حكامة الشركات من الوجهتين النظرية والقانونية
طارق ترغروم
طالب باحث بماستر العقود والأعمال،
كلية الحقوق جامعة ابن زهر، أكادير.
مقدمة
إن تعاظم الإهتمام بحكامة الشركات ظهر مع الأزمات والانتكاسات التي عرفتها الأنظمة الرأسمالية خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية[1] وجنوب شرق آسيا في أواخر القرن الماضي،حيث قامت العديد من الدول بوضع ضوابط حكامة الشركات لتجنب النتائج الكارثية لسوء تدبير وإدارة الشركات خاصة الكبرى منها.
وترجع أصول “الحكامة” إلى كلمة إغريقية قديمة تعبر عن قدرة ربان السفينة الإغريقية ومهاراته في قيادة السفينة وسط الأمواج والأعاصير، وما يمتلكه من قيم وأخلاق نبيلة وسلوكيات نزيهة، في الحفاظ على أرواح وممتلكات الركاب، ورعايته وحمايته للأمانات والبضائع التي عهدت إليه، حيث أطلق عليه التجار وخبراء البحار “القبطان المتحوكم جيدا”[2] .
ونظرا للدور الحيوي الذي تقوم به الشركات في تنمية الاقتصاد الوطني سواء الخاصة منها أو العامة، تم تفعيل تدابير تهدف إلى تعزيز أسس ومبادئ الحكامة الجيدة التي تؤدي بالإضافة إلى تنمية هذه المنشآت، إلى تحسين صورتها، وبالتالي تعزيز مصداقيتها اتجاه مختلف الشركاء الوطنيين والدوليين بما في ذلك الفاعلين الاقتصاديين[3].
كما أضحت الحكامة تشهد أهمية في الخطابات الملكية والتي جاء في إحداها: “…سيظل نجاحنا في كل الإصلاحات التي أطلقناها رهينا بأخذنا بالحكامة الجيدة باعتبارها الآلية الناجعة …” [4]
و في هذا الإطار تم تكريس مبادئ الحكامة في الدستور المغربي لسنة 2011 في الباب الثاني عشر، حيث نص على تعزيز آليات الحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة ومحاربة الفساد وترسيخ مبادئ الشفافية والمسؤولية والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب من خلال دسترة مؤسسات وهيئات من بين اختصاصاتها تكريس الحكامة الجيدة.
كما أولى المغرب أهمية خاصة خلال السنوات الأخيرة لترسيخ مبادئ وقيم الحكامة في الجانب الإقتصادي ، خصوصا في هذه الظروف الصعبة التي يمر منها الاقتصاد العالمي، حيث عمل على تسريع وتيرة إنجاز مجموعة من الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى تحسين مناخ الأعمال ومن ضمنها الإصلاحات القانونية التي همت تعزيز حكامة المقاولات باعتبارها العمود الفقري للإقتصاد الوطني.
أولا: أهمية الموضوع
تكمن أهمية موضوع حكامة الشركات في جوانب متعددة فهي تساهم في رفع مستوى كفاءة الاقتصاد و استقرار الأسواق المالية ، كما ترفع مستوى الشفافية، وتجذب الاستثمارات من الخارج والداخل على حد سواء، إضافة إلى مساهمتها في تقليص حجم المخاطر التي تواجه النظام الاقتصادي.
كما أنها تهدف لحماية الاستثمارات من التعرض للخسارة بسبب سوء استخدام السلطة في غير مصلحة المستثمرين، علاوة على الحد من تضارب المصالح إذ أن التزام الشركة بتطبيق معايير الحكامة يفعل دور المساهمين في المشاركة في اتخاد القرارات الرئيسية المتعلقة بإدارة الشركة ومعرفة كل ما يرتبط باستثمارهم، فالحكامة الرشيدة تعزز ثقة جميع المتعاملين معها.
ثانيا: إشكالية الموضوع
إذا كانت الشركات التجارية تتوفر على إطار قانوني ينظم مختلف جوانبها ابتداء من تأسيسها إلى غاية انقضائها ، فإن مرحلة اشتغال هذه الشركات تبقى محور الإهتمام باعتبارها المرحلة التي تكون فيها الشركة منتجة للثروة وفاعلة في الدورة الإقتصادية ، ومن أجل الحفاظ على هذا الدور لا يكفي وجود إطار قانوني فقط ، بل لا بد من تبني مجموعة من الإجراءات والمبادئ التي تضمن تفعيل ما جاءت به القوانين على نحو جيد و هي ما يطلق علية بمبادئ حكامة الشركات ، وتأسيسا على ذلك نطرح السؤال التالي:
ما هي أسس ومبادئ حكامة الشركات والآليات القانونية والعملية التي وضعها المشرع ضمانا لتحقيقها؟
ثالثا: المنهج المعتمد وخطة البحث:
محاولة منا للإجابة على الإشكالية المحورية المطروحة أعلاه ، سنعتمد على المنهجين الوصفي و التحليلي للمقتضيات النظرية والقانونية للإحاطة بأهم جوانب الموضوع.وفي سبيل ذلك ارتأينا اعتماد تقسيم للموضوع كالتالي:
المبحــــث الأول: الإطارين النظري والقانوني لحكامـــة الشركـــــات.
المبحــــث الثاني: أجهزة الحكامة داخل الشركة و خارجها.
المبحث الأول: الإطارين النظري والقانوني لحكامة الشركات
من فروع القانون التي استعصت الإحاطة بمواضيعها على المهتمين بالفكر أو الفقه القانوني في العصر الحالي نجد ما يطلق عليه” قانون الأعمال”، باعتباره ميدانا بحثيا واسعا يتقاطع في ثناياه شقين مترابطين معا هما القانون والاقتصاد[5]. بمعنى آخر فإن ميدان الأعمال في حركية دائبة ومستمرة مما يستلزم التدخل في كل مرة من أجل تنظيمه بشكل مضبوط حتى لا يكون عرضة للعشوائية والعبث؛ وفي خضم ذلك تظهر إلى الوجود مفاهيم جديدة تفرض نفسها بقوة وتشكل تعبيرا عن الحلول التنظيمية المقترحة؛ ومن بين هذه المفاهيم نجد ما بات يصطلح عليه بحكامة الشركات، وهي نتاج للأزمات التي لحقت باقتصاديات بعض الدول جراء التدبير السيء والنمطي[6] لبعض الشركات الكبرى المؤثرة والذي انعكس سلبا على النسيج الاقتصادي العالمي ككل.
وتبعا لذلك، فقد نالت حكامة الشركات حظا وافرا من المقاربات النظرية التي أسست لمفهومها وأهميتها ومبادئها (المطلب الأول)، قبل أن تحط الرحال في حقل الدراسات القانونية وتتبناها التشريعات الوطنية ومن ضمنها التشريع المغربي (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الإطار النظري لحكامة الشركات
ظهر مصطلح حكامة الشركات[7] حديثا على غرار مصطلحات أخرى مثل العولمة التي جعلت من الاقتصاد العالمي سوقا مفتوحة وعرضة للأزمات، مما دفع بجميع الشركات المحلية والعالمية إلى جعل الحكامة ضمن أولوياتها[8].
