صياغة شرط التحكيم في عقود الاستثمار
محمد بوشيبة
دوة
“قضايا الاستثمار والتحكيم”
بمحكـمة الاستــئناف التــجارية بالــدار البـيـضاء
من يصنع الحدث الوطني و الدولي؟ من يتحكم في القرار اليوم؟ هل الإاقتصادي أم السياسي؟
من المعلوم أنه في إطار الصراع العالمي الإيديولوجي الذي كان محتدما بين المعسكرين الليبرالي والاشتراكي كانت جميع الوسائل الاقتصادية والاجتماعية، رعب نووي، حروب بالنيابة…… مسخرة لإعلاء شأن الجانب السياسي الإيديولوجي، لكن مع سقوط جدار برلين و تشردم وتفكك الاتحاد السوفياتي، إنهارت الإيديولوجية الاشتراكية و معها غلبة الجانب السياسي في صنع الحدث، فطفا على السطح هيمنة الفكر الليبرالي المتشبع بالمبادرة الفردية و المؤمن بكون العامل الاقتصادي هو قطب الرحى الذي يدير دواليب التنمية المستديمة باعتباره المحرك للسياسي والاجتماعي.
فالعالم اليوم أصبحت فيه الميكانيزمات الاقتصادية هي صاحبة الحل والعقد(1).
وما العولمة ومنظمات التجارة العالمية(2) المنبثقة عن اتفاقية الكات و الحرب على الإرهاب(3) والبورصة، و ثقافة استقطاب رؤوس الأموال إلا إحدى تجليات هذه الميكانيزمات.
في هذا السياق العام أصبح الرأسمال هو الثروة التي تسعى الدول إليها بغية تحريك و تشجيع الاستثمار في مختلف المجالات لتحقيق الاستقرار السياسي و السلم الاجتماعي و التأسيس لدولة الحق و القانون(4).
وما دام الرأسمال، لا هوية له و لا مكانا محددا له، فأينما و جد الربح و الأمان و الاستقرار، فتلك هي هويته و ذاك هو مستقره لذلك فكل الدول تعمل جاهدة لتوفر له هذا المناخ المناسب وإن كان على حساب السيادة الوطنية.
من هنا برز دور التحكيم و أهميته اليوم كأحد الوسائل البديلة المساعدة أو بالأحرى المكملة للقضاء الرسمي لفظ المنازعات وزرع الاطمئنان في نفس المستثمر وإحاطة رأسماله بالحماية اللازمة بالاستناد إلى سلطان إرادة الأطراف للفصل في الخصومات التي تدخل أصلا في الولاية القضائية للدولة.
فالتحكيم هو اتفاق الأطراف على طرح النزاع على أشخاص معينين يسمون محكمين ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة أصلا لتحقيقه(1). وبمعنى آخر هو الطريق الإجرائي الخصوصي للفصل في نزاع معين بواسطة الغير بدلا عن الطريق القضائي العام(2).
من هذا التعريف يتبين أن التحكيم يقتضي توفر مجموعة من الشروط و اتباع إجراءات وشكليات معينة.
من شروطه ضرورة توفر إتفاق التحكيم، وهو الاتفاق الذي عن طريقه تلتزم الأطراف بأن يتم الفصل في المنازعات الناشئة بينهم أو المحتمل نشوبها بواسطة التحكيم.
واتفاق التحكيم قد يأتي في شكل عقد تحكيم والذي بمقتضاه يتفق الأطراف على عرض النزاع القائم بينهم للفصل فيه على التحكيم، أو في شكل شرط تحكيم يلتزمان من خلاله بإسناد مهمة الفصل في المنازعات الممكن نشوئها بينهم مستقبلا لمحكمين.
فعقد التحكيم يتعلق بنزاع أكيد وقع فعلا بينما شرط التحكيم يتعلق بخلافات مستقبلية محتملة وليس بخلافات قائمة.
ونحن سنقتصر في حديثنا على هذا الأخير التي اهتمت بصياغته كل من التشريعات الوطنية والدولية، هذه الصياغة التي عرفت تطورا كبيرا خاصة مع ظهور وسائل الاتصال الحديثة التي تتم المعاملات من خلالها بطرق آلية تخايلية غير مرئية متجاوزة الطرق التقليدية المعتمدة على الورق بل هي على العكس متمردة عليه.
–
لذلك سنتناول هذا الموضوع من خلال المحاور التالية :
– أولا : الصياغة الوطنية لشرط التحكيم.
– ثانيا : الصياغة الدولية لشرط التحكيم.
– ثالثا : الصياغة الإلكترونية لشرط التحكيم.
– رابعا : الآثار القانونية لصياغة شرط التحكيم.
أولا : الصياغة الوطنية لشرط التحكيم :
إن التحكيم كممارسة ليس بغريب عن المجتمع المغربي إذ يجد جذوره في الأعراف و التقاليد المستمدة من الثقافة العربية البربرية(1) و الفكر الإسلامي(2) و الانفتاح الحضاري المغربي منذ القديم(3) على مختلف الشعوب(4).
إلا أن التنظيم القانوني للتحكيم بصورة صريحة لم يتم إلا بمقتضى قانون المسطرة المدنية المؤرخ في 09 رمضان1331 الموافق 12/08/1913 و الملغى بقانون المسطرة المدنية الصادر في 28 شتنبر 1974 في الفصول 306 إلى 327، إضافة إلى بعض الفصول المتواجدة في كثير من النصوص العامة(5) والخاصة(6). و كذا من خلال مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والذي سعيا منه في تحديث ترسانته القانونية، فقد أحيل على البرلمان مشروع قانون رقم 05-08 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الاتفاقية الذي جاء بمجموعة من المستجدات لتحديث مؤسسة التحكيم.
فانطلاقا من هذا التنوع التشريعي سنحاول ملامسة مختلف المقتضيات المرتبطة بصياغة شرط التحكيم مدعمين ذلك بموقف الاجتهاد القضائي باعتباره هو المحرك والمطور للقاعدة القانونية.
و مادام شرط التحكيم هو اتفاق نابع عن إرادة الأطراف للجوء إلى التحكيم لفض ما قد يثور بينهم مستقبلا من نزاعات ناشئة عن علاقات قانونية محددة، تعاقدية كانت أو غير تعاقدية، فهذا يقتضي لصياغته توافر مجموعة من الشروط الشكلية و الموضوعية.
1 : الصياغة الشكلية لشرط التحكيم :
ينص الفصل 309 من ق م م ” يمكن للأطراف أن يتفقوا في كل عقد على عرض المنازعات التي قد تنشأ بصدد تنفيذ هذا العقد على المحكمين.
يمكن لهم أن يعينوا علاوة على ذلك مسبقا و في نفس العقد إذا تعلق بعمل تجاري محكما أو محكمين. و يتعين في هذه الحالة أن يكون شرط التحكيم مكتوبا باليد و موافقا عليه بصفة خاصة من لدن الأطراف تحت طائلة البطلان”.
يستشف من هذا الفصل أن شرط التحكيم كقاعدة عامة يرد ضمن العقد الأصلي كبند من بنوده، لكن هذا لا يمنع من أن يتخذ شكل اتفاق مستقل، شريطة أن يتم ذلك قبل نشوء النزاع، و قد يصب في ورقة رسمية أو عرفية سواء تعلق الأمر بعمل مدني أو تجاري.
لكن الإشكال يثور حسب الفقرة الثانية من الفصل أعلاه في حالة الاختيار المسبق للمحكم أو المحكمين في المادة التجارية على اعتبار أن هذا الاختيار يعتبر باطلا إذا كان الشرط التحكيمي غير مكتوب بخط اليد، وخاصة إذا لم يكن مصادق عليه من قبل الأطراف، أي أنه إذا تضمن العقد الأصلي من بين بنوده في المادة التجارية تعيين المحكم أو المحكمين فإن شرط التحكيم في هذه الحالة و الوارد في نفس هذا العقد يتعين أن يكون مكتوبا باليد وموافقا عليه من طرف الأطراف تحت طائلة البطلان.
ففي الفقرة الأولى من الفصل, 309 لا يشترط في شرط التحكيم إلا الكتابة الخاصة بالعقد الأصلي على اللجوء للتحكيم، أما في الفقرة الثانية فقد سن شكلية خاصة لصياغته وهو أن تتم الكتابة بخط اليد وموافق عليها بصفة خاصة من قبل الأطراف و إلا تعرض للبطلان.
الأمر الذي تولد عنه أننا أصبحنا أمام ثلاثة أشكال لصياغة شرط التحكيم، الأولى و هي التي يكون فيها كبند من البنود المدرجة بالعقد الأصلي، والثانية عندما يرد في عقد مستقل قبل نشوب النزاع، و الثالثة سواء أكانت كبند من بنود العقد الأصلي أو في عقد مستقل يتعين أن تكون بخط اليد وموافقا عليه من قبل.
– فالصياغة الأولى و الثانية لا تطرح أي إشكال باعتبار أن الكتابة ما هي إلا وسيلة من وسائل الإثبات و ليست شكلية من الشكليات المتطلبة للإنعقاد.
