بحث قانوني فريد عن إعلان الأوراق القضائية (التبليغ)
مقـــدمة :
يعتبر مبدأ الوجاهية من أهم مبادئ المحاكمة العادلة، و التي تضمن ممارسة حق الدفاع لأي شخص و تمكنه من الدفاع عن حقوقه و حريته.
و لعل أول إجراء يضمن تمكين المواطنين من ممارسة حق الدفاع، هو أن يعلم بما يتخذ ضده من إجراء، أو ما يدعى به عليه الغير الذي يتهمه و يطالبه بأداء معين، و ذلك لتمكينه من تحديد مركزه القانوني و تحضير وسائل دفاعه.
و في هذا السياق يندرج موضوع مذكرتنا و المتعلق بإعلان الأوراق القضائية و نقصد به بالتحديد عملية تبليغ تلك الأوراق و تسليمها إلى المعني بها.
و إن إختيارنا لهذا الموضوع كانت له أسباب و لعل أهمها أن المشرع الجزائري لم يورد له في قانون الإجراءات المدنية و الصادر بموجب الأمر: 66-154 المؤرخ في: 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 8 يونيو 1966 إلا مواد قليلة نص عليها في الكتاب المتعلق بالإجراءات أمام المحاكم ، و بالتحديد الباب الأول المتعلق برفع الدعوى في المواد 26.24.23.22.13 و كان هذا الإجحاف في عدد المواد جعل مسألة التبليغ للأوراق القضائية تكتنفها بعض الصعوبات أثارها واقع العمل القضائي ، و هي الصعوبات التي وقفنا على بعضها أثناء فترة التربصات و التدريبات الميدانية بمختلف الجهات القضائية ، إلا أن المشرع تدارك ذلك النقص بما نص عليه في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و الصادر بموجب القانون رقم 08/09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق لـــــ 25 فبراير 2008 (جريدة رسمية رقم 21 المؤرخة في 23/04/2008) و الذي نص عليه في المادتين 18 و 19 من الفصل الثالث تحت عنوان شكل وبيانات التكليف المباشر بالحضور المدرجة ضمن الباب الأول من الكتاب المتعلق بالأحكام المشتركة لجميع الجهات القضائية ، و نص على ما يدخل ضمن إجراءات تبليغ الأوراق القضائية الأخرى غير التكليف بالحضور في المواد من 406 إلى 416 من الفصل الثاني تحت عنوان عقود التبليغ الرسمية و المدرجة في الباب الحادي عشر من الكتاب الأول و بهذا التتميم حاول المشرع تدارك النقص الوارد في الجانب العملي من إجراءات تبليغ الأوراق القضائية خاصة ما كان يعانيه المحضرون من إشكالات وعوائق أثناء عملية التبليغ والتي لم تكن لها حلول ضمن قانون الإجراءات المدنية الصادر بموجب الأمر: 66-154 المــــــؤرخ في: 18 صفر عام 1386 الموافق لـ 8 يونيو 1966، فنظم عملية التبليغ من ما تبتدأ به الدعوى و هو إجراء التكليف بالحضور إلا ما ينتج عن الدعوى من أحكام أو قرارات بغرض تبليغها.
من هذا المنطلق كانت دراستنا لهذا الموضوع و التي إقتصرت على تبليغ الأوراق القضائية و ما يحمله هذا الأمر من أهمية علمية و الذي إستوجب منا دراسة هذا الموضوع و ذلك عن طريق تحديد مفهوم الأوراق القضائية و ذلك بتعريفها و الوقوف على خصائصها ثم التطرق إلى مختلف أنواع الأوراق القضائية، و أهم البيانات الواردة في الورقة القضائية.
و أهمية الموضوع كذلك تفرض علينا التطرق إلى تحديد مفهوم الإعلان و الآثار القانونية المترتبة عنه ، مع إبراز دائما موقف المشرع الجزائري لهذه المسألة وطبيعة تنظيمه لها في ضوء قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد و قانون الإجراءات المدنية .
وطبيعة الموضوع تفرض علينا معالجته و تناوله في إطار المنهج الوصفي التحليلي و هذا الجهد المتواضع يعتبر محاولة منا بسيطة لدراسة الموضوع اعتمادا على الإشكالية الآتية :
ماذا يقصد بالورقة القضائية؟ و ماهية خصائصها ؟ ماذا نقصد بإجراء التبليغ أو الإعلان؟ و ما هي الأثار المترتبة عليه ؟ و كيف نظمه المشرع الجزائري و ماهو موقف القضاء من كل ذلك؟
و للإجابة على هذه الإشكاليات إعتمدنا في خطة الدراسة على فصلين الأول خاص بالأوراق القضائية و نتطرق فيه إلى مفهوم الورقة القضائية و أنواعها و خصائصها في الفصل الثاني إلى مفهوم الإعلان (التبليغ) و الآثار المترتبة عليه .
و تجدر الإشارة أن موضوع بحثنا في الأوراق القضائية وتبليغها حصرناه في التكليف بالحضور و كذا الأحكام .
سبقت الإشارة بأن موضوع بحثنا يتعلق بإعلان الأوراق القضائية و نقصد بمصطلح الإعلان هو التبليغ لهذه الأوراق القضائية، و من ثمة وجب علينا و قبل التطرق إلى مسألة التبليغ باعتبارها إجراءا يرد على الشيء، وجب أولا تعريف الشيء (الورقة القضائية) و هذا بتبيان مفهوم الورقة القضائية (المبحث الأول)، و الأشخاص المؤهلون قانونا لاستلام الأوراق القضائية (المبحث الثاني).
المبحث الأول: مفهوم الأوراق القضائية.
التطرق إلى مفهوم الأوراق القضائية يستلزم منا التطرق إلى تعريف الأوراق القضائية (المطلب الأول) ثم تبيان خصائص الأوراق القضائية (المطلب الثاني) وبعد ذلك أنواع الأوراق القضائية ( المطلب الثالث ) .
المطلب الأول : تعريف الورقة القضائية.
يقصد بالأوراق القضائية تلك المحررات التي يحررها المحضر القضائي و التي تتعلق بالأعمال الإجرائية مثل التكليف بالحضور للجلسة، سواء كان ذلك أمام المحكمة الإبتدائية أو جهة الإستئناف، و كذا تبليغ الأحكام القضائية و جميع الأوراق الأخرى التي ينص القانون عليها[1].
و هي حسب الدكتور أحمد هندي «هي أوراق إجرائية مثبتة لإجراءات الخصومة، سواء كانت هذه الإجراءات مما يتخذ قبل رفع الدعوى و قبل قيام الخصومة ( كالتبليغات والإنذارات)، أو كانت مما تقوم به الخصومة (كالإستحضارات و الإستدعاءات و صحف الطعون ) أو كانت مما يتخذ في أثناء الخصومة (كمحضر ضبط المحكمة،و جلسات التحقيق و المعاينات)، أو مما يتخذ بعد انتهائها (كالأحكام، ومحاضر الحجز و البيع).[2]
و قسمها الدكتور- أحمد أبو الوفا بحسب الغرض المقصود منها إلى:
1- أوراق التكليف بالحضور(أو الإستحضار في القانون اللبناني)، و يقصد بها دعوى المعلن إلى الحضور أمام القضاء في خصومة مرفوعة عليه و مثالها صحيفة إفتتاح الدعوى (ajournement assignation) أو صحيفة الإستئناف L’acte d’appel و كذا صحيفة الطعن بالنقض.
2-أوراق الغرض منها إخطار المعلن إليه بأمر من الأمور أو تكليفه أو نهيه عن عمل ما، كالإنذار و التنبيــــــــه و تبليغ الحكم إلى المحـــــــكوم عليه La signification [3] .
و الأوراق القضائية على إختلاف أنواعها تتميز بعدة خصائص تتنأولها في المطلب التالي.
المطلب الثاني: خصائص الأوراق القضائية.
تتميز الأوراق القضائية بعدة خصائص هي:
الفرع الأول :الورقة القضائية ورقة شكلية.
كما هو معروف فإن القاعدة بالنسبة للأعمال الإجرائية هي قانونية الشكل بمعنى أنها تتم ليس تبعا للوسيلة التي يختارها من يقوم بها، بل تبعا للوسيلة التي يحددها القانون، و الشكلية في العمل الإجرائي مقررة لصحة العمل لا لإثباته و لهذا فإنه إذا كان العمل معيبا بعيب شكلي فلا يجوز تكملة هذا النقص عن طريق الإثبات، و نتيجة لذلك لا يحل محل إتباع الشكل القانوني شهادة الشهود أو هي الإقرار.[4]
و عليه فالشكلية المقصود بها هي وجوب مراعاة أوضاع معينة في تحرير الورقة القضائية ذلك بأن تشمل على بيانات خاصة، و أن تكون الورقة متكاملة و أن تكون ضمن الوسيلة التي حددها القانون بإعتبار أن الإعلان (التبليغ) بإعتباره عملا قانونيا أي نشاط يجب أن يتم في شكل معين مشترك فيه الخصم و القائم بعملية الإعلان و غايته هو إخبار المعلن إليه بأمر معين، فإذا لم يتدخل المشرع لفرض وسيلة معينة على طالب الإعلان، فلهذا الأخير أن يختار أي وسيلة سواء كانت كتابية أو شفاهية أو عن طريق الهاتف أو بأي وسيلة إتصال حديثة ، أي أمر متروك لحرية المعلن لإيصال العلم إلى المعلن إليه و هنا نقول أن المشرع لعدم تحديده لشكلية ووسيلة معينة في الإعلان، نرى بأنه إختار الواقعة القانونية في مضمونها أي إقتصر على تحديد مضمون العمل القانوني.
– غير أن المشرع قد يخرج عن هذا الأصل ، و لا يقتصر على تحديد العمل القانوني في مضمونه بل يتعداه إلى تحديد وسيلة تحقيق مضمون هذا العمل ومن ذلك الإعلان القضائي فهو يخضع إلى الوسيلة التي يحددها القانون، فهو يشترط في الإعلان أن يتم في شكل معين، بحيث يجب أن يحتوي على مجموعة من العناصر التي تكون بناؤه القانوني، حيث يتضمن مجموعة من البيانات كالتأريخ، و التوقيع عليه من قبل المحضر و أن يتم إيصال العلم إلى المعلن إليه بواسطة شخص يحدده القانون و هو المحضر القضائي.
