بحث قانوني مميز حول الاختصاص المالي للبرلمان المغربي
من إنجاز الباحثين
خالد الزاهري
سارة المرافيق
ماستر القضاء الإداري كلية الحقوق سلا
مقــدمـــة
سئل ” تريفوس” من قبل لويس الثاني عشر عن السبل الكفيلة للانتصار في الحرب التي كان يستعد لها، فأكد له بالقول ” المال المال ثم المال”، ومن خلال رده يتبين أن المال يشكل عصب الحياة ومفتاح فك ألغاز وأسرار الانتصارات، ذلك أنه الوتر الحساس الذي أدى إلى تغييرات هامة عبر التاريخ.[1]
وتعتبر المالية العامة من أهم الوسائل المساعدة على حل أغلب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، حيث أن السبب الرئيسي لقيام ثورات الربيع العربي يعود سببها الأصلي إلى ضعف التدبير في المالية العامة في ظل انعدام الشفافية في صرف النفقات العامة وضعف العدالة الجبائية في فرض التكاليف العمومية.[2]
ويشكل الاختصاص المال، الدعامة الأساسية والركيزة الأولى لنشأة المؤسسة البرلمانية بدءا من امتلاكها لسلطة الموافقة على فرض الضرائب، ثم بالحد من هيمنة الملوك في الجباية والإنفاق، ونتيجة التطورات التاريخية أصبح الاختصاص يشمل قانون المالية، ثم المخططات التنموية الاقتصادية والاجتماعية، والمعاهدات الملزمة لمالية الدولة، بالإضافة إلى تصويته على القوانين الضريبية.
ويقضي مبدأ الديمقراطية إشراك ممثلي الأمة في كل ما يتعلق بأموال الدولة، وجاء هذا المبدأ بعد أن كان الملك في كل من بريطانيا وفرنسا ينفرد بالتصرف في الأموال العامة مما أدى إلى قيام الثورات ونزع هذه السلطة من الملوك وإسنادها للمثلي الأمة بالمجالس النيابية.
لكن تاريخ البرلمان المغربي يختلف عن الأنظمة الأخرى حيث نشأ في أحضان الملكية وبواسطة دستور وضعته بيدها ويعد تجديدا لبيعتها، ويعني هذا الوضع أن المشرع الدستوري قد تبنى تقنية “العقلنة البرلمانية” وذلك بالحد من اختصاصه عن طريق الدستور والقوانين التنظيمية.[3] حتى لا تؤدي حرية عمله إلى عدم استقرار الحكومة.
لكن ورغم آليات “العقلنة البرلمانية” استطاعت الممارسة البرلمانية المغربية أن تفرز عدة خصوصيات كفيلة بجعل البرلمان هو صاحب الاختصاص المالي، سواء تعلق الأمر بالقانون المالي السنوي (المبحث الأول) وذلك من خلال المناقشة والتصويت (المطلب الأول)، في اللجان الدائمة والجلسة العامة، وبالخصوص بالتصويت واعتماد النصوص الجبائية المدرجة بقوانين المالية السنوية.
وبما أن القوانين التعديلية تعتبر حكرا على الحكومة فهي لا تعتبر ذي أهمية مقارنة بالقوانين المالية السنوية، وكلاهما يخضعان لقوانين التصفية (المطلب الثاني)، التي تعتبر وسيلة للإخبار والمراقبة، كما انه تخضع لإجراءات المناقشة والتصويت.
كما يختص البرلمان في المصادقة على المعاهدات والمخططات الملزمة لمالية الدولة (المبحث الثاني).
وعليه ما هي الاختصاصات المالية للبرلمان؟ وما هي الأسس التشريعية لمجموع اختصاصاته؟ وكيف يمارس البرلمان هذه الاختصاصات المالية؟
للإجابة عن الإشكالات المطروحة يقسم الموضوع إلى الخطة التالية:
المبحث الأول: اختصاص البرلمان في اعتماد قانون المالية
المطلب الأول: اختصاص البرلمان في المناقشة والتصويت على قانون مالية السنة
الفقرة الأولى: إيداع مشروع قانون المالية بالبرلمان لفحص المشروعية والمناقشة
الفقرة الثانية: اختصاص البرلمان في اعتماد النصوص الجبائية المدرجة في قانون المالية
المطلب الثاني: اختصاص البرلمان في قانون التصفية
الفقرة الأولى: قانون التصفية كوسيلة للإخبار والمراقبة
الفقرة الثانية: المناقشة والتصويت على قانون التصفية
المبحث الثاني : اختصاص البرلمان في التصديق والموافقة على المخططات التنموية والمعاهدات الملزمة لمالية الدولة
المطلب الأول : الاختصاص البرلماني في مجال الموافقة على المخططات التنموية
الفقرة الأولى: فحص البرلمان للمخططات التنموية
الفقرة الثانية: الموافقة البرلمانية على المخططات التنموية
المطلب الثاني: اختصاص البرلمان في الموافقة على المعاهدات الملزمة لمالية الدولة
الفقرة الأولى: إجراءات الموافقة البرلمانية على المعاهدات الملزمة لمالية الدولة
الفقرة الثانية: إشكالية الطابع المحدود للموافقة البرلمانية على المعاهدات التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة
المبحث الأول: اختصاص البرلمان في اعتماد قانون المالية
إن مجالات اختصاص البرلمان مختلفة ومتعددة حيث تم توسيع مجالات القانون من تسع مجالات بموجب الفصل 46 من دستور1996 لتصبح ثلاثين مجالا بموجب الفصل 71 من دستور 2011، وهذا ما اعتبر مؤشرا على إعادة الاعتبار للمؤسسة البرلمانية خصوصا في المجالات ذات الطابع المالي التي تعتبر الأكثر أهمية ضمن جميع الاختصاصات التشريعية.
وتعتبر قوانين المالية بمثابة الاختصاص المالي للمؤسسة التشريعية، حيث تتيح لنواب الأمة فرصة المناقشة و المشاركة واقتراح التعديلات والتصويت، ويتضمن قانون المالية طبقا للمادة الثانية من القانون التنظيمي للمالية 7.89[4] كل من قانون المالية للسنة والقانون المالي المعدل وقانون التصفية.
ولما كان قانون المالية للسنة يحضى بأهمية خاصة لدى المؤسسة التشريعية حيث يتسنى لنواب الأمة ممارسة الدور التمثيلي والتشريعي والرقابي من خلال المناقشة والتصويت، ثم لأنه يتضمن النصوص الجبائية التي يختص البرلمان لوحده في إقرارها (المطلب الأول)، على خلاف القوانين التعديلية التي لا تحضى بنفس الأهمية حيث يعتبر حق خاص للحكومة وليس لممثلي الأمة،[5] كما تعتبر قوانين مكملة لقانون المالية وتخضع لقانون التصفية. ثم يليه قانون التصفية الذي يعتبر أداة للإخبار والمراقبة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: اختصاص البرلمان في المناقشة والتصويت على قانون مالية السنة
يعبر عن حق السلطة التشريعية في اعتماد القانون المالي السنوي بقاعدة مالية هي أسبقية “الاعتماد على التنفيذ”[6] ومفادها أن الحكومة لا تستطيع تنفيذ قانون المالية إلا بعد الموافقة عليه من طرف البرلمان، إذ لو سمح للحكومة القيام بالتنفيذ قبل الترخيص، لتم إضعاف سلطة البرلمان من مراقبة سياسة الحكومة وأعمالها.[7]
إن إيداع القانون المالي بالبرلمان يمر بإجراءات مسطرية يحددها الدستور والقانون التنظيمي للمالية والنظامين الداخليين لمجلس النواب ومجلس المستشارين[8] كما أن المشروع يقدم في أجال محددة وصارمة،[9] يلتزم البرلمان بفحصه ومناقشته (الفقرة الأولى).
كما أن النصوص الجبائية المدرجة في قانون المالية للسنة تكتسي طابعا خاصا لدى نواب الأمة الذين يمثلون الملزمين بالاقتطاعات الضريبية التي يتكون منها المال العام، حيث يظهر إثرها دور المراقبة البرلمانية على المالية العامة في صلب عمل البرلمان، وحيث أكد الفصل 39 من الدستور هذه الأهمية بقوله ” على الجميع أن يتحمل، كل قدر استطاعتهالتكاليف العمومية التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها، وفق الإجراءات النصوص عليها في هذا الدستور”[10] (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إيداع مشروع قانون المالية بالبرلمان للفحص والمناقشة
حددت المادة 33 من القانون التنظيمي للمالية رقم 7.98 آجالا قصوى للحكومة من أجل الإيداع،[11]وأكدت الممارسة العملية أن إيداع قانون المالية في التاريخ المحدد قلما يحترم، وان تاريخ فاتح نونبر هو تاريخ تجاوزته الحومة في العديد من التجارب المالية،[12] ولأن المادة 33 من القانون التنظيمي للمالية لم تنص على أي عقوبة أو جزاء تشكل ثغرة قانونية طبعت الدساتير المغربية حتى دستور 2011 وكذلك قوانين التنظيمية للمالية، هذا ما يؤكد غياب الإرادة السياسية المسؤولة في التعامل القانوني مع أموال الشعب.[13]
ويودع مشروع قانون المالية بالأسبقية لدى مجلس النواب حسب منطوق الفصل 75 من الدستور:
يصدر قانون المالية، الذي يودع بالأسبقية لدى مجلس النواب، بالتصويت من قبل البرلمان، وذلك طبق الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيمي؛ ويحدد هذا القانون التنظيمي طبيعة المعلومات والوثائق والمعطيات الضرورية لتعزيز المناقشة البرلمانية حول مشروع قانون المالية.
ويدرس المشروع تباعا من طرف الغرفتين للتوصل إلى نص موحد وذلك في حدود 30 يوما[14] لكل غرفة في قراءة أولية، وتعتبر الفترة التي يقوم فيها البرلمان بفحص مشروع قانون المالية هي أهم الفترات التي تمارس فيها المجالس اختصاصاتها المالية، لكن هذه العملية تتميز بتعقيداتها التقنية، وكذلك بحساسيتها السياسية التي تنتج بين الأغلبية والمعارضة كفاعلين في الحياة السياسية بالبرلمان.
ولهذه الأسباب اعتمدت معظم الأنظمة البرلمانية بمختلف أشكالها على نظام اللجان كمرحلة أولية وضرورية لتهيئ مشاريع ومقترحات القوانين قبل عرضها على المناقشة في الجلسة العامة، ويلاحظ أن المشرع المغربي تأثر إلى حد كبير بالتجربة الفرنسية على مستوى تشكيل اللجان[15].
الفحص في اللجان الدائمة:
خضعت اللجان الدائمة على مستوى أدائها لعملها لنفس التطور الذي عرفه البرلمان، حيث حضيت باختصاصات واسعة وشاملة بخصوص قانون المالية، إلى أن أصبح مفهوم “العقلنة البرلمانية” يسيطر على الحياة السياسية والدستورية، حيث أصبح البرلمان يخضع لضوابط دستورية دقيقة تحدد وتحد من اختصاصاته التشريعية[16].
ورغم أن أصل اللجان يرجع إلى النظام البريطاني لدراسة مشاريع القوانين دراسة تقنية، فإن مؤسسة اللجان هي بالأساس خصوصية للنظام الفرنسي، حيث ظهرت سنة 1789 عندما تم إحداث 31 مكتب من طرف الجمعية التأسيسية وشكلت أولية لظهور اللجان البرلمانية.[17]
وقد نشأت اللجان الدائمة بالمغرب[18] مع نشأت البرلمان مع أول دستور سنة 1962، كما أن لهذه اللجان أهمية بالغة جعلت وجودها أساسا في النص الدستوري (الفصل 80)،[19] وعلى عكس القوانين الأخرى التي تمر على لجان دون أخرى فقانون المالية يمر على جميع اللجان التي يتكون منها المجلسين لدراسة الميزانيات القطاعية، رغم أن اللجنة المالية تلعب الدور الراجح في هذا المجال.
إذن قبل المناقشة العامة لقانون المالية يكون هذا الأخير موضوع دراسة وفحص من طرف اللجنة المالية لكل مجلس[20] كما تشارك في المناقشة والفحص لجان أخرى، إلا أن الدور الراجح يعود للجنة المالية، وتتميز لجنة المالية بأهمية خاصة داخل المجالس النيابية، فإليها ترجع دراسة مشروع القانون المالي وتعديله ومراقبة النشاط المالي للحكومة.
يمر الفحص في لجنة المالية بثلاثة مراحل أثناء دراسة المشروع، إذ يتقدم وزير المالية بعرض المشروع المالي لدى اللجنة ويبدي من خلاله النواب ملاحظاتهم، كما يمكن لأعضاء اللجنة أن يطلبوا من الوزير المعني العديد من الوثائق والمستندات والإحصائيات،[21] ويعقب هذه المساءلات جواب الوزير، وفي الغالب ما تليها تدخلات جديدة للنواب.
وفي المرحلة الثانية يقوم مقرر اللجنة المالية بقراءة كل مادة مع تعقيب بتعليق ضروري، حيث تحال المواد التي تشوبها التعقيدات إلى وزير المالية ليبدي التوضيحات اللازمة.
ويتقدم النواب بتعديلاتهم وتوصياتهم وملاحظاتهم التي يتم التصويت عليها، وبعدها يضع المقرر تقريرا عاما يضم جميع محاضر الاجتماعات، وبالموازاة مع هذا الفحص الأفقي الذي تقوم به لجنتا المالية بالمجلسين، تقوم هذه الأخيرة بفحص عمودي لمختلف التوصيات والملاحظات التي خلصت لها اللجان الأخرى.
لكن ورغم هذه الاختصاصات التي تتمتع بها اللجان وعلى رأسها لجان المالية، تطرح إكراهات مسطرية وعملية تتمثل في المدة الزمنية القصيرة، وكذلك محدودية إمكانية التعديل، إذ تظل الحكومة صاحبة الحق في قبول الاقتراحات أو رفضها.
مناقشة المشروع والتصويت داخل الجلسة العامة
تبدأ المناقشة في الجلسة العامة انطلاقا من تقرير لجنة المالية الذي يقدمه رئيس المجلس المعروض عليه، ثم يقوم مقرر لجنة المالية بتلاوة النص بشكل مفصل بقراءته مادة مادة، وتفتح جلسة المناقشة بخطاب يتقدم به وزير المالية ويوضح من خلاله الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية، ويتوزع على محاور.
ويتمحور الجزء الأول من هذا الخطاب حول الحالة الاقتصادية للمملكة والمشاكل التي تواجهها، أم الجزء الثاني فيتضمن الاتجاهات العامة للسياسة المالية التي تعتزم الحكومة نهجها في المستقبل، ثم يليه المقرر العام للجنة المالية الذي يلقي كلمة يبين فيها التعديلات والمقترحات و الأسباب التي دفعت اللجنة إلى تضمين المشروع التعديلات.[22]
ثم يتدخل بعد ذلك رئيس لجنة المالية ويتبعه رؤساء الفرق البرلمانية، ثم يشرع في المناقشة التفصيلية للجزء الأول ثم الجزء الثاني من مشروع القانون المالي. وما يعاب على المناقشة العامة أنها نظرية أكثر منها عملية، وأن الطابع السياسي يغلب عليها[23].
ويوضح القانون التنظيمي للمالية رقم 7.98 طريقة التصويت على قانون المالية في المادة 36 التي تنص على انه: لا يجوز في أحد مجلسي البرلمان عرض الجزء الثاني من مشروع قانون المالية للسنة قبل التصويت على الجزء الأول”.
وعليه فالتصويت على الجزء الأول هو شرط موجب لمناقشة الجزء الثاني، وتمر عملية التصويت بمرحلتين، في المرحلة الأولى يتم التصويت على الميزانية العامة بشكل منفرد، وفي الثانية يتم التصويت على كل صنف من أصناف الحسابات الخصوصية للخزينة العامة للملكة.
وللإشارة فالتصويت على كل مادة على حدة يتيح للنواب إدخال التعديلات قبل اللجوء إلى كل تصويت منفرد، كما أن التصويت الإجمالي على مواد الجزء الأول يمنع من إدخال مجموعة من التعديلات المهمة.
إلا انه يلاحظ أن عملية التصويت على مشروع قانون المالية تطبعها الارتجالية، باعتبار أن الحكومة لم تحترم مقتضيات المادة 36 من القانون التنظيمي للمالية في جميع الولايات التشريعية، حيث تعرض دائما الجزء الثاني من مشروع قانون المالية لمناقشته قبل التصويت على الجزء الأول،[24] وكان يجب على البرلمان أن يلجأ إلى المجلس الدستوري ويحيل إليه قانون المالية قبل دخوله حيز التنفيذ مادامت طريقة التصويت تشكل خرقا للمادة 36 من القانون المذكور.
كما يطرح إشكال آخر يخص اتفاق المجلسين معا داخل الأجل المحدد في 60 يوما بالنسبة للقراءة الأولية ( 30 يوم لكل مجلس )، حيث أنه إذا تعذر على البرلمان البت في مشروع قانون المالية بسبب عدم اتفاق المجلسين، تعمل الحكومة على اجتماع اللجنة الثنائية المختلطة التي تتوفر على أجل سبعة أيام لاقتراح نص بشان الأحكام التي مازالت محل خلاف بين المجلسين، وأجل لا يتجاوز ثلاثة أيام لمجلسي البرلمان لإقرار النص المقترح من اللجنة البرلماني المختلطة، وفي حالة لم تتمكن اللجنة المختلطة نصا مشتركا يتم عرض مشروع قانون المالية على مجلس النواب للبت فيه نهائيا بالأغلبية المطلقة للأعضاء دون إمكانية إدخال تعديلات عليه في هذه الحالة.[25]
وإذا لم يتم التصويت على قانون المالية أو لم يصدر الأمر بتنفيذه بسبب إحالته على المحكمة الدستورية تطبيقا للفصل 132 من الدستور، فإن الحكومة تفتح بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها على أساس ما هو مقترح في الميزانية المعروضة على الموافقة تطبيقا للفصل 75 من الدستور.[26]
ويسترسل العمل في هذه الحالة، باستخلاص المداخيل طبقا للأحكام التشريعية والتنظيمية الجارية عليها، باستثناء المداخيل المقترح إلغاؤها في مشروع قانون مالية السنة، أما المداخيل التي ينص المشروع المالي على تخفيض مقدارها فتستخلص على أساس المقدار الجديد المقترح[27].
الفقرة الثانية: اختصاص البرلمان في اعتماد النصوص الجبائية المدرجة في قانون المالية
يرتبط القانون الجبائي ارتباطا وثيقا بالقانون المالي وغالبا ما تحدد الضرائب أو تعدل أو تغير أسعارها أو يقرر إعفاء منها أو الزيادة فيها بموجب القانون المالي،[28] وهذا ما يستخلص من المادة 1 من قانون 7.98 المتعلق بالقانون التنظيمي للمالية حيث ورد فيها بأن قانون المالية يتوقع كل سنة موارد وتكاليف الدولة وأشارت المادة 11 من نفس القانون إلى الضرائب والرسوم كموارد للدولة.
والاختصاص الجبائي للبرلمان مبني على أساس توافقي مرجعه النظري في ذلك هو مبدأ القبول بالضريبة، وهو من المبادئ التي تقوم عليها معظم الدساتير الديمقراطية، حيث تختص الأجهزة التمثيلية بفرض الضرائب والاقتطاعات الإجبارية، باعتباره ممثلا للشعب وأي محاولة لإعفاء فرد أو مؤسسة عن غير طريق القانون وإجراءاته تكون محاولة غير شرعية.[29]
وبالحديث عن المال العام باعتباره الجانب الأكثر إثارة للانتباه، يحضر مصدره الأصلي أي المواطن ضحية الاقتطاع الضريبي، وعلى هذا الأساس لا يفصل بين التاريخ العام للإنسانية وتاريخ الضريبة، وأن الحروب التي عرفها العالم جاءت نتيجة تاريخ طويل من الظلم والطغيان والطبقية والامتيازات، وأن لواء هذه الثورات حملت منها الأموال العمومية على شكل ضرائب نصيب الأسد.[30]
وفي المغرب يعتبر البرلمان ثاني مؤسسة دستورية بعد الملكية، وعلى خلاف تاريخ البرلمان الأوروبي الذي ارتبط صعوده ونشأته بمواجهة الملكية وانتزاع سلطاته منها، فإن المسار التاريخي للبرلمان المغربي يتميز على العكس من ذلك بميلاده في أحضان الملكية بواسطة دستور وضعته بيدها ويعد تجديدا لبيعتها، بمعنى أن المشرع الدستوري تبنى تقنيات “العقلنة البرلمانية” بتقييد حرية الاختصاص المنوط بالبرلمان حتى يستقر عمل الحكومة.[31]
وتتجسد المبادرة الكاملة للبرلمان عندما يتقدم بمقترح قانون ضريبي، أما عندما تتقدم الحكومة بمشروع قانون فتكون سلطة البرلمان محددة ومحدودة.
لكن ومع تطور علم السياسة والفقه الدستوري أصبح البرلمان ينعت بكونه غرفة تسجيل ليس إلا، وعلى هذا المنوال يطرح تساؤل في صميم الموضوع، هل تدخل البرلمان في فرض الضرائب يتعلق فقط بإضفاء المشروعية؟ أم أنه تدخل يعبر فعلا عن اختصاص جبائي للبرلمان؟
يستخلص من منطوق المادة 39 من الدستور “على الجميع أن يتحمل كل على قدر استطاعته التكاليف العمومية،التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها، وفق الإجراءات النصوص عليها في هذا الدستور” ومن خلاله يعود تقدير المادة الخاضعة للضريبة للمشرع وكذلك صلاحية تحديد طرق التقدير كما أنه يتوفر أيضا على سلطة تحديد القواعد المتعلقة بنسبة الضريبة.
وللمشرع وحده سلطة تحديد ثمن الضريبة، وله أن يمنع أي تعديل طوال الفترة التي يعتبرها ضرورية، وكذا يرجع له تحديد الأنشطة والأصناف والأقاليم الجغرافية التي بالإمكان إعفاؤها، ويتدخل على مستوى تحديد القواعد المتعلقة بطرق تحصيل الضرائب وذلك بتعيين الجهاز المكلف بالضرائب.
وحيث يرخص القانون المالي باستخلاص الضرائب، ويعتبر هذا الأذن شرطا لتحصيل الموارد الجبائية التي يتم إدراجها في الجزء الأول من القانون المالي، والذي يتضمن الشروط العامة للتوازن المالي من جهة والتدابير التشريعية اللازمة لتنفيذ العمليات المالية للدولة.
وتأسيسا على ما سبق لا يمكن للمحاسبين العموميين تحصيل الموارد العمومية إلا بعد حصولهم على الإذن المسبق بالموافقة من طرف البرلمان ضمن اعتماده للقانون المالي، وهذا ما أكده المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 21 أبريل 1967 المتعلق بسن نظام عام للمحاسبة العمومية[32] في مادته 25 التي نصت على:
” أن جميع الضرائب التي لم يؤذن فيها بموجب القوانين والأنظمة وميزانيات المداخيل تمنع منعا كليا كيفما كانت الصفة أو الاسم الذي تستخلص به وإلا فتتابع من أجل الارتشاء السلطات التي قد تأمر باستخلاصها والمستخدمون الذين يضعون جداولها وتعاريفها وجميع من يقومون باستخلاصها وذلك بصرف النظر عن دعوى الاسترداد التي يمكن إقامتها خلال ثلاث سنوات على المستخلصين والقباض أو غيرهم من الأشخاص الذين يكونون قد قاموا باستيفائها”.
أما بخصوص تعديل مورد جبائي كان حاصلا على إذن مسبق من البرلمان فلا بد من إذن جديد حتى تدخل التدابير الجديدة حيز التنفيذ ويدخل في إطار الإذن المستقل عن القانون المالي.
إذن عن طريق تصويت البرلمان بالأسبقية على الموارد خصوصا الجبائية منها، يكون ملزما بعدم تجاوز الاعتمادات المخصصة للنفقات العمومية عن تلك المخصصة للموارد، هذا التوجه يعطي للموارد نوعا من التقدم أو حق التصدر لأنها أقل مرونة من النفقات.
والتصويت على النصوص الجبائية ضمن مشروع القانون المالي يتم وفقا للشروط التي حددها الدستور طبقا للفصلين 75 و 77، بالإضافة إلى التدابير التي يحددها القانون التنظيمي للمالية، فالمواد الضريبية شكلت الموارد الأكثر أهمية لتدخل البرلمان الشيء الذي جعل بعض الفقهاء يطلقون عليه اسم “برلمان الضرائب”كما أكدت ذلك المادة 14 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789 التي نصت على “للمواطنين الحق أن يلحظوا بأنفسهم أو بواسطة ممثليهم ضرورة المساهمة في الضريبة العامة، وقبولها بحرية ومتابعة إنفاقها وتحديد نسبتها وأسسها وكيفية تغطيتها ومدتها[33].
لكن هذه النظرية أصبحت محل تشكيك حيث أن بعض الفقهاء قالوا إن الموافقة البرلماني لا تعدو أن تكون إلا مهزلة تقنية فالبرلمان لا يغير شيء ويتألم لإحساسه بالعجز.[34]
المطلب الثاني: اختصاص البرلمان في قانون التصفية
يعتبر قانون التصفية قانونا للمالية بموجب المادة الثانية من قانون 7.98 المنظم لقوانين المالية، فهو يغلق الميزانية وموضوعه محدد بموجب المادة 47 من القانون المذكور وجاء فيه ” يثبت في قانون يسمى قانون التصفية المبلغ النهائي للمداخيل المقبوضة والنفقات المأمور بصرفها والمتعلقة بنفس السنة المالية، ويحصر فيه حساب نتيجة السنة”.
إذن فهو يعطي النتائج المالية لكل سنة ويوضح الفروقات بين النتائج والتوقعات لقانون المالي السنوي، بما فيها القوانين التعديلية، فقانون التصفية له وظيفة مزدوجة، فهو تصفية للحساب وكذا تصفية للميزانية.
كما أن قانون التصفية يعتبر وسيلة لإخبار والمراقبة (الفقرة الأولى) من خلال التصويت والمناقشة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: قانون التصفية كوسيلة للإخبار والمراقبة
من خلال قانون التصفية يتمكن البرلمان من أخذ فكرة شمولية وواضحة عن كيفية تدبير المال العام، وهذا ما يدفع الحكومة التي تعي الدور الرقابي لقانون التصفية إلى تجنب كل النفقات غير المهمة أو أي تجاوز في التسيير، ويحدد قانون ختم الحساب (قانون التصفية) نتائج مجموع عمليات تنفيذ القانون المالي، وكذلك عمليات خزينة الدولة، والإذن بالتحويل المحاسبي لحساب الخزينة، فهو يعتبر مصدرا من مصادر المعلومات بالأعمال التي تقوم بها الحكومة في المجال المالي.
ولقد أكدت الممارسة المغربية في مجال قانون التصفية أن البرلمانيين يعتبرون قانون التصفية فرصة مواتية لتقديم الانتقادات السياسية الموجهة ضد الحكومة، فبمناسبة مناقشة قانون التصفية لسنة 1993 الذي تم بتاريخ 7 دجنبر 2000 بمجلس النواب[35]، حيث عبر نواب عبر مناقشة قانون التصفية عن أسفهم للتأخر الحاصل في تقديم مشاريع قوانين التصفية مما يجعلها مجرد قوانين شكلية يفقدها التأخير أهميتها ويفرغها من مضمونها وتعدو خالية من أي هدف عملي.
وقد أخذ المغرب بالنموذج الفرنسي حيث يتم ختم الحساب عن طريق مشروع قانون للتصفية، يحتمل نفس تبويب الميزانية التي تم تنفيذها، وأجال إيداعه محددة بموجب الفصل 47 من القانون التنظيمي للمالية حيث أكد على أنه يودع مشروع قانون التصفية بمكتب أحد المجلسين في نهاية السنة الثانية الموالية لسنة تنفيذ قانون المالية على أبعد تقدير ـ لكن هذا الاجال لم يحترم من طرف الحكومة لاعتبارات تقنية .
ويتم إعداد مشروع قانون التصفية بتدخل وزير المالية حيث يعتبر هذا الأخير المسؤول الأول عن تنفيذ قوانين المالية بمشاركة الأمرين بالصرف الذين يقدمون حسابات إدارية وحسابات التدبير المحاسبي، كما ترسم الإدارة المالية التي تضع مشروع قانون التصفية ميزان الحسابات كما تبرز خلاصة حسابات المحاسبين العموميين ومقارنتها بكتابات الأمرين بالصرف.[36]
يظهر أن قانون التصفية يذهب في نفس الاتجاه الذي يتم من خلاله تحضير القانون المالي السنوي، فوزارة المالية تتمتع بالدور المهيمن في إعداده من الناحية القانونية والعملية، إلا أنه وبخلاف القانون المالي يتدخل المجلس الأعلى للحسابات في إعداد قانون التصفية.[37]
وطبقا للفصل 47 من القانون التنظيمي للمالية والفصل 84 من القانون رقم 79 ـ 12 المتعلق بالمجلس الأعلى للحسابات، يعد هذا الأخير تقريرا حول تنفيذ قانون المالية وتصريحا عاما بمطابقة حسابات المحاسبين الفردية للحساب العام للمملكة، مشفوعين بمشروع قانون التصفية الذي يودع بمكتب أحدي المجلسين بالبرلمان.
ويتدخل المجلس بصفته مساعدا ومستشارا للبرلمان، باعتبار غياب التقنين في مجال المحاسبة داخل البرلمان وغياب الموارد البشرية المؤهلة لهذا الغرض. ويجب على المجلس الأعلى للحسابات أن يعمد على المصادقة على حسابات الدولة فيما يتعلق بمبدأ المشروعية ومدى صدقية وحقيقة هذه الحسابات.
الفقرة الثانية: المناقشة والتصويت على قانون التصفية
تتميز مناقشة قانون التصفية بأنها مناقشة تقنية والمداولات فيها ذات بعد سياسي لا تثير إلا اهتمام بعض البرلمانيين المتخصصين، ويمكن لنواب الشعب أن يقدموا ـ من خلال هذه المناقشات ـ انتقاداتهم بخصوص الممارسات الحكومية، مثل إلغاء الاعتمادات التي أصبحت غير ذات موضوع، أو تصحيح الاعتمادات المستهلكة وتجاوز الاعتمادات المحددة في نصوص القانون المالي.
ويعتبر التصويت على قانون التصفية آلية مهمة في يد النواب لممارسة الاختصاص البرلماني في مجال المال العام، لكن يثير هذا الموضوع تساؤلا مهما يهم اهتمام البرلمانيين بممارسة هذا الحق؟
لقد أظهرت التجربة المغربية عدم اهتمام البرلمانيين بمناقشة والتصويت على قانون التصفية، حيث أن ظاهرة الغيابات أصبحت قاعدة مألوفة، وعلى سبيل المثال فإن مناقشة مشروعي قانون التصفية لسنتي 1978 و 1979، كانت مبرمجة ضمن جدول أعمال جلسة الاثنين 13 أبريل 1987، ونظرا لعد توفر النصاب القانوني تم تأجيلها إلى جلسة الأربعاء 15 أبريل من نفس السنة تطبيقا لتدابير النظام الداخلي لمجلس النواب.
وأثناء التصويت على مشروع قانون التصفية لسنة 1994 داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب كان عدد الموافقين على التصويت ثلاثة نواب والمعارضون لا أحد واثنان ممتنعان عن التصويت.[38]لقد حضر للتصويت خمسة نواب من أصل 54 نائبا، ونفس الملاحظات يمكن إثارتها بخصوص مشاريع قوانين التصفية لسنوات 1992، 1993، 1995.
ومن خلال استقراء مضامين التقارير التي تصدر عن لجنتي المالية بالبرلمان حول قوانين التصفية يمكن الخروج بأن تدخلات النواب تكون بعيدة عن موضوع قانون التصفية، وفي الغالب ما يعبر النواب عن أسفهم لتأخير إيداع المشروع، وتبقى ذات طابع سياسي ولا تلائم قيمة المشروع وأهدافه.
كما أن الممارسة المغربية حيال قانون التصفية تتسم بعد الانتظام والتباعد الصارخ في الإيداع، وخاصة انه لا توجد عقوبات زجرية تلزم الحكومة بإيداع مشاريعها في الآجال المحددة، وبالتالي لا تولي أهمية خاصة لتقديم قانون التصفية.[39]
ويبين الجدول التالي هذا الإهمال الحكومي في إيداع قانون التصفية مما ينتج عنه إهمال برلماني:
قوانين المالية وتواريخ قوانين التصفية الموافقة لها[40]
قانون المالية قانون التصفية الموافقة لها مدة التأخير
1978 1983 5 سنوات
1979 1983 4 سنوات
1980 1987 7 سنوات
1981 1986 5 سنوات
1982 1987 5 سنوات
1983 1990 7 سنوات
1984 1993 9 سنوات
1985 1993 8 سنوات
1986 1993 7 سنوات
1987 1993 6 سنوات
1988 1997 9 سنوات
1989 1997 8 سنوات
1990 1997 7 سنوات
1991 1999 8 سنوات
1992 2000 8 سنوات
1993 2001 8 سنوات
1994 2001 7 سنوات
1995 2001 6 سنوات
وعليه تعتبر هذه الظاهرة بمثابة “استقالة البرلمان” واقتصاره على لعب أدوار شكلية أدى في نهاية المطاف إلى خلق قطيعة بين المواطن والطبقة السياسية، تجلت في النسبة المهولة للامتناع عن التصويت وصلت إلى حدود 80% وهي رسالة قوية إلى من يعنيهم الأمر.[41]
المبحث الثاني : اختصاص البرلمان في الموافقة على المخططات التنموية والمعاهدات الملزمة لمالية الدولة
يكتسي الحديث عن اختصاص البرلمان في المجال المالي، الحديث عن جزء من باقي أهم الاختصاصات المالية التي يمارسها البرلمان، فقد يبدو للوهلة الأولى بأن الصلاحيات المالية للبرلمان خارجة عن الوظيفة التشريعية، وذلك بحكم أنه لا يمكن إدراجها واعتبارها أعمالا تشريعية، إلا أن مجال الإيردات والنفقات، له ارتباط بالتشريع فعلا، وذلك بحكم أن المسائل المالية لا تصدر إلا بقانون[42].
لهذا فبالإضافة إلى الدور البارز للمؤسسة البرلمانية على مستوى التصديق على قانون مالية السنة، وقوانين التصفية، يمارس البرلمان أدوار لا تقل أهمية في التصويت والمصادقة على المخططات التنموية)مطلب أول)، وكذا بالنسبة للتصديق على المعاهدات الملزمة لمالية الدولة (مطلب ثان).
المطلب الأول : الاختصاص البرلماني في مجال التصديق والموافقة على المخططات التنموية
– قوانين الإطار-
يمارس البرلمان بموجب الاختصاصات المالية الممنوحة له، دورا أساسيا في التصديق على المخططات التنموية ذات الطبيعة والصبغة الاقتصادية و الاجتماعية وغيرها. وتعتبر الوظيفة المالية للمجالس النيابية من أقدم الوظائف التي تمارس من قبل هذه المجالس التشريعية، حيث أنها تأخذ شكل قانون وذلك بالرغم من الطابع الإداري الذي قد يطغى عليها كما هو الشأن بالنسبة للميزانية[43]، هذا وتمثل الميزانية أداة التنفيذ الجزئي لهذه المخططات، التي تترجم التوجهات الاقتصادية الكبرى للدولة، وتشكل جزءا من الخطة المالية المعتمدة من طرف الدولة، فالبرلمان يقوم بهذا الأمر بعد قيامه أولا بعملية الفحص والدراسة لهذه المخططات التنموية (أولا)، ليقوم بعد ذلك بالموافقة الموالية عليها (ثانيا).
الفقرة الأولى: فحص البرلمان للمخططات التنموية
تمثل مخططات التنمية أو ما يعرف “بقوانين الإطار” أو “قوانين البرامج “، جزءا من عمل السلطة التشريعية، هذا وتنفذ هذه المخططات من قبل السلطة التنظيمية وذلك بموجب مراسيم[44]، شريطة ألا يكون التنفيذ مما يندرج في اختصاص القانون.
وتكتسي هذه البرامج المتعلقة بالتنمية طابعا ماليا، لذلك يشترط للتصديق عليها نفس الشروط المتطلبة من أجل التصديق على الميزانية، هذا وقد نص المشرع المغربي في إطار الفصل 71 من الدستور على أنه “للبرلمان، بالإضافة إلى الميادين المشار إليها في الفقرة السابقة، صلاحية التصويت على قوانين تضع إطارا للأهداف الأساسية لنشاط الدولة، في الميادين الاقتصادية و الاجتماعية والبيئية والثقافية”[45].
وقد أكدت باقي الدساتير السابقة والمتلاحقة للمملكة على دور البرلمان في مجال الموافقة على المخططات، طبعا مع التأكيد على أن الدساتير السابقة، وكذا الدستور الحالي، لم يفردوا بابا خاصا ومتعلقا بمقتضيات قوانين الإطار، فقد تم دمجها ضمن اختصاصات القانون[46].
وتمثل الميزانية في علاقتها بهذه المخططات مجرد تنفيذ جزئي وسنوي للمخطط في إطار قانون مالية السنة، إذ أن المخططات تكون على مدى سنوات عدة، والتي تمنح لها أقساط سنوية بموجب قوانين المالية، وتنص المادة 25 من القانون التنظيمي للمالية على أنه” يمكن أن تمنح في شأن نفقات الاستثمار الناتجة عن تنفيذ مخطط التنمية ترخيصات في برامج تحدد التكلفة الإجمالية والقصوى لمشاريع الاستثمار المعتمدة”
هذا وتتم عملية فحص هذه المخططات ودراستها داخل لجنة المالية بمجلس النواب، والتي تجمع التوصيات المقترحة لتلحقها بالمخطط، مع إمكانية الأخذ بما يمكن تحقيقه منها، مع عدم إمكانية الأخذ بما يمكن أن يرتب تكاليف بالنسبة للمخطط.
وبالتالي يبقى الدور الذي يمارسه البرلمان محدودا في الفحص والموافقة لاحقا، في وقت كان هنالك من يطرح ضرورة إشراك البرلمان في إعداد هذه المخططات، التي تشترك فيها الحكومة وقطاعات أخرى، إلا أن الأمر في مضمونه يتطلب إشراك الخبراء والباحثين والتقنيين لكي يعدوا مخططات اقتصادية تنموية وليس مخططات مالية بالدرجة الأولى.
الفقرة الثانية: الموافقة البرلمانية على المخططات التنموية
يكمن بالأساس الدور الذي يقوم به البرلمان في فحص هذه المخططات التنموية في البداية، لينتقل بعد ذلك الأمر لمرحلة لا تخلو أهمية عن سابقتها، ويتعلق الأمر هنا بالموافقة على هذه المخططات فيما بعد، ذلك أن البرلمان له الصلاحية لاعتماد المخطط بالإيجاب أو السلب، الأمر الذي يرتبط بالإذن السنوي للالتزام بنفقات الميزانية المدرجة في القانون المالي السنوي الذي قد تم التصويت عليه من طرف البرلمان، إذ ينص الفصل 75 من نص الدستور الحالي للمملكة على أن ” البرلمان يصوت مرة واحدة على نفقات التجهيز التي يتطلبها، في مجال التنمية إنجاز المخططات التنموية الإستراتيجية، والبرامج متعددة السنوات، التي تعدها الحكومة وتطلع عليها البرلمان، وعندما يوافق على تلك النفقات، يستمر مفعول الموافقة تلقائيا على النفقات طيلة مدة هذه المخططات والبرامج، وللحكومة وحدها الصلاحية لتقديم مشاريع قوانين ترمي إلى تغيير ما تمت الموافقة عليه في الإطار المذكور”.
وينص القانون التنظيمي للمالية في إطار مادته 24 على أنه”لا يمكن أن تترتب على المخططات الموافق عليها من لدن البرلمان التزامات الدولة إلا في نطاق الحدود المعنية في قانون مالية السنة”.
من هنا إذا ما افتحص النص الدستوري، وحتى النص التشريعي المنظم لمالية السنة، يتضح أن البرلمان يمارس بموجب هذه النصوص القانونية الحق في التصديق على المخططات التنموية، إلا أنه ومع ذلك تبرز الهيمنة الممارسة من قبل الحكومة على هذه المخططات التي وإن كانت هذه الأخيرة تقوم بإعدادها التقني بالاشتراك بين الوزارات والإدارات المعنية، وتبني من خلالها الحكومة توجهاتها انطلاقا من رؤية مالية، وليست اقتصادية تنموية، ويبقى اضطلاع البرلمان عليها فقط مجرد الاضطلاع مشوبا بالسطحية، إلا أن الأمر قد يبرز أحيانا على شاكلة وضع البرلمان في علاقته بالحكومة فيما يتعلق بالتصديق على قانون مالية السنة، وإن كانت هذه المخططات في حد ذاتها جزءا من النفقات التي ينص عليها القانون المالي السنوي.
المطلب الثاني: اختصاص البرلمان في الموافقة على المعاهدات الملزمة لمالية الدولة
يعتبر مجال إبرام المعاهدات خاصة منها الدولية، من أبرز مجالات الاختصاص الممنوحة، إما لرئيس الدولة بالدرجة الأولى، أو الحكومة ممثلة في رئيسها، وفي وزير خارجيته، إذ أن الإجراءات المتعلقة بإقرار المعاهدات من مفاوضات وتوقيع وتصديق وإيداع، هي من اختصاص السلطة التنفيذية، لكن هذا الحكم غير مطلق خاصة عندما يتعلق الأمر بمسألة التصديق، ذلك أن الدساتير الديمقراطية تستثني مجموعة من المعاهدات من هذا الحكم وهي المعاهدات المكلفة لميزانية الدولة، وبعض المعاهدات الأخرى[47]، حيث تكون مصادقة رئيس الدولة على هذا الصنف من المعاهدات مرهونة بموافقة البرلمان.[48]
هذا و بالعودة إلى نص الفصل 55 من الدستور الحالي للمملكة، نجد بأن المشرع الدستوري قد مكن السلطة التشريعية من ممارسة اختصاص آخر من الاختصاصات المالية المنوط بها، وذلك بموجب النص الدستوري، من خلال التصديق على المعاهدات المالية الملزمة للدولة، إذ ينص الفصل 55 على أنه”…يوقع الملك على المعاهدات ويصادق عليها، غير أنه لا يصادق على معاهدات السلم أو الإتحاد، أو التي تهم رسم الحدود، ومعاهدات التجارة، أوتلك التي تترتب عنها تكاليف تلزم مالية الدولة، أو يستلزم تطبيقها اتخاذ تدابير تشريعية، أو بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، العامة أو الخاصة، إلا بعد الموافقة عليها بقانون…”
لذلك فانطلاقا من المعطى الدستوري يمكن أن نتطرق لدراسة هذا الاختصاص المالي للبرلمان وذلك عبر فقرتين، الأولى من خلال دراسة إجراءات الموافقة البرلمانية (الفقرة الأولى)، والثانية من خلال قراءة الطابع المحدود لهذه الموافقة البرلمانية (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: إجراءات الموافقة البرلمانية على المعاهدات الملزمة لمالية الدولة
بالعودة إلى قراءة النص الدستوري الحالي، أو حتى باقي النصوص الدستورية السابقة، خاصة منها الدستور المعدل لسنة 1996، نجد بأن المشرع الدستوري قد أناط بالبرلمان اختصاص التصديق على المعاهدات المكلفة والملزمة لمالية الدولة، إذ أنه وبالرجوع إلى نص الفصل 31 من الدستور السابق، نجد المشرع قد ربط موافقة البرلمان على المعاهدات الدولية ، بتلك التي تتضمن تكاليف مالية للدولة فقط، إذ أن الملك يقوم بالتوقيع والتصديق على كافة المعاهدات الدولية الملزمة، في حين أن البرلمان له أن يوافق على المعاهدات المكلفة لمالية الدولة خاصة، لكن عادة لا يتم التمييز بين التوقيع والتصديق، إلا أن هذا القول مردود، فالفرق جلي، إذ أن التوقيع له أهمية ودور في إبراز نية وإرادة الدول للاتفاق والتعاون حول مسألة معينة، لكنه لا يعطي للاتفاقية الأثر الإجباري تجاه من صادق عليها، وإنما الموافقة على هذه الاتفاقية هو الإمكانية الكفيلة بإعطاء القوة القانونية لأي اتفاق كان.
لهذا يمارس البرلمان من هذا المنطلق اختصاصه في الموافقة على المعاهدات الدولية، المحددة على سبيل الحصر في إطار الفقرة الثانية من نص الفصل 55 من الدستور الحالي، والتي تندرج ضمنها تلك المعاهدات المكلفة والملزمة لمالية الدولة، إلى جانب معاهدات أخرى، كتلك المتعلقة بالتجارة أو رسم الحدود، أو غيرهما، إذ يحاط البرلمان علما بفحواها ومحتواها قبل ممارسة دوره في إقرار التصديق عليها، لكن ما يلاحظ هنا أن النص الدستوري الحالي قد اختلف عن سابقه، إذ أن ترخيص البرلمان سالفا كان مرتبطا بالمعاهدات ذات الأثر المالي فقط والتي يهم الحديث عنها هنا، لكن مع ذلك تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن النص الدستوري قد وسع من اختصاص البرلمان في التصديق على معاهدات أخرى ذات صبغة سياسية أو حقوقية بالدرجة الأولى، ولو كانت لها مع ذلك الصبغة المكلفة لمالية الدولة من جانب آخر، إضافة إلى تلك الأخرى التي كانت واردة والتي تحمل الصبغة المالية.
وبالتالي فالبرلمان يمارس بموجب هذا التصديق أحد أهم الاختصاصات التي هو مؤهل لممارستها موجب ترخيص دستوري، تكون على إثره الحكومة ملزمة بتقديم ما يكفي من التوضيح حول هذه المعاهدات لكي يتمكن البرلمان من إبداء رأيه والموافقة، قبل نشر المعاهدة التي ستكتسب بهذه الموافقة قوة قانونية ملزمة، مع العلم أن الحكومة تقوم بتقييم من جانبها لتحديد هل إذا ما كان الالتزام بهذه المعاهدة مناسبا أو غير مناسب، هذا ويتم التصويت في شكل قانون يصوت عليه البرلمان (مجلس النواب)، إذ تنص المادة 164 من الباب الخامس من النظام الداخلي لمجلس النواب على أنه “إذا أحيل على المجلس مشروع قانون بالموافقة على معاهدة أو اتفاقية دولية سواء تلك التي تدخل في اختصاص المجلس طبقا للفقرة الثانية من الفصل 55 من الدستور أو التي يعرضها عليه الملك قبل المصادقة عليها حسب الفقرة الثالثة من الفصل 55 من الدستور، فإن المناقشة العمومية بخصوصها تنظم حسب البرنامج والترتيب اللذين حددهما المكتب ووفق القرارات التنظيمية لندوة الرؤساء”[49].
وباعتبار أن المعاهدات تكتسي طابع قانون فإنها بالتالي تخضع للمناقشة داخل اللجان، والتي غالبا ما تنتهي بالتصويت عليها واعتمادها داخل الجلسة العامة ، بعد مناقشتها هي الأخرى داخلها، بالرغم من أن هذه المعاهدات تمس في العمق بالسلطة المالية للبرلمان المخولة دستوريا لهذا الجهاز، وتنبغي لها إثر ذلك دراسة معمقة أو مناقشات حيوية لسبر محتواها.
الفقرة الثانية: إشكالية الطابع المحدود للموافقة البرلمانية على المعاهدات التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة
بالرجوع إلى ما تم ذكره سالفا حول الدور الذي يمارسه البرلمان في التصديق على المعاهدات التي تترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولة، إذ أن النص الدستوري كان واضحا في منح البرلمان اختصاص التصديق على المعاهدات المكلفة لمالية الدولة، وذلك على غرار الدستور السابق للمملكة، طبعا مع الجديد الذي أتى به الدستور الحالي في إضافته لمعاهدات أخرى يمكن للبرلمان أن يصادق عليها، وذلك على شاكلة المعاهدة ذات الصبغة المالية، هذا ويمكن للملك بموجب نفس النص الدستوري أن يحيل أي معاهدة أخرى على البرلمان من أجل التصديق عليها[50].
لكن ومع هذا الامتياز الذي كرسه النص الدستوري عبر التنصيص على الدور الذي يمارسه البرلمان في هذه الموافقة، إلا أن هذا الأمر لا يخفي طبعا ما يحمله هذا الإجراء من قصور على مستوى تكريس دور البرلمان في ممارسة هذا الإجراء الدستوري القانوني المحض، فأول ما يلاحظ في هذا الصدد هو التفصيل الذي يغيب في شرح وتفسير مقتضيات هذه الممارسة القانونية، ذلك أن القاعدة الدستورية تتدخل لرسم المعالم الكبرى والتنصيص على مقتضيات عامة تحتاج في مضمونها إلى تفسير وتمحيص، إلا أن الغالب هنا، هو أن النص الذي كان من المفترض أن يفسر كافة المضامين المتعلقة بالمصادقة على هذه المعاهدات، نجده يتطرق باقتضاب لهذه المسألة، ويحيل في نفس الآن مجددا على النص الدستوري[51]، كما أن القانون التنظيمي للمالية لم يتطرق بشكل مفصل لاختصاص البرلمان في مجال الموافقة على المعاهدات الملزمة لمالية الدولة، إذ نجد فقط مقتضيات مقتضبة تم التنصيص عليها بموجب المادة 7 من القانون 98-7، والتي جاء فيها “يمكن أن تلزم التوازن المالي للسنوات المالية اللاحقة الأحكام المتعلقة بالموافقة على الاتفاقيات المالية..”[52]،
هذا و تجدر الإشارة فقط إلى أنه من بين الإشكاليات التي كانت تطرح سالفا خاصة في ارتباطها بدستور سنة 1996، هي قلة المعاهدات الخاضعة للتصديق من طرف البرلمان، إذ أنه وبالعودة إلى نص الفصل 31 من دستور سنة1996، نجد بأن المشرع الدستوري قد ربط الاختصاص البرلماني من أجل التصديق على هذه الاتفاقيات والمعاهدات فقط بتلك التي تلزم مالية الدولة، إلا أن النص الدستوري الحالي قد حاول توسيع دائرة المعاهدات الدولية لتشمل معاهدات ذات الصبغة سياسية أو أخرى حقوقية، مع العلم أنها بشكل أو بآخر هي ذات تكاليف ملزمة لمالية الدولة، خاصة مع العمومية التي تطبع عبارة “تكلف مالية الدولة”، إذ لا مجال لوجود معيار يحسم التفرقة بين المعاهدات المكلفة أو الغير المكلفة لمالية الدولة كما يذهب في تحليله ذلك الأستاذ “المختار مطيع”، فأي مجال كان هو يتطلب بالدرجة الأولى اعتمادات مالية هامة، وبالتالي تبقى إشكالية محدودية اختصاص البرلمان في الترخيص لمعاهدات مع النص الدستوري الحالي محدودة إلى حد ما، إذ أن هذا الأخير قد حاول تجاوزها بتوسيع مجال الإتفاقيات التي يوافق عليها البرلمان والتي تحمل في مضمونها تكاليف ملزمة لمالية الدولة.
هذا ويرى بعض من الباحثين أن الاختصاص البرلماني في مجال الترخيص بالنسبة للمعاهدات الدولية ذات التكاليف الملزمة لمالية الدولة، لا تشوبه فقط المحدودية وإنما كذلك تعتريه الشكلية في عمل، أمام غياب المعالجة الدقيقة والدور الحقيقي الذي يمكن أن يمارسه البرلمان في مثل هذه المعاهدات، التي قد تكون فرصة لمطالبة الحكومة بتفسيرات بخصوص الديون الخارجية، وسياستها في المجال المالي على الصعيد الدولي، وبالتالي يمكن أن تشكل آلية لإعمال السلطة الرقابية للبرلمان على الحكومة، وعلى سياستها الخارجية في هذا المجال، وبالتالي تنتهي المناقشات التي قد تكون محدودة بالثناء على ضرورة التصديق على المعاهدة خلال الجلسة العامة، تكريسا من الدولة لعلاقات التعاون مع دول أخرى في مجالات متعددة، وبالتالي تصبح الموافقة أحيانا شكلية لابد منها يقوم بها البرلمان تفعيلا منه لمقتضى دستوري يؤهله لممارسة هذا الاختصاص.
خــاتمــة
إن واقع ممارسة الاختصاصات المالية المسندة للمؤسسة التشريعية بموجب النص الدستوري والقوانين التنظيمية، تبرز الدور الذي تقوم به هذه الأخيرة في التأشير على الميزانية، أو ما يسمى بقانون مالية السنة، الذي يعتبر في حد ذاته القانون الأهم خلال الدورة التشريعية للبرلمان، إذ أنه يجسد بكل ما يتضمنه من معطيات، التوجهات الاقتصادية والمالية للدولة خلال السنة، التي وإن كانت لا تختلف كثيرا خلال سنوات متوالية ومتقاربة بما تتضمنه من معطيات.
فهو إذن في مضمونه يجسد آلية لتوجيه الاقتصاد الوطني، كما أنه أيضا أداة مرنة بيد الحكومة تستعملها لتحقيق أغراض متعددة وكذا لمعالجة الإشكاليات الاقتصادية الكبرى كالتضخم والانكماش، لكنه ومع ذلك، فالأمر يطرح لنا إشكالية محدودية دور البرلمان الذي يبقى له الدور الثانوي في الموافقة على الميزانية، طبعا أمام أغلبية برلمانية موالية للحكومة في كافة توجهاتها، ولا تقتصر هذه المحدودية على مستوى دور البرلمان في التصديق على الميزانية فقط، وإنما أيضا على مستوى المحدودية التي تثار بالنسبة للموافقة على المخططات التنموية التي تأخذ بدورها حيزا مهما داخل النفقات المدرجة في الميزانية، وإن كانت هذه المخططات تندرج بدورها في إطار القانون المالي السنوي، أو أيضا في المحدودية التي يمكن أن نلمسها من خلال دور البرلمان في التصديق على المعاهدات الدولية ذات الصبغة المكلفة لمالية الدولة، والتي يبرز فيها الدور الذي تمارسه الحكومة وتجعل بذلك اختصاص البرلمان مقيدا بالتصديق فقط.
لائحة المراجع
الكتب:
عبد المولى السيد، المالية العامة، دراسة للاقتصاد العام، دار الفكر العربي، القاهرة، 1987،
التيعلاتي عبد القادر، المالية العامة والمقارنة: قانون الميزانية الجزء الأول، الطبعة الثالثة، دار النشر الجسور، وجدة 2002.
خطار شلبي، العلوم المالية للموازنة، الطبعة الثالثة، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1968،
مصطفى رشدي شيحة، التشريع الضريبي، ضرائب الدخل، مطبعة الأمل، 1998،
عبد الرفيع بوداز، السلطات الجبائية للبرلمان في ظل هاجس الحفاظ على التوازنات المالية.
سيدي محمد ولد سيد آب، الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 25، الطبعة الأولى 2001.
مصطفى قلوش، النظام الدستوري المغربي، الطبعة الرابعة، مكتبة دار السلام، الرباط، 1994
المقالات:
ذ، منار المصطفى، واقع الأموال العمومية بين ضعف البرلمان وهيمنة الحكومة، المجلة المغربية للإداة المحلية والتنمية، ماي ـ يونيو، عدد 80، 2008.
ذ. نجيب جيري، السلطة المالية للبرلمان، قراءة في مقتضيات الدستور الجديد، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 107، نونبر ـ دجنبر 2012،
د، خالد الشرقاوي السموني، أي دور للبرلمان في وضع قانون المالية؟، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 42، يناير ـ فبراير 2002،
د، عبد الرفيع بوداز السلطات الجبائية للبرلمان، في ظل هاجس الحفاظ على التوازنات المالية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 101، نونبر ـ دجنبر، 2011.
د، عبد النبي أظريف، قانون المالية أم قانون الميزانية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 69، يوليوز ـ غشت، 2006.
الرسائل:
محمد أوراغ، اللجان البرلمانية الدائمة في المغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق وجدة، 2000،
المواقع الإلكترونية:
موسوعة ويكيبيديا الإلكترونية على الرابط:http://ar.wikipedia.org/wiki/الثورة_الفرنسية
الهوامش
[1] ذ، منار المصطفى، واقع الأموال العمومية بين ضعف البرلمان وهيمنة الحكومة، المجلة المغربية للإداة المحلية والتنمية، ماي ـ يونيو، عدد 80، 2008. ص 69.
[2] ذ. نجيب جيري، السلطة المالية للبرلمان، قراءة في مقتضيات الدستور الجديد، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 107، نونبر ـ دجنبر 2012، ص 61.
[3] ذ، منار المصطفى، صمرجع سابق، 71.
[4] القانون التنظيمي للمالية رقم 7.89 المغير والمتمم بقانون 14.00 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.195 صادر في 14 من محرم 1421، 19 أبريل 2000، الجريدة الرسمية عدد 4788، 15 محرم 1421 (20 ابريل 2000) ص 903.
[5] د. نجيب جيري، السلطة المالية للبرلمان المغربي ـ قراءة في مقتضيات الدستور الجديد، المجلة المغربية للإدارة والتنمية، عدد 107، نونبر ـ دجنبر 2012.
[6] عبد المولى السيد، المالية العامة، دراسة للاقتصاد العام، دار الفكر العربي، القاهرة، 1987، ص 473.
[7] د، المصطفى منار، واقع الأموال العمومية بين ضعف البرلمان وهيمنة الحكومة، المجلة المغربية للإدارة والتنمية المحلية، مرجع سابق، ص 76.
[8] تبنى المغرب موجب دستور 13 شتنبر 1996 المراجع نظام الثنائية المجلسية.
[9] غير أن التجربة أكدت على أن هذا الآجال قلما يحترم، وأنه يتجاوز إما من طرف الحكومة أو البرلمان نفسه مما يثير العديد من المصاعب تؤثر سلبا على جودة المناقشة والفحص والتصويت، وتحد من فعالية الرقابة البرلمانية.
[10] الفصل 39 من دستور 2011، الجريدة الرسمية عدد 5952 مكرر، بتاريخ 14 رجب 1432 (17 يونيو 2011)
[11] تنص المادة 33 في فقرتها الأولى من القانون التنظيمي للمالية رقم 7.98: يودع مشروع قانون المالية للسنة بمكتب أحد مجلسي البرلمان قبل نهاية السنة المالية الجارية بسبعين يوما على أبعد تقدير.
[12] فإلى حدود 1998 لم تلتزم الحكومة البتة بتاريخ محدد في إحالة قانون المالية على البرلمان.
[13] د نجيب جيري، مرجع سابق، ص 66.
[14] إن مدة 30 يوم المخصصة لدراسة مشروع قانون المالية هي مدة قصير مقارنة بالمدة الممنوحة للجمعية الوطنية الفرنسية التي خصصت مدة 40 يوم حسب منطوق المادة 40 من القانون التنظيمي للمالية الفرنسي، الصادر بتاريخ 1 غشت 2001.
[15] محمد أوراغ، اللجان البرلمانية الدائمة في المغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق وجدة، 2000، ص 7.
[16] المصطفى منار، واقع الأموال العمومية
[17] Yves guchet. Le droit parlementaire economica. Paris. 1996. P. 48.
[18] حددت المادة 53 من النظام الداخلي لمجلس النواب و المادة 49 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين عدد اللجان في كل مجلس وهي 6.
[19] جاء في الفصل 80 من دستور 2011: تحال مشاريع ومقترحات القوانين لأجل النظر فيها على اللجان التي يستمر عملها خلال الفترات الفاصلة بين الدورات.
[20] تدعى لجنة المالية في مجلس النواب “لجنة المالية والتنمية الاقتصادية” وتدعى في مجلس المستشارين ” لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية”.
[21] المادة 256 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين والمادة 225 من النظام الداخلي لمجلس النواب.س
د. التيعلاتي عبد القادر، المالية العامة ص 215.[22]
[23] د، خطار شلبي، العلوم المالية للموازنة، الطبعة الثالثة، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1968، ص،104.
[24] د، خالد الشرقاوي السموني، أي دور للبرلمان في وضع قانون المالية؟، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 42، يناير ـ فبراير 2002، ص 74.
[25] راجع المادة 34 من القانون التنظيمي للمالية رقم 7.98.
[26] وهو ما يعني أن الحكومة تستغني عن الترخيص البرلماني في هذه الحالات وتنفذ الميزانية وهو ما تم في سنوات 1964 . 1965. 1994. 1998. 1999. 2012.
[27] د.نجيب جيري، السلطة الملية للبرلمان، مرجع سابق، ص، 68.
[28] د. مصطفى رشدي شيحة، التشريع الضريبي، ضرائب الدخل، مطبعة الأمل، 1998، ص:11.
[29] د. مصطفى رشيد شيحة، التشريع الضريبي، ضرائب الدخل، مرجع سابق ص: 9.
[30] د. نجيب جيري، السلطة المالية للبرلمان المغربي، مرجع سابق، ص 61.
[31] د. منار المصطفى، مرجع سابق ص
[32] مرسوم ملكي رقم 330.66 بتاريخ 10 محرم 1387 (21 أبريل 1967) بسن نظام عام للمحاسبة العمومية، الجريدة الرسمية عدد 2843 بتاريخ 26/04/1967 الصفحة 810.
[33] موسوعة ويكيبيديا الإلكترونية على الرابط:http://ar.wikipedia.org/wiki/الثورة_الفرنسية
[34] ذ. خالد الشرقاوي السموني، المجلس الدستوري وقانون المالية لسنة 2002، تعاليق على أحكام، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 42، يناير ـ فبراير 2002، من الصفحة 99 إلى ص 107.0
[35] تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية حول مشروع قانون رقم 66.99 يتعلق بتصفية ميزانية 1993، الولاية التشريعية 1997 ـ 2002، السنة التشريعية الرابعة 2000 ـ 2001، طبع مصلحة الطباعة والتوزيع بمجلس النواب، ص 2.
[36] د. مصطفى منار، مرجع سابق، ص 34.
[37] د، عبد القادر التيعلاتي، ص 177.
[38] نتائج التصديق منشورة بتقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، مصلحة الطباعة والتوزيع =، مجلس النواب، السنة التشريعية الرابعة، 2000 ـ 2001، ص: 2.
[39] د. نجيب جيري، مرجع سابق، ص، 82.
[40] المصدر المديرية العامة للضرائب، مأخوذ من: د، عبد الرفيع بوداز السلطات الجبائية للبرلمان، في ظل هاجس الحفاظ على التوازنات المالية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 101، نونبر ـ دجنبر، 2011. ص 186.
[41] د. عبد الرفيع بوداز، السلطات الجبائية للبرلمان في ظل هاجس الحفاظ على التوازنات المالية، مرجع سابق، ص 186.
[42] .سيدي محمد ولد سيد آب، الوظيفة التشريعية في دول المغرب العربي، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية ، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 25، الطبعة الأولى 2001، ص:214.
[43] .نفس المرجع السابق، ص :236
[44] .مصطفى قلوش، النظام الدستوري المغربي، الطبعة الرابعة، 1994، مكتبة دار السلام، الرباط، ص:183
[45] . نص الفصل 71 من الدستور الحالي للمملكة المغربية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 29 يوليو 2011.
[46] .سيدي محمد ولد سيد آب، مرجع سابق، ص:260
[47] . سيدي محمد ولد سيد آب ،نفس المرجع السابق، ص: 215
[48] .نفس المرجع السابق، 216
[49] .المادة 164 من النظام الداخلي لمجلس النواب، كما أقره هذا الأخير في جلسته المنعقدة يــــــوم الخميس 23 رمضان 1434 الموافق لفاتح غشت 2013 وجلسته المنعقدة يوم الثلاثاء 23 ذي الحجة1434 الموافق ل 29 أكتوبر 2013وكما قضى به المجلس الدستوري في قراره رقم 924/2013 بتاريخ 14 من شوال 1434 الموافق لـ 22 غشت2013وقـــراره رقم 2013/929 بتاريخ 15 محرم 1435 الموافق لـ 19 نوفمبر 2013.
[50] . الفصل 55 من نص الدستور الحالي للمملكة المغربية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 29 يوليو 2011.
[51] .سيدي محمد ولد سيد آب، مرجع سابق، ص:222
[52] .الظهير الشريف رقم 1.98.138، الصادر في 7 شعبان 1419، (26 نوفمبر 1998)، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 7.98 لقانون المالية الجريدة الرسمية عدد 4644 بتاريخ 3 دجنبر 1998.
اترك تعليقاً