بحث قانوني هام عن الوفآء في الأورآق التجآرية
من المعلوم أن الورقة التجارية تنشئ التزاما على محررها بدفع قيمتها بنفسه إلى المستفيد أو الحامل-إذا كان سندا لأمر-،أو بإحالته إلى طرف آخر مدين للمحرر بهذه القيمة هو البنك-في الشيك-،أو التاجر-في الكمبيالة- .وبمقتضى هذه الحوالة يصبح المحال عليه مدينا للمحال بقيمة الورقة، وعليه الوفاء بهذه القيمة في ذمته للمحرر أو المحيل، وإلا كان من حق الحامل أن يرفع الأمر للقضاء لإجباره على الوفاء والمطالبة بالتعويض عن الأضرار الناشئة بامتناعه عن الأداء الودي، طبقا لإجراءات معينة حددتها القوانين التجارية.
وفي ذلك تتشابه أحكام الوفاء بالدين في الأوراق التجارية مع القواعد العامة للوفاء بالديون،إلا أن القوانين المعاصرة قد شددت الجزاء على الامتناع عن الوفاء بقيمة الأوراق التجارية، واهتمت بعامل السرعة في هذا الوفاء مراعاة لمتطلبات العمل التجاري،وتأمينا لتداول هذه الأوراق والثقة فيها.
ولذلك ربطت هذه القوانين الدين على نحو عام بالورقة نفسها بدلا من ربطه بالسبب الذي أنشأه ،وحكمت بصحة الوفاء بالدين و بأدائه إلى الحامل دون تكليف بالبحث في أسباب ملكية هذه الورقة .
وبدراسة موضوع الوفاء تتبادر إلى الذهن مجموعة من الأسئلة بعضها مرتبط بشروط صحة الوفاء وكيفية إثباته وآثاره، وأخرى تتعلق بالمعارضة فيه.
تلك محاور وأخرى سنحاول من خلالها استجلاء مضامين هذا الموضوع ناهجين في ذلك التصميم التالي :
المبحث الأول : الوفاء بالكمبيالة والسند لأمر
المطلب الأول : شروط صحة الوفاء،إثباته وآثاره
المطلب الثاني:التعرض على الوفاء، والوفاء عن طريق التدخل
المبحث الثاني: الوفاء بالشيك
المطلب الأول : شروط صحة الوفاء بالشيك، إثباته وآثاره
المطلب الثاني: التعرض على الوفاء
المبحث الأول : الوفاء بالكمبيالة والسند لأمر
يقصد بالوفاء بالكمبيالة والسند لأمر دفع المبلغ الثابت في الورقة التجارية للحامل في معاد الاستحقاق .
وتقديم الورق التجارية للوفاء يتطلب توفر مجموعة من الشروط التي تهم تقديم الورقة التجارية للوفاء ، ثم إن لهذا الوفاء آثارا تترتب في علاقة الأشخاص المرتبطين من خلال الورقة التجارية مع ضرورة إثباته أحيانا (المطلب الأول)، كما أن المشرع المغربي سمح بالتعرض على الوفاء في حالات استثنائية.(المطلب الثاني).
المطلب الأول : شروط صحة الوفاء،إثباته وآثاره
من خلال هذا المطلب سنتطرق لشروط صحة الوفاء (الفقرة الأولى). على أن نخصص (الفقرة الثانية) لدراسة إثبات الوفاء وآثاره.
الفقرة الأولى : شروط صحة الوفاء
أولا : زمان ومكان الوفاء :
1) زمان الوفاء : من خلال استقرائنا لمقتضيات المادة 184 م ت يتضح لنا أن المشرع المغربي حدد الوقت الذي يجب فيه على حامل الكمبيالة أو السند لأمر أن يطالب الوفاء بمبلغها. وذلك في تاريخ استحقاقها أو في أحد أيام العمل الخمسة الموالية لها، مع مراعاة الاستثناءات الواردة في المادة 196 م ت. و الملاحظ أن المادة 184 م ت لم تتطرف إلى الكمبيالة الواجبة الوفاء لمجرد الإطلاع وذلك راجع إلى أنها تكون واجبة الأداء بمجرد تقديمها ، علما أن التقديم يجب أن يتم في ظرف سنة من تاريخ تحريرها ما لم ينقص أو يزيد الساحب في هذا الأجل أو ينقص منه المظهرون وهو ما تنص عليه المدة 182 م ت في فقرتها الأولى.
ولا تجوز المطالبة بالوفاء بالكمبيالة إذ صادف تاريخ استحقاقها يوم عطلة قانونية إلا في أول يوم عمل موال.أما أيام العطل التي تتخلل الأجل تعتبر داخلة في حسابه .
أضف إلى ذلك أنه لا يدخل اليوم الأول والأخير ضمن الآجال القانونية أو الاتفاقية، مما يعني أنه إذا أهمل الحامل في تقديم الكمبيالة للوفاء بها اعتمادا إلى ما سبق ذكره فإنه لا يمنح طبقا للفقرة 2 من المادة231 م ت أي إمهال قانوني أو قضائي إلا في الأحوال المنصوص عليها في المادتين 196 م ت 207 م ت .