و يترتب على تخلف الشكل الذي يتطلبه القانون، كعدم التوقيع عليه من قبل المحضر، أو عدم ذكر تاريخ الإعلان، بطلان الإعلان القضائي . [5]
وهذا ما إستقر عليه إجتهاد المحكمة العليا في قرار لها صادر بتاريخ:08/01/1989 ملف رقم 53790 منشور في المجلة القضائية لسنة 1990 العدد الرابع صفحة 102 مفاده أن محضر التبليغ يجب أن يشمل على البيانات الجوهرية من تاريخ، و ختم ، و إمضاء، و أن خلوه من تلك البيانات يؤدي إلى بطلانه.
و هذا البطلان و حتى إن لم ينص عليه المشرع صراحة في أحكام المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية، بأن نص على وجوب البيانات الواجب توافرها فقط دون أن يرتب البطلان على تخلفها لأنه لا بطلان إلا بنص، فإنه في تعديله الأخير أي في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و بعد أن نص على البيانات الواجب توافرها في التكليف بالحضور و البيانات الواجب توافرها في محضر تسليم التكليف بالحضور و هذا طبقا لنص المدتين 18 و 19 تباعا فإنه أجار في حالة تخلف إحدى البيانات أن يدفع المطلوب تبليغه بالبطلان قبل إثارته لأي دفع أو دفاع في الموضوع ، و هذا نصت عليه الفقرة الأخيرة من أحكام المادة 407 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.
و تجدر الإشارة أن الشكلية المطلوبة في الورقة القضائية لاتعني أنه يتعين التزمت في إلتزام هذه الشكليات، بل أن الفقه و القضاء (في مصرمثلا) عملا على وضع بعض القواعد التي تؤدي إلى التخفيف من تطبيق الأوضاع الشكلية، حتى لا يعود الأمر إلى شكليات القانون الروماني القديمة و من هذه القواعد ما يلي:
أ- أنه لا يتعين الإلتزام بألفاظ معينة في إيراد البيانات الخاصة بورقة المحضرين .
ب- أنه لا يتعين في إيراد تلك البيانات الإطالة و الإفاضة ، فالإقتضاب و الإختصار كافيان ما داما غير مخلين.
ج- لا يلزم ورود بيانات ورقة المحضرين بترتيب معين.
د- البيانات تتم بعضها بعضا.
هـ- لا بطلان إذا كان الخطأ في البيان لا يحتاج إلى عناء في كشفه [6]
الفرع الثاني: الورقة القضائية ورقة رسمية .
تعتبر الأوراق القضائية المحررة من طرف المحضر القضائي وهو ضابط عمومي أوراقا رسمية ذالك أن هذا الأخير هو المنوط به قانونا مهمة إعلانها و لا تكون صحيحة إلا إذا قام هو بالتوقيع عليها حتى يصبغ عليها صفة الرسمية و يترتب عن صفة رسمية النتائج التالية :
أ – يعتبر المحضر القضائي مرتكب لجريمة التزوير في ورقة رسمية إن هو قام بتغيير الحقيقة ، بإثباته ما لم يحصل أو عدم إثباته ما حصل أمامه مما يوجب تدوينه ، وكذا كلا من قام بتزوير هذه الورقة أو تغير فيها أو تقليد إمضاء المحضر.
ب-الورقة التي يحررها المحضر تعتبر حجة بما فيها ، فلا يقبل إثبات عكس ما حرره المحضر على أنه رآه أو سمعه أو اتخذه بنفسه مما يدخل في اختصاصه إلا بطريق دعوة التزوير. [7]
هذا فيما يخص البيانات التي يتطلبها القانون في الورقة وقام المحضر في حدود إختصاصاته بمباشرتها بنفسه أو تلك التي تقع من ذوي الشأن في حضوره ويدركها بسمعه وبصره ، أما البيانات التي ترد على لسان ذوي الشأن التي يقوم المحضر بتدوينها في المحضر فلا تحتاج إلى الطعن فيها بالتزوير ، كتصريح مستلم الورقة على انه ابن أو زوج أو خادم المعلن إليه ، فهذا بيان ورد على لسان صاحب الشأن ، فإذا أراد المعلن إليه إثبات عكس ذلك بأن الذي استلم الإعلان ليس بإبنه أو زوجه أو خادمه ، فلا يحتاج إلى الطعن في هذا البيان بالتزوير لأنه يعتبر من البيانات التي وردت عن لسان صاحب الشأن.
أما إذا أراد المعلن أن يطعن هذا البيان كون مستلم الإعلان لم يصرح للمحضر بأنه ابنه أو زوجه أو خادمه ، فذلك يمس بأمانة الضابط العمومي وبالتالي لا يجوز الطعن فيه ، سوى عن طريق التزوير. [8]
الفرع الثالث : تكافؤ بيانات الورقة القضائية.
لقد حدد القانون بيانات معينة يجب توافرها في الأوراق القضائية، و لكن لم يشترط ورودها بترتيب معين، فإذا ما أغفل بيان و كان يمكن تكملته من بيانات أخرى واردة في ذات الورقة أو في ورقة مكملة أو ملحقة بها صحت الورقة و ولدت أثارها ، لأن المبدأ في هذا المجال هو مبدأ تكافؤ بيانات ذات الورقة بما تقتضيه من جواز تكملة أي نقص في هذه البيانات من ذات الورقة.
و من أمثلة ذلك ، البيان الخاص بذكر إسم المحضر إذا أغفل في ورقة الإعلان ومع ذلك جاء توقيع المحضر على الإعلان واضحا ، فإن الإعلان يكون صحيحا لأن البيان الخاص «بتوقيع المحضر» يكون قد تمـم البيان الخاص «بإسم المحضر».
و في هذا الإطار إعتبرت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ: 16/05/1998 في الملف رقم: 165506 أن الحكم المؤيد بقرار المجلس في أسبابه يعتبر متمما و مكملا للقرار المطعون فيه ، و مكونا معه كلا غير قابل للتجزئة.
و من البيانات التي يتطلبها القانون لصحة الحكم القضائي بإعتباره من أوراق الإجراءات، أن يتضمن بيانا يفيد أنه تم تبليغ ملف القضية إلى النيابة العامة ، إذا حكمت الأمر بإحدى القضايا التي ورد تعدادها في المادة 141 من قانون الإجراءات المدنية فما دام ورد في نفس الحكم أن النيابة العامة قد قدمت طلباتها الشفوية فيغني ذلك عن البيان السابق.
غير أن مبدأ التكافؤ لا يعمل به على إطلاقه، فيما يتعلق بتوقيع القاضي و المحضر، فلا غنى عن أي بيان أخر يحل محل توقيع القاضي على الحكم أو المحضر على محضر التبليغ لأن التوقيع هو الذي يعطي الصفة الرسمية لهذه الأوراق.
لذلك أن الأصل في أوراق الإجراءات أن تحتوي على البيانات الدالة على صحتها، فلا يقبل تكملة النقص الذي يلحقها بورقة أخرى إلا إذا كانت ملحقة بها.[9]
وبعد ا ن انتهينا من خصائص الأوراق القضائية ننتقل إلى دراسة أنواع الأوراق القضائية في المطلب الموالي .
المطلب الثالث : أنواع الأوراق القضائية.
كما سبقت الإشارة إليه في تعريف الأوراق القضائية ، فهي تتعدد بتعدد مراحل المحاكمة ، ولقد حصرنا موضوع بحثنا في تلك الأوراق التي يحررها المحضر القضائي والتي تتعلق بالأعمال الإجرائية ،التكليف بالحضور ،وكذا الإعلان الخاص بتبليغ الأحكام ،وأيضا الإعلانات الخاصة بممارسة طرق الطعن في الأحكام من المعارضة ،الاستئناف الطعن بالنقض ،والتي نتعرض لها تباعا
الفرع الأول : التكليف بالحضور.
الدعوى القضائية هي حق من الحقوق الإجرائية وهي مكنة وسلطة مخولة لصاحب الحق باللجوء إلى القضاء ، وبممارسة هذا الحق تتولد الخصومة القضائية التي هي مجموعة من الإجراءات الصادرة من الخصوم ومعاونيهم
وترفع الخصومة إلى القضاء بورقة من أوراق المرافعات تسمى صحيفة الدعوى تكون مشتملة لمجموعة من البيانات والأوضاع [10].
وترفع الدعوى في النظام القضائي الجزائري بآليتين نصت عليهما المادة 12 من قانون الإجراءات المدنية وهما إما بعريضة مكتوبة من المدعي أو وكيله مؤرخة وموقعة ، وإما بحضور المدعي عليه أمام المحكمة وفي هذه الحالة يتولى أمين الضبط أو احد أعوانه تحرير محضر بتصريحات المدعي ، وهذه الآلية الثانية من الناحية العملية لم يعد يعمل بها وأثبت العمل القضائي أن أغلب الدعاوى ترفع بموجب الآلية الأولى مما حدى بالمشرع في تعديله لقانون الإجراءات المدنية والإدارية الصادر بمقتضى القانون رقم 08-09إلى الاستغناء على الآلية الثانية ونص في مادته 14على أنه “ترفع الدعوى أمام المحكمة بعريضة مكتوبة ،موقعة ومؤرخة ،تودع بأمانة الضبط من قبل المدعي أو وكيله أو محاميه بعدد من النسخ يسأوي عدد الأطراف “
وبعد ذلك يقع على عاتق المدعي أن يعلن الخصم بالدعوى المرفوعة ضده ويكون ذلك ، بموجب “محضر “يحرره المحضر القضائي يسمى التكليف بالحضور ، ويقصد به دعوته للحضور أمام المحكمة ،وإذا كان المشرع الجزائري لم يعرف محضر التكليف بالحضور فإنه أشار في المادة 18 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية إلى البيانات الواجب توافرها في ذلك المحضر وبعد ذلك نص المشرع على ضرورة أن يحرر المحضر القضائي محضرا آخر يفيد فيه بأنه سلم التكليف بالحضور إلى المعني بالأمر أومن يمثله ، ووجوب أن يكون فيه البيانات المنصوص عليها المادة 19من القانون الإجراءات المدنية والإدارية .
الفرع الثاني : عريضة المعارضة .
المعارضة طريقة من طرق الطعن العادية في الأحكام نص عليها المشرع الجزائري في أحكام المادة 98 من قانون الإجراءات المدنية ونص على أن ترفع بالشكل المنصوص عليها بالمادتين 12و13ويتم تبليغ المعارض ضده بالحضور طبقا للقواعد المقررة في المواد 22إلى 27من قانون الإجراءات المدنية ،إلا انه وبتعديل المشرع لقانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد الصادر بمقتضى القانون :08-09 المؤرخ في 25/02/2008 فقد نص في المادة 330 منه على أن المعارضة ترفع طبقا للأشكال المقررة لعريضة افتتاح الدعوى وأن يتم التبليغ الرسمي للعريضة إلى كل أطراف الخصومة.
