بحث في الفرق بين التقييد والتسجيل
أوردنا في هذا العدد حكمًا لمحكمة مصر الابتدائية تحت رقم (421) ص (928) فأحببنا – وقد ذكر التسجيل والتقييد أن نبين الفرق بينهما، ولما كان البيان على شيء من الإطالة فقد أفردنا له هذا البحث:
التسجيل الحرفي transcription هو نسخ عبارة السند أو الحكم كلها في الدفتر المعد لذلك (المادة (629) مدني) والتقييد inscription (ويسمونه القيد خطأ مع أن القيد هو الحق المسجل نفسه فهو قيد مقيد بالدفتر) نقول إن التقييد هو تسجيل قائمة الرهن التأميني hypothèque مثلاً وهي القائمة التي تتضمن بيانات خاصة مذكورة بالمادة (566) من القانون المدني وهذه البيانات هي اسم الدائن والمدين ولقبهما وضامنهما ومحل إقامتهما وتاريخ عقد الرهن ونوعه وبيان قلم كتاب المحكمة الذي وقع فيه هذا العقد ومبلغ الدين وأجله والبيان الكافي للعقار المرهون والمحل المختار للدائن بدائرة المحكمة فإن لم يعين محل أعلنت الأوراق عند الاقتضاء لقلم كتاب المحكمة، وهذا التعريف لتقييد الرهن مذكور بالمادة (361) مدني، وكذلك يقيد حق الامتياز إذا كان على العقار وحق الاختصاص وهو يقع دائمًا على عقار والتقييد يحصل في مصر بالسجلات نفسها التي يحصل فيها التسجيل بخلاف ما جرى عليه الأمر في فرنسا فإن لكل منها دفاتر خاصة، وقد يحصل التسجيل عندنا بحفظ الملفات التي توضع بها نسخ العقود وإلى ذلك أشار قرار وزارة الحقانية المؤرخ 12 يوليه سنة 1923.
ولما كان محتمًا تقييد حقوق الامتياز (ما عدا حقوق الامتياز العامة) لتكون حجة على الغير ومنها حق الامتياز الناشئ بين المتقاسمين من حكم المادة (602) مدني أهلي و (728) مدني مختلط وهي التي أشار إليها حكم محكمة مصر، اشترط القانون لاستمرار مفعول التقييد وحفظ درجة تجديده قبل فوات عشر سنوات واستمرار هذا التجديد ما بقى صاحبه في حاجة إليه، فإن لم يجدد زال أثره سواء في ذلك حق الامتياز وحق الرهن التأميني العقاري، قالت المادة (614) مدني في (باب إثبات الحقوق العينية) – وهي لا تزال باقية بعد صدور قانون التسجيل – (الديون الممتازة على العقار غير الأموال والرسوم المستحقة للميري وغير المصاريف القضائية وغير مرتبات الخدمة والعملة يلزم تسجيلها أيضًا بالأوجه المبينة فيما بعد فيما يتعلق بالرهون) فقائمة حق الامتياز تكتب كقائمة الرهن العقاري وتجدد في المدة القانونية، وقالت المادة (569) مدني في فصل الرهن العقاري (التأميني) ما يأتي (تسجيل الرهن يصير لاغيًا إذا لم يجدد في ظرف عشر سنين من وقت حصوله، إنما للدائن بعد ذلك أن يستحصل على تجديد التسجيل إن أمكن قانونًا ولكن لا تعتبر درجة الرهن في هذه الحالة إلا من تاريخ تجديد التسجيل) وذلك أنه إذا جدد قبل انقضاء عشر سنوات (ميلادية) حفظ مرتبته الأولى.
ومما يجدر ذكره فيما نحن بسبيله من حكم محكمة مصر الابتدائية أن المحاكم المختلطة حكمت بأن تسجيل عقد القسمة لا يكفي لحفظ حق الامتياز المبين بالمادة (728) مدني مختلط ((602) مدني أهلي) بل لا بد من تقييد الامتياز كما تقدم (الفقرة 500 من كتاب التأمينات الشخصية والعينية للأستاذ كامل مرسي بك).
كما أنه مما يجب ذكره أن الغرض من التقييد أن يكون الحق الوارد فيه حجة على الغير (565 مدني في فصل الرهن التأميني) وأن ما يجري على تقييد الرهن المذكور يجري على تقييد الامتياز بحكم المادة (614) مدني السابق إيرادها ويجري على تقييد الاختصاص بحكم المادة (599) مدني، ولأجل أن يكون الحق العيني حجة على المتعاقدين يكفي له التسجيل فإن لم يسجل لم يتولد عنه بحسب قانون التسجيل رقم (18) سنة 1923 غير التزامات شخصية.
والرهن الحيازي العقاري gage immobilier يكتفي فيه بالتسجيل الحرفي فيجعله هذا التسجيل وحيازة الشيء المرهون إذا اجتمعا حجة على المتعاقدين وغيرهما، فإن لم تكن حيازة للشيء المرهون فالعقد ليس باطلاً بل هو وعد بالرهن.
وحق الاختصاص يجري عليه حكم التقيد inscription وليس له كالرهن التأميني قائمة وإنما تقيد صورة العريضة وصورة أمر الرئيس بحيث يرد في مجموعهما البيانات الواجب وجودها في قائمة الرهن العقاري التأميني.
ولا نجد هنا محلاً لبيان ما يترتب على نقص هذه البيانات في الرهن التأميني العقاري والامتياز والاختصاص، فليراجع ذلك في مواطنه.
ولما كان واجبًا تجديد تسجيل الاختصاص وقائمة الرهن التأميني العقاري وحق الامتياز كل عشر سنوات حتى لا تزول أصلاً أو تتأخر مرتبتها على الأقل اكتفى من يريد اكتساب حق عيني على العقار أو نزع ملكيته باستخراج الشهادات العقارية لمدة عشر السنوات الأخيرة، فأما الرهن الحيازي فلا يجدد تسجيله لإشهاره لأن صاحبه لا يقيده في غالب الأحيان ويغني التسجيل والحيازة التي اشترطها القانون لصحته عن تجديد التسجيل للإشهار فيجب التحري عن هذا التصرف وعدم الاكتفاء بشهادة عشر سنوات إذا ما أريد اكتساب حق عيني أو نزع ملكية، على أنه يجوز للدائن المرتهن رهن حيازة أن يقيد امتيازه علاوة على تسجيل عقده فالأمر غير محتم كما ترى ونكتفي بهذه العجالة بيانًا للفرق بين التسجيل والتقييد ومراد الحكم من ذلك.
أحمد رمزي
اترك تعليقاً