تطور وتوزيع الموارد البشرية بالادارة الترابية
ذ محمد بوكطب :- اطار بوزارة الداخلية؛
باحث في صف الدكتوراه، مخبر العلوم القانونية والسياسة والادارية بكلية بوجدة,تخصص التدبير الاستراتيجي للموارد البشرية بالادارة والمقاولات.
مقدمة:
تتناول هذه الدراسة موضوعا اكتسى أهمية فائقة في المجتمعات الحديثة ويعود ذلك إلى طبيعة الموضوع وأهميته ، بالإضافة إلى التحولات الاقتصادية و السياسية والاجتماعية التي باتت تتأثر بها المجتمعات المحلية ، حيث أن تدبير الموارد البشرية تدبيرا رشيدا وعقلانيا أصبح ضرورة ملحة ، كما وأن آليات الديمقراطية المحلية واللامركزية تفرضان الاهتمام بالعنصر البشري كمورد وهدف لأي إقلاع اقتصادي،فهو الغاية والأساس في كل تحول جذري، وكل نجاح أو فشل رهين به. إلا انه رغم المجهودات التي بذلت فلا زلنا نلاحظ أن هذا العنصر قد أثر بالاتجاه السلبي . إن الموارد البشرية داخل الجماعات الترابية لها صبغة خاصة من حيث تشكيلها، فهي تضم فسيفساء من الطاقات البشرية، لكن تركيزنا سيكون على أهم عناصر هذه الموارد، ونخص بالذكر الموظفين. ونظرا للاضطلاع الإدارة الجماعية بمسؤوليات هامة من حيث حجمها وأهدافها ، فإن توفرها على الأطر الكافية ذات الكفاءة العالية ، كفيل بتجسيد تدبير فعال للاختصاصات التي خولها المشرع لهذه الوحدات الترابية .
أهمية الموضوع :
إن كل العناصر التي سبق ذكرها توحي بأهمية البحث في موضوع حسن تدبير الموارد البشرية المحلية باعتبارها قاطرة لتحقيق التنمية الاقتصادية و الاجتماعية داخل المجتمع المحلي و بالتالي المجتمع الوطني ككل، وهذا يقتضي وضع سياسة ترتكز على العنصر البشري وتتماشى مع التحولات التي تعرفها العلاقات الاقتصادية و السياسية ، وأنساق القيم ، حيث المطالبة أكثر بتأهيل الاقتصاد و الإدارة و المجتمع عموما، من أجل أخذ المواقع، وتحمل المسؤوليات أمام التغيرات السريعة و المتلاحقة وغير المنتظرة أحيانا كثيرة . من هنا فإن تأهيل الموارد البشرية يعد الرهان الأكبر و الأخطر لربح التحديات وكسب رهان الجودة و الفعالية و التنمية.
خلاصة القول أن تدبير الموارد البشرية يجب إعطاؤه الأهمية اللازمة و الوزن الحقيقي بهدف التخلص من أنماط التدبير التقليدية.
الإشكاليات التي يطرحها الموضوع:
إن ضرورة اعتماد مناهج حديثة في تدبير الموارد البشرية تستدعي اهتمام الدول بتغيير سياساتها في تدبير الموارد البشرية من أجل الاستجابة للتحولات التي أفرزتها ظاهرة العولمة. كل هذه العوامل ساهمت في إفراز مفهوم جديد لتدبير الموارد البشرية، هذا المفهوم يطرح عدة تساؤلات وإشكالات أهمها :
– هل يوجد لهذا المفهوم مكان في دول لا تزال عقلية مسيريها متخلفة وغير ناضجة؟
– وهل هؤلاء المسؤولون قادرون على استيعاب هذا النموذج من التدبير ؟
إذن توجد عوامل عدة تدفعنا للبحث في هذا الموضوع، وتتجلى هذه العوامل في:
العامل الأول : يتجسد في الدور البارز الذي تلعبه الإدارة الترابية في المغرب منذ ظهير 1976 و الذي اعتبر قفزة نوعية في توطيد أسس اللامركزية. وتفعيل الممارسة الجماعية في مجال الشأن المحلي ، فالإدارة الترابية ظاهرة عالمية ارتبطت برغبة المجتمعات في تحقيق النمو و التطور مع مراعاة خصوصية كل مجتمع على حدة.
العامل الثاني: الذي استفزنا للبحث في هذا الموضوع هو طبيعة المهام الموكولة للموارد البشرية وأيضا طبيعة النصوص القانونية المنظمة لعمل هذه الموارد وما تحتويه من نقائص لا مفر من تجاوزها حتى يتسنى لها تفعيل دورها لتحقيق التنمية.
منهجية الموضوع : من خلال ما طرحناه ، فإن تناول موضوع تطور وتوزيع الموظفين بالجماعات الترابية ، سيدفعنا الى توظيف المنهج الاحصائي، كما أننا سنعتمد على المنهج البنيوي.
لذلك فإن أية محاولة لتشخيص واقع الموارد البشرية بالإدارة الترابية ، يقتضي بالضرورة الوقوف عند نص الخطاب الذي ألقاه الحسن الثاني رحمه الله، والقاضي بإحداث المجلس الوطني للشباب والمستقبل (المبحث الأول)، باعتبار أن تلك الهيئة جاءت بتصورات وبرامج لعبت الجماعات الترابية (المبحث الثاني) دورا بارزا في تفعيل مقتضياتها، من خلال عملية التوظيف والتقليص من حدة البطالة.
المبحث الأول: الخطاب التأسيسي للمجلس الوطني للشباب والمستقبل
إن الخطاب السامي الذي ألقاه الحسن الثاني رحمه الله بمناسبة عيد الشباب، كان مضمونه هو العناية بالشباب وخاصة المثقف منه (الفرع الأول)، حيث تطرق الخطاب إلى إنشاء المجلس الوطني للشباب والمستقبل حيث حدد مهامه واختصاصاته (الفرع الثاني)، وكذلك الإجراءات والتدابير التي سيقترحها هذا المجلس (الفرع الثالث)، من أجل التخفيف من حدة البطالة.
الفرع الأول: مضمون خطاب الملك الحسن الثاني
لقد ألقى الحسن الثاني رحمه الله بمناسبة عيد الشباب خطابا تطرق فيه إلى معضلة التشغيل، إذ قال:”إذن، فالدولة ستشغل 10 آلاف والجماعات المحلية 20 ألف والصناعة 20 ألف والسياحة خمسة آلاف والفلاحة 20 ألف والصيد البحري خمسة آلاف والبناء 20 ألف، أي ما مجموعه 100 ألف. وهذا رقم لا يستهان به، فكيف سنعمل… لذا قررت – شعبي العزيز – بعون الله سبحانه وتعالى وتوفيقه إنشاء المجلس الوطني للشبيبة والمستقبل” .
إن ما وصلت إليه الحياة الاقتصادية والاجتماعية في أواخر الثمانينات، وبداية التسعينات، من أزمة البطالة، دفعت الحسن الثاني رحمه الله إلى دق ناقوس الخطر، معلنا على أن البطالة تمس خيرة شبابنا، وتشكل عائقا أمامنا، لابد من إيجاد حل لها، حيث قال جلالته:”وفي هذه السنة 1990 ولم يبق بيننا وبين القرن المطل علينا إلا عشر سنين، رأيت من الواجب علي أن أقول لك ما يخامرني وأن أشركك فيما يهمني ويؤرقني ألا وهو مستقبل بلادنا، وبالطبع مستقبل شبابنا، الذي هو حارسها وكاهلها وبانيها والمسؤول عليها والملتزم بها ، حيث:” كل سنة يجد المغرب في سوق التشغيل ما يقرب من 300 ألف أو 320 ألف شاب مغربي، وهذا الشباب المغربي ينقسم إلى قسمين: الثلتان أي 200 ألف، يجدون عملا ويجدون شغلا، إما لأنهم نجحوا في تكوينهم وتدريسهم في الميدان التعليمي، وإما لأنهم نجحوا في ميدان التكوين المهني، ولكن يبقى دائما هناك تقريبا 100 ألف أو 120 ألف شاب مغربي بدون عمل .
وعليه: ” فإن هذه المائة أو المائة وعشرون ألف الباقية، وهذه حقيقة نقولها – ضيعنا فيها مبالغ مالية، حيث يجب أن نلفت نظرك – شعبي العزيز – لبعض الأرقام- أن الدولة وهذه ليست خسارة في المغربي – تصرف على كل تلميذ سنويا. 340 ألف سنتيم بما في ذلك الابتدائي والثانوي والعالي. والمعدل الفردي لكل من اجتاز الباكالوريا ولا أقول من اجتاز التعليم العالي، هو خمسة ملايين وخمسمائة ألف سنتيم، زيادة على أولئك الذين انقطعوا عن الدراسة أو رسبوا”.
“ولهذا”… فكرت وابتكرت وعلى الأقل عملت مجهودا لإيجاد هيكل لينظر في هذه الأرقام، هل هي دون الحقيقة أو فوق الحقيقة أو مطابقة لها؟.” .
