دراسة وبحث قانوني متميز عن التزامات التاجر المهنية
خطـــة البحث
مقدمة
الإشكالية: كيف نظم المشرع التقنيات التي يلتزم بها من له صفة التاجر؟ وما مدى حجيتها في الإثبات أمام القضاء؟ وما هي النتائج المترتبة عليه إذا اخل بهذه الالتزامات ؟
– مبحث تمهيدي: مراحل نشأة التزامات التاجر المهنية
– المطلب الأول: في العصر القديم
– المطلب الثاني: في العصور الوسطى
– المطلب الثالث: في العصر الحديث والمعاصر
– المبحث الأول، التزام التاجر بالقيد في السجل التجاري
– المطلب الأول: تعريف السجل التجاري وأهميته
– المطلب الثاني: شروط القيد في السجل التجاري
– المطلب الثالث: إجراءات القيد في السجل التجاري
– المطلب الرابع: حجية القيد في السجل التجاري
– المطلب الخامس: جزاء عدم القيد في السجل التجاري:
– المبحث الثاني: الالتزام بمسك الدفاتر التجارية
– المطلب الأول: تعريف الدفاتر التجارية وأهميتها
– المطلب الثاني: أنواع الدفاتر التجارية
– الفرع الأول: الدفاتر الإجبارية
– الفرع الثاني: الدفاتر الاختيارية
– المطلب الثالث، تنظيم الدفاتر التجارية
– المطلب الرابع: حجية الدفاتر التجارية في الإثبات
– المطلب الخامس: جزاءات الإخلال بالدفاتر التجارية
الخاتمــــة
قائمة المصادر
قائمة المراجع
1- د. عبد الحميد الشواربي، نظرية الأعمال التجارية والتاجر، منشأة المعارف، الإسكندرية،1999.
2- د. محمد فريد العريني ود. محمد السيد الفقهي، القانون التجاري، الأعمال التجارية،التجار، الشركات التجارية، ط2002، منشورات الحلبي الحقوقية، شارع القنطاوي، بيروت.
3- فرحة زراوي صالح، الكامل في القانون التجاري الجزائري، الأعمال التجارية، التاجر الحرفي، الأنشطة التجارية المنظمة، السجل التجاري، النشر الثاني، المعدل والمتمم، ابن خلدون للنشر والتوزيع، وهران،2003.
4- د. خالد شمسان الطويل، التزامات التاجر الإجرائية في القانون التجاري، دراسة مقارنة، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 2008.
5- د. جلال وفا محمدين، المبادئ العامة في القانون التجاري، دار الجامعة للطباعة والنشر، الإسكندرية.
6- سليمان بوذياب، مبادئ القانون التجاري، التجارة والتاجر، المؤسسة التجارية، النظرية العامة للشركات، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان.
المقــــدمة
وجدت التجارة مند أقدم العصور فتطورت أساليبها مع تطور المجتمعات، حيث تحولت من اقتصاد بدائي إلى صناعي بآفاق واسعة، وظلت في انتعاش إلى غاية ظهور صور جديدة لملكية الأموال بحيث لم تعد مقصورة على الأشياء المادية المحسوسة كالعقارات والمنقولات وإنما ظهرت طائفة جديدة من الأموال ذات أهمية بالغة في النشاط الاقتصادي كامتلاك الأوراق المالية من أسهم وسندات واسم تجاري والعلامة التجارية أو الصناعية وحق الاتصال بالعملاء وغيرها.
فتطورت قواعد القانون التجاري، وتطورت فيها طرق تقيد التزامات التاجر وبمساعدة التطور التكنولوجي وما يتضمنه من تقنيات حديثة في تطوير أساليب التجارة، والسرعة في التعامل بين الأشخاص يتطلب تدخل المشرع في إصدار تقنيات تكفل حماية الملكية التجارية، فنظم التزامات التاجر سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، محليا أو أجنبيا، وهنا تكمن أهمية دراسة هذا الموضوع حيث تتبين مصلحة التاجر ومصلحة المتعاملين معه ومصلحة الدولة مما ينعكس على مصلحة المجتمع ككل.
