بحث قانوني يوضح نظرة القانون الدولي للثورات العربية
الثورات العربية في القانون الدولي / المحامي محمد مصطفى عيادات
المقدمه
إن المتتبع للقانون الدولي وتطوره عبر العصور أصبح يدرك انهلم يعد يقف عند مفهوم متقزم , بل هو في تطور دنيماميكي مع تطور الاحداث والشعوب , فاذا كان من المتصور في مرحله سابقه مشروعية الحرب وقانون القوه , أصبح الان من غير المتصور اللجوء الى القوه لفض النزاعات بين الدول لحماية الامن الدولي والحفاظ على السلم العالمي .
فبعد نشوء هيئة الامم المتحده في عام 1945 وتوجه الدول المتمدنه الى سلوكيات منضبطه تجاه التعامل والتعاون الدولي أقرت الكثير من النصوص في ميثاقها لضبط سلوكيات الدول مع بعضها خاصة فيما يتعلق باستخدام القوه الانفرادي واصبحت الدول تتمتع بصوره اكبر بمفوم السياده واحترامها . من هنا كان لا بد لهذا التطور الملحوظ في ادبيات السلوك الدولي من تقنين لتلك التصرفات التي قد تخل بمفهوم الامن الدولي والمصلحه العليا لمجموع المجتمع الدولي .
الا ان الاشكاليات كثيره التي تعترض سلوكيات الدول نحو التوجه الى التقيد بالقانون الدولي فهي مساله قد تحتاج من البحث الكثير التي تعتري انتهاك القانون الدولي بصوره أكثر تعقيدا , وبصوره اكثر موائمة لاخضاع نصوصه نحو تفسير غائي , مما لا يدع مجالا للشك نحو التطور بانتهاك القانون الدولي بصوره قد تكاد مشروعه للوهله الاولى او في قالبها العملي .
ولهذا فان الحديث عن سلوكيات الدول ومدى استجابتها لاحترام وتطبيق القانون الدولي قد لا يسعف اي باحث في حصرها بمجلدات وهذا الامر لا يخفى على من يخوض غمار المتتبع لسلوكيات وتطور الاحداث على الساحه الدوليه .
من هنا وجد الباحث نفسه للبحث في التطور والاحداث التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط والتي هي جزء لا يتجزاء من المجتع الدولي . خاصة تلك الثورات العربيه التي عصفت بالمجتمع الدولي وانذرت بوجد شعوب كان يعتقد انها خالده في سباتها العظيم , فاذ هي تتنتفض من غبارها الكثيف لتنذر العالم بتحولات جديه على صعيد التعامل الدولي . ولما حققته هذه الثورات من ايجابيات اوليه اذعنت العالم بخطورة ما يستجد على الساحه الدوليه وبأن المجتمع الدولي باجمعه يراقب ويتدخل ويضع الحلول الاستباقيه والعمليه لما فرضته هذه الثورات من اشكالات على الصعيد الجغرافي والسياسي والقانوني العالمي .
من هنا جاء محتوى البحث لنعرض الى الاشكالات الكثيره التي تعتري هذا البحث في المفهوم القانوني الدولي خاصة لما تفتقر نصوصه من احتواء لمثل هذه التداعيات .
ومن ابرز ما يمكن طرحه من اشكالات في هذا البحث
اولا : ما المقصود بتعريف الثوره لكي يتعامل معها القانون الدولي ؟ وما هي اهم النصوص القانونيه التي يمكن اعمالاها في هذا السياق ؟
ثانيا : ما المقصود بالتدخل الانساني ومدى اعمال الماده 2\4 من ميثاق الامم المتحده ووجوب التدخل في حالة ارتكاب جرائم اباده جماعيه أو جرائم ضد الانسانيه او جرائم حرب ؟
ثالثا : مدى اخضاع والتعامل مع الماده 2\7والتي تتعلق بالاساس القانوني لحق الامم المتحده في التدخل في الاختصاص الداخلي للدول الاعضاء ارتباطا باحكام الميثاق ذات الصله .
رابعا : ماهو غاية مبدأ تحريم التدخل العسكري في النزاعات الداخليه دون طلب من الدوله المختصه ؟ وماهي الشرط المتعلق بالنزاع الداخلي ؟
خامسا : ماهو مفهوم التدخل الجماعي واستخدام القوه في اطار الامم المتحده لاعادة السلم والامن الجماعي للمنطقه ؟
سادسا : مدى فاعلية القانون الدولي الانساني لحماية ضحايا النزعات الداخليه , ومبادئ حقوق الانسان التي اقرتها الامم المتحده ومدى الترابط بينهما وبين الحقوق السياسيه والمدنيه .
ان هذه الاشكايات التي ينطلق منها البحث ليست هي الوحيده التي قد تنازع هذا الموضوع لكننا سوف نحاول عند طرح الموضوع بصوره تفصيليه ان نورد ما امكن من اشكالات قد تثور في بحث كل ما يتعلق بمكنونها محاولين الاستشهاد بما امكن من حالات متشابها تعامل معها المجتمع الدولي
وعلى ذلك سوف تكون محتويات هذا البحث وفي اطار هذه الاشكاليات وكثرة الفرضيات المتمثله من اشكاليات البحث , فهل نجزم بان القانون الدولي هو في سياق موحد حول نظرته وتعامله مع الاضرابات الداخليه لا سيما التي لا يرقى فيه الاحداث الى نشوب نزاع مسلح بالمفهوم القانوني .
ومن خلال تتبع المواثيق الدوليه سواء العرفيه او الاتفاقيه الى ان حماية الافراد وحقوقهم الاساسيه باتت تطغى على حماية الدول وسيادتها الامر الذي يستدعي التعامل والتدخل الدولي لحمايتها اذا وصل الامر بالدوله الى انتهاكات جسيمه لهذه الحقوق الصيقه بالادمي .
ثم هل بالامكان القول ان منحنى القانون الدولي ينغمس في التعامل السياسي للدول وعلى حسب الحاله ومصالح الدول في التدخل من عدمه لحماية الشعوب من اضهاد الدوله . بما لا يعتبر خرقا لسيادتها .
كل هذه الفرضيات سوف تكون مدار البحث فيما يتعلق بطرح الموضوع وما يتناسب معه من توضيح النصوص والمواقف الدوليه تجاههه.
