التســــــول بين التجريـــم و الإبــــــاحة
محمد زروق
حاصل على الماستر في القانون و الممارسة القضائية
باحث في القانون خاص
كرم الله الإنسان وفضله على سائر المخلوقات وجعله أرقى كائن في هذا الوجود، إذ يظهر ذلك بمجرد النظر في المزايا التي فضله بها مصداقا لقوله تعالى” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا “[1]، الشئ الذي جعل ديننا الحنيف يحذر من كل فعل قد يؤدي إلى الإنقاص من كرامة الإنسان، فدعاه إلى صون نفسه عن الابتذال و عدم الوقوف بمواقف الذل حتى لا يكون عرضة للإهانة.
ويعتبر التسول من الأفعال التي تنقص من كرامة الشخص، فمحترف هذه المهنة يأكل أموال الناس باطلا دون كد أو جهد[2]، خاصة و أن ديننا الحنيف دعا إلى العمل و السعي إلى كسب الرزق وجعل أفضل ما يأكل الرجل من كسب يده لقول صلى الله عليه وسلم :(مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ)[3].
فالتسول ظاهرة تسيء إلى سمعة المجتمع قبل أن تسيء إلى المتسول، فهي تجعل هذا الأخير يظهر بصورة المحتاج والذليل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُذل المؤمن نفسه، قال صلى الله عليه وسلم: ” لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ “[4]،فالتسول ظاهرة منتشرة في مختلف بقاع العالم تختلف فنسبة المتسولين تختلف من مجتمع إلى آخر[5].
و لنا في القران الكريم آيات تحث على العمل حتى يكون الإنسان فاعلا و منتجاً في مجتمعه، بدل أن يكون عالة عليه لقوله تعالى ” هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور “[6] وقوله عز وجل أيضا ” يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ” [7]، فهذه الطريقة في الحصول على المال تشوه بصورة المتسول بصفة خاصة والمجتمع بصورة عامة.
فهذه الآفة عرفت تفاقما خطيرا فبعدما كانت حكرا على الرجال و النساء أصبح الأطفال أكثر ممارسة لها فتجدهم عند إشارات المرور وأبواب المساجد وحتى عند أبواب المقابر بلباس مبتذل يظهر عليهم الحاجة و الفقر ليكسبوا تعاطف الناس[8]،فيظل المشهد مؤلما و محزنا عندما ترى يد صغيرة تمتد طلبا للمال،ناهيك عن الضرر النفسي والجسدي الذي قد يتعرض له الطفل في الشارع.
فالمكان الأصلي والآمن للطفل هو البيت والمدرسة وليس الشارع، فتسول الأطفال أقل من 12 سنة ظاهرة لازالت مستفحلة بشكل خطير داخل المجتمع المغربي فالفقر والبطالة والانحراف والطلاق والهجرة القروية وانعدام الوعي الجماعي هذه الأسباب يرى فيها بعض الأشخاص مبررات لدفع أطفالهم للتسول واعتباره وسيلة للعيش وممارسته كمهنة[9].
وفي العقود الأخيرة عرفت هذه الظاهرة تطورا كبيرا في المغرب الشئ الذي جعل المشرع يجرمها و يعرض ممتهنها للمساءلة الجنائية،إلا أن ما ينبغي الإشارة إليه أن تزايد المتسولين في المغرب يوضح بأن هذه النصوص القانونية المجرمة للتسول ولدت ميتة لعدة اعتبارات من أهمها تزايد نسبة المتسولين بشكل ملحوظ هذا من جهة، وندرة القضايا المعروضة على القضاء بسبب التسول من جهة ثانية.
فموضوع التسول يثير العديد من الإشكالات سواء في التشريع المغربي و في ديننا الحنيف،وعليه يمكن طرح العديد من الإشكالات المرتبطة بهذا الموضوع على الشكل التالي:
هل الترسانة الجنائية المجرمة لظاهرة التسول أصبحت فارغة المحتوى؟ هل حان وقت تعديل هذه النصوص بنصوص أخرى تتناسب مع التطور الذي تعرفه هذه الظاهرة؟ ما حكم التسول في كل من الإسلام و القانون الجنائي المغربي ؟
للإجابة عن هذه التساؤلات سوف يتم تقسيم هذا الموضوع إلى مطلبين،سيخصص المطلب الأول للحديث عن ماهية التسول و أنواعه ، في حين سيكون المطلب الثاني من نصيب حكم التسول في الشريعة و القانون.