فالإشكال الذي يطرح في هذا الصدد هو: كيف نظم المشرع التقنيات التي يلتزم بها من له صفة التاجر وما مدى حجيتها في الإثبات أمام القضاء؟ وما هي النتائج المترتبة عليه إذا اخل بهذه الالتزامات ؟
ولإيجاد حلول لهذه التساؤلات استعنا بالمنهج التحليلي لتوضيح ما يتضمنه الموضوع من عناصر وقسمنا خطة البحث إلى ثلاثة مباحث رئيسية وكل مبحث يتضمن مطالب تتضمن عناصر تفصيلية للإلمام بالموضوع ولشرح جوانب الموضوع.
المبحث الأول: مراحل نشأة التزامات التاجر المهنية
إذا اكتسب الشخص سواء كان طبيعيا أو معنويا صفة التاجر يترتب عليه آثار وهي التقيد بالتزامات عامة مفروضة عليه، فمنها ما يقضي به العرق التجاري كالتزامه بعدم المنافسة الغير المشروعة أو كاتخاذ عنوان تجاري اسما له. منها ما نظمه المشرع في القانون الخاص.
فمرت نشأة التزامات التاجر عبر العصور القديمة ثم الوسطى والحديثة وصولا إلى المعاصرة.
المطلب الأول: في العصر القديم
في هذا العصر لم يكن للرومان دور يذكر في إنشاء القانون التجاري لكونهم اعتبروا التجارة من المهن الوضيعة لا تليق بالأحرار لأن وظيفتهم كانت الاهتمام بالحروب والزراعة أما التجارة فكانت تمارس من طرف العبيد والأجانب ففكرة الدفاتر التجارية كانت كعرف تجاري قديم في العهد الروماني، فاستحدث الرومان نظام المحاسبة ومسك الدفاتر التجارية لكتابة الدخول والنفقات وبعد توسع الإمبراطورية الرومانية لم يستطيعوا استبعاد ميدان التجارة عنهم وخاصة عندما لاحظوا الأرباح الطائلة التي تحققها، فأصبحوا يمارسون التجارة عن طريق العبيد واستخدموا نظام مسك الدفاتر التجارية لتبيان المدخولات والإنفاقات. وهناك من أورد أصل الدفاتر التجارية إلى النظام الطائفي الذي كان يميز التجار في القرون الوسطى حيث قننت لائحة « جواك سافراريه» في فرنسا في 1763 وكانت عبارة عن تقنين لعادات وأعراف التجار وهنا كجانب من الفقه الفرنسي يقول أن التزام التاجر بمسك الدفاتر التجارية يعود إلى صيارفة اليونان لأنهم اعتادوا على مسك الدفاتر التجارية وكان ظهور أول دفتر تجاري منظم بشكل واضح في القرن الخامس عشر في 1449 عن طريق الإيطالي « لونا باكيللوا» وهو دفتر اليومية.
المطلب الثاني: في العصور الوسطى.
أما في العصور الوسطى بدأ العرب بتطوير قواعد القانون التجاري، رغم انكماش التجارة عند سقوط الإمبراطورية الرومانية وانتشار الفوضى وعجز السلطة المركزية عن تأمين الطريق التجارية إلا أنها في هذا العصر انتعشت التجارة بزيادة اتصالات العرب بالعالم الإسلامي وتأثرهم بالأعراف والعادات التجارية والتجار العرب.
ويرى البعض أن ظهور شركات الأشخاص والعمل بالكمبيالات ونظام الإفلاس في أوروبا كان نقلا عن العرب، فعرف العرب التجارة قبل الإسلام لقوله تعالى « احل الله البيع وحرم الربا » وقد عمل الرسول «صلى» بالتجارة وتبعه الصحابة وفي هذه المرحلة ظهرت فكرة إنشاء السجل التجاري، حيث تعود أصوله التاريخية للقرن الثالث عشر، عندما كانت طوائف التجار في ايطاليا تقيد أسماء أعضائها في مدونة خاصة فلم يكن ذلك للعلنية والإشهار وإنما من اجل تنظيم داخلي لشؤونها ولحصر التجار ودعوتهم إلى اجتماعات دورية ومطالبتهم برسوم القيد في سجلاتها.
وبعد مرور الزمن أصبحت المدونة تسجيلا للعلنية والإشهار وسيلة لمعرفة التجار ومراكزهم المالية، ومن تم بات نظام السجلات التجارية معروفا في اغلب التشريعات.