المبحث الاول : ماهية الثوره والاسانيد القانونيه في تكيفيها
يرى فقهاء الحقوق الجزائية أن – حق الثورة – يستند إلى حق الدفاع المشروع الذي أجمعت التشريعات الجزائية على أنه أحد أهم موانع العقاب سواء كان في المجال الفردي أوفي المجال الجماعي أي الثورة لدرء العدوان على الوطن والمجتمع , وإلى هذا ذهب الفقيه الفرنسي ” سوميير” بقوله : ( إن حق المقاومة يعتمد على حق الدفاع المشروع )
كما قال الفقيه ( هوريو ) إن حق الثورة أو الإنتفاضة ماهو إلا إمتداد لحق الحرية الذي يخول المواطنين حق الدفاع المشروع وإلى هذا ذهب أستاذ القانون الدولي محمد طه بدوي بقوله في كتابه – حق مقاومة الحكومات الجائرة – ( يكفي لإعتبار النظام جائراً, أن تجزع الجماعة – أي الشعب – من المبادئ التي يقوم عليها النظام والممارسة ضد حريات الناس وعدم معرفة مصيرهم على يد عصبة لم ينتخبها ..
كما أكد الفيلسوف البريطاني لوك صاحب نظرية حق الثورة على
إن الشعب في حالة خيانة حكامه للأمانة التي عهد بها إليهم , سواء كانوا مشرّعين أو منفذين يملك حق الثورة عليهم .. إنني أحب السلم , ولكن لا أريد سلماً بأي ثمن ,, سلماً يفرضه الأقوياء على الضعفاء , يفرضه الغاصبون على الشعوب ,, سلماً يكون كالسلم المزعوم بين الذئاب والخراف
المطلب الاول : تعريف الثوره
الثورة كمصطلح سياسي هي الخروج عن الوضع الراهن وتغييره سواء إلى وضع أفضل أو اسوأ باندفاع يحركه عدم الرضا، والتطلع إلى الأفضل أو حتى الغضب
وللثورة تعريفات معجمية تتلخص بتعريفين ومفهومين ،التعريف التقليدي القديم الذي وضع مع انطلاق الشرارة الأولى للثورة الفرنسية وهو قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة. وقد طور الماركسيون هذا المفهوم بتعريفهم للنخب والطلائع المثقفة بطبقة قيادات العمال التي اسماهم البروليتاريا.
اما التعريف أو الفهم المعاصر والاكثر حداثةً هو التغيير الذي يحدثه الشعب من خلال أدواته “كالقوات المسلحة” أو من خلال شخصيات تاريخية لتحقيق طموحاته لتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات ولتنفيذ برنامج من المنجزات الثورية غير الاعتيادية.
والمفهوم الدارج أو الشعبي للثورة فهو الانتفاض ضد الحكم الظالم.و قد تكون الثورة شعبية مثل الثورة الفرنسية عام 1789 وثورات أوروبا الشرقية عام 1989 وثورة أوكرانيا المعروفة بالثورة البرتقالية في نوفمبر 2004 أو عسكرية وهي التي تسمى انقلابا مثل الانقلابات التي سادت أمريكا اللاتينية في حقبتي الخمسينيات والستينات من القرن العشرين، أو حركة مقاومة ضد مستعمر مثل الثورة الجزائرية (1954-1962).
الثورة ظاهرة مهمة جدآ في التاريخ السياسي. فالثورة هي حركة سياسية في البلد حيث يحاول الشعب أو الجيش أو مجموعات أخرى في الحكومة إخراج السلطة الحاكمة. يستخدم هذه المجموعات الثورية العنف في محاولة إسقاط حكوماتها. يؤسس الشعب أو الجيش حكومة جديدة في البلد بعد إسقاط الحكومة السابقة. ويسمى هذا التغيير في نظام الحكومة أوفي القادة الحاكمة ”الثورة“ لأنه يصبح إلى السلطة الحاكمة الجديدة.[1]
ولهذا فالثوره هي “العلم الذي يوضع في الممارسة والتطبيق, من أجل تغيير المجتمع تغييرا جذريا وشاملا, والانتقال به من مرحلة تطورية معينة إلى أخرى أكثر تقدما, الأمر الذي يتيح للقوى الاجتماعية المتقدمة في هذا المجتمع أن تأخذ بيدها مقاليد الأمور, فتصنع الحياة الأكثر ملاءمة و تمكيناً لسعادة الإنسان ورفاهيته, محققة بذلك خطوة على درب التقدم الإنساني نحو مثله العليا التي ستظل دائما وأبدا زاخرة بالجديد الذي يغير التقدم و يستعصي على النفاد و التحقيق”
ان ما يحدث في العالم العربي من أحداث هي ثورة شعبية بالطراز الأول وبامتياز وهذه الثورة سيكون من نتائجها تغيير مسار التاريخ والمجتمع الدولي وهذه الثورة إنما هي ولدت في بلد عربي وانتقلت إلى بلد أخر لتكمل نموها ثم انتقلت إلى ثالث ورابع إلى اليوم الذي تكون فيه ثورة كاملة بكل معنى الكلمة أي لتصبح ثورة العصر..
ولا يمكن اعتبار ان ما يحدث هو انقلاب للاستيلاء على السلطة لإن طبيعة الانقلاب ، مختلفة عن طبيعة الثورة، والانتفاضات الشعبية، فهو ليس هجمة من خارج النظام بقدر ما هو استيلاء على السلطة من الداخل، وهو يكاد يكون حيادياً سياسياً إذا صح القول من حيث إن هدفه هو إبدال فريق حاكم بفريق آخر، تاركاً تقرير اتجاهات السياسة إلى الحكم الذي يعقبه؛ وهو يفترق عن الثورة من حيث أداته وطريقة تنفيذه فهو لا يعتمد على مجابهة الخصم مجابهة شاملة أو التغلب عليه جملة وتفصيلاً بتفوق كاسح للقوة، وإنما يتكون من تسرب قطاع صغير من جهاز الدولة، عسكرياً كان أو خليطاً من عسكري ومدني، إلى حيث يستطيع بفعاليته انتزاع سيطرة الحكومة القائمة على بقية القطاعات.
كما تمتاز الثورةعن الانقلاب بأن لها هدفاً أعمّ هو تغيير البنية الاجتماعية والسياسية للبلاد لا تغيير الفئة الحاكمة فحسب. وقد يكون الانقلاب ممهداً لإحداث الثورة، وقد يكون من الانقلابات ما هو في الأصل ثوري، لكنّ الثورة تعتمد على الجماهير الشعبية لا على نفر صغير من مدبري انقلاب ما. ولهذا فقد تأخذ عملية تغيير البنية أي الثورة وقتاً طويلاً. وقد ترهق إبانها دماء غزيرة، وتتقلب في مراحل متعددة من الانتصارات والنكسات، فليس فيها آنيّة الانقلاب، وحتمية نتائجه في ساعات عدة، مع تحاشي سفك الكثير من الدماء.