وفي هذا الصدد، ترأس الملك الحسن الثاني رحمه الله أشغال الاجتماع الافتتاحي للمجلس الوطني للشباب والمستقبل، حيث قال: ” إذن طموحاتنا أن نشغل كل سنة تقريبا 300 ألف شاب مغربي. بعبارة أوجز عندنا 200 ألف تقريبا مضمون لهم الشغل وتبقى 100 ألف نحن حائرون بشأنها، وهذه المائة ألف قليلة وكثيرة في آن واحد. ووجود هذا المجلس وعمله هو تشغيل 300 ألف شاب وشابة من المغاربة كل سنة” .
وقد عين الملك الحسن الثاني رحمه الله الكاتب العام الأستاذ الحبيب المالكي حيث قال: “… أما فيما يخص الكاتب العام فقد قررنا أن نسمي ونعين الأستاذ السيد الحبيب المالكي في هذا المنصب . “وفي ذلك الاجتماع اقترح الملك الحسن الثاني رحمه الله هيكلة المجلس حيث قال: “.. وأرى في مخيلتي هذا الهيكل يتفرع إلى أربعة فروع:
– الفرع الأول: يكون للاتصال بالحكومة حيث أن جميع الوزراء وجميع الوزارات أعضاء في هذا المجلس هذا هو الإطار العام.
– الفرع الثاني: يكون خاصا بالاتصال بالقطاع الخاص وبجميع فروعه: الصناعة والفلاحة والصناعة التقليدية والتجارة وأرباب الأعمال والأبناك.
– أما الفرع الثالث: فسيكون مكلفا بالمؤسسات الاجتماعية والنقابية.
– والفرع الرابع: مختصا فقط بالاتصال بوزارة الداخلية، لماذا؟ لإعطاء اللامركزية المغربية للجماعات المحلية معناها الحقيقي وإثرائها الحقيقي… “.
وفي خطاب عيد الشباب، ذكر الحسن الثاني رحمه الله بالحصيلة المؤقتة حيث قال:”وهكذا رغم أننا ابتدأنا العمل الحقيقي للتشغيل في شهر ماي الماضي، أي قبل ثلاثة أشهر، يمكنني أن أقول أن الدولة وظفت من هذه المائة ألف 16 ألف. وأن الجماعات المحلية وظفت 37 ألف، والقطاع شبه العمومي وظف 7500 شاب، والقطاع الخاص شغل وسيشغل 20 ألف وهذا المجموع يكون 80 ألف و700. ويبقى تقريبا 20 ألف. وهؤلاء العشرون ألف، الباقون جلهم يطلبون فقط الإعانة البنكية لأنهم سيقومون بمشاريع خاصة بهم وسيخلقون أيضا شغلا لشباب آخرين.
أما في النصف الثاني من السنة، أي ابتداء من يوليوز إلى آخر السنة، فسوف نحول أنظارنا وبحوثنا إلى الشباب في العالم القروي الذي هو دون مستوى الدراسات العليا، أي الحاصل على الباكالوريا ودونها “.
وفي الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية للمجلس الوطني للشباب والمستقبل، ألقى الملك الحسن الثاني رحمه الله كلمة بالمناسبة قال فيها:”… فهكذا يمكن أن نقول أن مجلسنا الفتي هذا لا يزيد عمره على أربعة أشهر، ولكن رغم هذه المدة الوجيزة يمكنني أن أقول لكم حضرات السادة – زيادة على ما تعلمون، وعلى ما قرأتم وعلى ما شاهدتم من ندوات واستجوابات، وزيادة على ما كتب البعض منكم في هذا الصدد، وزيادة على ما أجيب به هذا الكاتب أو تلك الكتابة من أجوبة، أرجو أن تكون قد سرت المنتظرين لها فإن المجلس الوطني للشباب والمستقبل قد قام بعمل جبار.
أولا: لأنه أثبت وجوده ليس بالديكتاتورية أو تخانق مع الناس، لكن بالحوار المتواصل مع جميع طبقات الشعب المغربي بجميع مستوياته سواء الفكرية أو الثقافية أو الاجتماعية، فهو أثبت وجوده لأن المغرب كان يحس بكيفية غريزية أن هناك فراغا وأن هذا الفراغ يجب أن يملأ… لا أقول تشغيل الشباب، لأن المجلس الوطني للشباب والمستقبل ليس مكتبا للتشغيل، وفي فلسفته هو مكتب لتكريم الشباب وتكريم العنصر البشري… .
نعم، “…هناك مشاكل اعترضت الأعمال اليومية لهذا المجلس، وهناك كذلك مشاكل نتجت عن سوء فهم بعض المسائل، فمثلا حينما يقال إن هذا المجلس سيحرص على توظيف جميع من لهم الشهادات العليا بدون امتحان وبدون أي ميز بين الصالح والطالح، فهذا أمر غير ممكن أبدا، لأن قوانين الوظيفة العمومية تلزمنا بأن نأخذ الأحسن فالأحسن فالمتوسط.
ثانيا لا يمكن لهذا المجلس أن يوصي بتوظيف أي كان وبالخصوص على المستوى المحلي، أي في الجماعات المحلية، لأنه إذا انحدر مستوى الموظفين المحليين الذين هم في العمالات والأقاليم والبلديات سينحدر مستوى اللامركزية التي جعلنا منها أساس الحكم اليومي في المغرب.فاللامركزية هي دستورنا الظاهر والخفي، وفي آن واحد هي قميصنا ولباسنا، فإذا نحن فرطنا في قيمة الموظفين لا الكبار ولا المتوسطين ولا الصغار وبالأخص على مستوى الجماعات المحلية سنكون آنذاك قد عرضنا اللامركزية لخطر لا يمكن تصوره. وبعد ذلك يأتي الشباب الحاصل على الباكالوريا، فماذا سنعمل بالنسبة لهم، وفي المرتبة الثالثة يأتي غير الحاصل على الباكالوريا .
“هذا بالنسبة للمرحلة الأولى، أما بالنسبة للمرحلة الثانية التي يخوضها المجلس والتي تتعلق بالتشغيل في المجتمع القروي، فسيجد نفسه أمام مشاكل أخرى لا في النوع ولا في المستوى. فلذا، يجب أن يحظى هذا المجلس من جميع من لهم مسؤولية التوقيع سواء كانوا حكوميين أو خواص – ذلك التوقيع الذي يصدر الأمر بالتشغيل أو بالإعانة أو بالأخذ باليد – بالعطف والسند ” . ومن ناحية التوظيف من طرف القطاع العام، يمكن أن نقول أننا عملنا ما أمكن، وأظن أن الأمور سارت على أحسن ما يرام. وبالنسبة للجماعات المحلية، فأظن أن عملها أعطى أكله ولم يخيب الآمال المعقودة عليه “.
لقد اخترنا لاعتبارات منهجية التركيز على تحليل مضمون خطب الملك الحسن الثاني رحمه الله في الفترة الزمنية (90 – 91 – 92) التي تلائم فترة تأسيس المجلس وبدايات اشتغاله.
إن الاستنتاج الأول يفيد بأن المصطلحات والعبارات المستخدمة للتعبير عن الشباب والقضايا المرتبطة به، تبرز لنا وجود قاموس سياسي صارم لدى للملك الحسن الثاني رحمه الله ، حيث تشكل العبارات المركبة: الشباب والمستقبل بؤرة اصطلاحية يلاحظ حضورها المستمر والمكثف في خطبه محتفظة ضمن بعبارات الشباب والمستقبل، بمعني محدد.
أما الاستنتاج الثاني، فإن النصوص الملكية تحمل قوة اصطلاحية متصلة بمجال الشباب والمستقبل كمجال متحد، ويمكن وضع ترتيب لمحتوى المفاهيم التي تتألف منها هذه الشبكة المفاهيمية:
– البؤرة المفهومية: الشباب والمستقبل، وترد الكلمتان متحدتان ومحملتان بمعاني ومضامين متعددة: الأمل، التفاؤل، القوة، العنفوان، التجديد، الفتوة، الطموح، الأسئلة. وقد عبر الملك الحسن الثاني في كلمة موجزة تضمنها خطابه الافتتاحي للمجلس الوطني للشباب والمستقبل بعبارات تختزل كثيرا من المعاني (12/ 11 / 1990) :”سميته الشباب والمستقبل لأنه ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل. وأملنا هو شبابنا وقوتنا هي شبابنا. ويجب علينا من جهة أخرى أن نعتبر أنفسنا شبابا لنتمكن من حوار الشباب ونعتبر أنفسنا شبابا لنلمس بحساسيتنا وحسنا مطامح الشباب ومشاكل الشباب وحيرة الشباب وتشكك الشباب “.
ويمكن ترتيب المفاهيم المرتبطة بها إلى 7 مجالات:
– مجال زمني: المستقبل، المصير، أجيال، الجيل المقبل، الأسلاف، الشيخوخة، الطفل، السن الانتخابي، السن القانوني، ظروف يجتازها المغرب، سنة ألفين، القرن المقبل، مغرب الغد، الزمن القصير/ المتوسط / البعيد، سن الشباب والاستعجال، ثلاث عقود مرت على تولي الحكم، الخلافة، بلوغ سن الرشد.
– مجال القرابة والأشخاص: والدي، الملك محمد الخامس، الأسرة، الخلية الأسرية، الزواج، الآباء، الأبناء، البنات، الجار العربي، الإخوان، أنساب الآباء والأجداد، 1200 سنة تاريخ الملكية في المغرب.
