دراسة وبحث قانوني كبير في الحماية الوقائية للمستهلك من الإشهارات التجارية
إن المستهلك لم يحظ بحماية قانونية في معظم الدول إلا بعد 1945 حيث الحرب العالمية (II) أين عجز الإنتاج عن الوفاء بالطلب و ضاق الناس درعا بها الأمر أين اصدر المشرع الأجنبي ( المقارن ) عدة تشريعات تحت عنوان الحماية الوقائية للمستهلك ومن بينها قانون 1963 بشأن الإعلانات الكاذبة أما الجزائر فإن انتقالها من نظام اقتصادية يقوم على التخطيط إلى اقتصاد قوامه المنافسة فرض عليها وضع قواعده لحماية المستهلك فاصدر المشرع القانون رقم 89/02 المتعلق بالقواعد العامة لحماية المستهلك و عدة مراسيم مطبقة له .
والمستهلك هو الشخصي الطبيعي المقتني لمنتوج معين لتحقيق رغبة الاستهلاك الشخصي أو العائلي أو المستفيدين من الخدمات المعروضة للاستهلاك فيحتل المركز الأخير في العملية الاقتصادية إذ عرفته المادة 2 من المرسوم التنفيذي رقم 90/39 في 30/01/1990 المتعلق برقابة الجودة و قمع الغش ” كل شخص يقتني بثمن أو مجانا منتوجا أو خدمة ، معدين لإستعمال الوسطي أو النهائي لسد حاجته الشخصية أو حاجة شخص آخر ، أو حيوان يتكفل به ” .كما عرفته المادة 13 من اتفاقية بروكسل 1968 بأنه ” الشخص الذي يتصرف في إطار نشاط يعد غريبا عن نشاطه المهني “.
و في إطار تقريب المنتجات و الخدمات من المستهلك و ترغيبه في إقتنائها ظهر ما يسمى بالإشهار التجاري الذي يساهم في إعلام المستهلك وتوعية الجمهور و حتى في توجيه الأذواق حسب رغبات المعلنين بحيث يعتبر أهم العناصر المكونة للتسويق .
و لهذا أصبح الإشهار اليوم، أهم مصدر للمعلومات التي يوفرها المهني حول السلع و الخدمات وحلقة وصل بين المستهلك و المهني ، وهو فن يمارس تأثير بسيكولوجي على الجمهور لأهداف تجارية .
أما الفقه فيعرفه على انه مجموعة من الإدعاءات الإشارات والبيانات التي يوصلها المعلن إلى المستهلك حول مزايا و مواصفات السلعة أو الخدمة المراد الإشهار عنها من خلال الوسيلة الإشهارية المناسبة ، بغية إعلامه حولها، و حثه في الأخير على ضرورة إقتنائها عن طريق جلب إنتباهه و إثارة إهتمامه .
و قد عرف المشرع الجزائري الإشهار في المادة 2 الفقرة ما قبل الأخيرة من المرسوم التنفيذي السالف الذكر على أنه ” هو جميع الإقتراحات أو الدعايات أو البيانات أو العروض أو الإعلانات أو المنشورات أو التعليمات المعدة لترويج تسويق سلعة أو خدمة بواسطة اسناد بصرية أو سمعية بصرية”
أما المادة 2 من مشروع قانون الإشهار لسنة 1999 نصت على أنه ” يقصد بالإشهار الأسلوب الاتصالي الذي يعد و يقدم ، في الأشكال المحددة في هذا القانون ، مهما كانت الدعائم المستعملة قصد تعريـف و ترقية أي منتوج أو خدمة أو شعار ، أو صورة ، أو علامة تجارية أو سمعة أي شخص طبيعي أو معنوي.
كما تشمل العبارة كذلك الأنشطة شبه الاشهارية “، و هذه الأخيرة حددتها المادة 4 منه و هي الدعاية الإشهارية ، الدعاية ، الدعاية الأدبية و الفنية و الإشراف .
إن العلاقة الاشهارية تقوم بين أطراف عدة ، أولا المعلن الذي يتوجه برسالته الاشهارية إلى الجمهور قصد التعريف بسلعه و خدماته ،ثانيا الوكالات الاشهارية المتخصصة في تخطيط و إدارة و تنظيم الأعمال الإشهارية و التي يلجأ لها المعلن ، مقابل مبلغ مالي محدد ،وأخيرا الدعائم الاشهارية التي تصل من خلالها الإعلانات إلى الجمهور ، سواء أكانت مكتوبة ، أو كانت سمعية بصرية ،إلى جانب الإشهارات الثابتة أو ما يسمى الإشهار الخارجي عن طريق الملصقات ،و مع التطور التكنولوجي برزت وسائل أخرى جديدة كالهاتف و الانترنت ،هذا إلى جانب الإشهار الشفوي الذي يعد أقدم هذه الوسائل الذي يعتمد فيه على الصياح .
كما نجد هناك متدخلة في العملية الاشهارية هم المستهلك والمنافس الذي يدافع عن منتوجه عن طريق عملية اشهارية أخرى أو مضادة وحتى عن طريق اللجوء إلى القضاء ،وأخيرا الدولة من خلال هياكلها القانونية،ولكن نظرا لحداثة هذا النشاط فلا توجد هيئات خاصة بمراقبة الإشهار،ومع ذلك فأن المجلس الأعلى للإعلام و كذا مجلس المنافسة يلعب دور فعالا لمراقبة و متابعة هذا النشاط.
و في هذا الإطار مشروع قانون الإشهار 1999 اقترح إنشاء مجلس مراقبة أو متابعة الإشهار الذي من بين أهدافه هو وضع قواعد وأخلاقيات مهنة الإشهار والسهر على احترامها. وتجدر الإشارة إلى أنه تم إنشاء وكالة وطنية للنشر و الإشهار بموجب أمر 1967 ،ثم صدر الأمر رقم 71/69 يكرس إحتكار الدولة للإشهار التجاري و الذي تنازلت عنه لهذه الأخيرة،وبعد صدور دستور 1989 ظهرت وكالات إشهارية خاصة ،و زودت الصحف بمصالح للإشهار ، أما التلفزيون فبمديرية تجارية تتكفل بالمهام الإشهارية من خلال قسمها الإشهاري .
و إن كان الإشهار التجاري يعد مظهر من مظاهر التسويق و الترويج و أداة لإعلام الجمهور بالسلع و الخدمات المطروحة في السوق ، إلا أن بعض الإشهارات انعكست سلبا على نظام المنافسة ، وعلى حق المتلقي في المعلومات الصحيحة ، لكونها مضللة أين يعلن من خلالها عن معلومات مبالغ فيها بصفة مفرطة إلى حد الكذب و التضليل ، أو كانت منافية للحقيقة ، تخيب آمال المستهلك . لذلك كثيرا ما يكون المستهلك ضحية الإشهارات التجارية المحظورة بصفة عامة والمضللة بصفة خاصة ، بسبب ما يتعرض له من محاولات الغش و التدليس و التحاليل التي يمارسها المعلن، مما يدفع بالمستهلك إلى التعاقد بإرادة معيبة ، يكتشف المستهلك بعدها أنه ليس بحاجة إلى ما اقتناه،أولا يتفق و حاجاته الأساسية ، أو ألحقت بمصالحه المادية، و لهذا برزت فكرة ضرورة حماية المستهلك من الإشهارات التجارية ، و تنبهت النظم القانونية في كثير من الدول لخطورة الإشهار في جانبه السلبي ، لذلك عملت على وضع ضوابط العمل في المجال الاشهاري ، و هذا من خلال إرساء قواعد و مبادئ يخضع لها الإشهار ، و كذا توحيد معايير الرسالة الاشهارية، أما في الجزائر فكانت هناك عدة محاولات لوضع قانون الإشهار إلا أنها باءت بالفشل لعدم المصادقة على مشاريع القوانين المقترحة المتعلق بالإشهار لسنة 1988،1992 و1999 .
وفي انتظار صدور قانون ينظم الإشهار التجاري نرجع إلى القانون المدني الذي هو الشريعة العامة و كذا القانون رقم 89/02 و المراسيم المطبقة له ،وبالرغم من عدم وجود نص قانوني خاص بالإشهار في الجزائر ،وباعتباره واقعا ملموسا فما هي الحماية المكفولة للمستهلك من الإشهارات التجارية لاسيما منها المضللة ؟
ولمعرفة ذلك سوف نتولى تبيان الحماية المكفولة للمستهلك في إطار القانون 89/02 إلى جانب عدة نصوص تشريعية وتنظيمية أخرى من شأنها تعزيز القواعد العامة في توفير حماية فعالة ، هذا إلى جانب مشروع قانون الإشهار لسنة 1999 ،وفي غياب نص قانوني خاص بالإشهار التجاري إلى يضمن الحماية للمستهلك ،فأننا نلجأ في كل مرة للقانون الفرنسي السباق إلى تنظيم الإشهار التجاري والجرائم المتعلقة به .
وتتجسد حماية المستهلك في الحماية الوقائية أو المسبقة والتي تتحقق بمراقبة مدى توافر الشروط القانونية للعملية الاشهارية واحترامها من طرف المعلن قبل عرض الرسالة الاشهارية في الوسائل الاشهارية ،وإن تعرض المستهلك مع ذلك لخداع وتضليل من طرف المعلن ،فحينئذ نكون أمام الحماية الردعية بعد لجوء المستهلك المتضرر من الإشهار التجاري إلى القضاء.
وإن دراستنا لهذا الموضوع هو سعيا منا للمساهمة في توعية المستهلك من خلال تبيان قواعد الإشهار والجزاء المترتب على الإخلال بها والوسيلة التي بها تكفل الحماية ، وكذا نظرا لكون حتى الفئة المثقفة في المجتمع الجزائري بما فيهم القضاة تجهل أن هناك قواعد خاصة بحماية المستهلك بصفة عامة وضرورة حمايته من الإشهارات التجارية بصفة خاصة وحتى مع علمه بها فإنه لازال يطبق القواعد العامة في النزاعات المتعلقة بالمستهلك ، ومن أجل ذلك سوف نتولى دراسة الموضوع من خلال الخطة التالية:
الفصل الأول: الحماية الوقائية للمستهلك من الإشهارات التجارية.
المبحث الأول: الشروط الواجب احترامها في الرسالة الاشهارية.
المطلب الأول: تحديد هوية الرسالة الاشهارية.
المطلب الثاني: احترام الرسالة الاشهارية للآداب العامة والقيم الأخلاقية.
المبحث الثاني: القيود الواردة على الإشهارات التجارية.
المطلب الأول: حظر الإشهار التجاري المضلل.
المطلب الثاني: حظر الإشهار التجاري حول بعض السلع.
المطلب الثالث: حظر الإشهار التجاري حول بعض الخدمات.
الفصل الثاني: الحماية الردعية للمستهلك من الإشهارات التجارية
المبحث الأول: الحماية المدنية للمستهلك من الإشهارات التجارية .
المطلب الأول: تكييف الضرر اللاحق بالمستهلك.
المطلب الثاني: الدعاوى القضائية الممكن رفعها.
المطلب الثالث: الجهة القضائية المختصة.
المطلب الرابع: تحديد المستهلك المستحق للتعويض.
المبحث الثاني: الحماية الجنائية للمستهلك من الإشهارات التجارية .
المطلب الأول: جريمة الإشهار الكاذب.
المطلب الثاني:جريمة الإشهار المقارن.
المطلب الثالث : تحديد المسؤول جزائيا عن الإشهارات التجارية المضللة.
المطلب الرابع: العقوبات التكميلية والتدابير التي يمكن للقاضي النطق بها.
الخاتمة.
الفصل الأول : الحماية الوقائية للمستهلك من الإشهارات التجارية
إن الحدود المفروضة على الإبداع الإشهاري لا تهدف فقط إلى حماية أصحاب الحقوق المنافسة ، فقد اتسع نطاقها لتنظيم الرسالة الإشهارية و ذلك لأسباب من النظام العام، و تجد مصدرها في نصوص قانونية وطنية مثل قانون الإعلام، و من خلال دفاتر الشروط الخاصة بكل سند إشهاري و هذا إلى جانب النصوص العامة المتعلقة بتعميم استعمال اللغة الوطنية و أحكام قانون العقوبات ، ومراقبة مدى احترام هذه الحدود تمارس من قبل الهيئات المختصة كالمجلس الأعلى للإعلام [1] إلى جانب القضاء الذي يسهر على تطبيق القوانين ، هذا إلى جانب القانون الدولي للممارسات الصادقة والأمينة في مجال الإشهار و الذي وضعته غرفة التجارة الدولية و الذي يتضمن تنظيم محكم لشكل و محتوى و طرق بث الرسائل الإشهارية [2] .
و إلى جانب ذلك نجد بعض القوانين الجزائرية الخاصة التي تنظم إشهار بعض السلع و الخدمات، وفي كل مرة يمكننا الرجوع إلى مشروع قانون الإشهار لسنة 1999، مادام ليس هناك نص خاص ينظم تلك القواعد والمبادئ الواجب احترامها لبث الرسالة الاشهارية.
و من خلال كل هذه النصوص نستنبط الشروط القانونية التي يجب على المعلن إحترامها في الرسالة الإشهارية ( مبحث I ) و كذا القيود القانونية الواردة على الإشهارات التجارية ( مبحث II ) .
المبحث الأول : الشروط الواجب احترامها في الرسالة الاشهارية
رغبة من مشروع قانون الإشهار لسنة 1999 في حماية المستهلك المتلقي للرسالة الاشهارية، من الأضرار التي قد تلحقها به هذه الأخيرة، فإنه قام بتحديد الإطار القانوني للرسالة الاشهارية قبل بثها أو نشرها، و هذا عن طريق تبيان جملة من الإلتزامات والشروط الواقعة على عاتق المعلن ، و الواجب عليه إحترامها و عدم خرقها ، والتي تتمثل أساسا في ضرورة إعلام المستهلك من خلال الرسالة الإشهارية ، حتى يتسنى له إتخاذ قرار الشراء عن وعي وبكل حرية ، و في ضرورة إحترامه للآداب العامة (مطلب1) و كذا ضرورة حصول المعني على ترخيص مسبق ، حتى يتمكن من بث بعض الإشهارات التجارية (مطلب 3)، و قبل التطرق إلى كل ذلك لابد أولا من تحديد هوية الرسالة الإشهارية ( مطلب1) .
المطلب الأول : تحديد هوية الرسالة الإشهارية
إن الرسالة الإشهارية مهما كان السند الإشهاري المستعمل ، يجب أن تكون معرفة و محددة الهوية و يمنع الإشهار المجهول و الغير المعرف في التلفزة أو الإذاعة أو الصحافة طبقا لنص المادة 12 من القانون الدولي للممارسات الصادقة و الأمينة في مجال الإشهار، و كذا المادة 41 من دفتر شروط الإذاعة و المادة 44 من دفتر الشروط الخاص بالتلفزة، و أما عن اللوحات الثابتة التي تتضمن الملصقات الإشهارية فإنه زيادة على ضرورة ذكر إسم و عنوان الناشر فإنه ممنوع نشر ملصقة مطبوعة باللون الأسود على الأبيض لأن هذا الشكل و اللون و طريقة التقديم مخصصة للإعلانات الحكومية[3] .
وفي إطار تحديد هوية الرسالة الاشهارية، نتولى تبيان دور هذه الأخيرة فرع1، و كذا تمييز الإشهار التجاري عن التزامي الوسم والإعلام ( فرع 2 ) ثم التطرق لمدى صحة البيانات الواردة في الرسالة الإشهارية ( فرع3) وأخيرا مناقشة مسألة لغة الإشهار (فرع 4).
الفرع الأول : دور الرسالة الإشهارية.
يهدف المعلن من خلال رسائله الاشهارية، إلى الترويج بسلعه و خدماته، و من أجل ذلك عليه تقديم كل المعلومات الضرورية للمستهلك المتلقي للإشهار، حول خصائصها و مميزاتها و كذا مكان تواجدها ، بصفة تجعله يقتنع بها ، كي يتخذ قرار بشرائها و تفضيلها عن غيرها من السلع الأخرى في السوق ، و بالتالي فالإشهار يرتكز على عنصر بن أساسين أولاهما الإعلام و الترويج .[4]
و نجد المشرع في المادة 4 من قانون 89-02 2، كرس مبدأ العلم الكافي بالمبيع أو ما يسمى الإلتزام بالإعلام ، وهو إلتزام سابق و ضروري يسمح للمستهلك بإقتناء المنتوج حسب إحتياجاته المبنية على رضا حر و سليم ، وذلك من خلال تلك المعلومات و البيانات المقدمة له بصفة موضوعية بعيدة عن كل دعاية ، و لم يحصر محل هذا الإلتزام في السلع فحسب ، بل شمل به الخدمات كذلك ” و هذا حسب المادة 21 من قانون 89-02 .
و حسب 3 من نفس القانون يتجسد ذلك، فيما يخص السلع، في الوسم المعرف بالمادة 2 من المرسوم 90-39 3، على أنه ” جميع العلامات و البيانات و عناوين المصنع أو التجارة أو الصور أو الشواهد أو الرموز التي تتعلق بمنتوج ما و التي توجد في أي تعليق أو وثيقة ، أو كتابة أو رسم أو حاتم أو طوق ترافق منتوج ما أو خدمة أو يرتبط بهما “، فبذلك فإن الوسم يعد وسيلة قانونية لتحقيق 4 الإلتزام بالإعلام و محركا أساسيا للإشهار و هو يختلف من سلع لأخرى بأن كانت غذائية أو غير غذائية.
أما فيما يخص الخدمات ، فإنه يتم إعلام المستهلك إما عن طريق العقود النموذجية التي تتضمن كل البيانات الضرورية المتعلقة بتحديد نوعية الخدمة ، طبيعتها ،أوصافها ، ضمانات و آجال تقديمها ، و إما بالنشر في مكان أداء الخدمة كالفندق.
الفرع الثاني : تمييز الإشهار التجاري عن الوسم و الإعلام.
البند 1 ـ اللإشهار التجاري والوسم .
إن الفرق بين الوسم و الإشهار التجاري، يتمثل في أن الأول يعد وسيلة إعلام إلزامية تقع على عاتق المهني محلها بيانات محددة قانونا، كما فرض المشرع الوسم لغرض إعلام المستهلك بشأن بعض المنتوجات كالسلع الغذائية والمنتجات المنزلية غير الغذائية حسب المرسومين التنفيذيين رقم 90 ـ 366 و 90 ـ 367، أما الثاني فهو وسيلة إعلام اختيارية يتخذها المهني بصفة إرادية للتعريف بسلعه و خدماته ، معتمدا في ذلك على البيانات التي يراها مناسبة لذلك ،وهولا يتميز بالموضوعية التي يتميز بها الوسم ، إذ أن المعلن يمزج المعلومات المقدمة للمستهلك بجملة من المؤثرات النفسية التي تدفعه لإتخاذ القرار بالشراء، و مع ذلك قد يصبح الوسم إشهارا تجاريا، إذا تعدت البيانات المكتوبة عليه ، وصف السلعة أو الخدمة، و كذا مكوناتها، الى إظهار مزاياها، ميزاتها والترغيب في شرائها، فاستغلت وسيلة الوسم من قبل المحترفين لخدمة مصالحهم التجارية، عن طريق استعمال مساحته للإشهار 1، فبذلك تطبق عليه جميع أحكام الإشهار التجاري .
و في هذا نجد أن المادة 8 من المرسوم التنفيذي رقم 90ـ 366 [5] تنص على أنه” يمنع ، طبقا للمادة الثالثة من القانون رقم 89-02 ، إستعمال أي إشارة أو أي علامة أو … أو أي أسلوب للإشهار من شأنها أن تدخل لبسا في ذهن المستهلك لاسيما ، حول طبيعة المنتوج و تركبيه و نوعيته الأساسية …”.
و بذلك يعد كل من الإشهار و الوسم ، طريقة من طرق تنفيذ الإلتزام بالإعلام ، الذي يقع على عاتق المهني حسب المادة 4 من قانون 89-02.
البند 2 ـ الإشهار التجاري والإعلام.
الإعلام هو نشر الحقائق و المعلومات و الأخبار بين الجمهور ، بقصد نشر الثقافة و تنمية الوعي السياسي و الإرتقاء بالمدارك [6]، إذ الأصل أن الإعلام لا يهدف إلى الترويج لمنتوجات أو خدمات معينة، و هو أكثر موضوعية من الإشهار التجاري الذي يعتمد على الجانب التأثيري للإقبال على ما يعلن عليه ، لكن مع ذلك الإعلام يتضمن مجموعة من العناصر الأساسية من بينها الإشهار [7] ، و بذلك يعتبر الإعلام أوسع نطاق من الإشهار التجاري الذي يشمله بالضرورة.
الفرع الثالث : صحة البيانات الواردة في الرسالة الإشهارية .
يعمل المعلن في رسائله الإشهارية ، على إمداد المستهلك بالبيانات التي تؤثر على سلوكه و إتجاهاته و ذلك مع إحترام تطابق تلك البيانات مع خصائص السلع والخدمات، مع السعي للحصول على ثقة المستهلك عن طريقها، و من أجل هذه الأخيرة (كسب ثقة المستهلك ) أصبح المعلن يهتم بعلم النفس [8] لدراسة المستهلك، دراسة سلوكية و نفسية قبل تحرير الرسالة الإشهارية ،إذ أن دراسات علم النفس المتعلقة بالمستهلك ، بينت أن الإشهار يرمي إلى تحقيق ستة (6) أهداف و هي ، جلب الإنتباه، إثارة الإهتمام، إثارة الرغبة، الإقناع، الإستجابة و الحركة لتنفيذ الأفكار الواردة في الرسالة الإشهارية [9] .
و إلى جانب التأثير النفسي للرسالة الإشهارية لابد أن يراعي فيها المعلن مبادئ أهمها الصدق و الأمانة متجنبا بذلك تضليل المستهلك، و هذا حسب نص المادة 5 من المشروع، التي نصت على أنه “…إضافة إلى القواعد الأساسية للآداب و الأمانة و الصدق …”، ومع ذلك فإن الإشهار، لا يمكنه أن يكون صادقا بصفة مطلقة، لأنه لا يقول كل الحقيقة، لأن المعلن لا يركز في إشهاره إلا على مزايا السلع و الخدمات، فيبقى على الجمهور تمحيص المعلومات المشهر عنها، و كذا التزود بالوعي و الفطنة عند تلقيه للرسالة الإشهارية .
و حتى المعلن حريص على التعريف بمنتوجه أو خدماته، ولذا يقدم على عرض إشهاره بصفة عقلانية لا إنفعالية [10] و لهذا يحرص على أن يعرف كيف يلفت إنتباه المستهلك حول هذه الأخيرة، يسعى الى إقناعه بها، فيتخذ بذلك قرار لصالحها بالشراء .
الفرع الرابع : لغة الإشهار.
حتى تصل الرسالة الإشهارية إلى المستهلك و ترسخ في ذهنه، لابد من الإعتماد على عبارات بسيطة و سهلة و بلغة يفهمها المتلقي، و في هذا المجال نجد أن إستعمال اللغة العربية يعتبر من أحد رموز السيادة الوطنية و المكرسة في المادة الثالثة من الدستور الجزائري المعدل في 1996 ،والذي إعتبراللغة الأمازيغية لغة وطنية ثانية، و هذا ما نشاهده عبر الوسائل الإعلامية التي تعرض إشهارتها باللغتين العربية و الأمازيغية.
و قد أكد على إلزامية إستعمال اللغة الوطنية في الرسائل الإشهارية المرسوم التنفيذي رقم 74/70 في 03/04/1974 و المتضمن تعميم إستعمال اللغة العربية في الإشهار التجاري [11] ، حيث نصت مادته الأولى على ” أن الإشهار التجاري المنتج و المبث على كافة التراب الوطني يجب أن يكون باللغة العربية مع إمكانية إستعمال لغة أجنبية شريطة ترجمة الرسالة الأصلية أو إستكمالها بدبلجة “، و يتعلق الأمر هنا بجميع الوسائل الإشهارية ، و لكن يمكن أن يستثنى من هذه الأحكام الإشهارية الصادرة في الجرائد التي تصدر بلغة أجنبية فيرخص أن يكون الإشهار باللغة التي تصدر بها الجريدة و هذا ما يتضح لنا من خلال نص المادة 8 من المشروع ” يجب على المعلن أن ينشر إشهاره في جريدة تصدر باللغة التي أعد بها الإشهار”، وحتى دفاتر السندات الإشهارية كالتلفزيون و الإذاعة، تنص على إستعمال اللغة الوطنية في الومضات الإشهارية مع إمكانية الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى للإعلام بإستعمال علامة أو بيانات بلغة أجنبية إذا ما كان ذلك ضروري خاصة لوصف المنتوج أو الخدمة [12] .
وإضافة إلى ما سبق نصت المادة 10 من المشروع على أنه ” كل إشهار تيثه الوسائل السمعية – البصرية في الجزائر ، يجب أن يكون باللغة العربية مع مراعاة أحكام المادة 19 من القانون رقم 91/05 [13]… كما تسري أحكام هذه المادة على الإشهار الخارجي “.
