دراسة وبحث قانوني هام عن الأنظمة الجبائية
1- مقدمة:
أ- تعريف الجباية:هي اقتطاعات نقدية تقوم بها الدولة علي الأفراد لتغطية نفقات الدولة و تكون علي شكل ضريبة أو رسم.
ب- تعريف الضريبة:هي اقتطاع مالي نقدي جبرا للدولة مساهمة من الفرد في تكاليف و الأعباء العامة.
ج- تعريف الرسم: هو المبلغ الذي يدفعه الفرد في كل مرة تؤدى إليه خدمة معينة تعود عليه بنفع خاص ينطوي في نفس الوقت على نفع عام.
د- الإتاوة: تأخذ الدولة بمبدأ الإتاوة نتيجة تقديم عمل عام له مصلحة عامة فهي مبلغ من المال يساهم به ملاك العقارات جبرا أي أنه يعود بمنفعة خاصة إلى فئة معينة من المواطنين.
تتفق الأتاوة مع الرسم في كونها:
· تكون مقابل النفع الذي يكون على الفرد.
وتختلف معه في كونها:
· مقابل نفع عاد من عمل لا خدمة معينة مقدمة.
· تدفع دون أن يستشار المستفيد بها أو طلب إذن منه.
· تخص فئة معينة وهم الملاك لا على من يطلب الخدمة في حالة الرسم أي كارتفاع القيمة الرأسمالية للعقارات كنتيجة لقيام المشاريع وبالتالي لا يتكرر دفعها خلافا للرسم الذي يدفع في كل مرة تطلب فيه الخدمة.
ه- الغرامة: هي مبلغ من المال تقره الدولة على أي شخص يخالف القانون مثل مخالفة بناء أو مخالفة قواعد المرور فهي إذن:
· تدفع بسبب مخالفة القانون أما الرسم فيكون بسبب طلب الخدمة.
· تدفع جبرا أما الرسم فيدفع حسب اختيار الشخص لقبول الخدمة أو رفضها.
· لا تعود بالنفع المباشر على الفرد أما الرسم فيكون النفع مباشر.
2- النظام الجبائي:
هو الهيكل المتفرد بملامحه و طريقة عمله لتحقيق أهداف المجتمع ، و هو الإطار الذي تعمل بداخله مجموعة من الضرائب التي يراد باختيارها و تطبيقها تحقيق أهداف السياسة الضريبية.
كما أن المفكرين الاقتصاديون و علماء المالية يرون أن النظام الضريبي يتراوح بين مفهومين واسع وضيق ، فهو في المفهوم الواسع:”مجموعة العناصر الأيديولوجية و الاقتصادية الفنية التي يؤدي تركيبها إلى كيان ضربي معين”. أما مفهومه الضيق:”فهو مجموعة القواعد القانونية و الفنية التي تمكن من الاقتطاع الضريبي و ذلك في مراحله المتتالية من التشريع الي الربط و التحصيل”.
3- أهداف و أغراض النظام الضريبي:
لم يعد ذلك المنبع الذي ترتشف منه الدولة حاجتها من الأموال فحسب و إنما ذلك الدور الكلاسيكي و أضيف إلى رصيده عدة أدوار أخرى نلمس أهميتها في المجلات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية.
أ- هدف مالي عام:
موازنة الميزانية العامة و هي الهدف التقليدي.
ب- هدف اقتصادي عام:
إن الضريبة وفقا للفكر المالي المعاصر يمكنها أن تؤثر علي الدخل و الادخار و الاستثمار و بالتالي الضريبة تلعب دورا هاما في :
· الوصول إلى حالة الاستقرار الاقتصادي بعيدا عن حالتي التضخم و الانكماش ففي الأولي تقوم بامتصاص الفائض من النقود لدي الناس عن طريق الضريبة أو العكس في حالة الانكماش تنخفض سعر الضريبة و تتوسع في الإعفاءات للوصول إلى مستوى التشغيل الكامل.