المطلب الأول : ماهية التسول و أنواعه.
اختلفت الآراء حول وضع مفهوم محدد للتسول الأمر الذي جعله محل نقاش بين مختلف الفئات فكل يعرف هذه الظاهرة من زاويته الخاصة،وسوف يتم تخصيص هذا المطلب للحديث عن تعريف التسول في الفقرة الأولى،في حين سوف يتم الحديث عن طرق وأنواع المتسولين في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى : التعريف اللغوي و القانوني للتسول.
سوف يتم تقسيم هذه الفقرة إلى تعريف اللغوي للتسول (أولا)،و في القانون (ثانيا).
أولا: تعريف التسول لغة و اصطلاحا.
■ التسول في اللغة :
التسول أصلها التساؤل وهي مأخوذة مِنْ مَادَّةِ (سأل) والسؤال ما يسأله الإنسان ، لقوله تعالى ” أوتيت سؤلك يا موسى”[10].
فالسؤل هو الحاجة التي تحرص النفس عليها، والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح منه بصورة الحسن، قال تعالى : ” بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل” [11].
وقيل أيضا : السؤال : استدعاء معرفة أو ما يؤدي إلى المعرفة واستدعاء مال أو ما يؤدي إلى المال، فاستدعاء المعرفة جوابه على اللسان، واليد خليفة له بالكتابة أو الإشارة، واستدعاء المال جوابه على اليد، واللسان خليفة لها إما بوعد أو برد.
■ التسول اصطلاحاً :
لم تذكر كتب الاصطلاحات القديمة «التسول» ضمن ما أوردته وقد تكفلت بذلك المعاجم الحديثة، فقال أحمد بدوي[12]: التسول طلب الصدقة من الأفراد في الطرق العامة، والمتسول: الشخص الذي يتعيش من التسول ويجعل منه حرفة له ومصدرا وحيدا للرزق[13].
ثانيا : تعريف التسول في التشريع المغربي.
لم يعرف المشرع المغربي التسول تاركا الأمر للفقه و القضاء و خيرا فعل المشرع المغربي لاسيما إعطاء التعاريف يبقى من اختصاص هؤلاء،و بالعودة إلى النصوص الجنائية المجرمة للتسول يتضح بأن المشرع المغربي لم يعرفه و إنما اكتفى بالإشارة إلى الوسائل التي تتحقق بها هذه الجريمة[14] .
وما تجدر الإشارة إليه أن معظم التشريعات لم تعرف التسول واكتفت بالإشارة فقط إلى الأفعال التي تتحقق بها ومن هذه التشريعات على سبيل المقارنة :
ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة 195 من قانون العقوبات والخاصة بالتسول التي تنص على ما يلي :
“يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر كل من اعتاد ممارسة التسول في أي مكان كان وذلك رغم وجود وسائل التعيش والعيش لديه ، أو إمكانية الحصول عليها بالعمل أو بأي طريقة مشروعة أخرى” [15].
ونفس الأمر بالنسبة للمشرع العراقي إذ نص في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل بثلاث مواد هي ( 390 , 391 , 392 ) حدد العقوبة في نص المادة 390 والتي تنص ( يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن شهر واحد ولا تزيد عن ثلاثة أشهر كل شخص أتم الثامنة عشرة من عمره وجد متسولاً في الطريق العام أو المحلات العامة أو دخل دون أذنٍ منزلاً أو محلاً ملحقاً به لغرض التسول …)[16].
وفي نفس الصدد جرم القانون القطري التسول، حيث تنص المادة (278) من قانون العقوبات القطري على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، كل من يتسول في الطرقات، أو الأماكن العامة، أو يقود حدثاً للتسول، أو يشجعه عل ذلك. ويجوز بدلاً من الحكم بالعقوبة المتقدمة، الحكم بإيداع المتسول إحدى المؤسسات الإصلاحية التي تخصص لذلك.[17]
الفقرة الثانية: طرق و أنواع المتسولين .