أما بالنسبة للحق بالثورة فهو حق مقدس وحق دستوري وهو ينبع من حق الدفاع المشروع التي فيها تنتفي المسؤولية الجزائية وهذا الحق في طليعة الحقوق الطبيعية للإنسان والشعوب المستعبدة التي أقرتها معظم تشريعات العالم المتمدن , بعد نضال طويل مرير توّج بإقرار هذه الحقوق التي يبقى تطبيقها وانتزاع الاعتراف بها رهناً بعدالة أهداف الثورة وصدق شعاراتها وصحة طريقها.
الثوره في المفهوم الاسلامي
إن ظهور الإسلام في الجزيرة العربية هو ثورة محضة . وان المتدبر للقرآن الكريم يجد انه استخدم للدالة على التعيير الثوري مصطلح “الانتصار”. و عليه فأن الثورة تأتي بانتقام للمظلومين من الظالم على تفاوت درجات الانتقام ومواطنه وكذلك “النصر” والانتصار. فالنصر يعني إعانة المظلوم, والانتصار يعني الانتصاف من الظلم و أهله و الانتقام منهم. والقرآن يذكر الانتصار بهذا المعنى كفعل يأتيه “الأنصار” ضد البغي في سورة الشورى 37-43: ” والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم” .
المطلب الثاني : المستند والاساس القانوني لتكيف الثوره
الفرع الاول :النزاعات المسلحة غير الدولية
يقصد بالنزاعات المسلحة غير الدولية تلك النزاعات التي تنشب داخل حدود إقليم الدولة , و قد تبنى القانون الدولي التقليدي مبدأ عدم التدخل في الحروب الأهلية , كما تجلى ذلك في لائحة معهد القانون الدولي لعام 1900 حول حقـــــــــوق و واجبات الدول الأجنبية و رعاياها في حالة حركة تمرد إزاء الحكومات القائمة المعترف بها و المتنازعة مع التمرد ,وواجب على الدول الأجنبية مراعاة للحكومة الشرعية بصفتها الممثل الوحيد للدولة , و للدولة المتنازعة مع الثوار أن تعترف لهم بصفة المحاربين إلا أنه بحكم السنين الأخيرة ظهرت الحاجة الى ضرورة تأثيم الانتهاكات التي ترتكب في زمن النزاع المسلح غير الدولي و كانت المادة 5 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا سابقا قد منحت للمحكمة صراحة صلاحية النظر في الجرائم ضد الإنسانية عندما تقترف في أثناء نزاع مسلح ذي طابع دولي او داخلي و توجه ضد سكان مدنيين .
و قد جاء نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 بالنص صراحة على معاقبة جرائم الحرب سواء في النزاعات المسلحة الدولية اوغيرالدولية , وهذا التقارب مرده ما أسفرت عنه النزاعات المسلحة غير الدولية في يوغوسلافيا السابقة و رواندا من مآس فاقت العديد من النزاعات المسلحة الدولية .
.ونصت المادة الثالثة المشتركة في إتفاقيات جنييف الأربعة لعام 1949 على حماية المدنيين أثناء النزاع المسلح غير الدولي كما يلي ” في حال قيام نزاع مسلح ليس له طابع دولي في أراضي أحد ألاطراف السامية المتعاقدة يلتزم كل طرف أن يطبق كحد أدنى الأحكام على الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية ، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين القوا أسلحتهم ، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو لأي سبب آخر، ويعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية ، دون أي تمييزضاريقوم على العنصر أواللون أو الدين أو المعتقد أو الجنس أو المولد أو الثروة أو أي معيار آخر مماثل “
وبذلك نجد أن نص المادة الثالثة المشتركة تحدّثت بشكل عام ولم تُفَصّل مـــن هُم الأشخـــاص المستفيدين من هذا النص ، إلا أن البروتوكول الثاني الإضافي لعام 1977 الملحــــــق بإتفاقات جنيف ،والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غيرالدولية وضّحَ ذلك في المـــــادة الاولى .” يسري هذا الملحق البروتوكول الذي يطور ويكمل المادة الثالثة المشتركة من إتفاقيــات جنييف المبرمة في 12 آب 1949 ،دون أن يعدل من الشروط الراهنة لتطبيقها على جميع النزاعات المسلحة التي لا تشملها المادة الاولى من البروتوكول الأول لعام 1977، لحماية ضحــــــــــايا المنازعات المسلحة والتي تدور على إقليم أحد الاطراف السامية المتعاقدة بين قواتـــــه المسلحة وقوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أخرى تمارس تحت قيادة مسؤولـــــة على جزء من إقليمه من السيطرة ما يمكنها من القيام بعمليات عسكرية متواصلــــــــة ومنسقـــة وتستطيع تنفيذ البروتوكول وفي المادة 2 ” يسري هذا الملحق على كافة الأشخاص الذين يتأثرون بنزاع مسلح وفق مفهوم المادة ألاولى ، وذلك دون أي تمييزمجحف على أساس العنصر أواللون أو الجنس أو اللغة او الدين أو الآراء السياسية أو الإنتماء الوطني أو الإجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضـــــع آخرأو على أية معايير أخرى مماثلة
ولم يُغفِل البروتوكول الثاني والمُخصص لحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية وضــع ضمانات أساسية لحماية المدنيين ، ومنهم النساء والأطفال كما يلي
1- تُعتبر الأعمال التالية محظورة حالاً وإستقبالاً وفي كل زمان ومكان ،ومنها الإعتــــداء علـى حياة الأشخاص وصحتهم وسلامتهم البدنية أو العقلية ولا سيّما القتل والمعاملة القاسية والتعذيب والتشويه ، وأخذ الرهائن وأعمال الإرهاب وإنتهاك الكرامة الشخصية والإغتصاب والإكـــــراه على الدعارة ، وكل ما من شأنه خدش الحياء العام وجميع صورالرق والسلب والنهب والتهديد بإرتكاب أي فعل من الأفعال السابقة .
2- العمل على توفير الرعاية والمعونة للأطفال وبقدر ما يحتاجون اليها ، وكيفية إجلاء الأطفال وقتياً عن المناطق التي تدور فيها العمليات العسكرية الى مناطق آمنة، وفي الآونة الأخيرة ظهرت الحاجة الى تجريم وتحريم الإعتداءات التي ترتكــــب بحق المدنيين خاصة النساء والأطفال اثناء النزاعات المسلحة غير الدولية ، والتي عالجها النــظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، المعتمد في 17 تموز لعام 1998 ، في المادة / 5 والتي مَنَحَــــت المحكمة صراحة صلاحية النظرفي الجرائم المرتكبة ضد الأنسانية ، وجرائم الإبـــادة الجماعية في المادة السادسة ” لغرض هذا النظام تعني ” الإبادة الجماعية ” اي فعل من الأفعال التي ترتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أوعرقية أو دينية لإهلاكها كلياً أو جزئياً ومنها نقل أطفال جماعة عنوة الى أخرى”
وللعرف مكانة مهمة في القانون الدولي الإنساني ،حيث يدين في تطوره الى العرف الدولي وهو بمثابة قانون ملزم غير مدوّن ، يتكون من التكرارالشامل والمنظم لسلوك ما خلال فترة زمنيــة معينة ، ويترتب عليه إعتقاد بأن هذا السلوك واجب قانوناً ، وتنشاء القواعد العرفية في الحرب من عادات الحرب نفسها ، وتتحول هذه العادات بحكم الضرورة الى أعراف ، فهي تثبت شيئاً فشيئاً وبحسن نية ، وبذلك كثيراً ما يتحول العرف الى قانون دولى وضعي .