المطلب الثالث: في العصر الحديث والمعاصر
ازدادت حركة التجار واتسعت رقعتها وظهرت أسواق عديدة جديدة وازداد حجم وتنوع التبادل التجاري مما اوجب على المشرع التدخل في وضع قواعد تشريعية تحكم النظام التجاري بدلا من القواعد العرفية، فأصبح الطابع التنظيمي للقانون متغلبا على الطابع الاقتصادي، ويتم التبادل الاقتصادي بين الدول وفق أحكام التي تنظمها القانون وذلك لتحقيق سياسة اقتصادية معينة، وبموجبها ألزم المشرع التاجر بمسك الدفاتر التجارية والقيد في السجل التجاري، وعلى هذا الأساس لم يرد تعريف محدد للالتزامات التاجر المهنية وإنما وردت تعريفات لكل التزام وهما الدفاتر التجارية والقيد في السجل التجاري(1).
المبحث الثاني، التزام التاجر بالقيد في السجل التجاري
المطلب الأول: تعريف السجل التجاري وأهميته
عرفت التشريعات السجل التجاري على انه « سجل خاص تقيد فيه جميع البيانات التي تقيد الغير الذي يريد التعاقد مع التاجر، فبعض التشريعات منحت للقضاء حق القيام بالقيد في السجل التجاري لحيازة البيانات على قوة الشيء المقضي فيه»
مثل التشريع اللبناني والألماني وبعض التشريعات أسندت مهمة الإشراف عليه لجهة إدارية بدل القضاء مثل التشريع المصري والفرنسي والجزائري، وأعطت لمكاتب السجل التجاري سلطة التحقيق في صحة البيانات المقدمة من طرف الطالب.
إذن له دور مهم في المجال القانوني حيث يعتبر أداة قانونية للإشهار وهذا الأمر غير متنازع فيه، وعلى الشخص ذكر الالتزام بذكر البيانات الإجبارية وعلاوة عن ذلك فإن السجل التجاري يستعمل كمصدر للإحصائيات في مجال الاقتصادي، حيث يحدد التجار المسجلين في السجل التجاري وعدد المؤسسات التجارية ورأس المال المستثمر، وذلك من اجل ضبط وحسن سير الأنشطة الاقتصادية، أما في المجال التنظيمي فيساهم السجل التجاري في مراقبة مدى تطبيق النصوص القانونية ومتابعة الأشخاص الخاضعين للقيد فيه(2)
المطلب الثاني: شروط القيد في السجل التجاري:
كل التشريعات حددت الأشخاص الذين يلتزمون بالقيد قي السجل التجاري وذلك أن إذا اكتسب الشخص سواء كان طبيعيا أو معنويا جزائريا أو أجنبيا صفة التاجر وجب عليه التقيد بالقيد في السجل التجاري.
وعلى هذا الأساس لا يلزم بهذا القيد من لا يحترق التجارة أو من ليس له صفة التاجر والشركات المدنية وصغار التجار مثل البائع الطواف، وذلك لبساطة إعمالهم ولا يلتزم بالقيد في السجل التجاري شركة المحاصة لعدم تمتعها بالشخصية المعنوية(3).
وعلى هذا الأساس يشترط في القيد في السجل التجاري، أن يكون الشخص تاجر سواء كان وطنيا أو أجنبيا وسواء كان الشخص طبيعي أو معنوي.
– أن يكون له محل رئيسي في الجزائر أو فرع أو وكالة داخل القطر الجزائري، وان يكون الشخص المعنوي تاجرا بالشكل أو بالموضوع وفقا لنص المادة 19 ق .ج.