وبناء على ذلك، سنستهل بحثنا هذا ببيان ماهية حكامة الشركات (الفقرة الأولى)، ثم نستعرض المبادئ التي تقوم عليها وتدابير تفعيلها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: ماهية حكامة الشركات
سنتطرق إلى تعريف حكامة الشركات وأنواعها (أولا)، على أن نبين أهميتها (ثانيا).
أولا: تعريف حكامة الشركات وأنواعها
تتعدد التعاريف التي أعطيت لحكامة الشركات، وانطلاقا من هذه التعاريف يمكن تحديد أنواعها.
1/ تعريف حكامة الشركات
مصدر كلمة “حكامة” لغة: من الحكم، ويراد به الفصل والمنع من الظلم والفعل القبيح وما يسوء، ومنه أن الله سبحانه هو الحكم والحكيم لأن أوامره ونواهيه وقضاءه وقدره كلها تمنع الظلم والقبيح. ومنه الحكمة التي توضع على فم الدابة إذ تمنعها من التصرف بغير أمر صاحبها، ومنه أيضا الحكمة وهي المانعة من الجهل[9].
واصطلاحا، تتعدد التعريفات المعطاة لهذا المفهوم ونجد من بينها:
تعريف الميثاق المغربي للممارسات الجيدة لحكامة المقاولات الذي اعتبر بأنها:” التدبير الجيد للعلاقات بين مسيري المقاولة والمساهمين من جهة، والمتدخلين الآخرين (كالأجراء والدائنين والدولة) من جهة أخرى، وتهم بالأساس:
– قدرة أجهزة التسيير على السعي نحو تحقيق الأهداف المتوافقة مع مصلحة المساهمين وباقي المتدخلين.
– وضع نظم مراقبة فعالة لإدارة النزاعات بين المصالح وتدبير المخاطر المحتملة وكذا الوقوف ضد كل تعسف في استعمال السلطة يغلب المصلحة الخاصة على ” المصلحة الإجتماعية”.[10]
حكامة الشركات هي الطرق الجيدة لإدارة ورقابة الشركات والتي تمكن من ضبط وتكريس الشفافية والمساءلة في التدبير كما تهدف إلى تنظيم العلاقات بين المساهمين والمسيرين من أجل خلق توازن داخل الشركة، ورسم حدود سلطات كل منها وخاصة تلك المتعلقة بالفئة المسيرة، قصد تحقيق الشفافية وزرع الطمأنينة في نفوس المستثمرين سواء من جانب المسيرين أو المساهمين[11].
حكامة الشركات هي مجموع الآليات التنظيمية التي تؤثر على المسيرين عند اتخاذهم للقرارات في الشركة وذلك للحد من سلطتهم التقديرية[12].
نلاحظ من التعريفات السابقة أنها تتفق على مضمون واحد لحكامة الشركات وهو التدبير الجيد والرشيد للشركة بما يحمي مصالح هذه الأخيرة ومصالح المساهمين وكذا باقي الأطراف ذوي العلاقة بها. وبناء على ذلك نقدم تعريفا لحكامة الشركات على أنها جملة من المعايير والضوابط التي تضمن إدارة جيدة لشؤون الشركة والقائمة على مبادئ كالشفافية والثقة والإفصاح وحسن اتخاد القرارات بما يضمن مصلحة الشركاء وباقي المتعاملين مع الشركة.
2/أنواع حكامة الشركات
تأسيسا على ما سبق، يتبين أنه من الممكن أن تتنوع حكامة الشركات باعتبار الجهة التي تطبقها إلى نوعين[13]:
حكامة داخلية:
ويراد بها اتباع قواعد ومعايير من داخل الشركة تساعد على تحسين أداء الإدارة وتجويد العمل المحاسباتي، وفي نفس الوقت الحد من الفساد المالي بكافة جوانبه عبر فرض قيم الشفافية والإفصاح فيما يتوجب إعلانه والإفصاح عنه للمساهمين ولجمهور المتعاملين مع الشركة.
حكامة خارجية:
ويراد بها مجموع الصلاحيات والأدوات المخولة قانونا لجهات الرقابة خارج إطار الشركة ومنها على سبيل المثال السلطة القضائية.
ومن جهة أخرى يقسم أحد الباحثين[14] حكامة الشركات من حيث محلها إلى ثلاثة أنواع:
حكامة محاسبية:
وهي مجموع التدابير التي تضمن الإفصاح الشفاف عن البيانات المحاسبية والقوائم المالية والمزايا المخولة للمديرين وتطبيق المعايير المحاسبية المتعارف عليها دوليا.
حكامة قانونية:
وهي الإطار التشريعي والقواعد القانونية التي تحمي مصالح المساهمين والأطراف ذوي العلاقة بالشركة.
حكامة إدارية أو تدبيرية:
وهي مجموعة الضوابط الداخلية في الشركة والتي تحمي حقوق المساهمين وأصحاب المصالح من الممارسات الخاطئة للمديرين.
نستنتج إذن أن تطبيق قواعد حكامة الشركات يأتي من ناحيتين الأولى داخل الشركة وهي ذات أهمية كبيرة حيث إن أجهزة الشركة هي أعلم أكثر من غيرها بالفائدة التي تعود على المؤسسة جراء تفعيل قواعد الحكامة ، وفي الناحية الثانية يأتي دور الحكامة الخارجية لتكريس ما تقوم به نظيرتها الداخلية وتحقيق التوازن بين مصالح الشركة ومصالح المجتمع بالنظر إلى أن تدخل الأجهزة الخارجية لا يروم فقط توجيه إدارة الشركة لتبني قواعد الحكامة وإنما الاحتواء القبلي لما قد يترتب عن عدم اتباع تلك القواعد من آثار سلبية على محيط الشركة الاقتصادي والاجتماعي . كما أن تعدد حكامة الشركات من حيث المحل يجعل منها آلية فعالة وشاملة لتحقق الهدف المرجو منها.
ثانيا: أهمية تطبيق قواعد حكامة الشركات
كما أسلفنا الذكر فإن تعاظم أهمية الحكامة جاء في أعقاب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية العالمية، وبالرجوع إلى رأي المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي[15]، نجد أن الممارسات الجيدة في مجال الحكامة تكتسي أهمية بالغة من أجل:
ترسيخ ثقافة ربط المسؤولية بالمحاسبة؛
تعزيز مناخ الثقة مع الأطراف المعنية ؛
استقطاب الاستثمار الوطني والأجنبي وتسهيل ولوج المقاولات والمؤسسات العمومية إلى التمويل؛
النهوض بقيم الشفافية والإعلام والتواصل؛
تحسين شروط استمرار المقاولة والمؤسسة وأدائها، والرفع من جودة الخدمات؛
المساهمة في تنمية نسيج اقتصادي تنافسي.
