بحث قانوني و دراسة حول الشخصية المعنوية للشركة في القانون الاماراتي
أ/ أحمد أبو زنط
الشخصية المعنوية للشركة
يعترف المشرع الاماراتي للشركة سواء كانت تجارية او مدنية بالشخصية المعنوية . أي ان للشركة شخصية قانونية مستقلة عن شخصية الشركاء المكونين لها . اذ تنص المادة ( 92 / ف 5 ) من قانون المعاملات المدنية على انه : ” الاشخاص الاعتباريون هم : ه – الشركات التجارية والمدنية الا ما استثني بنص خاص ” .
وتعني الشخصية الاعتبارية بشكل عام مجموعة من الاموال مملوكة بالاشتراك لمجموعة من الاشخاص تستهدف تحقيق غرض معين مشترك او مجموعة من الاشخاص تستهدف تحقيق غاية معينة ” .
واذا كان للشركة شخصية معنوية مستقلة فمتى تبدأ هذه الشخصة ومتى تنتهي ؟ وما هي الاثار التي تترتب على ثبوت الشخصية المعنوية للشركة . هذا ما نبينه في المبحثين القادمين .
المبحث الاول
بدء الشخصية المعنوية للشركة وانتهاؤها
المطلب الاول بدء الشخصية المعنوية
الاصل ان المشرع حينما يعترف بالشخصية المعنوية للشركة فأنه يعترف لها بشخصية معنوية كاملة . الا ان المشرع استثناء يعترف للشركة بشخصية ناقصة مؤقتة .
الفرع الاول
الشخصية المعنوية الكاملة للشركة
اولا : في الشركات المدنية
تبدأ الشخصية المعنوية للشركة المدنية بمجرد تكوينها أي ابرام عقدها وتكامل اركانها . ولكن هذه الشخصية لا تكون نافذة في مواجهة الغير ولا يمكن الاحتجاج بها تجاهه الا اذا تم شهر هذه الشركة . على الرغم من ان المشرع في قانون المعاملات المدنية لم يحدد ما هي اجراءات الشهر الواجبة الاتباع بالنسبة للشركات المدنية . وهذا ما ادى الى انقسام الفقهاء بين من يقول تتبع نفس اجراءات الشهر الواجبة الاتباع في الشركات التجارية وبين من يقول بأن الشركة المدنية لا تخضع لاي اجراءات شهر الى ان يحدد القانون هذه الاجراءات .
ثانيا : في الشركات التجارية
تكتسب الشركات التجارية – عدا شركة المحاصة – الشخصية المعنوية بعد قيدها في السجل التجاري ونشر المحرر الرسمي الصادر في النشرة الخاصة التي تصدرها وزارة الاقتصاد والتجارة .
ويذهب بعض الفقهاء الى ان هذه القاعدة تسري على شركات الاموال فقط لان المشرع يقرر في المادة 12 التي ورد فيها الحكم اعلاه مسؤولية المؤسسين التضامنية عن الاعمال والتصرفات التي يقومون بها لحساب الشركة قبل اجراء القيد و استخدم المشرع مصطلح الشركة تحت التأسيس , وهذا الامر غير متصور الا بالنسبة للشركات التي يستغرق تأسيسها فترة من الزمن , بحيث ان المؤسسين يبرمون تصرفات لحساب الشركة المستقبلة وهذا يحدث في شركات الاموال ولا يحدث في شركات الاشخاص.
الا ان هذا الرأي لا يمكن قبوله لان نص المادة 12 الذي قرر ان الشركو تكتسب الشخصية المعنوية من تاريخ القيد في السجل التجاري ورد ضمن الاحكام العامة التي تسري على جميع الشركات , ولا يوجد في النص ما يدل على تخصيصه بنوع معين من انواع الشركات . وان مصطلح الشركة تحت التأسيس يستخدم للدلالة على أي شركة في طور اجراءات التأسيس سواء كانت شركة اشخاص او شركة اموال .
الفرع الثاني
الشخصية المعنوية الناقصة للشركة
قد يعترف المشرع احيانا للشركة قبل ان تكتسب الشخصية المعنوية بتمام قيدها في السجل التجاري بشخصية معنوية ناقصة او مؤقتة . وهذا ما يحدث في حالتين :
اولا : الشخصية المعنوية للشركة تحت التأسيس
قد يستغرق تأسيس الشركة وخصوصا شركات الاموال مدة زمنية معينة لأن تأسيسها يتطلب اتخاذ العديد من الاجراءات المادية والقانونية . وخلال هذه المدة قد يبرم المؤسسون كثيرا من التصرفات لحساب الشركة . فأذا فشل مشروع الشركة فأن المؤسسين يسألون مسؤولية شخصية وتضامنية عن التصرفات والعقود التي ابرموها . اما اذا تم تأسيس الشركة فأن التساؤل يثار عمن يكون المسؤول عن هذه التصرفات هل هم الشركاء المؤسسون ام الشركة . واذا قلنا الشركة فكيف تلزم بتصرفات المؤسسين خلال مدة لم تكن الشركة قد وجدت فيها بعد.
ولحل هذه المسألة فقد نص المشرع على انه : ” يكون للشركة خلال فترة التأسيس شخصية اعتبارية بالقدر اللازم لتأسيسها “.
وبهذا فأن العقود والتصرفات التي ابرمها المؤسسون تنتقل الى الشركة بعد تأسيسها وتقوم علاقة مباشرة بينها وبين الغير الذي تعاقد معه المؤسسون , فالشركة تكون مسؤولة عن هذه التصرفات باعتبار ان المؤسسين يكونون ممثلين لها طالما انها تتمتع بشخصية معنوية بالقدر اللازم للتأسيس .
وهذا ما يحقق ميزة للمؤسسين لانهم يتحررون من الالتزامات الشخصية قبل الغير بمجرد تمام التأسيس واكتساب الشركة الشخصية المعنوية الكاملة . فالشركة في هذه المرحلة تشبه بالجنين قبل ميلاده . اذ ان له شخصية قانونية ناقصة وشخصيته الكاملة تتوقف على ميلاده حيا .
ثانيا : الشخصية المعنوية للشركة في طور التصفية
اذا انقضت الشركة وتم حلها فانها تدخل في طور التصفية . الا ان انقضاء الشركة لا يترتب عليه انقضاء شخصيتها القانونية . لان المشرع يعترف للشركة تحت التصفية بشخصية قانونية ناقصة فهي ليست كاملة وانما تكون فقط بالقدر اللازم لاعمال التصفية .
وهذا الحكم وضع مراعاة لمصلحة الشركاء والغير من دائني الشركة على السواء . فالتصفية تعني مجمل الاعمال التي يراد بها تسوية حقوق والتزامات الشركة وهي لا يمكن ان تتم بعد انقضاء الشركة مباشرة وانما لا بد من مرور مدة معينة تستلزم بقاء الشخصية المعنوية للشركة حتى تتم تسوية حقوق الدائنين من ذمة الشركة وبخلافه سيكون الدائنون مضطرين الى تقاضي حقوقهم من ذمم الشركاء لان شخصية الشركة تكون قد انتهت .
وهذه الشخصية كما قلنا هي شخصية مؤقتة وناقصة أي بالقدر اللازم للتصفية لذا لا يجوز للشركة القيام بأي عمل او ابرام أي عقد لا علاقة له بالتصفية .
المطلب الثاني نهاية الشخصية المعنوية للشركة
اذا انقضت الشركة فانها تبقى محتفظة بشخصيتها المعنوية طوال المدة المحددة للتصفية وبالقدر اللازم للتصفية . فاذا انتهت تصفية الشركة وتم تسوية جميع ديونها وحقوقها فان شخصيتها المعنوية تنتهي وتزول نهائيا .
ما حكم تغير الشكل القانوني للشركة ؟
يقصد بتغير الشكل القانوني للشركة تحولها من الشكل الذي نشأت عليه الى شكل اخر من اشكال الشركات التجارية كما لو تحولت شركة تضامن الى شركة توصية بسيطة او الى شركة مساهمة .
فهل تنقضي الشخصية المعنوية للشركة وتكتسب شخصية معنوية جديدة ؟
الجواب بالنفي اذ تبقى الشركة محتفظة بشخصيتها المعنوية في هذه الحالة والدليل على ذلك ما يأتي :
– ينص المشرع في المادة 274 من ق . ش . انه ” تحتفظ الشركة بعد تحولها بحقوقها والتزاماتها السابقة على التحول …”
وهذا النص يدل على ان الشركة تبقى محتفظة بشخصيتها المعنوية ذاتها , اذ لو كانت هذه الشخصية قد تغيرت واكتسبت شخصية معنوية جديدة لبين المشرع ان حقوقها والتزاماتها تنتقل الى الشركة الجديدة . في حين انه نص على انها تحتفظ بحقوقها والتزاماتها .
اترك تعليقاً