يتخذ التسول أشكال متعددة تختلف من مجتمع لآخر، الشئ الذي يجعل البعض يرجع هذا التنوع إلى الأسباب المختلفة و المتنوعة التي تساهم في تزايده منها على سبيل المثال – انتشار البطالة في المجتمع، المرض و تكلفة العلاج الباهظة، و بعض الأشخاص يفضلون الراحة على العمل فيتجهون إلى التسول الذي يعتبرونه تجارة مربحة أفضل من العمل،و من الأسباب كذلك التي يبرر بها المتسول لجوءه إلى هذه المهنة الإدمان على المخدرات، فمدمن المخدرات عندما لا يجد المال لشرائه يدفعه ذلك للتسول للحصول على المال، وما قد ينجم عن ذلك بحيث يمكن أن يؤدي الأمر إلى ارتكاب جرائم.
فهذه الأسباب إلى جانب أسباب أخرى يراها البعض[18] مبرر يتحجج به المتسول لممارسة هذه المهنة،الشئ الذي ينجم عنه اتخاذ التسول لأشكال متنوعة يمكنها ذكرها على النحو التالي :
التسول الإلكتروني: يعتبر التسول الإلكتروني[19] صورة متطورة للتسول التقليدي،فالمتسول الإلكتروني يأخذ من العالم الافتراضي بيئة خاصة به بحيث يكون المتسول فيه مجهول الهوية، فلا يمكن معرفة اسمه الحقيقي أو سنه أو مكانته الاجتماعية، وهذا الأمر يجنبه الخزي والعار الذي قد يلحق بالمتسولين التقليديين.
تسول مباشر: وهو طلب المتسول المال مباشرة فيمد يده للمارة وغالبا ما يدعي إظهار عاهة أو أنه مصاب بإعاقة فتجده يرتدي ملابس قديمة و ممزقة لجلب شفقة الناس، أو يمكنه جلب التعاطف بالدعاء للمارة، وغيرها من الوسائل التي يتم استخدامها في التسول[20].
التسول غير المباشر: وهو التسول الذي يبيع فيه المتسول سلع بسيطة و رمزية ، مثل بيع مناديل أو مسح زجاج سيارات و يجلب شفقة الناس بظروفه المادية و يطلب مهم المساعدة بالشراء منه.
التسول الإجباري: كما ويتم فيه إجبار الشخص على التسول، كما يحدث مع الأطفال الذين يتم خطفهم من أجل التسول، أو حتى أبناء المتسولين يجبرون على هذا الفعل وأصبحت ظاهرة تسول الأطفال تغزو الشارع المغربي فتجدهم عند الإشارات الضوئية و عند المطاعم و عند المساجد و وغيرها من الأماكن التي أصبح الأطفال يتواجدون فيها للممارسة التسول.
التسول في المواسم: فتجد بعض الناس يكثرون من التسول في المواسم، مثلشهر رمضان والأعياد وغيرهم فهذه أبواب رزق بالنسبة إليهم[21].
التسول العرضي: وهو التسول المؤقت الناتج عن ظروف استثنائية[22].
فكل هذه الأساليب من التسول إضافة إلى أخرى من الطرق التي يرى فيها المتسول أداة لكسب الرزق بدون مجهود و قد يرى فيها مهنة أفضل من العمل لاسيما أن الربح الذي سيجنيه في التسول فهو أضعاف مضاعفة مقابل ما يمكن أن يأخذه من العمل.
وما تجدر الإشارة إليه أن هذه الظاهرة أصبحت في تطور إذ يصل العدد التقديري للمتسولين بالمغرب حسب إحصائيات وزارة التضامن و الأسرة و التنمية الاجتماعية إلى حوالي 250 ألف 51.1% اإناث و 48.9% ذكور ، 62.4% يمارسون التسول الاحترافي،و يشكل الأطفال منهم نسبة 10% بمجموع 25 ألف طفل متسول[23].
الأمر الذي يستدعي من المشرع التدخل من أجل أن يتحكم في هذه الآفة الخطيرة التي باتت تشوه صورة المجتمع قبل أن تنقص من كرامة المتسول،كما ينبغي الإشارة إلى أن من مساوئ هذه الظاهرة تزايد نسبة الجريمة.
المطلب الثاني : حكم التسول في الإسلام و القانون الجنائي المغربي.