– مجال التربية والتعليم والقيم الاجتماعية: الإسلام، القرآن، الحديث النبوي الشريف، العبادات، التدين، المسجد، مسجد الحسن الثاني، الكتاتيب، النشأة والترعرع، الصغر، الطالب، التلميذ، مرونة التلقين، البيداغوجية، التكوين، شهادات، تعليم الجامعة، انفتاح التعليم، تربية أجيال الحركة الوطنية، تكوين وتربية الأجيال العربية، العمل، الحركة، الكرامة، القيم، الأخلاق، المسؤولية، الحكمة بين الأجيال، التضامن، التربية والفنون، العنف، الانحراف، الخلاعة، الإبداع، المواهب، التعارف، الشاب المسلم، الشابة المسلمة، حماية الشباب، تحصين الشباب، نبد التطرف، نبد الغلو، نبد العنف، الوسطية في الإسلام، شباب الصحوة الإسلامية، الإسلام دين العلم .
– مجال ومنهجية التعاطي مع قضايا الشباب: الاستشارة، التشاور، الحوار، التوافق، التراضي، حل المشاكل، المسؤولية، التشارك، المشاركة، تضامن الجميع، الأمل، التفاؤل، التفكير، الابتكار، العبقرية، الإبداع، تعدد أبعاد النظر في المشكل المطروح، المنظور التقني، المنظور الإنساني، المنظور الحضاري، التجديد، الإصلاح.
– المجال المؤسساتي و التدبيري: اللامركزية، الجماعات المحلية، الجهات، العالم القروي، المؤسسات، المجلس، تمثيل متعدد القطاعات، القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، مؤسسات للتفكير والخبرة، مؤسسات ثقافية، الجمعيات، المؤسسات الديموقراطية، الموارد البشرية، رأسمال بشري، إدماج قوانين، تدابير عملية، حل المشاكل، مؤشرات ديمغرافية، أرقام، نمو الشباب، تضامن مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية لتوظيف الشباب.
– المجال السياسي والاستراتيجي: المغرب بلد وسط، الموقع الإستراتيجي الجغرافي للمغرب، المغرب بلد اجتماعي، المغرب بيت من زجاج، الملف الاجتماعي، القضايا الاجتماعية، مشاركة الشباب في السياسة، المسؤولية في الدولة، الحكم، العرش، البيعة، الحكومة، الأحزاب، المؤسسات، الانتخابات، نزاهة النتخابات، الديمقراطية، ميثاق، سلم اجتماعي، الحركة الوطنية، الصحراء، المسيرة الخضراء، الشباب والحرية.
– قضايا تهم الشباب: نمو الشباب، 350 ألف يولدون كل عام في المغرب، البطالة، التخرج، التعليم، التربية، التشغيل، المستقبل، أسئلة حول المستقبل، التشكك، المصير، مستقبل الشباب المسلم، وضعية الشباب في العالم القروي، الفلاحة، البطالة ظاهرة دولية..
إن قراءة في مضمون المصطلحات والعبارات التي يستخدمها الملك الحسن الثاني، تبرز وجود منظومة متكاملة من المفاهيم المرتبة، وفق سلم من المعاني والأبعاد المتعددة والمرتبطة بالزمن والقرابة والمحيط الاجتماعي، والمجالات التنظيمية والتدبيرية، والمنهجية في تعاطي مع المشاكل المطروحة، والتربية والقيم الاجتماعية والدين والوجدان، والمجال السياسي، والمجالات الاقتصادية والاجتماعية، المحيط العربي والدولي. وهي بمجملها مكونات تتألف منها فلسفة خاصة إزاء مسالة الشباب والمستقبل، يحملها خطاب الملك الحسن الثاني .
الفرع الثاني: مهام واختصاص المجلس الوطني الشباب والمستقبل
أنشئ في المغرب عدد من المجالس الاستشارية خلال عقد التسعينات تزامن سياق تأسيسها ومن حيث القضايا التي تهتم بها، وهي المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمجلس الوطني للشباب و المستقبل والمجلس الاستشاري لمتابعة الحوار الاجتماعي، ثم المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي تم التنصيص عليه في دستور 92.
ولقد تميز المجلس الوطني للشباب والمستقبل بجملة من الخصائص، سواء من حيث تبعيته، أو الوظائف التي أسندت إليه، أو إنشاؤه الذي يستند إلى ظهير ملكي صادر في 20 فبراير 1991 (2)، الذي ينص في مادته الأولى بأن: ” يحدث بجانب جلالتنا الشريفة وتحت رياستنا السامية مجلس وطني للشباب والمستقبل”. فالمجلس أحدث بمبادرة ملكية، التي تعتبر محور النظام الدستوري والسياسي المغربي، باعتبار المجلس هيئة استشارية تابعة لها تقدم الرأي والمشورة في حدود الوظائف المنصوص عليها في الظهير الملكي .
ويتميز المجلس بجملة من المعطيات المتصلة بطبيعة نشأته واهتماماته، فقد كان هو الهيئة الاستشارية الوحيدة التي خصها الملك الحسن الثاني رحمه الله بخطابين ملكيين خاصين بنشأته، فقد كان الأول في 8 يوليوز والثاني في 12 نوفمبر 1990 ، إضافة إلى الظهير الملكي المنشئ له والذي يشير إلى الأهمية الخاصة التي أولاها مؤسس المجلس لهذه الهيأة الناشئة .
إذن، يعتبر المجلس الوطني للشباب والمستقبل، مجلس استشاري، يسهر على تقديم المشورة للملك الحسن الثاني رحمه الله في المسائل المتعلقة بالتشغيل ، عكس ما قد يتبادر إلى الأذهان، من كونه مكلفا بتشغيل الشباب الحاصل على شهادات والعاطل عن العمل. وهذا ما تأكد فعلا، بمناسبة افتتاح الدورة الثانية للمجلس، إذ حدد الحسن الثاني رحمه الله مهمة وفلسفة أعمال المجلس بقوله: ” لا أقول تشغيل الشباب، لأن المجلس الوطني للشباب والمستقبل ليس مكتبا للتشغيل، وفي فلسفته هو مكتب لتكريم الشباب وتكريم العنصر البشري الذي بدونه لا يمكن لأي كان بالأخص المغرب أن يقفز تلك القفزة التي نريد أن تجعله في مستوى القرن المقبل” .
وقد حددت المادة الثانية من الظهير المحدث للمجلس الخطوط العريضة لبعض مهامه، فنصت على ما يلي:”يتكلف المجلس الوطني للشباب والمستقبل بالمساهمة في تكييف أنظمة التربية والتأهيل بحسب ما تستلزمه متطلبات الاقتصاد المغربي، وبإعداد الشبان المغاربة إعدادا مناسبا يتيح لهم مواجهة المستقبل ويساعدهم على الاندماج في نظام الإنتاج الوطني” .
وللوصول إلى الأهداف المتوخاة، ودائما حسب المادة الثانية، يجب على المجلس أن يقوم بالمهام التالية:
– جمع المعطيات الكمية والنوعية المتعلقة بالتشغيل؛
– جمع المعلومات المتعلقة بالاقتصاد الوطني واقتصاد مختلف جهات المملكة؛
– تحليل إمكانات التنمية؛
– دراسة السبل الكفيلة بتكييف أنواع التأهيل الملقنة في معاهد التعليم والتأهيل المهني، بحيث تستجيب لسوق العمل، و ما يتطلبه من مهارات؛
– اقتراح الحوافز والإصلاحات البنيوية التي من شأنها أن تحقق النهوض بالتشغيل .
هذا عن المهام واختصاص المجلس الوطني للشباب والمستقبل، إذن فماذا عن الإجراءات والتدابير المقترحة من طرفه؟
الفرع الثالث: الإجراءات والتدابير المقترحة من طرف المجلس
منذ تأسيسه، ما فتئ المجلس الوطني للشباب والمستقبل يبحث عن أفضل الوسائل التي تمكن المواطن المغربي من الحصول على شغل قار يحفظ له كرامته، ويصون إنسانيته، على اعتبار أن المورد البشري هو محرك التنمية. وفي هذا المضمار، أوجد المجلس عدة إجراءات وتدابير نذكر منها:
أولا : خلق ترابط بين التربية والتكوين والتشغيل
إن الترابط المطلوب بين التربية والتشغيل يعتبر ترابطا نسبيا بسبب الإيقاعات المتنافرة لتطور كل من النظامين وتعدد أدوارهما، ولضعف الترابط بين القطاعات في السياسة الاقتصادية والاجتماعية، لذلك فإن برنامج العمل الذي يتبناه المجلس الوطني للشباب والمستقبل يهدف بالأساس إلى:
1- تطوير قدرة تلائم نظام التربية والتكوين مع تطوير حاجيات الاقتصاد بالاعتماد على إبراز الحقائق التالية:
– أولا: إن تطور أنظمة التكوين بطيء، بينما حاجيات الشغل في المجال الاقتصادي تتغير بوتيرة سريعة تبعا لحركية التكنولوجيا.
– ثانيا: مواصلة الاستثمار في الرأسمال البشري، وتحسيس المقاولة بأهمية تطوير مواردها البشرية.
– ثالثا: الاتجاه نحو إشراك قائم على التشاور للأطراف المعنية، لأن برنامج العمل المقترح يتعرض لمشاكل معقدة لا يمكن أن تسوى إلا بخلق التشاور بين الأطراف المعنية .