المطلب الثالث: إجراءات القيد في السجل التجاري
حددت معظم التشريعات البيانات التي تقيد في السجل التجاري سواء تعلق الأمر بالتجار الطبيعيين أو المعنويين، فالنسبة للتجار الأفراد تشمل البيانات الشخصية ( الاسم والشهرة، وتاريخ ومحل الولادة والجنسية، وكل ما يتعلق بالنشاط التجاري،(الاسم التجاري الذي يمارس به التاجر تجارته، موضوع التجارة، أماكن وفروع محله التجاري أو وكالته وعنوانه أو اسم التجاري للمؤسسة التي يمارس نشاطه من خلالها، يجب أن تقيد أيضا شهادات الاختراع التي يستثمرها التاجر والطابع المستعمل للتجارة أو المصنع (العلامة التجارية والنموذج الصناعي)
أما بالنسبة للشركات أي كانت جنسيتها وتمارس تجارتها في الجزائر ولها محل تجاري في الجزائر فتقيد بيانات المتعلقة بفروعها ووكالتها فتشمل هذه البيانات اسم الشركة وموضوعها ونوعها والأسهم والحد الأدنى لرأس المال فإذا كانت شركة ذات رأس مال قابل للتغيير وأسماء الشركاء المديرين أو المرخص لهم في إدارة الشركة شهادات الاختراع والعلامة التجارية ورسوم ونماذج الصناعية كما يقيد في السجل التجاري كل تعديل في البيانات القيد والأحكام والقرارات الخاصة بحل الشركة أو إبطالها وإحكام الإخلال والتصديق على الصلح والقرارات المختصة بها(4).
ويتم إجراء التسجيل وفق طلب من التاجر أو ممثل الشركة، فتح المحل أو تأسيس الشركة، ويتم التسجيل في مصلحة السجل التجاري التابع لولايته ويصادق عليه في المحكمة، وفق للمادة 19 ق.ت.ج.
والجدير بالذكر انه لا يمكن التقيد بالسجل التجاري في حالة انقطاع النشاط التجاري بوفاة التاجر أو حل الشركة.
المطلب الرابع: حجية القيد في السجل التجاري
القيد في السجل التجاري له حجية قانونية في الإثبات في مواجهة الغير حتى ولو لم يعلم بها مادامت قد دونت بالسجل التجاري، وبمعنى لا يمكن للمتعاملين مع التاجر الاحتجاج بعدم العلم بها، فحجية بيانات القيد في السجل التجاري تختلف من تشريع إلى آخر وذلك تبعا لنظام السجل التجاري في ذلك التشريع ونظرة المشرع له.ففي ألمانيا يعد نظاما قضائيا فالقاضي هو من يشرف عليه ويتحقق بنفسه من صحة بياناته فهو مطمئن لصحة بياناته ومن يدعي عكس ذلك عليه الإثبات.
أما التشريع الفرنسي فأولى مهمة السجل التجاري للجهة الإدارية فهو ذا نظام إداري وحجية بياناته ضعيفة ما هي إلا قرينة قابلة للإثبات العكس أما التشريع الجزائري جمع بين النظام القضائي والإداري فأولى المهمة الإدارية لمركز السجل التاجر المتواجد في جميع الولايات ويتم التصديق عليها من قبل المحكمة ، ويكون السجل مرقما وموقع ومؤشر عليه من قبل القضاء، ورغم ذلك تعتبر قرينة قابلة لإثبات العكس(5)
المطلب الخامس: جزاء عدم القيد في السجل التجاري:
نظم المشرع الجزائري جزاءات جنائية ومدنية تقع على عاتق كل من قام بمخالفة الالتزام بالتسجيل:
ويحكم عليه بالتعويض على أساس المسؤولية المدنية وفقا للقواعد العامة
– يقوم الأعوان المؤهلون بغلق محل كل شخص يمارس نشاط تجاري فار من التسجيل إلى غاية تسوية وضعيته وتفرض عليه غرامة مالية من 10.000دج إلى 100.000دج (المادة 31 ق .ت.ج)
– كما انه لا يستفيد التاجر الغير مقيد من ميزة الصلح الواقي من الإفلاس ويرفض طلب تسجيله في الغرفة التجارية.
اما الجزاءات الجنائية فطبقا لأحكام المادة 33 ق.ع وفي حالة التصريح الكاذب أو إعطاء بيانات خاطئة تعبر عن سوء نية التاجر فيعاقب بالغرامة من 50.000 إلى 500.000.
المادة 34 يعاقب على تزوير مستخرج السجل التجاري والوسائل المرتبطة به بغرامة من 100.000 إلى 1000.000دج والحبس من ستة أشهر إلى سنة .
وزيادة على ذلك يأمر القاضي بغلق المحل التجاري ومنع المزور من ممارسة نشاط تجاري لمدة أقصاها 5 سنوات.
– يعاقب على عدم إشهار البيانات القانونية للتاجر بغرامة من 30.000 إلى 300.000دج بالنسبة للشركات التجارية.
– يعاقب على إشهار البيانات القانونية الخاطئة للتاجر بغرامة 10.000 إلى 30.000دج.
يعاقب على عدم تعديل بيانات مستخرج السجل التجاري في اجال 3 أشهر بغرامة من 10.000 إلى 100.000 وسحب المؤقت لسجل التجاري من قبل القاضي إلى أن يسوى التاجر وضعيته (المادة 37)
المبحث الثالث: الالتزام بمسك الدفاتر التجارية
المطلب الأول: تعريف الدفاتر التجارية وأهميتها
وهي الدفاتر التي يقوم التاجر بتدوين كل معلوماته التجارية المتمثلة في ماله من حقوق وما عليه من ديون وتسمى هذه الأخيرة بالدفاتر التجارية فلها أهمية بالنسبة للتاجر حيث هي الوسيلة التي يتمكن من خلالها التاجر من معرفة نجاحه في أعماله ومركزه الحالي فإذا كانت هذه الدفاتر منظمة يمكنه دفع عن نفسه خطر الوقوع في الإفلاس بالتدليس أو التقصير واثبات حسن نيته وسلامة تصرفاته، وتبيان في حالة إفلاسه انه جاء لسوء الحظ والظروف الطارئة، وبالتالي يستخلص من العقوبات الجنائية المقررة في حالة الإفلاس بالتدليس أو بالتقصير كما يمكنه الحصول على الصلح من دائنيه جزاء الإفلاس كما أن لها أهمية كبرى في تصفية أموال التاجر الفرد أو الشركة التجارية عند إفلاسها كما لها أهمية بالنسبة للغير ممن يتعاملون مع التاجر حيث أن ما ورد فيها من بيانات تعد بمثابة إقرار كتابي من التاجر فيمكن اتخاذه كدليل للإثبات ولها أهمية أيضا بالنسبة للدول ذاتها حيث تستطيع مصلحة الضرائب الاستناد عليها إذ كانت منظمة في تقدير الضرائب المستحقة على التاجر، بدلا من التقدير الجزافي وعلى هذا الأساس حتى يمكن الارتكاز على هذه الدفاتر في الإثبات لابد أن تكون منظمة(6)
ويقع الالتزام بمسك الدفاتر التجارية على كل شخص طبيعي اكتسب صفة التاجر سواء كان رجلا أو امرأة وسواء كان متعلما أو لا بحيث أن المشرع لم يشترط إجراء القيود في الدفاتر بخط التاجر فقد يستعين بكاتب أو محاسب ينوب عنه في تنظيم دفاتره كما يقع هذا الالتزام على الشركات كشخص معنوي دون ان يلتزم به الشركاء في شركة التوصية البسيطة أو بالأسهم أو المساهمين في شركات المساهمة وذات مسؤولية محدودة لأنهم لا يكتسبون صفة التاجر.
أما الشركاء المتضامنين في شركة التضامن أو التوصية البسيطة الذين يكتسبون صفة التاجر بمجرد دخولهم إلى الشركة، فهناك الذين اوجب عليهم مسك الدفاتر التجارية مستقلة عن دفاتر الشركة.
وهناك رأي في عدم إلزام هؤلاء الشركاء بمسك الدفاتر التجارية بحجة أن ذلك تكرار لفائدة منه ‘لا في حالة كون هؤلاء الشركاء تجارة مستقلة عن تجارة الشركة.
والرأي الراجح ألزم الشريك المتضامن في شركة التضامن والتوصية بمسك الدفاتر التجارية حتى يتمكن من تدوين أرباحه ومسحوباته السنوية الشخصية حتى يتفادى إفلاسه أو إفلاس الشركة، فقد يمكن اعتبار هذا الشريك مفلسا بالتقصير مما يترتب عليه عقوبات جنائية إذا تبين أن إنفاقاته الشخصية لا تتناسب مع مركزه المالي وحالته التجارية(7).
المطلب الثاني: أنواع الدفاتر التجارية
هناك نوعين من الدفاتر التي يمسكها التاجر ، وهي الدفاتر الإجبارية والدفاتر الإختيارية.
الفرع الأول: الدفاتر الإجبارية
وهي الدفاتر المفروضة على التاجر بنص القانون وتتميز بخضوعها لقواعد الانتظام وما قد يضعه لها من أحكام أخرى.
البند الأول: دفتر اليومية
وهو سجل يومي لنشاط التاجر وفقا لنص المادة 09 من القـــانون التجاري الجزائري « عرف دفتر اليومية على انــــه كل من له صفة التاجر سواء كان شخص طبيعي أو معنوي يلزم بالتقيد في دفتر اليومية يوم بيوم عمليات المقاولة أو على الأقل يتراجع نتائج هذه العمليات شهريا.
البند الثاني: دفتر الجرد
وهذا الدفتر هو الذي يقيد فيه التاجر بعد إجراء عملية الجرد سنوي كافة الديون والحقوق وكذا مقومات مؤسسة سواء منقولة أو ثابتة( كما جاء في المادة 10 من القانون التجاري الجزائري « يجب على التاجر أن يجري سنويا جردا لعناصر أصول وخصوم مقاولته ويقفل حساباته لإجراء الميزانية وحساب النتائج في دفتر الجرد ».
ويضع التاجر موازنة تتألف من جدولين احدهما للأصول يعين القيم المنقولة والثابتة من مشروعه والثانية للخصوم ويتكون من الديون المستحقة للمشروع.
الفرع الثاني: الدفاتر الإختيارية
ترك المشرع للتاجر حرية مسك أي دفاتر أخرى غير دفتري اليومية والجرد الإجباريين طالما كانت تستلزمهما طبيعة نشاطه التجاري وأهميته ومن أهم هذه الدفاتر:
البند الأول: دفتر الخزانة.
وفي هذا الدفتر يقوم التاجر بقيد المبالغ الداخلة والخارجة من الخزينة ويستعمل في الشركات الكبيرة والبنوك
البند الثاني: دفتر المخزن
وفي هذا الدفتر يقوم التاجر بقيد البضائع الداخلة والخارجة من المخزن.
البند الثالث: دفتر الأوراق التجارية
وهذا الدفتر يسجل فيه حركة الأوراق التجارية كالكمبيالات والسندات سواء كانت مسحوبة على التاجر أو كان مستفيدا منها وتسجل قيمتها وتاريخ استحقاقها(9).
البند الرابع: الدفتر الأستاذ
وهو سجل تقيد فيه المعلومات الواردة في دفتر اليومية على شكل حساب في صورة جدول مقسم إلى جانبين احدهما لقيمة ما لتاجر والآخر لما عليه حيث يتكون هذا الدفتر من حسابات رئيسية وهي حساب الحقوق الشخصية وتدون فيها المعلومات باسم الأشخاص الذين يتعامل معهم التاجر وحساب الأصول والخصوم وكافة العناصر المادية والغير مادية لشركة من رأس المال والبضائع وأوراق تجارية…الخ.
كما هناك دفاتر اختيارية أخرى يستطيع التاجر مسكها مثل دفتر المسودة الذي تدون فيه العمليات اليومية في وقت حدوثها دون مراعاة التنظيم في شكل مذكرات إلى أن يتم نقلها لدفتر اليومية بدقة وانتظام(10).
المطلب الثالث، تنظيم الدفاتر التجارية
حرص المشرع الجزائري على وضع بعض القواعد لتنظيم الدفاتر التجارية لمنع الغش والتلاعب كما جاء في نص المادة 11 من القانون التجاري الجزائري « يمسك دفتر اليومية ودفتر الجرد بحسب التاريخ وبدون ترك بياض أو تغيير من أي نوع كان وترقم صفحات كل من الدفترين ويوقع عليهما من طرف قاضي المحكمة» كما أنه يجب أن تحفظ الدفاتر الإجبارية
والمراسلات الموجهة لمدة 10 سنوات وبعد انتهاء هذه المدة يمكن للتاجر التخلص منها.
وتبدأ مدة الاحتفاظ بالدفاتر التجارية في السريان من تاريخ إقفالها وفقا لنص المادة 12 من القانون التجاري الجزائري.
المطلب الرابع: حجية الدفاتر التجارية في الإثبات
وفقا لنص المادة 330 قم « فإن الدفاتر التجارية لا تكون حجة على غير التجار» ويرجع إلى دفاتر التاجر كدليل للإثبات وذلك بتقديم الدفتر إلى المحكمة لإستخلاص الأحكام المتعلقة بالدعوى تحت رقابة التاجر ولا يتخلى عن دفتره والطريقة الأخرى هي الإطلاع أو التسليم وبمقتضاه يتخلى التاجر عن دفتره ويضعه تحت تصرف خصمه ليطلعه على القيود الواردة فيه تحت إشراف المحكمة أما إذا رفض التاجر تقديم دفاتره للمحكمة تعرض عليه المحكمة غرامات تهديدية وقد تعتقدها قرينة ضد التاجر وللقاضي تقدير أسباب الامتناع وفي هذه الصدد نصت المادة 13 من القانون التجاري الجزائري « يجوز للقاضي قبول الدفاتر التجارية المنظمة كإثبات بين التجار بالنسبة للأعمال التجارية» ووفقا لنص المــادة 14:« إن الدفاتر التي يلتزم الأفراد بمسكها والتي لا تراعي فيها الأوضاع المقررة في المادة 13 لا يمكن تقديمها للقضاء ولا يكون لها قوة الإثبات أمامه لصالح من يمسكونها».
وورد في نص المادة 15« لا يجوز الأمر بتقديم الدفاتر وقوائم الجرد إلى القضاء إلا في القضايا الإرث وقسمة الشركة والإفلاس»
عندما تتضمن الدفاتر بيانات تتعلق بتوريدات قام بها التجار يجوز للقاضي توجيه اليمين المتممة إلى أحد الطرفين فيما يكون إثباته بالبينة (المادة 330. ق. م)
المطلب الخامس: جزاءات الإخلال بالدفاتر التجارية
هناك جزاءات جنائية وجزاءات مدنية: فالجزاءات الجنائية فرضها المشرع على التاجر المفلس وكان سبب إفلاسه راجع إلى إخفاء الحسابات أو تبديلها فهنا يعتبرها المشرع جريمة تفليس احتيالي وحدد لها عقوبة من سنة إلى خمسة سنوات وغرامة من من 100.000 إلى 500.000دج ، ويحرم من حق او اكثر من الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية المذكورة في المادة 9 مكرر 1 ق.ع.ج لمدة سنة على الأقل وخمس سنوات على الأكثر
أما إذا تعلق الأمر بإهمال التاجر لدفاتره أو عدم المسك بطريقة منتظمة فهنا يعتبر إفلاسه تقصير وعقوبته اقل شدة ويعاقب عليها من شهرين إلى سنيتين وغرامة من 25.000 إلى 200.000دج.
ويعاقب الشركاء في التفليس بالتدليس وبالتقصير بالعقوبات ذاتها حتى وان لم تكن لهم صفة التاجر(11).
أما الجزاءات المدنية فيمنع التاجر الذي لم يلتزم بمسك الدفاتر بطريقة منتظمة من حصوله على الصلح الواقي من الإفلاس كما لا يمكنه الاستفادة من الإثبات لمصلحته ويتعرض لضرائب بطريقة جزافية.
الخــــــاتمة
الباحث في هذه الدراسة (التزامات التاجر المهنية) في القانون الجزائري حاول أن يدرس أهم المسائل المتعلقة بالتاجر والتزاماته تجاه التجار وغير التجار والدولة وكذلك من خلال هذا البحث تعرضنا لجزاءات الإخلال بهذه الالتزامات، مثلا عن هذه الالتزامات القيد في السجل التجاري، فالمكلفين بهذا القيد هم فقط من لهم صفة التاجر، أما عن مسك الدفاتر التجارية فهناك دفترين إجباريين هما اليومية والجرد ودفاتر أخرى اختيارية،
وليتجنب المشرع الغش والتلاعب في الدفاتر التجارية قام بتنظيمها في مواد قانونية وفي حالة مخالفتها يتعرض التاجر لجزاءات.
وكما سبق وذكرنا أن موضوع دراستنا هو جزء من التزامات التاجر أما باقي الالتزامات فنتعرض لها في البحوث المقبلة بإذن الله.
اترك تعليقاً