· تشجيع الاستثمارات في المشاريع الصناعية و الزراعية المراد ترقيتها عن طريق التخفيض من سعر الضريبة أو تعفي أصحاب هذه المشاريع من دفع الضريبة علي أرباح الشركات لسنوات الثلاثة الأولي من بداية النشاط.
· استعمال الضريبة كأداة التوجيه الاقتصادي عن طريق التقليل أو المغالاه في سعر الضريبة حسب القطاعات التي تريد الدولة تشجيعها أو سحبها.
ج- هدف اجتماعي:
تتمثل في:
· تحقيق قاعدة العدالة و المساواة في فرض الضريبة و ذلك بمساهمة كل فرد في التكاليف و الأعباء العامة حسب مقدرته التكلفية.
· الحد من التفاوت في توزيع الدخول و الثروات و هذا بين المواطنين و ذلك بزيادة العبء عن ذوي الدخول المرتفعة و تخفيضه إلى أقصى حد ممكن من ذوي الدخول المنخفضة عن طريق الضرائب المتصاعدة أو الإعفاء الكلي من الضرائب للذين لا يتجاوز دخلهم السقف المعين من الضريبة هو ما يعادل الأجر المضمون.
د- هدف سياسي:
استعمال الرسوم الجمركية لحماية الإنتاج المحلي بفرض نسب مرتفعة علي البضائع المستوردة المنافسة للبضاعة المحلية.
4- القواعد الأساسية للضريبة:
يقصد بقواعد الضريبة المبادئ التي يستحسن أن يسترشد بها الشرع المالي وتهدف هذه القواعد إلى تحقيق مصلحة أفراد
المجتمع من جهة ومصلحة الخزينة العامة من جهة أخرى وهذه القواعد هي:
أ- قاعدة العدالة:
مضمون هذه القاعدة أنه يجب عند فرض الضرائب مع مراعاة تحقيق العدالة في توزيع الأعباء العامة بين المواطنين حسب قدراتهم.
ب-مبدأ اليقين:
بمعنى أن تكون الضريبة واضحة من حيث المقدار وموعد وكيفية الدفع، وتؤدي مراعاة هذه القاعدة إلى علم الممول بالضبط بالتزاماته اتجاه الدولة، ومن ثم يستطيع الدفاع عن حقوقه ضد أي تعسف أو سوء استعمال للسلطة من جانبها.
إن استقرار نظام الضريبة وثباته (تفادي كثرة التعديلات) يخفف من العبء من خلال اعتبار الممول على دفعها بشكل منتظم ومعتاد.
ج- قاعدة الملائمة في الدفع:
بمعنى أن تكون إجراءات فرض وتحصيل الضريبة ومعاد جبايتها لظروف الممول وطبيعة عمله ونوع النشاط الاقتصادي الذي يزاوله أو المهنة التي يمارسها، وعكس ذلك قد يؤدي إلى التهرب الضريبي، ولهذا يعتبر الوقت الذي يحصل فيه الممول على دخله أكثر الأوقات ملائمة لدفع الضرائب المفروضة على كسب العمل وعلى إيراد القيم المنقولة.
وقد نجم عن تلك القاعدة(قاعدة الحجز عند المنع) وهي أحد القواعد المتبعة في تحصيل الضرائب، وتعد وسيلة مناسبة في كثير من الأحيان حيث تخفف من شعور الممول بعبء الضريبة وتضمن غزارة الحصيلة بالإضافة إلى تسهيل عملية الدفع.
د- قاعدة الإقتصاد في نفقات الجباية:
تقضي هذه القاعدة بأنه يجب على الدولة أن تختار طريقة الجباية التي تكلفها أقل النفقات أي رفع كفاءة الجهاز الضريبي حتى يكون الفرق بين ما يدفعه الممول وبين ما يدخل لخزينة الدولة أقل ما يمكن.
ه- المرونة: بحيث يتمكن النظام الضريبي من مراعاة التغيير في تحصيل الضريبة مما يتناسب والتغير في الدخل القومي وبنفس الإتجاه.