2- التقريب بين العرض والطلب في مجال التكوين: إن النظام التربوي في مجموعه يجب أن يستجيب لأهداف اقتصادية، فيصبح من الضروري إقامة تقارب بين خريجي النظام التربوي من جهة، وبين إمكانية إدماجهم في الحياة العملية الفاعلة التي يوفرها نظام الإنتاج من جهة أخرى.
3- العمل من أجل تحسين الترابط بين التربية والتكوين والتشغيل، من أجل خلق نوع من التوازن بين النظامين التربوي والتكويني، وجعله أكثر قدرة على الاستجابة للحاجيات الاقتصادية. وهذا يعني خلق تكوين منتج بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية ونافع للأجيال الصاعدة… .
ثانيا: إنعاش التشغيل في المجال القروي
تبنى المجلس الوطني للشباب والمستقبل برنامج عمل يأخذ بالاعتبار مستوى التنمية القروية ومحو الفوارق، من أجل إنعاش التشغيل في الوسط القروي، وفي مجمله يرتكز برنامج العمل على المبادئ التالية:
– تهيئة المجال القروي: بإحداث مناطق جهوية مندمجة أو ما يسمى بربط الاقتصاد القروي بالاقتصاد الحضري.
– تبني مبدأ اللامركزية: وذلك بجعل الجماعات المحلية اللبنة الأساسية في التنمية المحلية انطلاقا من التنسيق بينها أو حتى التشارك في إطار التجمعات بينها وبين نقابات الأقاليم بمساعدة المصالح الخارجية.
– موافقة السكان وانخراطهم: ويقصد بانخراط السكان واندماجهم في التنمية التعبير في البرنامج عن رغباتهم الملحة والتي تمس الأكثرية.
– مساهمة مجموع الشركاء: في إطار عمل منسق أي ارتكاز مساهمة الدول والجماعات المحلية والقطاع الخاص على التنسيق والتشاور .
هذه إذن، بعض الإجراءات والتدابير المتخذة من طرف المجلس، لبلورة أهدافه وتصوراته على أرض الواقع، والملاحظ أن الجماعات المحلية كانت حاضرة بقوة في خطط عمل المجلس، من أجل مساهمتها في التخفيف من حدة البطالة، إذن كيف ساهمت في ذلك؟
المبحث الثاني: مساهمة الجماعات المحلية في التوظيف
لقد شكلت تنمية الموارد البشرية للجماعات المحلية، وخاصة الجماعات الحضرية والقروية إحدى الأهداف ذات الأولوية للسلطات غداة خطاب الحسن الثاني رحمه الله، حيث ساهمت الجماعات المحلية في التخفيف من وطأة البطالة عبر توظيف عدد كبير من خريجي الجماعات والمعاهد. إذن كيف ساهمت الجماعات المحلية في هذا الورش؟
الفرع الأول: عمليات توظيف الشباب في سنة 1990
ولا بأس أن نشير إلى صيغ التوظيف التي انتهجت إبان هذه العملية، والتي حددتها الدورية رقم 409، الصادرة عن المديرية العامة للجماعات المحلية، والتي موضوعها هو توظيف الشباب حاملي الشهادات من طرف الجماعات المحلية، وهي على الشكل التالي:
إن برنامج التوظيف الذي وضعته الجماعات المحلية حيز التنفيذ بناء على الاحتياجات المعبر عنها، سيمكنها من إدماج مجموعة أولى حتى غاية شهر يوليوز من سنة 1991، وقد بلغ هذا العدد 25.267 عونا، ستوزع حسب الأصناف التالية:
الفئة الأولى تضم 3000 إطارا عال:
-1446: متصرف مساعد، الإجازة أو شهادة تعادلها؛
– 586: مهندس دولة، مهندس تطبيق؛
-204: مهندس معماري؛
– 102: معماري؛
-212: طبيب؛
-179: بيطري؛
الفئة الثانية: تضم 5551 إطارا متوسط:
– 1734: إطارا إداريا متوسطا: محرر؛
– 3817: إطارا تقنيا متوسطا: تقني؛
الفئة الثالثة: تضم 16710 إطار تنفيذ:
– 11917: إطار تنفيذ إداري، (الكتاب، أعوان تنفيذ، أعوان خدمة )؛
– 4793: إطار تنفيذ تقني ( رسامون، مسيرو الأوراش، أعوان عموميين) .
كما كان على الباحثين عن الشغل أن يضعوا ترشيحاتهم قبل 15 ماي 1991 في مقر العمالة أو الأقاليم، الذي تم فيه إحصاؤهم، مع تحديد الوظيفة التي يرغبون فيها، وكذا ترتيب الجماعات التي يودون العمل بها حسب اختيارهم .
وإذا كانت لعملية توظيف الشباب المعطل حاملي الشهادات التي بوشرت سنة 1990 نتائج إجابية ، حيث ساهمت مساهمة رائدة وفعالة في امتصاص بطالة الشباب حاملي الشهادات ، فإنها لا تخلو من مجموعة من المؤاخدات منها:
– إن تلك العملية لم تأخذ بعين الاعتبار حجم النفقات، و نتائجها السلبية على مداخيل الجماعات المحلية، بحيث يمكن اعتبار تلك النفقات استهلاكية فقط، وليس لها أي دور أو مردودية أو إنتاجية. مما شكل عبئا إضافيا على ميزانية الجماعات المحلية .
– انعدام إستراتيجية أو تخطيط مسبق، مبني على دراسات لدى الدولة المركزية أو الجماعات المحلية، عند مباشرتها لتلك العملية، بحيث شاركت في امتصاص ذلك الكم الهائل من العاطلين، دونما اعتبار لما ستجنيه من آثار إيجابية، خصوصا وأن الرهان معقود على الجماعات المحلية، باعتبارها شريكا فعالا لتنمية مستدامة.
– إن ذلك الكم الهائل من حاملي الشهادات الذين تم توظيفهم من خلال تلك العملية، وزعوا على مختلف الجماعات المحلية ولم يخضعوا لأي تكوين قبلي، مما انعكس وسينعكس سلبا على مردودية الجماعات المحلية .
إن ما يكمن استنتاجه، هو أنه رغم التطور الكبير والمهم الذي عرفه العنصر البشري بالجماعات الحضرية والقروية، فإن مردودية الجماعات لازالت ضعيفة بالمقارنة مع ما تزخر به من طاقات بشرية، والتي لا تستثمر بالشكل الجيد من طرف رؤساء المجالس . كما أن ذلك التطور راجع إلى ما عرفته الجماعات الحضرية والجماعات القروية من توظيفات كبيرة خصوصا أثناء الحملة التي عرفت بتوظيف الشباب المعطل سنوات 1989 و1990 و1991، حيث عرفت تلك السنوات التحاق أعداد كبيرة من أصحاب الشواهد العليا بالجماعات الحضرية والقروية.
الفرع الثاني: تزايد أعداد موظفي الجماعات المحلية
وعيا بأهمية العنصر البشري في أي تنمية، قرر المشرع المغربي سنة بعد بدء العمل بإصلاحات الميثاق الجماعي لسنة 1976، إنشاء سلك للوظيفة العمومية المحلية، لضمان التأطير التقني والإداري للجماعات المحلية.
وقد تجسدت الجهود المبذولة لتحفيز العنصر البشري المحلي ماديا،حيث تم إصدار وتطبيق مرسوم 27 شتنبر 1977 بمثابة النظام الخاص لموظفي الجماعات، والذي حدد المقتضيات الخاصة المطبقة على الموظفين الجماعيين، والذين يظلون مع ذلك خاضعين للقانون العام للوظيفة العمومية للدولة، الصادر في 24 فبراير 1958، وللنصوص التشريعية والتنظيمية المتخذة لتطبيقه، ولمجمل النصوص المتعلقة بموظفي الدولة .
وعليه، فقد عرفت بنيات الإدارة المحلية، و لا سميا الإدارة الجماعية تغييرات هامة، فالقاعدة البشرية التي كانت تتوفر عليها الجماعات في فترة 1977، لم تكن تستجيب لطموحات الإصلاح الجماعي لسنة 1976. وقصد تجاوز النقص الحاصل في تأطير الإدارة المحلية فإن المجهودات المبذولة انصبت على:
– خلق مناصب جديدة لتوظيف عدد كافي من الأعوان في مختلف المستويات؛
– تقوية طاقة مراكز التكوين التابعة لوزارة الداخلية، ووضع برامج تكوين تلائم خصوصيات الواقع المحلي؛
– توعية مختلف الوزارات بضرورة تسيير عملية إلحاق الأطر التقنية المتوفرة على خبرة للعمل لدى الجماعات المحلية؛
– اللجوء عند الضرورة إلى إمكانيات الاستفادة من المساعدة التقنية الأجنبية…
وهكذا فقد تزايد موظفوا الجماعات الحضرية والجماعات القروية إلى ما يقارب ثلاثة أضعاف خلال 20 سنة، حيث انتقل العدد من 29.199 سنة 1977،إلى 121.264 بما في ذلك موظفي المجموعات الحضرية في سنة 2002، أي بإضافة ما يقارب 92.065 عونا وموظفا خلال أزيد من ربع قرن .