إن الحديث عن موقف الإسلام و القانون من التسول يقتضي تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين،الأولى ستخصص للحديث عن موقف المشرع المغربي من التسول،في حين ستكون الفقرة مخصصة للحديث عن حكم الإسلام من التسول.
الفقرة الأولى : موقف المشرع المغربي من التسول.
نظم المشرع المغربي كل من جريمتي التسول والتشرد في الفرع الخامس من الباب الخامس المعنون في الجنايات و الجنح ضد الأمن العام وبالضبط في الفصول من 326 إلى 333من القانون الجنائي،بحيث عاقب مرتكب جريمة التسول بعقوبة جنائية تتراوح من شهر واحد إلى ستة أشهر إلا أن المشرع شدد هذه العقوبة لتتضاعف من سنة إلى ثلاث سنوات كل متسول ولو كان من ذوي العاهات، وكل متشرد، يوجد حاملا أسلحة أو مزودا بأدوات أو أشياء مما يستعمل لارتكاب جنايات أو جنح طبقا لما جاء في الفصل 331 من القانون الجنائي.
والقارئ للفصل 327 من القانون الجنائي يجد هذا الأخير العديد من الملاحظات منها :
الملاحظة الأولى: من خلال الفقرة الأولى و الفقرة الثانية من الفصل أعلاه يتبين بأن المشرع وقع في تناقض عندما قال يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة كل متسول حتى ولو كان ذا عاهة أو معدما استجدى بإحدى الوسائل[24] و أتى على ذكرها، منها التظاهر بالمرض أو ادعاء عاهة،ليطرح السؤال كيف لمتسول مصاب بعاهة ادعاء عاهة،ففي هذه الحالة نكون أمام مدعي لا مصاب بعاهة،اللهم إذا كانت نية المشرع اتجهت إلى المتسول السليم الذي يدعي عاهة[25].
الملاحظة الثانية : وفي الفصل نفسه وبالضبط في الفقرة الثالثة عاقب المشرع الجنائي المتسول بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة الذي تعود على استصحاب طفل صغير أو أكثر من غير فروعه،وهنا نتساءل هل اصطحاب أحد فروع المتسول القصر للتسول يكون مباح و غير معاقب عليه ؟؟؟
فالمتأمل لهذه النصوص الجنائية يرى بأن المشرع المغربي جرم التسول وبالتالي أدى الدور المنوط به عندما سن عقوبات رادعة على كل من سولت له نفسه إتيان هذه الجريمة لا فرق في ذلك بين رجل أو امرأة،تاركا الأمر للجهات الموكول لها تطبيق النص على أرض الواقع[26].
إلا أن الواقع المعاش و تزايد المتسولين بأرقام مهولة بالمغرب يوم بعد يوم يؤكد بما لا يدع مجال للشك بأن الاعتماد على الجانب القانوني للقضاء على التسول لن يؤتي أكله فعلاج هذه المشكل يجب أن يتشارك فيه ما هو اقتصادي و اجتماعي من ناحية ،و ما هو قانوني و تربوي من ناحية ثانية.
الفقرة الثانية : موقف الإسلام من التسول .
لقد ارتبط بداء الفقر ظاهرة خطيرة انتشرت في مختلف المجتمعات وهي ظاهرة التسول والشيء الغريب أن التسول لم يعد يقتصر الآن على الفقراء غير القادرين على العمل والكسب، بل أصبح وسيلة عيش و استرزاق لبعض القادرين على العمل من الكسالى لكنهم استسهلوا التسول والاحتيال على الناس بكافة الطرق والوسائل[27].
فالإسلام دعا إلى العمل وشجع عليه، فالتسول حرمه الإسلام حماية لكرامة المسلم إلا أنه يجوز في ثلاث حالات قد حددها النبي صلى الله عليه وسلم.
فعن قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال” إن المسألة لا تحل لأحد إلا لثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش ، ورجل أصابته فاقة فقال ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلاناً فاقة ، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، ثم قال صلى الله عليه وسلم : ما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكله صاحبه سحتا “[28].
فهذا الحديث قد وضح فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنواع المسألة المباحة في التسول، وان ما سواها من هذه الأسباب محرم. كما أنه وردت في السنة النبوية أحاديث كثيرة تحرم التسول و من هذه الأحاديث:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِي اللَّهم عَنْهم إِنَّ نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ[29].