والبروتوكول الثاني : هو البروتوكول الإضافي الثاني الملحق بإتفاقيات جنيف ، المتعلق بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية .ويجب أن يفهم أن الخروقات والإنتهاكات لقواعد القانون الدولي الإنساني العرفي والوضــــــعي ليست نتيجة النقص في القواعد القانونية والعرفية بل لعدم ألإهتمام وألإكتراث وعــــــدم وجود الرغبة من بعض الدول لإحترام القواعد القانونية مما يؤدي الى عدم الإلتزام بها ولا يزال يعتمد لغاية الآن على .
بعد عرض هذا التعريف القانوني للنزاعات المسلحه غير الدوليه فهل يسعفنا القول ان ماتشهده المنطقه العربيه من ثورات يندرح تحت هذا المفهموم خاصة مع اختلاف الطابع السلمي والعسكري من دوله لاخرى , فما شهدته تونس ومصر كانت ثوره سلميه بمعنى الكلمه وما تشهده الان اليمن وسوريا هو في ذلك السياق رغم الفضائع والجرائم التي ترتكب بحق الشعوب. وهل نستطيع القول ان مفهوم النزاع المسلح الداخلي اتضحت معالمه في المشهد الليبي الذي كان للمجتع الدولي فيه رأيا وتصرفا من الناحيه الواقعيه .[2]
الفرع الثاني : القانون الدولي الإنساني والثوره
القانون الدولي الإنساني هو مجموعة المبادئ والقواعد التي تحد من استخدام العنف أثناء المنازعات المسلحة، أو من الآثار الناجمة عن الحرب تجاه الإنسان بصفة عامة، فهو فرع من القانون الدولي العام الذي ترمي قواعده العرفية والمكتوبة إلى حماية الأشخاص المتضررين من الحرب، كما تهدف قواعده أيضا إلى حماية السكان الذين لم يشاركوا بصفة مباشرة أو الذين كفوا عن الاشتراك في الحرب مثل الجرحى والغرقى وأسرى الحرب.
ويمكن القول بأن قواعد القانون الدولي الإنساني تستعمل في أوقات النزاع المسلح الدولي أو الداخلي بغية تحقيق التوازن بين الضرورات العسكرية والاعتبارات الإنسانية .
والقانون الدولي الإنساني ليس بالعمل الجديد الذي تعرفه الإنسانية إذ أنه عمل عرفته البشرية منذ العصور القديمة ونادت به مختلف الأديان السماوية، وهكذا نجد لمسات لهذا القانون لدى السامريين حيث أصدر حمو رابي ملك بابل القانون الذي يحمل اسمه والذي ورد في ديباجته إنني أقرر هذه القوانين كما أحول دون ظلم القوي للضعيف”، وفي هذا العهد كان يتم تحرير الرهائن مقابل فدية.
الفرع الثالث :الحالات التي لا تشملها حماية القانون الدولي الإنساني
نصت المادة الأولى من البروتوكول الثاني في فقرتها الثانية على أنه ” لا يسري هذا البروتوكول على حالات الاضطرابات و التوترات الداخلية ” باعتبار أن هذا النزع من أنواع العنف المسلح لا يعتبر نزاعا مسلحا حسب معايير القانون الدولي الإنساني , رغم أن هذه الاضطرابات و التوترات الداخلية ” قد تواكبها ايقافات جماعية و ارتفاع عدد المعتقلين السياسيين أو المعتقلين بسبب آرائهم و معتقداتهم . و ظروف الاعتقال اللاإنسانية والمعاملة السيئة و تعطل الضمانات القضائية السياسية عند إعلان حالة طوارئ مثلا و ظهور حالات الاختفاء .
و قد تكون هذه الظواهر منفردة أو مجتمعة لكنها تعكس رغبة النظام الحاكم في تطويق آثار التوتر من خلال اللجوء إلى وسائل وقائية للسيطرة على الأوضاع .
وهذا لا يعني أن الأمور تسير على هوانها بل تظهر هنا المواثيق الدولية حول حقوق الإنسان التي تطبق في الميدان كبديل للقانون الدولي الإنسان ، حيث ” تتضمن الصكوك الدولية لحقوق الإنسان أحكاما تسمح للدول لدى مواجهتها لخطر عام جسيم ان توقف العمل بالحقوق الواردة بهذه الصكوك وذلك باستثناء حقوق إنسانية معينة مبينة في كل معاهدة يجب احترامها في جميع الأحوال ولا يجوز المساس بها بصرف النظر عن المعاهدة التي اوردتها وتشمل هذه بصفة خاصة الحق في الحياة وخطر التعذيب والعقوبات او المعاملة الانسانية وخطر العبودية والاسترقاق ، ومبدأ الشرعية وعدم رجعية القوانين . ويطلق على هذه الحقوق الأساسية التي تلتزم الدول باحترامها في جميع الأحوال ، حتى في أوقات النزاعات او الاضطرابات اسم ” النواة الصلبة LE Noyau dur لحقوق الإنسان.[3]
نطاق القانون الدولي الإنساني
ولما كان الاختصاص الأصيل، والأهم، للأمم المتحدة هو حفظ السلم والأمن الدوليين، فإن لللأجهزة التنفيذية في منظمة الأمم المتحدة دور هام في في تطبيق القانون الدولي الإنساني. وهذه الأجهزة الرئيسية للمنظمة وفقاً لنص المادة 7/1 من الميثاق هي: الجمعية العامة، ومجلس الأمن، والمجلس الاقتصادي، ومجلس الوصاية، ومحكمة العدل الدولية. وقد نصت الفقرة 2 من المادة أعلاه على جواز إنشاء ما يلزم من أجهزة أخرى إن تطلب الأمر. واستناداً على ذلك، ومع نهاية القرن العشرين، تمكن المجتمع الدولي من التوصل إلى صيغة مقبولة لنظام أساس للمحكمة الجنائية الدولية، لتسهم، إلى جانب التدابير والآليات الأخرى على المستويين الدولي والداخلي، في تلبية متطلبات الأمن الجماعي الدولي ككل، ومكافحة الجريمة الدولية وحفظ استقرار الأمن الدولي.
وعلى الرغم من كثرة العهود والمواثيق الدولية، الخاصة بقواعد القانون الدولي الإنساني، فلابد أن نوضح أن الأمم المتحدة لم تتمكن حتى الآن من وضع آليات فاعلة ونشيطة لحمل كل الدول على تنفيذ تعهداتها بموجب المواثيق الدولية، أسوة بالعقوبات التي تفرضها القوانين الوطنية على المواطنين الذين ينتهكون القانون. كما أن الاعتبارات السياسية كثيراً ما عطلت أو أعاقت عمل أجهزة الأمم المتحدة والمحاكم الدولية.
وتجدر الإشارة ان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يخوّل للدول في حالات الطوارئ الإستثنائية التي تهدد حياة الدولة الحد من بعض الحقوق لكن شريطة ان يكون ذلك في أضيق الحدود. [4]
والى جانب الصكوك الدولية المذكورة فإن القانون الدولي الإنساني الهادف إلى ضمان معاملة الإنسان في جميع الأحوال معاملة إنسانية زمن الحرب دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر او اللون او الدين او المعتقد او الجنس او المولد او الثروة او أي معيار مماثل آخر قد تطور بفضل ما يعرف بقانون “جنيف” الذي يضم الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية الموضوعة تحت رعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر والتي تهتم أساسا بحماية ضحايا الحرب وكذلك بقانون “لاهاي” الذي يهتم بالنتائج التي انتهت اليها مؤتمرات السلم التي عقدت في عاصمة هولاندا ويتناول أساسا الأساليب والوسائل الحربية المسموح بها وكذلك بفضل مجهودات الأمم المتحدة لضمان إحترام حقوق الانسان أثناء النزاعات المسلحة والحد من إستخدام أسلحة معينة لعدم مراعاتها إنسانية الإنسان.
المطلب الثالث : معايير التمييز بين القانون الدولي الإنساني و قانون حقوق الإنسان
كثيرا ما يقع الخلط بين القانون الدولي الإنساني و قانون حقوق الإنسان مما يتعين معه التمييز بين هذين الفرعين القانونيين ذلك أن كل منهما فرع من القانون الدولي العام و يهدفان معا لحماية الإنسان إلا انهما يختلفان في أن القانون الدولي الإنساني ينطبق في زمن النزاعات المسلحة سواء الدولية أو الداخليــــــة , و يشتمل على قواعد خاصة لحماية ضحايا هذه النزاعات أو ما يسمــــــــــــــــــى ” بقانون جنيف “( اتفاقية جنيف لعام 1949 و البروتوكولان المكملان الصادران عام 1977) و قواعد أخرى خاصة بأساليب و وسائل القتال و هو ما يعرف بقانون لاهاي ( اتفاقية لاهاي لعام 1907) فهو قانون بحكم حق الاشتراك في القتال و إدارة العمليات العسكرية و العلاقة بين الدول المتحاربة و الدول المحايدة علما أن اتفاقيات جنيف تطبق بالتعاون مع وتحت إشراف الدولة الحاميــــة و اللجنة الدولية للصليب الأحمر من حيث آليات المراقبة إضافة إلى أن أحكام القانون الدولي الإنساني إلى جانب أنها ملزمة للدول فهي ملزمة أيضا بالنسبة للإفراد مباشرة حيث يمكن أن تعاقب الدولة أفرادا ارتكبوا انتهاكات معينة معتمدة في ذلك على القانون الدولي و تقدمهم للمحاكمة.
أما قانون حقوق الإنسان فهو قانون يحرص على ضمان حقوق الفـــرد و احترام حقوقه و حرياته المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ضد أي تعسف لسلطات دولية فهو قانون يشتمل على حقوق لا أهمية لها في المنازعات المسلحة مثل الحقوق السياسية و بعض الحريات السياسية كحرية الصحافة و حرية التعبير و حرية الاجتماع الخ ….[5]
و قد تكفلت الدساتير بكل دولة بضمان هذه الحقوق ,كما تكفل المجتمع الدولي ببيان الحد الأدنى لهذه الحقوق و الحريات من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 ثم العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعيـــــــة و الثقافية عام 1966، و هذه الحقوق و الحريات تسهر الدول على توفيرها لمواطنيها و النص عليها في دساتيرها و هذا يعني أن قانون حقوق الإنسان يعمل به في زمن السلام , أما القانون الإنساني الدولي فانه يعمل به في مواجهة ضحايا النزاعات في حق غير المقاتلين في زمن النزاعات المسلحة فهو قانون خاص مرهون بحالات النزاعات المسلحة بل أن اتفاقيات جنيف تمنح ضحايا المنازعات المسلحة قدرا من الحماية أكبر مما تتيحه لهم اتفاقيات حقوق الإنسان لأنها أكثر ملاءمة لظروفهم .
المبحث الثاني : جدلية العلاقه بين التدخل الانساني لحماية حقوق الانسان في ضوء تفسير المادتين 2\4 والماده 2\7 من ميثاق الامم المتحده
ان المتتبع لنص الماده 2\4[6] يرى للوهله الاولى انها تحرم استخدام القوه في العلاقات الدوليه , لكن مع التطور الذي شهده القانون الدولي المعاصر ومع التفسير الغائي لهذه الماده اصبح هناك من الدارسين في هذا المجال يرون انه بالامكان استعمال القوه العسكريه في الحالات التي تتعرض فيها سلامة الاراضي أو الاستقلال السياسي للدوله للخطر أو في الحالات التي يكون فيها استخدام القوه داعما لمقاصد ميثاق الامم المتحده .
كما تهدف الماده 2\7[7] من الميثاق الى
حماية سيادة الدول من التدخل دون توافر الشروط الموضوعيه المحدده في نص الماده 39[8] . فالاصل في صياغة هذه الماده هو احترام سيادة الدوله من الامم المتحده وأجهزتها , والاستثناء هو التعرض للاختصاص الداخلي للدول الاعضاء لتحقيق السلم والامن الدولي بالاعتراف بمشروعية التدخل وفقا لاحكام الفصل السابع واعمالا لنص الماده 1 \3[9] من الميثاق .
من هنا يكون موضوع دراسة هذا المبحث في مطلبين الاول في مدى قانونية التدخل الانساني لصالح الانسانيه والمطلب الثاني حول جدلية العلاقه بين الماده2\7 والتدخل لحماية حقوق الانسان .
المطلب الاول : التدخل الانساني كمبرر لاستخدام القوه
يقصد بالتدخل في مجال القانون الدولي حلول دوله محل دوله اخرى في اختصاصها بصوره قصريه ودون موافقتها أو رضاها .[10]
فاستخدام القوه العسكريه من دوله أو اكثر ضد دوله أخرى دون رضاها لمنع انهاكات جسيمه وواسعه لحقوق الانسان الاساسيه أو لوقفها , فالتدخل لاغراض انسانيه محضه .
والمقصود بهذا التدخل الذي تقوم به دوله او دول دون تفويض من مجلس الامن , اذ لا يقصد به التدخل الجماعي الذي يستند الى تدابير الامن الجماعي .وكما هو شأن المسائل التي يدق فيها القانون مع مصالح سياسيه فقد كان لهذا الاسلوب مؤيدوه ومنهم من عارضوه خاصة انه لا يوجد تعريف الى الان لمفهوم الانسانيه في القانون الدولي .
ومن هذا الغموض الذي يعتري هذا المفهوم فان كان من بد الرجوع الى القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الانساني لتحديد دلالته ومشتملاته .
ان أهم ما يمكن وصفه بالحقوق الهامه والصيقه بالانسان التي تدعي التدخل لحمايتها هما الحق في الحياه والحق في السلامه البدنيه ,و فالصكوك الدوليه الخاصه بحقوق الانسان تقر بهذين الحقين الذين لا يقبل المساس بهما زمن الحرب او السلم . فحيثما ارتكبت جرائم إباده جماعيه , أو جرائم ضد الانسانيه , أو جرائم حرب , أو عند تدفق الاجئين بشكل كبير مع تعريض حياتهم أو سلامتهم للخطر .
وبهذا يكون استخدام القوه انفراديا الا في حالات استثنائيه جدا وهي المتعلقه بالحقوق الاساسيه الانسانيه .
ولهذا قد اقر القضاء الدولي بالحقوق الاساسيه الانسانيه واصبغها بالقاعده الامره . وان كان هذا من المتصور في حقيقة الامر لكن ما يمكن ان يثار في هذا الامر ركاكة اوعدم وجود معيار ثابت لتحديد التدخل الانساني . ولا يمكن اعتبار انتهاك أي حق مرتبط بالانسان انه خرق للحقوق ويستوجب معه التدخل العسكري .
الاستخدام الجماعي للقوه
وهو الوعاء الطبيعي لتدخل المجتمع الدولي باستخدام القوه لحفظ الامن والسلم الدوليين , وذلك للصلاحيه الممنوحه لمجلس الامن من اتخاذ التدابير الازمه لاعادة الامن والسلم االى المنطقه بما فيها استخدام القوة العسكريه .
إن القوه في الاستخدام الجماعي تخرج عن إطار المجتمع الدولي لتصبح أمرا داخلا في نطاق العلاقات المؤسسيه والجماعيه داخل جماعة الدول . وهي تنطوي في اختصاص الامم المتحده وسندها المكرس في الفصل السابع من الميثاق المنشئ لها و ويبدو من خلال قرارت مجلس الامن المستمد صلاحياته من الفصل السابع أن سلطته تقديريه بتوصيف تهديد السلم , وهو يشمل حالات لا تنتهي من النزاعات الدوليه أو الداخليه , حيث بات قانونا وصف النزاعات الداخليه والحروب الاهليه والانقلابات ضد الحكومات الشرعيه بأنها من المسائل المهدده للسلم والمن الدولي .[11]
وحيث أن الماده 42[12], و 53 [13], قد خولت مجلس الامن تفويض صلاحياته الممنوحه له بمقتضى الفصل السابع الى منظمه أو دوله قادره على احلال السلام ضمن منظومة الرقابه والاشراف على القوات العسكريه في تنقيذ أعمالها .
ومهما كان من جدليه واسعه بين دارسي القانون الدولي حول مشروعية التفويض من عدمها , الا انه ما يهمنا في هذا الصدد هو حالة التدخل العسكري الجماعي من قبل الامم المتحده من اجل احلال السلم والامن الدولي , ومدى ارتباط هذا التدخل مشروعيته في النزاعات الداخليه , حيث اقتصر الحكم في الماده 2\4 من الميثاق على النزاعات والحروب الدوليه .
ولكن من المعمول به اليوم هو ازدياد النزاعات الداخليه والحروب الاهليه التي زادت عددا مقارنة بالحروب الدوليه , ومن هنا أصبحت مجموع الدول لا تنكر التدخل العسكري في دوله أخرى بناء على طلب من هذه الاخيره لمساعدتها في إعادة النظام داخلها .
وبالتالي هل يقتصر دور عمل الامم المتحده على إعادة النظام والسلام الى الدوله لمساعدة سلطات الدوله الحاكمه , وهو ما يعرف بالقانون الدولي بتحريم التدخل العسكري في النزاعات الداخليه دون طلب من الدوله المختصه.
حيث أن ما نشهده اليوم وخاصة في العالم العربي من ثورات وانتهاكات جسيمه وجماعيه من قبل السلطات الداخليه , مما يعطي مفهوما اخر للتدخل الدولي حماية لهذا الشعب من انتهاكات جسيمه مرتبطه بالانسانيه وجرائم جماعيه جعلت من المجتمع الدولي يتدخل لصالح هذه الشعوب على حساب النظام .
من هنا هل نستطيع القول أن معادلة الامور أصبحت معكوسه في مفهوم التدخل المقصود من النصوص القانونيه الدوليه , وبأن الشرط المتعلق بتوصيف حالة الفوضى والصراع الدائر داخل حدود الدوله يرقى الى وصف النزاع الداخلي أو الحروب الاهليه التي تستوجب التدخل العسكري قانونيا ؟
المطاب الثاني : تقيد سيادة الدوله من عدمه حماية لحقوق الانسان في ضوء الماده 2\7 من الميثاق
إن التعهد بالالتزام بأحكام الميثاق ومبادئ القانون الدولي العام وبصوره عامه يتضمن التعهد بإحترام حقوق الانسان وحرياته الاساسيه والتي تحدث أثرها على نص الماده 2\7 من الميثاق وهذا يتوقف على اسناد التصرف القانوني المبني على قاعده قانونيه عرفيه أو اتفاقيه .[14]
فلا يتصور أن تنفصل أهداف الميثاق ومبادئ القانون الدولي العام عن نص الماده 2\7 فالتصرفات الماديه والقانونيه للامم المتحده تستند الى قاعدة قانونيه عرفيه تشكلت من خلال التدخل في نطاق حماية حقوق الانسان . والى قاعده قانونيه اتفاقيه في الاتفاقيات الدوليه ذات الصله , فالاثار القانونيه والصفه الملزمه المتمثله في تحديد الاختصاص الداخلي مقابل التوسع في الاختصاص الدولي تستند الى القاعده العرفيه والاتفاقيه فإنه بموجب هذا المعيار يتم التميز بين الاعمال القانونيه الدوليه والاعمال القانونيه التي تدخل في المجال المحفوظ للدوله , ويرتبط بموضوع العمل ذاته الذي ينظمه مصلحه دوليه عامه ويشكل قاعده امره من قواعد القانون الدولي .
