بحث كبير عن أحكام المفقود في القانون الجزائري

بحث كبير عن أحكام المفقود في القانون الجزائري

المقدمة :

حدد القانون المدني الجزائري بداية الشخصية الطبيعية للانسان بثبوت ولادته حيا، و نهايتها بالوفاة،إلا انه توجد حالة وسطى بين الحدين و هي الحالة التي يصعب فيها معرفة ما إذا كان الشخص حيا أو ميتا، وتلك هي حالة المفقود ، فكل شخص إختفى بحيث لا يعلم مكانه و لا يدرى هل هو ميت أو على قيد الحياة يعتبر مفقودا ، وقد تضمن قانون الأسرة أحكاما تعالج وضعية المفقود إذ عرفته المادة 109 منه بأنه الشخص الغائب الذي لا يعرف مكانه و لايعرف حياته أو موته، بينما جاء في المواد التالية للمادة 109 الأحكام المتعلقة بإثبات الفقدان، و المدة اللازمة للحكم بوفاة المفقود ، و الأثار المترتبة عن كل من الحكم بالفقدان و الحكم بوفاة المفقود.
بينما قسمت المادة 113 حالات الفقدان الى حالتين إثنتين و هي الحالة التي يغلب فيها الهلاك أي حالة إستثنائية أو حالة حرب ،و الحالة التي تغلب فيها السلامة ، ونظرا لظهور مستجدات لاحقة لصدور قانون الأسرة تمثلت في فياضانات 10 نوفمبر 2001 ( باب الواد – الجزائر العاصمة ) ، وزلزال 21ماي 2003 ( بومرداس ) ، واللتان تعتبران كارثتان طبيعيتين نجم عنهما الفقدان للعديد من الأشخاص ، تدخل المشرع بنصوص خاصة تمثلت في كل من الأمر 02/03 المؤرخ في 25 فيفري 2002 المتضمن الأحكام المطبقة على مفقودي فياضانات 10 نوفمبر 2001 ، و قانون 03/06 المؤرخ في 14 جوان 2003 المتضمن الأحكام المطبقة على مفقودي زلزال 21 ماي 2003 وقد جاء كل قانون بأحكام خاصة تخرج عن القواعد العامة المعمول بها في قانون الأسرة و المتعلقة بالفقدان نبينها لاحقا.
يبدو من القراءة الأولية لنصوص المواد 109-110-111-112-113-114 -115 من قانون الأسرة و المتعلقة بالفقدان أن الأمر بسيط وهين، إلا أن تطبيقها ميدانيا يطرح بعضا من الفراغات و الاشكالات القانونية ، فعندما أجاز المشرع للورثة و النيابة العامة ، و عموما لكل ذي مصلحة ان يرفع دعوى الفقدان لم يبين صفة المدعى عليه في ذلك ، حتى مع تكريس صفة الطرف الخصم للنيابة العامة بموجب الامر رقم 05/02 المؤرخ في 27/02/2005 المتضمن تعديل قانون الأسرة في مادته 03 مكرر، فإن السؤال يبقى مطروحا حول ما |إذا رفعت النيابة العامة دعوى الفقدان طبقا لنص المادة 114 من قانون الأسرة فهل ترفعها على نفسها طبقا لنص المادة 03 مكرر ؟ و اذا ماصدر حكم يقضى بالفقدان و تعيين مقدم عن المفقود ، فهل يعني ذلك أن المفقود فاقد الأهلية أو ناقصها ؟، وهل يجوز للغير مرافعة المقدم قضائيا نيابة عن المفقود ، وإذا ما صدرت أحكام قضائية تمس ذمته المالية فهل تنفذ عليه هذه الأحكام ؟ ، ثم و في مرحلة لاحقة هل يكون للورثة و للنيابة العامة و عموما لكل ذي مصلحة رفع دعوى الوفاة الحكمية على المقدم نيابة عن المفقود؟واذا كان المشرع قد اعطى حق رفع دعوى الفقدان لكل من الورثة ، و النيابة العامة و كل ذي مصلحة و هم الاشخاص نفسهم اللذين يكون لهم الحق في رفع دعوى موت المفقود فهل يشترط هنا في ثبوت الصفة لرافع دعوى موت المفقود أن يكون هو المدعي نفسه في دعوى الفقدان؟.

تلك هي بعض التساؤلات التي نجيب عليها عند دراستنا لموضوع الفقدان في بحثنا هذا و الذي سنحاول من خلاله عرض دراسة وجيزة لاحكام الفقدان في القانون الجزائري و في ظل الشريعة الاسلامية ، متطرقين في ذلك لتعريفه و تميزه عن حالة الغياب ،و بيان حالاته ، و أثار الحكم بالفقدان و الحكم بوفاة المفقود، كما نرفق دراستنا ببعض من الأحكام الصادرة عن الجهات القضائية المختلفة و المجسدة للتعارض في تطبيق القانون خاصة فيما يتعلق بحساب المدة اللازمة للحكم بوفاة المفقود ، وكذا ما توفر لدينا من قرارات صادرة عن المحكمة العليا والمتعلقة بالفقدان.

المبحـــــــــــــــث الاول:
مفهوم الفقدان في القانون الجزائري

إن الحديث عن القواعد القانونية التي تحكم حالة الفقدان في القانون الجزائري يفرض مسبقا تقديم تعريف وجيز لمفهومه ،سواء في الفقه الاسلامي، او في القوانين الخاصة من حيث حصر العناصر الأساسية التي على أساسها يمكن القول بأن شخصا مامفقودا ، و نظرا لوقوع بعض من الفقه الشرعي و القانوني في خلط بين مفهوم المفقود و الغائب،فانه من الضرورة التطرق للحديث عن حالة الغياب الى جانب حالة الفقدان مع التمييز بينهما.

المـــــــطلب الاول:
تعريـــف الفقدان فقها و قانــــــونا:

الفرع الأول : تعريف الفقدان في الفقه الاسلامي:
الفقدان في اللغة على وزن فعلان،و إسم المفعول منه مفقود ، و أصل الكلمة من الفعل فقد ، فيقال فقد الشئ أي أظله ، و أضاعه و أعدمه، و كقول العرب “فاقد الشيئ لا يعطيه” ، و كقوله تعالى في سورة يوسف : “قالوا نفقد صواع الملك” الاية 72 .
وفي الاصطلاح الشرعي ،اختلف فقهاء الشريعة في تعريف الشخص المفقود،فقد عرفه البعض بأن المفقود هو الغائب الذي انقطع خبره، و خفي اثره، وجهل مكانه، و لا يعرف حياته او مماته، و عرفه البعض بان المفقود شخص غائب لا يدرى مكانه ، و لا تعلم حياته و لا موته ،و قيل انه لا يعتد بالجهل بمكانه, فالحنفية قد اعتبروا الأسير في دار الحرب الذي لا تعرف حياته او وفاته مفقودا مع ان مكانه قد يكون معلوما (1) و من بين الحنفية من
الفقهاء من قال في المفقود: ” هو اسم لموجود ، حي بإعتبار أول حاله ،و لكنه كالميت باعتبار مآله، أهله في طلبه يجدون، و لخفاء مستقره لا يجدون قد انقطع خبره، وإستتر عليهم أثره، بالجد ربما يصلون الى المراد، وربما يتاخر اللقاء الى يوم الفناء”.

(1) الاحوال الشخصية في التشريع الاسلامي د: احمد الغندور ص 639

واذا كان الحنفية بذلك لا يعتدون بجهل المكان فإن البعض الاخر من الفقهاء عرفوا المفقود بأنه كل شخص لا تعرف حياته و مماته ، او تكون حياته محققة و لكنه لا يعرف له مكان (1) أي أن جهل المكان مع تحقق الحياة يجعل الشخص مفقودا .و عموما فإن تعريفات فقهاء الشريعة للمفقود قد تعددت و لكنهم اجتمعوا على عناصر مشتركة في تعريفه و هي :
– الغياب :وهو اختفاء الشخص و جهل أثره .
– عدم تحقق الحياة او الوفاة: فعدم معرفة حياة الشخص او وفاته هو الاساس في اعتباره مفقودا ،.و قد نظم محمد بن عاصم الاندلسي احكام المفقود في مؤلفه ” تحفة الحكام في نكت العقود و الأحكام فقال :
وحكــــــم مفـــــقــــــــــــــود بـــــــــــارض الـــــكفر
فـــــي غيـــر حــــرب حكـم من في الاسِر
تعـــمــــيره فـــــــــــي المـــــــال والطــــــــــــــــلاق
ممتــــــــنـــــــــع مـــابــقــــي الانــــفــــــاق
وكـــــل مــــــن لــــيس لــــــه مـــــــــال حـــــرى
بان يـــكـــــون حـــــــكـــمــــــه كـــالمعــسر
وأن يكـــــــــن فــــي الــحــــــرب فــــالمشــــهــــور
فـــــــــي مــــــالـــــه والــــزوجــة الـتـعمـير
وفــــــيه اقـــــــــــوال لهــــــــــم مـــــعيــــــــنـــــــه
أِصــــــحــــــها القـــــول بــسـبــعــين ســــنـه
وقـــد أتــــــــى قــــــــول بــــــضـــــــرب عــــــــام
مــــــن حيــــــن يـــــــأس مــــنــــه لا القيـــام
ويــــــــقســـــــم الــــمـــــــال عــــــــلــــى مــــمـــاته
وزوجــــــــة تعـــــــــتـــد مـــــــن وفــــاتـــــه
وذابــــــــه القضــــــــــاء فــــــــي الانـــــــدلـــــــس
لمــــــن مضـــــــى فمــقـــــتــفيهم مــــــــؤنسي

(1) المرشد في القانون الاحوال الشخصية: د: اديب استانبولي ص 753
ومـــــــن بــــأرض المــــــــسلميــــــن يـــــــــــــفقد
فـــأربـــع مـــــــن السنـــــــــيـــن الامــــــــــــد
وبـــــاعـــــــتداد الـــــزوجــــــة الحـــــكــــم جـــرى
مبعــــضــــــا والـــمـــال فـيــــــــه عـــمـــــــرا
وحكـــــــم مــــــفــــقــــود بــارض الفــتـــــــــــــن
فـــــي المـــال والـــزوجـــة حكــم مـــن فنـــى
مـــــــع الـــتــــلـــوم لأهــــــــل المـــــلـحمــــــــــــه
بقــــــدر مـــاتــــنصـــــرف الــمـــنهــــــــــزمه
وأن نــــأت أمـــــــــــــــاكـــــــــــن المـــــــلاحــــم
تـــــــــــربـــــص العــــام لـــــدى ابـــن القـــاســم
وأمــــــــــد الـعــــــــــــدة فيــــــــــــه إن شهـــــــــد
أن قــــد رأى الشــــــــهــــــود فيـــهــــا مــن فـقد.
من خلال هذه التعريفات نجد ان الفقه الاسلامي لايفرق بين الغائب والمفقود ، فكلاهما لاتعرف حياته او مماته ، وقد عرفوا المفقود بانه شخص غائب ، وفي باب الغيبة اعتدوا بمدى العلم بمكان الغائب في تقسيم وتصنيف انواع الغيبة الى غيبة قريبة و غيبة بعيدة .
ففي الغيبة القريبة يكون محل الغائب معلوم بينما يجهل حياته او مماته ، وفي الغيبة البعيدة يكون الشخص مفقود لايعلم احد احي هو او ميت لوجوده بمكان غير معلوم ، كما فرق الفقه الاسلامي بين الغيبة الحقيقية وهي حالة ما إذا كان الشخص مفقود لاتعرف حياته او مماته ، وبين الغيبة الحكمية وهي حالة ماإذا كان مكان وجود الشخص معلوما الا انه يجهل موته من حياته ، ذلك بسبب ظروف حالت بينه وبين حضوره وتولى شؤونه بنفسه .

الفرع الثاني :
تعريف الفقدان في قانون الاسرة الجزائري :
عرفت المادة 109 من قانون الأسرة المفقود بالشخص الغائب الذي لايعرف مكانه ، ولايعرف حياته او موته ، ولايعتر مفقودا الا بحكم قضائي ، فالمشرع بذلك لم يميز بين المفقود والغائب ، بل عرف المفقود بانه شخص غائب يجهل مكانه ولايعرف ان كان حيا او ميتا ، فكل شخص اختفى عن الانظار وغادر مقره ، واهله ، سواء بارادته او رغما عنه ولم يعلم اتجاهه ومقصده ومستقره ، واصبح حاله في علم الغيب فلم يتبين امر حياته من مماته يعتبر مفقودا في نظر القانون الجزائري الذي حصر شروط الحكم بالفقدان و هي :
1- غيـــــــــاب الشــــــــخــــص .
2- وعـــــدم معـــرفــة مـكانه .
3- الجهل بامر حياته أو مماته .
واضاف شرط استصدار حكم يقضى بالفقدان لإ عتباره كذلك ، والا فقبل صدور حكم يثبت ويكرس صفة المفقود لايمكن ان يكون كذلك الا بوجود نص خاص .
وفعلا صدرت نصوص خاصة وفي ظروف استعجالية املتها فياضانات 10 نوفمبر 2001 ( باب الواد – الجزائر العاصمة ) وزلزال 21ماي 2003 ( بومرداس ) ، عالجت موضوع فقدان الاشخاص الذين راحوا ضحايا الكارثتين الطبيعيتين بقواعد خاصة تختلف وتلك المنصوص عنها في قانون الاسرة وتتماشى والوضعية التي فرضتها الطبيعة ، فالنص الاول والمتمثل في الامر رقم 02/03 المؤرخ في 25 فيفري 2002 (1) والمتضمن الاحكام المطبقة على مفقودي الفيضانات جاء بنص المادة 02
والتي نصت : “بغض النظر عن احكام قانون الاسرة تسري الاحكام الواردة ادناه على
مفقودي فياضانات 10 نوفمبر 2001 .

(1) الجريدة الرسمسية : العدد 15/سنة 2002

1. يصرح متوفي بموجب حكم ، كل شخص ثبت وجوده في اماكن وقوع فياضانات 10 نوفمبر 2001 ولم يظهر له أي اثر ولم يعثر على جثته بعد التحري بجميع الطرق القانونية ” .
فمن خلال نص المادة يتـــبين ان المـــشرع جاء بـــشروط غير تلك المنــــصــــوص
عليها صراحة في قانون الاسرة لإ عتبار الشخص مفقودا ، بحيث جاء جاء بشرطين لاعتبار الشخص مفقود بسبب الفياضانات و هما :
a. ثبــوت وجـــــــــود الشخــــــص باماكن وقــــــوع الفيـاضانــــــــات .
b. وان لا يظهر عليه أي اثر وان لايعثر على جثته بعد التحري بجميع الطرق .
وهي نفس الشروط التي جاء بها قانون 03/06 المؤرخ في 14 جوان 2003 (1) و المتعلق بمفقودي زلزال 21 ماي 2003 ، بحيث إشترط وجود الشخص بمكان وقوع الزلزال إضافة إلى بقية الشروط .
ويرى بعض النقاد أن القوانين الخاصة قد غيرت من مفهوم المفقود المنصوص عليه في المادة 109 من قانون الأسرة، لكن في حقيقة الأمر يبقى معيار غياب وعدم ظهور الاثر و الجهل بمصير الشخص إن كان ميتا أو حيّا هو الأساس في إعتباره مفقودا و ما إشتراط إثبات وجود الاشخاص المفقودين بأماكن وقوع الكوارث إلا تحديدا لسبب الفقدان،وشرطا لاضفاء صفة ضحية الفياضانات او الزلزال وإلا فالأمر سيان بين مفقود لسبب اجنبي و مفقود بسبب زلزال أو فياضان .
بينما فيما يتعلق بالغياب فقد نصت المادة 110 من قانون الأسرة :الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع الى محل اقامته أو ادارة شؤونه بنفسه أو بواسطة مدة سنة ، و تسبب غيابه في ضرر الغير يعتبر كالمفقود. فالمشرع بذلك لم يعرف الغياب و الغائب على غرار ما نص في المادة 109 سالفة الذكر، بحيث عرف المفقود بأنه شخص غائب ،وإنما جعل الغائب الذي منعته ظروف قاهرة من الرجوع الى محل اقامته لمدة سنة في حكم المفقود، فيكون المشرع بذلك قد جاء بصورتين:

(1) الجريدة الرسمية :العدد 37 سنة 2003
الصورة الأولـى: الغائب الذي لا يعرف مكانه و لا يعرف حياته أو موته فهو مفقود.
الصورة الثانية : الغائب الذي منعته الظروف من العودة الى محل إقامته و تسيير شؤونه مدة سنة فهو يعتبر كالمفقود.
فنستنتج من خلال ذلك أن الغياب أشمل من الفقدان ، بل إن الفقدان هو احدى صور الغياب و هنا تصح المقولة “أن كل مفقود هو غائب و ليس كل غائب مفقود “و هذا يدل على أنّ المشرع ميز بين مفهوم المفقود و مفهوم الغائب و ما يؤكد ذلك هو نص المادة 112 و التي جاء فيها :” لزوجة المفقود أو الغائب أن تطلب الطلاق بناء على الفقرة الخامسة من المادة 53 من هذا القانون “.
و لكن رغم ذلك يبقى الاشكال مطروح حول مدى تطبيق أحكام الفقدان على الغائب نظرالان المشرع أوجب علىالقاضي عندما يحكم بالفقدان أن يعين مقدّما لتسيير أموال المفقود فهل يكون له أن يعين مقدما عن ا لغائب؟وهل يمكن تطبيق أحكام الفقدان والموت الحكمي للمفقود على الغائب في جوانبه المادية خاصة ؟.

المطلب الثاني:

حالات الفقدان في القانون الجزائري :

حددت المادة 113 من قانون الاسرة حالتين للفقدان ، أولهما الحالة التي يغلب فيها الهلاك وهي إما حالة الحرب أو الحالة الاستثنائية ، و ثانيهما حالة تغلب فيها السلامة و لقد جاءت القوانين الخاصة التالية لقانون الأسرة بحالات خاصة للفقدان ،و يتعلق الأمر بمفقودي الكوارث الطبيعية ( الزلزال – الفياضانات ) و بناء عليه نعالج كل حالة على حدى
الفرع الاول:
حالات الفقدان التي يغلب فيها الهلاك:
يتعلق الامر بحالة الحرب و حالات الاستثنائية التي يفقد خلالها الاشخاص و لا يعرف لهم مصير، وحالة الحرب نصت عليها المادة 96 من دستور 1996 بحيث جاء فيها : يوقف العمل بالدستور مدة حالة الحرب ويتولى رئيس الجمهورية جميع السلطات ” ، ذلك لان

الحرب هي خطر يهدد كيان الدّولة وعمل المؤسات الدستورية للجمهورية ، و يمس سلامة و وحدة تراب الدولة و استقلالها وقد اشترط المؤسس الدستوري لقيام حالة الحرب ان يتوجه رئيس الجمهورية بخطاب للأمة يعلن من خلاله عن حالة الحرب ، و يعلق العمل بالدستورعلى اثر ذلك ، و من البديهي و المنطقي أن تشكل حالة الحرب احدى حالات الفقدان لانها تتسبب في إختفاء الاشخاص، و عدم معرفة مصيرهم .
بينما فيما يتعلق بالحالات الاستثنائية فقد نصت عليها المادة 93 من الدستور و التي جاء فيها :” يقرر رئيس الجمهورية الحالة الاستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها “.
فالنص جاء عامــا بحيث يمكن ان يشمل حالة استثنائية و حالة الطوارىء (1) ،التي تؤدي الى تقييد الحريات العامّة وذلك لوقوع مس خطير بالنظام العام ،و لذا تمنح إختصاصات إضافية لمرفق البوليس لاستتباب الوضع الأمني ، ومن البديهي كذلك انّ الحالة الاستثنائية تؤدي الى فقدان العديد من الاشخاص، فالوضع الأمني السائد في الجزائر منذ بداية التسعينات يشكل حالة استثنائية أدت إلى فقدان الاشخاص خاصة فيما يتعلق بالمختطفين من طرف الجماعات الارهابية و الذين لم يظهر عليهم أي خبر، مما دفع بذويهم الى اللجوء للقضاء لاستصدار أحكام تقضي بفقدانهم ووفاتهم ، وفعلا استجاب القضاء لطلباتهم و اعتبرهم مفقودين عملا باحكام المادّة 113 من قانون الاسرة (2) .

(1) مرسوم رئاسي رقم 91/196 صادر بتاريخ 04/06/1991 اثر حالة الطوارئ في الجزائر
(2) حكم صادر من قسم الاحوال الشخصية لمحكمة الحجار –مجلس قضاء عنابة بتاريخ 19/04/2003 تحت رقم 302/2003 .

الفرع الثاني:
حالات الفقدان التي تغلب فيها السلامة:
حالة الفقدان التي تغلب فيها السلامة هي حالة اختفاء و فقدان الشخص في ظروف طبيعية و عادّية ، كمن يسافر خارج الوطن طالبا للعلم أو العمل فيختفي أثره و يجهل مصيره.و يطول الحال و لا يدري وفاته من مماته ،وهذه الحالة أمر تقديرها متروك للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع ، فهي مسالة واقع يكون فيها للقاضي أن يقدر ما اذا كانت الحالة تغلب فيها السلامة أو غير ذلك (1) و لا رقابة للمحكمة العليا عليه في ذلك ،و على القاضي أن يبين طبيعة الحالة التي فقد فيها الشخص وذلك عندتسبيبه للحكم بالوفاة ، كون أنّ المدّة القانونية للحكم بوفاة المفقود لحالة لحرب أو الحالة الاستثنائية حددتها المادّة 113 من قانون الاسرة بأربعة سنوات من تاريخ فقدانه بينما المدة في الحالة التي تغلب فيها السلامة ترك أمر تقديرها للقاضي ليحكم بوفاة المفقود ،وذلك ماسنبينه بالتفصيل لاحقا.

الفرع الثــــــــالث:
حالات الفقدان الخـــــــــــاصة:
تعتبر حالة الفقدان بسبب الفياضانات التي حلت بباب الواد بالجزائر العاصمة في 10نوفمبر 2001 ، والزلزال الذي ضرب مدينة بومرداس في 21 ماي 2003 حالات فقدان خاصة لانها غير مستمرة وجاءت لفترة وجيزة ترتب عنها الفقدان للعديد من الاشخاص ، بحيث اصبح يجهل مصيرهم ، فقام الاحتمال الاكبر على فقدانهم وموتهم بسبب هذه الكوارث ، وهو الأمر الذي دفع بالمشرع الجزائري الى اصدار كل من الامر 02/03 المؤرخ في 25 فيفري 2002 الذي نظم بموجبه وضعية المفقودين بسبب
الفياضانات وسن القانون رقم 03/06 المؤرخ في 14جوان 2003 والذي تضمن أحكاما خاصة بمفقودي الزلزال ولقد جاء كل قانون بقواعد قانونية خاصة تخرج عن الاحكام
العامة المكرسة في قانون الاسرة.

(1) حكم صادر عن قسم الاحوال الشخصية لمحكمة برحال – مجلس قضاء عنابة بتاريخ 06/07/2004 تحت رقم 70/2004 موجود بالملحق

وماتجدر الاشارة اليه هنا ان كلا من الكارثتين تعتبران من الحالات الاستثنائية التي نصت عليها المادة 113 من قانون الاسرة ، الا ان المشرع وكما سبق الذكر عالج أحكامها بنصوص خاصة ذلك لأن الأمر إستدعى التعجيل ، ولكون الوفاة في هذه الحالات أكثر ترجيحا من الحياة، فلو انتظرنا مرور اربع سنوات لزاد الأمر تعقيدا ، ولأصيب أهالي المفقودين بأضرار كبيرة .
إن النصين اللذان جاء ا بمناسبة الكارثتين يسريان ويطبقان لفترة محددة، وينقضي اثرهما بمرور فترة الفياضانات والزلازل ، وعلى القاضي اذا ما عرضت عليه دعوى الفقدان لإحدى الحالتين المذكورتين ان يبين في حكمه طبيعة الحالة التي فقد فيها الشخص ، أي عليه ان يبين ان الشخص قد فقد في أماكن وقوع الفياضانات أو الزلزال .
ذلك لان النصين الخاصين إشترطا أن يفقد الشخص في الاماكن التي وقعت فيها الكارثة الطبيعية , و يقع عبء إثبات ذلك على من يرفع دعوى الفقدان , أي على ذويه أو على النيابة العامة و كل ذي مصلحة أن يقيم الدليل على ان الشخص المراد الحكم بفقدانه كان متواجدا بمكان الفياضانات أو الزلازل.
ذلك لان النصيين الخاصين اشترطا أن يفقد الشخص في الاماكن التي وقعت فيها الكارثة الطبيعية , و يقع عبء اثبات ذلك على من يرفع دعوى الفقدان, أي على ذوي المفقود أو على النيابة العامة وعلى كل ذي مصلحة أن يقيم الدليل على ان الشخص المراد الحكم بفقدانه كان متواجدا بمكان الفياضانات أو الزلازل.
و في الاخير يعود تقدير ذلك للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع, الذي له ان يستخلص ذلك من الوقائع المطروحة عليه و يستعين في ذلك بجميع وسائل الاثبات لأن المسألة مسألة واقع ,و لا رقابة للمحكمة العليا عليه في ذلك .

المبـــحث الثانـــــــــــــي :

الأحكــام القانــونية للفقـــدان في القانــون الجزائـــري:

ضبط المشرع الجزائري حالة الفقدان بقواعد قانونية محدّدة فقد نفت المادة 109 من قانون الاسرة إعتبار الشخص الغائب الذي لا يعرف موطنه و لا حياته أو مماته مفقودا الا بصدور حكم قضائي يثبت ذلك , أي أن الحكم القضائي هو شرط جوهري لاعتبار الشخص مفقودا , و هو الوسيلة القانونية الوحيدة لاضفاء صفة المفقود على الشخص طبقا لما جاء في نص هذه المادة , و لإستصدار هذا الحكم أجاز المشرع للورثة و للنيابة العامة و لكل ذي مصلحة أن يرفع دعوى قضائية يطالب من خلالها الحكم بفقدان الشخص عملا بنص المادة 114 من قانون الاسرة التي جاء فيها : ” يصدر الحكم بفقدان أو موت المفقود بناء على طلب أحد الورثة أو من له مصلحة ,أو النيابة العامة “.
كما بين الأثآر المترتبة عن ذلك بحيث أعطى للزوجة حق طلب الطلاق من الزوج المفقود و فيما يتعلق بالجوانب المادية فقد نصت المادة 115 : ” لا يورث المفقود و لا تقسم أمواله الا بعد صدور الحكم بموته ، و في حالة رجوعه أو ظهوره حيا يسترجع ما بقى عينا من امواله أو قيمة مابيع منها ” وهذه الاحكام سنتطرق اليها بالتفصيل .

المطلب الاول:
القواعد الاجرائية و الموضوعية لدعوى الفقدان :

تشمل القواعد القانونية الاجرائية و الموضوعية لدعوى الفقدان في الشكل القانوني الذي ترفع به امام القضاء، و الشروط المقررة قانونا لقبولها من صفة و مصلحة وأهلية ، و تحديد الجهة القضائية المختصة محليا و نوعيابنظرها اضافة الى وسائل اثبات حالة الفقدان للحكم به ، وذلك ما سنبينه فيما يلي :

الفرع الاول:
إجراءات رفع دعوى الفقدان :
كما هو مقرر في قانون الاجراءات المدنية فإن الاجراء القانوني الذي ترفع به الدعاوى القضائية يتمثل في عريضة مكتوبة و موقعة من المدعي أو وكيله ويجب أن تشمل على البيانات الجوهرية المنصوص عنها في المادة12 من قانون الاجراءات المدنية ،و المتعلقة بوجوب تحديد هوية الخصوم ، و مهنتهم و عنوانهم ، ثم عرض موجز للوقائع مع تقديم الطلبات التي يرغب المدعي في القضاء له بها ، و عملا بنص المادة 459 من قانون الاجراءات المدنية و التي جاء فيها “لا يجوز لاحد أن يرفع دعوى امام القضاء مالم يكن حائزا لصفة و أهلية التقاضي و له مصلحة في ذلك ,و يقرر القاضي من تلقاء نفسه انعدام الصفة أو الاهلية , كما يقرر من تلقاء نفسه عدم وجود اذن برفع الدعوى اذا كان هذا الاذن لازما “, فانه يجب ان تتوفر في رافع الدعوى و في من رفعت عليه اهلية التقاضي المنصوص عنهابنص المادة 40 من القانون المدني ، و الصفة القانونية أو الاجرائية و المصلحة تحت طائلة عدم القبول أو بطلان الاجراءات ، و تثبت الصفة لرافع دعوى فقدان لكل من الورثة بناء على مصلحة خاصة و للنيابة العامة لمصلحة عامة و عموما لكل ذي مصلحة ، ذلك ما أقر به نص المادة 114 من قانون الاسرة .
و في مقابل ذلك لم يبين نص المادة المدعى عليه الذي تثبت له الصفة في دعوى الفقدان خاصة و أن الشخص المراد استصدار حكم يقضي بفقدانه لا يعلم له موطن مما يشكل حاجزا يحول دون تكليفه بالحضور و تمكينه من الدفاع عن نفسه ، الامر الذي دفع بالبعض الى القول بأن الدعوى المقصودة بنص المادة 114 من قانون الاسرة هي عمل ولائي للقاضي ، اذ يقضي بالفقدان بناء على طلب بموجب أمر ولائي ، إلا أن نص المادة المذكور يتضمن مصطلح ” الحكم ” وليس ” الأمر” و الحكم يصدر في خصومة قضائية.
و تماشيا مع الرأي الذي يرى بأن الفقدان يكون في شكل طلب أمام القاضي يفصل فيه بموجب أمر ولائي, جاء بعض الفقهاء بصيغة خاصة بعريضة دعوى الفقدان في شكل

طلب (1) .و نبين مثال عن ذلك يتعلق بطلب إثبات وفاة المفقود:
انه في يوم ………………………………………………………………………………………
بناء على طلب السيد :(……………) ومهنته :………..و المقيم:……ومحله المختار مكتب الاستاذ :……………………………………………………………………………….المحامي.
انا ……………المحضر بمحكمة……………….قد انتقلت في تاريخ المبين اعلاه الى محل إقامة:
السيدة: …………………………………………………………………………………………..
الموضوع
تغيبت السيدة ………………عن محل اقامتها و موطنها بناحية :……………………………..
مدة تزيد عن خمس سنوات في حالة يغلب فيها الهلاك ،وقد تركت املاك تتمثل في :……………………………………………………………………………………………..
واعمالا لنص المادة :…………………………………………………………………………..
يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد أربع سنين من تاريخ فقده.
وقد فقدت (………..) المذكورة منذ اكثر من خمس سنوات في حالة يغلب عليها الهلاك فيها، فبمقتضى القانون يحكم بموتها ، و حصر ارثها .
لــــــــذلــــــــــك:
فهو يطلب الحكم بموت المفقودة :…………………………………………….و حصر تركتها.
لكن كما سبق القول فإن المادة 114 من قانون الاسرة الجزائري قد تضمنت مصطلح الحكم , أي أن طلب الفقدان يكون في شكل دعوى قضائية ترفع وفقا للقواعد العامة المقررة في قانون الاجراءات المدنية , و تتضمن خصومة قضائية قائمة بين طرفين.
إن الاختصاص بنظرالدعوى ينعقد للمحكمة لانها صاحبة الولاية العامة في جميع القضايا التي يحكمها القانون الشخصية في قضايا الفقدان بحكم ابتدائي قابل للاستئناف الا ما استثني من ذلك بنص خاص .

بينما الاختصاص إلاقليمي فينعقد للمحكمة التي يوجد بدائرة اختصاصها موطن أو مقر إقامة الشخص المطلوب الحكم بفقدانه وذلك حسب نص المادة الثامنة من قانون الاجراءات المدنية وقد حددت المادة 38 من القانون المدني في فقرتها الاولى موطن الغائب و المفقود بموطن من ينوب عنهما قانونا ،ونظرا لأن المشرع الجزائري لم ينص على قواعد النيابة على الغائب و المفقود قبل الحكم بفقدانه فإن الاختصاص بذلك ينعقد للجهة القضائية الواقع بدائرة اختصاصها أخر موطن للمفقود ذلك عملا دائما بنص المادة الثامنة السالفة الذكر.

الفرع الثانــــــــي:
صفة المدعي عليه في دعوى الفقدان:
ذكرت المادة 114 من قانون الأسرة الاشخاص الذين تثبت لهم الصفة في رفع دعوى الفقدان ،و حصرتهم في الورثة و كل ذي مصلحة و النيابة العامة بحيث أجازت لهم رفع دعوى قضائية مطالبين بالفقدان ، فالورثة هم ذوي حقوق المفقود من أفراد عائلته و أقاربه و يرفعون دعوى الفقدان بناء على مصلحة خاصة و كذلك كل ذي مصلحة كالدائنين و الشركاء مثلا في حين لم يحدد نص المادة صفة المدعى عليه الذي ترفع عليه الدعوى ، و بالرجوع للقواعد العامة للاجراءات و التي تقضي بأن المدعى عليه هو الشخص المطلوب الحكم في مواجهته بطلبات المدعى،أي الشخص المراد الحكم بفقدانه هو المدعى عليه في دعوى الفقدان ، ولكن هذا الشخص اعتراه مانع و هو الغياب فلا يمكنه مباشرة أعماله القانونية بنفسه, ومادام انه لايستطيع الدفاع عن نفسه فان المنطق القانوني يقتضي ان لا ترفع دعوى الفقدان على المفقود مباشرة ,وامام هذا الوضع عملت بعض الجهات القضائية على ايجاد حل لذلك بحيث قبلت دعوى الفقدان التي ترفع على أحد أقارب الشخص المراد الحكم بفقدانه كأن يكون إبن المعني أو زوجته (1)، في حين قبلت جهات قضائية أخرى دعاوى فقدان رفعت على وكيل الجمهورية (2) باعتباره ممثل الحق العام رغم

(1) حكم صادر عن قسم الاحوال الشخصية بمحكمة تيارت بتاريخ 26/02/2005 تحت رقم 341 /2005 –مرفق بالملحق.
(2) حكم صادر عن قسم الاحوال الشخصية بمحكمة المدية المؤرخ في 09/10/2000 رقم 398/2000 – مرفق بالملحق.
عدم وجود نص خاص يجيز للنيابة أن تكون طرفا اصليا في دعوى مدنية ، بخلاف المادة 114 السالفة الذكر و التي خولت لها حق رفع الدعوى فحسب ، ولعل مرد ذلك هو التطبيق الخاطئ لنص المادة 141 من قانون الاجراءات المدنية و التي توجب اطلاع النيابة العامة على بعض القضايا من بينها القضايا المتعلقة بالأشخاص المعتبرين غائبين ، و ذلك لاستشارتها و تمكينها من ابداء رأيها لتكون بذلك طرفا منضما لا طرفا أصليا فهي تقوم بمساعدة القاضي في تطبيق القانون.و عليه فإنه يجب إبلاغ النيابة العامة بقضايا الفقدان كإجراء جوهري يترتب على مخالفته بطلان الحكم (1).
لكن يبدو أن الإشكال قد حل بصدور الأمررقم 05/02 المؤرخ في 27/02/2005 المعدل و المتمم للقانون رقم 84/11 المؤرخ في 09 جوان 1984 و المتضمن قانون الاسرة و الذي كرس في المادة 03 مكرر منه صفة الطرف الأصلي للنيابة العامة في تطبيق احكام قانون الاسرة ، أي أنه يجوز رفع دعوى الفقدان على النيابة العامة بصفتها طرفا أصليا ، و لكن من جهة أخرى يقع التعارض عند تطبيق احكام هذه المادة مع المادة 114 ، إذ لو رفعت النيابة العامة دعوى الفقدان طبقا لنص المادة 114 من قانون الاسرة فهل ترفعها على نفسها عملا بأحكام المادة 03 مكرر؟، و من جهة اخرى تطلع على الملف لتبدي رأيها فيه عملا لنص المادة 141 من قانون الاجراءات المدنية .
و عليه فإنه يبدو أن الحل يكمن في تطبيق قواعد الاجراءات المدنية بخصوص الأهلية الاجرائية أي تمثيل الغائب قبل الحكم بفقدانه خاصة وأن المادة 38 في فقرتها الاولى من القانون المدني أشارت الى فكرة النيابة عن الغائب أي تمثيل الغائب قبل الحكم بفقدانه، وعليه فإنه يمكن الرجوع الى القواعد العامة الخاصة بالوكالة و الواردة في نص المادة 571 و مايليها من القانون المدني، و بالتالي يمكن للاشخاص الذين خولهم المشرع الحق في رفع دعوى الفقدان أن يطلبوا تعيين وكيل قضائي عن الشخص المفقود يتولى تمثيله أمام الجهات
القضائية و بالتالي تثبت له الاهلية الاجرائية ،أو الصفة الاجرائية كما يسميها بعض الفقهاء ،

(1) انظر مقال تحت عنوان : تطبيقات المادة 141 من قانون الاجراءات المدنية للاستاذ و القاضي سعد عبد العزيز . المجلة القضائية العدد 01 لسنة 1999 ص 21

و تثبت للشخص المفقود الصفة في الدعوى التي تعد شرطا لقبول دعوى الفقدان ، طبقا للقاعدة الاجرائية التي مفادها أن الدعوى ترفع من ذي صفة على ذي صفة

.الفرع الثـــــــــالث :
إثبــــــات الفقــــــدان :
إثبات الفقدان هو إقامة الدليل على أن الشخص الغائب يعتبر مفقودا في نظر القانون، و قد جاء في نص المادة 109 من قانون الاسرة بأن لا يعتبر الشخص الغائب مفقودا إلا بحكم قضائي، أي أن الحكم القضائي هو الوسيلة الوحيدة التي بموجبها تثبت للشخص صفة المفقود، و هو إجراء الزامي للحكم بعد ذلك بموت المفقود حكميا وذلك بعد مرور مدة زمنية معينة، و لكن يشترط للاستصدار حكم يقضي بالفقدان أن يرفع المدعي دعوى قضائية يثبت فيها غياب الشخص ، و إختفائه عن الوجود ، و جهل أثره، و هنا نكون بصدد إثبات واقعة مادية ، و الواقعة المادية تثبت بجميع طرق الاثبات كأن يقيم الدليل على غياب الشخص بواسطة شهادة شهود فيقضى له بالفقدان ، و هذا ما جرى عليه العمل في مختلف الجهات القضائية .
لكن خروجا عن القاعدة العامة التي تقضي بان لا فقدان إلا بحكم قضائي أجاز المشرع بموجب نصوص خاصة إثبات الفقدان بواسطة محاضر الضبطية القضائية ، و أعطى للورثة و للنيابة العامة و لكل ذي مصلحة أن يلجأ للقضاء مباشرة و استنادا الى هذه المحاضر للاستصدار حكم يقضي بموت المفقود و هذا ما نصت عليه المادة 02 من قانون 02/03 المتعلق بمفقودي فياضانات 10 نوفمبر 2001 ( الجزائر العاصمة- باب الواد) و التي جاء فيها : ” تعد الضبطية القضائية محضر معاينة بفقدان الشخص المعني عند إنتهاء الابحاث ، و يسلم هذا المحضر لذوي حقوق المفقود، أو لكل شخص له مصلحة في أجل لا يتعدى أربعة 04 اشهر من تاريخ وقوع الكارثة “.

كما جاء في نص المادة 02 من قانون 03/06 المتضمن الاحكام المطبقة على مفقودي زلزال 21/05/2003 ( بومرداس ) مايلي : ” تعد الضبطية القضائية محضر معاينة بفقدان الشخص المعني عند إنتهاء الابحاث، و يسلم هذا المحضر لذوي حقوق المفقود ،أو لكل شخص له مصلحة في أجل لا يتعدى ثمانية 08 اشهر من تاريخ وقوع الكارثة”.
من خلال النصين المذكورين يتبين أنه في الحالات العادية يستوجب القانون استصدار حكم يقضي بالفقدان قبل رفع دعوى قضائية للحكم بموت المفقود ، بينما في الحلات الخاصة و هي حالة مفقودي الفياضانات ،و الزلازل فإنه يكفي أن يحرر محضر الضبطية القضائية الذي يثبت بموجبه فقدان الشخص بعد التحري و البحث ، أي يتولى ضباط الشرطة القضائية مهمة إثبات فقدان الاشخاص بسبب الفياضانات أو الزلزال خلال الفترة المحددة قانونا و بموجب محاضر رسمية محررة طبقا للقواعد الشكلية المنصوص عنها في قانون الاجراءات الجزائية , بحيث تكون لها حجية مطلقة إذ تحل محل الحكم القضائي فلا تسقط حجيتها إلا بالطعن فيها بالتزوير .
كما إشترط المشرع من خلال هذين النصيين أن تسلم هذه المحاضر الى ذوي المفقود خلال فترة محددة قانونا , و بعدها يكون لكل ذي مصلحة ان يرفع دعوى لاثبات وفاة المفقود فتترتب عن ذلك كافة الاثار المنصوص في التشريع المعمول به..

المطلب الثانـــــــــــــــي :
الأثار القانـــــــــونية للحكم بالفقـــــــدان :

أوجبت المادة 111 من قانون الاسرة على القاضي عندما يحكم بالفقدان أن يقوم بحصر أموال المفقود إن وجدت له اموال ، وهذه مسألة فنية من اختصاص أهل الخبرة ، و عليه يكون على القاضي أن يأمر بموجب حكم تمهيدي بتعيين خبير قضائي تسند له مهمة حصر الاموال من منقولات وعقارات .
و بالرغم من صراحة النص إلا أنه عند الإطلاع على مختلف الاحكام الصادرة عن الجهات القضائية ثبت عدم مرعاة القضاة لهذا الاجراء ، وهذا ما يجعل المجال واسعا للطعن بالنقض فيها .

و من ناحية أخرى نصت المادة نفسها على تعيين مقدم عن المفقود مما يجعل البعض يعتقد أن المشرع جعل المفقود في مركز ناقص الاهلية ، أو فاقدها ، ذلك ما سنوضحه في الفرع الاول ، كما تتطرقت كل من المادة 115 و المادة 113 من القانون نفسه الى الأثار المترتبة على الفقدان بالنسبة لأموال المفقود الخاصة ، و ماله من غيره و نوضح ذلك تفصيلا في الفرع الثاني ، و في الفرع الاخير نعالج حق الزوجة في طلب الطلاق عملا بنص المادتين 112 ، 53 من قانون الأسرة .

الفـــــــــرع ألاول:

أهلية الشخص المحـــــــكوم بفقدانه :

نصت المادة 111 من قانون الأسرة على تعيين مقدم من أقارب الشخص المفقود أو غيرهم لتسير اموال هذا الاخير ، و نصت في الأخير على مراعاة أحكام المادة 99 من القانون نفسه، و بالرجوع الى هذه المادة نجد أنها تتعلق بأحكام التقديم ، و تعرف المقدم بأنه الشخص الذي تعينه المحكمة في حالة عدم وجود ولي أو وصي على من كان فاقد الأهلية أو ناقصها، و بذلك يكون المشرع عندما أخضع المفقود لأحكام التقديم قد جعله في مركز ناقص الأهلية أو فاقدها ،و هذا أمر لا يمكن الجزم عليه خاصة و أنه بالرجوع للفقه الإسلامي نجد إختلافا في الأراء ، بحيث ذهب البعض الى القول بأن المفقود بهذه الصفة صار كالصبي و المجنون وفي تنصيب من يحفظ ماله و يقوم عليه نظر له (1) .
في حين ذهب البعض الأخر الى القول أن الغائب شخص كامل الاهلية و لكن الضرورة قضت بإقامة وكيل عنه يدير شؤونه حتى لا تتعطل مصالحه و مصالح الناس (2) ،و ذهب البعض الاخر الى القول بأن هناك حالات يستكمل فيها الشخص أهليته و لكن لا يمارس تصرفاته لغياب أو فقد فيعين له القاضي وكيلا قضائيا يدير شؤونه (3) .
إن القراءة المنطقية للمادتين 99 و 111 من قانون ألاسرة الجزائري تستقيم لو كان

(1) : د: أحمد نصر الجندي – مبادئ القضاء الشرعي في خمسين عاما ص 955
(2) المستشار: معوض عبد التواب : موسوعة الاحوال الشخصية الجزء الثاني ص 1012
(3) : د: اديب إستانبولي : المرشد في قانون الاحوال الشخصية الجزء الاول ص 754

الشخص المحكوم بفقدانه ناقص الاهلية لصغر سنه أو فاقدها لجنون ، و لم يكن له ولي أو وصي فيحكم القاضي بتعيين مقدم عنه يتولى تسيير أمواله, رغم أن هذا التحليل يجعلنا نطرح تساؤلا أخر حول إمكانية تعيين مقدم مع وجود الولي أو الوصي ، كون أن المادة 99 تشترط للحكم بتعيين مقدم أن لا يوجد ولي أو وصي، و قد جرت العادة على أن يتقدم الولي بطلب تعيينه مقدما فيقضي له القاضي بذلك .
أما بالنسبة لكون المفقود شخصا بالغا سن الرشد عاقلا ، فقد ذهب الامام خليل رضي الله عنه الى الفصل بين فكرة تعيين المقدم و فكرة نقصان أو انعدام الاهلية ، بحيث ربط وجود أو عدم وجود المقدم مع وجود أو عدم وجود من يسير المال، فالقاضي عندما يقضي بتعيين
مقدم لا يعتبر بذلك انه مس بأهلية الشخص ،و إنما إعتبارا و مراعاة لعدم وجود من يسير المال ، فيكون المقدم بذلك هو الشخص الذي يعينه القاضي لتسيير الاموال في حالة عدم قدرة مالكها على القيام بذلك .
و من ناحية أخرى يثار الإشكال في تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة ضد المفقود و التي تمس ذمته المالية كون المشرع الجزائري لم يعالج هذه المسألة بنص خاص، و لكن بالرجوع للفقه الاسلامي نجد أن المنصب ( المقدم ) ليس بخصم فيما يدعى على المفقود من دين ووديعة و شركة في عقار و نحوه، لأنه ليس بمالك و لا نائب عنه ، ولانه لا يملك الخصومة و لو قضي بخصومة لم ينفذ ، و حول هذه المسألة يرى الامام خليل رضي الله عنه انه إذا صدرت أحكام قضائية مست بالذمة المالية للمفقود فإنها لا تنفذ عليه ،إلى أن يعود فتتبع إجراءات التنفيذ في مواجهته ،أو يصدر حكم يقضي بموته فيجوز حينئذ التنفيذ على تركته .

الفرع الثانـــــــــــــــــــــي :
أثـــــــار الحكم بالفقدان على أموال المفقـــــــود :
إذا كان للشخص الذي صدر ضده حكم يقضي بالفقدان أموال يعين له القاضي مقدما ليسهر على تسييرها عملا بنص المادة 111 من قانون الاسرة و التي جاء فيها ” على
القاضي عندما يحكم بالفقد ان يحصر أموال المفقود و ان يعين في حكمه مقدما من الاقارب أو غيرهم لتسيير اموالالمفقود و يتسلم مااستحقه من ميراث او تبرع مع مرعاة أحكام المادة (99) من هذا القانون “.
و للمقدم أن يتصرف فيها كتصرف الولي في أموال القاصر، دون أن تكون محلا لتقسييم أو للتملك عن طريق الميراث لإعتباره حيا ، و باعتباره حيا يثبت له الميراث من غيره و يوقف الى غاية رجوعه حيا أو يحكم بموته عملا بنص المادة 133 من قانون الاسرة و بناء على ذلك نفرق بين :
– أثر الفقدان على اموال المفقود الخاصة
– اثر الفقدان على مال غيره .

اولا : أثر الحكم بالفقدان على أموال المفقود الخاصة :
أخذا برأي الجمهور، إعتبر المشرع الجزائري الشخص المحكوم عليه بالفقدان حيا ، فإن ثبتت ملاءة ذمته المالية كأن يكون مالكا لمنقولات أو عقارات إستمرت ملكيته لها ، فلا تعتبر أمواله إرثا و لا يكتسبها الغير عن طريق الميراث عملا بنص المادة 115 من قانون الاسرة و التي جاء فيها : ” لا ُيَوَرثُ ألمفقود و لاتقسم أمواله الا بعد صدور الحكم بموته , و في حالة رجوعه او ظهوره حيا يسترجع ما بقي عينا من امواله أو قيمة مابيع منها “.
و علة ذلك تكمن في كون الإرث لا يستحق الا بثبوت موت المورث حقيقة أو حكما عملا بنص المادة 127 من قانون الاسرة .
و للمقدم ان يتصرف في مال المفقود كتصرف الولي أو الوصي في مال القاصر، فتكون له سلطة إدارة المال دون التصرف فيه ، و ليس له أن يبطل إيجارا ابرمه المفقود لم تنته مدته بعد, بل له أن يؤجر المال لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات ، و إن تجاوزت مدة الإيجار ذلك

أو كان العمل الذي قام به من أعمال التصرف فإنه يكون باطلا بطلانا مطلقا إلا ما أجازه القاضي بإذن مسبق فإنه يعتبر صحيحا ، و إن وجدت لدى المفقود أموال سريعة التلف و الفساد بطبيعتها يكون للمقدم أن يستأذن القاضي في بيعها و يحتفظ بثمنها فإن ظهر المفقود حيا أخذه ، و إن حكم بموته دخلت ضمن التركة و حقت لورثته .
هذا و قد نصت المادة 115 من قانون الاسرة على أن لا تقسم أموال المفقود فإن كان مالك على الشيوع فلا تتخذ ضده إجراءات القسمة
و يكون على المقدم ان ينفق على اولاد المفقود ، و زوجته التي هي في عصمته من مال المفقود لوجوبها عليه .
و عموما يتولى المقدم تسيير اموال المفقود , فيتسلم ما استحقه من ميراث يوقف له أو تبرع , و عند إنتهاء مهمته سواء بالعزل أو الموت , أو برجوع المفقود عليه أن يقوم بتسليم الاموال التي في عهدته , و يقدم عنها حسابا بالمستندات الى من يخلفه أو الى الشخص المفقود اذا رجع أو إلى ورثته , و ذلك في مدة لا تتجاوز شهرين من تاريخ إنتهاء مهمته و هذا ما نصت علي المادة 97 من قانون الاسرة .

ثانيا : أثر الحكم بالفقدان بالنسبة لميراث المفقود من غيره:
حق المفقود في الإرث ثابت في قانون الأسرة الجزائري فقد نصت المادة 133 منه : ” إذا كان الوارث مفقودا ، و لم يحكم بموته يعتبر حيا وفقا لاحكام المادة 113 من هذا القانون “.
فيكون المشرع بذلك قد إعتبر المفقود حيا بالنسبة لمال غيره ، و قرر له الحق في الميراث أخذا برأي جمهور المالكية و الشافعية و الحنابلة و الظاهرية و الشيعة الامامية (1) ، و خلافا لما جاء به الامام الحنفي رضي الله عنه و الذي يرى أن المفقود لا تثبت له حقوق إيجابية من غيره و لا يرث لعدم تحقق شرط الارث فيه و هو تحقق حياته ،و حياة المفقود غير محققة لوجود إحتمال موته (2) .

(1) د : العربي بلحاج .الوجيز في شرح قانون الاسرة الجزائري . الجزء الثاني ص 202 .
(2) د: وهبة الزحيلي . الفقه الاسلامي و أدلته ص 421 .

لكن نص المادة المذكور أعلاه لم يبين كيفية توريته ، و بالرجوع الى الفقه الاسلامي نجد الامام الشيخ محمد بن عمر البقري الشافعي رحمة الله عليه يقول في كتابه شرح متن الرحبية :
وأحـــكـــــــم عـــلـــى المفـــقـــــود حـــكـــــم الخـــــنثـــى
ان ذكـــــــــرا كــــــــــــــان أو هـــــــو أنـــــــــــــــثى.

أي أن حكم المفقود في الميراث يأخذ حكم الخنثى إلا انه في الخنثى يكون الشك في الذكورة و في المفقود يكون الشك في الوجود .
وحكم المفقود بذلك هو أن يقسم المال بين الحاضرين و ذلك بأن تقدر حياته و ينظر فيها و تقدر موته فينظر فيها ، فمن إختلف نصيبه بموت المفقود أو حياته اعطي أقل النصيبين و من لا يختلف نصيبه يعطاه في الحال كاملا ، و من يرث بتقدير دون تقدير لا يعطى شيئ و مثالثه من توفى عن ابنيين احدهما مفقودا ، فإن الابن الحاضر يأخذ النصف على إفتراض المفقود حيا ، و يوقف النصف الاخر الى غاية ظهور المفقود ،إن ظهر قبل الحكم بموته أخذه ، و إن حكم بموته رد نصيبه الى الابن الحاضر ، و إن ظهر حيا بعد الحكم بموته أخذ ما تبقى من نصيبه.
و مثاله كذلك من ماتت عن زوج ، أم و أخوين لام أحدهما مفقودا ،فيكون للزوج النصف كاملا لعدم إختلاف نصيبه في التقديرين ،و للام السدس و للاخ لام كذلك السدس لاحتمال حياة المفقود ، و يوقف السدس الباقي فإن ظهر المفقود حيا فهو له أو ميتا فيرد على ألام .
و مثاله كذلك من مات و ترك زوجة و أما , و أخ لاب موجود و أخ شقيق مفقود, فيعطى للزوجة الربع لان نصيبها لا يتغير على تقدير حياة المفقود , و لا على تقدير موته و تعطى الام السدس لانه على تقدير حياة المفقود يكون للميت أخوان , و نصيب الام مع الاثنين من الاخوة السدس , و لا يعطى الاخ لاب شيئا لانه على تقدير حياة المفقود يكون محجوبا به .
و كان على المشرع أن يضيف فقرة ثانية للمادة 133 من قانون الاسرة لتكون صياغتها كالتالي :
“يوقف للمفقود من تركة مورثه نصيبه فيها ، فإن ظهر حيا أخذه و إن حكم بموته رد نصيبه الى من يستحقه من الورثة وقت موت مورثه، أما اذا ظهر حيا بعد الحكم بموته أخذ ما تبق من نصيبه بايدي الورثة ” (1) .

الفرع الثــــــــــالث:
أثر الحكم بالفقدان على زوجـة المفقــــــــود :
تستمر العلاقة الزوجية بعد الحكم بالفقدان ، و تبقى قائمة ، فيثبت بذلك للزوجة حقيين:
– الحق في النفقة
– الحق في طلب التطليق.

اولا: حق الزوجة في النفقة :
نص المشرع الجزائري في المادة 74 من قانون الاسرة على أنه تجب نفقة الزوجة على زوجها بالدخول بها أو دعوتها اليه ببينة ، و عليه فإن لزوجة المفقود الحق في النفقة من ماله اذا ماأثبتت وجود علاقة زوجية قائمة بينهما بموجب عقد صحيح، و بعد تحليفها يمين الاستثاق (2) لقوله عليه الصلاة و السلام :” الانفاق لمن مسك بالساق” ، فتنفق الزوجة من مال المفقود ، و إن أنفقت من مالها على نفسها يكون ذلك بمثابة الدين في ذمة زوجها لقول إبن عاصم :
ومنــفق علــــى نــفـــس و صــبــي مــطــلـــقَ
لـــه الـــرجــــوع بـــــالـــــذي انـــفــــــــــــــقَ.
و بناء على ماسبق يحق للزوجة أن ترفع دعوى النفقة ,و يقضي لها القاضي بذلك بعد التأكد من وجود مال لدى زوجها المفقود, و ليس له ان يأمر ببيع العقارات بل له أن يأمر بنفقة الزوجة من إيجار هذه العقارات , وقد حدد قانون الاسرة الجزائري عناصر النفقة في نص
المادة 78 فهي تشمل الغذاء و الكسوة و العلاج , و السكن أو اجرته و كل ماهو من الضروريات في العرف و العادة .

(1) د: العربي بلحاج . المرجع السابق ص 202
(2) يمين الاستثاق : أن يحلف القاضي الزوجة بانها لم تطلق و انتهت عدتها و ليست ناشزا

ثانيا : حق الزوجة في طلب التطليق:
نصت المادة 112 من قانون ألاسرة على حق الزوجة في طلب الطلاق واحالت على نص المادة 53 والتي جاء في فحواها انه يمكن للزوجة ان تطلب التطليق لغيبة الزوج بعد مرور سنة بدون عذر ونفقة ، وفي ذلك مراعاة لمصلحة الزوجة وحفاظا على عفتها فان خشيت على نفسها الزنا لان اقامتها من غير زوج لمدة طويلة مع محافظتها على العفة و الشرف مما يتعذر على الطبيعة البشرية إحتماله قد يلحق بها اضرار بليغة ،فاجاز لها القانون و الشرع ان تلجأ للقاضي طالبة تطليقها منه، و لكن قيد المشرع الجزائري هذا الحق بثلاث شروط و هي:
– أن تستمر مدة غيبة الزوج ســــنة كـــــامــلــة
– أن يكون غيــــابه لغــــــــير عـــــــــذر مقبول
– أن لا ينفق الزوج على زوجته لمدة سنة كاملة .
الشرط الاول : غياب الزوج لمدة سنة يسري على الغائب و المفقود على إعتبار ان المشرع لا يفرق بين المصطلحين ، و هو أن لا تدري الزوجة مكان زوجها و حاله ،ذلك بأن يغادر بيت الزوجية فلا يظهر له اثر لمدة سنة كاملة .
الشرط الثاني: أن يكون غيابه بلا عذر لان ذلك يبين تعمد الزوج اضرار و إيذاء زوجته مما يجيز تطليقها منه ، بينما لو غادر الزوج طالبا العلم أو بحثا عن العمل فيعتبر ذلك عذر مقبول و لا تقبل دعوى تطليقها منه .
الشرط الثالث: إشترط المشرع أن لا ينفق الزوج الغائب على زوجته مدة سنة كاملة, ذلك لان الانفاق هو شرط احتباس الزوج لزوجته و نيته في الابقاء عليها تحت عصمته , فمتى ثبت أن الزوج ينفق على زوجته خلال السنة حال ذلك دون تطليقها منه رغم أن هذا الشرط
لم يأخذ به الامام مالك رضي الله عنه و أجاز تطليق الزوجة إذا غاب عنها زوجها لمدة سنة كاملة و لو ترك لها مال تنفق منه اعتبارا للضرر الذي يلحق بها.
عندما ترفع الزوجة دعوىالتطليق للغيبة على القاضي ان يتأكد من توافر الشروط السابقة الذكر ، و أن ينظر ما اذا كان الزوج الغائب معلوم المكان فيضرب له اجلا و يعذره بأن يحضر للاقامة مع زوجته، أو ينقلها إليه أو يطلقها ، فإذا إنقضى الاجل دون أن يقوم بذلك حكم القاضي بتطليق زوجته منه طلاقا بائنا ، و إن لم يكن الزوج معلوم المكان يحكم القاضي بتطليق زوجته في الحال دون حاجة لاعذاره.
و لقد نص المشرع في المادة 63 من قانون الاسرة على إجراء جوازي يجوز للقاضي قبل إصداره للحكم بالتطليق لغياب الزوج و فقدانه أن يتخذه بناء على طلب الزوجة و ذلك ،بان يسمح لها بتوقيع كل شهادة إدارية ذات طابع مدرسي أو اجتماعي تتعلق بحالة الطفل داخل التراب الوطني .
كما نصت المادة 17 من قانون 05- 02 المؤرخ في 27 فيفري2005 و المتضمنة تعديل المادة 87 من قانون الاسرة على انه في حالة غياب الاب أو حصول مانع له تحل الام محله في القيام بالامور المستعجلة المتعلقة بالاولاد.

المبحث الثـــــــــالث:
الحكم بمــــــوت المفقـــــــــود :

اذا لم يظهر الشخص المحكوم بفقدانه بعد مدة زمنية محددة قانونا يحكم بموته بناء على طلب الورثة ،أو النيابة العامة أو ذي مصلحة ، و يتم تسجيل الحكم بموت المفقود بسجلات الحالة المدنية أي تسجيل المنطوق في سجل عقود الوفيات ، و على هامش عقد زواجه إن كان متزوجا و على هامش عقد ميلاده ، بينما الحكم بالفقدان فلا يخضع لهذه الاجراءات و تترتب عن الحكم بموت المفقود اثارا قانونية نبينها بعد التطرق الى القواعد الخاصة التي تحكم دعوى موت المفقود و تميزها عن دعوى الفقدان .

المطلب الاول :
القواعد الاجرائية الخاصة بدعوى موت المفقود:

لدعوى موت المفقود اجراءات خاصة بها يجب احترامها فهي لا تختلف عن دعوى الفقدان من حيث الجهة القضائية المختصة نوعيا ، و لا من حيث اطراف الخصومة فالاطراف التي اعطى لها المشرع الحق في رفع دعوى الفقدان هي نفسها التي يحق لها رفع دعوى موت المفقود سواء في قانون الاسرة أو في القوانين الخاصة , غير أن التساؤل الذي قد يتبادر الى الذهن بصدد هذه المسالة يكمن في مدى اشتراط ان ترفع دعوى موت المفقود من الشخص نفسه الذي رفع دعوى الفقدان .
اننا نرى أنه لا يمكن الاجتهاد مع صراحة النص, فبما أن النص جاء عاما و صريحا فلا يمكن تقييده باشتراط أن ترفع دعوى موت المفقود من الشخص نفسه الذي رفع دعوى الفقدان , و بذلك لا يكون للقاضي أن يثير انتفاء صفة المدعي من تلقاء نفسه , بل يطبق احكام المادة 114 من قانون الاسرة في دعوى موت المفقود بصورة مستقلة عن تطبيقها في دعوى الفقدان.
لكن يكمن الاختلاف في كون الجهة القضائية المختصة محليا بنظرها محددة بنص خاص ، خروجا بذلك عن القواعد العامة المقررة في قانون الاجراءات المدنية ، كما إشترط المشرع مرور مدة زمنية معينة تختلف بحسب حالة الفقدان للحكم بموت المفقود و هذا ما سنوضحه في الفرعين الاول و الثاني ، و في الفرع الثالث نتطرق لدراسة الاحكام القانونية التي جاءت بها القوانين الخاصة بحالة مفقودي فياضانات 10 نوفمبر 2001 و زلزال 21 ماي 2003 .

الفرع الاول :
الجهة القضائية المختصة محليا بنظر الدعوى:
خروجا عن القواعد العامة التي تحكم الاختصاص المحلي في قانون الاجراءات المدنية حدد نص المادة 91 من الامر 70-20 المؤرخ في 19 فيفري 1970 المتضمن قانون الحالة المدنية الجهة القضائية التي تختص محليا بنظر دعوى موت المفقود و قد جاء فيها :
” يقدم الطلب الى محكمة مكان الولادة.
الا أنه بالنسبة للجزائريين المولودين في الخارج و كذا بالنسبة للاجانب فإن الطلب يقدم الى محكمة المسكن أو الاقامةالاعتيادية .
إذا لم يتوفر غير ذلك فتكون محكمة مدينة الجزائر هي المختصة.
اذا فقد عدة اشخاص خلال نفس الحادث فيجوز تقديم طلب جماعي الى محكمة مكان وقوع الفقدان أو اذا لم توجد فيه محكمة ، فالى محكمة مدينة الجزائر”.
و من خلال نص هذه المادة يتضح ان الاختصاص المحلي يتحدد بصفة الاشخاص المفقودين كالتالي:

اولا: بالنسبة للاشخاص المولودين في التراب الجزائري .
اذا كان الاشخاص المفقودون مولودين في الجزائر فإن الاختصاص بنظر دعوى الفقدان ينعقد للمحكمة التي يقع في دائرة إختصاصها مكان الولادة ، فإن لم تتوفر هذه الحالة إنعقد الاختصاص لمحكمة مدينة الجزائر.

ثانيا: بالنسبة للاشخاص من جنسية جزائرية و لدو في الخارج و الاجانب:
إذا كان الاشخاص المفقودون جزائري الجنسية ولدوا في الخارج أو كانوا أجانبا فإن الاختصاص بنظر دعواهم ينعقد للمحكمة الواقع في دائرة إختصاصها موطن المفقود أو مقر إقامته المعتاد فإن لم يتوفر ذلك إنعقد الاختصاص لمحكمة مدينة الجزائر

ثالثا : بالنسبة للاشخاص المفقودين في نفس الحادث:
اذا تعلق الامر بأشخاص فقدوا في نفس الحادث فإن الاختصاص بدعوى الفقدان ينعقد للمحكمة التي يقع بدائرة اختصاصها مكان وقوع الفقدان ،فإن لم توجد محكمة في هذا المكان انعقد الاختصاص بذلك لمحكمة مدينة الجزائر .
من خلال تحليل نص المادة المذكور أعلاه يتبين أنه فعلا لدعوى موت المفقود قواعد خاصة تحكمها من حيث تحديد الجهة القضائية المختصة محليا بنظرها و لكن التساؤل الذي يمكن طرحه في هذه النقطة القانونية هو : هل أن هذه القواعد الواردة بموجب نص خاص تعتبر من النظام العام , أي و بصيغة أخرى, هل تعتبرقواعد الاختصاص المحلي في هذه الحالة من النظام العام و يكون للقاضي اثارتها من تلقاء نفسه ؟
إن النص المذكور أعلاه لم يبين ما اذا كانت هذه القواعد الاجرائية من النظام العام, بحيث جاء النص بعبارة لا تفيد الالزام ,و لكن التفسير المنطقي لذلك يقتضي جعل هذه القواعد من النظام العام بغض النظر عن عدم ورود النص بصيغة الالزام, بل استنادا الى مبدأ الخروج عن القواعد العامة بنص خاص , فالنص الخاص واجب التطبيق و لو لم يكن من النظام العام عملا بقاعدة ” الخاص يقيد العام” .
و عليه يكون للقاضي الذي رفعت أمامه دعوى موت المفقود مخالفة لما جاء في نص المادة 91 من قانون الحالة المدنية أن يثير عدم الاختصاص من تلقاء نفسه لصراحة و خصوصية النص القانوني .

الفرع الثـــــــــــــاني :
المدة الازمة للحكم بموت المفقود :
لم يرد نص من القران الكريم أو السنة النبوية يحدد الزمن الذي يحكم بمضيه بموت المفقود ، لذلك اختلف الفقهاء في ذلك فذهب الحنفية الى أنه لا يجوز الحكم بوفاة المفقود حتى يموت اقرانه الذين هم في سنه و قدر السن أحيانا بمئة و عشرين سنة (120) او تسعين (90) أو سبعين سنة (70) .
بينما ذهب المالكية الى القول بثلاث حالات :

– إذا فقد في بلاد الاسلام و في حالة يغلب فيها الهلاك كمن فقد في معركة بين المسلمين كان لزوجته أن ترفع أمرها الى القاضي للبحث عنه ، و بعد العجز عن خبره تعتد الزوجة عدة الوفاة ، و لها ان تتزوج بعد العدة ، و يورث ماله أي يعتبر ميتا بدون حاجة الى حكم القاضي بالنسبة لزوجته و ماله .
– إذا فقد في بلاد الاسلام في حالة لا يغلب فيها الهلاك و إنقطع خبره عن زوجته ، فإذا رفعت الزوجة أمرها الى القاضي حكم بوفاته بعد مضي أربع سنوات من تاريخ فقده و إعتدت عدة الوفاة ، و حلت للازواج بعد إنقضائها ، و أما أمواله فلا تورث عنه الا بعد مضي مدة التعمير و هي سبعون سنة (70 ) من تاريخ ولادته.
– إذا فقد في غير بلاد الاسلام ، و في حالة يغلب فيها الهلاك كمن فقد في حرب بين المسلمين و الاعداء ، و رفعت الزوجة أمرها الى القاضي، و بعد البحث و التحري عنه يضرب له أجل سنة ، فإذا انقضت إعتدت زوجته و حلت للازواج بعد إنقضائها، و يورث ماله.
بينما ذهب الحنابلة الى التفرقة بين حال من فقد في حالة يغلب فيها الهلاك ،و الحالة التي لا يغلب فيها الهلاك و الحالة الاولى هي حالة من خرج في حرب و لم يعد يحكم بموته بعد أربع سنوات من فقده، و تقسم أمواله على و رثته بعدها ، و تعد زوجته عدة الوفاة أربعة اشهر و عشرة أيام من تاريخ الحكم بموته، و إذا كان قد فقد في حال لا يغلب فيها الهلاك كمن خرج الى السياحة فإنه يبحث عنه بكل الوسائل فإن غلب على ظن القاضي من تتبع أخباره أنه قد مات حكم بموته، و إلا فإنه ينتظر حتى تقوم قرينة ، أو يموت أقرانه و قدر موت أقرانه بتسعين سنة (90).
بينما المشرع الجزائري فإنه سلك مسلكا خاصا يكاد يقترب من موقف الحنابلة بحيث جاء في نص المادة 113 من قانون ألاسرة :” يجوز الحكم بموت المفقود في الحروب و الحالات الاستثنائية بمضي اربع سنوات 04 بعد التحري،و في الحلات التي تغلب فيها السلامة يفوض الامر الى القاضي في تقدير المدة المناسبة بعد مضي أربع سنوات “.
و يتبين من خلال هذا النص أن المدة الواجب إنقضائها للحكم بموت المفقود تختلف بإختلاف الحالة التي فقد فيها الشخص ، و كما سبق الحديث عنه و ذكرته المادة السالفة فإن حالات الفقدان هي إما حالة حرب أو حالة إستثنائية أو حالة تغلب فيها السلامة ، و يكون حساب المدة كالتالي :

اولا: المدة الضرورية للحكم بموت المفقود في حالة الحروب و الحالات الاستثنائية :
إذا رفعت دعوى موت المفقود و تبين للقاضي و تأكد من أن المعني قد فقد في حالة يغلب فيها الهلاك كأن تكون حالة حرب أو حالة إستثنائية ،فانه يمكن له الحكم بموته إذا ثبت مضي اربع سنوات (04) من فقدانه بعد التحري ، و قد إختلفت الجهات القضائية في كيفية حساب هذه المدة ، بحيث إعتبر البعض أن بداية حساب المدة يكون من تاريخ صدور الحكم بالفقدان (1) و يرى البعض الاخر أن مدة أربع سنوات تحسب من يوم إجراء البحث و التحري الذي اثبت فقدان الشخص ، و لقد صدر قرار عن المحكمة العليا يخص هذه المسالة بتاريخ 02/05/1995 ملف رقم 118621 جاء في إحدى حيثياته أنه : ” حيث ان قضا ة الموضوع فعلا قد أخطأوا في تطبيق القانون خاصة المادتين 109 و 113 من قانون الاسرة , لانه لا يمكن إصدار حكم بالموت في مثل قضية الحال الا إذا صدر قبله حكم بالفقد , و لا يجوز بأية صفة من الصفات الحكم بالفقد و الموت في آن واحد , و ذلك لوجوب احترام فترة الاربعة سنوات المنصوص عليها في قانون الاسرة ………………………………………………”
كما ان هناك قرار صادر عن محكمة المدية بتاريخ 28/09/2002 تحت رقم 123/2002
يخص المسألة نفسها و جاء في إحدى حيثياتته مايلي : ” حيث أن مدة الاربع سنوات المنصوص عليها بالمادة 113 من قانون الاسرة غير متوفرة و أن المدة تكون بعد التحري أي بعد صدور الحكم بالفقدان………………………………………………………………..”
اســـــتمر الوضــع علـى هــذا الحـــــال الى غاية صدور قرار المحكمة العليا المؤرخ فــي
10/04/2002 ملف رقم 290808 (2) و الذي أكد أن حساب مدة الاربع سنوات يبدأ من تاريخ ثبوت الفقدان و ليس من تاريخ صدور الحكم بالفقدان ،و مما جاء في حيثياته: حيث انه فعلا و بالرجوع الى القرار المنتقد يتبين أن قضاة الاستئناف أسسوا قرارهم على المادة

(1) حكم مؤرخ في 19/05/2001 تحت رقم 113/01 صادر عن قسم الاحوال الشخصية بمحكمة تبسة (مرفق بالملحق)
(2) قرار مؤرخ في 10/04/2002 ملف رقم 290808 منشور بالمجلة القضائية العدد الاول لسنة 2003 (مرفق بالملحق

113 من قانون الاسرة ، و أيدوا الحكم المستأنف في حين أن هذه المادة تجيز الحكم بموت المفقود في الحروب و الحالات الاستثنائية و هما ظرفان يجعلان الفقدان يثبت من تاريخ فقد المفقود الذي تم التحري بشأنه………………………………………………………”
و يتبين من خلال هذا القرار أن مدة الاربع سنوات التي نص عليها المشرع يبدأ حسابها من يوم ثبوت الفقدان بالتحري و ليس من يوم تاريخ صدور الحكم بالفقدان .

ثانيا : المدة الازمة للحكم بموت المفقود في الحالات التي تغلب فيها السلامة :
ترك المشرع الجزائري في نص المادة 113 من قانون الاسرة السلطة التقديرية لقاضي الموضوع في تقدير المدة الازمة للحكم بموت الشخص الذي فقد في حالة تغلب فيها السلامة فيكون للقاضي الرجوع لوقائع القضية المعروضة عليه ، و يستخلص من خلال ظروف الفقدان و حالة الشخص المفقود أي سنه ، و جنسه ، و ظروفه الصحية المدة التي يعتمد عليها للحكم بموت المفقود ، لكن سلطة القاضي في ذلك مقيدة بشرط مرور مدة تزيد عن أربع سنوات من يوم البحث و التحري (1) ، و هو أمر منطقي ذلك انه إذا كان المشرع قد إشترط للحكم بموت المفقود في حالة فقدان يغلب فيها الهلاك مرور مدة اربع سنوات، فمن المنطقي
أن تكون المدة في حالة الفقدان التي تغلب فيها السلامة أطول من ذلك ، كما يجوز للقاضي إذا ارتأى له أن الوفاة غير ثابتة على الوجه الكافي ان يأمر بإجراء تحقيق تكميلي و لا سيما التحقيق الاداري عملا بنص المادة 92 من قانون الحالة المدنية.
الفرع الثالث :
الاجراءات الخاصة بمفقودي فياضانات 10 نوفمبر 2001 وزلزال 21 ماي 2003 :
خص المشرع الجزائري مفقودي فياضانات 10 نوفمبر 2001 ( الجزائر العاصمة – باب الواد) و زلازل 21 ماي 2003 ( بومرداس ) باجراءات خاصة من خلال الامر 02/03 المؤرخ في 25 فيفري 2002 المتعلق بمفقودي الفياضانات و قانون 03/06 المؤرخ

(1) حكم مؤرخ في 16/03/2003 تحت رقم 72/2003 صادر عن قسم الاحوال الشخصية , محكمة بومرداس ( مرفق بالملحق)
في 14 جوان 2003 المتعلق بمفقودي الزلزال و تتمثل هذه الخصوصية في كونه أخرج إثبات الفقدان عن القواعد العامة المقررة في قانون الاسرة ، بحيث أجاز إثبات حالة الفقدان بواسطة محاضر معاينة الفقدان فقد نصت المادة 02 من الامر 02/03 على مايلي : ” تعد الضبطية القضائية محضر معاينة بفقدان الشخص المعني عند إنتهاء الابحاث و يسلم هذا المحضر لذوي حقوق المفقود أو لكل شخص له مصلحة في أجل لا يتعدى أربعة أشهر من تاريخ وقوع الكارثة”، بينما نصت المادة 02 من قانون 03/06 المتعلق بمفقودي الزلزال على مايلي :” تعد الضبطية محضر معاينة بفقدان الشخص المعني عند إنتهاء الابحاث ، و يسلم هذا المحضر لذوي حقوق المفقود أو لكل شخص له مصلحة في أجل لا يتعدى ثمانية أشهر من تاريخ وقوع الكارثة .
إضافة الى إثبات الفقدان بموجب محاضر الضبطية القضائية يلاحظ أن مدة تسليم المحضر لذوي الحقوق محددة و تختلف بين الحالة الاولى و الثانية،و لم يبين المشرع الغاية من تحديد هذه المدة خاصة و أن المادة التالية أي المادة 03 من كل قانون نصت على دعوى موت المفقود ، وعليه يمكن تفسير ذلك بأنها المدة اللازمة لاثبات الفقدان أي أن ضباط الشرطة القضائية ملزمون بإثبات واقعة الفقدان خلال هذه المدة الزمنية ، و الا لم يعتبر الشخص من مفقودي الزلزال أو الفياضانات .
كما أن المشرع أعطى الحق للورثة ، و لكل شخص ذي مصلحة و للنيابة العامة ان يرفع دعوى موت المفقود و هو بذلك لم يخرج عن القواعد العامة المقررة في المادة 114 من قانون الاسرة .
في المادة الثالثة (03) سواء من الامر 02/03 او قانون 03/06 حدد المشرع مدة الفصل في دعوى موت المفقود ، و ألزم القاضي ان يفصل في أجل لا يتعدى شهر واحدا من تاريخ رفع الدعوى اليه ، و يصدر الحكم بصيغة ابتدائية نهائية ، لا يجوز الطعن فيه الا بطريق الطعن بالنقض امام المحكمة العليا و في ذلك خروج ايضا عن القواعد العامة.
و تجدر الاشارة الى انه في جميع الحالات التي يصدر فيها الحكم بموت المفقود فإن النيابة العامة تسهر على تنفيذه متى اصبح نهائيا ، وذلك بتسجيل منطوقه في سجلات الحالة المدنية

لمكان الولادة ، و عند الاقتضاء في سجلات اخر مكان أقام فيه المتوفي ، فيسجل المنطوق في سجل عقود الوفيات ، و على هامش عقد زواجه و على هامش عقد ميلاده .
و إذا كان الحكم جماعيا فترسل ملخصات فردية من منطوق الحكم الى ضابط الحالة المدنية لمكان الولادة ، أو لضابط الحالة المدنية للاخر مكان سكنى كل من المفقودين قصد التسجيل .هذا و قد أشارت المادة 93 من قانون الحالة المدنية بأن تحل أحكام التصريح بالوفاة محل عقد الوفاة ، و يمكن تصحيحها .
أما إذا ظهر المفقود بعد الحكم بموته فإن النيابة العامة أو المعني بالامر له أن يتبع اجراءات إبطال الحكم طبقا للاشكال المنصوص عنها في المادة 46 من قانون الحالة المدنية
جاء في نص المادة 48 من قانون الحالةالمدنية :” يجوز طلب الابطال من قبل الاشخاص المعنيين أو من قبل النائب العام لداعي النظام العام , و يسجل المقرر النهائي في سجلات الحالة المدنية و يشار اليه في هامش العقد المقرر إبطاله” .
و من خلال نص هذه المادة يتضح لدينا أن الحكم الذي قضى بموت المفقود هو حكم قابل للابطال متى ظهر الشخص حيا بعد ذلك , فيكون له ان يرفع دعوى إبطال هذا الحكم , كما يجوز للنيابة العامة ذلك , و يسجل منطوق الحكم القاضي بالابطال في سجلات الحالة المدنية أي يتم التاشير به على هامش العقد المقرر إبطاله.

المطلب الثاني :
أثار الحكم بموت المفقود :

عند صدور الحكم بموت المفقود ، و صيرورته نهائيا ، تترتب كافة الاثار القانونية الناجمة عن أية وفاة ، فيكون للورثة الحصول على امواله و إقتسامها بينهم على إعتبارها ميراثا لهم و تعتد زوجته عدة المتوفي عنها زوجها ، كما قد يظهر المفقود المحكوم بموته فتترتب عن ذلك أثار قانونية أخرى و هذا ما سنوضحه فيما يلي :

الفرع الاول :

أثار الحكم بموت المفقود على الاموال:

اولا: انتقال الاموال الى الورثة :
الاموال الخاصة بالمفقود المحكوم بموته تنتقل الى الورثة و توزع بينهم على أساس أنها ميراث لهم، على شرط أن يثبت وجودهم وقت الحكم بوفاته لانه يعتبر كأنه مات يوم صدور الحكم لقول الامام مالك بن أنس رضي الله عنه:” إنما يرث المفقود ورثته الاحياء يوم جعلته ميتا “.
أما ورثته الذين ماتوا بعد فقده أي بعد صدور الحكم المثبت للفقدان وقبل صدور الحكم بوفاته فلا يرثون ، وقد أكد المشرع الجزائري هذا المبدأ من خلال نص المادة 115 من قانون الاسرة و التي جاء فيها :” لا يورث المفقود و لا تقسم أمواله الابعد صدور الحكم بموته”.
وقد قال الامام مالك في هذا :” لا يرث أحد أحدا بالشك “، كما يحق للزوجة المعقود عليها و غير المدخول بها و التي اصطبرت لغاية صدور الحكم بالموت ان ترث من زوجها المفقود .
اما بالنسبة للاموال التي كان يمكن أن يرثها من غيره ، أو يستحقها بموجب وصية او هبة
فإن المفقود يعتبر ميتا من تاريخ فقده، فلا يرث نصيبه الذي أوقف له من تركة مورثه ، و لا ما يستحقه من وصية أو هبة ، و يتم ردها الى مستحقيها من ورثة المورث الاصلي ، و ذلك لان الشخص المحكوم بموته يعتبر بالنسبة لميراثه من غيره ميتا من تاريخ الحكم بفقدانه فلا تدخل تلك الاموال ضمن التركة.

ثانيا : أثر ظهور المفقود المحكوم بموته على الاموال :
كما جاء في نص المادة السالفة الذكر أنه في حالة رجوع المحكوم بموته أوظهوره حيا يسترجع ما بقي عينا من امواله أو قيمة ما بيع منها ، فالعائد بعد صدور الحكم بموته له أن يسترجع مابقي عينا من امواله ، و ما كان قائما منها يأخذه، و أما ما إستهلكه الورثة فلا يسترده و لا يمكنه مطالبتهم بتعويضه ذلك لانهم استهلكوه بناء على سند رسمي يتمثل في الحكم القضائي ، وقد إنتفعوا به بحسن نية و بطريقة شرعية فلا يجوز الرجوع عليهم لانهم مستثنون من الضمان ، فلا يضمن من يستهلك بحكم قضائي ، بينما ما تصرف فيه الورثة بالبيع فيكون للعائد أن يسترجع قيمته لصراحة نص المادة السالفة الذكر حول ذلك و حسنا فعل المشرع إذا يفترض أنه لا يباع إلا ماهو ثمين و ذو قيمة في السوق فمن باب أولى أن يفرض حماية أكثر لاموال المفقود المحكوم بموته و الذي ظهر بعد ذلك بتمكينه من إسترجاع قيمتها.
فيما يتعلق بالاموال الموقوفة للمفقود بعد صدور الحكم بالفقدان و التي سقطت عنه عند صدور الحكم بموته ،فلم يتطرق المشرع لمصير هذه الاموال ، ولم يعالج أمرها بنص صريح الامر الذي يجعل المجال واسعا لتطبيق نص المادة 115 و التي جاء فيها “و في حالة رجوعه أو ظهوره حيا يسترجع ما بقي عينا من أمواله أو قيمة مابيع منها”.
فالاموال التي أوقفت له بعد الحكم بفقدانه و التي أوحي بها له أو وهبت له تدخل ضمن مفهوم الاموال الخاصة به وقد نصت المادة على امكانية استرجاعه لامواله بصيغة عامة و مطلقة وهو مايتسنى لنا تفسير هذ النص تفسيرا واسعا ،خاصة وان الفقه الاسلامي قد اجمع على أنه يحق للشخص المحكوم بموته بعد ظهوره حيا أن يسترجع الاموال التي كانت موقوفة أو محجوزة له من ارث أو صية.

الفرع الثاني :
أثر الحكم بموت المفقود على الزوجة :
لم ينص المشرع الجزائري على أثار الحكم بموت المفقود بالنسبة لزوجته في الفصل السادس من قانون الاسرة , و المخصص لاحكام المفقود و الغائب , لكنه نص على اثر من اثار هذا الحكم في الفصل الثاني المخصص لاثار الطلاق فيما يتعلق بالعدة كما لم يعالج وضعية زوجة المفقود عند ظهوره بعد الحكم بموته و بناء على ذلك نتعرض لدراسة :
– عدة زوجة المفقود المحكوم بموته
– اثر ظهور المفقود المحكوم بموته على الزوجة .

اولا : عدة زوجة المفقود المحكوم بموته:
يعتبر موت المفقود موتا حكميا من تاريخ الحكم بالنسبة لزوجته، فتعتد عدة الوفاة من وقت الحكم بوفاته ، وقد جاء في نص المادة 59 من قانون الاسرة ” تعتد المتوفي عنها زوجها

بمضي أربعة أشهر و عشرة أيام وكذا زوجة المفقود من تاريخ الطلاق أو الوفاة”.
و من خلال هذا النص القانوني يلاحظ الغموض في تحديد بداية حساب عدة زوجة المفقود المحكوم بموته اذ ذهب البعض الى القول بأن تعتد زوجة المفقود بعدة المتوفي عنها زوجها أي بمضي أربعة اشهر و عشرة ايام من تاريخ صدور الحكم بفقده(1) و استدلوا على ذلك بقوله عليه السلام في إمرأة المفقود” هي إمرأة أبتليت فلتصبر ، لا تنكح حتى يأتيها يقين موته”.
ولكن الحكم بالفقدان طبقا للقانون الجزائري لايؤدي الى فك الرابطة الزوجية بقوة القانون، والنص المذكور يخص عدة المتوفى عنها زوجها حقيقة او حكما ، والمفقود لايعتبر ميتا الا بعد صدور الحكم بموته من القضاء ، وعليه فان الزوجة المقصودة في النص هي زوجة المفقود المحكوم بموته ، وقد روي عن عمربن الخطاب رضي الله عنه انه قال :” ايما امراة فقدت زوجها فلم تدراين هو فانها تنتظر اربع سنين ، ثم تعتد اربعة اشهر وعشر ، ثم تحل ” .
وقد سئل الامام مالك بن انس رضي الله عنه : هل تعتد بعد الاربع سنين عدة الوفاة اربعة اشهر وعشر من غير ان يامرها السلطان بذلك ؟ فاجاب : ” نعم” ، وفي باب نفقة زوجة المفقود قال :” ينفق على امراة المفقود من ماله في الاربع سنين ، واما في اللاربعة اشهر وعشر بعد الاربع سنين فلا ،لانها معتدة واذا انفقت من ماله في الاربع سنين ثم اتى العلم بانه قد مات قبل ذلك غرمت ماانفقت من يوم مات لانها قد صارت وارثة ” .
وبعد ان تعتد الزوجة عدة المتوفى عنها زوجها فانها تحل للازواج .

ثانيا : أثر ظهور المفقود المحكوم بموته على الزوجة:
واما اذا ظهر الزوج المفقود المحكوم بموته سواء قبل ان تتزوج زوجته غيره او بعد فتلك مسالة لم يتطرق لها القانون الجزائري.
واستنادا لنص المادة 222 من قانون الاسرة فانه يتسنى لنا الرجوع الى احكام الشريعة الاسلامية فنجد ان الاجماع قد تم على اعتبار التفريق بين الزوجين استنادا للحكم بالموت لم يكن بموجب حكم اصلي ، بل التفريق تبع للحكم بالوفاة ، فاذا تبين بطلان

(1) د : العربي بلحاج – الوجيز في شرح قانون الاسرة الجزائري – الجزء الثاني ص 201

الحكم بطل مابني عليه مع مراعاة الدخول ، أي انه اذا عاد المفقود المحكوم بموته
وكانت زوجته لم تتزوج بعد فانها تعود اليه بدون عقد جديد لبطلان الحكم بالموت وهذا الحكم يسري على الزوجة التي تم العقد عليها الا انه لم يتم الدخول بها فانها كذلك تعود لزوجها الاول ، واما اذا تزوجت غيره وهي في عدة الاول فان زواجها من الثاني يفسخ وتعود لزوجها الاول ، اما اذا تزوجها الثاني وهو يعلم بحياة زوجها الاول فيكون زواجه حينئذ زواجا باطلا ذلك لانه لا يجوز للمسلم ان يتزوج امراة لا تزال في عصمة رجل اخر وهو يعلم بذلك ، وقد جاء عن الامام مالك رضي الله عنه انه قال : ” وان تزوجت بعد انقضاء عدتها ، فدخل بها زوجها اولم يدخل بها ، فلاسبيل لزوجها الاول اليها ” ، وقال :” وان ادركها زوجها قبل ان تتزوج فهو احق بها “.

بذلك نكون قد أتممنا دراستنا الوجيزة هذه لموضوع الفقدان ، والتي تكاد تقتصر على معالجة المسائل القانونية التي لم يرد بشانها نص خاص , أو ورد بشانها نص قانوني شابه الغموض عند التطبيق ، و انطلقنا في دراستنا هذه من تحليل النصوص القانونية المتعلقة به الواردة في قانون الاسرة و القوانين الخاصة ، و كنا في ذلك معلقين عليها احيانا، و معتمدين على مختلف الاراء الواردة في القوانين الاخرى و في الفقه الاسلامي خاصة عندما يتعلق الامر بمسالة لم يعالجها النص القانوني .
و بصدد التساؤلات التي تطرح حول موضوع الفقدان ، و التي جسدناها من خلال الاحكام القضائية المرفقة و المتعلقة ببعض الفراغات عرضنا بعض الحلول القانونية حسب وجهة نظرنا.
هذا واننا نرى أنه كان على المشرع الجزائري ان يعالج هذا الموضوع بنصوص قانونية اكثر دقة ،و شمولية نظرا لاهميته البالغة و لتعلقه بحالة الاشخاص.

انــــــــــــــــــتـــــــهـــــــــى

قـــــائمة المراجع :

1) – الامام مالك بن أنس (رضي الله عنه)- “المدونة الكبرى” المجلد الثاني دار صادر بيروت .
2) – الامام مالك بن انس (رضي الله عنه ) ” الموطأ ” دار التقوى .
3) – الامام الشيخ صالح عبد السميع الابي الازهري في شرح مختصر الامام خليل (رضي الله عنه ) في مذهب مالك ” جواهر الاكليل ” الجزء الاول – دار الفكر – بيروت – لبنان .
4) – الامام الشيخ محمد بن عمر البقري الشافعي (رحمة الله عليه) ” شرح متن الرحبية ” مطبعة مصطفى البابي الحلبي واولاده – مصر .
5) – الامام ابي بكر بن محمد بن عاصم الاندلسي الغرناطي ( رحمة الله عليه ) ” متن العاصمية ” – تحفة الحكام في نكت العقود والاحكام – مطبعة عبد الحميد احمد حنفى – مصر .
6) – .الامام محمد ابو زهرة (رحمة الله عليه) ” الاحوال الشخصية ” دار الفكر العربي .
7) – الدكتور احمد نصر الجندي ” مبادئ القضاء الشرعي في خمسين عاما ” المجلد الاول – الطبعة الثانية 1978 – دار الفكر العربي .
8) – الدكتور احمد الغندور ” الاحوال الشخصية في التشريع الاسلامي ” الكويت .
9) – المستشار معوض عبد التواب” موسوعة الاحوال الشخصية” الجزء الثاني
الطبعة الرابعة – دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع – المنصورة 1988 .
10)- المستشار معوض عبد التواب ” الصيغ الشرعية لدعاوى الاحوال الشخصية”
الطبعة الثانية – دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع – المنصورة 1988 .
11)- الدكتور اديب استانبولي – والدكتور سعدي ابو حبيب ” المرشد في قانون
الاحوال الشخصية ” الجزء الثاني – الطبعة الثانية – دار الانوار للطباعة
– دمشق 1989 .
12)- الدكتور الغوثي بن ملحة ” قانون الاسرة على ضوء الفقه والقضاء ” الطبعة
الاولى ديوان المطبوعات الجامعية – الساحة المركزية – بن عكنون الجزائر العاصمة

13) – الدكتور بلحاج العربي “الوجيزفي شرح قانون الاسرة الجزائري ” الجزء
الاول ديوان المطبوعات الجامعية .
14)- الدكتور بلحاج العربي ” الوجيز في شرح قانون الاسرة الجزائري ” الجزء
الثاني ( الوصية والميراث ) ديوان المطبوعات الجامعية .
15) – الاستاذ عبد الحفيظ بن عبيدة ” الحالة المدنية في التشريع الجزائري ” .
النصوص القانونية :

1) – الدستور الجزائري المصادق عليه في 28/11/1996 .
2) – القانون رقم 84/11 المؤرخ في 09 رمضان 1404 الموافق ل 09/06/1984 المتضمن قانون الاسرة .
3) – الامر رقم 05/02 المؤرخ في 18 محرم 1426 الموافق ل 27/02/2005 المعدل والمتمم للقانون رقم 84/11 المتضمن قانون الاسرة .
4) – الامر رقم 75/58 المؤرخ في 20رمضان 1395 الموافق ل 26/09/1975 المتضمن القانون المدني .
5) – قانون رقم 05/10 المؤرخ في13 جمادى الاولى عام 1426 الموافق لــ 20 جوان 2005 المعدل والمتمم للامر رقم 75/58 المتضمن القانون المدني .
6) – الامر رقم 66/154 المؤرخ في 18 صفر 1386 الموافق ل 08/06/1966 المتضمن قانون الاجراءات المدنية .
7) – الامر رقم 02/03 المؤرخ في 13 دي الحجة عام 1422 الموافق لـ 25/02/2002 المتضمن الاحكام المطبقة على مفقودي فيضانات 10/11/2001 .
8) – القانون رقم 02/06 المؤرخ في 03 صفرعام 1423 الموافق ل 16/04/2002 المتضمن الموافقة على الامر 02/03 .
9) – قانون 03/06 المؤرخ في 13 ربيع الثاني عام 1424 الموافق لـ 14/06/2003 المتضمن الاحكام المطبقة على مفقودي زلزال 21/05/2003 .
10)- الامر رقم 70/20 المؤرخ في 13 ذي الحجة 1389 الموافق ل 19/02/1970 المتضمن قانون الحالة المدنية

شارك المقالة

1 تعليق

  1. بحث رائع واضح و شامل فعلا شكرااااا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.