دراسة توضيحية لضوابط الشيء المؤجر و الأجرة المؤجلة في عقد الاجار
مقدمة
إن محل الإيجار يتمثل من الناحية المنطقية في العملية القانونية المراد تحقيقها من العقد . وهذه العملية القانونية تتمثل في تمكين المؤجر للمستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر خلال مدة معينة لقاء أجرة معينة . ولكن هذه العملية القانونية لكي تتم في الواقع لابد من أن تترجم في التزامات في جانب كل من الطرفين : التزام المؤجر بتسليم الشيء المؤجر , والتزامه بصيانته , والتزامه بضمان التعرض , والتزامه بضمان العيوب في مقابل التزام المستأجر بدفع أجرة معينة مقابل الانتفاع بشيء خلال مدة معينة . هذا المركب من الالتزامات يشكل محل عقد الإيجار . ولو تركنا المنطق جانبا ونظرنا إلى الواقع سنجد أن جميع التزامات المؤجر تتعلق بالشيء المؤجر وجميع التزامات المستأجر تتعلق بالأجرة . من هنا نطرح الإشكالية التالية :
إلى أي مدى يمكن اعتبار الشيء المؤجر والأجرة كركنين لصحة عقد الإيجار ؟
وللإجابة على هذا التساؤل سنقسم هذه الدراسة إلى مبحثين حيث سنتناول في المبحث الأول : الشيء المؤجر ويتضح فيه المطلب الأول : الشروط الواجب توافرها في الشيء المؤجر والمطلب الثاني :الأشياء التي يرد عليها الإيجار وسنتناول في المبحث الثاني : الأجرة ويتضح فيه المطلب الأول : ماهية الأجرة الأجرة والمطلب الثاني : جنس الأجرة وكيفية تقديرها .
المبحث الأول :الشيء المؤجر
الشي المؤجر هو ذلك الشيء الذي يلتزم المؤجر بتأجيره للمستأجر مقابل بدل إيجار لمدة زمنية محددة وستناول في هذا المبحث ماهية الشيء المؤجرحيث نتطرق فيهإلى تعريف الشي المؤجر و الشروط الواجب توفرها في الشي المؤجر ووبعده نتطرق إلى الإشياء التي يقع عليها الإيجار.
-المطلب الأول : الشروط الواجب توفرها في الشيء المؤجر
لم يحدد المشرع الجزائري صراحة شروط الشيء المؤجر, مما سنضطر إلى الرجوع إلى القواعد العامة وبالتحديد من المادة 92 إلى المادة 95 من القانون المدني.
1- أن يكون الشيء المؤجر موجودا أو قابلا للوجود:
يجب أن يكون الشيء المؤجر موجودا وقت العقد أوقابلا للوجود والإيجار هنا شأنه شأن سائر العقود خيث يعتبر هذا الشرط من القواعد العامة وقد نص عليه المشرع في المادة الجزائري في المادة 92 الفقرة الأولى من القانون المدني (( يجوز أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا ومحققا )) (1) .
وبالتالي إذا كان الشي معدوما وقت العقد، ولكنه محتمل الوجود في المستقبل، فإن الإيجار يكون صحيحا(2).
2- أن يكون الشي المؤجر معين أو قابل للتعيين:
يجوز أن يكون محل الإيجار معينا أو قابل للتعين وهذا طبقا للمادة 94 من القانون المدني الجزائري حيث نصت المادة ((إذا لم يكن محل الالتزام معينا بذاته، وجب أن يكون معينا بنوعه، ومقداره وإلا كان العقد باطلا. ويكفي أن يكون المحل معينا بنوعه فقط إذا تضمن العقد مايستطاع به تعيين مقداره )) (3).
3- مشروعية التعامل في الشي المؤجر:
لايكفي أن يكون الشي المؤجر موجودا وقت العقد أو قابل للتعيين بل يج أن يكون التعامل فيه مشروع فيه أيضا وهذا مانصت عليه المادة93 من القانون المدني الجزائري ((إذا كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته أو مخالفا للنظام العام أو الأداب العامة كان باطلا بطلانا مطلقا )) (4).
4- أن يكون الشي المؤجر غير قابل للإستهلاك:
طبيعة الإيجار وجوهره يقضيان أن يكون الشيء المؤجر غير قابل للإستهلاك ،أي أنه لايهلك من مجرد إستعماله لأول مرة، فالغاية من الإيجار هو تمكين المستأجر من الإنتفاع بالشيء المؤجر خلال مدة معينة وهذا إقتضى فرض العديد من الإلتزامات على المؤجر للتحقيق هذه الغاية كما أن المستـأجر ملتزم في المقابل بإستعمال الشيء بحسب مأعد له والمحافظة عليهورده بعينه في نهاية المدة المحددة للإنتفاع .
كل هذا لايتحقق إلا إذغ كان الشيء قابلا للإستعمال المتكرر. ولا يقدخ في ذلك إذا كانت الأشياء تفقد من قيمتها بالإستعمال طالما كان الفقد من قيمة الشيء نتيجة للإستعمال المألوف للشيء بحسب مأعد له(5).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مولود ديدان:القانون المدني الجزائري تعديل ماي 2007 ،دار بلقيس ، الجزائر، ط2007،ص16
2- عبد الرزاق السنهوري:عقد الإيجار،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع،ص 155
3- مولود ديدان:المرجع نفسه،ص16
4- مولود ديدان:المرجع نفسه،ص16
5- نبيل إبراهيم سعد: العقود المسماة الإيجار،منشأ ة المعارف الإسكندرية ، مصر،ط2002 ،ص233 .
-3-
لكن قد يحدث – وهذا نادرا – أن يكون الشيء المؤجر قبلا للإستهلاك ويشترط أن يرد بعينه عند إنتهاء الإيجار. مثل ذلك تاجر حبوب يستأجر غلال من نوع معين موجود لدى الموجر لكي يعرضها في معرض ثم يردها إلى صاحبها بذاتها . وكذلك عندما يستأجر صراف أنواع من النقود لمجرد عرضها فقط ثم ردها إلى مالكها بذاتها(1) .
5- شرط خاص بالمؤجر:
لا يشترط في المؤجر أن يكون مالك للعين المؤجرة فيستطيع من يملك حق الإنتفاع أو حق السكن أو حق الإستعمال أو حق الإدارة للعين المؤجرة أن يبرم عقد إيجار للعين المنتفع بها أو الساكن بها أو التي عنده فيها حق الإستعمال.
-المطلب الثاني :: الاشياء التي يرد عليه الإيجار
1- ورود الإيجار على الأشياء المادية:
تتمثل الأشياء المادية في العقارات والمنقولات
- أ- ورود الإيجار على العقار: إيجار العقار كان محل إهتمام القانون المدني في كل البلدان. وينصرف إيجار العقار في الغالب إلى إيجار المباني وإيجار الأراضي الزراعية لكن إيجار العقار لا يقف عند هذا الحد فإنه ينصرف أيضا إلى إيجار الأراضي الفضاء، لإستعمالها كملعب، أو سيرك، أو معرض ،أو مخيم وما إلى ذلك كما أن الإيجار قد يرد على أسطح المنازل لإستعماله للإعلانات وكذلك حوائط المباني لإستعماله للدعاية او الإعلان (2).
- ب- ورود الإيجار على المنقولات: يرد الإيجار على المنقولات إلا ماكن من ه يهلك بمجرد الإستعمال .
ومن المنقولات التي يشيع إيجارها كل ما يستعان به على نقل الأشخاص أو البضائع في البر والبحر والجو،كإيجار الدواب للركوب وللحمل، وكإيجار المركبات السيارات، والسفن، والطيارات ، وغير ذلك(3) .
2- ورود الإيجار على الحقوق العينية والشخصية : الإيجار يمكن أن يرد على الحقوق سواء كانت هذه الحقوق عينية أم شخصية ، طالما أن هذه الحقوق تخول لأصحابها الإستمتاع بها، ومادام الإنتفاع بها قابلا للتنازل عنه(4) .
وبالتالي يجوز لصاحب الإنتفاع أن يؤجر حقه ، ويجوز لصاحب حق الإستعمال أو السكن أن أن يؤجرا حقهما أيضا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- نبيل إبراهيم سعد:المرجع السابق،ص233
2- نبيل إبراهيم سعد:المرجع نفسه،ص234.
3- عبد الرزاق السنهوري: المرجع السابق، ص165
4- نبيل إبراهيم سعد: المرجع نفسه،ص235
3- ورود الإيجار على الحقوق التي يشمل عليها حق الملكية:
تتضمن سلطة الإستعمال والإستغلال في حق الملكية والعديد من المكنات التي تكون للمالك ويستطيع إستغلالها بتأجير للغير ومتى أمكنه ذلك يجوزإيجار حائط مبنى
4- ورود الإيجار على الحقوق المعنوية:
يجوز تأجير الحقوق المعنوية كأن يكون هذا الحق محلا تجاريا، من ذلك إيجار الإسم إذا كان له قيمة تجارية ، إيجار حقوف المؤلف وحق الإختراع (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- نبيل إبراهيم سعد:المرجع السابق،ص236.
-5-
المبحث الثاني : الأجرة
الأجرة من بين إلتزامات التي يقوم بها المستأجر ولكي تكون الأجرة صحيحة يجب أن تتوفر فيها عدة شروط لكي تكون مقبولة قانونا ، وسنتعرف في هذا المبحث أيضا على جنس الأجرة وكيفية تقديرها.
-المطلب الأول :: ماهية الأجرة
الفرع الأول:تعريف الأجرة
الأجرة هي المقابل الذي يلتزم المستأجر بإعطائه للمؤجر لقاء انتفاعه بالشيء المؤجر مدة زمنية محددة.
وقد عرف المشرع الجزائري الأجرة من خلال المادة 498 من القانون المدني الجزائري حيث نصت (( يجب على المستأجر أن يدفع بدل الإيجار في المواعيد المتفق عليها فإذا لم يكن هناك اتفاق وجب الوفاء ببدل الإيجار في المواعيد المعمول بها في المنطقة )) (1)
ويستشف من خلال هذه المادة أن الأجرة يدفعها المستأجر للمؤجر في الموعد الذي اتفقا عليه فإذا لما يحددا موعد يكون الموعد حسب العرف المعمول به في المنطقة.
الفرع الثاني: الشروط الواجب توفرها في الأجرة
يشترط في الأجرة أن تكون جدية فإذا كانت صورية كأن يسمي المؤجر والمستأجر أجرة لا يقصدان لأن يدفعها المستأجر حقيقة وإنما قاما بهذا الفعل لتصحيح الشكل في عقد الإيجار فقط كان هنا عقد الإيجار باطلا.
وكذلك الأمر بالنسبة للأجرة إذا كانت تافهة كأن يسمي المستأجر والمؤجر أجرة تكاد تكون في حكم العدم، وغرضهما فقط تصحيح شكل عقد الإيجار فهنا عقد الإيجار يقع باطلا أيضا.
و لا يشترط في الأجرة أن تكون مساوية للربع الحقيقي للشيء المؤجر أو تقرب منه، فالأجرة البخسة ( التي يكون فيها غبن فاحش ) لا تمنع من صحة عقد الإيجار ، كما لا يجوز فسخ الإيجار للغبن أو رفع دعوى بتكملة الثمن، لكن في هذه الحالة يستطيع المؤجر الذي وقع في غبن أن يرفع دعوى استغلال ويكون هذا العقد قابلا للإبطال(2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مولود ديدان:المرج السابق،ص80
2 – عبد الرزاق السنهوري: المرجع السابق، ص172.
-7-
المطلب الثاني:جنس الأجرة وكيفية تقديرها
الفرع الأول: جنس الأجرة
لا يشترط في الأجرة أن تكون نقودا أي بعكس ما تطرقنا إليه سابقا في عقد البيع حيث أن الثمن يجب أن يكون دائما نقودا
وقد بين المشرع الجزائري جنس الأجرة من خلال المادة 467 الفقرة الثانية من القانون المدني الجزائري حيث نصت (( يجوز أن يحدد بدل الإيجار نقدا أو بتقديم أي عمل آخر)) (1) وبالتالي فلا شيء يمنع من أن تكون الأجرة مبلغا من المال أو أشياء أخرى غير النقود ، وعلى ذلك فيجوز أن تكون الأجرة بناءا يقيمه المستأجر في العين المؤجرة ويصبح ملكا للمؤجر عند نهاية الإيجار أو يمكن أن تكون الأجرة تحسينا يدخلها المستأجر على العين المؤجرة، وقد يكون الإيجار مقترنا بعقد أخر كعقد بيع مثلا وتكون الأجرة نقصا في ثمن المبيع كما إذا باع شخص منزلا ثم إستأجره من المشتري و إستنزل مقدار الأجرة من الثمن(2).
الفرع الثاني: كيفية تقدير الأجرة
يتم تقدير الأجرة من كلا طرفي العقد أي المؤجر والمستأجر يتبين هذا من خلال نص المادة 467 من القانون المدني الجزائري التي نصت على أن يكون بدل الإيجار محدد ويكون معلوم لكلا طرفي عقد الإيجار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مولود ديدان: المرجع السابق، ص73.
2- عبد الرزاق السنهوري: المرجع السابق، ص187.
الخاتمة:
لكي تعتبر الأجرة و الشيء المؤجر ركنين في عقد الإيجار بالنسبة للشيء أن يكون موجودا أو قابل للوجود و أن التعامل فيه مشروع و أن يكون الشيء المؤجر غير قابل للاستهلاك و يجوز أن يراس الإيجار على العقارات أو المنقولات أو الحقوق العينية و الشخصية أو الحقوق التي يشمل عليها حق الملكية .
اما الاجرة فيجب ان تكون حقيقية أي غير تافهة و لا صورية و يجوز ان تكون الاجرة نقود او أي عمل.
قائمة المراجع
– مولود ديدان:القانون المدني الجزائري تعديل ماي 2007 ،دار بلقيس ، الجزائر، ط2007.
– عبد الرزاق السنهوري:عقد الإيجار،دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
– نبيل إبراهيم سعد: العقود المسماة الإيجار،منشأ ة المعارف الإسكندرية ، مصر،ط2002.
الفهرس
مقدمة ………………………………………………………………………………………………. 1
المبحث الأول: الشيء المؤجر…………………………………………………………………….. 2
المطلب الأول: الشروط الواجب توفرها في الشيء المؤجر……………………………………… 3
المطلب الثاني: الاشياء التي يرد عليه الإيجار……………………………………………………. 4
المبحث الثاني: الأجرة…………………………………………………………………………….. 5
المطلب الأول: ماهية عقد الإيجار ………………………………………………………………… 6
الفرع الأول: تعريف عقد الإيجار ………………………………………………………………… 7
الفرع الثاني: الشروط الواجب توفرها في الشي المؤجر………………………………………… 8
المطلب الثاني: جنس الأجرة وكيفية تقديرها…………………………………………………….. 9
الخاتمة…………………………………………………………………………………………….. 10
قائمة المراجع……………………………………………………………………………………… 11
الفهرس ……………………………………………………………………………………………
————————————————————
تمت إعادة النشر بواسطة محاماة نت.
اترك تعليقاً