والجدول أسفله يوضح تطور عدد الموظفين
أنظر النسخة المرفقة أسفله
وقد استفاد من ذلك التزايد الكبير كل من الجماعات الحضرية والقروية،حيث وصل عدد المناصب في الجماعات الحضرية إلى 85.158 وفي الجماعات القروية 34.970 سنة 2001. وبلغ عدد الموظفين بالنسبة لمجالس الأقاليم والعمالات23.534 و 309 موظفا في المجالس الجهوية، الشيء الذي يبرز وجود اختلال في توزيع أعداد الموظفين بين الجماعات المحلية.
وعلى المستوى التكوين، يلاحظ في سنة 2001 بأن الأطر العليا تمثل 7.86%، والأطر المتوسطة 17.20،% وأعوان التنفيذ 53.62 %،واليد العاملة 21.32 %. الشيء الذي يدل على ضعف تأطير الجماعات المحلية .
أما سنة 2002 فقد بلغت الأطر العليا بالجماعات المحلية 12.352، أي ما يعادل 8 % من هؤلاء الموظفين، أما الأطر المتوسطة فقد وصل عددهم 2020 خلال سنة 2002، أي ما يعادل 17 % من الموظفين الجماعيين، أما أعوان التنفيذ فقد بلغ عددهم خلال تلك السنة 31.382 أي ما يعادل 16%.
أما عدد اليد العاملة بالجماعات الحضرية خلال سنة 2002 فقد بلغ 76.982 عاملا، أي ما يعادل 53 %.
أما بالنسبة للجماعات القروية، فقد بلغ عدد الأطر العليا بها 2328 سنة 2000، أي ما يعادل 6.8 %، أما الأطر المتوسطة فقد بلغ عددهم 6127 أي ما يعادل 17.8 %. أما أعوان التنفيذ فقد بلغ عددهم 11482، أي ما يعادل 33.3 %. أما العمال في سنة 2000 فقد وصل عددهم ، 14540 أي ما يعادل 42 % من العدد الإجمالي لعدد الموظفين بالجماعات القروية .والجداول أسفله تبين توزيع الموظفين في الجماعات المحلية لسنة 2004 :
توزيع الموظفين حسب صنف الوظيفة ونوع الجماعات المحلية لسنة 2004.
أنظر النسخة المرفقة أسفله
ما يلاحظ من خلال هذا الجدول، أن أعداد الموظفين بالجماعات الحضرية والقروية يسير في تطور مستمر، حيث وصل عددهم إلى 20563 خلال سنة 1977 لينتقل إلى 38700 في سنة 1988 أي بزيادة 18167 موظف، بالنسبة للجماعات الحضرية، كما يلاحظ تطور موازي لعدد الموظفين بالنسبة للجماعات القروية، حيث انتقل عددهم من 8156 سنة 1977 إلى 17059 سنة 1988، أي أن عددهم تضاعف مرتين.
بالإضافة إلى ما سبق، يلاحظ أن عدد الموظفين بالإدارة الجماعية عرف ارتفاعا كبيرا خلال بداية القرن الواحد والعشرين، بفعل تنامي اختصاصات الجماعات، وما استدعى ذلك من مواكبة التطورات عبر الاستمرار في نهج سياسة التوظيف.
وهكذا، بلغ مجموع عدد موظفي الجماعات الحضرية 85560 في سنة 2001 لينتقل إلى 86247 سنة 2002. إلا أن سنة 2003 سوف تعرف ارتفاعا بالنسبة لعدد الموظفين بالجماعات الحضرية، حيث بلغ عددهم 86743 أي بزيادة 496 موظفا.
إلا أنه بحلول سنة 2007 انخفض عدد الموظفين بالجماعات الحضرية ليصل إلى 86717، نفس الأمر بالنسبة للجماعات القروية، حيث لوحظ ارتفاعا ملحوظا نسبيا لموظفيها. أما الجماعات القروية فقد سجلت سنة 2001 تواجد 34970 موظفا، لينتقل العدد إلى 35017 سنة 2002، ثم إلى 35078 سنة 2003. إلا أن سنة 2007 سوف تسجل ارتفاعا كبيرا بالنسبة لعدد موظفي الجماعات القروية ليصل إلى 36887 أي بزيادة 1809 موظفا.
إن الملاحظة الأساسية التي يمكن تسجيلها في هذا الإطار، هو أن اعداد الموظفين بالجماعات الحضرية والقروية ظل في تزايد مستمر، رغم الظواهر السلبية التي أفرزها هذا التطور،مع غياب الأطر الكفأة القادرة على إضفاء الفعالية على العمل الإداري بالإدارة الجماعية.
إن دراسة التطور الكمي للموظفين بالإدارة الجماعية، يستدعي إلقاء نظرة على التوزيع الجغرافي لأعداد الموظفين بالجماعات الحضرية والقروية بالمغرب، وهذا ما يمكن أن نلاحظه من خلال الجدول التالي
:
أنظر النسخة المرفقة أسفله
من خلال هذا الجدول، يظهر لنا التوزيع الجغرافي لأعداد الموظفين بالإدارة الجماعية. هكذا، نجد الجماعات الحضرية المتواجدة بجهة الدار البيضاء الكبرى هي التي تستحوذ على العدد الهائل من الموظفين، حيث تصل إلى 22441 موظفا، في حين تسجل الجماعات الحضرية المتواجدة بجهة وادي الذهب لكويرة أدنى نسبة من حيث عدد الموظفين ب 378 موظفا.
أما بالنسبة للجماعات القروية، فقد جاءت تلك المتواجدة ضمن جهة مراكش – تانسيفت – الحوز في المرتبة الأولى ب 4137 من حيث عدد الموظفين، في حين سجلت الجماعات القروية التي تتواجد على مستوى جهة وادي الذهب لكويرة أدنى نسبة ب 239 موظفا.
إذن، تظل الجماعات الحضرية والقروية التي تدخل ضمن الإطار الترابي، لجهة وادي الذهب لكويرة، إحدى الوحدات المحلية، التي تعرف نقصا من حيث التأطير بالإدارة الجماعية.
وكخلاصة، هو أنه رغم التطور الكبير والمهم الذي عرفه العنصر البشري بالجماعات الحضرية والقروية، فإن مردوديتها لا زالت ضعيفة، بالمقارنة مع ما تزخر به من طاقات بشرية. لأنها لا تستثمر بشكل جيد من طرف المجالس الجماعية، كما أن هذا التطور في إعداد الموظفين راجع إلى ما عرفته الجماعات من توظيفات كبيرة، خصوصا أثناء الحملة الوطنية لتشغيل الشباب المعطل حامل الشهادات خلال سنوات 1989 – 1990 – 1991، والتي عرفت التحاق أعداد كبيرة من الموظفين بقطاع الوظيفة الجماعية.
اما اخر احصاء لموظفي الجماعات المحلية حسب وزارة الداخلية، المديرية العامة للجماعات المحلية لسنة 2008 “الجماعات المحلية في ارقام طبعة 2011” فكان على الشكل التالي:
توزيع الموظفين حسب صنف الوظيفة ونوع الجماعات المحلية لسنة 2008.
أنظر النسخة المرفقة أسفله
الفرع الثالث: خلاصات حول عمليات التوظيف
إن تدبير الموارد البشرية يجب أن يشكل الصدارة في برنامج الإصلاح الإداري، لأنه يعتبر حاليا محط انتقادات، ويشكل سببا لبعض العراقيل، ولكنه إن تم تطويره يوفر في ذات الوقت فرصا حقيقية لتحسين أداء المرافق العمومية بما يتناسب مع حاجيات المواطنين وتطلعات الموظفين .
فكثيرة هي التجارب الدولية التي تبين أن الإدارة، رغم كونها مطبوعة بقوة تقاليدها وأنظمتها القانونية لم تتردد في سلك طريق التحديث والتطوير وجعل ثروتها البشرية تساهم بقوة في تحقيق التنمية ..
إن إجراء التوظيف يكتسي أهمية خاصة، بحيث أي خطأ في التقدير في هذا المجال تكون له عواقب وخيمة وغير قابلة للإصلاح لفترة طويلة. وهذا بدون شك أولى نقط ضعف الإدارات المغربية حيث أن غياب التحليل التوقعي للمناصب والمؤهلات لا يسمح بتكوين رؤية على المدى المتوسط للحاجيات في مجال التوظيف، كما أن ضعف التحكم في التقنيات الحديثة للتوظيف وضعف المهنية لدى بعض المصالح المكلفة بتتبع شؤون الموظفين، كلها مجالات تحتاج إلى وضع برامج إصلاحية مدعمة لتلقي أهم إشكالية تطرح في مجال تدبير الموارد البشرية تتمثل بشكل أساسي في غياب استراتيجية واضحة تحدد الإطار المرجعي للكفاءات ونوعية التركيبة للموارد البشرية ومن تم يتحتم إيلاء العناية على الخصوص لـ:
– إعادة ضبط مساطر التوظيف؛
– تطوير برامج التكوين من أجل الإدماج الخاصة بالشباب الحاصل على الشهادات؛
– إحداث لجان المصادقة على التداريب قبل الترسيم…إلخ .
وعليه، فإن مسألة التوظيف في الإدارات العمومية ببلادنا أثبتت محدوديتها وفشلها لاعتبارات عدة:
– تحديد غير دقيق لحاجيات الإدارة: فحاجيات الإدارة تعد غير محددة بطريقة دقيقة ومستقبلية للوظائف والكفاءات،هذا يستلزم على الإدارات وضع تصور واضح ودقيق لحاجياتها الآنية والمستقبلية، وهو ما يعرف في مجال الموارد البشرية بالتدبير التوقعي. كما يلاحظ غياب برنامج على المدى المتوسط والبعيد للحاجيات في مجال التوظيفات.
– مركزية عملية التوظيف: إن عملية التوظيف لا زالت من مهام الإدارة المركزية ويتمثل ذلك في التدبير المركزي للمناصب المالية مما يستلزم لامركزية بهذه العملية .
– عدم التقيد بالمباراة كوسيلة للتوظيف: إن تعقد إجراءات تنظيم المباريات جعل المسيرين يحاولون تجاوزها وعدم التقيد بهذه الوسيلة، مما يستلزم مرونة كبرى في قانون المباريات
– ضعف التحكم في وسائل وتقنيات التوظيف: إن تقنيات التوظيف (دراسة الملف، اختبار إعدادي، إجراء المقابلات)،غير متداول لدى جميع الإدارات كما أن المسؤولين عن عملية التوظيف ينقصهم التكوين والتخصص في هذا المجال.
– وضع تصور واضح للتوظيف: على الإدارات أن تتوفر على تصور واضح لهدف التوظيف، انطلاقا من أعمال انتشار الموظفين، وصياغة مرجعية للكفاءات يتم من خلالها مراعاة التكوين النظري والعلمي، وكذا المهام المطلوب القيام بها .
– صعوبة قياس المردودية بالأنشطة الإدارية وعدم توفر معلومات كافية عن معدلات الأداء الفردي؛
– تعدد الجهات المتدخلة في تدبير الموارد البشرية وضعف التنسيق بين أجهزتها، ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر، حالة العلاقة ما بين الوزارة الأولى، الوظيفة العمومية، وزارة المالية، الإدارات المعنية، الجماعات المحلية والإدارة الوصية عليها…..إلخ (2) .
– إن التسليم بأن الإدارة لا يمكن أن تكون سليمة دون خطة محكمة ومستقبلية فيما يخص احتياجاتها من الأطر ذات الكفاءات الملائمة لتطور الإدارة نفسها، وتطور مهامها، وأنشطتها، التي يجب أن تساير التحولات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. والإدارات لا ثتير هذا المشكل إلا بمناسبة مناقشة ميزانية الدولة، ولكن وزارة المالية تحث دوما على التقليص من الاعتمادات التي يجب تخصيصها للموظفين والأطر. لذلك يتعين على الهيئة المسؤولة في الوظيفة العمومية أن تعمل بمساعدة الوزارات الأخرى على وضع برنامج محكم يرسم الحاجيات المستقبلية للإدارة فيما يخص الأطر الإدارية .
– ويترتب عن غياب التحديد العلمي السليم لاحتياجات الوحدات الإدارية من الموظفين والأعوان:
– عدم معرفة الحد الأمثل من الموظفين والأعوان الذي يتناسب مع احتياجات التشغيل الحقيقية للأنظمة الإدارية المعنية؛
– عدم تناسب الموظفين المختارين مع الاحتياجات من حيث التوجيه والإعداد .
– توزيع غير متكافئ للأعداد الموظفين على المستوى الجغرافي والقطاعي، وكذا بين مختلف المستويات الترابية للأطر حيث إن:
– 19 % من مجموع الموظفين باستثناء قطاع التربية والتكوين يمارسون عملهم بالمصالح المركزية؛
– 79 % من موظفي الإدارة ينتمون لخمسة قطاعات؛
– 51 % ينتمون إلى الأطر المرتبة في السلم 10 فما فوق؛
– تعدد الأنظمة الأساسية الخاصة بالموظفين وعدم انفتاحها على بعضها البعض مما يجعل تدبير الموارد البشرية أكثر تعقيدا؛
– اختزال تدبير الموارد البشرية في التدبير الإداري للموظفين نتيجة إكراهات الأنظمة الأساسية .
بالإضافة إلى ذلك هناك أسباب قانونية وتنظيمية، وذلك بارتباط التوظيف في الوظيفة العمومية المغربية بالمنصب الشاغر وليس بالوظيفة الشاغرة، كما ينص على ذلك الفصل 7 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، حيث تضطر الإدارات أحيانا إلى توظيف موارد بشرية جديدة ليست في حاجة إليها، ولكن فقط لأن هناك مناصب مالية شاغرة . و هذا في الوقت الذي نجد فيه إدارات أخرى تعرف نقصا في مواردها البشرية، لكنها لا تستطيع الزيادة في هذه الموارد، وذلك بسبب عدم توفرها على المنصب المالي الشاغر .
فالقانون الأساسي العام لم ينص على شكل بديل من أشكال التوظيف، الشيء الذي يحتم على الإدارة البحث عن حلول لتلبية حاجياتها الخاصة من الموظفين خارج المواصفات النظامية، ومن أجل تجاوز هذه الصرامة في التوظيف النظامي والأخذ بعين الاعتبار تطور حاجياتها، والتصورات الجديدة للمرفق العام لجأت الإدارة إذن إلى نظام توظيف مواز منفتح على الشغل، ويخرج تماما عن صرامة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
ويتعلق الأمر هنا، بتوظيف الأطر العليا بعقد، والتوظيف عن طريق رسائل الالتزام بالنسبة لمجموع أعوان الدولة المؤقتون، المياومون، الرسميون…إلخ).
إن الاستعمال المتزامن لمساطر التوظيف النظامي،وغير النظامي، نتج عنه ميلاد وظيفة عمومية ثنائية، الأولى نظامية والأخرى استثنائية، أدت بالتالي إلى تدبير معقد أفرزت مطالب متنوعة من ضمنها ترسيم المؤقتين وإدماج المتعاقدين داخل الوظيفة العمومية.
وفي غياب تنظيم هذا النوع من التوظيفات أو وضع حد له، حبلت الإدارة بيد عاملة لم تكن دائما في حاجة إليهم، وما زالت تدير شؤونهم لغايات اجتماعية .
كذلك الشأن بالنسبة للجماعات المحلية، لأنه لا يمكن لسياسة التوظيف ان تحقيق النتائج المتوخاة منها ما لم تعتمد التخطيط لمعرفة الحاجيات الفعلية لكل جماعة على حدة. وبالموازاة مع ذلك تخفيض فئة أعوان التنفيذ عن طريق تجميد التوظيف في هذا النوع من الوظائف، لأن الجماعات المحلية أصبحت تعرف فائضا في عددها مع أن دور هذه الفئة محدود.
ويتعين أيضا عقلنة توظيف اليد العاملة، وتمكينها من أداء دورها الحقيقي بدل حشرها وتجميعها في المكاتب الإدارية، ووضع ضوابط دقيقة لتشغيلها، يجعلها يد عاملة متخصصة عن طريق التكوين وإعادة التأهيل .
بالشكل الذي يخوله القيام بمهامه على أحسن وجه. ومن هذا المنطق، أصبحت التقنيات الحديثة، مسألة مرتبطة حاليا بالقدرة على الوجود والاستمرار في سوق المنافسة.
إن صورة الإدارة العمومية وشواهدها يعتمد على كفاءة العنصر البشري المتواجد فيها، وإذا كانت الظروف التاريخية فرضت على المغرب ما بعد الاستقلال، ملء الفراغ الذي خلفته إدارة المستعمر، وبالتالي البحث عن الكم. فإنه حاليا أصبح لزاما على الدولة إعداد موظفيها على جميع المستويات للمساهمة إيجابيا في مجهود التنميةومن هنا، أصبح العنصر البشري هو المحرك الأساسي لكل تغيير، ومن ثمة فإن عملية الإصلاح الإداري ترتبط وترتكز على تأهيل الفرد والرفع من كفاءته المهنية وتكوينه على التقنيات الحديثة .
إن أول ما أثار انتباهنا خلال هذا البحث ونحن نقوم برصد مواطن العجز وبؤر الفساد بالإدارة الجماعية هو أن المسؤولين بهذه الإدارات لا زالوا لا يستوعبون تماما الفرق بين مفهوم التسيير وحسن التدبير أو الحكامة خصوصا حكامة الموارد البشرية ، بل قد أبانت لنا الدراسة أن حتى بعض المسؤولين الذين يظهرون نظريا أنهم يعطون مفهوما يبدو واضحا من خلال خطاباتهم السياسية حول الديمقراطية ، يرددون هذه المفاهيم فقط.
من هنا بدأت تطرح علينا عدة أسئلة :
– كيف يمكن خلق شروط ملائمة لحسن تدبير العنصر البشري الجماعي ؟
– ما هي المعايير التي يمكن العمل بها ؟ و الوسائل التي يجب استعمالها للوصول إلى تدبير حكيم وفعال للعنصر البشري المعمول عليه لتحقيق التنمية المحلية ؟
– ما هي الشروط الملحة و التي بدونها لا يمكن الحديث عن حكامة الموارد البشرية الجماعية ؟
إن كان من الواجب الأكاديمي الفصل و التمييز بين الحكامة المتعلقة بالجوانب الإدارية المحلية و الحكامة المتعلقة بالجوانب السياسية . فإن الواقع الذي له القدرة على الإجابة على الأسئلة السابقة ، يجعل ذلك غير ممكن من منطلق أن أي مشروع مجتمعي على المستوى السياسي يرتبط بأشخاص مسؤولين يمارسون السياسة ويسيرون هذا المجتمع سواء من خلال المجتمع المدني أو على مستويات أخرى من شأنها أن تدخل في نسق الحكامة عموما القادر على جعل المنظومة الإدارية تصل إلى فعاليتها العامة و المنشودة وترد مصداقيتها ومشروعيتها و بالتالي ثقة المواطن فيها وهذا الأمر يتضح جليا من خلال معيارين هما الجودة و المشاركة .
إن ثمة شروط ضرورية ، وبدونها لا يمكن الحديث عن تدبير جيد للموارد البشرية:
1- احترام قواعد اللعبة : إن الحكامة نتاج وضع عام قبل أن تكون أسلوبا للتسيير، وعليه فإن الديمقراطية الجماعية هي أفضل سبيل ومجال لتدبير الموارد البشرية ، فهي تمكن من تفتح المجتمع المدني و النخبة المثقفة و المواطنين المحليين عموما على تعلم الممارسة الإدارية . فالجماعات الحضرية و القروية يجب أن تشكل البنيات القاعدية للامركزية، بحيث تصبح مجال لتعلم ممارسة الإدارة و معرفة ماهية مسؤوليتها ؟
فالديمقراطية المحلية تعني المشاركة المكثفة في التسيير المحلي، فالمواطن ناخبا أو منتخبا كان في المكتب أو خارجه، أو كمواطن عادي، يراقب دورات المجلس وأعماله ومنجزاته وخرقاته. وعلى هذا الأساس فإنه من الواجب الانخراط في التوجه العالمي وفق المفاهيم الكونية المتعارف عليها اليوم من قبيل : الحرية واحترام حقوق الإنسان والديمقراطية واحترام القانون، لكن هذا الإنخراط لا يتم إلا بالموازاة مع تطوير المجتمع خاصة وأن الأمر هنا يتعلق بمورد إنساني.
إن مطلب الحكامة الذي يجعل من الجماعات الترابية بمقاولات مواطنة يقتضي من المنتخبين و الموظفين و الأطر العليا و رجال السلطة الوصية أن يشاركوا في تنمية جماعاتهم كل حسب ما تخوله النصوص و الإمكانيات العملية، وأن تكون المشاركة الفعلية لكل هذه العناصر بنفس الاهتمام و الوعي وذلك بتفعيل هذه المشاركة الذي يبدأ من قراءة تدبيرية للنصوص القانونية المنظمة للعمل الجماعي سواء بالنسبة للمنتخب أو الموظف فهذه الأخيرة ما هي إلا تنظيم للعمل وتحديد لأدوار العناصر البشرية المحركة للجماعة حضرية كانت أم قروية .
إن ثقافة المشاركة توسع من دائرة القبول سواء بالنسبة للبنية الداخلية للإدارة أو بالنسبة لمحيطها الخارجي ، فهي تجعل المواطن في أي موقع كان يحس بالتزاماته ومسؤول بحجم موقعه. فالمشاركة تخرج الجماعة من عزلتها وتخلفها من خلال الشراكات والتضامن مع جماعات أخرى أو مع المركز أو المجتمع المدني المحلي أو الخواص لان ارتقاءها ارتقاء لهم وتأمين لمصالحهم .
2- فعالية الإدارة : لقد أصبح من المستحيل في ظل العولمة و التحولات التكنولوجية أن تبقى الإدارة بالجماعات الترابية بعيدة عن كل هذا التحول، و المقصود هنا هو عقلنة الأداء المناسب بالطرق المناسبة وفي الأوقات المناسبة.
ففعالية الإدارة الترابية تتطلب أولا وقبل كل شيء مجموعة من المهارات الفنية والفكرية أو التصورية وكذا المهارات التشخيصية في القائمين على هذه الإدارة من رؤساء المجالس ومنتخبين عموما ورؤساء الأقسام وغيرهم من المسؤولين.
ومن هذا المنطلق فان المنتخبين الجماعيين في حاجة إلى تكوين وإلى أن يتعلموا كيف يصاغ القرار إداريا و اقتصاديا و اجتماعيا ، وكيف تصبح السياسة ممارسة يومية تسهل الاطلاع على الشأن العام المحلي وتنتج الأطر الكفأة.
إن العنصر المنتخب يعد من أهم الفاعلين ضمن الشراكة التي تتطلبها الحكامة في التدبير، والتدبير الجيد للموارد البشرية الترابية خصوصا، ويبرز هذا من دوره التمثيلي للمواطنين في التسيير وكذلك بحكم الاختصاصات التي تعطيه حق التدخل . وهذا الأمر يقتضي مقابلة هذه الأهمية بالصفات التقنية و السياسية المنتظر توفرها في هذا العنصر مهما كان موقعه في المجلس الجماعي. وتصبح هذه الصفات أكثر إلحاحا بالنسبة لرؤساء المجالس أو من ينوبون عنه أو فوض لهم بعض اختصاصاته، فالرئيس الذي يشكل الجهاز التنفيذي عليه أن يعرف كيف يقرر وكيف يسير الموظفين وكيف يدبر الميزانية وكيف يتم إلتماس استخدام القوة العمومية في إطار الشرطة الإدارية وغير ذلك، واضعا نصب عينيه تحقيق هاجس المردودية و الجودة ، وهذا الأمر نراه صعبا بل ومستحيلا في الغالب بالنظر إلى المستوى الدراسي الذي تطلبه المشرع بالنسبة لهذا العنصر .
3- بناء الشفافية : لا يمكن الحديث عن مجتمع ديمقراطي متطور في غياب قيم النزاهة والشفافية فهذه الأخيرة ركيزة حيوية لمنظور حسن التدبير فهي تهيئ المواطن المسؤول والواقعي المتحمس، فهي تحفيز للمشاركة في التدبير والابتعاد عن الضبابية وعدم الوضوح.
4- تغيير السلوكات بدءا من المسير نفسه في إطار التأطير، لتأثير تصرفاته على محيطه، فلا يجب أن نخطأ ونعتقد أن التنظيم و الهيكلة الجيدة يمكن أن تعوض الدور الفاعل والحاسم للقيادة الجيدة و الكفأة التي يتطلبها التدبير الحديث، وعليه فإن أول خطوة نحو حكامة جيدة للموارد البشرية الترابية تبدأ مع المواطنين عند اختيار ممثليهم الذين بدورهم سيشكلون القيادة .
5- وضع خطة إستراتيجية لتدبير الوسائل البشرية بالجماعات الترابية:
لمعالجة إشكالية التوظيف الذي كان يتم بعشوائية أدت إلى إثقال كاهن ميزانية الجماعات وإلى التضخم الوظيفي بهذه الجماعات خصوصا ببعض المصالح، وعجز واضح بمصالح أخرى. فقد كانت عملية التوظيف تتم دون ربطها بالحاجيات الحقيقية وسبب ذلك هو :
– غياب التحليل التوقعي للمؤهلات و الكفاءات وتحديد الحاجيات وغياب التوصيف الدقيق للوظائف ومناصب الشغل.
– ضعف آليات وتقنيات التوظيف الخاصة بدراسة الملفات و المقابلات و الاختيار الانتقائي، عند القائمين على هذه العمليات . وهذا يعبر عن ضعف المهنية والتكوين في مجال التدبير التوقعي و التخطيط للقوى العاملة .
– مركزية التدبير وخصوصا على مستوى المناصب المالية.
– ضعف المراقبة الإدارية و القضائية.
إن الأهداف الإستراتيجية و المحددة لأي برنامج تطويري وإصلاحي خصوصا الإداري منه، تنبني على خطة تأخذ بعين الاعتبار عند القيام بعملية التوظيف بالجماعات الترابية:
– دعم توظيف الأطر العليا واعتماد منهجية الكفاءة.
– تلبية الحاجيات الملحة من الأطر التقنية خصوصا.
– عقلنة التوظيف فيما يخص أطر التنفيذ، وتفويت بعض الخدمات للقطاع الخاص، كالنظافة العمومية و الكهرباء وصيانة المجال الأخضر وغيرها من الخدمات…
لقد أصبح من المعلوم اليوم عند المهتمين بالعلوم الإدارية، أن هاجس تحديث وظيفة تدبير الموارد البشرية من الاختيارات الهامة لمجموع الإدارات و التي تقتضي تطوير آليات التسيير وكذا تحديث وعصرنة الإدارة بإدخال التقنيات التواصلية الحديثة – كالشبكة العنكبوتية – في تقديم خدماتها لما لهذه الآلية من أهمية في تبسيط المساطر الإدارية وضمان الشفافية .
كما أن مفهوم الإصلاح اليوم قد تغير بفعل التحولات التي عرفتها الأدوار، ومهام كل الإدارات وخاصة تلك المتعلقة بالجماعات الترابية – الحضرية و القروية – فهي لم تعد أداة لتطبيق السياسات الحكومية وتنفيذ القرارات السياسية ، بل أصبحت دعامة أساسية في التغيير الاقتصادي و الاجتماعي، وعليه فالإصلاح يجب أن يكتسب مظهرين اثنين :
الأول – مظهر استراتيجي شامل : ينبثق عن السلطة السياسية بهدف خلق إدارة قادرة على التكيف مع التحولات التي يشهدها المجتمع، و المهمة هنا ملقاة على كفاءات المنتخبين الجماعيين .
الثاني – مظهر قطاعي أو تقني : أي خلق مسلسل للتكيف الذاتي للجهاز الإداري الجماعي حيث يصبح الإصلاح و التطوير مجالا للمسؤولية المشتركة يستدعي من السلطة السياسية حصر الأهداف ضمن استراتيجيات في حضور التقنيين و الإداريين القائمين على تنفيذها، وذلك بإعداد خطة لإدارة الموارد البشرية مكونة من مجموعة نقط أساسية نذكر أهمها :
+ إعادة التنظيم المستمر للإدارة الترابية ، من خلال إعادة تنظيم هياكلها بما ينسجم مع مبدأ التطوير الإداري للوصول إلى الكفاءة ،وخصوصا تنظيم المصالح التقنية الجماعية عند وضع هيكل تنظيمي لكل جماعة حسب خصوصياتها وعملا بتوصيات المناظرة الوطنية الخامسة للجماعات المحلية وعملا كذلك بالدورية الوزارية المؤرخة في 24 فبراير 1983 حول تنظيم المصالح التقنية و تحديد مهام دور التقنيين ومهام المهندسين .
+ استعمال توصيف الوظائف العامة الجماعية ووضع توصيفات للخدمات ، وكذلك إجراء دراسة تفصيلية حول فروع الإدارة الجماعية.
+ تبسيط الإجراءات بالإدارات الترابية و المرافق التابعة لها و التي تقدم خدمات مباشرة للجمهور. وكذلك ضمان المرونة على مستوى تدبير الموارد البشرية من خلال تكوينها تكوينا يجعلها تمتاز بالوضوح و البساطة في إطار تواصلهم مع المواطنين وهو أمر يتحقق من خلال خلق لجان مختلطة تضم إداريين ومستفيدين على ألا تكون هذه اللجان هدفا في حد ذاتها.
+ إعداد وتنفيذ خطة وطنية وأخرى محلية للتدريب تتضمن : برامج متخصصة وأوراش عمل قطاعية، وبرامج الإدارة الترابية التنفيذية ، وبرامج تأهيل الموظفين حديتي التعيين، وبرامج للإدارة العليا وبرامج إعداد وتأهيل مسؤولي وحدات التطوير الإداري من خلال الاستثمار في تكوين المسؤولين عن مصالح تدبير الموارد البشرية وكذلك تنظيم وتبادل الخبرات المتراكمة بين المسؤولين في القطاعين العام و الخاص ومن الدراسات التي قامت حول الإصلاح الإداري ، وأخيرا برامج تدريبية حول التدقيق المالي و الرقابة و التفتيش الإداري.
+ وضع نظام متكامل للحوافز يستند إلى نظام فرعي لتقييم الأداء يعتمد على مؤشرات علمية واضحة قابلة للقياس ونظام فرعي للمكافآت و الجزاءات مرتبط بتقييم الأداء.
+ إعادة النظر في التشريعات القائمة التي تحكم العمل الإداري، وتأسيس نهج مراجعتها بصفة منتظمة للتأكد من أنها تفي بالغرض ولا تعرقل العمل الإداري.
وختام القول أن حكامة الموارد البشرية تقتضي وضع نظام متكامل بجوانبه التشريعية و التنظيمية و متطلباته المادية و البشرية، يستهدف تطوير فلسفة الإدارة المحلية والحكم المحلي في اتجاه تشجيع اللامركزية التنموية وتعزيز مبدأ المشاركة الشعبية.
المراجع:
الكتب:
– صالح المستف: التطور الإداري في أفق الجهوية بالمغرب من المركزية إلى اللامركزية، الطبعة الأولى، سنة 1989.
– محمد باهي: تدبير الموارد البشرية بالإدارات العمومية، الطبعة الأولى 2002، بدون مطبعة.
– منصف السليمي:الوظيفة الاستشارية والتغيير في المغرب،تجربة المجلس الوطني للشباب والمستقبل،دار توبقال الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1999.
– حميد ابو لاس: تدبير الموارد البشرية نموذج الإدارة الجماعية، مطبعة دار القلم، الطبعة الأولى 2005.
– فاطمة ألسعيدي منزروع: الإدارة المحلية اللامركزية بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2003.
– صالح المستف: الجهة بالمغرب رهان جديد لمغرب جديد، الطبعة الأولى 1993، المنشورات الجامعية المغربية.
الخطب:
الخطاب الملك الحسن الثاني يوم 14 ذي الحجة 1410 موافق 8 يوليوز 1990 الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة عيد الشباب، أعلن فيه عن إنشاء المجلس الوطني للشباب والمستقبل، خطب وندوات صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني، نشر وزارة الإعلام مارس 1990 – مارس 1991.
– خطاب صاحب الجلالة في افتتاح الاجتماع الأول للمجلس الوطني والمستقبل يوم الاثنين 22 ربيع الثاني 1411 – 12 1990 خطب وندوات صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني مارس 1990- مارس 1991، ص 179، نشر وزارة الإعلام.
– خطاب جلالة الملك الحسن الثاني بمناسبة عيد الشباب يوم 25 ذو الحجة 1411 هـ – 8 يوليوز 1991 م، خطب وندوات صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني مارس 1991 –مارس 1992، ص 85، نشر وزارة الإعلام.
– خطاب جلالة الملك الحسن الثاني أمام أعضاء المجلس بمناسبة افتتاح الدورة الثانية للمجلس الوطني للشباب والمستقبل في 17 محرم الحرام 1412 هـ / 30 يوليوز 1991 م، خطب وندوات صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني، نشر وزارة الإعلام، مارس 1991، ص 117.
– خطاب جلالة الملك الحسن الثاني أمام أعضاء المجلس بمناسبة افتتاح الدورة الثانية للمجلس الوطني للشباب والمستقبل في 17 محرم الحرام 1412 هـ / 30 يوليوز 1991 م، مرجع سابق، ص 118.
الخطاب الملكي بمناسبة الافتتاحية للدورة الثانية للمجلس بتاريخ 30 يوليوز 1991.
الرسائل:
– محمد الدكي: واقع التشغيل بالمغرب ورهانات المستقبل، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون الأعمال، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية، 1999 – 2000.
– هشام مخلص: التكوين الإداري وتأهيل العنصر البشري – نموذج التكوين بالإدارة الجماعية – ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الأول بسطات، السنة الجامعية 2007-2008،
– هند ابراش: الإصلاح الإداري في المغرب – الإدارة الأكترونية نموذجا –، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس أكدال، السنة الجامعية 2007 – 2008 .
– محمد صالح عبد الله الزرعوني: مرتكزات الإصلاح الإداري، بحيث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس أكدال، السنة الجامعية 2005 – 2006.
– صالح بشري: دور المجتمع المدني في تفعيل الإصلاح الإداري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس – اكدال، السنة الجامعية 2007.
– فاطمة الزهراء دريسك: المغادرة الطوعية من العمل في الوظيفة العمومية – مساهمة تحليلية في المنطلقات والتداعيات، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامهة محمد الخامس أكدال، السنة الجامعية 2007-2008.
– محمد الإمام ماء العينين: الوظيفة العمومية الجماعية، من تسيير شوؤن الموظفين الجماعيين إلى تدبير الموارد البشرية الجماعية، الجماعات المحلية بإقليم تارودانت نموذجا – ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2000 – 2001 .
– صلح الدين الجرمي: التكوين المستمر بالوظيفة العمومية المغربية – الواقع والافاق – ، بحث لنيل دبلوم السلك العالي في التدبير الإداري بالمدرسة الوطنية للإدارة، السنة الدراسية 2005 – 2006.
مقالات:
عبد الحق المرجاني: الموارد البشرية على ضوء القوانين الجديدة التي تهم الجماعة المحلية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 51 – 52، يوليوز – أكتوبر 2003 .
– حميد قهوي : تدبير وتاهيل الموارد البشرية من الرغبة إلى القدرة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 48 – 49 – يناير – أبريل 2003.
تقارير:
– تشغيل الشباب في الوسط القروي، الندوة الثانية للمجلس الوطني للشباب والمستقبل، الرباط 7– 8- 9، أكتوبر 1991.
– المملكة المغربية: تقرير التنمية البشرية 2003، الحكامة وتسريع التنمية البشرية، المندوبية السامية للتخطيط بتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، دجنبر 2003.
– وزارة الداخلية، المديرية العامة للجماعات المحلية: الجماعات المحلية في أرقام 2004، من ص 105 إلى 112.
– وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري: تحديث النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية لماذا وكيف؟ دراسات وأبحاث، 2 ابريل 2002.
– وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري: تدبير الموارد البشرية بالإدارة – المقاربة الجديدة للتحديث – ،دراسات وأبحاث، رقم 3 – أبريل 2004.
– Noureddine el Aoufi , Mohammed Bensaid: les jeunes mode d’emploi : chomage et employabilité au Maroc, économique critique, imprimerie Elite, 2008. Page 64
– Jelloul El Mabrouk: l’emploi des jeunes au milieu rural, vues Economiques N°2/92, revue semestrielle, dossier: l’emploi au Maroc page 69.
– Rapport d’activités , Relatif à l’exercice 2007 présenté à sa majesté le roi par Ahmed el midaoui, première président de la cour des comptes 316 a 709
اترك تعليقاً