فإذا كان موضوع التدخل ينظم علاقة أو مركز قانوني دولي يكون العمل ضمن الاختصاص الدولي ويخرج بالتالي عن الاختصاص الداخلي ووفقا لهذا المفهوم قان الماده 2\7 لا تجيز الخروج عن ميثاق الامم المتحده لمن تقرر له الحصانه بل وجاءت قاصره على الاختصاص الداخلي , وعلى المسائل التي تتضمن التزاما دوليا عاما , فلا تستطيع الدوله بالدفع بنص الماده 2\7 للتنصل من الالتزامات الدوليه العامه . فاخراج حماية حقوق الانسان في المجال المحفوظ للدوله يجب ان ينظر اليه بالنسبه الى الغايه الاجتماعيه المنشوده من ممارسة التدخل و مشروعية تقييد الاختصاص الداخلي مصدرها رعاية المصلحه الدوليه العامه . فسيادة الدوله هي موضع حماية الميثاق في نص الماده 2\7 وحقوق الانسان تعد من الاهداف الرئيسه لامم المتحده .[15]
وبهذا فنحن امام فرضيتين تعارض إحداهما الاخرى بمدى مدلول نص الماده 2\7 من الميثاق , ولكل منهما حجيته . فالفرضيه الاولي تسلم بجواز تقييد سيادة الدوله في مواجهة انتهاكات حقوق الانسان بالاستناد الى مشروعية مصدرها وفقا لاحكام الميثاق وأداء واجب المساهمه في الدفاع عن النظام الاجتماعي الدولي .
والاخرى تستند الى عدم وجود معايير موضوعيه محدده لحقوق الانسان فهي تصنف بالاقليميه وفقا للظروف القانونيه والسياسيه والثقافيه والاقتصاديه , ولا تستند الى اعتبارات متعلقه بالاختصاص الدولي وبتفسير الماده 2\7 واحكام الميثاق وواقعية التدخل بحيث لا يقيم الدليل على ان حقوق التدخل في نطاق مفهوم للسلم والامن الدولي وأن اي انتهاك يوفر السبيل لممارسة العقوبات المنبثقه عن الفصل السابع .
الا انه من الواضح اصبح أن مسألة التدخل لحماية حقوق الانسان تكشف عن اتساع دائرة النشاط الوظيفي للامم المتحده دون الخضوع لقاعدة التوفيق بين احترام سيادة الدوله والتزام الدول الاعضاء بالعمل وفقا لاهداف الميثاق فأست احدى أدوات السياسه الخارجيه لفرض التزامات غير قانونيه وقاعده دوليه سياسيه قائمه بذاتها ومنفرده بخصائص تستقل عن المعيار الراسخ في نص الماده 2\7 مما يعني انتقال مسألة تحديد الاختصاص الداخلي من الطابع القانوني الى الطابع السياسي .
ومن خلال ما اوردناه فهل اصبحت الثورات بحد ذاتها مسوغا قانونيا للتدخل العسكري من قبل الامم المتحده أو حتى التدخل الانفرادي لحماية حقوق الانسان ؟
فإنه مع التتابع للمواقف الدوليه ومجرياتها على حالات متشابها نجد بأن هناك تباين واضح وغير ممنهج أو قاعدي يمكن الاستناد عليه لان يصبح التدخل لحماية حقوق الانسان قاعده عرفيه او قانونيه تسري عليها الامم المتحده لتباين واختلاف مواقفها من حاله الى أخرى .
وهذا ما نشهده اليوم في العالم العربي الذي أصبح ملاذا للثورات والانتفاضات الداخليه وما ترتب عليه من مواقف الدول والامم المتحده فما شهدناه في مصر غير الذي تم في ليبيا , كما أن حالة اليمن وسوريا قد نجد فيه من الفضاعه وانتهاكات ممنهجه لحقوق الانسان وارتكاب جرائم ضد الانسانيه ما يفوق التصور ومع ذلك لم نرى من المجتمع الدولي أي حراك على الصعيد العملي سوى المهاترات واصباغ الخطابات التي لا تحرك ساكنا ولا تهز جامدا . مما يعزز انتقائية نظرة المجتمع الدولي لمفهوم الصراع الداخلي ومدى استجابة العمل الدولي لتعزيز حقوق الانسان مما قد يجرد النصوص القانونيه من مفهومها القانوني لتذوب في اطارها السياسي البحت .
وان مايعزز ما نذهب اليه هو القرار رقم 1973\2011 الذي اتخذه مجلس الامن في جلسته المعقوده في 17 اذار \ مارس 2011 حول التدخل العسكري في ليبيا الذي يعزز فكرة التدخل الجماعي لحماية المدنيين مما يعني اعتبار حالة ليبيا ضمن مسار النزاع المسلح غير الدولي والذي اتخذ مجلس الامن صلاحياته لاتخاذ التدابير الازمه لوقف الانتهاكات الجسيمه والممنهجه لحقوق الانسان وحماية المدنيين .والتي ترقى الى مرتبة جرائم ضد الانسانيه.
الخاتمه
لا يخفى على بال المتتبع والمختص في المجال الدولي ان القانون الدولي هو قانون متجدد بذاته أي ان نصوصه غير جامده بل هي متحركه ومطاطيه الى حد اخضاعها لكل مرحله تختلف بحيثياتها عن الاخرى , وما يؤكد ذلك هو حالة التفسير الغائي بين دارسي القانون الدولي والذي نراهم يحاولون تفسير مواده بما يتناسب والحاله الراهنه سواء كان الباعث من ذلك توجه سياسي أو توجه قانوني
وان هذا التناقض الواضح والتفسير الانتقائي والتعامل الدولي لنصوص القانون ما يحدونا القول ان النظره الى الثورات العربيه يختلف من دوله الى اخرى ومن نظام الى اخر على حسب أهواء ومصالح الدوله العظمه مما يخرج مفهوم الثورات العربيه من قاموس وادبيات القانون الدولي والتعامل معها في سياق موضوعي موحد .
ولكن ما تشهده الاقطار العربيه من حركات شعبيه وما يلعبه الاعلام من دور مهم في توصيل الصوره الى الرأي العام الدولي ادى الى انتهاض المجتمع الدولي للتعامل مع هذه الثورات بمنظور دولي يخرج عن مفهوم الدوله وسيادتها الداخليه , بل ويخرج مفهوم الثوره من اضراب وتوتر داخلي الى الاعتراف بصبغته الدوليه التي تجعل وجوبا على المجتمع الدولي التدخل وبكافة الوسائل القانونيه والدبلوماسيه والسياسيه لوقف الانتهاكات الجسيمه التي يتعرض لها شعوب المنطقه من تغول سلطات الانظمه الجائره.