5- تقنيات الضريبة (التنظيم الفني للإستقطاع الضريبي):
بعد تحديد الدولة مقدرة الدخل القومي و كذلك أسس إخضاع هذا الدخل ، يجب عليها أن تختار من القواعد الفنية ما يمكنها من تنظيم الكيان الضريبي و هناك تنوع في القواعد الفنية لتنظيم هذا الاستقطاع الضريبي و معقدة ، لذا يجب علي الدولة أن تنسق بين هذه القواعد حتى يكون النظام الضريبي في الدولة متماسك البنيان و يقصد بالجانب الفني للاستقطاع الضريبي مجموعة العمليات التي تمكن من إنشاء الضريبة و تحصيلها.
و سنتناول فيه المراحل المختلفة لإنشاء الضريبة وهي :
أ- تحديد الوعاء :أي العناصر التي تخضع للضريبة ثم تقديرها و إعطاء قيمتها.
ب- الربط: القرار الذي يتم فيه الصدور من طرف السلطة لتنفيذ السلطة.
ج- التحصيل: أي جبايتها.
أ- تحديد الوعاء:
تعني هذه المرحلة تحديد العنصر الاقتصادي الذي تستفيد عليه الضريبة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة و تعيين أسلوب الوصول إلى هذا الوعاء و كيفية تقديره و تتخذ عملية تحديد العنصر الاقتصادي الخاضع للضريبة و أسلوب الوصول إليه و كيفية تقديره مظهرين أحدهما نظري و الأخر فني.
يبدو المظهر الأول عند دراسة المبادئ التي تبرز اختيار العنصر محل الإخضاع و نعني بهذا ما هي مبررات فرض الضريبة ما دون غيرها ؟ و يقوم الفني الضريبي بتقسيم هذه العناصر مبينا عيوب و مزايا كل منها تاركا الاختيار لاعتبارات سياسية و اقتصادية و اجتماعية.
أما المظهر الثاني فيتجلي من خلال أسلوب الوصول إلى المادة الخاضعة للضريبة و تقديرها و يعد الفني الضريبي الأساليب المختلفة لذلك و يملي علي المشروع الوسائل التي تحقق أهدافه المتنوعة و
المتعددة و التي يقصد بها إجراء تغيرات ذات صبغة اجتماعية و اقتصادية إلى جانب هدف التمويل و يمكن أن تكون المادة الخاضعة للضريبة ثروة كعقار ، منتوج أو خدمة، الدخل أو رأس مال ن و علي العموم يمكن تقسيم المادة الخاضعة للضريبة وفق طبيعتها إلى ضريبة علي الدخل و ضريبة علي رأس مال أو ضريبة علي الإنفاق و تعد الضرائب علي الدخل من أوسع أنواع الضرائب انتشارا لكونها المصدر الطبيعي المتجدد للضريبة كفريضة متكررة كما أنه العنصر الاقتصادي الذي تقع (إلا في حالات استثنائية) عليه كافة الضرائب علي اختلاف أشكالها كما أن الدخل يعتبر أحد لمعايير الرئيسية التي ينظر من خلالها لقدرة المكلف علي الدفع.
لتفسير أكثر تحديد عناصر الوعاء يستند إلى قاعدتين هما:
· تعدد العناصر: و نعني به التمييز بين الضريبة الوحيدة و الضريبة المتعددة.
· تنوع الضرائب: و نعني به الضرائب المباشرة و التي تخضع علي الدخل أو الثروة و أيضا الضرائب الغير مباشرة أي الضرائب علي الإنفاق.
تحديد أو تقدير الضريبة أي الطرق المختلفة لتقدير المادة الخاضعة لضريبة:
هناك عدة طرق مباشرة و هي طريقة الإقرار(من المعني أو المكلف أو الغير، يمكن لغير أن يصرح بهذا الإقرار)، و هناك طريقة غير مباشرة و يتم هذا عن طريق بعض المظاهر الخارجية لنشاط الشخص أي من خلال هذه المظاهر الخارجية يتم تقدير الضريبة، و هناك طريقة أخرى و هي التقدير الجزافي أو الإداري و يتحدد مقدار المادة الخاضعة للضريبة بناءا علي أدلة أو قرائن متوفرة لدي اعتبار للمقدار الحقيقي و هذا الأسلوب في التقدير سهل نسبيا لذلك يلجأ إليه الكثير من الأنظمة الضريبية.
