بحث قانوني عن عقد الكفالة
Warranty contract
اعادة نشر بواسطة محاماة نت
مقـــــــــدمة
لقد نظم المشرع الجزائري عقد الكفالة في القانون المدني من خلال الكتاب الثاني تحت عنوان: الالتزامات و العقود، الباب الحادي عشر ، المعنون ب: “عقد الكفالة”.
إن التأمينات الخاصة تتمثل في حصول الدائن على ضمان يكفل له استيفاء حقه رغم إعسار المدين، ويتحقق هذا إذا تقدم شخص أخر أو أشخاص آخرون بجانب المدين كضمان للدائن أن يوفيه حقه إذا عجز مدينه عن الوفاء، ويكون التأمين في هذه الحالة شخصيا. ويتحقق الضمان الخاص كذلك إذا خصّص مال مملوك للمدين أو لغيره للوفاء بدين الدائن فيستوفي الدائن حقه من هذا المال قبل غيره من الدائنين ، ويتتبّعه في أيّ يد يكون. والتأمين في هذه الحالة إذن يرد على مال معين فهو تأمين عيني وفي هذا البحث سنقتصر على التأمين الشخصي المتمثل في عقد الكفالة حيث سنتطرق إلى الإشكالية التالية:
ما هو عقد الكفالة؟ و فيم تتمثل آثار هذا العقد؟
للإجابة عن هذه الإشكالية اخترنا انتهاج الخطة التالية: و هي مكونة من مبحثين يحوي كل منهما مطلبين كما يلي:
مقدمــــة
المبحث الأول: مفهوم عقد الكفالة
المطلب الأول: تعريف و صور و خصائص عقد الكفالة
الفرع الأول: تعريف عقد الكفالة
الفرع الثاني: أنواع عقد الكفالة
الفرع الثالث: خصائص عقد الكفالة
المطلب الثاني: أركان و شروط عقد الكفالة
الفرع الأول: أركان عقد الكفالة
الفرع الثاني: شروط عقد الكفالة
المبحث الثاني: آثار عقد الكفالة
المطلب الأول: العلاقة بين الدائن و الكفيل
الفرع الأول: دفع الكفيل بالرجوع
الفرع الثاني: دفع الكفيل بالتجريد
الفرع الثالث: دفع الكفيل بالتقسيم
المطلب الثاني: العلاقة بين المدين و الكفيل
الفرع الأول: الدعوى الشخصية
الفرع الثاني: دعوى الحلول
خاتمـــــة.
المبحث الأول: مفهوم عقد الكفــا
المطلب الأول: تعريف و صور و خصائص عقد الكفالة:
الفرع الأول- تعريف عقد الكفالة: لقد عرفته المادة 644 من القانون المدني: “الكفالة عقد بمقتضاه يكفل شخص تنفيذ التزام بأن يتعهد للدائن بأن يوفي له الدين إذا لم يوف به المدين نفسه” بمعنى أن عقد الكفالة هو اتفاق ينشأ بين الدائن و الكفيل يلتزم بمقتضاه الكفيل بضمان الوفاء بالدين الأصلي إذا لم يوف به المدين .
•من هذا التعريف يتبين أن الكفالة عقد يتم بين الكفيل والدائن دون المدين ولا يشترط إذن رضا المدين وموافقته بل يمكن أن تتم الكفالة دون علمه ورغم معارضته ، ورغم ذلك فالمدين له دور هام في وجود الكفالة حيث هذا الكفيل ما تبرّع إلا ليضمن التزام هذا المدين لدائنه ، و ليوفر له الثقة والائتمان لدى دائنه.
•ويتبين أيضا أن الكفالة تتركز على التزام أصلي وتعمل على ضمان الوفاء به لأن الكفالة ترتب التزاما شخصيا في ذمّة الكفيل محله الوفاء بالتزام الأصلي إذا لم يفي به المدين . فالتزام الكفيل تابع لالتزام المدين الأصلي في وجوده وانقضائه وصحّته وبطلانه ، بل وفي أوصافه أيضا.
كما أن الكفالة تتميز بصورتين:
أ- الكفالة الشخصية: هي عقد يلتزم بمقتضاه الكفيل أن يوفي بالالتزام إلى الدائن إذا لم يوف به المدين, و هو ضم ذمة إلى ذمة أخرى و بالتالي فالدائن تصبح له ذمتان: ذمة المدين الأصلي و الكفيل. و قد نظم المشرع المشرع الكفالة الشخصية في المواد من 644 إلى 673 من القانون المدني.
ب- الكفالة العينية: هي تقديم الكفيل عينا ما (عقار أو منقول) فتنطبق عليه أحكام التأمينات العينية (الرهن الرسمي أو الحيازي).
الفرع الثاني- أنواع الكفالة: هناك ثلاثة أنواع من الكفالة:
أ- الكفالة القانونية: تكون عندما يأمر القانون بتقديم كفيل، من ذلك ما نصت عليه المادة 851 من القانون المدني الجزائري (تقابلها المادة 992 مصري) بمعنى أن صاحب حق الانتفاع من المنقول يجب عليه القيام بجرد ذلك المنقول و تقديم كفيل.
ب- الكفالة القضائية: أي إلزام المدين بتقديم كفيل بموجب حكم قضائي، و من ذلك أنه يجوز للقاضي في الأمور المستعجلة المتعلقة بالتنفيذ أن يأمر بتقديم كفالة.
ت- الكفالة الاتفاقية: تكون عندما يتفق الدائن و المدين على أن يقوم هذا الأخير بتقديم كفيل يضمن له الالتزام .
الفرع الثالث- خصائص عقد الكفالة:
باعتبار عقد الكفالة عقدا تبرعيا و تبعيا للالتزام الأصلي فإنه يتميز بخصائص:
أولا: عقد الكفالة عقد رضائي: ينعقد بمجرد التراضي بين الدائن و الكفيل، أي بجرد تطابق إرادتي كل منهما، و لا يشترط فيه أي شكل خاص، و هذا عكس ما نصت عليه التشريعات الأخرى كالتشريع السويسري الذي يشترط أن يكون عقد الكفالة في شكل معين حتى رتب آثارا قانونية. أما المشرعان: المصري و الجزائري فلم يشترطا في عقد الكفالة أي شكل خاص، و إنما اشترطا الكتابة للإثبات فقط. غير أنه يجوز إثبات الكفالة بما يقوم مقام الكتابة كالإقرار و اليمين و البينة في حالة عدم وجود السند الكتابي، أو إذا وجد مانع، و هذا ما نصت عليه المادتان 336 و 645 من القانون المدني.