كما انه من الملاحظ ان المجتمع الدولي والمتمثل بهيئة الامم المتحده لم يتعامل مع هذه الثورات في سياق واحد بل كيف كل حالة على حدا, مما قد يشكك في سلوك الامم المتحده من النظره الموضوعيه لتلك الثورات وما يخرجها من ثوبها القانوني ليلبسها الثوب السياسي.
ولهذا فان كان مجتمع الدول اصبح ينكر استخدام القوه لفض النزاعات الدوليه وغير الدوليه بما ادرجه من نصوص قانونيه في قوالب جليديه تذوب حين انصهارها في المصالح الدوليه وتتجمد اكثر بعكس ذلك ,الا ان ما يمكننا قوله ان هناك الكثير من النصوص القانونيه الواضحه وضوح
الشمس والتي ليست بحاجه الى تغطيتها برداء السياسه ما ينطبق على حالات النزاع الدائره في ساحات المجتمع العربي سواء ما كان منها في ميثاق الامم المتحده وما هو معمول به في القانون الدولي الانساني الذي يتعامل مع الواقع العملي اكثر من تعامله بحالات استباقيه , أو ما تضمنته اورقة القانون الدولي لحقوق الانسان وما جاءت به اتفاقيات جنيف خاصة المتعلقه بالنزاعات غير الدوليه .
وان كانت الثورات العربيه لا ترقى الى مفهوم النزاع المسلح , وبالتالي عدم اخضاع بنود القوانين الدوليه لمعالجتها فانه وعلى اقل تقدير تشهد ما تشهده من احداث دمويه وانتهاكات جسيمه مرتبطه بالانسانيه تفوق حالات النزاع المسلح , خاصة ان معادلة الصراع غير متكافئه ما بين الانظمه التي تملك السلطه والاسلحه وما بين الشعوب التي تملك ارادتها وصدورها العاريه لمقاومة ذلك الظلم الجائر .
من هنا كان حريا بالمجتمع الدولي النظر بجديه اكبر في التعامل مع هذه الانتفاضات الشعبيه بقدر من المسؤليه الدوليه والضمير االمجتمعي بعيدا عن قولبة الامور بما يتوافق مع مصالح شخصيه لدول عظمه تتحكم بالمنظومه . وايا كان الدافع سياسي ام قانوني ,وايا كان موقف الدول من تلك الثورات . ففي هذه المرحله لا بد من النظر الى ما يدور في هذه الانظمه نظره موضوعيه وانسانيه بعيد عن النظره المصلحيه والتعامل معها بشكل اكثرجديه وان كنا لا نحبذ التدخل العسكري لما يخلفه من مراره اكبر لهذه الشعوب انما يستطيع المجتمع الدولي من خلال اجهزته وصلاحياته التدخل بشكل سلمي وجدي ومن السرعة بمكان انقاذ الشعوب من ويلات الانظمه وجورها الكارثي للانسان وحقوقه المهانمه بكل بشاعه .
قائمة المراجع
1- ميثاق الامم المتحده
2- قانون الدولي الانساني
3- البتوكول الثاني لاتفاقيات جنيف لسنة 1977
4- مقالات الانترنت
5- حازم عتلم – قانون النزاعات المسلحه الدوليه – الطبعه الاولى 1994- جامعة عين شمس
6- حسن الحريشي – ورقة عمل للدوره الاقليميه الاولى في مجال القانون الدولي الانساني – 2005- انترنت
7- القاضي جمال شلهوب – مقال انترنت
8- عبدالله السلمو – دراسة قانونيه للثورات العربيه والقانون الدولي – مقال – انترنت
9- محمد خليل الموسى – استخدام القوه في القانون الدولي المعاصر- دار وائل للنشر – الطبعه الاولى – 2004
10- وليد فؤاد المحاميد – بحث بعنوان – حقوق الانسان بين سيادة الدوله والحمايه الدوليه – الاتجاهات التشريعيه والتطبيقيه – جامعة عمان العربيه للدراسات العليا
[1] دراسه قانونيه للثورات العربيه والقانون الدولي – عبدالله السلمو 6\12011 – قراءات – شبكة الانترنت
[2] صالح دواس الخوالده – رسالة ماجستير
[3] المستشار حسن الحريشي- ورقة عمل للدوره الاقليميه الاولى في مجال القانون الدولي الانساني – معهد الكويت للدراسات القانونيه 9\5\2005
[4] القاضي جمال شلهلول – مقالة – انترنت
[5] حازم عتلم – قانون النزاعات المسلحه الدوليه – الطبعه الاولى – 1994 – جامعة عين شمس
[6] – نص الماده 2 فقره 4 من ميثاق الامم المتحده “يمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد “الأمم المتحدة”.
[7] – نص الماده 2 فقره 7 من ميثاق الامم المتحده ” ليس في هذا الميثاق ما يسوغ “للأمم المتحدة” أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع. ”
[8] – نص الماده 39 من ميثاق الامم المتحده “يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملا من أعمال العدوان، ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقا لأحكام المادتين 41 و 42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه”.
[9] – نص الماده 1 فقره 3 من ميثاق الامم المتحده ” يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر”.
[10] – محمد خليل الموسى – استخدام القوه في القانون الدولي المعاصر – دار وائل للنشر – الطبعه الاولى – 2004 – ص 25
[11] – المرجع السابق – ص 185
[12] – نص الماده 42 من ميثاق الامم المتحده ” إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء “الأمم المتحدة”.
[13] – نص الماده 53 من ميثاق المم المتحده ” يستخدم مجلس الأمن تلك التنظيمات والوكالات الإقليمية في أعمال القمع، كلما رأى ذلك ملائما، ويكون عملها حينئذ تحت مراقبته وإشرافه. أما التنظيمات والوكالات نفسها فإنه لا يجوز بمقتضاها أو على يدها القيام بأي عمل من أعمال القمع بغير إذن المجلس، ويستثنى مما تقدم التدابير التي تتخذ ضد أية دولة من دول الأعداء المعرفة في الفقرة 2 من هذه المادة مما هو منصوص عليه في المادة 107 أو التدابير التي يكون المقصود بها في التنظيمات الإقليمية منع تجدد سياسة العدوان من جانب دولة من تلك الدول، وذلك إلى أن يحين الوقت الذي قد يعهد فيه إلى الهيئة، بناء على طلب الحكومات ذات الشأن، بالمسؤولية عن منع كل عدوان آخر من جانب أية دولة من تلك الدول” .
[14] – وليد المحاميد – بحث بعنوان – حقوق النسان بين سيادة الدوله والحمايه الدوليه – الاتجاهات التشريعيه والتطبيقيه – جامعة عمان العربيه للدراسات العليا – ص 6
[15] – المرجع السابق – ص 11
اترك تعليقاً