخل تحت حصر وفيما يلي أهم هذه الحالات.
بما أن المصلحة أو الحق الذي يهدره التزوير يقرره القانون الشخص ويقابله بالضرورة موجب مفروض على شخص آخر فإذا لم يوجد شخص يقرر له القانون الخق وآخر يفرض عليه الموجب فلا وجود للمجال الذي يمكن أن يتحقق فيه الضرر وتطبيقاً لذلك إذا وضع شخصاً صكاً يدعي فيه لنفسه أو لغيره حقاً في ذمة شخص خيالي ليس له وجود حقيقي ووضع عليه إمضاءة نسبة الى ذلك الشخص فهو غير مسؤول عن تزوير لأنه الصك مجرد من القيمة القانونية ولا وجود المصلحة أو حتى يمسهما.
· صور الضرر :
للضرر صور متعددة منها الضرر المادي والضرر المعنوي والضرر الفعلي والضرر الاجتماعي.
أولاً : الضرر المادي :
هو الضرر الذي يصيب المجني عليه في ذمته المالية باسقاط حق له أو بتحمله التزام ، إذ أن كل ما يمس عناصر الذمة المالية ويؤدي الى الانقاض من عناصر الايجابية أو الزيادة في عناصرها السلبية أي المديونية يعتبر ضرراً مادياً وهذا الضرر كثير الوقوع في الحياة العملية.
من الامثلة التطبيقية للضرر المادي تزوير عقد بيع أو ايجار أو اصطناع سند دين أو مخالصة ينسبها مدين الى دائنه زوراً أو انقاص ثمن المبيع في العقد الحرمان الخزانة من بعض رسوم التسجيل.
ثانياً : الضرر المعنوي :
هو الضرر الذي يمس سمعة الغير أو اعتباره أو امكانية الاجتماعية فتهبط بها ، ومن أمثلة هذا التزوير ان يصنع شخص محرراً بنسبه الى شخص ويضمنه اعترافاً بارتكاب جريمة أو اقتراف فعل مخل بالاختلاف أو مزر بالكرامة أو ان يقوم شخص بتزوير عقد زواج عرفي على سيدة بأنها قبلت زواجه وتوقيعه على العقد بإمضاء مزور باسمها والممرضة التي تسجل طفلاً تحت اسم غير والدته والتسمي باسم الغير في تحقيق جنائي.
ثالثاً : الضرر الفعلي والضرر الاجتماعي :
الضرر الفعلي هو الضرر المحقق أي الواقع فعلاً وهو لا يكون له محل الا باستعمال المحرر فيما زور من أجله أو تحقيقاً لغرض آخر وبما ان القانون يعاقب على التزوير بغض النظر عن استعمال المحرر المزور جاعلاً من هذا الاستعمال جريمة اخرى قائمة بذاتها ونلاحظ ان الضرر لا يعتبر حالاً الا اذا انتج اثارة الضارة بالمجني عليه.
ولكنه قد يكون الضرر محتملاً حتى كان تحقق في المستقبل امراً منتظراً وافقاً للمجرى العادي للأمور.
والعبرة في تقدير احتمال الضرر انما تكون بالوقت الذي وقع فيه تغيير الحقيقة في المحرر بحيث اذا كان الضرر محتملاً في هذا الوقت قامت الجريمة.
ولا يعني الجاني من العقاب ان يطرا بعد ذلك سبب ينفي كل الاحتمال الضرر كعدام المحرر المزور أو موافقته صاحب الامضاء يعد تزوير امضائه على ما جاء بالشكوى التي ذيلت بهذا الامضاء أو تنازل المتهم عن الورقة المزورة بعد تقديمها وتعليل ذلك أنه عند البحث في توافر أركان الجريمة ( جريمة التزوير ) يجب ن يقصد النظر على الوقت الذي اتكب فيه الجريمة محتمل الوقوع ولم يكن مستحيل التصور وكانت الاركان الاخرى متوافرة في ذلك الوقت كان فعل التزوير مستحق العقاب مهما طرأ بعد ذلك من الظروف التي يمكن أن تحول دون وقوع الضرر أو تمتنع احتمال وقوعه لانها إما ان تكون وقعت نتيجة أسباب خارجة عن ارادة الجاني فلا يمكن ان يكون لها أثر في محو جريمته وإما ان يكون الجاني نفسه هو الذي اراد أن يتلافى الامر ويحول دون وقوع الضرر أو يصلح ما فسده بسابق فعله.
