بحث قانوني حول إجراءات نزع الملكية للمنفعة العمومية

بحث قانوني حول إجراءات نزع الملكية للمنفعة العمومية

المقدمــة:

يعتبر الحق في الملكية من أهم الحقوق التي كرستها الدساتير العالمية، ومن بينها الدستور الجزائري الصادر في 23 فبراير 1989 والمعدل في 28 نوفمبر 1996. يتجسد هذا التكريس الدستوري في مضمون المادة 49 التي تقابلها المادة 52/01 من التعديل والتي نصت على أن : « الملكية الخاصة مضمونة ». إن الفرد بموجب هذا النص يمارس حقه في التملك والتمتع بجميع السلطات المتفرعة عنه، سواء سلطة الإدارة أو التصرف، إلا ما تعارض منها مع القانون. يتحصن حق الملكية من جميع أشكال الإعتداء الصادرة من الأفراد أو الإدارة ، بموجب الحماية القانونية والقضائية التي تخول للمالك الحق في رد الاعتداء. فان كان صادرا عن الأفراد، فللمالك أن يحمي حقه باستعمال دعاوى الملكية والحيازة، أما إذا كان صادرا عن الإدارة فعليه أن يقاضيها على أساس دعوى التعدي. إلا أن مبدأ حصانة الملكية الخاصة غير مطلق، فيرد عليه استثناء يتمثل في سلطة الإدارة في نزع الملكية المبرر باستعمالها للمنفعة العامة.

إن نزع الملكية أسلوب قانوني كرسته المادة 20 من الدستور التي نصت على أنه: « لا يتم نزع الملكية إلا في إطار القانون، ويترتب عليه تعويض قبلي عادل ومنصف ». وفصل أحكامه ونظم إجراءاته القانون رقم 91/11 المؤرخ في 27/04/1993 الذي يحدد كيفيات تطبيق القانون 91/11، حتى يضمن المشرع حماية أكثر للأفراد من تعسف الإدارة في اللجوء إلى نزع الملكية جبرا، دون أن تبرر تصرفها بتحقيق المنفعة العامة، أو دون إتباع الإجراءات القانونية، أو دون تقديم تعويض مسبق للمالكين.

وتظهر أهمية نزع الملكية في أنه أسلوب قانوني يمكن الإدارة بصفة استثنائية، وفي وقت مستعجل من الحصول على ملكية الأموال، حتى لا تتعطل غايتها الأساسية في ضمان سير المرافق العامة، وتحقيق المنفعة العامة بسبب عدم امتلاكها للملكيات اللازمة أو رفض الأفراد تمكينها برضاهم من ممتلكاتهم، أو كبحهم للإجراءات لمغالاتهم في مقدار التعويض.

يقف القاضي الإداري على مدى احترام الإدارة النازعة للملكية للضمانات المقررة لحماية الشخص المطلوب نزع ملكيته، ويذلل العقبات المادية التي تمنع الإدارة من حيازة الممتلكات.

وباعتبار أن موضوع نزع الملكية لم ينل حقه بالدراسة العميقة والشرح والتوضيح سواء من الفقه أو القضاء، فإنه يثير الإشكاليات التالية :

– ما هي الإجراءات القانونية المتبعة لنزع الملكية للمنفعة العامة ؟
– ما هو موقف القضاء من المنازعات المثارة أمامه ؟

من أجل دراسة هذا الموضوع للوصول إلى الإجابة عن الإشكاليات المطروحة، لابد من الاعتماد على منهج وصفي تحليلي للنصوص القانونية التي تعالج هذا الموضوع.

يجب، قبل الدخول في لب الموضوع، أن نبين مفهوم نزع الملكية الذي خصص له فصل تمهيدي. ونعالج في المبحث الأول منه تعريف نزع الملكية وخصائصها وإطارها القانوني، وفي مبحث ثاني أطراف نزع الملكية ومحلها، وفي مبحث ثالث الغاية من نزع الملكية.

ويعالج الفصل الأول إجراءات تقرير المنفعة العامة، وقد تم تقسيمه إلى ثلاث مباحث، يتناول الأول الإجراءات الأولية المنوطة بالمستفيد، ويتناول الثاني التحقيق المسبق، أما الثالث فيتعلق بقرار التصريح بالمنفعة العمومية.

ويعالج الفصل الثاني إجراءات الحصر والتنازل ونقل الملكية. وتم تقسيمه إلى ثلاث مباحث، يتناول الأول التحقيق الجزئي، والثاني يتعلق بقرار قابلية التنازل، والثالث يتحدث عن قرار نزع الملكية.

الخطــة :

الفصل التمهيدي : مفهوم نزع الملكية للمنفعة العمومية

المبحث الأول : تعريف نزع الملكية وتحديد خصائصها وإطارها القانوني

المطلب الأول : تعريف نزع الملكية

المطلب الثاني : خصائص نزع الملكية

المطلب الثالث : الإطار القانوني

المبحث الثاني : أطراف نزع الملكية ومحلها

المطلب الأول : أطراف نزع الملكية

المطلب الثاني : محل نزع الملكية

المبحث الثالث : الغاية من نزع الملكية

المطلب الأول : تعريف المنفعة العامة

المطلب الثاني : سلطة الإدارة في تحديد المنفعة العامة

المطلب الثالث : معيار تحديد المنفعة العامة

الفصل الأول : إجراءات تقدير المنفعة العامة

المبحث الأول : الإجراءات الأولية المنوطة بالمستفيد

المطلب الأول : اقتراح الهيئة المستفيدة

المطلب الثاني : مرحلة الاقتناء بالتراضي

المطلب الثالث : تكوين ملف نزع الملكية

المبحث الثاني : التحقيق المسبق

المطلب الأول : غرض التحقيق المسبق

المطلب الثاني : قرار فتح التحقيق وتعيين لجنة التحقيق

المطلب الثالث : مهام لجنة التحقيق

المبحث الثالث : قرار التصريح بالمنفعة العامة

المطلب الأول : مضمون قرار التصريح بالمنفعة العمومية

المطلب الثاني : شروط صدور قرار التصريح بالمنفعة العمومية

المطلب الثاني : منازعات قرار التصريح بالمنفعة العمومية

الفصل الثاني : إجراءات الحصر والتنازل ونقل الملكية

المبحث الأول : التحقيق الجزئي

المطلب الأول : غرض التحقيق الجزئي

المطلب الثاني : تعيين المحافظ المحقق

المطلب الثالث : مهام المحافظ المحقق

المبحث الثاني : قرار قابلية التنازل

المطلب الأول : التعويض

المطلب الثاني : المنازعات المتعلقة بالتعويض

المطلب الثالث : المنازعات المترتبة عن القرار

المبحث الثالث : قرار نزع الملكية

المطلب الأول : شروط القرار

المطلب الثاني : أثار القرار

المطلب الثالث : المنازعات المترتبة عن القرار

الفصل التمهيدي : مفهوم نزع الملكية للمنفعة العمومية

لا يمكن التطرق إلى دراسة الإجراءات المتبعة قانونا لنزع الملكية للمنفعة العمومية دون تحديد بعض العموميات المتعلقة بها، لأنه لا يستساغ التحليل والتفصيل في موضوع ما إلا بعد تحديد مفهومه كخطوة أولى لازمة لفهم واستيعاب العناصر الجوهرية اللاحقة. ونتناول مفهوم نزع الملكية للمنفعة العمومية من خلال تعريفها وتحديد خصائصها وإطارها القانوني (مبحث01) وتحديد أطرافها ومحلها (مبحث02) وتحديد الغاية منها (مبحث03).

المبحث الأول : تعريف نزع الملكية وتحديد خصائصها وإطارها القانوني

نتناول في هذا المبحث تعريف نزع الملكية (مطلب01) وخصائصها (مطلب02) وإطارها القانوني (مطلب03).

المطلب الأول : تعريف نزع الملكية

إن تعريف نزع الملكية يقتضي تحديد معناها (فرع01) وتمييزها عما يشابهها من الأساليب القانونية (فرع02).

الفرع الأول : معنى نزع الملكية للمنفعة العامة

إن نزع الملكية يعني سلب الملكية من صاحبها أو حرمان المالك من عقاره رغما عن إرادته بغرض إنجاز المنفعة العامة، مقابل تعويضه عن الضرر الذي أصابه بسبب هذا الحرمان.

يعرف الدكتور محمد عبد اللطيف نزع الملكية على أنها تلك العملية التي يتم بمقتضاها نقل ملكية عقار مملوك لأحد الأفراد إلى شخص عام بقصد المنفعة العامة نظير تعويض عادل(1). أما فؤاد العطار فهو يرى أنه إجراء إداري يقصد به نزع المال قهرا عن مالكه بواسطة الإدارة لتخصيصه للنفع العام مقابل تعويض يدفع له(2). فنزع الملكية بالنتيجة هي سلب المالك من ملكه بالقوة بعد إتباع إجراءات إدارية قانونية مع تعويضه تعويضا عادلا، بهدف المنفعة العامة.

الفرع الثاني : تمييز نزع الملكية عما يشابهها

إن نزع الملكية كأسلوب قانوني للتملك يختلط ويقترب في معناه من أسلوب الإستلاء المؤقت (أولا) والمصادرة (ثانيا) والتأميم (ثالثا).

أولا : الإستيلاء المؤقت

إن الإستيلاء المؤقت هو إجراء مؤقت تلجأ إليه الإدارة إما تمهيدا لنزع الملكية، وإما لمواجهة حالة طارئة تستلزم الإستيلاء مؤقتا على العقار، وإما لخدمة مشروع ذي منفعة عامة(1).

ثانيا : المصادرة

المصادرة هي جزاء يوقعه القضاء على الأشخاص المقترفين لجريمة معينة كالتهريب الجمركي أو حيازة سلاح ناري بدون رخصة. وتكون المصادرة بنص القانون، ولا يقابلها تعويض.

ثالثا : التأميم

إن التأميم يسمح بوضع الملكية تحت يد السلطات العمومية، ويكون صادرا بقانون وليس بقرار إداري، وتنزع الملكية جبرا مقابل تعويض يمنح للمالك، وغالبا ما يرد على مشاريع إنتاجية خاصة.

المطلب الثاني : خصائص نزع الملكية

يعتبر نزع الملكية وسيلة استثنائية (فرع01) لاكتساب الملكيات والحقوق لتحقيق المنفعة العامة،جبرا على إرادة أصحابها (فرع02)،مقابل تعويض عادل ومسبق (فرع02).

الفرع الأول : وسيلة استثنائية

الأصل أن تقتني الدولة، لاستيفاء حاجياتها، الأملاك حسب القاعدة العامة في التعاملات عن طريق العقد، الذي يلعب التفاوض دورا كبيرا في الحصول على اتفاق يرضي الطرفين أو الأطراف المتفاوضة. إلا أنه استثناءا عن هذه القاعدة العامة، ونظرا لطبيعة غرض العملية المتعلق بالمنفعة العامة، ولفشل محاولة الإقتناء بالتراضي، فتلجأ الإدارة بصفة استثنائية إلى إجراءات نزع الملكية.

الفرع الثاني : وسيلة جبرية

إن فشل محاولة الإقتناء بالتراضي تدفع الإدارة إلى حرمان المالك من عقاره جبرا عن إراداته وتتبع لتحقيق ذلك مجموعة من الإجراءات الإدارية. يعتبر لجوء الإدارة إلى هذا الأسلوب مظهرا من مظاهر سيادة الدولة، ويبرز الأهمية التي تكتسيها العملية في إنجاز مشاريع تحقق مصلحة الجماعة.

الفرع الثالث : إلزامية التعويض

إن الإدارة مقيدة في وضع يدها على الملكيات والحقوق العقارية بتقديم تعويض عادل ومنصف للمالك وأصحاب الحقوق الأخرى، كمقابل عن حرمانهم من ملكياتهم وحقوقهم. ويفترض أن يكون التعويض قبل صدور القرار النهائي بنزع الملكية للمنفعة العمومية. وفي الأصل يكون التعويض نقديا، واستثنائيا يمكن اقتراح تعويض عيني.

المطلب الثالث : الإطار القانوني

كان يسري على قواعد نزع الملكية في الجزائر الأمر الصادر في 28 أكتوبر 1958،والذي استمر به العمل بعد الإستقلال بموجب الأمر المؤرخ في 31 ديسمبر 1962،إلا ما تعارض منه مع السيادة الوطنية. ثم صدر بعد الإستقلال الأمر رقم 76/48 المؤرخ في 25 ماي 1976 المحدد للقواعد المتعلقة بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، والذي استمد مضمونه من الأمر الفرنسي. ومع تغير الوجهة السياسية والاقتصادية للجزائر بصدور دستور 1989، صدر القانون 91/11 الذي يحدد القواعد المتعلقة بنزع الملكية،والمرسوم التنفيذي رقم 93/186 الذي يحدد كيفيات تطبيق ذلك القانون. ثم صدرت تعليميتين وزاريتين رقم 57 بتاريخ 26 جانفي 1993،ورقم 0007 المؤرخة في 11 ماي 1994 لتوجيه عمليات نزع الملكية. ويجد الإطار التنظيمي الحالي لنزع الملكية مصدره ومرجعه الأساسي في المادة 677 من القانون المدني الصادر بالأمر 75-58 والتي منعت حرمان أي شخص من ملكيته إلا في الأحوال والشروط المنصوص عليها في القانون، واستثنت الحق للإدارة في نزع الملكية والحقوق العينية العقارية بغرض المنفعة العامة مقابل تعويض عادل. وتعتبر هذه المادة القانون العام لقواعد نزع الملكية.

المبحث الثاني : أطراف نزع الملكية ومحلها

إن نزع الملكية مرتبط بأطراف معينة (مطلب01) وتنصب على مجموعة من الأموال يجب تحديدها (مطلب02).

المطلب الأول : أطراف نزع الملكية

إن أطراف نزع الملكية تختلف وتتباين بين الطرف النازع للملكية (فرع01) والطرف المستفيد منها (فرع02) والطرف المتضرر منها (فرع 03).

الفرع الأول : الطرف النازع للملكية

إن الجهة النازعة للملكية هي الجهة التي منحها القانون سلطة نزع الملكية للمنفعة العمومية،والشخص الوحيد الذي ينعقد له الاختصاص هو الدولة ممثلة في الوزراء أو الوالي. إن قصور نزع الملكية على الدولة سببه أن نزع الملكية مظهر من مظاهر السيادة. فالملكية الخاصة للأفراد محمية قانونا ومصونة دستوريا من الإعتداء والسلب، ويشكل نزعها للمنفعة العامة استثناء عن حرمة الملكية الخاصة. إن الأشخاص العمومية العامة والأشخاص العمومية الخاصة والأفراد لا يتمتعون بهذا الامتياز حتى ولو كان غرضه تحقيق المنفعة العامة. لذلك فيترتب أنه ليس بالضرورة أن تكون الجهة النازعة للملكية هي نفسها المستفيدة منها.

الفرع الثاني : المستفيد

الأصل أن تكون الجهة نازعة الملكية هي الجهة المستفيدة، فالدولة بهدف إنجاز مشاريع ذات أهمية وطنية كبرى ولبناء مقرات الإدارات المركزية والوزارات والسفارات أو لإنجاز مناطق حرة أو الموانئ والمطارات ، تلجأ إلى نزع الملكية وهي في نفس الوقت المستفيدة منها. إلا أنه يحدث أن يكون نزع الملكية بهدف تحقيق مشاريع أو تجهيزات جماعية محلية ، فتقررالدولة نزع الملكية لفائدة الجماعات المحلية كالبلديات والولايات. يمكن أيضا أن يستفيد من نزع الملكية الأشخاص الإعتبارية العامة أو الخاصة مثل المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، والمؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري، والمؤسسات العمومية ذات الطابع الخاص مثل مصالح البريد والجامعات والمستشفيات. ويمكن أن يستفيد منها شخص طبيعي مثل الجمعيات والنقابات. ويستثنى من المستفيدين الأفراد ، فنزع الملكية للمنفعة العامة لفائدة فرد خاص معين يعتبر انحراف في الإجراء. إلا أنه في فرنسا يمكن نزع الملكية لفائدة جهات خاصة عندما يباشرون نشاطا متصلا بالمرفق العام.

الفرع الثالث : المتضرر

المتضرر من نزع الملكية هو الشخص صاحب ملكية العقار أو صاحب الحق العقاري الذي قررت إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة على حقوقه. غالبا ما يكون المتضرر شخصا طبيعيا بمعنى فرد معين أو جماعة من الأفراد سواء كان العقار لجزائري أو لأجنبي باستثناء السفارات الأجنبية التي تخضع لمبدأ إمتداد السلطة(1). إلا أنه لا يوجد في القانون ما يمنع أن يكون موضوع نزع الملكية منصبا على أملاك شخص اعتباري خاص كملكيات شركة مدنية أو تجارية أو جمعية خاصة. يجدر بنا التساؤل عن ملكية الأشخاص الإعتبارية العامة، فإن كان مقبولا ومعقولا إمكانية نزع الملكية الخاصة للشخص الإعتباري العام، فالملكية العامة تتمتع قانونا بحصانة مطلقة ولا يرد عليها أي استثناء بحيث تحرم جميع أنواع التصرف فيها. تلجأ الدولة، بصفتها نازعة الملكية، لتجاوز هذه العقبة القانونية، إلى عقد اتفاق بين الوزارات المعنية والوزارة الوصية على الملك العام، بهدف نقل ملكيتها إلى الوزارة المستفيدة دون المرور عبر إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة ، ثم تقوم بتخصيصها للمنفعة العامة.

وأضاف المشرع الجزائري في صنف المتضررين المستأجرين للمحلات السكنية والمهنية وحتى الشاغلين، والتجار والصناعيين والحرفيين(2).

المطلب الثاني : محل نزع الملكية

إن نزع الملكية يرد على العقارات (فرع01) وعلى الحقوق العقارية (فرع02).

الفرع الأول : العقارات

إن العقار هو كل شيء ثابت بحيزه بحيث لا يمكن نقله دون تلف ، كالبنايات والأراضي سواء كانت أرض فضاء أو مبنية . والعقار ينقسم إلى عقار بالطبيعة وهو الذي يرد عليه نزع الملكية في أغلب الحالات، وهو المقصود بالتعريف السابق. ونزع الملكية قد يشمل ملكية العقار كله وقد ينصب على جزء منه فقط. وفي حالة كون العقار أرض مقام عليها بناء فإن نزع الملكية يشمل الأرض والبناء حتى ولو كان المالك مختلفا. ويجوز نزع باطن الأرض دون سطحها كأن تنزع بغرض تمرير قنوات الصرف أو مد أنابيب البترول. وإذا تم نزع العقار دون الجزء الآخر منه ، و أصبح الانتفاع بالجزء المتبقي ناقصا، يمكن للمالك أن يطلب نزع العقار كله(1).

أما القسم الثاني فيتعلق بالعقار بالتخصيص وهو منقول بالطبيعة رصد لخدمة ذلك العقار. وإن كان ليس هناك ما يمنع نزع ملكيته إلا أن الرأي الراجح هو عدم نزع ملكيته وإخضاعها في مجال نزع الملكية إلى حكم المنقول الذي يستثنى من هذه العملية.

الفرع الثاني : الحقوق العقارية

إن الحقوق العقارية يختلف الحكم في مدى خضوعها لنزع الملكية ما بين كونها حقوق عينية أصلية (أولا) أو حقوق عينية تبعية (ثانيا).

أولا : الحقوق العينية الأصلية

إن الحقوق العينية الأصلية هي حق الملكية ومجموع الحقوق المتجزئة عنه وهي حق الانتفاع وحق الاستعمال والاستغلال وحق السكنى وحق الارتفاق. إن كل هذه الحقوق هي المقصودة بالحقوق العقارية الخاضعة لنزع الملكية.

ثانيا : الحقوق العينية التبعية

إن الحقوق العينية التبعية تتمثل في مجموع التأمينات العينية كحق الرهن الرسمي والرهن الحيازي وحق الامتياز وحق التخصيص. إن كونها تمثل ضمانات لديون المالك فإنها لا تدخل ضمن الحقوق العقارية التي ينصب عليها نزع الملكية . فالدولة لا تعوض عن هذه الحقوق ، وإنما على أصحاب هذه الحقوق السعي لاستيفاء ديونهم من التعويض الذي يتسلمه المالك جراء نزع الملكية.

المبحث الثالث : الغاية من نزع الملكية

إن أهمية نزع الملكية تتجلى في تحقيق المنفعة العامة، التي يجب تعريفها (مطلب01) وبيان سلطة الإدارة اتجاهها (مطلب02) والمعايير أو الضوابط المعتمد عليها في تحديدها (مطلب03).

المطلب الأول : تعريف المنفعة العامة

إن المشرع الجزائري لم يعرف المنفعة العامة، نظرا لكونها فكرة مرنة ومتطورة، ترتبط بنشاط الإدارة، إلا أنه يمكن تعريفها انطلاقا من اعتبارين أولهما ضرورة تحقيق المصلحة العامة،وثانيهما حماية الملكية الخاصة.إن فكرة المنفعة العامة مرادفة لفكرة المصلحة العامة،التي تعتبر غاية وجود الإدارة والمرفق العام ومناط النشاط الإداري. ويمكن تعريف المنفعة العامة على أنها مجموع الأعمال التي ترمي إلى خدمة المجتمع على القدر الذي تكون مصلحته وفائدته تبرر التضحية بمصلحة الفرد،التي تتناقض مع الخير الذي تجنيه الجماعة. وفي السابق كانت الغاية تكوين الاحتياطات العقارية للدولة.

المطلب الثاني : سلطة الإدارة في تحديد المنفعة العامة

إن صلاحيات الإدارة في تحديد المنفعة العامة مستمدة من تمتعها بسلطة الملائمة وبالنتيجة فسلطة الإدارة في تحديد المنفعة العامة هي سلطة تقديرية ، وتظهر سواء في حريتها في اختيار العقار المناسب (فرع01) ، أوحريتها في تقدر المساحة المناسبة (فرع02).

الفرع الأول : سلطة الإدارة في تقدير العقار المناسب

إن الإدارة حرة في اختيار العقار المناسب لتحقيق المنفعة العامة المرجوة من نزع الملكية،وذلك دون تدخل القضاء في مدى ملائمة هذا التقدير، لأن الإدارة هي الأعلم بالموقع والعقار الذي يناسب المشروع ذي النفع العام الذي تهدف إلى إنجازه، وبالتالي فلا يجوز للأفراد مخاصمة الإدارة في موضوع اختيارها لأنها هي الوحيدة التي تملك أسباب و وسائل التقدير.

الفرع الثاني : سلطة الإدارة في تقدير المساحة المناسبة

إن الإدارة حرة في اختيار المساحة المناسبة المطلوب نزع ملكيتها. فلا يتدخل الأفراد لمنازعة الإدارة حول المساحة الملائمة للمشروع بأنها نزعت من ملكيته ما يزيد على المطلوب للمنفعة العامة. ويمتنع على القضاء الإداري أيضا أن يقحم نفسه في هذا الجدال،وعليه أن ينصف الإدارة في حرية تقديرها،احتراما لسلطة الملائمة التي تتمتع بها في القيام بنشاطها الإداري.

المطلب الثالث : معيار تحديد المنفعة العامة

إن المشرع الجزائري رغم عدم تعريفه للمنفعة العامة إلا أنه وضع ضابطا تلتزم الإدارة باحترامه أثناء تقديرها للمنفعة العامة، وهو أن يكون نزع الملكية جاء تنفذا لعمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية مثل التعمير والتهيئة العمرانية والتخطيط.

إن ضوابط تحديد المنفعة العمومية مرتبطة أولا بالأعمال والمشاريع المتعلقة بتنفيذ أدوات التعمير، وثانيا بالأعمال المتعلقة بالتهيئة العمرانية، وثالثا بالأعمال والمشاريع المرتبطة بالتخطيط بمعنى إنشاء تجهيزات جماعية ومنشآت أو أعمال كبرى. فنزع الملكية يتطلب تدخل إجراءات أخرى، وهذا ما يسمى في الفقه الإداري بنظرية الإجراءات الموازية التي تفيد ضرورة تدخل إجراء آخر على الأقل إلى جانب إجراء نزع الملكية.

الفصل الأول : إجراءات تقرير المنفعة العامة

تتطلب عملية نزع الملكية للمنفعة العامة اتخاذ بعض الإجراءات المحددة ، التي نظمها قانون 91/11 المؤرخ في 27/04/1991، و المرسوم التنفيذي رقم 93/186 المؤرخ في 27/04/1993 المحدد لكيفيات تطبيق القانون 91/11. تبدأ هذه الإجراءات بتقرير المنفعة العمومية كإجراء أساسي يستهدف تحديد الغاية من العملية التي تريد الإدارة القيام بها من جهة، ومن جهة أخرى إتاحة الفرصة للمواطنين لإبداء آرائهم في المشروع، ولا يكون التصريح بالمنفعة العمومية ممكنا إلا إذا مر ببعض الإجراءات الجوهرية المسبقة. تبدأ هذه الإجراءات بإتباع مجموعة من الإجراءات الأولية التي يقوم بها المستفيد (مبحث01)، فيليها فتح تحقيق مسبق لتقرير مدى فعالية المنفعة العمومية (مبحث02) والذي يتوج بصدور قرار التصريح بالمنفعة العمومية (مبحث03).

المبحث الأول : الإجراءات الأولية المنوطة بالمستفيد

يخضع نزع الملكية إلى إجراءات أولية مسبقة تتكفل بالقيام بها الجهة المستفيدة من العملية المراد التصريح بها، وتتمثل في الاقتراح الذي تقدمه الهيئة المستفيدة (مطلب01) ومرحلة محاولة الإقتناء بالتراضي (مطلب02) ومرحلة تكوين ملف نزع الملكية (مطلب03).

المطلب الأول : اقتراح الهيئة المستفيدة

إن فكرة المنفعة العامة،والتي تتضمنها عملية نزع الملكية، يثيرها نازع الملكية صاحب المشروع(1) وذلك من خلال المشروع الذي يقترحه المستفيد، حسب احتياجاته اللازمة لخدمة المجتمع أو لإشباع حاجات المرفق العام. إن نزع الملكية يكون على أساس اقتراح الهيئة المستفيدة، لأن القانون حدد المشاريع التي على أساسها يتم اللجوء إلى نزع الملكية للمنفعة العامة طبقا لنص المادة 02 من قانون 91/11 : «لا يكون نزع الملكية ممكنا إلا إذا جاء تنفيذ العمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية مثل التعمير والتهيئة العمرانية والتخطيط تتعلق بإنشاء تجهيزات جماعية ومنشآت وأعمال كبرى ذات منفعة عمومية».

وعلى هذا الأساس فإن المشاريع التي على أساسها يلجأ إلى نزع الملكية والتي تعتبر ذات منفعة عامة وهي :

· الأعمال المتعلقة بأدوات التعمير.

الأعمال المتعلقة بالتهيئة العمرانية
أعمال ومشاريع مرتبطة بالتخطيط المتعلقة بإنشاء تجهيزات جماعية ومنشآت وأعمال كبرى ذات منفعة عامة.
وتجدر الإشارة أن المادة السالفة الذكر نصت على هذه الحالات على سبيل المثال لا الحصر. إن بعض القوانين الخاصة تنص على إمكانية نزع الملكية ، فقد نص قانون استغلال المناجم في مادته 34 على أن : ” الأشغال والمنشآت المنصوص عليها في التشريع المعمول به عندما يقضي ذلك الصالح العام. ويمكن أيضا التصريح بالإعلان على المنفعة العمومية في نفس الأشكال بالنسبة للمنشآت الخاصة بالتخزين والمعالجة وتصريف المنتجات المستخرجة وكذلك بالنسبة للهيئات الضرورية للمستعمل والمحجر”.

وكذلك قانون 84/12 المتضمن النظام العام للغابات الذي يعتبر كل الأعمال التي تهدف إلى حماية الأملاك الغابية من مخاطر التصحر، الانجراف عن طريق التشجير وعملية تثبيت الكثبان أعمال ذات منفعة عامة.

ونص أيضا قانون المياه رقم 94/41 على إمكانية نزع الملكية إذا وجدت مياه معدنية في ملك خاص ولم تستغل أو تؤجر من طرف المالك.

وفي كل هذه الحالات يجب أن يكون المشروع المزمع إنجازه من طرف الهيئة المستفيدة يدخل ضمن الحالات المذكورة في المادة 02 من قانون 91/11،أو أن المشرع نص عليها بقانون خاص،ويجب أن يكون لتحقيق منفعة عمومية تدخل في إطار إنشاء أو استغلال الأملاك الوطنية العامة أو تسييرها.

المطلب الثاني : مرحلة الإقتناء بالتراضي

لا يكفي أن يكون المشروع المزمع انجازه داخل في الحالات المذكورة آنفا لتبرير اللجوء إلى نزع الملكية، بل يجب أن تثبت الهيئة المستفيدة أنها حاولت إقتناء الأملاك أو الحقوق العقارية بالطرق الرضائية ، إلا أنها أدت إلى نتائج سلبية(1).

فنظرا للطابع الإستثنائي المميز لعملية نزع الملكية لكونها طريقة جبرية في اقتناء الملكيات والحقوق العقارية، يجب إخضاعها إلى قواعد قانونية قصد حماية الأفراد من التصرفات غير الشرعية والإساءة في استعمال السلطة. تتجلى هذه الحماية في منع الإدارة من اللجوء إلى إجراء نزع الملكية قبل محاولة الحصول على الأملاك العقارية بالوسائل الرضائية، وذلك بلجوء الهيئة المستفيدة إلى المفاوضة مع الملاك المعنيين بغرض اقتناء الأملاك أو الحقوق العقارية بالتراضي مع أصحابها، ويكون ذلك إما بشراء هذه الأملاك أو التبادل بأملاك أخرى. وعليه يتعين على المصلحة المستفيدة من اقتناء الأملاك بعملية الشراء، بعد إعداد المشروع المزمع إنجازه أن تتصل بالملاك وأصحاب الحقوق المزمع نزع ملكيتها وتعرض عليهم المشروع من حيث موقعه ومساحته وأهدافه، وكل هذا مرفق بمخطط للوضعية. كما تعرض عليهم مقدار التعويض الذي يحدد على أساس سعر السوق، و بالهكتارات بالنسبة للأراضي الفلاحية، وبالمتر المربع بالنسبة للأراضي العمرانية.في حالة قبول أصحاب الملك للعملية يحرر محضر قبول بذلك وتقدم العقود الإدارية الخاصة بالأملاك والحقوق المزمع نزع ملكيتها ويتم التنازل مباشرة ، ويعوض المتضررين بناء على محضر صلح ودي.

وهي نفس الإجراءات التي تتبع في حالة التبادل بالتراضي ، إلا أن التعويض لا يكون بمبلغ مالي وإنما بأملاك أو حقوق عقارية وهذا إذا كانت المصلحة المستفيدة تتوفر على احتياطات عقارية ، وهو في الواقع أمر نادر الوقوع.

وإذا تمت عملية اقتناء الأملاك والحقوق العقارية بالشراء أو التبادل بالتراضي، يتعين على الهيئة المستفيدة إفادة مدير أملاك الدولة المؤهل إقليميا بالنسبة لكل ملك بملف يتضمن :

– العقد الإداري الخاص بالأملاك أو الحقوق المنزوعة.

– محضر قبول صاحب الملك.

– الوثائق المثبتة لدفع التعويض أو المثبتة لقيد اعتمادات تغطية التعويضات.

وعلى أساس هذه العناصر يقوم مدير أملاك الدولة بتحرير العقد المكرس لنقل الملكية لفائدة الدولة يخضعه ، بعد أن يتم إمضاءه من الطرفين ، لإجراءات التسجيل والإشهار العقاري ، ويسلم نسخة منه إلى الهيئة المستفيدة. وفي حالة رفض الملاك الأصليين لعملية الشراء أو التبادل بالتراضي ، يحرر محضر لذلك يثبت فيه المستفيد من نزع الملكية أنه معني للحصول على الأملاك بالطرق الودية لكن لم يتمكن من ذلك ، مبينا طبيعة الصعوبات التي واجهته وكذا النتائج السلبية التي آلت إليها محاولة الإقتناء بالتراضي. وتجدر الإشارة أن هذا الشرط من النظام العام يثيره القاضي من تلقاء نفسه الذي عليه التحقق من استيفاء الإدارة لهذا الشرط الجوهري(1).

المطلب الثالث : تكوين ملف نزع الملكية

إذا لم تؤدي الطرق الودية للحصول على الأملاك والحقوق العقارية إلى نتائج إيجابية ، يحرر محضر عدم الصلح وعلى أساسه تكون الهيئة المستفيدة ملفا تثبت فيه أن المشروع المزمع إنجازه ذو منفعة عامة ، وأنها سعت للحصول على الأملاك الضرورية بالطرق الودية(2). هذا الملف يتكون من :

1. تقرير يسوغ ضرورة اللجوء إلى إجراء نزع الملكية ويبين النتائج السلبية التي آلت إليها محاولة الإقتناء بالتراضي، مع العلم أن السلطة المختصة بإقرار التصريح بالمنفعة العمومية مجبرة على رفض فتح التحقيق في غياب هذا الشرط الجوهري.

2. تصريح يوضح الأهداف المنتظرة من إنجاز المشروع والذي ينبغي أن يهدف حتما إلى أداة التعمير أو الهيئة العمرانية أو المخطط التي تتعلق بها العملية . الغاية من هذا الشرط هو التحقق من فعالية المنفعة العمومية قبل مباشرة الإجراءات ، وبالتالي يصبح بإمكان الإدارة تفادي الإجراءات اللاحقة أن اتضح لها أن العملية تخرج عن النطاق الشرعي لنزع الملكية.

3. مخطط للوضعية يحدد طبيعة وموقع الأشغال المزمع إنجازها ويسمح للجمهور من التعرف على طبيعة المشروع وموقعه والأراضي التي يقع عليها المشروع.

4. تقرير بياني للعملية وإطار التمويل المخصص لها مع توضيح مصادر الأموال وتوفيرها وتحديد المبالغ المخصصة لتغطية العملية.

5. تصريح أو دراسة حول الآثار التي قد يخلفها إنجاز المشروع حول البيئة الطبيعية.

6. تصريح حول دراسة موقع الأشغال ، يوضح الثروات الطبيعية والفلاحية والغابية التي تمتلكها بيئة موقع الأشغال المزمع إنجازها ، وكذا مدى تأثير هذه الأشغال سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وبصفة دائمة أو مؤقتة على البيئة الجغرافية وبالخصوص على المياه، الهواء، النباتات، الحيوانات ومدى تأثيرها على حسن الجوار من حيث الضجيج، الروائح، النظافة، الصحة والسكينة العامة(1).

وإذا ما توفرت كل الشروط المشار إليها سابقا تنتقل الإدارة المختصة إلى إجراء آخر من إجراءات تقرير المنفعة العمومية ، والمتمثل في فتح التحقيق المسبق.

المبحث الثاني : التحقيق المسبق

التحقيق المسبق هي المرحلة التي يقوم بها الوالي المختص إقليميا بعد تلقيه ملف المستفيد. وقد نصت عليه المواد 4، 5 و6 من القانون رقم 19/11، والتي يصدر على أساسها قرار فتح التحقيق وتعيين اللجنة المكلفة به ويتعين تحديد غرض هذه العملية (مطلب01)، والتي تبدأ بفتح تحقيق وتعيين لجنة تحقيق (مطلب02) التي يقع على عاتقها مجموعة من المهام (مطلب03).

المطلب الأول : غرض التحقيق المسبق

تهدف الإدارة من هذا الإجراء إلى إثبات مدى فاعلية المنفعة العامة ، خاصة أنها تتمتع بالسلطة التقديرية فيما يتعلق بتحديد العقارات والحقوق العقارية والمساحات اللازمة لتحقيق الغاية ، التي من أجلها لجأت إلى نزع الملكية. هذه المكنة في تقدير المنفعة العامة قد يجعل الأفراد دون حماية من التصرفات غير الشرعية للإدارة ، لذا أوجب القانون أن يكون هذا التقدير بناءا على تحقيق تقوم به لجنة مختصة قبل تقرير المنفعة العمومية.

التحقيق المسبق على التصريح بالمنفعة العمومية هو إجراء في غاية الأهمية ، لأنه يسمح لعدد كبير من الأشخاص بتقديم المعلومات الضرورية لحسن تقدير المنفعة العمومية(1). كما أنه يمكن المواطنين من الإطلاع على طبيعة ومحتوى المشروع المزمع إنجازه وقوامه، كما أنه يسمح للإدارة من الحصول على كافة المعلومات الضرورية التي تسمح لها بتقدير مدى توافر المنفعة العامة تقديرا دقيقا ، وتحديد أين تكمن المنفعة العامة أو يظهر عدم وجودها أو أن المساوئ تغرق المحاسن(2). وكذا إعطاء الفرصة للإدارة في اختيار مكان انجاز المشروع الذي تراه مناسبا ، والمساحات التي يجب نزعها والتي تتناسب و وظيفة المشروع ، وتقرير مدى ملائمة المكان المختار لإنجاز المشروع.

من جهة أخرى، فإن التحقيق يهدف إلى بيان أن الغرض من نزع الملكية هو تنفيذ عمليات ناتجة عن تطبيق أداة من أدوات التعمير أو التهيئة والتعمير بإنجاز تجهيزات جماعية ومنشآت وأعمال كبرى، ومنه التحقق أن المنفعة العمومية المتمسك بها موجودة وفعالة.

وتجدر الإشارة إلى أن القضاء الجزائري قد استقر سابقا على عدم تدخله في مراقبة تكييف فعالية المنفعة العامة مما جعل من هذا التحقيق مجرد شكليات بدون أي تأثير على حسن استعمال السلطة العامة. وإن كانت المحكمة العليا حاولت أن تغير من هذا الموقف حيث صرحت بقبول دعوى موجهة ضد قرار صادر عن والي ولاية الجزائر يصرح بموجبه عن المنفعة العمومية وإخلاء محلات تجارية لإيواء مصالح بلدية سيدي امحمد.(1)

المطلب الثاني : قرار فتح التحقيق وتعيين لجنة التحقيق

الهيئة المختصة بإصدار قرار فتح التحقيق المسبق هو والي مكان وجود الأشغال المزمع إنجازها ، والذي بعد استقباله للملف من طرف الهيئة المستفيدة وبعد التحقق من جميع تفاصيل العملية واكتمال الوثائق ، يشرع في إعداد القرار المتضمن فتح التحقيق المسبق كما هو منصوص عليه في المادة 03 من المرسوم التنفيذي 93/186 التي نصت على أنه “يقوم الوالي بعد دراسته الملف تعيين لجنة تحقيق من ثلاثة أشخاص يكون أحدهم رئيسا لها لإجراء تحقيق بقصد إثباته مدى فعالية المنفعة العمومية.” وبموجب هذا القرار تعين لجنة تتشكل من ثلاثة أشخاص يختارون ضمن قائمة تعد سنويا وتعين من طرف وزير الداخلية ، وطبقا للمادة 04 من المرسوم السالف الذكر فإنه توضع قائمة عن كل ولاية تضم من 06 إلى 12 شخص ، تتكون من قدماء القضاة والموظفين أو قدماء الموظفين الذين هم في الصنف 13 على الأقل من القانون الأساسي للوظيف العمومي ، وأية شخصية أخرى يمكنها أن تساهم نظرا لكفاءتها أو خبرتها في سير التحقيق، ويشترط في أعضاء اللجنة صفة الحياد بمعنى أن لا تكن لهم علاقة بأصحاب الحقوق المنزوعة الملكية منهم ، سواء بسبب وظيفتهم أو لأسباب شخصية(2).

وتجدر الإشارة إلى أن قرار فتح التحقيق يعتبر من قبل الأعمال التحضيرية وغير قابل للطعن أمام القضاء ، لكن يمكن الاعتماد عليه لطلب إبطال قرار التصريح بالمنفعة العمومية بإثارة الخروقات التي تتخلله(3).

ويشترط لكي يكون قرار فتح التحقيق صحيحا توفر مجموعة من الشروط حددتها المادة 06 من مرسوم 93/185 وهي :

· يصدر عن الوالي المختص إقليميا.

· تحديد مكان إجراء التحقيق ، فحسب المادة 08 من المرسوم السالف الذكر نصت على أنه يمكن للجنة أن تعمل بمقر المجلس الشعبي البلدي أو المجالس الشعبية البلدية المعنية أو في أي مكان عمومي آخر يحدد في قرار فتح التحقيق الصادر عن الوالي.

· تحديد الهدف من التحقيق.

· تحديد تشكيلة لجنة التحقيق بأسماء أعضائها وألقابهم وصفاتهم وكيفيان عمل اللجنة من حيث أوقات الاستقبال ومكانه.

· وضع تحت تصرف الجمهور سجلا مرقما وموقعا من طرف الوالي تسجل فيه شكاوي وملاحظات الجمهور.

ويجب أن يصدر هذا القرار 15 يوما قبل تاريخ فتح التحقيق ، وأن يكون مشهرا على مستوى البلدية التي يوجد بها المشروع ومنشورا في يوميتين وطنيتين . وتجدر الإشارة إلى أن التبليغ للمعنيين شخصيا بقرار فتح التحقيق غير مطلوب.

إذا استوفى قرار فتح التحقيق جميع الشروط السالفة الذكر ، تبدأ لجنة التحقيق في مباشرة مهامها وهو ما سنتعرض إليه في المطلب الثالث.

المطلب الثالث : مهام لجنة التحقيق

لقد أشرنا سابقا أن اللجنة المكلفة بالتحقيق تتكون من ثلاثة أشخاص يعينون ضمن قائمة تحدد سنويا وتعين من طرف وزير الداخلية، هذه اللجنة تكلف بالتحقيق في مدى أهمية المشروع وفعالية المنفعة العمومية . في إطار إنجازها لمهامها يمكن للجنة الإنتقال إلى الأماكن لإجراء معاينات ميدانية على مواقع المشروع المزمع إنجازه . كما لها أن تسمع أي شخص ترى في سماعه فائدة لتقدير فعالية المنفعة العمومية، كما لها أن تستدعي صاحب المشروع أو ممثليه أو أية إدارة معينة، كما يجوز لها أيضا أن تقدم الوثائق المرفقة بملف التحقيق إلى الجمهور للإطلاع عليها، وتنظيم اجتماعات معهم بغرض تبادل المعلومات بحضور صاحب المشروع . تتوج هذه الاجتماعات بتحرير محضر من طرف اللجنة(1) تسجل فيه جميع الملاحظات التي استنبطت.

بعد انتهاء اللجنة من التحقيق تختم السجلات وتوقع من طرف الوالي المختص إقليميا وتسلم رفقة ملف التحقيق وكذا محاضر الاجتماعات إلى اللجنة.

هذه الأخيرة تقدم تقريرا ظرفيا في مدة 15 يوم من التاريخ المقرر لإنهاء عملية التحقيق يكون مسببا تسبيبا كافيا تستعرض فيه الإستنتاجات التي توصلت إليها ، حول طابع المنفعة العمومية وفعاليتها فيما إذا كان للمشروع علاقة بالمنفعة العامة وفي أي شيء تكمن ، أو على العكس من ذلك تستظهر عدم فعالية المنفعة العامة وأن مساوئ المشروع تفوق محاسنه(2).

وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة مجبرة على إبداء رأيها صراحة في مدى فعالية المنفعة العمومية، وأن تسبب الإستنتاجات التي توصلت إليها تسببا كافيا. كما أنه يمكن لها أن ترفقها بالإقتراحات أو الأمنيات كأن تقول مثلا : ” من الأفضل تفادي هدم العمارة .. إلى غير ذلك” ، خصوصا وأن هذه الإقتراحات لا تؤثر في محتوى التقرير. وهذا على العكس من التحفظات التي قد ترفق بالتقرير إذ تعتبر بمثابة تقرير سلبي إذا لم ترفع لاحقا.

وعليه فإن اللجنة لا يجوز لها أن تترك القرار في هذا المجال للإدارة ، رغم أن الإدارة غير ملزمة بالأخذ برأي اللجنة ،على خلاف المشرع الفرنسي الذي يفرض في هذه الحالة الرجوع لمجلس الوزراء، وإلا ألغيت الإجراءات من مجلس الدولة(3) .

وترسل اللجنة قرارها المتضمن نتائج التحقيق رفقة جميع الوثائق إلى الوالي المختص إقليميا ، و ترسل نسخة إلى الأشخاص المعنيين بناءا على طلبهم. لتبدأ مرحلة أخرى من مراحل نزع الملكية وهي التصريح بالمنفعة العمومية.

المبحث الثالث : قرار التصريح بالمنفعة العامة

بعد تلقي الوالي لنتائج التحقيق يقوم بإعداد القرار المتضمن التصريح بالمنفعة العامة والذي يجب تحديد مضمونه (مطلب01) وتحديد شروطه (مطلب02) ودراسة المنازعات التي يثيرها (مطلب03).

المطلب الأول : مضمون قرار التصريح بالمنفعة العمومية

تعرضت المادة 10 من المرسوم التنفيذي رقم 93/186 لموضوع قرار التصريح بالمنفعة العمومية دون تعريفه، بواسطته تفصح الإدارة عن تقديرها لوجود منفعة عمومية للعملية المزمع إنجازها. نحدد أولا السلطة المصدرة له (فرع01) والبيانات الإلزامية التي يتضمنها (فرع02).

الفرع الأول : السلطة المصدرة للقرار

لقد حددت المادة 10 من المرسوم التنفيذي رقم93/186 الجهة المختصة بإصدار هذا القرار وتكون حسب حالتين :

أ‌. إذا كانت الممتلكات أو الحقوق العينية العقارية المراد نزع ملكيتها واقعة في تراب ولايتين أو عدة ولايات، فإن التصريح بالمنفعة العمومية يتم بقرار مشترك أو قرارات مشتركة بين الوزير المعني و وزير الداخلية والجماعات المحلية و وزير المالية.

ب‌. إذا كانت الممتلكات أو الحقوق العينية العقارية واقعة في تراب ولاية واحدة ، فيتم التصريح بالمنفعة العمومية بقرار من الوالي.

وقد أضاف قانون المالية لسنة 2005 المادة 12 مكرر لقانون 91/11 والتي نصت أنه :” يتم إقرار المنفعة العمومية بمرسوم تنفذي بالنسبة لعمليات إنجاز البنى التحتية ذات المنفعة العامة وبعد وطني استراتيجي” وهذا يعني أنه في حالة وجود هذا النوع من الإنجازات ، فإن التصريح بالمنفعة العمومية يصدر عن طريق مرسوم تنفيذي.

الفرع الثاني : البيانات الإلزامية التي يتضمنها القرار

يتعين أن يحتوي قرار التصريح بالمنفعة العامة مجموعة من البيانات الإلزامية، طبقا للمادة 10 من مرسوم 93/185 التي نصت على أنه ” يجب أن يبين القرار المتضمن التصريح بالمنفعة العمومية الأهداف من نزع الملكية، مساحة القطع الأرضية وموقعها، قوام الأشغال المراد الشروع فيها، و تقدير النفقات التي تغطي عمليات نزع الملكية.ويجب أن يبين فضلا عن ذلك المهلة القصوى المحددة لإنجاز نزع الملكية ” . وعليه فإن قرار التصريح بالمنفعة العمومية يجب أن يبين تحت طائلة البطلان :

الهدف من نزع الملكية ، وتحديد الأشغال المزمع إنجازها ، وكذا مشتملاتها والتي تعتبر كنتيجة ضرورية ومباشرة لهذه الأشغال. وإن لم تكن كذلك فيجب أن ينوه عنها في تقرير التحقيق المسبق، وإلا كان قرار التصريح بالمنفعة العمومية معيبا.

كما يجب أن يبين مساحة وموقع هذه الأشغال ، حتى يتمكن الأشخاص من معرفة طبيعة الأشغال وقوامها.بالإضافة إلى تبيان النفقات المخصصة لعملية نزع الملكية وتحديد أقصى أجل لإنجاز العملية، مع الإشارة إلى أنه لا يمكن أن تتجاوز أربعة سنوات يمكن تحديدها مرة واحدة إذا تعلق الأمر بأشغال كبرى ذات الطابع الوطني أو ذات منفعة عمومية.

وتجدر الإشارة أن الوضع يختلف في القانون الفرنسي ، حيث أنه إذا كان قرار التصريح بالمنفعة العمومية صادرا بمرسوم عن مجلس الوزراء فإن المدة تبقى مفتوحة أمام رئيس مجلس الوزراء ، أما إذا كان صادرا بقرار وزاري أو ولائي فإن مدة نزع الملكية هي 05 سنوات في الأحوال العادية و10 سنوات في الأحوال التي يكون الغرض من نزع الملكية هو إنجاز مشاريع تهيئة عمرانية مصادق عليها، ومدة الخمس سنوات يمكن أن تجدد مرة واحدة بقرار من نفس الطبيعة دون الحاجة لتحقيق جديد ، وأي تمديد بعد ذلك لا يمكن أن يتم إلا بمرسوم.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما مصير المشروع بعد الإعلان عن المنفعة العمومية بعد فوات مدة إنجاز نزع الملكية ؟ علما أن الإدارة غير مجبرة على إنجاز المشروع الذي كان موضوع الإعلان بالمنفعة العمومية ، ومن جهة أخرى فإن التصريح بالمنفعة العامة يخص مشروعا محددا ولا يصح إنجاز مشروع آخر على هذا الأساس، خصوصا إذا علمنا أن المادة 32 من قانون 91/11 لم تحدد مدة معينة لتخصيص العقارات والحقوق العقارية.

المطلب الثاني : شروط صدور قرار التصريح بالمنفعة العامة

تنص المادة 11 من قانون 91/11 على أنه يخضع قرار التصريح بالمنفعة العامة تحت طائلة البطلان لما يلي :

– أن ينشر حسب الحالة في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية أو في مدونة القرارات الإدارية الخاصة بالولاية.

– أن يبلغ لكل واحد من المعنيين.

– أن يعلق في مقر البلدية التي يقع فيها الملك المطلوب نزع ملكيته حسب الكيفيات التي حددتها المادة 06 من هذا القانون طوال الفترة المنصوص عليها في المادة 13 من هذا القانون وتجدر الإشارة أن مجلس الدولة الفرنسي لا يلزم الإدارة بتبليغ قرار التصريح بالمنفعة العمومية ويكتفي بالنشر فقط.

ولقد نصت المادة 13 من قانون 91/11 أنه يحق لكل ذي مصلحة أن يطعن في قرار التصريح بالمنفعة العمومية.بالنسبة لمسألة المصلحة في الطعن ضد قرار التصريح بالمنفعة العمومية فإنها تتوفر فقط في الذين لهم ممتلكات مسها قرار التصريح بالمنفعة العمومية(1) . وقد حددت نفس المادة السالفة الذكر أجل شهر للطعن في القرار أمام الجهة القضائية المختصة والمتمثلة في الغرف الإدارية الجهوية بالنسبة للقرارات الولائية ، أو مجلس الدولة بالنسبة للقرارات الوزارية. ووفقا للأشكال المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية تسري هذه المدة إبتداءا من تاريخ تبليغ القرار. ويتعين على القاضي الفصل في النزاع خلال شهرين من رفع الدعوى ، وعليه فلا مجال لتطبيق إجراءات الصلح لأن الأمر يتعلق بإجراءات سريعة. في حالة الاستئناف على مجلس الدولة أن يفصل فيه خلال شهرين. كما أن المادة 15 من قانون 91/11 تعتبر الحكم نهائي غير قابل للمعارضة أو إعتراض الغير الخارج عن الخصومة، بسبب أن الطعن يوقف الإدارة عن الاستمرار في الإجراءات، ويكفي أن يناقش القرار أمام القاضي الأول ولا مجال للطعن فيه ثانية ممن لهم مصلحة ، لأنه يفترض أنه إذا كانت المنفعة العمومية مشكوك فيها أو أن الإجراءات لم تحترم فإن القاضي يصدر قراره بإلغاء المقرر، باعتبار أن أجل الإجراءات وجوبيه وترتب البطلان ، ويمكن للقاضي إثارتها تلقائيا بالإضافة إلى أن قرار التصريح بالمنفعة العمومية لا يمس مباشرة بحقوق الغير(1).

المطلب الثالث : منازعات قرار التصريح بالمنفعة العامة

قرار التصريح بالمنفعة العمومية، باعتباره قرار إداري شأنه شأن القرارات الإدارية يمكن أن يكون محل طعن بدعوى الإلغاء أمام الجهات القضائية المختصة، إذا ما شابه عيب من العيوب التي تمس بشرعيته. وبالرجوع إلى أحكام القانون 91/11 والمرسوم التنفيذي 93/186 حدد المشرع بدقة الإجراءات الواجب إتباعها من طرف الإدارة قبل إصدار قرار التصريح بالمنفعة العمومية وقد وردت أغلب النصوص بصيغة الوجوب مما يجعل الإدارة ملزمة باحترامها وقد نصت المادة 13 من القانون السالف الذكر على الطعن في قرار التصريح بالمنفعة العمومية مما يسمح للقاضي المختص لفرض رقابته من خلال الدعاوي التي ترفع إليه للطعن في شرعية قرار التصريح بالمنفعة العمومية، ولكي يحصل العارض على إبطال قرار التصريح بالمنفعة العمومية يجب عليه أن يبين عدم مشروعيته أي العيب الذي يكتنفه وهي العيوب التي يبحث عنها العارض والتي تتمثل في وسائل المشروعية أو وسائل الإبطال والتي تتمثل في عدم الاختصاص، وعيب الشكل ومخالفة القانون والانحراف بالسلطة. وهو ما سنتعرض إليه بشيء من التفصيل بالنسبة لكل عيب من العيوب التي قد تلحق قرار التصريح بالمنفعة العمومية وذلك على النحو الآتي بيانه :

الفرع الأول : بالنسبة لعدم الاختصاص

فالمادة 12 من مرسوم 93/186 التي نصت أن قرار التصريح بالمنفعة العمومية يصدر عن الوالي إذا تعلق الأمر بأملاك تقع في تراب ولاية واحدة أو قرار وزاري إذا تعلق الأمر بأملاك تقع على أكثر من ولاية، لأنهما السلطتين الوحيدتين المخولتين قانونا لإصدار قرار التصريح بالمنفعة العمومية، فإذا صدر القرار عن جهة أخرى غير هاتين الجهتين وجب التصريح ببطلانه لأنه معيب بعيب عدم الاختصاص(1).

الفرع الثاني : عيب الشكل

ويكمن في إهمال السلطة الإدارية لإجراء جوهري منصوص عليه قانونا كأن تمهل الإدارة إشهار قرار فتح التحقيق المسبق بمركز البلدية المعنية ونشره في يوميتين وطنيتين وفي مجموع القرارات الإدارية للولاية، كما هو منصوص عليه في المادة 06 من المرسوم السالف الذكر، أو إهمال نشر وتعليق وتبليغ قرار التصريح بالمنفعة العمومية. فتخلف مثل هذه الإجراءات يلزم القاضي بالتصريح ببطلان القرار المعني.

الفرع الثالث : عيب مخالفة القانون

ويكمن في تجاهل الإدارة لقاعدة قانونية كأن تصرح على نفس المنفعة العمومية دون إثبات وجودها مخالفة بذلك أحكام المواد 7، 8 و9 من المرسوم 93/186 التي نصت على فتح تحقيق مسبق وتعيين لجنة التحقيق وكيفية عملها وإلزامها بتحرير تقرير تفصح فيه عن رأيها في مدى فعالية المنفعة العمومية، أو أن تلجأ الهيئة المستفيدة من نزع الملكية إلى إعداد الملف الخاص بنزع الملكية دون أن تثبت أنها لجأت إلى الحصول على الأملاك بصفو ودية كما هو منصوص عليه في المادة 02 من المرسوم السالف الذكر، أو أن يقوم الوالي بتعيين لجنة التحقيق مخالفة للشروط المنصوص عليها في المادة 05 من نفس المرسوم. إن الإخلال بأي إجراء من هذه الإجراءات الجوهرية يؤدي حتما إلى إبطال قرار التصريح بالمنفعة العمومية.

الفرع الرابع : عيب الانحراف في استعمال السلطة

ويظهر حينما يكون هدف قرار التصريح بالمنفعة العمومية تحقيق مصلحة فردية لا علاقة لها بالمنفعة العمومية. والبحث في هذا العيب هو بحث في مدى فعالية المنفعة العمومية ويترتب عن ذلك أن القاضي يراقب مدى توافر شروط المادة 02 من قانون 91/11 التي نصت على الحالات التي يمكن فيها نزع الملكية والتي تشترط أن يهدف نزع الملكية إلى تنفيذ عمليات ناتجة عن تطبيق أداة من أدوات التعمير أو التهيئة العمرانية تتعلق بإنجاز منشآت وتجهيزات جماعية وأعمال كبرى. و ما ورد في بعض النصوص الخاصة التي نصت على إمكانية نزع الملكية.

وفي كل الحالات يجب التحقيق أن الهدف من نزع الملكية يدخل ضمن الحالات الواردة في المادة 02 من القانون 91/11 أو أن المشرع نص عليها بقانون خاص(1).

وعلى كل، ومهما كان العيب الذي أسست عليه دعوى الإلغاء فإنها ترفع في مهلة شهر واحد إبتداءا من تاريخ تبليغ القرار، وهذا خروجا عن القاعدة العامة الواردة في المادة 169 مكرر من قانون الإجراءات المدنية بالنسبة للغرف الإدارية والمادة 287 من نفس القانون بالنسبة لمجلس الدولة، ويؤول الاختصاص للنظر في الدعوى إلى الغرف الإدارية إذا كان القرار المطعون فيه صادر عن الوالي، وإلى مجلس الدولة إذا كان القرار صادر عن الوزير. وتجدر الإشارة إلى أن دعوى الإلغاء توقف الإجراءات الإدارية المتعلقة بنزع الملكية وذلك بحكم القانون حتى يفصل في النزاع من قبل الجهة القضائية المختصة. وقد حددت المادة 14 من قانون 91/11 مهلة شهر واحد للقاضي لإصدار قراره. أما القرار الصادر عن الجهة القضائية المختصة بالفصل عن طريق الاستئناف فيصدر في مهلة شهرين إبتداءا من تاريخ رفع دعوى الاستئناف، ويكون القرار نهائيا غير قابل لاعتراض غير الخارج عن الخصومة ولا للمعارضة طبقا للمادة 15 من القانون السالف الذكر.

الفصل الثاني : إجراءات الحصر والتنازل و نقل الملكية

يتناول هذا الفصل المراحل الحاسمة لنزع الملكية للمنفعة العمومية، فهي تجسد عمليات حصر الأموال المطلوب نزعها وإحصاء المتضررين منها الذي يتم بواسطة التحقيق الجزئي (المبحث الأول) فيتبع هذه المرحلة العملية مرحلة تقرير التنازل عن الملكيات وذلك بصدور قرار قابلية التنازل (المبحث الثاني) وتختم هذه الإجراءات بنقل الملكية المنزوعة إثر صدور قرار نزع الملكية للمنفعة العمومية (المبحث الثالث).

المبحث الأول : التحقيق الجزئي

إن التحقيق الجزئي هو الإجراء الذي يتحدد على أساسه مضمون قرار قابلية التنازل، وعلى غرار التحقيق المسبق، فالتحقيق الجزئي يهدف إلى غرض معين (مطلب01) وتكون أول خطواته تعيين المحافظ المحقق (مطلب02) والذي تسند إليه مجموعة من المهام (مطلب03).

المطلب الأول : غرض التحقيق الجزئي

يهدف التحقيق الجزئي إلى حصر الملكيات والحقوق العينية العقارية (فرع01) وتحديد الملاك وأصحاب الحقوق العقارية (فرع02)

الفرع الأول : حصر الملكيات والحقوق العينية العقارية

إن نزع الملكية يرد على العقار أولا، ولذلك يتعين حصر هذه العقارات وتحديدها تحديدا واضحا، من خلال تحديد طبيعتها إن كانت قطعة أرض فضاء أو مبنية، أو أن نزع الملكية منصب على منشآت كالبنايات أو المصانع أو المحلات التجارية، فتحديد هذه العقارات يكون بدقة(1). وحصر الملكية لا يكون إلا بتحديد مساحة هذه العقارات وموقعها، لأنه يترتب على المساحة قيمة التعويض الذي سيقرر للمالكين من جهة، وأن لا تزيد عن قوام الأشغال المناسبة لإنجاز المشروع ذي النفع العام من جهة أخرى. وينصب نزع الملكية أيضا على الحقوق العينية العقارية، والمتمثلة في حق الارتفاق وحق الانتفاع وحق الاستعمال وحق الاستغلال وحق السكنى، لأن المالك يمكن له أن يسمح، سواء بإرادته الحرة أو بتقصيره، لشخص معين أن يكتسب على ملكيته حقا عينيا عقاريا أصليا، فيتولى التحقيق الجزئي تحديدها.

يجب الإشارة إلى أنه لا يعقل وغير جائز نزع ملكية الحقوق العينية العقارية وحدها دون نزع ملكية العقار في حد ذاته(1).

الفرع الثاني : حصر الملاك وأصحاب الحقوق العينية العقارية الأخرى

إن التحقيق الجزئي يهدف أيضا إلى تحديد هوية أصحاب حقوق الملكية وأصحاب الحقوق المتفرعة عنها. فيجب تحديد هويتهم تحديدا كاملا نافيا للجهالة وذلك بتحديد لقبهم وأسمائهم وأسماء آبائهم وأجدادهم وتحديد محل إقامتهم ويكون هذا التحديد دقيقا. فإن كانت الملكية مفرزة يكتفي بتحديد مالكها الوحيد، أما إذا كانت ملكية على الشيوع أو ملكية مشتركة فتحدد هوية كل المالكين على الشيوع أو في الملكية المشتركة. ولا يكتفي بتحديد الهوية فقط بل لابد من مراقبة مدى صحة تلك المعلومات، فلا يكتفي أن يصرح شخص بأنه يكسب حقا على عقار ليسجل اسمه ضمن قائمة الملاك أو أصحاب الحقوق العقارية بل لابد من التحقق أولا من هويته وثانيا من صحة التصريحات وذلك بوسائل التحقيق التي سيأتي التفصيل فيها لاحقا. ويهدف التحقيق أيضا إلى تحديد أصحاب الحقوق العقارية من أصحاب الانتفاع وحق الاستعمال وحق الارتفاق وحق السكنى.

وقد قرر المشرع الجزائري أيضا حصر المستأجرين للعقارات، رغم أن حق الإيجار هو حق شخصي وليس عيني، لأنه قرر له تعويضا عن حرمانه من الانتفاع من العين المؤجرة.

المطلب الثاني : تعيين المحافظ المحقق

إن إجراءات حصر الممتلكات والملاك والحقوق العينية الأخرى وأصحاب الحقوق مرتبطة بصدور قرار إداري بتعيين محافظ محقق (الفرع01) الذي ينبغي أن تتوفر فيه شروط متعلقة بصحته و نشره (الفرع02).

الفرع الأول : صدور القرار الإداري

إن قرار تعيين المحافظ المحقق يتميز بخصائص من حيث السلطة المصدرة له (أولا) ومن حيث طبيعته القانونية (ثانيا) ومن حيث أجال صدوره (ثالثا).

أولا : السلطة المصدرة للقرار

يتم فتح التحقيق بصدور قرار تعيين المحافظ المحقق، وأوكلت سلطة إصداره إلى الوالي، ولم ينعقد الاختصاص لغيره من السلطات المركزية أو المحلية، ولا يخضع من جهة أخرى لموافقة أو مصادقة السلطة الوصية عليه، مما يفيد أن اختصاصه أصيل.

ينفرد الوالي وحده بإصدار هذا القرار على عكس قرار التصريح بالمنفعة العمومية الذي يتغير ويتحدد مصدره بحسب الامتداد الإقليمي للملكيات المراد نزعها في إقليم ولاية واحدة أو ولايتين فأكثر. ولإزالة أي إشكال قانوني أو عملي يمكن وقوعه في المستقبل والمتعلق بإنجاز التحقيق الجزئي، في حالة تواجد الملكيات على إقليم ولايتين فأكثر، خاصة مع تحديد الاختصاص الإقليمي لصلاحيات الوالي بإقليم ولايته، فإن المادة 44 من المرسوم التنفيذي 93/186 ألقت عبء تنفيذ جميع إجراءات نزع الملكية على كل والي مختص إقليميا. وهذا يفترض أن كل والي يعين محافظ محقق لإجراء الحصر على تراب ولايته. وهذا الحكم يمتد إلى باقي الإجراءات اللاحقة بانعقاد الاختصاص لكل والي في حدود إقليمه لإصدار قرار قابلية التنازل وقرار نزع الملكية للمنفعة العامة. إن إنجاز التحقيق الجزئي على إقليم ولايتين يستلزم إصدار قرارين وتعيين محافظين محققين.

ثانيا : الطبيعة القانونية للقرار

إن قرار تعيين المحافظ المحقق هو قرار إداري لأنه عمل قانوني صادر من الوالي الذي يعتبر سلطة إدارية محلية. إن غرض هذا القرار هو تمكين المحافظ المحقق من مباشرة إجراءات التحقيق الجزئي من تحديد لمحتوى العقارات والحقوق العينية العقارية الواردة في مضمون قرار التصريح بالمنفعة العمومية،وتحديد هوية المالكين وأصحاب الحقوق العقارية الأخرى. يتجلى من غرض هذا القرار أنه يدخل ضمن صنف القرارات الإدارية التمهيدية. فالقرار الإداري التمهيدي هو عمل قانوني يصدر من الإدارة بصفة منفردة، إلا أنه لا يحدث أثرا قانونيا بمراكز الأشخاص من تعديل أو إحداث أوانهاء لمراكزهم القانونية. فالقرار التمهيدي هو عمل قانوني إداري تحضيري، يعتبر خطوة لازمة وضرورية لاستصدار قرار إداري آخر يكون نهائيا، يحمل في مضمونه وموضوعه أثار المساس بالمراكز القانونية للأشخاص. يترتب عن اعتبار هذا القرار تمهيديا امتناع القضاء الإداري قبول مخاصمته لأنه ليس له مرتبة القرار الإداري النهائي، بل أن القضاء الإداري ينظر في القرار الإداري الذي سيصدر فيما بعد والذي يعتبر تتويجا لمرحلة التحقيق الجزئي ،لأنه هو الذي سيمس بمراكز الأفراد القانونية كمالكين أو أصحاب حقوق عقارية.

ويترتب أيضا من كون القرار تمهيدي، وهي تحصيل حاصل، عدم القابلية لوقف تنفيذه ،لأن طبيعته المستنتجة من غرضه تنفي وجود ضرورة استعجاليه تسمح للمالكين أو أصحاب الحقوق العقارية من الالتجاء إلى القضاء الإستعجالي لوقف تنفيذه، خاصة أنه من شروط وقف تنفيذ قرار إداري طرح منازعة في الموضوع أمام القضاء الإداري، وهذا الأمر مستبعد.

ثالثا : أجال صدور قرار التعيين

إن قرار تعيين المحافظ المحقق يتخذ خلال أجل معين. فبعدما كان القانون 91/11 يقرر أن يتم حصر الأملاك والحقوق العقارية، وحصر المالكين وأصحاب الحقوق المطلوب نزع ملكيتهم، طوال الفترة التي عينها قرار التصريح بالمنفعة العمومية(1).

إن المدة التي يقصدها من خلال عبارة « التي عينها قرار التصريح بالمنفعة العمومية» هي الآجال التي يتم خلالها إنهاء إجراءات نزع الملكية.

إن إجراءات نزع الملكية أجلها لا يتجاوز أربعة سنوات في حالة إنشاء تجهيزات أو منشآت جماعية ذات منفعة عامة، ويمكن تحديد هذا الأجل لأربع سنوات أخرى في حالة إنجاز عملية كبرى ذات منفعة وطنية(2). لقد جاءت هذه النصوص خالية من التحديد الدقيق لأجل إنجاز التحقيق الجزئي وصدور قرار بتعيين المحافظ المحقق وخالية من الإجراءات المتعلقة بطريقة التعيين، بل مجرد إشارة إلى أنه يسند التحقيق الجزئي إلى محافظ محقق وأن يبين قرار تعيينه الإطار المكاني والزماني لتنفيذ مهمته. إن هذا الوضع تم تداركه بفضل صدور المرسوم التنفيذي رقم 93/186 الذي وضح أجل التعيين بدقة بحيث علقه بمجموعة من الشروط وهي:

* أن يصدر قرار التصريح بالمنفعة العمومية

* أن يتم نشر قرار التصريح بالمنفعة العمومية

* أن يصدر القرار بعد 15 يوما من نشر قرار التصريح بالمنفعة العمومية

لكن من تعبير وصياغة المادة((1) لا يفهم أنه يصدر قرار التعيين إجباريا بعد أجل 15 يوما الموالية لنشر قرار التصريح بالمنفعة العمومية، مما يمنح حجة للوالي للتراخي في إصداره.

الفرع الثاني : شروط صحة القرار ونشره

إن قرار تعيين المحافظ المحقق يتطلب لصحته شروطا مختلفة لازمة صحته (أولا) وإجراءات معينة في نشره (ثانيا).

أولا : شروط صحة القرار

إن قرار تعيين المحافظ المحقق يتضمن مجموعة من البيانات الأساسية التي يؤثر عدم احتوائه لها في سلامته وصحته، وهذه الشروط متعلقة بتحديد هوية المحافظ المحقق وصفته، وتحديد الإطار المكاني والزماني لنشاطه.

يجب أن يتضمن القرار اسم المحافظ المحقق ولقبه وذلك حتى ينعقد له الإختصاص الشخصي في إنجاز التحقيق الجزئي ويفهم من نص المادة 12 من المرسوم 93/186 أن ذكر الهوية في القرار لازم وإلا تقرر بطلان القرار. أما صفة المحافظ المحقق فتتعلق بمؤهلاته وخبراته العلمية والفنية، فاشترط نفس المرسوم بأن يكون معينا من بين المساحين الخبراء العقاريين المعتمدين لدى المحاكم.

إنه لا يكفي أن يتمتع المحافظ المحقق بصفة الخبير العقاري، بل يلتزم أن يكون معتمدا لدى المحاكم. وتحقق هذه الصفة استقلالية للمكلف بالتحقيق كونه غير مرتبط بالإدارة التي عينته، وتمثل في نفس الوقت ضمانة حقيقية لتجسيد مبدأ الحياد في أداء مهمته.

ونتيجة لهذه المواصفات فهو يتقاضى أتعابا في شكل مكافآت حسب التنظيم المطبق على التعويضات الممنوحة للأعوان القضائيين(1).

يتطلب أداء المحافظ المحقق لمهامه بصورة حسنة، أن يبين القرار وإلا كان باطلا، مقر عمله، وتحديد أجال تنفيذ مهمته بذكر تاريخ بدأ التحقيق وتاريخ انتهائه. وانعدام هذه البيانات يجعل القرار باطلا ويترتب عنه بطلان الإجراءات اللاحقة.

ثانيا : نشر القرار

إن القواعد المتعلقة بإجراءات نزع الملكية سواء في القانون أو المرسوم التنفيذي ألزمت الوالي أن يقوم بنشر القرار وذلك حسب الإجراءات التالية(2):

* أن يكون منشورا حسب الحالة في الجريدة الرسمية أو في مجموع القرارات الإدارية للولاية.

* مبلغا لكل شخص معني.

* مشهرا في مركز البلدية التي يقع فيها الملك المراد نزع ملكيته.

والغرض من نشره هو تمكين أكبر عدد من الجمهور من العلم به.

المطلب الثالث : مهام المحافظ المحقق

بغرض إنجاز التحقيق الجزئي، تعددت مهام المحافظ المحقق، ويمكن تبعا لذلك تقسيمها إلى مهام تتعلق بجمع المعلومات (فرع01) ومهام تتعلق بالصياغة والتحرير (فرع02).

الفرع الأول : جمع المعلومات

إن مهمة جمع المعلومات بالغة الأهمية من حيث تمكين المحافظ المحقق بمباشرة تحقيقه ، وتتمثل طرق الوصول إلى المعلومات في الإنتقال للمعاينة (أولا) وفي سماع تصريحات المعنيين أو المهتمين (ثانيا) وفي استقبال الجمهور (ثالثا) وفي إجراء التحريات والتحقيقات (رابعا).

أولا : الإنتقال للمعاينة الميدانية

يقع على عاتق المحافظ المحقق التزام، منذ تسلمه لمهامه وبداية التحقيق الجزئي بالإنتقال

إلى الأماكن موضع التحقيق، بغية التعرف على العقارات وتحديد محتواها من جهة وللتعرف على الملاك وأصحاب الحقوق العقارية من جهة أخرى.

إن المحافظ المحقق يسعى إلى التحقق من مدى مطابقة المعلومات المتضمنة في قرار التصريح بالمنفعة العمومية مع الواقع الميداني، من حيث مساحة العقارات وموقعها ومواصفاتها وتسمياتها وطبيعتها ،حتى يحدد هذه العقارات تحديدا دقيقا ويعرفها تعريفا شاملا. إن انتقاله لموقع العقارات يمنحه الفرصة للإطلاع على الموجودين فيها ويمنحه فرصة لتكوين فكرة مبدئية عن الملاك وأصحاب الحقوق العقارية الظاهرين، خاصة أنه من المبادئ القانونية المعروفة أن من يكون في العقار سواء حائزا له أو مستغلا له يظهر في صورة المالك الحقيقي. هذه المعاينة لها أثر محدود في تحديد هوية المالكين وأصحاب الحقوق العقارية، ويكمل هذا النقص بطرق أخرى يلجأ إليها المحافظ المحقق إجبارا وليس اختيارا(1).

ثانيا : سماع تصريحات المعنيين أو المهتمين

إن المحافظ المحقق يلتزم بتلقي تصريحات وأقوال المعنيين، ولم يوضح التنظيم مفهوم مصطلح المعنيين، لكن باعتبار أن نزع الملكية يلحق أضرار بملاكها وأصحاب الحقوق عليها من جهة، وأن غرض التحقيق الجزئي هو تحديد هوية الملاك وأصحاب الحقوق العقارية من جهة أخرى، فإنه لا شك أن المقصود بمصطلح المعنيين هم المتضررين من إجراءات نزع الملكية وهم الملاك وأصحاب الحقوق العقارية الأخرى. وأن كلمة المعني تتحدد بعبارة المالكين والحائزين للعقارات حسب المرسوم التنفيذي 93/186.

إن المحافظ المحقق يتلقى تصريحاتهم بالمعنى الذي يفيد تحديد هويتهم ومصادر اكتسابهم للملكية أو تقرير حقوقهم على هذه الملكية، ويتلقى أيضا معلومات حول هذه الملكية من حيث تكوينها ومشتملاتها، وله أن يتبين إن كانت الملكية مفرزة أو مشتركة أو موجودة على الشيوع ،أو تقرر عليها حقوقا عينية عقارية ،أو أنه حائز حقيقي أو عرضي لتلك العقارات. فالمحافظ المحقق يجمع كل المعلومات المتعلقة بتبرير الملكية أو التمتع بحق من الحقوق العقارية، و إن تم ورود تصرف عليها، حتى يتضح له جميع المتضررين من نزع الملكية.

إن المحافظ المحقق لا يكتفي بسماع المعنيين فقط، بل يتعداهم إلى سماع المهتمين، فالمرسوم التطبيقي 93/186 في المادة 15، أضاف كلمة « مهتم » إلى كلمة « معني » مما يثير التساؤل حول المقصود بالمهتم خاصة أن المرسوم لم يوضح مفهوم هذا المصطلح وإن كان مفهوم « المعني » بين، فإن مصطلح « المهتم » يبقى غامضا. لتحديد معناه يجب قراءة المادة 20 من نفس المرسوم وذلك بتمعن والتي تنص على أنه : « يجب على المحافظ المحقق أن يتلقى أيضا تصريحات تحيطه علما في كل حالة بالوضعية القانونية للعقارات موضع التحقيق، سواء لدى مالكي العقارات أو حائزيها أم لدى أي أشخاص آخرين يمكن أن تكون لهم معلومات مفيدة بشأن تلك العقارات ». فهذه المادة عرفت المعنيين وهم المالكين والحائزين، أما أي شخص من الجمهور فهم لا يعتبرون معنيين لأنهم ليسوا متضررين من نزع الملكية، فهل يمكن إدراجهم ضمن مصطلح المهتم ؟ لأن كلمة المهتم تتضمن إشارة إلى أن هذا الشخص له اهتمام متميز عن اهتمام العوام من الجمهور وكأن هذا الشخص يتتبع عملية نزع الملكية، مما يعني أن هذا المهتم لا يمكن أن يكون إلا شخصا مستفيدا، فيتضح من ذلك أن المهتم يقصد به المستفيد من عملية نزع الملكية، فالبلدية كونها مستفيدة من نزع الملكية لانجاز مشروع ذي نفع عام، لها أن تدلي بأقوالها عن طريق ممثلها القانوني، فيما يفيد تحديد هوية المالكين والحائزين، وذلك إن كان له علم بوضعية العقارات من خلال المعلومات التي بحوزتها خاصة أنها تعرف المالكين ، من خلال لجوئها إلى اقتناء الملكيات بالتراضي.

ثالثا : استقبال الجمهور

إن قرار تعيين المحافظ المحقق يحدد له الإطار الزماني والمكاني لمباشرة عمله، ومن بين البيانات الضرورية التي يتضمنها في محتواه، المقر والأيام والساعات التي يمكن أن يتلقى فيها التصريحات والمعلومات المتعلقة بالحقوق ذات الصلة بالعقارات المراد نزع ملكيتها(1). فالمحافظ المحقق في إطار مهامه ملزم باستقبال الأشخاص الراغبين في تقديم معلومات تفيد في الكشف عن هوية الملاك. أما المقصود بالأشخاص فهم أي شخص آخر، غير المالكين والحائزين، يمكن أن تكون له معلومات مفيدة بشأن تلك العقارات(1). يتعين على المحافظ المحقق أن يتواجد أيام الاستقبال في المقر المخصص له حتى يتلقى الأفراد، والأفراد بمفهوم الجمهور لأنه المصطلح الأدق والأوضح الذي يشمل الجميع. ويمتنع على المحافظ المحقق أن يرفض مقابلة أي شخص، بل هو ملزم أن يتلقى تصريحاته كما قدمها وأن يدونها كما هي مفصح عليها، وأن يكتب اسم المصرح الذي يوقع على أقواله. وإذا كان تدوينها أمر ضروري، فإن المشرع الفرنسي، وضمانا لحسن نقل تصريحات الأشخاص، وضع سجلا خاصا بتلقي تصريحات الجمهور، موجود في مقر عمل لجنة التحقيق أو المحافظ المحقق، مصادق عليه ومرقم من طرف رئيس اللجنة أو المحافظ المحقق. هذا السجل يدون فيه المصرح بنفسه ومباشرة المعلومات التي يريد الإفصاح عنها دون المرور على رئيس اللجنة أو المحافظ المحقق(2). وهذا الإجراء تغاضى عنه المشرع الجزائري، رغم أنه يشكل ضمانة قوية في أمانة نقل المعلومات.

رغم أنه يفهم من كلمة أي شخص من خلال الترتيب الوارد في المادة 20 من المرسوم التنفيذي استثناء المعني من مالك وحائز من التقدم إلى المحافظ المحقق، إلا أن هذا لا يمنع المعني من أن يقدم إضافة أو يغير في تصريحاته، أو نظرا لغيابه عند إجراء المعاينة الميدانية فيقدم تصريحاته أيام الاستقبال للجمهور. ونفس الحكم يشمل المتهم.

رابعا : إجراء التحريات والتحقيقات

يضطلع المحافظ المحقق لإنجاز مهمته على أحسن تقدير بصلاحيات إجراء تحريات وتحقيقات في مدى صحة وحقيقة التصريحات المقدمة إليه، فهو يطلب مستندات الملكية ويتحقق منها ويجري تحقيقا في مدى وجود الحيازة وفي مدى صحتها.

1. التحري والتحقيق في الملكية

إن المحافظ المحقق عند تحديده لهوية المالكين وأصحاب الحقوق الأخرى، يطلب منهم سندات الملكية، ويقوم بفحصها حتى يتأكد من أنها مقبولة في إطار التشريع المعمول به لإثبات حق الملكية(1) بحيث يراقب مدى توفر كل مميزات السند. ويراقب مدى صحة المعلومات الواردة في الوثيقة. والسندات المثبتة للملكية هي السندات الرسمية والتي احترمت الإجراءات القانونية فيما يخص إشهارها العقاري. حتى يتأكد المحافظ المحقق من أن هذه السندات تعكس الوضعية الحقيقية للعقارات فله أن يطلب من أمين الحفظ العقاري شهادة تثبت أن المستندات المفحوصة، والمثبتة لحقوق ملكية أو حقوق عينية عقارية، لم يرد عليها تصرف، والمحافظ المحقق مؤهل أيضا للإطلاع بمساعدة رؤساء مصالح المسح العقاري والحفظ العقاري والأملاك العمومية على جميع المخططات وسندات الملكية أو السجلات، وأن يتحصل في الحين على خلاصة أو نسخة منها للتأكد من قيمة التصريحات والأقوال التي تحصل عليها في الميدان.

2. التحري والتحقيق في الحيازة

عند غياب سند الملكية أو أنه لا يحمل مواصفات السند الرسمي، فإن المحافظ المحقق يلجأ إلى إجراء تحريات عن مدى صحة الحيازة المثارة. وهو بذلك يتحرى ما إذا كان الشخص المعني بالتحقيق يمارس الحيازة طبقا لمقتضيات القانون المدني، بمعنى أن تكون حيازته علنية ومستمرة وهادئة ومرت عليها فترة 15 سنة. لهذا الغرض فإن الشخص المعني مطالب بأن يقدم وثائق تثبت حالته المدنية ، والشهادات الكتابية المرفقة بتوقيعي شخصين مصادق عليها تبين ممارستة للحيازة ومدتها. وعليه أن يقدم أيضا كل الوثائق الأخرى التي من شأنها تنوير التحقيق مثل الشهادات الجبائية.

إن المحافظ المحقق يقوم من باب التحري بمقارنة هذه الإدعاءات والتصريحات بشهادات الملاك المجاورين، و التنقل للمحافظة العقارية للتأكد إذا ما كان هناك إشهار للحق المعني لفائدة شخص آخر والذي من شأنه أن يعارض وقائع الحيازة المثارة.إذا كان البحث سلبيا تقررت ملكية العقار لفائدة حائزها(2).

الفرع الثاني : الصياغة والتحرير

من بين التزامات المحافظ المحقق تحرير المحاضر وهي نوعين محضر ظرفي (أولا) ومحضر نهائي (ثانيا).

أولا : المحضر المؤقت

إن المحضر المؤقت هو ذلك الذي يسجل فيه المحافظ جميع التصريحات والأخبار والمعلومات التي تلقاها أو جمعها، ويقيد فيه أيضا النتائج الأولية التي ترتبت عن مجموع تلك المعلومات والتحريات. يقوم المحافظ المحقق بإشهار النسخ التي استخرجها من المحضر ويبين فيها تاريخ إشهارها في أماكن مرئية وميسورة الوصول إليها وذلك لمدة أسبوعين، في مقار البلدية والولاية المعنيتين وفي مصالح مسح الأراضي والحفظ العقاري والأملاك الوطنية والفروع والمفتشيات والمكاتب التابعة لها. ويكون شهرها مرفقا بالمخطط الجزئي الذي أعده، والغرض من هذا الشهر هو تلقي المطالبات والمنازعات والإعتراضات ذات الصلة بالحقوق العينية العقارية موضوع التحقيق.

يلتزم المحافظ المحقق خلال تلك المدة بتقديم أي معلومة لأي شخص. ويتعين على مسؤولي إدارة أملاك الدولة والبلدية إثارة الحقوق التي تمتلكها في تلك العقارات.

ثانيا : المحضر النهائي

إن المحضر النهائي هو ذلك المحضر الذي يقيد فيه المحافظ المحقق النتائج النهائية التي توصل إليها. فبتحليله للنتائج الأولية والإعتراضات والمطالبات والمنازعات التي رفعت إليه،تتكون لديه قناعة عن قائمة الملاك وأصحاب الحقوق العينية العقارية، وهي التي تكون موضوع المحضر النهائي. إن هذا المحضر يتم تحريره بعد انقضاء أسبوعين عن تاريخ شهر أو نشر أو نسخ المحضر المؤقت، ويبين المحافظ المحقق في المحضر اسم كل عقار وهوية مالكه أو مالكيه سواء كان محددا أو غير محددا، وذلك بالإستناد إلى المخطط الجزئي المصادق عليه من طرفه. يقوم المحافظ المحقق بإرسال ملف التحقيق الجزئي المتضمن المحضر النهائي وجميع الوثائق المستلمة أو المعدة أثناء التحقيق مرفقا بالمخطط الجزئي وقائمة العقارات والملاك، وذلك في حدود الآجال المعينة من طرف الوالي.

تجدر الملاحظة أن مجموع الاعتراضات والمطالبات والمنازعات قبل تعدد المطالبين بممتلك من الممتلكات أو بحق من الحقوق فيه أو عدم تحديد هوية مالك أو صاحب حق، لا تشكل عائقا قانونيا في إنهاء المحافظ المحقق للتحقيق.

المبحث الثاني : قرار قابلية التنازل

إن قرار قابلية التنازل هو ذلك القرار الصادر عن الوالي،والمحدد لقائمة العقارات والحقوق العينية المطلوب نزعها، وقائمة المالكين وأصحاب الحقوق، والتعويض الممنوح لهم. ومادام البحث السابق تناول بإسهاب العنصر الأول والثاني، فإن هذا المبحث يخصص لدراسة التعويض الذي يقدم للمتضررين (مطلب1) والمنازعات المتعلقة بالتعويض بصفة خاصة (مطلب2) والمنازعات المترتبة عن قرار قابلية التنازل بصفة عامة (مطلب3).

المطلب الأول : التعويض

إن قرار قابلية التنازل يصدر استنادا إلى تقرير التعويض الذي تعده مديرية أملاك الدولة. يتناول هذا المطلب الضوابط التي تحكم تقدير التعويض من حيث ارتباط التعويض بالضرر (فرع1) والأساس المعتمد في تقديره (فرع2).

الفرع الأول : ارتباط التعويض بالضرر

يجب أن يكون مبلغ التعويض عن نزع الملكية عادلا ومنصفا بحيث يغطي كامل الضرر الناشئ عنها(1) ،و يشمل الضرر قيمة العقار أو الحق العيني وما فات المالك من كسب(2) من جراء حرمانه من استعماله واستغلاله والانتفاع به. لكن ليس كل ضرر موجب للتعويض فلابد أن يكون الضرر الواجب تغطيته هو الضرر المادي المباشر المؤكد، دون الضرر الأدبي أوالإحتمالي تخفيفا عن الإدارة(3)، فيتحمل المالك الأضرار الأخرى كونه يستفيد من النفع العام كبقية أفراد المجتمع.

إن الضرر الواجب تعويضه يكون ماديا من جهة، بمعنى أنه يترجم عن الخسارة المالية التي لحقت المالك، دون احتساب الخسارة المعنوية أو الأدبية، خاصة أن مجتمعاتنا تتميز أنها تربطها علاقة معنوية أو أدبية بأرضها لا يجبره أي تعويض مادي. ومن جهة أخرى يجب أن يكون الضرر مؤكدا ومباشرا، بمعنى أنه ضرر يقيني غير احتمالي يمكن تحديده بدقة وغير موقوف على المستقبل، كأن يتمسك المالك بتعويضه عما سيفوته من كسب، لأنه يمكنه أن يبني سكنات في تلك الأرض ويؤجرها للغير أو يبيعها، فهذا أمر غير مؤكد الوقوع. والضرر المباشر الموجب التعويض هو الضرر الذي ترتب مباشرة من نزع الملكية، ويدخل فيه حالة تعويض المالك عن نقصان القيمة الذي يلحق الأملاك والحقوق غير المنزوعة بسبب نزع الملكية.

الفرع الثاني : الأساس المعتمد في تقدير التعويض

إن مصالح أملاك الدولة تعتمد في تقييمها للملكيات والحقوق العقارية على القيمة الحقيقية، بمعنى سعر السوق، للممتلكات حسب طبيعتها أو قوامها أو وجه استعمالها الفعلي، التي تقدر يوم إجراء التقييم. والقيمة الحقيقية للممتلكات تستننتج من طبيعتها أو قوامها يوم نقل الملكية. أما تحديد القيمة الحقيقية للممتلكات الذي يستنتج من وجه استعمالها، فيكون حسب استعمال العقارات سنة قبل فتح التحقيق المسبق، تجنبا أن يلجأ المالك إلى التحايل، بأن يقرر عليها أوجه استعمال جديدة حتى يزيد من قيمة التعويض. ويكون تعويض التجار والحرفيين والصناعيين بالاعتماد على المعلومات الجبائية المستنتجة من الوثائق الضريبية وذلك حسب القوانين الجبائية المعمول بها. ويكون التعويض نقديا أوعينيا بأن يقترح إعادة إسكان المستأجرين والصناعيين والحرفيين المطرودين، في محلات مشابهة. ويدخل في مقدار التعويض أيضا الحرمان من الانتفاع و مبالغ الرحيل. فكل هذه العناصر يتم تحديدها طبقا لمعيار القيمة الحقيقية للمتلكات والحقوق.

المطلب الثاني : المنازعات المتعلقة بالتعويض

إن مبلغ التعويض الممنوح للمالك وأصحاب الحقوق العينية غير نهائي، فيمكن الطعن فيه أمام القضاء، ويخضع هذا الطعن إلى شروط (فرع1) ويكون أمام الجهة القضائية المختصة (فرع2)

الفرع الأول : شروط الطعن

لقد علق المشرع الجزائري الطعن في مقدار التعويض على إجتماع ثلاثة شروط وهي:

– عدم وصول الإدارة والمالك إلى إتفاق حول مبلغ التعويض(1)، على اعتبار أن المالك يعتبر أن القيمة النهائية للتعويض مجحفة في حقه، أو أن السعر المرجعي المعتمد لتقديره منخفض، أو أن التقييم لم يدرج بعض العقارات أو الحقوق، أو أن التقييم حسب طبيعة الممتلكات أو قوامها أو أوجه استعمالها لم يكن شاملا ودقيقا.

– أن يفصح الطاعن عن المبلغ الذي يطلبه خلال 15 يوما من تبليغه بالقرار،خاصة أن ذلك وارد في القانون على صيغة الوجوب(2).

– أن ترفع الدعوى خلال ميعاد شهر من تاريخ التبليغ(3)، وهذا اختصار لمواعيد رفع الدعوى بسبب أن إجراءات نزع الملكية إجراءات إستعجالية.

الفرع الثاني : الجهة القضائية المختصة

إن الطعن الذي يرفعه المالك أو صاحب الحق العيني يهدف إلى مخاصمة قرار إداري صادر عن الوالي. ومادامت قرارات الوالي تدخل ضمن تطبيقات المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية فينعقد الاختصاص بالنتيجة للقضاء الإداري. إن اعتبار موضوع الطعن هو منازعة في التقييم، يترتب عنه أن الدعوى التي يرفعها الطاعن هي دعوى قضاء كامل(4) لأن هدفها ليس إلغاء القرار الإداري وإنما إعادة النظر في التعويض بالزيادة في مقداره. تختص في فحص هذه الدعوى الغرفة الإدارية المحلية بالمجلس القضائي مكان إصدار القرار، وتنظر فيها بتشكيلتها المنعقدة للنظر في قضاء الموضوع باعتبار أن دعوى التعويض هي دعوى موضوع. والقضاة يتمتعون بالسلطة التقديرية في الرد بالإيجاب أوالنفي على طلب الطاعن، وغالبا ما يتم تعيين خبير لتحديد قيمة التعويض.

المطلب الثالث : المنازعات المترتبة عن القرار

يترتب عن قرار قابلية التنازل، بالإضافة إلى دعوى التعويض، دعوى بطلان القرار نفسه (فرع01) ودعوى طلب النزع التام (فرع02).

الفرع الأول : دعوى بطلان القرار

يمكن للمالك أو صاحب الحق العيني أن يطعن ببطلان قرار التنازل على أساس أن الإدارة لم تحترم الإجراءات السابقة على صدوره، والمتعلقة بالتحقيق الجزئي، بسبب أنه لا يمكن الطعن فيها وحدها من منطلق أنها عمل تحضيري. يراقب القاضي الإداري مدى احترام الإدارة في قرار تعيين المحافظ المحقق الشروط المتعلقة بمقر عمله والأيام والأوقات والأماكن التي يتلقى فيها التصريحات أو المعلومات، ويراقب نشر القرار حسب المادة 11 من القانون 91/11، لأنها شروط وردت تحت طائلة البطلان. ويمكن أيضا أن تشكل طريقة عمله سببا للطعن بالإلغاء، لأنه لم يتوخى الحرص والدقة في تحديد المساحات والحقوق العينية المطلوب نزعها، وفي البحث الجدي عن الملاك وأصحاب الحقوق الآخرين، أو أنه لم يتحقق من سندات الملكية المقدمة إليه، أو أنه لم يجر التحقيق حول الحيازة، إلى غير ذلك من الإجراءات والأعمال المسندة إليه. للمالك أو صاحب المصلحة أن يطعن في قرار قابلية التنازل على أساس أن المحافظ المحقق لا تتوفر فيه الشروط القانونية المتعلقة بصفته.

كل هذه الدفوع تستدعي إلغاء قرار قابلية التنازل وإجراءات التحقيق الجزئي بالتبعية.

ترفع دعوى الإلغاء أمام الغرف الإدارية الجهوية للمجالس القضائية حسب نص المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية، وتطبق عليها المواعيد المستعجلة المنصوص عليها في المادة 26 من قانون 91/11.

الفرع الثاني : دعوى النزع التام

تستند دعوى النزع التام على أحكام المادة 22 من قانون 91/11 التي تسمح للمالك عندما يكون نزع الملكية واردا على جزء من عقاره، أن يطلب الإستيلاء على الجزء الباقي غير المستعمل، وذلك كون الجزء المتبقي لحقه نقص كبير سواء من حيث قيمته أو من حيث استعماله أوالإنتفاع به. إن هذه الدعوى كانت موضحة بدقة في الأمر رقم 76/48 فقد بينت المادة 23 منه الحالات والآجال التي يرفع فيها المالك هذه الدعوى أمام القضاء، ونصت صراحة على أن حكم القاضي الذي يستجيب لطلب النزع التام يكون بمثابة سند ملكية للإدارة. إن القانون 91/11 والمرسوم التنفيذي 93/186 و التعليمتين الوزاريتين رقم57 المؤرخة في 26/01/1993 و0007 المؤرخة في 11/05/1996 والتي تشكل الإطار التنظيمي الحالي لنزع الملكية للمنفعة العامة، لم تتطرق إطلاقا لهذه المسألة إلا إذا كانت نية المشرع اتجهت إلى إدراجها ضمن الدعاوى التي تخضع لأحكام المادة 26 من القانون 91/11. وهذا الرأي هو الراجح باعتبار أن هذه المادة تشكل الإطار العام الذي يحكم دعاوى نزع الملكية. ودعوى طلب النزع التام هي دعوى قضاء كامل،وبالنتيجة يتم رفعها أمام الغرف الإداريةالمحلية للمجالس القضائية خلال أجل شهر من تاريخ تبليغ قرار قابلية التنازل

المبحث الثالث : قرار نزع الملكية

إن نقل الملكية إلى المستفيد يتم بصدور قرار نزع الملكية للمنفعة العامة، لكن هذا القرار يخضع إلى مجموعة من الشروط (مطلب1) وتترتب عليه أثار (مطلب2) ويثير منازعات أمام القضاء (مطلب3).

المطلب الأول : شروط القرار

إن قرار نزع الملكية يرتبط بشروط معينة، بعضها متعلقة بصدوره (فرع1) وبعضها الآخر متعلقة بنفاذه (فرع2).

الفرع الأول : شروط صدور القرار

إن القرار لا يمكن أن يكون سليما إلا إذا صدر عن الوالي باعتباره السلطة المختصة في إصداره(1)، وهذا القرار لا يصدر إلا إذا أصبح قرار قابلية التنازل نهائيا، وذلك سواء بفوات ميعاد الطعن فيه أو صدور قرار قضائي نهائي بنزع الملكية، أو أن يكون المالك أفصح عن رضائه بالتعويض بعد اتفاقه مع السلطة المصدرة له(2). يجب أن تكون الإعتمادات المالية التي تمنح كتعويض للمتضرر قد وفرت على أساس أن التعويض قبلي على صدور قرار نزع الملكية، وقد تم إيداعها في خزينة الولاية. يمكن للسلطة الإدارية أن تطلب من القضاء الإشهار باستلام الأموال باستصدار قرار قضائي بذلك(3)، ويجب أن يصدر القرار خلال المدة التي يجري فيها نزع الملكية، سواء المدة العادية المقدرة ب 4 سنوات أو المدة الاستثنائية المقدرة ب 8 سنوات.

الفرع الثاني : شروط نفاذ القرار

لا يكفي أن يحترم القرار الشروط اللازمة لصدوره، بل لابد أن يحقق شروطا أخرى حتى يصبح نافذا. إن السلطة المصدرة للقرار ملزمة بتبليغه إلى الطرف المنزوعة ملكيته وإلى المستفيد، ويجب على الإدارة أن تقوم بإشهار القرار في المحافظة العقارية، حتى يصبح سند ملكية وذلك خلال شهر من تبليغه، ويجب نشره أيضا في مجموع القرارات الإدارية للولاية.

المطلب الثاني : أثار القرار

إن القرار بمجرد نفاذه ، يرتب مجموعة من الآثار تتعلق بدخول الأموال المنزوعة ملكيتها في دائرة المال العام، و تطهيرها من الحقوق المثقلة بها، و تخصيصها للمستفيد الذي يلتزم بالبدء في تنفيذ الأشغال حسب الآجال المقررة في القرار. يلتزم الطرف المنزوعة منه الملكية بأن يخلي العقارات، لأنه أصبح يشغل مركز شاغل بدون حق، لانتفاء أسباب بقائه في العقار خاصة أنه تسلم التعويض.

ومن أثار القرار أيضا فتح المجال للمتضرر أن يطعن فيه، لأنه لحقه ضرر وأذى من صدوره، وذلك بأن أنهى مركزه القانوني كمالك أو صاحب حق عيني.

المطلب الثالث : المنازعات المترتبة عن القرار

إن قرار نزع الملكية يسمح لصاحب المصلحة من الطعن أمام القضاء الإداري لحماية مركزه القانوني ، وتتعلق هذه المنازعات بمنازعة الإلغاء (فرع1) ومنازعة الطرد أو الإخلاء (فرع2) ومنازعة استرجاع الأملاك المنزوعة (فرع3).

الفرع الأول : منازعة الإلغاء

إنه نظرا لطبيعة قرار نزع الملكية، بوصفه قرار إداري، فهو معرض للطعن بإلغائه، وذلك بالرغم من أن الإطار القانوني التنظيمي لقواعد نزع الملكية للمنفعة العامة لم يتطرق إلى هذه المسألة إلا من خلال المبدأ العام الوارد في المادة 33 من القانون 93/11، التي اعتبرت القرار الصادر، دون احترام الإجراءات والشروط اللازمة لنزع الملكية، باطلا وعديم الأثر. إن دعوى الإلغاء تكون لعيب من عيوب المشروعية المتمثلة في عيب عدم الاختصاص، عيب الشكل والإجراءات، عيب مخالفة القانون وعيب الانحراف بالسلطة. ومن أمثلة هذه الأسباب التي تستدعي رفع دعوى ببطلان القرار، أن يصدر القرار من غير الوالي، أو أن يصدر القرار قبل أن يصبح قرار قابلية التنازل نهائيا لأنه مايزال محل طعن قضائي، أو أن يشمل القرار أملاكا لم ترد في قرار قابلية التنازل، أو أن القرار لم يحترم الشكليات المتطلبة في مضمونه كمدة إنجاز المشروع، أو أنه لم يحترم الإجراءات السابقة والضرورية قبل صدوره، أو أن يرد تغيير على مضمون المنفعة العامة كأن يخصص العقار لتوزيعه كحصص للأفراد. إن مخاصمة هذا القرار بدعوى الإلغاء لا يستدعي بالضرورة رفع دعوى أخرى متعلقة بالتعويض، فيكفي أن تتضمن عريضة الإلغاء طلبا بالتعويض حتى ينظر فيها القاضي، خاصة أن الاتجاه الحالي لمجلس الدولة الجزائري يتبنى الاتجاه الفرنسي في رفع دعوى الإلغاء مرتبطة بطلب التعويض الذي يبرره الضرر المترتب عن بطلان القرار.

وترفع هذه الدعوى بصفتها تخاصم قرار ولائي، أمام الغرف الإداريةالجهوية للمجالس القضائية. ويطرح إشكال قانوني فيما يخص مواعيد رفع الدعوى، بين تطبيق الآجال الاستثنائية، والمقدرة بشهرمن تاريخ التبليغ والمنصوص عليها في المادة 26 من قانون 91/11، أو تطبيق الآجال العادية والمقدرة بأربعة أشهر بعد التبليغ طبقا للمادة 169 مكرر من قانون الإجراءات المدنية.

الفرع الثاني : منازعة الطرد

يترتب عن صدور قرار نزع الملكية وتبليغه للمتضررين إلزامهم بإخلاء العقارات والأمكنة، فالإدارة تصبح صاحبة الملكية بشهر القرار، ولها أن تحمي حقوقها ومركزها القانوني الجديد، ويصبح المالكون والمستأجرون والمنتفعون شاغلين للأمكنة بدون وجه حق. إن الإدارة لا تستطيع أن تقوم وحدها بإجبار الشاغلين، بأسلوب القوة العمومية، من إخلاء الأمكنة، لأن الطرد من صلاحيات القاضي وحده(1) ولا يمكن للإدارة، رغم ما لقراراتها من قوة ملزمة، أن تطرد الشاغل إلا إذا لجأت للقضاء واستصدرت حكما بالطرد. وللإدارة أن ترفع دعوى إستعجالية أمام القاضي الإداري، باعتبار بقاء المالك في الأمكنة لا يبرره أي سند قانوني.

الفرع الثالث : منازعة الاسترداد

إن قانون 91/11 وضع التزاما على عاتق المستفيد من نزع الملكية بأن يتم إنجاز الأشغال، موضوع المنفعة العامة، في المهلة المحددة في قرار نزع الملكية. لكن إن حدث و أن لم ينطلق المستفيد في الأشغال، فإنه يمكن لصاحب الملكية أن يطلب استرجاع تلك الأملاك. إن الأمر 76/48 ذكر المدة التي يجب أن تنجز فيها الأشغال وهي 05سنوات، وللمالك أن يرفع دعوى المطالبة بالاسترجاع في خلال 15 سنة. أما القانون رقم 91/11 والمرسوم التنفيذي 93/186 فإنه لم يذكر المدة اللازمة لإنجاز الأشغال وأحالها على الأطراف، يتفقان عليها في العقد، أو تحددها الإدارة في قرار نزع الملكية. فيثور إشكال في حالة عدم ذكرها صراحة، مما يصعب معه كيفية التحقق من الانطلاق الفعلي للأشغال. يؤخذ أيضا على القانون أنه لم يحدد آجال تقديم طلب الاسترداد ولا الجهة التي يوجه إليها، بالإضافة إلى عدم ذكرالتكييف القانوني لحالة تحويل الأموال المنزوعة لمشروع آخر غير الذي انتزعت من أجله، دون إصدار قرار جديد يصرح بالمنفعة العمومية(1). عملا بالقواعد العامة فإن المالك له أن يطلب استرجاع أمواله خلال 15 سنة برفع دعوى أمام القضاء الإداري، باعتبار أن منازعة الاسترجاع تخص عقارات تم نزعها بواسطة قرار إداري.تعتبر هذه الدعوى تجسيدا للضمانات المقررة لحماية أصحاب الملكية الخاصة من تعسف الإدارة.

الخاتـمــة :

إن نزع الملكية للمنفعة العمومية يعتبر من أهم مواضيع القانون الإداري التي لم تحظى بالاهتمام الواسع مقارنة بالمواضيع الإدارية الأخرى. والمشرع الجزائري سعيا منه لتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وحماية المصلحة الخاصة من التعسف الإداري، حاول تأطير موضوع نزع الملكية بإصداره لقانون ومرسوم تنفيذي يحدد قواعد نزع الملكية للمنفعة العامة وكيفية تطبيقها. لكن هذا الحرص يعتريه نوع من النقص وعدم الدقة، وهذا الحكم يستنتج من الدراسة التحليلية لتلك النصوص القانونية. فنجد بعض المفاهيم والمصطلحات القانونية، التي تعتبر بالغة الأهمية في تحديد نزع الملكية، واردة دون توضيحها أو تعريفها، مما يستدعي الرجوع إلى قوانين أخرى أو إلى الدراسات الفقهية لإزالة ذلك الغموض، وخير مثال على ذلك مصطلح المنفعة العامة.

يؤخذ أيضا على النصوص القانونية المتعلقة بنزع الملكية عدم تفصيلها وتحديدها للإجراءات القضائية بدقة، فهي لم تبين إن كانت جميع المنازعات القضائية المثارة بشأنها تخضع للآجال الاستعجالية الواردة في صلب القانون، أم أنه يمكن إتباع الإجراءات العادية التي ينظمها قانون الإجراءات المدنية. ويمكن معالجة هذا النقص من طرف القاضي الإداري الذي يتمتع بسلطات واسعة في الكشف عن المبادئ والقواعد القانونية.

إن هذا الحرص في التأطير القانوني لنزع الملكية، لم يقابله في الواقع الحرص الشديد في تطبيق النصوص، فكثيرا ما تعسفت الإدارة في نزع الملكية دون احترام الإجراءات القانونية، خاصة ما يتعلق بضرورة تقديم تعويض مسبق قبل نقل الملكية، وإنجاز الأشغال، محل المنفعة العامة، في الآجال المحددة دون تأخر أو تماطل.

إن التزام الإدارة بالتطبيق الصارم للقانون، يجب أن يوازيه التزام القاضي الإداري، بصفته قاضي المشروعية والحامي للحقوق والحريات ،بأن يكشف عن كل التجاوزات التي تنال من سلامة إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة، ويقرر بالنتيجة بطلانها وبطلان النتائج المترتبة عنها.

(1) محمد عبد اللطيف، نزع الملكية للمنفعة العامة، دار الكتب القانونية، المحلة الكبرى، طبعة 1992، ص09.

(2) فؤاد العطار، القانون الإداري، النهضة العربية، ص 551.

(1) عبد الحكيم فودة، نزع الملكية للمنفعة العامة، دار الفكر العربي، طبعة 1992، ص21.

(1) مقداد كروغلي، نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية، المجلة القضائية العدد02 سنة 1996، ص 33.

(2) المادة 34 من المرسوم التنفيذي 93/186.

(1) المادة 22 من القانون9111/

(1) Jacques FERBOS et Antoine BERNARD, l’expropriation des biens, neuvième édition.

(1) الدكتور أحمد رحماني، نزع الملكية للمنفعة العامة، مجلة الإدارة ع 2 سنة 1999، ص20.

(1) أحمد رحماني، نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، مجلة الإدارة، ع4 ص1994.

(2) المادة 02 من قانون 91/11 المؤرخ في 27/04/1991.

(1) Jacques FERBOS et Antoine BERNARD, l’expropriation des biens, Edition du Juris, Classeur 2004.

(1) Jacques FERBOS et Antoine BERNARD, l’expropriation des biens, 9ème Edition, année 2004, p41.

(2) د. أحمد رحماني، نزع الملكية العامة للمنفعة العمومية، مجلة الإدارة، ع2، سنة 1999، ص 23.

(1)قرار المحكمة العليا، الغرفة الإدارية، مؤرخ في 26/05/1984، قضية بين السيد (ك) ضد وزير الداخلية ووالي ولاية الجزائر.الوارد ذكره في القال الصادر للسيد رحماني أحمد بالمرجع السابق.

(2)Jacques FERBOS et Antoine BERNARD, l’expropriation des biens, 9ème Edition, p16.

أحمد رحماني،المرجع السابق، ص 22.(3)

(1) Jacques FERBOS et Antoine BERNARD, l’expropriation des biens, 9ème Edition, p17.

(2) د. أحمد رحماني، نزع الملكية العامة للمنفعة العمومية، مجلة الإدارة، ع4، سنة 1999، ص 25.

(3)المادة 09 من المرسوم التنفيذي 93/186.

(1) Jacques FERBOS et Antoine BERNARD, l’expropriation des biens, 9ème Edition, p26.

(1) ليلى زروقي، دور القاضي الإداري في مراقبة مدى احترام الإدارة للإجراءات المتعلقة بنزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة، مجلة مجلس الدولة، ع3 سنة 2003، ص19.

(1) ليلى زروقي، دور القاضي الإداري في مراقبة مدى احترام الإدارة للإجراءات المتعلقة بنزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة، مجلة مجلس الدولة، ع3 سنة 2003، ص15.

(1) ليلى زروقي، دور القاضي الإداري في مراقبة مدى احترام الإدارة للإجراءات المتعلقة بنزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة، مجلة مجلس الدولة، ع3 سنة 2003، ص16.

(1) المادة 13 من المرسوم التنفيذي 93/186.

(1) عبد الحكم فوده،المرجع السابق،ص 52

(1) المادة 16 من القانون 91/11.

(2) المادة 10 من القانون 91/11.

(1) المادة 12 من المرسوم 93/186.

(1) المادة 30 من المرسوم التنفيذي 93/186.

(2) المادة 17 من القانون 91/11 ـ و المادة 12 من المرسوم التنفيذي 93/186.

(1) المادة 20 من المرسوم التنفيذي 93/186.

(1) المادة 12 من المرسوم التنفيذي رقم 93/186.

1)) المادة 2 من المرسوم التنفيذي رقم 93/186.

Pierre tifine. op.cit. (2)

(1) المادة 16 من المرسوم التنفيذي 93/186.

(2) المادة 22 من المرسوم التنفيذي 93/186.

(1) المادة 32 من المرسوم 93/196.

(2) المادة 21 من المرسوم 91/11.

(3) عبد الحكم فودة، المرجع السابق ص 160 و 161.

(1) المادة 26 من قانون 91/11.

(2) المادة 38/03 من المرسوم التنفيذي 93/186.

(3) المادة 39 من المرسوم التنفيذي 93/186.

(4) ليلى زروقي ، المقال السابق، مجلة مجلس الدولة عدد 03 لسنة 2003

(1) المادة 40 من المرسوم التنفيذي 93/186.

(2) المادة 29 من القانون 91/11 و المادة 40 من المرسوم 93/186.

(3) المادة 28 من القانون 91/11.

(1) المادة 32 من القانون 91/11.

(1) ليلى زروقي، المرجع السابق ص27.

شارك المقالة

2 تعليق

  1. من فضلك أود معلومات عن صاحب البحث أريد اعتماده كمرجع وشكرا لكم

  2. لماذا لم يتم الرد على طلبي من الأمانةالعلمية نسبة البحث لصاحبه فمن هو الكاتب؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.