وعلى العموم يمكن تبيان أهمية حكامة الشركات في النقاط الثلاث الآتية:
1/ أهمية حكامة الشركات في الحد من الفساد المالي والإداري:
إن أول ما تسعى إليه الحكامة هو إرساء الشفافية والنزاهة والوضوح[16] حيث إنها تضمن مساءلة دائمة لإدارة الشركة من طرف المساهمين، وتؤدي إلى إصدار تقارير محاسباتية جيدة ودقيقة نتيجة استقلال مراقبي الحسابات وعدم خضوعهم لضغوط مجلس الإدارة[17]، وكنتيجة لذلك فإن اكتشاف التلاعب والغش المالي والفساد الإداري يصبح سهلا ويجنب الشركة مغبة الإفلاس والتصفية.
2/ أهمية حكامة الشركات في جلب الإستثمارات:
إن مدى التزام الشركات بتطبيق قواعد الحكامة أضحى أحد أهم الشروط التي يضعها المستثمرون في حسبانهم قبل اتخاذ قرارهم بالإستثمار في أسهم إحدى الشركات، حيث إن المستثمر يبحث عن شركة يثق بها و توفر له الحماية كمساهم. وبالتالي فإن الفائدة تعم من خلال استفادة الشركة من ضخ أموال جديدة لتوسيع نشاطها، وكذا اطمئنان المستثمر إلى تحقيق الأرباح.
3/ أهمية حكامة الشركات بالنسبة للمساهمين:
المساهمون من يتحمل الخسارة في حال تصفية الشركة أو اضطراب نشاطها، فمجموع حصصهم هو ما يشكل الذمة المالية للشركة؛ ومن أهم ضمانات حماية حقوقهم جراء تبني معايير الحكامة: الإعتماد على مدراء مستقلين لا تربطهم بالشركة مصالح شخصية تدعوهم إلى استغلال مراكزهم الإدارية لمصالح خاصة، كأن يكون مديرو الشركة هم المالكين لأغلبية الأسهم فيها والمطلعين على مركزها القانوني مما يدفعهم إلى عدم الإفصاح عن جميع المسائل الهامة المرتبطة بالشركة[18].
الفقرة الثانية: مبادئ حكامة الشركات و تدابير تفعيلها
إن مبادئ حكامة الشركات المتعارف عليها دوليا هي تلك التي وضعتها “منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية OECD[19] ” سنة 1999 بتعاون مع صندوق النقد الدولي[20]، ونظرا للمتغيرات الإقتصادية المتلاحقة فقد تمت إضافة مبدأ آخر إلى تلك المبادئ سنة 2004، وفي أبريل من سنة 2015 قامت المنظمة بإعادة النظر في هذه المبادئ وعرضتها على اجتماع “مجموعة العشرين G20” المنعقد في مدينة أنطاليا التركية في نونبر 2015 فتم إقرار هذه المبادئ من طرف الدول العشرين تحت مسمى “مبادئ OECD/G20”[21].وعليه، سنعرض لهذه المبادئ باقتضاب (أولا)، على أن نشرح تدابيرتفعيل هذه المبادئ على أرض الواقع(ثانيا).
أولا: مبادئ حكامة الشركات
مبادئ حكامة الشركات كما أقرتها منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية ومجموعة العشرين هي ستة مبادئ، تتضمن مبدأ عام يسمى “الإطار العام والفعال لحكامة الشركات” ، وتتفرع عن هذا المبدأ المبادئ الخمس المتبقية.
1/ ضمان وجود إطار عام وفعال لحكامة الشركات: ويقصد بالإطار العام والفعال مجموع التدابير الإقتصادية والتشريعية التي تنهجها الحكومات لتوفر مناخا ملائما لتطبيق مبادئ الحوكمة[22]. ويجب أن يضمن هذا المبدأ العام باقي المبادئ المتعلقة بالحكامة وهي:
2/ الحقوق والمعاملة المتساوية للمساهمين:
بالنسبة للحقوق فتتعلق أساسا بالحق في الحصول على المعلومات الخاصة بالشركة بانتظام وفي الوقت المناسب مثل المعلومات المتعلقة بوضعية الشركة المالية وتواريخ الجمعيات العامة وجداول أعمالها، وحق المساهمين في المشاركة بالجمعيات العامة وإدراج مشاريع التوصيات في جدول أعمالها قصد التصويت عليها، وفي انتخاب أعضاء مجلس الإدارة والحصول على الأرباح[23].
ويقصد بالمعاملة المتساوية للمساهمين المعاملة المتكافئة لجميع المساهمين بمن فيهم صغار المساهمين والمساهمين الأجانب، وكذا المعاملة المتكافئة للمساهمين المنتمين لنفس فئة الأسهم.
3/المؤسسات الإستثمارية وأسواق الأسهم:
ويقتضي هذا المبدأ تنظيم نزيه وشفاف لسوق الأسهم وتقديم الحوافز للمؤسسات الإستثمارية للدخول والإستثمار بهذا السوق[24]، وكما أكدنا عليه سابقا فإن المستثمر لا يكون على استعداد لاستثمار أمواله إذا لم يكن على علم كاف بالشركة ونتائجها المالية علما حقيقيا ومطابقا للواقع يمكنه من توقع المخاطر المحتملة للخطوة المقبل عليها.
4/ دور أصحاب المصالح[25] في حكامة الشركات: حيث يعترف لأصحاب المصالح بحقوقهم سواء بنص القانون أو الإتفاقات المبرمة مع الشركة ، ويتم تشجيع التعاون بينهما من أجل خلق الثروة وتوفير فرص الشغل[26]. ويدخل ضمن أدوار أصحاب المصالح التدخل كلما كان هناك ما يهدد مصالحهم لإجبار الشركة على اتخاذ الإجراءات اللازمة، مع حقهم في الحصول على تعويض في حال انتهاك حقوقهم[27].
5/ الإفصاح والشفافية:
يقتضي هذا المبدأ أن تعلن الشركة عن نتائجها المالية والمزايا والمكافآت الممنوحة للمديرين، وكذا الإفصاح عن وضعية ممتلكات الشركة والمسائل المادية المرتبطة بأصحاب المصالح خاصة العمال والدائنين.ويسفر الإفصاح المنتظم عن بناء الثقة مع أصحاب المصالح وجلب التمويل الخارجي.[28]
6/ مسؤوليات مجلس الإدارة:
مفاد هذا المبدأ أن يعمل مجلس الإدارة على تحقيق مصالح الشركة والمساهمين، وإمكانية مساءلته أمام هؤلاء.ويقتضي ذلك بالخصوص الشفافية في عملية اختيار و ترشيح أعضاء مجلس الإدارة[29].
إذن، كانت هذه مبادئ حكامة الشركات كما هي معتمدة دوليا، وسننتقل للحديث عن الآليات اللازمة لوضع هذه المبادئ موضع التنفيذ.