المطلب الثاني: أنواع التزوير :
والتزوير نوعان : 1- تزوير معنوي 2- تزوير مادي
اولاً التزوير المادي :
هو الذي لا يتم الا بفعل محسوس ظاهر كتقليد الخط أو الامضاء أو الختم أو شطب كلمات أو اضافة كلمات.
الفرع الأول : التزوير المادي :
أ- وضع امضاءات أو أختام مزوره :
يتم ذلك بتوقيع المزور على محرر بامضاء أو ختم لغيره ولا يشترط أن يكون الامضاء المزور المنسوب لشخص مقلداً لامضائه الصحيح بل يقع التزوير ولو لم يعتمد المزور التقليد فمتى وضع المزور بامضاء مخالفاً للامضاء الحقيقي وتغير الحقيقة في الاوراق الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الامانة معاقب عليها في المادة (340 ) من قانون العقوبات (1) .
ويخرج عن هذا الاصل حاله ماذا كان من استولى على الورقة حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو لطرق احتياله أو بأي طريقة أخرى خلال التسليم الاختياري فعندئذ يعد تغير الحقيقة فيها تزويراً.
(أساليب كتابة التوقيعات )
أ- التوقيعات المكتوبة بالطريقة العادية : وهي التي تكتب الفاظها ومقاطعها كاملة لتكوين والتنقيط منفصلة عند بعضها شأنها في ذلك شأن الكتابة العادية كأن يوقع الشخص باسمه عادياً ( منتصر رواجبة ) مثلاً .
ب- التوقيعات المكتوبة بطريقة : وهي البعيدة عن أساليب الكتابة العادية وتمتاز بأنها لا تتقيد بأحرف الفصل واختزال بعض التكوينات الخطية المعتمدة الى أخرى أبسط منها ويضاف اليها تكوين خطي لا علاقة له بألفاظها .
ج- التوقيعات المختصرة : مالتي تتعلق بالعمل اليومي المتكرر للكاتب مثل التوقيع على تأشيرة خطية وقد لا تحمل أية تكوينات خطية يمكن قراءتها والتعرف على مدلولها والعلامة حقيقية لا تغني عن التوقيع ولا يصح اعتبارها مبدأ ثبوت في الكتابة ولا قيمة لها في العقود والمستندات بل إن بعض الجهات المالية تشترط كتابة الاسم الثلاثي واضح.
(1) نظراً للمادة 340 من قانون العقوبات
*الاساليب الرئيسية لتزوير التوقيعات
1- التزوير بطريقة التقليد النظري.
2- التزوير بطريقة النقل المباشر.
3- التزوير باستعمال وسيط في عملية النقل (ورق شفاف – ورقة كربونية )
· الطريقة الثانية : (الأختام )
لا فرق عند القانون بين الاختام والامضاءات فيعتبر تزويراً من يوقع بختم مزور سواء كان منسوباً لشخص معلوم أم منسوباً لشخص مجهول ويعتبر الختم مزوراً ولو كان صحيحاً في ذاته اذا كان قد ختم به بغير علم صاحبه ورضائه.
· توفير جريمة التزوير بطمس الامضاءات الصحيحة ووضع أختام بدلاً منها :
وذلك لتمتنع مضاهاة الامضاءات على ورقة أخرى وذلك يعد عبث مادي في العقد يتوافر به التزوير لما فيه من تغير الحقيقة بالطريقة التي تم بها التوقيع عند التعاقد.
* التوقيع بالختم الحقيقي للمجني عليه خلسة يعد تزويراً :
حتى كانت المحكمة قد ذكرت في حكمها أن جريمة التزوير التي أدانت المتهم فيها وقعت بطريق التوقيع بختم مزور فلا لهم أن يكون التوقيع قد حصل بختم اصطنع خصيصاً لهذا الغرض أو أنه كان خلسة بالختم الحقيقي للمجني عليه ، لانه المؤدي واحد وليس على المحكمة في حاله الاخيرة أن تحقق كيفية حصول المتهم على الختم مادام هي قد اقتنعت من وقائع الدعوى وادانتها بتزوير التوقيع.
· الطريقة الثالثة : (بصمات الأصابع )
لبصمات الأصابع قوة الامضاءات ويسوى الشارع بينهما في الحكم كما هو الشان في الاختام وتقضي المادة (225) عقوبات بأنه لا تعتبر بصمة الاصبع كالامضاء في تطبيق أحكام هذا الباب (1) .
فالبصمة حرمة والمحرر المذيل بها حجيته فيما سطر من أجله والعبث بها عبث بالثقة العامة التي وضعت فيه تستوجب العقاب فالمحرر الذي يسند للغير أي تعهد أو التزام ويذيل ببصمة تنسب كذباً لهذا الغير ويمكن أن يخدع من يتعامل به كما تخدع الورقة المذيلة بامضاء أو بختم مزور من يتعامل بها.
ذلك لأن البصمات تسابه وهي لا تقرأ الا بعد تحقيق فني فيمكن للمزور أن يقدرم ذلك المحرر للقضاء ويحصل منه على ما يحصل عليه لو قدم له ورقة عليها ختم أو امضاء مزور فهو اذن محرر يصح مبدئياً أن يكون أساساً للمطالبة بحق ويمكن أن ينشأ عنه ضرر للغير ومن يبصم باصبعه أو اصبع غيره على محرر وينسب كذباً تلك البصمة لشخص آخر انما ينتحل شخصية ذلك الشخص الاخر والانتحال طريقة مستغله من طرف التزوير المادي التي تنص عليها المادة (179 ) عقوبات .(2)
· الطريقة الرابعة : ( التزوير بالحصول على ورقة مختومة على بياض )
تعتبر صورة من صور التزوير بالاضافة حصول شخص بأي طريقة على ورقة تحمل توقيعه أو بصمة اصبع أو بصمة ختم على بياض ثم تضيف عبارات أو بيانات أو مضمون معين يحتج به على صاحب التوقيع أو ختم أو بصمة.
*من وسائل التزوير بهذه الطريقة :
1- الحصول على ورقة عليها أي كتابة تحمل التوقيع او البصمة ثم يقوم بازالة الكتابة بأحد أساليب المحو ثم يثبت البيانات المزورة فوق التوقيع أو البصمة.
2- الحصول على ورقة تحمل توقيعا أو بصمة وخالية من الكتابة ثم يقوم باثبات بيانات معينة في هذه الورقة .
وهذه الطريقة قد تتم إما بطريق الحيلة والخداع واما نتيجة الثقة بين الناس.
· الطريقة الخامسة : ( التقليد )
ان التقليد انما يعني صنع شيء غير صحيح ليشبه به شيء صحيح كما لو أنشأ شخص محرراً صحيحاً ولا يهم هنا كون التقليد للمحرر متقناً أو غير متقن إنما الذي نعنيه ان يكون هذا المحرر من شأنه الايهام بصدوره ممن نسب اليه ويكون التقليد باضافة عبارات او كلمات ومثل من يقلد خط الغير في ورقة فمعناه بياض ، ولا يلزم بالتزوير المعاقب عليه ان يكون متقنا بحيث يستلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي ان يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كلا الحاليين يجوز ان ينخدع به بعض الناس.
(1) نظراً للمادة 225 من قانون العقوبات
(2) نظراً للمادة 179 من قانون العقوبات
الفرع الثاني: التزوير المعنوي
التزوير المعنوي يتضح بتغير الحقيقة في موضوع المحرر أو في أحواله أو بمعنى أوضح في ظروفه وملابسته اثناء التحرير ولذلك فهو لا يكون في مادة المحرر او اشكاله بالاضافة الى انه ليس له علامة ظاهرة يدركها الحس.
(نص القانون )
تقضي المادة 213 عقوبات على أنه : (1)
( يعاقب أبالاشغال المؤقتة أو بالسجن كل موظف في مصلحة عمومية او محكمة فير بقصد التزوير موضوع المستندات أو احوالها في حال تحريرها المختص بوظيفته سواء كان ذلك بتغير اقرار اولي الشأن الذي كان الغرض من تحرير تلك المستندات ادراجه بها او بجعلها واقعه مزورة في صوره واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها او بجعلها واقعه غير معترف بها في صوره واقعة معترف بها )
(1) المادة 213 من قانون العقوبات
ولقد تضمن الشق الأخير من هذه المادة الطرق التي تقع بها هذا النوع من التزوير وهي :
1- تغير اقرار أولي الشان الذي كان الغرض من تحرير تلك السندات أدراجه بها.
2- جعل واقعة مزورة في صورة صحيحة .
3- جعل واقعة غير معترف بها في صورة واقعة معترف بها .
أولاً : تغير أولي الشان الذي كان الغرض من تحرير تلك السندات أدراجه بها يتصور ذلك بابدال حقيقة ما طلب صاحب الشان اثباته بالكتابة سواء تناوب التغير والاقرار بجملته او بعض بياناته فقط.
والتزوير يقع كلما غير كانت المحرر في الشروط والبيانات التي طلب منه صاحب الشأن اثباتها في المحرر كما لو طلب مثلا متعاقدان من الموظف المحتص بتحرير العقود الرسمية كتحرير عقد بيع سيارة او غيره فحرر بدلا منه عقد هبه أو يزيد في الثمن المتفق عليه في العقد او ينقص من الثمن المتفق عليه في العقد.
واذا ما وقع التزوير في محرر رسمي بالطبع لا يتصور الامن موظف عمومي الان التزوير بهذه الوسيلة ***** وكل اليه أمر تحرير في محرر رسمي بصفه فاعلا ولكنه هذا قد يكون شريكاً للموظف العمومي.
· ثانياً : جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة .
وتعني اثبات أي واقعة في محرر على غير حقيقتها ، مثل موقف يثبت في عقد البيع ان الثمن دفعه المشتري للبائع كله أو بعضه مع مخالفة ذلك للواقع ، ومحضر يبين في محضر مجز المنقولات متاعاً لم يره ، ويثبت كذباً أنه لم يجب منقولات في منزل المدين.
وخلاف الصحة الذي يغير جنس المولود من ذكر الى أنثى وبالعكس والعمدة الذي يعطي شهادة الامرأة يقرر فيها كذباً أنها لم تتزوج تستعين بها في قبض معاش مقرر لها.
ويعتبر ذلك مثالاً للتزوير في محرر رسمي ولكن قد يكون التزوير بهذه الطريقة في المحررات العرفية أيضاً كما لو حرر دائن أيضاأ لا لدينه بدين غير الذي دفع المدين سداداً له.
· انتحال شخصية الغير :
تعد صورة من صور التزويرر المعنوي الذي يتم بجعل واقعه مزوره في صورة واقعة صحيحة كأن يتقدم شخص للمحكمة بصفته شاهر ويتسمى باسم شخص اخر ويدلي بشهادته في محضر الجلسة بالاسم المنتحل وكما لو أثبت محضر في أصل الاعلان أنه سلم صوره الى شخص المعلن اليه مع أنه سلمها الى شخص أخر وكذلك من ينتحل اسم اخيه في شهادة تحقيق الشخصية والمراة التي تنتحل شخصية امرأة أخرى أمام الطبيب الشرعي فيكشف عليها وثبت نتيجة الكشف في تقريره.
· ثالثاً :جعل واقعة غير معترف بها في صورة واقعة معترف بها : ومن أمثلتها ان يثبت الموثق في عقد البيع أن البائع قرر أنه قبض الثمن هو لم يقرر ذلك أو يثبت في محضر التحقيق ان المتهم اعترف بالجريمة وهو لم يعترف.
ولقد قضى بأنه متى كان التزوير قد وقع بانتحال شخصية الغير وهي صورة من صور التزوير المعنوي الذي يقع بجعل واقعه مزوره في صورة واقعة صحيحة وكان المتهم قد غير ان يسبب ضرراً للغير وقصد استعمال المحرر فيما غيرت الحقيقة من أجله فان جناية التزوير تكون قد توافرت أركانها كما هي معروفة في القانون.
(الطعن رقم 3134 \ لسنة 54ق – جلسة 9\10\1984) . جريمة التزوير – المحكمة المختصة بها – المادة 217 من قانون الاجراءات الجنائية لما كان ذلك وكلن ما حصله الحكم من أن التزوير وقع بالعباسية محافظة القاهرة والعياظ محافظة بني يوسف لا يتعارض مع ما خلص اليه من ان الجريمة وقعت بدائرة محافظة السويس كغاية عن الاختصاص محكمة كنايات السويس ، مكانياً بنظر الدعوى ذلك ان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ان الطاعن مقيم بدائرة محافظة السويس ولما كانت المادة (217 ) من قانون الاجراءات الجزائية ، تنص على انه يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة او الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه ” وهذه الاماكن فسائم متساوية في ايجاب اختصاص المحكمة بنظر الدعوى ولا تفاصيل بينهما فان محكمة الطاعن في هذا الخصوص على غير سند لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
المبحث الثاني: ماهية المحرر الرسمي
لم يذكر قانون العقوبات تعريفاً للورقة الرسمية للموظف العمومي إلا أنه يشترط صراحة الرسمية المحرر في المادتين (211 ،213 ) أن تكون محرر الورقة الرسمية موظفاً عمومياً مختصاً بمقتضى وظيفته بتحريرها أو بالتدخل في هذاا التحرر فاذا كان يبين من الاطلاع على ترخيص الاستيراد المدع بتزويره أنه حرر على نموذج خاص ببنك الجمهورية عن ترخيص باستيراد بضائع من الخارج وموقع عليه تحت عنوان (بنك الجمهورية – مركز الرئيسي ) بامضائين وعليه ثلاثة أختام بختم بنك القاهرة وليس فيه مايفيد رسميته أو تداخل موظف عمومي في تحريره أو اعتماده فيكون الترخيص موضوع الاتهام ورقة عرفية تجري على تغير الحقيقة فيها حكم المادة 215 من قانون العقوبات.
قد يكون المحرر عرفياً ثم ينقلب رسمياً.
ليس بشرط الاعتبار التزوير واقعاً في محرر رسمي ان يكون هذا المحرر قد صدر عن موظف عمومي من اول الامر ، وذلك ان المحرر قد يكون عرفياً في أول الامر ثم ينقلب الى محرر رسمي بعد ذلك.
في هذه الحالة يعتبر واقعا في محرر رسمي بمجرد ان يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتدخل الموظف وتسحب رسميته على ما سبق ذلك من الاجراءات تكتسب الورقة الصفة الرسمية من الموظف ايا كان مصدر اختصاصه – لا يشترط القانون فيما تسبغ الرسمية على الورقة ان تكون محرره على نموذج خاص ذلك ان الصفة انما يسبغها محررها لاطبعها على نموذج خاص والرسمية تتحقق حتماً متى كانت الورقة صادرة او منسوباً صدورها الى موظف بتحريرها سواء كان أساس الاختصاص قانوناً أو مرسوماً أو لائحة او تعليما او بناء على أمر رئيس محتص أو طبقاً لمقتنيات العمل.
مم يستمد الموظف اختصاصه بتحرير الورقة الرسمية :
اختصاص الموظف بتحرير الورقة الرسمية لا يستمده من القانونية واللوائح فحسب بل يستمد كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به أو من طلبان الجهات الرسمية الاخرى التي تستلزم ممارسة اختصاصة الوظيفي تحقيقاً لهذا الطلبات ، كما قد يستمد المحرر رسميته من الظروف انشائه أو من جهة مصدر أو بنظر الى البيانات التي تدرج به ولزوم تدخل الموظف لاثباتها او اقرارها.
بطلان المحرر الرسمي وأثره على التزوير :
من المقرر أنه اذا كان البطلان اللاحق بالمحرر بسبب عدم اختصاصه من أنسب اليه تحريره فما تفوت ملاحظته على كثير من الناس فان العقاب على التزوير واجب في هذه الصورة على اعتبار ان المحرر الرسمي لتوقع حلول الضرر بسببه على كل حال من المقرر أن تتغير الحقيقة في المحررات الباطلة أو القابلة للابطال يعتبر من قبيل التزوير المعاقب عليه الا انه لا يشترط للعقاب على التزوير ان تكون الورقة التي حصل التغيير فيها سنداً مثبتاً الحق أو الصفة و حالة قانونية بل كل ما يشترط القانون لقيام هذه الجريمة هو أن يحصل تغير بقصد الغش في محرر بإحدى الطرق التي نص عليها وان يكون هذا التغير من شأنه ان يسبب ضرر للتغير.
المطلب الاول: التتزوير في العقود الرسمية :
ويمكن ذكر بعض العقود الرسمية التي يقع فيها التزوير باختصار ومنها:
1- ورقة الفيش :
اختصاص الموظف بتحرير لوررقة الرسمية لا يستمده من القوانين واللوائح فحسب ، بل يستمد كذلك من اوامر رؤسائه ومن ظروف انشائه او بالنظر الى طبيعة البيانات التي تدرج به ولزوم تدخل الموظف لاثباتها ومن ثم فإن ورقة الفيش التي يندب أحد عساكر البوليس لاخذ البصمات عليها هي ورقة رسمية .
2- دفتر الخزينة :
لا تتحقق جريمة التزوير في المحرر الرسمي بمجرد قيام المتهم بلصق ورقة عريضة مزورة على الصفحة المقابلة للورقة الرسمية المدون بها ايراد اليوم وفي دفتر الخزينة للايهام بأن هذا الايراد قد تم ايداعه في احمد البنوك.
3- دفتر المواليد :
ان دفتر المواليد ليست معده اقيد واقعه الولادة مجرد عن شخصية المولد واسمي الوالدين المنتسب اليهما حقيقة ، ذلك بأن مجرد اثبات الميلاد دون بيان اسم المولود والديه لا يمكن أن يجزئ في بيان واقعه الميلاد على وجه واضح لا تعتريه مشبهه وحتى يكون صالحاً للاستشهاد به في مقام اثبات النسب.
4- محضر الشرطة :
قد يقتضي العمل من مأمور الضبط القضائي اذا ما تغيب عن مقر عمله لقيامه بعمل آخر أن يصدر أمراً عاماً لمساعده باتخاذ ما يلزم من اجراءات الاستدلال في غيبته وذلك حرصاً على حريات الناس التي اراد القانون المحافظة عليها فاذا ذهب القرار الى أن محضر التحري الذي حرره بناءاً على مقتضيات العمل – ليس ورقة رسميه وأن تغير الحقيقة فيه ولا يكون جريمة معاقب عليها بقوله أن تكليف المساعد بجمع الاستدلالات مشروط بألا يكون التكليف عاماً ومقدماً ، فإن القرار يكون مخطئاً في القانون انه و ان كان محضر البوليس يصلح لان يحتج به ضد صاحب الاسم المنتحل فيه الا ان مجرد تغير المتهم لاسمه في هذا المحضر لا يعد وحده تزويراً سواء وقع على المحضر بالاسم المنتحل أو لم يوقع الا ان يكون قد انتحل اسم شخص لديه الحق او يحتمل ان يلحق به ضرر من جراء انتحال اسمه فاذا كان الجاني لم يقصد انتحال اسم شخص معروف لديه بل قصد مجرد التسمي باسم اخر وان عمله من شأنه ان يلحق ضرراً بالغير مادام لا وجود لهذا الغير في اعتقاده وذلك لتوافر القصد الجنائي للتزوير ان ينصب على كافة أركان الجريمة ومنها الضرر حالاً أو محتمل الوقوع.
المطلب الثاني: استعمال المحررات المزورة وعقوبة الاستعمال
المطلب الأول : استعمال المحررات المزورة :
أولاً : فعل الاستعمال :
هو الركن المادي للجريمة ، ويقصد به التمسك أو الاحتجاج بالورقة في التعامل باعتبارها صحيحة فلا يكفي مجرد تقديم المحرر المزور ما لم يدع الجاني صحته ، ويجب اظهار الورقة المزورة فلا يكفي الاستناد اليها دون تقديمها ومجرد ابداء الرغبة في تقديمه للمحكمة لوضعه بين أوراق القضية المراد الاستناد اليه فيها بغير أن يتم ذلك لا يكون جريمة الاستعمال.
ويجب الاحتجاج بالمحرر المزور ولا يكفي مجرد تقديمه إذ أن الاستعمال الذي يجرمه القانون هو الذي يتحقق به الاستفادة من المحرر المزور ومجرد تقديمه للاستفادة منه يتحقق به الاستعمال دون أن يتوقف على تحقيق الغرض المطلوب.
ثانياً : أن يكون المحرر المستعمل مزوراً
تقع جريمة الاستعمال على محرر مزور واذا لم يكن للمحرر هذه الصفة تنتفي الجريمة ، فاذا لم يتوافر لدى المزور نية استعمال المحرر النزور وقع هذا في يد الغير الذي استعمله فان الاخير يسأل عن الجريمة الاستعمال أما اذا كان المحرر صحيحاً أو تم تغير الحقيقة فيه بطريقة لم ينص عليها القانون أو لم يكن من شأنه تغير الحقيقة منه إحداث الضرر فاستعماله لا يعاقب عليه.
ثالثاً : أن يكون الجاني عالما بهذا التزوير
جريمة استعمال المحرر المزور من الجرائم العمدية لا تقوم الا بتوافر القصد الجرمي العام ويتطلب ذلك العلم بمكونات الجريمة ومن بينها المحرر المزو فالجاني يجب أن يعلم بتزوير الورقة واتجاه ارادته الى تقديمها والتمسك بها على اعتبارها أنها صحيحة.
فيختلف القصد الجرمي كلما تبين أن المتهم كان يجهل تزوير الورقة حتى ولو كان هذا الجهل راجعاً الى اهمال أو تقصير من جانبه فالنية الجريمة الخاصة في جريمة التزوير هي نية الاستعمال ، ولا يكفي لثبوت العلم بالتزوير مجرد التمسك المتهم بالورقة المزورة طالما أنه لم يكن هو الذي قام بتزويرها أو اشترك فيه ، أما إذا كان مستعمل الورقة هو نفسه مزورها فان ذلك يفيد عادة علمه بتزويرها ولا يكون على المحكمة حينئذ أن تتحدث استقلالاً في حكمها الصادر بالادانة من أجل جريمة الاستعمال عن عنصر العلم.
ويختلف القصد الجرمي كذلك اذا كانت إرادة المتهم لم تتجه الى تقديم الورقة المزورة والتمسك بها في سبيل تحقيق غرض معين كما اذا سرقت منه الورقة أو فقدت واستعملها من سرقها أو من عثر عليها لا عبرة للبواعث على الاستعمال فقد يكون الباعث الرغبة في الاثراء غير المشروع أو مجرد الإضرار بالغير .
الخاتمة
جريمة التزوير من الجرائم الخطرة والهامة وقد انتشرت في معظم دول العالم ولكن بنسب متفاوتة ، فهذه الجريمة تهدد وتزعزع الثقة العامة في المحررات الرسمية والعرفية وتخل تبعاً لذلك بالضمان اليقين والاستقرار في المعاملات وسائد مظاهر الحياة القانونية في المجتمع .
فالناس يعتمدون على الاوراق المكتوبة والمصدقات والوثائق الرسمية العرفية لاثبات علاقاتهم ومراكزهم القانونية وحقوقهم المادية حيث تقدم بها الأدلة الكتابية التي تعتبر أهم وسائل وطرق الاثبات القانونية .
وقد حصد المشروع طرق التزوير في طريقتين هما :
( تزوير معنوي ومادي ) وعلاوة لم يجعل من التزوير في المحررات جريمة واحدة غنما عدد جرائمه وتفاوتت عقوباتها طبقاً لطبيعة المحرر هل هو محرر رسمي أم عرفي وعاقب في التزوير في المحررات الرسمية بعقوبة أشد من العرفية.
ثم عالج الشرع جريمة استعمال المحررات المزورة كجريمة مستقلة وجعل لها نفس عقوبة التزوير.
قائمة المصادر والمراجع
1- أحمد ماضي ، قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 ، مكتبة دار الثقافة للنشر \ عمان ، الاصدار الثاني سنة 2000.
2- سامي الخوالده ، جريمة التزوير وطرق اكتشافها ، المكتبة الوطنية \ عمان 1990.
3- سيد زكريا ، عزت عبد القادر ، محمد عب المعز ، جرائم التزييف والتزوير في ضوء الفقه والقضاء ، دار الحقانية ، تاريخ النشر 2005.
4- شريف الطباخ ، جرائم التزييف والتزوير في ضوء قانون العقوبات نسر محاسب\ وليد حيدر ، الطبعة الاولى 2005.
5- عبد الكريم فوده ، جرائم التزوير في المحررات الرسمية والعرفية ، دار الفكر الجامعي ، 1 ديسمبر 1996م.
6- محمد صبحي نجم ، شرح قانون العقوبات – الجرائم المخلة بالمصلحة العامة والثقة العامة ، دار الثقافة للنشر عمان 1995م.
اترك تعليقاً