غالبا ما يفرق بين نوعين من التقدير الجزافي :
· الجزافي القانوني: تستعمل خاصة في تقدير الأرباح الصناعية حيث يحدد القانون المعامل الذي تفرضه القيمة الإجبارية للاستثمار بناءا علي بعض المعطيات المتوفرة و القرائن القانونية الذي يحددها المشرع.
· الجزافي الإتفاقي: تجرى إدارة الضرائب اتفاق مع الممول حيث رقم أعماله المسجل في الدفاتر المحاسبية و بناءا عليه تحدد مصلحة الضرائب المبلغ الواجب دفعه.
ب- الربط:
يراد بربط الضريبة تحديد مبلغها الذي يجب علي الممول دفعه نقدا و تحديد هذا المبلغ يتم أولا بتحديد وعاء الضريبة أو المادة الخاضعة لها ولاختيار أسلوب الوصول إلى هذه المادة أهمية خاصة لما لها من علاقة وطيدة بمدي فعالية النظام الضريبي و عدالته فلا يجب أن يكون هذا التقدير أقل من الواجب فتقل حصيلة و من ثم التقليل من فعالية النظام ، و لا يجب أن يغالي فيه فيكون التقدير أكبر من الحقيقة و هذا بالطبع مدخل بالعدالة الضريبية المفروضة و من ثم عدالة النظام الضريبي ككل ، فهناك عد طرق معينة في تحديد و تقدير المادة الخاضعة للضريبة و يعتمد عليها المشرع و يمكن تلخيصها في طريقتين أساسيتين هما :طريقة التقدير الحقيقي، طريقة التقدير الجزافي .
ج- تحصيل الضريبة:
تتبع إدارة الجباية طرق مختلفة لتحصيل الضريبة بحيث تختار كل ضريبة طريقة التحصيل المناسبة التي تحقق كل من الاقتصاد في النفقات الجبائية و الملائمة في تحديد مواعيد أدائها بحيث تعمل الأنظمة الضريبة الحديثة علي الحد من حساسية المكلف بالضريبة اتجاه التزاماته بها.
و يمكن أن تحصل الضريبة المباشرة من المكلف بها لصالح مصلحة الضرائب و ذلك بعد انتهاء الربط النهائي ، هذه الطريقة مطابقة في بعض أنواع الضرائب المباشرة و الضرائب علي النشاط الصناعي و التجاري بحيث يقوم المكلف بدفعها مباشرة لمصلحة الضرائب و قد تتبع هذه الطريقة الأقساط المقدمة و التي يقوم الممول بمقتضاها بدفع أقساط دورية خلال السنة الضريبية طبقا لما يقدمه من دخله المحتمل ، أوجب قيمة الضريبة المستحقة من السنة الماضية علي أن تتم التسوية النهائية للضريبة فيما بعد ، هذه الحالة مجسدة في الضريبة علي أرباح الشركات (ibs) ، و أخيرا قد تلجأ مصلحة الضرائب الجبائية حيث تحصيلها لبعض أنواع الضرائب إلى طريقة الحجز من المنبع التي تمكن الخزينة العامة بتحصيل الضريبة باستمرار و هذه الحالة مجسدة في الضريبة علي الدخل الإجمالي (irg).
8- أثر النظام الضريبي على السياسة النقدية:
يؤثر النظام الضريبي على التوازن الاقتصادي الكلي من خلال أثر الضرائب على الدخل، لأن زيادة الضرائب تؤدي إلى تخفيض الجزء من الدخل المخصص للإنفاق على الاستهلاك و تخفيض الادخار الذي يتم توجيه فيما بعد إلى الإنفاق على الاستثمار أي أن زيادة الضرائب تؤدي إلى تخفيض بعض عناصر الإنفاق الكلي، لأنها تؤثر على الاستهلاك ( تأثير مباشر و الاستثمار، تأثير غير مباشر).
اترك تعليقاً