بحث قانوني مفيد حول حرية الرأي و التعبير في القانون اليمني
الباحث / عمار حمود المقطري المحامي
تعز – اليمن
المقدمــة
من المعلوم أن حقوق المواطن وحرياته الأساسية جميعا هى كل لا يتجزأ ، اي ان كافة حقوقه واجبة الاحترام والحماية والرعاية،الا ان حقه فى إبداء الري والتعبير عن راية بحرية تامة، أصبح من أهم الحقوق فى كافة الدول والمجتمعات التي ترعى وتصون حقوق الإنسان، كونها تنظر لهذا الحق كحق أصيل وثابت، ولا يجوز ان يرد علية أية قيود او استثناءات، الا ما يفرضه القانون والنظام العام والآداب العامة.
وبهذا تعد حرية الرأي والتعبير هي من أهم الحقوق الأساسية التي يقوم عليها بناء الدولة الديمقراطية الحديثة، وهي جزء من الحريات العامة التي ظهرت كسلاح ضد السلطة المطلقة في الحكم، وبالتالي فإنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بشكل الحكم القائم في دولة ما، وهذا الحكم إذا ما ارتضى إدخالها في صلب العلاقة السياسية بين الحكام والمحكومين وصف بأنه حكم ديمقراطي.
ويقصد بحرية الرأي والتعبير أن يكون للإنسان حرية في التعبير عن أفكاره والإعراب عن مبادئه ومعتقداته بالصورة التي يراها مناسبة، وذلك في حدود القانون , أن يكون حراً في إبداء هذا الرأي، وإعلانه بالطريقة التي يراها مناسبة.
وورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن حرية الرأي هي أن يكون كل إنسان حرا في اعتناق الأفكار بمأمن من التدخل، وحرية طلب الحصول على المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها بمختلف الوسائل دون تقيد بحدود الدولة .
ويشكل تكوين حرية الرأي والتعبير حقا إنسانيا خالصا؛ فلكل شخص الحق في تكوين معتقداته وآرائه وله التعبير عنها بكافة الوسائل السلمية، وهذا ما نص عليه الدستور اليمني في المادة “42” منه والتي جاء فيها ” تكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون. “.
ومن ضرورة أن تكون حرية الرأي والتعبير ضمن حدود القانون حتي لا يكون هذا الحق المكفول للأفراد وبالاً على المجتمع ، حينما يصبح دون قيد أو ضابط إلاّ الهوى والشهوة مما يؤدي إلى انتهاك أعراض الناس ، وحرماتهم ، والتعدي على حقوق الآخرين في الحفاظ على شرفهم وسمعتهم ، وحرمة حياتهم الخاصة ، ولذلك فقد أوردت المواثيق الدولية بعض هذه القيود على هذا الحق ، فقد جاء في المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان( ): ( لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير).
وقد ورد النص على تقييد هذه الحقوق بواجبات الفرد إزاء الجماعة كما جاء في نص المادة (29/1) (على كل فرد واجبات إزاء الجماعة التي فيها …الخ) وفي نص المادة (29/ 2) ” لا يخضع أي فرد في ممارسة حقوقه وحرياته إلاّ للقيود التي يقررها القانون مستهدفاً منها حصراً ضمان الاعتراف الواجب بحقوق وحريات الآخرين “. وفي المادة (29/ 3): ” لا يجوز في أي حال أن تمارس هذه الحقوق على نحو يتناقض مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها ” .
وفقاً للميثاق العربي لحقوق الإنسان( ) المادة (4/أ ): ” لا يجوز فرض قيود على الحقوق والحريات المكفولة بموجب هذا الميثاق سوى ما ينص عليه القانون ويعتبر ضرورياً لحماية الأمن والاقتصاد الوطنيين، أو النظام العام ، أو الصحة العامة، والأخلاق أو حقوق وحريات الآخرين”.
وقد ورد في الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان( ) المادة (10) بيانٌ لهذه الحقوق أيضاً : “إن هذه الحريات يمكن أن تخضع لبعض الإجراءات والشروط أو القيود والجزاءات التي ينص عليها القانون والتي تكون إجراءات ضرورية .. لحماية النظام أو لمنع الجريمة أو لحماية السمعة وحقوق الغير… الخ .
لكن ذلك لا يعني أن تضع الدولة قيودا خانقة تحد من حرية التعبير وتعيق تدفق المعلومات لأن هدف الدولة هو تحرير الفرد من الخوف ليعيش في أمان قدر الإمكان وليعبر بالتالي عن رأيه بحرية حتى لا يتحول المواطن إلى آلة أو كائن لا يعقل؛ ذلك أن الحجر على عقل المواطن ينذر بانهيار الدولة التي يكون الشعب ركنا من أركان وجودها إلى جانب الإقليم، والسيادة.