ثانيا: تدابير تفعيل حكامة الشركات
يمكن أن نقسم تدابير تفعيل حكامة الشركات إلى قسمين:
1/ تدابير قانونية: تقتضي وجود نظام قانوني متطور ينظم بالأساس:
1-1حقوق الملكية:
إن الإستقرار والطمأنينة الذي تحتاجه الشركة في معاملاتها يقتضي تمتعها بحقوق الملكية الخاصة ، سواء الملكية العقارية التي تظهر أهميتها في مرحلة إنشاء الشركة حيث يمكن تقديمها كحصة عينية في رأسمال الشركة أو كضمانة إئتمانية، أو الملكية غير العقارية كبراءات الإختراع والإسم التجاري والعلامات التجارية…ويجب ألا تكون القوانين العقارية أو قوانين الملكية الصناعية عائقا أمام ذلك[30].
1-2 قانون العقود:
لن تستطيع الشركة إجراء الكثير من العمليات التجارية إذا لم يكن القانون يضمن سلامة إبرام العقود وتنفيذها، ومن الأمور الأساسية أن تعمل القوانين على ضمان حقوق الموردين والدائنين والعمال[31].
1-3 نظام ضريبي واضح وشفاف:
يتعين أن يكون النظام الضريبي منصفا وعادلا ويساعد على مكافحة التهرب الضريبي خاصة المتعلق بالشركات الكبرى المستفيدة من الإعفاءات الضريبية[32].
1-4 قوانين الإفلاس والتصفية:
يجب أن تسمح هذه القوانين بالتصفية السريعة والعادلة للشركات وتحقق المساواة بين الدائنين، لأن انعدام ذلك يسهل عملية نهب أصول الشركة[33].
1-5 قطاع مصرفي جيد التنظيم:
لأن الأبناك و مؤسسات التمويل كما هو معلوم تشكل أحد أهم الموارد الأساسية للتمويل اللازم لتنفيذ مشروعات الشركات، ويقتضي هذا إحاطة القطاع المصرفي بحزمة من التدابير القانونية والتنظيمية التي تحدد بدقة أدوار الفاعلين فيه والتزاماتهم ومنها بالخصوص الالتزامات المتعلقة بالملاءة والتدابير الإحترازية.
1-6/قانون شغل حمائي:
مادامت الطبقة العاملة هي المحرك الرئيسي لنشاط المقاولات، فلابد من إطار تشريعي ينظم العلاقة بين الأجراء والمشغلين، ويوفر الحماية للفئة الأولى.وفي هذا الإطار فإن المستثمرين والممولين الأجانب يلجؤون في العادة قبل اتخاذ قرار التمويل الموجه لفائدة الشركة إلى إجراء تحقيق الإجتماعي ينصب على معاينة وضع الأجراء داخل الشركة المتعامل معها وظروف عملهم بشكل عام.
1-7/أسواق منظمة للأوراق المالية:
حيث تحدد بدقة كيفيات إصدار الشركات للأسهم والسندات وتداولها، وتضمن الشفافية في إجراءات القيد في البورصة والمعاملات المبرمة من طرف وسطاء هذه الأخيرة مع إخضاع الكل لرقابة هيئة حكومية مستقلة[34].
2/ تدابيرمؤسساتية: وتشمل وجود:
2-1نظام قضائي مستقل ونزيه:
إن السلطة القضائية ضامن أساسي للحقوق والحريات باعتبارها مكلفة بالفصل في النزاعات و دورها بخصوص الشركات يتسم بمجموعة من الخصوصيات حيث تتدخل منذ تأسيس الشركة إلى غاية انقضائها ولا يقتصر دورها فقط على فض النزاعات المتعلقة بها ، كما يعتبر وجود إطار للأنظمة البديلة لحل المنازعات كالتحكيم والوساطة أمرا مفروغا من أجل تمكين الشركات من بديل سريع وفعال للقضاء الرسمي .
2-2 إدارات عمومية مرنة:
تقدم خدماتها العمومية دون التقيد بالإجراءات البيروقراطية والمساطر طويلة الأمد، حيث إن الحصول على الخدمات والوثائق الإدارية لابد وأن يتم في أقصر الآجال وبأقل التكاليف.
المطلب الثاني: الإطار القانوني لحكامة الشركات
يعد الإطار القانوني لحكامة الشركات المرآة التي يظهر من خلالها مدى إمكانية تطبيق مبادئ هذه الأخيرة، وهو الذي يعطيها القوة الإلزامية ويجعلها ترتقي إلى مصاف القواعد القانونية الآمرة.وتبعا لذلك فقد وضعت نظريات مختلفة لمحاولة تكييف هذا المفهوم الجديد في البيئة القانونية وإعطائه أساسا قانونيا (الفقرة الأولى)، كما أن التشريعات الوطنية بما فيها التشريع المغربي سارعت إلى تبني مبادئ هذا المفهوم انسجاما مع دعوات المنتظم الدولي وأفردت لها مكانا في قوانينها بما يتلاءم و خصوصياتها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التكييف القانوني لحكامة الشركات
بعد ظهور حكامة الشركات على السطح، ظهرت عدة نظريات تحاول جميعها الكشف عن التكييف القانوني لهذه النظرية حيث أقامها البعض على أساس نظرية حسن النية في تنفيذ العقود، وذهب رأي آخر إلى أن حكامة الشركات تقوم على نظرية الوكالة، بينما أرجعها آخر إلى نظرية التعسف في استعمال الحق.
أولا: حكامة الشركات ومبدأ حسن النية في تنفيذ العقد
يعرف أحد الفقه[35] مبدأ حسن النية في تنفيذ العقد بأنه” اختيار المتعاقد في تنفيذه للعقد الطريقة التي تفرضها الاستقامة والنزاهة في التعامل”. وقد نص على هذا المبدأ الفصل 231 من قانون الالتزامات والعقود المغربي[36].
وعليه وجبت صياغة نظرية قانونية لحكامة الشركات بهدف حماية المساهمين والمتعاملين مع الشركة، ويرى أحد الفقه[37] أن هذه النظرية ينبغي أن تؤسس على مبدأ حسن النية، ومؤداه أن الهيئات الإدارية والرقابية في الشركة ملزمة بالعمل لصالح الشركة وزيادة الائتمان والثقة فيها، وهذا لا يتأتى إلا بالإفصاح عن مركزها القانوني والمالي والالتزام بما ورد في عقدها وفي القانون، إضافة إلى تنفيذ التزاماتها تجاه الأغيار مع ما يوجبه مبدأ حسن النية.
ويرى اجتهاد فقهي[38] آخر أن الداعي وراء اعتماد هذا المبدأ هو كونه مبدأ واسعا يمتد ليؤطر التصرفات القانونية في كل مراحلها سواء في إطار علاقات القانون المدني أو التجاري. وفي هذا الصدد حكم القضاء الأمريكي لصالح مجلس إدارة شركة” والت ديزني” مؤسسا حكمه على مبدأ حسن النية في قضية تدور وقائعها حول قيام مساهمي الشركة باتهام مجلس الإدارة بالغش والإهمال الجسيم وخدمة المصلحة الخاصة أثناء عملية تعاقدية قام بها؛ ومما جاء في قرار المحكمة الإبتدائية لمدينة “ديلاور” رقم15452 بتاريخ9/8/2005 ما يلي:”…إن مجلس إدارة والت ديزني كان يعتقد في تعامله مع السيد “أوفيتز” بأنه يعمل لمصلحة الشركة وفي الغرض الذي أعدت من أجله، وهو في ذلك يتصرف بحسن نية وبناء على ما توفر لديه من معلومات ولم يرتكب خطأ فادحا أو إهمالا جسيما يستدعي ترتيب المسؤولية عليه..”.[39]
ثانيا: حكامة الشركات ونظرية الوكالة
هناك من يرجع إلى إلى نظرية الوكالة كأساس قانوني تقوم عليه حكامة الشركات[40] ، ومفاده أن إدارة الشركة هي وكيل يعمل باسم الشركة ولحسابها ، وبالتالي فإن الحقوق والإلتزامات الناشئة عن الوكالة تنصرف إلى الأصيل (الشركة)، دون أن تترتب في ذمة الوكيل (مديري الشركة) أي مسؤولية طالما يعمل في حدود السلطات المخولة له في عقد أو نظام الشركة وطالما يؤدي ما عليه لخدمة مصلحة الشركة باذلا العناية اللازمة في ذلك. وتبعا لذلك يرى نفس الإجتهاد الفقهي أن نظرية الوكالة حل عملي لتضارب المصالح الخاصة للمديرين مع مصلحة الشركة حيث إنها تتوافق مع ما جاءت من أجله مبادئ حكامة الشركات ألا وهو إلزام مجلس الإدارة بالعمل لما فيه مصلحة للشركة والمساهمين لأنه مرتبط بعقد وكالة يحتم عليه إتيان ما فيه مصلحة لموكله[41].
ويعضد أنصار هذا الإتجاه رأيهم بقرار صادر عن محكمة التمييز الكويتية ،الطعن عدد760/2004، جلسة15/11/2005 جاء فيه:”…إن مجلس الإدارة في الشركة المساهمة هو المختص بإدارتها وأن رئيسه وباقي أعضائه هم وكلاء عن الجمعية العامة للمساهمين تنتخبهم للقيام بأعمال الإدارة مقابل الحصول على أجر، وأن الوكيل عليه أن يبذل في رعاية مصالح موكله العناية المألوفة فيسأل عن تقصيره وإهماله أو مخالفته للنظم والقوانين في مباشرته لأعمال وكالته”.[42]
ثالثا: حكامة الشركات ونظرية التعسف في استعمال الحق
يعتبرالشخص متعسفا في استعمال حقه إذا لم يقصد من وراء ذلك الاستعمال سوى الإضرار بالغير أو كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية مقارنة مع ما يصيب الغير من ضرربسببها ،أو إذا تجاوز الحدود المألوفة في ممارسته لحقه.[43]
ويذهب جانب من الفقه[44] إلى أن حكامة الشركات ماهي إلا تطبيق لمبدأ عدم التعسف في استعمال الحق ، ومؤداه أن السلطة المخولة لإدارة الشركة لا يجب أن تؤدي إلى إصدار قرارات مجحفة تضر بمصلحة الشركة والمتعاملين معها.
غير أن هناك اختلافا بخصوص المعيار الذي على أساسه يتم كشف تعسف إدارة الشركة، حيث يربطه تيارأول بالمساس بالمصلحة الإجتماعية للشركة ، في حين ربطه التيار الثاني بالمساس بمبدأ المساواة بين المساهمين، وذهب تيار ثالث إلى الأخذ بمعيار مزدوج يعتبر التعسف سلوكا تأتيه الأغلبية ولا يأخذ بعين الإعتبار مصلحة المساهمين الجماعية[45].
ومن تطبيقات هذه النظرية ما صدر عن القضاء الفرنسي في قضية ” فريهوف”، حيث كانت شركة أمريكية مالكة لثلثي أسهم شركة “فريهوف” الفرنسية ، ولها خمسة مقاعد في مجلس الإدارة من أصل ثمانية مقاعد؛ قامت الشركة الأمريكية بإبرام عقد مع شركة “بريلييه”prelier تلتزم بمقتضاه بتسليم شركة بريلييه معدات بقيمة مليون ونصف المليون دولار، إلا أن الشركة الفرنسية رفضت الصفقة لأنها مخصصة لجمهورية الصين الشعبية، فتم عرض الأمر على محكمة “corbeil-essones ” فقررت المحكمة أن الشركة الأمريكية اتخذت قرارا يتعارض مع مصالح الشركة إذ يترتب عليه فصل 6000 عامل فرنسي ويهدد مصالح الشركة بالخطر ، وهو في ذلك يكتسي طابع التعسف في الإدارة، فرفضت الصفقة[46].
بعد استعراض تلك الإتجاهات الفقهية الثلاثة، نتساءل عن أيها الأكثر ملاءمة كإطار قانوني لحكامة الشركات؟
يرى أحد الباحثين[47] أن النظريات السابقة لا تخلو من بعض القصور، حيث إن اعتماد مبدأ حسن النية يثير التساؤل حول المعيار الذي من خلاله نتأكد من وجود حسن النية من عدمه خاصة في المعاملات التجارية المتسمة بالثقة والإئتمان؟ كما أن نظرية الوكالة رغم أهميتها فهي لا تسلط الضوء إلا على جانب واحد هو الرقابة على مجلس الإدارة ، في حين أن حكامة الشركات تشمل مجالا أوسع يضم العلاقات مع أصحاب المصالح كالدائنين والأجراء وغيرهم.أما بالنسبة لنظرية التعسف في استعمال الحق فإن مجلس الإدارة مادام يقوم بواجباته بمقتضى علاقة تعاقدية بينه وبين المساهمين في الشركة ، فإن إخلاله بواجباته يرتب عليه مسؤولية عقدية، بينما التعسف في الحق يرتب مسؤولية تقصيرية.
وفي نظرنا المتواضع فإن الجمع بين هذه النظريات الثلاث قد يفيد في تأطير قانوني لحكامة الشركات، فيتم الإعتماد على نظريتي حسن النية والوكالة إذا تعلق الأمر بعلاقة تعاقدية، ونظرية التعسف في استعمال الحق إذا تعلق الأمر بعلاقة غير تعاقدية.
الفقرة الثانية: تعاطي المشرع المغربي مع حكامة الشركات
أشرنا سابقا إلى نوعين من التدابير اللازمة لتطبيق مبادئ حكامة الشركات التي وضعتها منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية، وهي تدابير قانونية وأخرى مؤسساتية، لذلك سنحاول رصد مدى مواكبة المشرع المغربي لهذه المعطيات(أولا)، كما سنعرض لبعض الصعوبات التي تعترض التطبيق الجيد لقواعد حكامة الشركات بالمغرب(ثانيا).