2) مكان الوفاء : تقدم الكمبيالة للوفاء مبدئيا في المكان أو الموطن المذكور ضمن البيانات الإلزامية المادة 159 م ت فإن لم يذكر مكان الوفاء اعتبر المكان المذكور إلى الجانب المسحوب عليه هو مكان الوفاء وموطن المسحوب عليه ما لم يرد في السند خلاف ذلك. وإذا لم يعين مكان بجانب اسم المسحوب عليه يعتبر مكانا للوفاء المكان الذي يزاول فيه نشاطه إن كان تاجرا، أو موطنه إن لم يكن تاجرا، فإن لم يعين مكان للوفاء، ولم يكن هناك مكان مبين بجانب اسم المسحوب عليه، ولم يكن له مكان يزاول فيه نشاطه، ولم يكن له موطن، كانت الكمبيالة باطلة المادة 160 م ت.
ويمكن أن يعين محل مختار للوفاء إن تضمنت الكمبيالة بيان الوفاء في محل مختار طبقا لما جاء في الفقرة 4 المادة 161 م ت. ولا يلزم الغير بالوفاء بالكمبيالة الموطنة لديه إلا بأمر كتابي من المسحوب عليه المادة 184 م ت فقرة 2، فإن وقع الوفاء من قبل الغير دون الأمر المكتوب تحمل تبعة مسؤولية ذلك. ويمكن أن يقع الوفاء في موطن القابل بالتدخل أو الواسطة أو في موطن الموفي الاحتياطي ( المواد من 217 إلى 221 م ت )، أو في إحدى غرف المقاصة ( المادة 184 م ت فقرة 3 ) .
ثانيا : موضوع وطريقة الوفاء :
يلتزم المدين في الورقة التجارية بالوفاء بمبلغ من النقود الذي يعتبر دائما محلا للوفاء تحت طائلة بطلان الكمبيالة ولما كان موضوع الكمبيالة مبلغا من النقود فإنه يثير بعض المشاكل فيما يخص العملة التي تختلف من بلد لآخر. لذلك أوجد المشرع المغربي في المادة 187 م ت بعض الحلول تتمثل فيما يلي :
– إذا اشترط وفاء الكمبيالة بعملة غير متداولة في بلد الوفاء جاز وفاء مبلغها بعملة هذا البلد حسب قيمتها يوم الاستحقاق، غير أن المدين في حالة تأخره عن الوفاء يكون للحامل خيار المطالبة بمبلغ الكمبيالة حسب سعر عملة البلد يوم الاستحقاق أو يوم الوفاء.
– يُتًبع عرف بلد الوفاء في تعين قيمة العملة الأجنبية، ويمكن للساحب أن يشترط في الكمبيالة حصول الوفاء بعملة معينة حيث لا تطبق المقتضيات السالفة الذكر في هذه الحالة ( الفقرة 2 – 3 المادة 187 م ت ).
– وقد يحدث أن يعين مبلغ الكمبيالة بعملة تحمل اسما مشتركا تختلف قيمتها في بلد الإنشاء عن قيمتها في بلد الوفاء، في هذه الحالة يفترض أن الأداء يتم بعملة بلد الوفاء، مع مراعاة قوانين الصرف الجاري بها العمل يوم التقديم للوفاء.
– الأصل أن يتم الوفاء دفعة واحدة وفي هذه الحالة على المسحوب عليه أن يطلب تسليم الكمبيالة موقعا عليها بما يفيد هذا الوفاء، غير أن للمسحوب عليه أن يفرض على الحامل الأداء الجزئي، ولا يحق لهذا الأخير رفض الوفاء الجزئي وهنا على المسحوب عليه أن يطالب بإثبات هذا الوفاء على الكمبيالة وتسليمه توصيلا بما أداه المادة 185 م ت.
– وإذا كان المبدأ أنه لا يجبر الدائن على تسلم شيء آخر غير النقود وإن كانت قيمة الشيء أعلى من القيمة المذكورة في الكمبيالة، غير أنه إذا ارتضى الدائن بقبول غير النقود فعندئذ يكون الوفاء – إذا توفرت شروط صحته- مبرئا لذمة المدين .
فوفق المادة 198 م ت إذا رضي الحامل بتسليم الشيك على سبيل الوفاء بالكمبيالة فإنه يجب أن يعين في هذا الشيك عدد الكمبيالات الموفاة بهذه الكيفية وتاريخ استحقاقها.
فإذا لم يؤد الشيك وجب إبلاغ الاحتجاج لعدم وفائه إلى الموطن المعين لوفاء الكمبيالة ضمن الأجل المنصوص عليه في المادة 268 م ت .
ويتم الاحتجاج بعدم الوفاء بالشيك والتبليغ في إجراء واحد إلا إذا كان الاختصاص المحلي يستدعي تدخل كاتبين للضبط.
وإذا تلقى المسحوب عليه التبليغ ولم يؤد مبلغ الكمبيالة ومصاريف الاحتجاج بعدم وفاء الشيك ومصاريف التبليغ فعليه أن يرجع الكمبيالة للمأمور القائم بالإجراء، ويحرر هذا الأخير فورا احتجاجا بعدم وفاء الكمبيالة، وفي حالة رفض المسحوب عليه إرجاع الكمبيالة حرر في الحين محضر يثبت عدم الإرجاع، ويعفى بالتالي الحامل بالتقيد بإحكام المادتين 191 و192 م ت، وعدم إرجاع الكمبيالة في هذه الحالة يشكل جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي بعقوبة الحبس من 6 أشهر إلى 3سنوات وغرامة من120 درهم إلى 2000 درهم، على أنه إذا أتبث أن الضرر أخف عوقب بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة من 120 إلى 250 درهم، مع إمكان تطبيق ظروف التشديد المنصوص عليه في المادتين 549-550 ق ج .
ثالثا:أشخاص عملية الوفاء :
1)الأشخاص الملزمون بالوفاء :
– المسحوب عليه القابل: عند قبول المسحوب عليه الكمبيالة يصبح هذا الأخيرة ملتزما التزاما صرفيا بالوفاء في تاريخ الاستحقاق ، وبالتالي يكون هو الملزم الأول بأداء قيمتها، حيث يخول للحامل عند عدم الوفاء ولو كان الساحب ذاته، حق مطالبة المسحوب عليه القابل بدعوى مباشرة ناشئة عن الكمبيالة بكل ما تجوز المطالبة به بموجب المادتين 202 و 203 م ت.
– ويأتي بعده – المسحوب القابل – الشخص المختار للوفاء بها أو الموفي الاحتياطي في حالة رفض المسحوب عليه الوفاء.
الساحب والمظهرون والضامنون: يكون جميع الموقعين على الكمبيالة ضامنين الوفاء بمبلغها للحامل عند امتناع المسحوب عليه عن الأداء، حيث يحق للحامل أن يوجه الدعوى ضد جميع هؤلاء الأشخاص فرادى أو جماعة دون أن يكون ملزما بإتباع الترتيب الذي صدر به التزامهم .
ولا تمنع الدعوى المقامة على أحد الملتزمين من إقامة الدعوى تجاه الآخرين ولو كانوا لاحقين لمن أقيمت عليه الدعوى أولا المادة 201 الفقرة الأخيرة.
2)الأشخاص المخول لهم حق قبض قيمة الكمبيالة : لا يجوز أداء المبلغ الثابت بالكمبيالة إلا للحامل الشرعي أو وكيله وكذلك للمظهرة إليه توكيليا. وقد توفى أيضا للدائن المرتهن في حالة تظهير الكمبيالة على سبيل الرهن. ويعد حاملا شرعيا، كل من أتيت حقه بواسطة سلسلة غير منقطعة من التظهيرات ولو كان التظهير الأخير على بياض. فلا يجبر الحامل على التخلي على الكمبيالة إلا إذا كان سيئ النية وحصل عليها نتيجة ذلك. علما أن المسحوب عليه غير ملزم بفحص صحة توقيعات المظهرين لكنه ملزم بالتأكد من انتظام تسلسل التظهيرات وسلامتها .
الفقرة الثانية:إثبات الوفاء وآثاره :
أولا : إثبات الوفاء :
جرت العادة بأن يدفع المدين قيمة الورقة لقاء استردادها من الحامل موقعا عليها بالتخالص، ولو أنه ترك السند في حيازة الدائن دون أن يطالبه برده وحدث أن تعرض للتظهير من قبل الدائن إلى شخص حسن النية لا يعلم بواقعة الوفاء، عندئذ قد يضطر المدين إلى الوفاء إلى الحامل الجديد مرة أخرى .
ونفس الأمر معمول به في القانون المغربي حيث نجد المادة 185 تنص على أنه: “يحق للمسحوب عليه الذي وفى مبلغ الكمبيالة كليا أن يطلب تسليمها إليه موقعا عليها بما يفيد الوفاء”.
لأنه في حالة عدم استرداد الكمبيالة من الحامل لا تبرئ ذمة المسحوب عليه، وبالتالي يكون معرضا للوفاء مرة ثانية إذا عاد إليه الحامل حسن النية. وعلى المسحوب عليه أن يتأكد عند إقدامه على الوفاء أنه يوفي للحامل الشرعي وذلك بالاعتماد على انتظام تسلسل التوقيعات .
ويجوز للمسحوب عليه أن يوفي الكمبيالة جزئيا، غير أنه في هذه الحالة عليه أن يطالب بإثبات هذا الوفاء على الكمبيالة وبتسليمه توصيلا بما أداه .
وإذا كانت الوسيلتان السابقتان تعدان حجة قاطعة لا تقبل إثبات العكس فإن ذلك لا يعني أن المشرع اشترط إتباع هاتين الطريقتين إذ أن صياغة المادة 185. تفيد الاختيار ومعنى ذلك أن المدين جاز له إثبات الوفاء بكل الوسائل المعمول بها في المجال التجاري، فعدم تسليم الكمبيالة موقعا عليها أو الوصل في الأداء الجزئي لا يفقد المدين حقه في إثبات الوفاء بها بحيث تعد قرينة بسيطة قابلة لإثبات العكس .
ثانيا:آثار الوفاء :
إذا تم الوفاء على الوجه الطبيعي من المسحوب عليه في ميعاد الاستحقاق للحامل الشرعي للكمبيالة، دون معارضة من أحد، فقد انتهت حياة الكمبيالة نهايتها الطبيعية ، ذلك انه إذا دفع المدين قيمة الكمبيالة في ميعاد الاستحقاق للحامل الشرعي دون غش أو خطأ جسيم من جانبه ودون معارضة من أحد، برئت ذمته من الدين .
كما تبرئ ذمة جميع الموقعين على الكمبيالة إذا وفى المسحوب عليه الكمبيالة في تاريخ الاستحقاق، باستثناء ذمة الساحب التي لا تبرئ في مواجهة المسحوب عليه إلا إذا كان قد قدم له فعلا مقابل الوفاء.
وإذا قام احد المظهرين بالوفاء فإن ذمته تبرأ من الدين وله حق الرجوع على الملتزمين الذين يضمنونه.
وكذلك الأمر نفسه بالنسبة للضامن الاحتياطي حيث له أن يرجع بعد أدائه على المضمون والملزمين السابقين لهذا المضمون.
المطلب الثاني:التعرض على الوفاء، والوفاء عن طريق التدخل
إن التعرض على الوفاء يثير إشكاليات كثيرة، الأمر الذي دفع بالمشرع المغربي إلى أن يحضره ويمنعه، ما عدا بعض الحالات الاستثنائية (الفقرة الأولى) كما أن للوفاء بالتدخل أهميته وشروطه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : التعرض على الوفاء :
أولا : قاعدة حظر التعرض على الوفاء :
إذا كان من الجائر مبدئيا للدائن في القانون المدني، أن يتعرض على الوفاء لمدينه، أو أن يقوم بإجراء حجز ما للمدين بين يدي الغير، وفقا لما تنص عليه المادة 488 من ق.م.م . مع مراعاة الاستثناءات المنصوص عليها في هذه المادة، فإن الأصل على العكس من ذلك فيما يتعلق بقانون الصرف، حيث أنه لا يجوز التعرض على وفاء المبلغ الثابت في الكمبيالة، ولا إيقاع حجز ما للمدين من طرف الدائنين الشخصيين للساحب لانتقال مقابل الوفاء لدى الغير المسحوب عليه، لما لمثل هذا التعرض من مناهضة ومنافاة لأهم القواعد التي تميز قانون الصرف، كالتداول، ووجوب الوفاء في تاريخ الاستحقاق والحرمان من الإهمال القضائي والقانوني (المادة 231 ف 2) .
على أن هذه القاعدة والمتمثلة في حظر التعرض على الوفاء ليست بقاعدة مطلقة. وإنما هي نسبية تخضع لاستثناءين مهمين نص عليهما المشرع المغربي من خلال المادة 189 من مدونة التجارة. حيث جاءت هذه المادة كما يلي “لا يجوز التعرض على الوفاء إلا في حالة ضياع الكمبيالة أو سرقتها أو التصفية القضائية للحامل”.
ثانيا:الاستثناءات :
1)التعرض على الأداء في حالة الضياع أو السرقة
لقد نظم المشرع المغربي مقتضيات الأداء في أوراق تجارية بطرق تستلزم الإدلاء بالأصل، وعند تعذره (كالضياع أو سرقة) فإن المشرع نظم مسطرة خاصة منصوص عليها في المادة 191 من مدونة التجارة للحصول على نظير ثان، أو ثالث، أو رابع، بأمر من رئيس المحكمة وبعد تقديم كفالة.
وفي حالة فقدان الحامل للكمبيالة (كأن تكون قد ضاعت أو سرقة منه) يحق له في هذه الحالة أن يأمر المسحوب عليه بعدم الوفاء بها. فإذا كانت الورقة المفقودة لم تقبل بعد من طرف المسحوب عليه، أمكن للحامل أن يقدم نظيرا آخر منها، وبالتالي يحصل على أداء بواسطته، مع تقديم كفالة ، أما إذا كانت الكمبيالة المفقودة قد قبلت من طرف المسحوب عليه، فلا يمكن للحامل أن يطالب بالأداء بناءا على نظير آخر منها إلا بعد حصوله على أمر من القاضي المختص يخوله ذلك وبعد تقديم كفالة . وإذا عجز المالك الأصلي للكمبيالة المفقودة عن تقديم نظير لها، سواء كانت مقبولة أو لم تقبل، يحق له أن يطالب بالأداء عن طريق أمر صادر عن القاضي إذا تمكن من إثبات ملكيته للورقة بواسطة دفاتره التجارية مع تقديم كفيل . ويسقط التزام هذا الكفيل بعد مرور ثلاث سنوات إذا لم تقع خلالها أية مطالبة أو متابعة قضائية .
وفي حالة ما إذا رفض الوفاء المطلوب بمقتضى المادتين 192 و 193 من مدونة التجارة، فإن مالك الكمبيالة الضائعة أو المسروقة يحتفظ بجميع حقوقه، شريطة أن يقيم احتجاجا في اليوم الموالي ليوم استحقاق الكمبيالة الضائعة أو المسروقة، وفي هذه الحالة يجب أن توجه الإعلامات المنصوص عليها في المدة 199 إلى كل من الساحب والمظهرين داخل الآجال المحدد بمقتضى المادة المذكورة .
أما إذا أراد مالك الكمبيالة الضائعة أو المسروقة الحصول على نظير ثان، وجب عليه أن يتوجه إلى مظهره المباشر، ويتعين على هذا الأخير أن يساعده على مطالبة مظهره هو، وهكذا تتصاعد المطالبة من المظهر إلى المظهر الذي قبله حتى تنتهي إلى ساحب الكمبيالة، ويتحمل الصوائر مالك الكمبيالة الضائعة أو المسروقة .
2)التعرض على الأداء في حالة خضوع الحامل لأحكام التسوية والتصفية القضائية
نضم المشرع أحكام صعوبات المقاولة من خلال المادة 545 م ت وما يليها وتطبق هذه المساطر في الحالة التي يعجز فيها التاجر- سواء أكان شخصا طبيعيا أو معنويا- أو الحرفي عن سداد الديون المستحقة عليه عند الحلول. وإذا خضع حامل الكمبيالة لأحكام التسوية أو التصفية القضائية تصبح للسنديك مجموعة من السلطات التي تخوله الحق في التعرض عن الوفاء بالكمبيالة للحامل، مع حق السنديك في المطالبة بقيمتها، كل ذلك في سبيل حماية كتلة الدائنين، وكذا أصول المقاولة وحسن سير هذه المساطر. على أنه لا يصبح السنديك المسؤول الوحيد عن تسيير المقاولة في حالة الحكم بالتسوية القضائية إلا إذا سمحت له المحكمة بذلك طبق 576 م ت. أما في حالة التصفية القضائية، فتغل يد المدين بقوة القانون عن تسيير أمواله طبق المادة 619 م ت. ويكون السنديك هو المخول له حق التعرض عن أداء قيمة الكمبيالة .
الفقرة الثانية:الوفاء عن طريق التدخل :
أولا : تعريف الوفاء عن طريق التدخل وحالاته :
يمكن تعريف الوفاء عن طريق التدخل بأنه تدخل صادر من شخص قد يكون من الغير أو أحد الملتزمين بمقتضى الكمبيالة باستثناء القابل- بأن يوفي مبلغ الكمبيالة في تاريخ استحقاقها، وحتى قبل ذلك التاريخ- في الحالة التي يعجز فيها المدين الرئيسي عن الوفاء بها. ويكون من تدخل لفائدته معرضا لرجوع أو المقاضاة.
وهكذا يتدخل الشخص للوفاء بالمبلغ الثابت بالكمبيالة لفائدة أحد الملتزمين بها لوفائها، بحيث يكون هذا الأخير معرضا للرجوع أو المقاضاة على أنه يجب أن نميز بين الموفي عن طريق التدخل، وهو من سبقت الإشارة إليه، والموفي الاحتياطي وهو شخص يعين من قبل أحد الملتزمين بالكمبيالة ليفي بالمبلغ الثابت بها.
ومما تجوز الإشارة إليه أنه يجوز أن يكون متدخلا أحد من الغير كما قد يكون أحد الملتزمين بالكمبيالة، وقد يكون هو المسحوب عليه شريطة ألا يكون قابلا. بحيث يكون للمتدخل أن يتدخل للوفاء بقيمة الكمبيالة في تاريخ استحقاقها أو قبل ذلك، كلما كان الشخص الذي اختاره كي يتدخل للوفاء لفائدته معرضا للرجوع أو المقاضاة.
علما أنه إذا من الجائز أن يتدخل المسحوب عليه الرافض للقبول من أجل الوفاء بالكمبيالة، بحيث يعتبر قد وفى عن طريق التدخل، فقد يستفيد هو الآخر من هذه المؤسسة إذا كان قابلا، وذلك في الحالة التي يعجز فيها عن أداء قيمة الكمبيالة فيتدخل الغير لوفائها.
ويتم إعمال مبدأ الوفاء عن طريق التدخل في حالة امتناع المسحوب عليه كليا أو جزئيا عن قبول الكمبيالة، وحالة خضوعه لأحكام التسوية والتصفية القضائية، سواء أكان قابلا الكمبيالة أم لا، وفي حالة توقفه عن أداء ديونه ولو لم يثبت هذا التوقف بواسطة حكم. وفي حالة حجز بدون جدوى على أمواله أو الحكم بالتسوية والتصفية القضائية على ساحب كمبيالة مشروط عدم تقديمها للقبول. وهي حالات تكون قبل الاستحقاق. علما أنه يمكن إعمال المبدأ ذاته في تاريخ الاستحقاق إذ لم يتم وفاء الكمبيالة. وهذه الحالات يمكن الوقوف عليها من خلال المادة 196 م ت .
ثانيا: شروط وآثار الوفاء عن طريق التدخل
يشترط في الوفاء عن طريق التدخل عملا بالفقرة الأولى من المادة 217 من م ت، أن يكون من حق الحامل الرجوع أو مقاضاة الملتزم بأداء قيمة الكمبيالة سواء عند تاريخ الاستحقاق أو قبله. ومعنى هذا القول أنه يجب أن يحصل التدخل لفائدة الملتزم المعرض إما للرجوع أو المقاضاة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الأمر جائز سواء أحل أجل أو تاريخ الاستحقاق أم لم يحل بعد، و يجب أن يشمل الوفاء عن طريق التدخل كل المبلغ الذي كان ملزما بوفائه الشخص الذي جرى التدخل لفائدته ففي حالة إذا ما رفض الحامل الوفاء عن طريق التدخل فلا يستطيع في هذه الحالة أن يرجع عل من وقع التدخل لمصلحته أو على من يضمنه هذا الأخير، أي على الأشخاص اللاحقين له من حيث الالتزام الصرفي .
هذا ويجب أن يتم الأداء على الأكثر في اليوم الموالي لآخر يوم يجوز فيه إجراء احتجاج عدم الوفاء. كذلك يتعين على الحامل -في الحالة التي يقبل فيها متدخلون يوجد موطنهم في مكان الوفاء، أو إذا عين أشخاص يوجد موطنهم في المكان المذكور للوفاء عند الحاجة- بأن يقدم الكمبيالة لهؤلاء الأشخاص كلهم، وأن يقيم إذا اقتضى الحال احتجاج عدم الوفاء على الأكثر في اليوم الموالي لآخر يوم مقبول لإقامة ذلك الاحتجاج. فإذا لم يقع الاحتجاج ضمن هذا الأجل سقط الالتزام عن الذي عين عند الحاجة أو الذي قبلت الكمبيالة لمصلحته وعن المظهرين اللاحقين .
ويتعين على المتدخل أن يخبر بتدخله الشخص الواقع التدخل لمصلحته ضمن أجل ثلاثة أيام عمل. وإذا خالف هذا الأجل، كان مسؤولا عند الاقتضاء عن إهماله، غير أن تعويض الطرف المتضرر عن الأضرار التي أصابته نتيجة هذا الإهمال لا يتجاوز مبلغ الكمبيالة .
وفي حالة تزاحم عدة أشخاص للوفاء بالواسطة يفضل الوفاء الأكثر إبراء للذمة. ومن تدخل مخالفا هذه القاعدة وهو على علم بذلك فقد حقه في الرجوع على من كان من شأنهم ان تبرأ ذمتهم لولا تدخله .
وعليه فإن الوفاء عن طريق التدخل يكسب الموفي طبق المادة 221 م ت الحقوق الناتجة عن الكمبيالة اتجاه من وقع الوفاء لفائدته، واتجاه الملتزمين نحو هذا الأخير بمقتضى الكمبيالة، لكنه لا يجوز له تظهيرها من جديد. كما تبرأ ذمة المظهرين اللاحقين لموقع الكمبيالة الذي حصل الوفاء لفائدته.
تبقى الإشارة في الأخير إلى أن المشرع من خلال المادة 220 م ت. قد اشترط إثبات الوفاء عن طريق التدخل بكتابة مخالصة على الكمبيالة يذكر فيها من حصل الوفاء لمصلحته، فإن لم يرد هذا التعيين اعتبر الوفاء حاصلا لمصلحة الساحب.
المبحث الثاني: الوفاء بالشيك :
إن الإحاطة بمجموع الأمور المتعلقة بالوفاء بالشيك تفرض علينا التطرق أولا إلى شروط صحة الوفاء بالشيك ومسألة إثباته، وكذا الآثار المترتبة على ذلك ( المطلب الأول ) ثم البحث فيما يتعلق بالتعرض على الوفاء بالشيك ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول : شروط صحة الوفاء بالشيك، إثباته وآثاره :
سنحاول من خلال هذا المطلب التطرق إلى شروط صحة الوفاء بالشيك ( الفقرة الأولى ) على أن نتطرق ( من خلال الفقرة الثانية ) لإثبات الوفاء وآثاره.
الفقرة الأولى : شروط صحة الوفاء بالشيك :
أولا : أجل تقديم الشيك للوفاء ومكانه :
يعتبر الشيك مستحق الأداء بصفة دائمة عند الإطلاع عليه، ويعتبر كل بيان مخالف لذلك كان لم يكن، ويجب على المسحوب عليه أن يوفي الشيك في تاريخ تقديمه ولو كان الشيك المقدم للوفاء قبل اليوم المبين فيه كتاريخ لإصداره. ( المادة 267 من م ت ).
ومما تجدر الإشارة إليه، أن كون الشيك واجب الأداء بمجرد الإطلاع يترتب عنه أن له مدة قانونية واحدة لتقديمه للوفاء وإلا سقط حق الحامل في الرجوع على الضامنين دون سقوط حق الحامل في المطالبة بالوفاء الذي يظل قائما إلى أن يسقط التقادم .
وحسب ما تنص عليه المادة 268 من مدونة التجارة فإنه يجب تقديم الشيك للوفاء داخل أجل 20 يوما إذا كان الشيك صادرا بالمغرب. أما إذا كان الشيك صادرا خارج المغرب وكان مستحق الوفاء به، وجب تقديمه للوفاء داخل أجل 60 يوما. ويبدأ حساب الآجال المذكورة أعلاه من التاريخ المبين في الشيك كتاريخ لإصداره.
ولا يمكن تقديم الشيك للأداء إلا في يوم من أيام العمل ( المادة 302 من م ت ). وإذا كان الشيك مستحق الوفاء بالمغرب وصادرا في بلد تختلف اليومية المعمول بها عن اليومية المعمول بها في المغرب، أرجع تاريخ الإصدار إلى اليوم المقابل في اليومية المعمول بها في المغرب .
وإذا حالت قوة قاهرة دون تقديم الشيك في الآجال الذكورة، مددت هذه الآجال، وعلى الحامل أن يخطر من ظهر له الشيك بالقوة القاهرة وان يقيد هذا الإخطار ويؤرخه ويوقعه على الشيك ذاته أو على وصلة طبقا لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 291 من م ت.
وفيما زاد على ذلك، تطبق أحكام المادة 285 من م ت، ولكن عند زوال القوة القاهرة يجب على الحامل أن يقدم الشيك فورا للوفاء وأن يقيم الاحتجاج عند الاقتضاء.
وإذا استمرت القوة القاهرة أكثر من 15 يوما، تحسب من تاريخ اليوم الذي أخطر الحامل فيه من ظهر له الشيك بوقوع القوة القاهرة، ولو كان تاريخ الإخطار واقعا قبل انتهاء مدة التقديم، ويحق للحامل في هذه الحالة أن يرجع على الملتزمين دون تقديم الشيك أو إقامة الاحتجاج، ما لم تكن دواعي الرجوع موقوفة لمدة أطول بمقتضى نصوص خاصة ، ويعتبر التقديم إلى إحدى غرف المقاصة بمثابة تقديم للوفاء .
أما فيما يخص مكان الوفاء بالشيك، فإنه يجوز اشتراطه في المحل المختار أي في موطن أحد الأغيار. كما هو الشأن بخصوص الكمبيالة، لكن لا يفرض على الحامل قبول هذا الشرط إلا إذا كان الشيك مسطرا، وكان الموطن محددا ببنك المغرب في المكان نفسه عملا بمقتضيات المادة 246م ت .
ثانيا: من يتم له الوفاء :
يجب أن يتم الوفاء لصاحب الحق الشرعي في الشيك، وهو المستفيد الأول أو من ظهر إليه الشيك إذا كان هذا الشيك اسميا، أو الحامل إذا كان الشيك مسحوبا لحامله.
فإذا كان الشيك إسميا يجب أن يكون الوفاء للمستفيد نفسه، أو لمن ظهر إليه الشيك ، وعليه يجب على المؤسسة البنكية المرخص لها بمسك حسابات يمكن أن تسحب عليها شيكات (المادة 241 ف 2 )أن تتأكد من أن مقدم الشيك هو الحامل الشرعي، أي التأكد من هوية الحامل أو المستفيد عن طريق بطاقة التعريف الوطنية، أو بطاقة التسجيل بالنسبة للأجانب المقيمين، أو جواز السفر أو ما يقوم مقامه بالنسبة للاجانب غير المقيمين إذا كان الشخص طبيعيا أو ذاتيا، أما إن كان الشخص معنويا أو اعتباريا فيجب التأكد من هوية الشخص أو الأشخاص الطبيعيين المخولين لانجاز عملية الوفاء، وكذا رقم الضريبة على الشركات، أو رقم السجل التجاري، أو رقم ضريبة المهنة، أو التجارة، أو الباتانتا « La patente » المادة 251 م ت تحت مسؤولية المؤسسة البنكية أو الهيأة .
ولا تلزم المؤسسة البنكية أو الهيئة المماثلة، عند وفاء الشيك القابل للتظهير، بفحص توقيعات المظهرين، وإنما يقع على عاتقهما التحقق من انتظام تسلسل التظهيرات فقط ( المادة 274 ف 2 ).
وتلزم المؤسسة البنكية أو الهيئة المماثلة أيضا، بالتأكيد من صحة توقيع الساحب، وذلك بالاستناد إلى النموذج المودع لديها.
ويجب على المؤسسة البنكية أو الهيئة المماثلة التحقق كذلك من سلامة البيانات الإلزامية لأن تخلفها يجعل الشيك باطلا كشيك ويصبح مجرد سند عاد.
ولقد أحسن جوفري التعبير عن هذه الوظيفة البنكية عندما قال : إن من الواجب على المؤسسة البنكية أن لا تؤدي وهي مغمضة العينين .
كذلك يجب على المؤسسة البنكية المسحوب عليها الشيك أن تتأكد من أهلية طالب الوفاء، سواء من حيث بلوغه السن القانوني الذي يؤهله لاستلام مبلغ الشيك، أو من حيث توفر الوثائق التي تؤهله لهذا الاستلام نيابة عن غيره. والتأكد من أن تلك الوثائق ما زالت سارية المفعول، وذلك إذا ما تقدم للوفاء بصفته نائبا عن شخص معنوي أو وكيلا عن شخص طبيعي .
وقد يتقاسم الساحب المسؤولية مع المؤسسة البنكية إن سهل أو مهد بإهماله ارتكاب الاحتيال أو الغش – كالتهاون في رقابة دفتر صيغ الشيكات، وإعطاء شيكات على بياض – وكما هو الشأن إذا فقد الزبون صيغ الشيكات أو سرقت منه دون أن يقوم بإشعار المؤسسة البنكية بذلك في الوقت المناسب .
الفقرة الثانية:إثبات الوفاء وآثاره :
أولا : إثبات الوفاء :
كما هو الشأن بالنسبة للكمبيالة يجوز للمؤسسة البنكية إذا قامت بوفاء الشيك مطالبة الحامل بتسليم الشيك لها، مع التوقيع عليه بما يفيد المخالصة.
ويعتبر التوقيع على الشيك بالمخالصة مع وجوده في حيازة المسحوب عليه إثباتا كافيا لحصول الوفاء، لاسيما أن قيام المؤسسة البنكية بصرف الشيك دون تعرض من أحد يعتبر قرينة على صحة الوفاء، أما مجرد التوقيع على ظهر الشيك بما يفيد الوفاء مع بقاءه في حوزة الحامل فإن ذلك لايعتبر في حد ذاته دليلا على حصول الوفاء .
كذلك يجوز الوفاء الجزئي في الشيك ولا يستطيع الحامل أو المستفيد أن يرفضه،وإذا كانت المؤونة أقل من مبلغ الشيك فإن المؤسسة البنكية ملزمة بعرض أداء الشيك في حدود المؤونة المتوفرة ولا يمكن للمسحوب عليه أن يرفض هذا الأداء الجزئي، في هذه الحالة له أن يطالب بإثبات الوفاء على الشيك وأن يعطي مخالصة بذلك .
ومع ذلك فإن التوقيع على الشيك بالمخالصة ليست الوسيلة الوحيدة لإثبات الوفاء، لأن الفقرة الأولى من المادة 273 م ت حينما تعرضت لطلب تسليم الشيك على المؤسسة البنكية موقعا عليه بحصول الوفاء جعلت ذلك حقا جوازيا لهذه المؤسسة، بمعنى أنه من حقها ألا تطلب ذلك. ومن تمة يجوز للمؤسسة البنكية أن تثبت واقعة الوفاء بأية وسيلة أخرى كحصوله مثلا على المخالصة على ورقة مستقلة موقعة من طرف الحامل الأخير .
ثانيا:آثار الوفاء :
يقع الإبراء أو تحرير الذمة من الديون بوفاء المبلغ النقدي الثابت في الشيك إلى الحامل الشرعي، وتستفاد هذه القاعدة من المادة 274 م ت التي تنص على أنه تفترض براءة ذمة من وفى شيكا غير متعرض عليه على الوجه الصحيح.
على أنه يتعين على المؤسسة البنكية قبل الوفاء التأكد من وجود المؤونة وكفايتها، وعدم وجود تعرض على الوفاء أو تقادم دعوى الحامل ضد المسحوب عليه،كما يتعين على البنك التأكد من توفر مجموع البيانات الإلزامية لإنشاء الشيك بما في ذلك مطابقة التوقيع الوارد في الشيك لتوقيع النموذج الموجود لديها، أو أن التوقيع مزور بكيفية يمكن كشفه بسهولة، بحيث إنه في حال رفض المسحوب عليه الأداء بالرغم من صحة الشيك شكلا مع توفر المؤونة دون أن يكون متعرضا عليه بكيفية صحيحة يعاقب بالعقوبة المقررة من خلال الفقرة الثانية من المادة 309 م ت التي تنص على أن كل مؤسسة بنكية ترفض وفاء شيك سحب على صناديقها سحبا صحيحا وكان لديها مؤونة ودون أن يكون هناك أي تعرض يعتبر مسؤولا عن الضرر الحاصل للساحب عن عدم تنفيذ أمره وعن المساس بائتمانه .
المطلب الثاني: التعرض على الوفاء
حتى يكون الحامل مطمئنا على حصوله على مبلغ الشيك ثم وضع مجموعة من الضمانات من أجل تحقيق هذه الغاية لذلك فالمشرع لم يجعل الباب مفتوحا على مصراعيه للساحب للتعرض على الوفاء في كل وقت وحين، بل قيد ذلك من خلال المادة 271 م ت التي حدد الحالات التي يجوز فيها للساحب أن يتعرض على الوفاء والمتمثلة في فقدان الشيك أو سرقته أو الاستعمال التدليسي للشيك أو تزويره أو الحكم على الحامل بالتسوية أو التصفية القضائية.شريطة أن يؤكد كتابة تعرضه بصفة فورية وكيفما كانت الوسيلة المستعملة في تلك الكتابة، وأن ذلك بالوثائق الضرورية، كالتصريح بالفقدان أو السرقة أمام السلطات الأمنية وبطبيعة الحال في تاريخ سابق لتاريخ تقديم الشيك للوفاء .
الفقرة الأولى :حالات التعرض على الوفاء بالشيك
1- فقدان الشيك:
ويقصد به خروج الشيك من يد مالكه لحريق أو هلاك أو تلف أو نسيانه في مكان ما وأن الغاية من إجازة التعرض في حالة فقدان الشيك هي حماية حقوق الساحب وكدا الحامل عند الاقتضاء من الضياع وحرمان من عثر على الشيك من الاستيلاء على أموال أو نقود الغير بدون حق أو قانون.
2- سرقة الشيك:
إن السرقة غير الفقدان أو الضياع، فالسرقة هي اختلاس مال مملوك للغير عمدا.
3-الاستعمال التدليسي للشيك:
تعتبر هذه الحالة جديدة أخذت من قاموس الفقه والقضاء والتشريع الفرنسي،وكمثال للاستعمال التدليسي للشيك:أن يعتر أحد الأشخاص على شيك ضائع أو يقوم بسرقته ثم يضع توقيعا على ظهره إيحاءا بانتقال ملكيته إليه ويظهره على بياض أيضا إلى حامل حسن النية عن طريق هذا الاحتيال أو التدليس.
4- تزوير الشيك:
يقصد بالتزوير تزييف أو تحريف أو تغيير بيان من بيانات الشيك كالمحو والإضافة والزيادة أو النقصان ، كتزوير المبلغ وتزوير التوقيع أو تقليده.
5- الحكم على الحامل بالتسوية القضائية أو التصفية القضائية:
إذا كان من حق الساحب أن يتعرض على الوفاء في هذه الحالة يعتبر تعرضه صحيحا ومشروعا يستند إلى الفقرة الثانية من المادة 271 م ت، لأنه يروم كذلك حماية مصلحة الدائنين وقد يكون منهم، فإن هذا الحق يثبت كذلك للسنديك وإن لم ينص عليه القانون المنظم للشيك، فالسنديك يستمد هذه المهمة من القواعد المنظمة لمساطر معالجة صعوبات المقاولة. إذ يكلف السنديك بتسيير عمليات التسوية القضائية والتصفية القضائية ابتداء من تاريخ صدور حكم فتح المسطرة حتى قفلها وهو كما نصت على ذلك المادة 640 م ت.
الفقرة الثانية:الأشخاص المخول لهم حق التعرض
إذا كان المشرع قد أكد صراحة على حق الساحب في التعرض على وفاء الشيك بشرط أن يحترم حالات التعرض المنصوص عليها قانونا، فإنه يمكن توسيع دائرة الأشخاص المخول لهم حق التعرض، حيث إنه يجوز لوكيل الساحب أن يتعرض على الوفاء إعمالا لقواعد الوكالة، كما يجوز ذلك لورثة الساحب أيضا.أما دائني الساحب فلا يجوز لهم إلا إيقاع حجز ما للمدين لدى الغير، كما يجوز للسنديك أن يتعرض على وفاء الشيك لفائدة الحامل. مع العلم أن م الجائز أيضا لهذا السنديك أن يتعرض على وفاء الشيكات التي يسحبها الساحب بعد صدور حكم التسوية أو التصفية القضائية في مواجهته هو نفسه. وأخيرا هناك الحامل الذي اعتادت المؤسسات البنكية قبول تعرضه في حالة ضياع أو سرقة الشيك منه .
على أن المادة 316 م ت تنص على أنه يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة تتراوح بين 2000 درهم و 10000 درهم، دون أن تقل قيمتها عن 25% من مبلغ الشيك:
– ساحب الشيك المتعرض بصفة غير صحيحة لدى المسحوب عليه.
اترك تعليقاً