وتكمن أهمية حري الرأي والتعبير كونها تعد من الأسس الضرورية لأي مجتمع ديمقراطي قائم على الاعتراف بالتعديدية وقابلية الاختلاف والتعدد الحزبي وحماية الحريات العامة وحقوق الإنسان ومفتاح التمتع بسائر الحريات الاخري في المجتمع , ووجود هذه الحرية هي عنوان رئيسي لمصداقية وجود الحقوق السياسية, وأي تضيق او مصادرة لحرية الرأي والتعبير يصبح الحديث عن الديمقراطية والمجتمع الديمقراطي ضربا من ضروب المزايدة والادعاء.
فهذه الحريات هي التي تعلي من مكانة ودور المواطنين في مجتمعهم , لأنها تمكنهم من إبداء أرائهم بحرية , وممارسة تأثير ورقابة في حكومتهم , وبهذه الحرية نفسها تستطيع هذه الحكومة –في الوقت نفسه- الوقوف على صورة واضحة وصادقة عن رغبات وتطلعات ومطالب المواطنين.
فحرية الرأي والتعبير ليست من الأمور الترفيهية , ولم تكن كذلك ذات يوم بل هي سلطة ووظيفة يقوم بها الأفراد والمؤسسات لخدمة مجتمعاتهم , وأصبحت هذه السلطة والوظيفة ضرورة في أي مجتمع , وحاجة من الحاجات الإنسان في أي مكان أو وضع يعيش فيه.
ولذلك كان ضمان هذه الحريات من الأمور الضرورية التي لا يمكن توفير الحماية لها لمجرد الاعتراف بها كحريات من قبل الأفراد والجماعات مالم يكن ذلك الاعتراف قائما في عقود اجتماعية , وقانونية تحظي بالحماية والاحترام.
ولذلك كانت هذه الحريات موضع لضمانات قائمة في كل من :
النصوص الدستورية.
القوانين المحلية.
القضاء المستقل.
الصكوك الدولية.. الإعلانات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
وفي هذا البحث نريد ان نقف على هذه الحرية الجوهرية ببيان مفهومها , ومدى انعكاس المبادئ الدولية الخاصة بحرية الرأي والتعبير في التشريعات اليمنية الخاصة بهذه الحقوق والحريات.
خطـة البحث
يتناول البحث على ما يلي :-
– المقدمة
– المبحث الأول: مفاهيم حرية الرأي والتعبير.
وفيـه مطلبين:
– المطلب الأول: ماهية حرية الرأي .
– المطلب الثاني: ماهية حرية التعبير.
– المبحث الثاني: دراسة مقارنة في حرية الرأي والتعبير.
وفيـه مطلبين:
– المطلب الأول: حرية الرأي والتعبير في القانون اليمني .
– المطلب الثاني: حرية الرأي والتعبير في القانون الدولي.
– المراجع والمصادر.
– الفهرس.
المبحث الأول مفاهيم حرية الرأي والتعبير
لاشك أن حرية الرأي والتعبير هي من أهم الحقوق الأساسية التي يقوم عليها بناء الدولة الديمقراطية الحديثة، وهي جزء من الحريات العامة التي ظهرت كسلاح ضد السلطة المطلقة في الحكم، وبالتالي فإنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بشكل الحكم القائم في دولة ما، وهذا الحكم إذا ما ارتضى إدخالها في صلب العلاقة السياسية بين الحكام والمحكومين وصف بأنه حكم ديمقراطي.
وقبل الخوض في مضامين حرية الرأي والتعبير، لا بد من الإشارة إلى أن هذه الحرية تتيح تدفقا حرا للمعلومات وتمكن المواطن من الوصول إلى وعي تام بحقوقه وواجباته وتنمية حسه الوطني والإنساني عبر تعزيز مبدأ الشفافية، والحوار المسئول، والموضوعية، واحترام عقله وكرامته.
ولنا هنا أن نتساءل عن مفهوم حرية الرأي والتعبير وما هو المقصود منها؟ وفي الإجابة على ذلك، نشير إلى وجود عدة تعريفات لحرية الرأي والتعبير . لذلك سوف نتناول هذا المبحث في المطلبين:
– المطلب الأول: ماهية حرية الرأي .
– المطلب الثاني: ماهية حرية التعبير.
المطلب الأول ماهية حرية الرأي
حرية الرأي مصطلح سياسي و قانوني في الوقت نفسه ، كما انه الشعار الأساسي لجميع الحركات السياسية المعاصرة ، الإسلامية، اليسارية ،اليمينية و حتى الشيوعية منها.والغرب ينسبها الى الثورة الفرنسية ومبادئها السامية ،هي التي دعت إليها.
ويمكن تعريف حرية الرأي بأنها قدرة الفرد على التعبير عن أرائه وأفكاره بحرية تامة بغض النظر عن الوسيلة التي يستعملها للتعبير سواء كانت مرئية او مقروءة او مسموعة.
وتعرف أيضاً بأنها “حرية كل فرد في التفكير في ما يشاء وحرية التعبير عن فكره”
أما الفكر الإسلامي فيعرف حرية الرأي بأنها ” حرية الجهر بالحق وإسداء النصح في كل ما يمس الأخلاق والمصالح العامة والنظام العام في كل ما تعتبره الشريعة الإسلامية فكرًا” .
ويعرفها الدكتور محمد الزحيلي فيقول: (( حرية الرأي والتعبير هي قدرة الإنسان على التعبير عن وجهة نظره بمختلف وسائل التعبير، وان يبينوا رأيهم في سياسة الحاكم التي تعود بالنفع والخير عليهم)) .
وجرى التأكيد على حرية الرأي في كل المواثيق والأعراف الدولية وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر من الأمم المتحدة العام 1948 وفي العهدين الدوليين الصادرين عام 1966 ففي المادة التاسعة عشرة من الإعلان العالمي الحدث (على ان لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشتمل على اعتناق الآراء والأفكار دون تقيد) وفي الدستور اليمني الذي أكد على حرية الرأي والتعبير بقوله ” وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير”
وتعتبر حرية الرأي من أهم الحقوق الفكرية التي فطر الله عليها الإنسان، وتعد حقاً مكتسباً لأن الأصل في القول الجواز بشرط أن لا يتعدى القول حدود الشريعة، فالناس على اختلافهم منهم من جبل على الخير وقول الحق ومنهم من جبل على قول الباطل، والهدف الأساسي لحرية الرأي هو العمل الجاد لنفع الإنسانية لقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} فالقول السديد يؤدي حتماً إلى صالح العمل بمراعاة أمانة الكلمة وضوابطها التي تدور حول المطلق والمقيد بالفعل الواقع حدوثاً ينظر فيه باتجاه الإرادة فهي التي تحدد القصد الجنائي والذي بدوره يحدد مدى المسؤولية الجنائية من عدمها ليبقى بذلك أن القصد الجنائي هو ما يعرف بالقصد المعنوي الذي يحوم حول عنصرين أساسيين هما حسن النية وسوء النية فهما مبدآن ضروريان يقوم عليهما القصد الجنائي.
ويعرف النقد المباح بأنه إبداء الرأي نقداً للتصرفات والأخطاء، أما إذا تعدى النقد ليمس الشخص في ذاته بقصد الإساءة أو القذف أو التنكيل والتشهير بنية القصد الجنائي فيكون المحرر أو الكاتب قد تجاوز الحدود المقيدة له وأوقع بالتالي نفسه تحت طائلة المسؤولية الجنائية والتي توقع عليه الجزاء والعقاب بسبب تحقق القصد الجنائي وبخاصة في جرائم القذف والسب بل تمتد بذلك العقوبة لتشمل حتى المسؤولية المدنية والمتمثلة في التعويض، والتمييز بين النقد المباح والنقد المجرم يكمن في الدقة التي يميز بها النقد في حد ذاته والذي بمقتضاه يتم تحديد القصد المعنوي واتجاه الإرادة ما بين حسن النية المدعمة بالواقعة المثبتة حقيقة وحكماً وما بين سوء النية في اتجاه إرادة الجاني في القصد الجنائي بنية التشهير أو السب أو القذف .
وتعتبر وسائل الإعلام المختلفة هي الأداة التي يمكن من خلالها ممارسة حق إبداء الرأي باعتبار أن لكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه البناء في قول الحق ودفع الظلم، فالمسؤولية تعد ضابطاً من ضوابط الحرية. قال تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} فالإسلام قيد حرية الرأي ووضع لها حدوداً بين جلب المصلحة ودرء للمفسدة، بمعنى أن حرية الرأي في الإسلام وضعت الإنسان أمام رقابة ذاتية دائمة فالأصل هو حرية النشر وإبداء الرأي ويستثنى من ذلك إذا كان من شأن النشر المساس بالدين وقيم المجتمع ومصالحه وحقوق أفراده وترتب على ذلك نتائج غير مرغوب فيها والاستثناء هو القيد ولا يجوز أن يمحو الأصل أو يعطله.