المطلب الثاني : احترام الرسالة الإشهارية للآداب العامة والقيم الأخلاقية
فإلى جانب إلتزام المعلن بمبادئ الصدق و الأمانة في إيصال المعلومات الواردة في الرسالة الإشهارية، و من خلال لغة يفهمها المتلقي لها، فعليه أن يراعي الآداب العامة للمستهلك بإحترام هذا الأخير في أخلاقه و قيمه .
الفرع الأول : إحترام الرسالة الإشهارية للأداب العامة
إن الآداب العامة هي تلك الأسس الأخلاقية التي تهدف إلى حفظ كيان المجتمع، و تشكل الجانب الخلقي
للنظام العام، فهي بذلك جزء لا يتجزأ منه، إذ أن النظام العام فيقصد به مجموعة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع، سواء كانت سياسية، إجتماعية، خلقية أو إقتصادية، و أهم هذه الأسس التي تعد جوهرية هي الأسس الأخلاقية، و نظرا للصلة الوثيقة بين الإشهار و المجتمع إذ هي علاقة تأثير و تأثر ، فإن الإشهار الجيد، هو ذلك الإشهار الذي يترك آثارا حميدة في المجتمع [14]، فعلى المعلن أن يكتفي بإلفات نظرالمتلقي وإهتمامه بمحتوى الرسالة الإشهارية و كذا ترغيبه بالشيء المعلن عنه، وذلك عن طريق الإشهار المهذب و المتخلق .
و في هذا السياق نصت المادة 333 مكرر ق ع ج ، على أحكام مفادها إحترام الآداب و النظام العام ، بنصها على أنه ” يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين و بغرمة من 20.000 إلى 100.000 دج كل من وزع أو أجر أو لصق أو أقام معرضا أو عرض أو شرع في العرض للجمهور… أو وزع أو شرع في التوزيع كل مطبوع أو محرر أو رسم أو إعلان أو صور أو لوحات زيتية أو صور فوتوغرافية أو أصل الصورة أو قالبها أو أنتج أي شيء مخل بالحياء”.
و يمكن حصر المبادئ المتعلقة بإحترام الآداب و الأخلاق و النظام العام إنطلاقا مما سبق وكذا مما نصت عليه المادتين 34 و35 من المشروع فيما يلي :
– نبذ ما هو مخالف للأخلاق و مخل للآداب في الرسالة الإشهارية،
– خلو الإشهار من كل إبتذال ،
– إحترام الإشهار للقيم الوطنية و العالمية،
– عدم إستغلال غفلة و تجاهل المستهلك،
و إضافة إلى ذلك يجب على المعلن حسب المواد من 36 إلى 39 من المشروع ما يلي :
– عدم اللجوء إلى مشاهد عنيفة أو المجازفة قصد تأكيد فاعلية المواد المشهر عنها في الإعلانات الإشهارية أو يشجع على الخرافات و الشعوذة، حسب المادة 36 من المشروع .
– ألا يتضمن الإشهار الموجه للأطفال و القصر أية مشاهد أو صور يمكنه أن تلحق بهم ضرر أو أن تدعو للمجازفة لتأكيد فاعلية المواد المشهر عنها .
– ألا يتضمن الإشهار في استعمال صورة المرأة أية إشارة تلحق بها ضررا أو تمس بمقامها و سمعتها
و كرامتها.
– و أخيرا يجب ألا يستعمل الإشهار الزوجي لغرض المعاشرة و الإرتباطات اللاشرعية التي تتنافى و القيم الأخلاقية و الدينية للمجتمع و ألا يتضمن إشارات تخل بالآداب العامة .
و تجدر الملاحظة، أنه على فرض أن الرسالة الإشهارية احتوت على مشاهد للجنوح و الفسوق، فإن الوسائل الإشهارية ذاتها تمتنع عن بث مثل هذه الإشهارات، إذ أن المديرية التجارية للتلفزيون مثلا لها السلطة التقديرية في ذلك، هذا إضافة إلى رقابة المجلس الأعلى للإعلام الذي يحرص على إحترام المبادئ السالفة الذكر .
الفرع الثاني : إحترام الرسالة الإشهارية للقيم الأخلاقية و الإجتماعية
أما القيم ، فهي مجموعة من المتغيرات الإجتماعية التي تحكم علاقات المستهلكين فيما بينهم،والتي تتبلور في إطارها علاقتهم بالإشهار و نظرتهم إليه، فبذلك سلوك المستهلك إزاء إشهار معين تتأثر بجملة من المؤثرات الداخلية بمعية المؤثرات الخارجية الناتجة عن تعامله مع أفراد المجتمع [15]، و لذلك فإن للإشهار دور أساسي في التعبير عن قيمنا الأخلاقية و الإجتماعية ، والتي تختلف من جماعة لأخرى و لذلك يسعى المعلن للبحث عن نقطة تطابق هذه الأخيرة من حيث الأراء و القيم، ثم يجسدها في رسالته الإشهارية التي تحقق الهدف المرجو منها و هو إقناع المستهلك، و دفعه لإقتناء السلع و الخدمات، دون أن يخدش القيم الأخلاقية و الإجتماعية [16].
والحرص على الحفاظ على القيم الأخلاقية للمجتمع الجزائري التي تختلف عن تلك السائدة في المجتمعات الأخرى ، أكدت عليه المادة 58 من المشروع بنصها على أنه ” يخضع الإشهار المستورد و المعد للبث في الجزائر، الى نفس الأحكام المتعلقة بالإشهار المعد و المبث في التراب الوطني “.
و المقصود من عبارة ” نفس الأحكام “تلك الأحكام المنصوص عليها في المشروع ، و التي من شأنها أن تمنع تضليل المستهلك حول السلع و الخدمات المعلن عنها أو من شأنها المساس بصحته و مصالحه المادية و كذا بأخلاقه، وهذا كله راجع إلى كون القيم الأخلاقية السائدة في المجتمع الجزائري تختلف عنها في المجتمعات الأخرى .
وفي الأخير، نخلص الى أنه بالنسبة لمحتوى الرسالة الإشهارية، يجب أن يكون مطابق للحقيقة و في حدود إحترام الأشخاص و الإستيحاء، و بالتالي الرسالة الإشهارية يجب أن تكون خالية من التفريق و التمييز العنصري أو الجنسي، و تكون خالية من العنف، وأن لاتحتوي على عناصر بطبيعتها تكون منافية للإعتقادات الدينية ، الفلسفية و السياسية .
كما يجب أن لا تكون الرسائل الإشهارية ناقصة أو غامضة أو مضخمة، كي لا تؤدي إلى تغليط المستهلك و هذا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وأن لايستغل من خلالها نقص التجربة أو صغر سن و سذاجة الأطفال و المراهقين، و أن تكون محترمة لشخصية الطفل و غير مضرة لنموه و تفتحه الفكري .
المطلب الثالث: الحصول على ترخيص مسبق في بعض الإشهارات التجارية
إضافة إلى إشتراط أن تكون الرسالة الإشهارية للمعلن إعلامية، و بلغة يفهمها المستهلك و ضرورة إحترام الآداب العامة و القيم الأخلاقية و الاجتماعية، و بالتالي الامتناع عن بث كل ما من شأنه الإساءة لأخلاق المتلقي، يخضع الإشهار لشرط آخر لابد من مراعاته و هو الحصول على ترخيص مسبق، وذلك لممارسة بعض الإشهارات التجارية، إذا ما تعلق الإشهار بسلعة معينة، أو رغب المعلن في الإستناد إلى لغة أجنبية لتكملة نصه الإشهاري أو رغب ببث رسالته الإشهارية من خلال الإشهار الخارجي في أماكن محددة .
الفرع الأول : في حالة كون محل الرسالة الاشهارية سلعا معينة
و المنتوج الوحيد الذي يخضع إلى الترخيص المسبق يتمثل في المواد الصيدلانية ، حيث نصت المادة 6 من المرسوم التنفيذي رقم 92-286 [17]، المتعلق بالإعلام الطبي و العلمي حول المواد الصيدلانية ذات الإستعمال في الطب البشري، على ضرورة حصول المعلن على ترخيص مسبق من وزير الصحة العمومية ، بعد أخذ رأي موافق من لجنة مراقبة الإعلام الطبي و العلمي حول المواد الصيدلانية، و على المعلن الراغب في الحصول على تأشيرة بالنسبة للمواد الصيدلانية، تقديم مشروع عن الرسالة الإشهارية الى الجهة المختصة، ومدة التأشيرة حسب المادة 9 منه هي 5 سنوات، ويمكن لوزير الصحة العمومية سحبها من المستفيد بنفس الطريقة التي منحت له، وذلك بعد تمكين المعني من تقديم ملاحظاته في خلال 30 يوما من تبليغه بقرار السحب.
و إن كان هذا المرسوم نظم الترخيص المسبق بصفة واضحة في فصل بكامله و هو الفصل الثاني المعنون ” التأشيرة للإشهار ” فإن مشروع قانون الإشهار لسنة 1999 إكتفى بمادة وحيدة ألا و هي المادة 53 منه التي نصت على أنه ” يخضع كل إشهار يتعلق بالأدوية، والأجهزة الطبية و العلاجية، و مؤسسات العلاج
و العلاجات الطبية، و المنتوجات و الطرق التي لها تأثيرات على الصحة إلى تأشيرة تمنحها السلطات المؤهلة في آجل أقصاه أسبوعا من تاريخ تقديم الطلب “.
الفرع الثاني : في حالة إستعمال لغة أجنبية تكملة للنص الإشهاري
و إن كان الأصل أن الرسالة الإشهارية تكون باللغة الوطنية كما سبقت الإشارة إليه، إلا أن المشرع الجزائري سمح للمعلن بإستعمال اللغة الأجنبية في نصه الإشهاري شريطة أن تكون مكملة للنص العربي
و ذلك كأن يذكر كلمات لا يجد لها مرادفا ملائما باللغة الوطنية، أو كأن يذكر كلمات تعود الجمهور على إستعمالها في الحياة اليومية سواء كانت إسما أصليا أو علامة تجارية لسلعة ما [18] .
و من أجل إستعمال اللغة الأجنبية تكملة للنص الإشهاري لابد من أن يحصل المعلن على ترخيص مسبق، حسب المادة 19 من قانون 91-05 السالف الذكر، و لكنها لم تحدد الجهة المختصة بمنح هذا الترخيص، غير أن المادة 6 /2 من قانون 90/07 المتعلق بالإعلام، منحت هذا الإختصاص للمجلس الأعلى للإعلام ،إذ نصت ” غير أنه يمكن إصدار النشريات الدورية المخصصة للنشر و التوزيع الوطني أو الدولي أو النشريات المتخصصة باللغات الأجنبية، بعد إستشارة المجلس الأعلى للإعلام “، وبالتالي يمكن أن نقيس عليه ونقول أن نفس الجهة المذكورة في هذه المادة مختصة بمنح الترخيص لإستعمال اللغة الأجنبية تكملة للنص الإشهاري..
أما فيما يخص مشروع قانون الإشهار لسنة 1999، إكتفى بالإحالة إلى قانون91-05 ، عبر مادته العاشرة
و لم يتضمن مادة خاصة بالترخيص المسبق لإستعمال اللغة الأجنبية في الرسالة الإشهارية.
الفرع الثالث : في حالة ممارسة الإشهار الخارجي في أماكن محددة .
إن الإشهار الخارجي هو كل إشهار يتم بواسطة الملصقات، اللافتات و اللوحات الثابتة و الموجهة و المتنقلة و المضيئة و كل الدعائم الإشهارية المتنقلة و كذا الإشهار الصوتي عبر الطريق العمومي إلى جانب الكتابات و الرسوم على الجدران .
و في ظل الأمر 68/78 ، المتعلق بتأسيس الإحتكار الخاص بالإشهار التجاري[19]، فإن الإشهار الخارجي عن طريق الملصقات محتكرا من طرف الوكالة الوطنية للنشر و الإشهار إلى جانب الجماعات المحلية و المنظمات الوطنية و الجمعيات الرياضية و الثقافية ، و اللوحات و اللافتات المعدة للملصقات هي ملك للبلديات و إستعمالها يكون من طرف الوكالة الوطنية للنشر و الإشهار، و كذا الهيئات العمومية المحلية
و ذلك بموجب عقد بعوض محدد المدة و قابل للتجديد [20].
وأكدت المادة 05 من الأمر رقم 67-279 [21]،على أن هذا النوع من الإشهار، يكون من إختصاص الوكالة الوطنية للنشر و الإشهار،التي يمكن لها أن تصنع أو تمتلك أو تستأجر اللوحات أو الأمكنة الصالحة للإشهار وهذا كله كان إلى غاية صدور قانون 88-01 في 01/01/1988، الذي جعل هذه الوكالة مؤسسة تخضع للقانون التجاري، أين أصبح من الممكن ممارسة الإشهار الخارجي من طرف الوكالات الإشهارية المتخصصة إلى جانبها، و هذا ما نستشفه من خلال المادة5/1 من المشروع ، و لكن و نظرا للإمكانيات القليلة للوكالات الخاصة فإن أغلبية اللوحات الثابتة و اللافتات بقيت ملكا للوكالة الوطنية للنشر و الإشهار .
و الأصل أن ممارسة الإشهار الخارجي، لا يخضع للترخيص المسبق، و لكن إستثناء إذا ما تعلق الأمر بحماية مستعملي الطريق في سلامتهم الجسدية من حوادث المرور، يشترط القانون ضرورة الحصول على ترخيص مسبق لإقامة لوحات معينة في أماكن محددة من الطريق.
و يمنح الترخيص إما من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي ،إذا كان الطريق محليا أو داخليا، أو من طرف الوالي إذا كان الطريق عموميا أو سريعا و أخيرا يمنح من طرف وزير الداخلية إذا تعلق الأمر بالطريق الوطني .
كما يكون بث الإشهار الخارجي بناء على ترخيص مسبق إذا تعلق الإشهار بالأماكن الأثرية، و هذا راجع إلى أنه أصلا يمنع بث أي إشهار تجاري في مثل هذه الأماكن، و لكن إستثناءا يسمح به لكن بشرط الحصول على ترخيص مسبق من الوزير المكلف بالثقافة و هو ما تنص عليه المادة08 من قانون رقم 98-04 المتعلق بحماية التراث التقافي [22]و هذا للحفاظ على البيئة و التراث التقافي .
للمبحث الثاني : القيود الواردة على الإشهارات التجارية
إضافة إلى الشروط التي تطرقنا إليها في المبحث الأول بالنسبة للإشهارات التجارية بصفة عامة و التي تكون مسموح بها قانونا، فقد منعت بعض الإشهارات التجارية، عن طريق نصوص قانونية عامة أو خاصة، و هو ما يسمى بالإشهارات التجارية المحظورة، يمكن حصرها أساسا في حظر الإشهار المضلل ( مطلب1) حظر الإشهار حول بعض السلع و الخدمات ( مطلب 2) .
المطلب الأول : حظر الإشهار المضلل
إن حظر الإشهار المضلل تناولته المواد من 41 إلى 44 من المشروع، عندما نصت على تجريم الإشهار المضلل الذي يؤثر في معنويات المستهلك، و هذا حماية للمتلقي بصفة عامة و المستهلك النهائي بصفة خاصة، والتضليل في الإشهارات التجارية يتم، إما عن طريق الكذب ( فرع 1)، و إما عن طريق المقارنة الغير مشروعة ( فرع2) وأخيرا يتم عن طريق الغموض في النص الإشهاري( فرع 3).
الفرع الأول : الإشهار الكاذب
الكذب لغة هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه في الواقع ، فهو زعم مخالف للحقيقة [23] أي ضد الصدق ،و في الحقيقة الإشهار يصعب أن يكون صادقا بالكامل إذ يكتفي المعلن في رسالته الإشهارية بذكر مزايا السلعة أو الخدمة فقط دون عيوبها ،و لكن مع ذلك فالإشهار يجب أن يكون صادقا في الحدود الممكن إنتظارها من المعلن ، دون كذب أو غش [24]،إذ أنه إذا لم يكن محتوى الرسالة الإشهارية صادقا ، فإ هذه الأخيرة تكون كاذبة، وقد أشارت اليه الفقرة الأولى ـ ثالثا من دفتر الشروط التجارية للتلفزة الوطنية
و الإشهار الكاذب قد يكون في ذات المنتوجات و الخدمات ، كما قد يكون خارجا عنها
البند 1ـ الإشهار الكاذب في ذات المنتوجات والخدمات .
و هو كل كذب يمس المكونات و الأنواع و الخصائص الجوهرية و النتائج المتوقعة و الكمية ، و تاريخ الصنع و المصدر و كذا المنشأ،و هذا الإشهار الكاذب قد ينصب على منتوجات غير موجودة أصلا ، فوجود المنتوجات أو الخدمة ضروري للعملية الإشهارية، و قد نص على هذه الصورة القانون الفرنسي لعام 1973 في مادته 44 ، و مثال ذلك إشهار حول محلول الشعر تحت عنوان إسترجع شعرك، الذي يفهم أن من يستعمل هذا المحلول يسترجع شعره بنسبة 100 % فهذا الإشهار كاذب، لأن التطور العلمي إلى يومنا هذا لم يكشف دواء ضد الصلع.3
وحسب المادة 03/2 من قانون 89-02 ، فإنه يجب أن يستجيب المنتوج و/ أو الخدمة للرغبات المشروعة للإستهلاك لاسيما فيما يتعلق بطبيعته، صنفه، منشأه، مميزاته الأساسية، تركيب و نسبة المقومات اللازمة له هويته و كمياته، كما ينبغي أن يستجيب المنتوج و/ أو الخدمة للرغبات المشروعة للمستهلك فيما يخص النتائج المرجوة و أن يقدم المنتوج وفق مقاييس تغليفه، وأن يذكر مصدره، تاريخ صيغه، التاريخ الأقصى لإستهلاكه، كيفية إستعماله، الإحتياطات الواجب إتخاذها من أجل ذلك و عمليات المراقبة التي أجريت عليه وإذا خالف المهني “المعلن” هذا الإلتزام بان قدم إشهار تضمن كذب حول تلك العناصر، فإنه يكون أمام خداع أو محاولة خداع للمستهلك في طبيعة السلعة أو المنتوج .
البند 2 ـ الإشهار الكاذب خارج ذات المنتوجات و الخدمات ، الذي قد ينصب أساسا على :
1)-الدافع إلى التعاقد : كإلهام الجمهور بأنه سوف يحصل على شروط إستثنائية، إن هو إقتنى المنتوج أو الخدمة ، كالإشهار عن تخفيض ثمن السلع و الخدمات، و ذلك فقط بهدف تغليط المستهلك، إذ الحقيقة أن ثمنها أكثر بكثير عن الثمن المعلن عنه،إضافة الى مصاريف أخرى .
2)-إلتزامات المعلن :و ذلك كأن ينصب الكذب على التسليم أو على الضمان، مثلا كأن يعلن صاحب معرض السيارات أن التسليم فوري و عند التعاقد يتبين أنه لا يتم في الحال،ثمن المعلن عنه، فإلتزامات المعلن إذا تعتبر من أكثر الإلتزامات التي تكون محل إشهار كاذب .
3)- البيانات المتعلقة بالمعلن
و ذلك بأن يلجأ المعلن إلى إنتحال صفة معينة لدفع المتلقي للرسالة الإشهارية إلى الثقة فيه، أو يزعم حصوله على شهادات أو تأهيل أو خبرة خاصة، أوكان يشهر المعلن حصوله على جائزة في حين أنه كان مترشحا لها فقط ، أو يزعم حصول منتوجاته على علامة من الجودة1 .
فالإشهارات الكاذبة بصفة عامة ، يعود منشأها إلى تصرفات مفرطة للتجار الذين يبحثون عن الزيادة في عدد الزبائن بتصرفات مخادعة تغليطية.
و إن كان الدين و الأخلاق يدينان الكذب مطلقا، فإن القانون لا يرتب آثارا مدنية أو جزائية عليه، إلا إذا بلغ حدا معينا يمس بالعلاقات الإجتماعية، غير أن مشروع قانون الإشهار لسنة 1999 إعتبره جريمة مستوفية لجميع أركانها ألا و هي جريمة الإشهارالكاذب ـ موضوع دراسة في الفصل الثاني ـ
الفرع الثاني : الإشهار المقارن.
إضافة إلى لجوء المعلن إلى الكذب في رسائله الإشهارية مما يؤدي إلى تضليل المتلقي لتلك الرسالة، فإنه قد يتم تضليل هذا الأخير كذلك عن طريق مقارنة المعلن لسلعه و خدماته بسلع و خدمات المنافس له ، بصفة تخلق الشك والخلط عليه حول هذه الأخيرة [25] .
و المقارنة لغة هي استخراج وجه الشبه و الاختلاف الموجود بين شخصين أو شيئيين، أما إصطلاحا فقد عرفته المادة 42 /2 من المشروع، على أنه ” يعد الإشهار مقارنا ” إذا ذكر منتوجين، أو سلعتين، أو علامتين، أو خدمتين، أو إسمين، أو تسميتين، أو صورتين، أو إشارتين، و قارن بينهما بغرض الإستخفاف بإحديهما بصفة مباشرة ” .
و ذلك بأن يعمل المعلن على تبيان محاسن و مزايا سلعه و خدماته على حساب السلع و الخدمات المنافسة لها، مما يخلف الشك في نفس المستهلك حول هذه الأخيرة ، فيتخذ بعدها قرار الشراء لصالح المعلن دون المنافس صاحب السلع والخدمات التي كانت محال الإشهارالمقارن .
و رغم ذلك نجد هناك من يؤيد الإشهار المقارن، و لكن تعلقه على شرط عدم تضليل المستهلك، و من بينها الولايات المتحدة الأمريكية و إنجلترا، و هذا على أساس أنه يزود المستهلك بمعلومات أكثر حول صفات و ميزات السلع والخدمات، مما يمنحه حرية أكثر على الإختيار فيما بينهما، كما أن ذلك يشجع التنافس فيما بين المهنيين، لتقديم أفضل مالديهم من حيث الجودة و الأثمان .3
وحسب المادة 42 من المشروع ، فأن الإشهار المقارن ينصب على عنصرين أساسين ألا و هما :
– محل المقارنة إذ المعلن يقارن ، إما بين سلعتين و إما بين خدمتين .
– عناصر المقارنة : إن المعلن لما يقارن بين سلعتين أو خدمتين ، فإنه ركز على عناصر معينة في مقارنته، والتي تتمثل في، العلامة، إلإسم، الصورة، أوالإشارة .
أما بخصوص حكم الإشهار المقارن، فإن المادة 42 في فقرتها الأولى نصت على أنه ” يمنع الإشهار المقارن ” ، مما يفهم أن الإشهار المقارن محظور مهما كان شكله، و لكن من خلال الفقرة الثانية، يتضح أن الإشهار المقارن يكون محظور إذا كان الهدف منه هو الإستخفاف بسلع و خدمات الغير المنافس للمعلن، مما قد يفهم أنه إذا كان الإشهار المقارن لايهدف الى الإستخفاف فهو جائز،إذ أن المعلن من خلال الإشهار المقارن لا يهدف دائما إلى الإستخفاف بسلع و خدمات منافسه، و إنما يسعى فقط إلى التمييز بين سلع و خدمات هذا الأخير لصالح منتوجاته و خدماته ، و لكن بإفراطه في التمييز بينهما قد ينتج عنه قدح لمنتجات و خدمات الغير، فيخلف بذلك لبسا في ذهن المستهلك .
وقد يتم الإشهار المقارن غير المشروع عن طريق الحط من قيمة سلع أو خدمات الغير المنافس بإظهار عيوبها على حساب ذكر محاسن و مزايا ما تم الإعلان عنه ،مما ينتج عنه تشويه سمعة السلع أو الخدمات المنافسة أو تلطيخ سمعة المؤسسةالمنتجة لها [26]، و الإستخفاف بالمنافس قد يتم مباشرة، أو بصفة غير مباشرة بحيث يمكن للجمهور أن يتعرف على المنافس دون ذكره بصفة شخصية .
الفرع الثالث: الإشهار الغامض .
إن مشروع قانون الإشهار لسنة 1999 و الى جانب الإشهارالكاذب و المقارن ، ذكر الإشهار الغامض في المادة 43 التي نصت على أنه ” يمنع الإشهار الذي يحدث غموضا في ذهن المستهلك بخصوص طبيعة
و طريقة الإنتاج و التركيبات الأساسية و مصدر أي مادة تكون موضوع الإشهار “.
فبذلك يكون على المعلن أن يلتزم الوضوح في رسائله الإشهارية حتى يتجنب أحداث غموض في ذهن المستهلك ، وحسب هذه المادة فالإشهار الغامض هو محظور، وأكدت على ذلك المادة 44 من نفس المشروع عندما رتبت عليه نفس العقوبة المفروضة على جريمتي الإشهار الكاذب والمقارن، والذي نرجع إليه في الفصل الثاني.
المطلب الثاني : حظر الإشهار التجاري حول بعض السلع
إن بعض السلع بسبب الآثارالتي تنتج عن إستعمالها أو إستهلاكها، أو حتى إنتاجها،أو بسبب نظامها القانوني الخاص، تخضع إلى تنظيم قانوني خاص يمتد إلى حد المنع من الإشهار، و هذا حماية للمستهلك في صحته و مصالحه المادية، و من ثم التقليل من إستهلاك المنتوج الضار للصحة، و من أهم المنتوجات التي يمنع الإشهار التجاري حولها نجد التبغ و الكحول ( فرع1)، إضافة إلى المواد الصيدلانية (فرع2) .
الفرع الأول : حظر الإشهار التجاري حول الكحول و التبغ
أولا : للمشروبات الكحولية .
إن المحلات التي تعيش من مدا خيل الخمور، سواء منتجيها أو موزعيها، تسعى جاهدة إلى تحرير الإشهار في مادة المشروبات الكحولية، غير أن التزامات الصحة العمومية و حماية الشبيبة و كذا تكاليف العلاج الناتجة عن الأمراض بسبب الإدمان على المشروبات الكحولية، فإن السلطات العمومية و حرصا على الصحة العمومية ومحاربة الإستهلاك و الإدمان، فهي تسعى إلى المنع من خلال التنظيمات العديدة ، وذلك بدأ بالمرسوم التنفيذي رقم 75-26 الصادر في 29/04/1975 و المتعلق بقمع السكر العام و حماية القصر[27] إضافة إلى المرسوم التنفيذي رقم 65-139 المؤرخ في 03/05/1965 و المتعلق برخص فتح محلات إستهلاك المشروبات الكحولية و كذا الأمر رقم 76-06 في 20/02/1976، المتضمن قانون الكروم
و الخمور [28]، غير أن النص الوحيد الذي نص صراحة على الإشهار التجاري حول الكحول يتمثل في القانون المتعلق بحماية و ترقية الصحة العمومية رقم 85/05 الصادر في 16/02/1985 [29] ، وذلك من خلال الفصل الرابع المتعلق بالوقاية و محاربة الأمراض المعدية و المنتشرة و الآفات الإجتماعية ، الذي نص على إستهلاك المواد الكحولية و الإشهارحولها، إذ نصت المادة 65 منه صراحة على أن ” الإشهار حول التبغ
و الكحول محظور “، و هذا مهما كان الوسيلة الإشهارية التي تقوم ببثه، سواء عبر التلفزيون أو الإذاعة المسموعة أو اللافتات الموضوعة على المحلات التي تباع فيها هذه المواد، و يعد ممنوعا الإشهار التجاري حول المشروبات الكحولية ، سواء تم ذلك بصفة مباشرة أو بصفة غير مباشرة .
كما أن مشروع قانون الإشهار لسنة 1999 تطرق هو الآخر إلى الإشهار بالنسبة للمشروبات الكحولية ، في مادته 54 بنصها ” يمنع الإشهار المباشر للعلامات و الرموز الإشهارية … و المشروبات الكحولية مهما كانت الدعائم الإشهارية ” و كأن الإشهار غير المباشر غير ممنوع ، في حين يتضح لنا من محتوى المادة 83 من مشروع المرسوم التشريعي حول الإشهار لسنة 1992، أنه يحظر الإشهار حول المواد الكحولية تحت أي شكل من الأشكال أي سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة .
ثانيا : التبغ .
نظرا للأضرار الجامة للتدخين على الصحة، صدر في فرنسا بتاريخ 08/07/1976 القانون المتعلق بمحاربة التدخين، الذي جاء ليحد بصفة واسعة سبل الحث على التدخين عن طريق وسائل وقائية و إعلامية تحسيسية و كذا عن طريق الحد و التحليل من وسائل الإشهار المباشرة أو غير المباشرة التي من شأنها أن تروج و ترقي بمنتوجات التبغ و تشجع على التدخين، كما أن القانون الفرنسي المؤرخ في 10/01/1991
و المتعلق بمحاربة التدخين و الإدمان على المشروبات الكحولية، الذي جاء للحد من الإشهار و ترقية البيوع بخصوص مادتي التبغ و المشروبات الكحولية [30] .
أما في الجزائر فإن النص الوحيد ـ بإستثناء المشاريع التمهيدية المتعلقة بقانون الإشهار ـ الذي نص صراحة على الإشهار التجاري حول التبغ، يتمثل في قانون 85 ـ 05، بحيث نصت المادة 65 ” الإشهار حول التبغ … محظور “، و هذا مهما كانت الدعائم الإشهارية و تحت أي شكل من الأشكال. و في إطار محاربة التدخين على الصانع لمادة التبغ ، أن يضع عبارة ” التدخين مضر للصحة ” على أغلفة علبة السجائر و يذكر رقم قانون 85/05 الذي يتضمن المواد التي تنص على إستهلاك و توزيع مواد التبغ بصفتها ضارة للصحة العمومية .
أما مشروع قانون الإشهار لسنة 1999، فقد نص على أنه ” يمنع الإشهار المباشر للعلامات و الرموز الإشهارية للتبغ و منتوجات التبغ مهما كانت الدعائم الإشهارية “،هذا على خلاف المشروع التمهيدي لقانون الإشهار لسنة 1992، الذي خصص بابا كاملا و هو الباب الخامس الوارد تحت عنوان ” الإشهارات الخاصة ” لمعالجة الإشهار في مادتي التبغ والكحول .
الفرع الثاني : حظر الإشهار التجاري حول المواد الصيدلانية
نظرا لكون الأدوية عادة تكون موضوع تعويض عن طريق صناديق الضمان الإجتماعي، فإن الدولة تراقب إستهلاك و طرق الحث على إستهلاكها، كما أن تأثير الإتحاد الأوروبي على الدول الأعضاء أفرز في فرنسا صدورالقانون رقم 94/43 في 18/01/1994 الذي تضمن التعليمات الأوروبية المتعلقة بالإشهار بالأدوية ، أما في الجزائر فنجد القانون رقم 85//05، هو الذي أشار إلى المواد الصيدلانية و الأحكام المتعلقة بها ، إذ المادة 169 منه على أن ” … المواد الصيدلانية نعني بها : الأدوية، المفاعيل البيولوجية، المواد الكيميائية، تركيب الجالينوس الطبية، و أدوات الضمادة، و المواد الأخرى اللازمة في الطب الإنساني
و الحيواني ” .
فالإشهار التجاري بالنسبة للمواد الصيدلانية غير مسموح به إلا في الحالة التي يكون فيها الدواء غير خاضع لتحريروصفة طبية و أن لا يكون معوض عنه من طرف صندوق الضمان الإجتماعي، و قد نظم ذلك المرسوم التنفيذي رقم 92-286 في الفصل الثالث تحت عنوان ” الإعلام و الترقية الموجهة للجمهور”،إذ نصت المادة 13 منه على أنه ” يمنع الإعلام و الترقية لصالح الجمهور حول المواد التي :
– لا يمكن الحصول عليها إلا بوصفة طبية .
– تحوي على مخدرات أو مواد من عقاقير تؤثر في الحالة النفسية و لو بمقادير معفاة .
– مخصصة لمعالجة : السرطان، السل، الأمراض الجنسية المتنقلة كا AIDS ، قلة النوم، العقم، ….”
و فيما عدا ذلك، فإن الإشهار مسموح به و لكن بشرط حصول المعلن على تأشيرة مسبقة من طرف وزير الصحة بعد أخذ رأي موافق من لجنة المراقبة العلمية و الطبية للدواء، و هذا حسب ما جاء في القسم الثاني من الفصل الثاني تحت عنوان” تأشيرة الإشهار” من قانون 85/05 [31]، إذ تنص المادة 10 منه على أنه ” لا تمنح التأشيرة، إلا لقاء تقديم جميع عناصر الإشهار وفق ما يجب أن ينشر عليه ” والرسالة الإشهارية بالنسبة للدواء يجب أن تكون مرفوقة برسالة تحذير و أخذ الحيطة و الحث على اللجوء إلى الطبيب المختص في حالة عدم زوال الأعراض مع التذكير أن الأمر يتعلق بالدواء [32] .
الملاحظ أنه عادة ما تكون الحملات الوقائية، حملات ذات منفعة عامة، تخدم الصحة العمومية، و هدفها ليس الإشهار التجاري، و تكون مجانية على مستوى كل الوسائل الإشهارية، وهي منجزة من طرف وزارة الصحة و تخص التلقيح و الوقائية من الأمراض المعدية .
كما نجد أن مشروع قانون الإشهار لسنة 1999 عالج موضوع الإشهار التجاري حول المواد الصيدلانية ،
و ذلك في المادة 53 منه بنصها على أنه ” يخضع كل إشهار يتعلق بالأدوية و الأجهزة الطبية و العلاجية
و مؤسسات العلاج و العلاجات الطبية و المنتوجات و الطرق التي لها تأثيرات على الصحة ، إلى تأشيرة تمنحها السلطات المؤهلة في أجل أقصاه أسبوعان ، من تاريخ تقديم الطلب ” .
هذا كله بالنسبة للإشهار الموجه لجمهور المستهلكين في مجال المواد الصيدلانية، أما عن الإشهار الذي يكون موجه إلى المختصين في قطاع الصحة فهو مسموح به، و لكن بشرط أن يتضمن الإشهار المعلومات الضرورية المتعلقة بالمنتوج.
وقد أشارت المادة 169 من قانون 85 ـ 05 الى الطب الحيواني وهو المنظم بالقانون رقم 88-08 [33]، إ ذ من خلال المادة 42 و43 منه يتضح لنا بأن الإشهار حول الأدوية البيطرية ممنوع بالنسبة للأدوية الغير المرخص بها للعرض في السوق، وكذا بالنسبة للأدوية التي يشترط فيها تحرير وصفة طبية من طرف طبيب بيطري مؤهل، وأن لا يظهر من خلاله أن الفحص يعتبر ثانوي و غير ضروري، و بالتالي يكون الإشهار حول الأدوية البيطرية التي لا تتطلب تحرير وصفة طبية من طرف بيطري مسموح به ما دام الدواء مرخص به للبيع ، هذا بالنسبة للإشهار الموجه للجمهور، كما أن 47 من المرسوم التنفيذي رقم 90/240 [34] نصت على أن الإشهار بالنسبة للأدوية البيطرية مسموح لدى الأشخاص المؤهلين لتوزيعها، و إشترطت المادة 49 منه أن يتضمن الإشهار على الأقل البيانات و المعلومات الآتية :
– إسم الدواء ،
-إسم و عنوان المسؤول عن عرض الدواء للبيع في السوق ، أو إسم و عنوان الصانع ،
– التركيبة ، الكمية بالأسس المتفاعلة ،
– ترتيب الإختصاص بالنظر إلى نظام المواد المتسممة ،
– رقم و تاريخ رخصة العرض للبيع في السوق،و التعليمات العلاجية و الآثار المضادة أو العكسية ، كما نصت المادة 50 منه ” أن الإشهار مهما كان شكله بالنسبة للأدوية المسهلة للكشف، الوقاية أو علاج الأمراض المعدية الحيوانية و الملزم التصريح بها، فهنا يخضع الإشهار إلى رخصة خاصة مسبقة من وزارة الفلاحة”.
المطلب الثالث : حظر الإشهار التجاري حول بعض الخدمات
عرفت المادة 2/4 من المرسوم التنفيذي رقم 90/39 الخدمة على أنها ” كل مجهود يقدم ماعدا تسليم منتوج و لو كان هذا التسليم ملحقا بالمجهود المقدم أو دعما له “، و تفسر كلمة مجهود بالأداء لتشمل جميع أنواع الأداءات سواء كانت ذات طبيعة مادية كإصلاح الأعطاب أو مالية كالتأمين أو فكرية كالعلاج الطبي
و الإستشارات القانونية، وإن كانت الخدمات مما يجوز الإشهار التجاري فيها، إلا أن البعض منها لا يجوز أن تكون محل إشهار تجاري، و من بين أهم تلك الخدمات نجد مهنتي المحاماة( فرع 1)، والطب( فرع 2 )
الفرع الأول : مهنة المحاماة
تنظم مهنة المحاماة بموجب القانون رقم 91-04 المؤرخ في 18 جانفي 1991 [35] ، إذ تنص المادة 78 منه على أنه ” لا يجوز للمحامي أن يسعى في جلب الموكلين أو القيام بالإشهار لنفسه .
كل إشهار يتم القيام به أو قبوله يهدف أو يؤدي إلى إلفات أنظار الناس قصد إستفادتهم من شهرته المهنية ممنوع منعا باتا ” ، فبذلك يكون المشرع نص صراحة على حظر الإشهار المتعلق بالخدمات التي يمكن للمحامي أن يقدمها لزبائنه .
الفرع الثاني : مهنة الطب
إن ممارسة مهنة الطب تخضع للمرسوم التنفيذي رقم 92-276 المؤرخ في 06 يوليو 1992 ، المتضمن مدونة أخلاقيات الطب [36] ، بحيث نصت المادة 20 منه على أنه ” يجب أن تمارس مهنة الطب و جراحة الأسنان ممارسة تجارية ، و عليه يمنع كل طبيب أو جراح أسنان من القيام بجميع أساليب الإشهار المباشرة أو غير المباشرة ” ، فبذلك يكون المشرع قد نص صراحة على حظر الإشهار حول كل الخدمات التي يمكن للطبيب أو جراح الأسنان تقديمها لزبونه.
الفصل الثاني : الحماية الردعية للمستهلك من الإشهارات التجارية
إن استعانة المعلن أحيانا بالأساليب غير مشروعة للترويج عن سلعه و خدماته، قد يدفع بالمستهلك إلى اقتناءها، و عندما يكتشف هذا الأخير أن ما اقتناه لا يتلاءم مع رغباته المشروعة [37] أو أن ما تلقاه كان ذا قيمة أقل بكثير من الثمن الذي دفعه، تبرز معه ضرورة حماية المتضررين من الإشهارات التجارية، التي من شأنها أن توهم المستهلك بأنها تشبع له حاجاته المشروعة و في حدود إمكاناته المالية، وذلك بفتح المجال أمام المستهلك بأن يسلك الطريق القضائي لدفع الضرر الذي لحقه، و قد يرقى تصرف المعلن في إشهارا ته التجارية إلى درجة جريمة بجميع أركانها، فبذلك يتحرك الحق العام إلى جانب حق المستهلك، فنكون في هذا الفصل بصدد الحماية المدنية(مبحث1)، والحماية الجنائية(مبحث2) للمستهلك من الإشهارات التجارية المضللة .
المبحث الأول : الحماية المدنية للمستهلك من الإشهارات التجارية
إن الحماية المدنية للمستهلك، من الإشهارات التجارية المضللة و التي ألحقت به أضرارا نتيجة للأساليب الغير الشرعية التي استعان بها المعلن، لإقناع المستهلك لاقتناء سلع و خدمات هذا الأخير، تتجسد هذه الحماية من خلال أو لا تكييف الضرر الذي لحق بالمستهلك و ثانيا من خلال معرفة نوع الدعوى بالنظر إلى الشخص الذي له الحق في رفعها ، إضافة إلى الجهة القضائية المختصة .
المطلب الأول: تكيف الضرر اللاحق بالمستهلك
قبل التطرق إلى مسألة تكييف الضرر اللاحق بالمستهلك جراء الإشهارات التجارية ( فرع 2) ، نعرج على نقطة مهمة ألا و هي الطبيعة القانونية للإشهار التجاري ( الفرع 1).
الفرع الأول: الطبيعة القانونية للإشهار التجاري
نصت المادة 59 من القانون المدني [38] “على أن يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن، إرادتهما المتطابقتين دون الإخلال بالنصوص القانونية “، و أضافت المادة 60 \1منه أن ” التعبير عن الإرادة…، كما يكون باتخاذ موقف لا يدع أي شك في دلالته على مقصود صاحبه “، و قد جرت العادة أن يعلن التاجر عن سلعه إما بعرضها على واجهة المحل، أو يقوم بالإشهار عنها عبر وسائل الإعلام المختلفة.
أما الطريقة الأولى فلا تثير أي إشكال إذ أن التاجر يعرض فيها سلعه على واجهة المحل مع بيان سعرها فبذلك يعتبر إيجابا، حيث أفصح من خلاله التاجر عن إرادته بصفة مباشرة، باتخاذه موقفا لا يدع أي شك في دلالته، على اتجاه نيته على بيع السلع المعروضة، إذا ما اقترن بها قبول مطابق من الغير، و يظل الإيجاب ملزما للتاجر، ما لم يعدل عنه، بسحب سلعه عن واجهة المحل قبل إبداء هذا الغير رغبته في التعاقد.
أما الطريقة الثانية، و التي يعبر من خلالها عن الإرادة والتي تتمثل في الإشهار عن السلع و الخدمات عبر وسائل الإشهار، نتساءل حول طبيعتها ما إذا كان الإشهار يعتبر إيجابا و ملزما لصاحبه أم مجرد وسيلة للترويج عن مختلف السلع والخدمات ؟ .
هناك رأي يقول أن الإشهار يعد من قبيل الدعوة للتعاقد، و لكن استقر الفقه على أن الإشهار يعتبر إيجابا باتا و ملزما لصاحبه [39]، و حتى يكون الإيجاب ملزما ، لابد من اقترانه بميعاد صريحا كان أو ضمنيا، و قد يستخلص الأجل من ظروف الحال ، أو من طبيعة المعاملة “، وهذا نستخلصه من المادة 63 من ق م ج .
فالإشهار يعتبر بمثابة إيجاب موجه للجمهور، إذا ما توفرت فيه شروط الإيجاب، بوصفه عرضا باتا بنية إبرام العقد إذا ما لحقه قبول مطابق، وذلك إذا تضمن عناصر وشروط البيع الجوهرية، وبذلك لا يجوز العدول عنه من طرف المعلن خلال المدة المحددة صراحة أو ضمنا لصدور القبول ، و مثال الميعاد الضمني في الإشهارات التجارية، حالة تصريح المعلن أن عرضه يبقى قائما إلى غاية نفاذ الكمية، فبذلك يكون المعلن ملزما بإيجابه في حدود ما لديه من السلع المعلن عنها، فإذا وصل القبول قبل نفاذها ، يكون ملزما به أما إذا وصل بعد نفاذها ، فيعتبر بذلك القبول قد وصل بعد سقوط الإيجاب [40] .
الفرع الثاني : أساس الضرر الذي أصاب المستهلك من الإشهارات التجارية
سبق لنا القول أن الإشهار يعد بمثابة إيجاب بات صادر عن المعلن إذا توفرت فيه شروط الإيجاب ، ومن ثم فالإرادة التي تصدر من المستهلك هي التي تشكل قبول، وكلتا الإرادتين – الإيجاب و القبول – يشترط أن تصدر من ذي أهلية، وأن تكون غير مشوبة بعيب من عيوب الرضا، و من ثم إذا قام المعلن بالترويج عن سلعه و خدماته عن طريق الإشهار، وأوهم بذلك المستهلك بأنها تشبع له رغباته المشروعة، وإذا هو بإقتناءه لها يكتشف بأنها لا تتلاءم مع رغباته المشروعة أو أن ما تلقاه كان ذا قيمة أقل بكثير من قيمة الشيء المعلن عنه، أو إذا تنازل المعلن عن إيجابه بعد إعلان المستهلك عن إرادته، وإذا حدث شيء من ذلك نتساءل عن الحماية المدنية للمستهلك جراء سلوك المعلن ؟، إن الحماية المدنية للمستهلك هنا، يمكن أن نستمدها من القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني ، كما يمكن أن نستمدها من قانون 89 ـ 02.
البند 1 ـ في إطار قواعد القانون المدني .
أولا ـ دعوى إبطال العقد: و لكن على أي أساس يتم تأسيس المطالبة بإبطال العقد ؟ سوف نتولى الإجابة عن ذلك عن طريق تحليل كل عيب من عيوب الرضا على حدا على النحو التالي:
1- الاستغلال : انطلاقا من مفهوم عيب الاستغلال الذي جاءت به المادة 90 من ق م ج، و لأن المستهلك لا يتخذ قرار الشراء بصفة متسرعة و إنما لا يعبر عن قراره، إلا بعد خطوات عدة يمر بها، و أهمها تتمثل في ضرورة شعوره بالحاجة ، ثم يقوم بجمع المعلومات حول السلع التي يرغب باقتنائها، بعدها يقوم بتقييم البدائل، و في الأخير يتخذ قرار الشراء ، ثم يتخذ خطوات أخرى تؤيده في قراره بعد اتخاذه [41]، و لهذا لا يمكن القول أن المستهلك قد تصرف بطيش، وأن المعلن قد استغل حالته النفسية، و من ثم فعيب الاستغلال لا علاقة له بالضرر الذي قد يلحق المستهلك من الإشهارات التجارية .
2 ـ الإكراه: هو عيب يمس الإرادة في عنصر الحرية و الاختيار، وحسب المادة 88 من ق م ج نكون أمام عيب الإكراه بتوافر عنصريه، المادي و المتمثل في استعمال وسيلة للإكراه، يهدد بها الشخص، بخطر جسيم يقع عليه أو على غيره، بحيث تولد هذه الوسيلة الرهبة في نفسه، أما العنصر النفسي هو ذلك الضغط النفسي بغرض الوصول إلى غرض غير مشروع، و من خلال هذا التعريف يتضح لنا أن عيب الإكراه لا علاقة له بالضرر الذي قد يلحق المستهلك من جراء تنفيذه للإشهار التجاري، ذلك لأن الإشهار يعد وسيلة للترغيب بشراء ما أعلن عنه من سلع و خدمات، وليس وسيلة تهديد و ترهيب [42].
3 ـ الغلط : و هو ذلك الوهم الذي يقوم في ذهن الشخص فيتصور الأمور، إما على غير حقيقتها فيكون هو الدافع إلى التعاقد، و إما على غير الواقع فيتوهم أن الواقعة الصحيحة بأنها غير صحيحة أو العكس، وقد نصت عليه المادة 82 من ق م ج، و من خلال هذا التعريف يتضح لنا أن المستهلك قد يقع في غلط لابد للمعلن فيه، فإشهار هذا الأخير صحيح و صادق، وكل ما هنالك أن المستهلك أمورا وجود لها أو على غير حقيقتها، و من ثم عيب الغلط لا علاقة له بالضرر الذي قد يلحق المستهلك من جراء تنفيذه للإشهار التجاري، و مع ذلك قد يطلب إبطال العقد للغلط الجوهري، وذلك إذا ما وقع في صفة للشيء يراها المتعاقدان جوهرية أو يجب اعتبارها كذلك نظرا لشروط العقد ولحسن النية، وكذا إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته إذا ما كانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد
4 ـ التدليس : و قد نصت عليه المادة 86 من ق م ج، و من خلالها يتضح لنا أن التدليس يقوم على عنصرين ، المادي و يتمثل في نشاط إيجابي أو سلبي يقوم به المدلّس و هذا باستعمال طرق احتيالية لتوليد الغلط في ذهن المتعاقد الآخر، فتخفى الحقيقة عنه،أما العنصر المعنوي يتمثل في نية التضليل لتحقيق غرض غير مشروع، فمن خلال مبالغة المعلن في مدح سلعه و خدماته، قد يصل إلى حد الكذب، فهذا عمل إيجابي من شأنه أن يخلق لبسا في ذهن المستهلك أو خداعه، فيكون من حق المستهلك طلب إبطال العقد إذا ما أثبت قيام المعلن بالتدليس[43].
و قد يتحقق الكذب في الإشهار التجاري بمجرد كتمان المعلن عن بيانات حول السلع و الخدمات، بحيث يذكر بعضها و يكتمن عن البعض الآخر، حتى يحمل المستهلك على التعاقد، فلو علم بها هذا الأخير لما تعاقد أصلا، فيكون من حق المستهلك طلب إبطال العقد للتدليس، إذا أثبت أن التدليس الذي مارسه عليه المعلن هو الدافع للتعاقد [44]، وبذلك نخلص إلى أن الإشهار المضلل الذي من شأنه الإضرار بالمستهلك المتعاقد، يمكن أن يكيف على أساس التدليس، و بالتالي يمكن للمستهلك طلب إبطال العقد الذي أبرمه مع المعلن نتيجة التدليس فيعد بذلك العقد قابلا للإبطال، وهو بطلان نسبي يخضع لحكم المادة 99 و 100 ق م ج .
و بالتالي فالمستهلك الذي تضرر من إشهار تجاري كاذب ، يجوز له بوصفه متعاقدا رفع دعوى يطلب من خلالها إبطال العقد للتدليس الذي أعاب إرادته [45]، و هو ما تؤكد عليه المادة 86 من القانون المدني الجزائري. و من آثار البطلان إذا ما تقرر هو إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، و لكن و لكون معظم العقود التي يبرمها المستهلك، محلها سلع أو خدمات استهلاكية، فلا يمكن إرجاع الطرفان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، مما يتوجب معه في هذه الحالة الحكم بتعويض المستهلك عما أصابه من ضرر جراء الإشهار المضلل إلى جانب الحكم ببطلان العقد ، إذا ما طلب بذلك ، و قد يطالب بالتعويض فقط لعدم توفر شروط البطلان ، أو لأن من مصلحته طلب التعويض فقط [46].
ثانيا ـ المطالبة بتنفيذ الالتزام التعاقدي
يمكن للمستهلك لجبر الضرر الذي أصابه بسبب الإشهارات التجارية، المطالبة بالتنفيذ العيني، بحيث يطالب بإلزام المعلن بتسليمه السلع و الخدمات طبقا لما اتفق عليه وأعلن عنه، أو الحصول على قيمة الشيء، و ذلك بالاستناد إلى ما ورد في الإشهار من بيانات، كما أنه في حالة عدول المعلن عن إيجابه بعد إعلان المستهلك رغبته في اقتناء الشيء المعلن عنه، يمكن للمستهلك مطالبة المعلن بتنفيذ التزامه التعاقدي عينا .
ثالثا : المطالبة بفسخ العقد
إذ في حالة إخلال المعلن بالتزامه التعاقدي إزاء المستهلك، يمكن لهذا الأخير المطالبة بفسخ العقد، و إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، و هو ما تنص عليه المادة 119 من ق م ج.
البند 2: في إطار قواعد القانون رقم 89 ـ 02 المتضمن القواعد العامة لحماية المستهلك
إذ في حالة اقتناء المستهلك لسلعة أو تلقيه لخدمة، واكتشف عيب في السلعة أو الخدمة، يكون من حقه مطالبة المعلن بضمان العيوب الخفية، و هو ما نصت عليه المادة 379 من ق م ج، تضمن القانون رقم
89-02 أحكام خاصة عبر نصوصه لضمان حماية فعالة للمستهلك، بشأن سلامة المنتوج المقتنى من أي عيب يجعله غير صالح للاستعمال المخصص له، وهذا حسب المادة 3 من المرسوم التنفيذي رقم
90-266 .5.
ومن اجل ذلك لابد من مراعاة الإجراءات التالية من طرف المستهلك عند تسلم المنتوج :
1 ـ إجراء فحص المنتوج وتجريبه للتأكد من سلامته، وذلك بمجرد تسلمه ، وهذا حسب المادة 9 من قانون 89 ـ 02 ، وأكدت عليه المادة 4 من مرسوم 90 ـ 266 ، ومن خلال هاتين المادتين يتضح لنا أن تجريب
المنتوج يعد أمرا اختياريا للمستهلك، أما بالنسبة للمهني فيعد أمرا إلزاميا إن طلبه هذا الأخير بدليل نص المادة 12 من قانون رقم 89-02 .
2- و عند اكتشاف عيب المنتوج أو الخدمة، على المستهلك اتخاذ إجراءات معينة، و تختلف هذه الأخيرة بحسب ما إذا كان المنتوج منقولا ماديا، أو خدمة، .
أ)- أما إذا تعلق الأمر بالمنقول المادي يتعين عليه تقديم طلب الضمان بمجرد ظهور العيب، و هذا ما تنص عليه المادة 18 /1 من المرسوم التنفيذي رقم 90/266 ، و يتم تنفيذ الالتزام بالضمان من طرف المحترف حسب المادة 5 منه إما بإصلاح المنتوج، أو استبداله أو رد ثمنه، أما إن قدم المستهلك طلب الضمان و لم يستجيب له المحترف، يوجه له إنذار، و إذا لم ينفذ المحترف مع ذلك التزامه بالضمان، أمكن للمستهلك رفع دعوى الضمان إلى المحكمة المختصة في أجل أقصاه عام واحد إبتداءا من يوم الإنذار،حسب 18/3 منه.
ب) أما إذا تعلق الأمر بعيب في الخدمة، تعين على المستهلك بمجرد اكتشافه لهذا العيب أن يقوم بإجراء الإخطار حسب 37 من قانون 99 ـ 01 المؤرخ في 05/ 01/ 1999،المحدد للقواعد المتعلقة بالفندقة 1 .
و إلى جانب كل ما سبق من الوسائل التي بموجبها يستطيع المستهلك أن يطالب بحقه تجاه المعلن من جراء الإشهارات المضللة أو عدم تنفيذه لالتزامه التعاقدي، وهذا في حالة وجود عقد بين المستهلك المتضرر والمعلن صاحب الإشهار المضلل، كما يمكن كذلك للمستهلك أن يسلك مسلك أخر للمطالبة بحقه، و هذا لاسيما للمستهلك النهائي الذي لا تربطه بالمعلن آية علاقة تعاقدية، إذ يمكن مساءلة المعلن، على أساس المسؤولية التقصيرية، وذلك عن طريق رفع دعوى التعويض طبقا للمادة 124 ق م ج، و لكي تتحقق مسؤولية المعلن في هذه الحالة، يكفي أن يرتكب خطأ ما في الرسالة الاشهارية ، إذ أن الالتزام بالحرص و اليقظة في مراقبة و فحص النص الاشهاري قبل نشره، والتأكد من صحته و صدق بياناته، هو التزام ضروري يقع على عاتق المعلن، و لذلك لا يمكن التذرع بجهله بحقيقة الإشهار لإعفائه من المسؤولية ما لم ينفي العلاقة السببية بوجود السبب الأجنبي .
و تجدر الملاحظة إلى أنه قد تثار المسؤولية التقصيرية للوكالة الاشهارية أو الوسيلة الاشهارية إلى جانب مسؤولية للمعلن ، و هذا ما ذهب إليه القضاء الفرنسي. 2
وإن كان يجب على المستهلك إثبات خطأ أو إخلال المعلن بالتزامه التعاقدي للاستفادة من الأحكام السالفة الذكر، فإن مشروع قانون الإشهار لسنة 1999 قد أعفى المستهلك من إثبات التضليل الوارد في الإشهارات التجارية ، و نقل عبء هذا الإثبات على المعلن بإثبات عكس ما يدعيه المستهلك، و ذلك عندما نص على جريمتي الإشهار الكاذب و المقارن ، أين يعتبر المعلن مرتكب للجريمة بمجرد تنفيذ ركنها المادي .
المطلب الثاني : الدعاوى القضائية الممكن رفعها لحماية المستهلك من الإشهارات التجارية
إن الدعاوى الممكن رفعها لحماية المستهلك إذا ما أصابه ضرر من جراء الإشهارات التجارية، قد تكون من المستهلك المتضرر ذاته و بمفرده (فرع1)، و لكن إلى جانب ذلك أوكلت القوانين الحديثة مسألة حماية المستهلك إلى جمعيات مؤهلة للدفاع عن مصالح المستهلكين(فرع2) عن طريق رفع دعوى قضائية .
الفرع الأول: رفع المستهلك لدعوى قضائية بصفة منفردة
إذ للمستهلك الحق في رفع دعوى مدنية أصلية، كما له الحق في رفع دعوى مدنية تبعية إذا شكلت وقائع الإشهار التجاري، جريمة الإشهار المضلل ـ محل دراسة في المبحث الثاني ـ
أولا : رفع المستهلك للدعوى المدنية الأصلية
إن رفع الدعوى المدنية من الحقوق المكرسة قانونا لكل من تتوافر فيه شروط رفعها و هي المنصوص عليها قانونا و لاسيما المادة 459 ق إ م ألا و هي الصفة، المصلحة، و الأهلية ، ويتم رفعها طبقا للشروط الشكلية المنصوص عليه في المادة 12 وما يليها من ق إ م، و الهدف من الدعوى المدنية، هو المطالبة بالتعويض والإبطال حسب الأحوال و ذلك أمام القضاء المدني .
ثانيا : رفع المستهلك للدعوى المدنية بالتبعية للدعوى العمومية
فإذا ما شكلت وقائع الإشهار التجاري جريمة بكامل أركانها حسب ما سوف نراه فيما بعد، يتحرك بذلك حق المجتمع و ذلك بتحريك الدعوى العمومية إما بمبادرة من النيابة العامة ذلتها، و إما عن طريق الإدعاء المدني
1 ـأظر، ج ر عدد02
2 ـ أنظر قندوزي خديجة، المرجع السابق، ص 187 ، 188 .
من المتضرر من الجريمة، حسب المادة 1 ق إ ج ، وإلى جانب اقتضاء حق المجتمع عن طريق فرض الجزاء ردعا للجاني، يبقى للمتضرر من الجريمة سواء في ماله أو شعوره، الحق في المطالبة بالتعويض عما أصابه من ضر، و هنا يكون لهذا الأخير الحق إما في رفع دعوى مدنية أصلية أمام القضاء المدني كما سبق بيانه، و إما رفع دعوى مدنية بالتبعية للدعوى العمومية ، و هذا حسب المادة 2/1 ق إ ج، كما نصت المادة 3 منه على جواز رفع الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى العمومية و ذلك أمام القضاء الجزائي، أين يفصل القاضي الجزائي في الدعوى المدنية مباشرة بعد الفصل في الدعوى العمومية و ذلك في حكم واحد، و يكون موضوع الدعوى المدنية في هذه الحالة المطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن جريمة الإشهار المضلل المرتكبة من المعلن، و هو ما تؤكد عليه المادة الثانية في فقرتها الأولى من ق إ ج .
الفرع الثاني: رفع دعوى من طرف جمعيات [47] حماية المستهلك
فإذا كان الأصل هو أن ترفع الدعوى من صاحب الحق نفسه، فإنه استثناءا أناط القانون لهيئات معينة، سلطة رفع الدعوى، حماية لمصلحة جماعية أو مشتركة معينة، و هذا حسب القانون رقم 90/31 [48] في مادته 16/2 التي نصت على أن الجمعية لها الحق في أن تمثل أمام القضاء و تمارس خصوصا أمام المحاكم المختصة حقوق الطرف المدني، بسبب وقائع لها علاقة بهدف الجمعية، و تلحق ضررا بمصالح أعضائها الفردية . ولكي يكون للجمعيات الحق في اللجوء إلى القضاء لابد أن يتوافر فيها شرطان، و هما : [49]
أولا: تأسيس الجمعية قانون [50]
يتطلب تأسيس الجمعية وفقا لقانون 90/31 توافر شروط موضوعية و أخرى شكلية، أما الشروط الموضوعية فتتعلق بالشروط الواجب توافرها في أعضاء الجمعية و المتمثلة في :
* أن تكون جنسيتهم جزائرية
* أن يكونوا متمتعين بالحقوق المدنية و السياسية
* و ألا يكون قد سبق لهم سلوك مخالف لمصالح كفاح التحرير الوطني
اما عن الشروط الشكلية فهي تلك المتعلقة بالتسجيل، و هي على النحو التالي :
1) ـ تقديم ملف يدعى (ملف تصريح التأسيس) فيه جملة من الوثائق تتمثل في :
– قائمة أسماء الأعضاء المؤسسين و أعضاء الهيئات القيادية و توقيعاتهم و حالاتهم المدنية و وظائفهم و عناوين مساكنهم
– نسختان متطابقتان من القانون الأساسي .
– محضر الجمعية العامة التأسيسية .
2)- يودع الملف على النحو التالي: إذا كانت الجمعية متواجدة في بلدية واحدة أو في عدة بلديات في الولاية، يقدم التصريح إلى والي الولاية التابعة له البلدية، أما إذا كانت الجمعية ذات صبغة وطنية أو مشتركة بين
الولايات فإن تصريح التأسيس يقدم إلى وزير الداخلية، و يسلم الجمعية وصل تسجيل تصريح التأسيس في مدة ستين(60) يوما على الأكثر من يوم إيداع الطلب، و تقوم الجمعية بإشهار هذا التأسيس في جريدة يومية،
و بهذا أتكتسب الجمعية الشخصية المعنوية و الأهلية المدنية إبتداءا من يوم تأسيسها .
ثانيا : صفة الجمعية للتمثيل أمام القضاء
و المقصود بالصفة هنا هو أن يكون هدف جمعيات حماية المستهلك هو الدفاع عن المصالح الجماعية للمستهلكين، و قد منح لها الحق بمقتضى المادة 16 من قانون 90/31، و كذا المادة 12/2 من قانون 89/02، التي تنص على أنه” إضافة إلى ذلك فإن جمعيات المستهلكين المنشأة قانونا لها الحق في رفع دعاوى أمام أي محكمة مختصة بشأن الضرر الذي ألحق بالمصالح المشتركة للمستهلكين قصد التعويض عن الضرر المعنوي الذي ألحق بها “،وكذا المادة 68 من الأمر رقم 03/03 المتعلق بالمنافسة، وبالتالي فلجمعيات حماية المستهلك رفع أي دعوى قصد إصلاح الضرر الذي لحق بالمصالح الجماعية للمستهلكين [51]، فبذلك أصبح المجال مفتوحا أمام الجمعيات للتأسيس كطرف مدني أمام القضاء الجزائي، أو رفع دعوى مدنية أصلية أمام القضاء المدني، و ذلك للمطالبة بتعويض الضرر الذي لحق بالمستهلكين جراء الإشهارات التجارية المضللة ، كما يمكن لهذه الجمعيات التدخل في الخصومة [52] .
ثالثا : مختلف الدعاوى الممكن رفعها من طرف الجمعية
1- الدعوى المرفوعة من طرف جمعيات حماية المستهلك للدفاع عن المصالح المشتركة للمستهلكين:
أكدت المادة 12/2 من قانون 89/02 إمكانية رفع الدعاوى بسبب ضرر ألحق بالمصالح المشتركة للمستهلكين، وأن تتأسس كطرف مدني، و تطالب بحقوق لصالح المستهلكين، و ذلك بشرط:
– أن تكون هناك مخالفة للقانون الجنائي : إذ لكي يتسنى لجمعيات حماية المستهلك الإدعاء مدنيا أمام القضاء الجزائي، ينبغي أن يكون التصرف الذي أقدم عليه المعلن جريمة معاقب عليها جزائيا .
– أن يكون للضرر قد مس المصالح المشتركة للمستهلكين : و التي يقصد بها مجموعة الحقوق و الامتيازات المخولة للمستهلك بموجب قوانين و تنظيمات خاصة أو المصلحة المشتركة لمجموعة من الأفراد يستهدفون غرضا معينا كالدفاع عن حقوق المستهلك، و لهذا وجب على الجمعية إثبات أن هناك ضررا قد لحق بالمصلحة الجماعية التي تمثلها و تسهر على حمايتها، وهنا يمكن للجمعية أن :
أ)- تطالب بالتعويض بقصد إصلاح الضرر الذي لحق بالمصلحة الجماعية أو المشتركة للمستهلكين، و لا تطلب بهذا الصدد تعويضا مستقلا لكل مضرو، بل التعويض يكون باسم الجمعية و لحسابها كشخص معنوي.
ب)-تطلب وقف التصرفات غير المشروعة التي يقوم بها المعلن، التي من شأنها إلحاق ضرر بالمصالح المشتركة للمستهلكين ، مثل قيام الجمعية بتقديم طلب يقضي بسحب المنتوج بسبب عدم مطابقته للمواصفات القانونية و التنظيمية، أو طلب من أجل وقف الإشهار المضلل.
2)- انضمام جمعيات حماية المستهلك إلى الدعاوى المرفوعة مسبقا من قبل المستهلك :
فقد ترفع الدعوى من قبل المستهلك الفرد أو من قبل مجموعة من المستهلكين أمام القضاء ضد معلن معين، وحسب المادة 12/2 قانون 89-02 التي نصت على أن للجمعية دعاوى دون تحديد لنوع تلك الدعاوى ، مما جعل لها الحق في الانضمام إلى دعاوى مرفوعة مسبقا من قبل المستهلك أو ما يسمى بالتدخل الإنضمامي في الخصومة .
3)- الدعوى المرفوعة للدفاع عن المصلحة الفردية لمجموعة من المستهلكين:
فاستنادا لنص المادة 12/2 السالفة الذكر يمكن لجمعية حماية المستهلك رفع دعاوى للدفاع عن المصلحة الفردية لمجموعة من المستهلكين، و ذلك إذا توافرت الشروط الآتية:
– أن يكون المستهلكون المتضررون أشخاصا طبيعيين أو معنويين، ولحقهم ضرر سببه نفس المعلن، مما
يفترض معه أن يكون المهني معين مسبقا، وأن يكون الضرر اللاحق بهم هو ضرر شخصي،
– أن يقدم اثنين على الأقل من المستهلكين المتضررين وكالة لجمعية حماية المستهلك، لتمثيلهم أمام القضاء،
و بهذا تقوم الجمعية بتمثيل المستهلكين الذين قدموا لها الوكالة المكتوبة دون الآخرين الذين يبقون محتفظين بحقهم في رفع دعواهم بصفة فردية ، وفي هذه الحالة إذا خسرت الجمعية الدعوى فإن المستهلكين مقدمي الوكالة لن يحصلوا على أي شيء و يفقدون حقهم في رفع دعواهم بصفة فردية أمام القضاء [53]
إن الطريق القضائي الذي تتخذه جمعيات حماية المستهلك لا يضمن دائما حماية المصالح الجماعية للمستهلكين، و هذا لبطئ الإجراءات، و قد لا تملك الجمعية السيولة المالية الكافية لمباشرة جميع الدعاوى المتعلقة بالمستهلكين ، و حتى و إن تقدمت إلى القضاء، فإنه في الغالب لا تجني فائدة واسعة، نتيجة صدور أحكام بتعويضات رمزية 2، الأمر الذي جعله تحد من مكنة اللجوء إلى القضاء وتسلك طرق أخرى هي :
1- المقاطعة : وهي نوع من التوعية و التحسيس، لعدم شراء سلعة معينة لارتفاع سعرها أو لعدم جودتها[54] و تعرّف على أنها تعليمة موجهة للمستهلكين لأجل حثهم على مقاطعة شراء منتوج أو تلقي خدمة ما
و تجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد أي نص في القانون الجزائري ، يمنح للجمعيات الحق في القيام بهذا الإجراء و لهذا قيل في هذا الشأن رأيان، أحدهما يطالب باستبقاء هذا الإجراء، والآخر يطالب بمنعه كونه قد يلحق خسائر بالمؤسسات، إذا أن قيام مستهلك ما بمقاطعة منتوج معين لا يرتب ذلك أي مسؤولية تجاهه، غير أن قيام الجمعية بإصدار تعليمات تأمر فيها مجموعة من المستهلكين بمقاطعة منتوج أو خدمة، من شأنه ترتيب مسؤوليتها، إذا أساءت أو أخطأت في استعمال هذا الآراء .
و إذا كان المشرع الجزائري لم ينص صراحة على منع هذا الإجراء و لم ينص على إباحته فالأصل أن إجراء المقاطعة مشروع ما دام أنه لا وجود لنص يمنعه، و لكن مع ذلك لابد أن يتخذ هذا الإجراء وفق الشروط التالية :
– أن يتخذ إجراء المقاطعة كوسيلة أخيرة بعد استنفاذ كل الطرق التي من شأنها حماية المستهلك.
– أن يكون أمر المقاطعة لسبب مبرر و مؤسس [55] .
2- الإشهار المضاد : يقصد بالإشهار المضاد أو الدعاية المقابلة نشر انتقادات عن المنتوجات أو الخدمات المعروضة في السوق باستعمال نفس الوسائل المستعملة في الإشهار، فتقوم الجمعية هنا بدراسة حول سلع وخدمات معينة وتنشرها، مما يؤدي إلى ظهور مجالا للنفور حول هذه الأخيرة، نظرا لخطورتها أو عدم فائدتها للاستهلاك، وذلك اعتمادا على نتائج التحليل المنجزة من طرف الخبير، وتستمد جمعيات حماية المستهلك هذا الحق من نص المادة 23 من قانون 89-02، “… أن تقوم بدراسات و إجراء خبرات مرتبطة بالاستهلاك على نفعتها و تحت مسؤوليتها و بإمكانها أن تنشر ذلك حسب نفس الشروط”، و قد يكون النقد الذي تقوم به هذه الجمعيات عاما لبعض أنواع السلع أو الخدمات دون المساس بمنتج معين، كأن يتعلق الأمر بالكحول أو التبغ، كما قد يكون هذا النقد خاصا، بأن يوجه أو يستهدف به منتوج معين بالتحديد .
و يمكن أن تتم عملية النقد هذه عن طريق الإشهار المقارن، الذي تقوم به الجمعية على نفقتها، وهو في هذه الحالة غير ممنوع على خلاف الإشهار المقارن الذي يقوم به المعلن، بحكم أن هذه المقارنات و الانتقادات التي تقوم بها الجمعية موضوعية لا تستهدف من ورائها تحقيق مصالح مادية خاصة بها، فهي صادرة من غير منافس، بل تهدف إلى حماية مصلحة طائفة المستهلكين، و توعيتهم، إضافة إلى أن هذه الدعاية المقابلة تجد سند مشروعيتها في المادة 23 السالفة الذكر، إلا أنه قد تترتب مسؤولية الجمعية تجاه المهنيين، و ذلك لاسيما عند خطئها في اتخاذ هذا الإجراء، وذلك عندما يثبت هؤلاء أن السلع والخدمات المنتقدة لا تحمل النتائج التي توصلت إليها الجمعية، وعليه تقوم مسؤولية الجمعية نتيجة الأضرار التجارية التي قد تلحق هؤلاء المهنيين، نظرا لتخوف المستهلكين من تلك السلع والخدمات، و امتناعهم عن إقثنائها مما يرتب كسادها و حتى فسادها و أضرار بصاحبها .
المطلب الثالث: الجهة القضائية المختصة
إن المشرع الجزائري لم يحدد في قانون 89 ـ 02 الجهة القضائية المختصة للفصل في المنازعات التي تنشب بين المستهلك و المهني، و عليه يتوجب علينا الرجوع إلى قانون الإجراءات المدنية، إذ أن القاضي الفاصل في الدعوى المرفوعة أمامه، أول مسألة ينظر فيها هي مسألة اختصاصه النوعي ثم اختصاصه الإقليمي إن تم الدفع به، و لا ينظر في باقي شروط الدعوى، ولا في موضوعها إلا إذا ما تبين له أنه مختص.
الفرع الأول: الاختصاص النوعي
تختص المحكمة بالنظر في دعاوى المستهلك ، على اعتبار أن المحاكم هي الجهات القضائية الخاصة بالقانون العام ، و ذلك وفقا للمادة 01 من ق إ م، و قد ينعقد الاختصاص للقضاء العادي أو الإداري للنظر في دعاوى المستهلك، فيختص القضاء المدني كأصل عام بالنظر في دعاوى المستهلك، غير أنه بإمكان هذا الأخير أن يختار القسم التجاري للفصل في دعواه، ذلك لأن الإشهار التجاري، يعد من الأعمال التجارية المختلطة، فهو تجاري بالنسبة للمعلن، إذ يتخذ كوسيلة للمضاربة بالسلع و الخدمات المعلن عنها، و يعد مدنيا بالنسبة للمستهلك ، لأنه بعد اقتناعه بالإشهار يقوم بشراء أو طلب ما أعلن عنه من سلع و خدمات، لاستعماله الشخصي .
كما قد يرجع الاختصاص في نظر دعاوى المستهلك إلى القسم الجزائي، وذلك عند قيام المعلن بتصرفات تلحق ضررا بالمستهلك و تشكل جريمة معاقب عليها و من ثم تقوم المسؤولية الجزائية للمعلن بتوافر أركان الجريمة، و بهذا يحق للمستهلك أن يتقدم إلى القضاء الجزائي للنظر في دعواه المدنية بالتبعية مع الدعوى العمومية وفقا للمادة 03 فقرة 01 ق إ ج، غير أن مباشرة الدعوى المدنية مع الدعوى العمومية مقرون بشرط ألا يكون المستهلك قد رفع دعواه أمام القضاء المدني، فلا يحق له بذلك رفعها أمام القضاء الجزائي، ومع ذلك المشرع أجاز للمتضرر من جريمة أن يتحول إلى القضاء الجزائي، و ذلك إذا ما حركت النيابة العامة الدعوى العمومية قبل أن يصدر في المحكمة المدنية حكم في الموضوع هذا وفقا ل 5 ق إ ج
و يكون القصد من الإدعاء المدني أمام القضاء الجزائي، طلب التعويض عن الضرر الناتج عن الجريمة.
و تجدر الإشارة إلى أن المحاكم العادية تنظر بصفة ابتدائية نهائية في بعض القضايا التي تكون في حدود القيمة المنصوص عليها في المادة 02 من ق إ م ،أما القضايا الأخرى التي تفصل فيها المحكمة بصفة إبتدائية، تكون أحكامها قابلة للاستئناف، حسب المادة 3 منه، بحيث يكون المجلس القضائي حسب نص المادة 05 منه، هو المختص نوعيا بالنظر في الاستئناف المرفوع أمامه، و بالتالي إذا كان موضوع الدعوى التي يرفعها المستهلك ضد المعلن لا تشكل وقائعه جريمة، فإن الغرفة المدنية على مستوى المجلس هي المختصة بالنظر في استئناف حكم الفرع المدني، أما الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي، تنظر في استئناف حكم الفرع الجزائي لمحكمة الجنح، و ذلك في الحالة التي يشكل فيها الإشهار جريمة، إذ أن حق الطرف المدني في إستئناف الحكم الصادر في دعواه المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى العمومية، وهذاحسب المادة 417 ق إ م.
لقد أشرنا إلى إختصاص كل من المحاكم المدنية و الجزائية للفصل في النزاع القائم بين المستهلك و المعلن، و يبقى التساؤل حول إختصاص القضاء الإستعجالي في القضايا المتعلقة بالإشهار التجاري ؟.
يشترط لقبول الدعوى الإستعجالية، أن تتوفر فيها الشروط المنصوص عليها المادة 183 ق إ م والمتمثلة في:
– ضرورة توفر الركن الإستعجالي، و هو ذلك الخطرالمحدق بالمصالح المراد المحافظة عليها، و هو يتوفر كلما وجدت حالة يترتب على فوات الوقت فيها حصول ضرر يتعذر تداركه و إصلاحه.
– أن يكون الفصل في موضوع النزاع لا يمس بأصل الحق، بحيث يكون المطلوب هو إجراء وقتي تحفظي.
و بالتالي إذا ما توافرت هذه الشروط في موضوع الدعوى التي يرفعها المستهلك ضد المعلن، فإنه يحق للمستهلك الذي يريد وقف إشهار تجاري معين، على أساس أنه يعتبره تعسفيا أو مضللا أو غير مشروع أو ممنوع بنص القانون، أن يرفع دعوى إستعجالية أمام رئيس المحكمة، الذي عليه أن يقدر عدم المشروعية دون الدخول في الموضوع.
و في هذا الإطار نجد المادة 808 ق إ م ف نصت ” في كل حالات الخطر، يمكن لرئيس المحكمة أن يأمر بالإستعجال بكل تدبيرة تحفظية، دون المساس بموضوع النزاع القائم بصفة جدية”، وتضيف المادة 809 /2 من نفس القانون أنه ” يسمح بالأمر بالتدابير التحفظية، في حالة المخاطر الحالة، أو للوقاية من ضرر حال أو إيقاف عمل يبدو غير مشروع” [56].
الفرع الثاني : الإختصاص المحلي
و نعني بالإختصاص المحلي ولاية جهة قضائية (محكمة كانت أو مجلس) لنظر القضايا التي تقع على الإقليم التابع لها، و بهذا تتحدد الجهات القضائية المختصة محليا للنظر في النزاع وفقا لقواعد محددة، فلا يلقي بذلك المستهلك أية صعوبة في تحديد الجهة المختصة إقليميا للفصل في الدعوى، و تتفق أغلب تشريعات دول العالم على جعل الإختصاص المحلي في المسائل المدنية و التجارية، لمحكمة موطن المدعي عليه كقاعدة عامة، و عليه إذا وقع نزاع بين المستهلك و المعلن، فله أن يرفع دعوى أمام محكمة موطن هذا الأخير، و ذلك في جميع الدعاوى التي لم ينص فيها المشرع على اختصاص محلي خاص، غير أنه إذا لم يكن للمدعى عليه موطن معروف، فإن الاختصاص يرجع للجهة القضائية التي يقع في دائرتها آخر موطن له وفقا للمادة 8 من ق إ م ج، التي أوردت كذلك في الفقرة11 منها استثناءات عن القاعدة العامة ومثال ذلك الأداءات الأغذية والسكن فالنظر فيها يكون أمام محكمة المكان الذي تمت فيه الأداءات، وهذا كله في حالة ما إذا كان الضرر الذي لحق المستهلك بسبب الإشهار الذي لا تشكل وقائعه جريمة، حيث أن الاختصاص المحلي لا يعتبر في هذه الحالة من النظام العام، و على الطرف الذي بهمه الأمر أن يدفع به قبل الدخول في الموضوع حسب الفترة الثانية من المادة 93 من نفس القانون، و قد يكون الإختصاص المحلي من النظام العام، و ذلك إذا كان الضرر الذي لحق المستهلك ورفع من أجله دعوى مدنية بالتبعية سببه الإشهار الذي تشكل وقائعه جريمة، وقد نصت عليه المادة 329 من ق إ ج ج .
المطلب الرابع : تحديد المستهلك المستحق للتعويض
سبق لنا أن رأينا أن الإشهار التجاري أبتدع من أجل الترويج عن السلع و الخدمات، و هو موجه إلى مقتني السلعة و طالب الخدمة، ألا و هو المستهلك، و لكن يحدث أن المنتج بقصد تحقيق الربح الوفير، و لو كان ذلك على حساب المستهلك يلجأ إلى الإشهار التجاري المضلل، فلا يبقى أمام المستهلك المتضرر من هذا إلا اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر و ردع هذه الإشهارات المضللة، و هنا القاضي لتقدير مدى وجود التضليل في الإشهار التجاري من عدمه، لابد عليه أن يعرف أي نوع من المستهلك هي الضحية، وذلك بالإعتماد على معايير معينة :
– فقد تعتمد المحاكم على معيار المستهلك الضحية المتوسط الذكاء، و هو الشخص المتلقي، الذي يشترط فيه درجة من اليقظة و التبصر و الذكاء ،و هذا بالإستناد على معيار الرجل العادي المعروف في القانون المدني.
و الإعتماد على هذا المعيار يجعل التضليل المرتكب من المعلن في إشهارته واحد بالنسبة إلى جميع الناس، فإذا لم يقع المستهلك المتوسط الذكاء تحت تأثير التضليل الصادر عن المعلن، فالإشهار الذي قام به هذا الأخير لايعتبر مضلل .
– و نظرا للنتائج التي قد تترتب نتيجة الإعتماد على المعيار السابق، فإن المحاكم قد تلجأ إلى المعيار الذي يأخذ حالة كل مستهلك ضحية على حدى، و ذلك بالنظر إلى مستواه الثقافي و الوضعية التي تلقى فيها الرسالة الإشهارية، فبذلك سيستفيد من الحماية، حتى الشخص دون المستوى العادي من الفطنة و الذكاء أو الساذج [57]،
و بالتالي سيكون أي إشهار تجاري محل إتهام بالتضليل، فقط لأن المستهلك هو دون المستوى العادي من الفطنة و الذكاء، الذي يصدق كل ما يبث عليه من إشهار تجاري، لاسيما في الإشهارات التي يفرط من خلالها في مدح السلع والخدمات المعلن عنها، بحيث يكون من السهل تبيّن المبالغة فيها . .2
و بالتالي يكون المعيار الأول الذي يأخذ بالمستهلك المتوسط الذكاء كمرجع لتقدير مدى وجود التضليل في الإشهار التجاري من عدمه، و هو المعيار الذي يفرض على المستهلك التحلي بروح النقد و الانتباه إلى كل ما يعلن عنه في الوسائل الإشهارية ، و قد أخذت به الكثير من المحاكم الفرنسية لاسيما بعد صدور قانون 1973، المتعلق بتوجيه التجارة و الحرف، الذي وسع من حالات تجريم الإشهارات التجارية، و من بينها محكمة Nanterre في قضية سمك الدوار الأحمر3.
ومن خلال ما سبق يتضح لنا أنه لو أخذنا بالمعيار الثاني، فإن ذلك سيجمد كل مبادرة للمعلن في مجال الإبداع الإشهاري، بتقييد حريته في التعبير والابتكار، أما إذا أخذنا بالمعيار الأول فإن ذلك يسقلل من الحالات التي يحصل فيها المستهلك على تعويض للضرر الذي أصابه من الإشهارات التجارية، و ذلك إذا كنا أمام حالة المبالغة و الإثارة التي يثيرها الإشهار في نفس المستهلك المتوسط الذكاء، إذا ما ارتبطت هذه المبالغة المسموح بها في الإشهارات بالتقدم العلمي و التكنولوجي في بلد ما، فيستغله صاحب الإشهارفي البلد المتطور كي يبثه إلى بلد أقل تطور، و هو واثق أن يصدقها حتى الرجل الحريص، و على هذا الأساس فإن القاضي لكي يحكم بالتعويض للمستهلك الذي يدعي التضرر من الإشهار التجاري لابد عليه أن يتحرى الأمر جيدا، فإذا كان المستهلك ساذجا مصدقا لكل رسالة إشهارية يتلقاها، فإنه يعتبر مغفّلا فلن يكون له تعويض، أما إذا كان المستهلك المدعي التضرر من الإشهار التجاري، حذرا وفطنا عند تلقيه للرسالة الإشهارية، و رغم ذلك تم تضليله من طرف المعلن، فإنه سيحكم له القاضي بالتعويض، إلى جانب ردع الإشهار مضلل .
و تجدر الملاحظة أنه عندما يدعي المستهلك أمام السلطة القضائية، يكون عليه فقط تقديم الدليل عن الضرر الذي لحقه بسبب الإشهار التجاري المضلل، و لا يلزم بإثبات الفعل الذي ارتكبه المعلن، و هذا راجع أصلا لكون أن مشروع قانون الإشهار لسنة 1999، جعل من جرائم الإشهار التجاري، جرائم مادية تقوم بمجرد تنفيذ المعلن لركنها المادي ، بحيث سوء نية المعلن أم حسنها ليس محل اعتبار، و لا يعمل المستهلك على إثباتها ، إنما على المعلن أن يثبت حسن نيته و أنه لم يقصد التضليل [58] ، فيكون بذلك المشروع قد أعفى المستهلك من الإثبات، و نقل عبء هذا الإثبات إلى المعلن .
المبحث الثاني : الحماية الجنائية للمستهلك من الإشهارات التجارية
لم يعد خافيا أن الإشهارات الكاذبة أو الخادعة، أصبحت سببا من أسباب الاضطرابات الاقتصادية، و لم تعد تشكل اعتداء على مصلحة فردية فقط، من هنا أصبح الجزاء الجنائي ضرورة ملحة لردع تلك الإشهارات،و عدم الاكتفاء بالجزاءات التي تنص عليها القواعد المدنية، لثبوت ضعف فعاليتها لأن القانون المدني و القوانين الخاصة بحماية المستهلك، لا تتوجه بحمايتها إلا إلى المتعاقدين من المستهلكين .
حيث أثبتت التجربة أن الإعلان قد يستخدم استخداما سيئا فيكون أداة لخداع المستهلكين حول المنتجات و الخدمات، عن طريق الإشهار الكاذب(مطلب1)،كما يكون ضارا أيضا بالاقتصاد لما يؤدي إليه من مساس بالمنافسة، عن طريق الإشهار المضلل(مطلب2 )، و في كل ذلك نبحث عن المسؤول جزائيا عن هذهالجرائم (مطلب3)، ثم نتطرق الى العقوبات التكميلية التي يمكن أن يقضي بها القاضي في حالة الإدانة ( مطلب4).
المطلب الأول : جريمة الإشهار الكاذب
لقد سبق لنا التطرق إلى الإشهار الكاذب في المبحث الثاني من الفصل الأول السابق دراسته، و هو الذي نصت عليه المادة 41 من المشروع، التي تمنعه و تعرفه بأنه” كل إشهار يتضمن إدعاءات أو إشهارات أو عروض خاطئة من شأنها أن تخدع المستهلك أو المستعمل للمواد و الخدمات “، و إلى جانب ذلك نجد هناك من يصطلح عليه الإشهار الخادع، و هو ذلك الإعلان الذي يكون من شأنه خداع المستهلك أو يمكن أن يؤدي إلى ذلك، و هو لا يذكر بيانات كاذبة و لكنه يصاغ في عبارات تؤدي إلى خداع الجمهور، فالإعلان الذي يتضمن مثلا بيانات صحيحة في ذاتها، و لكنه يعطي انطباعا إجماليا زائفا أو مخادعا يعتبر إعلانا خادعا[59]، و انطلاقا من هذين التعريفين، يفرق الفقه بين الإشهار الكاذب والخادع، إذ أن الأول هو الذي ثم فيه تغيير للحقيقة، أما الثاني فهو التضليل في الإشهار التجاري دون إحداث تغيير للحقيقة، وهذا التضليل حسب ما يرى الدكتور حسين فتحي، يعكس أحيانا تضمنه لمعلومات يحتمل أن تحث الجمهور على الوقوع في خداع يتعلق بعناصر أو صفات جوهرية لمنتوج أو خدمة [60].
ورغم خطورة الإشهار الكاذب أو الخادع، فإنه لم يحض من المشرع الجزائري بأي تنظيم خاص على خلاف المشرع الفرنسي،وهذا مادفعنا إلى معالجته من حيث هو جريمة مستقلة قائمة بذاتها(فرع1)، وسعيا لتحقيق حماية أكثر للمستهلك المتلقي للرسالة الإشهارية،سنحاول التطرق إلى مدى إمكانية ردع إشهارات المعلن الكاذبة عن طريق إعطائها وصف قانوني أخر( فرع 2 ).
الفرع الأول : جريمة الإشهار الكاذب في حد ذاتها
البند 1 في ظل التشريع الفرنسي
نظرا لأهمية الإشهار التجاري من جهة، ولخطورته إذا ما انطوى على كذب من جهة أخرى، فإن غرفة التجارة الدولية قامت بجمع القواعد المتبعة في مجال الإعلان أسمتها ب” المدونة الدولية للممارسات المشروعة في مجال الإعلان ” و ذلك في 20 مايو 1937، و جاءت هذه المدونة بمجموعة من المبادئ التي يجب مراعاتها في الإعلان، و التي تبنتها الكثير من التشريعات منها التشريع الفرنسي، وأهمها وجوب تجنب الكذب في الإعلان، و لو بطريق الامتناع أو الغموض و المبالغة، و عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تضليل و خداع المستهلكين في الخصائص الجوهرية للمنتوج، و قيمته و أثره و ثمنه و شروط البيع و كيفيات التسليم و الرد و الإصلاح و شروط الضمان [61].
و لنفس الغرض الذي جاءت من أجله المدونة، و في ظل عدم وجود نص خاص يعاقب على الإشهار الكاذب، دأبت المحاكم في فرنسا على استخدام نصوص عقابية مختلفة لمقاومة الإشهار الكاذب، و منها على الخصوص النصوص المتعلقة بجريمة النصب ، و جريمة الغش و التدليس الجنائي، غير أن الجزاءات الجنائية الواردة في النصوص السابقة لم تكن كافية في ذاتها لأنها لم تواجه الإشهار الكاذب في ذاته، من هنا برزت أهمية إنشاء جريمة خاصة بالإشهار الكاذب، فأصدر المشرع الفرنسي قانون 02 جويلية 1963 الذي أنشأ جريمة الإشهار الكاذب،وناله القانون المؤرخ في 27/12/1973.
أولا : في ظل قانون 02 جويلية 1963
و قد كان الهدف من إصدار هذا القانون ليس حماية المستهلكين ضحايا الاشهارات الكاذبة فقط بل حماية التجار من المنافسة غير المشروعة التي تنشأ عن الإشهار الكاذب فضلا عن الارتفاع بالمستوى الأخلاقي لمهنة الإشهار،وفي ظل هذا القانون نجد أن أركان جريمة الإشهار الكاذب تتمثل في :
1- الركن الشرعي: يمثل النص القانوني الذي يعاقب على النشاط الإجرامي في جريمة الإشهار الكاذب، و المنصوص عليها في المادتين 05 و 06 من قانون 1963.
2- الركن المادي : يمثل السلوك الإجرامي، و هو القيام بالإشهار الكاذب، و يجب أن يكون الكذب يمكن تقديره موضوعيا، لذلك نصت المادة 05 منه، على أن الإدعاءات و المزاعم يجب أن تكون محدودة و يستوي أن يكون الإشهار الكاذب مكتوبا أو شفويا، و قد ثار خلاف في حالة اتخاذ الإشهار شكل، رسم أو صورة أو موسيقى…الخ، و مع ذلك فإن الإدعاءات و المزاعم لا تكون إلا مكتوبة أو شفوية، لكون أن قانون 1963 قانون عقابي، و لذلك فإن نصوصه تفسر تفسيرا ضيقا، في حين البعض الآخر يرى أن هذه المادة تحظر كل أشهار وهو تعبير واسع، يشمل الصورة و الرسم و الموسيقى وتجدر الملاحظة إلى أن بعض العناصر التي يرد عليها الكذب وفقا لهذه المادة، ليست جديدة، حيث سبق النص عليها في المادة 01 من قانون 01/08/1905 المتعلق بقمع الغش و التي أصبحت تشكل المادة01-213 من قانون الاستهلاك، مثل المكونات، المصدر، الخصائص الجوهرية.
3- الركن المعنوي: إن جريمة الإشهار الكاذب، جريمة عمديه، تقوم بتوافر سوء نية المعلن، و هذا ما أشارت إليه المادة 5 السالفة الذكر، و هو يشبه ما جاء في قانون 1905 السالف الذكر، الذي يجعل من جريمة الخداع جريمة عمديه.
و ما دامت جريمة الإشهار الكاذب، جريمة عمديه، فإن القضاء لا يمكن أن يقضي بإدانة المعلن، إلا إذا أثبت سوء نيته، بأن كان يعلم أن البيانات و المعلومات التي أوردها في الإشهار كاذبة، إذ أن حسن نية المعلن مفترضة، و يتعين على النيابة العامة إثبات سوء نيته .
و إذا ما توافرت الأركان الثلاثة قامت جريمة الإشهار الكاذب، التي يعاقب عليها بنفس العقوبة المنصوص عليها في المادة 01 من قانون 1905، و هي الحبس لمدة تتراوح بين ثلاثة (3) أشهر و سنة، و غرامة مالية تتراوح ما بين 540 فرنك فرنسي إلى 27.000 فرنك فرنسي أو بإحدى هاتين العقوبتين [62].
و ما يلاحظ في قانون 1963 هو أنه وسع من نطاق التجريم حيث تتعدد العناصر التي يقع عليها الكذب أكثر من تلك المشار إليها في قانون 1905 ، فقد أضاف عناصر جديدة، وهي النتائج التي يمكن انتظارها من المنتوج أو الخدمة و تاريخ الصنع، و دوافع و كيفية البيع و مؤهلات المنتج أو الموزع أو مقدم الخدمة [63].
ولكن بعد مرور عشر سنوات من صدوره اتضح لجمعيات المستهلكين أنه لم يوفر حماية كافية للمستهلكين، ولا يسمح بمجابهة فعالة للإشهارات الكاذبة، كما أنه ألقى على عاتق النيابة العامة عبء إثبات سوء نية المعلن، باعتباره قد جعل من جريمة الإشهار الكاذب جريمة عمدية، الأمر الذي يؤدي إلى إمكانية إفلات المعلن من العقاب في حالة عجز سلطة التهام عن إقامة الدليل على سوء نيته، فضلا عن أنه لم يورد تدبيرا يسمح بوقف الإشهار الكاذب أثناء بثه، إضافة إلى عدم تحقيق العقوبة التي نص عليها لأي ردع1 .
ثانيا ـ في ظل قانون 27/12/ 1973
نظرا للسلبيات التي لحقت قانون 1963 بادر المشرع الفرنسي ثانية إلى إصدار قانون جديد سنة 1973 يحمل تسمية ” قانون توجيه النشاط التجاري و الحرفي “، و المسمى أيضا بقانون Royer ، و هو يتألف من 65 مادة، منها ثلاث مواد تتعلق بالإشهار الكاذب،و تبنى هذا القانون الجديد مفهوما أوسع للإشهار و عدل عن جنحة الإشهار الكاذب إلى جنحة الإشهار الخادع.
و نظرا لاختلاف تشريعات دول الإتحاد الأوروبي في نظرتها إلى تجريم الإشهار الكاذب سواء من حيث التعريف أو الشروط أو من حيث عدم النص على تجريمه أصلا، سارع الإتحاد الأوروبي إلى إصدار تعليمة مؤرخة في 10/09/1984 تتعلق بالإشهار الخادع، و لأن ما ورد في التعليمة الأوروبية لا يختلف كثيرا عما جاء في قانون 1973 في فرنسا، لم تجد هذه الأخيرة حرجا في الإبقاء على نص المادة 44 منه الخاصة بجريمة الإعلان الخادع و إدماجه في قانون الاستهلاك، ليشكل حاليا المواد من 1-121 lإلى 7ـ121.
و قبل ذلك في 01/10/1974 صدر منشور عن وزير العدل الفرنسي لتطبيق قانون 1973، ثم جاء قانون 10/01/1987 ليجري تعديلات عليه، و يضيف إليه بعض الأحكام، و قد حرص هذا القانون على تأكيد مبدأ حرية الإشهار، فهو لا يحظر سوى الإشهارات الكاذبة، و يكفل في نفس الوقت مراقبتها و التحقق من صدقها و ضبط مخالفتها.
وتنص المادة 44/4 من قانون 1973، على أنه ” يمنع كل إعلان يتضمن تحت أي شكل كان إدعاءات ، بيانات أو عروض خاطئة توقع بطبيعتها في الغلط، متى وقعت على عنصر أو أكثر من العناصر الآتية : الوجود، الطبيعة، المكونات ، الخصائص الجوهرية ، المحتوى، النوع، الأصل ، الكمية ، كيفية و تاريخ الصنع، الملكية ، السعر و شروط البيع المواد و الخدمات التي تكون محلا للإشهار، شروط الاستعمال، النتائج المرجوة من الاستعمال، إجراءات البيع وأداء الخدمات، مدى الالتزامات المتخذة من قبل المعلن الهوية صفات وكفاءة الصانع،و معيدي البيع متعهدي المشروعات أو مقدمي الخدمات “، من خلال هذه المادة يتبين انه لقيام جريمة الإشهار الكاذب يلزم توافر أركانها ، وبتوافرها تقوم الجريمة وتنجر عنها المتابعة الجزائية ومن ثم معاقبة الجاني .
v ـ أركان جريمة الإشهار الكاذب
1ـ الركن الشرعي: يتمثل في المواد 44، 45 و46 من قانون 1973.
2- الركن المادي: لقيام الركن المادي لجريمة الإشهار الكاذب في ظل هذا القانون يشترط:
أ ـ أن يكون هناك إشهار بوصفه رسالة موجهة إلى الجمهور هدفها تحفيزه على طلب المنتجات و الخدمات، و لم يتردد القضاء عند تطبيقه لنص المادة 44 من تبني مدلول واسع للإشهار، ليشمل كل وسيلة للإشهار أو الأخبار، و التي يكون من شانها أن تسمح للزبون المحتمل من تكوين رأي معين حول خصائص و سمات الأموال و الخدمات المعروضة عليه ، بغض النظر عن الهدف التحريضي للرسالة الاشهارية .
و قد انتقد البعض هذا التوسيع على أساس أن الإشهار ينصب فقط على إظهار محاسن المنتوج أو الخدمة بقصد حث المستهلك وتحريضه على الاستهلاك، تحقيقا لهدف تنشيط الطلب على المنتجات والخدمات، و أن تحقيق هذا الهدف يتطلب نوعان من السعي الدائم النشاط، بينما يرى البعض الأخر تأييد رأي القضاء و اعتباره بمثابة رسالة اشهارية حتى و لو صدر الإشهار لمجرد الإعلام أو الإخبار عن وجود منتوج أو خدمة.
فالإعلان يتخذ إشكالا و صورا مختلفة تدخل جميعها في نطاق المادة44 ، فتقوم جريمة الإشهار الخادع
مهما كانت وسيلة الإشهار كالصحف، الإذاعة، التلفزيون، الملصقات و الرسم…، ومهما كان شكل الرسالة
الاشهارية شفويا أو مكتوبا أو مصورا و لا يهم ما إذا وقع الإشهار بطريق التضليل الايجابي أو بطريق الترك، كعدم ذكر بيانات هامة يترتب على إغفالها تضليل المستهلك ولا يهم محل الإشهار، فقد يكون منقولا أو عقار أو خدمة.
ولا تهم صفة متلقي الرسالة الاشهارية فيستوي أن تكون موجهة إلى مستهلك أم إلى محترف، كالتاجر الموزع أو المنتج، بل المهم أن تكون موجهة إلى الجمهور، و بناء على ذلك فإن الوثيقة الموجهة إلى شخص واحد لا يمكن اعتبارها إعلانا، و على العكس من ذلك فإن الرسالة الواحدة التي تم استنساخها إلى عدة نسخ
و تم إرسالها إلى طوائف معينة من الأشخاص و الزبائن فهي تتخذ طابع الإشهار .
كما يجب أن يكون الهدف من الإشهار هو البحث عن إبرام عقود في المستقبل و بالتالي فإن الوثيقة المستعملة بعد إبرام العقد لا يمكن اعتبارها إشهارا.
ب ـ أن يكون الإشهار كاذبا أو خادعا : يشكل الطابع الكاذب أو الخادع للإشهار أهم عنصر في هذه الجريمة، و يسهل اكتشاف هذا الطابع الخادع في حالة الإشهار، الواضح بعدم صحته كالإدعاء بأن منتوجاته تحتوي على عناصر طبيعية مع أن مكوناته كلها اصطناعية، و يعتبر الإشهار خادعا وفقا للمادة 44 من قانون 1973، إذا كان يؤدي بطبيعته إلى الغلط ،و بالتالي فليس لازما أن يكون الإشهار خادعا في ذاته، كما نص عليه قانون1963، بل يكفي أن يكون من شأنه أن يؤدي إلى التضليل، كالإشهار المتضمن لزجاجة عصير و بجوارها ثمرة برتقال للإيحاء بأن العصير هو عصير برتقال طبيعي مع أن مكوناته اصطناعية .
و قد ذهب القضاء الفرنسي إلى أن الإشهار المبالغ فيه و الإشهار الهزلي لا يخضع للتجريم فهو جائز، ما دام لا يؤدي إلى خداع المستهلكين، و ما دام أنه بوسع المستهلك العادي التفطن إلى المبالغة التي تتضمنها الرسالة الاشهارية ، و مثال ذلك ما أقدمت عليه شركة Samsonite من إعلان تلفزيوني يتعلق بحقيبة تصنعها، فمن أجل إظهار صلابة و قوة هذه الحقيبة قدمت مقابلة في كرة القدم بين جرا فات تستعمل الحقيبة ككرة قدم و كانت تسقط في العديد من المرات تحت عجلات الجرافات الضخمة، و تخرج سليمة، و تمت متابعة المعلن على أساس الإشهار الخادع، غير أنه حكم ببراءته تأسيسا على أن هذا الإشهار لم يكن بطبيعته ليوقع في الغلط لوضوح طابع المبالغة فيه في نظر المستهلك العادي [64].
و قد أثير تساؤل في ظل قانون 1973، عما إذا كان ممكنا أن يقع الكذب في الإشهار بطريق الترك، أي إغفال بعض البيانات، و في هذا ذهب الاتجاه الغالب في الفقه و القضاء إلى أن الكذب يمكن أن يتم بطريق الترك، و ذلك بعدم ذكر بيانات هامة، و التي يترتب عن إغفالها تغليط المستهلك [65].
ج – أن يقع الإعلان الكاذب أو الخادع على إحدى العناصر الواردة في نص المادة 44 من قانون 1973:
و قد أثير التساؤل حول تعداد تلك العناصر هل ورد على سبيل الحصر أم على سبيل المثال ؟.
فذهب البعض إلى أن هذا التعداد جاء على سبيل المثال، بينما لم تقف المحاكم من هذه المسألة موقفا موحدا، فذهبت بعض المحاكم إلى اعتبار أن تلك العناصر وردت على سبيل المثال و بالتالي يجوز التوسع فيها، غير أن الغرفة الجنائية لمحكمة النقض ذهبت إلى التذكير بأن التعداد المذكور وارد على سبيل الحصر، على أساس أن ذلك يتفق مع مبدأ التفسير الضيق لقانون العقوبات، و أن القاتمة القانونية المحصورة هي أغنى من أن يفلت منها أي سلوك غير عادي من العقاب.
ورأى آخرون أنه كان ينبغي على المشرع تجنب التعداد، تكون للنص ميزة الوضوح و الاقتضاب [66] .
كما أنه في ظل قانون 1963، ثار خلاف حول مسألة عدم خضوع الإشهار المصور للعقاب، أما في ظل قانون1973، فإنه يجرم كل زعم أيا كانت صورته طبقا للمادة 44/1 منه، و من ثم صارت الإشهارات المصورة و المجردة من أي كتابة، خاضعة للتجريم متى كانت كاذبة، كأن تقدم صور لعمارات معروضة للبيع أو الإيجار تختلف كثيرا عن الحقيقة، أو رسم صورة شجرة الزيتون على قطعة الصابون، مع أن الصابون لا يحتوي على أي نسبة من زيت الزيتون.
3 ـ الركن المعنوي : لقد كان قانون1963 ينص صراحة على وجوب توافر عنصر سوء النية لدى المعلن، و من ثم فلا تقوم جريمة الإشهار الكاذب أو الخادع دون إثبات نية الخداع والكذب لدى الجاني، و بعد صدور قانون 1973، لم تشر المادة 44 منه إلى عنصر سوء نية المعلن، و قد أدى سكوتها حيال هذه المسألة إلى قيام جدل و اختلاف كبيرين في الفقه و القضاء، حول ما إذا كانت هذه الجريمة تبقى عمدية أم أنها صارت غير عمدية، أم أنه وصل الأمر إلى حد اعتبارها جريمة مادية ؟.
أ ـ الرأي الأول : يتجلى في أن غالبية الفقه و القضاء ترى أنه مع صدور قانون 1973 شيئا لم يتغير عما عليه في ظل قانون 1963 بشأن الركن المعنوي في جريمة الإشهار الكاذب أو الخادع، بحيث تبقى الجريمة عمدية، و أن سكوت المشرع لا يمكن أن يعتبر بأنه أراد استبعاد الركن المعنوي في هذه الجريمة، و أنه يجب الاحتفاظ بالركن المعنوي لها استنادا إلى المبادئ العامة لقانون العقوبات و إلى الأعمال التحضيرية لقانون 1973، و أن كل ما أرداه المشرع هو تخفيف عبء الإثبات عن القاضي دون أن يصل الأمر إلى حد استبعاد العمد، و هو أمر ينسجم مع الإتجاه إلى تشديد مسؤولية المحترف عن طريق إفتراض خطئه.
و قد أنتقد الرأي السابق على أساس مخالفته لابسط القواعد العامة للإثبات في المواد الجنائية و التي منها على الأخص أن المتهم بريئ إلى أن تثبت إدانته.
ب ـ الرأي الثاني: ذهب إلى أن جريمة الإشهار الكاذب لم تعد جريمة عمدية، بل صارت جريمة غير عمدية، و أنها تقوم حتى و لو صدر إهمال أو عدم تبصر، و من ذلك ما قضت به محكمة BESANCON ، من أن التاجر الذي يورد في الكتالوج الصادر عنه أن القطع الذهبية المعلن عنها و المبينة فيه مطلية بالذهب، على غير الحقيقة، يكون مرتكب لجريمة الإشهار الخادع و لو لم يكن يعلم بعدم صحة هذه البيانات.
و يلاحظ أن الرأي السابق يؤدي إلى تحميل المعلن مسؤولية خطيرة، لقيام مسؤوليته عن مجرد وجود خطأ مطبعي أو مادي، أو سوء إختيار العبارة المناسبة للإشهار.
ج ـ الرأي الثالث: ذهب إلى أن جريمة الإشهارالخادع فقدت ركنها المعنوي و صارت جريمة مادية، و أن قانون 1973 يجرم مجرد الفعل المادي بما يترتب عنه من ضرر بالمستهلك، دون الحاجة إلى البحث فيما إذا كان المعلن سيئ النية أم لا [67]، و على هذا الأساس لم يعد هناك تلازم بين المسؤولية الجنائية عن الإشهار الخادع و الخطأ، و هي حالة لها تطبيقات أخرى كالجرائم الإقتصادية و جرائم حماية البيئة [68].
و قد تردد القضاء أيضا في حسم هذه المسألة رغم أهميتها، فذهبت الغرفة الجنائية لمحكمة النقض الفرنسية في بادئ الأمر إلى الأخذ ضمنيا بالرأي القائل بإعتبار أن جريمة الإشهار الخادع جريمة عمدية، حينما رفضت نقض أحكام إقتصر فيها الركن المعنوي على مجرد الخطأ بإهمال أو عدم التبصر ثم ذهبت نفس الغرفة مذهبا مخالفا لما سبق، حينما إعتبرت الإشهار الخادع جنحة غير عمدية.
و إذا كانت محكمة النقض قد تبنت صراحة الرأي القائل بإعتبار هذه الجنحة غير عمدية، إلا أنها لم تفصل في مسألة إعتبارها جنحة إهمال أو جنحة مادية بحتحة، و إن كان هناك ميل نسبي نحو إعتبارها جنحة إهمال و الراجح في الفقه الحديث ميله إلى إعتبارها جنحة إهمال على أساس التعديلات التي طرأت على قانون العقوبات الفرنسي بقانون16/12/1992 حيث نصت المادة 3-121-L منه، على أنه ” لا وجود لجناية أو جنحة دون قصد إرتكابها، غير أنه متى نص القانون على ذلك تقوم الجنحة في حالة عدم الإحتياط، الإهمال…”، وتضيف إلى ذلك المادة 339 من نفس القانون بأن ” جميع الجنح غير العمدية المعاقب عليها بنصوص سابقة على سريان هذا القانون، تبقى قائمة في حالة عدم التبصر، الإهمال، … حتى و لو لم ينص القانون على ذلك صراحة ” .
و قد إستخلص الفقه من خلال ذلك أن الإشهار الخادع يبقى جريمة غير عمدية، و لا يمكن أن تكون جريمة مادية، ما دام أن هذا النوع من الجرائم قد تم حذفه من قانون العقوبات الجديد، بإستثناء المخالفات.
و بالتالي فإن جريمة الإشهار الكاذب تفترض عدم الإحتياط أو الإهمال في جانب المعلن، من مجرد عدم مراقبته للرسالة الإشهارية قبل بثها، و من باب أولى تقوم هذه الجريمة إذا إقترنت بقصد الخداع،
وإذا إثبت أنه قام بمراقبة الرسالة الإشهارية و لم يتمكن من إكتشاف عدم صحتها، قضت التعليمة الأوروبية لعام 1984،على خلاف القانون الفرنسي بجواز الحكم بوقف الإعلان الخادع، حتى و لو حكم ببراءة المعلن.
v ـ معاينة جريمة الإشهار الكاذب في ظل قانون 1973 : و تجدر الإشارة هناإلى أن المادة 44 II/ 1 من قانون 1973، قد أشارت إلى الأعوان الموكل لهم معاينة الإشهار الكاذب و هم :
– أعوان الإدارة العامة التابعين لمصلحة التجارة الداخلية، و الأسعار و لوزارة الإقتصاد و المالية.
– الأعوان التابعة لمصلحة قمع الغش و مراقبة النوعية لدى وزارة الفلاحة و التطوير الريفي.
– الأعوان التابعة لمصلحة أدوات القياس لدى وزارة التطوير الصناعي و العلمي.
و قد نصت المادة 16 و 20 من ق إ ج الفرنسي على تمديد الإختصاص فيما يتعلق بضبط جرائم الإشهار الكاذب، إلى أعوان الشرطة القضائية و ذلك فقط بالنسبة للأعوان الذين يمارسون وظيفتهم في باريس، و الولايات التابعة لها.
و على المعلن الإلتزام بتقديم كل الوثائق المطلوبة منه، لأعوان المعاينة، و إلايتعرض لجزاءات التأخير طبقا للمادة 44 II / 12 من قانون 1973 .
و بعد تحرير محضر معاينة من الأعوان المكلفة بذلك، يقدم للسيد وكيل الجمهورية لإتخاذ الإجراء المناسب، هذا إضافة حق المضرور في الإدعاء مدنيا [69].
v ـ عقوبة الإشهار الكاذب أو الخادع في ظل قانون 1973، تتمثل في الحبس من 3 أشهر إلى سنتين، و غرامة قد يصل حدها الأقصى إلى 50 % من نفقات الإشهار الكاذب، إعتماد على الأهمية الإقتصادية للإشهار، و هذا ما تنص عليه المادة 6-121-L من قانون الإستهلاك الفرنسي.
و يجوز للمحكمة أن تطلب من الأطراف و لاسيما من المعلن جميع الوثائق الضرورية، و في حالة الرفض يجوز لها أن تأمر بحجزها و بغرامة تهديديه قدرها 30.000 فرنك فرنسي عن كل تأخير.
البند 2 : في التشريع الجزائري
بادئ ذي بدء لابد من الإشارة إلى أن الجزائر لا تعرف تشريع خاص يعاقب على جريمة الإشهار الكاذب، فقط أن المادة الأولى من المرسوم التنفيذي 90/39 نصت على تعريف للإشهار، كما تبنى المشرع الجزائري معظم المبادئ العامة الواردة في مدونة القواعد الدولية للممارسات المشروعة في مجال الإشهار، و ذلك بموجب المرسومين التنفيذيين رقم 91/101 [70] و رقم 91/103 [71] تحت عنوان أخلاقيات المهنة و بمناسبة بيانه للإلتزامات المتعلقة بالإشهار، كما أن المادة100 من قانون الإعلام 09‑07 ،استثنت الإشهار من مجال تطبيقه وأحالته على قانون خاص،مما يعني عدم اعتبار الإشهارالكاذب من قبيل الجرائم الإعلامية،
وان كان المشرع الفرنسي قد نص على جريمة الاشهار الكادب مند 1963 فان المشرع الجزائري مازال متخلفا عن مواكبة هدا التطورالتشريعي، ولكون أن دراستنا انصبت على تحليل مشروع قانون الإشهار لسنة 1999، ولكون أن المستهلك هو ضحية الإشهارالكاذب، فإننا سنتطرق في هذا المجال إلى جريمة الإشهار الكاذب في ظل مشروع قانون الإشهار، وكذا إلى الحماية التي يمكن أن يستفيد بها المستهلك في حالة ما إذا لحقه أي ضرر، غير أن المعلن إستطاع أن ينفي التهمة عن نفسه ومع دلك فانه تبقى هناك باب يستطيع ان يلجا اليها المستهلك الا وهو قانون 89 02
أولا ـ في ظل مشروع قانون الاشهار لسنة 1999: الذي نص على هذه الجريمة في المادة 41، إذ تقوم ادا تحققت اركانها وهي نفس الاركان التي سبق لنا دراستها في ظل التشريع الفرنسي في الفرع السابق، أما بالنسبة للركن المعنوي لهذه الجريمة في ظل هذا المشروع، و لاسيما الفقرة الثانية من المادة 41 منه، فيتضح لنا أنه لم ينص فيها على ضرورة توافر سوء النية لدى المعلن، و إنما يكفي لكي يكون الإشهار كاذبا بأن يتضمن إدعاءات أو إشارات أو عروض خاطئة من شأنها أن تخدع المستهلك أو المستعمل للمواد و الخدمات، مما يجعلنا نعتقد أن جنحة الإشهار الكاذب في ظل هذا النص هي جريمة غير عمدية .
وعلى خلاف المشرع الفرنسي فإن المادة 44 من المشروع، تعاقب على جريمة الإشهار الكاذب بعقوبة الغرامة فقط دون عقوبة الحبس، و التي تتراوح من 500.000 دج إلى 1.000.000 دج كعقوبة أصلية.
ثانيا – في ظل قانون حماية المستهلك رقم 89-02 [72] : نظرا لعدم وجود قانون صريح متعلق بالإشهار بصفة عامة ، و بالإشهار الكاذب بصفة خاصة، لذلك فضلت التطرق إلى قانون حماية المستهلك الجزائري رقم 89-02، طالما أن الإشهار موجه للمستهلك قصد تحريك رغبة لديه في إقتناء المنتوج أو الخدمة.
فالرسالة الإشهارية موضوعها منتوجات و خدمات، ليس فقط من أجل تعريف المستهلك بها من أجل إقتنائها، و لكن الهدف الأساسي هو إعلام المستهلك بما هو موجود في السوق، و بما هي حقيقة المنتوج و ذاتيته، و الأهم من هذا هو إعلام المستهلك حول إذا ما لاحظ أن هناك خطر يهدد صحته و سلامته و أمنه من جراء ما يعرض عليه يوميا و بصورة متجددة و متنوعة من منتوجات و خدمات.
و قد أشار قانون حماية المستهلك الجزائري في مادته 19/3، إلى ضرورة إعلام المستهلك بكافة الوسائل، و على نفقة المنتج عندما يكون هناك منتوج يحتوي على خطر يهدد صحة و سلامة المستهلك، كما نصت الفقرة الأولى من نفس المادة على الإجراءات الإدارية و الوقائية التي يجب أن تتخذها السلطة الإدارية من أجل سحب المنتوج من مسار عرضه للإستهلاك أو تأمر بإعادة توجيهه أو تغيير إتجاهه أو إتلافه .
كما أن البطاقات اللاصقة التي يحتويها المنتوج و / أو الخدمة هي بمثابة إشهار بحيث تحتوي على مكونات المنتوج، و على وزنه، و منشأه، و تاريخ صنعه، و إنتهاء صلاحيته و مصدره، و بالتالي فكل منتوج لا يحتوي على هذا الوسم فإنه يحجز بموجب قرار يصدر من السلطة الإدارية المختصة طبقا للمادة21 منه ، كما أن المنتج الذي يخالف أحكام المادة 3 منه والمتعلقة باستجابة المنتوج او الخدمة للرغبات المشروعة للمستهلك فيعاقب بالعقوبات المقررة في الماد 429 430 431 من ق ع ج، أضف الى أن المادة 28 /2 عاقبت بالحبس من 10 ايام الى شهرين وبغرامة من 100د ج الى 1000 د ج او احدى هاتين العقوبتين كل من خالف احكام المادة 3 في فقرتيها 1و2 والمواد 4 ،5 ،6 ،9 من نفس القانون
اما المادة 29 /2 نصت على ان التعمد في التقصير المتعلق بالمنتوج او الخدمة تطبق عليه المادة 432 من ق ع ج والمتعلقة بالغش في بيع السلع والتدليس في المادة الغذائية والطبية ادا ماالحقت بالشخص الدي يتناولها مرضا او عجزا عن العمل او فقد عضو او موته ودلك ببيعها او عرضها للبيع .
وبعدما تطرقنا الى تلك المواد فانه يتبادر الى ادهاننا سؤال حول علاقة هده المواد بالاشهار الكاذب ؟
صحيح ان المادة 429 م ق ع ج نصت على الغش في المواد الاستهلاكية ولم تشر صراحة الى الاشهار الكادب، اما المواد 430 ،431 و 432 فانها تطرقت بصورة مباشرة الى تغليط المستهلك عن طريق البيع او عرض للبيع مواد فاسدة او مغشوشة والتي تتم عادة عن طريق الاشهار الشفوي او عن طريق بيانات كادبة فكل هده الوسائل تعتبر اشهار كادب يهدف الى غش وتغليط المستهلك .
وإضافة الى الحماية المضمونة للمستهلك المتضرر من الاشهارات التجارية بموجب أحكام قانون المستهلك، ونظرا لغياب نصوص خاصة في القانون الجزائري تجرم الإشهار الكاذب، وهو ما عاشته فرنسا قبل 1963 ولدلك سبق للقضاء الفرنسي قبل هدا التاريخ وحتى بعده إلى تطبيق الأحكام التي تعاقب على النصب وغيرها لدلك نتساءل عن إمكانية إعطاء تكييفات قانونية أخرى لخداع وكذب المعلن في إشهارا ته التجارية ؟
الفرع الثاني: إعطاء الإشهار الكاذب تكييف قانوني أخر.
البند الأول: جريمة النصب.
يعرف النصب بأنه الاستيلاء على مال الغير بطريق الحيلة بنية تملكه، وهو ما نصت عليه المادة 372 من ق ع ج، وبالتالي فالعنصر المميز للنصب هو التوصل إلى الاستيلاء على مال الغير بالتدليس الجنائي، والإشهار التجاري قد يشكل وسيلة ابتزاز ونصب الأموال ،فالميزة الخاصة بالكذب الموجودة في جنحة النصب فهي محققة عن طريق وسائل اشهارية، ولكن مع ذلك لاعتبار الإشهار نصبا لابد من توافر أركان جريمة النصب وهي:
أولا ـ الركن المادي.
1 ـ استعمال وسيلة من وسائل التدليس :
أ ـ استخدام طرق احتيالية: وليس مجرد الكذب إضافة إلى تعلق الأمر بعملية وهمية وقد يصل الكذب إلى درجة الطرق الاحتيالية إذا اقترن بأعمال مادية أو مظاهر خارجية تحمل على الاعتقاد بصحته كالاستعانة بشخص أخر لتأييد الإدعاءات الكاذبة لما يؤدي إليه دلك من جعل هذه الإدعاءات أقرب إلى التصديق، ولاشك في خطورة الاحتيال الذي يتم من خلال الصحافة المكتوبة والمسموعة خاصة إذا اتخذ الإعلان شكل التحقيق الصحفي لان استخدام وسيلة إشهار بهذا القدر من الأهمية يعطي الكذب قوة ويجعله محلا للثقة والتصديق .
أما من حيث الغرض من هذه الطرق الاحتيالية فيجب أن تكون من بين إحدى الأمور الواردة في المادة 372 من ق ع ج على سبيل الحصر والمتمثلة في الإيهام بسلطة كاذبة أو بائتمان مالي خيالي أو إحداث الأمل أو الخوف بحصول ربح وهمي أو حادثة أو أية واقعة وهمية أخرى،
والراجح في فرنسا هو النظر إلى الوسائل الاحتيالية من حيث تأثيرها في الشخص المتوسط الذكاء 1 .
ب ــ اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة: ولو لم يعزز إدعاؤه باستعانة المعلن بطرق احتيالية أخرى .
2 ـ الاستيلاء على مال الغير: ولكي يتم دلك لابد من أن يتم الاستيلاء نتيجة استعمال الجاني وسيلة من وسائل التدليس وقد حددت المادة 372 من ق ع.
ثانيا ـ الركن المعنوي : النصب من الجرائم التي لا تقع إلا عمدية ،ولذا تتطلب القصد الجنائي العام والخاص، فلا يكفي أن يكون الجاني عالما باحتياله وإنما لابد أن تكون غايته هي أن يسلب جزءا من مال الغير ولذلك يجب للعقاب على الإشهار الكاذب على أساس تحقق عناصر جريمة النصب أن تنصرف إرادة المعلن إلى الاحتيال وتبتغي غرضا من الأغراض الواردة في النص العقابي
وعلى الرغم من أهمية استعمال النص العقابي الخاص بجريمة النصب لمكافحة الإشهار الكاذب، فان ذلك لا يكفي لتوفير ردع مناسب لجميع الاشهارات الكاذبة لما يتطلبه من شروط دقيقة ومنها عدم اعتداده بمجرد الكذب مادام لم يقترن بأعمال مادية أو بنوع من الحبك المسرحي وان يقصد تحقيق غاية حسب ما هو منصوص عليه في المادة 372 ق ع، وهو ما لا يتوفر دوما في الإشهار الكاذب، لذلك سوف نتولى التطرق إلى مدى إمكانية إعطاء وصف جريمة الخداع على الإشهار.
البند 2 جريمة الخداع .
إن الخداع هو القيام بأعمال أو أكاذيب من شأنها إظهار الشيء على غير حقيقته أو إلباسه مظهرا يخالف ما هو عليه في الحقيقة والواقع، وهي تقع بتوافر الأركان التالية:
1 ـ الركن المادي : نصت المادة 213 ـ1 من قانون الاستهلاك الفرنسي على أن الخداع أو محاولة الخداع يجب أن يتحقق بأية وسيلة أو إجراء كان، وقع على إحدى خصائص المنتوج أو الخدمة، بينما نصت المادة 429 ق ع ج على أن كل من يخدع أو يحاول أن يخدع المتعاقد، وأسقط المشرع عبارة أية وسيلة أو إجراء كان، وعلى ذلك يجوز أن يرتكب الخداع بواسطة الغير، كما يجوز أن ينجم عن استعمال وسائل تدليسية،
بشرط أن تشكل هذه الوسائل خداعا حقيقيا وأن تقع على إحدى خصائص المنتوج التي عددتها المادة 429، ففي جريمة الخداع تكون وسيلة الخداع مستهدفة تضليل المتعاقد دون المساس بالبضاعة أو إدخال أي تغيير على مادتها .
2 ـ الركن المعنوي : إن جريمة الخداع في القانونين الجزائري والفرنسي هي جريمة عمدية .
وقد ذهب القضاء الفرنسي إلى أن الإشهار الكاذب أو الخادع في ذاته لا يعد بدءا في التنفيذ فالإشهار سابق على العقد ومن ثم لا تقوم معه جريمة الخداع أو الشروع فيه ما لم يتم العقد على إثر الإشهار وما يؤكد ذلك انه لقيام جريمة الخداع أو الشروع فيها يلزم أن يكون هناك عقد أو شروع في التعاقد فالقانون لم يواجه الخداع في ذاته بل في نتائجه، فالإشهار المبالغ فيه لا يعتبر خداعا مادامت المبالغة تدخل في حدود المألوف في التجارة ولا تخدع الشخص المتوسط الذكاء.1
1 ـ أنظر، بكر عبد المهيمن،القسم الخاص في قانون العقوبات، دار النهضة العربية، 1968، ص 456 .
مع كل ذلك فإن الأخذ بجريمة الخداع لا يوفر حماية كافية من الإشهار الكاذب، لأنه لم يقصد من سنّها مواجهة هذا الأخير، إذ لا تطبق أحكامها إلا متى أعتبر الإشهار خادعا كما أنها لا تطبق إذا تعلق موضوع الإشهار بخدمات أو عقارات، وهي مواضيع يطالها الإشهار كما أنها تستلزم وجود عقد مما يعني توجيه أفعال الخداع تجاه شخص معين متعاقد، أما إذا اقتصر الأمر على الإشهار ولم يتبعه تعاقد فلا تقوم الجريمة. 2
المطلب الثاني : جريمة الإشهار المقارن .
إن الإشهار المقارن هو ذلك الذي يقوم ببثه صانع أو مؤدي خدمات يقارن بموجبه بين الأموال والخدمات التي يعرضها منافس آخر محدد الهوية أو قابل للتعيين في الرسالة الاشهارية بغرض إقناع المستهلكين بأفضلية منتجاته أو خدماته عن منتجات أو خدمات غيره و بهذا الوصف يعتبر الإشهار المقارن أداة للمنافسة غير المشروعة التي تتخذ صورة تشويه المنافس .
الفرع الأول : موقف التشريع الفرنسي من الإشهارالمقارن.
اختلفت التشريعات بين مجيز للإشهار المقارن باعتباره مفيدا للمستهلك مثل القانون الامريكى والكندي، أما المشرع الفرنسي فلم يبادر بتنظيمه ،إلا بموجب القانون رقم 92 ـ60 المؤرخ في 18 جانفي 1992 ،أما قبل ذلك كان القضاء الفرنسي يعتبره من أعمال المنافسة غير المشروعة المخالفة للممارسات التجارية، وبناءا على ذلك كان يجوز للطرف المتضرر اللجوء إلى القضاء لوضع حد لهذا التعدي وطلب التعويض على أساس المادة 1382 ق م ف، ثم بعد دلك أجازه القضاء إدا انصب على المقارنة بين أسعار السلع المتماثلة التي يتم بيعها وفقا لنفس الشروط من قبل تجار مختلفين مع بقاء الإشهار المقارن الذي يتناول خصائص المنتجات أو الخدمات ممنوعا .
وهذا التطور القضائي مهدّ لصدور القانون السالف الذكر والذي أجاز الإشهار المقارن ولكن بشروط قاسية جعلت البعض يتساءل فيما إذا لم يكن هذا القانون موجها إلى منعه لا إلى إجازته وانه يجب بعض الاعتراف بمزاياه في تنمية التنافس وفي إعلام المستهلكين وذلك إذا ما كان صادقا وقد حددت المادة 121 ـ8 ومايليها من قانون الاستهلاك شروط صحته وهي تتقارب مع تلك الواردة في التعليمة الأوربية المؤرخة في 6 أكتوبر 1997 المعدلة لتعليمة 1984 وهي تتمثل في :
1 ـ أنظر،الجندي حسن الجندي،في شرح قانون قمع التدليس والغش، دار النهضة العربية، الطبعة الثالثة، 2000، ص 74 .
2 ـ أنظر، د. محمد بودالي، المرجع السابق، ص 197 .
1ـ أن يكون مشروعا بأن لا يتضمن قدحا لمنتجات أو خدمات منافسه، ويذهب القضاء الفرنسي الى اعتبار ه مشروعا مادام أنه يستند الى معلومات صحيحة حتى ولو اختار أن يجري المقارنة بين العناصر الي يراها في مصلحته وأغفل باقي العناصر التي تتفوق فيها المنتجات أو الخدمات المقارن بها ،
2 ـ إن يكون واقعيا و صادقا ولا يؤدي بطبيعته إلى وقوع المستهلك في الغلط ،
3 ـأن ينصب على سلع أو خدمات من نفس الطبيعة، وعلى ذلك لا يجوز مقارنة سيارة ذات سمعة عالمية بسيارة أقل ،
4 ـ أن يكون موضوعيا بأان لا يقوم على أراء أو تقديرات شخصية ،
5 ـ أن يسلمه المعلن قبل بثه إلى المنافس المعني بالمقارنة لإبداء رأيه فيه،
6 ـ وأن لا يظهر على بعض وسائل الإشهار بسبب الصعوبات التي قد تعترض عملية المراقبة وحتى لا يختلط الإشهار المقارن مع البيانات المتعلقة بالالتزام بالإعلام ومن بينها البطاقات البنكية .
و إذا اختل شرط من هذه الشروط، كان الإشهار المقارن غير مشروع يوجب مسؤولية المعلن بالتعويض وحتى وقف هذا الإشهار، كما رتب القانون السالف الذكر جزاءات عقابية أدمجت في المادة 121 ـ14 من قانون الاستهلاك وهي ذات العقوبات المطبقة على جريمة الإشهار الكاذب .
الفرع الثاني : الإشهار المقارن في ظل التشريع الجزائري .
ليس هناك نص قانوني خاص يتكلم عن الإشهار المقارن في الجزائر،ولذلك يتعين على القاضي أن يرجع إلى القوانين المتعلقة بالمنافسة وكذا بالممارسات التجارية، أما بالنسبة لمشروع قانون الإشهار لسنة 1999 فقد نص على منعه وشرح المقصود منه في المادة 42 ورتب جزاء على المعلن الذي يتخذ هذا الأسلوب للترويج عن سلعه وخدماته وهو نفس الجزاء المفروض في جريمة الإشهار الكاذب .
المطلب الثالث : تحديد المسؤول جزائيا عن الاشهارات التجارية المضللة.
نصت المادة 23 /2 من المشروع على أنه” يكون المعلن مسؤولا بصفة شخصية عن الإشهار الذي أعد لصالحه في حالة موافقته على النص قبل بثه أو نشره “،ويعد معلنا حسب المادة 6 من المشروع ،كل شخص طبيعي أو معنوي يدرج إعلانا اشهاريا أو يوكل الغير بإدراجه، وهو كل محترف يستخدم الإشهار في سبيل التعريف بمنتوج أو خدمة بهدف جلب العملاء .
وقد نصت المادة 44/7 من القانون الفرنسي لعام 1973 على أن” المعلن الذي يتم بث الإشهار لحسابه فان المسؤولية تقع على مسيريه وان الاشتراك في الجريمة معاقب عليه وفق شروط القانون العام…” ،1 وبالتالي لا يمكن للمعلن التنصل من مسؤوليته إذا ما وكّل أو أناب أحد من عماله للتكفل بالعمل الاشهاري، فالوكيل يبرم العقد باسم ولحساب الموكل المعلن والذي يزوده بالمعلومات التي على ضوئها يقوم الوكيل بتنفيذ الوكالة ويلتزم بإعلام المعلن بأي عمل يقوم به .
الفرع الأول: المعلن الشخص الطبيعي.
فالمعلن هو المسؤول كفاعل أصلي عن الجريمة المرتكبة وحسب المادة 44 من القانون الفرنسي لسنة 1973، هو الذي تم الإشهار لحسابه وبالتالي هو المسؤول بصفة أصلية وقد اختلف في تفسير عبارة “المعلن الذي تم الإشهار لحسابه”، إذ البعض يرى أن الشخص الذي تم الإشهار لحسابه هو ذلك الذي يستفيد من الإشهار، والبعض الآخر يرى انه هو ذلك الذي يصدر الأمر بالإشهار وهو ما أخذت به محكمة النقض الفرنسية إذ اعتبرت الوكيل العقاري الذي تلقى أمر ببيع العقار وقام بنشر إشهار في إحدى الصحف يتضمن بيانات كاذبة بشأن مساحته يعد مسؤولا بصفة أصلية ولم تقبل المحكمة زعمه بأن تلك البيانات التي نشرها كان قد تلقاها عن المالك والذي تقوم مسؤوليته كشريك2، ويغلب في الواقع أن يكون المستفيد من الإشهار و الآمر به شخصا واحدا ولكن قد يكونان شخصين مختلفين .
كما قد تقع المسؤولية على عاتق الشخص الذي بادر بنشر أو ببث أي إشهار إذا لم يكن المعلن قد أبدى موافقته المسبقة حول محتوى الإشهار وهذا حسب المادة 23 من المشروع، ولكن مع ذلك المعلن لا يمكنه التهرب من مسؤوليته لأنه ملزم بمراقبة محتوى الرسالة الاشهارية قبل بثها ولكن كون أنه كثيرا ما يقوم بمساعدة المعلن عدة أشخاص آخرين يتدخلون في العمل الاشهاري، فإن هؤلاء قد تثار مسؤوليتهم بحسب ما إذا قاموا بعملهم بعد إعلام المعلن أو دون ذلك، وهدا حسب المادة 24 من المشروع التي تنص” يعتبر معدو الإعلانات الاشهارية ومسؤولو أقسام الإشهار الصحفية أو السمعية البصرية أو الشركات أو الوكالات الاشهارية مسؤولين بخصوص الاشهارات المبثة أو المنشورة دون الموافقة الصريحة للمعلن، ويعاقبون بغرامة من 50.000 د ج إلى 100.000 د ج دون الإخلال بطلب التعويض عن الأضرار.
إذ أن الأصل المعلن هو الذي يقوم بإعداد وبث الرسالة الاشهارية بصفة منفردة، ولكن ليس هناك ما يمنع أن يسند ذلك إلى أجهزة اشهارية متخصصة وهذا حسب المادة 7 من المشروع التي تنص “كل معلن حر في إعداد الإعلانات الاشهارية واختيار الدعائم لتي ينشر ويبث بواسطتها إعلاناته الاشهارية مع مراعاة أحكام هذا القانون”، وهذه الأجهزة المتخصصة تتمثل في، الوكالات الاشهارية التي تقوم بتنظيم وإعداد الرسالة الاشهارية عبر وسائل الإشهار ولها مهام عدة ذكرتها المادة 19 من المشروع ويبقى على المعلن أن يمدها بمعلومات صادقة وصحيحة حول السلعة أو الخدمة المراد الإشهار عنها، ولذا تقوم مسؤولية المعلن والوكالة، ووجه الاشتراك بالنسبة لهده الأخيرة يتمثل في تقديمها المساعدة للمعلن في تنفيذ الجريمة من خلال تحضير وإعداد الإشهار المجرّم مع علمها بذلك واتجاه إرادتها إلى تضليل المستهلك، غير أنها يمكن أن تتنصل من
1 ـأنظر،قندوزي خديجة، المرجع السابق، 173 .
2 ـ أنظر، د. عبد الفضيل محمد أحمد، الإعلان على المنتجات والخدمات من الوجهة القانونية،دار النهضة العربية،1999، ص من 341 الى343 .
المسؤولية على أساس انه تم تضليلها من المعلن ، كما تقوم مسؤولية المكلف بإدارة الوسيلة الاشهارية إلى جانب مسؤولية المعلن إما بصفته فاعلا أصليا أو شريكا .
وفي ظل توسع نشاط الأشخاص المعنوية أاقر المشرع الفرنسي سنة 1992 المسؤولية الجزائية لها، إلا أنه بالنسبة لجريمة الإشهار الكاذب لم بنص على مساءلة الشخص المعنوي ،إنما نص فقط على مسؤولية
أما المشرع الجزائري فقد أقر مبدئيا بالمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي بموجب القانون رقم 04 ـ 15 المعدل لقانون العقوبات الجزائري وذلك في المادة 51 مكرر، ولكن نظرا لغياب نص قانوني ينظم الجرائم المتعلقة بالإشهار فلا يمكن القول بإمكانية مساءلته عنها، غير أننا إذا رجعنا إلى التكييفات الأخرى الممكن أن يوصف بها الإشهار الكاذب فإنه وحسب نفس التعديل أصبح يسأل على جريمة النصب حسب المادة 382 مكرر2 ، كما نصت المادة 435مكرر على مساءلته عن جريمة الخداع، و بالتالي إذا أخذ الإشهار الكاذب الذي صدر عن الشخص المعنوي وصف هاتين الجريمتين فإن المعلن يتابع ويعاقب حسب هذين النصين .
وقد أخذ المشروع صراحة بمسؤولية الشخص المعنوي عن الجرائم المتعلقة بالإشهار في مادتيه 6 و44.
المطلب الرابع : العقوبات التكميلية وتدابير التي يمكن للقاضي النطق بها.
فبعد تحديد المسؤول عن الأضرار التي لحقت المستهلك من الاشهارات التجارية المضللة وثبوت أركان الجريمة، يتولي القاضي ردع هذه الأخيرة بفرض العقوبات الأصلية المنصوص عليها قانونا علي الجاني، غير أن المشرع أحيانا ينص إلي جانب هذه العقوبات على عقوبات تكميلية،وهذا ما نجده في قانون الاستهلاك الفرنسي ،وكذا مشروع قانون الإشهار الجزائري لسنة 1999، إذ الحكم علي الجاني بعقوبات الغرامة أو الحبس لا يفيد في شئ المتضرر من جريمة الإشهار الكاذب مثلا، فقد تكون أحيانا العقوبات التكميلية أو التدابير الوقائية أكثر ردعا من العقوبات الأصلية وأفيد للمتضرر،ولمعرفة ذلك سنتولى دراسة أهم هذه العقوبات التكميلية لردع الاشهارات التجارية المضللة كالآتي :
الفرع الأول: وقف الإشهار المضلل .
فسعيا من القاضي لوضع حد للأضرار المستقبلية للإشهارات التجارية المضللة ووقوع ضحايا جدد بسببها يقوم بإصدار حكم بتوقيف الإشهار المضلل، وذلك غالبا تحت غرامة تهديدية عن كل يوم تأخير عن تنفيذ هذا الحكم و الاستمرار في المخالفة1، وهذا حسب المادة 5 من القانون الفرنسي لعام 1963 التي أجازت الأمر بوقف الإشهار وأكدت عليه المادة 44 /3 من القانون الفرنسي لعام 1973، وقد أشار المشروع التوجيهي للمجموعة الأوروبية والمتعلق بإلاشهار الكاذب في مادته الخامسة، إلي أن الدول الأعضاء يجب عليها
1ـ أنظر، قندوزي خديجة، المرجع السابق، ص 190، 191 .
2 ـ أنظر، د.محمد بودالي، المرجع السابق، ص 183 .
توصية الجهات القضائية بأن تأمر بوقف الإشهار الكاذب مؤقتا أو نهائيا.
وحسب ما سبق ذكره فإن وقف الإشهار المضلل يشكل طريقة وقائية وتدبير، إذ أن المحكمة قد تتخذه قبل صدور الحكم الفاصل في الموضوع تفاديا لبطء إجراءات التقاضي، وهو إجراء خطير الأثر لذلك يراعى عند الإعمال به كون أن الإشهار واضح الكذب، وحسب المادة121 ـ 3 من قانون الاستهلاك الفرنسي، فإن توقيف الإشهار يمكن أن يأمر به قاضي التحقيق أو الحكم،ويكون نافذا رغم الطعن فيه.2
وإلي جانب اختصاص قاضي الموضوع سواء الجزائي أو المدني، حسب قانون العقوبات الفرنسي لسنة 1992، باتخاذ هذا التدبير فإنه يجوز رفع دعوى لوقف الإشهار المضلل أمام قاضي الإستعجالي إذ ضرر جسيما، الذي بإمكانه أن يصدر أمر بذلك لدفع الخطر المحدق بالمدعي دون النظر في موضوع الدعوى
وذلك مؤقتا إلي حين الفصل في الموضوع من الجهة القضائية المختصة .
أما في الجزائر فقد كانت المادة 38 من المشروع الذي قدم أمام المجلس الشعبي الوطني والتي حذفت بعد مناقشته من طرف نواب هذا الأخير ، تنص علي الإشهار الكاذب وتضمنت في فقرتها الثانية النص علي جواز الأمر بوقف هذا الأخير ومع ذلك فإن المشروع تدارك الوضع بعد حذفه لهذه العقوبة التكميلية بنصه في المادة 52 منه علي أنه “دون الإخلال بالعقوبات الأخرى، تمنع من الإشهار لمدة أقصاها 8 أيام، وسائل الإعلام السمعية ـ بصرية التي تبث الاشهارات المخالفة لدفاتر الشروط أو الممنوعة من الإشهار.
تسري نفس العقوبة علي وسائل الإعلام المكتوبة في حالة العود”.
وإذا كانت عملية الإشهار تمت عن طريق الوسم الملصق في المنتوج، فإن توقيف الإشهار يتطلب سحب الغلاف وبالنتيجة توقيف عملية تسويق المنتوج.
الفرع الثاني : الأمر بنشر الحكم القضائي.
ففي حالة إدانة المعلن فإنه إلي جانب العقوبة الأصلية التي ينطق بها القاضي يمكن له أن يأمر بنشر الحكم القضائي، وهذا حسب المادة 5 من القانون الفرنسي لسنة 1963 أين كان إجراء جوازي، والمادة 44/6 من قانون 1973 أين أصبح إجراء إلزامي.
والهدف من نشر الحكم هو إلحاق عقاب أدبي و أخلاقي بالمعلن ، عن طريق كشفه للجمهور والعملاء وهو ما يمكن أن يصيب انتمائه أو مركزه التجاري بضرر بالغ ، وكذا توجيه رسالة إلى باقي المعلنين الذين يفكرون في تنظيم إشهارات مضللة .
وقد عمدت المادة 55 من القانون الفرنسي المؤرخ في 11\07\11975 على تحميل المحكوم عليه نفقة نشر الحكم سواء أكان في الصحافة الوطنية أو الجهوية ، إضافة إلى نشره في مجلة المستهلك وهذا حسب التعليمة المؤرخة في 01/12/1977 ، أما بالنسبة للجزائر فإن المادة 44 من المشروع نصت علي انه “…ويمكن للقاضي زيادة علي ذلك ،أن يأمر بنشر الحكم أو ملخص منه في جريدة أو أكثر يختارها، أو تعليق هذا الحكم في أماكن يسمح بها ، لمدة لا تتجاوز شهرا واحد .
يتحمل المعني نفقات تنفيذ هذا الإجراء دون الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات “.
فبذلك تكون هذه المادة قد جعلت الأمر بنشر الحكم إجراء جوازي ، وبالتالي إصداره يخضع للسلطة التقديرية للقاضي علي أن نشر الحكم أو ملخص منه في جريدة ، فيكون بذلك قد استثنى وسائل الإشهار الأخرى، مع العلم أن الأمر بنشر الحكم نصت عليه المادة 9 و18 ق ع ج تحت عنون العقوبات التكميلية.
الفرع الثالث : الحكم بنشر أو ببث الاشهارالتصحيحي.
إن نشر الإشهار التصحيحي عقوبة تكميلية جوازية استحدثها القانون الفرنسي لسنة 1973، إذ يجوز للقاضي أن يأمر بنشر أو ببث إشهار تصحيحي أو أكثر علي نفقة المحكوم عليه وذلك باستعمال نفس وسيلة الإشهار الكاذب حتى يتحقق الهدف من اتخاذ هذا التدبير، إذ نصت لمادة 44 /6 انه ” في حالة الإدانة، المحكمة تأمر بنشر الحكم ، وكما يمكنها إضافة إلي ذلك أن تأمر ببث، علي نفقة المحكوم عليه ،واحد أو أكثر من الإشهار التصحيحي،والحكم يحدد كلمات هذا الإشهار، وطرق بثه ، وكما يمنح مدة للمحكوم عليه لتنفيذ هذا الإجراء ، في حالة عدم الامتثال وبدون الإخلال بالجزاءات الواردة في المادة 7 .121 يقوم بتنفيذ هذا الإجراء وكيل الجمهورية علي نفقة المحكوم عليه”2، ويجب أن يكون القاضي على دراية ويتقن تقنيات الإشهار، ويكون من الأفيد إذا أصدر القاضي حكما بنشر إشهار تصحيحي في الاشهارات التجارية التي تحدث لبسا وغموضا في ذهن المتلقي لهذه الاشهارات أو في حالة كتمان المعلن عن بيانات جد مهمة حول السلع والخدمات المعلن عنها، لو علم بها المستهلك لما أبرم العقد حول هذه الأخيرة، ولهذا يرى البعض ضرورة أن يكون الإشهار التصحيحي إلزاميا و ليس اختياريا متروكا لتقدير القاضي 3 .
وعلي خلاف مشروع قانون الإشهار الجزائري لسنة 1999 فإن المشروع التمهيدي لقانون الإشهار لسنة 1992 أشارالى الإشهار التصحيحي في الفقرة الثانية من المادة 128 ، أما مشروع قانون الإشهار لسنة 1999 فقد نص علي الإشهار التصحيحي المادة 38 /2في ظل العمل التحضيري، غير أنها حذفت بعد تقديمه أمام المجلس الشعبي الوطني،
إذ كانت تنص علي انه ” ويأمر القاضي بوقف ذلك الإشهار ودعوة الجاني إلي الاعتراف بعدم صدق إعلانه الاشهاري بواسطة إعلان تصحيحي، يكون في نفس الدعائم المستعملة وفي نفس المساحة والوقت الذي حظي به الإشهار الكاذب .
1 ـ أنظر، د. محمد بودالي، المرجع السابق، 183
2 ـ أنظر، بلعشي مريم، المرجع السابق ، ص 142 .
الخاتمة
إن حق المستهلك في الإعلام أصبح إحدى الركائز الأساسية لكل سياسة توضع للدفاع عن المستهلكين ، وهو بوجه عام أدة قانونية لحماية إرادة المتعاقد الضعيف،كما أن من شأنه أن يعالج اختلال التوازن في العلاقات بين المحترفين و المستهلكين، وهذا الإعلام يجد مصادره في عدة جهات أولها، المحترف نفسه الذي يقع عليه مبدئيا إاتزام إجباري عام بالإعلام،بإضافة إلي التزامات إجبارية خاصة لفائدة المستهلك كالوسم و الإعلام بالسعر وبشروط البيع وكذا الامتناع عن كل عمل يؤدي إلي خداع المستهلك
والي جانب المحترف نجد هناك جمعيات المستهلك والمؤسسات الاستشارية كالمجلس الوطني لحماية المستهلكين، ولكن هذا يكاد لا يوجد في الجزائر.
ولاشك أن حماية رضا المستهلك تقتضي تنظيم طرق الإيجاب والعرض التي يتبعها المحترف من أجل تنمية بيع المنتجات وأداء الخدمات ،فقد يتم ذلك في المحل التجاري وقد يلجأ إلى بث إشهار تجاري، إذ أصبح هذا الأخير في الجزائر واقعا ملموسا لا يمكن تجاهله ، وهذا رغم عدم وجود نص قانوني ينظم الإشهار التجاري ، وهذا على خلاف التطور الذي عرفه المشرع الفرنسي في هذا المجال ، أما المشرع الجزائري لم يتفطن بعد للاستخدام السيئ للإشهار واكتفى بتبني مدونة القواعد الدولية المراعية في مجال الإشهار ، والتي لم تعد كافية لمواجهة الاشهارات المضللة ، كما أن القواعد العامة المدنية والجزائية تبقى غير كافية لردع الاشهارات الكاذبة أو الخادعة وكذا المقارنة .
وإذا كان المشرع الفرنسي قد أنشأ جريمة الإشهار الكاذب بقانون 1963 ثم بقانون 1973 والمدمج في قانون الاستهلاك الفرنسي ، المشرع الجزائري مازال متخلفا عن مواكبة هذا التطور التشريعي وهو ما نأمل أ يتفاده مستقبلا ، هذا بالرغم من أن الإشهار التجاري هو مجال حيوي و ضروري سواء بالنسبة للمستهلك أو المحترف وحتى للاقتصاد ، أما بالنسبة للمستهلك الإشهار التجاري يساهم بشكل كبير في إتباع رغباته المشروعة وتحقيق مصالحه المادية ، من خلال ما يقتنيه من سلع وخدمات معلن عنها ، أما المحترف “المعلن” فإنه يحقق بواسطته الترويج لسلعه وخدماته ، وأما بالنسبة للاقتصاد فإن الإشهار التجاري الصحيح يساهم في رقي الاقتصاد إذ يخلق منافسة شريفة بين المهنيين.
ولكن لن يتحقق كل ذلك في غياب نص قانوني ينظم الإشهار التجاري ، إذ المهني “المعلن” سعيا لترويج سلعه وخدماته قد يتعسف و يتجاهل بذلك المستهلك المتلقي لهذا الإشهار والذي أصبح يعتمد عليه في اقتناء ما يحتاج إليه من سلع وخدمات فبذلك المعلن قد يلجأ إلى طرق غير مشروعة يذهب ضحيتها المستهلك .
مع العلم أن الجزائر شهدت عدة مشاريع قوانين في مجال الإشهار التجاري أخير ها كان في سنة 1999 ، والتي باءت كلها بالفشل لعدم المصادقة عليها ، واستنادا للمادة 120 من الدستور المعدل في 1996 التي نصت على أنه “يجب أن يكون كل مشروع أو اقتراح قانون ،موضوع مناقشة من طرف المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة على التوالي حتى تتم المصادقة عليه .
…وفي حالة حدوث خلاف بين الغرفتين تجتمع بطلب من رئيس الحكومة لجنة متساوية الأعضاء تتكون من أعضاء كلتا الغرفتين من أجل اقتراح يتعلق بالأحكام محل الخلاف .
وفي حالة استمرار الخلاف يسحب النص …”.
فالحالة الوحيدة التي يتم فيها سحب النص هي عدم الاتفاق بين الغرفتين حول نص المشروع وبعد التعديل الذي تقوم به اللجنة المتساوية الأعضاء ،أما مشروع قانون الإشهار لم يمر بهذه المراحل لذا نتساءل حول الأسباب الحقيقية التي هي وراء ذلك السحب المفاجئ لمشروع قانون الإشهار ، إذ أنه لم يرفض ووضع جانبا لأجل غير مسمى . فكان من الأفضل لو صادق البرلمان بغرفتيه على مشروع قانون الإشهار والأصح تسميته قانون الإشهار التجاري لما لذلك من أهمية كبرى لتنظيم مهنة الإشهار التجاري وفرض قواعد وشروط لابد من مراعاتها من المعلن حتى يقدم إشهار صحيح وصادق ،وبذلك نضمن الحماية للمستهلك المتلقي للرسالة الاشهارية في حالة إخلال المعلن بالشروط القانونية المفروضة عليه ، وبالتالي إلحاق أضرار بالمستهلك سواء نتيجة هذا الإخلال أو نتيجة لطمع المعلن الذي يدفعه إلى تقديم اشهارات كاذبة أو خادعة سعيا لترويج أكثر لسلعه ، أو حتى إضرارا بمنافسيه وذلك في حالة الاشهارات المقارنة .
فصدور قانون ينظم الإشهار التجاري يعفينا عن أي وصف آخر للتصرفات غير المشروعة التي تصدر عن المعلن وإنما نخضعها حينئذ للنص القانوني الذي ينظمها ، كما فعل المشرع الفرنسي الذي نص صراحة على جريمة الإشهار الكاذب أو الخادع ، كما نظم الإشهار المقارن ووضع له قواعد ،ورتب على مخالفتها ،جعل هذا الإشهار غير مشروع وبالتالي يخضع لنفس العقوبات المقررة للإشهار الكاذب ، فبذلك نعفي القاضي من السعي إلى إثبات أركان جريمة النصب أو الخداع في الاشهارات الكاذبة الصادرة عن المعلن ،وإنما يكتفي بإثبات أركان جريمة الإشهار الكاذب أو الإشهار المقارن ليفرض الجزاء المنصوص عليه قانونا سواء العقوبات الأصلية وحتى التكميلية .
ولكن في غياب هذا النص القانوني الخاص بالإشهار التجاري لا يبقى أمام القاضي إلا الاحتكام إلى أحكام قانون العقوبات فيما يخص جريمتي النصب والخداع هذا في الجانب الجزائي ،أما الجانب المدني فيكون أمامه الرجوع إلى قواعد القانون المدني باعتباره الشريعة العامة ،وقانون حماية المستهلك رقم 89ـ02 والمراسيم المطبقة له ، كما لا يوجد هناك مانع من الإطلاع على ما وصل إليه القانون والقضاء الفرنسيين في هذا المجال ،وذلك في انتظار صدور قانون جزائري ينظم الإشهار التجاري ،ومن ثم يضمن حماية أكثر فعالية لمتلقي الرسالة الاشهارية عبر مختلف الوسائل الاشهارية.
قائمة المراجع
أولا ـ باللغة العربية.
1ـ الكتب، الرسائل والمجلات.
أـ الكتب.
ـ د.أحمد محمد الرفاعي، الحماية المدنية للمستهلك إزاء المضمون العقدي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1994.
ـ د. أحمد عادل راشد، الإعلان،دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت،81 19.
ـ د. أحمد محمد المصري، الإعلان، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية1991،
ـ د. إسماعيل محمد السيد، سلسلة التسويق الحديث ، الإعلان، مكتبة العربي الحديث، القاهرة .
ـ د. الجندي حسني الجندي،في شرح قانون قمع التدليس والغش، طبعة 3، دار النهضة العربية،2000.
ـ د. السيد محمد السيد عمران، حماية المستهلك أثناء تكوين العقد ، منشاة دار المعارف، الإسكندرية.
ـ د. الناشف أنطوان، الإعلانات و العلامات التجارية بين القانون والاجتهاد، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 1999.
ـ د. بكر عبد المهيمن، القسم الخاص في قانون العقوبات، دار النهضة العربية ، 1968.
ـ د. حسين عبد الباسط جميعي،حماية المستهلك ، الحماية الخاصة لرضا المستهلك في عقود الاستهلاك ، دار النهضة العربية، القاهرة، 1996.
ـ د. سمير محمد حسين، مداخل الإعلان،منشأة دار المعارف، طبعة 1، 1973
ـ د. طارق الحاج وآخرون، التسويق من المنتج إلى المستهلك،دار الصفاء للنشر والتوزيع، عمان، طبعة ثانية،1998 .
ـ د. عبد الفضيل محمد أحمد، الإعلان على المنتجات والخدمات من الوجهة القانونية، دار النهضة العربية ،1999 .
ـ عبد النور ناجي،منهجية البحث القانوني،منشورات جامعة باجي مختار، عنابه ،2003 .
ـ د. محمد بودالي، حماية المستهلك في القانون المقارن، دار الكتاب الحديث،الجزائر، 2006.
ـ د. مرسي وزير عبد العظيم، افتراض الخطأ كأساس للمسؤولية الجنائية، دار النهضة العربية، 1988.
ب ـ رسائل الماجستير.
ـ بلعشي مريم، الحماية الجنائية للإشهار، ماجستير، بن عكنون، الجزائر،2001ـ 2002،
ـ جدايني زكية، الإشهار و المنافسة في القانون الجزائري، ماجستير، فرع قانون الأعمال، بن عكنون ، الجزائر، 2000ـ 2001.
ـ عياطة بن سيراج نايلة، الجوانب القانونية للإشهار ، ماجستير، الجزائر.
ـ قندوزي خديجة،حماية المستهلك من الإشهارات التجارية، ماجستير في قانون للأعمال، بن عكنون، الجزائر، 2006.
ـ لعجال لمياء، الحماية الفردية والجماعية للمستهلك،ماجستير في قانون الأعمال، بن عكنون، الجزائر، 2001ـ 2002.
ج ـ المجلات.
ـ أحمد السعيد الزقرد،الحماية القانونية من الخداع الإعلاني في القانون الكويتي والمقارن، مجلة الحقوق الكويتية، العدد 3، 1995.
ـ حسين فتحي، حدود مشروعية الإعلانات التجارية لحماية المتجر والمستهلك، مجلة المحاماة المصرية، العدد الأول، 1992.
ـ الشلتاوي محمد عبد الله، المسؤولية الجنائية في الإعلان التجاري ، مجلة الشرطة،الإمارات، 1998.
2 ـ النصوص القانونية:
أ ـ الأوامر والقوانين.
ـ الأمر رقم 67ـ 279 المؤرخ في 20 ـ 12 ـ 1967، المتضمن إنشاء شركة وطنية تسمى ” الوكالة الوطنية للنشر والإشهار”، ج ر عدد 02.
الأمر رقم 68 ـ 78 المؤرخ في 12 ـ 04 ـ1968 ،المتعلق بتأسيس الاحتكار الخاص بالإشهار التجاري، ج ر عدد 90.
ـ الأمر رقم 75 ـ 78 المؤرخ في 26 ـ 09 ـ 1975، المتضمن القانون المدني، ج عدد 78.
ـ الأمر رقم 76 ـ 06 المؤرخ في 20 ـ02 ـ 1976 المتضمن قانون الكروم والخمور، ج عدد 20.
ـ الأمر رقم 05 ـ10 المؤرخ في 20 ـ 06 ـ 2005، المتضمن القانون المني المعدل والمتمم، ج ر عدد44.
ـ القانون العضوي رقم 98 ـ 02 المؤرخ في 30 ـ 05 ـ1998، المتعلق بالمحاكم الإدارية، ج ر عدد 37.
ـ القانون رقم85 ـ 05 المؤرخ في 16 ـ02 ـ 1985، المتعلق بحماية وترقية الصحة العمومية، ج ر عدد 08.
ـ القانون رقم 88 ـ 08 المؤرخ في 26 ـ 01 ـ 1988، المتعلق بنشاطات الطب البيطري وحماية الصحة الحيوانية، ج ر عدد04.
ـ القانون رقم 89 ـ 02 المؤرخ في 07 ـ 02 ـ 1989، المتضمن القواعد العامة لحماية المستهلك، ج ر عدد06.
ـ القانون رقم 90 ـ 07 المؤرخ في 03 ـ 04 ـ1990 ، المتعلق بالإعلام ، ج ر عدد 14.
ـ القانون رقم 90 ـ31 المؤرخ في 04 ـ12 ـ1990 ، المتعلق بالجمعيات، ج ر عدد53.
ـ القانون رقم 91 ـ 05 المؤرخ في 16 ـ01 ـ 1991، المتضمن تعميم استعمال اللغة العربية، ج ر عدد
ـ القانون رقم 91 ـ 04 المؤرخ في 18 ـ 01 ـ 1991 ،المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، ج ر عدد02.
ـ القانون رقم 98 ـ 04 المؤرخ في 15 ـ 06 ـ 1998،المتعلق بحماية التراث الثقافي، ج ر عدد 44.
ـ القانون رقم 99 ـ 01 المؤرخ في 05 ـ 01 ـ1999 ،الذي يحدد القواعد المتعلقة بالفندقة، ج ر عدد02.
ب ـ المراسيم التنفيذي,
ـ المرسوم التنفيذي رقم 65 ـ 139 المؤرخ في 03 ـ 05 ـ1965، المتعلق برخص فتح محلات استهلاك المشروبات الكحولية، ج ر عدد
ـ المرسوم التنفيذي رقم 74 ـ 70 المؤرخ في 03 ـ 04 ت 1974، المتضمن تعميم استعمال اللغة العربية في الإشهار التجاري، ج ر عدد 28.
ـ المرسوم التنفيذي رقم 75 ـ 26 المؤرخ في 29 ـ 04 ـ 1975 ،المتعلق بقمع السكر العام وحماية القصر ، ج ر عدد 37.
ـ المرسوم التنفيذي رقم 90 ـ 39 المؤرخ في 30 ـ 01 ـ 1990،المتعلق بقمع الغش ورقابة الجودة ، ج ر عدد 05.
ـ المرسوم التنفيذي رقم 90 ـ240 المؤرخ في 04 ـ 08 ـ 1990 ،المحدد لشروط الصنع والعرض للبيع ومراقبة الأدوية البيطرية، ج ر عدد
ـ المرسوم التنفيذي رقم 90 ـ 266 المؤرخ في 25 ـ 09 ـ 1990، المتعلق بضمان المنتوجات والخدمات ، ج ر عدد 40 .
ـ المرسوم التنفيذي رقم 90 ـ 366 المؤرخ في 10 ـ11 ـ 1990 ، المتعلق بوسم المنتوجات المنزلية غير الغذائية وعرضها ، ج ر عدد 50.
ـ المرسوم التنفيذي رقم 90 ـ 367 المؤرخ في 10 ـ 11 ـ 1990 ، المتعلق بوسم السلع الغذائية وعرضها، ج ر عدد 50 .
ـ المرسوم التنفيذي رقم 91 ـ 101 المؤرخ في 20 ـ 04 ـ 1991 ،المتضمن منح امتياز عن الأملاك الوطنية ،والصلاحيات والأعمال المرتبطة بالخدمة العمومية للتلفزيون، إلى المؤسسة العمومية للتلفزة، ج ر عدد 19.
ـ المرسوم التنفيذي رقم91 ـ 103 المؤرخ في 20 ـ 04 ـ1991، المتضمن منح امتياز عن الأملاك الوطنية العقارية والمنقولة، والصلاحيات والأعمال المرتبطة بالبث الإذاعي السمعي، إلى المؤسسة العمومية للإذاعة المسموعة، ج ر عدد 19 .
ـ المرسوم التنفيذي رقم 92 ـ276 المؤرخ في 06 ـ 07 ـ 1992 ، المتضمن مدونة أخلاقيات الطب، ج ر عدد52 .
ـ المرسوم التنفيذي رقم 92 ـ286 المؤرخ في 06 ـ 07 ـ 1992 ، المتعلق بالإعلام الطبي والعلمي حول المواد الصيدلانية ذات الاستعمال في الطب البشري ، ج ر عدد 53 .
الفهرس
المقدمة………………………………………………………………………………………..1
الفصل الأول الحماية الوقائية للمستهلك من الإشهارات التجارية………………………….5
المبحث الأول الشروط الواجب احترامها في الرسالة الإشهارية …………………………5
المطلب الأول تحديد هوية الرسالة الإشهارية……………………………………………..6
الفرع الأول دور الرسالة الإشهارية ……………………………………………………..6
الفرع الثاني تمييز الإشهار التجاري عن غيره من المفاهيم المشابهة له………………….7
الفرع الثالث طبيعة البيانات الواردة في الرسالة الإشهارية………………………………8
الفرع الرابع لغة الإشهار………………………………………………………………….8
المطلب الثاني احترام الرسالة الإشهارية للآداب العامة والقيم الأخلاقية…………………9
الفرع الأول احترام الرسالة الإشهارية للآداب العامة…………………………………….9
الفرع الثاني احترام الرسالة الإشهارية للقيم الأخلاقية……………………………………10
المطلب الثالث الحصول على ترخيص مسبق في بعض الإشهارات التجارية………….11
الفرع الأول في حالة كون محل الرسالة الإشهارية سلعا معينة …………………………11
الفرع الثاني في حالة استعمال لغة أجنبية تكملة للنص الإشهاري ……………………….12
الفرع الثالث في حالة ممارسة الإشهار الخارجي في أماكن محددة………………………13
المبحث الثاني القيود الواردة على بعض الإشهارات التجارية……………………………14
المطلب الأول حظر الإشهار التجاري المضلل…………………………………………..14
الفرع الأول الإشهار الكاذب …………………………………………………………….14
الفرع الثاني الإشهار المقارن …………………………………………………………….16
الفرع الثالث الإشهار الغامض…………………………………………………………….17
المطلب الثاني حظر الإشهار التجاري حول بعض السلع……………………………….17
الفرع الأول الكحول والتبغ…………………………………………………………………17
الفرع الثاني المواد الصيدلانية……………………………………………………………19
المطلب الثالث حظرالإشهار التجاري حول بعض الخدمات…………………………….21
الفرع الأول مهنة المحاماة………………………………………………………………..21
الفرع الثاني مهنة الطب……………………………………………………………………21
الفصل الثاني الحماية القضائية للمستهلك من الإشهارات التجارية المضللة……………..22
المبحث الأول الحماية المدنية من الإشهارات التجارية المضللة…………………………..22
المطلب الأول تكييف الضرر اللاحق بالمستهلك………………………………………….22
الفرع الأول الطبيعة القانونية للإشهار التجاري…………………………………………..22
الفرع الثاني أساس الضرر الذي أصاب المستهلك من الإشهارات التجارية المضللة……23
المطلب الثاني الدعاوى القضائية الممكن رفعها……………………………………………27
الفرع الأول رفع المستهلك لدعوى قضائية بصفة منفردة …………………………………27
الفرع الثاني رفع دعوى من طرف جمعيات حماية المستهلك……………………………..28
المطلب الثالث الجهة القضائية المختصة …………………………………………………..32
الفرع الأول الاختصاص النوعي…………………………………………………………..32
الفرع الثاني الاختصاص المحلي……………………………………………………………33
المطلب الرابع تحديد المستهلك المستحق للتعويض…………………………………………34
المبحث الثاني الحماية الجنائية للمستهلك من الإشهارات التجارية المضللة ………………35
المطلب الأول جريمة الإشهار الكاذب………………………………………………………36
الفرع الأول جريمة الإشهار الكاذب في حد ذاتها……………………………………………36
الفرع الثاني إعطاء الإشهار الكاذب تكييفات قانونية أخري……………………………….45
المطلب الثاني جريمة الإشهار المقارن…………………………………………………….47
الفرع الأول موقف التشريع الفرنسي من الإشهار المقارن…………………………………47
الفرع الثاني الإشهار المقارن في التشريع الجزائري………………………………………49
المطلب الثالث تحديد المسؤول جزائيا عن الإشهارات التجارية المضللة………………..49
الفرع الأول المعلن الشخص الطبيعي……………………………………………………..49
الفرع الثاني المعلن الشخص المعنوي…………………………………………………….49
المطلب الرابع العقوبات التكميلية والتدابير التي يمكن للقاضي النطق بها ……………..51
الفرع الأول وقف الإشهار المضلل……………………………………………………….51
الفرع الثاني الأمر بنشر الحكم القضائي………………………………………………….52
الفرع الثالث الحكم بنشر أو ببث الإشهار التصحيحي …………………………………..53
الخاتمة…………………………………………………………………………………….54ـ56
– أنظر، القانون رقم 90-07 المؤرخ في 03 أفريل 1990، المتعلق الإعلام ، ج ر عدد 14.[1]
– أنظر، عياطة بن سيراج نايلة، الجوانب القانونية للإشهار ،ماجستير ، بن عكنون ،الجزائر، ص 83.[2]
[3] – نايلة بن سيراج ، المرجع السابق ، ص 84.
[4] – انظر د .سمير محمد حسين ، مداخل الإعلان ، الطبعة 1 ، 1973 ، ص 30.
[5]أنظر د.محمد بودالي حماية المستهلك في القانون المقارن،دار الكتاب الحديث، الجزائر ،2006، ص 77.
[6] – أنظر، أحمد عادل راشد ، الإعلان ، دار النهضة العربية للطباعة و النشر ، بيروت 1981، ص 37.
[7] – أنظر، قندوزي خديجة ، حماية المستهلك من الإشهارات التجارية ، ماجستير فرع قانون الأعمال ، بن عكنون، الجزائر ، 2001، ص 30.
[8] – أنظر،إسماعيل محمد السيد ، سلسلة التسويق الحديث ، الإعلان ، مكتبة العربي الحديث ، القاهرة ، ( دون تاريخ الطبع ) ، ص 137.
[9] -أنظر د. سمير محمد حسين ، المرجع السابق،50.
[10] -أنظر د. أحمد محمد المصري ، الإعلان ، مؤسسة شباب الجامعة ، الإسكندرية ، 1992 ، ص25
[11] – أنظر ج ر عدد 28.
[12] – أنظر بن سيراج بايلة ، المرجع السابق ، ص 85.
[13] – و كذا المادة 19من القانون رقم 91/05 في 16/01/1991 المتضمن تعميم إستعمال اللغة العربية ،ج ر عدد3. أين أكد على مبدأ إستعمال اللغة العربية في مجال الإشهار.
[14] – أنظر، أحمد عادل راشد ، دار النهضة العربية للنشر و الطباعة ، بيروت 1981 ، ص 50
[15] – أنظر قندوزي خديجة ، المرجع السابق ، ص 45 و 48.
[16] – و هو ما نستشفه من خلال المادتين 5 فقرتها 2 ، و المادة 34 في فقرتها الأولى من مشروع قانون الإشهار سنة 1999.
[17] – المؤرخ في 6 جويلية 1992 ، ج ر عدد 53.
[18] – أنظر قندوزي خديجة ، المرجع السابق ، ص : 55.
[19] – المؤرخ في 12 ـ04 ـ1968 ، ج ر عدد 90.
[20] – المادة 6 و7 من الأمر 78/68.
[21] – المؤرخ في 20/12/1967 المتضمن إشناء شركة وطنية تسمى بـ ” الوكالة الوطنية للنشر و الإشهار ” ج ر عدد 02.
[22] – مؤرخ في 15 يونيو 1998 ، ج ر عدد 44.
[23] – أنظر جدايني زكية، الإشهار و المنافسة في القانون الجزائري، ماجستير فرع قانون الأعمال ، بن عكنون، الجزائر، 2000-2001 ، ص 78.
[24] – قندوزي خديجة ، المرجع السابق ، ص : 63
[25] – قندوزي خديجة ، المرجع السابق ، ص : 71.
[26] – أنظر حسين فتحي ، مشروعية الإعلانات التجارية لحماية المتجر و المستهلك مجلة المحاماة المصرية ، العدد الأول ، 1992 ، ص : 25.
[27] – أنظر ج ر عدد : 37.
[28] – أنظر الجريدة الرسمية ، عدد : 20.
[29] – أنظر الجريدة الرسمية ، عدد : 08.
[30] – عياطة ين سيراج نابلة ، المرجع السابق ، ص : 65.
[31] – أنظر المادة السادسة من المرسوم 92-286.
[32] – أنظر قندوزي خديجة ، المرجع السابق ، ص : 94.
[33] – المؤرخ في 26 ـ 01 ـ1988 ،المتعلق بنشاطات الطب البيطري وحماية الصحة الحيوانية،ج ر عدد 04 .
[34] – المؤرخ في 04/08/1990 و المحدد لشروط الصنع و العرض للبيع و مراقبة الأدوية البيطرية ج ر عدد 33 .
[35] – ج ر ، عدد : 02.
[36] – ج ر ، عدد : 52.
[37] – حسب ما نصت عليه المادة 3/2-3 من قانون 89-02.
[38] – أنظر، الأمر رقم 75-78 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975، المتضمن القانون المدني، المعدل والمتمم، ج ر عدد 78.
[39] – أنظر، قندوزي خديجة ، المرجع السابق ، ص : 132.
[40] – أحمد السعيد، الزقرد ، الحماية القانونية من الخداع الإعلاني في القانون الكويتي و المقارن، مجلة الحقوق ، الكويتية ، عدد 3 ، 1995 ، ص 209.
[41] – طارق الحاج ة و آخرون ، التسويق من المنتج إلى المستهلك ، دار الصفاء للنشر و التوزيع عمان الطبعة الثانية ، 1998 ، ص : 50.
[42] – أنظر قندوزي خديجة ، المرجع السابق ، ص : 138.
[43] ـ أنظر، أحمد السعيد الزقرد، المرجع السابق ،ص 178 .
[44] ـ أنظر، حسين عبد الباسط جميعي، حماية المستهلك، دار النهضة العربية، القاهرة، 1996 .
[45] ـ أنظر، أحمد السعيد الزقرد، المرجع السابق، ص 221 .
[46] ـ أنظر، أحمد محمد الرفاعي،الحماية المدنية للمستهلك إزاء المضمون العقدي، دار النهضة العربية، القاهرة، 1994، ص من 196 الى 202 .
5 ـ المؤرخ في 15/12/1990، المتعلق بضمان المنتوجات والخدمات، ج ر عدد40 .
[47] – تنشأ الجمعية بناءا على إتفاق أشخاص طبيعية أو معنوية لتحقيق هدف غير مريح قد يكون خيري ، ثقافي،علمي .
[48] – المؤرخ في04 ـ 12 ـ1990 ، المتعلق بالجمعيات، ج ر عدد 53 .
[49] – أنظر، لعجال لمياء، الحماية الفردية و الجماعية للمستهلك، ماجستير في قانون الأعمال، بن عكنون، الجزائر، 2001 ـ 2002 ، ص 140 إلى 143.
[50] – أنظر المواد على التوالي: من 7 إلى 10، 04 من القانون 90 ـ 31 المتعلق بالجمعيات.
[51] – المصالح الجماعية هي مجموعة الحقوق و الإمتيازات المخولة للمستهلك ، بموجب قوانين و تنظيمات خاصة أو المصلحة المشتركة لمجموعة من الأفراد تجمعهم مهنة معينة أو يستهدفون غرضا معينا كالدفاع عن حقوق المستهلك.
[52] ـأنظر، أحمد محمد الرفاعي،الحماية المدنية للمستهلك إزاء المضمون العقدي،دار النهضة العربية، القاهرة، 1994، ص 197 .
[53] – أنظر،د.السيد محمد السيد عمران، حماية المستهلك أثناء تكوين العقد،منشأة دارالمعارف،الإسكندرية، ص 158 .
[54] – انظر، قندوزي خديجة، المرجع السابق، ص 163 .
[55] – أنظر، لمياء العجال، المرجع السابق، ص 158، 159 .
[56] – أنظر قندوزي خديجة، المرجع السابق، ص : 166.
[57] ـgùy remond, publicité commerciale et protection des consommateurs, j.cl concurrence, consommation, fax900 ,p4. 2- أنظر أحمد السعيد الزقرد، المرجع السابق، 180.
ـ3 ـأنظر، حسين فتحي، حدود مشروعية الإعلانات التجارية لحماية المتجروالمستهلك، مجلة المحاماة المصرية، العدد الأول، 1992، ص 23 .
[58]voir : calais auloy la loi royer et les consommateurs : D, 1974, ch , p : 91.
[59] – أنظر الناشف أنطوان، الإعلانات و العلامات التجارية بين القانون و الإجتهاد ، منشورات الحلبي الحقوقيةـ بيروت ، لبنان،1999 ، ص : 93،94.
[60] – أنظر الشلتاوي محمد عبد الله ، المسؤولية الجنائية في الإعلان التجاري محلية الشرطة ، الإمارات ، مارس 1998، ص : 35.
[61] – أنظر د. محد بوادالي، المرجع السابق، ص : 167،168.
[62] – أنظر، الحماية المدنية و الجنائية من الإشهارات التجارية، المرجع السابق ، ص : 125 ، 126.
[63] – أنظر، بلعشي مريم ، المرجع السابق، ص : 127.ـ3 ـأنظر ،محمد بودالي، المرجع السابق، ص 172،173 .
[64] – أنظر،د. محمد بوادلي، المرجع السابق، ص 175 ،176 ،177 .
[65] – أنظر، بلعشي مريم، المرجع السابق، ص : 129.
[66] – أنظر محمد بوادلي، المرجع السابق، ص : 177.
[67] – أنظر، د. محمد بوادلي، المرجع الاسبق، ص : 178،179.
[68] – أنظر،د. مرسي وزير عبد العظيم، إفتراض الخطأ كأساس للمسؤولية الجنائية، دار النهضة العربية، 1988، ص : 13.
[69] – أنظر، بلعشي مريم، المرجع السابق،ص : 138،139.
[70] – المؤرخ في 20 ـ 04 ـ 1991 ،المتضمن منح إمتياز عن الأملاك الوطنية ، والصلاحيات والأعمال المرتبطة بالخدمةالعمومية للتلفزة، الى المؤسسة العمومية للتلفزة، ج ر عدد19 .
[71] -المؤرخ في 20 ـ 04 ـ1991، المتضمن منح إمتياز عن الأملاك الوطنية العقارية والمنقولة، والصلاحيات والأعمال المرتبطة بالبث الإذاعي السمعي،ال المؤسسة العمومية للإذاعة المسموعة، ج ر عدد 19 .
[72] – المؤرخ في07/02/1989، ج ر العدد 6 الصادرة في 08/02/1989.
اترك تعليقاً