– بينما الصياغة الثالثة فقد أثارت عدة إشكاليات منها، هل يتعين كتابة شرط التحكيم بخط يد المتعاقدين معا أم أحدهما؟ و هل في حالة العقد الرسمي يقتصر على الكتابة المنجزة بخط الموثق، أم يتعين أن تتم من طرف المتعاقدين شخصيا؟ وهل التوقيع على العقد الأصلي أو العقد المستقل المتضمن لشرط التحكيم يغني عن الكتابة بخط اليد؟ و هل البطلان المقرر هو بطلان نسبي أو مطلق؟
والقضاء المغربي في بعض القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى قد أجاب عن بعض هذه الإشكالات، وحدد شكليات صياغة شرط التحكيم.
ففي القرار عدد 1766 الصادر في 07/07/92 في الملف المدني عدد 1277/88 ميز بين سند التحكيم المنصوص عليه في الفصل 308 ق م م الذي يعين موضوع النزاع وإسم المحكمين وأجل إصدار الحكم التحكيمي وبين شرط التحكيم الوارد بالعقد المتعلق بعمل تجاري الذي يتعين أن يكون مكتوبا بخط اليد وموافقا عليه حسب الفصل 309 من ق.م.م وبين شرط التحكيم المندرج في العقود الأخرى المنصوص عليه بالفقرة الأولى لنفس الفصل والذي لا يشترط فيه إلا الكتابة الخاصة على اللجوء إلى التحكيم(1) .
وفي قرار آخر عدد 1424 الصادر في 04/10/2000 فقد نقض المجلس الأعلى قرار محكمة الاستئناف والقاضي بتذييل مقرر تحكيمي بالصيغة التنفيذية بعلة عدم جوابها عن دفع الطاعن أمامها “بأن شرط التحكيم متعلق بعقد بيع تجاري ، وبأنه كان يتعين أن يكتب بخط اليد ويوقع عليه بصفة خاصة من جميع الأطراف تحت طائلة البطلان عملا بمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 309 ق م م مما يجعل قرارها ناقص التعليل الموازي لإنعدامه وعرضة للنقـض، إذ أن الفصل 381 ق م م يلزم رئيس المحكمة الذي يبت في طلب تذييل حكم المحكمين بالصيغة التنفيذية التأكد من أن الحكم غير معيب ببطلان يتعلق بالنظام العام”(2) .
وفي القرار عدد 77 المؤرخ في 16/01/02 ملف تجاري عدد 1243/99 أقر بأن شرط التحكيم يمكن أن يرد في العقود المدنية وكذا التجارية، كما يمكن أن يصاغ في صلب العقد الأصلي أو في عقد مستقل أو لاحق(3) .
والملاحظ على موقف المجلس الأعلى من الإشكاليات المثارة أعلاه، أنه قد أجاب عن البعض منها وخاصة تلك المتعلقة بالفصل بين مقتضيات الفصل 308 و 309 أما الإشكاليات المترتبة عن شكلية الكتابة بخط اليد الوارد في الفصل 309 فقد لامسها عن بعد دون أن ينفذ إلى عمقها .
فهذه الشكلية التي يكاد ينفرد بها القانون المغربي قد عمل مشروع قانون رقم 05/08 الخاص بالتحكيم على تجاوزها و ذلك بعد أن عرّف في الفصل 307 فقرة الأولى اتفاق التحكيم(1)، و حدد في فقرته الثانية شكليه في كل من عقد التحكيم وشرط التحكيم.
وعرّف في الفصل 316 أن شرط التحكيم باعتباره هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف العقد بأن يعرضوا على التحكيم النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور.
وبيّن في الفصل 317 الصياغة التي يكون عليها شرط التحكيم بنصه : “يجب تحت طائلة البطلان أن يضمن شرط التحكيم كتابة في الاتفاق الأصلي أو في وثيقة تحيل عليه، و يجب تحت طائلة البطلان أيضا:
– أن يتضمن الاتفاق الأصلي في تسميته بيانا لا التباس فيه يشير إلى شرط التحكيم.
– أن ينص في شرط التحكيم إما على تعيين المحكم أو المحكمين و إما طريقة تعيينهم.
– لا يصح شرط التحكيم إلا فيما بين التجار.”
فالمشروع قد اشترط الكتابة بصفة عامة لصياغة شرط التحيكم دون أن يحصرها في شكلية معينة، إلا أنه ضمن الفصل 317 مقتضيات أخرى نعتبرها من باب الإضافات التي من الأولى والأفيد أن تترك لإرادة الأطراف.
لذلك في اعتقادنا فإنه يتعين اقتصار صياغة هذه المادة على ما ورد في الفقرة الأولى و باقي الفقرات الأخرى ينبغي إلغاؤها.
وحتى الفقرة الأولى فإن صفة الوجوب المقررة ينبغي التخلي عنها و نفس الشيء بالنسبة لجزاء البطلان المترتب عن عدم صياغة شرط التحكيم كتابة، لتكون الكتابة المتطلبة، هي شرط إثبات لا شرط انعقاد.
بمعنى أن النص على وجوب الكتابة لصياغة شرط التحكيم تحت طائلة البطلان يؤدي بالضرورة إلى جعل الكتابة شكلية من شكليات الانعقاد، لا يتم شرط التحكيم من دونها، و هذا فيه تقييد لإرادة الأطراف و للغاية المتوخاة من التحكيم كأداة لإعلاء مبدأ سلطان الإرادة ، كما أنه لا ينسجم بالكامل مع مقتضيات المادة 313 من نفس القانون التي تعطي الحرية المطلقة للأطراف في كيفية صياغة اتفاق التحكيم -الذي يعني عقد التحكيم و شرط التحكيم-، إذ تنص “ يعتبر إتفاق التحكيم مبرما كتابة إذا ورد في وثيقة موثقة من الأطراف أو في وسائل متبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخرى من وسائل الاتصال الحديثة تثبت وجوده أو حتى بتبادل مذكرات الطلب أو الدفاع التي يدعي فيها أحد الطرفين بوجود اتفاق تحكيم دون أن ينازعه الطرف الآخر في ذلك.
لذلك فإننا نقترح صياغة هذه المادة على الشكل التالي : ” يرد شرط التحكيم كتابة في الاتفاق الأصلي أو أي وثيقة تحيل عليه”.
كما أن المشروع قد أقر شرط التحكيم الضمني إذ جاء في المادة 313 “يعتبر الاستناد في عقد ما إلى وثيقة تتضمن شرطا تحكيميا بمثابة اتفاق تحكيم بشرط أن يكون العقد المذكور قد أبرم كتابة و أن يكون من شأن الاستناد أن يجعل الشرط جزءا لا التباس فيه من العقد”.
2- الصياغة الموضوعية لشرط التحكيم :
إن شرط التحكيم باعتباره اتفاق إرادي على إحداث أثر قانوني معين فإنه يخضع لباقي الشروط الأخرى التي تحكم قيام و صحة الاتفاقات الواردة في ق ل ع و هي التراضي، الأهلية، المحل و السبب.
والمجلس الأعلى في قراره عدد 240 الصادر في 13/12/2002 في الملف التجاري عدد 3021/28 قد نص على وجوب احترام سلطان إرادة الطرفين اللذين اختارا بمحض إرادتهما التحكيم كجهة قضائية لفض نزاعاتهما من خلال ما عاب به على محكمة الاستئناف عدم مراعاتها الفصل 230 ق ل ع الذي يعتبر الالتزامات المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها(1).
وبجعل شرط التحكيم على قدم المساواة مع غيره من الالتزامات التعاقدية فإن صياغته تقتضي منا تسليط الضوء على الشروط التالية :
أ- الرضى
فلقيام شرط التحكيم لا بد من توافر التراضي بتوافق و تطابق إرادة الأطراف حول الأخذ به بشكل صريح و صحيح، إذ لا تكفي الإرادة وحدها بل يتعين أن تكون حرة صريحة غير مشوبة بعيب من عيوب الرضى كالغلط و التدليس و الإكراه و الغبن.
فلصحة شرط التحكيم ينبغي أن يكون هناك تطابق و توافق في الإرادة و أن تكون الإرادة كاملة غير معيبة، لأن انعدام الإرادة سيؤدي إلى بطلانه و تواجد عيب من العيوب سيجعله قابلا للبطلان.
والمجلس الأعلى قد أشار إلى ضرورة تطابق إرادة الطرفين وتبادل إيجاب وقبول صريحين بينهما للاعتداد بشرط التحكيم، إذ نقض قرار استئنافي قضى بالصيغة التنفيذية لقرار تحكيمي بالاستناد إلى شرط تحكيم وارد على وثيقة غير مقبولة ولا موقعة من الطرفين :”حيث إن المطلوب لا ينازع في العقد المؤرخ في 22/01/1980 الموقع من طرفه الذي يثبت فتح حساب جاري لدى الطالب، وهذا العقد تضمن في فقرته ما قبل الأخيرة بندا مفاده موافقة طرفيه على إسناد الاختصاص لمحاكم الدار البيضاء والطاعن تمسك بهذا الدفع أمام محكمة الاستئناف إلا أنها ردته بعلة “أن بنك الوفاء بإعداده للمطبوع ووضعه رهن إشارة زبنائه كانت رغبته منصرفة إلى التقاضي في حالة نشوب نزاع مع زبنائه بواسطة التحكيم، وأن المطبوعات الصادرة عن البنك تعتبر إيجابا منه للزبناء متى تضمنت عناصر التعاقد تفصيلا ويكون رضا الزبون غالبا بمجرد الموافقة على النموذج الذي يحرره البنك، وأن المستأنف عليه بسلوكه مسطرة التحكيم يكون قد استجاب لإرادة البنك وعبر عن قبوله الصريح بما جاء في المطبـوع” مع أن المطبوع المعتمد من القرار ذو طابع عام وغير موقع عليه من الطرفين ، ولا يصمد في الإثبات أمام العقد الخاص المؤرخ في 22/1/1980 المبرم بين الطالب والمطلوب وغير المنازع فيه بمقبول والذي أسند الاختصاص فيما ينشب بين طرفيه لمحاكم الدار البيضاء ، ولم تتحدث مقتضياته على التحكيم المعتبر شريعة المتعاقدين ،, وهي بمنحاها تكون قد أولت العقد الصريح العبارة والذي يمنع الفصل 461 من ق ل ع تأويله فخرقت مقتضيات الفصلين 231 و 461 من ق ل ع وبنت قرارها على أساس غير سليم وعرضته للنقض”(1).
ب- الأهلية :
أما الأهلية فقد نص الفصل 306 ق. م. م. على أنه ” يمكن للأشخاص الذين يتمتعون بالأهلية أن يوافقوا على التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها”.
فمن هذا الفصل يتضح أن الأهلية المطلوبة ليست فقط الأهلية القانونية للتعاقد، بل تتجاوزها إلى ضرورة التوفر على أهلية التصرف في الحقوق موضوع النزاع.
فاشتراط القدرة على التصرف في الحقوق يعد معيارا للأهلية التي يجب توافرها في أطراف شرط التحكيم.
لذلك يقتضي التفرقة بين الأشخاص الطبيعية و الأشخاص المعنوية، و بالنسبة لهذه الأخيرة يجب التمييز بين الأشخاص المعنوية العامة و الأشخاص المعنوية الخاصة.
على هذا الأساس فلابد من توافر الأهلية للأشخاص الطبيعية وفقا للقانون المغربي، إذا كان أحد أطراف شرط التحكيم مغاربة.
أما الأشخاص المعنوية الخاصة فأهليتها لإبرام شرط التحكيم تستمد من عقد الشركة أو من نظامها الأساسي حسب نوعيتها و شكلها ( 308 من المشروع).
أما الدولة و أشخاص القانون العام فقد اختلفت الآراء حول أهليتهم لصياغة شرط التحكيم(1)، خاصة أن الفصل 306 ق. م. م منع التحكيم في قضايا النظام العام وخاصة النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام، مما يعني بمفهوم المخالفة أن القضايا التي يحكمها القانون الخاص والتي تكون فيها الدولة طرفا يخول لها بخصوصها صياغة شرط اللجوء إلى التحكيم.
ومهما يكن من أمر، فإن الدولة في ظل العولمة وهيمنة الأفكار الليبرالية لم تعد تلعب فقط تلك الأدوار التقليدية المرتبطة بفكرة السيادة و الأمن…بل أصبحت منخرطة في اقتصاد السوق، باعتبارها شريك اقتصادي، إن على الصعيد الداخلي أو الخارجي، مما يجعلها في عقودها و اتفاقاتها التجارية تجد نفسها بصفة آلية منصهرة في العادات و الأعراف و التقاليد التجارية التي من بينها اشتراط اللجوء إلى التحكيم.
فضغط التهافت من قبل الدول على استقطاب أكبر عدد من رؤوس الأموال يجعلها ترضخ للشروط المملاة من قبل المستثمر، ومن بينها إدراج شرط اللجوء إلى التحكيم في الاتفاقات المبرمة بينهما.
ورفعا للحرج القانوني الذي يمكن أن تقع فيه الدولة و مؤسساتها، فقد فطن المشروع لهذا، ونص على إمكانية اشتراط التحكيم في النزاعات الناتجة عن التصرفات الأحادية للشخص العام وتلك الناتجة عن العقود التي يبرمها (الفصل 310 (2))، كما أجاز اشتراط التحكيم أيضا في النزاعات التي تهم المقاولات و المؤسسات العامة ( الفصل 311)(3) وخول الاختصاص للبت في هذه القضايا للمحاكم الإدارية.
وفي اعتقادنا فإن الظرفية الاقتصادية الحالية، الوطنية أو الدولية، تفرض إعطاء حرية أوسع للشخص العام -بمفهومه العام- في إبرام الاتفاقيات والعقود جلبا للمنفعة العامة، دون قيد أو شرط.
لكن هذه الحرية الواسعة التي ندعو لها يتعين أن تواكبها إجراءات صارمة للمراقبة والتتبع، وأن يتم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، المؤازر بالفنيين والتقنيين، لأن تضمين العقود والاتفاقات التي يبرمها الشخص العام لشرط التحكيم يقتضي التفاوض وتبادل الإيجاب والقبول بشكل حِرَفِي، ليتسنى صياغة هذا الشرط و العقود المرتبطة به بصورة جيدة و دقيقة حماية للثروة الوطنية.
ج- محل شرط التحكيم :
إن شرط التحكيم هو وليد اتفاق، و كل اتفاق لا بد له من محل، أي موضوعه، وموضوع شرط التحكيم هو حسم النزاع الذي من الممكن أن ينشأ مستقبلا عن تنفيذ أو تفسير العقد عن طريق التحكيم. وهو ما أشارت إليه المادة 309 ق م م : “يمكن للأطراف أن يتفقوا في كل عقد على عرض المنازعات التي قد تنشأ بصدد تنفيذ هذا العقد على المحكمين”.
وهو يتماشى أيضا مع مقتضيات المادة 61 من ق ل ع، التي نصت على أنه يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا أو غير محقق فيما عدا الاستثناءات المقررة بمقتضى القانون.
ومن الاستثناءات القانونية التي لا يجوز فيها اشتراط اللجوء إلى التحكيم حسب الفصل 306 هي :
– الهبات و الوصايا المتعلقة بالأطعمة والملابس والمساكن.
– المسائل المتعلقة بحالة الأشخاص و أهليتهم.
– المسائل التي تمس النظام العام و خاصة :
* النزاعات المتعلقة بعقود أو أموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام.
* النزاعات المتصلة بتطبيق قانون جبائي.
* النزاعات المتصلة بقوانين تتعلق بتحديد الأثمان و التداول الجبري و الصرف والتجارة الخارجية.
* النزاعات المتعلقة ببطلان و حل الشركات.
إلا أن مشروع القانون قد وسع نطاق المنازعات التي من الممكن أن تكون محلا لشرط التحكيم، فجعله منصبا على مختلف المنازعات سواء أكانت عقدية أم غير عقدية (307)عامة أو خاصة، شريطة عدم مخالفتها للنظام العام و الأخلاق الحميدة أو القانون ( الفصل 308 الفقرة الأولى)، و أن لا يتعلق بتسوية النزاعات التي تهم حالة الأشخاص و أهليتهم أو الحقوق الشخصية التي لا تكون موضوع تجارة، (الفصل 309 من المشروع)، عكس القانون الحالي الذي قصر اشتراط اللجوء إلى التحكيم بمناسبة المنازعات التي تنشأ فقط عن تنفيذ العقد ( 309 ق م م الحالي ).
وقد سنحت الفقرة الثانية من الفصل 309 من المشروع إمكانية أن يكون محل شرط التحكيم النزاعات الداخلة في اختصاص المحاكم التجارية عملا بالمادة 05 من القانون رقم 95- 53 القاضي بإحداث المحاكم التجارية.
ولقد قضى المجلس الأعلى في قراره عدد 16 الصادر في 05/01/2000 في الملف التجاري عدد 3538/99 برفض طلب النقض لكون الحكم التحكيمي الصادر بأداء كراء وإفراغ محل تجاري لم يبت في نزاع ضريبي.
د- الـسبب
من المعلوم أن السبب هو الغرض الذي يقصد إليه الملتزم وراء التزامه(1) و حتى يصلح أساسا للالتزام التعاقدي يتعين أن يكون موجودا و صحيحا و مشروعا طبقا لمقتضيات المواد 62-63-64-65 من ق .ل. ع .
وبذلك فالسبب هو ضروري ولازم لتكوين الاتفاق بشأن شرط التحكيم إسوة بأي اتفاق أو عقد آخر.
وسبب شرط التحكيم و ضرورة تواجده ومشروعيته وعدم مخالفته للأخلاق الحميدة و النظام العام و للقانون قد نص عليه المشروع في الفصل 308(2).
ثانيا : الصياغة الدولية لشرط التحكيم
إن شرط التحكيم أصبح في الوقت الحالي واقعا لا يمكن إنكاره وبصفة خاصة في عقود التجارة الدولية. فلا يكاد يخلو عقد من هذه العقود على النص على شرط التحكيم .
لذلك لا نجد مبررا معقولا، لعدم تنظيم التحكيم الدولي، من لدن القانون الحالي، لاستيعاب مثل هذه العقود وما تتضمنه من شرط التحكيم، مع العلم أن المغرب صادق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم، كما أن الواقع العملي يصدح بمجموعة من العقود ما بين الدولة أو المؤسسات العمومية أو الخواص أو مستثمرين أجانب تتضمن شرط اللجوء إلى التحكيم كالعقود مثلا التي تبرمها الدولة في ميدان القروض أو الخوصصة.
وملئا للفراغ الواقع فيه التشريع الحالي ومواكبة للمستجدات الدولية في مجال الاستثمار عمد مشروع قانون التحكيم على إفراد فرع خاص للتحكيم الدولي، إذ نظمه في 16 فصلا من 36-327 إلى 51-327 مانحا لإرادة الأطراف الحرية الكاملة في تحديد النهج الذي يرغبون سلوكه لتأطير عملية التحكيم وذلك عن طريق اتفاق التحكيم – الذي قد يكون في شكل عقد أو شرط التحكيم(1) فخولهم، إضافة إلى حرية اشتراط اللجوء إلى التحكيم في كل ما يتعلق بمصالح التجارة الدولية(2)، فلهم أيضا حرية اختيار المحكمين(3) والمسطرة الواجب اتباعها خلال سير التحكيم(4) والقواعد القانونية الواجبة على هيئة التحكيم تطبيقها على جوهر النزاع(5).
من خلال هذه المقتضيات يتبين أن المشروع لم يخص صياغة شرط التحكيم الدولي بشروط شكلية أو موضوعية خاصة مما تكون معه الصياغة التي أوردناها أعلاه فيما يخص شرط التحكيم الداخلي سارية أيضا على شرط التحكيم الدولي.
ولقد كان للمجلس الأعلى قدم السبق في الاعتداد بالمقررات التحكيمية الدولية بالاستناد إلى اتفاقية نيويورك بعلة “أن المقرر التحكيمي موضوع النازلة مستدل به في المغرب وأن الفصل الثالث من اتفاقية الاعتراف بالمقرارات التحكيمية الأجنبية وتنفيذها الصادرة عن الأمم المتحدة بتاريخ 09/06/1958 المصادق عليها من طرف المغرب يجعل تنفيذ المقرر التحكيمي الأجنبي عن طريق قواعد المسطرة المتبعة في التراب المستدل فيه بالمقرر دون ان تفرض شروط مشددة غير مفروضة للاعتراف بالمقررات التحكيمية الوطنية أو بتنفيذها مما يدل على أن الاختصاص مسند بمقتضى الاتفاقية التي تحيل على مقتضيات مسطرة التنفيذ في باب التحكيم للقانون الوطني موضوع الفصل 320 ق م م فلا مبرر للاستدلال بمقتضيات الفصلين 18 و430 ق م م الذي يهم الأحكام القضائية وأنه بالإضافة إلى أن طريقة رفع طلب الاعتراف والتنفيذ للمقرر التحكيمي الأجنبي منظمة بمقتضى الفصل الرابع من الاتفاقية الذي لا يجعل أجلا للإيداع فإن أجل الفصل 320 ق م م يهم التحكيم الداخلي ولا يترتب عن عدم مراعاته أي أثر على الأمر بالتنفيذ فلم يخرق القرار المطعون فيه أي مقتضى”.(1)
لكن ما هي القواعد المقررة لصياغته من خلال اتفاقيات و مؤسسات التحكيم الدولية؟
1- الاتفاقيات الدولية :
إن هناك مجموعة من الاتفاقيات الدولية الجماعية و الثنائية التي صادق عليها المغرب و التي اهتمت بالتحكيم و أشارت إلى الصيغة التي يتعين على شرط التحكيم اتخاذها، ونظرا لكثرة هذه الاتفاقيات فإننا سنقتصر على أهمها، وهي اتفاقية نيويورك، اتفاقية واشنطن، اتفاقية عمان العربية مع الإشارة إلى بعض القواعد والقوانين النموذجية الدولية.
أ- اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بالقرارات التحكيمية الأجنبية و تنفيذها :
لقد صادق المغرب على هذه الاتفاقية في 19/01/1960 والتي نصت على ضرورة أن تكون صياغة شرط التحكيم كتابة وأن تتوفر فيه أركان التعاقد من رضى و أهلية و محل وسبب كما سيستشف من المادة 2 من هذه الاتفاقية :
1- تعترف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب الذي يلتزم بمقتضاه الأطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم وبشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم.
2- يقصد باتفاق التحكيم شرط التحكيم في عقد أو اتفاق التحكيم الموقع عليه من الأطراف أو الاتفاق الذي تضمنته الخطابات المتبادلة أو البرقيات.
3- على محكمة الدولة المتعاقدة- التي يطرح أمامها نزاع حول موضوع كان محل اتفاق من الأطراف بالمعنى الوارد في هذه المادة -أن تحيل الخصوم بناءا على طلب أحدهم إلى التحكيم و ذلك ما لم يتبين للمحكمة أن هذا الاتفاق باطل أو لا أثر له أو غير قابل للتطبيق”.
ومن بين الأسباب التي تجعل شرط التحكيم باطلا ولا أثر له وبالتالي تؤدي إلى عدم الاعتراف وتنفيذ الحكم التحكيمي الأجنبي هي أن تكون صياغته يعوزها أحد أركان التعاقد من أهلية ورضى… المادة 5 :” لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على:
أ- أن أطراف الاتفاق المنصوص عليه في المادة 2 كانوا طبقا للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي الأهلية أو أن الاتفاق المذكور غير صحيح وفقا للقانون الذي أخضعه له الأطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم..”
ففي ظل اتفاقية نيويورك يتضح أنه للاعتداد بشرط التحكيم يتعين أن يكون مكتوبا ومنجزا وفقا للأركان الأساسية لقيام الالتزامات التعاقدية.
ب- اتفاقية واشنطن :
اتفاقية واشنطن الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار بين الدول و بين رعايا الدول الأخرى المؤرخة في 18/03/1965 والمصادق عليها من قبل المغرب في 31/10/1966 والتي تمت مقتضياتها تحت رعاية البنك الدولي للإنشاء والتعمير والتي انبثق عنها المركز الدولي لتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار وقد حددت في ديباجتها أن المصادقة على هذه الاتفاقية لا تكفي وحدها لعرض النزاع المحتمل على التوفيق أو التحكيم بل يتعين أن تكون هناك موافقة صريحة والتي لا يمكن لنا تصورها إلا من خلال عقد أو شرط تحكيم مكتوب، كما يتبين من المادة 25 من هذه الاتفاقية: “يمتد الاختصاص القانوني للمركز إلى أية خلافات قانونية تنشأ مباشرة عن استثمار بين دولة متعاقدة أو أي إقليم فرعي أو أية وكالة تابعة للعضو المتعاقد سبق أن عينته الدولة المتعاقدة إلى المركز و بين مواطن من دولة أخرى متعاقدة و يشترط أن يوافق طرفي النزاع كتابة على تقديمها للمركز. وعند إعطاء الطرفين موافقتهما لا يحق لأي من الطرفين أن يسحب هذه الموافقة دون قبول من الطرف الآخر ….”
وجعلت هذه الاتفاقية أيضا من اتفاق التحكيم إطارا لتعبير الأطراف عن إرادتهم في تحديد عدد المحكمين و طريقة تعيينهم -المادة 37- و القانون الواجب التطبيق -المادة 42- وموضوع التحكيم -المادة ” 44 و 46 “.
– اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري(1) لسنة 1987 :
هذه الاتفاقية تعرضت صراحة في فصلها الأول المتعلق بالأحكام العامة لشرط التحكيم إذ نصت المادة 3 :” 1 – يتم الخضوع للتحكيم بإحدى الطريقتين :
– الأولى : بإدراج شرط التحكيم في العقود المبرمة بين ذوي العلاقة.
– الثانية : باتفاق لاحق على نشوء النزاع.
يقترح إدراج الصيغة التالية في العقود التي تخضع للتحكيم : “كل النزاعات الناشئة عن هذا العقد تتم تسويتها من قبل المركز العربي للتحكيم التجاري وفقا للأحكام الواردة في اتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري”.
تمنح هذه الاتفاقية للأطراف أحقية تضمين شرط تحكيم و تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع (لمادة 21) و تعيين عدد المحكمين (المادة 15) و مكان وإجراءات التحكيم (المادة 22) …….
د- قواعد التحكيم للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي : (القرار رقم 31-98 الذي اتخذته الجمعية العامة يوم 15/12/1976 )
اقتناعا من الجمعية العامة بأهمية التحكيم كوسيلة لتسوية المنازعات التجارية الدولية, فقد وضعت قواعد موحدة للتحكيم الخاص، إسهاما منها في تقريب الرؤى بين النظم القانونية لمختلف الدول، لذلك فقد أوصت بتضمين هذه القواعد الموحدة في العقود التجارية الدولية لفض النزاعات المترتبة عنها.
ومن هذه القواعد الموحدة صياغة شرط التحكيم كتابة بتطابق الإرادة الكاملة للأطراف بغية تسوية المنازعات التجارية اعتمادا على هذه القواعد. وهو ما أشارت إليه صراحة في المادة الأولى إذا اتفق طرفي العقد كتابة على إحالة المنازعات المتعلقة بهذا العقد إلى التحكيم وفقا لنظام التحكيم الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي وجب عندئذ تسوية هذه المنازعات وفقا لهذا النظام مع مراعاة التعديلات التي قد يتفق عليها الطرفان كتابة.
وهناك نموذج لصياغة شرط التحكيم على الشكل التالي :
كل نزاع أو خلاف أو مطالبة تنشأ على هذا العقد أو تتعلق به أو بمخالفة أحكامه أو فسخه أو بطلانه يسوى بطريقة التحكيم وفقا لقواعد التحكيم الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي كما هي سارية المفعول حاليا.
ملحوظة : قد يرغب الطرفان في إضافة البيانات التالية :
أ ـ تكون سلطة التعيين …. ( اسم منظمة أو شخص ).
ب- : يكون عدد المحكمين… ( حكم واحد أو ثلاثة)
ج – يكون مكان التحكيم… ( مدينة أو بلد).
د- تكون اللغة ( أو اللغات ) التي ستستخدم في إجراء التحكيم ….
و- القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي 🙁 المعتمد في 21/6/1985 من قبل لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي ( الأونسيترال ).
وعلى نفس منحى القواعد العامة المشار إليها سار القانون النموذجي و تناول بالتقنين جميع مراحل عملية التحكيم ابتداءا من اتفاق التحكيم إلى إصدار قرار التحكيم و الاعتراف به و تنفيذه بغية تقريب الآراء و لسد الثغرات التي تعتري القوانين الوطنية و للحد من الاختلافات القائمة بينها و لتحقيق التوافق العالمي بشأن ممارسة التحكيم الدولي والمسائل الهامة المرتبطة به.
ومن المسائل التي تطرق إليها هذا القانون شرط التحكيم إذ سلك نفس مسلك اتفاقية نيويورك باشتراطه على ضرورة أن يصاغ الاتفاق على التحكيم كتابة مع إعطائه مفهوما واسعا لشكل الكتابة بشمولها لوسائل الاتصال الحديثة وللاتفاق الضمني كما هو مبين في المادة السابعة :
1- اتفاق التحكيم هو اتفاق بين الطرفين على أن يحيلا على التحكيم جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهما بشأن علاقة قانونية محددة تعاقدية كانت أو غير تعاقدية ويجوز أن يكون اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في عقد أو في صورة اتفاق مفصل.
2- يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا و يعتبر الاتفاق مكتوبا إذا ورد على وثيقة موقعة من الطرفين أو في تبادل رسائل أو تلكسات أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال السلكي واللاسلكي تكون بمثابة سجل الاتفاق أو في تبادل المطالبة و الدفاع التي يدعي فيها أحد الطرفين وجود اتفاق و لا ينكره الطرف الآخر. و تعتبر الإشارة في عقد ما إلى مستند يشتمل على شرط التحكيم بمثابة اتفاق التحكيم، شريطة أن يكون العقد مكتوبا و أن تكون الإشارة قد وردت بحيث تجعل ذلك الاشترط جزءا من العقد”.
والقانون النموذجي بدوره منح لسلطان إرادة الأفراد الحرية في تعيين عدد المحكمين (المادة 10 ) وتحديد الإجراءات الواجب اتباعها في هذا التعيين (المادة 11) وفي ردهم (المادة 13) وإلغاء ولايتهم ( المادة 140) واستبدالهم (15) وتحديد قواعد إجراءات التحكيم (19) ومكانه (20) ولغته (22) و لهم حتى حق العدول عن التحكيم و لو خلال سريان إجراءاته إذا تمت تسوية النزاع فيما بينهم (المادة 30)
و كأي التزام تعاقدي فإذا اختلت أحد أسس انعقاده فإنه يصبح هو والعدم سيان وهذا ما نصت عليه المادة 34 بإقرارها حق المحكمة بإلغاء قرار التحكيم “إذا قدم الطرف طالب إلغاء دليلا يثبت :
1- أن أحد طرفي اتفاق التحكيم المشار إليه في المادة 7 مصاب بأحد عوارض الأهلية وأن الاتفاق المذكور غير صحيح بموجب القانون الذي أخضع الطرفان الاتفاق له أو بموجب قانون هذه الدولة في حالة عدم وجود ما يدل على أنهما فعلا ذلك…
2 – أن قرار التحكيم يتناول نزاعا لا يقصده أولا يشمل اتفاق العرض على التحكيم أو أنه يشتمل على قرارات في مسائل خارجة عن نطاق هذا الاتفاق على أنه إذا كان من الممكن فصل القرارات المتعلقة بالمسائل المعروضة على التحكيم عن القرارات غير المعروضة على التحكيم فلا يجوز أن يلغى من قرار التحكيم سوى الجزء الذي يشتمل على القرارات المتعلقة بالمسائل غير المعروضة على التحكيم .
3- أن تشكيل هيئة التحكيم أو الإجراء المتبع في التحكيم كان مخالفا لاتفاق الطرفين ما لم يكن هذا الاتفاق منافيا لحكم من أحكام هذا القانون التي لا يجوز للطرفين مخالفتها أو يكون في حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق مخالفا لهذا القانون .
و إذا تبتت نفس هذه الأسباب يمكن رفض الاعتراف أو تنفيذ القرار التحكيمي (المادة 36)
فالقانون النموذجي إذن قد اشترط إلى جانب الكتابة لصياغة شرط التحكيم أن تتوفر فيه الشروط الموضوعية لصحة الالتزامات التعاقدية.
لكن كيف تتم صياغة شرط التحكيم في إطار مراكز التحكيم الوطنية أو الدولية ؟
2- التحكيم المؤسساتي:
إذا كان التحكيم الحرADHOC هو الذي يتم بمحض إرادة الأطراف والذين يتحكمون في اختيار المحكم أو المحكمين و في تحديد قواعده و إجراءاته، فإن التحكيم المؤسساتي أو المنظم فهو الذي تتولاه هيئات منظمة دولية أو وطنية ، وفق قواعد و إجراءات محددة و موضوعة سلفا، تحددها الاتفاقيات الدولية أو النظم الأساسية المنشئة لهذه الهيئات.
وقد أصبح هذا النوع من التحكيم هو القاعدة في مجال التجارة الدولية. ويتم اللجوء إليه في الغالب عن طريق الاتفاق على إدراج شرط التحكيم ضمن بنود العقد.
على هذا الأساس فقد عمدت العديد من الاتفاقيات الدولية و المؤسسات التحكيمية على وضع شروط التحكيم وأوضحت كيفية صياغتها.
و لقد سبق أن أوضحنا الكيفية التي تتم بها صياغة شرط التحكيم لدى بعض المنظمات الدولية و خاصة تلك المنبثقة عن اتفاقية واشنطن و اتفاقية عمان العربية، لذلك فإننا سنقصر الحديث هنا عن كيفية صياغة شرط التحكيم من خلال النظم الأساسية لبعض الهيئات التحكيمية.
أ- الجمعية الأمريكية للتحكيم :
قد أدرجت هذه الجمعية في نظامها الداخلي نموذجا للشرط التحكيمي كالتالي :
” كل المنازعات التي تثار بشأن هذا العقد أو تتولد عنه يتعين عرضها على التحكيم المنظم بواسطة الجمعية الأمريكية إعمالا بنظامها التحكيمي”(1)
ب- غرفة ميلانو للتحكيم المحلي والدولي(2) :
وقد حددت هذه الغرفة مجموعة من قواعد التحكيم بدأ العمل بها منذ أول يناير 2004 وقد أوصت في مقدمة نظامها الأساسي على استخدام الصيغ التالية لشرط التحكيم بالنسبة للأطراف الراغبين في إحالة منازعتهم الناشئة عن العقد أو أي تصرف آخر إلى تحكيم مؤسسي :
– شرط المحكم الفرد :
جميع المنازعات التي تنشأ عن هذا العقد تسوى بطريق التحكيم وفقا لقواعد غرفة ميلانو للتحكيم المحلي و الدولي.
تتكون هيئة التحكيم من حكم فرد يعين طبقا لهذه القواعد.
– شرط هيئة التحكيم :
جميع المنازعات التي تنشأ عن هذا العقد تسوى عن طريق التحكيم وفقا لقواعد غرفة ميلانو للتحكيم المحلي والدولي. تتكون هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين، إثنان منهما يعينان من قبل طرفي المنازعة ويختار المحكمين المعينان على هذا النحو المحكم الثالث الذي يتولى رئاسة هيئة التحكيم. وفي حالة عدم التوصل إلى اتفاق، تعين غرفة التحكيم الرئيس.
– شرط التحكيم متعدد الأطراف :
جميع المنازعات التي تنشأ عن هذا العقد تسوى بطريق التحكيم وفقا لقواعد غرفة ميلانو للتحكيم المحلي والدولي، تتكون هيئة التحكيم من محكم واحد أو ثلاثة محكمين، يعينون بواسطة غرفة التحكيم بصرف النظر عن عدد الأطراف المتنازعة.
– شرط التحكيم الدولي :
جميع المنازعات التي تنشأ عن هذا العقد تسوى بطريق التحكيم وفقا لقواعد غرفة ميلانو للتحكيم المحلي والدولي، تتكون هيئة التحكيم من محكم واحد أو ثلاثة محكمين، يعينون طبقا لهذه القواعد وتصدر هيئة التحكيم حكما طبقا لقواعد قانون ….( أو وفقا لقواعد مبادئ العدالة أو الانصاف ).
يكون مكان التحكيم ….
تكون لغة التحكيم…..
ج- مؤسسات التحكيم العربية :
بالنسبة للدول العربية هناك العديد من مراكز التحكيم، من بينها مركز التوفيق و التحكيم التجاري بمراكش المصادق على قانونه الأساسي في 16 يوليوز 2000 والتابع لغرفة التجارة والصناعة والخدمات بمراكش.
– مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي التابع للجنة الاستشارية القانونية الأفرو آسيوية والذي يعود إنشاؤه لسنة 1978 .
– الهيئة العربية للتحكيم التجاري التابعة لغرفة التجارة العربية الأوروبية المؤسسة في 10/01/1983 .
– مركز البحرين للتحكيم التجاري الدولي الذي أنشأ سنة 1993
– مركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي العربية سنة 1993
– غرفة تجارة و صناعة دبي 1994
– الجمعية اللبنانية للتحكيم سنة 1997
ومن الملاحظ أن أنظمة جل هذه المراكز و الهيئات العربية تتضمن نفس الأحكام، فتقتضي صياغة شرط تحكيم نموذجي للإحالة إلى التحكيم وفقا لقواعدها.
وصياغته تكون في الغالب وفق الصياغة الدولية المشار إليها أعلاه، ومنها مثلا :
” أن أي نزاع أو خلاف ينشأ عن تنفيذ هذا العقد أو يكون متصلا به ستتم تسويته بواسطة التحكيم وفقا لقواعد التحكيم……. وقواعد مركز (إسم المركز).
د- المركز الدولي للتوفيق و التحكيم بالرباط :
يختص هذا المركز في النزاعات التجارية الناشئة بين التجار سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو معنويين، أيا كانت جنسيتهم أو محل عملهم و مقرهم الاجتماعي كما يختص في النزاعات الدولية أو الوطنية الناتجة عن علاقات اقتصادية، تجارية، أو مالية، سواء كانت الدولة أو المؤسسات العمومية أو الجماعات المحلية طرفا فيها، أم لم تكن، حسب ما تقره القوانين الجاري بها العمل ( المادة07).
وقد نص في مادتيه 9 و10على أن اللجوء إلى التحكيم يتم بناءا على عقد التحكيم أو شرط التحكيم المدرج في العقود المبرمة بين الأطراف، أو بناءا على محضر يقام أمام المحكم أو المحكمين مع أحقية أطراف النزاع في الاتفاق على إتباع اجراءات محددة من قبلهم بشرط عدم تنافيها مع إجراءات النظام العام.
و- نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس(1)
إن غرفة التجارة الدولية قد أنشأت محكمة تحكيم تابعة لها لفض نزاعات التجارة الدولية عن طريق التحكيم، و لقد سطرت لها نظامها الذي بين كيفية رفع الدعوى إليها و الإجراءات المتبعة لسير التحكيم في كنفها، كما وضعت القانون الأساسي و النظام الداخلي لهيئة التحكيم الدولية، و ما يهمنا من تنظيمها للتحكيم الدولي هو نموذج صياغتها لشرط التحكيم.
لقد أوصت جميع الأطراف الراغبين بالاستناد إلى تحكيم غرفة التجارة الدولية في عقودهم أن يضمنوها النموذج التالي كشرط تحكيم.
يذكر الأطراف بأنه قد يكون من صالحهم أن ينص في شرط التحكيم نفسه على القانون الخاضع له العقد و على عدد المحكمين ومكان التحكيم ولغة الإجراء.
ولا يحد نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية من اختيار أطراف العقد بملئ حريتهم للقانون المعمول به و لمكان التحكيم و للغة الإجراء.
يسترعي انتباه أصحاب الشأن إلى أن قوانين بعض الدول تحتم على الأطراف القبول بشرط التحكيم صراحة أو حتى “في بعض الأحيان” أن يصاغ هذا الشرط صياغة خاصة.
و على العموم ففي التحكيم المؤسساتي تختص المؤسسة المحال لها التحكيم بالبت في النزاع دون غيرها و ذلك استجابة لاتفاق الأطراف.
فالتحكيم المؤسساتي منشؤه و أساسه سلطان إرادة الأطراف، إلا أن هذه الإرادة لا تتحكم في جميع مقتضياته، بل تتنازل عن البعض منها لفائدة القواعد والإجراءات المسطرة سلفا من قبل هيئة أو مؤسسة التحكيم. فبإحالة الأطراف على قواعد هذه المؤسسة أو تلك، يكونون قد ارتضوا بإرادتهم الخضوع لتلك القواعد التي تصبح جزءا من اتفاقهم، وبالتالي فإن شرط التحكيم المؤسساتي باعتباره اتفاقا رضائيا فإنه يتعين أن تتوفر صياغته على نفس الشروط الشكلية والموضوعية المبينة أعلاه.
وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن المشرع المغربي في القانون الحالي لم يولي أي اهتمام للتحكيم المؤسساتي، وهو ما حاول تلافيه المشروع، إذ نص صراحة على هذا النوع من التحكيم في الفصل 319 : ” يكون التحكيم إما خاصا أو مؤسساتيا في حالة تحكيم خاص تتكفل الهيئة التحكيمية بتنظيمه مع تحديد المسطرة الواجب اتباعها ما عدا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك أو اختاروا نظام تحكيم معين عندما يعرض التحكيم على مؤسسة تحكيمية، فإن هذه الأخيرة تتولى تنظيمه وضمان حسن سيره طبقا لنظامها.
تحترم في جميع الأحوال القواعد المتعلقة بحقوق الدفاع “.
ورغم عدم نص القانون الحالي على التحكيم المؤسساتي فإن النظام القضائي المغربي متجسدا في المجلس الأعلى قد أخذ بهذا النوع من التحكيم كما يتجلى من القرار رقم 60 الصادر في 19/01/2000 المشار إليه أعلاه عندما أجاز الصيغة التنفيذية المعطاة للقرار التحكيمي الصادر عن المحكمة الدولية للتحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية بباريس.
ثالثا- الصياغة الإلكترونية لشرط التحكيم :
1- الأساس القانوني للصياغة الألكترونية
إن الجمع الذي حدث بين المعلوميات INFORMATIQUE ووسائل الاتصال عن بعد TELEMATIQUE جعلنا نعيش اليوم عهد الثورة المعلوماتية المؤسسة على وسائل الاتصال الحديثة التي أصبحت فارضة نفسها، و واقعا لا مفر منه، يتعين التعامل معها و الاستفادة من إيجابياتها لما تقدمه من تطور للحياة اليومية في مختلف الميادين.
و لقد عرفت هذه الوسائل تنوعا في أشكالها و تعددا في استخداماتها.
فمنها ما يسخر لحفظ وتخزين المعلومات كالحاسب الآلي وما ترتبط به من أقراص ممغنطة ومرنة وصلبة وكذا المصغرات الفيلمية سواء منها الملفوفة أو المسطحة.
ومنها ما يستعمل لإنجاز المعاملات والتفاوض بشأنها عن بعد، كالتلكس والفاكس والتبادل الإلكتروني للبيانات والهاتف المتفاعل والتفاوض بواسطة شريط مغناطيسي والانترنيت.
ومنها ما قلب المفاهيم التقليدية للأداء المبنية على الأداء العيني المادي الملموس سواء كان في شكل نقود معدنية أو ورقية، أو على شكل أوراق تجارية، إلى أداء آلي إلكتروني رقمي دون اعتماد على التداول المادي للنقود و للأوراق، فظهرت بطاقات الوفاء و الائتمان و الأوراق التجارية المعلوماتية و النقود الرقمية أو الإلكترونية.
و نتيجة لهذه الوسائل و ما رافقها من تحولات طفت إلى الوجود أدبيات جديدة في مجال الاقتصاد و الأعمال و الإدارة، فأصبح الحديث عن الاقتصاد الرقمي، التجارة الإلكترونية، الأسواق الذكية، الشركات التخيلية أو الافتراضية…
ومن بين هذه الأدبيات والممارسات الجديدة نجد التحكيم الإلكتروني و الذي لا يمكننا تصوره بدون اتفاق تحكيم سواء في شكل عقد أو شرط تحكيم.
و الحديث عن التحكيم الإلكتروني يعني منضومة قانونية تختلف في نشوئها و إجراءاتها وطريقة مقرراتها عن التحكيم التقليدي الذي ينشأ باتفاق مكتوب، وينتهي بمقرر تحكيمي كتابي.
فالتحكيم الإلكتروني قد ينطلق ويتداول وينتهي بطريقة رقمية تخايلية NUMERIQUE VIRTUEL دون الاستناد على دعامة ورقية.
و هذا يعني أن شرط التحكيم يمكن أن يصاغ بطريقة إلكترونية، لكن ألا يتعارض هذا مع شرط الكتابة الذي أجمعت جل التشريعات الوطنية والدولية على ضرورة توفره لصياغة شرط التحكيم، وإن اختلفت فيما بينها، بين اعتبارها كشرط انعقاد أو شرط إثبات؟
و مهما تكن الصفة المعطاة لشكلية الكتابة المتطلبة لصياغة شرط التحكيم، فإن جل التشريعات الحديثة(1) -و من بينها المشروع-و لتسهيل ظروف التجارة الدولية و تحريرها من القيود و التوسيع من نطاق التحكيم لم تحدد شكلا محددا يتعين أن تنجز فيه الكتابة، أي لم تقصرها على المحرر الورقي التقليدي المتعارف عليه، بل أخذت بصياغة شرط التحكيم النابعة عن المراسلات و البرقيات و التلكسات المتبادلة بين الطرفين أو غيرها من وسائل الاتصال الحديثة، طالما كانت قاطعة في الدلالة على إرادة اللجوء إلى التحكيم من جانب الطرفين، و بالتالي فإن الكتابة المتطلبة لصياغة شرط التحكيم و إن كانت غالبا تتم على محررات ورقية، فإنه ليس هناك ما يمنع من أن تصب في دعامات أخرى إلكترونية آلية مثل الحاسوب أو الميكروفيلم…
وفي هذا السياق فقد صدر حديثا في 23 نوفمبر 2005 قرارا عن الجمعية العامة تهيب فيه بجميع الحكومات النظر في أن تصبح أطرافا في اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الالكترونية في العقود الدولية(2) رغبة منها في توفير حل عام لتجاوز العقبات القانونية أمام هذه الخطابات على نحو مقبول للدول ذات النظم القانونية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة، خاصة وأن المشاكل الناشئة عن التشكك في القيمة القانونية لاستخداماتها في العقود الدولية يمثل عائقا أمام التجارة الدولية.
ولقد أعطت هذه الاتفاقية للكتابة مفهوما واسعا جعلها شاملة للوثيقة المعلوماتية التي ينطبق عليها ما يطبق على المحرر الورقي من توقيع و من توفر القواعد الشكلية و الموضوعية المتطلبة في إنجازها.(1)
فهي قد سوت من حيث الصحة في إطار العقود الدولية ما بين المعاملات المنجزة بالطرق التقليدية و تلك المصاغة بالوسائل الإلكترونية.
بل الأكثر من هذا فإن هذه الاتفاقية قد جعلت أحكامها سارية المفعول على اتفاقية نيويورك لسنة 1958 بنصها في المادة 20 : ” تنطبق أحكام هذه الاتفاقية على استخدام الخطابات الالكترونية في سياق تكوين أو تنفيذ عقد تسري عليه أي من الاتفاقيات الدولية التالية، التي تكون الدولة المتعاقدة في هذه الاتفاقية، أو تصبح، دولة متعاقدة فيها،..- اتفاقية الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وإنفاذها (نيويورك 10/06/1958)………”
من مختلف هذه المعطيات يتبين أن الصياغة الإلكترونية لشرط التحكيم لها أساس قانوني تستند عليه لإنجازها، لكن الإشكال المطروح، هو أثناء النزاع بشأن شرط التحكيم فكيف سيتم إثباته خاصة و أنه انعقد بطريقة آلية إلكترونية غير مرئية ؟
2- الحجية القانونية للصياغة الإلكترونية
إن هذا الإشكال هو فرع من الإشكال العام المرتبط بمدى الحجية القانونية للإثبات الإلكتروني المتمرد على الدليل الورقي؟(1).
إلا أن هذا الإشكال ليس له الوقع الكبير في باب التحكيم الذي يعتبر وليد إرادة الأطراف التي قد تتضمن من بين مشتملاتها الاتفاق على الكيفية التي سيتم من خلالها إثبات شرط التحكيم الإلكتروني.
فالإثبات الإلكتروني وكيفياته قد يكون أحد مكونات شرط التحكيم، لأن استخدام اتفاقيات الإثبات يتماشى تماما مع المتطلبات الناتجة عن خصوصيات مستخرجات التقنية الحديثة أيا كان نوعها.
إذ أمام عدم و جود نصوص صريحة تجيز الأخذ بهذه الوسائل الحديثة في القانون المغربي،(2) فإنه لا يكون أمام المتعاملين إلا الاتفاق فيما بينهم على تحديد شروط استخدام هذه الوسائل في عملية الإثبات، و حتى و إن وجدت نصوص تنظمها، فإنها لا يمكنها أن تلم بكل تعقيداتها و متغيراتها، فيبقى لاتفاقيات الإثبات دورا هاما في إضفاء نوع من الفعالية عليها(3).
وتتمثل هذه الاتفاقيات عادة في عقد يبرم بين شخصين أو أكثر، طبيعيين أو معنويين يحددون من خلاله الشروط القانونية والتقنية لاستخدام هذه الوسائل.
ولعل أوضح مثال على نجاح مثل هذه الاتفاقات في تنظيم علاقات المتعاملين هو اتفاق البنك و العميل عند – حصول هذا الأخير على البطاقة البنكية الآلية المتصلة بحاسب آلي يقوم بتسجيل عمليات العميل-، على اعتبار هذه التسجيلات الآلية ذات قوة ثبوتية على إتمام العميل لهذه العمليات. و كذلك الشأن بالنسبة للاتفاقات المنجزة بين المستهلكين ومؤسسات أو شركات الماء والكهرباء والهاتف حيث إن الاتفاق يعطي قوة ثبوتية للفاتورة التي يتحكم العداد بشكل كبير في تحديدها (1).
فالاتفاقات التي تتم بين الأطراف بشأن قبول و سائل الاتصال الحديثة في الإثبات بإمكانها، إذن، أن تشكل إطارا قانونيا كفيلا باستيعاب هذه الوسائل و منحها المصداقية اللازمة التي تجعلها ذات قوة ثبوتية، خاصة وأنه من الناحية التقنية فقد تم التغلب على جل المشاكل المرتبطة بالأمان التقني لهذه الوسائل(2)، باعتماد تقنية التشفير و تواجد طرف ثالث محايد يشرف على المعاملات المنجزة في شكل هيئات اعتماد un tiers certificateur التي تقوم مقام الموظف العمومي في الإثبات التقليدي(3).
وهكذا فالطرق البديلة لفض المنازعات المبنية على سلطان إرادة الأطراف و على رأسها التحكيم لعلها تعد ضرورية للأعمال المتصلة بالمعاملات القانونية في البيئة الإلكترونية المعلوماتية، لأن الإطار التعاقدي الذي تعتمد عليه يحمل في ثناياه حلولا لكل ما يمكن أن ينتج من مشاكل قانونية وتقنية عن الاستخدام المتزايد للتقنيات الحديثة خاصة في إنجاز العقود التجارية.
رابعا – الآثار الناتجة عن شرط التحكيم:
بصياغة شرط التحكيم وفق الشروط الشكلية والموضوعية المتطلبة قانونا فإنه يترتب عنه مجموعة من الآثار نجملها فيما يلي :
1- استقلالية شرط التحكيم :
إن شرط التحكيم رغم وروده في العقد الأصلي أو ارتباطه به في عقد مستقل، يبقى مع ذلك تصرفا قانونيا مستقلا وقائم الذات. ومعنى ذلك أنه إذا كان الشرط باطلا فإن هذا لا يؤثر في العقد الذي يتضمنه والعكس صحيح، أي إذا كان العقد نفسه باطلا أو فسخ فهذا لا تأثير له على شرط التحكيم.
وأساس هذا النظر، أن شرط التحكيم يعالج موضوعا مختلفا تماما عن موضوع العقد الأصلي، فهو له كيانه الخاص والمستقل به.
وهذا ما يستشف من قرار المجلس الأعلى عدد 1482 الصادر في 25/12/2001 ملف مدني 627/98 الذي أقر بأن التشطيب على شرط التحكيم في العقد الرابط بين الطرفين يحول دون تذييل المقرر التحكيمي بالصيغة التنفيذية(1). مما يعني أن شرط التحكيم هو مستقل عن العقد الأصلي فالتشطيب عليه لا يعدم العقد الأصلي بل يؤدي فقط إلى عدم عرض النزاع على التحكيم.
وقد يكون شرط التحكيم باطلا في بعض الأحوال الاستثنائية إذا كان سبب البطلان في العقد الأصلي ينصرف إلى شرط التحكيم، كأن يكون العقد الأصلي المدرج فيه شرط التحكيم قد أبرمه ناقص الأهلية أو مشوبا بعيب من عيوب الإرادة، أو مخالفا لقاعدة تتعلق بالنظام العام.(2)
2- استبعاد النزاع من ولاية القضاء العادي :
إذا كان الإجماع منعقدا على أن اشتراط اللجوء إلى التحكيم يعطي حق البت في النزاع المحتمل وقوعه إلى هيئة التحكيم بدل القضاء العادي، فإن خلافا فقهيا وقضائيا ثار حول مدى اختصاص هيئة التحكيم في النظر في الموضوعات الخاصة بالإبطال والفسخ والإنهاء المتعلقة بموضوع الدعوى، و هو ما يصطلح عليه باختصاص الاختصاص، أي مدى اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في صحة وجود شرط التحكيم الذي يعد مصدر اختصاصها.
فالقانون الحالي غير واضح في هذا الشأن(1) عكس المشروع الذي نص صراحة على هذا المبدأ(2)، إلا أنه قيده بتدخل الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف ذات الاختصاص المكاني بالنظر إلى مكان التحكيم، وهذا التقييد نرى أنه إجراء من شأنه عرقلة سير مسطرة التحكيم لذلك يتعين إلغاؤه عند المصادقة النهائية على هذا المشروع.
ورغم أن شرط التحكيم يسلب القضاء العادي اختصاصه، فإن هذا الأخير يبقى موكولا إليه اتخاذ بعض الإجراءات المستعجلة الضرورية، كالأمر ببعض التدابير التحفضية أو الوقتية والأمر بالصيغة التنفيذية لضمان عدم مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام، مما ينم عن تواجد تعاون بين التحكيم والقضاء العادي(3).
وهو ما يتضح من بعض قرارات المجلس الأعلى التي حددت نطاق اختصاص كل من المحكم والقاضي.
ففي القرار عدد 8 الصادر في 21/1/96 في الملف المدني عدد 48431 نص على أن القاضي الذي يمنح الصيغة التنفيذية يحضر عليه نظر موضوع النزاع الذي بت فيه المحكمون وتنحصر مهمته في مراقبة ما إذا كان مقررهم فيه مساس بالنظام العام خاصة ما هو ممنوع عليهم بالبت فيه بمقتضى الفصل 306 من ق م م” (4)
وفي قرار آخر اعتبر رئيس المحكمة المختصة مكانيا في النزاع، هو المختص في تعيين الحكم المتنازع في تعيينه بين الطرفين(1).
وغني عن البيان أنه إذا لم يعد من الممكن تنفيذ شرط التحكيم بصورة مطلقة ونهائية لوجود قوة قاهرة أو مانع أبدي، فهنا القضاء العادي يصبح هو صاحب الولاية العامة للبت في النزاع.
3- التزام الأطراف بشرط التحكيم:
إن استجماع شرط التحكيم لشروطه الشكلية والموضوعية يجعله التزاما مفروضا على أطرافه لا يمكن لأحد منهم التنصل منه بإرادته المنفردة، وإلا أمكن للطرف المتضرر اللجوء إلى القضاء العادي لفرض الامتثال إلى ما اتفق عليه طبقا لمقتضيات المادتين 308 و309 ق م م.
ومن تم فشرط التحكيم هو التزام قابل للتنفيذ العيني يفرض القضاء العادي تنفيذه جبرا على الخصم الممتنع إذا لم يقم بالالتزام به طوعا.
و لقد ثار جدل فقهي وقضائي في القانون الحالي حول المنحى الذي سيسلكه القضاء العادي في حالة عرض النزاع عليه رغم وجود شرط التحكيم، هل سيقضي بعدم الاختصاص؟ أم بعدم قبول الطلب؟ إلا أن المشروع قد حسم هذا الخلاف ونص على التصريح بعدم الاختصاص بناءا على طلب أحد الأطراف، الفصل 1-327(2).مخالفا بذلك ما اتجه إليه المجلس الأعلى الذي اعتبره من الدفوع الشكلية وليس الموضوعية : “إن الدفع بعدم اللجوء إلى شرط التحكيم هو من الدفوع الشكلية التي يجب أن تثار قبل كل دفع أو دفاع في الجوهر وإلا كانت غير مقبولة، ولا يمكن إثارتها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ما لم يتعلق الأمر بالنظام العام وما لم يكن الحكم صدر غيابيا في حق المتمسك به، إذ أن عقد التحكيم كدفع شكلي لا يخرج عن القاعدة المنظمة بمقتضى الفصل 49 من ق م م من حيث وجوب التمسك به قبل أي دفع أو دفاع في الجوهر”(1).
ولا ندري لماذا المشروع لم يساير ما استقر عليه الاجتهاد القضائي باعتباره أحد مصادر القاعدة القانونية ؟.
كما أن الالتزام بشرط التحكيم، كقاعدة عامة، يظل مقتصرا على أطراف الاتفاق دون أن يشمل الغير طبقا لمبدأ نسبية العقود(2).
والتزام الأطراف أيضا يبقى منحصرا في حدود موضوع ومحل ما تم اشتراط التحكيم بشأنه، لذلك يجب صياغة شرط التحكيم في عبارات واضحة لا يكتنفها الغموض واللبس، فإذا صيغ شرط التحكيم بشكل يجعل التحكيم محدودا في عملية تفسير العقد انحصر مفعوله في هذا الحدود ولا يمكنه أن يتجاوزه إلى النزاعات المثارة بخصوص تنفيذه.
لكن هذا لا يعني تجريد المحكم أو المحكمة المانحة للصيغة التنفيذية من سلطتهما التقديرية في تفسير وتأويل صياغة شرط التحكيم وفق الوثائق والحجج المدلى بها من قبل الأطراف .
فقد رد المجلس الأعلى دفع الطالب بخصوص تجاوز الحكم ما تم الاتفاق عليه من اشتراط عدم ممارسة نشاط تحميص القهوة إذ لم يعتبر هذا الشرط ورخص للمطلوب في النقض بتعاطي هذا النشاط: “لكن حيث إن قضاة الموضوع ردوا عن صواب الدفع الذي تناولته الوسيلة بناءا على ما ثبت لديهم من كون المحكم لم يقض بإبطال أي شرط من الشروط الاتفاقية وإنما بت ترتيبا عن العقد المبرم بين الطرفين في النقطة النزاعية المعروضة عليه والمحصورة في تحديد بعد وحدود الفصل 11 من الاتفاقية، وبناءا على أن المحكم عندما عاين بان المنع الوارد في الفصل 11 بشكل مطلق مخالف لحقوق الإنسان وقرر أن حيز تنفيذ المنع يقتضي منع علي مكوار ومجموعته من مزاولة تحميص القهوة تحت علامة اسم قهوة كوار يكون قد بت في نطاق الصلاحية المخولة له بمقتضى شرط التحكيم
في تأويل وتنفيذ الاتفاقية وفي إطار سلطته التقديرية ودون المساس بالنظام العام, خاصة الحالات المنصوص عليها في الفصل 306 ق. م. م …”(1)
وفي قرار آخر, فقد أيد موقف المحكمة التي استعملت سلطتها في ترجيح الحجج لإعمال ما تم الاتفاق عليه :” لكن حيث أثير أمام محكمة الموضوع ما تعلق بخرق مقتضيات الفصل 230 ق ل ع بخصوص اتفاق الطرفين على عدم قابلية المقرر التحكيمي لأي وجه من وجوه الطعن فردته المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بأنه “لئن كان الطرفان اتفقا فعلا على عدم الطعن في مقرر التحكيم من خلال التفويضين الصادرين عنهما إلا أن هذا الاتفاق الحاصل بينهما بتاريخ 9/11/99 والذي جاء لاحقا لم يبق على أن الطرفين تنازلا عن الطعن مسبقا في مقرر التحكيم على غرار الاتفاق الأول الشيء الذي يعد تراجعا منهما عن هذا التنازل “. وهو تعليل استعملت فيه المحكمة سلطتها في ترجيح الحجج بشكل سليم كما اعتمدت اتفاق 9/11/99 الذي لم يتنازل فيه الطرفان عن حقهما في الطعن في المقرر التحكيمي المخول لهما قانونا واعتبرته ملغ للتفويضين الأولين الصادرين عنهما اللذين كانا يتضمنا تنازلهما عن الطعن في المقرر التحكيمي وفيه رد ضمني على مقتضيات الفصل 309 ق م م مادام الأمر لا يتعلق بتعيين محكم أو محكمين لفض النزاع وإنما يهم التنازل عن الطعن في المقرر التحكيمي الذي سيصدر من عدمه …”(2)
ومجمل القول فإن الصياغة القانونية والفنية الجيدة لشرط التحكيم لها الأثر العميق في نجاح عملية التحكيم وتحقيق الغايات المتوخاة منه، من سرعة في البث وسرية المنازعات والتقليل من التكاليف، لأنه ما الفحوى من التحكيم إذا تولدت عنه الكثير من المنازعات والمشاكل في التطبيق العملي، وهو نفسه ما شرع إلا للحد من كثرة الإشكاليات والنزاعات، بالفصل فيها بأقل مجهود وبساطة وسهولة ويسر ضمانا للعدالة.
ولتلافي جميع المعوقات التي من شأنها المساس بالأهداف المثلى التي يصبو إليها التحكيم، يتعين على أطراف اتفاق شرط التحكيم أن يلتزموا في صياغته بمختلف الشروط الشكلية والموضوعية المتطلبة قانونا، وأن يعربوا عن إرادتهم بصورة صريحة وواضحة تفصح بدقة عن موضوع النزاع المراد حسمه عن طريق التحكيم وعن الإجراءات التي يتوسمون سلوكها والقانون الذين يريدون الخضوع إليه والمكان المزمع انعقاد التحكيم به وتسمية المحكمين وعددهم وجنسيتهم، أي عليهم أن يستغلوا مبدأ سلطان الإرادة المخول لهم لصياغة شرط التحكيم وفق ما يطمحون له لتلافي اللجوء إلى القضاء العادي.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً