بحث قانوني كبير عن التنظيم القانوني للمنظمات النقابية
إذا كانت المنظمات النقابية تشترك في نقطة التأسيس و الحل فإنها في تأديتها للنشاط الذي أنشئت لأجله تختلف من منظمة إلى أخرى ، إذ خص المشرع المنظمة التمثيلية فقط ببعض االمهام دون غيرها ، و على ذلك سنتناول الأحكام المتعلقة بالوجود القانوني للمنظمات النقابية في مطلب أول و في مطلب ثان نتناول الأحكام المتعلقة بالمنظمات النقابية التمثيلية .
المطلب الأول : الوجود القانوني للمنظمات النقابية .
إذا كانت ممارسة الحق النقابي حقا مضمونا دستوريا و معترفا به لجميع المواطنين ، فهل قيد المشرع ممارسة ذلك الحق و وضع شروط معينة يجب توافرها لإمكانية ممارسته أم ترك المجال مفتوحا لكل من يريد أن ينشىء منظمة نقابية دون أي شرط أو قيد ، إضافة إلى ذلك فهل المنظمة النقابية تهدف إلى تحقيق غرض محدد مسبقا في القانون أم أن تحديده يرجع إلى الإرادة الحرة للمؤسسين ؟ و بناءا عليه فهل من الممكن تصور أن يكون الهدف من إنشاءها هو ممارسة نشاط تجاري أو سياسي ؟
و إذا كان القانون العام منح لتكتلات الأفراد أو الأموال الشخصية المعنوية المستقلة عن شخصية المكونين لها ، و ذلك حتى تتمكن من ممارسة نشاطها القانوني بوصفها شخصا قانونيا مستقلا، و بما أن المنظمة النقابية عبارة عن تجمع من الأشخاص لممارسة نشاط معين و لتحقيق غرض معين ، فهل المشرع في سبيل تحقيقها للأغراض التي أسست من أجلها ، إعترف لها بالشخصية الإعتبارية أم لا ؟
و بإعتبار أن لكل شيء بداية و نهاية فإنه من الطبيعي أن تنتهي حياة المنظمة النقابية ، لكن هذه النهاية تكون مرتبطة بمدى مطابقة الأعمال التي تقوم بها النقابة للقانون، و في هذه الحالة من له الحق في تقرير مدى شرعية أعمالها من عدمها و بالتالي يكون له الحق في حلها ؟ و بالنظر إلى كون إنشائها حق وليس واجب فهل نجد نفس الحرية في إنهاء نشاطها و حلها من قبل أعضائها ؟
الفرع الأول : الهدف من وجود المنظمة النقابية و الشروط المتعلقة بتأسيسها .
أولا: الهدف من إنشائها .
طبقا للمادة 2 من القانون رقم 90 / 14 المؤرخ في 02/06/1990 و المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي المعدل و المتمم بالقانون رقم 91/30 المؤرخ في 21/12 /1991 و الأمر رقم 96/12 المؤرخ في 10/06/1996 فإن الهدف من إنشاء المنظمات النقابية هو الدفاع عن المصالح المادية
و المعنوية لأعضائها .
إن مصطلح الدفاع عن المصالح المادية و المعنوية واسع جدا إذ كل ما يعتبر داخل في إطار الدفاع عن تلك المصالح يعد من هدف المنظمة النقابية ، نعتقد أن المشرع حسنا فعل إذ لم يقيد المنظمة النقابية بمجال معين و ترك لها حرية كاملة في تحديده .
فإذا كان الأصل أن المنظمة النقابية تهدف إلى حماية مصالح العمال و الدفاع عن حقوقهم و تعمل على ترقيتهم إقتصاديا و إجتماعيا ، لذلك يجب أن يخضع موضوعها في إطار تحقيق أهدافها لمبدأ التخصص الذي يخضع له كل الأشخاص المعنوية ، حيث تتحدد أهليتها في التصرفات القانونية بالأغراض المنشأة من أجلها ، فلا يجوز لها إذن أن تخرج عن هذه الأغراض .
و من تم يمنع عليها أن تمارس التجارة أو تقوم بالمضاربة ذلك لأن طبيعتها توجب عليها ألا تهدف إلى تحقيق ربح مادي ، لكن لا يوجد ما يمنع أن تنشئ تعاونية إستهلاكية أو إنتاجية لخدمة أعضائها و المنخرطين فيها .
بالإضافة إلى ذلك ، فإنه يمنع على المنظمة النقابية أن تمارس الأعمال السياسية إذ إشترط المشرع الجزائري (1) أن يكون هدف المنظمة النقابية متميز عن أية جمعية ذات طابع سياسي ، كما إشترط أنه لا يجب أن ترتبط هيكليا أو عضويا بتلك الجمعية و لا حتى الحصول على إعانة أو هبات منها و لا المشاركة في تمويلها ، و ذلك حتى تبقى بعيدة عن النزاعات الساسية التي غالبا ما تؤدي إلى تصادم مع السلطة العمومية ، و لذلك وجب أن تكون طرف ا محايد ا في المجتمع .
لكن و بالرغم من أن نصوص التشريع لا تسمح لها بمزاولة العمل السياسي ، و على الرغم أيضا من حرص النقابات على عدم الإرتباط العضوي بالأحزاب السياسية و تأكيدها على إستقلالها تجاهها، فإن ذلك لا يحول دون ممارستها – في حالات كثيرة – لأنشطة ذات طابع سياسي ، و هي في الحقيقة الممارسة التي فرضتها مقتضيات دورها متنامي مهنيا و وطنيا ، إذ غالبا ما تتأثر الحياة الإجتماعية في المجتمع بالحياة السياسية و حتى بالحياة الإقتصادية ، إذ كل هذه القطاعات متداخلة في بعضها البعض
و بالتالي لا يمكن للمنظمة النقابية في سبيل تحقيقها لهدفها المتمحور حول الدفاع عن المصالح المادية
(1) أنظر المادة 05 من القانون 90 / 14 .
و المعنوية للأعضاء أن تبتعد كل البعد عن القطاع السياسي للدولة و الذي يكون له تأثير كبير على حياة العامل بصفة عامة، لذلك فإن غالبية الفقه ذهب إلى السماح للمنظمة النقابية بممارسة الأنشطة النقابية ذات الطابع السياسي على أن لا تكون تلك الممارسة الهدف الأساسي الذي تسعى إليه ، بمعنى آحر فإن نشاط النقابات يصبح مرفوضا و غير م ش روع لو كان هدفها الرئيسي هو تأدية مهمة سياسية إ ذ يؤدي ذ لك إلى التصادم مع مبدأ التخصص و الدي يعتبر أحد المبادئ الجوهرية التي يقوم عليها النظام القانوني للنقابة .
و مهما كان الهدف من إنشاء المنظمة النقابية هو الدفاع عن المصالح المادية و المعنوية لأعضائها فإن
المشرع إشترط في المادة 21 من القانون 90 / 14 وجوب ذكر القانون الأساسي للمنظمة ذلك الهدف، و ذلك تحت طائلة البطلان .
– و بناء على ما سلف ذكره فإن القانون الأساسي للمنظمة النقابية الوطنية المستقلة لمفتشي العمل
( S.N.A.I.T ) تضمن الأهداف التي أسست من أجلها المنظمة (2) و تتمثل تلك الأهداف في :
· ضمان الدفاع و الحماية لمفتشي العمل أثناء ممارستهم لوظائفهم ضد كل نوع من الإهانة .
· المساهمة في حماية مفتش العمل و عائلته من الناحية الإجتماعية.
· العمل من أجل تمكينه من التمتع بكل الحقوق و الإمتيازات الإجتماعية المقررة من قبل التنظيمات سارية المفعول .
· المشاركة مع الإدارات المعنية لوضع الشروط الضرورية لتحسين مداخيل المفتشين و ذلك بربطها مع الجهود المبذولة .
· العمل من أجل تحسين وسائل العمل .
· تطوير و تحسين روح التضامن بين الأعضاء و مجموع مفتشي العمل مهما كانت رتبتهم.
· تشجيع المبادرات القاعدية و تسخير القوى اللازمة لتحقيق كل الأعمال التي تهدف إلى الصالح العام .
· العمل من أجل رفع المستوى المهني لمفتشي العمل ، و المساهمة في كل نشاط من شأنه أن يؤدي إلى تعميم إستعمال التقنيات الحديثة في العمل .
· العمل على التفاهم مع المستخدم على الشروط الضرورية لإعلامه المستمر و ذلك على المستوى المهني .
· ضمان تمثيل مفتش العمل أمام كافة المؤسسات المعنية .
– أما الهدف من إنشاء الإتحاد الوطني للمؤسسات العمومية ( U.N.E.P ) فيتمثل (3) في :
· تمثيل أعضائه أمام السلطات العمومية و أمام الشركاء الإجتماعيين و أمام كل منظمة دولية .
· الدفاع عن المصالح الإقتصادية للأعضاء (المؤسسات) .
· تطوير و وضع وسيلة لتبادل المعلومات المهنية و التقنية و المساعدة في تحسين تقنيات التسيير.
· إضافة إلى تمكين الأعضاء الآخرين من التجارب و المعارف المكتسبة .
(2) أنظر المادة 6 من القانون الأساسي للمنظمة النقابية الوطنية المستقلة لمفتشي العمل ( s.n.a.i.t ) .
(3) أنظر القانون الأساسي للإتحاد الوطني للمؤسسات العمومية .
· و أيضا التنسيق بين نشاطات المؤسسات الأعضاء .
– ما يمكن ملاحظته من الإطلاع على أهداف كل من المنظمتين النقابيتين فإنهما يشتركان في
كونهما تهدفان إلى الدفاع بصفة عامة عن المصالح المادية و المعنوية للأعضاء و كذا تطوير وسائل الإنتاج المهنية و التقنية و تمثيل المنخرطين أمام كافة السلطات .
ثانيا : الشروط المتعلقة بتأسيسها .
إن التأسيس القانوني للمنظمة النقابية يخضع لشروط موضوعية و أخرى شكلية .
I – الشروط الموضوعية :
طبقا للمادة 02 من القانون رقم 90 / 14 فإنه لا يمكن تأسيس منظمة نقابية إلا بتجمع أشخاص يمارسون مهنة واحدة أو ينتمون إلى فرع واحد أو قطاع النشاط الواحد .
و عليه فإن الشروط الموضوعية لإنشاء المنظمات النقابية تتمثل فيما يلي :
1- شرط ممارسة مهنة:
وحدهم الأشخاص الذين يمارسون مهنة سواء كانت تجارية ، فلاحية أو صناعية لهم حق المشاركة في تأسيس نقابة أو الإنضمام إليها إذا كانت منشأة من قبل (4) .
إذن فأول شرط لتأسيس المنظمات النقابية هو كون المؤسسون أو المنخرطون فيها إذا كانت مؤسسة من قبل يزاولون مهنة، و هذا ما يفهم من عبارة “يحق للعمال الأجراء” الواردة في المادتين 02 و 03 من القانون 90/14 ، و يعرف العامل الأجير بكونه “كل شخص يؤدي عملا يدويا أو فكريا مقابل مرتب لحساب شخص آخر طبيعي أو معنوي، عمومي أو خاص يدعى المستخدم (5)، أي يجب أن تبقى علاقة التبعية قائمة بين العامل و المستخدم” .
لكن بالرجوع إلى القوانين الأساسية لكل من الإتحاد العام للعمال الجزائريين و المنظمة النقابية الوطنية المستقلة لمفتشي العمل فإن المادتين 05 و 08 منهما على التوالي تنصان على أن حق الإنخراط فيهما مضمون لكل عامل فكري أو يدوي أو متقاعد .
من الواضح أن القوانين الأساسية للمنظمتين النقابيتين المذكورتين تضمنت أحكام مخالفة للقانون ، إذ إشترط هذا الأخير حتى تؤسس النقابة -أو الإنضمام إذا كانت مؤسسة من قبل -هو كون الأشخاص المنخرطين فيها أو مؤسسيها لهم صفة عمال و ليسوا متقاعدين .
2- شرط الإنتماء إلى المهنة الواحدة أو الفرع الواحد أو قطاع النشاط الواحد :
إذا كان الغرض من تأسيس المنظمات النقابية هو الدفاع عن مصالح المهنة، فإنه من الواضح أنه لا يمكن تأدية هذا الدور و تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله إلا إذا كان موجود فعلا تضامن ما بين أعضائها ، هذا التضامن لا يمكن توافره إلا إذا كان الأعضاء يمارسون مهنة واحدة فتكون بذلك لديهم نفس المشاكل و يطمحون
(4) Relation collectives de travail/ droit du travail – voir page 17 (Bernard Teyssie)
(5) أنظر المادة 02 من القانون 90/11 المؤرخ في 21/04/1990 و المتعلق بعلاقات العمل.
إلى تحقيق نفس الأفاق و الأهداف ( كمهنة الصيدلة، المحاماة، التعليم، التجارة …….) .
إن الحكم السابق الذكر ، مطبق بكثير من اللينة، إذ يمكن للمنظمة أن تجمع أشخاص لا يمارسون مهنة و لكنهم يمارسون مهن تنتمي إلى فرع واحد إذ العمل المؤدى يخضع لنفس الإجراءات التقنية و يعتمد على نفس الوسائل (مثل عمل الخبازين و صانعي الحلويات) .
أما فيما يخص المهن الخاضعة لقطاع النشاط الواحد فتتميز بكونها تضم عمال لا يؤدون نفس المهنة و لكنهم يشتركون في إنجاز نفس المنتوج ، فالمنتوج هو الذي يحدد المهنة و ليس الحرفة (6) كنقابة عمال مصنع إنتاج السيارات و عمال البناء ، إذ حتى و لو كانت انتماءاتهم المهنية مختلفة فإنهم يمكنهم تأسيس نقابة طالما يساهمون جميعا ، كل في نطاق إختصاصه في إنجاز نفس المنتوج .
II – الشروط الشكلية:
حتى يكون تأسيس منظمة نقابية مطابقا للقانون فيجب توافر عدة شروط شكلية منها ما يتعلق بالمؤسسين، و منها ما يتعلق بما يجب أن يتضمنه القانون الأساسي و أخرى بشرط التصريح لدى المستخدم أو السلطة العمومية المختصة .
1- الشروط المتعلقة بالمؤسسين :
للدفاع عن مصالحهم المادية و المعنوية ، فإن المشرع الجزائري منح حرية تامة للعمال الأجراء أو المستخدمين الذين ينتمون إلى المهنة الواحدة أو الفرع الواحد أو قطاع النشاط الواحد أن يكونوا منظمات نقابية و ذلك عقب جمعية عامة تأسيسية تضم أعضاءها المؤسسين و الذين يجب أن يكونوا متمتعين بالجنسية الجزائرية الأصلية أو المكتسبة منذ 10 سنوات على الأقل ، و ألا يحرموا من حقوقهم المدنية و الوطنية ، و أن يكونوا راشدين و يمارسون نشاطا له علاقة بهدف المنظمة ، إضافة إلى أنه يجب أن لا يكون قد صدر منه سلوك مضاد للثورة الجزائرية (7) .
2 – الأحكام التي يجب أن يتضمنها القانون الأساسي و شروط التصريح به :
يوضع القانون الأساسي للمنظمة النقابية بعد عقد الجمعية التأسيسية، و يجب أن يتضمن هذا القانون، تحت طائلة البطلان أحكام واردة على سبيل الحصر في المادة 21 من القانون 90 / 14 تتمثل فيما يلي :
– الهدف من إنشاء المنظمة النقابية و تسميتها و مقرها .
– طريقة تنظيمها و مجال إختصاصها الإقليمي .
(06) Droit de travail : R Lyon. J. pellisier et A. supiot. Précis Dalloz 1996
(07) أنظر المادة 06 من القانون 90/14 السالف الذكر .
– فئات الأشخاص و المهن و الفروع أو قطاعات النشاط المذكورة في هدفها .
– الطريقة الإنتخابية لتعيين هيئات القيادة و الإدارة و تجديدها و كذلك مدة عضويتها.
– القواعد المتعلقة بإستدعاء هيئات المداولة و تسيرها .
– قواعد إدارتها و إجراءات مراقبتها .
– قواعد حساباتها و إجراءات رقابتها و الموافقة عليها .
– القواعد التي تحدد إجراءات حلها إراديا، و القواعد التي تتعلق بأيلولة الممتلكات في هذه الحالة .
و لتوضيح مايجب أن يتضمنه القانون الأساسي من أحكام إرتأينا أن نقدم مثال على ذلك ،و قد وقع الإختيار على الإتحاد الوطني للمؤسسات العمومية و المتكون من المنظمات النقابية للمستخدمين ، فبعد أن بين الهدف من تأسيس الإتحاد و شروط الإنضمام و الإنسحاب منه، نتاول طريقة التظيم و الإدارة و تسيير المجلس و المكتب إذ نص في المادة 10 منه على أن ” الإتحاد يضم هيئة تداولية (الجمعية العامة) و هيئة الإدارة و التسيير (المجلس و المكتب) .
· الجمعية العامة:
تضم الجمعية العامة مجموع الأعضاء و تجتمع على الأقل مرة واحدة في العام في دورة عادية و يمكنها كذلك أن تجتمع في دورات إستثنائية بناءا على إستدعاء المجلس أو بناء على طلب ربع الأعضاء ، و لا تصح مداولات الجمعية العامة عند الإجتماع الأول إلا بحضور نصف الأعضاء و إذا لم يكتمل النصاب فإنه يعقد إجتماع ثان في أجل شهر من الإجتماع الأول و هنا تصح مداولاتها مهما كان عدد الأعضاء الحاضرين .
و تتلخص مهام الجمعية العامة في إبداء رأيها في تقارير التسيير المالي و في ميزانية الإتحاد و التصدي للتجديدات فيما يخص الأعضاء أو المدير و الإدارة، تبني التعديلات الواردة على القانون الأساسي و المصادقة على الأموال و الأراضي التابعة للإتحاد و أيضا على قيمة الإشتراكات السنوية و قبول الهبات و الوصايا الممنوحة لها من قبل الغير و ذلك بعد التأكد من عدم تعارضها مع الهدف المسطر للإتحاد .
إن القرارات الصادرة عن الجمعية العامة تتخذ عن طريق التصويت بالأغلبية البسيطة غير أنه فيما يخص تعديل النظام الداخلي أو التنازل عن الأملاك المنقولة أو العقارية أو تجديد مكتب الإتحاد فإنه يجب أن يكون عدد المصوتين يقدر ب 3/2 ثلثي الأعضاء .
أما بالنسبة لتعديل القانون الأساسي فيتم بناء على طلب المجلس أو ربع( 4/1) أعضاء الإتحاد ،
و قرار التعديل يجب أن يصدر في إجتماع يضم ثلث( 3/1 )أعضاء الجمعية على الأقل ، و إلا فإنها تستدع ى لإجتماع آخر بعد مرور 15 يوم و هنا لا يشترط النصاب، و حل الإتحاد لا يكون إلا بواسطة 2/3 ثلثي الأعضاء الحاضرين .
· مكتب الإتحاد :
إن الإتحاد مدار و مسير من قبل : الرئيس ، أربع مساعدين أمين عام و أمين عام مساعد مكلف بالخزينة، و مساعد المكلف بالخزينة إضافة إلى مساعدين .
إن أعضاء مكتب الإتحاد منتخبين بواسطة الإقتراع السري من قبل مجلس الإدارة و ذلك لمدة 3 سنوات و تتمثل مهمتهم في إدارة و تسيير الإتحاد ما بين دورات المجلس و إضافة إلى ذلك فإنه مكلف بإحترام تطبيق أحكام القانون الأساسي و النظام الداخلي للإتحاد ، و كذا إحترام تطبيق التدابير و القرارات المتخذة من قبل المجلس و الجمعية العامة و كذا إدارة ممتلكات الإتحاد و تحديد إختصاصات كل رئيس و كل مساعد و وضع مشروع النظام الداخلي و إقتراح لتعديل القانون الأساسي و كذا قيمة الإشتراكات السنوية .
إن قرارات المكتب تتخذ بالأغلية البسيطة و في حالة تساوي الأصوات يرجح صوت الرئيس، و حتى تكون تلك القرارات سارية المفعول فيجب أن يكون حاضر في الإجتماع نصف (½ )أعضاء المكتب على الأقل .
إن الرئيس تتمثل إختصاصاته في تمثيل الإتحاد في الحياة المدنية و بالخصوص في اللجوء إلى القضاء و يوضع مقرر مفصل كل سداسي عن حياة الإتحاد و ما حققه و إعلام السلطات الإدارية المختصة بذلك .
· مجلس الإتحاد:
إن أعضاء المجلس منتخبين بواسطة الإقتراع السري لمدة 3 سنوات من قبل الجمعية العامة ،
و يجتمع المجلس كلما إستدعت الضرورة لذلك أو بطلب من المكتب أو من قبل رئيس الإتحاد الذي يترأس و يدير الجلسات .
لدراسة مشاكل ذات الطبيعة التقنية المحضة و المرتبطة بنشاط الإتحاد فإنه يمكن للمجلس بناء على طلب المكتب أن ينشأ تلك اللجان و التي يرجع إليه وحده تحديد عددها و أنواع أنشطتها و كيفية عملها .
و بعد أن بين القانون الأساسي الطرق الإنتخابية لتعيين الهيئات القيادية و كيفية تداولها لإصدار القرارات فإنه بعد ذلك تطرق إلى حقوق و واجبات الأعضاء و إلى الأحكام المتعلقة بسحب صفة العضوية و إلى موارد الإتحاد و في الأخير تناول القواعد المتعلقة بالحل الإرادي للإتحاد و إلى أيلولة الممتلكات إلى الجمعيات المماثلة له في الأهداف.
إذن فبعد عقد الجمعية العامة التأسيسية و وضع القانون الأساسي للمنظمة النقابية يصرح بتأسيسها و ذلك بإيداع نسختان مصادق عليها طبق الأصل للقانون الأساسي و قائمة تحمل أسماء و توقيع الأعضاء المؤسسين و هيئات القيادة و الإدارة و كذا حالتهم المدنية و مهنتهم و عناوين مساكنهم، مع إرفاقه بمحضر الجمعية العامة التأسيسية، لدى والي الولاية التي يوجد بها مقر المنظمة النقابية ذات الطابع البلدي أو المشترك بين البلديات أو الولائي، أما إذا كانت المنظمة ذات طابع مشترك بين الولايات أو وطني فإن تصريح التأس ي س يودع لدى الوزير المكلف بالعمل (8) ، و مقابل ذلك يسلم لهم وصل التسجيل من قبل السلطة المعنية خلال 30 يوما (9) على الأكثر من إيداع الملف ، و هنا تتساءل عن الطبيعة القانونية لهذه المدة ؟ و بعبارة أخرى ، و لما كان التصريح بالتأسيس يخضع لنظامين مختلفين ، نظام التصريح و نظام الإعتماد ، فإلى أي منهما يخضع تصريح تأسيس المنظمات النقابية في الجزائر ؟
من المعتاد أن تسليم وصل تسجيل أي وثيقة أو ملف لا يتطلب مهلة معينة ، إذ على السلطة المستلمة لتلك الوثيقة أن تدفع وصل التسجيل بمجرد الإستلام، فذلك الوصل يعتبر كوسيلة إثبات للتسجيل فقط ، ففي ماذا تتلخص الحكمة من منح السلطة العمومية (الوالي أو الوزير المكلف بالعمل) و المستلمة لتصريح التأسيس مهلة 30 يوما لتسليم وصل التسجيل .
حسب رأيي، فإن نية المشرع في منح تلك المهلة للسلطة العمومية ، تكمن في إعطاء فرصة كافية لهذه
الأخيرة لدراسة قوانينها الأساسية و تقرير ما إذا كانت مطابقة للقانون أم لا، و بالتالي فإن ذلك الوصل لا
يعتبر وصل التسجيل كما جاء تعبير المادة 08 من قانون 90/14 و إنما يعني تعبير السلطة العمومية عن إرادتها في قبول تأسيس المنظمة النقابية من عدمه ، إن ما يبرر هذا الرأي هو رفض وزارة العمل لتأسيس عدة نقابات منها المنظمة النقابية الإسلامية للعمل و الكنفدرالية الجزائرية لأصحاب العمل و الرابطة الإسلامية للتجار و الحرفيين.
(08) أنظر المواد 7، 9، 10 من القانون السالف الذكر .
(09) أنظر المادة 8 من القانون السالف الذكر .
الفرع الثاني: تمتع المنظمات النقابية بالشخصية المعنوية .
حتى تتمكن المنظمة النقابية من تأدية المهام المنوطة بها و الدفاع عن المصالح المادية و المعنوية لأعضائها فإن المشرع إعترف لها بالشخصية المعنوية و ذلك لمجرد تأسيسها قانونا، إن هذه الخاصية القانونية ضرورية من الزاوية العملية إذ تسمح للنقابة بتلقي الإشتراكات و قيامها بإبرام كافة أنواع العقود كعقود الإيجار و الشراء إضافة إلى إمكانية لجوءها إلى القضاء .
مما تقدم فإنه ينتج عن منح المنظمة النقابية الشخصية المعنوية تمتعها بذمة مالية مستقلة ، إمكانية إبرامها للعقود و لجوئها إلى القضاء .
أولا: الذمة المالية للمنظمات النقابية .
للمنظمة النقابية الحق في إقتناء أملاك منقولة أو عقارية مجانا (عن طريق الهبات و الوصايا) أو بمقابل (عن طريق الشراء) وذلك لتسهيل تأديتها لأهدافها المسطرة في قانونها الأساسي ، و على العموم فإن مواردها تتكون أساسا من إشتراكات أعضائها و التي يرجع تحديد قيمتها سواء إلى اللجنة التنفيذية أو الجمعية العامة للمنظمة (10) و على كل فإن القانون الأساسي للمنظمة هو الذي يبين الهيئة المكلفة بتحديد تلك القيمة و كذا كيفية دفعها بالإضافة إلى المداخيل التي يمكنها الحصول عليها من النشاطات التي تقوم بها و المرتبطة بهدفها، فإذا كان الهدف من تأسيس المنظمات النقابية هو الدفاع عن المصالح المادية
و المعنوية للأفراد فإنه يمنع عليها منعا باتا القيام بأي نشاط تجاري ، فإذا ما قامت بمثل هذا النشاط فإنها تعتبر مخالفة للقانون و هنا نتساءل عن حكم المادة 57 من القانون الأساسي للإتحاد العام للعمال الجزائريين التي ينص البند الرابع منها على ما يلي : “تتكون الموارد المالية للإتحاد من حاصل النشاطات و الإستثمارات ذات الطابع التجاري ، الإجتماعي و الثقافي . ” أيضا فإن ممتلكات المنظمة النقابية تتكون من الإعانات المقدمة لها من قبل الدولة ، وكذا الهبات و الوصايا التي تمنح من الغير شريطة أن لا تكون مثقلة بأعباء و شروط ، و إذا كانت تلك الأموال الموهوبة و الموصى بها من قبل منظمات نقابية أخرى
و هيئات أجنبية فإن المشرع منع المنظمة النقابية الموصى لها بالمال من قبولها إلا بعد موافقة السلطة العمومية المعينة (و المتمثلة في الوالي أو الوزير المكلف بالعمل) و ذلك من أجل التحقق من مصدر ذلك المال و مدى إ تفاقه مع هدف النقابة المسطر في قانونها الأساسي، و خاصة للـتأكد من عدم تولد أي ضغط من قبل الهيئة الواهبة أو تلك التي أوصت بالمال على المنظمة النقابية حتى تضمن إستقلاليتها التامة ، و عدم تبعيتها لأي منظمة نقابية أخرى أو هيئة أجنبية .
إذا كان المشرع إشترط على المنظمة النقابية لقبول المال الموهوب أو الموصى به من قبل هيئات
(10) أنظر المواد 58، 33 و 59 من القوانين الأساسية ل U.G.T.A P.E.N.U T.I.A.N.S على التوالي.
أجنبية أو منظمات نقابية أخرى موافقة السلطة العمومية المعينة ، إلا أنه منعها منعا باتا من قبول أي إعانة أو هبة أو وصية كيفما كان نوعها تدفع لها من قبل الجمعيات ذات الطابع السياسي و إلا كانت محل الحل القضائي أو توقيف نشاطها.
نتساءل هنا عن نية المشرع في وضعه لمثل هذا الحكم ؟ فإذا كان يقصد من ذلك ضمان عدم تبعية المنظمة النقابية للجمعية ذات الطابع السياسي فكان من الممكن أن يسمح بقبول ذلك المال لكن بشرط موافقة السلطة العمومية المختصة كما فعل مع الهبات و الوصايا الممنوحة من قبل المنظمات النقابية الأخرى أو الهيئات الأجنبية .
لكن المشرع ، و لقطع أية علاقة قد تشوب بين المنظمة النقابية و الحياة السياسية ، و لضمان إستقلالها التام، منعها من قبول أية إعانة تمنح لها من الجمعيات ذات الطابع السياسي .
ثانيا: إمكانية التعاقد .
النتيجة الثانية من تمتع المنظمات النقابية بالشخصية المعنوية هو إبرامها لعقود إو إتفاقيات مع منظمات نقابية أخرى أو مؤسسات أو شركات أو أشخاص طبيعية، شريطة أن يكون العقد المبرم مرتبط بأهدافها ، و عليه فإن النقابة تستطيع إبرام عقد تشغيل أو عقد إيجار أو إبرام إتفاقيات جماعية .
إن المشرع لم يحدد النشاطات و المجالات التي يمكن للمنظمات النقابية إبرام عقود فيها غير أنه وضع شرط واحد لذلك و هو أن تكون تلك الإتفاقيات أو العقود مرتبطة بهدفها. فما حكم إذن العقود التجارية و ما مدى شرعيتها ؟
إن الهدف من تأسيس المنظمات النقابية كما سبقت الإشارة إليه هو على العموم الدفاع عن المصالح المادية و المعنوية لأعضائها، و تحقيق هذا الهدف لا يتطلب قيامها بأي نشاط تجاري و عليه يعد باطلا لعدم شرعيته كل عقد تجاري تبرمه المنظمات النقابية مع الغير.
ثالثا : حق اللجوء إلى القضاء .
النتيجة الحتمية الثالثة لتمتع المنظمات النقابية بالشخصية المعنوية هو إمكانية لجوئها إلى القضاء ، و تدخل في نطاق المنظمات النقابية التي يمكنها ممارسة هذا الحق : إتحادات و إتحاديات أو كنفدراليات النقابات ، بينما الهياكل النقابية فلا يمكنها ممارسة ذلك (11) .
ووفقا لذلك، فإن المنظمة النقابية، كأي شخص طبيعي، يمكنها أن ترفع الدعاو ى ضد الغير للدفاع عن مصالحها و أملاكها و عن مصالح المهنة و عن المصالح الفردية و الجماعية لأعضائها ، و نشير هنا- في إطار المحافظة على أملاكها – أنها يمكنها حتى مرافعة أعضائها في حالة إخلالهم بالإلتزامات الملقاة على عاتقهم حسب ما يحدده القانون الأساسي (12) .
(11) أنظر الملحق رقم 2 .
(12) أنظر المادة 114 / 3 من قانون 90/11 .
(13) أنظر المادة 23 من القانون الأساسي للإ . ع . ع . ج .
و إذا كانت المنظمة النقابية تتمتع بحق اللجوء إلى القضاء بصفتها مدعي بحق ما، فإنه بالصورة العكسية
يمكنها أن تكون الطرف السلبي في الدعوى، أي كمدع ى عليها و ذلك بإعتبارها مسؤولة عن المخالفات التي ترتكب من قبل الهيئات المكونة لها، سواء كانت تلك المخالفات عقدية (مخالفة أحكام إتفاقية جماعية مثلا) أو تقصيرية (تنظيم إضراب غير شرعي)، غير أنها ليست مسؤولة عن المخالفات المرتكبة من قبل أعضائها، و بالتالي إذا ما خالف عضو أحكام إتفاقية جماعية فهو وحده المسؤول عن ذلك و ليست المنظمة النقابية التي ينتمي إليها (13) .
الفرع الثالث: توقيف و حل المنظمات النقابية.
أولا: التــوقــيـف .
إن توقيف نشاط المنظمة النقابية يكون على نوعين : توقيف قضائي و توقيف إداري .
التوقيف الإداري يعتبر تدبير إحترازي تقوم به السلطة العمومية المعنية و المتمثلة في الوالي أو الوزير المكلف بالعمل و ذلك إذا ما كان نشاط المنظمة النقابية مخالف للقانون أو غير منصوص عليه في قانونها الأساسي كأن ترتبط عضويا بأي جمعية ذات طابع سياسي أو الحصول على إعانات أو هبات و وصايا من قبلها أو كأن لا يكون الهدف من تأسيسها هو الدفاع عن مصالح العمال بل في ممارسة نشاط تجاري .
التوقيف الإداري يؤدي إلى توقيف قضائي ذلك لأنه طبقا للفقرة الثانية من المادة 27/2 من القانون رقم 90/14 و التي تنص على أن “تنتهي تدابير توقيف النشاط بقوة القانون إذا رفضت الجهة القضائية
المختصة الدعوى” ، ما يمكن فهمه من ذلك هو أنه عندما تصدر السلطة العمومية قرار توقيف النشاط فإنه يجب عليها أن ترفع دعوى للتثبيت، و السؤال المطروح هنا هو عن المدة الزمنية التي يجب فيها على السلطة العمومية رفع الدعوى؟ كان يستحسن على المشرع أن يحدد مجال زمني لرفعها ، فإذا لم ترفع خلال تلك المدة فإن قرار التوقيف يلغى أو يرفع بقوة القانون،غير أنه بعد وضع تلك الأحكام فإنه يمكن للسلطة العمومية أن تتعسف في ذلك ولا ترفع الدعوى ويبقى بالتالي نشاط المنظمة موقوف خاصة أن رفع دعوى التثبيت مقصور فقط على السلطة العمومية وذلك ما يفهم من عبارة ” إذا رفضت الجهة
القضائية ” وهنا أيضا كان يستحسن على ال مشرع ألا يقصر رفع الدعوى على السلطة العمومية إذ كان عليه أن لا يمنع رفعها من قبل المنظمة النقابية ذلك لأن هذه الأخيرة هي المتضررة من قرار التوقيف.
إن دعوى تثبيت التوقيف الإداري ترفع أمام القضاء الإداري ذلك لأن الإدارة كسلطة عمومية طرف فيها طبقا للمعيار العضوي المنصوص عليها في المادة 7 من قانون الإجراءات المدنية.
إذ كان التوقيف القضائي السالف الذكر جاء نتيجة لتوقيف إداري فإن هناك نوع آخر من التوقيف تختص به جهة قضائية أخرى غير القضاء الإداري و الذي يكون نتيجة لعمل إجرامي.
إذا ما كان نشاط المنظمة النقابية يشكل جريمة معاقب عليها في القانون فإنه يجوز للهيئة الفاصلة أن تأمر بإغلاق المؤسسة نهائيا أو مؤقتا في الحالات و الشروط المنصوص عليها في القانون و ذلك كتدبير أمني نصت عليه المادة 26 من قانون العقوبات (14) .
في الواقع إن نص المادة المتعلق بالتوقيف جاء غامضا إذ لم يحدد المدة التي يحكم فيها به، فطبقا للقواعد العامة إن التوقيف يكون لمدة محددة أو نهائي ، فهل يجوز أن يوقف نشاط المنظمة النقابية مؤقتا؟
وما هي النتائج المترتبة عن الحكم بالتوقيف النهائي ؟ لاشك أن ذلك التوقيف يؤدي إلى الحل النهائي للمنظمة و هنا يطرح السؤال التالي : هل يجوز أن يقضي بحل المنظمة كنتيجة لتوقيف نشاطها نهائيا أم أن دعوى الحل تكون مستقلة ؟
إن المادة 27 تشير إلى دعوى التوقيف فقط دون ربطها بأي دعوى أخرى أي أنه إذا كان الحكم قاض بالتوقيف النهائي فإنه يجب على السلطة العمومية أن ترفع دعوى الحل أمام القضاء الإداري و ذلك كما سيتم تفصيله لاحقا.
ثــانـيـا: الحــــــــل .
إن القانون الجزائري نص على نوعين من الحل: حل قضائي و حل إرادي أو إختياري ، يكون الحل إختياري بإتفاق أعضاء النقابة وفقا لرغبتهم و بمحض إختيارهم بناء على قرار يصدر عن الجهة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(14) المادة 26 ملغاة بالقانون رقم 06/23 المؤرخ في 20/812/2006 المعدل و المتمم لقانون العقوبات .
المختصة و المحددة في القانون الأساسي للمنظمة النقابية و التي غالبا ما تكون الجمعية العامة ، و بالرجوع إلى المادتين رقم 69 و 39 من القانونين الأساسين للمنظمة النقابية المستقلة لمفتشي العمل و الإتحاد الوطني للمؤسسات العمومية على التوالي فللجمعية العامة أن تقرر حل المنظمة النقابية لكن بشرط أن يكون ذلك القرار متخذ من قبل 3/2 (ثلثي) أعضاء المنظمة و إذا لم يكتمل هذا النصاب تجتمع الجمعية العامة مرة أخرى بعد مرور 15 يوما من الإجتماع الأول و لكن قرار الحل في هذه الحالة يكون نافذا بمجرد تصويت 3/2 الأعضاء الحاضرين بالموافقة على الحل، و في حالة الحل فإن الجمعية العامة تعين مصفي أو عدة مصفين لتصفية الأملاك المنقولة و العقارية للمنظمة و التي لا يمكن أن تؤول إلى أعضائها إلا فيما يتعلق بمساهمتهم العقارية .
أما الحل القضائي فيلجأ إليه بسبب ممارسة المنظمة النقابية لنشاط مخالف للقوانين المعمول بها أو غير منصوص عليها في قانونها الأساسي، أو قد ترفع الدعوى- كما سبقت الإشارة إليه- كنتيجة للحكم بالتوقيف النهائي لنشاط المنظمة.
و ترفع دعاوى الحل من قبل السلطة العمومية المع ني ة المتمثلة في الوالي أو الوزير المكلف بالعمل أو من قبل أي طرف له مصلحة في ذلك أمام الجهة القضائية المتمثلة في القضاء الإداري إذا كانت الدعوى مرفوعة من جهة الوالي أو الوزير المكلف بالعمل .
القضاء الجزائي : إذ يجوز لوكيل الجمهورية أن يتابع المنظمة النقابية التي يخالف نشاطها للقانون و يشكل جريمة، فإذا ما كانت أركان تلك الجريمة متوافرة فإن للمحكمة الجزائية أن تفصل بحل المنظمة النقابية . و كذلك يجوز للمحكمة أن تقضي بعقوبة تكميلية طبقا للمادة 15 من قانون العقوبات و ذلك بمصادرة أملاكها و التي يصبح مآلها للدولة (الخزينة العمومية) و هنا نتساءل عن قيمة المال محل المصادرة إذ أن المادة 9 من قانون العقوبات تنص على إمكانية الحكم بالمصادرة الجزئية للمال؟ فهل يجوز هنا مصادرة كل مال المنظمة ؟
و بما أن دعوى الحل يمكن رفعها أيضا من قبل كل شخص له مصلحة (كعامل منضم للمنظمة النقابية) فإن القاضي العمالي يكون له الإختصاص بحلها و ذلك طبقا للمادة 31 من قانون 90/ 14.
و على كل فإن حل المنظمة النقابية( سواء كان إختياري أو قضائي) ،فإنه يؤدي إلى آثار واحدة
و هي إنتهاء الشخصية المعنوية للنقابة و تصفية أموالها.
المطلب الثاني : المنظمات النقابية التمثيلية .
إن القانون الجزائري- كما سبق الإشارة إليه في المقدمة- أقر التعددية النقابية و أعطى حرية كاملة للعمال في إختيار النقابة التي يريدون الإنتماء إليها، إن هذه التعددية المقررة قانونا مرتبط بها مبدأ المساواة، و ذلك حتى تستند حرية العامل في إختيار النقابة التي ينضم إليها على أساس حقيقي دون أن يباشر إختياره بعوامل أجنبية عن المحيط النقابي ، و لهذا تتفق القواعد الدولية على ضرورة توفير شروط المنافسة المشروعة بين النقابات و رفض كل إجراء تمييزي يصدر عن السلطات العمومية لتفضيل نقابة على أخرى .
غير أن مبدأ المساواة بين مختلف المنظمات النقابية واجهته العديد من الصعوبات خاصة من ناحية تنظيم المهنة و بذلك ظهر مصطلح المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا، و هي تلك التي تعكس تمثيلا حقيقيا لعمال المهنة. و نتيجة لذلك فهي تتمتع في ظروف محدودة بمجموعة من الإمتيازات، تملك بمقتضاها صلاحية ممارسة بعض الوظائف على الصعيد المهني الوطني .
و حتى تكتسب المنظمة النقابية صفة التمثيلية وجب توفرها على شروط و معايير محددة من قبل القانون، ففي ماذا تتمثل تلك المعايير؟ و من هي السلطة التي تمنحها تلك الصفة ؟
الفرع الأول: المعايير القانونية للتمثيلية .
لتحديد ما إذا كانت منظمة نقابية تمثيلية أم لا، فإن المشرع الجزائري إعتمد على معياري الأقدمية و عدد المنخرطين أو نسبة الأعضاء الممثلين للمنظمة داخل لجنة المشاركة و ذلك قبل التعديل الصادر بموجب القانون رقم 91/30 المتمم بالأمر 96/12 إذ بموجب ذلك التعديل أضيفت فقرة ثانية للمادة 35 تنص على مايلي “يتعين على المنظمات النقابية المذكورة في الفقرة الأولى أعلاه ، إبلاغ المستخدم أو السلطة الإدارية المختصة حسب الحالة، في بداية كل سنة مدنية بكل العناصر التي تمكنها من تقدير تمثيلية هذه المنظمات، ضمن الهيئة المستخدمة الواحدة ، لاسيما عدد منخرطيها و إشتراكات أعضائها” .
من القراءة الأولية لهذه الفقرة، يتبين لنا أن الأحكام التي تتضمنها تتعلق بالنظام العام و بالتالي فلا يجوز مخالفتها ، و عليه فإنه حتى يتمكن المستخدم أو السلطة الإدارية المختصة (15) من مراقبة مدى كون منظمة تمثيلية أم لا ، فإنه يجب على تلك المنظمة – و التي يجب أن تتوفر بداءة على المعيارين السالف ذكرهما: الأقدمية و العدد- أن تعلمهما (المستخدم أو الهيئة الإدارية المختصة حسب الحالة) بكافة العناصر التي تمكنها من تقدير التمثيلية ففي ماذا تتمثل تلك العناصر؟ و من هي الجهة المختصة لتحديدها؟
إن نص المادة 35 من القانون 90/14 وضع حد أدنى من المعايير يجب توافرها حتى تعتبر نقابة ما
تمثيلية، تتمثل تلك المعايير في الأقدمية ، عدد المنخرطين و إشتراكات الأعضاء ، غير أنه في نفس
( 15 ) أنظر ص 466 من المرجع السالف الذكر DALLOZ. T.D .
الوقت ترك المجال مفتوح لصاحب العمل إذ فوض له المشرع صلاحية وضع معايير أخرى .
إن فتح المجال لصاحب العمل (16) لوضع معايير لتقدير التمثيلية- خارج تلك المحددة قانونا- قد يمس بمبدأ دستوري وهو حرية الإنضمام إلى النقابة، لنفترض مثلا: أن صاحب العمل إشترط في نظامه الداخلي على وجوبية إعلامه بأسماء المنخرطين في المنظمة النقابية كمعيار لإعتبارها تمثيلية ؟
– من جهة نص المادة 35: فإنه لا يمكن إضفاء صفة التمثيلية على منظمة ما إلا بإبلاغها للمستخدم بالعناصر المحددة قانونا: الأقدمية، عدد المنخرطين و الإشتراكات إضافة إلى إبلاغه بالعناصر المحددة من قبله: أسماء المنخرطين .
– من جهة المبدأ الدستوري: و هو حرية الإنضمام إلى أي نقابة ، إذ أنه من المحتمل أن يمارس صاحب العمل ضغوطات أو تهديدات أو حتى تمييز ضد أحد المنخرطين في النقابة، فحتى و لو كانت تعتبر هذه الأعمال عراقيل لحرية ممارسة الحق النقابي و معاقب عليها جزائيا، إلا أنه من الصعب إثبات أن الدافع لإرتكابها هو كون العامل منضم إلى نقابة و هذا ما قد يؤدي إلى رفض العامل الإنتماء إلى أي نقابة، لذلك و من أجل حماية حق العامل الدستوري في الإنضمام إلى نقابة ما ، فإنه كان من الأفضل عدم منح المستخدم سلطة لتقدير التمثيلية و حتى لوضع معايير أخرى غير المنصوص عليها في القانون .
و على العموم فإن الحد الأدنى الواجب توفره لتقدير الطابع التمثيلي للمنظمة النقابية يتمثل في : الأقدمية. عدد المنخرطين و إشتراكات الأعضاء .
أولا : الأقـدمـيـة .
طبقا للمادة 34 من القانون رقم 90/14 فإنه حتى تكون نقابة ما تمثيلية فيجب أن تكون مؤسسة قانونا منذ 6 أشهر على الأقل .
نتساءل هنا عن نية المشرع من ربطه بين مدة تأسيس المنظمة النقابية و كونها تمثيلية إذا كانت المنظمات النقابية التمثيلية تعرف بكونها النقابات التي تعكس تمثيلا حقيقيا لعمال المهنة، و هي وحدها المؤهلة قانونا لتمثيل المهنة في مواجهة السلطات العمومية و في مواجهة أصحاب العمل (17) ذلك لكونها تمتلك خبرة كافية للدفاع عن مصالح العمال و التمتع بنوع من الضغط المعنوي على غير المنضمين إ ل ي ها
( 16 ) إن المستخدم و السلطة الإدارية المختصة هما اللذان يرااقبان مدى كون منظمة نقابية تمثيلية أم لا و ذلك طبقا للمادة 35 و 36 منم القنون 90/14 كما هو مبين بالتفصيل في الفرعالثاني من هذا المطلب
( 17 ) يضاف إلى صاحب العمل السلطة الإدارية المختصة .
بسبب مسيرتها الإجتماعية الفعالة و المنتجة و المستمرة مما يجعلهم يثقون في حسن تمثيلها لهم، هذه العناصرا لواجب توافرها في أي منظمة نقابية تمثيلية غير متوافرة في تلك المنشأة حديثا .
لكن إذا كانت تلك هي نية المشرع الوحيدة من جعل الأقدمية كشرط لإكتساب النقابة صفة التمثيلية، فما هو المعيار المعتمد عليه لجعل الحد الأدنى للأقدمية لا يتعدى ستة أشهر ؟ خاصة و أن هذه المدة قد تكون غير كافية للوصول إلى الحكمة المتوخاة من ذلك أو أنه على عكس ذلك تماما فإنه يمكن أن تصل نقابة ما منشأة حديثا- لم يمر على إنشاءها 6 أشهر – لتحقيق أهداف لم تحققها نقابة مر على إنشاءها وقت طويل.
فلو تصورنا أن منظمة نقابية ما إعتبرت نفسها أنها توصلت إلى تحقيق الأهداف السالفة الذكر دون أن يمر على تأسيسها مدة 6 أشهر ، و طالبت على هذا الأساس صاحب العمل منحها صفة التمثيلية غير أنه رفض فلو ثار نزاع من هذا النوع أمام القاضي فإنه يحكم يرفض الدعوى لعدم التأسيس (أي إعتبار المنظمة غير تمثيلية) ذلك لأن نص المادة 34 جاء بقاعدة آمرة و هي وجوبية كون النقابة مؤسس منذ 6 أشهر على الأقل .
ثانـيـا: عدد المنخرطين في المنظمة النقابية.
إن عدد المنظمين للمنظمة النقابية يعتبر أول معيار يمكن الإعتماد عليه لتحديد ما إذا كانت تمثيلية أم لا، ذلك لكون المنظمة التي تضم القليل من العمال لا يكون لها نفس الوزن كالتي تضم أكبر عدد.
و يتميز تقدير هذا المعيار حسب الحالات التالية:
– التنظيمات النقابية للعمال الأجراء داخل الهيئات المستخدمة .
– التنظيمات النقابية للعمال الأجراء على مستويات أوسع من الهيئات المستخدمة .
– التنظيمات النقابية للمستخدمين .
1- التنظيمات النقابية للعمال الأجراء داخل الهيئات المستخدمة :
لا يمكن للمنظمة النقابية للعمال الأجراء داخل الهيئة المستخدمة أن تكون تمثيلية ما لم تجمع ضمن صفوفها عدد من المنخرطين يساوي أو يفوق 20 % على الأقل من لجنة المشاركة .
أ- المنظمة النقابية التي تضم 20 % من العدد الإجمالي للعمال الأجراء و الذين تغطيهم قوانينها الأساسية : لنفترض أنه في مؤسسة بناء يوجد صنفين من العمال؛ عمال بسطاء و يبلغ عددهم 800 عامل و مهندسين يبلغ عددهم 200 مهندس ، فحتى تكون المنظمة النقابية للعمال البسطاء تمثيلية فيجب أن تضم على الأقل 20 % من عدد 800 عامل أي 160 عامل على الأقل، أما بالنسبة للمنظمة النقابية للمهندسين فيجب أن تظم على الأقل 40 مهندسا .
ب- المنظمة النقابية التي لها تمثيل 20 % على الأقل في لجنة المشاركة : بالرجوع إلى الأحكام المتعلقة بطريقة إنتخاب و تشكيل أجهزة المشاركة (18) نجدها تنص على أنه لإنتخاب مندوبي المستخدمين تقدم المنظمات النقابية التمثيلية ضمن الهيئة المستخدمة المترشحين الذين تتوفر فيهم معايير قابلية الإنتخاب و في حالة عدم وجود منظمة أو منظمات نقابية تمثيلية ضمن الهيئة المستخدمة فإن إنتخابات مندوبي المستخدمين تنظم بتقدم كل العمال الذين تتوفر فيهم معايير قابلية الإنتخابات ليرشحوا أنفسهم، فإذا ما كانت لجنة المشاركة تضم 20 % من عدد العمال المنضمين إلى منظمة نقابية واحدة فإن هذه الأخيرة تعتبر تمثيلية .
ج- المنظمة النقابية التي تضم 20 % من العدد الإجمالي للعمال الأجراء الذين تغطيهم قوانينها الأساسية إضافة إلى وجود تمثيل لها يقدر ب 20 % على الأقل في لجنة المشاركة : إن هذه الحالة تشمل الحالتين السالفتين الذكر، و هنا يثور إشكال كبير فلو ن تصور أن مؤسسة يوجد بها منظمة نقابية تضم 20 % من العدد الإجمالي للعمال الأجراء و منظمة نقابية أخرى تضم 20 % من العدد الإجمالي للعمال الأجراء
و في نفس الوقت لها تمثيل في لجنة المشاركة بعدد لا يقل عن 20 % مع ملاحظة أن كلتا النقابتين قانونهما الأساسي يغطي نفس الفئة من العمال إذن فإنهما يعتبران نقابتين تمثيليتين و هنا يطرح مشكل تمثيل العمال داخل المؤسسة و إبرام الإتفاقية الجماعية مثلا، فهل ذلك يؤول إليهما معا أم إلى المنظمة الأكثر تمثيلا؟ إن القانون الجزائري سكت عن هذه الحالة مع العلم أنه تطرق إلى المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني فقط ، و على ذلك و بما أن الشروط القانونية الواجب توافرها لإضفاء صفة التمثيلية على المنظمات النقابية متوافرة في كلتا النقابتين فإنه من الأفضل الأخذ بنظام التمثيلية النسبية، فعند إبرام الإتفاقيات الجماعية كل منظمة نقابية تشارك بحسب نسبة عدد العمال المنظمين لها .
2- التنظيمات النقابية للعمال الأجراء على صعيد أوسع من الهيئة المستخدمة : لدى تطبيق معيار الحد الأدنى لعدد المنخرطين في ال من ظمات النقابية المتواجدة على صعيد أوسع من الهيئة المستخدمة تؤخذ بعين الإعتيار نسبة ال م نظمات المنخرطة.
و عليه لتكون الإتحادات و الفدراليات و ال كنفدراليات للعمال الأجراء تمثيلية على مستوى بلدية أو مجموع بلديات أو على مستوى ولاية أو مجموع ولايات أو على المستوى الوطني ، ينبغي أن تضم 20 % على الأقل من النقابات التمثيلية التي تشملها القوانين الأساسية للهيئة المعنية عبر المقاطعة الإقليمية المعنية .
( 18 ) أنظر قانون 90/11 .
3 – المنظمات النقابية للمستخدمين :
لدى تطبيق معيار الحد الأدنى لعدد المنخرطين في ال م نظمات النقابية للمستخدمين يؤخذ بعين الإعتبار جانبين في ذات الوقت، ذلك أن التنظيم النقابي للمستخدمين يعتبر تمثيليا لما يجمع :
– 20 % على الأقل من المستخدمين الذين تشملهم قوانينه الأساسية سواء تعلق الأمر بالإتحادات الإقليمية أو الإتحادايات أو الكنفدراليات .
– 20 % على الأقل من مناصب العمل المرتبطة بها عبر المقاطعة الإقليمية أو القطاع المهني المعني.
ثـالـثـا: الإشــتـراكــات .
إن مبلغ الإشتراكات يمثل إحدى أهم موارد المنظمة النقابية ، فكلما زادت تلك المبالغ كلما إعتبرت المنظمة مستقلة سواء عن السلطات العمومية، الأحزاب السياسية و حتى الهيئة المستخدمة، و هذا ما يسهل قيامها بمهمة الدفاع عن المصالح المادية و المعنوية لأعضائها .
فإذا كانت إشتراكات الأعضاء من الإلتزامات الملقاة على المنخرطين وجب عليهم دفعها و إلا سحبت منهم صفة العضوية، فما الفائدة إذن من النص عليها ثانية و إشتراطها كمعيار للتمثيلية؟ إن الحكمة من ذلك تتمثل في كون إحدى الوسائل التي يمكن للمنظمة النقابية أن تثبت إستقلاليتها عن طريقها هي إشتراكات الأعضاء، و نظرا لما تتميز به المنظمات النقابية التمثيلية من خصوصيات فإن المشرع نص على إعتبار الإشتراكات كمعيار ثالث و ذلك لتأكيد إستقلالية المنظمة .
نشير في الأخير إلى أن هذه المعايير الثلاث يجب توافرها لإعتبار المنظمة النقابية تمثيلية، فتخلف واحد منها فقط لا يجعلها تتصف بتلك الصفة، و بالإضافة إلى هذه المعايير المنصوص عليها قانونا فإن المادة 35 من القانون رقم 90/14 فتحت المجال للمستخدم لوضع معايير إضافية أخرى بتخلفها أيضا لاتكتسب المنظمة النقابية صفة التمثيلية .
الفرع الثاني: الهيئات المكلفة بمراقبة تمثيلية المنظمات النقابية .
إن مراقبة كون منظمة نقابية ما تمثيلية أم لا، يخضع لثلاث هيئات مختلفة كون المنظمة تنشط داخل المؤسسة أو على الصعيد البلدي و المشترك بين البلديات و الولائي و المشترك بين الولايات أو على الصعيد الوطني .
أولا: على مستوى المؤسسة .
إن مهمة مراقبة كون المنظمة النقابية تمثيلية أم لا، يكون من إختصاص صاحب العمل “إذ على المنظمة التي تتوافر على المعايير السالفة ذكرها (عدد المنخرطين ، الأقدمية ، الإشتراكات) أن تعلم المستخدم بها حتى يتمكن من تقدير التمثيلية و ذلك خلال الثلاثي الأول من السنة المدنية “.
إن أهم ما يجب أن تتميز به المنظمات النقابية هو الإستقلالية التامة سواء عن السلطة العمومية، عن الأحزاب السياسية و حتى عن المستخدم، غير أن إسناد مهمة مراقبة كون المنظمة تمثيلية للمستخدم يمس بمبدأ إستقلاليتها، فكيف من جهة يمنحها المشرع سلطات للدفاع عن مصالح أعضائها في مواجهة صاحب العمل و من جهة ثانية يخضعها له .
فاعتبارا للمهام الواسعة الممنوحة للمنظمات النقابية التمثيلية (من قيامها بالتفاوض، إنشاء هياكل نقابية) و نظرا لكونها سلطة موازية لسلطة صاحب العمل في المؤسسة فكيف نجعل إحداها تراقب الأخرى؟
إذن فللحفاظ على مبدأ الإستقلالية ، كان من المستحسن أن يؤول إختصاص المراقبة إلى جهة محايدة غير المستخدم .
ثانيا: على المستوى المحلي و الوطني .
حتى تعتبر إتحادات و إتحاديات أو كنفدراليات العمال الأجراء تمثيلية على الصعيد البلدي و المشترك بين البلديات و الولايات فيجب عليها إبلاغ والي الولاية التي يوجد بها مقر المنظمة النقابية بالعناصر التي تمكنه من تقدير ذلك لا سيما عنصر الأقدمية ، عدد المنخرطين و إشتراكات الأعضاء ، و ذلك خلال أجل لا يتجاوز الثلاثي الأول من السنة المدنية .
و مهمة مراقبة كون إتحادات و إتحاديات و كنفدراليات العمال الأجراء تمثيلية على الصعيد المشترك بين الولايات أو على الصعيد الوطني تؤول إلى الوزير المكلف بالعمل، إذ يجب على تلك الإتحاديات أن تمكن الوزير بكافة العناصر التي تسمح له من تقدير تمثيليتها من عدمه، و ذلك دائما خلال الثلاثي الأول من السنة المدنية .
و لكي تعتبر إتحاديات و فدراليات و كنفدراليات المستخدمين تمثيلية فيجب إبلاغ سواء الوزير المكلف بالعمل أو الوالي ( ب حسب ما إذا كانت التمثيلية على الصعيد المشترك بين الولايات أو على الصعيد الوطني أو على الصعيد البلدي و المشترك بين البلديات أو الولائي) بعناصر التمثيلية و التي تسمح لهما بتقدير تمثيليتها من عدمه ا – عدد المنخرطين و عدد مناصب شغل هؤلاء المستخدمين في الدائرة الإقليمية المعنية-و ذلك خلال أجل أقصاه الثلاثي الأول من السنة المدنية .
الجزاء المترتب على عدم تبليغ العناصر للهيئة المراقبة:
إن مهمة إبلاغ العناصر التي تسمح بتقدير تمثيلية المنظمة النقابية سواء داخل المؤسسة أو على الصعيد المحلي أو الوطني أو بالنسبة لإتحادات أو كنفدراليات المستخدمين تقع على المنظمات المعنية، و ذلك خلال الثلاثي الأول من السنة المدنية فإذا ما تجاوزت تلك المدة و لم يتم إبلاغ المستخدم أو الوالي أو الوزير المكلف بالعمل بتلك العناصر فإنه يمكن لهذه السلطات إعتبار المنظمات النقابية المخالفة غير تمثيلية و ذلك طبقا لنص المادة 37/01 مكرر.
إن المشرع إستعمل صراحة عبارة “يمكن” في المادة السالفة الذكر و هذا يفسر على أنه منح سلطات واسعة للهيئات التي تراقب تمثيلية المنظمة النقابية من عدمه ا ، إذ حتى في حالة مخالفة هذه الأخيرة و عدم تبليغها للعناصر التي تسمح لتقدير تمثيليتها خلال الأجل المحدد فإنه يمكن للمستخدم أو الوالي أو الوزير أن يمدد هذا الأجل و يعتبر المنظمة تمثيلية تلك التي أبلغته بالعناصر التي تمكنه من تقدير تمثيليتها بعد مرور 5 أشهر مثلا من السنة المدنية ، إذ المادة 37 مكرر لم تأت بقاعدة آمرة و تركت للهيئة المراقبة سلطات واسعة في إقرار تمثيلية المنظمة من عدمه ا حتى و لو لم يحترم الأجل المنصوص عليه قانونا.
الـمـنـازعـات:
إذا ما ثار خلاف أو نزاع حول تقدير التمثيلية أو حول تجاوز الأجال المحدد ل تبليغ عناصر التمثيلية خلال الثلاثي الأول من السنة المدنية فإنه يجوز للمنظمة النقابية التي تدعي بكونها تتوافر على عناصر التمثيلية – غير أن المستخدم أو السلطة الإدارية لم تمنحها تلك الصفة – أن تلجأ إلى القضاء الذي يراقب ما إذا كانت فعلا المنظمة النقابية تعتبر تمثيلية أم لا و ذلك بتوافرها على المعايير القانونية الواجب توافرها(الأقدمية، عدد المنخرطين و إشتراكات الأعضاء) و كذا المعايير المفروضة من قبل المستخدم أو الوزير المكلف بالعمل أو الوالي فإذا ما ثار النزاع بين المنظمة النقابية و المستخدم فإن الجهة القضائية المختصة للفصل في ذلك النزاع هي جهة القضاء المدني، أما إذا كان النزاع يثور بين المنظمة و الوزير أو الوالي، و باعتبارهما يمثلان السلطة العمومية الإدارية و باعتبار الدعوى تهدف إلى إلغاء قرار إداري، فإن القضاء الإداري هو المختص في الفصل في ذلك النزاع .
اترك تعليقاً