بحث و دراسة قانونية حول العلاقات التجارية الدولية
تحتل العلاقات التجاریة الدولیة أھمیة جد بالغة على صعید كافة دول العالم سواء منھا المنتجة والمصنعة أو التي ھي في حاجة إلى استیراد الإنتاج والمصنوعات المختلفة , بل العلاقة تكاد تكون دائریة بین جمیع الدول إذ قد تستورد المادة الأولیة من دولة لتعود لھا أو لغیرھا في شكل مصنع , وبذلك فقد أضحت العلاقات التجاریة الدولیة المحرك الأساسي والرئیسي لكل مناحي الحیاة داخل المجتمع الدولي ، فبموجب تلك العلاقات یتحدد مستوى التنمیة الاقتصادیة مما لا یخفى تأثیره البارز على جمیع الأصعدة الاجتماعیة والثقافیة بل والسیاسیة.
ولا نكون مبالغین إذا ما قررنا بأن مستقبل العلاقات بین الدول إنما یخضع تأثرا وتأثیرا بمدى تطور علاقاتھا التجاریة الدولیة التي قد تشكل مظھرا من مظاھر التكامل والوحدة بین الدول المنشئة لتلك العلاقات, ولعل الأمثلة على ذلك كثیرة یقع في مقدمتھا العلاقات التجاریة الأوروبیة والعلاقات التجاریة المقررة وفق معاھدات إتحاد دول المغرب العربي الخمس ( الجزائر تونس لیبیا موریتانیا المغرب )، كما أن دول الخلیج العربي تسعى لتكریس الوحدة والتكامل الاقتصادي بینھا بموجب ما یعرف بمجلس التعاون لدول الخلیج العربي.
ومما لا شك فیھ أن الدول التي لا تتفاعل مع المیكانیزمات الجدیدة في العلاقات الدولیة ستظل معزولة سیاسیا واقتصادیا عن كافة المجتمع الدولي , وتفقد تدریجیا مكانتھا المعھودة , وھو ما قد یفسر اللجوء إلى العقوبات الاقتصادیة كإحدى أنجع وسائل العقاب الدولي مثلما وقع لدولتي العراق ولیبیا الشقیقتین فبالإضافة إلى كون الحضر الاقتصادي { العقوبات الاقتصادیة } نوع من العقاب , فھو یسعى بشكل غیر مباشر إلى إضعاف قدراتھما الإنتاجیة في جمیع المجالات , وعزلھما دولیا من الجانب السیاسي،
وضمان تخلفھما اقتصادیا واجتماعیا وثقافیا تبعا لذلك.
ونحن بصدد الدخول لمجال العلاقات التجاریة الدولیة نسجل من البدایة بأنھ لیس من السھل تناول ھذه العلاقات في شكل قانوني موحد نظرا لتباین معطیات العلاقة التجاریة الدولیة التي وإن كانت صورة متطورة عن العلاقات التجاریة الوطنیة إلا أنھا تظل مع ذلك تتمتع بطبیعة خاصة ومتمیزة ، ومرد ھذه الصعوبة یكمن في عدة عوامل أھمھا تمتع الدول باستقلالیة مطلقة اتجاه بعضھا , بحیث أضحى لكل دولة الحق الكامل في إنشاء ما یخدم مصالحھا الخاصة من علاقات وطنیة أو دولیة بحسب أھدافھا السیاسیة
والأیدیولوجیة والاقتصادیة بل والاجتماعیة ، وھو ما قد یجعل العلاقة التجاریة والاقتصادیة ثمرة للمبادئ السیاسیة والاتجاھات الإیدیولوجیة التي تمیزھا عن غیرھا من الدول وذلك مثلما یقع في الدول ذات الاتجاه الاشتراكي مثلا ، ومن ناحیة ثانیة فإنھ ونظرا لعدم وجود سلطة تشریعیة عالمیة تعلو فوق دول العالم فقد ظلت كل الجھات المتعاقدة في العلاقات التجاریة الدولیة تتمتع بقدر مطلق من الحریة في تحقیق مآربھا الاقتصادیة مما فتح الباب على مصراعیھ لانتعاش مبدأ سلطان الإرادة التعاقدي في مجال العلاقات التجاریة الدولیة , كما طفت على السطح مقولة ” العقد شریعة المتعاقدین ” , ومن ناحیة ثالثة فإن مرد الصعوبة قد ینتج عن تباین أسس وأھداف التكتلات الاقتصادیة القائمة بین أغلب دول العالم الیوم وعلى رأسھا الدول العظمى.
وللاطلاع على كامل المحاضرة اضغط هنا
اترك تعليقاً