بحث قانوني يناقش أثر تعديلات دستور 1952 على تنظيم السلطات في الأردن
تعديلات دستور 1952 وأثرها على تنظيم السلطات في الأردن / د. أمين العضايلة
الملخص
تعد عملية تعديل الدستور الأردني لعام 1952 من أهم الأعمال القانونية في الدولة بعد وضع الدستور، فالتعديل الدستوري يتناول نفس الموضوعات التي يتناولها الدستور، وتتأثر عملية تعديل الدستور الأردني، مثل بقية الدساتير في الدول الأخرى، بإعتبارات قانونية وسياسية، ويحتاج إعداد التعديل واقراره إلى إجراءات خاصة تماثل إعداد الدستور واقراره، كما يؤدي التعديل الدستوري إذا كان غير متوقع من حيث المبدأ إلى احداث خلل في سير أجهزة الدولة. وهذا ما لمسناه في معرض هذا البحث، فقد انعكست آثار التعديل دوما على التنظيم العام للسلطات الثلاث في الدولة وأدت التعديلات الدستورية المفاجئة على دستور 1952 إلى غياب الدولة القانونية والحكم إستنادا إلى مشروعية السلطة بدلا من مشروعية الدولة. الأمر الذي يتطلب إعادة النظر بكل تعديلات هذا الدستور التي بيناها في مفردات هذا البحث وتركت آثارا سلبية على النظام القانوني للدولة.
Abstract
The modification of the Jordanian Constitution of 1952 is one of the most important legal works in the state after the enactment of the Constitution itself.
Such modifications have been affected by legal and political considerations and needed particular procedures for their preparation and ratification. These modifications, if not expected, may imperil the work of the three main state institutions and this.
What we have seen in this article when we traced the sudden modifications of the 1952 constitution. These modifications have ingnored the “legal state” concept and concentrated on the “government legality” instead of “state legality” In conclusion, we suggest that all such modifications should be reconsidered in order to respect the legal system of the state.
المقدمة
تعد عملية الدسترة عملا تأسيسيا بشكل تشريعي خاص، وتقوم بتلك المهمة سلطة تشريعية تأسيسية تعمل باسم الأمة صاحبة السيادة. والدسترة تتدخل أثناء وجود الدولة وليس في بداية وجودها، فهي تشكيل جديد للدولة وليس بداية تكوين.
ويوضع أول دستور في الدولة دون الرجوع إلى قيم دستورية محددة، واحكام دستورية سابقة يمكن الإستناد إليها واستخلاص العبر منها، وإنما يوضع وفقا للأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية السائدة في الدولة عند وضعه. ومما لاشك فيه ان هذه الأوضاع تتطور وتتبدل، لذا ينص دستور الدولة على كيفية إعادة النظر به أو تغييره، وعندها يمكن تعديله حسب تلك الاجراءات.
تعطي السلطة التأسيسية الأصلية عادة للهيئات التي يتم خلقها من قبل الدستور صلاحية ممارسة وظائف دائمة في إطار شؤون الدولة، كما يمكن أن تسند إليها زيادة على تلك الوظائف مهمة تعديل احكام الدستور. وبسبب أهمية تلك المهمة فقد أحيطت بشروط خاصة وشكليات معقدة حملت الفقه الدستوري على ان يفرق في هذا المجال بين نوعين من القواعد الدستورية الواردة في الوثيقة الدستورية: الدساتير الجامدة والدساتير المرنة(1). وقد ظهر ذلك واضحا في كيفية وضع الدساتير الأردنية المتعاقبة وتعديلها. فقد وضع القانون الأساسي لعام 1928 كأول دستور في الأردن، وجاء في المادة (71) من هذا القانون أنه لا يجوز ان يبدل شيء من القانون الاساسي إلا بقانون تجيزه اغلبية لا تقل عن ثلثي أعضاء المجلس التشريعي وموافقة الأمير. وتم تعديل هذا القانون في عام 1946، فصدر دستور 1946 كأول دستور بعد الاستقلال، فجاء في المادة 47/ب منه أنه لا يبدل شيء في الدستور ما لم تجيزه أكثرية لا تقل عن ثلثي أعضاء مجلس الأمة. وفي عام 1952 تم تعديل دستور 1946، وبموجب ذلك تم وضع دستور 1952(2)، الذي بين ايضا الاجراءات اللازمة لإعادة النظر به وتعديله، فنصت المادة (126) منه على مايلي: “أ- تطبق الأصول المبينة في هذا الدستور بشأن مشاريع القوانين على أي مشروع لتعديل هذا الدستور ويشترط لإقرار التعديل ان تجيزه اكثرية الثلثين من الاعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس وفي كلتا الحالتين لا يعتبر نافذ المفعول ما لم يصدق عليه الملك. 2- لا يجوز إدخال أي تعديل على الدستور مدة قيام الوصاية بشأن حقوق الملك ووراثته”.
وبما أن الدستور الوطني ينظم شؤون الدولة كجسد واحد وينظم في نفس الوقت أعضاء هذا الجسد، فإن التعديل الدستوري قد يتناول وضع الدولة كجسد واحد أو وضع احد أعضاء هذا الجسد، ومن الممكن ان يؤدي ذلك إلى احداث تغيير في تركيبة هذه الأعضاء وحركتها.
وأمام ذلك سنبحث هذا الموضوع بمبحثين مستقلين، نبين في الأول الوضع القانوني لتعديل دستور 1952 في الأردن، ونستعرض في الثاني التعديلات الدستورية التي تم اقرارها منذ وضع هذا الدستور وتتعلق بتنظيم السلطات: التنفيذية والتشريعية والقضائية في الأردن.
المبحث الأول
الوضع القانوني لتعديل دستور 1952 في الأردن
يتأثر التنظيم المقرر لتعديل الدستور في أي دولة بإعتبارات شتى أهمها: القانونية والسياسية. وتختلف قوة هذه الإعتبارات من دولة لأخرى، الأمر الذي يستتبع اختلاف التنظيمات المقررة لتعديل الدساتير، ومن ثم يغدو متعذرا إيجاد آلية واحدة لتعديل الدساتير في جميع الدول. ومن هنا سنتعرض في هذا المبحث إلى الإعتبارات التي تؤكد ضرورة تعديل الدستور الأردني لعام 1952، ثم نبين الإجراءات الخاصة المقررة لتعديله.
المطلب الأول
الإعتبارات التي تؤكد ضرورة تعديل الدستور الأردني لعام 1952
سنبحث في هذا المطلب الإعتبارات القانونية والسياسية التي تؤكد ضرورة تعديل الدستور الأردني لعام 1952.
أولا: الإعتبارات القانونية:
من المتفق عليه عند علماء السياسة وفقهاء القانون العام ان الدولة في مفهومها الحديث هي “ظاهرة سياسية وقانونية”، فهي تعني جماعة من الناس تقيم على اقليم محدد وتخضع لنظام سياسي معين… ويتعين التمييز في الدولة الحديثة بين فكرتين مختلفتين هما: سيادة الدولة والسيادة في الدولة، فمدلول سيادة الدولة يعني ان الدولة هي صاحبة السلطة القانونية الأصلية الآمرة العليا. أما مدلول السيادة في الدولة، فإنه يعني من يمارس السيادة داخل الدولة. وقد اصبح هذا التمايز بين الفكرتين واضحا بعد قيام الثورة الفرنسية، إذ انتهى الأمر إلى الفصل بين اساس السلطة وممارستها، فأصبحت الدولة هي صاحبة السلطة(3).ولكن بقي السؤال الذي يحتاج إلى اجابة هو: إلى من تعود السيادة داخل الدولة؟.
يعود تاريخ النظريات الديمقراطية حول السيادة في الدولة إلى العصور الوسطى زمن القديس توما الأكويني St Thomas d’Equin. فمنذ تلك الفترة نشأت فكرة مفادها أن السلطة تجد اساسها بالشعب،(وقد دعمت هذه الفكرة في القرن السادس عشر من قبل الكاثوليك تارة ومن قبل البروتستانت تارة أخرى من اجل مهاجمة سلطة الملك المطلقة في تلك الفترة. وقد لقيت تلك الفكرة قبولا لأنها أقرب إلى الديمقراطية من النظريات الثيوقراطية التي سأهمت في إرساء دعائم الحكم المطلق)(4). بقي هذا الأمر إلى عهد الثورة الفرنسية عندما أعطي لفكرة السيادة مفهومان محدودان، كل واحد منهما يتناسب مع فترة محددة من تاريخ الفكر السياسي، وهما مبدأ سيادة الشعب، ويختلف مفهوم مبدأ سيادة الأمة عن مفهوم مبدأ سيادة الشعب من حيث الأساس الفلسفي لكل منهما، ومن حيث النتائج السياسية التي تترتب على تطبيق كل منهما(5). وقد أخذت دساتير الدول، وحسب ظروف كل دولة، تتبنى احدى النظريتين، فمثلا الدستور الفرنسي لعام 1791 تبنى مبدأ سيادة الأمة، إذ نصت المادة الأولى من الباب الثالث على ان “السيادة لا تتجزأ ولا تقبل التصرف أو التقادم، وهي ملك للأمة ولا يستطيع جزء من الشعب أو فرد أن يعطى نفسه حق ممارستها”. وكذلك الدستور الأردني لعام 1952 تبنى مبدأ سيادة الأمة في المادة (24)، إذ نصت على أن “1- الأمة مصدر السلطات. 2- تمارس الأمة سلطاتها على الوجه المبين في الدستور”.
ويرجع مبدأ سيادة الأمة في جذوره إلى فرنسا، فحسب الفقيه الفرنسي سييز، أن السيادة للشعب الحقيقي، أي الشعب بمجموعة ككائن مجرد، لأنه لا يمكن أن يعطى جميع افراد الشعب ممارسة السيادة، فذلك يصطدم بحقيقة واقعة وهي عدم اعطاء حق ممارسة الحقوق السياسية إلى بعض الأشخاص الذين لا يملكون إرادة سليمة مثل الأطفال والمعاقين عقليا.
وقد وجد سييز حلا للمشكلة وهو ان الشعب ككائن مجرد هو الأمة. والأمة هي صاحبة السيادة وهي تشكل شخصا معنويا يتميز عن الأشخاص الذين يشكلونه، وللأمة إرادة خاصة، ولا يستطيع فرد أو مجموعة من الأفراد ان يمارسوا السلطات إلا إذا فوضتهم الأمة بذلك. والأمة بصفتها شخص معنوي لا تستطيع ان تعبر عن نفسها أو تتصرف، مثل بقية الأشخاص المعنوية، إلا إذا كان لها نظام قانوني يحدد الأعضاء الذين يمكن ان يعبروا أو يتصرفوا باسم الشخص المعنوي. والنظام القانوني للأمة هو الدستور، وهو نظام قانوني مشترك لكل من الأمة والدولة، يحدد الأجهزة التي يمكن ان تعبر عن إرادة الأمة. وهذه الأجهزة التي يكلفها الدستور للتعبير عن الأمة، وتأخذ صفة ممثل الأمة، تتصرف وتنطبق باسمها وتلتزم قانونيا بالقرارات الصادرة عنها(6).
وعلى الرغم من ان الدستور يقع في القمة من هرم التدرج التشريعي، فإنه لا يزيد عن كونه قانونا من القوانين في الدولة، ومن طبيعة القوانين في الدولة قبول التعديل في كل وقت، ومن ثم تتضمن فكرة الدستور إمكانية تعديله.
من جهة ثانية فإن مبدأ سيادة الامة يقضي بنسبية جمود الدستور، لأنه يترتب على الجمود المطلق للدستور حرمان الأمة صاحبة السيادة من ممارسة سيادتها في تعديل دستورها وفي الغائه كلما قدرت ان ذلك ضروريا لها، وبحرمانها من هذا الحق تكون قد تنازلت عن أهم خصائص سيادتها وهي السلطة الدستورية. كما أنه من الناحية المنطقية، لا يمكن ان تفرض الجماعة السياسية على نفسها قوانين لا تستطيع بعد ذلك تعديلها أو الغاؤها(7).
كما ان السلطة التأديبية التأسيسية في وقت معين – وهي السلطة صاحبة السيادة وهي هنا الأمة – لا تملك أن تقيد سلطة تأسيسية لاحقة فتمنعها من حق التعديل، لأنها هي الأخرى تكون السلطة صاحبة السيادة.
ومن هنا آمن رجال الثورة الفرنسية بهذه الحقيقة القانونية، إذ جاء في المادة الأولى من الدستور الفرنسي لعام 1791: “إن للأمة حقا لا يسقط بمضي المدة في تغيير دستورها”. كما نص إعلان حقوق الإنسان لسنة 1973 على ان: “لكل شعب الحق دائما في ان يراجع دستوره وان يعدله ويغيره. ولا يملك جيل معين ان يلزم الأجيال القادمة بقوانينه”(8). وعليه يمكن القول أن الخطر المطلق لتعديل الدستور يعد باطلا وان النصوص التي تقرره مجردة من كل قيمة قانونية.
ثانيا: الإعتبارات السياسية:
معلوم ان القانون علم اجتماعي بطبيعته، فهو ينشأ مع نشأة الجماعة السياسية ويهتم بتنظيم العلاقات الإجتماعية. والقانون الدستوري لا يشذ عن هذه الحقيقة، فهو يتأثر بالوسط السياسي والاجتماعي الذي يعيش فيه. والدساتير ليست في الحقيقية إلا نوعا من الصياغة القانونية لفكرة سياسية ولحركة إجتماعية معينة. فهي تتبنى النظام القانوني للسلطة في الدولة، وتؤكد في نفس الوقت سيادة القوة السياسية الحاكمة، كما ترسي الأسس الضرورية لكفالة عنصر الشرعية لهذه السيادة(9).
وقد جاء في المادة الأولى من الدستور الأردني لعام 1952 ما يلي: “المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه، … ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي”. ويقوم النظام النيابي على فكرة مفادها ان الشعب لا يستطيع ان يمارس السيادة بنفسه لأنه غير قادر ان يحكم نفسه بشكل مباشر، لذا يتوجب عليه ان يختار ممثلين يمارسون مظاهر السيادة نيابة عنه.
وهنالك شبه إجماع عالمي على تبني فكرة الحكومة النيابية كأساس للمؤسسات السياسية، ولكن أسلوب تطبيق هذا النظام يختلف من بلد إلى آخر، بسبب اختلاف الظروف التاريخية والموضوعية لكل بلد، ولأن المؤسسة النيابية الجيدة ليست تلك التي تم تشييدها بعناية خلال فترة معينة، إنما هي تلك التي تم تشييدها وتطويرها بالجهد المتواصل على ضوء مجموعة تجارب وفي ظروف متغيرة(10).
ويذكر أن الدستور يقوم بوضع القواعد الأساسية للدولة، وفقا للمرحلة التطورية التي تمر بها الدولة عند وضع الدستور، ولكن سنة التطور لن تبقي على الأوضاع السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية كما هي، بل ان هذه الأوضاع تتطور وتتعدل من وقت لآخر. ومهما قيل في ضرورة استقرار النظام الدستوري وثباته، فإنه لا يمكن ان يكون استقرارا مطلقا يصل بالحياة السياسية إلى حد الجمود، لذا يتوجب على الدستور ملاحقة التطور في جميع الأوضاع ومجاراته، وذلك حتى يتسع الإطار القانوني للنظام السياسي لكل ما يطرأ على الحياة السياسية والإجتماعية من تغير طبقا لقانون التطور المستمر في حياة المجتمع، حتى لا ينفصل الواقع عن القانون ويصبح الدستور حبرا على ورق.
من هنا يمكن القول أن هناك إعتبارات سياسية تقضي بضرورة تعديل الدستور بالطرق القانونية لكي يحاكي تطور الظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية للجماعة السياسية، ولكي يتماشى مع الفكرة القانونية السائدة في المجتمع.
المطلب الثاني
الإجراءات الخاصة بتعديل الدستور الأردني لعام 1952
تختلف الدساتير اختلافا واضحا في تنظيمها للإجراءات التي يتطلبها تعديلها، ومرد هذا الاختلاف إلى إعتبارات فنية بحتة تتمثل في أساليب الصياغة التي يأخذ بها واضعوا الدساتير، ويتضح اثر هذه الأساليب في نظرية توازي أو تقابل الأشكال القانونية، وتعني هذه النظرية ان العمل القانوني لا يمكن تعديله إلا وفقا للأشكال التي اتبعت في إصداره، أي أنه لا يجوز تعديل الدستور إلا من جانب سلطة يتم تكوينها على غرار السلطة التي قامت بوضعه وبنفس الإجراءات والأشكال التي اتبعت في إصداره. وبيان لذلك نذكر أنه حين ينشأ دستورعن طريق هيئة تأسيسية تنتخب لهذا الغرض، فإنه لا يجوز تعديله إلا بواسطة هيئة تأسيسية منتخبة لهذا الغرض وبإتباع نفس الإجراءات التي استخدمت لوضعه. وينطبق ذلك على بقية الأساليب الأخرى لنشأة الدساتير(11).
جاء في ديباجة دستور 1952 مايلي: “نحن طلال الأول ملك المملكة الأردنية الهاشمية، بمقتضى المادة الخامسة والعشرين من الدستور وبناء على ما قرره مجلسا الأعيان والنواب نصدق على الدستور المعدل الآتي ونأمر بإصداره”.
وجاء في المادة (126) من دستور 1952 مايلي: “1- تطبق الأصول المبينة في هذا الدستور بشأن مشاريع القوانين على أي مشروع لتعديل هذا الدستور، ويشترط لإقرار التعديل ان تجيزه أكثرية الثلثين من يشترط لإقرار التعديل ان تجيزه اكثرية الثلثين من الأعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس وفي كلتا الحالتين لا يعتبر نافذ المفعول ما لم يصدق عليه الملك.
2- لايجوز إدخال أي تعديل على الدستور مدة قيام الوصاية بشأن حقوق الملك ووراثته”. نلاحظ ان دستور 1952 يتبع إجراءات خاصة في تعديله توازي إجراءات إعداده. سنعرض في الفقرات القادمة: إقتراح تعديل الدستور الأردني والإجراءات الخاصة لمناقشة التعديل وإقراره.
أولا: إقتراح التعديل:
تعد عملية تعديل الدستور عملية تشريعية، ولكنها عملية تشريعية خاصة، لأن الدستور المكتوب يقع في مرتبة أعلى بالنسبة للقوانين العادية ويجب تمييزه عن القوانين العادية بشكليات وإجراءات خاصة. إن إقتراح تعديل الدستور هو عبارة عن إقتراح تشريعي دستوري يتأثر بالإعتبارات التي يتأثر بها الإقتراح التشريعي للقانون العادي ولكن كل حسب نطاقه. سنناقش هنا طبيعة إقتراح التعديل الدستوري، والقيود الواردة على إقتراح تعديل الدستور.
1. طبيعة إقتراح التعديل:
تبدأ عملية تعديل الدستور كأي عملية تشريعية بإقتراح تشريعي دستوري، ولا نزاع بأن للاقتراح التشريعي مركزا أساسيا في العملية التشريعية، إذ أنه التصور المبدئي لما سيصبح قانونا. ولكن إذا كان الإقتراح التشريعي هو الأصل في خلق القانون، فهو ليس القانون ذاته، أنه اشتراك في العملية التشريعية ولكن بالرغم من ذلك لا يحمل صفة القرار التشريعي البحت. وقد يتقرر إقتراح تعديل الدستور، كأي إقتراح تشريعي، للحكومة، وقد يتقرر للبرلمان، وقد يتقرر للشعب وقد يتقرر للحكومة والبرلمان(13).
وتقرر بعض النظم النيابية التقليدية حق الإقتراح التشريعي لكل عضو في البرلمان، ويسمى حق الإقتراح التشريعي الفردي. وهذا لا يمنع بشكل عام من ان يجمع عدد من أعضاء البرلمان اقتراحاتهم التشريعية المنسجمة من حيث الموضوع في إقتراح تشريعي واحد. وهناك انظمة دستورية لا تسمح إلا بالاقتراح التشريعي الجماعي، بحجة أنه لا يجوز ان تقدم إلا الاقتراحات التشريعية الجادة التي تجد دعما من قبل جزء مهم من الرأي العام في البرلمان، وقد أخذ المشرع الدستوري الفرنسي بالنظاميين؛ الإقتراح التشريعي الفردي والاقتراح التشريعي الجماعي، أما النظام الدستوري الألماني، فإنه يستوجب ان يكون الإقتراح التشريعي موقعا من خمسة عشر عضوا في البرلمان(14). وقد كان الدستور الأردني يتبنى في المادة (95) منه النهج الأول وذلك قبل تعديلها في عام 1958، فقد كانت تنص على أنه: “لكل عضو أو اكثر من أعضاء مجلس الأعيان أو النواب ان يقترح وضع مشروع قانون”. وأصبحت بعد التعديل تستلزم ان يكون الإقتراح التشريعي موقعا من عشرة أعضاء أو اكثر من النواب أو من الاعيان، ويحال الإقتراح بقانون على الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وتقديمه للمجلس في الدورة نفسها أو في الدورة التي تليها.
وتتطلب المادة (189) من الدستور المصري لعام 1971 ان يكون إقتراح تعديل الدستور الصادر عن أعضاء البرلمان موقعا من ثلث أعضاء المجلس على الاقل. وتمنح المادة (149) من دستور الجمهورية العربية السورية لعام 1973 لثلث أعضاء مجلس الشعب السوري حق إقتراح تعديل الدستور.
ولكن إذا كان الأصل ان تكون العملية التشريعية بمجملها من إختصاص البرلمان، فإن المرحلة الأساسية من تلك العملية والمتمثلة بالاقتراح التشريعي تفلت تدريجيا من قبضة البرلمان ولصالح السلطة التنفيذية والسبب يعود إلى تعقد العملية التشريعية في الوقت الحديث، إذ لم تعد تقتصر على التصور الخلاق من قبل عقلية سياسية، وإنما أصبحت تحتاج إلى تخصص اقتصادي اجتماعي مضافا إليه سلسلة من المعلومات الإضافية. والحكومة من جهتها على انها معنية بالدرجة الأولى بتنفيذ سياسة محددة لكنها تعد المؤسسة السياسية الأوسع إطلاعا على اوضاع البلاد والأكثر معرفة بإحتياجات الشعب، والقادرة على مواجهة المشاكل المتزايدة يوما بعد يوم، وذلك لكونها تملك الكوادر الفنية وغير الفنية لمواجهة تلك المشاكل. لذا تكون الحكومة العضو السياسي الأجدر على ممارسة حق الإقتراح التشريعي. وقد بدأت فعلا تغزو وبشكل واسع هذا المجال، وتم الاعتراف بها دستوريا في اغلب النظم النيابية ان لها حق الإقتراح التشريعي(15).
قرر المشرع الدستوري الفرنسي في المادة (39) من دستور 1958 أنه:(لرئيس الوزراء بالاشتراك مع أعضاء البرلمان حق الإقتراح التشريعي)، كما قرر في المادة (89) من دستور 1958 أنه: (لرئيس الجمهورية بناء على إقتراح رئيس الوزراء بالاشتراك مع أعضاء البرلمان حق إقتراح تعديل الدستور).
قرر المشرع الدستوري الأردني في المادة (91) من دستور 1952 على أنه (يعرض رئيس الوزراء مشروع كل قانون على مجلس النواب… ). ويجب ان ننوه هنا إلى أنه على الرغم من ان المشرع الدستوري الأردني، لم ينص صراحة على اعطاء الحكومة حق الإقتراح التشريعي كما فعل المشرع الفرنسي، فقد فهم البعض هذا النص على ان رئيس الوزراء يقدم مشاريع القوانين المقترحة من قبل الحكومة والاقتراحات بالقوانين المحالة على الحكومة من قبل أعضاء مجلس الأمة لوضعها في صيغة مشروع قانون من قبل الحكومة إستنادا إلى نص المادة (95) المشار إليها سابقا(16).
ونحن نرى أنه يتوجب قراءة نص المادتين (91و95) مع بعضهما البعض، إذ اعطى المشرع الدستوري بموجب المادة (95) من الدستور لأعضاء البرلمان حق الإقتراح التشريعي، على ان يرسل الإقتراح إلى الحكومة لكي تضعه في صيغة مشروع قانون وتقدمه للبرلمان، وخوفا من ان يبقى الإقتراح التشريعي المقدم من أعضاء البرلمان في ادراج الحكومة مدة طويلة، فقد ألزمها المشرع بأن تقدم كل إقتراح تشريعي تضعه في صيغة مشروع قانون إلى البرلمان لكي يناقشه. أما ما جرى عليه التعامل بإعطاء الحكومة حق إقتراح مشاريع القوانين إلى جانب الاقتراحات بالقوانين المقدمة من أعضاء البرلمان، فقد جاء نتيجة عرف دستوري معدل بالإضافة. وطبقا للمادة (126) من الدستور فإن ما يسري على مشاريع القوانين العادية من نصوص دستورية يسري على إقتراح تعديل الدستور، فأصبح إقتراح تعديل الدستور من إختصاص أعضاء البرلمان والحكومة.
2. القيود الواردة على إقتراح تعديل الدستور.
بينا فيما سبق الإعتبارات القانونية والسياسية التي تؤكد ان الجمود المطلق للدستور يعد باطلا، وأن النصوص التي تحظر تعديل الدستور مجردة من كل قيمة قانونية، غير ان جواز تعديل الدستور أمر لايتعارض مع وجود بعض القيود على تعديله. وتتراوح تلك القيود بين حظر موضوعي كلي مؤقت، وحظر موضوعي جزئي دائم أو مؤقت، فالأول يمنع تعديل الدستور بشكل كامل خلال فترة محدودة، والثاني يمنع تعديل بعض احكام الدستور خلال فترة محددة أو بشكل دائم. وعلى هذا الأساس سنبحث في الفقرات القادمة انواع هذه القيود، مع بيان القيمة القانونية لكل منها.
أ- أنواع القيود الواردة على إقتراح التعديل.
1. الحظر الموضوعي الكلي المؤقت: تنص بعض الدساتير على عدم جواز أي تعديل على احكامها بدءا من دخولها حيز التنفيذ وخلال فترة زمنية محددة، أو خلال فترة زمنية غير محددة، وذلك في حالة تعرض البلاد لبعض الظروف الاستثنئاية ويبقى هذا الحظر مهما طال مؤقتا. وغالبا ما نجد النصوص التي تحظر التعديل لفترة زمنية محددة في الدساتير التي تهدف إلى اقامة انظمة سياسية جديدة مغايرة للأنظمة السابقة عليها وذلك من اجل تحقيق التآلف بين المواطنين والنظام السياسي الجديد، أو تكون تلك النصوص في الدساتير التي توضع عند نشوء دولة جديدة، وذلك من اجل تحقيق قدر من الاستقرار والثبات للنصوص الدستورية(17).
ومن قبيل ذلك الدستور الفرنسي لعام 1791 الذي منع ادخال أي تعديل عليه قبل مضي اربع سنوات من وضعه، ونظم إجراءات التعديل بحيث يستوجب اتمامها انقضاء مدة طويلة، إذ استوجب ان يتكرر إقتراح التعديل بصيغة واحدة من قبل ثلاث دورات تشريعية متتالية، وفي الدورة الرابعة فقط يمكن البت فيه، ومعنى ذلك ان تمضي اكثر من عشر سنوات قبل تعديل الدستور. المادة (156) من الدستور السوري لعام 1950 نصت على أنه: “لا يجوز تعديل هذا الدستور قبل مرور سنتين من تنفيذه”. وقد كان القانون الأساسي الأردني لعام 1982 مثالا للمنع المؤقت عند نشوء الدولة الجديدة، فقد جاء في الماة (70) منه مايلي: “يجوز للأمير في أي وقت خلال سنتين من تاريخ بدء العمل بهذا القانون مع مراعاة التزاماته العهدية ان يغير بمنشور يصدره أي حكم من احكام هذا القانون الاساسي أو يلغيه أو يضيف عليه …”. وجاء في المادة(71) منه مايلي: “لا يجوز ان يبدل شيء من هذا القانون الأساسي بعد انقضاء السنتين إلا بقانون تجيزه اكثرية لا تقل عن ثلثي أعضاء المجلس التشريعي ….”.
وقد ينص الدستور على حظر كلي مؤقت على تعديل احكامه بسبب ظروف استثنائية تمر بها البلاد. ويحدث ذلك في حالة وقوع تمرد أو عصيان في بعض اجزاء الدولة، أو وقوع جزء من الدولة أو كلها تحت سيطرة الاحتلال الأجنبي. وعلة هذا الحظر ترجع إلى ان ارادة الشعب تكون مكبلة ومثقلة في هذه الظروف، وحريته في ممارسة سيادته مقيدة، فإذا ما سمح بإجراء تعديل في نصوص الدستور فقد يأتي هذا التعديل مخالفا لإرادة الشعب ومناهضا لمصالح الدولة العليا. وقد جاء في المادة (94) من الدستور الفرنسي لعام 1946 أنه: “لا يجوز إتخاذ أي اجراء لتعديل الدستور أو السير فيه وذلك اثناء إحتلال كل أو بعض اراضي فرنسا بقوات اجنبية”(18).
2. الحظر الموضوعي الجزئي الدائم أو المؤقت: وهو الحظر الذي يقع على نصوص دستورية معينة يعتقد المشرع انها تمثل الدعامة الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم أو بعض نواحي ذلك النظام، فيعلن عن حمايتها وحظر تعديلها بشكل دائم أو مؤقت(19).
ومن الواضح ان واضعي الدساتير يندفعون إلى مثل هذه الحلول رغبة في تحقيق الاستقرار لنظام يعتبرونه محققا للمثل السياسية العليا في الدولة. وهذا ما ذهبت اليه المادة (95) من الدستور الفرنسي لعام 1946 إذ نصت على ان: “نظام الحكومة الجمهوري لا يمكن تعديله” كذلك المادة (89) من الدستور الفرنسي لعام 1958 إذ نصت على أنه: “لايجوز إتخاذ إجراءات لتعديل الدستور أو السير فيها إذا كانت تمس سلامة الوطن، كما ان شكل الحكومة الجمهوري لايجوز ان يكون محل تعديل”. وبنفس المعنى اخذت المادة (290) من الدستور البرتغالي لعام 1976 والمادة (9) من الدستور التركي لعام 1961.
كما جاء في الدستور المصري لعام 1923 على ان: “… الأحكام الخاصة بشكل الحكومة النيابي البرلماني وبنظام وراثة العرش وبمبادىء الحرية والمساواة التي يكفلها هذا الدستور لا يمكن إقتراح تعديلها”.
أما فيما يتعلق بالحظر الموضوعي الجزئي المؤقت، فقد أخذت به المادة (126/2) من الدستور الأردني لعام 1952، فقد جاء فيها: “لا يجوز إدخال أي تعديل على الدستور مدة قيام الوصاية بشأن حقوق الملك ووراثته”.وكان الدستور العراقي في عهد الحكم الملكي قد تضمن نصا مماثلا، ولكن المحكمة العليا في العراق فسرت هذا النص في عام 1941 بأنه يجيز التعديل إذا كان يؤدي إلى زيادة حقوق الملك(20).
ب- الأثر القانوني للنصوص الدستورية التي تحظر التعديل بشكل دائم أو مؤقت.
اختلف فقهاء القانون الدستوري في شأن القيمة القانونية للنصوص الدستورية التي تحظر تعديل الدستور فترة من الزمن والنصوص التي تحظر بعض احكام الدستور بشكل دائم أو مؤقت.
• ذهب عدد من الفقهاء إلى أنه ليس لمثل هذه النصوص أي قيمة قانونية. وذلك لأن مبدأ تعديل الدستور يعد من الصفات الطبيعية التي يتمتع بها الدستور ذاته حتى يساير مقتضيات تطور المجتمع ويكون صورة حقيقة لنظام الحكم السائد في هذا المجتمع، وأن وضع نصوص دستورية معينة ثابتة دون تعديل لمدة طويلة أو مدى الحياة فيه مجافاة لسنة التطور التي تفرضها طبيعة الأشياء والأمور. كما أن السلطة التأسيسية التي تمارس عملها في وقت معين ليست أسمى ولا أعلى مرتبة من السلطة التأسيسية في المستقبل، فكل دستور جامد قابل للتعديل بإجراءات خاصة في جميع أحكامه مهما نص فيه على خلاف ذلك. وما النصوص التي تقضي بتحريم التعديل إلا مجرد أمان سياسية لا أثر ولا قيمة لها من الناحية القانونية(21). ويشارك الفقيه الفرنسي بيردو أصحاب هذا الرأي فيما يتعلق بالنصوص التي تحرم تعديل بعض احكام الدستور بشكل دائم أو مؤقت، أما النصوص التي تحظر تعديل الدستور فترة من الزمن أو عند تعرض الدولة لظروف استثنائية فإنها صحيحة ومشروعة وتتمتع بالقوة القانونية الملزمة من وجهة نظره، وذلك لأن ارادة الأمة في فترة الظروف الإستثنائية في حالة عجز أو ضعف يبرر حظر التعديل(22). وقد لاقت آراء الفقيه بيردو التأييد من بعض فقهاء القانون الدستوري؛ لأن حظر تعديل الدستور لفترة معينة لا يحرم الأمة من ممارسة سلطتها التأسيسية، وان كل ما يترتب على هذا الحظر لا يعدو ان يكون إطالة المدة الزمنية اللازمة لتعديل الدستور وان التعديل ممكن لكل أحكام الدستور ولكن بعد مضي المدة المحددة(23).
• ذهب اتجاه آخر من الفقهاء إلى التفريق بين آثار الحظر بالنسبة للسلطة التأسيسية الأصلية وآثاره بالنسبة للسلطة التأسيسية المنشأة. إذ إن جميع أنواع الحظر عديمة القيمة بالنسبة للسلطة التأسيسية الأصلية، فهذه السلطة تتمتع بإختصاص مطلق في تعديل الدستور، أما بالنسبة للسطلة التأسيسية المنشأة فإن النصوص التي تحظر التعديل تعد واجبة الاحترام(24).
• اتجه جانب آخر من الفقهاء إلى ان النصوص التي تحظر التعديل بشكل كامل مؤقت أو بشكل جزئي دائم أو مؤقت تعد مشروعة وصحيحة من الناحية القانونية وإن لم تكن كذلك من الناحية السياسية، لأن هذه النصوص تتعارض من وجهة النظر السياسية مع مبدأ السيادة الشعبية وممارسة الشعب للسلطة التأسيسية وحقه في إنشاء الدستور وتعديله بإعتباره صاحب السيادة. وعلى ذلك فإن هذه النصوص صحيحة من وجهة النظر القانونية ويجب اتباع الإجراءات التي ينص عليها الدستور لتعديله(25).
• ويرى اتجاه آخر من الفقهاء ان النصوص الدستورية التي تحظر التعديل بصورة المختلفة صحيحة ولها قوة قانونية ملزمة ولكن ذلك لا يحول دون جواز تعديلها في كل وقت مثلها مثل بقية نصوص الدستور(26).
ونحن نرى ان الرأي الأسلم بين تلك الآراء هو الذي يعطي للنصوص الدستورية التي تحظر تعديل الدستور القيمة القانونية الفعلية، على أن تتبع الإجراءات القانونية التي يتطلبها تعديل الدستور الجامد وذلك بعد مضي المدة المحددة بالنسبة للدساتير المحظور تعديلها لمدة محددة أو بعد مضي المدة المنصوص عليها في حالة الحظر الجزئي المؤقت. وعكس ذلك يفسح المجال إلى الانحراف في تطبيق الدستور، ويصبح تطبيق الأحكام الدستورية وفق مشيئة الحكام ورغبتهم، مما يفقد الدستور هيبته في النفوس. كما يبقى الرأي في النهاية للجماعة فإذا رأت أن تلك النصوص تشكل عائقا في طريق تقدمها فإنها تعيد النظر بها أو بكل الدستور ولو تضمن الدستور نصوصا تحظر تعديله.
ثانيا: الإجراءات الخاصة لمناقشة التعديل الدستوري وإقراره:
سبق أن بينا ان حق إقتراح تعديل الدستور في الأردن، ممنوح كأي إقتراح تشريعي للسلطتين التنفيذية والتشريعية. إذ يجوز للسلطة التنفيذية ولعشرة أو اكثر من أعضاء أي من مجلسي الأعيان والنواب إقتراح تعديل الدستور. والسائد في الدساتير ومن بينها الدستور الأردني ان يخول البرلمان سلطة الفصل في موضوع تعديل الدستور. ولهذا المسلك ما يبرره، لأن البرلمان يمثل الأمة، وهو بهذا الوصف اكثر السلطات صلاحية للفصل في التعديل المقترح(27).
يقدم رئيس الوزراء حسب نص الدستور كل إقتراح تشريعي سواء مقدم من البرلمان أو من الحكومة إلى مجلس النواب، الذي يقوم بعد ذلك بعملية المناقشة والمداولة في بنود الإقتراح ومواده واحكامه، وله حق قبوله أو تعديله أو رفضه.
ولا يبدي المجلس رأيه بأحد هذه المواقف إلا بعد المداولة والتصويت على الإقتراح، ثم يحول بعد ذلك إلى مجلس الأعيان. ويختلف الأمر بحسب ما إذا كانت العملية بالدستور أو بقانون عادي.
وقد نصت المادة (84) من الدستور على أنه: “1- لا تعتبر جلسة أي من المجلسين قانونية إلا إذا حضرها ثلثي أعضاء المجلس وتستمر الجلسة قانونية ما دامت اغلبية أعضاء المجلس المطلقة حاضرة فيها. 2- تصدر قرارات كل من المجلسين بأكثرية أصوات الأعضاء الحاضرين ما عدا الرئيس إلا إذا نص هذا الدستور على خلاف ذلك، وإذا تساوت الأصوات فيجب على الرئيس ان يعطي صوت الترجيح. 3- إذا كان التصويت متعلقا بالدستور أو بالاقتراع على الثقة بالوزارة أو بأحد الوزراء فيجب ان تعطى الأصوات بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عال”.
فالنصاب القانوني لجلسات أي من المجلسين هو حضور ثلثي الأعضاء لكل مجلس وتستمر الجلسة قانونية بحضور الأغلبية المطلقة. ففي المجلس الحالي تفتتح الجلسة بأغلبية ثلثي النواب 54 من 80 وثلثي الأعيان 27 من 40 وتستمر قانونية لغاية 41 في مجلس النواب و 21 في مجلس الأعيان. ويصدر القرار بالأغلبية المطلقة للحضور والحد الأدنى للحضور هو الأغلبية المطلقة في كل مجلس.
أما إذا كان الأمر يتعلق بالدستور، فقد اشترطت المادة 126/1 بأن تجيز التعديل اكثرية الثلثين من أعضاء كل من مجلسي الأعيان والنواب. أي ان الحد الأدنى هو الثلثين في كل مجلس.
وفي حالة اجتماع المجلسين إثر رفض أحد المجلسين مشروع أي قانون مرتين وقبله المجلس الآخر معدلا أو غير معدل، فقد جاء في المادة (92) من الدستور ان يجتمع المجلسان في جلسة مشتركة برئاسة رئيس مجلس الأعيان لبحث المواد المختلف فيها ويشترط لقبول المشروع إذا كان متعلقا بقانون عادي ان يصدر قرار المجلس المشترك بأكثرية ثلثي الأعضاء الحاضرين. أما إذا تعلق الأمر بمشروع لتعديل الدستور، فقد اشترطت المادة (126/1) من الدستور لإقرار التعديل ان تجيزه أكثرية الثلثين من الأعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس.
وفيما يخص التصويت في مجلسي الأعيان والنواب فإن الأمر يختلف بحسب ما إذا كان الأمر يتعلق بقانون عادي أو بالدستور. فإذا كان الأمر يتعلق بقانون عادي فإنه طبقا للمادة (77) من النظام الداخلي لمجلس النواب والمادة (58) من النظام الداخلي لمجلس الأعيان فإن الأصوات تجمع أما برفع الأيدي أو القيام أو بالاقتراع السري ولا يعدل عن طريقتي رفع الأيدي أو القيام إلى الاقتراع السري إلا إذا قررت الأكثرية في المجلس ذلك.
أما إذا كان الأمر خالصا بالدستور فإن الفقرة الثالثة من المادة (84) من الدستور تستلزم بان تعطى الأصوات بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عال.
هذا ويرفع مشروع كل قانون أقره مجلسا الأعيان والنواب سواء تعلق بقانون عادي أو بالدستور إلى الملك للمصادقة عليه. وقد نصت على ذلك المادة (31) من الدستور على ان: “الملك يصدق على القوانين ويصدرها …” واذا تعلق الأمر بقانون عادي فقد جاء في المادة (93) من الدستور مايلي:
“1- كل مشروع قانون اقره مجلسا الأعيان والنواب يرفع إلى الملك للتصديق عليه.
2- يسري مفعول القانون بإصداره من جانب الملك ومرور ثلاثين يوما على نشره في الجريدة الرسمية إلا إذا ورد نص خاص في القانون على ان يسري مفعوله من تاريخ آخر. 3- إذا لم ير الملك التصديق على القانون فله في غضون ستة اشهر من تاريخ رفعه اليه ان يرده إلى المجلس مشفوعا ببيان أسباب عدم التصديق. 4- إذا رد مشروع أي قانون” ما عدا الدستور “خلال المدة المبينة في الفقرة السابقة واقره مجلسا الأعيان والنواب مرة ثانية بموافقة ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل من المجلسين وجب عندئذ اصداره وفي حالة عدم إعادة القانون مصدقا في المدة المعينة في الفقرة الثالثة من هذه المادة يعتبر نافذ المفعول وبحكم المصدق. فإذا لم تحصل اكثرية الثلثين فلا يجوز إعادة النظر فيه من خلال تلك الدورة على أنه يمكن لمجلس الأمة ان يعيد النظر في المشروع المذكور في الدورة العادية التالية”.
أما إذا كان الأمر يتعلق بتصديق تعديل الدستور فإنه إذا ما تم اقرار التعديل من قبل المجلسين بالأكثرية المطلوبة، بموجب المادة (126/1) من الدستور يحال الأمر للملك للتصديق عليه، وتصديق الملك على مشروع تعديل الدستور امر ضروري وبدونه لا يمكن اصدار التعديل مطلقا، لأن اعتراضه عليه يعد اعتراضا مانعا من اصداره بشكل نهائي.
مما سبق يتبين لنا أنه يشترط في تعديل الدستور اغلبية خاصة هي ثلثي أعضاء كل مجلس ولو اجتمع المجلسان في مجلس واحد، وان يكون التصويت علنيا وبالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عال. كما ان للملك حق الامتناع عن تصديق القانون، فإذا كان قانونا عاديا، فإن للملك حق الاعتراض المسبب ويسمى اعتراضا توقيفيا عن تصديق القانون، فإذا كان قانونا عاديا، فإن للملك حق الاعتراض المسبب ويسمى اعتراضا توقيفيا يمكن التغلب عليه بالطرق الدستورية وذلك بإقرار المشروع مرة ثانية بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل من المجلسين ويتوجب عندئذ اصداره. هذه الأحكام الخاصة بالتصديق على القوانين العادية لا تنطبق على تصديق التعديل الدستوري. ذلك ان اعتراض الملك على قرار مجلس الأمة بتعديل الدستور هو اعتراض مطلق لا يشترط ان يكون مسببا كما أنه لا يمكن التغلب عليه بالطرق الدستورية من قبل مجلس الأمة بأية أغلبية، فإذا رفض الملك التصديق على المشروع فإنه يسقط ولا يجوز إعادة النظر فيه خلال تلك الدورة. ويمكن لمجلس الأمة إعادة النظر فيه في الدورات اللاحقة(28).
المبحث الثاني
تعديلات دستور 1952 المتعلقة بتنظيم السلطات الثلاث في الأردن
تتجسد ممارسة مظاهر السيادة في الدولة في ثلاثة مظاهر متميزة وهي: إصدار قواعد عامة مجردة ملزمة للجميع، ويطلق على هذه العملية التشريع وتلك مهمة السلطة التشريعية، والمحافظة على النظام العام في الدولة وتقديم الخدمات للمواطنين في ظل تلك القواعد وهذه مهمة السلطة التنفيذية، ثم حل المنازعات بين المواطنين عن طريق قضاء مستقل وهذه مهمة السلطة القضائية. ومنعا للتعسف والاستبداد يجب ان لا تجمع مظاهر السيادة تلك بصورة مباشرة وغير مباشرة في قبضة شخص أو هيئة واحدة، بل يجب الفصل بينها أو توزيعها بين هيئات مختلفة(29).
وتقوم النصوص الدستورية بتحديد السلطات التي تمارس مظاهر السيادة وتبين كيفية تكوينها وممارسة إختصاصاتها وكيفية انتقالها وعلاقاتها مع بعضها البعض ومع الأفراد. ولكن تلك النصوص توضع في زمن معين، وقد تستجد احداث ووقائع تختلف عن تلك التي وضع الدستور في ظلها، فيصبح النص الدستوري عاجزا عن مسايرة تلك الوقائع والأحداث مما يتطلب تعديله من قبل الجهة المختصة بذلك، وقد يتم تعديل الدستور في بعض الأحيان لأهداف غير تلك التي ذكرنا مما يشكل انحرافا بالنصوص عن الواقع. لهذا سنبحث تعديلات دستور عام 1952 المتعلقة بتكوين كل سلطة من السلطات الثلاث وكيفية ممارستها لإختصاصتها.
المطلب الأول
التعديلات الدستورية المتعلقة بتكوين السلطة التنفيذية وممارستها لإختصاصاتها
نصت المادة (26) من الدستور على أنه: “تناط السلطة التنفيذية بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه وفق احكام هذا الدستور”. ومن هذا يتبين ان السلطة التنفيذية منوطة بالملك ويتولاها بواسطة مجلس الوزراء.
ولهذا سنتكلم عن تعديلات دستور 1952 المتعلقة بالمركز القانوني للملك ومجلس الوزراء من حيث تكوينه ونطاق إختصاصاته وإختصاص السلطة التنفيذية في وضع القوانين المؤقتة.
أولا: المركز القانوني للملك:
ونفرق هنا بين التعديلات المتعلقة بالملك الذي يتولى المسؤولية في الأردن وتلك المتعلقة بسلطاته التقديرية.
1. الملك الذي يتولى المسؤولية في الأردن:
تعد مؤسسة العرش في الأردن مؤسسة قانونية، ومنذ أن وضع دستور عام 1952 لم تتعرض النصوص الدستورية التي تحدد المركز القانوني للملك للتعديل إلا في حالة واحدة حددت كيفية انتقال الملك من الملك الجالس على العرش إلى احد اخوته بدل اكبر ابنائه. فقد جاء في المادة الأولى من الدستور ان:
“المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية … ونظام الحكم فيها ملكي وراثي”. وقد نصت المادة (28) من الدستور على ان: “عرش المملكة الأردنية الهاشمية وراثي في اسرة الملك عبدالله بن الحسين، وتكون وراثة العرش في الذكور من اولاد الظهور وفق الأحكام التالية:
أ- تنتقل ولاية الملك من صاحب العرش إلى اكبر ابنائه سنا ثم إلى ابناء ذلك الابن الأكبر وهكذا طبقة بعد طبقة. وإذا توفي أكبر الأبناء قبل ان ينتقل اليه الملك كانت الولاية إلى اكبر ابنائه ولو كان للمتوفي إخوة”.
في 11 آب سنة 1952 وإستنادا إلى الفقرة (م) من المادة (28) من الدستور قرر مجلس الأمة إنهاء ملك الملك طلال والمناداة بالأمير حسين بن طلال ملكا دستوريا على البلاد. إلا أن الملك حسين الذي نودي به ملكا على البلاد لم يكن قد بلغ بعد سن الرشد الدستوري، لذا فقد قرر مجلس الوصاية إستنادا إلى الفقرة (ب) من المادة (28) من الدستور في 13/9/1952 تعيين الأمير محمد وليا للعهد، وفي 2/5/1953 بلغ الملك حسين سن الرشد واعتلى العرش، وبقي الأمير محمد وليا للعهد إلى 3/1/1962 تاريخ مولد الأمير عبد الله بن الحسين فصدرت إرادة ملكية بتعيينه وليا للعهد.
في عام 1965 عدلت الفقرة (أ) من المادة (28) من الدستور بإضافة عبارة إلى تلك الفقرة جاء فيها: “… على أنه يجوز للملك ان يختار احد اخوته الذكور وليا للعهد وفي هذه الحالة تنتقل ولاية الملك من صاحب العرش إليه(30).
وفي 1/4/1965 صدرت إرادة ملكية بتعيين الأمير حسن وليا للعهد. وفي 7/6/1978 وجه الملك حسين رسالة ملكية سامية إلى الأمير حسن ولي العهد يوصيه فيها ان يكون علي بن الحسين وليا للعهد(31) وبتاريخ 21/1/1999 بعث الأمير حسن ولي العهد رسالة إلى الملك حسين تنازل بموجبها عن ولاية العهد. وبتاريخ 25/1/1999 صدرت إرادة ملكية بتعيين الأمير عبد الله بن الحسين وليا للعهد.
في 7/2/1999 انتقل إلى رحمة الله تعالى الملك حسين وتم تنصيب الأمير عبد الله ملكا على البلاد، وصدرت في نفس اليوم إرادة ملكية بتعيين الأمير حمزة بن الحسين وليا للعهد.
نلاحظ مما سبق، ان تعديل الفقرة أ من المادة (28) من الدستور قد اعطى الحرية للجالس على العرش بأن يختار وليا للعهد من بين اخوته بصرف النظر عن ترتيب أعمارهم. وهذا من الناحية القانونية يعطى نتيجة افضل من النص القديم الذي يحتم تسمية اكبر الأبناء الذكور وليا للعهد بصرف النظر عن مدى قدرته أو مؤهلاته للقيام بهذا الواجب الكبير.
2. التعديلات المتعلقة بسلطات الملك التقديرية:
وهي التي تتعلق بحق الملك في إعلان الحرب وعقد الصلح وإبرام المعاهدات والإتفاقيات، وفي حل مجلس الأعيان.
أ- إعلان الحرب وعقد الصلح وإبرام المعاهدات والإتفاقيات: تنص أغلب دساتير الدول على ان رئيس الدولة هو القائد العام للجيش، ويدخل هذا العمل بإختصاص رئيس السلطة التنفيذية لأنه هو المكلف باستتباب الأمن والنظام في داخل البلاد والمحافظة على سلامة أراضيها. وقد نص الدستور الأردني في المادة (32) منه على ان: “الملك هو القائد الأعلى للقوات البرية والجوية والبحرية”. ونتيجة لهذا الحق لا بد ان يعطى الملك حق اعلان الحرب وعقد الصلح لأنه هو القائد الأعلى للجيش وهو الذي يعرف بحق مقدرة دولته العسكرية، ونظرا لخطورة الأمر يمارس هذا الملك هذا الحق عن طريق الوزارة، وتكون الوزارة مسؤولة امام البرلمان عن كيفية استعماله.
وقد تعرض نص المادة (33) من الدستور إلى هذا الحق. وكان نصها قبل تعديلها كمايلي:
“1- الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات. 2- معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة والمعاهدات الأخرى التي يترتب عليها تعديل في اراضي الدولة أو نقص في حدود سيادتها أو تحميل خزائنها شيئا من النفقات أو مساس بحقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة ولا يجوز في أي حال ان تكون الشروط السرية في معاهدة ما مناقضة للشروط العلنية”.
وهنا نلاحظ التناقض بين نص هذه المادة ونص المادة الأولى من الدستور التي تنص على ان: “المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه …” لذلك لا يجوز ان تأتي مادة اخرى تجيز معاهدات أو اإتفاقيات يترتب عليها تعديل في اراضي الدولة أو نقص في حقوق سيادتها. وقد عدل النص على النحو التالي: 1- الملك هو الذي يبرم المعاهدات والإتفاقيات. 2- المعاهدات والإتفاقيات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئا من النفقات أو مساس في حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة …”(32).
ولكن الفقرة الأولى من المادة (33) بعد التعديل أغفلت حق الملك في إعلان الحرب وعقد الصلح فعدلت مرة ثانية على النحو التالي: 1- الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والإتفاقيات. 2- …..”(33). ونلاحظ على النص الأخير أنه لم يفرق بين حق الملك في إعلان الحرب الهجومية والدفاعية، في حين ان المادة (46) من دستور مصر لعام 1923 قد فرقت بين الحرب الهجومية والحرب الدفاعية فأوجبت أخذ موافقة البرلمان على الحرب الهجومية. المادة (35) من الدستور الفرنسي لعام 1958 اوجبت اخذ موافقة البرلمان على الحرب الدفاعية والحرب الهجومية.
ب- حل مجلس الأعيان: سبق أن بينا ان الدستور الأردني لعام 1952 تبنى في مادته الأولى نظام الحكم النيابي، وتحقيقا لذلك نصت المادة (25) من الدستور على أنه: “تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك ويتألف مجلس الأمة من مجلسي الأعيان والنواب”. وهكذا ظهر في الأردن النظام النيابي القائم على نظام المجلسين في تكوين السلطة التشريعية. وجاء في المواد (62، 63، 66، 67) من الدستور بأن يتم تعيين أعضاء مجلس الأعيان من قبل الملك على ان لايزيد عددهم بما فيهم رئيس المجلس عن نصف عدد مجلس النواب وان يتم إنتخاب أعضاء مجلس النواب بالإنتخاب العام المباشر السري. ويجتمع مجلس الأعيان عند اجتماع مجلس النواب وتكون أدوار الإنعقاد واحدة للمجلسين، واعطى الدستور للملك ان يحل مجلس النواب، وعلى مجلس الأعيان ان يوقف جلساته في حالة حل مجلس النواب.
استمرت الحياة النيابية في الأردن حتى 15/4/1967 وهو التاريخ الذي جرى فيه آخر إنتخابات لآخر مجلس نواب في الضفتين الشرقية والغربية. أي قبل إحتلال الضفة الغربية من قبل اسرائيل في حزيران من نفس العام. وبسبب ظروف الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية لم تجر إنتخابات جديدة لمجلس النواب بعد انتهاء مدته في عام 1971، وإستنادا لنص المادة (68) من الدستور مدد الملك مدة مجلس النواب المذكور حتى عام 1974، وفي تشرين اول عام 1974 انعقد مؤتمر القمة في الرباط في المملكة المغربية وقرر الملوك والرؤساء العرب الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، وعلى اثر ذلك حل مجلس النواب وعدلت المادة (73) من الدستور وتم تأجيل الإنتخابات التسريعية لمدة عام، كما عدلت المادة (34) من الدستور بحيث اضيف لها فقرة رابعة تجيز للملك ان يحل مجلس الأعيان أو يعفي احد اعضائه من العضوية(34).
وهكذا أملت الأحداث السياسية إجراء تعديل على الدستور للتخلص من مأزق سياسي يمكن ان يؤدي إلى أن تحكم السلطة التنفيذية بموجب مجلس واحد، أو ابقاء المجلس معلقا مدة طويلة وقد يفقد المجلس بالاستقالة أو الوفاة نصابه القانوني دون ان يتمكن الملك من تجديد عضويتهم بالطرق القانونية.
ثانيا: التعديلات التي تتعلق بتشكيل مجلس الوزراء ونطاق إختصاصاته:
1. تشكيل مجلس الوزراء: بموجب المادة (35) من الدستور يتم تشكيل الحكومة في الأردن بإرادة ملكية وللملك الحق بتعيين رئيس الوزراء وإقالته وقبول إستقالته، ويعين الوزراء ويقيلهم ويقبل استقالتهم بناء على تنسيب مجلس الوزراء. ولم يرد أي قيد على صلاحية الملك في تعيين رئيس الوزراء والوزراء إلا أن يكون رئيس الوزراء والوزراء من الأردنيين، وعدم وجود أي قيد على صلاحية الملك في هذا المجال يعود إلى عدم وجوب احزاب سياسية بحيث يتم تشكيل الحكومة من قبل الحزب الفائز بأغلبية المقاعد في البرلمان. وهذا ما يؤكد مسؤولية رئيس الوزراء والوزراء امام الملك.
الجانب الثاني هو مسؤولية الحكومة أمام مجلس النواب، وهذا ما نصت عليه المادة (54/3) من الدستور حيث يتوجب على كل وزارة تؤلف ان تتقدم ببيانها الوزاري إلى مجلس النواب، وقد تعرض هذا النص لعدة تعديلات. فقد كانت صياغة تلك الفقرة على النحو التالي: “يترتب على كل وزارة تؤلف ان تتقدم إلى مجلس النواب ببيانها الوزاري وان تطلب الثقة على هذا البيان إذا كان في حالة إنعقاد”. نلاحظ على صياغة هذا النص الركاكة وعدم تحديد مدة معينة تلزم الحكومة لكي تتقدم ببيانها مما ادى إلى تعديل تلك الفقرة لكي تصبح على النحو التالي: “على كل وزارة تؤلف ان تتقدم إلى مجلس النواب خلال (30) يوما من تاريخ تأليفها إذا كان المجلس منعقدا وخلال شهرين إذا لم يكن منعقدا ببيانها الوزاري وان تطلب الثقة على هذا البيان، واذا كان المجلس منحلا فعلى الوزارة ان تتقدم ببيانها الوزاري وان تطلب الثقة عليه خلال خمسة عشر يوما من اجتماع المجلس”(35). لقد اتسم النص الجديد بالإطالة وعدم التمسك مما يؤدي إلى اثارة اشكالات قانونية متعددة مما ادى إلى تعديل النص مرة ثانية فجاء على النحو التالي: “يترتب على كل وزارة تؤلف ان تتقدم ببيانها الوزاري إلى مجلس النواب خلال شهر واحد من تاريخ تأليفها إذا كان المجلس منعقدا وان تطلب الثقة على ذلك البيان واذا كان المجلس غير منعقد أو منحلا فيعتبر العرش بيانا وزاريا لأغراض هذه المادة”(36).
نلاحظ مما سبق ان النص الأخير أسلم صياغة وأنه عالج مسألتين هما: إنعقاد مجلس النواب وعدم إنعقاده أو كونه منحلا فيعتبر عندها خطاب العرش بيانا وزاريا، (ولا شك ان حرف الفاء في كلمة “فيعتبر” جاءت على سبيل الإلزام وليس التخيير وإلا لانتفت الحكمة من النص).
• ما ان تتقدم الحكومة إلى مجلس النواب ببرنامجها فإنها تطرح بها الثقة وهذه المسؤولية السياسية المشتركة للوزارة. ولكن المشكلة في الأردن تدور حول عملية التصويت على الثقة فقد جاء النص السابق للمادة (53) على النحو التالي: “تطرح الثقة بالوزارة أو بأحد الوزراء امام مجلس النواب فإذا قرر المجلس عدم الثقة بالوزارة بأكثرية ثلثي الأعضاء الذين يتالف منهم المجلس وجب عليه ان تستقيل واذا كان القرار خاصا بأحد الوزراء وجب عليه اعتزال منصبه”.
نلاحظ على النص أنه يتطلب التصويت السلبي وليس الايجابي، ويتطلب اغلبية خاصة وهي: ان يتم التصويت بعبارة عدم الثقة وليس بالثقة وهذا شبه مستحيل ان يتحقق على ارض الواقع. لذلك عدلت هذه المادة على النحو التالي: “1- تطرح بالوزارة أو بأحد الوزراء امام مجلس النواب. 2- إذا قرر المجلس عدم الثقة بالوزارة بالأكثرية المطلقة من مجموع عدد اعضائه وجب عليها ان تستقيل. 3- وإذا كان قرار عدم الثقة خاصا بأحد الوزارء وجب عليه اعتزال منصبه”(37).
لقد حافظ التعديل الدستوري على طبيعة التصويت السلبي، وهذا يؤكد ان الحكومة تحوز أولا على ثقة الملك وإذا صوت عليها مجلس النواب بعدم الثقة تستقيل وإلا تعتبر قائمة ولو صوت ضدها (40 من 80) عضوا وامتنع البقية تستمر الحكومة ولكن ليس بأغلبية حقيقية وإنما بأغلبية صورية.
• أعطى الدستور بعد التصويت على الحكومة إلى رئيس الوزراء أو عشرة أعضاء من
مجلس النواب ان يطلبوا عقد جلسة ثقة بالحكومة. وكان نص المادة (54) على النحو التالي: “1- تعقد جلسة الثقة بالوزارة أو بأي وزير منها أما بناء على طلب رئيس الوزراء وإما بناء على طلب موقع من عدد لا يقل عن عشرة أعضاء من مجلس النواب. 2- يؤجل الاقتراع على الثقة لمرة واحدة لا تتجاوز مدتها عشرة ايام إذا طلب ذلك الوزير المختص أو هيئة الوزارة”.
نلاحظ ان النص ضمن موقفا قويا للحكومة فأعطاها الحق بطلب التأجيل خوفا من ان يباغتها أعضاء مجلس النواب بهذا الطلب وبعض الوزراء خارج البلاد. ولكن النظام النيابي البرلماني قائم على التوازن بين السلطتين، ولذلك ولإعتبارات فنية وقانونية تم تعديل هذا النص لكي يضمن حماية مجلس النواب من تعسف الحكومة، إذ تم تعديل الفقرة الثانية من هذه المادة بإضافة عبارة (ولا يحل المجلس خلال هذه المدة)(38). إذن بموجب النص الجديد للحكومة ان تطلب تأجيل الاقتراع على الثقة ولكن ليس إلى تاريخ غير محدد وإنما لمدة عشرة ايام ولا تستطيع ان تحل مجلس النواب خلال هذه المدة.
2. نطاق إختصاصات مجلس الوزراء: أناط الدستور الأردني السلطة التنفيذية بالملك على ان يتولاها بواسطة وزرائه. وقد وضع المشرع الدستوري في المادة (45) من الدستور إطارا عاما لإختصاصات مجلس الوزراء ورئيس الوزراء والوزراء فكان النص السابق على النحو التالي: “1- يتولى مجلس الوزراء مسؤولية ادارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية باستثناء ما قد عهد أو يعهد به من تلك الشؤون بموجب هذا الدستور أو بموجب أي قانون أو نظام وضع بمقتضاه إلى أي شخص آخر أو هيئة اخرى. 2- تعين صلاحيات رئيس الوزراء والوزراء ومجلس الوزراء بأنظمة يضعها مجلس الوزراء ويصدق عليها الملك”.
نلاحظ مدى التناقض في الصياغة بين نص الفقرة الأولى والفقرة الثانية، إذ تحدد الفقرة الثانية إختصاصات رئيس الوزراء والوزراء ومجلس الوزراء بموجب انظمة مستقلة. وطبقا لمبدأ تدرج القواعد القانوينة العامة المجردة فالدستور يقع في أعلى مرتبة وبعده يأتي القانون العادي ثم الأنظمة المستقلة. ولكن طبقا للفقرة الأولى من المادة (45) فإنه يجوز إخراج بعض المسائل من إختصاصات مجلس الوزراء إستنادا إلى نص دستوري أو قانون عادي أو نظام تنفيذي وليس نظاما مستقلا، وهذا لا يستقيم مع الفقرة الثانية، شؤون الدولة الداخلية والخارجية باستثناء ما عهد أو يعهد به من تلك الشؤون بموجب هذا الدستور أو أي تشريع آخر إلى أي شخص أو هيئة اخرى(39).
ثالثا: إختصاص السلطة التنفيذية في وضع القوانين المؤقتة:
تعد نظرية الضرورة الأساس الفلسفي لصلاحيات السلطة التنفيذية في الأردن في وضع القوانين المؤقتة وتقوم نظرية الضرورة على إعطاء السلطة التنفيذية، في حالة مرور البلاد بظروف استثنائية، الحق بإتخاذ إجراءات خارج نطاق إختصاصها. ويمكن القول إن نظرية الضرورة قد رأت النور في ألمانيا في القرن التاسع عشر وانتقلت في نفس القرن إلى إيطاليا، وفي بداية القرن العشرين وبالتحديد بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى بدأت هذه النظرية بالانتشار في كل من فرنسا وسويسرا واليونان ورومانيا وغيرها من الدول(39).
وقد تبنى أغلبية فقهاء القانون الدستوري في تلك الدول هذه النظرية، ولا يختلف هؤلاء الفقهاء في مجال هذه النظرية إلا حول مشكلتين: الأولى حول تحديد الأساس القانوني للضرورة، والثانية حول تحديد القيمة القانونية لأعمال السلطة التنفيذية في حالة الضرورة. فمن وجهة نظر البعض تعد الضرورة مصدرا للقانون، وهذه النظرية القانونية للضرورة، وبالنسبة للبعض الآخر فإن أعمال السلطة التنفيذية في حالة الضرورة تعد غير مشروعة ويمكن السماح بها بسبب الظروف الإستثنائية، وهذه النظرية السياسية للضرورة(41).
• النظرية القانونية للضرورة: تبنى هذه النظرية في فرنسا الفقيه هوريو والفقيه ديجي. يرى الفقيه هوريو ان السلطة التنفيذية هي الأصل وقد تفرعت عنها السلطات الأخرى وهي العضو العامل في الدولة، وفي الظروف الإستثنائية يتوجب على الحكومة ان تعطي الأهمية الكبرى للقوانين التي تحافظ على وجود الدولة واستمرارها وان توقف العمل بالقوانين بحقوق الأفراد إذا كانت تقف في سبيل بقاء الدولة واستمرارها. ويرى الفقيه ديجي أنه لا يجوز للحكومة ان تشرع في المجال المحدد للسلطة التنفيذية إلا في الظروف الإستثنائية وضمن شروط محددة هي: 1- ان تكون هناك حالة حرب خارجية أو تمرد مسلح أو اضراب عام. 2- استحالة دعوة البرلمان للإنعقاد. 3- عرض تلك الإجراءات على البرلمان في أول اجتماع له للموافقة عليها(42).
• النظرية السياسية للضرورة: تبنى هذه النظرية كل من الفقهاء كاري دي مالبيرج وبارتلمي وايسمن في فرنسا ولاباند في ألمانيا. ويرى اصحاب هذه النظرية ان الضرورة لا يمكن ان تكون مصدرا للقانون، إنما فقط ضرورة سياسية تجيز للحكومة إتخاذ إجراءات غير شرعية، وذلك لأنه في ظل الظروف الاستثنئاية تطغى الإعتبارات السياسية على الإعتبارات الشكلية للشرعية بحيث تجيز للحكومة ان تقوم بأعمال غير قانونية، ويتوجب بعدها على البرلمان ان يجيز هذه الاجراءات غير الشرعية(43). وقد تبنى الدستور الأردني في المادة (94) منه نظرية الضرورة وكانت صياغة المادة عند وضع الدستور كمايلي: ” 1- عندما يكون مجلس الأمة غير منعقد يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك ان يضع قوانين مؤقتة لمواجهة الطوارىء الآتية بيانها: أ- الكوارث العامة ب- حالة الحرب والطواىء ج- الحاجة إلى نفقات مستعجلة لا تتحمل التأجيل. ويكون لهذه القوانين المؤقتة التي يجب ان لا تخالف احكام الدستور قوة القانون على ان تعرض على المجلس في أول اجتماع يعقده، فإذا لم يقرها وجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك ان يعلن بطلان نفاذها فورا ومن تاريخ ذلك الاعلان يزول ما كان لها من قوة القانون على ان لا يؤثر ذلك في العقود والحقوق المكتسبة. 2- يسري مفعول القوانين المؤقتة بالصورة التي يسري فيها مفعول القوانين بمقتضى حكم المادة (93) من هذا الدستور”.
وقد عدلت الفقرة الأولى من هذه المادة بحيث أصبحت على النحو التالي: “1- عندما يكون مجلس الأمة غير منعقد أو منحلا يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين مؤقتة في الأمور التي تستوجب إتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأجيل ويكون لهذه القوانين المؤقتة التي يجب ان لا تخالف احكام الدستور قوة القانون ….”(44).
نلاحظ ان التعديل قد اضاف حالة حل البرلمان لغياب البرلمان وبذلك اجاز للسلطة التنفيذية ان تضع قوانين مؤقتة في حالة عدم إنعقاد البرلمان أو حله فقط ولا يجوز في غير ذلك من الأحوال كحالة الإرجاء والتأجيل. ولكن المهم في الأمر ان المشرع الدستوري بعد ان تبنى موقف اصحاب النظرية القانونية للضرورة، الذي يقيد الحكومة بشروط محددة، عاد وتبنى موقف اصحاب النظرية السياسية فأصبح النص اكثر غموضا وتضمن تعابير عامة غير محدودة، ويجيز للحكومة تطويع النص حسب رغبتها.
المطلب الثاني
التعديلات الدستورية المتعلقة بتكوين السلطة التشريعية وإختصاصاتها
بينا فيما سبق ان الدستور الأردني لعام 1952 قد تبنى نظام الحكم النيابي صراحة في المادة الأولى منه، وقد اختلفت الدول باختلاف نظمها الدستورية في امر تكوين هيئاتها النيابية، فقد قررت بعض الدول الأخذ بنظام المجلس النيابي الفردي، وقرر البعض الآخر الأخذ بنظام المجلسين النيابيين. وقد ظهر النظام الثاني في دستور 1952، فقد قررت المادة (25) منه مايلي: “تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك ويتألف مجلس الأمة من مجلسي الأعيان والنواب” وقد أكدت ذلك المادة (62) من الدستور، فقد نصت على أنه “يتألف مجلس الأمة من مجلسين: مجلس الأعيان ومجلس النواب”.
على ان الأخذ بنظام المجلسين يحتم المغايرة بينهما، أي بأن لا يكون كل مجلس صورة مطابقة مكررة للآخر، والا انتفت الحكمة من نظام الازدواج، وفقد بالتالي هذا النظام علة وجوده وجدواه. وتكون المغايرة بين المجلسين من حيث طريقة التكوين والعدد وعمر الأعضاء ومدة العضوية والإختصاص. ولقد أجريت بعض التعديلات على نصوص الدستور التي تتعلق بتكوين مجلسي الأعيان والنواب وإختصاصاتهما ولكنها ليست شاملة. وسنبحث هنا بعض التعديلات الدستورية المتعلقة بتلك المظاهر.
أولا: مدة مجلسي الأعيان والنواب:
من الأمور المقررة في القانون الدستوري في اختلاف مدة نيابة كل مجلس من مجلسي الأمة عن الآخر. بحيث تكون مدة المجلس المنتخب بالكامل أقصر من مدة المجلس الآخر، والسبب ان المجلس المنتخب يمثل الأمة وحتى تتحقق الرقابة الشعبية الفعالة على أعضاء المجلس وأعمالهم يجب تجديد إنتخاب أعضاء المجلس خلال مدة متوسطة، فلا تكون بالمدة الطويلة بحيث تفقد تلك الرقابة فاعليتها، ولا بالمدة القصيرة بحيث يخضع أعضاء المجلس بصفة مستمرة لجمهور الناخبين لكي يعيدوا إنتخاباتهم(45).
وقد نصت على ذلك المادة (65) من الدستور، إذ جاء فيها” 1- مدة العضوية في مجلس الأعيان ثماني سنوات ويتجدد تعيين نصف الأعضاء كل اربع سنوات ومن انتهت مدته من الأعضاء يجوز إعادة تعيينه. 2- يجري الاقتراع على من يجب خروجهم في نهاية الأربع سنوات الأولى ويجوز إعادة تعيين من سقط بالإقتراع ويشمل الاقتراع رئيس المجلس بصفته عضوا. 3- مدة رئيس مجلس الأعيان سنتان ويجوز إعادة تعيينه”.
وجاء في المادة (68) من الدستور ما يلي: “1- مدة مجلس النواب اربع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الإنتخاب العام في الجريدة الرسمية. 2- يجب إجراء الإنتخابات خلال الشهور الأربعة …”.
وقد عدلت الفقرتين الأولى والثانية من المادة (65) من الدستور فأصبحت المادة كما يلي: “1- مدة تعيين العضوية في مجلس الأعيان أربع سنوات ويتجدد تعيين الأعضاء كل أربع سنوات ويجوز إعادة تعيين من انتهت مدته منهم. 2- مدة رئيس مجلس الأعيان سنتان ويجوز إعادة تعيينه”(46).
وفي مرحلة لاحقة عدلت الفقرة الأولى من المادة (68) من الدستور فأصبحت كمايلي: “1- مدة مجلس النواب أربع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الإنتخاب العام في الجريدة الرسمية وللملك ان يمدد مدة المجلس بإرادة ملكية إلى مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد عن سنتين. 2- يجب اجراء الإنتخاب خلال الشهور الأربعة التي تسبق انتهاء مدة المجلس…”(47).
لقد خالف المشرع الدستوري بالتعديلين السابقين المبدأ الأساسي القاضي بتقصير مدة نيابة المجلس المعين عن مدة المجلس المنتخب، لا بل اجاز التعديل للملك ان يمدد مدة مجلس النواب إلى ست سنوات، وبذلك جعل مدة المجلس المنتخب أطول من مدة المجلس المعين الذي حددت مدته بأربع سنوات.
ثانيا: دورات مجلس الأمة:
بينا فيما سبق ان مجلس الأمة الأردني هو العضو التشريعي الأساسي في الدولة وفترة النيابية أربع سنوات للمجلسين الأعيان والنواب ما لم تمدد مدة مجلس النواب من قبل الملك. وتضم الفترة النيابية أدوار إنعقاده. وقد عرف الدستور الأردني ثلاثة انواع من الدورات، وهي الدورة العادية، والدورة غير العادية التي تعقد بعد الإنتخابات على أثر حل مجلس النواب، والدورة الإستثنائية. وأجريت على النصوص المتعلقة بتلك الدورات بعض التعديلات، وبعضها يتعلق بالشكل فقط، والبعض الآخر أصاب الموضوع استجابة لإعتبارات سياسية بحتة.
1. الدورة العادية: جاء في المادة (77) من الدستور: “مع مراعاة ما ورد في هذا الدستور من نص يتعلق بحل مجلس النواب يعقد مجلس الأمة دورة عادية واحدة في غضون كل سنة من مدته”. وجاء في المادة (78) من الدستور ما يلي: 1- يدعو الملك مجلس الأمة إلى الاجتماع في دورته العادية في اليوم الأول من شهر تشرين الثاني من كل سنة وإذا كان اليوم المذكور عطلة رسمية ففي أول يوم يليه لا يكون عطلة رسمية، على أنه يجوز للملك ان يرجىء بإرادة ملكية تنشر في الجريدة الرسمية اجتماع مجلس الأمة لتاريخ يعين في الإرادة الملكية على ان لا تتجاوز مدة الإرجاء شهرين. 2- إذا لم يدع مجلس الأمة إلى الاجتماع بمقتضى الفقرة السابقة فيجتمع من تلقاء نفسه كما لو كان قد دعي بموجبها. 3- تبدأ الدورة العادية لمجلس الأمة في التاريخ الذي يدعى فيه إلى الاجتماع وفق الفقرتين السابقتين، وتمتد هذه الدورة العادية ثلاثة أشهر، إلا إذا حل الملك مجلس النواب قبل انقضاء تلك المدة، ويجوز للملك ان يمدد الدورة العادية مدة أخرى لا تزيد على ثلاثة اشهر لإنجاز ما قد يكون هناك من اعمال، وعند انتهاء الأشهر الثلاثة أو أي تمديد لها يفض الملك الدورة المذكورة”.
وقد عدلت الفقرة الأولى من المادة (78) في عام 1954 بالاستعاضة عن عبارة “تشرين الثاني” الواردة في النص الأصلي بعبارة “تشرين اول” كما قد عدلت الفقرة الثالثة من تلك المادة بالاستعاضة عن عبارة “ثلاثة أشهر” الواردة في النص الأصلي بعبارة “ستة أشهر” وعن عبارة “وعند انتهاء الأشهر الثلاثة” في نهاية الفقرة بعبارة “وعند انتهاء الأشهر الستة ….”(48).
وفي عام 1955 أعيد تعديل الفقرة الثالثة من تلك المادة وذلك بالاستعاضة عن عبارة “ستة أشهر” بعبارة “أربعة أشهر”، وعبارة “الأشهر الستة” بعبارة “الأشهر الأربعة”(49).
نلاحظ مما سبق ان المشرع الأردني قد أخذ بنظام الدورات وليس بحالة الاجتماع الدائم للبرلمان، ويجتمع البرلمان بناء على دعوة من قبل الملك وليس بحكم القانون إلا في حالة عدم دعوته في موعده الدستوري. أما التعديلات فهي تتعلق بالشكل. ولك إذا كانت مدة الدورة العادية مقبولة في بداية الحياة الدستورية في الخمسينات والستينات من القرن العشرين إلا أنها أصبحت غير كافية لكي يقوم مجلس الأمة بالمهام الملقاة على عاتقه. فهناك بعض دول أوروبا الغربية مثل ألمانيا وبلجيكا وهولندا تأخذ بنظام الدورات السنوية، إذ يجتمع البرلمان طيلة العام ما عدا فترة الصيف، أما المشرع الدستوري في فرنسا فقد تبنى نظام الدورتين الأولى في الربيع 80 يوما والثانية تبدأ في الخريف مدتها 90 يوما(50).
2. الدورة غير العادية: سميت الدورة بهذا الإسم لأن الإنعقاد يتم في غير موعده العادي حينما يطرأ ما يستوجب دعوة البرلمان للإنعقاد وذلك أثر حل مجلس النواب.
تتفق القواعد الدستورية في جميع الدول ذات النظام النيابي البرلماني على إعطاء السلطة التنفيذية الحق بإنهاء مدة المجلس النيابي قبل نهاية مدته القانونية، لأنه سلاح مقابل للمسؤولية الوزارية المقررة امام المجلس النيابي. وعلى كليهما يقوم التوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية مع مبدأ التعاون بينهما(51).
بينا فيما سبق ان الدستور الأردني قد أخذ في المادة (34) منه بحق الملك بحل البرلمان، وأحاطه بضمانة إجراء الإنتخابات أثر حل المجلس لكي لا تتصرف السلطة التنفيذية بمقدرات البلاد دون أي رقابة من مجلس الأمة. فقد نصت المادة (73) من الدستور على ما يلي: 1- إذا حل مجلس النواب، فيجب إجراء إنتخاب عام بحيث يجتمع المجلس الجديد في دورة غير عادية بعد تاريخ الحل بأربعة أشهر على الأكثر وتعتبر هذه الدورة كالدورة العادية وفق أحكام المادة (78) من هذا الدستور وتشملها شروط التمديد والتأجيل.
2- إذا لم يتم الإنتخاب عند انتهاء الشهور الأربعة يستعيد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل ما لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد. 3- لا يجوز ان تتجاوز هذه الدورة غير العادية في أي حال يوم (31) تشرين اول وتفض في التاريخ المذكور ليتمكن المجلس من عقد دورته العادية في اول شهر تشرين الثاني، وإذا حدث أن عقدت الدورة غير العادية في شهري تشرين الثاني وكانون اول فتعتبر عندئذ اول دورة عادية لمجلس النواب”.
في عام 1955 عدلت الفقرة الثالثة من المادة (73) بحيث تمت الاستعاضة عن عبارة “31 تشرين أول” بعبارة 30 ايلول” وعن عبارة “شهري تشرين الثاني وكانون الأول “بعبارة “شهري تشرين الأول وتشرين الثاني”(52).
إستمرت الحياة النيابية في الأردن حتى 15 نيسان 1967، إذ جرت آخر إنتخابات لمجلس النواب في الضفتين الشرقية والغربية والأصل ان تنتهي مدته في 15 نيسان 1971. وبسبب ظروف الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية في عام 1967 ظل مجلس النواب قائما حتى 15/4/1973 وفقا لنص المادة (68/1) من الدستور التي تجيز للملك أن يمدد مدة المجلس لمدة لا تزيد عن سنتين. وفي عام 1974 انعقد مؤتمر القمة العربي في الرباط وقرر الاعتراف بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني. وعلى أثر ذلك تم تعديل المادة (73) من الدستور بإضافة فقرة رابعة لتلك المادة جاء فيها: “4- بالرغم مما ورد في الفقرتين (1، 2) من هذه المادة للملك أن يؤجل إجراء الإنتخاب العام لمدة لا تزيد على سنة واحدة إذا كانت هناك ظروف قاهرة يرى معها مجلس الوزراء أن إجراء الإنتخاب أمر متعذر”(53).
على أثر ذلك حل مجلس النواب وتم تأجيل الإنتخاب لمدة عام. وكان من المفروض إستنادا إلى الفقرة الثانية من المادة (73) ان يستعيد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا. لذا تمت دعوة البرلمان للإنعقاد في عام 1976 وتم تعديل الفقرة الرابعة من المادة (73) وأضيف لها فقرة خامسة بحيث أصبحت على النحو التالي: “1، 2، 3….4- بالرغم مما ورد في الفقرتين (1، 2) من هذه المادة للملك ان يؤجل إجراء الإنتخاب العام إذا كانت هناك ظروف قاهرة يرى معها مجلس الوزراء أن إجراء الإنتخاب أمر متعذر. 5- إذا طرأت خلال فترة التأجيل المبينة في الفقرة السابقة ظروف طارئة تقتضي تعديل الدستور فللملك بناء على قرار مجلس الوزراء دعوة مجلس النواب دعوة مجلس النواب السابق للإنعقاد في دورة استثنائية لهذه الغاية”(54).
وفي عام 1984 تمت دعوة البرلمان المنحل للإنعقاد وتم تعديل الفقرة الخامسة من المادة (73) وأضيفت لها فقرة سادسة فأصبحت على النحو التالي: “1، 2، 3، 4…5- إذا استمرت الظروف القاهرة المنصوص عليها في الفقرة الرابعة من هذه المادة فللملك بناء على قرار من مجلس الوزراء إعادة المجلس المنحل ودعوته للإنعقاد، ويعتبر هذا المجلس قائما من جميع الوجوه من تاريخ صدور الإرادة الملكية بإعادته، ويمارس كامل صلاحياته الدستورية وتنطبق عليه أحكاما هذا الدستور بما في ذلك المتعلق منها بمدة المجلس وحله، وتعتبر الدورة التي يعقدها في هذه الحالة أول دورة عادية له بغض النظر عن تاريخ وقوعها. 6- إذا رأى مجلس الوزراء ان اجراء الإنتخاب العام في نصف عدد الدوائر الإنتخابية على الأقل أمر ممكن بالرغم من استمرار الظروف القاهرة المشار إليها في هذه المادة، فللملك ان يأمر بإجراء الإنتخاب في هذه الدوائر، ويتولى الأعضاء الفائزون فيها إنتخاب ما لايزيد على نصف عدد الأعضاء من الدوائر الإنتخابية الأخرى التي تعذر إجراء الإنتخاب فيها على ان يكون إنعقادها بأكثرية ثلاثة ارباع عددهم وان يتم الإنتخاب من قبلهم بأكثرية الثلثين على الأقل ووفقا للأحكام والطريقة المنصوص عليها في المادة (88) من الدستور ويقوم الأعضاء الفائزون والأعضاء المنتخبون بموجب هذه الفقرة بإنتخاب بقية الأعضاء عن تلك الدوائر وفق الأحكام المبينة في هذه الفقرة”(55).
لقد تم تفعيل تلك النصوص وأعيدت الحياة النيابية للبلاد بعد أن فرضت الأحداث السياسية تعديلات على الدستور ليس لها صبغة قانونية وإنما سياسية بحتة، مما جعل تلك النصوص تظهر بالشكل المطول الممل الذي يختلف وبشكل واضح عن بقية نصوص الدستور فجاءت نشازا وغير منسجمة مع صياغة النصوص الأخرى.
وفي إطار التحضير للدورة غير العادية أورد المشرع الدستوري نصا يتعلق بالمجلس المنتخب بعد الحل حيث جاء في المادة (74) من الدستور: “إذا حل مجلس النواب بسبب فلا يجوز حل المجلس الجديد من أجل السبب نفسه”.
وعلى الرغم أن هذه الضمانة تتعلق بالمجلس المنتخب بعد الحل، إلا أنها تفترض أن الحل السابق قد كان مسببا وإلا لما أمكن التعرف إلى دواعي حل المجلس الجديد. وتم تعديل هذا النص في عام 1954 بشكل أعطى دفعة للأمام لضمان نزاهة إجراءات السلطة التنفيذية عند حل مجلس النواب وإجراء الإنتخاب وأصبح النص على النحو التالي: “1- إذا حل مجلس النواب بسبب ما فلا يجوز حل المجلس الجديد من اجل السبب نفسه. 2- الحكومة التي يحل مجلس النواب في عهدها تستقيل من الحكم خلال أسبوع من تاريخ الحل على ان تجري الإنتخابات النيابية حكومة انتقالية لا يجوز لأي وزير ان يرشح نفسه لهذه الإنتخابات”(56).
لم يكتب لهذا النص ان يعيش فترة طويلة حتى تترسخ أسس الديمقراطية في مجتمع نام، إذ تم التراجع عنه فعدلت المادة (74) مرة ثانية فأصبحت كما يلي: “إذا حل مجلس النواب بسبب ما فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه وعلى الوزير الذي ينوي ترشيح نفسه للإنتخاب ان يستقيل قبل ابتداء الترشيح بمدة خمسة عشر يوما على الأقل”(57).
وهكذا تراجعت الضمانات إلى تسبيب الحل فقط، حتى لايتم حل المجلس الجديد لنفس الأسباب التي حل المجلس السابق من أجلها، ويتوجب على الوزير ان يستقيل قبل بدء الترشيح بمدة خمسة عشر يوما على الأقل. أي على الوزير ان يستقيل بمدة تزيد عن غيره من العاملين في الدولة حتى تضمن حياد الوزير أثناء الحملة الإنتخابية وعدم التأثير على الناخبين، ولكن هذه الضمانة صورية وهشة والتأثير حاصل ولو كانت المدة المطلوبة ضعف ذلك.
ثالثا: النصاب القانوني لجلسات كل من مجلسي الأعيان والنواب:
يمكن القول إن الجلسات هي الاجتماعات التي يعقدها كل من مجلسي الأعيان والنواب خلال الدورات العادية وغير العادية والإستثنائية. من جهة ثانية، اوضحنا ان كلا من المجلسين لا يمكن ان يحدد من تلقاء نفسه موعد دورات الإنعقاد ومدتها، إلا أن كلا منهما سيد نفسه فيما يتعلق بتحديد موعد الجلسات وقد نصت المادة (84) من الدستور على ما يلي: “1- لا تعتبر جلسة أي من المجلسين قانونية إلا إذا حضرها ثلثي أعضاء المجلس. 2- تصدر قرارات كل من المجلسين بأكثرية أصوات الأعضاء الحاضرين ما عدا الرئيس إلا إذا نص هذا الدستور على خلاف ذلك وإذا تساوت الأصوات فيجب على الرئيس أن يعطي صوت الترجيح. 3- إذا كان التصويت متعلقا بالدستور أو بالاقتراع على الثقة أو بأحد الوزراء فيجب ان تعطى الأصوات بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عال”.
وقد أثار تطبيق الفقرة الأولى من المادة (84) تساؤلا حول كيفية إدارة الجلسات فيما إذا انسحب عدد من أعضاء المجلس من الجلسة فهل تستمر قانونية إلى النهاية ام تعتبر باطلة؟ كذلك ثار التساؤل حول كيفية تطبيق الفقرة الثانية، أي كيف يتم الحصول على الأغلبية المطلقة ما دام الحد الأدنى لعدد الأعضاء غير معروف؟ ومن هنا فقد عدلت الفقرة الأولى من المادة (84) بحيث أصبحت كما يلي: “1- لا تعتبر جلسة أي من المجلسين قانونية إلا إذا حضرها ثلثي أعضاء المجلس وتستمر الجلسة قانونيا ما دامت اغلبية المجلس المطلقة حاضرة فيها. 2- …”(58).
وهكذا يمكن معرفة الحد الأدنى للحضور وهو الأغلبية المطلقة واقل من ذلك تعد الجلسة باطلة، كما ان كيفية إتخاذ القرار كقاعدة عامة هو الأغلبية المطلقة للأعضاء كحد ادنى. غير ان الدستور تطلب في حالات معينة اكثرية خاصة(59) .
رابعا: الأكثرية المطلوبة لصدور القرارات في الجلسات المشتركة للمجلسين:
بينا فيما سبق ان المشرع الدستوري الأردني قد آثر الأخذ بنظام المجلسين النيابيين، وأن الأخذ بهذا النظام يحتم المغايرة بين المجلسين من حيث التكوين والإختصاص. ويتوقف مدى ذلك على ظروف كل دولة على حدة. إلا أن من الثابت عمليا ان المغايرة تؤدي إلى الاختلاف في المواقف بين المجلسين مما يستلزم لقاء المجلسين على شكل مؤتمر لمعالجة القضايا العالقة أو المواقف الرئيسة. وقد جاء في المادة (89) من الدستور الأردني ما يلي: “1- بالإضافة إلى الأحوال التي يجتمع فيها مجلسا الأعيان والنواب بحكم المادة (29) و (79) و (92) من هذا الدستور فإنهما يجتمعان معا بناء على طلب رئيس الوزراء. 2- عندما يجتمع المجلسان معا يتولى الرئاسة رئيس مجلس الأعيان. 3- تعتبر قرارات المجلسين مجتمعين صحيحة وفق هذه المادة إذا توافرت الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين”.
كذلك أثار تطبيق الفقرة الثالثة من المادة (89) تساؤلا حول كيفية الحصول على الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، فما النصاب القانوني لعبارة “للأعضاء الحاضرين”؟. الأمر الذي تطلب تعديل الفقرة الثالثة من المادة (89) فأصبحت على النحو التالي: “1-…، 2-…، 3- لا تعتبر جلسات المجلسين مجتمعين قانونية إلا بحضور الأغلبية المطلقة لأعضاء كل من المجلسين وتصدر القرارات بأغلبية أصوات الحاضرين ما عدا الرئيس الذي عليه أن يعطي صوت الترجيح عند تساوي الأصوات”(60).
لقد بينت الفقرة الثالثة بعد التعديل الأكثرية المطلوبة لصدور القرارات عن الجلسات المشتركة بين المجلسين كقاعدة عامة غير أن الدستور في حالة ما إذا رفض احد المجلسين مشروع أي قانون مرتين وقبله المجلس الآخر عندها يجتمع المجلسان في جلسة مشتركة ويشترط صدور القرار بأغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين. كما تطلب الدستور في المادة (93) منه ان يعرض كل مشروع قانون أقره مجلسا الأعيان والنواب على الملك لتصديقه، واذا رد الملك مشروع القانون العادي خلال مدة ستة اشهر من عرضه عليه واقره مجلسا الأعيان والنواب مرة ثانية بموافقة ثلثي الأعضاء الذي يتألف منهم كل من المجلسين وجب عندئذ اصداره، كذلك بينا في المادة (126) من الدستور أنه اشترط في حالة تعديل نص دستوري أي تجيزه اكثرية الثلثين من الأعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس.
خامسا: إقتراح القوانين من قبل أعضاء مجلسي الأعيان والنواب:
يتولد القانون من الإقتراح التشريعي ولقد أعطي حق الإقتراح حاليا إلى كل من أعضاء البرلمان والسلطة التنفيذية بشكل مشترك. وقد قرر المجلس العالي لتفسير الدستور بأن القانون ثمرة عمليات ثلاث مجتمعة ومتكاملة وهي تقديم المشروع من رئيس الوزراء إلى مجلس الأمة وموافقة مجلس الأمة على المشروع وتصديق الملك(61).
بينا في السابق ان الإقتراح التشريعي إذا كان صادرا من أعضاء البرلمان يسمى “إقتراح بقانون” واذا كان صادرا عن السلطة التنفيذية يسمى “مشروع قانون”. والاقتراح بقانون أما أن يعطى إلى كل عضو في البرلمان ويسمى “إقتراح فردي”. أو ان يعطى الحق بتقديمه إلى عدد محدد من الأعضاء ويسمى “إقتراح جماعي”.
أخذ المشرع الدستوري الأردني في البداية بالاقتراح بقانون الفردي، حيث جاء في المادة (95) منه ما يلي: 1- لكل عضو أو اكثر من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب ان يقترح وضع مشروع قانون على ان تحال هذه الاقتراحات على اللجنة المختصة في المجلس للتدقيق وابداء الرأي فيها، فإذا رأى المجلس قبول الإقتراح أحاله على الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وتقديمه للمجلس أما في الدورة نفسها أو في الدورة التي تليها. 2- كل مشروع قانون اقترحه احد أعضاء أي من مجلسي الأعيان والنواب ورفضه المجلس لا يجوز تقديمه في الدورة نفسها”.
وفي عام 1958، وبعد اقامة الاتحاد الهاشمي بين الأردن والعراق، تم تعديل هذا النص حتى تتفق صيغته مع صيغة دستور العراق النافذ في حينه، إذ إن ذلك الدستور لا يجيز إقتراح القوانين إلا من قبل عشرة أو أكثر من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب. وبذلك أصبح نص المادة (95) من الدستور الأردني على النحو التالي: “1- يجوز لعشرة أو اكثر من أعضاء أي من مجلسي الأعيان والنواب ان يقترحوا القوانين ويحال كل إقتراح على اللجنة المختصة في المجلس لإبداء الرأي، فإذا رأى المجلس قبول الإقتراح أحاله على الحكومة لوضعه في صيغة مشروع قانون وتقديمه للمجلس في الدورة نفسها أو في الدورة التي تليها. 2- كل إقتراح بقانون تقدم به أعضاء أي من مجلسي الأعيان والنواب وفق الفقرة السابقة ورفضه المجلس لا يجوز تقديمه في الدورة نفسها”(62).
كما يبدو من النص السابق ان أعضاء مجلسي الأعيان والنواب متساوون في حق إقتراح القوانين، وصياغة النص المعدل اسلم من حيث الشكل من النص السابق إلا أن الأول اكثر ديمقراطية لأنه يعطي حق إقتراح القوانين لكل عضو أو اكثر. وعلى الرغم من انهيار الاتحاد الهاشمي في اقل من عام من تأسيسه، فقد بقي النص المعدل على حاله.
المطلب الثالث
التعديلات الدستورية المتعلقة بتنظيم السلطة القضائية
يدخل موضوع دراسة السلطة القضائية من مختلف جوانبها ضمن الموضوعات التي تدرس في مادتي أصول المحاكمات المدنية والتجارية واصول المحاكمات الجزائية. ومع ذلك سنبين هنا التعديلات التي أجريت على نصوص دستور 1952 في الأردن، والتي تتعلق بتنظيم السلطة القضائية، باعتبارها احدى السلطات التي نص الدستور عليها. فقد نصت المادة (27) من الدستور بقولها: “السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر جميع الأحكام وفق القانون بإسم الملك” كما خصص المشرع الدستوري الفصل السادس من الدستور للسلطة القضائية من حيث تكوينها وإختصاصاتها. وقد عدل النص المتعلق بإختصاص المحاكم النظامية، كما أوقف العمل بالنصوص الدستورية المتعلقة بتلك السلطة في الظروف الإستثنائية التي مر بها الأردن، وسنبحث ذلك في الفقرات القادمة.
أولا: إختصاص المحاكم النظامية:
يقتضي مبدأ الفصل بين السلطات معرفة طبيعة الأعمال التي تعد قضائية، وان يقوم المشرع بإناطة هذه الأعمال بالمحاكم، كما يقتضي الأمر معرفة الجهات التي يعتبرها الدستور من قبيل المحاكم، حتى تتولى الفصل في الأعمال القضائية.
جاء في المادة (102) من الدستور ما يلي: “تمارس المحاكم النظامية في المملكة الأردنية الهاشمية حق القضاء على جميع الأشخاص في جميع المواد المدنية والجزائية بما فيها الدعاوي التي تقيمها الحكومة أو تقام عليها بإستثناء المواد التي قد يفوض فيها حق القضاء إلى محاكم دينية أو محاكم خاصة بموجب احكام هذا الدستور أو أي قانون آخر نافذ المفعول”.
وهذا يعني ان القضايا المدنية والجزائية هي من إختصاص المحاكم النظامية، ولا يجوز نزع هذا الإختصاص من هذه المحاكم إلا بموجب نص دستوري أو قانون يفوض حق القضاء في مسألة أو مسائل محددة إلى محكمة خاصة أو محكمة دينية. ولا يجوز قطعيا تفويض صلاحية القضاء إلى أي مرجع آخر غير المحاكم الدينية أو المحاكم الخاصة بموجب تشريع آخر غير الدستور والقانون، وكل تفويض من هذا القبيل يعد مخالفا للدستور.
وقد عدلت المادة (102) من الدستور بحيث أصبحت على النحو التالي: “تمارس المحاكم النظامية في المملكة الأردنية الهاشمية حق القضاء على جميع المواد المدنية والجزائية بما فيها الدعاوي التي تقيمها الحكومة أو تقام عليها بإستثناء المواد التي قد يفوض فيها حق القضاء إلى محاكم دينية أو محاكم حاصة بموجب هذا الدستور أو أي تشريع آخر نافذ المفعول”(63).
نلاحظ على النص المعدل أنه ابقى على القيد الأول وهو تفويض حق القضاء إلى المحاكم الخاصة أو الدينية فقط، واجاز بالنسبة للقيد الثاني ان يكون التفويض بموجب نص دستوري أو أي تشريع آخر، وهذا يشمل القوانين والأنظمة، بمعنى آخر أنه يجوز للسلطة التنفيذية ان تضع نظاما يستثني بعض المواد من إختصاص المحاكم النظامية، في حين نظم المشرع الدستوري السلطة القضائية في الفصل السادس من الدستور في المواد من (97-110) على ان يتم ذلك بموجب نصوص دستورية أو قوانين عادية ولم يترك أي مجال للأنظمة لكي تنظم ذلك، ولكن تعديل المادة (102) من الدستور، الذي سمح للسلطة التنفيذية بوضع أنظمة تنظم إختصاص المحاكم فيه مخالفة لمبدأ الفصل بين السلطات.
ثانيا: وقف العمل بنصوص الدستور في ظل الظروف الإستثنائية:
سبق ان بينا في هذا البحث ان نظرية الضرورة تجيز للسلطة التنفيذية في حالة غياب البرلمان أو حله بأن تحل محل السلامة التشريعية لتضع قوانين مؤقتة لمواجهة الحالة الإستثنائية التي تمر بها البلاد.
إلا أن سلامة الأمة قد تتعرض إلى الخطر الذي يهدد كيانها ووجودها، ويصبح القانون العادي لا يقوى على المحافظة على أمن وسلامة المجتمع، فيصبح من الضروري وضع القانون العادي جانبا اثناء فترة الخطر لإعطاء الفرصة للسلطة التنفيذية لمعالجة الظروف الطارئة. لهذا نجد معظم دساتير الدول تعطي السلطة التنفيذية في اوقات الأزمات صلاحيات لمواجهة الأوضاع التي تهدد أمن البلاد وسلامتها(64).
وفيما يتعلق بالدستور الأردني فقد منح السلطة التنفيذية صلاحيتين استثنائيتين: الأولى: إصدار قانون الدفاع، والثانية: إعلان الأحكام العرفية.
جاء في المادة (124) من الدستور ما يلي: “إذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارىء فيصدر قانون بإسم قانون الدفاع بموجبه الصلاحية إلى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتأمين الدفاع عن الوطن ويكون قانون الدفاع نافذ المفعول عندما يعلن عن ذلك بإرادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء”.
وجاء في المادة (125) من الدستور: “1- في حالة حدوث طوارىء خطيرة يعتبر معها ان التدابير والإجراءات بمقتضى المادة السابقة من هذا الدستور غير كافية للدفاع عن المملكة فللملك بناء على قرار مجلس الوزراء ان يعلن بإرادة ملكية الأحكام العرفية في جميع أنحاء المملكة أو في جزء منها. 2- عند اعلان الأحكام العرفية للملك ان يصدر بمقتضى إرادة ملكية اية تعليمات قد تقضي الضرورة بها لأغراض الدفاع عن المملكة بقطع النظر عن أحكام أي قانون معمول به، ويظل جميع الأشخاص القائمين بتنفيذ تلك التعليمات عرضة للمسؤولية القانونية التي تترتب على أعمالهم إزاء أحكام القوانين إلى أن يعفوا من تلك المسؤولية بقانون خاص يوضع لهذه الغاية”.
يلاحظ على تلك النصوص أنها تعطى السلطة التنفيذية صلاحية مطلقة في تقدير الأسباب التي تدعو إلى إعلان حالة الطوارىء والعمل بقانون الدفاع أو اعلان الأحكام العرفية. ولا تخضع هذه الصلاحية لموافقة أي جهة كموافقة السلطة التشريعية أو غيرها.
وقد تم اعلان حالة الطوارىء في الأردن عدة مرات تم بموجبها تطبيق قانون الدفاع لمواجهة الظروف الإستثنائية. كما قد اعلنت الأحكام العرفية في الأردن في عام 1957 وصدرت تعليمات الإدارة العرفية رقم (9) لعام 1957 وقد قررت المادة الخامسة من تلك التعليمات على ان اوامر الحاكم العسكري العام زيادة على اوامر الحكام العسكريين المحليين نافذة المفعول، ولا تقبل الطعن امام محكمة العدل العليا. وقد نصت المادة (20) من التعليمات على مصادرة حق التقاضي امام تلك المحكمة بحيث قررت وقف العمل بأحكام الفقرة الثالثة من المادة العاشرة من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (26) لسنة 1952 ما عدا البندين (أ، ب)(65).
وأعلنت الأحكام العرفية من جديد في سنة 1967، وصدرت تعليمات كالتعليمات التي عمل بها سنة 1957 تماما. وقد اثير موضوع دستورية تعليمات الإدارة العرفية لعام 1957 أمام محكمة العدل العليا وقررت المحكمة في احكام لها صدرت في عامي 1957 و 1958 دستورية تلك التعليمات. وأثير الموضوع مرة ثانية بعد إصدار تلك التعليمات عام 1967 فقررت محكمة العدل العليا عدم دستورية المادة (20) من تلك التعليمات لأنها منعت تلك المحكمة من النظر في الطعون التي تقام ضد القرارات الصادرة عن الإدارة العرفية في كافة الشؤون؛ ولا تكون تلك التعليمات دستورية إلا إذا كانت الغاية من القرارات المطعون بها الدفاع عن المملكة طبقا لنص المادة (125) من الدستور(66).
ويلاحظ ان تعليمات الإدارة العرفية قد حرمت الأفراد من حق التقاضي أمام محكمة العدل العليا وبذلك خالفت نص المادة (101) من الدستور التي تنص على ان: “المحاكم مفتوحة للجميع ومصونة من التدخل في شؤونها”.
ويرى بعضهم ان ايقاف العمل ببعض احكام الدستور هو نوع من تعديله، لأن الدستور يفترض نفاذ احكامه، وعدم إنفاذ بعض احكامه هو نوع من تعديل حكم الدستور الذي يقضي بضرورة واستمرار نفاذ احكامه جميعا(67).
إن وقف العمل بالمادة (101) من الدستور بموجب تعليمات الإدارة العرفية يعد تعديلا مؤقتا لنص تلك المادة. ويؤدي من حيث النتيجة إلى اعفاء السلطة التنفيذية القائمة على تنفيذ تلك التعليمات من أي مسؤولية تترتب على اعمالها، في حين ان نص المادة (125) من الدستور قد قرر بأن يظل جميع الأشخاص القائمين بتنفيذ تلك التعليمات عرضة للمساءلة القانونية التي تترتب على أعمالهم إزاء أحكام القوانين إلى أن يصدر عفو عام من قبل البرلمان يزيل الصفة الجرمية عن اعمالهم.
وعليه لا يجوز لتعليمات الإدارة العرفية أن تعدل من أحكام الدستور أو تضيف إليها أو تهدرها. لأنها ستفقد الأساس الذي ترتكز عليه(68).
الخاتمة
تعد عملية تعديل الدستور من أهم الأعمال القانونية في الدولة بعد وضع الدستور، فالتعديل ضروري في حياة الدولة من الناحيتين القانونية والسياسية. إذ تقوم القاعدة الدستورية بوضع القواعد الأساسية للدولة وفقا للأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية السائدة في الدولة عند صدور القاعدة. ومما لا شك فيه ان هذه الأوضاع تتطور وتتبدل من وقت لآخر، مما يستتبع تعديل القواعد الدستورية بصفة مستمرة حتى تتطابق تلك القواعد وتتلاءم مع التغييرات التي تطرأ على تلك الأوضاع في الدولة. مما يتوجب على صاحب السيادة في الدولة ان يمارس إختصاصاته في تعديل الدستور لتغطية الوقائع الجديدة.
وقد استعرضنا في هذا البحث تعديلات الدستور الأردني لعام 1952 والمتعلقة بتنظيم السلطات الثلاث في الأردن (التنفيذية والتشريعية والقضائية). فتبين لنا ان الكثير من تلك التعديلات لم يكن عبارة عن إصلاحات دستورية Reformes، أو بهدف إعادة النظر في النصوص الدستورية Revisions، إنما كانت عبارة عن تعديلات دستورية غير متوقعة من حيث المبدأ والأثر، ثم تبنيها لإعتبارات سياسية لكي يتكيف الدستور الأردني مع الواقع الطارىء في الفترة التي أجريت فيها تلك التعديلات. وقد بلغت تلك التعديلات في مجموعها 25 تعديلا، ثم تبني سبعة منها في عام 1954، وأحد عشر تعديلا في عام 1958 إثر قيام الاتحاد الهاشمي بين الأردن والعراق، والبقية موزعة على السنوات 1955، 1960، 1965، 1974، 1976.
والبحث في مدى تأثير تلك التعديلات على الواقع الدستوري في الأردن، يكشف أنها ادت إلى حدوث ارباك وعدم انسجام بين نصوص الدستور من حيث الشكل والمضمون وهو ما لمسناه من تعديلات النصوص الدستورية المتعلقة بتنظيم السلطة التشريعية في الأردن، فقد أدت تلك التعديلات إلى ايجاد نظام نيابي برلماني قائم على توازن هش بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يتيح الفرصة للتغلب عليه بسهولة على الرغم من الجمود النسبي الذي يتمتع به الدستور.
كذلك وعلى الرغم من ان الدستور كأي قانون مكتوب يتضمن معايير للنظام والعدالة إلا أنه يدخل إلى المسرح السياسي سلطة جديدة هي عملية إعادة النظر بالقانون وتعديله، وهذه العملية بحاجة إلى وسيلة حماية منها يتوجب اسنادها إلى جهة مختلفة عنها من حيث الشكل والصلاحيات، لأن التعديل الدستوري قد يصيب أما جسد الدولة أو احد اجهزته وقد يؤدي التعديل إلى الانحراف عن المبادىء التي استلهمها النص الدستوري، وهذا ما يدفع إلى التساؤل هنا فيما إذا كانت هناك امكانية ايجاد رقابة على تعديل الدستور وان تعطى تلك الرقابة، بشكل قانوني ومؤسسي، للشعب صاحب السيادة لكي تمنع اجراء تعديلات دستورية غير متوقعة أو تتناقص مع روح الدستور.
من هنا، وزيادة على ما سبق وما عرضناه من ملاحظات في هذا البحث حول هذا الموضوع، فإن هناك تعديلات دستورية، يصل بعضها إلى درجة الضرورة، يتوجب اجراؤها في عدة مجالات من الدستور وأهمها:
• في مجال النظام السياسي: يتوجب تعديل المادة الأولى من الدستور التي تتبنى النظام النيابي كشكل للحكومة، بحيث يضاف إليها فقرة جديدة تجيز عرض بعض الأمور المهمة على الشعب لأخذ رأيه فيها، وبذلك يتم تبني النظام الديموقراطي شبه المباشر.
• في مجال تنظيم السلطة التنفيذية: يتوجب إعادة النظر بالمادة (53) من الدستور المتعلقة بنظام التصويت على الثقة بالحكومة، بحيث يصبح التصويت على الثقة ايجابيا وليس سلبيا، أي ان تحوز الحكومة على ثقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة الصحيحة وليس العكس كما هو معمول به الآن، إذ تفقد الحكومة الثقة بالأغلبية المطلقة مما يبقي على الحكومة بأغلبية صورية وليس صحيحة.
• في مجال تنظيم السلطة التشريعية: يتوجب إعادة النظر بالمادة (65) من الدستور المتعلقة بمدة مجلس الأعيان بحيث تصبح مدة المجلس ثمان سنوات بدل أربع سنوات. كذلك يتوجب شطب التعديلات التي طرأت على المادة (73) من الدستور في عامي 1974، 1976 التي تجيز تأجيل الإنتخابات التشريعية إلى اجل غير مسمى.
• وأخيرا يجب العمل على بعث الروح في النصوص الدستورية المجمدة التي تتطلب صدور قوانين عادية لتنظيم موضوعها، مثل المادة (17) من الدستور المتعلقة بالعرائض، والمادة (60) من الدستور المتعلقة بسير إجراءات محاكمة الوزراء امام المجلس العالي لتفسير الدستور وغيرها من النصوص الدستورية.
الهوامش
1. يمكن تعريف الدساتير الجامدةة: بأنها تلك التي تتطلب في تعديلها إجراءات وشكليات خاصة تختلف عن الإجراءات المتبعة في تعديل القوانين العادية، والدساتير المرنة: هي التي تتطلب في تعديلها نفس الإجراءات المتبعة في تعديل القوانين العادية. وتمثل الدساتير الجامدة حاليا الغالبية العظمى للدساتير المدونة، أما الدساتير المرنة فمنها غير المدون مثل الدستور الإنجليزي، ومنها المدون مثل دستوري فرنسا 1814، 1830، والدستور الإيطالي عام 1848 ودستور الإتحاد السوفياتي لعام 1918، ودستور الصين الشعبية لعام 1975. راجع.
Laferriere: .J: Manual de droit constitutionne L, Paris, 1974, P.283. Chantebout .B: Droit constitutionnel et science politique, Paris, 1988, P.35. Debbasch. Ch, Pontier. J.M, Bourdon. J, Ricci. J-cl: Droit constitutionnel et institutions politiques, Paris, 1986, P.79.
د. بدوي. ثروت: القانون الدستوري وتطور الأنظمة الدستورية في مصر. دار النهضة العربية. القاهرة، 1971 ص101.د.متولي.عبد الحميد: القانون الدستوري والأنظمة السياسية. دار المعارف، الإسكندرية، 1966، ص88. د. الشاعر. رمزي: النظرية العامة للقانون الدستوري، 1972، ص648 وما بعدها.
2. راجع الجريدة الرسمية. العدد رقم (1093)، تاريخ 8/1/1952.
3. Burdeau. G: Droit constitutionnel, Paris, 1988, P. 14 – 16.
4. Carre de Malberg: Contribution a la theorie generale: de L’Etat, TII. Paris, 1992, P. 170.
5. Debbasch, ch, Bourdon, J, Pontier, J-M, Ricci, J-C: op-cit, p.43.
6. على خلاف ذلك يرى جان جاك روسو ان الديمقراطية المباشرة هي النتيجة المنطقية لمبدأ سيادة الأمة والترجمة الصحيحة له، فإن كانت سيادة الأمة غير قابلة للانقسام أو التنازل عنها فهي غير قابلة للإنابة، لذا كان على الشعب وهو الممثل الوحيد لإرادة الأمة أن يمارس هذه السيادة بنفسه ولا ينيب غيره في هذا الأمر. وهذا التحليل ينسجم مع طبيعة تفكير روسو لأنه لا يؤمن إلا بالديمقراطية المباشرة. ولكن التطبيق العملي لمبدأ سيادة الأمة يؤدي إلى الأخذ بالنظام النيابي. راجع د. خليل. محسن: النظم السياسية والدستور اللبناني، دار النهضة العربية، بيروت، 1975- ص38.
7. راجع: د. الحياري. عادل: القانون الدستوري والنظام الدستوري في الأردن – عمان 1972، ص370 – 371.
8. المرجع السابق: ص372.
9. راجع: د. ليلة. محمد كامل: القانون الدستوري– دار الفكر العربي– القاهرة. 1971، ص61.
10. Ameller, M: Parlements, Paris 1966-P1.
11. راجع: د. المتولي. عبد الحميد، د. عصفور سعد، د. خليل محسن: القانون الدستوري والنظم السياسية – الإسكندرية – ص78-79.
12. Barthelemy et Duez: Traite elementaire de droit constitutionnel, Paris, 1936, P, 731 et s.
13. Stephane Pierre-caps: les revisions de la constitution de la cinquieme Republique: temps, conflits, et strategies. R.D. P.1998. Carcassonne. G: Surprises, Surprises…., les revisions de la constitution, R. D.P.P. 1998. P.1485 et. S
14. Ameller. M: op. Cit, P.P.162-163.
15. Ameller. M: op. cit. P.P. 158 – 15.
16. راجع: د. الحياري. عادل – المرجع السابق: ص771 – 772.
17. راجع: د. النقشبندي.احمد: تعديل الدستور– دراسة مقارنة– رسالة دكتوراه– جامعة بغداد.
18. راجع: د. النقشبندي. أحمد: المرجع السابق– ص107.د. عبد الله، عبد الغني بسيوني: النظم السياسية والقانون الدستوري. الدار الجامعية للطباعة. بيروت – 1993– ص509 وما بعدها.
19. راجع: د. النقشبندي. أحمد: المرجع السابق – ص98 – ص159.
20. راجع: د. الحياري. عادل: المرجع السابق. ص424.
21. راجع: الغالي. كمال: مبادىء القانون الدستوري والنظم السياسية: دار العروبة للطباعة– دمشق، 1978 – ص148 د. ليلة محمد كامل : المرجع السابق. ص92.
Lafferriere, J: op. cit, P. 289.
22. Burdeau. G: Traite de science politique, TII, Paris, 1950 pp. 270 – 277.
23. راجع: د. الحلو. ماجد: القانون الدستوري: مؤسسة شباب الجامعة – الاسكندرية. 1973، ص15-16، د. شيحا. ابراهيم: القانون الدستوري اللبناني، بيروت 1983، ص143 وما بعدها.
24. راجع: د. عبدالله. عبد الغني بسيوني: المرجع السابق: ص521 وما بعدها.
25. راجع: د. خليل. عثمان: المبادىء الدستورية العامة القاهرة: 1965. ص31.
26. راجع: د. بدوي. ثروت: المرجع السابق، ص116.
27. راجع: د. متولي. عبد الحميد وآخرون: المرجع السابق: ص81.
28. راجع: د. الغزوى. محمد: الوجيز في التنظيم السياسي للمملكة الأردنية الهاشمية. الجامعة الأردنية – 1985، ص135. د.الخطيب. نعمان: الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري. دار الثقافة – عمان. 1999 ص 530 – 531.
29. Esmein, a: Elements de droit constitutionnel, Paris, 1921, P.457 et S.
د. الطماوي. سليمان: السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي الإسلامي، تكوينها وإختصاصاتها. معهد الدراسات العربية القاهرة 1967، ص35.
30. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1831) تاريخ 1/4/1965.
31. حول مضمون هذه الرسالة راجع: د. الغزوي. محمد. المرجع السابق. ص101.
32. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1380) تاريخ 4/5/1958.
33. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1396) تاريخ 1/9/1958.
34. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (2523) تاريخ 10/11/1974.
35. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1179) تاريخ 17/4/1954.
36. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1380) تاريخ 4/5/1958.
37. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1179) تاريخ 17/4/1954.
38. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1380) تاريخ 4/5/1958.
39. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1380) تاريخ 4/5/1958.
40. Lamarque –J: La theorie de la necessite et Larticle 16 de la constitution de 1958. R. D. P. 1961, P. 561 et S.
41. Ibid.
42. IbI d.
43. IbI d.
44. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1380) تاريخ 4/5/1958.
45. راجع: د. خليل. محسن: المرجع السابق، ص254.
46. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1243) تاريخ 16/10/1955.
47. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1476) تاريخ 16/2/1960.
48. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1179) تاريخ 17/4/1954.
49. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1243) تاريخ 16/10/1955.
50. Ameller. M: op. cit. P. 140 et S.Ameller. M: op. cit. P. 140 et S.
51. راجع: د. خليل. محسن: المرجع السابق، ص293.
52. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1243) تاريخ 16/10/1955.
53. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (2523) تاريخ 10/11/1974.
54. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (2605) تاريخ 3/2/1976.
55. راجع الجريدة الرسمية. العدد رقم (3201) تاريخ 9/1/1984.
56. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1179) تاريخ 17/4/1954.
57. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1380) تاريخ 4/5/1958.
58. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1179) تاريخ 17/4/1954.
59. راجع: المواد (53، 56، 90، 126) من الدستور الأردني لعام 1952.
60. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1380) تاريخ 4/5/1958
61. راجع: قرار المجلس العالي لتفسير الدستور رقم (1) المنشور في الجريدة الرسمية العدد رقم (1211) تاريخ 1/2/1955.
62. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1380) تاريخ 4/5/1958.
63. راجع: الجريدة الرسمية. العدد رقم (1396) تاريخ 1/9/1958.
64. راجع: د. الحياري. عادل: المرجع السابق، ص635.
65. حدد المشرع إختصاصات محكمة العدل العليا في الفقرة الثالثة من المادة العاشرة من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (26) لسنة 1952 على سبيل التحديد والحصر كالآتي:(تنظر محكمة التمييز بصفتها محكمة عدل عليا:
أ- في الطعون الخاصة بإنتخابات المجالس البلدية والمحلية والإدارية.
ب- في المنازعات الخاصة بمرتبات التقاعد المستحقة للموظفين العموميين وورثتهم.
ج- في الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن بالقرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين بالوظائف العامة أو بمنح الزيادات السنوية.
د- في الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية.
ه- في الطلبات التي يقدمها الموظفون العموميون بإلغاء القرارات الإدارية النهائية الصادرة بفصلهم من غير الطريق القانوني.
و- في الطلبات التي يقدمها الأفراد والهيئات العامة بإلغاء القرارات الإدارية.
ز- في إبطال أي إجراء صادر بموجب نظام يخالف الدستور أو القانون بناء على شكوى المتضرر.
ح- في الطلبات التي تنطوي على إصدار اوامر الإفراج عن الأشخاص الموقوفين بوجه غير مشرع” وقد سحب المشرع إختصاص محكمة العدل العليا المتعلق بالطعون الخاصة بإنتخابات المجالس البلدية وألحقها بالمحاكم الإبتدائية، وذلك بمقتضى المادة رقم (31/1) من قانون البلديات رقم (29) لسنة 1955.
66. راجع: د. الحياري. عادل: المرجع السابق، ص657.
67. راجع د. الجمل. يحيى: نظرية الضرورة في القانون الدستوري وبعض تطبيقاتها المعاصرة – دار النهضة العربية – القاهرة.
68. راجع: د. الحياري. عادل: المرجع السابق، ص657.
اترك تعليقاً