ضمانات الحرية الفردية في التوقيف
المقدمة:
أولا – أهمية البحث
الحرية الفردية تعني حق الفرد في ان يعيش آمناً من الاعتداء على نفسه أو ماله أو شرفه, ضامناً عدم القبض عليه أو توقيفه أو معاقبته الا بمقتضى القانون, قادرا على التصرف في شؤونه الخاصة على ان لا يكون في تصرفه عدوان على حقوق الغير…
مع ضمان حقه في الذهاب و الإياب و الانتقال داخل البلاد و خارجها (1). لذلك كان للحرية الفردية قدسية خاصة جعلتها تسمو لتصبح من ضمن المبادئ الدستورية, حيث تنص الفقرة (2) من المادة (22) من الدستور العراقي الصادر عام 1970 على أنه: (( لا يجوز القبض على احد أو توقيفه أو حبسه أو تفتيشه الا وفق احكام القانون )).
كما تنص المادة (20/1) منه على ان “المتهم برئ حتى تثبت أدانته في محاكمة قانونية “وتضمن قانون العقوبات العراقي نصوصا تعاقب على الاعتداء على الحرية الشخصية, “المواد 421-426 عقوبات” ولا بد من القول ان هذه القاعدة مقررة أصلا في الشريعة الإسلامية التي سبقت كل التشريعات الوضعية في هذا المضمار بافتراض البراءة كأصل عام و ذلك في قوله تعالى ” ان الظن لا يغني من الحق شيئاً”(2)
أما فيما يتعلق بكرامة الإنسان و المحافظة عليها من أي سوء فقد أكدت عليها الفقرة (1) من المادة (22) ذاتها و التي تنص على أنه:((كرامة الإنسان مصونة, وتحرم ممارسة أي نوع من أنواع التعذيب الجسدي أو النفسي)). وقد أعتبر قانون أصلاح النظام القانوني أن (( حماية و أمن المواطن و كرامته ضد التجاوزات, من الأهداف التي تسعى إليها السلطة الثورية في القطر العراقي في سياستها الجزائية )) (3).
ومع أن الاتفاق على صياغة اتفاقية تتضمن الحقوق الاسياسية لكل الشعوب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د.عبد الحكيم حسن – الحريات العامة في الفكر و النظام السياسي في الإسلام (دراسة مقارنة)- دار الفكر العربي- القاهرة – 1974-ص 101.
(2) سورة يونس الآية (36).
(3) قانون أصلاح النظام القانوني في العراق- دار الحرية للطباعة – بغداد, 1977 – ص 74.
ليس بالأمر السهل, الا ان لجنة حقوق الإنسان قد أعدت اتفاقية تم التوقيع عليها في الأمم المتحدة سميت باتفاقية (الحقوق المدنية و السياسية) و التي وافقت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث نصت الفقرة (1) من المادة (9) منها على أنه )) لكل فرد الحق في الحرية و السلامة الشخصية, ولا يجوز القبض على احد أو إيقافه بشكل تعسفي, كما لا يجوز حرمان احد من حريته الا على أساس القانون و طبقاً للإجراءات المقررة)). كما أعلنت الاتفاقية في المادة (10) منها بضرورة معاملة الموقوفين معاملة إنسانية تتيح احترام الكرامة الإنسانية المتأصلة في الإنسان (1), وقد انضم العراق إلى هذه الاتفاقية بالقانون رقم (193) لسنة 1970.
وتجسيدا لمبادئ الدستور, وضماناً للحرية الفردية التي تهدف إليها الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان, فقد حدد المشرع العراقي الأحوال التي يجوز فيها القبض و التوقيف – وهي وان كانت تستوجب المساس بالحرية الفردية – الا ان المشرع قد منع تجاوز تلك الحدود بلا مبرر (2). وطالما ان تلك النصوص تهتم اذاً بضمان الحرية الفردية فهي تتسم بالقدسية و الأهمية التي تجعل منها موضوعاً صالحاً للدراسة و البحث, وهو الأمر الذي دعانا الى اختيار هذا الموضوع عنواناً للبحث. وسوف أحاول أن تكون دراستي هذه وافية من حيث الشرح و المضمون, ومعززة بقرارات محكمة التمييز لكي يكتسب البحث طابعه الفقهي و القضائي في آن واحد والله الموفق.
(1) بحث مقدم من نقابة المحامين العراقية بعنوان: المحامون العرب وحقوق الإنسان في الوطن العربي – مقدم الى المؤتمر الرابع عشر لاتحاد المحامين العرب الذي عقد في الرباط عام 1980 – أعده المحامي زكي جميل حافظ- شركة التأيمس للطبع والنشر –بغداد-1980-ص13.
(2) خصص المشروع الفصل الثالث من الباب الخامس من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل لموضوع (توقيف المتهم وإخلاء سبيله) ضمن المواد 109-120 وهي التي ستكون محور الدراسة في الفصول القادمة.
ثانياً- تقسيم البحث
للاحاطة بموضوع البحث من جوانبه المختلفة, سوف أتناول دراسته في فصلين, الفصل الأول وأبحث فيه الضوابط المتعلقة بإصدار القرار بالتوقيف… وهذا الفصل يتجزأ إلى مبحثين, الأول لدراسة الضوابط المتعلقة بتحديد الجهات المخولة سلطة التوقيف, والثاني لدراسة الضوابط الشكلية والموضوعية المتعلقة بقرارات التوقيف.
أما الفصل الثاني, فسوف أدرس فيه ضمانات المتهم الموقوف, وهذا الفصل – هو الآخر- أجرته الى مبحثين, أدرس في الأول ضمانات أطلاق سراح المتهم الموقوف, والثاني أدرس فيه طرق الطعن في قرار التوقيف. وتنتهي الدراسة بخاتمة تتضمن أهم نتائج البحث والمقترحات الأساسية فيه.
الفصل الأول
الضوابط المتعلقة بإصدار القرار بالتوقيف
ضمان حرية الفرد من التعسف يتطلب بالضرورة تحديد الضوابط القانونية من حيث السلطة التي تخول صلاحية إصدار القرار بالتوقيف وحدود هذه السلطة من حيث المدة التي يحق لها توقيف الأفراد والحالات التي يجوز فيها استخدام تلك السلطة.
ومن هذا يتبين لنا ان التوقيف هو إجراء استثنائي من إجراءات التحقيق يفوض من قبل سلطة مختصة قانونا لفترة محددة بهدف السرعة في إنجاز التحقيق أو حماية للمتهم أو حفاظاً على الأدلة من العبث أو لمنع المتهم من الهرب أو حفاظاً على حياته في بعض الجرائم الخاصة. وهذا التعريف يجمع بين طبيعة التوقيف كونه إجراء أستثتائياً على أساس إن الأصل في الإنسان البراءة, وبين مدة التوقيف والسلطة المختصة ومبررات التوقيف. وكل ذلك يتطلب بالضرورة تحديد الضوابط الشكلية والموضوعية لضمان سلامة القرار الصادر بالتوقيف من التجاوزات التي من شأنها المساس بتلك الحرية. هذه الضوابط ستكون محوراً للدراسة في المبحثين التاليين.
المبحث الأول
الضوابط المتعلقة بتحديد الجهات المخولة سلطة التوقيف
التوقيف اجراء تقتضيه المصلحة العامة لاستكمال التحقيق في الجرائم بهدف الوصول إلى حقيقة الجريمة ووقائعها ومرتكبها, وهو إجراء قضائي غالباً ما يصدر عن قاض سواء كان قاضي التحقيق أو قاضي محكمة الموضوع, واستثناء قد يصدر أمر التوقيف من المحقق. ولكل من هذه الحالات – التوقيف بأمر القاضي أو بأمر من المحقق – ضوابط محددة. غير انه قد يلتبس التوقيف مع (الحجز الإداري) وهو إجراء مشابه للتوقيف من حيث طبيعته كونه قيداً على الحرية الفردية, غير انه يختلف عنه من حيث الجهة المخولة صلاحية فرضه والضوابط المتعلقة به. ولخطورة الإجراء الثاني واعني به (الحجز) وكونه غير خاضع لمراقبة القضاء وشرعيته ارتأينا دراسته في فقرة مستقلة, ثم نتطرق في فقرة ثانية الى الضوابط المتعلقة بالجهات القضائية المخولة سلطة التوقيف.
أولا- الضوابط المتعلقة بالجهات الإدارية المخولة سلطة الحجز
ليس في قانون أصول المحاكمات الجزائية إجراء يسمى (الحجز الإداري) كما لم يتضمن قانون العقوبات اجراء بهذا الاسم باستثناء الحجز في مدرسة الفتيان الجانحين و الحجز في المدرسة الإصلاحية وهما من التدابير المقررة للاحداث في المادة(85) من القانون المذكور. وهذين التدبيرين لا علاقة لهما بموضوعنا لاتهما البديل عن العقوبة المقررة للجريمة أصلا, وقد أستخدم قانون العقوبات مصطلح (الحجز) في حين أستخدم قانون رعاية الاحداث مصطلح (الإيداع) (1). والحجز الإداري صورة من صور الضبط الإداري والذي يعني تدخل الإدارة بغية فرض بعض القيود على حرية الأفراد لغرض صيانة الأمن العام (2). وطبيعي أن يتوسع تدخل الإدارة عندما يكون الأمن و النظام العام في ظرف استثنائي تمر به الدولة (3). وقد سلم المشروع العراقي بفكرة الظروف الاستثنائية- نتيجة للظروف التي مرت بها البلاد- فصدرت بعض التشريعات التي سمحت بحجز الأفراد واعتقالهم وان لم يرتكبوا جريمة تستحق العقاب المنصوص عليه في التشريعات الجزائية من ذلك قانون السلامة الوطنية رقم (4) لسنة 1965 المعدل (4).
(1) ينص الباب الخامس من قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 على التدابير المخصصة للأحداث ومنها الإيداع في مدرسة تأهيل الفتيان والإيداع في مدرسة تأهيل الصبيان.
(2) الدكتور قدري عبد الفتاح الشهاوي – أعمال الشرطة ومسؤوليتها جنائياً وإداريا – منشأة المعارف بالإسكندرية – 1969- ص 31.
(3) حسين جميل – حقوق الإنسان والقانون الجنائي – مطبعة دار النشر للجامعات المصرية – القاهرة – 1972 – ص- 65.
(4) من السلطات التي يحق لرئيس الوزراء ممارستها بموجب المادة الرابعة من هذا القانون – في المنطقة المشمولة بإعلان حالة الطوارئ ما يلي:
أ- فرض قيود على حرية الأفراد في الانتقال والمرور والتجوال في أماكن معينة وأوقات معينة.
ب- اعتقال الأشخاص المشتية في سلوكهم الإجرامي وحجزهم في المحلات المخصصة لذلك… ويعتبر الشخص المعتقل (المحجوز) بموجب هذه المادة (موقوف) قانوناً.
وتجدر الإشارة بأن هذه الصلاحية يمكن تخويلها الى أشخاص آخرين عملا بمقتضى المادة السادسة من القانون المذكور والتي تنص على أنه (( يمارس رئيس الوزراء أو من يخوله السلطات المنصوص عليها في المادة الرابعة )).
كما منح قانون المحافظات رقم 159 لسنة 1969 المعدل صلاحية (توقيف الأفراد) لرؤساء الوحدات الإدارية وفق ضوابط محددة وفي مناطق محددة حيث تنص المادة التاسعة عشرة من القانون على انه (( 1- للوزير إصدار بيان بالوحدات الإدارية التي يتطلب صيانة الأمن فيها اتخاذ إجراءات خاصة بسبب ظروفها وأحوالها الاجتماعية أو كونها ضمن منطقة حركات أو قريبة منها, ويكون هذا البيان نافذاً لمدة سنة وقابلاً للإلغاء والتعديل والتجديد.
2- لرؤساء الوحدات الإدارية المشمولة بالبيان الذي يصدره الوزير في حالة وقوع حوادث مخلة بالأمن أو التحريض على وقوعها حق إصدار أوامر القاء القبض على الفاعلين والمحرضين وتوقيفهم لمدة سبعة أيام يمارسها المحافظ في المحافظة وخمسة أيام بالنسبة للقائمقام ومدير الناحية كل ضمن وحدته الإدارية. ويجوز لكل منهم تحديد مدة التوقيف للمدة المذكورة ولمرة واحدة اذا اقتضت متطلبات التحقيق أو صيانة الأمن ذلك)). ومن النص المتقدم يتضح أن رؤساء الوحدات الإدارية ليست لهم الصلاحية المطلقة في توقيف الأفراد , انما عليهم التقيد بضوابط نص عليها القانون وهذه الضوابط تتمثل بما يأتي :
أ- تحديد المنطقة التي أختل الأمن فيها لظروف معينة ببيان من وزير الداخلية.
ب- من يمارس سلطة توقيف الأفراد هم رؤساء الوحدات الإدارية (حصراً) , وصلاحيتهم محددة بسبعة أيام بالنسبة للمحافظ , وخمسة أيام بالنسبة للقائمقام ومدير الناحية, قابلة للتمديد لمرة واحدة فقط .
ج- الحالات التي تجيز التوقيف وفقاً للنص المتقدم هي حالات الإخلال بالأمن أو التحريض عليه : ولنا على الضوابط المتقدمة الملاحظات التالية :
الملاحظة الأولى: خلا النص المتقدم من أية أشارة على كون القرار الصادر
بالتوقيف (قطعياً) أم أنه قابل (للاعتراض عليه) أمام جهة معينة وخلال مدة معينة. ومع ذلك نستطيع القول أن مثل تلك القرارات قطعية وذلك لإطلاق النص, ونرى أن ضمان حرية الأفراد من تعسف الإدارة – حتى في الظروف الاستثنائية – تقتضي من المشرع حمايتها وذلك بجعل القرار الصادر بالتوقيف من قبل (رؤساء الوحدات الإدارية) خاضعاً للطعن فيه خلال مدة ثلاثة أيام أمام محكمة الجنايات المختصة في المحافظة المشمولة بالبيان.
الملاحظة الثانية: ان حالات الإخلال بالأمن لا تخرج في حقيقتها عن الحدود التشريعية للجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي, ذلك أن الشرع في (قانون العقوبات) قد حدد صور الإخلال تلك وفرض عقوبات معينة لمرتكبيها أو المحرضين على ارتكابها, لذلك فأن من يرتكب حوادث مخلة بالأمن أو يحرض على ارتكاب تلك الحوادث سوف يقع لا محالة تحت طائلة النص العقابي, وبالتالي ليس هناك ما يدعو الى إفلات المذكورين من العقاب والاقتصار على توقيفهم لمدة أسبوع أو خمسة أيام بحسب الصلاحيات المنصوص عليها قانوناً لرؤساء الوحدات الإدارية. لذلك تعتقد بضرورة تعديل النص المذكور وهو نص الفقرة (2) من المادة التاسعة عشرة وجعل هذه الصلاحية قاصرة على (المشتبه بهم) كونهم فاعلين أو محرضين أو متعاونين بأي وسيلة من وسائل المعاونة. لان (الفاعلين والمحرضين) هم مجرمون بنظر القانون و هؤلاء يختص القضاء – و ليس الإدارة – باتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
كما أن من التشريعات التي أجازت حجز الأفراد من قبل الجهات الإدارية هو القرار الصادر عن مجلس قيادة الثورة ذي الرقم (26) لسنة 1971. وهذا القرار لا يقتصر نفاذه على منطقة محددة أو ظروف استثنائية خاصة, انما هو ساري المفعول على عموم المحافظات في القطر حيث نصت الفقرة (1) منه على ما يأتي: )) منح وزير الداخلية صلاحية حجز الأشخاص المشتبه في سلوكهم الإجرامي من غير السياسيين في المحلات المخصصة لذلك أو تحديد محلات أقامتهم في أماكن معينة, ويعتبر الشخص المحجوز موقوفاً قانوناً)). ونص في القرار أن الأسباب الداعية لصدوره تتمثل في الحد ((… من تصرفات المشتبه في سلوكهم الإجرامي من غير السياسيين والذين يمارسون السرقات وأعمال التهريب والاعتداء على المواطنين والإخلال بالسكنية والراحة العامة.
وحرصاً من حكومة الثورة على أمن وسلامة المواطنين وتخليصهم من شرور هؤلاء الذين لم يفد معهم التسامح وإعطائهم الفرص العديدة لإصلاح شأنهم ليكونوا مواطنين صالحين لهذا البلد…)). ويبرر البعض صدور هذا القرار بقوله: ((من المعلوم أنه توجد في كل مجتمع فئة من الخارجين عن القانون, ارتكبت أفعالا جنائية في حق الأبرياء, وعجزت يد العدالة ان تمتد إليها, اما لمهارتها في إخفاء جرائها, وإما لخوف الناس أو المواطنين من الشهادة ضدها… وهذه الفئة لابد من اتخاذ بعض التدابير الاستثنائية ضدها, والتي قد تتضمن تجاوزا على أهم ضمانات الأفراد, ولكنها قد تكون لازمة لوقاية المجتمع من شرورها, ولأبعاد أفرادها عن ساحة الجريمة جبراً عنهم)) (1). غير إننا – مع كل هذه المبررات – نرى في هذا القرار ما يوجب إعادة النظر فيه من قبل المشرع, لما يترتب عليه من تدبير استثنائي يوقع على الأفراد من قبل السيد وزير الداخلية وهو (سلطة إدارية) و دون أن يحاط بالضمانات الأساسية للحرية الفردية, فهو تدبير (غير محدد المدة) هذا من جهة, ومن جهة أخرى فأنه تدبير (قطعي) غير قابل للاعتراض والطعن.
كما إننا نرى في القرار خللاً وقصوراً من حيث عدم تحديده الجهة المختصة بتحديد (المسيء) الذي يستحق فرض مثل هذا التدبير بحقه. كما ان منصب السيد الوزير وانشغاله بقضايا أساسية تهم الدولة والمجتمع تتطلب بالضرورة منح هذه الصلاحية الى جهات إدارية أخرى تلي السيد الوزير في الدرجة. وبصدد هذا القرار, وفقاً لما أوضحناه فيما سبق نقترح ان يصار الى إلغاء القرار المذكور – على المنظور القادم – وفي الوقت الحاضر نقترح تعديله وعلى أن تتضمن هذه التعديلات ما يأتي:
أ- منح سلطة حجز (المسيئين) ممن يشتبه بسلوكهم الإجرامي أو لتصرفاتهم المخلة بالأمن – عندما لا ترتقي تلك التصرفات الى الحد الذي نستطيع القول عنها أنها جرائم – الى المحافظين بدلا من السيد وزير الداخلية.
(1) اللواء الدكتور فاضل زيدان محمد – دراسة حول تحديد مفهوم المسيئين والإجراءات القانونية لحجزهم – منشورات المعهد العالي للتطوير الأمني والإداري – بغداد – بلا تأريخ – ص3-4.
ب- تحديد مدة الحجز بأسبوع واحد قابلة للتمديد لأسبوع آخر وعلى أن لا تتجاوز مدة الحجز في جميع الأحوال على الشهر.
ج- جعل قرار الحجز المذكور قابلاً للطعن فيه بطريق التمييز لدى محكمة الجنايات المختصة في المنطقة التي يسكنها المحجوز أو التي وقعت فيها حالة الاشتباه التي استوجبت صدور ذلك القرار(1).
د- ولكي يصار الى التطبيق السليم للقرار لابد من تحديد الجهة المختصة بتحديد (المسيء أو المشتبه به) المطلوب حجزه, ونقترح ان تتحدد هذه الجهة (باللجنة الأمنية) الموجودة في الوحدات الإدارية والتي تتشكل من رئيس الوحدة الإدارية وممثلا عن كل من الدوائر والجهات التالية: ممثل الحزب وممثلا عن الأمن, وممثلا عن الشرطة, وممثلا عن مجلس الشعب حيث تقدم اللجنة توصيتها بحجز الشخص على ان تشفع هذه التوصيات بما تيسر من معلومات وقرائن ضد الشخص المذكور, وترفع الى السيد المحافظ عن طريق مدير شرطة المحافظة. وتصدر التوصية من هذه اللجنة بالاتفاق أو الأكثرية, والا فعلى مدير شرطة المحافظة عدم رفعها طالما لم تحصل التوصية على الأكثرية المطلوبة.
والسؤال الذي يمكن طرحه بصدد القرار المتقدم, هل تعتبر مدة الحجز المقررة بمقتضاه (توقيفاً) ويحتسب من مدة الحكم فيما لو أفصح التحقيق مؤخراً ان من يشتبه به مرتكباً (حقيقة) أحدى الجرائم المنصوص عليها في القانون, بعبارة أخرى, لو ان السيد وزير الداخلية قرر حجز احد الأفراد لمدة شهر بسبب كونه مشتبه به بارتكابه السرقات, ثم أتضح خلال مدة الحجز كونه مرتكب (فعلاً) لجريمة السرقة وقامت الأدلة الكافية ضده, وعلى أساس من تلك الأدلة وعلى ضوئها قررت الجهة الإدارية أحالته إلى القضاء لإجراء التحقيق الأصولي معه. مثل هذا الحجز لا يحتسب من مدة التوقيف, وهو ما استقرت عليه محكمة التمييز في قراراتها باعتبار ان الحجز المذكور (حجزاً إدارياً) وليس بأمر القضاء. غير إننا نرى خلاف ذلك, لان المشرع وفي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ذلك لان قرارات الحجز الصادر من السيد وزير الداخلية هي قرارات إدارية غير خاضعة للطعن فيها أمام القضاء.
قرار محكمة التمييز رقم 341/تمييزية/968 في 8/1/1969.
الدكتور عباس الحسني و كامل السامرائي – الفقة الجنائي في قرارات محكمة التمييز – مطبعة الإرشاد – بغداد-1971- ص484.
الفقرة (1) من القرار أعلاه نص على انه: ((… ويعتبر الشخص المحجوز موقوفاً قانوناً )). وحيث ان الحجز هو (توقيف) فلابد من احتسابه من مدة الحكم في حالة اتجاه المحكمة الى الادانه, اذا كان من تم حجزه وأدانته في النهاية قد أحيل محجوزاً الى الجهات القضائية للتحقيق معه.
و لابد من القول مؤخراً ان حجز الأشخاص المقرر بمقتضى قرار مجلس قيادة الثورة رقم 1138 في 19/7/1980 لا يعتبر حجزاً ادارياً وإنما هو حجز قضائي وذلك مستفاد من قرار المذكور الذي ينص على انه: (( يخول ضابط المرور صلاحية قاضي جنح المرور لغرض حجز الأشخاص المخالفين للأنظمة و التعليمات المرورية مدة لا تزيد على خمسة عشر يوماً وحجز المركبة المخالفة مدة لا تزيد على الثلاثين يوماً)), وهذا يعني ان الحجز المقرر بهذا القرار هو عقوبة أصلية مقيدة للحرية شأنه شأن الحبس وهو عقوبة قطعية غير قابلة للتمييز بخلاف التوقيف الذي يجوز تمييزه لدى الجهة المختصة.
ثانياً – الضوابط المتعلقة بالجهات القضائية المخولة سلطة التوقيف
الحرية الفردية للإنسان هي الأصل, وهي الأولى بالرعاية, طالما ان الأصل في الإنسان هو البراءة, هذه القاعدة تستوجب تحديد نطاق التوقيف من حيث السلطة المختصة بإصداره والحالات التي يجوز لها ذلك في نطاق ضيق ووفق ضوابط قانونية تكفل ضمان الحرية الفردية من التعسف (2). ولضمان ذلك
(1) جاء في قرار لمحكمة التمييز ما نصه: (( لا تعتبر مدة الحجز بمقتضى قرار وزير الداخلية مدة توقيف ولا تنزل من مدة العقوبة التي تفرضها المحكمة, لان التوقيف هو الذي يصدر من قاض أو محكمة عن الجريمة نفسها وهذا ما لم يتوفر في قرار وزير الداخلية)).
قرار محكمة التمييز رقم 2724/جنايات/1974 في 8/5/1975.
مجموعة الأحكام العدلية – العدد الثاني – السنة الخامسة – ص 256.
(2) الدكتور حسن صادق المرصفاوى – الحبس الاحتياطي وضمان حرية الفرد في التشريع المصري – رسالة دكتوراه – جامعة القاهرة – 1954 – ص 27.
كان على المشرع ان يقصر تلك السلطة على جهات محددة لها من الكفاءة و الحيد. ما يجعلها أهلاً لعدم التعسف في إصدار القرار بالتوقيف. وكانت تلك السلطة وفقاً للتشريع العراقي هي: القضاء. وانطلاقاً من هذا المبدأ فأن قانون أصول المحاكمات الجزائية قد أسند مهمة التحقيق الابتدائي إلى قضاة التحقيق و المحققين الذين يعملون تحت أشرافهم, إلا انه من جهة أخرى حصر سلطة إصدار الأمر بالتوقيف بقضاة التحقيق استناداً لاحكام المادة (92) من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تنص على انه: (( لا يجوز القبض على أي شخص أو توقيفه الا بمقتضى أمر صادر من قاضي أو محكمة وفي الأحوال التي يجيز فيها القانون ذلك )).
ومع ذلك ومراعاة من المشرع لظروف المجتمع وتواجد العديد من أبناءه في مناطق (نائية) فقد أوجب على المحققين على سبيل (الاستثناء) توقيف المتهم بارتكاب جناية, وهو ما تنص عليه المادة (112) من ذات القانون بالقول: (( على المحقق في الأماكن النائية عن مركز دائرة القاضي ان يوقف المتهم في الجنايات. اما الجنح فعليه ان يطلق سراح المتهم فيها بكفالة, وعليه في جميع الأحوال ان يعرض الأمر على القاضي بأسرع وسيلة ممكنة وينفذ ما يقرره في ذلك )).
وبصدد صلاحية المحقق في التوقيف وفقاً للنص المتقدم فأن المشرع لم يحدد عما اذا كان المحقق من (محققي الشرطة) أو من (المحققون العدليون), غير ان أطلاق النص يعني أعطاء هذه الصلاحية لجميع المحققين. كما ان النص لم يحدد مدة التوقيف التي يقررها المحقق في المناطق النائية, ونعتقد ان هذه الصلاحية هي حالة استثنائية, والاستثناء يقدر بقدره, ونرى ضرورة تحديد هذه المدة بما لا يزيد على ثلاثة أيام, حيث ان هذه المدة كافية للاتصال بالقاضي المختص وعرض الأمر عليه وهو ما نقترح تدخل المشرع لمعالجته قانوناً وذلك بتعديل النص المشار اليه سلفاً. كما ان جعل التوقيف (وجوبياً) في جميع (الجنايات) هو اتجاه قد يخرج عن حد الضرورة التي تستوجبها الحالة المعروضة على المحقق في المنطقة النائية, ذلك ان العديد من الجنايات قد لا يكون (مشهوداً) كما قد لا يكون (خطيراً)…
كما ان بعض المتهمون قد يكونون معروفين أو ان ضرورات معينة قد تتطلب عدم توقيفهم كما لو كان المتهم في جناية وفي منطقة نائية يشغل منصباً أو واجباً له أهميته, أو ان تكون الأدلة المتوافرة ضده أثناء التحقيق الابتدائي الذي اجراء المحقق في المنطقة النائية توحي بعدم كفايتها للادانه – رغم كفايتها للإحالة – لذلك نرى ضرورة التفريق بين الجنايات بحسب درجتها, فأن كانت الجناية معاقبا بالإعدام أو السجن المؤبد فيكون (الوجوب) في التوقيف أمر تقتضيه خطورة الجريمة, وان كانت الجناية معاقب عليها بالسجن المؤقت فنرى ضرورة لذلك.
وتجدر الإشارة الى ان مفهوم المنطقة النائية يختلف من وقت لآخر ومن مكان لآخر(1) في ما يعد منطقة نائية اليوم قد لا يعد كذلك في وقت آخر، وما يعد منطقة نائية في مكان ما بالرغم من قصر المسافة مع عدم توافر أمكانية الاتصال قد لا يعد كذلك في حالة توافر وسيلة من وسائل الاتصال رغم بعد المسافة.وهو ما ندعو الى معالجته تشريعاً.
اما التوقيف القضائي فالأصل ان يصدر من قاضي التحقيق كونه الجهة المختصة – أساساً – بإجراءات التحقيق وذلك استناداً لنص الفقرة (أ) من المادة (51) من قانون أصول المحاكمات الجزائية. وصلاحية قاضي التحقيق في التوقيف محددة بمدة لا تزيد على خمسة عشر يوم قابلة للتمديد لمدة أقصاها ربع الحد الأقصى المقرر قانوناً للجريمة على ان لا تزيد بأية حال على ستة أشهر, ويستثنى من ذلك الجرائم المعاقب عليها بالإعدام حيث لا يجوز اطلاق سراح المتهم فيها بكفالة.
ومن تطبيقات القضاء العراقي بشأن عدم جواز اطلاق سراح المتهمين في الجرائم المعاقب عليها بالإعدام ما قضت به محكمة جنايات التأميم بصفتها التمييزية بالقول: (( لدى التدقيق والمداولة تبين أن قاضي تحقيق كركوك الأولى قرر بتأريخ 21/4/1986 وعلى عريضة وكيل المميز المتهم (ع) رفض طلبه حول أطلاق سراح موكله بكفالة, وحيث تبين ان الجريمة المسندة للمتهم المذكور تنطبق في حالة ثبوتها واحكام المادة (443/2) عقوبات المعدلة بقرار مجلس قيادة الثورة المرقم (1631) والمؤرخ في 3/10/1980 وان عقوبة الجريمة المذكورة هي الإعدام واستناداً لأحكام الفقرة (ب) من المادة (109) من الأصول الجزائية فلا يجوز اطلاق سراح المتهم بكفالة, فيكون قرار
(1) الأستاذ عبد الأمير العكيلي – أصول الإجراءات الجنائية من قانون أصول المحاكمات – مطبعة جامعة بغداد – سنة 1977 – ج2- ص 1984.
قاضي تحقيق كركوك المشار اليه أعلاه موافقاً للقانون فقرار تصديقه و رد اللائحة التمييزية … )) (1). أما إذا اقتضى الأمر الاستمرار في توقيف المتهم مدة تزيد على ستة أشهر وجب عرض الأمر على محكمة الجنايات لتأذن له بتمديد التوقيف.
ويستفاد مما تقدم, ان الأذن في تمديد توقيف المتهم في الجرائم المعاقب عليها بالإعدام هو أمر (حتمي) ذلك لان تلك الجرائم لا يجوز قانوناً اطلاق سراح المتهم فيها بكفالة . اما الجرائم المعاقب عليها بالسجن المؤبد فما دون فهذه يبقى مجال (الجواز القانوني) بإعطاء (الأذن) الى قاضي التحقيق بتمديد التوقيف مدة تزيد على ستة اشهر من عدمه. وبهذا الصدد نعتقد بأن ليس هناك ما يدعو الى أستاذان قاضي التحقيق من محكمة الجنايات المختصة بتمديد التوقيف طالما ان التهمة المسندة الى المتهم الموقوف معاقب عليها بالإعدام حتى وان زادت مدد التوقيف على الستة اشهر. وما نقول به يستند الى نص الفقرة (ب) من المادة (109) من الأصول الجزائية وهي المختصة بالتوقيف في الجرائم المعاقب عليها بالإعدام حيث لم تشترط الحصول على مثل هذا الأذن (2) .
وعلى هذا الشخص أتجه قضاة محكمة التمييز في العديد من قراراتها, ومنها على سبيل المثال القرار التمييزي المرقم (1538/جزاء أولى/تدخل/1981) في 20/7/1981 المتضمن ما يلي: ( لدى التدقيق والمداولة وجد ان الإعدام من العقوبات البدانية لذلك فأن نص المادة (109) من الأصول الجزائية, التي أوجبت على قاض التحقيق استئذان محكمة الجنايات عندما تتجاوز مدة توقيف المتهم ستة اشهر في الجرائم المعاقب عليها بعقوبات سالبة للحرية المشار إليها في تلك المادة, لا يشمل الجرائم المعاقب عليها بهذه العقوبة والتي يتعين معها بقاء المتهم موقوفاً حتى يصدر القرار الفاصل في الدعوى. اما حماية الحرية الشخصية للمتهم من خلال عدم جواز
(1) قرار محكمة جنايات التأميم بصفتها التمييزية رقم (157/ت/85) في 17/5/1986 (غير منشور).
(2) تنص الفقرة (ب) من المادة (109) على أنه (( يجب توقيف المقبوض عليه اذا كان متهماً بجريمة معاقب عليها بالإعدام وتمديد توقيفه كلما اقتضت ضرورة التحقيق مع مراعاة المدد المنصوص عليها في الفقرة (أ) حتى يصدر قرار فاصل بشأنه من قاضي التحقيق أو المحكمة الجزائية بعد انتهاء التحقيق الابتدائي أو القضائي أو المحاكمة )).
بقائه في التوقيف دونما ضرورة تقتضيها سلامة التحقيق ومستلزماته فأن ذلك يمكن توفيره من خلال الطعن بقرارات قاضي التحقيق كلما مدد توقيف المتهم, ان كان في تمديده واستمرار التحقيق ما يمس حرية المتهم, وعندما يصل التحقيق مرحلة لم يبق معه ما يبرر بقاء المتهم موقوفاً لذلك فأن قرار محكمة جنايات بابل وان كان ينبغي ان يصدر بصورة أدارية وليس بصفة تمييزية لان طلب الأذن بتمديد التوقيف وفقاً للمادة (109) من الأصول الجزائية إجراء إداري يتم بين قاضي التحقيق ومحكمة الجنايات. وليس طريقاً من طرق الطعن التمييزية, الا انه مع ذلك – قرار محكمة الجنايات – صحيح من حيث النتيجة ليس فيه ما يدعو لتدخل هذه المحكمة بموجب سلطتها المقررة بالفقرة (أ) من المادة (264) من الأصول الجزائية لذلك قرر رد الطلب وصدر القرار بالأكثرية في 20/7/1981 (1) . أما الفقرة (ج) من ذات المادة المشار إليها أعلاه فهذه تختص بالتوقيف في الجرائم الأخرى المعاقب عليها بالسجن المؤبد فما دون – وهذه الجرائم فقط – هي التي تستوجب الحصول على الأذن المذكور اذا اقتضى الأمر الاستمرار في توقيف المتهم أكثر من ستة أشهر(2).
وقد أستقر القضاء- تطبيقاً لنص القانون_ على عدم جواز اطلاق السراح طالما ان الجريمة المسندة للمتهم معاقب عليها بالإعدام (3).
(1) مجموعة الأحكام العدلية – العدد الثالث – السنة الثانية عشرة 1981 ص 72.
(2) تنص الفقرة (ج) من المادة (109) على انه (( لا يجوز ان يزيد مجموع مدة التوقيف على ربع الحد الأقصى للعقوبة ولا يزيد بأية حال على ستة أشهر, وإذا اقتضى الحال تمديد التوقيف أكثر من ستة أشهر فعلى القاضي عرض الأمر على محكمة الجنايات لتأذن بتمديد مدة مناسبة, على أن لا تتجاوز ربع الحد الأقصى للعقوبة, أو تقرر اطلاق سراحه بكفالة أو بدونها مع مراعاة الفقرة(ب). ))
(3) من ذلك ما قررته محكمة التمييز بنقض قرار قاضي تحقيق الكرادة القاضي بإطلاق سراح المتهم المكفل وأصدرت أمراًَ بالقبض عليه لكون الجريمة المتهم بها لا يجوز اطلاق السراح فيها بكفالة.
قرار محكمة التمييز رقم (2486/تمييزية/978) في 21/12/1978.
مجموعة الأحكام العدلية – العدد الثاني – السنة التاسعة – 978 – ص 50
كما قررت محكمة التأميم بصفتها التمييزية تصديق قرار قاضي التحقيق برفض طلب وكيل المتهم بإطلاق سراحه موكله بكفالة لان (( الجريمة المسندة للمتهم المذكور تنطبق في حالة ثبوتها واحكام المادة (443/2) عقوبات المعدلة بقرار مجلس قيادة الثورة المرقم (1631) والمؤرخ 3/10/1980 وان عقوبة الجريمة المذكورة هي الإعدام. واستنادا لأحكام الفقرة (ب) من المادة (109) من الأصول الجزائية فلا يجوز اطلاق سراح المتهم بكفالة, ويكون قرار قاضي تحقيق كركوك… موافق للقانون فقرر تصديقه… )
قرار محكمة جنايات التأميم بصفتها التمييزية المرقم (157/ت/985) في 17/5/1986 (غير منشور).
اما صلاحية محكمة الموضوع في التوقيف فانه يحق لها ان تأمر بتوقيف المتهم المحال إليها من قاضي التحقيق وفقاً للمادة (130 آب) من الأصول الجزائية وذلك في الحالات التي يكون فيها المتهم مطلق السراح تطبيقاً لأحكام المادة (92) من الأصول الجزائية التي أوضحت بأن توقيف المتهم هو من اختصاص القاضي أو المحكمة المختصة كما لها ان تقرر اطلاق سراح المتهم الموقوف بكفالة أو بدونها أو ان تقرر القبض عليه وتوقفه حتى وان كان قد سبق صدور قرار بإطلاق سراحه على ان تبين المحكمة في قرارها الأسباب التي استندت إليها في إصدار الأمر بالتوقيف.
وهذه الصلاحية مقررة بمقتضى المادة (157) من الأصول الجزائية والتي تنص على انه)) للمحكمة في أي وقت أثناء نظر الدعوى ان تقرر اطلاق سراح المتهم الموقوف بكفالة أو بدونها ما لم يكن متهماً بجريمة معاقب عليها بالإعدام.
ولها ان تقرر القبض عليه وتوقيفه ولو كان قد سبق صدور قرار بإطلاق سراحة، على ان تبين في قرار الذي تصدره الأسباب التي استندت إليها في توقيفه )). والهدف من ذكر أسباب التوقيف في هذا النص ان يكون المتهم على علم بالأسباب التي دعت الى اتخاذ مثل هذا الأجراء. ومشرعنا لم يشترط تسبيب أمر التوقيف الصادر من قاضي التحقيق أو تمديد التوقيف أو تسبيب رفض طلب اخلاء سبيل المتهم وان اشتراط ذلك على قاضي التحقيق يكون من باب أولى فهو قد اشترط ذلك على محكمة الموضوع ولم يشترط التسبيب على قاضي التحقيق. والملاحظ على نص المادة أعلاه انه اشترط ان يتم إصدار القرار بإطلاق السراح أو بالقبض على المتهم وتوقيفه (أثناء نظر الدعوى), وهذه العبارة توحي بوجوب إصدار القرار أثناء تشكيل المحكمة وفي الوقت المحدد للمحاكمة.
ولكن ما الحكم لو استجد لدى المحكمة ما يوحي بضرورة إصدار أمر القبض بحق المتهم وتوقيفه قبل الموعد المحدد للمحاكمة ؟ وما هو الحكم لو قدم المتهم الموقوف طلباً يرجو فيه المحكمة المختصة اطلاق سراحة بكفالة أو بدونها وذلك قبل الوقت المحدد للمحاكمة أيضا ؟ … صراحة النص – بتقديرنا – توحي بعدم جواز البت في الطلب, وعدم جواز إصدار أمر القبض بحق المتهم المكفل أو توقيفه بحق المتهم المقبوض عليه الا عند النظر في الدعوى, ونعتقد ان هذا القيد – على سلطة المحكمة – لا يخلو من نقد ونقترح ان يصار الى تعديل النص وذلك بحذف العبارة التالية منه: (( أثناء نظر الدعوى)).
وتجدر الإشارة الى انه (لأي قاضي) بمقتضى الفقرة (ج) من المادة (51) من الأصول الجزائية أن يجري التحقيق في أية جناية أو جنحة وقعت بحضوره ولم يكن قاضي التحقيق موجوداً. وفي هذه الحالة يكون لذلك القاضي الحق في إصدار الأمر بالتوقيف باعتبار التوقيف أجراء التحقيق… كما ان ذلك لا يمنع (قاضي أخر) في منطقة اختصاص قاضي التحقيق أو في منطقة قريبة منها من إصدار أمراً بالتوقيف في جناية أو جنحة في حالة غياب قاضي التحقيق المختص و وجود حالة ضرورية تستوجب ذلك, وهو ما تنص عليه الفقرة (ب) من المادة (51) من الأصول الجزائية بالقول: (( اذا اقتضت الضرورة إصدار قرار أو اتخاذ اجراء فوري في أثناء التحقيق في جناية أو جنحة ولم يكن قاضي التحقيق موجوداً, فعلى المسؤول عن التحقيق عرض الأمر على أي قاضي في منطقة اختصاص قاضي التحقيق أو أي منطقة قريبة منها للنظر في اتخاذ ما يلزم )).
كما تجدر الإشارة الى ان المادة (3) من قانون الادعاء العام قد أجازت لعضو الادعاء العام ممارسة صلاحية قاضي التحقيق في مكان الحادث وذلك في حالة غياب قاضي التحقيق, وتزول تلك الصلاحية بمجرد حضور قاضي التحقيق ما لم يطلب اليه الأخير مواصلة التحقيق كلاً أو بعضاً, لذلك – وفي مثل هذه الحالة – يكون لعضو الادعاء العام الحق في توقيف المتهم لمقتضيات المصلحة العامة ووضع اليد على الجناة وعلى أدلة الجريمة. وهذا يعني ان هذا الحق في استخدام هذه الصلاحية يقتصر على الجرائم المشهودة عندما لا يكون قاضي التحقيق موجوداً ، والسبب في قولنا ان صلاحية عضو الادعاء العام تقتصر على حالة الجرائم المشهودة لان القانون استلزم وجوده في ( مكان الحادث ) وبشرط ان يكون (قاضي التحقيق المختص) غير موجود . وبهذا الصدد ينبغي الإشارة الى ان هذه الصلاحية محددة أيضا بقيد آخر هو عدم وجود أي قاضي في مكان الحادث أو قريباًَ منه، لأنه لو وجد قاضي آخر غير قاضي التحقيق في مكان الحادث أو قريباً منه فأن على المسؤول عن التحقيق عرض الأمر على ذلك القاضي استناداً لنص الفقرة (ب) من المادة (51) من الأصول الجزائية، وبالتالي لا يحق في هذه الحالة بعضو الادعاء العام إصدار أي قرار – ومنها الأمر بالتوقيف – طالما وجد قاضي آخر- غير قاضي التحقيق – في مكان الحادث أو قريباً منه.
وفي معرض الكلام عن سلطة التوقيف نتساءل: هل يجوز لأعضاء الضبط القضائي إصدار امراً بالتوقيف تطبيقاً لأحكام المادة (52/أ) من الأصول الجزائية والتي تنص على انه: ((يقوم قاضي التحقيق بالتحقيق في جميع الجرائم بنفسه أو بواسطة المحققين وله ان ينيب احد أعضاء الضبط القضائي لاتخاذ إجراء معين عدا استجواب المتهم ؟)) بعبارة أخرى هل تعني الإنابة تخويل عضو الضبط القضائي سلطة توقيف المتهم ؟ وجواباً على هذا التساؤل نعتقد ان جواز الإنابة يكون في الحالات الضرورية والاستثنائية عندما يكون قاضي التحقيق منشغلاً حيث يتعذر عليه القيام بأجراء ما بنفسه، والأجراء الذي من الممكن إنابة احد أعضاء الضبط القضائي به حيث ان يتطلب جهداً أو وقتاً كما هو الحال في سماع الشهود أو الكشف على محل الحادث.
اما الإجراءات التي لا تتطلب مثل هذا الجهد كإصدار امراً بالتوقيف فنعتقد انه ليس هناك ما يجيز لقاضي التحقيق إنابة احد أعضاء الضبط القضائي لأنه اجراء خطر على حرية المتهم
اولاً، ولأنه لا يتطلب أي جهد أو وقت من القاضي المختص
ثانياً. كما نستدل على صحة هذا الرأي بنص المادة (106) من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي ألزمت عضو الضبط القضائي عند قبضه على متهم إرساله في اقرب فرصة ممكنة الى سلطات التحقيق المختصة، وهذا يعني عدم جواز إصدار امراً بتوقيف المتهم من قبل عضو الضبط القضائي مهما كانت الظروف والأحوال، كما لا يجوز أنابته لإصدار مثل هذا الأمر على الإطلاق.
المبحث الثاني
الظوابط الشكلية والموضوعية المتعلقة بقرارات التوقيف
وضع المشرع في قانون أصول المحاكمات الجزائية ظوابط متنوعة منها الشكلية ومنها الموضوعية لضمان سلامة القرار الصادر بتوقيف المتهم، ولأهمية كلا النوعين من الضوابط ارتأيت دراستهما في الفقرتين التاليتين وكلاً على حدة.
اولاً – الظوابط الشكلية المتعلقة بقرارات التوقيف
ينبغي ان تتوافر للأمر بالتوقيف عدة شروط شكلية من اجل ان يأخذ سبيله القانوني وينفذ من قبل السلطة المختصة بتنفيذ قرار التوقيف، وتفصح هذه الشروط عن صدوره من الجهة المختصة التي تمتلك حق اتخاذه، كما تضمن تنـفيذه بحق من صـدر ضده ذلك القرار (1)، وفي ذلك ضمان مهم للمتهم، وقد تناول المشرّع بيان تلك الضوابط في المـادة (113) من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي تنص على انه: ((يشتمل الأمر بالتوقيف على اسم الشخص الموقوف وشهرته ولقبه والمادة الموقوف بمقتضاها وتأريخ ابتداء التوقيف وتأريخ انتهائه ويوقّع عليه القاضي الذي أصدره ويختم بختم المحكمة)). ومن تحليل النص المتقدم نستطيع القول أنه لكي يأخذ القرار الصادر بتوقيف المتهم طريقه الى التنفيذ لابد من ان تتوافر فيه الضوابط أو الشروط الشكلية التالية:
1- ان يكون القرار الصادر بتوقيف المتهم تحريرياً.
ينبغي لأمكان إيداع المتهم في التوقيف إصدار قرار بتوقيفه من السلطة المختصة بإصداره، والسلطة المختصة بالموقف لا تقبل المتهم لديها إن لم تكن هناك ” مذكرة توقيف ” وهذا يعني أنه وإضافة الى قرار التوقيف الصادر بحق المتهم على اصل المطالعة المرفوعة من المحقق لابد من تنظيم مذكرة التوقيف والتي يحتفظ فيها لدى السلطة المختصة بالموقف… لذلك كان لابد من ان يكون القرار الصادر بتوقيف المتهم محرراً بالكتابة في موضعين، الأول – على اصل المطالعة المرفوعة الى قاضي التحقيق أو القاضي المختص من قبل المحقق أو اللجان التحقيقية المختصة – والثاني على اصل مذكرة التوقيف والتي ينبغي تحريرها وفق النموذج الخاص بذلك، وهذه المذكرة معدة سلفاً ومطبوعة بشكل تتضمن فيه
(1) الدكتور رؤوف عبيد – مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري – الطبعة الثانية عشرة – مطبعة جامعة عين شمس – 1978 – ص 406.
البيانات الأساسية التي يتطلبها القانون في المادة (113) من قانون أصول المحاكمات الجزائية (1)، مما يعني عدم جواز إصدار القرار بالتوقيف شفاهاً لا يتعارض مع نص المادة (113) المشار إليها بالتوقيف شفاهاً لأن مثل هذا القرار لا يتعارض مع نص المادة (113) المشار إليها سلفاً فحسب، بل انه يتعارض مع مصلحة أخرى ومهمة للمتهم الموقوف من حيث إمكانية احتساب فقرة التوقيف من مدة الحكم لاحقاً، ومثل هذا الاحتساب لا يكون الا اذا تم تحرير القرار الصادر بالتوقيف وتمديده في كل مرة تحريرياً.ومع ذلك فأن مجرد إصدار القرار بتوقيف المتهم على اصل المطالعة المرفوعة الى قاضي التحقيق أو القاضي المختص لا يمنع من تنفيذه وان تأخر في تنظيم مذكرة التوقيف، لأننا نكون في هذه الحالة أمام قرار تحريري صادر من سلطة مختصة بالتوقيف، وما المذكرة الخاصة بالتوقيف الا وسيلة كاشفة عن ذلك القرار تختص بالموقف والجهة المختصة فيه يقوم المسؤول عن الموقف بالاحتفاظ بها وتأشيرها في سجل المركز اليومي الخاص بمعاونيات الشرطــــة
(1) لأهمية الإطلاع على مذكرة التوقيف وبيان مشتملاتها من البيانات الأساسية التي تمثل الضوابط الشكلية لأمر التوقيف أرتاينا درج صورتها اكمالاً للفائدة، ومن اجل التوصل الى كون تلك البيانات كافية وفق الضوابط المحددة في المادة 113 من الأصول الجزائية.
مذكرة توقيف
الى ظابط مركز…………………….
قررت توقيف المتهم…………………… وفق المادة…………………
من قانون………………….لغاية يوم……………… وعليكم قبوله وحفظـــــه
في …………………. وإذا لم يردكم اشعار آخر بشأنه يجب عرض أمره علينـــــا
أو على قاض ذي صلاحية لأستحصال لقرار بشأنه
ختم المحكمة القاضي
……………………….
التأريخ : / /
قررت تمديد توقيفه لغاية يوم / /
القاضي
التأريخ: / /
ومديريات المواقف والتسفيرات وتكون عرضة للتفتيش من قبل الجهات القضائية والإدارية المختصة.ذلك ان الجهة المختصة بالموقف لا تخضع للتفتيش من قبل الجهات القضائية فحسب, بل أنها أجهزة إدارية لها مسؤولها وتبعيتها الإدارية وتسلسلها الرئاسي وفق النموذج الخاص وعدم تأخير ذلك إلا لضرورة, مع التأكيد على عدم التأخر في تحريرها ضماناً لعدم تعسف المسؤول عن الموقف في إيداع الأشخاص واستغلال سلطته بعيداً عن المراقبة والتفتيش بحجة عدم تزويده بمذكرة التوقيف.
2- أن يتضمن القرار الصادر بالتوقيف اسم الشخص الموقوف وشهرته ولقبه, والهدف من تحديد اسم الشخص الصادر بحقه قرار التوقيف مع الشهرة واللقب هو تحديد شخصية المتهم بشكل دقيق وتمييزه عن غيره ممن قد يشتبه معه بالاسم. ومع ذلك نجد ان نص الفقرة )1( من المادة )127( من قانون الإجراءات الجنائية المصري جاء أكثر تفصيلاً من هذه الناحية حيث أشترط بيان)) صناعة المتهم ومحل إقامته(( )1 ( , ونعتقد ان النص المصري كان أكثر إيضاحا
(1) تنص الفقرة (1) من المادة (127) من قانون الإجراءات الجنائية المصري على أنه: (( يجب أن يشتمل كل أمر على اسم المتهم ولقبه وصناعته ومحل إقامته والتهمة المنسوبة اليه وتأريخ الأمر وإمضاء القاضي والختم الرسمي)).
وهذا الايضاع في هوية المتهم لضمان عدم الالتباس بغيره.
الدكتور حسن غلام – قانون الإجراءات الجنائية – مطابع روز اليوسف – القاهرة – 1983 – ص 265 – 266.
لهوية المتهم من ناحيتين, الأولى أن المشرع العراقي أشترط بيان (الشهرة واللقب) ونعتقد أن الشهرة واللقب هما مصطلحان مترادفان لمعنى واحد والاكتفاء ببيان اللقب أبلغ من حيث الصياغة القانونية لذلك نعتقد بضرورة تعديل النص من هذه الناحية واستبدال (مهنة) بدل (الشهرة) ليكون إيضاح الهوية أكثر دقة وابلغ في التعبير. أما الناحية الثانية فهي اشتراط المشرع المصري بيان محل إقامة الشخص وهو ما لم نجده في النص العراقي, كما لم نجده ضمن مشتملات البيانات الوارد ذكرها في نموذج مذكرة التوقيف, لذلك أيضا نقترح تعديل النص من هذه الناحية أيضا واشتراط بيان محل إقامة الشخص إضافة إلى البيانات الشكلية الأخرى. كما نرى ضرورة بيان أسم الشخص الرباعي – كلما اقتضت الضرورة وكان أسم المتهم من بين الأسماء المتداولة بكثرة في المجتمع العراقي – حتى يمكن التعرف على شخصه بصورة دقيقة من قبل السلطة المختصة بتنفيذ قرار التوقيف (1).
3- بيان المادة القانونية الموقوف بمقتضاها, وهذا الشرط يستلزم بيان القانون الذي يعتبر الفعل الذي ارتكبه الشخص جريمة سواء أكان ذلك القانون هو قانون العقوبات أو أي قانون أخر أو قرار له قوة القانون… والقوانين – والقرارات – التي تتضمن نصوصاً جزائية متعددة, وحتى يكون الموقوف على بينة من التهمة المسندة اليه أقتضى بيان المادة القانونية والقانون الذي يتضمنها.وبهذا الصدد نرى ضرورة عدم توقيف المتهم الا اذا كان المتهم قد استجوب أو أتيحت له الفرصة لإبداء دفاعه ولو لأول مرة من قبل المحقق, اما أن يتقرر توقيفه لمجرد القبض عليه أو تسليمه الى السلطة المختصة فهو اجراء ينبغي الابتعاد عنه. ونجد عملاً أن حالات متعددة يتقرر فيها توقيف الشخص دون أن يستجوب بعد من قبل المحقق أو قاضي التحقيق و دون أن يحاط علماً بالتهمة المنسوبة اليه, وهي وسيلة يلجأ إليها المحققون في مكاتب مكافحة الإجرام على الأغلب حيث تقدم المطالعة الى قاضي التحقيق المختص تتضمن إلقاء القبض على الشخص والطلب منه بتقرير مصيره – والتي تعني في حقيقتها الطلب من قاضي التحقيق بتوقيفه – وقبل ان تدون أقواله ابتدائيا. لذلك نرى ضرورة توجيه قضاة التحقيق الى التقييد بهذا الشرط وعدم تقرير مصـير المـتهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد الأمير العكيلي – أصول الإجراءات الجنائية في قانون أصول المحاكمات الجزائية – الجزء الأول – الطبعة الثانية – مطبعة جامعة بغداد – 1977 – ص 376.
قبل استجوابـه علماً بالمادة القانونية المنطبقة على فعله, مع ضرورة التقيد بنص المادة (123) من الأصول الجزائية (1) , والتي يشترط استجواب المتهم خلال أربع وعشرين ساعة من حضوره .
4- بيان تأريخ ابتداء التوقيف وتأريخ انتهائه, وهذا البيان مسألة مهمة لما يترتب عليه من نتائج هامة تتعلق بتمديد التوقيف واطلاق السراح واحتساب مدة التوقيف من مدة الحكم, كما أن هذا البيان ضرورياً لمعرفة مدى تقيد الجهة المصدرة للقرار بالضوابط الموضوعية – التي سنأتي على بيان أحكامها لاحقاً – والمتعلقة بمدد التوقيف والجرائم التي يجوز التوقيف فيها. كما أن بيان تأريخ التوقيف – يحدد لنا إمكانية التعرف على الجهة المصدرة للقرار وهل تملك مثل هذه الصلاحية بتأريخ صدوره. كل ذلك من شأنه تحقيق ضمانة مهمة للمتهم هي عدم الإسراف في التوقيف وإطالة مدته بلا مبرر. غير أنه قد يحدث أن يهرب المتهم من التوقيف, ففي هذه الحالة فأن مدة هروبه لا تحتسب من مدة التوقيف كما إنها لا تحتسب من مدة الحكم, وهي وإن كانت مسألة بديهية الا انه لا بأس من الإشارة إلى قرار لمحكمة التمييز جاء فيه: (( مدة هروب المتهم من الموقف لا تحتسب من مدة التوقيف)) (2) ولكن ترد أحياناً على هذه القاعدة بعض الاستثناءات بنصوص قانونية صريحة مثال ذلك ما ورد بقرار مجلس قيادة الثورة المرقم (286) والمؤرخ 22/8/1991 المتضمن ما يلي:
1- تحتسب المدة التي قضاها الموقوف أو النزيل أو المودع خارج الموقف أو السجن بسبب حوادث الشغب و التخريب من مدة التوقيف أو الحكم أو الحبس أو السجن في حالة تسليم نفسه الى السلطات المختصة خلال مدة ثلاثين يوماً صدور هذا القرار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وتنص هذه المادة على انه: (( على قاضي التحقيق أو المحقق ان يستجوب المتهم خلال أربع وعشرين ساعة من حضوره بعد التثبت من شخصيته وأحاطته علماً بالجريمة المنسوبة اليه. ويدون أقواله بشأنها مع بيان ما لديه من أدلة لنفيها عنه وله أن يعيد استجواب المتهم فيما يراء لازما لاستجلاء الحقيقة )).
(2) قرار محكمة التمييز رقم 346/جنايات أولى/1976 في 25/4/1976. مجموعة الأحكام العدلية – العدد الثاني – السنة السابعة – ص 367.
2- تسرى أحكام هذا القرار على الموقوفين والنزلاء والمودعين الذين سلموا أنفسهم قبل صدوره.
3- يعمل بهذا القرار من تأريخ صدوره وتتولى الجهات ذات العلاقة تنفيذه.
وبصدد احتساب المدة فأن ((يوم أطلاق السراح من التوقيف بالكفالة لا يحتسب ضمن مدة التوقيف)) (1) . وبهذا الصدد لابد من الإشارة إلى أن إطلاق سراح المتهم بكفالة قد لا يتم إلا في وقت متأخر من ذلك اليوم وقد يتم مساءً, أو قد يصدر القرار بإطلاق سراح المتهم بكفالة صباحاً غير أن التنفيذ قد لا يحصل في ذات الصباح أو لا يحضر الكفيل الا مساءً. لذلك نرى – وضماناً لحق المتهم الموقوف – ان تكون هناك تفرقة بين اطلاق السراح بعد الظهر أو قبله, فأن تم اطلاق السراح قبل الظهر فلا يحتسب ذلك اليوم من مدة التوقيف. وإن تم اطلاق السراح بعد الظهر فينبغي احتساب ذلك اليوم من مدته.
4- توقيع القاضي وختم المحكمة, اشترطت المادة 113 من الأصول الجزائية توقيع القاضي وختم المحكمة على القرار الصادر بتوقيف المتهم, ولم تشترط بيان أسم القاضي الذي أصدره, غير إننا نرى أنه وإن لم يشترط المشرع بيان ذلك صراحة الا انه أمر ضروري لمعرفة كون الشخص الذي أصدره مخول قانوناً بإصداره من عدمه, كما أن بيان أسمه الصريح يكون ضرورة لازمة عندما يكون في المنطقة الواحدة أكثر من قاضي تحقيق وهو ما يحصل في العديد من مراكز المحافظات, وكذلك فأن ختم المحكمة هو شرط جوهري لتعزيز الثقة في قرارات التوقيف نظراً لاحتمالات التزوير في توقيعات القضاة أو التلاعب بها بشكل قد يؤدي الى المساس بحقوق المتهمين. وبهذا الصدد نرى ضرورة ختم القرار الصادر بتوقيف المتهم على أصل القرار المحرر على المطالعة ولا يكتفي بختم مذكرة التوقيف فقط.
(1) قرار محكمة التمييز رقم (2955/جنايات/1973) في 30/1/1974.
إبراهيم المشاهدي – المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز (القسم الجنائي) – بغداد – مطبعة الجاحظ – 1990 – ص 138 .
الضوابط الشكلية المتقدمة في قرار التوقيف اذا ما توافرت في مذكرة التوقيف, وجب على المسؤول عن الموقف قبول المتهم وإيداعه فيه, وليس له الحق في مناقشة أو تعطيل تنفيذه.
ثانياً- الضوابط الموضوعية المتعلقة بقرارات التوقيف
الضوابط الموضوعية المتعلقة بقرارات التوقيف منها ما يتعلق بنوع الجريمة ومنها ما يعلق بمدة التوقيف, ولأهمية هذه الضوابط سأتولى دراستها في الفقرتين التاليتين:
1- الضوابط الموضوعية المتعلقة بنوع الجريمة, ونعني بهذه الضوابط تعلق القرار الصادر بالتوقيف بخطورة الجريمة.. لذلك نجد ان المشرع قد أوجب التوقيف في حالات معينة, وأجازة في حالات أخرى, بينما منع التوقيف – كقاعدة – في الأحوال البسيطة. فيما يتعلق بحالات الوجوب, فهي تلك الجرائم المعاقب عليها بالإعدام, ونصت عليها الفقرة (ب) من المادة (109) من قانون أصول المحاكمات الجزائية بالقول: ((يجب توقيف المقبوض عليه اذا كان متهماً بجريمة معاقب عليها بالإعدام, وتمديد توقيفه كلما اقتضت ذلك ضرورة التحقيق مع مراعاة المدة المنصوص عليها في الفقرة (أ) حتى يصدر قرار فاصل بِأنه من قاضي التحقيق أو المحكمة الجزائية بعد انتهاء التحقيق الابتدائي أو القضائي أو المحاكمة)). ويلاحظ على النص المتقدم أن المشرع أوجب توقيف المتهم في مثل هذه الجرائم مهما كانت الأدلة ودرجتها في الإثبات لان المشرع لم يسمح أصلا بإخلاء سبيل المتهم نظراً لخطورتها, لذلك فأن أطلاق السراح في مثل هذه الجرائم لا يمكن أن يتم بكفالة, وإنما بقرار حاسم يتضمن الإفراج عن المتهم لعدم كفاية الأدلة ضده (1) , أو صدور قرار بأن المتهم غير مسؤول عن فعله بسبب صغره كما لو كان عمره دون التاسعة أو صدور القرار ببراءته من التهمة المسندة اليه.
(1) الدكتور سامي النصراوي – دراسة في أصول المحاكمات الجزائية – ج 1- مطبعة دار الســـلام – بغداد – 1974 – ص 393.
وقد قضت محكمة التمييز في قرار لها (بالامتناع عن تصديق قرار المحكمة الكبرى المتضمن أخلاء سبيل المتهمين بكفالة عند تدخلها تمييزاً في قرار قاضي التحقيق كون المادة (257/1) من الأصول الملغي لا يجوز البتة أخلاء سبيل المتهمين لأنهم متهمون بقتل وإعادة الأوراق إلى القاضي المحال إليه لينظر فيما اذا كانت توجد أدلة تستلزم تمديد توقيفهم أم لا. وفي هذه الحالة عليه أن يقرر الإفراج عنهم )(1). وهناك بعض الجرائم رأى المشرع عدم جواز أطلاق سراح المتهم بارتكابها بكفالة ولو كانت معاقب عليها بالسجن أو الحبس مثال ذلك مرتكبي جرائم السرقات والاختلاس أو الرشوة الذين لا يجوز اطلاق سراحهم بكفالة بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 38 لسنة 1993 و أوجب بقائهم موقوفين في دوري التحقيق والمحاكمة, والغرض من إصدار القرار المذكور منع آفلات مرتكبي تلك الجرائم وردع من يفكر بارتكاب مثل هذه الجرائم وتوفير الحماية القانونية لممتلكات الدولة والأفراد وصيانة شرف الوظيفة العامة. وبشأن عدم جواز اطلاق سراح المتهمين بقضايا الاختلاسات قضت محكمة الجنايات لحافظة التأميم بقرارها التمييزي المرقم (50/ت/1971) والمؤرخ 23/5/1971 ما يلي: ((القرار – لدى التدقيق والمداولة تبين ان قاضي تحقيق الحويجة قرر بتأريخ 2/5/1972 رفض طلب المميز المتهم (ع.ش) على عريضته المؤرخة 4/5/1972 حول أخلاء سبيله بكفالة وحيث أنه موقوف وفق المادة (315) من ق.ع. ولما كان مجلس قيادة الثورة قد قرر بقراره المرقم (1286) في 8/10/1970 عدم اطلاق سراح المتهمين بقضايا الاختلاسات سواء التي ما زالت في دور التحقيق أو المحالة على المحاكم المختصة فيكون قرار قاضي التحقيق لمحكمة الحويجة والمشار اليه أعلاه موافقاً للقانون قرار تصديقه وإعادة القضية لمحكمتها لإكمال التحقيق وإصدار القرار المناسب بشأنها وصدر القرار بالاتفاق استناداً الى أحكام المادتين 256و265 من الأصول الجزائية في 23/5/1972.
(1) قرار محكمة التمييز رقم الاضبارة (216/تمييزية/1965) والمؤرخ في 10/5/1965 والمنشور في الفقة الجنائي في قرارات محكمة تمييز العراق, المجلد الرابع – ص 83.
أما فيما يتعلق بالجرائم المعاقب عليها بالإعدام والتي يرتكبها الأحداث, فأن خطورة تلك الجرائم تقتضي التقيد بذات النص وعدم جواز اطلاق سراح المتهم الحدث فيها. وباعتقادنا فأنه لا خشية على المتهم اذا ما تقيدت السلطة المختصة بتنفيذ التوقيف بالضوابط الخاصة بتوقيف الأحداث وإيداع الحدث دار الملاحظة أو في المكان المخصص لتوقيف الأحداث بعيداً عن البالغين. وتلي في الخطورة الجرائم المعاقب بالسجن (المؤقت أو المؤبد) أو بالحبس مدة تزيد على ثلاث سنوات, وتعالج هذه الحالة الفقرة (أ) من المادة (109) من قانون أصول المحاكمات الجزائية بالقول: ((اذا كان الشخص المقبوض عليه متهماً بجريمة معاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاث سنوات أو بالسجن المؤقت أو المؤبد فللقاضي ان يأمر بتوقيفه مدة لا تزيد على خمسة عشر يوماً في كل مرة, أو يقرر اطلاق سراحه بتعهد مقرون بكفالة شخص ضامن أو بدونها بأن يحضر متى طلب منه ذلك اذا وجد القاضي ان اطلاق سراح المتهم لا يؤدي الى هروبه ولا يضر بسير التحقيق)). والملاحظ على النص المتقدم أنه دمج في (الخطورة) بين الجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت أو المؤبد وبين الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاث سنوات, والفارق بين هذين النوعين من الجرائم من حيث الجسامة والنوع والاختصاص, فهي من حيث الجسامة تختلف اختلافاً بائناً في العقوبة, ومن حيث النوع فالاختلاف واضح بين الجنايات والجنح, ومن حيث الاختصاص تكون الأولى من اختصاص محاكم الجنايات بينما تكون الثانية من اختصاص محاكم الجنح. وبتقديرنا فأن التمييز بين النوعين في المعاملة هو أوفق من حيث السياسة الجنائية, ونقترح إبقاء النص المتقدم على حاله بالنسبة للجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤقت أو المؤبد, وشمول الجنح عموماً – ومهما كانت العقوبة المقررة لها – بنص الفقرة (أ) من المادة (110) من قانون أصول المحاكمات الجنائية(1) ,
(1) تنص الفقرة (أ) من المادة 110 من الأصول الجزائية على أنه: (( اذا كان المقبوض عليه متهماً بجريمة معاقب عليها بالحبس مدة ثلاث سنوات أو اقل أو بالغرامة فعلى القاضي ان يطلق سراحه بتعهد مقرون بكفالة أو بدونها ما لم ير أن اطلاق سراحه يضر بسير التحقيق أو يؤدي الى هروبه)).
وهذا المقترح يتطلب بالضرورة تعديل نص الفقرة (أ) من المادة (109) والفقرة (أ) من المادة (110) من ذات القانون… وبهذا التعديل – المقترح – نضمن للمتهم في جرائم الجنح عدم التوقيف الا لضرورة تتمثل في واحد من أمرين: إما أن اطلاق سراح المتهم يضر بسير التحقيق, وإما أن اطلاق سراح المتهم قد يؤدي الى هروبه. وتقدير هذه الأمور يعود لقاضي التحقيق المختص.
أما المخالفات, وهي الجرائم الأدنى من حيث الخطورة والأهمية, فهذه منع المشرع توقيف المتهم عنها كقاعدة, واستثناء أجاز التوقيف فيها اذا لم يكن للمتهم محل إقامة معين(1). ونعتقد ان المخالفات لا تستأهل اتخاذ مثل هذا الأجراء أطلاقا, فغالباً ما تكون العقوبة الخاصة بها هي الغرامة, وأغلبها ذو طابع إداري, لذلك كان الاتجاه الحديث في السياسة الجنائية يدعو الى استبعاد المخالفات من قائمة الجرائم الجنائية (2) , ونحن مع هذا الرأي نقترح على المشرع تعديل نص الفقرة (ب) من المادة (110) مارة الذكر بحيث لا يجوز توقيف المتهم في مخالفة مهما كانت الأسباب . والجدير بالذكر أن للأحداث أحكامهم الخاصة بمقتضى قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 المعدل والأصل فيها هو عدم جواز توقيف الحدث الا لإغراض محددة بالفقرة (أولا) من المادة (52) منه, وهي فحص ودراسة شخصية الحدث أو تعذر وجود كفيل له, ويكون توقيف الحدث وجوبياً في حالة واحدة وهي أن تكون الجريمة المتهم فيها الحدث جناية عقوبتها الإعدام وبشرط ان يكون عمر الحدث قد تجاوز الرابعة عشرة في حين منع المشرع منعاً باتاً توقيف الحدث في المخالفات, وفي جميع الأحوال يجب تنفيذ أمر توقيف الحدث في دار الملاحظة أو في أماكن خاصة لمنع اختلاطه بالموقوفين
(1) تنص الفقرة (ب) من المادة 110 من الأصول الجزائية على أنه: (( اذا كان المقبوض عليه متهماً بمخالفة فلا يجوز توقيفه الا اذا لم يكن له محل إقامة معين)).
(2) السيد يس – السياسة الجنائية المعاصرة – دار الفكر العربي – القاهرة – 1973 – ص 136.
البالغين(1) إذا وأن توقيف الحدث من المسائل المهمة التي ينبغي أن يعني بها المشرع, لان الحدث خلال هذه الفترة من حياته محتاج الى عناية خاصة في التعامل معه مما يـفترض أبعاده عن غيره من المتهمين بهدف الوصول إلى عدم انتقال عدوى الفساد إليه, وأن من الضروري في أي أجراء يتخذ قبالة إن يراعى فيه هذا الاعتبار لأن الحدث اليوم هو رجل الغد فإذا أنصلح حاله كان فرداً نافعاً للمجتمع (2) , وبالنسبة للعسكريين فأنه لا يجوز لأية سلطة عدا السلطات العسكرية أو المحاكم العسكرية ان تبلغ أو تكلف العسكري بالحضور أو تأمر بالقبض عليه الا بواسطة وزير الدفاع أو من يخوله طبقاً لإحكام المادة الثانية من قانون التبليغات للعسكريين رقم 106 لسنة 1960 وللوزير ومن يخوله ان لا يوافق على هذا الطلب بناء على أسباب معقولة يخبر بها هذه الجهة كما للوزير عدم الموافقة في الحالات التالية:
1-إذا كانت الجريمة المتهم العسكري من الجرائم الناشئة عن قيامه بـواجباته الـعسكرية وذلك وفقاً لقرار مجلس تحقيقي يشكل لهذا الغرض, وان صدور هذا القرار يعتبر مانعاً من اتخاذ التعقيبات القانونية ضد العسكري عن تلك الجريمة في المستقبل.
2-إذا كانت الجريمة من نوع المخالفات اوالجنح غير المخلة بالشرف, ولكن القانون أجاز القبض على العسكري فـي حالة ارتكابه جناية مـشهودة وفي هذه الـحالة يـجب تسـليم المقبوض عليه الى أقرب سلطة عسكرية مختصة, وفيما عدا هذه الحالات ليس لغير الجهات العسكرية ان تقبض على العسكري طبقاً لاحكام المادة (4) من قانون التبليغات العسكريين, فان وافقت الجهة المختصة بتنفيذ أمر القبض الصادر بحق العسكري الذي يرسل الى الدائرة القانونية بوزارة الدفاع لتنفيذه وبالتالي يمكن توقيف العسكري في هذه الحالة من قبل قاضي التحقيق. وبالنسبة لضباط القوات المسلحة فبموجب قرار مجلس قيادة الثورة المرقم (1042) في 11/8/1979 فأنه لا يجوز توقيفهم أو إلقاء القبض
(1) تنص المادة (59) من قانون رعاية الاحداث على ما يلي (أولاً: لا يوقف الحدث في المخالفات و يجوز توقيفه في الجنح والجنايات لغرض فحصه ودراسة شخصيته أو تعذر كفيل له. ثانياً: يوقف الحدث المتهم بجناية عقوبتها الإعدام إذا كان عمره قد تجاوز الرابعة عشر.
ثالثاً: ينفذ قرار توقيف الحدث في دار الملاحظة. اما في الأماكن التي لا يوجد فيها دار ملاحظة فتتخذ التدابير لمنع اختلاط الحدث مع الموقوفين البالغين سن الرشد).
(2) أنظر بهذا المعنى: الدكتور المرصفاوي – المرجع السابق – ص 116 وما بعدها.
عليهم الا بعد أستحصال موافقة القائد العام للقوات المسلحةاو نائبه أو من يخوله نائب القائد العام للقوات المسلحة (1) , ويستثنى من هذا القرار من يرتكب جناية مشهودة حيث يجوز القبض عليه وتوقيفه . وبالنسبة لمنتسبي قوى الأمن الداخلي فانه تسرى عليهم احكام قانون التبليغات للعسكريين رقم (106) لسنة 1960 استنادا لأحكام المادة الأولى من القانون رقم (178) لسنة 1970 وتطبق الأحكام السارية على العسكري في القانون المذكور على الشرطة والأمن والجنسية والحدود والمرور ويعتبر المفوض نائب ضابط لإغراض هذا القانون كما يملك وزير الداخلية بموجب المادة الثانية من القانون ما لوزير الدفاع من الصلاحيات والاختصاصات الواردة في القانون المذكور. وقد قضت محكمة الجنايات لمحافظة التأميم انه لا يجوز توقيف العسكريين في الجنح والمخالفات وذلك بقرارها المرقم (48/ت/1972 والمؤرخ في 22/5/1972 المتضمن ما يلي: ( القرار – لدى التدقيق والمداولة تبين أن قاضي محكمة تحقيق كركوك قد قرر بتأريخ 6/5/1972 أخلاء سبيل المتهم المميز عليه ممدوح إسماعيل بتعهده وبكفالة قدرها مائتا دينار عن التهمة المسندة اليه وفق المادة 229 من (ق.ع) وحيث تبين ان عقوبة الجريمة المذكورة هي الحبس مدة لا تزيد على السنتين, وحيث ان هذه الجريمة هي جنحة وبما انه لا يجوز توقيف العسكريين ومنتسبي الشرطة في جرائم الجنح والمخالفات استناداً لاحكام قانون التبليغات للعسكريين رقم (106) لسنة 1960 المعدل فيكون قرار قاضي التحقيق المشار اليه أعلاه موافقاً للقانون قرر تصديقه ورد ما جاء باللائحة التمييزية المقدمة من قبل المميز وإعادة القضية إلى محكمتها لإكمال التحقيق وإصدار القرار الذي يترأى له في النتيجة وصدر القرار بالاتفاق استنادا الى احكام المادتين 259 و 265 من قانون أصول المحاكمات الجزائية في 24/5/1972.
(1) أنظر: راغب فخري وطارق قاسم حرب(شرح قانون أصول المحاكمات العسكرية رقم 44 لسنة 1941 المعدل), منشورات الدائرة القانونية – ط1/حزيران 1984, ص32-33.
وحيث أن القرار بالتوقيف هو اجراء استثنائي تبرره ضرورات عملية هامة, لذلك فهو اجراء مؤقت لابد من أن ينتهي بانتهاء تلك الضرورات, وقد كان المشرع العراقي موفقاً من هذه الناحية, حيث وضع ضوابط محددة تتعلق بمدة التوقيف فأجازة ضمن تلك الحدود(1) . ومدة التوقيف التي أجازها المشرع هي خمسة عشر يوماً كحد أقصى لا يحق للقاضي تجاوزه في كل مرة, فيها:انتهت المدة التي حددها في قراره سواء أكانت بحدها الأقصى (خمسة عشر يوم) أو(أقل من ذلك) جاز للقاضي المختص تمديد التوقيف مدة لا تتجاوز الخمسة عشر يوم أيضا.وهذه المدة محددة بنص الفقرة (أ) من المادة (109) من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي جاء فيها: (( …فللقاضي أن يأمر بتوقيفه مدة لا تزيد على خمسة عشر يوماً في كل مرة… )) .
أما الحد الأقصى للتوقيف فقد حددته الفقرة (ج) من المادة (109) من ذات القانون بالنص على أنه: (( لا يجوز أن يزيد مجموع مدة التوقيف على ربع الحد الأقصى للعقوبة ولا يزيد بأية حال على ستة أشهر, وإذا أقتضى الأمر تمديد التوقيف أكثر من ستة أشهر فعلى القاضي عرض المر على محكمة الجنايات لتأذن له بتمديد التوقيف مدة مناسبة على أن لا تتجاوز ربع الحد الأقصى للعقوبة. أو تقرر اطلاق سراحه بكفالة أو بدونها مع مراعاة الفقرة – ب- )). غير أن النص المتقدم لا يشمل حالة الاتهام بجريمة معاقب عليها بالإعدام حيث تكون محكمة الجنايات ملزمة بالموافقة على تمديد التوقيف. ويهذا الصدد يمكننا أن نتسأل عن طبيعة التوقيف إذا ما تجاوز الحد الأقصى وهو ستة أشهر بدون أذن من محكمة الجنايات المختصة, وهل يعتبر الاستمرار بالتوقيف والقرار الصادر بتمديده صحيحاً أم باطلاً ؟ … مع عدم معالجة النص لهذا التساؤل نعتقد أن قرار التوقيف صحيح لان القول ببطلانه – مع تنفيذه –فيه ضياع لحق المتهم وأضرار بمصلحته ذلك لان هذه المدة تحتسب من مدة الحكم, فإذا قلنا ببطلان المدة الزائدة توجب علينا عدم احتساب المدة المبطلة وهذا ما لا يصلح قانوناً. غير ان القرار الصادر بالتوقيف هو من القرارات القابلة للطعن لدى محكمة الجنايات المختصة, فإذا ما تجاوز قاضي التحقيق الحد الأقصى للتوقيف ولم يستحصل على الأذن المطلوب كان قراره عرضه للنقض.
(1) فؤاد علي سليمان _ توقيف المتهم في التشريع العراقي (دراسة مقارنة) – رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون السياسة بجامعة بغداد عام 1981 – طبع بالرونيو _ ص 137.
الفصل الثاني
ضمانات المتهم الموقوف
هذه الضمانات منها ما يتعلق بانتهاء التوقيف وضمانات أطلاق السراح, ومنها ما يتعلق بطرق الطعن في قرار التوقيف. ولأهمية هذين الموضوعين سأتولى دراستها كلاً في مبحث مستقل وعلى التوالي:
المبحث الأول
ضمانات اطلاق سراح المتهم الموقوف
اطلاق سراح المتهم يخضع أساسا للسلطة التقديرية للجهة التي أمرت به من خلال مراعاتها للظروف والاعتبارات التي روعت عند إصدار القرار بتوقيف المتهم , سواء منها ما يتعلق بخطورة الجريمة وجسامة العقوبة أو مركز المتهم أو مدى كفاية الأدلة . ويستثنى من ذلك الجرائم المعاقب عليها بالإعدام , حيث لا يجوز اطلاق سراح المتهم الموقوف عنها الا بقرار حاسم في الدعوى سواء في مرحلة التحقيق ام في مرحلة المحاكمة . واطلاق السراح كما هو جائز للجهة التي أمرت به من تلقاء نفسها , كذلك قد يتم بناء على طلب من المتهم الموقوف أو وكيله الى الجهة التي أمرت بتوقيفه أو جهة أعلى منها في الدرجة القضائية . ويلاحظ بهذا الصدد أن المشرع قد استخدم عبارة (اطلاق السراح) في مواد متعددة منها المواد : (( 109و110و111و112) من قانون أصول المحاكمات الجزائية , بينما أستخدم عبارة (أخلاء سبيل) في مواد أخرى منها المواد : (( 115 و 130/د و 182/هـ )) من ذات القانون . ونعتقد أن المقصود بكلا العبارتين معنى واحد , غير أنهما لا يعنيان الإفراج عن المتهم , فقد يصار الى أخلاء سبيل المتهم (اطلاق سراحه) في وقت لا يزال التحقيق مستمراً . أما الإفراج فيصار اليه بعد انتهاء التحقيق مع المتهم فإذا ما كان المتهم المفرج عنه (موقوفاً) أطلق سراحه (اخلي سبيله) ما لم يكن مطلوباً عن قضية أخرى .
وإطلاق السراح قد يتم بتعهد أو بكفالة, والكفالة من الناحية القانونية تعني ضمان شخص أخر وضم ذمته الى ذمته في التعهد, وقد يكتفي بكفالة شخص واحد أو أكثر من الكفلاء الضامنين الطبيعيين أو المعنويين لإطلاق سراح الموقوف بصورة مؤقتة ويحدد مبلغ الكفالة تبعا لظروف كل قضية على ان يكون مبلغ الكفالة مناسباً لنوع الجريمة وحالة المتهم, وتقبل الكفالة – من الكفيل – إذا اقتنع القاضي أو المحقق أو المسؤول في مركز الشرطة باقتدار الكفيل على دفع مبلغها, كما يقبل من المتهم أو الكفيل مبلغ التعهد أو الكفالة نقداً ويودع في صندوق المحكمة أو مركز الشرطة, هذه الضمانات عالجها المادة (114) من قانون أصول المحاكمات الجزائية بقوله: (( أ- يحدد مبلغ التعهد أو الكفالة تبعا لظروف كل قضية على ان يكون مناسبا لنوع الجريمة وحالة المتهم. ب- تقبل الكفالة إذا أقتنع القاضي أو المحقق أو المسؤول في مركز الشرطة باقتدار الكفيل على دفع مبلغها. ج- يقبل من المتهم أو الكفيل مبلغ التعهد أو الكفالة نقداً ويودع في صندوق المحكمة أو مركز الشرطة)). وبصدد إيداع مبلغ التعهد أو الكفالة النقدي, وحيث أن مبالغ الكفالات أصبحت عالية بسبب ظروف الحصار الجائر على القطر وما آلت اليه الأوضاع الاقتصادية من تضخم مالي, عليه نقترح إيداع مبالغ التعهدات أو الكفالات كأمانات في صندوق المحكمة فقط.. ذلك أنه من المتعذر وضع المبالغ الكبيرة في خزانات المحاكم أو الشرطة, كما انه من غير الممكن تأمين الحماية الأكيدة لتلك المبالغ – الكبيرة – في خزانات المحاكم أو الشرطة, في حين ان إيداعها (أمانات) يعني تسليمها الى المصارف المختصة وتسجيلها أمانات لحساب المحكمة التي أودعها وتسجل في سجل الأمانات مبلغ الأمانة وأسم المودع والغرض من الإيداع. لذلك نقترح تعديل نص الفقرة (ج) من المادة (114) المشار اليه وجعلها بالشكل التالي: (( ج- يقبل من المتهم أو الكفيل مبلغ التعهد أو الكفالة نقداً ويودع أمانات في صندوق المحكمة )). فإذا ما قدم المتهم الموقوف التعهد أو الكفالة المطلوبة أو المبلغ النقدي توجب اطلاق سراحه فوراً, ويعالج المشرع هذه المسألة في المادة (115) من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي تنص على انه: ( متى قدم التعهد أو الكفالة أو المبلغ النقدي أخلي المتهم في الحال ما لم يكن موقوفاً عن جريمة أخرى). ويلاحظ على النص المتقدم أنه اشترط لإطلاق سراح المتهم أنه لم يكن (موقوفاً) عن جريمة أخرى.. وحيث أنه لا يجوز أن يكون المتهم موقوفاً عن جريمتين في آن واحد, بل يتم توقيفه ويرجأ تقرير مصيره عن قضية أخرى, لذلك نعتقد أن صياغة النص جاءت غير موفقة ونقترح تعديلها باستبدال كلمة (موقوفاً) بكلمة (مطلوباً). وبذلك يستقيم النص مع الحكمة من تشريعه.
وتجدر الإشارة إلى ان الكفالة تبقى قائمة ما دام الكفيل مقتدراً مالياً على دفع مبلغها, فإذا ظهرت ظروف جديدة تنبئ عن ضعف في قدرة الكفيل على الوفاء بالتزاماته في الكفالة كإفلاسه أو الحجز على أمواله, أو إذا تبين بعد التوقيع على الكفالة ان الكفيل غير قادر على إحضار المكفول أو أداء المبلغ بسبب خطأ في تقدير إمكانياته المالية, أو لعيب في الكفالة ذاتها كأن يكون المبلغ المحرر على الكفالة أقل من المبلغ المعين في قرار القاضي المتضمن أطلاق سراح المتهم الموقوف بكفالة.. في مثل هذه الأحوال يكون للقاضي إصدار أمراً بالقبض على المتهم ويأمره بتقديم كفالة جديدة مكتملة, فأن رفض المتم ذلك أو عجز عن تقديم كفيل جديد تتوافر فيه الشروط القانونية لتقديم كفالة جديدة جاز للقاضي إصدار امراً بتوقيفه (1). كما يحق للكفيل الطلب بأعفاءه من الكفالة من الكفالة بشرط إحضار مكفوله المتهم أمام القاضي المختص أو المحقق وعلى القاضي الاستجابة لطلبه وإلغاء الكفالة مع تكليف المتهم بتقديم كفيل جديد. وبعكسه فللقاضي أن يقرر توقيفه من جديد استنادا لاحكام المادة (117) من قانون أصول المحاكمات الجزائية.
وتجدر الإشارة إلى انه: (( إذا أخل الكفيل بتعهده بعدم إحضاره المتهم المكفول أمام المحكمة ألزم بمبلغ الكفالة استنادا لاحكام المادة (119) من الأصول الجزائية)) (2) . غير ان الكفيل يعفى من مبلغ الكفالة إذا كان لعدم إحضاره مكفوله ما يبرره, فقد قضي بأنه: ((إذا كان المكفول قد سافر خارج العراق اضطرارا حسب التعليمات الصادرة من الجهات المختصة, فأن عجز الكفيل عن إحضاره يكون بسبب خارج عن إرادته ويعفى من المسؤولية عن ذلك)) (3).
(1) فؤاد علي سليمان – المرجع السابق – ص 175.
(2) قرار محكمة التمييز 1026/جزاء تمييزية/72 في 22/11/1972 .
إبراهيم المشاهدي – المرجع السابق – ص 229 .
(3) قرار محكمة التمييز رقم 491/جزاء تمييزية/1972 في 28/5/1972 .
إبراهيم المشاهدي – المرجع السابق – ص 229 .
المبحث الثاني
طرق الطعن في قرارات التوقيف
المعوّل عليه في التوقيف وفي مد مدته هو وجدان القاضي وإحساسه بأن استظهار الحقيقة متوقف على تقييد حرية المتهم في الحركة – ما لم تكن الجريمة المسندة للمتهم معاقب عليها بالإعدام حيث يكون التوقيف وجوبياً رغم كل الظروف والأحاسيس – فإذا أتيح للحقيقة سبيل الظهور ولم يكن هناك خطر في اطلاق سراح المتهم كخطر هروبه أو التأثير على سير التحقيق كان على قاضي التحقيق اطلاق سراح المتهم بكفالة أو بتعهد مقرون بكفالة أو بتعهده الشخصي بدون ضمان مالي(1) . وحيث ان قاضي التحقيق يصدر قرارات متعددة والتي قد تكون في بعض الحالات معيبة من الناحية القانونية أو أنها صدرت بدون حق , فقد أجاز القانون الطعن فيها , ومن بين تلك القرارات القابلة للطعن قرار التوقيف ومد مدته وإطلاق السراح بكفالة أو بتعهد مقرون بضمان مالي أم بدونه (2) . كما تجدر الإشارة إلى ان القرار بتوقيف المتهم قد يصدر – في أحيان استثنائية – من قبل المحقق في المناطق النائية , وفي هذه الحالة يراقب قاضي التحقيق من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوى العلاقة مشروعية التوقيف الصادر من المحقق وفقاً لأحكام المادة (112) من قانون أصول المحاكمات الجزائية ما دامت الدعوى في عهدته . كما تراقب محكمة الجنايات (بصفتها التمييزية) جميع القرارات الصادرة من قاضي التحقيق من تلقاء نفسها أو بناء على طلب ذوى العلاقة (3) وفقا لما نصت عليه المادة (65) من قانون أصول المحاكمات الجزائية . وان لم تكن هناك قرارات قد صدرت من قاضي التحقيق أو ان ذوى العلاقة في القضية قد بادروا إلى الطعن تمييزا قبل صدور هذه القرارات فلا يجوز تمييزها , وللقضاء العراقي كـثير من القرارات بشأن عدم جواز الطعن التمييزي في مثل هذه الأحـوال منـها
(1) الدكتور رمسيس بهنام – الإجراءات الجنائية تأصيلاً وتحليلاً – (الاستقصاء والمحاكمة) – منشأة المعارف بالإسكندرية – 1978 – ص 143 .
(2) الدكتورحمودي جاسم – دراسة مقارنة في أصول المحاكمات الجزائية – ج1 – مطبعة العاني – بغداد – 1962 – ص 233 .
(3) و ذوى العلاقة اللذين لهم الحق في الطعن هم الذين جاءت على ذكرهم الفقرة (أ) من المادة (249) من الأصول الجزائية وهم : الادعاء العام والمتهم والمشتكي والمدعي المدني والمسؤول مدنياً .
القرار المرقم 7/ت/1988 والمؤرخ 3/9/1988 الصادر من محكمة جنايات التأميم بصفتها التمييزية المتضمن ما يلي : (القرار – لدى التدقيق والمداولة وجد ان اللائحة التمييزية المؤرخة 23/8/1988 المقدمة من قبل المتهم (أ) الموقوف وفقا للمواد (405/47-48-49) عقوبات قد تضمنت طلب اخلاء سبيله بكفالة بحجة ان قاضي محكمة تحقيق داقوق رفض اخلاء سبيله وحيث ان المتهم لم يتقدم ابتداءً بطلب اخلاء سبيله بكفالة لقاضي التحقيق المختص ليحق له في حالة رفض طلبه الطعن تمييزا بالقرار لدى هذه المحكمة كما لم يصدر أي قرار من تلك المحكمة برفض طلبه , فعليه ولعدم وجود قرار قابل للطعن به تمييزا قرت هذه المحكمة رد اللائحة التمييزية شكلاً وإعادة اوراق القضية لمحكمتها لإكمال التحقيق فيها واصدار القرارات المقتضية بشأنها , وصدر القرار بالاتفاق استنادا لاحكام المادتين 259 و 265 من الأصول الجزائية في 30/9/1988 . كما لا يقبل الطعن الا من قبل ذوى العلاقة و وكلائهم الرسميين , وهذا ما ذهب اليه القرار التمييزي المرقم (94/ت/1988) والمؤرخ في 29/9/1988 الصادر من محكمة جنايات التأميم بصفتها التمييزية المتضمن ما يلي : (القرار – لدى التدقيق والمداولة تبين ان المميز المحامي (م) لم يبرر في الاوراق أية وكالة عامة أو خاصة تثبت كونه وكيلاً عن المصاب (ش) لذلك فلا يحق له تمييز القرار الصادر من قاضي محكمة تحقيق داقوق بتأريخ 7/8/1988 الذي رفض بموجبه فتح التحقيق في الدعوى مجدداً بعد ان كان قد بموجب قراره المرقم 85/غلق/1988 والمؤرخ 9/6/1988 غلق الدعوى مؤقتاً لوقوع الحادث قضاء و قدراً استنادا لاحكام المادة 130/ج من الأصول الجزائية وبما ان المميز ليس له صفة قانونية فلا يحق له تمييز القرار , وبما ان القرار المطعون فيه تمييزا لا يخالف احكام القانون , لذا قرر رد اللائحة التمييزية شكلاً وصدر القرار بالاتفاق استنادا لاحكام المواد (249 و 259 و 265) من الأصول الجزائية في 29/9/1988 . وبشأن أثر الطعن فان طعن المتهم لا يضره إذا كان هو الطاعن استنادا لاحكام الفقرة (ج) من المادة 251 من الأصول الجزائية وذلك انطلاقاً من قاعدة لا يضار الطاعن بطعنه .
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة التمييز في حكم لها بأنه لا يضار الطاعن بطعنه إلا إذا كان المطعون فيه مبنياً على مخالفة قانونية (1) . اما إذا أحيلت الدعوى إلى محكمة الموضوع , فأن الطعن بقرارات القبض والتوقيف وإطلاق السراح يكون أمام محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية ان كانت تلك القرارات صادرة من محاكم الجنح .. ويكون الطعن فيها أمام محكمة التمييز ان كانت تلك القرارات صادرة من محاكم الجنايات . ومدة الطعن ثلاثون يوماً تبدأ من اليوم التالي لتأريخ القرار .
وفيما يتعلق بالطعن في قرار التوقيف أو مد مدته أو إعادة المتهم إلى التوقيف أو رفض طلب المتهم بإطلاق سراحه , فأن للمتهم حق الطعن بالقرارات المتعلقة بالتوقيف أو عدم اطلاق سراحه متى تبين له انتفاء مبررات التوقيف , أو ان القانون يعلق على رفع الدعوى عن الجريمة أو السير في إجراءاتها حصول شكوى أو إذن , ولم يتحقق ذلك , أو ان الشكوى أو الأذن كانا باطلين لسبب من الأسباب , أو في حالة رفض قاضي التحقيق قبول الصلح بالرغم من توافر شروطه وفقا للقانون .كما للمتهم حق الطعن بقرار قاضي التحقيق المتضمن رفض طلبه بغلق الدعوى والافراج عنه لعدم كفاية الأدلة ضده واطلاق سراحه من التوقيف , وله أيضا حق الطعن في القرار الصادر بأحالته إلى محكمة الموضوع على الرغم من انعدام الدليل أو كون الفعل لا يعتبر جريمة (2) . هذا الحق في الطعن يتمتع بـه
(1) قرار محكمة التمييز رقم 2441/تمييزية أولى/1976 في 16/11/1977 مجموعة الأحكام العدلية , العدد 14 – سنة 1977 , ص 37 .
(2) يذهب الدكتور حمودي الجاسم إلى القول ان القرار الصادر بأحالة المتهم إلى محكمة الموضوع لا يقبل التمييز , ويبرر رأيه بقوله : ان هذا القرار لا يضره اذ يستطيع ان يتقدم بطلباته إلى المحكمة المذكورة الدكتور حمودي الجاسم – المرجع السابق – ص 235 .
ونجد الرأي ذاته عند الأستاذ عبد الجبار عريم حيث يقول : ان أمر القبض وقرار الإحالة لا سبيل للطعن فيهما بأعتبارهما منن الإجراءات الضرورية التي يتطلبها ضرورة التحقيق وعدم وجود مصلحة للطعن بها , كما وان المتهم يستطيع ان يثبت براءته امام المحكمة المختصة إذا ما أحيلت الدعوى إليها . الأستاذ عبد الجبار عريم – شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية – مطبعة المعارف – بغداد 1950 – الجزء الأول – ص 214 – 218 و 514 – 515 .
وبتقديرنا ان لا محل للاخذ بالرأى المتقدم , لان قرارات القبض والاحالة كغيرها من القرارات الأخرى ذات الاهمية والتي تصدر عن قاضي التحقيق والتي تمس مصلحة المتهم وحقوقه مباشرة , ومن حقه الطعن بها في دور التحقيق دون الانتظار لكي يدافع عن نفسه امام محكمة الموضوع . فلماذا ينتظر حتى يحال إلى محكمة الموضوع رغم انعدام الدليل اصلاً ضده في دور التحقيق .
أيضا عضو الادعاء العام المنسب للعمل في محكمة التحقيق التي أصدرت القرار , فالادعاء العام جهة قضائية مهمتها الأساسية معاونة القضاء في تحقيق العدالة , لذا أوجب القانون حضور عضو الادعاء العام في مرحلة التحقيق والمحاكمة لإبداء ملاحظاته وطلباته , كما أوجب على قاضي التحقيق أن يطلع عضو الادعاء العام على القرارات التي يصدرها خلال ثلاثة أيام من تأريخ صدورها , لذلك فمن حقه مراجعة طرق الطعن القانونية سواء أمام محكمة الجنايات أو الاستئناف أو التمييز – حسب الأصول – إذا ما ترأى له أن هناك خطأ في تطبيق القانون . فله على سبيل المثال أن يطعن بطريق التمييز بقرارات إطلاق السراح بكفالة أو بدونها إذا ما شابها احد العيوب التي نصت عليها المادة (249/أ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية , كما لو تم اطلاق سراح المتهم في جناية عقوبتها الاعدام خلافاً لاحكام الفقرة (ب) من المادة (109) من القانون المذكور انفاً , أو كان اطلاق السراح في جناية أو جنحة مهمة رغم الاحتمال الكبير في هروب المتهم أو تأثيره على سير التحقيق . كما وان الاصل في القرارات التي يصدرها قاضي التحقيق انها تنفذ فور صدورها , وعليه فأن الطعن في تلك القرارات – ومنها قرارات التوقيف أو تمديده أو اطلاق السراح – لا يترتب عليه وقف التنفيذ , فإذا ما صدر قرار باطلاق سراح المتهم بكفالة , أطلق سراحه بمجرد تقديمه للكفالة المقررة , وإذا ما صدر قرارا بالافراج عن المتهم أطلق سراحه فوراً دون انتظار لانتهاء مواعيد الطعن المحددة قانوناً . والملاحظ على هذه القاعدة أنها قد تؤدي إلى افلات بعض المجــرمين من العقاب إذا ما تم نقض القرار الصادر بالإفراج عنهم , حيث يتعذر – عملياً –تنفيذ أمر القبض مجدداً بعد ان تم توقيفهم ابتداءاً والإفراج عنهم . وحيث ان الافراج وبخاصة في الجرائم الخطيرة ليس بالقرار الحاسم في الدعوى ما لم تنتهي مدة الطعن فيه , وحماية لحقوق المتضررين من الجرائم الخطيرة , وتحقيقاً للمصلحة العامة المتمثلة بضــرورة القبض على من أرتكب جناية لينال جزاؤه العادل , نرى ضرورة النص في قانون أصول المحاكمات الجـــزائية على عدم تنفيذ القرار الصادر من قاضي التحقيق بالإفراج قبل انقضاء الميعاد المحدد للطعن فيه , ولا قبل الفصل في الطعن المقدم إذا رفع الطعن في ميعاده المقرر وذلك بخصوص الجرائم المعاقب عليها بالإعدام . وهذا الــرأي هو ما تأخذ به العديد من التشريعات (1) للمبررات ذاتها التي أوضحناها قبل قليل .
(1) من هذه التشريعات : المادة 128 من قانون الإجراءات الجنائية الجزائري والمادة 139 من قانون أصول المحاكمات الجزائية السوري والمادتان 166 و 168 من قانون الإجراءات الجنائية المصري والمادة 204 من قانون الإجراءات الجنائية المغربي … وكذلك المادة 19/5 من قانون السلامة الوطنية (العراقي) رقم 4 لسنة 1965 المعدل .
أانظر هذه التفصيلات في رسالة الماجستير (توقيف المتهم في التشريع العراقي) .
فؤاد علي سليمان – المرجع السابق – ص 199 – 200 .
الخاتمــة
التوقيف اجراء استثنائي لا يلجأ اليه من يملك الحق في إصداره الا لضرورات عملية هامة تقتضيها المصلحة العامة الهادفة إلى كشف الجريمة ومكافحتها باكتشاف مرتكبيها والقبض عليهم واحالتهم إلى المحاكم المختصة لينالوا جزاءهم العادل . ومع ان مصلحة المتهم تكمن في رفع كل قيد عن حريته , ومع ان التوقيف اجراء من شأنه المساس في أقدس ما يملك وهو حريته الشخصية , غير ان ضرورات المصلحة العامة تفوق كل الاعتبارات , مع ضرورة المحافظة على مصلحة المتهم الشخصية في ان لا يساء استخدام السلطة في التوقيف وما يتعلق به من قرارات تتضمن التمديد وإطلاق السراح بكفالة أو بدونها , وكذلك ما يتعلق بقرارات الإفراج والإحالة بالنسبة للمتهمين الموقوفين . ومن خلال هذه الدراسة لهذا الموضوع القانوني الحيوي فقد توصلت إلى جملة من المقترحات لعل أهمها ما يلي :
أولا – حيث أن لرؤساء الوحدات الإدارية بموجب قانون المحافظات حق حجز الأشخاص المسيئين في أحوال محددة , وحيث أن المشرع قد اعتبر مدة الحجز (توقيفاً) وحيث أن نص المادة التاسعة عشرة من القانون المذكور خلا من معالجة مسألة الطعن في قرار الحجز فقد أقترحنا جعل القرار الصادر بالحجز (التوقيف) خاضعاً للطعن فيه أمام القضاء وذلك خلال مدة ثلاثة أيام , وتكون محكمة الجنايات المختصة – مكانياً – هي السلطة التي تنظر الطعن في تلك القرارات .
ثانياً – كما أقترحنا تعديل نص الفقرة (2) من المادة التاسعة عشرة من قانون المحافظات وجعل صلاحية الحجز (التوقيف) قاصرة على (المشتبه بهم) وذلك برفع كلمتي (الفاعلين والمحرضين) لان كلمة (الفاعل) تعني (مرتكب الجريمة) وكلمة (المحرض) هو الشريك فيها … أما عبارة (المشتبه بهم) فهي حالة خاصة تجعل المشتبه به بين (الشك واليقين) مما يبرر حجزه لاحتمال ارتكابه أو احتمال أقدامه على ارتكاب ما يخل بالأمن العام .
ثالثاً – وبصدد قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 26 لسنة 1971 حيث منح القرار المذكور سلطة حجز الأشخاص ممن يشتبه بسلوكهم الإجرامي إلى السيد وزير الداخلية , وجاء في القرار اعتبار الشخص المحجوز (موقوفاً) قانوناً , فقد انتقدنا القرار من نواحي متعددة : أهمها عدم تجديد مدة الحجز وإشغال السيد الوزير بأمور فرعية وجانبية لا تستأهل إشغاله بها , وعدم معالجة مسألة الطعن بالقرار وعدم تحديد الجهة المختصة بتحديد من هو الشخص المشتبه بسلوكه , وأرتاينا الإبقاء على القرار للضرورات الأمنية الحالية مع اقتراحنا بأجراء تعديلات عليه منها :
منح هذه السلطة إلى المحافظين بدلا من وزير الداخلية, وتحديد مدة الحجز بأسبوع واحد قابلة للتمديد لأسبوع آخر وعلى أن لا تتجاوز مدة الحجز شهراً واحداً, وجعل قرار الحجز قابلاً للطعن فيه بطريق التمييز لدى محكمة الجنايات المختصة في المنطقة التي يسكنها المحجوز أو وقعت فيها حالة الاشتباه التي استوجبت صدور القرار, كما اقترحنا اعتبار اللجنة الأمنية الموجودة في الوحدات الإدارية هي الجهة المختصة من هو الشخص المسيء المشتبه بسلوكه.
رابعاً – وبصدد السلطة الممنوحة للمحقق في توقيف المتهمين في المناطق النائية عندما لا يتيسر له سبيل الاتصال بالقاضي, وجدنا ان المادة 112 من الأصول الجزائية لم تحدد مدة التوقيف التي يملكها المحقق في مثل هذه الأحوال, وحيث ان المشرع قد جعل التوقيف وجوبيا في جميع الجنايات دون استثناء, فقد اقترحنا تحديد سلطة المحقق في التوقيف بثلاثة أيام وهي فترة كافية للاتصال بالقاضي المختص وعرض الأمر عليه, كما اقترحنا ضرورة تعديل النص وجعل التوقيف وجوبيا في الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد, وجعله جوازياً في الأحوال الأخرى للمبررات التي أوردناها عند بحث هذه المسألة .
خامساً – وبصدد استئذان محكمة الجنايات على تمديد التوقيف , إذا اقتضت ضرورات التحقيق الاستمرار في توقيف المتهم أكثر من ستة اشهر , قلنا بأن التحليل السليم والدقيق لنص الفقرة (ب) من المادة 109 من الأصول الجزائية يعني أن لا داعي لذلك الاستئذان إن كانت الجريمة الموقوف بصددها المتهم من الجرائم المعاقب عليها بالإعدام لأن إطلاق السراح فيها غير ممكن قانوناً, ويبقى الاستئذان أمر قاصر على الجرائم المعاقب عليها بالسجن المؤبد فما دون .
سادساً – وبصدد صلاحية محكمة الموضوع في التوقيف , وجدنا أن المادة 157 من الأصول الجزائية تشترط تحديد سلطة المحكمة في التوقيف أو إطلاق السراح واتخاذ مثل هذا القرار (أثناء نظر الدعوى) , وقلنا أن هذا القيد لا مبرر له واقترحنا حذف العبارة المتقدمة من النص لمبررات ورد ذكرها عند بحث الموضوع .
سابعاً – كما لاحظنا قصوراً في نص الفقرة (1) من المادة 127 من الأصول الجزائية من ناحيتين : الأولى اشتراطها بيان أسم المتهم الموقوف مع (الشهرة واللقب) وقلنا أن هذين المصطلحين مترادفين ولمعنى واحد وينبغي الاكتفاء بكلمة (اللقب) واستبدالها بكلمة (المهنة) للدلالة على شخصية الموقوف مع بيان (محل إقامته) و (اسمه الرباعي) , واقترحنا تعديل النص المتقدم وفق المنوال أعلاه حتى يمكن التعرف على شخص الموقوف بصورة واضحة ودقيقة من قبل السلطة المختصة بتنفيذ قرار التوقيف .
ثامناً – ولحماية المتهم من التعسف وضرورة أحاطته علماً بالتهمة المسندة إليه وضمان عدم بقاءه تحت طائلة التحقيق واحتمالات الضغط عليه من قبل المحقق , فقد اقترحنا بضرورة التأكيد على قضاة التحقيق بعدم توقيف المتهمين لمجرد القبض عليهم ما لم تدون أقوالهم تحريرياً ويحاطون علماً بالتهمة المنسوبة لهم , مع ضرورة التقييد بنص المادة (123) من الأصول الجزائية والتي توجب استجواب المتهم خلال 24 ساعة من تأريخ القبض عليه .
تاسعاً – ولضمان حق المتهم الموقوف في احتساب (كامل) مدة التوقيف قلنا بضرورة احتساب يوم إطلاق السراح من مدة الحكم إذا كان إطلاق السراح قد تم بعد الظهر وعدم احتسابه إن تم قبل الظهر .
عاشراً – كما اقترحنا تعديل نص الفقرة (أ) من المادة 109 من الأصول الجزائية وإبقاء النص على حاله بالنسبة للجنايات المعاقب عليها بالسجن المؤبد أو المؤقت فقط, وشمول الجنح عموماً بنص الفقرة (أ) من المادة 110 من ذات القانون .. وبهذا التعديل المقترح نضمن للمتهم عدم التوقيف في جرائم الجنح إلا لضرورة تتمثل في واحد من أمرين : إذا كان إطلاق السراح يضر بسير التحقيق , وإما أن أطلاق السراح قد يؤدي إلى هروبه , وبعكسه فأن إطلاق سراح المتهم في جريمة من نوع الجنح يصبح بحكم الواجب . كما اقترحنا تعديل نص الفقرة (ب) من المادة 110 من الأصول الجزائية بحيث لا يجوز توقيف المتهم في (مخالفة) مهما كانت الدواعي والأسباب لتفاهة المخالفة واتجاه الرأي الحديث في السياسة الجنائية إلى إخراجها من قائمة الجرائم الجنائية .
أحد عشر – وبصدد الضمان المالي لمبلغ الكفالة وضرورة المحافظة عليه ولكون المبالغ النقدية قد تكون عالية بسبب التضخم المالي نتيجة ظروف الحصار الاقتصادي الجائر على القطر , فقد اقترحنا تعديل نص الفقرة (ج) من المادة (114) من الأصول الجزائية التي تجيز إيداع مبلغ الكفالة في صندوق المحكمة أو مركز الشرطة , وقلنا بضرورة إيداع تلك المبالغ (أمانات) في صندوق المحكمة .
أثنى عشر – كذلك وجدنا قصوراً في نص المادة 115 من الأصول الجزائية يتمثل في اشتراطه لإطلاق سراح المتهم بكفالة أو بتعهد إن (لا يكون موقوفاً) عن قضية أخرى , وقلنا هناك عيب في الصياغة القانونية لأنه لا يمكن أن يكون المتهم موقوفاً عن جريمتين في آن واحد , لذلك أقترحنا تعديل النص المتقدم باستبدال كلمة (موقوفاً) بكلمة (مطلوباً) وبذلك يستقيم النص مع الحكمة من تشريعه .
ثلاثة عشر – وبصدد قرارات الإفراج الصادرة عن قاضي التحقيق بشأن المتهمين عن جرائم معاقب عليها بالإعدام , فأن واقع الحال يشير إلى هرب الكثيرين ممن يفرج عنهم ثم يتقرر نقض الإفراج ويتعذر القبض عليهم ثانية … وفي ذلك إضرار بحق المشتكي والمدعي المدني في مقاضاة المتهم, كما فيه أضرار المصلحة العامة المتمثلة بوجوب مقاضاة المتهم لكي ينال الجزاء العادل ممن يثبت بحقه ارتكاب ما اتهم به . ولخطورة هذه الجرائم اقترحنا استحداث نص في قانون أصول المحاكمات الجزائية يتقرر بموجبه عدم إطلاق سراح المتهم المفرج عنه – إذا كانت الجريمة جناية معاقب عليها بالإعدام ما لم تنتهي مدة الطعن المقررة , ولا قبل الفصل في الطعن إذا رفع الطعن في ميعاده المقرر , وعلى أن تكون محكمة الجنايات المختصة والتي تنظر الطعن بقرار الإفراج ملزمة بإصدار القرار فيه خلال مدة محددة والتكن ثلاثة أيام حتى لا يضار المتهم من تمييز القرار الصادر بالإفراج عنه ضرراً كبيراً .
هذه المقترحات التي أوضحتها في هذه الخاتمة , والآراء التي توصلت إليها خلال الدراسة , كانت ثمرة لجهد مستمر دام فترة من الزمن , توخيت خلالها أن تكون دراستي واقعية وقانونية من أجل التوصل إلى قواعد قانونية من شأنها ضمان حرية المتهم مع عدم التفريط بقاعدة جوهرية مفادها التوفيق بين مصلحتي المتهم في عدم توقيفه إلا لضرورة هامة , ومصلحة المجتمع في توقيف المتهم كلما اقتضت ضرورات التحقيق والعدالة ذلك . وكان بودي أن تكون هذه الدراسة أكثر شمولاً لولا مشاغل الحياة اليومية وأعباء الحياة الوظيفية التي لا تتيح الوقت الكافي لمثل تلك الدراسة المعمقة . ومع ذلك أرجو أن أكون قد وفقت فيما توصلت إليه من نتائج ومقترحات , فأن أفلحت في ذلك فالفضل لله عز وجل ولأستاذي المشرف الذي واكب مسيرة البحث متعاوناً وباذلاً ما يستطيع من الإرشاد والتوجيه والملاحظة , وإن كان في البحث هفوة فمعذرتي في ذلك أني لست بالباحث المتفرغ الذي يملك الوقت الكافي لجمع شتات البحث والتعمق فيه من جوانبه المتعددة .
واللـــه الـمـوفـــق…
القاضي
عبد الحميد إبراهيم سلمان السامرائي
مــراجع البــحـث
1-إبراهيم المشاهدي – المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز (القسم الجنائي) – مطبعة الجاحظ – بغداد – 1990 .
2-السيد يس – السياسة الجنائية المعاصرة- دار الفكر العربي- القاهرة- 1973 .
3-زكي جميل حافظ – المحامون العرب وحقوق الإنسان في الوطن العربي- بحث مقدم إلى المؤتمر الرابع لاتحاد المحامين العرب الذي عقد في الرباط- 1980- شركة التايمس للطبع والنشر – بغداد 1980 .
4-حسن صادق المرصفاوي – الحبس الاحتياطي وضمان حرية الفرد في التشريع المصري – رسالة دكتوراه – جامعة القاهرة – 1954 .
5-حسن علام – قانون الإجراءات الجنائية – مطابع روز اليوسف- القاهرة- 1983 .
6-حسين جميل – حقوق الإنسان والقانون الجنائي –مطبعة دار النشر للجامعات المصرية – القاهرة – 1972 .
7-حمودي الجاسم – دراسة مقارنة في أصول المحاكمات الجزائية- مطبعة العاني – بغداد – 1962 .
8-عبد الكريم حسن – الحريات العامة في الفكر والنظام السياسي من الإسلام – (دراسة مقارنة) – دار الفكر العربي- القاهرة – 1974 .
9-عباس الحسني وكامل السامرائي – الفقه الجنائي في قرارات محكمة التمييز – مطبعة الإرشاد – بغداد – 1971 .
10-عبد الجبار عريم – شرح قانون اصول المحاكمات الجزائية – مطبعة المعارف – بغداد – 1950 .
11-فاضل زيدان محمد – دراسة حول تحديد مفهوم المسيئين والإجراءات القانونية لحجزهم- منشورات المعهد العالي للتطوير الأمني والإداري – بغداد بلا تاريخ .
13-رؤوف عبيد – مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري – مطبعة جامعة عين شمس – 1978 .
14-قدوري عبد الفتاح الشهاوي – أعمال الشرطة ومسؤوليتها جنائياً وإدارياًَ – منشأة المعارف بالإسكندرية – 1969 .
15-سامي النصراوي – دراسة في أصول المحاكمات الجزائية – الجزء الاول – مطبعة دار السلام – بغداد – 1974 .
16-قانون أصول المحاكمات الجزائية – رقم 23 لسنة 1971 المعدل .
17- قانون أصلاح النظام القانوني في العراق رقم 135 لسنة 1977 .
18- قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 المعدل .
19-قانون السلامة الوطنية – رقم 4 لسنة 1965 .
20- مجموعة الأحكام العدلية – العدلية الثاني – السنة التاسعة .
21 – مجموعة الأحكام العدلية – العدلية الثاني – السنة السابعة .
محتويات البحث
رقم الصفحة
المقدمـــــــــــــــة
أولا- أهمية البحث……………………… 1
ثانياً- تقسيم البحث………………………….. 3
الفصل الأول – الضوابط المتعلقة بإصدار القرار بالتوقيف……………….. 4
المبحث الأول – الضوابط المتعلقة بالجهات المخولة سلطة التوقيف…….. 4
أولا – الضوابط المتعلقة بالجهات الإدارية المخولة سلطة الحجز………… 5
ثانياً- الضوابط المتعلقة بالجهات القضائية المخولة سلطة التوقيف …….. 10
المبحث الثاني – الضوابط الشكلية والموضوعية المتعلقة بقرار التوقيف ….. 18
أولا – الضوابط الشكلية المتعلقة بقرارات التوقيف …………….. 18
ثانياً – الضوابط الموضوعية المتعلقة بقرارات التوقيف ……………….. 24
الفصل الثاني – ضمان المتهم الموقوف …………………….. 32
المبحث الأول – ضمانات إطلاق المتهم الموقوف …………………… 32
المبحث الثاني – طرق الطعن في قرارات التوقيف …………………… 35
الخاتمـــــــة ……………………. 42
مراجع البحث ………………….. 48