أولا: الإصلاحات القانونية والمؤسساتية المكرسة لحكامة الشركات بالمغرب.
إن فهم الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية التي انتهجها المغرب في العقود الثلاثة الأخيرة خارج سياقها الدولي هي محاولة محكوم عليها بالفشل منذ الوهلة الأولى، فهي إصلاحات جاءت انسجاما مع التزامات المغرب دوليا وللمتغيرات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية ، ومفهوم الحكامة غير مذكور بصفة مباشرة في القوانين ذات العلاقة بالشركات وإنما يتم استنتاجه من خلال ما تحتويه هذه القوانين من آليات تضمن تفعيل هذا المفهوم ، غير أنه بالرجوع إلى الدستور المغربي لسنة 2011 نجده قد نص على هذا المبدأ في بابه الثاني عشر المرتبط بحكامة المرافق و المؤسسات العمومية ومنه يمكن استلهام قواعد الحكامة بالنسبة للشركات.
1/ الإصلاحات القانونية
همت هذه الإصلاحات بالأساس:
1-1 قوانين الملكية: حيث عمل المشرع على تحديث المنظومة التشريعية في هذا الإطار عبر إصدار القانون 14.07 المعدل لظهير التحفيظ العقاري[48] بتاريخ 22 نونبر2011، والقانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية[49] الصادر في 24 نونبر2011، فالعقار كما رأينا آنفا من أهم الركائز الأساسية التي تحتاجها الشركة في جميع مراحل وجودها. كما همت الإصلاحات قانون الملكية الصناعية[50] بصدور القانون رقم 17.97 بتاريخ 29 مارس 2000، والمعدل بمقتضى القانون 31.05 الصادر في 14 فبراير2006، والقانون 23.13 الصادر بتاريخ 21 نونبر 2014.
1-2 قوانين الشركات: حيث عرفت قوانين الشركات عدة تعديلات أهمها تلك التي عرفها قانون شركات المساهمة[51] رقم 17.95 بمقتضى القانون 20.05 الصادر بتاريخ 23 مايو 2008، والقانون 78.12 الصادر بتاريخ 29 يوليوز 2015 الذي أحدث أجهزة جديدة داخل الشركة وحدد مهام أخرى كما عزز الشفافية داخلها من خلال مجموعة من إجراءات الإعلام الخاصة بالمساهمين، علما أن هذا الأخير صدر في نفس السنة التي تم فيها اعتماد مبادئ G20/OECD للحكامة.
1-3 القانون البنكي:
حيث إن الأبناك تشكل فاعلا رئيسيا في الاقتصاد الوطني ومزودا مهما للشركات بالسيولة النقدية، لذلك فقد أصدر المشرع المغربي القانون البنكي الجديد[52] رقم 103.12 بتاريخ 24 دجنبر2014. ومن أهم مستجداته إحداث الأبناك التشاركية التي تقدم صيغا تمويلية بديلة للطرق التقليدية القائمة على أساس ربوي، وهو ما يعزز حق المقاولة في الإقتراض[53]. وقبل ذلك فقد أصدرت اللجنة الوطنية لحكامة المقاولات بتاريخ مارس 2010 الميثاق الخصوصي لحكامة مؤسسات الائتمان بشراكة مع بنك المغرب وهيئات أخرى كالجمعية المهنية لبنوك المغرب. وحسب مقدمة الميثاق فإنه جاء انسجاما مع توصيات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وذلك لتعزيز حكامة مؤسسات الائتمان كفاعل في الاكتتاب وتمويل الاقتصاد يتميز عن باقي المقاولات.
1-4 النظام الضريبي:
تعتزم الحكومة المغربية تطبيق إصلاحات شاملة في المجال الجبائي طبقا لتوصيات المناظرة الوطنية المنظمة في أبريل 2013 والتي خلصت إلى ضرورة اعتماد منظومة ضريبية عادلة ولا ممركزة[54].
1-5 الأسواق المالية: تم إصدار القانون رقم 43.12 بتاريخ 13 مارس2013، المتعلق بالهيئة المغربية للرساميل[55] التي حلت محل مجلس القيم المنقولة، وتضطلع هذه الهيئة بتنظيم ومراقبة السوق المالي المغربي وفرض التدابير الرامية إلى ضمان السير الجيد لعمليات التداول في البورصة.
2/ الإصلاحات المؤسساتية:
وقد همت بالأساس إصلاح المنظومة القضائية، وهو ما تم بتنصيب ملك المغرب لأعضاء الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة في 8 ماي 2011 وهو الحوار الذي انتهى إلى وضع 6 أهداف استراتيجية تطبق تدريجيا، وقد جاء الهدف السادس تحت مسمى” تحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها”.
كما هم الإصلاح الإداري وضع مجموعة من المؤسسات العمومية في خدمة الشركات ومنها على سبيل المثال المراكز الجهوية للإستثمار، وغرف الصناعة والتجارة.
ثانيا: الصعوبات التي تعترض التطبيق الجيد لحكامة الشركات بالمغرب
توجد عدة صعوبات واقعية وعملية تعترض التطبيق الجيد لمبادئ الحكامة بالمغرب، وتتجلى أساسا في:
1/ الطابع غير الإلزامي للميثاق المغربي للممارسات الجيدة لحكامة المقاولات:
صدرت الميثاق المغربي للممارسات الجيدة لحكامة المقاولات في مارس من سنة 2008 من طرف الهيئة الوطنية لحكامة المقاولات، بمبادرة من الوزارة المكلفة بالشؤون الاقتصادية والاتحاد العام لمقاولات المغرب بناء على دراسة أجراها هذا الأخير سنة 2005[56]. وتتضمن الميثاق إجراءات وتدابير لتطبيق مبادئ الحكامة داخل المقاولات المغربية، غير أن مقتضياتها غير ملزمة للمقاولات؛ لكن وفي هذا الصدد أوضحت المديرة العامة لمجلس القيم المنقولة ( الهيئة المغربية لسوق الرساميل حاليا) بأن المجلس سيطلب من الشركات المدرجة بالبورصة توضيحات حول عدم تطبيق مبادئ الحوكمة المضمنة بالميثاق[57]، وسيتم نشر النتائج في التقرير السنوي للمجلس الذي يكون منشورا بالموقع الإلكتروني للهيئة المغربية لسوق الرساميل[58]، مما يشكل من منظورنا نوعا من الضغط على هذه الشركات لتبني تلك المبادئ تفاديا لكل ما قد يمس بسمعتها داخليا وخارجيا عند نشر تقرير الهيئة.
2/ الطابع العائلي لشركات القطاع الخاص:
حيث يطغى عليها البعد التحكمي في اتخاذ القرار والذي يتركز في أيدي الأغلبية المالكة لرأس المال والتي هي في الغالب تكتلات عائلية داخل الشركة[59]. وانسجاما مع الطابع الخاص لهذه الشركات أصدرت الهيئة المغربية لحكامة المقاولات ميثاقا يتعلق بحكامة المقاولات العائلية والمقاولات الصغرى والمتوسطة بتاريخ دجنبر2008 إصدار مدونة خاصة ببيان الممارسات الجيدة لحكامة مثل هذه المقاولات[60].
3/ ضعف التكوين لدى مسيري ومدراء الشركات:
لذلك وبغية تشجيع المقاولات على تبني مضامين مدونات الممارسات الجيدة للحكامة، قامت اللجنة الوطنية لحكامة المقاولة في يونيو 2009 بإنشاء المعهد المغربي للمدراء، حيث يقدم هذا المعهد تكوينا موجها بالخصوص لمسيري المقاولات الغرض منه تطوير الكفاءات التقنية اللازمة لممارسة مهامهم داخل المجالس الإدارية.
و قد بدأ المعهد فعليا في تنظيم دورات تكوينية لاقت نجاحا كبيرا. كما أن المعهد عقد العديد من الشراكات مع مجموعة من المؤسسات الدولية المرموقة، الشئ الذي من شانه أن يجعل من المعهد مستقبلا مركزا جهويا للتفوق على المستوى الإفريقي
و بصفتها عضوا مؤسسا للمعهد، تقوم وزارة الشؤون العامة و الحكامة بدعم هذا الأخير، خاصة بمساهمتها في نشر الممارسات الجيدة لحكامة المقاولات على المستوى الوطني و الجهوي[61].
انتهى بحمد الله.
[1] – و نخص بالذكرانهيار شركة “إنرون Enron”الأمريكية للطاقة وما استتبعه انهيارها من انهيار لأعظم شركة تدقيق ومراجعة في العالم آرثر أندرسون Arthur Andersen، لثبوت تورطها في انهيار شركة إنرون؛ ونذكر كذلك انهيار شركة “وورلد كومworldcom ” الأمريكية للإتصالات.وقد ارتبط انهيار الشركتين الأمريكيتين بالفساد الإداري والمحاسبي وضعف آليات الرقابة على الأنشطة المالية للمؤسسات ، وعلى إثر ذلك قام صندوق النقد الدولي بتعاون مع “منظمة التعاون الإقتصادي و التنمية” سنة 1999 لدراسة آليات الحوكمة وتم تحديد خمسة مبادئ خاصة للحوكمة سنأتي على ذكرها فيما يقبل من فقرات هذا العرض. راجع بهذا الخصوص:
– عدنان بن حيدر بن درويش:” حوكمة الشركات و دور مجلس الإدارة “، إتحاد المصارف العربية،(دون ذكر الطبعة)، 2007، ص 7.
– أحمد بن محمد الرزين:” حوكمة الشركات المساهمة-دراسة فقهية-“،منشورات كرسي سابك لدراسات الأسواق المالية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، (دون ذكر الطبعة) ، الرياض، 2012، ص 6.
[2] – محسن أحمد الخضيري:” حوكمة الشركات”، مجموعة النيل العربية، مصر، الطبعة الأولى، 2005، ص 7.
[3]– منشور رئيس الحكومة رقم: 2012/3 بتاريخ 19 مارس 2012 المتعلق بحكامة المؤسسات والمنشآت العامة.
[4] مقتطف من الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العش المجيد في طنجة 30-07-2005.
[5] – يوسف الزوجال :” حكامة المقاولات في التشريع المغربي والمقارن-دراسة على ضوء الأسس النظرية والعملية-“، الطبعة الأولى، دار السلام للطباعة والنشر، الرباط، 2017، ص 7.
[6]– الحسين الصفاوي :” الحكامة والتأطير مدخل لتأهيل المقاولة”، مجلة القانون التجاري، العدد 2 لسنة 2015، ص 21.
[7] – يطلق عليها باللغة الإنجليزية مصطلح: corporate governance وباللغة الفرنسية مصطلح:la gouvernance des sociétés
[8] – الصالحين محمد العيش:” حوكمة الشركات بين القانون واللائحة”، المجلة الدولية للقانون، لسنة 2016، ص 2.
[9] – لسان العرب الابن منظور دار صادر، بيروت 2003, الجزء الحادي عشر ، ص 131.
[10] – Le Code Marocain des Bonnes Pratiques de Governances des Enterprises, La Commission Nationale de Governance des entreprises, Mars 2008,p 5.
[11] – محمد حركات:” الإقتصاد السياسي والحكامة الشاملة”، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط،2010، ص 138..
[12] -Gerard charreaux : ‘’vers une théorie du gouvernement en entreprises”, séminaires doctoraux des IEA de Dijon et de Lyon III, mai 1996, p3 / www.Gerrard.charreaux.pagesperso.orange.fr/ consulté le :25/10/2017 a 22h.00.
[13] -أحمد بن محمد الرزين:، م.س. ص 5و6.
[14] – عدنان بن حيدر بن درويش، م.س، ص 14.
[15] رأي المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي حول “المسؤولية المجتمعية للمنظمات: آليات الانتقال نحو تنمية مستدامة” ، الجريدة الرسمية عدد 6588، بتاريخ 25 شوال1438، الموافق ل20 يوليو 2017، ص 4199.
[16] – يوسف الزوجال، م.س ، ص 57.
[17] – الصالحين محمد العيش ، م.س ، ص 4.
[18] – الصالحين م.العيش، م.س ، ص5.
[19]-منظمة التعاون الإقتصادي والتنميةOrganization for Economic Cooperation and Development : ، منظمة دولية أسست في 30 شتنبر من عام 1961، مقرها في مدينة باريس الفرنسية، تتألف من 33 دولة ، وتعمل المنظمة من أجل الضغط على الحكومات لتبني سياسات وقوانين فعالة في المجالات الإقتصادية والإجتماعية والبيئية. والمغرب يدعو إلى قبوله عضوا كامل العضوية بهذه المنظمة. المصدر: منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية/www.wikipedia.org، ، تاريخ الزيارة الأحد 29/10/2017، الساعة 12.00.
[20] – وتلك المبادئ هي: حقوق المساهمين، المعاملة المتكافئة للمساهمين ، دور أصحاب المصالح في حوكمة الشركات، الإفصاح والشفافية، مسؤوليات مجلس الإدارة. وتمت إضافة مبدأ ضمان وجود إطارعام لحوكمة الشركات سنة 2004. عدنان بن حيدر بن درويش، م.س، ص26.
[21] – جليل طريف:” مبادئ الOECD/G20 للحوكمة”، مجلة أخبار الإتحاد، العدد 11، إتحاد هيئات الأوراق المالية العربية ، دبي 2016،ص 3.
[22] – جليل طريف ، م.س، ص 4
[23] – عدنان بن حيدر بن درويش، م.س، ص29.
[24] – دليل تشجيع حوكمة الشركات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: تجارب وحلول، مؤسسة التمويل الدولية، واشنطن ، 2011، الموقع الإلكتروني السابق ذكره:www.cipe-arabia.com
[25] – يقسم الفقيه “بيسكو” أصحاب المصالح أو الأطراف المتعاملة إلى أطراف تربطها بالشركة علاقة تعاقدية كالموردين والأجراء والزبائن، وأطراف تربطهم علاقة غير مباشرة بالشركة مثل السلطات العمومية والجمعيات والرأي العام.Dauphine Pesqueux : »organisation modéles et representation »2edition,paris2002 أشار إليه يوسف الزوجال، م.س، ص26.
[26] – جليل طريف، م.س، ص 5..
[27] – عدنان بن حيدر بن درويش، م.س، ص31.
[28] – دليل حوكمة الشركات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، م.س، ص74.
[29] – أحمد بن محمد الرزين، م.س، ص46.
[30] – يوسف الزوجال، م.س، ص 25 وما بعدها.
[31] – عدنان بن حيدر بن درويش، م.س، ص51.
[32] – يوسف الزوجال، م.س، ص74.
[33] – عدنان بن حيدربن درويش، م.س، ص53.
[34] – انظر ما سنأتي على ذكره لاحقا بخصوص الهيئة المغربية لسوق الرساميل باعتبارها دركي السوق المالي الساهر على حسن سيره.
[35] – مامون الكزبري:”نظرية الالتزامات في ضوء قانون الألتزامات والعقود المغربي” الجزء الأول، مصادر الإلتزام، الطبعة الثانية، (دون ذكر المطبعة و المكان)، 282.
[36]– جاء في الفصل 231 من ق.ل.ع: ” كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية ، وهو لا يلزم بما وقع التصريح به فحسب ، بل أيضا بكل ملحقات الالتزام التي يقررها القانون أو العرف أو الإنصاف وفقا لما تقتضيه طبيعته”.
الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331،(12غسطس1913)، بمثابة قانون الالتزامات والعقود. .
[37] – حماد مصطفى عزب:” الإطار القانوني للضمانات الشخصية التي تقدمها شركات المساهمة”، دار النهضة العربية ، القاهرة، 2002، ص40.
[38] – حسن سرحان :” نحو نظرية لحماية الغير المتعاملين مع الشركات التجارية “، المتحدة للطباعة والنشر ،القاهرة ،1999، ص382، أشار إليه الصالحين محمد العيش، م.س، ص5.
[39] – الصالحين.م.العيش، م.س، ص6.
[40] – انظر: – عدنان بن حيدر بن درويش، م.س، ص 63 وما بعدها.
[41] – بالرجوع إلى القواعد العامة لعقد الوكالة الوارد في قانون الإلتزامات والعقود نجد تأصيلا لهذا المبدأ حيث جاء في االفقرة الثانية من الفصل 893 من ق.ل.ع:”… وهي تمنح (أي الوكالة) الصلاحية لإجراء كل ما تقتضيه مصلحة الموكل وفقا لطبيعة المعاملة وعرف التجارة…” ، وجاء أيضا في الفصل 895 من ق.ل.ع:” على الوكيل أن ينفذ بالضبط المهمة التي كلف بها فلا يسوغ أن يجري أي عمل يتجاوز أو يخرج عن حدود الوكالة”.
[42] – قرار أورده محمد الحبيني:” نظرة حول طبيعة العلاقة بين مجلس الإدارة والشركة “، مقال منشور بصحيفة الوطن ، ركن ثقافة قانونية، الموقع الإلكتروني:www.alwatan.Kuwait.tt ، تاريخ الزيارة :7/11/2017، على الساعة 22.00.
[43] – مامون الكزبري ، مرجع سابق، ص 386،385.
[44] – إبراهيم إسماعيل إبراهيم :” المسؤولية القانونية للمستحوذ على الشركة المساهمة ” مجلة المحقق للعلوم القانونية ، العدد1، جامعة بابل ، العراق، 2012، ص21.
[45] – أمير فهد:” حماية أقلية المساهمين داخل شركة المساهمة”، مقال منشور بموقع العلوم القانونيةwww.marocdroit.com، ، تاريخ الزيارة 7/11/2017، على الساعة 23.00.
[46] – أورده إبراهيم إسماعيل إبراهيم، مرجع سابق، ص21.
[47] الصالحين محمد العيش، م.س، ص7.
[48] – القانون رقم 14.07، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.177، بتاريخ25 ذي الحجة1432 (22 نونبر2011)، المغير والمتمم بمقتضاه الظهير الشريف الصادر بتاريخ 9 رمضان1331(12 غشت 1913)، المتعلق بالتحفيظ العقاري، منشور بالجريدة الرسمية عدد5998، الصادرة بتاريخ24 نونبر2011، ص5575.
[49] – القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 بتاريخ 25 ذي الحجة 1432(22 نونبر2011)، منشور بالجريظة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نونبر 2011.
[50] – القانون رقم 17.97 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.19 بتاريخ 9 ذي القعدة 1420(15 فبراير200)، الجريدة الرسمية عدد4776 بتاريخ 2 ذي الحجة 1420(9 مارس2000)، ص366.
[51] – الظهير الشريف رقم 1.96.124 صادر في 14 ربيع الآخر 1417 (30 أغسطس1996)، القاضي بتنفيذ القانون17.95 المتعلق بشركات المساهمة ، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4422 بتاريخ 17/10/1996، ص2320.
[52] – القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها رقم 103.12 ، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.193 صادر في فاتح ربيع الأول1436(24 دجنبر2014)، الجريدة الرسمية عدد6328 بتاريخ فاتح ربيع الآخر 1436 (22 يناير2015)، ص462.
[53] – يوسف الزوجال، م.س، ص 64.
[54] – يوسف الزوجال، م.س، ص74.
[55] – الظهير الشريف رقم 1.13.21 صادر في فاتح جمادى الأولى1434(13 مارس2013)، بتنفيذ القانون رقم 43.12 ، الجريدة الرسمية عدد6142 بتاريخ 30 جمادى الأولى 1434(11 أبريل2013)، ص 3157.
[56] – يوسف الزوجال، م.س، ص 60.
[57] – انظر المقال المنشور بجريدة المساء المغربية بتاريخ 19/03/2008.
[58] – www. Ammc.ma
[59] – الحسين الصفاوي، مرجع سابق، ص 27، 28.
[60] – للحصول على كافة مواثيق الحكامة المشار إليها آنفا يرجى زيارة الموقع الإلكتروني الخاص بالمعهد المغربي للمدراء والنقر على خانة الإطار القانوني( cadre juridique )، www.institut-administrateurs.ma.
[61] – انظر الموقع الالكتروني للمعهد: www.institut-administrateurs.ma، تمت زيارة الموقع يومه الثلاثاء 8 نونبر 2017، الساعة العاشرة ليلا.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً