بحث قانوني قيم حول مبادئ دراسة علم الاجرام
أ/ أحمد أبو زنط
الفصل تمهيدي
المبادئ الأولية في علم الإجرام
المبحث الأول
تعريف علم الإجرام وبيان فروعه وأهمية دراسته
نتناول فيما يلي تعريف علم الإجرام وبيان فروعه ثم أهمية الدراسات التى تجري في فروعه:
أولاً: تعريف علم الإجرام:
أثار وضع تعريف لعلم الإجرام صعوبات كثيرة لحداثته. واتصفت التعريفات المتعددة له بالعمومية وعدم التحديد ومنها:
1- قيل أن علم الإجرام هو العلم الجريمة أو علم ظاهرة الإجرام أو العلم الذي يهتم بدراسة الظاهرة الإجرامية أو العلم الذي يدرس أسباب الجريمة سواء تعلقت هذه الأسباب بالشخص المجرم أم بالبيئة المحيطة به.
2- وسع البعض مفهوم علم الإجرام خاصة في أمريكا حيث ذهب العالم الأمريكي سندرلاند إلي أن علم الإجرام لا يشمل فقط دراسة أسباب الجريمة وإنما أيضاً علم العقاب وعلم الاجتماع القانوني باعتبار أن الجريمة تشكل الجانب الاجتماعي لقانون العقوبات.
*** يلاحظ على التعريفات السابقة أنها غامضة غير محددة أو تنطوي على تعريف واسع لمضمون علم الإجرام وتخلط بينه وبين علوم أخري لذلك استقر الفقه على تعريف علم الإجرام بأنه( ذلك الفرع من العلوم الجنائية الذي يدرس الجريمة كظاهرة فردية واجتماعية دراسة عليمة لمعرفة العوامل المؤدية إليها بغرض مكافحتها والحد من تأثيرها).
ويحتوي هذا العلم على علوم أخري فرعية تتخصص في البحث عن أسباب الجريمة ويستعين ببعض العلوم الحديثة كالطب وعلم النفس والاجتماع… الخ.
ثانياً: فروع علم الإجرام:
يشمل علم الإجرام الحديث مجموعة من العلوم التي يمكن أن تمثل فروعاً له وهي علم طبائع المجرم- علم النفس الجنائي- علم الاجتماع الجنائي. ونتناولها فيما يلي:
1- علم طبائع المجرم: ويطلق عليه علم البيولوجيا الجنائية ويرجع الفضل في نشأته للايطالي لومبروزو مؤسس المدرسة الوضعية الايطالية. ويهتم هذا العلم بدراسة الخصائص والصفات العضوية للمجرم من ناحية التكوين البدني أو الخارجي أو من حيث أجهزة الجسم الداخلية وانتهي لومبروزو إلى أن هناك علاقة ثابتة بين التكوين العضوي للمجرم والجريمة وان المجرم هو صورة للإنسان البدائي وذهب للقول بوجود المجرم بالميلاد وهو من تتوافر لديه مجموعة من الخصائص العضوية التي تميزه عن غير المجرمين.
2- علم النفس الجنائي: يهتم بدراسة الجوانب النفسية للمجرم والتي تدفعه لارتكاب الجريمة وتسمى بعوامل التكوين النفسي للمجرم. ويقوم على دراسة القدرات الذهنية للمجرم ومدى استعداده أو ميله الذهني لارتكاب الجريمة. ويستعين الباحث فيه بأساليب التحليل النفسي التي قال بها فرويد والتي تلقي الضوء على عناصر هذا الاستعداد الذهني لارتكاب الجريمة.
*** يرى بعض الفقهاء أن علم النفس الجنائي هو جزء من علم البيولوجيا الجنائية أو علم طبائع المجرم باعتبار الأخير يتناول أيضاً التكوين النفسي للمجرم وأنه من الصعب الفصل بين التكوين العضوي والتكوين النفسي للمجرم كما أن الصفات الجسمانية للشخص تؤثر على نفسيته وميله للإجرام.
3- علم الاجتماع الجنائي: يدرس هذا العلم العوامل الإجرامية ذات الطابع الاجتماعي حيث يدرس الجريمة باعتبارها ظاهرة اجتماعية ناتجة عن تأثير البيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد.
ويقوه هذا العلم على أساس أن أسباب الجريمة لا يمكن أن تنحصر في الخصائص العضوية والنفسية للمجرم وان العوامل الاجتماعية تؤثر تأثير هام على هذه العوامل الداخلية فتنشطها وتتفاعل معها في إنتاج الجريمة.
ثالثاً: أهمية دراسات علم الإجرام:
علم الإجرام بدراسته للعوامل المؤدية لارتكاب الجريمة بطريقة علمية يمثل أهمية كبيرة من نواحي متعددة حيث يفيد كل من المشرع والقاضي وسلطة التنفيذ العقابي على النحو التالي:
1- من الناحية التشريعية:تفيد أبحاث علم الإجرام المشرع في التدخل عن طريق التشريع للمساهمة فى مكافحة الظاهرة الإجرامية وذلك من خلال أبحاث علم الإجرام ودراسته حول تصنيف المجرمين لطوائف من خلال دراسة متكاملة لشخصية المجرم تحدد العقوبة المناسبة له والأسلوب الملائم له من الناحية التشريعية ومن ناحية المعاملة العقابية.
*** في ضوء هذه الأبحاث يمكن للمشرع التدخل باختيار العقوبات أو التدابير الاجتماعية أو الاحترازية المناسبة لكل طائفة من طوائف المجرمين. ودراسات علم الإجرام هي التي دفعت المشرع لان يفرد للمجرمين الأحداث نظام عقابي خاص يتناسب معهم ويختلف عن المقرر للمجرمين البالغين.
2- من الناحية القضائية: تفيد الدراسات في نطاق علم الإجرام القاضي الجنائي في اختيار العقوبة أو التدبير الملائم لكل متهم في ضوء استعماله لسلطته التقديرية التي منحها له المشرع. وحتى يتم ذلك بطريقة سليمة يجب أن يقدم للقاضي ما يمكنه من التعرف على شخصية المتهم الإجرامية للوقوف على مدى خطورته الإجرامية على المجتمع ويساعد ذلك على مكافحة الجريمة من خلال تطبيق الحد الأدنى أو الأقصي للعقوبة أو توقيع تدبير احترازي بدلاً من العقوبة الجنائية أو اللجوء لنظام وقف التنفيذ إذا كانت ظروف المتهم تستوجب ذلك.
3- من ناحية التنفيذ العقابي: تتيح الدراسات الحديثة فى علم الإجرام للسلطة القائمة بتنفيذ العقوبة اختيار أفضل وسائل المعاملة العقابية للمحكوم عليه. ويتم ذلك من خلال تصنيف المجرمين من حيث السن والجنس والخطورة الإجرامية ومن حيث اختيار نوع العمل داخل المؤسسة العقابية الذي يحقق التأهيل للمحكوم عليه حتى يخرج مواطناً صالحاً قادراً على التكيف مع المجتمع مرة أخرى.
واختيار أسلوب المعاملة العقابية يتم من خلال الفحص البدني والنفسي والعقلي والاجتماعي للمحكوم عليه حيث يساعد ذلك على معرفة العوامل التي أدت لارتكاب الجريمة ويفيد ذلك في معالجتها والقضاء عليها.
الباب الأول
تفسير الظاهرة الإجرامية
اتجه غالبية علماء الإجرام للتمييز بين ثلاثة اتجاهات:
1- الاتجاه الفردي: ويفسر الجريمة استناداً لعوامل داخلية تتصل بشخص المجرم وتتركز في وجود خلل عضوي أو نفسي يعاني منه المجرم هو الذي دفعه لارتكاب الجريمة.
2- الاتجاه الاجتماعي: ويرجع الجريمة لخلل في المجتمع الخارجي المحيط بالفرد فيدفعه لارتكاب الجريمة سواء تعلق الخلل بالبيئة الاجتماعية للفرد أم البيئة الاقتصادية أم الثقافية…الخ.
3- الاتجاه المختلط أو التكاملي: نشأ نتيجة توجيه الانتقادات للاتجاهين السابقين لان كل منهما يهمل العوامل التي يهتم بها الطرف الآخر لتفسير الظاهرة الإجرامية فجاء هذا الاتجاه ليقوم بالجمع أو الخلط بين العوامل الفردية والاجتماعية على أساس أن الجريمة تقع نتيجة تفاعل النوعين السابقين من العوامل.
ونتناول فيما يلي الاتجاهات الثلاث السابقة:
الفصل الأول
الاتجاه الفردي في تفسير الظاهرة الإجرامية
يستند أنصار هذا الاتجاه إلى أن الجريمة تقع نتيجة وجد خلل في تكوين الشخص هو الذي دفعه لارتكاب الجريمة وهو خلل يميز المجرمين فقط ولا يوجد في غير المجرمين. وقد يكون هذا الخلل بدني أو نفسي. لهذا ظهرت العديد من النظريات التي تفسر ارتكاب الجريمة سواء استناداً للخلل العضوي أو النفسي وسنعرض لأهم نظريتين قيل بهما في هذا المجال وهما:
1- نظرية الخلل العضوي(نظرية لومبروزو)
2- نظرية التحليل النفسي (نظرية فرويد)
المبحث الأول
نظرية الخلل العضوي (نظرية لومبروزو)
قال بهذه النظرية أنصار المدرسة الوضعية الايطالية التي أرجعت الجريمة إلى وجود خلل عضوي في تكوين المجرم. ولم يغفل أنصارها الجانب النفسي في تكوين المجرم. وسنقتصر على دراسة نظرية أو أفكار لومبروزو حول تفسير الظاهرة الإجرامية بعرض مضمونها ثم تقديرها.
أولاً: مضمون النظرية:
كان لومبروزو طبيباً في الجيش الايطالي ثم أستاذاً للطب الشرعي وأتاحت له طبيعة عمله كطبيب وضابط جيش وأستاذ جامعي أن بفحص عدد كبير من الجنود والضباط المجرمين والأسوياء وتشريح عدد كبير من جماجم المجرمين ومقارنتها بجماجم غير المجرمين. ولاحظ في البداية وجود تجويف غير عادي في جمجمة قاطع طريق تشبه تلك التي توجد لدى القردة فقام بفحص 383 جمجمة لمجرمين بعد وفاتهم وقارنها مع جماجم مجرمين أحياء يبلغ عددهم 5907 وممن فحصهم مجرم خطير قتل 20 امرأة بطريقة وحشية وانتهي إلى انه يتميز بخصائص تشبه الإنسان البدائي.
*** جمع لومبروزو أفكاره في كتاب شهير سنة 1896 عنوانه (الإنسان المجرم)انتهي فيه إلى نتيجتين تفسران الظاهرة الإجرامية هما:
1- النتيجة الأولى: أن الإنسان المجرم يتميز بشذوذ في تكوينه العضوي وبخصائص بدنية لا تتوافر لغير المجرمين منها عدم انتظام شكل الجمجمة – ضيق في الجبهة – ضخامة الفكين – شذوذ في تركيب الأسنان – بروز عظام الفخذين – اعوجاج الأنف – طول أو قصر غير عادي في الأذنين والأطراف أو الأصابع – قصر القامة – غزارة الشعر. ودعم نظرية لومبروزو في تشبيه المجرم الذي يتصف بهذه الصفات بالإنسان البدائي ظهور نظرية دارون عن النشوء والارتقاء.
2- النتيجة الثانية: أن المجرم يتميز ببعض الصفات النفسية التي يستدل منها على وجود خلل في التكوين النفسي لدى هؤلاء المجرمين مثل ضعف الإحساس بالألم – غلظة القلب وقسوة المشاعر- عدم الشعور بالخجل. واستدل لومبروزو على هذه السمات النفسية مما لاحظه من كثرة الوشوم والرسوم القبيحة والخليعة التي يرسمها المجرمين على أجسادهم.
*** انتهى لومبروزو مما سبق إلى أن الإنسان الذي يتمتع بهاتين الطائفتين من الخصائص يمكن أن يعتبر نمط إجرامي وهو إنسان مطبوع على الإجرام وسيرتكب الجريمة حتماً وأطلق عليه (المجرم بالميلاد أو المجرم بالفطرة).
*** في مرحلة لاحقة لاحظ لومبروزو أن هناك طوائف من المجرمين لا يمكن وضعهم ضمن نموذج المجرم بالميلاد لهذا أشار في الطبعات التالية للكتاب إلى وجود طوائف أخرى منها نموذج المجرم الصرعى حيث اثبت لومبروزو وجود علاقة بين الإجرام ومرض الصرع وتوصل لذلك حين فحص احد الجنود الايطاليين عقب ارتكابه جريمة قتل وكان قد التحق بالجيش عدة سنوات لم يرتكب خلالها أى سلوك غير مشروع ولكن بسبب سخرية زملائه من المقاطعة التي ينتمي إليها أطلق النار عليهم فقتل 8 منهم وسقط فاقداً للوعي 12 ساعة وحين أفاق لم يتذكر شيئاً عن جريمته وحين شرح لومبروزو جثته اكتشف انه يعاني من الصرع ويتميز ببعض الصفات الوحشية فأدخل تصنيف المجرم الصرعى ضمن تصنيفات المجرمين الأخرى.
ثانياً: تقدير النظرية:
كان لأفكار لومبروزو فضل كبير في دراسة المجرم من الناحية التكوينية سواء تركيبه العضوي أو النفسي واتسمت دراسته بالطابع العملي والبحث التجريبي ومع هذا تعرضت لانتقادات عديدة منها:
1- بالغت النظرية في وضع خصائص وصفات بدنية ونفسية تميز المجرمين عن غير المجرمين. وأرجعت الجريمة لتوافر هذه العناصر لدى الشخص المجرم. والحقيقة انه يصعب عملياً الربط بين توافر هذه الخصائص الجسدية وبين الإقدام على ارتكاب الجريمة وذلك لان هذه الخصائص تمثل حالة ساكنة غير قادرة على إحداث نتيجة ملموسة في العالم الخارجي.
2- أدت النظرية إلى نتائج مبالغ فيها ولا يمكن التسليم بها كحقيقة علمية لان الصفات التي تقول بتوافرها لدى المجرمين توجد وبنفس الدرجة لدى غير المجرمين.
3- أغفلت النظرية أى دور تقوم به العوامل الخارجية المحيطة بالفرد في دفعه لارتكاب الجريمة وفسرت الجريمة إستناداً لخصائص جسدية أو نفسية تتعلق بالمجرم ذاته رغم انه لا يمكن إنكار دور العوامل الخارجية المحيطة بالفرد في تكوين شخصيته وقد يكون منها شخصيته الإجرامية.
4- عدم صحة ما قالت به النظرية من تشبيه المجرم بالإنسان البدائي لان لومبروزو لم يدرس تاريخ البشرية حتى تكون لديه أفكار صحيحة عن الإنسان البدائي. كما لم يستطع العلم رسم صورة دقيقة لما كان عليه الإنسان البدائي. وبالطبع لا يمكن قبول فكرة أن كل إنسان بدائي ارتكب جريمة وبالتالي فكل إنسان بدائي مجرم.
5- أن التسليم بفكرة المجرم بالميلاد تهدم مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص). والمعروف أن فكرة الجريمة نسبية تختلف باختلاف المكان والزمان ويصعب ربطها بصفات جسدية ثابتة لدى المجرمين.
المبحث الثاني
نظرية التحليل النفسي (نظرية فرويد)
ركزت في تفسير الظاهرة الإجرامية على الجانب النفسي حيث غلبت العوامل المرتبطة بالتكوين النفسي للمجرم دون إعطاء أهمية للتكوين العضوي أو العوامل الخارجية أو الاجتماعية المحيطة بالفرد. وقال بنظرية التحليل النفسي عالم النفس الشهير فرويد.
أولاً: مضمون النظرية:
لم يهدف فرويد إلى وضع نظرية لتفسير السلوك الإجرامي لكن أراد دراسة تأثير الجهاز النفسي للفرد على سلوكياته ومنها السلوك الإجرامي باعتباره سلوك بشري وقسم النفس البشرية إلى 3 أقسام هي النفس – العقل –الضمير. وذلك على النحو التالي:
1- النفس (الأنا الدنيا أو الذات الدنيا): أو النفس ذات الشهوة حيث توجد فيها الميول الفطرية والنزعات الغريزية وتقف وراء الشعور وفيها يتركز الاهتمام على إشباع الرغبات والشهوات دون مراعاة القيود الاجتماعية التي تفرضها القيم والمبادئ السائدة في المجتمع . فإذا كانت الغريزة الجنسية تتطلب إشباع فإن الإنسان يكبتها ويتحكم فيها أو يتزوج ويشبعها حتي يكون سلوكه مقبول اجتماعياً.
2- الأنا (العقل): أو الذات الشعورية وتتركز في الجانب الشعوري للإنسان وهو على صلة دائمة بالواقع لان العقل يمثل الجانب الواعي في النفس البشرية. والوظيفة الأساسية للانا هي التوفيق بين الميول والغرائز وما تتطلبه الحياة الاجتماعية من احترام القيم والمبادئ السائدة في المجتمع.
3- الأنا العليا (الضمير): أو الذات المثالية وتمثل الجانب المثالي للنفس وفيها تتركز المبادئ والقيم الأخلاقية المستمدة من الأديان ووظيفتها مد العقل أو الأنا بالقوة اللازمة لردع الميول والغرائز التي تصعد من الأنا الدنيا وذلك عن طريق تأنيب العقل وإشعاره بالذنب كلما سمح بتغليب الشهوات والغرائز.
*** بناءً على التقسيم السابق للنفس البشرية فسر فرويد السلوك الإجرامي بأحد أمرين:
1- إخفاق العقل (الأنا) عن تهذيب النفس (الأنا الدنيا)وعجزه عن تحقيق التوافق بين الميول والغرائز وبين القيم والمبادئ السائدة في المجتمع.
2- انعدام الضمير(الأنا العليا) وعجزه عن القيام بوظيفته في السمو بالميول والغرائز.
وفي الحالتين تنطلق الميول والنزعات الغريزية من اللاشعور إلى الشعور دون أي احترام أو تقييد بالقواعد والضوابط الاجتماعية والأخلاقية واجبة الإتباع.
*** قدم فرويد صور لما يحدث للنفس البشرية من خلل يؤدي لارتكاب الجريمة منها:
1- عقدة الذنب: ويقصد بها ما يصيب الشخص من شعور بعد ارتكاب جريمة أو سلوك غير مشروع نتيجة عدم ممارسة الضمير وظيفته في مراقبة العقل وردعه. ويشعر الشخص بالذنب حين يستيقظ الضمير ويستعيد وظيفته في تأنيب العقل وإشعاره بالذنب وقد يسيطر هذا الشعور على الشخص لدرجة الإحساس بأنه جدير بالعقاب فيندفع تحت تأثير هذا الإحساس بالذنب لارتكاب الجريمة مفضلاً ألم العقوبة حتى يتخلص من الألم النفسي ويحرص هذا النوع من المجرمين عادةً على ترك أدلة أو آثار تساعد في التعرف عليه والقبض عليه. وقد يصل الأمر لحد الاعتراف بجريمة لم يرتكبها.
2 –عقدة اوديب: تنشا نتيجة صراع كامن فى اللاشعور وتفسر ارتكاب بعض الجرائم والعقدة تعني أن الغريزة الجنسية للإبن تتجه لا شعورياً نحو الأم وينتج عنها إحساس الابن بالغيرة من الأب نتيجة العلاقة العاطفية التي تربط الأب والأم. وفي الوقت ذاته يشعر الابن بحب أبيه نتيجة قيام الأب برعايته وتلبية رغباته ومتطلبات حياته. وبذلك يشعر الطفل بشعور مزدوج بالحب والكراهية نحو الأب. فإذا لم يقوم العقل (الأنا) بوظيفته في ضبط هذه المشاعر ووضعها في إطار يتفق مع القيم والمبادئ السائدة في المجتمع فإن الابن سيرتكب الجريمة.
ثانياً: تقدير النظرية:
أبرزت النظرية دور الجانب النفسي وتفسيره للسلوك الإجرامي مما كشف عن إمكانية علاج بعض أنواع المجرمين المصابين بخلل نفسي. ومع هذا تعرضت النظرية لانتقادات عديدة منها:
1- حاولت النظرية إرجاع كل صور سلوك الفرد وردود أفعاله إلى العامل النفسي فقط. والحقيقة أن طريقة التحليل النفسي تؤدي لنتائج مبالغ فيها لا يمكن التسليم بها كلية.
2- غير صحيح أن ضعف الضمير أو الآن العليا يؤدي حتماً للجريمة فهناك من يضعف ضميرهم لكنهم لا يرتكبون الجريمة. والنظرية أغفلت دراسة العوامل الأخري التي قد تساهم مع الخلل النفسي في ارتكاب الفرد للجريمة.
3- منطق النظرية يؤدي لاعتبار أن جميع المجرمين يتميزون بالغلظة وقسوة القلب وانعدام العواطف وذلك كنتيجة منطقية لتخلف الأنا العليا وسيطرة الأنا الدنيا. وهذه النتيجة لا يمكن التسليم بها حيث أثبتت الدراسات والأبحاث أن هذه الصفات لا تصدق على كافة المجرمين.
اترك تعليقاً