والتبليغ الرسمي نصت عليه أحكام المادة 406 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية والذي يتم بموجب محضر يعده المحضر القضائي يتضمن البيانات الإلزامية نصت عليها المادة 407 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية
الفرع الثالث : عريضة الاستئناف.
أقر القانون للخصم الذي خسر دعواه أمام محكمة الدرجة الأولى أن يقوم باستئناف الحكم الصادر عن المحكمة ، في حالة ما إذا كان هذا الأخير يقبل الاستئناف ، الذي يعتبر طريقة من طرق الطعن العادية للأحكام وتطبيقا لمبدأ التقاضي على درجتين.
ويرفع الاستئناف في ظل قانون الإجراءات المدنية والإدارية بموجب عريضة مكتوبة فيها مجموعة من البيانات الإلزامية وجب احترامها تحت طائلة عدم القبول شكلا ، ويجب أن تقدم وجوبا من طرف محامي ما عدا في مادة شؤون الأسرة والمادة الاجتماعية بالنسبة للعمال مع إعفاء الدولة والولاية والبلدية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية من وجوبية التمثيل بمحام وهذا ما أقرته المواد 537،538و540 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية .
وتجدر الإشارة أن القانون الإجراءات المدنية والإدارية أوجب على تبليغ عريضة الاستئناف إلى المستأنف عليه طبقا لنص المادة 542 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية وأن يتم التبليغ طبقا للمواد من : 406 إلى 416 من ذات القانون .
ولم يتطرق المشرع في التعديل الجديد لقانون الإجراءات المدنية إلى كيفية تبليغ طلب التدخل أو الإدخال بالخصومة أو إعادة السير فيها أو اعتراض الغير الخارج عن الخصومة سواء على مستوى المحكمة أو المجلس .
الفرع الرابع :عريضة الطعن بالنقض.
الطعن بالنقص طريقة من طرق الطعن الغير عادية في الأحكام النهائية والقرارات ،أعاد المشرع تنظيم إجراءاته في قانون الإجراءات المدنية والإدارية وخاصة ما يتعلق بها بمسائل تبليغ عريضة الطعن بالنقض وردود الخصوم ، فلقد كان منوط ذلك بالعضو المقرر الذي يأمر بذلك .
وتبعا لذلك فإن المشرع أعاد تنظيم مسألة تبليغ سواء بالنسبة لنسخة من محضر التصريح بالطعن بالنقض الذي يجب أن يكون ذلك في مدة ( شهر ) إبتداءا من تاريخ تسجيل الطعن بالنقض ، وأن يكون ذلك التبليغ رسميا طبقا لنص المادة 563 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
وللطاعن أو المدعي بالطعن أن يودع في أجل شهرين يسري ابتداء من تاريخ التصريح بالطعن بالنقض ، عريضة مكتوبة وموقع عليها من طرف محامي معتمد لدى المحكمة العليا يشرح فيها الأوجه القانونية المؤسسة لطعنه وهذا تحت طائلة عدم القبول شكلا لطعنه بالنقض .
وأوجب المشرع كذلك من الطاعن بالنقص أن يبلغ المطعون ضده وخلال أجل ( شهر ) واحد تاريخ إيداعه لعريضة الطعن لدى أمانة ضبط المحكمة العليا بنسخة من عريضة الطعن وهذا ما نصت عليه المواد 557-558-559-563-564من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
وتجدر الإشارة أن التصريح بالطعن بالنقص لا يكون أمام المحكمة العليا فقط ، وإنما يجوز التصريح به أمام أمانة الضبط بالمجلس القضائي الذي صدر في دائرة اختصاصه الحكم أو القرار موضوع الطعن طبقا لنص المادة 560 من قانون الإجراءات المدنية الإدارية ، وجميع التبليغات سواء لمحضر التصريح بالطعن بالنقض أو لعريضة الطعن بالنقض تتم رسميا بموجب محضر يحرره المحضر القضائي وفقا لأحكام المواد من 406إلى 416 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ، عكس ما كان يقوم به قلم كتاب المحكمة العليا بالرسائل الموصى عليها بعلم الوصول ، وهذا ما يحسب في صالح المشرع خاصة وأن أغلب المطعون ضدهم، يحتجون بصدور قرارات من المحكمة العليا في قضايا تمس بمصالحهم لم يتلقوا فيها أي تصريح بالطعن أو إنذارات لتمكينهم من إبداء أوجه دفاعهم القانونية أمام المحكمة العليا ، بحجة عدم توصلهم بالرسائل التي تتضمن سواء إنذارات بإيداع العرائض التدعيمية للطعن بالنقض ، أو المذكرات الجوابية للمطعون ضدهم التي تتضمن ردهم على أوجه الطعن المثارة من طرف الطاعن ، وبهذا الإجراء الجديد وإلزامية التبليغ الرسمي الذي يتم عن طريق المحضر القضائي فإن المشرع قدم ضمانة كبيرة سواء للطاعن أو المطعون ضده لتمكينكم من ممارسة حق الدفاع عن مصالحهم.
الفرع الخامس: الأحكام القضائية والقرارات.
إذا كان المشرع نص على أن الحكم هو النهاية الطبيعية لمآل أي دعوى قضائية ترفع أمام القضاء سواء كان ذلك بمقتضى حكم أو قرار، فإنه لم ينص على تعريفها وإنما نص فقط على كيفية صدورها بقوله بان المادة 255من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على أن أحكام المحاكم تصدر بقاضي فرد ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ، وقرارات جهة الاستئناف تصدر بتشكيلة مكونة من ثلاثة قضاة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ، وعليه أسندت مهمة تعريف الأحكام والقرارات إلى الفقه أين تولى كل فقيه تعريفها من منظوره الخاص به فلقد عرفها الدكتور نبيل إسماعيل عمر بأنها (العمل القضائي الذي يزود المراكز الموضوعية بالحماية القضائية التي تعزز الحماية القانونية القائمة في القاعدة الموضوعية ويعيد إليها فعاليتها في الاحترام الواجب لها ).[11]
وتبليغ الأحكام والقرارات الصادرة فعلا في المنازعات المعروضة أمام القضاء يكون للأطراف المعنية أو للغير ذوي المصلحة ، حتى يتمكن كل واحد من الإطلاع على محتوى الحكم أو القرار ، وكذلك لتمكينه أيضا من ممارسة حقه مباشرة طرق الطعن المقررة للأحكام سواء كانت عادية أو غير عادية ، ولا يسرى أجل الطعن المقرر قانونا إلا ابتداء من تاريخ التبليغ الرسمي للحكم وهذا ما نصت عليه المادة 313 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ، والتبليغ الرسمي كما سبقت الإشارة إليه هو المنصوص عليه في المواد 406 وما يليها من ذات القانون ويكون بمعرفة المحضر القضائي وهذا في الأحكام المدنية.
كما نصت كذلك المادة 894 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية أن تبليغ الرسمي للأحكام والأوامر الإدارية في المواد الإدارية يكون إما بواسطة المحضر القضائي واستثنائيا يجوز لرئيس المحكمة الإدارية أن يأمر بتبليغ الحكم أو الأمر إلى الخصوم عن طريق أمانة الضبط طبقا لنص المادة 895 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
هذا ما يتعلق بأنواع الأوراق القضائية التي يعرف يقوم المحضر القضائي بتبليغها .
المبحث الثاني : الأشخاص المؤهلون قانونا لاستلام الأوراق القضائية.
أوجب المشرع في تبليغ الأوراق القضائية أن تسلم إلى الشخص المخاطب بها نفسه ، وان يقع التبليغ شخصيا ،إلا انه من الناحية العملية قد يصبح العثور على هذا الشخص أمرا صعبا ومستعصيا مما جعل المشرع يعمل على إيجاد بدائل أخرى بأن أجاز تسليم الورقة القضائية إلى أشخاص أو جهات أخرى ، وهنا وجب التمييز بين المعلن إليه بوصفه احد المقتضيات الموضوعية لصحة الإعلان وبين مستلم الإعلان الذي يكون المعلن إليه شخصيا أو شخصا آخر تربطه بالمراد تبليغه علاقة تبعية أو قرابة أو مصاهرة ، أو قد يكون شخصا معنويا وفي حالات استثنائية قد يتم الإعلان للنيابة العامة، وعليه نطرح التساؤلات التالية من هم الأشخاص المؤهلون قانونا لاستلام الأوراق القضائية ؟وكيف يتم تسليمهم الأوراق وبأي وسيلة؟
المطلب الأول : تسليم الأوراق القضائية إلى شخص طبيعي.
ونفرق هنا كون الذي يستلم الورقة هو نفسه الشخص المخاطب بها ، أو يستلم الورقة عن طريق شخص آخر مؤهل قانونا لإستلامها.
الفرع الأول : استلام الورقة القضائية شخصيا.
نصت المادة 19 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على انه يسلم التكليف بالحضور للخصوم بواسطة المحضر القضائي الذي يحرر محضرا يتضمن بيانات منها تسليم التكليف بالحضور إلى المبلغ له طبقا للفقرة (5)من المادة 19 مع توقيع المستلم على المحضر طبقا للفقرة (4) من نفس المادة.
وأشار كذلك المشرع في باقي التبليغات الرسمية الأخرى لمختلف الأوراق القضائية التي يسلمه المحضر القضائي وذلك طبقا لنص المادة 406 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ،على أن يتم التسليم والتبليغ رسميا طبقا للمادة 408 من نفس القانون ، وأوجب المشرع على المحضر القضائي أن يحرر محضرا يثبت فيه التبليغ الرسمي وينوه فيه على إسم ولقب وموطن الشخص الذي تسلم الورقة ، وعكس ما كان موجودا في قانون الإجراءات المدنية فإن المشرع في القانون الجديد أوجب على المحضر التثبت من شخصية المعلن إليه ومستلم الورقة ، بان يبين طبيعة الوثيقة التي تثبت هويته الشخص ورقمه وتاريخ صدورها ، وكذا توقيعه وإذا تعذر عيه التوقيع وجب وضع بصمة إصبعه على محضر التبليغ الرسمي وهو إجراء جديد لم يكن موجودا من قبل ، وهذا ما نصت عليه المادة 407/6 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
وأشار المشرع في حالة تخلف هذا البيان في محضر التبليغ الرسمي يجوز للمبلغ له أن يدفع ببطلان محضر التبليغ الرسمي قبل إثارته لأي دفع أو دفاع في الموضوع.