وتتطلب حرية الرأي عدة مقومات منها الشخصية المستقلة بأن يبدي الفرد لرأيه دون تأثر بآراء الغير، والجرأة وعدم التردد في إبداء الرأي خوفاً أو سكوتاً بغرض المجاملة، ويكون إبداء الرأي بموضوعية وعدالة لقوله تعالى: {أعدلوا هو أقرب للتقوى} وحرية الرأي محل اهتمام المواثيق الدولية فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته (19) ضمن حرية الفرد في إبداء الرأي دون أي مضايقات طالما أنها لا تخرج عن النظام والآداب العامة، وهذا ما نصت عليه وثيقة المؤتمر الإسلامي لحقوق الإنسان بضمان الحريات للأفراد متكاملة غير منقوصة ولا مجزأة مع شمولها برقابة وفقاً للمصلحة العامة
المطلب الثاني ماهية حرية التعبير
حرية التعبير مصطلح مهم وذا قيمة للفرد و المجتمع وتعرف حرية التعبير ” هو حق للفرد في اختيار الرأي الذي يراه في أمر من الأمور العامة أو الخاصة إبداء هذا الرأي للآخرين” وهذا الحق مهم لتنمية شخصية الفرد وكذلك كرامته بالإضافة إلى إحقاق حقوق الآخرين.
وتعرف موسوعة ويكيبيديا حرية التعبير بأنه يمكن للفرد أن يتكلم بحرية من غير قيود وحدود وكلمة الحرية لاستخدم فقط الكلام وإنما يمكن أن يكون الفرد حرا في تلقي ونقل المعلومات والأفكار والآراء بصرف النظر عن الوسيلة التي تستخدمها.
إن حرية التعبير ليست مطلقة وكثير من الدول تتبنى ذلك حيث أن قوانين الدولة والأعراف المجموعات يمكن أن تشكل عائقا في بعض الأحيان لإبداء الرأي وخاصة إذا كان الرأي يكون سببا في قيام فتنة أو مشاكل في المجتمع. وتعد وسائل التعبير عن الرأي كثيرة, ومختلفة, ابتداء من رفع الصوت احتجاجاً , الي الاجتماعات, والظاهرات, وبطاقة التصويت التي يسجل فيها المواطن رأيه في المرشحين للرئاسة او المجالس النيابة وغيرها.
وحليا يطلق على سلطة حرية التعبير سلطة متعددة الأوجه حيث أنها لا تقتصر على إبداء الرأي والمعلومات فقط وإنما أضيف لها ثلاثة أوجه :
1. سلطة البحث عن المعلومات والأفكار
2. سلطة نقل المعلومات والأفكار
3. سلطة تلقي المعلومات والأفكار
تعمل كثير من الدول على كبت الحريات وذلك بذريعة ” الأمن القومي” حيث انهم اتخذوا الإرهاب ذريعة لتبرير ازدياد القمع للأفراد والجماعات تحاول ممارسة حق حرية التعبير ،وللعلم أن الحوار المفتوح واحترام حقوق الإنسان سبب في تحقيق الأمن الوطني، وتقوم بعض الحكومات وأمن وأصحاب المصالح والجماعات المسلحة إلى محاولة إسكات آراء الأفراد و أفعالهم المعارضة.
حرية التعبير في الإسلام تعرف حرية التعبير من وجهة نظر إسلامية بأنها “فريضة على الحاكم والمحكوم معاً، فالحاكم مطالب بتنفيذها عن طريق الشورى، وعن طريق تحقيق العدل والنظام القضائي المستقل، ونشر التعليم، وتحقيق الاكتفاء الاقتصادي وغيرها من الوسائل التي تجعلها ممكنة بحيث لا تخاف الرعية من ظلم أو فقر أو تهميش إذا مارستها، والمحكوم مطالب بها فرداً وجماعات في كل المجالات تجاه الحاكم وتجاه الآخرين، وبدون حرية التعبير وكل ما يؤدي إليها يحدث خلل في المجتمع الإسلامي، فالمسلم مطالب بعدم كتمان الشهادة السياسية والاجتماعية والقضائية على حد سوء {{وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)”سورة البقرة – الاية283)
المبحث الثاني دراسة مقارنة في حرية الرأي والتعبير.
تمهيـد
بدايةً لا بد من القول بأن حرية الرأي والتعبير أصبحت من المبادئ الأساسية التي لا يتنازع عليها ، فهي مكفولة في العديد من المواثيق والإعلانات الدولية ، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10-12 سنة 1948م أول وثيقة دولية تفسر ميثاق الأمم المتحدة وتتحدث بصراحة عن حق الإنسان في حرية الرأي والتعبير عندما أكدت المادة 19 منه تنص على : ” لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي وبالتعبير ، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة ، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين ، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود “.
وبذلك يمكن القول أن الحق في حرية الرأي والتعبير حق قانوني ملزم تتعهد الدول وأشخاص القانون الدولي باحترامه والعمل على ضمان عدم انتهاكه حيث سنجد أن هذا التعهد متضمنا بوضوح في مواد الجزء الثاني من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية , خاصة بعد أن كانت الفقرة الثانية من ذات العهد قد أكدت على أن تتعهد الدول الأطراف فيه أن تتخذ من التدابير التشريعية وغير التشريعية .. ما قد يكون ضروريا لإعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد .. وعليها لأجل ذلك اتخذ التدابير الأزمة لاحترامها وعدم الإخلال به.
كما أن حرية الرأي والتعبير مكفولة في العديد من الاتفاقيات الدولية إلي جانب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مثل ، الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان في المادة العاشرة منها ، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان في مادته التاسعة ، وإعلان اليونسكو للإعلام سنة 1978 ، والمبادئ الخاصة بالنظام الإعلامي العالمي الجديد سنة 1980 .
ومن هنا سنجد أن من أولويات اهتمام منظمة الأمم المتحدة منذ نشأتها مسالة العناية بهذا الحق كما أن الدول في الأمم المتحدة ومنها اليمن حرصت بعد التوقيع على مختلف الوثائق المتعلقة بحقوق الإنسان على التقيد بما احتوته تلك الوثائق من التزامات على عاتقها.لذلك كانت هذه المقارنة مبررة –وان شئت قل ضرورية- ذلك لان اليمن دولة طرف في تلك الإعلانات والعهود والاتفاقيات الدولية.
فهي قد أكدت في دستورها على ذلك الالتزام , ولعلها تأتي ضمن اعلي الدول في المنطقة العربية مشاركة في التوقيع على الاتفاقيات والعهود الدولية ,إلي جانب ذلك أصبح الربط بين التشريعات المحلية والاتفاقيات والعهود الدولية توجهاً بتعزز باستمرار لسبب المشار إليه سابقاً.
وعليه سنحاول في هذا المبحث الإحاطة بمظاهر حرية الراء والتعبير في القانون الدولي عامة , والقانون اليمني خاصة وذلك في مطلبين:
– المطلب الأول: حرية الرأي والتعبير في القانون اليمني .
– المطلب الثاني: حرية الرأي والتعبير في القانون الدولي.
المطلب الأول حرية الرأي والتعبير في القانون اليمني
بموجب المادة (6) من الدستور اليمني الصادر في 22مايو 1990م والذي خضع لأخر تعديل له سنة 2002م تؤكد الدولة العمل بميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة .
وبما أن اليمن قد صادقت على العديد من الوثائق الدولية ذات الصلة بحرية الرأي والتعبير ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان , والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فإنها ملزمة بالوفاء بما تعهدت به.
وهذا التأكيد على التزام اليمن بكل قواعد القانون بما احتوته من ضرورة احترام وضمان احترام حقوق الإنسان وعلى رأسها الحق في حرية التعبير لابد أن يستتبعه اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية اللازمة للوفاء به.
بالعودة إلي المادة(5) من الدستور نجد أن هناك إشارة واضحة إلي “قيام النظام السياسي على التعددية السياسية والحزبية..” ومعلوم ان حرية الرأي والتعبير هي أم مفاتيح التعددية السياسية والمشاركة السياسية لذا فان النص يحتوي بوضوح على ضمان حرية الرأي والتعبير.
وفي نفس الاتجاه تشير المادة (27) التي جاء فيها “تكفل الدولة حرية البحث العلمي والإنجازات الأدبية والفنية والثقافية المتفقة وروح وأهداف الدستور ….. كما تشجع الاختراعات العلمية والفنية والإبداع الفني وتحمي الدولة نتائجها”
كما أن المادة (42) تقرر أن “لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون.”
وتزيد المادة(58) من الدستور اليمني “للمواطنين في عموم الجمهورية – بما لا يتعارض مع نصوص الدستور – الحق في تنظيم أنفسهم سياسياً ومهنياً ونقابياً والحق في تكوين المنظمات العلمية والثقافية والاجتماعية والاتحادات الوطنية بما يخدم أهداف الدستور، وتضمن الدولة هذا الحق.. كما تتخذ جميع الوسائل الضرورية التي تمكن المواطنين من ممارسته، وتضمن كافة الحريات للمؤسسات والمنظمات السياسية والنقابية والثقافية والعلمية والاجتماعية.”
وبما أن مجمل ما احتوته النصوص الدستورية السابقة تعد مظهرا من مظاهر حرية الرأي والتعبير وتجسيد عملي وواقعي لها فأن الدولة تكون ملزمة استنادا إلي هذه النصوص بكفالة حرية المواطن في الفكر والرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون.
وبالرجوع إلى نصوص الدستور اليمني يلاحظ أن الدستور ربط هذه الحرية وقيدها بعدم تجاوز حدود القانون وعدم الخروج عليه؛ بمعنى أن المشرع اليمني أراد تنظيم هذا الحق وضبط وتحديد ممارسته على مستوي الواقع العملي بموجب قوانين تصدرها السلطة التشريعية. وهذا ما يفهم من ورود عبارات “في حدود القانون” , “وينظم القانون ذلك” , “بما لا يتعارض مع نصوص القانون”
وذلك لان إطلاق حرية الرأي والتعبير وتركها دون تقييدها بالقانون حالة من الفوضى وينذر بانهيار الدولة، فمتى أبيح لشخص التعبير عن رأيه دون التقيد بقانون فقد يدفعه ذلك إلى التعبير عن رأيه بأسلوب يتضمن ذما وقدحا لآخرين، كما قد يؤدي إلى القيام بأعمال تخريبية والتذرع بممارسة حق التعبير عن الرأي بحرية مما يؤدي بالتالي إلى خلق حالة من الفوضى تهدد كيان الدولة.
ولتفادي ذلك كله فلا بد من أن يكون القانون هو الحد الفاصل بين حرية الرأي والتعبير المسئولة وبين الحرية التي تخلق حالة من الفوضى وتشكل خروجا على النظام العام في الدولة.
وفي سبيل ترسيخ وتعزيز حرية الرأي والتعبير تنظيمه لممارسة هذا الحق أصدر المشرع اليمني قانون الصحافة والمطبوعات رقم (25)لسنة1990م, لما لصحافة من دور في ممارسة هذا الحق حيث تعتبر الصحافة من أظهر المجالات أو الوسائل الإعلامية التي يتجلي فيها حق الإنسان في ممارسة هذه الحرية ناهيك عن ان الصحافة منبر للتعبير عن الرأي, وبصدور هذا القانون أطلق المشرع اليمني الحرية لصحافة الأهلية بعد ان كانت قبل ذلك حكرا على الدولة, بنص المادة (3)منه بان ” حرية المعرفة والفكر والصحافة والتعبير والاتصال والحصول على المعلومات حق من حقوق المواطنين لضمان الإعراب عن فكرهم بالقول والكتابة أو التصوير أو الرسم أو بأية وسيلة أخرى من وسائل التعبير، وهي مكفولة لجميع المواطنين وفق أحكام الدستور، وما تنص عليه أحكام هذا القانون”.
كما نص في المادة(33) بان ” حق إصدار الصحف والمجلات وملكيتها مكفول للمواطنين وللأحزاب السياسية المصرح لها والأفراد والأشخاص الاعتبارية العامة والمنظمات الجماهيرية والإبداعية والوزارات والمؤسسات الحكومية”.
وجعل الصحافة مستقلة وتمارس نشاطها في حرية دون قيود تفرض عليها وذلك في إطار الشريعة الإسلامية والدستور ومصلحة الوطن وحيث عبرت عن ذلك المادة(4)من قانون الصحافة والمطبوعات بان” الصحافة مستقلة تمارس رسالتها بحرية في خدمة المجتمع وتكوين الرأي العام والتعبير عن اتجاهاته بمختلف وسائل التعبير في إطار العقيدة الإسلامية أو الأسس الدستورية للمجتمع والدولة وأهداف الثورة اليمنية وتعميق الوحدة الوطنية ولا يجوز التعرض لنشاطها إلا وفقاً لأحكام القانون”
وجعل الصحافة حرة في نشر واستقاء الأنباء والمعلومات من مصادرها وأكد على حماية حقوق الصحفيين والمبدعين وتوفير الضمانات القانونية اللازمة لممارسة المهنة وحقهم في التعبير دون تعرضهم لأي مسألة غير قانونية .
وفي أطار ذلك منحت وزارة الإعلام اليمنية حتى عام 2008م تراخيص لعدد (23) صحيفة رسمية و(47) صحيفة أهلية و(21) حزبية و(6) صحف خاصة بالمجتمع المدني، توزع في كافة أنحاء البلاد.
ولإضفاء المزيد من حرية الرأي والتعبير في إطار النهج الديمقراطي والتعددي اصدر المشرع اليمني قانون لتنظيم المظاهرات والمسيرات رقم (29) لعام 2003م، الذي كفل حق التظاهر وحق التجمع السلمي وأكد على عدم التعرض أو المساس بالحق بالتعبير السلمي شريطة أن تكون المظاهرات والمسيرات مرخصة.
وبالتالي فإن القاعدة الأساسية التي يؤكدها التشريع اليمني هي أن حرية الرأي وضمان وسائل التعبير عنها مكفولة، أما القيود التي يضعها الدستور في هذا المجال فتدخل ضمن حالات خاصة أي ضمن الاستثناء من القاعدة وليس العكس.
وتجدر الإشارة هنا ان المشرع اليمني ملزم حال سنه للقانون بمقتضات المادة الدستورية الكاشفة لهذا الحق المراد تنظيمه بقانون واذا ما تناقض النص القانوني مع مقتضات النص الدستوري كان نصا معيبا بعدم الدستورية , كما ان صلاحية سمو قواعد القانون الدولي على مختلف القوانين الوطنية للدول التي عليها مواءمة تشريعاتها الوطنية مع التزاماتها بموجب قواعد القانون الدولي وفقا لضوابط التي يوردها على مطلق تلك الحرية.
المطلب الثاني حرية الرأي والتعبير في القانون الدولي
أولت منظمة الأمم المتحدة عبر جمعيتها العامة مسالة حرية الرأي والتعبير عناية خاصة عندما كان أولي التوصيات التي أصدرتها التوصية رقم(95/د)لسنه1946 والتي جاء فيها ” أن حرية الإعلام حق من حقوق الإنسان الأساسية بل وهي المعيار الذي تقاس به جميع الحريات التي تكرس الأمم المتحدة نفسها لدفاع عنها” وهذا الاهتمام نابع من كون الإعلام هو الوسيلة الأكثر التصاقا بممارسة حرية الرأي والتعبير والشاهد على حقيقة هذه الممارسة هو الواقع.
كما كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسننة1948م تحدث بصراحة عن حقوق الإنسان في حرية الرأي والتعبير عندما أكدت المادة(18) من الإعلان على أن “لكل شخص الحق في التفكير والضمير والدين والإعراب عنهما بالتعليم والممارسة”.
أما المادة(19) من ذات الإعلان قد أكدت الحق وبصراحة على أن ” لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي وبالتعبير ، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون أي تدخل ، واستقاء الإنباء والأفكار ونقلها وإذاعتها ، بأية وسيلة ودونما تقيد بالحدود الجغرافية “.
وتزيد المادة(20)لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات”.
كما المادة(18) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966 على أن “لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين”.
والمادة(19)بند “1” وبند “2” ” لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي وبالتعبير ، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة ، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين ، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو قالب فني أو بأية وسيلة”.
وبما أن حرية الإنسان في تفكيره ككل نشاط متعدد ـ متعدد المسالك متشعبة الضروب يمكن أن تتجه إلى الهدم ويمكن أن تتجه به إلى البناء ، يحصل بها البناء ويمكن أن يصد بها عن المعرفة ، واتجاهات الناس تبعاً لذلك تختلف فقد نصت المادة (19/3) من العهد ” تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص في الفقرة (2) من هذه المادة لواجبات ومسؤوليات خاصة ، وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ، ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن يكون ضرورية من أجل :
[أ] احترام حقوق أو سمعة الآخرين .
[ب] حماية الأمن القومي والنظام العام والصحة أو الآداب العامة .”
والمادة (20 ) من العهد الدولي ، والتي يمنع بحكم القانون كل دعاية من أجل الحرب وكل دعوة للكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية من شأنها أن تشكل تحريضاً على التمييز والمعاداة أو الصف” ، وبهذا فأن المادتين (19/3, 20) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية يمثلان القيود القانونية على حرية اتخاذ آراء ، والتعبير عنها ، فإذا كان للإنسان حريته المطلقة في اتخاذ ما يراه من آراء فيما حوله ، فإن حريته في التعبير عن هذه الآراء بإحدى وسائل التعبير ، لابد وأن تكون مقيدة بما يحق احترام حقوق وسمعة غيره من الناس حكاماً أو محكومين مثله ، وقد قيل ـ وبحق في هذا الصدد ـ أن الفرد يظل مشمولاً بتلك الحماية حتى ينتهك هو أحد حقوق الغير بارتكاب جريمة ما ، فيرفع عنه جانب من الحماية بقدر جريمته وتبقى له جوانب أخرى ، كما أن القيد الوارد على حرية الرأي ينبغي أن يكون في أضيق حدود ، ذلك في مواجهة السلطة العامة التي قد تستقل القيد ، ومن ثم يقتصر التجريم على الآراء التي تهدد نظام الدولة ، أو تهدد حقوق الأفراد ، ويقتصر دور المشرع على تنظيم هذا الحق دون أن يصل إلى أهداف بمنع كل نقد يوجه إلى أعمال الحكومة أو الإدارة رغبة في حماية الحكومة أو الحكام( ).
فقد قال أ.د. الزهراني (( قيل إن الحرية روح الحياة ولكن القيود هيكلها ، وأول تلك القيود هو احترام حرية الآخرين التي تتوقف عندها أي قرار أو مجتمع ، فلا يوجد عاقل في أي مجتمع كان يمارس الحرية المطلقة ، ولا يدعو ذو بصيرة أياً كان معتقده أو موروثة الحضاري الي التحلل من كل القيود لممارسة حريته الخاصة أو حرية مجتمعه( ) لان إطلاق حرية التعبير والرأي دون ضابط أو قيد لا يعني إلا ذلك، وهذا ما أقرته الأمم المتمدينة في كل تاريخها ، رغم اختلافها وتفاوتها في مقدار هذا الضابط أو القيد ومدى التزامها بالتطبيق العادل لهذا القيد دون محاباة أو تجاوز كما يحدث الآن في الحضارة الغربية التي يتشدق أهلها بأنهم حماة حقوق الإنسان ، وقد ذاقت البشرية من ذلك ويلات وآلام ، وقد جاء في الموسوعة الحرة (أن حرية الرأي والتعبير هي الحرية في التعبير عن الأخطار والآراء عن طريق الكلام أو الكتابة بشرط أن لا يمثل طريقة ومضمون الأفكار والآراء ما يمكن اعتباره خرقاً للقوانين والأعراف( ).
وهو قيد واضح ومهم ، بل حتى بالنسبة لحرية الصحافة فإنها مقيدة بقيود يجب أن لا تتجاوزها، كما بينت الصحفية / خلود الفلاح: (نتفق أن الحرية شئ مقدس ، ومكفول للجميع ليعبر عن وجهة نظره في إطار احترام حرية الغير ، والحرية لا تعني التعدي على حقوق الآخرين ، وأن حرية الصحافة لها حدودها وخطوطها الحمراء في جميع دول العالم حتى أكثرها تطوراً وتقدماً)( ).
والخلاصة من ذلك أن النصوص الواردة في القانون الدولي بعدما أكدت على حرية الرأي والتعبير بينت ما يرد عيه من قيود ، وهذا ما ذهبت إليه السوابق القضائية الدولية، وآراء العلماء والفقهاء والمفكرين ، وهو أمر تقره الفطر السليمة والعقول المستقيمة .
خاتمة
تأسيسا على جمله ما أوردناه من نصوص وطنية ودولية في هذا الإطار يبقي الحق في حرية الرأي والتعبير حق مطلق فحرية الرأي والتعبير تعد من المبدأ الأساسية في أي مجتمع ديمقراطي يسود فيه حكم القانون , ولذلك فانه لابد من توفير ضمانات لحماية هذا الحق. وبذلك فان هذه الحماية تكون من مسؤولية القضاء , الذي يعول عليه دائما في حماية الحقوق , وذلك عن طريق إعمال الفرضيات الأساسية التي تحمي هذا الحق , وعدم السماح بأي قيود عليها تنال منه , إلا ما كان قائما في قوانين شديدة الوضوح , ومحكومة بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية , على أن يلزم كل من يمارس هذا الحق من وسائل الإعلام وغيرها باحترام حقوق الإفراد التي يحميها العهد الدولي والقضاء المستقل , وان أي قيود على مبدأ الحرية يجب أن تكون بالقدر الضروري الذي يمكن تحمله في أي مجتمع ديمقراطي , ويجب أن تكون واضحة وعندئذ فان أي مساءلة قانونية يجب أن تتم من قبل القضاء .
وخلاصة القول الحرية الرأي والتعبير لا تكفلها فقط نصوص الوثائق العالمية أو الوثائق الدستورية والتشريعية والقوانين المحلية بما مؤاده عدم وجود رقابة سابقة أو تقييد تحكيمي لاحق, انما الذي يكفل هذا الحق –بحق- ويكفل تطبيق هذه النصوص عملا, هو الواقع الحاصل فعلاً , حيث لابد أن يسود الدولة الديمقراطية والحرية والمساواة والعدل ومبادئ وقيد البعد عن التسلط والديكتاتورية والاستبداد أو المصادرة على أراء الآخرين وحرمانهم من حقهم الطبيعي في التعبير عن رأيهم .
ويقول الفيلسوف جون ستيوارت ميل :”إذا كان كل البشر يمتلكون رأيا واحدا وكان هناك شخص واحد فقط يملك رأيا مخالفا فان إسكات هذا الشخص الوحيد لا يختلف عن قيام هذا الشخص الوحيد بإسكات كل بني البشر إذا توفرت له القوة”
المصـادر والمراجـع
الإعلان العالمي للحقوق الإنسان.
العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية.
دستور الجمهورية اليمنية.
قانون رقم (25) لسنة 1990م بشأن الصحافة والمطبوعات.
الوجيز في جرائم الصحافة والنشر – د.حسن سعد سند ,دار الالفي ,المينا .
الحماية الجنائية لحقوق الإنسان .د. خيري احمد الكباشي.
مقال لـ أ. د : حسن بن علي الزهراني ، بعنوان حرية الرأي والتعبير في المواثيق الدولية ــ جريدة الوطن .
قانون حقوق الإنسان- د. طارق عزت.
وكيبيديا الموسوعة الحرة – الانترنت .
الفهرس
الموضوع الصفحة
الإهداء 2
مقدمــة 3
خطة البحث 8
المبحث الأول : مفاهيم حرية الرأي والتعبير 9
المطلب الأول : ماهية حرية الرأي 10
المطلب الثاني : ماهية حرية التعبير 14
المبحث الثاني: دراسة مقارنة في حرية الرأي والتعبير 17
المطلب الأول: حرية الرأي والتعبير في القانون اليمني 24
المطلب الثاني: حرية الرأي والتعبير في القانون الدولـي 26
الخاتمة 31
المصادر والمراجع 33
الفهرس 34
اترك تعليقاً