ثانيا: عقد الكفالة عقد ملزم لجانب واحد: هو الكفيل، فهو ملزم بضمان الوفاء بالدين الأصلي في حالة إذا لم يف به المدين. لكن من جهة أخرى يمكن أن يكون عقد الكفالة ملزما لجانبين إذا ما قدم الدائن مقابلا للكفيل نظير كفالته، غير أنه إذا قدم المدين مقابلا للكفيل فإن عقد الكفالة يبقى ملزما لجانب واحد لأن المدين ليس طرفا في العقد.
ثالثا: عقد الكفالة عقد تبرعي و معاوضة: تبرعي بالنسبة للكفيل، لأن الكفيل يلتزم بالوفاء بالدين عن المدين إن لم يستطع هذا الأخير الوفاء به، و هذا الالتزام دون مقابل. لكن عقد الكفالة هذا يمكن أن يكون عقد معاوضة بالنسبة للكفيل إن تلقى مقابلا لكفالته سواء من الدائن أو من المدين. كما أن عقد الكفالة هو عقد معاوضة بالنسبة للدائن لأن هذا الأخير تحصل على ضمان و هو الكفيل الذي يضمن له الدين الأصلي إن لم يف به المدين.
رابعا: عقد الكفالة عقد تبعي: فلقيام عقد الكفالة لا بد من وجود التزام أصلي بين الدائن و المدين، و لهذا فعقد الكفالة يتبع الالتزام الأصلي من حيث الصحة و الانقضاء.
خامسا: عقد الكفالة هو عقد ضمان: لأنه يضمن وفاء المدين بالدين. فهو تأمين للدائن لكي يستوفي حقه من المدين في حالة امتناع هذا الأخير عن الوفاء بالتزامه.
كما أن عقد الكفالة يمتاز بالطابع الشخصي لأن ذمة الكفيل تضاف إلى ذمة المدين، أي أن الكفيل يضم ضمانه العام إلى الضمان العام للمدين. و هذا الطابع الشخصي يميزها عن الكفالة العينية التي يقدم فيها الكفيل العيني مالا معينا لضمان الوفاء بدين المدين، وهو لا يضمن بهذا الدين إلا في حدود المبلغ الذي قدمه كتأمين .
المطلب الثاني: شروط و أركان عقد الكفالة:
الفرع الأول-شروط الكفالة :إن الغرض من تقديم الكفيل هو تأمين الدائن ضد مخاطر إعسار مدينه وذلك بضم ذمة مالية إلى ذمة هذا الأخير . ويجب أن تتوافر شروط معينة في الكفيل في جميع الأحوال التي يلتزم فيها المدين بتقديم الكفيل ، أيا كان مصدر هذا الالتزام أي سواء كان هذا المصدر هو الاتفاق أو القانون أو القضاء .
وقد وردت هذه الشروط في المادة 646 من القانون المدني و التي تقضي بأنه : “إذا التزم المدين بتقديم كفيل ، يجب أن يقدم شخصا موسرا ومقيما بالجزائر ، وله أن يقدم عوضا عن الكفيل تأمينا عينيا كافيا” .
نستخلص من النص المذكور أهم الشروط التي يجب توافرها في الكفيل :
أ – يجب أن يكون الكفيل موسرا : أي قادرا على الوفاء بالالتزام الذي قام بضمانه إذا اقتضت الحالة ذلك ، إذن لا قيمة للكفالة إذا كان الكفيل معسرا والمدين الملتزم بتقديم كفيل هو الذي يقع عليه إثبات يسار الكفيل، ويسار هذا الأخير يقاس بما لديه من أموال كافية للوفاء بالدين الذي كفله ، ويستوي أن تكون هذه الأموال منقولات آو عقارات شائعة و مفرزة متى كان ذلك كافيا للوفاء بدين الدائن ، كما يستطيع الدائن أن يثبت أن هذه الأموال أو بعضها متنازع فيها أو يصعب التنفيذ عليها فتستبعد من مال الكفيل. وتوفّر صفة اليسار أو الاقتدار في الكفيل مسألة موضوعية متروك تقديرها لقاضي الموضوع1 .
ب – أن يكون الكفيل مقيما بالجزائر : و الحكمة من هذا الشرط واضحة حتى يستطيع الدائن مطالبة الكفيل الرجوع عليه بأسهل الطرق وذلك إذا لم يفي المدين بالتزامه , والإقامة المقصودة هي الإقامة العادية وليس العرضية ولا يشترط أن يكون الكفيل مقيما في موطن المدين , كما لا يشترط أن يكون الكفيل جزائريا .
ت- أن تكون للكفيل أهليه إبرام العقد :باعتبار أن الكفيل قادم على التزام ضار بمصلحته ولذلك يجب أن يكون واعيا لما هو قادم عليه ، ومتدارك لخطورة هذا الالتزام، ورغم أن المادة التي سبقت الإشارة إليها لم تشر إلى هذا الشرط إلا أن أغلبية الفقه ذهب إلى اشتراطها ، حيث بدونها لن تحقق الكفالة ، باعتبارها تصرفا قانونيا الغاية المرجوة.
1- د.محمد صبري السعدي، نفس المرجع، ص.25
الفرع الثاني – أركان الكفالة :
أولا: التراضي :
عقد الكفالة كغيره من العقود , قوامه التراضي الذي هو الأساس الطبيعي لكل عقد إذن هو عقد رضائي ، إذ يجب لقيام الكفالة تطابق إرادتي الدائن والكفيل دون اشتراط أي شكل خاص ، ودون حاجة إلى رضا المدين ، لأنه ليس طرفا في عقد الكفالة .
– لما كان عقد الكفالة من العقود الخطرة بالنسبة للكفيل ويلزم أن يكون رضا هذا الأخير صريحا1 .
1- أهلية الكفيل :
يجب أن تتوفر في الكفيل أهلية التبرع وبالغا من العمر 19 سنة كاملة وغير محجور عليه وإلا وقعت الكفالة باطلة ، وعلى ذلك لا يجوز للمحجور عليه ولا القاصر أن يكفل الغير متبرعا لأن الكفالة بالنسبة له تصرف ضارا ضررا محضا، كما لا يجوز للولي أو الوصي أو القيم أن يبرم عقد الكفالة باسم ناقص الأهلية أو المحجور عليه و لو بإذن من المحكمة، إذ لا يجوز التبرع بأموال القصر أو المحجور عليهم .
لكن: إذا كانت الكفالة تتم بمقابل التزم به سواء الدائن أو المدين فيجب توفر أهلية التصرف في الكفيل، فلا يجوز لناقص الأهلية و المحجور عليه إبرام عقد الكفالة، أما إن أبرمه فيكون العقد قابلا للإبطال ما لم تلحقه الإجازة.
و يجوز للولي أو الوصي إبرام عقد الكفالة إن كان بمقابل بشرط الحصول على إذن القاضي1.
2- أهلية الدائن: لا تشترط فيه إلا أهلية التعاقد، فيكفي أن يكون شخصا مميزا، لأن عقد الكفالة بالنسبة له نافع نفعا محضا. أما إن كانت الكفالة بمقابل التزم به الدائن، فيجب توفر أهلية التصرف.
3- أهلية المدين: بما أنه ليس طرفا في عقد الكفالة فلا يشترط وجود الأهلية.
*عيوب الرضا :
حتى يكون عقد الكفالة صحيح فإنه يجب طبقا للقواعد العامة أن يكون الرضا سليما غير مشوب بأي عيب من عيوب الرضا: الغلط ، الإكراه ، التدليس.
———
1- د.رمضان أبو السعود، المرجع السابق، ص.61
2- محاضرة الأستاذ خلوفي، القانون المدني- عقد الكفالة – كلية الحقوق، بودواو سنة 2010
ثانيا: -المحل :
محل التزام الكفيل هو ضمان تنفيذ الالتزام الأصلي والوفاء به إذا لم يفي به المدين نفسه . ولذلك إذا كان الالتزام الأصلي غير موجود أو وجد ثم أبطل أو وجد صحيحا ثم انقضى لا يكون لالتزام الكفيل محل ، ومن ثم يقع باطلا
– إذن محل التزام الكفيل هو الالتزام الأصلي ، أي ما يسمّى بالتزام المكفول وهذا الالتزام يمكن كفالته أيا كان مصدره وأيا كان محلّه .
– من شروط الالتزام المكفول أن يكون موجودا وصحيحا وأن يكون معيّنا أو قابلا للتعيين .
1-وجود هذا الالتزام (الالتزام المكفول):
حتى يكون التزام الكفيل ممكنا يجب أن يكون الالتزام الأصلي موجودا ولكن هذا لا يمنع ان يكون الالتزام الأصلي مستقبليا أو شرطيا .
– كفالة الالتزام المستقبلي :
لقد ورد حكم كفالة الالتزام المستقبلي في نص المادة 650 من القانون المدني التي تقضي بأنه : “تجوز الكفالة في الدين المستقبل إذا حدد مقدما المبلغ المكفول ، كما تجوز الكفالة في الدين المشروط ،
غير أنه إذا كان الكفيل في الدين المستقبل لم يعين مدة الكفالة ، كان له أن يراجع فيها في أي وقت ما دام الدين المكفول لم ينشا” .
مثال : كفالة الاعتماد الذي يفتحه البنك لأحد عملائه قبل أن يقبض المدين شيئا من الاعتماد.
يستطيع شخص تقديم كفيل يضمنه فيما عسى أن يشتريه من متجر معين فيكون الكفيل ضامنا لثمن البضائع التي سيشتريها المدين الأصلي .
-كفالة الالتزام الشرطي :
الشطر الثاني من المادة 650 ق م ج : “… كما تجوز الكفالة في الدين المشروط” . معنى الدين المشروط أن لا يعين محلّه ، أي تطبيقا للقواعد العامة تجوز كفالة الدين الشرطي سواء كان الدين الأصلي معلقا على شرط واقف أو معلقا على شرط فاسخ .
وبصفة عامة أن الكفالة لصفتها التبعية معلقة على الشرط المعلق عليه الدين الأصلي إذا كان الالتزام الأصلي معلقا على شرط واقف ، يكون التزام الكفيل معلقا على ذات الشرط فإذا تخلف الشرط الواقف زال الدين الأصلي بأثر رجعي وأعتبر كأن لم يكن ويزول معه بالتبعية التزام الكفيل ويعتبر كأن لم يكن ، أما إذا تحقق الشرط الواقف تأكّد الالتزام الأصلي أي ينفذ بأثر رجعي وينفّذ التزام الكفيل بالتبعية .
أما إذا تحقق الشرط الفاسخ فإن الدين الأصلي ينفسخ بأثر رجعي ويعتبر كأن لم يكن وينفسخ بالتبعية التزام الكفيل .
ب-أن يكون الالتزام المكفول صحيحا :
إن فكرة تبعية التزام الكفيل للالتزام الأصلي تهيمن على كل أحكام الكفالة ومن هنا إذا كان الالتزام المكفول صحيحا فإن الكفالة تكون صحيحة وهذا استنادا إلى المادة 648 من القانون المدني.
وبناء على هذا نطرح السؤال التالي :
– ما حكم كفالة الالتزام الباطل والالتزام القابل للإبطال ؟ .
– حكم كفالة الالتزام الباطل : هي كفالة باطلة أيضا لأن الكفالة عقدا تبعيا أي أن التزام الكفيل يتبع الالتزام الأصلي بصحّته وبطلانه مثل : دين المقامرة ، دين ربا فاحش ، انعدام الأهلية في عقد الدين .
– حكم الالتزام المكفول القابل للإبطال : فإن الكفالة أيضا قابلة للإبطال والقابلية للإبطال تعني أن الالتزام صحيح ومنتج لآثاره حتى يحكم ببطلانه ، فإذا جاء حكم ببطلانه بناءا على طلب المدين سقطت الكفالة تبعا لذلك ، أما إذا أصبح الالتزام الأصلي القابل للإبطال صحيحا بالإجازة فإن هذا الالتزام يصبح صحيحا نهائيا بالنسبة للكفيل ، ويستطيع الكفيل أن يتمسّك بإبطال التزامه نتيجة لقابلية الالتزام الأصلي للإبطال ، إذا للكفيل أن يحتجّ بكافة الأوجه التي عند المدين نفسه .
ج-أن يكون الالتزام المكفول معينا أو قابلا للتعيين :
إن هذا الشرط ليس شرطا خاصا بالكفالة وإنما هو شرط عام بالنسبة لجميع العقود ، أي أن يكون التزام المكفول معينا أو قابلا للتعيين ، كأن يعيّن أطراف هذا الالتزام ” الدائن والمدين ” ويعيّن محلّه الدين ومصدره .
فتعيين أطراف الالتزام يشمل ذكر اسم الدائن ولقبه وسنّه ومهنته ومكان إقامته ويعيّن أيضا المدين باسمه ولقبه وسنّه ومهنته ومكان إقامته .
تعيين محل الالتزام المكفول كأن يذكر أن التزام المكفول هو مبلغ قدره 10000 دج أو بضاعة يحدّد نوعها ومقدارها فالتزام الكفيل يكون في حدود هذا المبلغ والمقدار ولا يتخطاهما .
تعيين الالتزام المكفول من حيث مصدره ، لأنه قد يكون للدائن أكثر من حق قبل مدينه قيمة كل منهما 10000 دج مثلا . ولكن أحدهما مصدره عقد بيع والثاني مصدره عقد قرض فينبغي تحديد أي من الدينين يضمنه الكفيل ، وإلا فإن الكفالة لا تنعقد ، وفي حالة عدم تعيين الالتزام المكفول فهذا لا يعني أنه التزام باطل بل يجوز متى كان قابلا للتعيين وإذا كان يحكم الكفالة مبدأ هام هو ألا يتجاوز التزام الكفيل حدود الالتزام الأصلي ، فلا يوجد ثمّة ما يمنع ان يلتزم الكفيل بأقل من الالتزام الأصلي أي بجزء من الدين الأصلي1 .
ثالثا – ركن السبب :
إن مشروعية السبب يبحث عنه في الدافع الذي دفع الكفيل إلى الالتزام ، فإذا كان الكفيل يقصد إسداء جميل أو خدمة للمدين فإنه يكون باعثا مشروعا ، أما إذا كان الباعث غير مشروعا فسبب الالتزام إذن باطل وتبطل الكفالة تبعا لذلك .
* إثبات الكفالة :
المادة 645 من القانون المدني تنص “: لا تثبت الكفالة إلا بالكتابة، ولو كان من الجائز إثبات الالتزام الأصلي بالبينة ” .
ونخلص من هذا النص أن الكتابة ضرورية لإثبات التزام الكفيل لكنها غير ضرورية لانعقاد الكفالة2 .
1- د. رمضان أبو السعود، المرجع السابق، ص.89
2- د. رمضان أبو السعود، المرجع السابق، ص.98
ولأن التزام الكفيل هو أساسا من الالتزامات التبرعية فيجب أن يستند إلى رضاء صريح قاطع .
وقد يكون من العسير أو قد يستحيل أحيانا التعرّف على طبيعة تدخّل الكفيل وتحديد مدى التزامه ، ونوع كفالته حتى عن طريق شهادة الشهود ، ولهذه الأسباب قرّر المشرع حماية للكفيل عدم جواز إثبات ذلك إلا بالكتابة ويجب أن تكون الكتابة ثابتة التاريخ حتى يجوز الاحتجاج بها على الغير.
المبحث الثــاني: آثار عقـد الكفالة :
متى انعقد عقد الكفالة صحيحا, فإنه يرتب أثاره فيما بين عاقديه وهما : الدائن والكفيل .
ونظرا لطبيعة عقد الكفالة باعتباره عقدا تابعا لالتزام أصلي , فإنه يترتب على ذلك أن تنشأ علاقة بين الكفيل والمدين في حالة ما إذا وفّى هذا الكفيل بالدين المكفول .
وقد يتعدد المدينون الأصليون وقد يكونون متضامنين أو غير متضامنين .
المطلب الأول: العلاقة بين الدائن والكفيل
نعالج النقاط التالية :
1- رجوع الدائن أولا على المدين .
2- الدفع بالتجريد في صورته العامة .
3- حق الدفع بالتقسيم .
4-. دفوع أخرى يتمسك بها الكفيل .
* زمان المطالبة بالدين :
أولا : عند تحديد أجل التزام الكفيل :
معنى ذلك لا يجوز مطالبة الكفيل إلا بعد حلول التزامه حتى ولو كان أجل الدين المكفول قد حلّ قبل ذلك ، لأن القاعدة تجيز أن يكون التزام الكفيل أخف من التزام المدين لكنه لا يجوز أن يكون أجل التزام الكفيل أقصر من أجل الالتزام الأصلي .
ثانيا : عند عدم تحديد أجل التزام الكفيل :
إذا لم يكن هناك اتفاق على تحديد أجل دين الكفيل ، فإن هذا الأجل يحل باستحقاق دين المدين .
ثالثا : إذا كان هناك أجل واحد للالتزامين :
إذا تمّ الاتفاق على تحديد أجل واحد لالتزامي المدين والكفيل ، فإن الدائن يكون له أن يرجع عليهما معا ، لكن قد يسقط أجل الالتزام الأصلي وذلك لا يستتبع سقوط الأجل المحدد لالتزام الكفيل لأن المدين بعد الكفالة لا يستطيع أن يسوي مركز الكفيل1 .
1- د.محمد صبري السعدي، نفس المرجع، ص.59-60
– أما فيما يخص الوسائل التي وضعها المشرع لتمكين الكفيل من استيفاء حقه فنجد مايلي:
الفرع الأول: رجوع الدائن أولا على المدين :
استنادا إلى نص المادة 660/1 من القانون المدني : “لا يجوز للدائن أن يرجع على الكفيل وحده إلا بعد رجوعه على المدين” .
ولذلك يجب على الدائن أن يرجع أولا على المدين قبل أن يرجع على الكفيل أو على الأقل أن يرجع على الكفيل وعلى المدين معا إذا كان أجل التزامهما واحدا ، وهذا كله في حالة عدم تضامن الكفيل مع المدين ، أي في حالة الكفالة البسيطة ، أما في حالة الكفالة التضامنية أي إذا كان الكفيل متضامنا مع المدين فله أن يرجع على الكفيل مباشرة .
شروط الدفع بوجوب رجوع الدائن أولا على المدين :
1 – يشترط ألا يكون الكفيل قد نزل عن التمسّك بهذا الدفع .
2- يجب ألا يكون الكفيل متضامنا مع المدين .
3 – يشترط أيضا أن يكون للكفيل مصلحة في التمسك بهذا الدفع .
الفرع الثاني: الدفع بالتجريد
أولا:ا لدفع بالتجريد في صورته العامة :
وهو من الدفوع المتعلقة بالتنفيذ على أموال المدين .
والنتيجة المترتبة على خاصية الكفالة باعتبارها عقدا تابعا ، أنه لا يجوز للدائن أن ينفذ على أموال الكفيل إلا بعد
التنفيذ على أموال المدين وهذا ما يسمّى ” بالدفع بالتجريد ” .
أما نطاق حق التجريد فإن هذا الحق لا يثبت إلا للكفيل فقط ، فلا يجوز للمدين المتضامن أن يدفع بتجريد مدين متضامن معه والكفيل المقصود هنا هو الكفيل العادي أي غير المتضامن وهو الكفيل الشخصي لا العيني .
وحق الكفيل قاصر على الدفع بتجريد المدين المكفول ، ولا يحق له أن يدفع بتجريد مدين آخر غير مكفول في حالة تعدد المدينين .
شروط الدفع بالتجريد :
1 -يشترط أن يكون الكفيل شخصيا لا عينيا .
2 -يشترط أيضا على الكفيل التمسّك بهذا الحق .
3 -يشترط أن يكون الكفيل غير متضامن مع المدين .
4 – يجب على الكفيل أن يرشد الدائن إلى أموال المدين تفي بالدين كلّه وأن لا تكون متنازع فيها وأن تكون واقعة داخل الأراضي الجزائرية1 .
1 – د.محمد صبري السعدي، نفس المرجع، ص.84
آثار الدفع بالتجريد :
استنادا إلى النصوص التالية:
المادة 660/2 من القانون المدني: ” ولا يجوز له أن ينفذ على أموال الكفيل إلا بعد أن يجرد المدين من أمواله، ويجب على الكفيل في هذه الحالة أن يتمسك بهذا الحق “.
والمادة 662 من القانون المدني: ” يكون الدائن في كل الأحوال التي يدل فيها الكفيل على أموال المدين، مسؤولا تجاه الكفيل عن إعسار المدين الذي يترتب عن عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب ” .
فإن الآثار المباشرة لهذا الدفع تكون كالآتي:
1- عدم جواز البدء في التنفيذ على أموال الكفيل أو وقف إجراءات التنفيذ على أموال الكفيل قبل تجريد المدين من أمواله إذا كانت قد بدأت فعلا .
2- ويترتب أيضا على قبول الدفع بالتجريد ، أن يتحمّل الدائن نتيجة إعسار المدين وذلك إذا قصّر في عدم اتخاذه إجراءات التنفيذ في الوقت المناسب .
3- براءة ذمّة الكفيل في الحدود التي يتحصّل الدائن عليها من حقّه نتيجة تنفيذه على أموال المدين التي أرشده إليها الكفيل1 .
الفرع الثالث: حق الدفع بالتقسيم :
وهذا الحق يثبت عند تعدّد الكفلاء في حالة ما إذا رجع الدائن على أحدهم وكان لأحدهم التمسّك بالدفع بالتقسيم .
شروط الدفع بالتقسيم :
1- أن يتعدّد الكفلاء : وعلى ذلك فإذا كان للمدين كفيل واحد فإن الدين لا ينقسم بينه وبين المدين 2- أن يتعدّدوا لدين واحد : وعلى هذا لا يجوز للكفيل أن يطلب من الدائن تقسيم الدين بينه وبين المصدّق ، لأنهما لا يكفلان نفس الدين ، إذ الكفيل يضمن الالتزام الأصلي ، المصدق فيضمن التزام الكفيل .
3- أن يكفل الكفلاء المتعدّدون نفس المدين .
4- أن يتعدّد الكفلاء بعقد واحد : فإذا تعدّد الكفلاء وكانوا قد التزموا بعقد واحد فإن هذا يدلّ على أن كل كفيل قد اعتمد على الكفلاء الآخرين ، وبالتالي انصرفت نيته إلى أنه لا يلتزم إلا بقدر نصيبه ، ولذلك فإن المشرع قرّر تقسيم الدين فيما بينهم بقوة القانون “م 664 من القانون المدني”
5-ألا يكون الكفلاء متضامنين فيما بينهم .
آثار الدفع بالتقسيم :
إذا توافرت الشروط السابقة فإنه لا يحق للدائن أن يطالب أيا من الكفلاء إلا بقدر حصته في الدين ، وإذا لم تحدد حصة كل كفيل في الدين ، أو سكت الكفلاء عن قيمة ما يتحمله كل كفيل فإن الدين
1- د.محمد صبري السعدي، نفس المرجع، ص.59-60
ينقسم عليهم بحسب عددهم ، أي يفترض التساوي بينهم ، وإذا طالبه بكل الدين ، كان للكفيل أن يتمسّك بالتقسيم ، ويقسّم الدين بينهم بالتساوي بقوة القانون ، والدين ينقسم بين الكفلاء من يوم إبرام عقد الكفالة وليس من يوم المطالبة القضائية أو الحكم في الدعوى ، ويترتب أيضا إذا أعسر أحد الكفلاء فإن الدائن هو الذي يتحمّل حصّة المعسر منهم1 .
الفرع الرابع: دفوع أخرى يتمسّك بها الكفيل :
أ- الدفوع المتعلقة بالالتزام الأصلي .
ب-الدفوع الخاصة بالكفيل .
ج- التزامات الدائن عند استيفائه الدين .
أولا- الدفوع المتعلقة بالالتزام الأصلي:
ويعني ذلك تمسّك الكفيل بالدفوع التي يحتج بها المدين مثل التمسك بأوجه تقرير الالتزام الأصلي ، لأن تبعية التزام الكفيل للالتزام المكفول تقرر له حق التمسك بجميع الدفوع الخاصة بالالتزام الأصلي ، سواء أكانت تؤدي إلى تقرير بطلانه أو إبطاله ، وسواء كان الكفيل متضامنا مع المدين أو غير متضامن ، وبالنسبة لمدى تمسّك الكفيل بدفوع تتعلق بقابلية الالتزام المكفول للإبطال فقد ذهب الفقه إلى أن للكفيل التمسّك بأوجه الدفع المتّصلة بالمدين ، كغلط أو تدليس أو إكراه يشوب رضاه ، المادة 654/1 من القانون المدني: ” يبرأ الكفيل بمجرد براءة المدين، وله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين ” .
بالإضافة إلى حالة الدفوع الخاصة بالالتزام الأصلي المتمثلة في إبطاله أو قابلية إبطاله ، هناك دفوع أخرى يحق للكفيل أن يتمسّك بها ، كالدفوع المتعلقة بانقضاء الالتزام الأصلي بالأسباب العامة .
ثانيا-الدفوع الخاصة بالكفيل
بالإضافة إلى الدفوع التي يحتج بها المدين والتي تستند إلى إبطال الالتزام المكفول أو انقضائه حيث يستفيد الكفيل من تبعية التزامه للالتزام المكفول ، فللكفيل أيضا أن يحتج بالدفوع الخاصة التي لا يشترك فيها المدين ، وهذه الدفوع إما أن تكون متعلقة بعقد الكفالة ذاته أو تكون راجعة إلى مركز الكفيل باعتباره كفيلا .
– فالدفوع المتعلقة بعقد الكفالة ترجع إلى بطلان هذا العقد ، أو قابليته للإبطال وقد ترجع إلى ما يرد على التزام الكفيل وحده من أوصاف لم تستمد من الالتزام الأصلي ، كعدم تحقق الشرط الواقف أو تخلّف الشرط الفاسخ
– الدفوع المتعلقة بمركز الكفيل باعتباره كفيلا :
1- الدفع ببراءة ذمته بقدر ما أضاع الدائن بخطئه من التأمينات .
2- الدفع ببراءة ذمته لتأخر الدائن في اتخاذ الإجراءات ضد المدين .
3- الدفع ببراءة ذمته بقدر ما أصابه من ضرر بسبب عدم تقدّم الدائن في تفليسة المدين .
1- محاضرة الأستاذ خلوفي، القانون المدني- عقد الكفالة – كلية الحقوق، بودواو سنة 2010
2- د. رمضان أبو السعود، المرجع السابق، ص.160
* التزامات الدائن عند استيفائه الدين :
التزامه بأن يسلّم لكفيل وقت وفائه الدين ، المستندات اللازمة لاستعمال حقه في الرجوع وقد نصت على ذلك المادة 659/1 من القانون المدني
1- يلتزم الدائن بأن يسلم للكفيل وقت وفائه الدين ,المستندات اللازمة لاستعمال حقه في الرجوع .
2-التزامه بنقل التأمينات الضامنة للدين، وذلك إذا كان الدين مضمونا بتأمين عقاري فإن الدائن يلتزم بالإجراءات اللازمة لنقل هذا التأمين ، ويتحمّل الكفيل مصروفات هذا النقل على أن يرجع بها على المدين المادة 659/3 من القانون المدني.
3- التزامه بالتخلّي عن التأمين المتمثل في منقول، وهذا أيضا بصريح الفقرة الثانية من المادة المذكورة أعلاه 659/2 فإن كان الدين مرهون أو محبوس وجب على الدائن أن يتخلى عنه للكفيل.
أما إذا كان التأمين الذي يضمن الدين ، كفيلا آخر ، ففي هذه الحالة للكفيل الذي وفى الدين الرجوع على الكفيل الآخر بنصيبه في الدين . وتظهر أهمية هذا المعنى في حالة تعدّد الكفلاء .
-إن الكفيل يحلّ محل الدائن في الدين الذي وفّاه له ، حيث أن هذا الحلول يعطي للكفيل نفس حق الدائن بما يكفله من ضمانات . وللكفيل أن يمتنع عن الوفاء للدائن إذا لم يقم بهذا الالتزام وذلك حتى يضغط على الدائن ليحصل منه على هذه الضمانات حتى يستفيد منها عند الرجوع على المدين ، وذلك بحلوله محلّ الدائن في حقه .
المطلب الثــاني: العلاقة بين الكفيل والمدين :
إن الكفيل إذا وفّى للدائن ، فله الحق في الرجوع على المدين بعدئذ بما دفع ، إما بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول .
والكفيل لا يحق له الرجوع على المدين إلا إذا كان قد وفّى فعلا الدين للدائن ، ورجوع الكفيل في هذه الحالة يقوم على أبسط مبادئ العدالة لأن المدين أثرى على حساب الكفيل ، إذ أن دينه قبل دائنه قد انقضى بمال غيره ، كما أن الكفيل افتقر بسبب المدين لأنه وفى بماله دين غيره ، وهو المدين ، ولذلك يجوز للكفيل أن يرجع على المدين طبقا للقواعد العامة للإثراء بلا بسبب ، ويكون رجوع الكفيل بأقل القيمتين : قيمة الإثراء وقيمة الافتقار ، ولكن المشرع لم يكتف بإعطاء الكفيل الحق في الرجوع على المدين طبقا للقواعد العامة في الإثراء بلا سبب لكن نظم رجوع الكفيل بشيء من التفصيل وأعطى له دعويين : دعوى شخصية تستند إلى عقد الكفالة و دعوى الحلول2
الفرع الأول-الدعوى الشخصية (دعوى الكفالة) :
تنص المادة 670 من القانون المدني على أنه ” يجب على الكفيل أن يخبر المدين قبل أن يقوم بوفاء الدين، وإلا سقط حقه في الرجوع على المدين إذا كان هذا قد وفي الدين أو كانت عنده وقت الاستحقاق أسباب تقضي ببطلان الدين أو بانقضائه.
1- د. رمضان أبو السعود، المرجع السابق، ص.160
2- د.محمد صبري السعدي، نفس المرجع، ص 97
فإذا لم يعارض المدين في الوفاء بقي للكفيل الحق في الرجوع عليه ولو كان المدين قد دفع الدين أو كانت لديه أسباب تقضي ببطلانه أو بانقضائه ” .
1- الكفلاء الذين يحق لهم الرجوع بالدعوى الشخصية :
الكفيل الذي يتقدم ليكفل المدين سواء كانت الكفالة بعلمه أو بغير علمه يحق له الرجوع بالدعوى الشخصية ، سواء كان متضامنا ، أو كفيلا عاديا أو كفيلا مأجورا أو غير مأجورا ، كفيلا شخصيا أو عينيا ، لكن هناك استثناء:
1- لا يدخل في نطاق هذا النص ، الكفيل الذي يكفل المدين رغم معارضته .
2-ولا يدخل أيضا في نطاق هذا النص الكفالة التي تعقد لمصلحة الدائن دون مصلحة المدين .
وتكون الكفالة في صالح الدائن دون المدين إذا عقدت بعد وجود الالتزام في ذمة المدين وذلك لتأمين الدائن ضد خطر إعسار المدين ودون فائدة لهذا الأخير ، في هذه الحالة لا يحق للكفيل الرجوع على المدين بالدعوى الشخصية ، وإن كان له الحق في الرجوع عليه بناءا على دعوى الإثراء بلا سبب المنصوص عليها في القواعد العامة في القانون المدني الجزائري( المادتان : 141 ، 142 )1.
2 – شروط الدعوى الشخصية:
أ- أن يكون الوفاء عند حلول الأجل الأصلي بين الدائن والمدين .
ب- أن يكون الكفيل قد قام بوفاء الدين للدائن .
ت- أن يخطر الكفيل المدين قبل الوفاء وعدم معارضته لهذا الوفاء .
ث- أن تكون الكفالة قد عقدت دون معارضة المدين ولمصلحته .
3- موضوع رجوع الكفيل بالدعوى الشخصية :
يرجع الكفيل في الدعوى الشخصية بأصل الدين والمصروفات والتعويضات تنص على ذلك المادة 672 من القانون المدني .
أ- أصل الدين : وهو جميع ما دفعه الكفيل للدائن لإبراء ذمة المدين .
ب- المصروفات : وهي كل المبالغ التي أنفقها الكفيل في تنفيذ عقد الكفالة ، وتلك التي أنفقها الدائن في رجوعه على الكفيل واضطر إلى ردها له ومصروفات الدعوى التي رفعها الدائن على الكفيل ، لكن لا يرجع الكفيل بهذه المصروفات على المدين إلا بالذي دفعه من وقت إخباره المدين الأصلي بالإجراءات التي اتخذت ضده لأن المدين متى أخطر بها قد يساري إلى الوفاء بالتزامه ، ويتجنب بذلك المصروفات التي يقوم بها الكفيل أو الدائن لو لم يخطر .
ج- التعويضات : أي التعويض عن الأضرار التي أصابت الكفيل من اضطراره للوفاء بالدين ، والقانون المدني الجزائري في باب الكفالة لم ينص على التعويض ، ولكن يمكن الرجوع إلى القواعد العامة2 .
1- د. رمضان أبو السعود، المرجع السابق، ص.165
2- د. رمضان أبو السعود، المرجع السابق، ص.170
الفرع الثاني -دعوى الحلول :
يعني ذلك أن الكفيل الذي وفى الدين ، أن يحل محل الدائن في جميع ماله من حقوق قبل المدين ، وهذا ما نصت عليه المادة 671 من القانون المدني:” إذا وفى الكفيل الدين، كان له أن يحل محل الدائن في جميع ما له من حقوق تجاه المدين. ولكن إذا لم يوف إلا بعض الدين، فلا يرجع بما وفاه إلا بعد أن يستوفي الدائن كل حقه من المدين ” .
1- الكفلاء الذين يحق لهم مباشرة الدعوى :
يستطيع أي كفيل أن يرجع على المدين بدعوى الحلول ، ويستوي أن تكون الكفالة حاصلة بعلم المدين أو بغير علمه وحتى رغم معارضته ، ويستوي أن تكون الكفالة لمصلحة المدين أو لمصلحة الدائن ، ويستوي أن يكون كفيلا مأجورا أو غير مأجور ، متضامنا أو غير متضامن .
2- شروط الدعوى :
أ- يشترط أن يكون الوفاء قد تم عند حلول الأجل .
ب- يشترط أن يكون وفاؤه للدين كاملا .
3-موضوع الدعوى :
يستخلص من نصوص المادتين 264 و 671 من القانون المدني ما يلي :
1-أن الكفيل يحل محل الدائن في حقه بما لهذا من خصائص وبما يلحقه من توابع .
2- أن الكفيل يحل محل الدائن في حقه بما تكفله من تأمينات .
3- وأن الكفيل أيضا يحلّ محلّ الدائن في حقه لما يرد على هذا الحق من دفوع1 .
-رجوع الكفيل في حالة عدم تعدد المدينين :
الأمر بسيط في حالة ما إذا رجع الكفيل على مدين واحد ، ولكن قد يحدث أن يتعدد المدينون في نفس الدين ، وقد يكفلهم الكفيل جميعا أو يكفل بعضهم ، وفي كلتا الحالتين قد يكون المدينون متضامنين أو غير متضامنين .
أولا : تعدّد المدينين مع عدم تضامنهم :
وهنا نميز بين حالتين : حالة ما إذا كفل المدينين جميعا ، وحالة كفالة بعضهم فقط .
الحالة الأولى : إذا كان المدينون غير متضامنين وتدخل الكفيل ليكفلهم ثم وفى بالدين فإنه عند رجوعه عليهم ، يرجع على كل مدين بقدر نصيبه في الدين وسواء كان هذا الرجوع بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول .
الحالة الثانية : أما إذا كان المدينون غير متضامنين ، وقد كفل الكفيل بعضهم فقط ، فإنه لا يرجع إلا على من كفله في حدود نصيبه في الدين ، ولا يجع على غير هذا المدين الذي كفله إلا إذا كان قد دفع زيادة عن نصيب المدينين الذي كفلهم وترتب على ذلك براءة ذمة مدينين آخرين لم يكفلهم فإنه يكون له الحق في الرجوع على هؤلاء المدينين بدعوى الإثراء بلا سبب طبقا للقواعد العامة2 .
1- د. رمضان أبو السعود، المرجع السابق، ص.165
2- د.محمد صبري السعدي، نفس المرجع، ص 112
ثانيا :تعدد المدينين وتضامنهم :
وهنا أيضا نميز بين حالتين : حالة ما إذا كان الكفيل قد ضمن المدينين المتضامنين جميعا ، وحالة ما إذا كان الكفيل قد ضمن بعضهم فقط .
الحالة الأولى : إذا كان الكفيل قد ضمن المدينين المتضامنين جميعا ، وهذه الحالة منصوص عليها في المادة 673 ق.م.ج : ” إذا تعدد المدينون في دين واحد وكانوا متضامنين فللكفيل الذي ضمنهم جميعا أن يرجع على أي منهم بجميع ما وفاه من الدين ” . وذلك بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول .
الحالة الثانية : الحالة التي يكون فيها الكفيل قد كفل بعضهم فقط ، وهذه الحالة لم ينص عليها المشرع في باب الكفالة ، فهنا للكفيل أن يرجع على المدينين الذين ضمنهم بكل الدين سواء بالدعوى الشخصية أو بدعوى الحلول
أما بالنسبة لرجوع الكفيل على المدين الذي لم يكفله فيمكن تطبيق القواعد العامة .
رجوع الكفيل على غيره من الكفلاء :
1- تعدد الكفلاء مع تضامنهم :
إذا تعدد الكفلاء وكانوا متضامنين فيما بينهم فلا ينقسم الدين بينهم ، سواء أكانوا يكفلون دينا واحدا بعقد واحد أو كانوا ملزمين بعقود متوالية ، وفي هذه الحالة يكون كل كفيل مسؤولا عن الدين ، فإذا وفى أحدهم الدين فلا يجوز أن يرجع على أي كفيل متضامن إلا بقدر نصيبه في الدين ، مضافا إليها نصيبه في حصة المعسر منهم راجع نص المادة 668 من القانون المدني .
ويشترط لرجوع الكفيل على غيره من الكفلاء بأي من الدعويين :
أ-أن يكون الكفيل قد وفى الدائن كل الدين عند حلول أجله ، أو بما يقوم مقام الوفاء ، وإذا دفع الكفيل حصته في الدين فقط ، وقبل منه الدائن هذا الوفاء الجزئي فلا يرجع الأول بشيء على باقي الكفلاء ، أما إذا دفع الكفيل أكثر من حصته في الدين ، دون أن يفي بالدين كله رجع على باقي الكفلاء بهذا الجزء الزائد كلّ بنسبة حصّته في الدين.
ب- كما يشترط أن يكون الوفاء مبرئا لذمة سائر الكفلاء قبل الدائن ، فإذا كان باطلا فإنه يعتبر غير مبرئ لذمتهم ، ويكون الرجوع عليهم غير جائز .
ج- ويجب أخيرا أن يكون للكفيل الموفي الحق أن يرجع بما دفعه على المدين فإذا كان الكفيل الموفي قد قصر في الوفاء وترتب على هذا التقصير أن سقط حقه في الرجوع المدين مثل : الوفاء دون إخطار المدين ، فلا يجوز له الرجوع على أي من الكفلاء ، ويبقى أمامه القواعد العامة .
– ولا يرجع الكفيل على غيره من الكفلاء إلا بحصة الكفيل الذي رجع عليه وبنصيبه في حصة الكفيل المعسر، سواء رجع بدعوى الإثراء بلا سبب أو بدعوى الحلول1 .
1- د.محمد صبري السعدي، نفس المرجع، ص 116
2- تعدد الكفلاء وعدم تضامنهم :
إذا تعدّد الكفلاء بضمان دين واحد وكانوا غير متضامنين قسّم الدين بينهم بقوة القانون فلا يلتزم كل كفيل إلا بقدر نصيبه في الكفالة ، وإن إعسار أحدهم لا يتحمّله غيره من الكفلاء ، وإنما الدائن هو الذي يتحمّل حصة الكفيل المعسر منهم ، ووفاء أحد الكفلاء بالدين كله يمكّنه فقط من الرجوع وفقا للقواعد العامة والمعسر يتحمّله نصيبه.
هذا الكفيل الموفي لكل الدين ، وبالتالي لا يكون له الرجوع بدعوى الحلول لأنه ليس ملتزما بالوفاء عنهم ولا معهم حتى يحلّ محلّ الدائن في الرجوع عليهم ولا الدعوى الشخصية لأنها مقررة للعلاقة بين الكفيل والمدين1 .
الخــاتمـــــة:
في ختام بحثنا نقول أن المشرع الجزائري و حماية لحقوق الدائنين قد وضع قواعد و طرق تمكنهم من ضمان استرجاع حقوقهم من مدينيهم، لكن مع مراعاة الإجراءات المعمول بها. فالدائن في حالة تهاونه في اتخاذ الإجراءات المناسبة فهو يعرض حقه للضياع، و بالتالي يتوجب الأخذ بعين الاعتبار كافة الإجراءات و الدعاوى التي أقرها التشريع الجزائري و اللجوء إليها عند الحاجة.
1- د.محمد صبري السعدي، نفس المرجع، ص 116
قــــــائمــــة المراجـــــع:
أولا- الكتب:
1- د. محمد صبري السعدي، شرح القانون المدني، التأمينات العينية و الشخصية، عقد الكفالة، دار الكتاب الحديث، 2005
د.رمضان أبو السعود، التأمينات الشخصية و العينية، دار الجامعة الجديدة، 2007 2-
ثانيا- القوانين:
الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني الجزائري.
ثالثا- المحاضرات:
الأستاذ خلوفي، محاضرة القانون المدني: عقد الكفالة، كلية الحقوق ببودواو، 2010
اترك تعليقاً