ونفس الإجراء ــ أي التثبت من شخصية مستلم الورقة وتوقيعه على المحضر ووضع بصمة الإصبع ــ نص عليها المشرع إذا تعلق الأمر بالتكليف بالحضور طبقا لنص المادة 419 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ويمكن كذلك إثارة الدفع المتعلق ببطلان محضر التكليف بالحضور قبل إثارة أي دفع في الموضوع لان المادة 19 أوجبت احترام المواد 406 إلى 416 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية والتي تعطي الحق للمعني بإثارة الدفع بالبطلان في حالة ما إذا كان محضر التبليغ الرسمي يتضمن نقص في البيانات التي أوجب المشرع احترامها.
كما سبقت الإشارة إليه فان القانون على مستلم الإعلان ان يوقع على المحضر الذي يحرره المحضر القضائي ولكن قد يتفاجأ هذا الأخير برفض المبلغ له التوقيع على المحضر أو وضع بصمة إصبعه عليه فما هو العمل آنذاك ؟
أولا : رفض التوقيع أو الاستلام أو وضع بصمة الأصبع ,
إن توقيع المبلغ له على المحضر الذي يحرره المحضر القضائي هو الذي يجعله حجة على المستلم ، ويعتبر الإعلان القضائي ورقة رسمية وطبقا للقواعد العامة التي تقتضي بان الورقة الرسمية لا تكون حجة قاطعة على صاحبها ما لم يوقع عليها ولا يمكن الطعن فيها إلا عن طريق التزوير في صحة التوقيع .
ولذلك فان الإعلان إذا كان لا يجمل توقيع المبلغ له ، فلا يمكن الإحتجاج به عليه ، فيجب على المحضر ان يثبت هذا البيان في محضره تحت طائلة البطلان إلى جانب ذكر إسم ولقب وصفة هذا الشخص الذي وقع على ورقة الإعلان فإذا ما أثبت ذلك اعتبرت واقعة التوقيع على الورقة بيانا رسميا لا يمكن الطعن فيه إلا بالتزوير [12] .
وعليه إذا خلت ورقة الإعلان من توقيع المبلغ له أو بصمة أصبعه وحتى ولو سلمت إليه لا يمكن الاحتجاج بها عليه ، وذلك بتخلف إجراء التوقيع أو بصمة الأصبع ومنه إذا رفض المعلن إليه استلام محضر التبليغ الرسمي سواء كان متعلق بالتكليف بالحضور أو إعلان حكم قضائي ، أو رفض التوقيع عليه ، أو رفض وضع بصمته يقوم المحضر القضائي بتدوين ذلك في المحضر الذي يحرره وترسل بعد ذلك نسخة من التبليغ الرسمي عن طريق رسالة مضمنة مع إشعار بالاستلام وهذا ما نصت عليه المادة 411 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ، وهنا يطرح تساءل آخر حول بداية سريان ميعاد الإعلان .
ثانيا : بداية سريان ميعاد الإعلان .
يبدأ سريان ميلاد الإعلان في البريد المضمن ابتداء من تاريخ ختم البريد وهذا ما نصت عليه المادة 411 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ، فإذا رفض المعلن إليه أو الشخص المؤهل قانونا لاستلام الإعلان ، أو رفض التوقيع عليه فيجب على المحضر أن يثبت ذلك في محضره ويرسل بعد ذلك التكليف بالحضور أو الإعلان بالحكم عن طريق السلطة الإدارية أو بواسطة البريد مصحوبا بوصل إشعار بالوصول ويبدأ الميعاد في هذه الحالة بإعادة وصل البريد أو من السلطة الإدارية للمحضر ولكن قد يرفض المعلن إليه الاستلام أو التوقيع لعون البريد فعلى هذا الأخير أن يثبت ذلك ، وهنا يمكن أن يبدأ سريان الميعاد حسب رأي الأستاذ (عمر زودة) من تاريخ رجوع وصل الإشعار المضمون بعد أن رفض المعلن إليه تسلمه أو التوقيع عليه[13].
وأضاف المشرع أنه إذا كانت قيمة الالتزام تتجاوز 500.000 دج يجب أن ينشر مضمون عقد التبليغ الرسمي – والذي أرسل عن طريق البريد المضمن – في جريدة يومية وطنية بإذن من رئيس المحكمة التي يقع فيها مكان التبليغ وعلى نفقة الطالب ويبدأ سريان الميعاد هنا من تاريخ ختم البريد وهذا طبقا لنص المادة 412 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية .
الفرع الثاني : إستلام الورقة القضائية عن طريق أحد الأشخاص المؤهلين لاستلامها .
تنص المادة 410 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية أنه في حالة استحالة التبليغ الرسمي شخصيا للمطلوب تبليغه وتسليمه الورقة القضائية فإن التسليم يعد صحيحا إذا تم في موطنه الأصلي إلى أحد أفراد عائلته المقيمين معه أو في موطنه المختار ، ويكتفي في معرفة صفة هؤلاء الأشخاص بما يدلون به أمام المحضر القضائي فهذا الأخير غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان ما دام قد خوطب في موطن المراد إعلانه ، ومتى تم ذلك في هذا المكان فلا محل للتمسك ببطلان الإعلان حتى وإن ادعى المعلن إليه أن الصفة التي أدلى مستلم الإعلان بها للمحضر القضائي غير صحيحة لأنه هو المسؤول عن من يوجد في موطنه ، والمشرع أوجد قرينة مفادها أن الأشخاص المقيمين في الموطن لهم علاقة وطيدة مع المعن إليه وإنهم سوف يمكنونه من ورقة الإعلان التي استلموها مع اشتراط تمتع من تلقى التبليغ بالأهلية وإلا كان التبليغ قابلا للإبطال .
وتجدر الإشارة أن المشرع في قانون الإجراءات المدنية والإدارية نص أنه في حالة ما إذا كان الشخص المراد تبليغه شخصيا محبوس فإن التبليغ يكون صحيحا إذا تم في مكان حبسه (المادة 413 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية) .
وإذا كان الشخص له موطن في الخارج ، فيتم التبليغ وفقا للإجراءات المنصوص عليها في الاتفاقيات القضائية ، وفي حالة عدم وجود اتفاقية قضائية يتم إرسال التبليغ بالطرق الدبلوماسية وهذا ما نصت عليه المادتين 414 و 415 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
المطلب الثاني : المراد تسليمه الورقة القضائية شخص معنوي .
الشخص المعنوي هو كل مؤسسة أو إدارة يمنحها القانون هذه الشخصية بشروط تؤهله إلى ذلك ، وهذا الشخص بدوره يتمتع بحق التقاضي كالشخص الطبيعي تماما طبقا لنص المادة 50 من القانون المدني ولكن كيف يتم تبليغ هذا الشخص المعنوي ويستلم مختلف الأوراق القضائية ؟ .
المشرع أجاب على هذا التساؤل وبين أن تبليغ الأوراق القضائية للشخص المعنوي يتم طبقا لإجراءات تبليغ الشخص الطبيعي ، وبالتالي يسلم محضر التبليغ أو الورقة القضائية إلى الممثل القانوني أو الاتفاقي لهذا الشخص المعنوي أو أي شخص تم تعيينه لهذا الغرض .
فبالنسبة للإدارات والجماعات الإقليمية و المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية فيتم التبليغ إلى الممثلين المعينين لهذا الغرض ، ويكون ذلك بمقر هذه الإدارة ، وإذا كان الشخص المعنوي في حالة تصفية فيوجه التبليغ إلى مصفي وهذا ما نصت عليه أحكام المادة 408 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
وفي حالة رفض من له صفة الاستلام التوقيع على المحضر ، يحرر المحضر القضائي محضرا يتضمن الإجراءات التي قام بها ، ويتم التبليغ الرسمي هنا بتعليق نسخة منه على لوحة الإعلانات بمقر المحكمة ومقر البلدية التي بها موطن الشخص المعنوي .
وعلاوة على ذلك يرسل التبليغ الرسمي برسالة مضمنة مع الإشعار بالاستلام إلى موطن الشخص المعنوي وهو المكان الذي يوجد مركز إدارته ، وإذا كان الالتزام تتجاوز قيمته (500.000 دج ) يجب أن ينشر مضمون عقد التبليغ الرسمي في جريدة يومية وطنية بإذن من رئيس المحكمة التي يقع فيها مكان التبليغ وهو موطن الشخص المعنوي وذلك كله على نفقة الطالب .
وتجدر الإشارة هنا أن المشرع في قانون الإجراءات المدنية والإدارية أعفى النيابة العامة من مسألة التبليغ عكس ما كان عليه من قبل إلا فيما يخص التبليغ إلى الخارج عكس ما كانت عليه في قانون الإجراءات المدنية.
[1]-عمر زودة، الإجراءات المدنية على ضوء أراء الفقهاء و أحكام القضاء، ENCYCLOPEDIAبن عكنون، الجزائر، ص 314.
[2] – هندي أحمد، أصول المحاكمات المدنية و التجارية. الدار الجامعية – بيروت – سنة 1989 ، ص 249.
[3] – أحمد أبو الوفا، أصول المحاكمات المدنية، الدار الجامعية للطباعة و النشر، سنة 1983، ص 430.
3-عبد الحميد الشواربي، البطلان المدني ، منشأة المعارف ،الطبعة الأولى ، سنة 1991 ، ص 75.
[5] ـ عمر زودة ، المرجع السابق ، ص 316.
[6] – محمد نصر الدين كامل، أوراق المحضرين، المركز القومي للدراسات القضائية لوزارة العدل بجمهورية مصر العربية، سنة 1989 ص 07.
[7] -محمد نصر الدين كامل ، المرجع السابق ، ص (10و11).
[8] -عمر زودة ، المرجع السابق ص (317 و318).
1- عمر زودة، المرجع السابق ، ص 319.
[10] -محمد العشمأوي وعبد الوهاب العشمأوي ، قواعد المرافعات التشريع المصري و المقارن ،دار الفكر العربي ،الجزء الأول ص 07 .
[11] -نبيل عمر اسماعيل ،الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية ،الاسكندرية ،الدار الجامعة الجديدة للنشر ، سنة 1999 ص 688 .
[12] – عمر زودة ، المرجع السابق ، ص 335 .
[13] -عمر زودة ، المرجع السابق ، ص 336 .
كما سبقت الإشارة إليه في الفصل الأول فإن الإجراءات تمثل عصب قانون المرافعات الذي تدور حوله أصوله و قواعده ، إذ لم يكن غريبا أن يطلق عليه قانون الإجراءات المدنية الذي يهتم بالمنظومة الإجرائية و منها منظومة الإعلان التي تعد من أبرز الإجراءات المنظمة لسير الخصومة القضائية، و يثير الإعلان الكثير من [1]المشاكل التي تستأهل التصدي لها بعد أن أثارت ردود فعل في نطاق الواقع أو في مجال التطبيق، لذلك جاءت دراسة الفصل الثاني المتعلقة بالإعلان و آثاره و قمنا بتقسيمه إلى مبحثين الأول تناولنا فيه مفهوم الإعلان القضائي ،و في المبحث الثاني تناولنا الآثار المترتبة عن الإعلان القضائي.
المبحث الأول: مفهوم الإعلان القضائي.
تناولنا في هذا المبحث تعريف الإعلان القضائي و خصائصه وفي مبحث ثاني بيانا ت ورقة الإعلان.
المطلب الأول : تعريف الإعلان القضائي و خصائصه.
نتناول في هذا المطلب تعريف الإعلان في الفرع الأول و خصائصه في الفرع الثاني.
الفرع الأول : تعريف الإعلان.
– تعريف الإعلان لغة: هو الإبداع و الإيصال.
– تعريف الإعلان في الفقه:هو الطريقة التي يتم بها تمكين طرف معين من العلم بإجراء معين طبقا للقانون،و ذلك عن طريق تسليمه صورة من الورقة القضائية المتضمنة هذا الإجراء، وذلك سواء كان هذا العمل الإجرائي سابقا أو معاصرا أو لاحقا للخصومة1 .
و ينصرف الإعلان إلى تبليغ الأحكام القضائية و صحف الدعاوى و الطعون و تعجيل الدعأوى بعد الوقف أو الانقطاع أو الشطب و توجيه الإنذار و التنبيه و كل ورقة قضائية يراد إيصالها إلى علم الخصم التي تعلن عن طريق المحضر القضائي[2] .
وإذا تم الإعلان وفق الشكل الذي يقرره القانون فلا يجوز الإدعاء بعدم العلم لأن القانون يفترض العلم القانوني الذي يتحقق بالإعلان القانوني دون الإعتداد بالعلم الواقعي.
و عندما يفترض القانون أن يتم إعلان الشخص عن طريق الإعلان القضائي في مسألة معينة، فيعتبر الوسيلة الوحيدة لهذا العلم كما هو الشأن بالنسبة لإعلان الأحكام القضائية أو انعقاد الخصومة التي لا تنعقد إلا عن طريق التكليف بالحضور، و لا تبدأ مواعيد الطعن إلا بالتبليغ و تبعا لذلك فلا يجوزـ عند عدم القيام به أو نفيه ـ الاستعاضة عنه بالعلم الواقعي أو تكملته بشهادة الشهود [3] .
و يتم هذا الإعلان عن طريق الأخذ بالوسائل التي يعتد بها القانون،و ذلك بمعرفة الموظف المختص, و هو المحضر القضائي الذي عرفته المادة (04) من القانون رقم06/03 المؤرخ في 20-02-2006 المتضمن تنظيم مهنة المحضر القضائي بقولها ٌ المحضر القضائي ضابط عمومي مفوض من قبل السلطة العمومية،يتولى تسيير مكتب عمومي لحسابه الخاص و تحت مسؤوليته،على أن يكون المكتب خاضعا لشروط و مقاييس خاصة تحدد عن طريق تنظيم ٌ .
و هو يتولى حسب نص المادة 12 من ذات القانون أي القانون(03/06) تبليغ العقود و السندات و الإعلانات التي تنص عليها القوانين و التنظيمات ما لم يحدد القانون طريقة أخرى للتبليغ، و كذا تنفيذ الأوامر و الأحكام والقرارات القضائية الصادرة في جميع المجالات…الخ.
و يكتسي الإعلان القضائي خصائص هامة نستعرضها في الفرع الموالي.
الفرع الثاني : خصائص الإعلان.
يعتبر الإعلان القضائي عمل إجرائي وقد درج الفقه علة أن يقصد بالعمل الإجرائي بأنه ذلك العمل القانوني الذي يرتب عليه القانون مباشرة أثرا إجرائيا و يكون جزءا من الخصومة.
و تبعا لذلك و لكي يعتبر العمل عملا إجرائيا لابد من توافر الخصائص الآتية فيه:
أولا: أن يكون العمل الإجرائي قانوني و جزء من الخصومة القضائية.
لا يعتبر العمل الإجرائي قانونيا إلا إذا رتب عليه القانون أثارا قانونية فرفع دعوى قضائية مثلا ينجر عنها إنشاء الخصومة القضائية و كذا قطع التقادم
بينما لا تعتبر أعمال الذكاء المحضة التي تتم في الخصومة أعمالا إجرائية قانونية.[4]
و مثالها قيام القاضي بدراسة أوراق القضية أو دراسة الخصم أو محاميه لها لإعداد دفاعه،إذ هذه الأعمال لا تترتب عليها أثار قانونية.
كما أنه يشترط في العمل الإجرائي أن يكون جزءا من الخصومة القضائية، و على ذلك فالأعمال التي تكون خارج الخصومة سواءا تمت قبل بدءها أو تمت و هي قائمة للتمسك بها فيما بعد، لا تعتبر أعمال إجرائية كالاعذار أو التنبيه أو عقد توكيل المحامي، أما الأعمال الإجرائية فهي تلك التي تصدر من القاضي كالتوقيع على الحكم أو النطق به ، أو تصدر من الخصوم كرفع الدعوى و التمسك بالطلبات و الدفوع أمام القضاء أو من الغير كأداء الشهادة مثلا، علما أن الأعمال الإجرائية الصادرة من الخصوم حسب الدكتور والي فتحي تنقسم بالنظر إلى مضمونها إلى مايلي:
ـ أعمال تتكون من رغبة يتجه بها الخصم إلى المحكمة أو إلى الخصم الآخر، و هذا ما نسميه بإعلانات رغبة، كطلب افتتاح الخصومة، أو طلب الاطلاع على بعض المستندات.
ـ أعمال تتكون من إيصال واقعة ما لشخص آخر، و مضمونها الإخبار بهذه الواقعة و هذا ما نسميه بإعلانات إخبارية، كإعلان الحكم أو إعلان وفاة.
ـ أعمال ترمي إلى تأكيد حدوث أو عدم حدوث واقعة، كحلف اليمين أو الإقرار.
ـ أعمال ترمي إلى التأثير في تنظيم الخصومة، و نسميها أعمال تنظيمية.
و نفرق بين التكليف بالحضور الذي يعد عملا إجرائيا لا يتجزأ من الخصومة و بين تبليغ الحكم أو إعلان الوفاة الذي يأتي مستقلا عن أعمالها، فبالنسبة للتكليف بالحضور فإن تزويد الخصم بصورة من صحيفة الدعوى لإخباره أن الدعوى رفعت ضده،فكرة تدعونا للحديث عن فكرة التكامل الوظيفي، إذ أن هذا العمل يتكامل مع العمل الإجرائي الأصلي الذي قام به المدعي و هو إيداع الصحيفة مع مرفقاتها قلم كتاب المحكمة، فهذا الإيداع غير كاف لصحة الإجراءات، و إن كانت تعتبر به الدعوى مرفوعة، ذلك أن صحة الإجراءات تقتضي القيام بتكليف الخصم للحضور للجلسة، و في هذا تكامل وظيفي و حيث يوجد تكامل وظيفي يوجد اقتصاد في الإجراءات و الوقت و النفقات و هذا يؤدي إلى سرعة أداء العدالة.
و على هذا فالتكامل هو قيام و تواجد العملين معا، و ليس لازما أن يكونا من طبيعة واحدة مثل واقعة الإيداع وواقعة الإعلان،فكل منهما يحتفظ بذاتيته و نظامه و الجزاء الخاص به إلا أن الأثر الناشئ عن التكامل لن يحدث إلا إذا كان كلا من العملين قد تما يشكل صحيح.
و مع ذلك نميز بين فكرة التكامل الوظيفي، و بين فكرة الأعمال الإجرائية المستقلة التي يكون لكل منها هدف خاص في حين أن التكامل الوظيفي تتحدد الأعمال لتحقيق نفس الهدف سواء كانت أعمالا سابقة أو لاحقة
و هذا بشكل لا يغير من طبيعة العمل أو ذوبانه في أعمال أخرى، و نجد فكرة العمل الإجرائي المستقل في دائرة و مجال الحق في رفع الدعوى، فهذا الحق هو واحد من الحقوق الإجرائية الذي يمارس بالطلبات القضائية مضمونه طرح ادعاء أمام القضاء للحصول على الحماية القضائية التي تعزر الحماية القانونية التي تلتصق بالحق الموضوعي المعتدي عليه،و بقيام الحق في الدعوى بوظيفته نجد هذا الأخير بذاته ليس في حاجة إلى التكامل مع غيره لتحقيق ذات الهدف.
و نفس الشيء يقال بالنسبة لتبليغ الحكم القضائي إذ يعتبر هنا عمل إجرائي مستقل عن الواقعة المعلنة، و تبعا لذلك فإن البطلان الذي يعيب الإعلان لا يؤثر في الواقعة المعلنة.
ثانيا: أن يرتب عليه القانون أثرا إجرائيا مباشرا [5].
و بالتالي فالأعمال التي ترتب أثرا إجرائيا غير مباشر لا تعتبر أعمالا إجرائية، مثالها التنازل عن الدعوى، إذ يترتب عليه انقضاء الخصومة القضائية.
و الأثر الإجرائي هو ذلك الأثر الذي يؤثر في الخصومة سواء ببدئها أو المشاركة في سيرها أو تعديلها أو انتهائها، و الذي يترتب نتيجة لأثر موضوعي وهو النزول عن الحق أو عن الدعوى،و قد رتب القانون بالنسبة لتكليف الشخص بالحضور أثرا قانونيا متمثل في انعقاد الخصومة القضائية أما بالنسبة لتبليغه بالحكم القضائي فالأثر هو بدأ سريان مواعيد الطعن و هما الأثران اللذان سيتم التطرق إليهما لاحقا.
المطلب الثاني : بيانات ورقة الإعلان.
الأوراق الإجرائية هي الأوراق المكتوبة المثبتة لاتخاذ الإجراءات التي حددها المشرع،و تقدم هذه الأوراق من الأشخاص أو ممثليهم إلى المحاكم لإبداء الادعاءات و الفصل في المنازعات كصحف الدعأوى،أو القضاة بطلب اتخاذ إجراء كالعرائض.
و تتميز جميع الأوراق الإجرائية بأنها أوراق شكلية أو تتضمن بيانات حددها المشرع[6] .
و يتولى إعلان الأوراق الإجرائية موظف مختص بذلك هو المحضر في القانون المصري، و مندوب الإعلان أو مأمور التنفيذ في القانون الكويتي، أما في القانون الفرنسي فالأصل أن يتم الإعلان عن طريق المحضر و هذا ما يطلق عليه اصطلاح (SIGNIFICATION) [7] .
و في الجزائر يلتزم المحضر القضائي بتحرير الأوراق القضائية التي يتم إعلانها، و ذلك ما تنص عليه المادة 12 من القانون رقم (03/06) المؤرخ في:
20-02-2006 و المتضمن تنظيم مهنة المحضر القضائي بقولهـــا ٌ يتولى المحضر القضائي :
ـ تبليغ العقود والسندات و الإعلانات التي تنص عليها القوانين و التنظيمات ما لم يحدد القانون طريقة أخرى للتبليغ.
ـ تنفيذ الأوامر و الأحكام و القرارات القضائية الصادرة في جميع المجالات ماعدا المجال الجزائي، وكذا المحررات أو المستندات في شكلها التنفيذي.
ـ القيام بتحصيل الديون المستحقة وديا أو قضائيا أو قبول عرضها أو إيداعها.
ـ القيام بمعاينات و إستجوابات أو إنذارات بناءا على أمر قضائي دون إبداء رأيه.
وزيادة على ذلك،يمكن انتدابه قضائيا أو بالتماس من الخصوم للقيام بمعاينات مادية بحتة أو إنذارات دون استجواب،أو تلقي تصريحات بناءا على طلب الأطراف ٌ
و تحرر أوراق المحضرين باللغة العربية اللغة الرسمية و هذا ما نصت عليه المادة 14 من القانون (03/06) و ذلك تحت طائلة البطلان ، وهو المسؤول عن صياغة المحررات و العقود طبقا للتشريع المعمول به.
وتجدر الإشارة أن معظم بيانات أوراق الإجراءات ورد ذكرها في المادة 18و19 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية وكذا المادة 407 منه و بيانات ورقة الإعلانات أنواع مختلفة و كل نوع منها يهدف إلى تحقيق غاية معينة، و هي البيانات التي نتعرض إليها.
الفرع الأول : تاريخ الإعلان و القائم به.
يجب أن يذكر في الإعلانات بيان اليوم والشهر و السنة والساعة التي وقع فيها الإعلان و يقوم المحضر القضائي بنفسه بتحرير هذه البيان عند تسليمه نسخة من الإعلان [8].
و الغاية من تحديد التاريخ و ذكر الساعة هو التحقق أن الإعلان تم في الأوقات التي يسمح فيها القانون، و يجب أن تكتب هذه البيانات باللغة العربية، و يجوز كذلك ذكرها بالأرقام أو بالحروف، و لكن لو كتبت بالأرقام و الحروف معا وكان هناك اختلاف فالعبرة بالحروف إلا إذا كانت الظروف تفيد غير ذلك [9]
ولقد نصت المادة 416 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية على انـه ٌ لا يجوز القيام بأي تبليغ رسمي قبل الساعة الثامنة صباحا و لا بعد الثامنة مساء و لا أيام العطل إلا في حالة الضرورة و بعد إذن من القاضي ٌ.
فالإعلان لا يتم إلا في الساعات القانونية و خلال أيام العمل،فساعات الليل و أيام العطلات لا يجوز أن يتم فيها الإعلان، لأنها أوقات يخلد فيها الناس إلى الراحة و السكون، فلا يجب إزعاجهم بالإعلانات في الأوقات المخصصة لراحتهم ومسرتهم،فالمشرع يرمي إلى حماية الأشخاص ضد الاستقصاءات الليلية لمندوب السلطة،خاصة و أن السكون و ظلام الليل أمر مرتبط بالإجراءات التعسفية أوالإستبدادية فهو يهتم بتحديد الساعات القانونية للإعلان لحرصه الشديد على الحريات العامة و مراعاة لحرمة المواطن أثناء ساعات الراحة[10].
و كذلك أشارت المادتين 19 و 407 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية ، على أن تحمل ورقة الإعلان اسم ولقب المحضر القضائي وعنوانه المهني و كذا توقيعه وختمه، والحكمة من تطلب البيانات الخاصة باسم و وظيفة القائم بالإعلان و الجهة التابعة لها هي التأكد من أن القائم بالإعلان له سلطة الإعلان و بأنه قد اجري هذا الإعلان في نطاق اختصاصه الإقليمي، و الحكمة من توقيعه على الأصل هي إثبات تمام عملية الإعلان و هذا البيان هو الذي يكسب الورقة صفة الرسمية لأنه يذكر بأنها صدرت عن موظف عام ومكان عمله و هذا ما أقرته المحكمة العليا في قرارا لها صادر بتاريخ:08-01-1989 ملف رقم 53790 مجلة قضائية سنة 1990 العدد (04) بقولها ٌمن المقرر قانونا إن محضر التبليغ يجب أن يتضمن البيانات الجوهرية المتمثلة في:
تاريخ التبليغ وإمضاء الموظف الذي قام به و ختم الجهة القضائية،و من ثمة فإن القضاء بخلاف ذلك يعد خرقا للقانون.
الفرع الثاني : طالب الإعلان.
تنص المادتين 19/2 و407/3 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية على وجوب ذكر البيانات خاصة بطالب الإعلان هي اسمه ولقبه وموطنه.
إذ من الضروري أن يتمكن المعلن إليه من الوقوف على شخصية طالب الإعلان ومميزاته وصفته ليتحقق من صحة مزاعمه أو يرد عنها أو يلقاه ويسعى للصلح معه [11].
وتهدف هده البيانات إلى تحديد شخصية طالب الإعلان وهي تكمل بعضها البعض طبقا لمبدأ التكافؤ لبيانات الورقة والغاية من كل ذلك هو تحديد شخصيته تحديدا كافيا نافيا للجهالة وإذا تعدد المدعون وجب ذكر البيانات الخاصة بكل واحد منهم فاذا كانت صحيفة تجهل بأحدهم يبطل بالنسبة له ، إلا إذا كان الحق غير قابل للتجزئة ، فإن صحيفة الدعوى التي تجهل بأحدهم تؤدي إلى بطلانها بالنسبة للجميع.
أما إذا كان الأمر متعلق بشخص اعتباري كما لو كان الإعلان متعلق بعريضة دعوى أو الطعن المرفوع من إحدى الإدارات أو المؤسسات والهيئات العمومية، يجب ذكر البيانات الخاصة بالشخص المعنوي وذلك بذكر نوعه ومركز نشاطه الرئيسي ، إلى جانب ذلك ذكر البيانات الخاصة بمن يمثله لأن الصفة في الدعوى دائما تثبت للشخص المعنوي فهو صاحب الحق فيها، في حين تثبت الصفة الإجرائية لممثل الشخص المعنوي وقد يكفي ذكر صفة ممثل الشخص المعنوي كما هو الشأن فيما إذا رفعت الدعوى من وزارة الصحة أو التربية فيكفي ذكر صفة من يمثلها مثل وزير الصحة أو التربية لان ذلك لا يؤدي إلى التجهيل بالشخص المعنوي ولا إلى الإلتباس بين الصفة في الدعوى والصفة الإجرائية 2 .
وإذا وقع سهو أو خطا أو نقص في هذه البيانات فان ذلك لا يؤدي إلى البطلان مادامت بقية البيانات لا تترك محلا للشك في معرفة شخصية طالب الإعلان[12] .
غير أن ذلك يجب أن يخضع إلى الأصل العام الذي يقضي على أنه لا يترتب أي بطلان عن النقص الذي يلحق بورقة الإعلان إذا كان ذلك لا يؤدى إلي التجهيل بالخصم ، أما إذا حصل نقص في الورقة من شأن ذلك أن يؤدى إلى التجهيل بالشخص المعنوي أو بمن يمثله مما يثير الشك لدى الخصم الآخر أنجر عنه بطلان ورقة الإعلان [13].
ومدي كفاية تلك البيانات ما إذا كانت تجهل بالخصم من عدمه هي مسالة خاضعة للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع فلا رقابة عليهم من طرف المحكمة العليا .
ويجب أن تتوافر لدى طالب الإعلان أهلية الإختصام و الأهلية الإجرائية ، فإذا تخلفت أهلية الاختصام أدى ذلك إلي بطلان الإعلان وكذا في حالة تخلف الأهلية الإجرائية.
أما إذا وجه الإعلان لشخص غير موجود من الناحية القانونية ، كما إذا توفي المعلن قبل الإعلان ترتب علي ذلك بطلان الإعلان ، أما إذا توفي المعلن بعد تمام الإعلان ففي هذه الحالة تنعقد الخصومة القضائية لكن يترتب علي الوفاة بعد انعقاد الخصومة انقطاعها فيجب أن يعاد فيها السير من ذوي الصفة وهم الورثة[14] .
الفرع الثالث : المعلــــن إليــــه.
تنص المادتين 19/3 و407/5 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية علي ضرورة ذكر اسم ولقب الشخص المبلغ له و موطنه ، وإذا تعلق الأمر بشخص معنوي يشار إلي تسميته وطبيعته ومقره الاجتماعي واسم و لقب و صفة الشخص الذي تلقى التبليغ الرسمي ، وأضاف المشرع على أنه يجب على المحضر القضائي أن يضمن المحضر توقيع المبلغ له مع الإشارة إلى طبيعة الوثيقة التي تثبت هويته ببيان رقمها وتاريخ صدورها ، وفي حالة تعذر المبلغ له التوقيع على المحضر الذي يحرره القائم بالإعلان وجب عليه وضع بصمة المعلن إليه ، وهذا كله تفاديا لأي إنكار قد يدعيه المبلغ له بعدم توصله بورقة الإعلان.
وتجدر الإشارة إلى أن قانون الإجراءات المدنية كان ينص في المادة 467 منه على أنه في طلبات الحضور و التبليغات و المراسلات و الإنذارات و الإشعارات و التنبيهات الخاصة بفاقدي الأهلية أو ناقصيها تبلغ إلى ممثليهم القانونيين بصفتهم هذه عكس قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديدة الذي لم يعالج هذه النقطة.
و يجب ذكر البيانات الخاصة بالشخص المعنوي و إلى جانب ذلك ذكر صفة الممثل القانوني ، لأن الإعلان يجب أن يوجه إلى الشخص المعنوي أو القاصر ممثلا في شخص نائبه القانوني.
و الغاية من ذكر هذه البيانات هي تحديد المعلن إليه تحديدا كافيا نافيا للجهالة والشك .
فإذا جهل المعلن اسم المعلن إليه و اكتفى بذكر لقبه و لم يؤدي ذلك إلى الشك بشخصية المراد إعلانه فيقع الإعلان صحيحا،و إذا جهل مهنته أو وظيفته و اكتفى بذكر اسمه و لقبه صحيحا مما ينفي الشك في حقيقة شخصيته كان الإعلان صحيحا[15].
و حكمه الإيجاز و التسامح في البيان المتعلق بالمعلن إليه بخلاف البيان الخاص بطالب الإعلان، هو أن هذا الأخير قد يجهل حقيقة اسم خصمه و موطنه الحقيقي، و لكن لا يمكن تصور جهله بهما إذا تعلق الأمر بشخصه [16].
و وجود المعلن إليه من الناحية القانونية يعد مقتضى موضوعيا لصحة الإعلان فإذا وجه الإعلان إلى شخص متوفى ترتب على ذلك بطلان الإعلان.
وسواء تمت الوفاة قبل قيد عريضة افتتاح الدعوى بكتابة ضبط المحكمة أو بعدها ، فإذا وقعت قبل إعلانه فلا تنعقد الخصومة ووجب على المعلن إعادة رفع الدعوى بعريضة جديدة على الخلف العام.
أما إذا تسلم المعلن إليه الإعلان أو تسلمه أحد الأشخاص المؤهلين للاستلام و حدثت بعد ذلك الوفاة، فتكون حينئذ الخصومة قد انعقدت و يترتب عليها انقطاعها فيحق لطالب الإعلان أن يعيد السير فيها في مواجهة الخلف العام أي الورثة[17].
الفرع الرابع: الموطن.
يعد الموطن احد البيانات الأساسية و الجوهرية التي يجب أن يتضمنها الإعلان و الموطن في القانون الجزائري على أربعة أنواع: الموطن الأصلي الموطن المختار، الموطن الخاص)أو موطن الأعمال (، و الموطن القانوني )إلزامي( و نتعرض لهم على النحو التالي:
أولا- الموطن العام )الأصلي(:
يقصد به المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة)1(،و هو حسب المادة 36 من القانون المدني ٌ المحل الذي يوجد فيه السكن الرئيسي للشخص ٌ،و الأصل أن الإعلان يتم في الموطن العام،غير أنه إذا لم يكن للمطلوب تبليغه أي موطن معروف بالجزائر، فيوجه التكليف بالحضور إلى محل إقامته المعتاد ، أي المكان الذي يقيد فيه الشخص بصفة مؤقتة، و يعد التبليغ في محل الإقامة بمثابة التبليغ في الموطن.
و قد تتعدد المواطن الأصلية، و حين إذن يصح الإعلان إذا اتخذ في أي منها، و نشير إلى أن الموطن الأصلي للزوج، يعتبر موطنا أصليا للزوجة فيصح إعلانها به ، ما لم يثبت وجود خلاف بينهما، و أنها تقيم في مكان آخر[18] ،أما إذا أخبر المحضر بانتقال المعلن إليه إلى موطن آخر، فعليه أن يشير إلى ذلك في محضره، كما عليه الانتقال إلى هذا الموطن الجديد إذا كان ضمن اختصاصه المحلي، أما إذا تعذر عليه معرفة الموطن الجديد، فله أن يعلن في الموطن القديم.
ثانيا – الموطن المختار:
يقصد به المكان الذي تم اختياره لتنفيذ عمل قانوني معين، و يعتد به بالنسبة لكل ما يتعلق بهذا العمل ، و نصت عليه المادة 39/1 من القانون المدني ٌيجوز اختيار موطن خاص لتنفيذ عمل قانوني معين ٌ و إتخاذ موطن مختار، قد يقع بناءا على الإرادة الحرة للشخص و يجب إثبات وجود اتفاق على الموطن المختار بالكتابة و هو ما تنص عليه المادة 39/2 من القانون المدني[19] ، و الكتابة هنا للإثبات , و قد فرض القانون اختيار موطن مختار، لكل طرف له موطن خارج اختصاص المجلس القضائي التابعة له المحكمة المختصة بالنظر في الدعوى، وذلك باختياره موطنا له في دائرة اختصاص هذا المجلس بشرط أن لا يكون ممثلا بمحامي .
و هذا الإلزام يمس الطرفين أي المدعي و المدعى عليه ، إلا انه و بمخاطبته للمدعى عليه فيه مخالفة لبعض الإجراءات، ذلك أن اختصاص المحكمة كقاعد عامة يتحدد بموطن المدعى عليه، الذي يبلغ فيه بكل الأوراق و من ثمة فهو لديه كل الحق في اختيار موطن آخر هذا من جهة ، و من جهة أخرى فإن الغاية من إلزام المعلن باختيار موطن داخل نطاق اختصاص المجلس هي تيسير تبليغ الأوراق اللازمة لسير الدعوى ، ذلك أن المعلن إليه يعتبر في مركز المدين، والمبدأ العام يقضي ببراءة ذمته، و يقع على عاتق من يدعي خلاف ذلك، السعي إلى موطنه.
ثالثا- موطن الأعمال)الموطن الخاص( .
موطن الأعمال يقتصر على جانب معين من جوانب نشاط الشخص كالمكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو صناعة أو حرفة معينة، إذ يعتبر بالنسبة للغير موطنا له فيما يتعلق بإدارة هذه الأعمال فقط و عليه يجب أن يخاطب الشخص بالنسبة للأنشطة الغير متعلقة بموطن الأعمال في موطنه الأصلي، و يقع الإعلان باطلا إذا تم بشأنها في موطن الأعمال.
رابعا- الموطن القانوني) الإلزامي ( .
ينصرف الموطن القانوني إلى فئة معينة من الأشخاص، يتعلق الأمر بعديمي الأهلية و ناقصيها لصغر السن، أو المحجور عليهم بسبب عوارض الأهلية و بالمفقودين و الغائبين.
فهؤلاء الأشخاص يفرض لهم القانون موطنا إلزاميا، هو موطن من ينوب عنهم، في مباشرة التصرفات القانونية.
و في هذا السياق نصت المادة 38/1 من القانون المدني على أنه موطن القاصر و المحجور عليه و المفقود و الغائب هو موطن من ينوب عن هؤلاء قانونيا.
المبحث الثاني : الآثار المترتبة عن الإعلان القضائي.
تختلف أهمية التبليغ في الأوراق القضائية بحسب الأثر المترتب عن تبليغ كل ورقة ، فبالنسبة للتكليف بالحضور فإن مردها يعود إلى انعقاد الخصومة القضائية مدنية كانت أم جزائية ، أما أهمية تبليغ الحكم القضائي فيتمثل في بدء سريان مواعيد الطعن و على ذلك تتطرق لكل أثر على حدى كالآتي:
المطلب الأول: انعقاد الخصومة القضائية.
الفرع الأول :الخصومة المدنية.
بالرجوع للمادة 14 من قانون الإجراءات المدنية فان الدعوى ترفع إلى المحكمة بإيداع عريضة مكتوبة من المدعي أو وكيله أو محاميه بعدد من النسخ يساوي عدد الأطراف.
إذن تبدأ المطالبة القضائية بإيداع صحيفة افتتاح الدعوى لدى أمانة ضبط المحكمة و بهذا الإيداع تنشأ مجموعة متتالية من الإجراءات و تنعقد الخصومة القضائية بإعلان صحيفة الدعوى إعلانا صحيحا إلى المدعى إليه حسب ما يقتضيه القانون و تنعقد الخصومة القضائية بإحدى الوسيلتين [20]
بالتكليف بالحضور تكليفا صحيح، أو بحضور المدعى عليه حضورا اختياريا بدون تكليفه بالحضور ويكون ذلك إذا حضر المدعى عليه ،و شرع في مناقشته موضوع الدعوى ،بغير إن يتمسك بالتكليف بالحضور .
وتنعقد الخصومة سواءا تم الإعلان إلى المدعى عليه شخصيا أو إلى أحد الأشخاص المؤهلين لاستلام الإعلان و يترتب عنها جميع الآثار القانونية حتى ولو صدر الحكم غيابي .
الفرع الثاني :الخصومة الجزائية .
باستقرائنا لمضمون المادة 439 من قانون الإجراءات الجزائية ، نجدها تحيلنا بشأن موضوع انعقاد الخصومة الجزائية إلى الأحكام المنصوص عنها في قانون الإجراءات المدنية بحيث ورد في فقرتها الأولى ٌ تطبق أحكام الإجراءات المدنية في مواد التكليف بالحضور و التبليغات ما لم توجد نصوص مخالفة لذلك في القوانين و لوائح ٌ
إلا أن هذا التشابه ترد عليه بعض الاستثناءات، فمثلا كمبدأ عام لا تنعقد الخصومة الجزائية إلا بموجب تكليف بالحضور يسلم شخصيا، أو لأحد الأشخاص المؤهلين لاستلام إلا انه أحيانا يحدث أن تنعقد الخصومة بدونه وإنما بموجب إخطار صادر عن النيابة العامة ،إذ تنصت المادة 395 من قانون الإجراءات الجزائية في فقرتها الأولى على انه يقوم الإخطار المسلم بمعرفة النيابة العامة، مقام التكليف بالحضور، إذا تبعة حضور الشخص الموجه إليه الإخطار باختياره ٌ
إذ يحق للنيابة أن توجه الإخطار إلى المتهم،إما عن طريق البريد أو عن طريق الإداري أو تسلمه له مباشرة، و لكن يشترط لإنعقاد الخصومة أن يحضر المتهم إختياريا و يقبل ذلك صراحة أو ضمنيا.
فإذا حضر و إمتنع عن القبول، أو أخطر ووقع شخصيا أو عن طريق الأشخاص المؤهلين بالاستلام ولم يحضر ، فهنا لا تنعقد الخصومة و ما على النيابة إلا إعادة تكليفه بالحضور من جديد و من المفروض هنا أن يقوم المحضر بإجراءات التكليف بالحضور أعمالا لنص المادة 439 من قانون الإجراءات الجزائية السابقة، إضافة إلى إن قانون المحضرين لا يستثني من اختصاصه صفة تنفيذ الأحكام الجزائية.
المطلب الثاني: سريان مواعيد الطعن.
إن التطرق إلى هذا الموضوع يوجب علينا الحديث عن موضوع إعلان الأحكام القضائية المدنية و الجزائية مع الإشارة إلى الوصف الذي يلحق الحكم من حيث كونه صدر حضوريا أو غيابيا، ثم نتطرق إلي الطعن في هذه الأحكام مقتصرين في ذلك على المعارضة والاستئناف و والمهل الخاصة بها وكيفية حسابها وسريانها.
الفرع الأول: إعلان الأحكام المدنية .
لا تسير مواعيد الطعن كأصل عام في الأحكام المدنية الحضورية منها والغيابية إلا بناءا على إعلانها إعلانا صحيحا ،وفقا لنفس الإجراءات المتبعة في إعلان صحيفة الدعوى و يتم هذا الإعلان في الموطن و أن يسلم إلى المعلن إليه شخصيا ،فإذا لم يكن موجودا فيسلم إلى أحد الأشخاص المؤهلين للإستلام.
وقد يقبل مستلم الإعلان أن يتسلم الإعلان ،فيوقع على المحضر ،وقد يمتنع عن التسليم أو عن التوقيع ، فهنا يجب إعادة تبليغه بواسطة البريد المضمن مع إشعار بالوصول، أو بالطريق الإداري و قد يكون الإعلان عن طريق النيابة العامة ، إذا أصبح موطن المعلن عليه مجهولا بعد صدور الحكم.
و إذا تم إعلان صحيفة افتتاح الدعوى إلى المعلن إليه يصدر الحكم حضوريا أما إذا تم الإعلان إلى شخص مؤهل لاستلام ،فيصدر غيابيا فإذا تم إعلان الحكم الغيابي إلى المعلن إليه شخصيا، يصبح الحكم حائز القوة الأمر المقضي فيه، وذلك بفوات مواعيد الطعن بالمعارضة و الاستئناف و كذلك الأمر إذا تم إعلان الحكم الغيابي إلى النيابة العامة، فيصبح نهائيا بانقضاء ميعاد المعارضة و الاستئناف ، و على المعلن إليه في هذه الحالة ،الطعن في بطلان محضر التبليغ لعدم كفاية التحريات التي قام بها طالب الإعلان ،و بإثباته يصيح الإعلان باطلا ،مما يعني بقاء مواعيد الطعن سارية .
الفرع الثاني : إعلان الأحكام الجزائية.
إعلان الحكم الجزائي يخضع لنفس القواعد المطبقة بشأن إعلان الحكم المدني و يجب أن ينوه في محضر الإعلان بأنه تم تبليغ نسخة رسمية من الحكم مع ذكر بياناته فيما إذا كان حكما ابتدائيا أم قرارا،و الجهة القضائية المصدرة له،ورقم الحكم وتاريخه.
وإذا تعلق الأمر بتبليغ حكم غيابي،يجب النص على حق المعلن إليه في الطعن بالمعارضة في ذلك الحكم ،في مهلة عشر أيام ابتداء من تاريخ الإعلان .
وقد يصدر الحكم الجزائي حضوريا ،و بالتالي يبدأ ميعاد الطعن من تاريخ النطق به ،وقد يصدر غيابيا ،أو حضوريا غير وجاهي أو حضوريا اعتباريا فيسري ميعاد الطعن فيه بالاستئناف من تاريخ إعلان الحكم ،سواء تم الإعلان شخصيا أو لأحد المؤهلين بالاستلام ، و إذا كان موطنه مجهولا ،فمن تاريخ تبليغ النيابة العامة أو الإعلان بمقر المجلس الشعبي البلدي .
ونشير أيضا إلي انه إذا ظهر المتهم بعد فوات مواعيد الطعن ،والذي لم يبلغ شخصيا ،فان مواعيد الطعن تبقي سارية أمامه،بشرط عدم حصوله علي سند تنفيذي يحيطه علما بحكم الإدانة ،مثل صحيفة السوابق القضائية ،وما لم تثبت النيابة أن المتهم حصل له العلم من خلال سند تنفيذي ،فإذا لم تستطع النيابة العامة إثبات علم المتهم بحكم الإدانة فتكون معارضته مقبولة ، ويسري ميعاد المعارضة في هذه الحالة إبتداءا من تاريخ العلم بحكم الإدانة.
الخاتمــــــــــــــــــة
من خلال دراستنا لموضوع إعلان الأوراق القضائية يتضح جليا أنه موضوع هام نظرا لما يلعبه هذا الإجراء (التبليغ) من دور في صميم العمل القضائي ، منه تبتدئ الخصومة عن طريق محاضر التكليف بالحضور وتتدرج أثناء النظر في الدعوى وتنتهي بصدور حكم قضائي يسعى الطرف المحكوم له إلى تنفيذه .
ولقد أولى المشرع عناية كبيرة لهذا الإجراء بدليل حجم النصوص القانونية المنضمة له والتي كانت نتيجة إصلاح العدالة ، أين تم إعادة نظر في قانون المنظم للمحضر القضائي وصدر القانون رقم 06/03 المؤرخ في 20 أفريل 2006 نظم هذه الفكرة على أكمل وجه ووسع من مجال اختصاص المحضر القضائي في مسألة التبليغ بحيث شملت أوراقا قضائية عديدة ، وكذا وسع من مجال اختصاصه الإقليمي ، وزاد الاهتمام أكثر بصدور قانون الإجراءات المدنية والإدارية رقم 08/03 المؤرخ في 25/02/2008 الذي اهتم بمسألة التبليغ وأورد لها مواد خاصة تفادى بها جميع الثغرات التي كانت موجودة في قانون الإجراءات المدنية ورغم ذلك نسجل بعض الملاحظات في موضوع التبليغ وندرج بعض الاقتراحات وهي :
– عدم جعل المشرع البطلان الوارد على محاضر التبليغ من النظام العام ، رغم أنها تعتبر محاضر رسمية محررة من طرف ضابط عمومي وجعلها مسألة جوازية ومتروكة لمصلحة الطرف المعنى .
– عدم إشارة المشرع إلى وسائل التبليغ الحديثة كالبريد الالكتروني ومدى حجيتها خاصة مع تبنيه التوقيع الالكتروني كوسيلة من وساءل الإثبات في القانون المدني .
– العمل على إنشاء وإعادة إحياء البريد القضائي وتنظيمه تنظيما خاصة يجمع بين السرعة والنجاعة خاصة وأن المشرح اعتمد على البريد كوسيلة للتبليغ ، وهذا الأمر يطرح صعوبات كثيرة وهذا أمام النقص الموجود في العناوين وعدم تحديدها وتدني خدمات البريد وعدم رجوع وصل الاستلام
فرض جزاءات على كل من يقوم بتخليط المحضر القضائي أثناء عملية التبليغ .
– إلزام المحضرين القضائيين بتمكين المتقاضين من وصلات دفع مصاريف التبليغ .
هذه باعتقادنا أهم النقائص المسجلة على النظام القانوني الذي يحكم مسألة التبليغ في انتظار ما يفرزه واقع العمل القضائي أثناء دخول قانون الإجراءات المدنية والجزائية حيز التنفيذ .
ولا نجد ما نختم به كلامنا خيرا مما قاله العماد الأصفهاني : ( لا يكتب الإنسان في يومه إلا وقال في غده لو كان هذا لكان أحسن ، ولو زيد لكان يستحسن ، ولو نزع على هذا لكان أفضل ، وهذا من عبير العبر وهو دليل استلاء النقص على جملة البشر ).
فإلى الله نتوجه بالحمد والشكر ونسأله التوفيق السداد في كل شيء .
[1]- نجيب احمد عبد الله ثابت، الإعلانات القضائية، المكتب الجامعي الحديث، 2006، ص 9.
[2] – عمر زودة، المرجع السابق، ص 315.
[3] – عمر زودة، المرجع السابق، ص 315.
[4] – عماراش كريمة وتيزراوي نفيسة،تبليغ (إعلان) الأوراق القضائية،مذكرة تخرج من المدرسة العليا للقضاء، الدفعة 15 السنة الدراسية (2004 ـ 2007 )،ص (22 و23).
1ـ عماراش كريمة وتيزرأوي نعيمة ، المرجع السابق،ص 23و24 .
[6] – أمينة مصطفى النمر ،الدعوى و إجراءاتها ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، مصر، 1990، ص 263.
[7] – أحمد هندي ، الإعلان القضائي بين الواقع و المنطق في التنظيم القانوني لكل من مصر والكويت وفرنسا، الدار الجامعة الجديدة للنشر ، الإسكندرية، 1999 ، ص11 و12
[8] – عمر زودة ، المرجع السابق ، ص 320.
[9] – نبيل عمر إسماعيل ، الوسيط في قانون المرافعات المدنية والتجارية ، الدار الجامعة الجديدة للنشر ، الاسكندرية سنة 1999 ، ص 44.
[10] -احمد هندي ، المرجع السابق ،ص35-36.
[11] – محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي ،المرجع السابق (قواعد المرافعات) ،ص670 ,
2 ـ عمر زودة ، المرجع السابق ، ص 322.
[12] – أحمد هندي ، قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار الجامعة الجديدة للنشر ،الجزء الثاني ، 1995 ، ص 57.
[13] – عمر زودة ، المرجع السابق ، ص 323.
[14] – عمر زودة ، المرجع السابق ، ص 323.
[15] – نبيل إسماعيل عمر ، أصول المرافعات المدنية والتجارية ، منشأة المعارف ، الطبعة الأولى ،1986 ، ص 712.
[16] – محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوي ،المرجع السابق (قواعد المرافعات) ،ص676
[17]- عمر زودة ، المرجع السابق ، ص 324.
[18] – طلبة أنور، موسوعة المرافعات المدنية و التجارية ، الجزء الأول ، الإسكندرية ، دار المطبوعات الجامعية ، 1993، ص 135.
[19] – عمر زودة ، المرجع السابق ، ص329.
[20] – عمر زودة ، المرجع السابق ، ص 345.
اترك تعليقاً