عن ثوبان رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسم قال : ( مَنْ يَتَقَبَّلُ – وفي رواية يتكفل – لِي بِوَاحِدَةٍ وَأَتَقَبَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ ؟ ” قَالَ : قُلْتُ : أَنَا. قَالَ : ( لَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا ) فَكَانَ ثَوْبَانُ يَقَعُ سَوْطُهُ وَهُوَ رَاكِبٌ ، فَلَا يَقُولُ لِأَحَدٍ نَاوِلْنِيهِ حَتَّى يَنْزِلَ فَيَتَنَاوَلَهُ[30].
حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي , ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي , ثُمَّ قَالَ : يَا حَكِيمُ , إنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ , وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَكَانَ كَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ , وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى . قَالَ حَكِيمُ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا . فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدْعُوَ حَكِيمًا لِيُعْطِيَهُ الْعَطَاءَ فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا .
ثُمَّ إنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ , فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ , أُشْهِدُكُمْ عَلَى حَكِيمٍ أَنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ الَّذِي قَسَمَ اللَّهُ لَهُ فِي هَذَا الْفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ . فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ.[31]
فهذه الأحاديث و غيرها حرمت التسول ودعت إلى العمل باعتباره علاج شافي و كامل للتسول كما أنه يصون كرامة الفرد.
خاتمــــــة :
ختاما لما سبق فمشكلة تزايد التسول في المجتمع المغربي،يؤكد بأن معالجة التسول بالاعتماد على المقاربة القانونية غير نافع، لقد أصبح التسول وسيلة استرزاق واغتناء من طرف المتسولين، فالبعض منهم يكون ذا مال ومسكن و ميسور الحال إلا أنه تعود على التسول وجعل من هذا الأخير مهنة له،كما أن البعض وصل به الأمر إلى انتحال هوية سوري لأنه يعرف التعاطف و المساعدة التي يقدمها المغاربة لهذه الفئة.
فالتسول مشكل مركب مثلما سبق و أسلف الذكر فمعالجته تقتضي أن يتداخل فيه ما هو قانوني و تربوي من جهة، و اجتماعي و اقتصادي من جهة ثانية.
[1] سورة الإسراء الآية 70.
[2] www.aliftaa.jo
[3] https://khaledalsabt.com/cnt/dros/2111
[4] http://islamport.com/w/tfs/Web/40/1522.htm
[5] https://www.skynewsarabia.com
.15 سورة الملك الآية [6]
.9 سورة الجمعة الآية [7]
[8] http://www.alukah.net/culture/0/50301
http://mawakif.arablog.or [9]
[10] سورة طه الآية 36 .
[11] سورة يوسف الآية 18 .
[12] http://www.islambeacon.com
[13] https://www.manhal.net
[14] الفصول 326 و327و328 من القانون الجنائي المغربي.
[15] http://droit7.blogspot.com
[16] http://www.alsabaah.iq
[17] http://www.raya.com
https://www.nadorcity.com[18]
https://ar.wikipedia.org [19]
[20] https://drsabrikhalil.wordpress.com
[21] https://drsabrikhalil.wordpress.com
[22] http://www.almorabbi.com
[23] http://mawakif.arablog.org
[24] الفصل 327
يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة كل متسول، حتى ولو كان ذا عاهة أو معدما، استجدى بإحدى الوسائل الآتية:
1 – استعمال التهديد.
2 – التظاهر بالمرض أو ادعاء عاهة.
3 – تعود استصحاب طفل صغير أو أكثر من غير فروعه.
4 – الدخول إلى مسكن أو أحد ملحقاته، دون إذن مالكه أو شاغله.
5 – التسول جماعة، إلا إذا كان التجمع مكونا من الزوج وزوجته أو الأب والأم وأولادهما الصغار، أو الأعمى أو العاجز ومن يقودهما.
www.medi1.com [25]
http://www.startimes.com [26]
http://www.nidaulhind.co [27]
http://www.alifta.net/fatawa[28]
[29] صحيح البخاري
[30] رواه أبو داود (1450) وغيره ، وصححه الألباني .
[31] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً