أولا : مفهوم الحوكمة : –
الحوكمة هي نظام لمواجهة الاستبداد الادارى في المؤسسات المختلفة ذلك الاستبداد الذي تخلقه العلاقة الهرمية بين الرؤساء والمرؤوسين أو بين مصدري القرارات والمتلقين لها ، وقد ظهر هذا المفهوم في البداية لمواجهة ظواهر الفساد والاستبداد التي أدت إلى انهيار عدد كبير من المؤسسات الاقتصادية بسبب عدم وجود آلية منضبطة لمحاسبة رؤساء هذه المؤسسات وغياب الشفافية ،
وعدم أحقية العاملين في هذه المؤسسات أو الجمهور المتلقي لخدماتها في مناقشة قرارات هؤلاء المسئولين وذلك على الرغم من أن هذا الجمهور هو صاحب المصلحة المباشرة المستهدفة من هذه القرارات ، والمقصود بالحوكمة هو وضع معايير واليات حاكمة لأداء كل الأطراف من خلال تطبيق الشفافية وسياسة الإفصاح عن المعلومات وأسلوب لقياس الأداء ومحاسبة المسئولين ومشاركة الجمهور في عملية الإدارة والتقييم .
ثانيا : حوكمة الجامعات : –
ظهر مفهوم حوكمة الجامعات في الآونة الأخيرة ليعبر عن الأزمة الحقيقية التي تمر بها مؤسسة الجامعة في مصر والحلول المقترحة لها ، تلك الأزمة التي تتمثل في أن هناك إدارات جامعية وضعتها السلطة التنفيذية فوق الطلاب وأعضاء هيئة التدريس ، لتكون مهمتها اتخاذ القرارات المتعلقة بشئون هؤلاء، دون أن يكون لأيا منهم ( الطلاب – أعضاء هيئة التدريس ) حق مناقشة هذه القرارات أو الاعتراض عليها .
وهو ما يعزز استمرار ثقافة العزوف عن المشاركة في الحياة العامة سواء داخل الجامعة أو خارجها ، كما يضعف تطور الجامعة بوصفها المؤسسة الأكاديمية المفترض فيها أن تعيد صياغة التوجهات الثقافية والمعرفية والعلمية للمجتمع ، نظرا لوضع القرار في يد طرف واحد من أطراف المؤسسة الجامعية ، ووضع باقي الأطراف من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في وضع المتلقي لهذه القرارات والملتزم بتنفيذها دون مناقشة ، فعلى سبيل المثال تؤخذ القرارات المتعلقة بالمناهج التعليمية دون أن يكون للطلاب حق المشاركة في صياغة خطط هذه المناهج والهدف منها ،
كذلك الاتحادات والأسر الطلابية باعتبارها كيانات الهدف منها تدريب الطلاب على المشاركة في الحياة العامة وتعزيز قيم الديمقراطية واحترام الآخر فوفقا لتصريحات وزير التعليم العالي أن نسبة إقبال الطلاب على انتخابات اتحاد الطلاب عام 2008 لا تتجاوز 7 % ، والسبب في هذا العزوف هو عدم تعبير هذه الكيانات عن الطلاب بشكل حقيقي ، ب
ل أنها تحولت إلى أداة لقمع الحريات الطلابية ، أيضا صندوق التكافل الاجتماعي المنصوص عليه في المواد من 116 إلى 121 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الذي يهدف إلى حل كل المشكلات التي تعوق الطلاب عن ممارسة العملية التعليمية لا يتشكل بالانتخاب بل بالتعيين ولا يتضمن مجلس إدارته تمثيل للطلاب على الرغم من انه خاص بالطلاب فضلا عن غياب الشفافية في مراقبة ميزانية هذه الصناديق وعدم وجود آلية للحصول على المعلومات المتعلقة بإيرادات وأوجه إنفاق أموالها…..
وغيرها الكثير من الأمثلة التي تدل على الطريقة الاستبدادية التي تدار بها المؤسسة الجامعية في مصر واستبعاد الإدارة للأطراف الأخرى – الطلاب بوجه خاص – من عملية اتخاذ القرار انطلاقا من نظرة خاطئة إلى طبيعة الطلاب بوصفهم مجموعات من المراهقين غير القادرين على تحمل المسئولية وأخيرا غياب الشفافية واليات محاسبة الإدارة على قراراتها .
وتهدف فكرة الحوكمة إلى وضع كافة الأطراف أمام مسئولياتهم ، وما يعنينا في هذا المقام هم الطلاب في علاقتهم بالإدارة وبأعضاء هيئة التدريس ، فالطلاب هم أصحاب المصلحة الحقيقيين ، لان الجامعات بنيت من اجل تقديم الخدمة التعليمية لهم وإعدادهم على المستوى الفكري والمعرفي للمستقبل ، وهم من يتأثر بشكل مباشر بكل القرارات التي تصدرها الإدارات الجامعية أو المجلس الأعلى للجامعات أو وزارة التعليم العالي ، وفى ذات الوقت نجد هذه القرارات تصدر بمعزل عنهم وعليهم الالتزام بها وتنفيذها دون أن يكونوا قد شاركوا في مناقشتها أو في تحديد مساراتها ،
وهذا الوضع يحتاج إلى تصحيح بحيث يكون للطلاب الحق في المشاركة في إدارة شئونهم الخاصة وجزءا من عملية صناعة القرار داخل المؤسسة الجامعية ، مما يعزز ثقتهم في أنفسهم ويدربهم على تحمل المسئولية ، ويزرع فيهم روح المشاركة الايجابية في الحياة العامة وقيمة الحرية ، وهذا هو مضمون عملية حوكمة الجامعات ، ولكن توجد عدة معضلات تحول دون تطبيق هذا المفهوم ، هذه المعضلات تحتاج إلى حلول حتى يلقى مفهوم حوكمة الجامعات مساره التطبيقي الصحيح .
ثالثا : معوقات تطبيق مفهوم حوكمة الجامعات : –
1- الثقافة السائدة في المجتمع .
اغلبنا إن لم نكن جميعا ننشأ في اسر قائمة على أساس وجود مبدأ أن الكبير دائما أكثر معرفة ودراية من الصغير ، هذه هي الثقافة التي نكتسبها قبل دخولنا إلى الجامعة ، وبطبيعة الحال لا تتغير هذه الثقافة فور دخولنا إليها، لان بداية علاقة الطلاب بالجامعة لا تعنى انقطاع علاقتهم بالمجتمع الأكبر خارج أسوار الجامعة، بل أن الثقافة السلبية المكتسبة من المجتمع ، ثقافة العزوف، وعدم الثقة في إمكانية التغيير بأشكاله المختلفة، تنتقل مع الطلاب إلى الجامعة، وأيضا داخل هذه المؤسسة التي نلقى بآمالنا عليها، نجد أن الطالب ليس من حقه الاعتراض على وجهات نظر عضو هيئة التدريس سواء على مستوى النقاشات العامة إن وجدت أو على مستوى مناهج التدريس ،
إذ في كثير من الكليات النظرية على سبيل المثال كلية الحقوق نجد أن الطالب ملزم بان يكتب في إجابات الامتحانات رأى أستاذه وليس من حقه أن يكتب رأيه الشخصي حتى ولو اختلف رأى هذا الأستاذ مع الاتجاه السائد في الفقه القانوني ، ولو تجرأ طالب على الاختلاف مع هذا الرأي من الممكن أن يكون مصيره الرسوب ، وهو ما يقتل روح الإبداع داخل الطلاب، أيضا من يكون له القول الفصل في مدى استحقاق عضو هيئة التدريس للترقية ليس اللجان العلمية المؤهلة علميا لتقييم إنتاجه العلمي بل أن مجلس الجامعة ( الادارى ) تعلو كلمته على هذه اللجان ، وهكذا رئيس الجامعة أكثر معرفة بالأمور من مجلس الجامعة ورئيس المجلس الأعلى للجامعات أكثر دراية منهم جميعا، إلى أن نصل إلى ما نحن عليه الآن ،
مؤسسة بيروقراطية ليس لمن هو أدنى في التدرج الادارى مناقشة قرارات الرئيس الأعلى، وليس للطالب الحق في مناقشة قواعد ومعايير الإقامة في المدينة الجامعية التي يسكن فيها، وليس من حقه التعبير عن رأيه بحرية، أو الاعتراض على وجهة نظر أستاذه وإبداء وجهة نظر مختلفة .
2- المناخ السياسي العام .
يؤثر المناخ القمعي الذي نعيشه في مصر على مدى اهتمام الطلاب بشئونهم الخاصة داخل أسوار الجامعة، بل يؤدى هذا الكبت السياسي إلى الخلط بين مفهوم العمل الحزبي والعمل السياسي داخل الجامعة، أيضا عدم تمكين الأحزاب السياسية المعارضة من نفس الموارد التي يتمتع بها الحزب الحاكم يزرع الإحباط والشك في القدرة على إحداث التغيير فضلا عن غياب الديمقراطية في المجالات المختلفة بداية من انتخابات رئاسة الجمهورية وصولا إلى انتخابات الاتحادات الطلابية، وسيطرة المنطق الامنى على كافة مناحي الحياة السياسية .
3- التشريعات الجامعية .
يتضمن قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 عدد من النصوص القانونية التي تقيد حق الطلاب في إدارة شئونهم الخاصة، وذلك سواء بالنص الصريح على هذه القيود أو بسكوت القانون عن إقرار حقوق وحريات الطلاب الأساسية، والأمثلة على ذلك كثير ومنها وضع صناديق التكافل الاجتماعي الخاصة بالطلاب تحت يد إدارة الجامعة دون أن يكون للطلاب الحق في المشاركة في إدارتها وذلك بموجب نصوص المواد من 116 إلى 121 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات ،
ونص المادة 317 من ذات اللائحة على وجود وحدات للأمن الجامعي تتحدد مهامها في حماية منشات الجامعة وأمنها ؟! واللائحة الطلابية المنظمة لانتخابات اتحاد الطلاب والنشاط الطلابي بوجه عام المعدلة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 340 لسنة 2007 وما تتضمنه من مصادرة لكافة الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور.
4- طريقة إدارة الجامعة .
تكمن المشكلة الرئيسية في الطريقة التي تتم بها إدارة الجامعة في طريقة اختيار أعضاء هيئة التدريس والقيادات الجامعية عموما بداية من رئيس الجامعة إلى عمداء الكليات إلى رؤساء الأقسام ….الخ فهؤلاء جميعا يتم تعيينهم من قبل سلطات إدارية وتنفيذية ، ولا ينتخبون لتولى مناصبهم ، وهو ما ينعكس على درجة استقلالية هؤلاء جميعا في مواجهة السلطة التنفيذية واستقلالية كلا منهم في مواجهة رئيسه الأعلى،
مما يعوق بشكل مباشر إمكانية حوكمة الجامعة المصرية من خلال وضع معايير لتقييم القيادات الجامعية وقياس اداءها ، أيضا هناك غياب تام لفكرة تقييم الطلاب للأداء الاكاديمى لأعضاء هيئة التدريس ، فالفكرة السائدة أن عضو هيئة التدريس يلقن وفقط، ولا يصح خضوعه للتقييم من قبل طلابه ، على عكس الوضع القائم في بعض الجامعات القليلة مثل الجامعة الأمريكية بالقاهرة التي تعتبر تقييم الطلاب لعضو هيئة التدريس احد معايير استمرار الأخير في العمل بالمجال الاكاديمى من عدمه وما يرتبط بذلك من الترقيات والمنح وخلافه .
5- غياب أعضاء هيئة التدريس عن الحياة الجامعية .
يؤثر عدم مشاركة جمهور أعضاء هيئة التدريس في الأنشطة العامة داخل الجامعة على إمكانية حوكمتها، فغالبا ما يفضل عضو هيئة التدريس تجنب الصدام مع إدارة الجامعة، تفاديا لتعسفها الذي قد يؤثر على مكتسباته المادية الضعيفة بالفعل، أيضا غياب التنظيمات المستقلة بأعضاء هيئة التدريس ، يدعم غياب تنظيمات مستقلة للطلاب داخل الجامعة، بمعنى أن ضعف الدور الذي تلعبه نوادي أعضاء هيئة التدريس، يضعف بشدة إمكانية مساندتهم للأنشطة الطلابية داخل الجامعة .
رابعا : سبل تطبيق الحوكمة : –
بالطبع لا يمكننا التغلب على المشكلات المذكورة أعلاه مرة واحدة، وذلك لان حوكمة الجامعات عملية تتضمن مراحل مختلفة ،وتحتاج إلى تغيير عناصر جوهرية في العملية التعليمية، ولكن هناك بعض المبادرات التي قامت بها مجموعات من الطلاب خلال السنوات القليلة الماضية لتشكيل مجموعات ضغط طلابية للمطالبة بتحسين شروط العملية التعليمية من خلال طرح مطالب مباشرة مثل مجانية التعليم وأسعار الكتاب الجامعي ،
وتوفير وحدات إسعاف كافية للطلاب داخل مرافق الجامعة وغيرها من المطالب ، أيضا هناك بعض الحملات التي قام بها الطلاب في مواجهة بعض القرارات التي أصدرها المجلس الأعلى للجامعات ووزير التعليم العالي وكان أهمها الحملة التي قام بها طلاب جامعة القاهرة في مواجهة قرار المجلس الأعلى للجامعات بإلغاء المحاضرات المخصصة لطلاب الانتساب الموجه بدعوى الوقاية من انتشار فيروس h1A1 واستبدالها ببثها عبر القنوات الفضائية التعليمية.
هذه الحملات وغيرها تعتبر الشعلة الوحيدة للحركة الطلابية الآن في الجامعات، إلا أنها ينقصها وجود منهج واضح للتحرك والدفاع والتعبئة، وهو ما يمكن تداركه بسهولة من خلال إعادة صياغة مناهج عمل هذه المجموعات بما يلائم وضعية الجمهور الطلابي ومدى استعداده للاستجابة لأهداف وشعارات هذه المجموعات .
– ( مجموعات الضغط )
المقصود بمصطلح مجموعات الضغط، هو التقاء مجموعة من الأفراد تجمعهم مطالب مشتركة للعمل على تحقيق هذه المطالب .
– ( الحملات الطلابية )
ويقصد بها إحداث تغيير يستجيب لمطالب أصحاب المصلحة ( الطلاب ) بالاعتماد على التعبئة والضغط . والحملات بوجه عام تحتاج إلى وضوح عدد من المبادىء لدى القائمين عليها لضمان درجة جيدة من النجاح ، هذه المبادىء هي في حقيقتها منهج للبدء والاستمرار وتحقيق أهداف الحملة ويمكننا تلخيصها في الاتى ….
1- تحديد واختيار القضية :-
لتشكيل مجموعة ضغط للعمل على إحدى القضايا المرتبطة بمفهوم حوكمة الجامعات أو القيام بحملة من اجل هذا الغرض ينبغي أولا تحديد القضية محلة التحرك تحديدا جادا وواضحا هل هي الاتحادات الطلابية …صناديق التكافل الاجتماعي ….الأسر ….مناهج التعليم ….الخ .
2- فهم وتحليل القضية وتحديد الأهداف :-
أول سؤال يواجه اى شخص يقوم بالدعاية لاى فكرة هو ما هو هدف هذه المجموعة أو ( الحملة ) ؟، ويعتبر هذا العنصر من العناصر الجوهرية في التحرك من اجل تحقيق فكرة حوكمة الجامعات، حيث يجب فهم موضوع الحملة فهما جيدا من خلال الإلمام بكافة المعلومات المرتبطة به ، وتحديد الهدف من التحرك تحديدا جيدا .
3- فهم وتحليل البيئة والأطراف المعنية .
يجب فهم الواقع الذي نريد التحرك فيه فهما جيدا ، ما هي الثقافة السائدة بين الطلاب ؟ هل هناك تباينات في درجة استعدادهم للانضمام إلينا في حملتنا؟ هل يوجد أعضاء هيئة تدريس على استعداد لمساندتنا ؟ مع من سوف نتفاوض على مطالبنا ؟ هل هناك أطراف أخرى خارج أسوار الجامعة يمكنها دعم تحركاتنا. ه
ذا التحليل والفهم لطبيعة البيئة والأطراف المعنية بقضيتنا يساعد على تحديد من هم حلفائنا ومن هم خصومنا ومن هم المحايدون ، وبالتالي يمكننا تحديد الاستراتيجية السليمة ووضع خطة للتحرك .
4- إعداد خطة للعمل وتنفيذها .
أهم عنصر من عناصر نجاح العمل الجماعي هو أن يكون هذا العمل مخطط، من خلال خطة للعمل تراعى الإمكانيات المختلفة لمجموعة الضغط التي غالبا ما تكون إمكانياتها متواضعة خاصة بالنسبة لظروف الطلاب ، وتنطلق من مبدأ الديمقراطية في اتخاذ القرارات ، وتحدد أدوات العمل جيدا ، وبرنامج للنشاط يجعل من القضية محل الحملة موضوعا مثارا في مناقشات جمهور الطلاب بشكل دائم .
5- متابعة العمل وتقييمه باستمرار .
يجب متابعة عمل الحملة أو ( مجموعة الضغط ) باستمرار وتقييم كل خطوة من الخطوات وكل فاعلية من الفاعليات، بطريقة تمكن أعضاء الحملة أو المجموعة من تجاوز الأخطاء في المراحل التالية من العمل .
خامسا : نماذج لقضايا يمكن التحرك فيها من اجل الحوكمة : –
1- صناديق التكافل الاجتماعي الطلابية :-
تهدف صناديق التكافل الاجتماعي إلى تحقيق ثلاثة أغراض هي :-
أ- تحقيق الضمان الاجتماعي للطلاب بصوره المختلفة من تامين أو رعاية اجتماعية أو قروض .
ب- المساهمة في تنفيذ الخدمات الطلابية .
ج – العمل على حل المشكلات التي تواجه الطلاب وتحول بينهم وبين الاستمرار الهادىء في دراستهم .
ويبين من هذه الأغراض أن صناديق التكافل الاجتماعي هي صناديق خاصة بالطلاب انطلاقا من اختصاصها ببعض أهم شئونهم، ومن البديهي أن يكون الإشراف على هذه الصناديق من جانب الطلاب أنفسهم، وتتشكل إدارتها بالانتخاب منهم ، وتوضع قواعد مراقبة مواردها وأوجه إنفاق أموالها من قبلهم، ولكن الواقع ليس كذلك، فصناديق التكافل الاجتماعي مسيطر عليها تماما من قبل إدارة الجامعة، ولا يوجد تمثيل للطلاب في مجالس إدارتها ،
بل أن هذه المجالس لا تتشكل بالانتخاب وإنما بالتعيين، وهى المسئولة عن إدارة أموال الصناديق وفى ذات الوقت هي التي تضع اللوائح الرقابية على هذه الأموال ، وبطبيعة الحال لا يعرف جمهور الطلاب شيئا عن مصير أموال هذه الصناديق أو اختصاصاتها أو حقوقهم فيها ، وهو موضوع غاية في الأهمية نظرا لقدرة هذه الصناديق على حل الكثير من مشكلات العملية التعليمية التي تواجه الطلاب إذا وضعت تحت إشرافهم أو عن طريق إشراكهم في إدارتها والمراقبة على مواردها وأوجه إنفاق هذه الموارد .وقد نظمت المواد من 116 إلى 121 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 عمل هذه الصناديق على النحو الاتى …..
تنص المادة 116 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات على أن :-
تهدف صناديق رعاية الطلاب إلى:
(أ) توفير الرعاية الاجتماعية لمن تبرر ظروفه من الطلاب الرعاية بكل صورها المناسبة.
(ب) المساهمة في تنفيذ الخدمات للطلاب غير القادرين.
(ج) العمل على حل المشاكل التي تواجه الطلاب ويحول بينهم وبين الاستمرار الهادئ في دراستهم بسبب عجز دخولهم المالية.
وتنص المادة 117 على أن ينشأ بالمجلس الأعلى للجامعات صندوق مركزي للتكافل الاجتماعي لطلاب الجامعات تكون له الشخصية الاعتبارية المستقلة، ويكون له مجلس إدارة يشكل برئاسة رئيس المجلس الأعلى للجامعات وعضوية كل من:
نواب رؤساء الجامعات لشئون التعليم والطلاب.
أمين المجلس الأعلى للجامعات.
عدد لا يتجاوز تسعة أعضاء من ممثلي الهيئات التي يرتبط عملها بأهداف للصندوق والخبراء اللازمين لحسن سير عمله يصدر بتعيينهم قرار من رئيس المجلس الأعلى للجامعات لمدة سنتين قابلة للتجديد.
ويكون أمين المجلس الأعلى للجامعات أمينا للصندوق.
والمادة 117 لم تكن بنفس الصياغة الحالية بل أنها معدلة منذ عام 1979 بموجب القرار الجمهورى رقم 265 حيث كانت تنص قبل التعديل على أن ..
” ينشأ صندوق خاص لرعاية الطلاب بكل كلية من كليات الجامعة ويشكل مجلس إدارته برئاسة وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب, وعضوية كل من:
أحد أعضاء هيئة التدريس يختاره مجلس الكلية.
رئيس جهاز رعاية الطلاب بالكلية.
رئيس اتحاد الطلاب بالكلية أو نائبه.
طالب من أوائل الفرق الدراسية بالكلية يختاره العميد “.
وتنص المادة 118 على أن
” مادة 118- تتكون موارد صندوق التكافل الاجتماعي لطلاب الجامعات من:
(أ) الإعانات الحكومية التي تخصصها الدولة سنويا للصندوق.
(ب) المبالغ التي تخصصها وزارة الأوقاف من إيرادات الأوقاف الخيرية لاستخدامها في تحقيق أهداف الصندوق.
(جـ) الاعتمادات المالية المدرجة بميزانيات الوزارات والمحافظات والهيئات لإعانة وإقراض طلاب الجامعات.
(د) العائد المرتد من المشاركة في فائض أرباح عقود التأمين على طلاب الجامعات التي قد تبرم مع شركات التأمين.
(هـ) صافي إيرادات الحفلات والمهرجانات والمعارض والأسواق الخيرية واليانصيب التي تقام لصالح الصندوق.
(و) الإعانات والهبات والوصايا التي يقرر مجلس إدارة الصندوق قبولها.
(ز) حصيلة استثمار أموال الصندوق.
(ح) الموارد الأخرى الناتجة عن نشاط الصندوق” .
وتنص المادة 119 على أن
” مادة 119- يختص مجلس إدارة الصندوق المركزي للتكافل الاجتماعي لطلاب الجامعات بالآتي:
(أ) رسم السياسة العامة للتكافل الاجتماعي لطلاب الجامعات.
(ب) تنفيذ صور التأمين والخدمات الاجتماعية التي يقرر مجلس إدارة الصندوق أن تتم على مستوى مركزي لكل طلاب الجامعات.
(جـ) إقرار الموازنة السنوية للصندوق واعتماد حساباته الختامية السنوية.
(د) توزيع إعانات من موارده السنوية على صناديق التكافل الاجتماعي بكل جامعة من الجامعات.
(هـ) إدارة أموال الصندوق والعمل على تنمية موارده.
(و) وضع اللوائح التي تنظم أعمال صناديق التكافل الاجتماعي على أن تتضمن قواعد الرقابة المالية على الصرف، وطريقة اختيار المحاسبين القانونيين لمراجعة حساباتها.
(ز) قبول الإعانات والهبات والوصايا التي توجه للصندوق.
(ح) العمل على كل ما من شأنه تحقيق أهداف الصندوق.
وتنص المادة 120 على أن
“مادة 120- ينشأ بكل جامعة من الجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات صندوق فرعي للتكافل الاجتماعي بالجامعة، ويشكل مجلس إدارته برئاسة نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب وعضوية كل من:
اثنين من عمداء الكليات أو المعاهد يختارهما مجلس الجامعة سنويا.
رئيس الجهاز الفني لرعاية الشباب بالجامعة، ويكون أمينا للصندوق.
الطالب أمين مجلس تنسيق الأنشطة الكلامية بالجامعة.
ويختص مجلس إدارة الصندوق بالآتي:
(أ) العمل على تحقيق أهداف الصندوق بالجامعة.
(ب) توزيع الإعانات من الموارد التي تتوافر للجامعة لأغراض التكافل الاجتماعي للطلاب على كليات الجامعة ومعاهدها.
(جـ) تنفيذ الخدمات الاجتماعية لطلاب الجامعة التي يقرر مجلس الإدارة أن تتم على مستوى مركزي بالجامعة.
(د) قبول الإعانات والهبات والوصايا التي توجه إليه.
(هـ) وضع موازنة الصندوق السنوية واعتماد حساباته السنوية الختامية.
وتتكون موارد الصندوق من:
(أ) الإعانات التي تخصص لهذا الصندوق.
(ب) التبرعات التي يقبلها مجلس إدارته.
(جـ) حصيلة الإيرادات من تأجير واستخدام المقاصف والنوادي وسائر مرافق الجامعة ووحداتها.
(د) صافي إيرادات الحفلات والمهرجانات والمعارض التي تقام لصالح الصندوق.
(هـ) سائر الموارد التي تأتي من مصادر أخرى لأغراض هذا الصندوق.
وتنص المادة 121 على أن
” مادة 121- ينشأ بكل كلية أو معهد بالجامعة الخاضعة لأحكام قانون تنظيم الجامعات صندوق فرعي للتكافل الاجتماعي لطلاب الكلية أو المعهد، ويشكل مجلس إدارته برئاسة وكيل الكلية أو المعهد لشئون التعليم والطلاب وعضوية:
اثنين من أعضاء هيئة التدريس يختارهما مجلس الكلية أو المعهد سنويا.
رئيس الجهاز الفني لرعاية الشباب بالكلية أو المعهد، ويكون أمينا للصندوق.
الطالب أمين مجلس طلاب الكلية أو المعهد.
ويختص هذا المجلس بتحقيق التكافل الاجتماعي لطلاب الكلية أو المعهد، وبوضع موازنة الصندوق السنوية اعتماد حساباته الختامية السنوية.
وتتكون موارد الصندوق من:
(أ) الإعانات التي تخصص لهذا الصندوق.
(ب) الهبات التي يقبلها مجلس إدارته.
(جـ) 20% من حصيلة الرسم المختص لاتحاد طلاب الكلية أو المعهد.
(د) رسوم صندوق مساعدة الطلاب التي يؤديها طلاب الكلية أو المعهد وفقا لهذه اللائحة.
(هـ) سائر الموارد التي تأتي من مصادر أخرى لهذا الصندوق.
وتنص المادة 122على أن
” تضع مجالس إدارات صناديق التكافل الاجتماعي، ضوابط الاتفاق لتحقيق أغراضها في حدود سياستها العامة.
ويكون التصرف بشيكات توقيع من رئيس مجلس إدارة الصندوق توقيعا “أولا” وأمين الصندوق توقيعا “ثانيا”.
هذه هي كل النصوص القانونية المنظمة لصناديق التكافل الاجتماعي لطلاب الجامعات ، وهى نموذج لتجربة من الممكن أن تكون أرضا خصبة لتطبيق مفهوم حوكمة الجامعات في إطار تعريف الحوكمة الوارد أعلاه ، بل هي نموذج لانتهاك حق الطلاب في إدارة شئونهم الخاصة، وهو وضع يحتاج إلى التصحيح من خلال البدء في حملة تستهدف تمكين الطلاب من صندوق التكافل الاجتماعي على مستوى إدارته والاستفادة منه .
2- صندوق مجلس اتحاد الطلاب :-
وهذا نموذج آخر لانتهاك حق الطلاب في إدارة شئونهم الخاصة والرقابة على أموالهم ، فأمين صندوق مجلس اتحاد الطلاب وفقا لنص المادة 327 من اللائحة الطلابية المعدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 340 لسنة 2007 هو مدير رعاية الشباب وليس احد من الطلاب ، كما تنص المادة 332 من ذات اللائحة على أن …
” يحصل من كل طالب من طلاب كليات ومعاهد الجامعات الخاضع لقانون تنظيم الجامعات اشتراك سنوي, لقاء الخدمات الاجتماعية والثقافية والرياضية والفنية وغيرها, للاتحاد ويحدده المجلس الأعلى للجامعات سنويا ويوزع على النحو التالي:
– (80 %) لاتحاد طلاب الكلية أو المعهد.
– (20 %) لاتحاد طلاب الجامعة.
• لا يجوز الإعفاء من هذا الاشتراك.
• تتكون إيرادات اتحاد الكلية أو المعهد من نصيبه من رسوم الاتحاد والإعانات التي تمنحها الجامعة أو الدولة ومن الهبات التي يقبلها مجلس الاتحاد بموافقة مجلس الجامعة المختص.
• تعتبر أموال الاتحادات الطلابية أموالا عامة.
• يقدم الجهاز المركزي للمحاسبات تقارير دورية عن مراجعة التصرفات المالية للاتحادات الطلابية, ترسل إلى مجلس الاتحاد المختص وعميد الكلية أو المعهد ورئيس الجامعة المختص وأمين المجلس الأعلى للجامعات.
• على الجهات التي ترفع إليها التقارير في حالة ثبوت جرائم جنائية أو مخالفات الإبلاغ عنها إلى الجهات المختصة واتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة.
• يعين عميد الكلية أو المعهد أو رئيس الجامعة المختص بحسب الأحوال أحد المحاسبين القانونيين لمراجعة الحساب الختامي لاتحاد الكلية أو المعهد أو الجامعة وتقديم تقرير عنه إلى مجلس الاتحاد وإلى السلطات الجامعية المختصة.
هذا النص يوضح أن أموال الاتحاد هو أموال الطلاب التي يتم تحصيلها من اشتراكاتهم التي يدفعونها سنويا ، كما أن التبرعات والهبات التي يتلقاها هذا الصندوق مخصصة للأنشطة الطلابية، وهو ما يتم تغييب الطلاب عنه تماما، ولا توجد سياسة للإفصاح عن المعلومات المتعلقة بهذا الشأن ، أيضا لا يوجد دور لأصحاب المصلحة الحقيقيين ( الطلاب ) في إدارة أموال هذا الصندوق ، هذا الوضع يستوجب العمل من اجل تغييره ، ليصبح للطلاب دورا رئيسيا في الإشراف على هذا الصندوق وإدارة أمواله التي هي في الحقيقة أموالهم .
3- قرارات مجلس اتحاد الطلاب :-
على الرغم من أن اتحاد الطلاب من المفترض أن تكون قرارات مجلسه مستقلة عن إدارة الجامعة أو أية إدارة إلا أن الوضع القائم يشير على عدم استقلالية قرارات هذا المجلس عن إدارة الجامعة بل انه خاضع لإرادة إدارة الجامعة تماما وهو ما يفرغ اتحاد الطلاب من مضمونه ويجعل منه كيانا شكليا لا يعبر عن إرادة الطلاب بشكل حقيقي ، وهذه القيود أتت بها المادة 329 من اللائحة الطلابية الجديدة المعدلة في 2007 حيث نصت على أن
” – تعقد جلسات مجالس الاتحادات الطلابية ولجانها المختلفة برئاسة الأمين, وفي حالة غيابه تعقد برئاسة الأمين المساعد. ويعتبر الانعقاد قانونيا بحضور الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس أو اللجنة.
– ويعد أمين المجلس جدول الأعمال ويوجه الدعوة للانعقاد, وبتابع تنفيذ القرارات.
– وتكون قرارات المجلس أو اللجان صحيحة إذا صدرت بأغلبية أصوات الحاضرين من الطلاب وتكون هذه القرارات وخطط الأنشطة سارية المفعول بعد اعتمادها من وكيل الكلية أو المعهد أو نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب بحسب الأحوال.
– وفي حالة عدم موافقة وكيل الكلية أو المعهد أو نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب, يتم التظلم إلى عميد الكلية أو المعهد أو رئيس الجامعة بحسب الأحوال, ويكون قرار أيهما في هذا التظلم نهائيا” .
وهذا الأمر يحتاج إلى التحرك من اجل فضح هذه المخالفات التي تنتهك ابسط حقوق الطلاب في استقلالية قراراتهم في مواجهة إدارة الجامعة .
4- إقامة الندوات الطلابية وتكوين الجمعيات والأسر داخل الجامعة :-
تنص المادة 330 من اللائحة الطلابية المعدلة عام 2007 على أن ….
” لا يجوز إقامة أية جمعيات أو أسر طلابية أو نوادي علوم على أساس فئوي أو ديني أو عقدي أو حزبي بالجامعات أو الكليات أو المعاهد.
تقام الندوات والمحاضرات والمؤتمرات والمعارض وغيرها من الأنشطة بعد إخطار وموافقة وكيل الكلية أو المعهد أو نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب بحسب الأحوال بوقت كاف” .
ويعبر هذا النص عن السياسة القمعية التي تنتهجها وزارة التعليم العالي وإدارات الجامعات ضد الطلاب بحرمانهم من التعبير عن آرائهم بحرية وتشكيل تنظيماتهم المستقلة التي تدافع عنهم .
هذه مجموعة من النماذج وهناك غيرها الكثير يمكن بدء العمل عليها من اجل تطبيق مفهوم حوكمة الجامعات، والخلاص من النظرة الرجعية للطلاب بوصفهم مجموعات من المراهقين غير المؤهلين لإدارة شئونهم بأنفسهم ، بما يتضمنه ذلك من ضرورة تعديل التشريعات المنظمة للجامعات وفصل تشريعات الجامعة عن تشريعات النشاط الطلابي وإعطاء مساحات واسعة من ” الحرية ” بمعانيها المتعددة للطلاب .
اترك تعليقاً