بحث ودراسة حقوقية حول الحقوق الاقتصادية في الإسلام
الدكتور هايل عبد المولى طشطوش استاذ مساعد / جامعة الشرقية / سلطنة عمان
Dr. hayel abd almawla tashtoush, A’sharqiya University, Oman.
Abstract
This study aimed to explore and a statement as to man’s rights approved by the street Quran and further elaborated in age beloved Muhammad peace be upon him, was what prompted research is part of a big sentence of the rights enshrined in law the economic rights, which did not come this choice in vain, but came under the conditions of witness the reality of human disturbance and irritability in the aspects of economic and social life Between the wars, killings and displacement, there is hunger, poverty, illiteracy, disease and displacement … Etc. of the phenomena that humans began to haunt even the finest human societies and the most civilized, the cause of all is the disruption of economic conditions and exit tugboat off the tracks So it was this search to manifest human rights, economic and fate of human rights, and what must be the decision makers who drive the reins in this world to present it to the children of Rights for the dignity of living and an investigation of the adequacy of rations, at least to live human dignity and the duties which wanted a legislator Karim is the right of succession, which involves the concept of an important and vital not based human life, but it’s only a reconstruction and development, and from here emerged the problematic of this research, which will run according to the methodology of inductive tend to the analysis and comparison according to the vision of the future in order to achieve the goal of which is to galvanize man to work and reconstruction to achieve enforceable which is the largest succession .
Keywords: human rights, economy, economic rights, economic development.
ملخص
هدفت هذه الدراسة الى استجلاء وبيان ما للإنسان من حقوق أقرها الشارع الكريم وفصلتها سنه الحبيب محمد علية الصلاة والسلام ، وقد استنهض البحث جزء من جملة كبيرة من الحقوق التي أرستها الشريعة وهي الحقوق الاقتصادية ، حيث لم يأتِ هذا الاختيار عبثاً بل جاء في ظل ظروف يشهد فيها الواقع الانساني اضطراباً وهياجاً في جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، فما بين الحروب والقتل والتشرد هناك الجوع والفقر والامية والمرض والنزوح … الخ من الظواهر التي بدأت تقض مضاجع البشر حتى في أرقى المجتمعات الانسانية وأكثرها تمدنا ، سبب ذلك كلة هو اختلال الاوضاع الاقتصادية وخروج قاطرتها عن السكة ، لذا فقد جاء هذا البحث ليجلي حقوق الانسان الاقتصادية ومالة على البشرية من حقوق ، وما يجب على صناع القرار الذين يقودون زمام الامور في هذا العالم ان يقدموه لبني الانسان تحقيقا لكرامة العيش وتحقيقا لكفاية المؤونة على الاقل ليحيا الانسان بكرامة ويقوم بواجباته التي ارادها له الشارع الكريم وهي حق الاستخلاف الذي ينطوي على مفهوم هام وحيوي لا تقوم الحياة الانسانية الا به الا وهو الاعمار والتنمية ، ومن هنا برزت اشكالية هذا البحث الذي سيسير وفق منهجية استقرائية تجنح إلى التحليل والمقارنة وفق رؤية مستقبلية تحقيقا للهدف منه وهو استنهاض همة الانسان للعمل والاعمار تحقيقا لواجبة الاكبر وهو الاستخلاف .
الكلمات المفتاحية: حقوق الانسان، الاقتصاد، الحقوق الاقتصادية، التطور الاقتصادي.
مقدمة :
يتزايد الاهتمام يوما بعد يوم بموضوع حقوق الانسان حتى غدا موضوع الساعة ، لذا كان لابد من تسليط الضوء على الموضوع الهام والحيوي لأنه يتعلق بأهم جزء من مكونات هذا الوجود الا وهو الانسان ، وقد كانت حقوق الانسان التي اقرها الاسلام هي الابرز والاشمل والأعدل والاسبق على غيرها من المواثيق وذلك لأنها ربانية صادرة من لدن العلي الخبير الذي يعلم الجهر وأخفى ، وتميزت حقوق الانسان في الاسلام بالشمولية فضمت في حزمتها الحقوق الاجتماعية والمدنية والسياسية اضافة الى الحقوق الاقتصادية ، وفي هذه الدراسة سوف نسلط الضوء على الجزء الهام منها ألا وهو الحقوق الاقتصادية وذلك لأهمية الموضوع على الصعيد الإنساني وخاصة في عالم اليوم .
مشكلة الدراسة وأهميتها :
تتبدى مشكلة الدراسة من واقع أهمية حقوق الانسان عامة وحقوق الانسان الاقتصادية خاصة وذلك لتأثيرها المباشر على أهداف المجتمع الاقتصادية والمتمثلة بتحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي والكفاءة الاقتصادية ، وتزداد أهمية هذه الدراسة ظهوراً عندما ندرك أن اكثر بقاع الارض تخلفاً من الناحية الاقتصادية هي البلاد الاسلامية التي كان المفترض فيها العكس من ذلك تماما .كما تظهر أهمية هذه الدراسة من كونها الاولى التي ستسلط الضوء على انعكاس وتأثير حقوق الانسان الاقتصادية في الاسلام على واقع النشاط الاقتصادي في المجتمعات.
فرضية الدراسة:
تفترض هذه الدراسة ان هناك علاقة ارتباط وثيقة وايجابية بين النمو والتطور والنشاط الاقتصادي في المجتمع وبين تطبيق حقوق الانسان الاقتصادية ، باعتبار ان النشاط الاقتصادي هو متغير تابع لعدد من المتغيرات المستلقة والمتمثلة بحقوق الانسان الاقتصادية وان هذا النشاط هو دالة لتلك المتغيرات .وستعمل الدراسة على اثبات هذه العلاقة .
أهداف الدراسة :
سعت هذه الدراسة الى تحقيق الاهداف التالية :
بيان أهمية وقيمة ومكانة الانسان في الاسلام.
تبيان حقوق الانسان الاقتصادية وفق ما أقرها الشارع الحكيم .
اظهار دور حقوق الانسان الاقتصادية وأثرها على النشاط الاقتصادي في المجتمع.
اظهار أهمية دور المرأة الاقتصادي في المجتمع .
منهجية الدراسة :
سلكت هذه الدراسة عدداً من المناهج كان أبرزها المنهج الوصفي التحليلي والمنهج الاستقرائي القائم على جمع الأدلة والبيانات واعتمد في ذلك على الادلة من القران الكريم والسنه النبوية المطهرة باعتبارهما مصدري التشريع الرئيسيين ثم العمل على تحليلها وقرأتها.
المبحث الأول: الاطار العام لحقوق الانسان.
المطلب الاول : تحديد المفاهيم.
لا يخفى على أحد بان الله قد جعل الإنسان في هذا الكون هو المحور الرئيسي الذي يرتكز علية قيام الحياة وعمارة الأرض وتحقيق الاستخلاف الذي أرادة الله له في هذا الوجود ، ولن يتحقق ذلك إلا إذا كان هذا الإنسان يتمتع أكثر من غيرة من المخلوقات ـ وبحكم طبيعته الإنسانية ـ بحقوق وحريات تمكنه من أداء رسالته على أتم وجه .
وسنقدم في هذا المبحث-بعون الله- اطاراً عاماً لموضوع حقوق الانسان بشكل عام ليشكل مدخلاً لبيان الحقوق الاقتصادية للإنسان والتي أقرتها الشريعة الغراء بمصدريها الأساسيين القران والسنة .
أما بالنسبة لتحديد مفهوم ( حقوق الإنسان ) فانه يمكننا القول بانه ” مفهوم حركي ديناميكي/تاريخي يتطور مع تطور المجتمع ، ويختلف من مجتمع إلى أخر، فهو أذن ليس بمفهوم مجرد بل له حمولة سياسية وايدولوجية واضحة ، وقد عرف هذا المفهوم تطورا ملموسا وتوسعا كبيرا خلال القرنين 19 ،و20 وقد ساهمت الحركات العمالية النضالية في بلورته وتسريع تطوره وتعزيزه ، أما بالنسبة لتحديد وتعريف هذا المفهوم ، فقد تعددت وتنوعت التعاريف وحسب وجهة نظر الدارس والباحث والزاوية التي تناول من خلالها الموضوع وفيما يلي نقدم ابرز هذه التعاريف :
– أنها تعني ” تلك الحقوق الأصيلة في طبيعتها والتي بدونها لا نستطيع العيش كبشر” ([1]) .
– وكذلك فإنها تعني ” تلك الحاجات والمطالب التي يجب أن تتوفر لجميع الأفراد من دون تمييز بينهم لاعتبارات الجنس أو اللون أو النوع او الدين أو المذهب السياسي أو الأصل الوطني أو الجنسية ” ([2]) .
– وقد عرفها بعض الباحثين بأنها ” فرع خاص من فروع العلوم الاجتماعية يختص بالعلاقات بين الناس استنادا إلى كرامة الإنسان بتحديد الحقوق والرخص الضرورية لازدهار كل كائن بشري ” وفي تعريف أخر نرى أنها تعني ” مجموعة من الحقوق الطبيعية ، والتي تشمل كافة جوانب الحياة السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، ويتمتع بها كل كائن بشري ويحميها في كافة مراحله العمرية بشكل فردي أو جماعي. وهي الضمانات القانونية العالمية التي تهدف إلى حماية الأفراد والمجموعات من تدخل السلطات في الحريات الأساسية وتلزمها بالقيام بأفعال معينة أو الامتناع عن أفعال أخرى حفاظا على الكرامة الإنسانية. ([3]).
– وكذلك فإنها قد تعني:”مجموعة الحقوق الطبيعية التي يمتلكها الإنسان واللصيقة بطبيعته والتي تبقى قائمه إن لم يتم الاعتراض بها بل أكثر من ذلك حتى لو انتهكت من قبل سلطة ما ” ([4]).
من خلال التعاريف السابقة يمكننا ان نقدم التعريف الخاص بنا والذي يشير الى ان مفهوم حقوق الانسان يعني :” كل ما تقتضيه الطبيعة الإنسانية من احتياجات وضروريات لكي تبقى هناك قوة تدفع الإنسان نحو الشعور بالاطمئنان والاستقرار حماية له من الانحلال والتدهور والضعف والانتهاك بعيدا عن التمييز للون أو جنس أو أصل أو دين ، الدافع في ذلك هو الخصائص الإنسانية المشتركة بين جميع البشر من حيث النشاءة والطبيعة .وبذلك تكون حقوق الإنسان ذات طابع عالمي تشمل جميع البشر دون استثناء .ولمزيد من الايضاح يجدر بنا ان نقدم تعريفا لمفهوم ” الحق ” حيث ان في تعريفه أقوال كثيرة ومذاهب عديدة ، وقد وردت كلمة الحق في الفكر الإسلامي في مواضع كثيرة حيث جاءت في القران الكريم والسنة النبوية المطهرة لتشير إلى جملة من المعاني أبرزها :إن كلمة (الحق) وهي اسم من أسماء الله الحسنى او صفة من صفاته العظيمة .
أما في اللغة: فان كلمة ” الحق” تعني الشيء الثابت قطعا بلا شك ، او هو النصيب الواجب للفرد أو الجماعة ، كما يعرفه بعض اللغويون بأنة ” الملك أو المال أو الأمر الثابت “وقد يعني ” الأمر المقضي ، والعدل والإسلام والملك والموجود الثابت والصدق والحزم، وحققت الأمر أي إذا تيقنته أو جعلته ثابتا لازما “([5]).
ومن معاني كلمة “حق” في اللغة : “النصيب الواجب للفرد، وكذلك تعني الثابت بلا شك ” وهي تشير دائما إلى كل ما يتعلق بمفهوم العدالة والإنصاف ومبادئ الأخلاق والى نفي الظلم والباطل “)[6]) .
أما في الاصطلاح : فقد وردت كلمة “الحق” في مواضع كثيرة واستعملها الفقهاء المسلمون كثيرا وفي معان عديدة وذات دلالات مختلفة: كان ابرزها ما عرفة الشيخ مصطفى الزرقا:” بأنه اختصاص يقرر به الشرع سلطة أو تكليفا ” ([7]). وهو مصلحة يحميها القانون ” ([8]).
أما من الناحية القانونية :فقد تعددت التعاريف وتنوعت باتجاهات ومذاهب مختلفة ، ففي الفقه الأوروبي هناك المذهب الشخصي ( الفردي ) الذي أعطى(الحق) تعريف يختلف عن المذهب الموضوعي ، بالإضافة إلى ظهور ما يسمى بالتعاريف المختلفة في مجال ( الحق)، حيث أجمعت كل التعاريف على أن (الحق) هو ” سلطة أو قدرة إرادية يخولها القانون لشخص ما ضمن اطر محددة ” وهذا ما جاء به المذهب الفردي ، أما المذهب الموضوعي فيعتبر الحق ” مصلحة يحميها القانون ” ؛ وفي الفقه القانوني العربي أيضا تنوعت واختلفت التعاريف حيث دار معظمها حول “أن الحق أمر فيه مصلحة وفية إرادة وفية حماية قانونية” ([9])، وقد عرفة البعض بانه ” العقيدة الصحيحة ، العلم النافع، العمل الصالح ، والخلق الكريم” ([10]). ومن الآيات الكريمة التي وردت فيها كلمة (الحق) ، قولة تعالى :
ـ ( ليحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين)([11]).
ـ ( ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كرة المجرمون)([12]) وهي تعني هنا ” الأمر الثابت .
ـ ( أولئك هم المؤمنون حقا )([13]) أي صدقا.
ـ ( كما أخرجك ربك من بيتك بالحق ) ([14])أي متلبسا بالحكمة والمصلحة .
ـ ( فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون) ([15]) أي أجدر به .
ـ ( حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق ) ([16]) حقيق بمعنى حريص او جدير ان ، أي حريص على أن لا أقول على الله إلا الصدق .
أما تعريف (الحق) حسب ما ورد في الإعلان العالمي الإسلامي لحقوق الإنسان فانه: “ تعبير مضاد و علاقة تبادلية مع تعبير الواجب ” ([17]).
ومن خلال ما سبق من تعاريف لغوية واصطلاحية فإننا نستطيع أن نعرف الحق بأنه: ” تعبير ايجابي يدل على شيء ثابت كالصدق والعدل والملك والمال والأمانة والوفاء ومكارم الأخلاق ….. الخ ، إذا احتصل عليها الفرد او اتصف بها كان ما خالفها قيم سلبية .
المبحث الثاني :قيمة الإنسان في الفكر الإسلامي.
المطلب الاول : مكانة الانسان في القران والسنة :
تشكل التغيرات المتلاحقة المفاجئة والأحوال المضطربة التي تسود العالم والتي تتراوح ما بين الحروب الطاحنة بين الأمم والشعوب وما بين النزاعات الداخلية والاقتتال والفرقة بين أبناء البلد الواحد لخلافات مذهبية او عرقية او طائفية … الخ ضرورة ملحة في عصرنا الحاضر لبيان قيمة الإنسان وكرامته وعلو شانه وما منحة الله إياه من تكريم وتقديس ، لأنه هو المتأثر الرئيسي بهذه الأحوال فهو الذي يتعرض للتشريد والجوع والمرض والفقر والاغتصاب والانتهاك الحقوق بل إلى القتل واغتصاب حق الحياة منة وحرمانه من أن يعيش بسعادة وكرامة كما أراد له الله سبحانه وتعالى ( [18]).
فقد خلق الله الإنسان وجعله خليفة له وميزة عن غيرة من المخلوقات والموجودات ، بطبيعته خاصة ولذلك اسند له عمارة الكون ومنحة حق السيطرة والسيادة علية وذلك لتفوق طبيعته البشرية وتميزها بأمور كثيرة كالقدرة على التفكير وتقدير الأمور واختيار الأفضل والأصلح منها والدفع به نحو تحقيق مصلحته ومصلحة مجتمعة وبالتالي عمارة الكون واحيائه ([19])، قال تعالى :” ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير من خلقنا تفضيلا”( [20])؛ وفي موضع آخر يقول تعالى:” وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة “([21]) ؛ وفي تفسير معنى التكريم يقول العلماء:” ولقد كرمنا بني ادم بحسن الصورة والمزاج الأعدل واعتدال القامة والتمييز بالعقل والإفهام بالنطق والإشارة والخط والهدى إلى أسباب المعاش والمعاد والتسلط على ما في الأرض والتمكن من الصناعات وانسياق الأسباب العلوية والسفلية إلى ما يعود عليهم بالمنافع إلى غير ذلك مما يقف الحصر دون إحصائه”([22] )، ويقول القرطبي – رحمة الله – :” والصحيح الذي يعول علية أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف وبه يعرف الله ويفهم كلامه ويوصل إلى نعيمة وتصديق رسله “، ويقول الطبري –رحمة الله- :” ولقد كرمنا بني ادم : بتسليطنا إياهم على غيرهم من الخلق وتسخيرنا سائر الخلق لهم ” ([23]).
ومن مظاهر تكريم الله تعالى للإنسان أن أرسل له الرسل لهدايته وانزل الكتب والشرائع المبينة لحقوقه وواجباته وتزويده بمدارك عقلية وحسية دعاة إلى استخدامها في سبيل الخير والحق والرشاد للوصول إلى الصلاح والفلاح الذي يعد مقصدا من مقاصد الدين الحنيف”، وبهذا التكريم استحق أن يسجد له الملائكة الكرام استجابة لأمر الله الذي قال :” واذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ،”([24]).
جاء الإسلام دينا عاما شاملا جامعا لكل شيء فيه عبادات ومعاملات وتعاليم وإرشادات كلها استهدفت الإنسان لأنه محور الحياة وركيزتها ، وبالتالي جاءت الدعوة الإسلامية المنطلقة من القران الكريم تنادي بالتركيز على تحرير الإنسان والمحافظة على خصائصه وتحطيم كل ما يرد على حريته من قيود قد تضعف من شانها أو تحد من خصائصها ، وبالتالي ركزت الدعوة الإسلامية على حرية الإنسان ،ليست حرية البدن فحسب بل أن حرية العقل كانت موضع اهتمام وتركيز أكثر لان في تحرير العقل البشري تحرير لإنسانية الإنسان ،وليس أدل على ذلك من أن الإنسان الذي تستعبده الشهوات ومتاع الدنيا يصبح تفكيره مقيد بها ، نجدة ينحدر إلى أدنى المستويات الإنسانية ،يترك القيم والمثل العليا والمبادئ السامية ويصبح عبدا مملوكا لها ،لذا ركز الإسلام على حرية التفكير والعقل لان عبودية العقل والفكر تحجب الإنسان عن رؤية طريق الحق والصواب والهدى ، وغاية الإسلام من حرية التفكر هو إدراكه أن العقل الحر هو أساس بناء الحضارة الإنسانية واستمرار الحياة الكريمة لبني الإنسان( [25]).
لذا فان هذا الإنسان الذي حظي بهذا التكريم وهذه العناية الإلهية ،جعل الله له من الحقوق ما لا تستقيم حياته بدونها ولا تتبلور إنسانيته إلا في إطارها وصولا إلى النفس الراضية المطمئنة التي تقود صاحبها إلى ممارسة طبيعته الإنسانية وصولا إلى الإيمان بالله وطاعته، بدون تفرقة وتمييز بين إنسان وأخر حيث أزال الإسلام مظاهر التمييز والتفرقة بين الأجناس البشرية وقرر أن الكل من خلق الله وان الكل يندرج تحت أم واحدة وأب واحد واعتبرهم الإسلام امة واحدة ، فالإنسانية تضم الجميع في رحابها وإطارها العام ” فبهذه المساواة في الأصل الواحد والقيمة الإنسانية المشتركة بين الناس يجد كل إنسان بأنه غير متميز عن غيرة إلا بكرامة التقوى والالتزام بمنهج الله التي هي كرامة مكتسبة” ([26]) ؛ والإسلام الذي ارتكزت دعوته على مصدرين هامين هما القران والسنة النبوية المطهرة جاء بجملة من الحقوق الأساسية للإنسان سواء كان بصفته فردا أو بصفته جزء من الجماعة التي يعيش في ظلها وذلك من خلال آيات كريمة وأحاديث نبوية سلطت الضوء على مثل هذه الحقوق والحريات وقد كانت الحقوق الاقتصادية من ابرز وأميز هذه الحقوق .
المطلب الثاني : الخصائص العامة ومبادئ حقوق الإنسان:
تتمتع حقوق الإنسان بالمميزات والخصائص التالية ([27]):
الطبيعية : فهي حقوق طبيعية تنشأ مع ولادة الإنسان وتستمر معه حتى مماته، وهي ليست مكتسبة من أي سلطة سياسية كانت أم اجتماعية، ويعد تقنين الحقوق في القوانين في سبيل التنظيم وليس إنشاءا لحقوق جديدة للإنسان.
التكاملية : أي تكامل الحقوق ، فلا يمكن ممارسة حق أو حقوق معينة بمعزل عن أخرياتها من الحقوق ، أو إعطاء أفضلية لأي من الحقوق على حساب حقوق أخرى.
الشمولية: تشمل حقوق الإنسان كافة الحقوق الإنسانية المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
العالمية: ينتفع بحقوق الإنسان كل إنسان على وجه الأرض بغض النظر عن دينه او جنسه أو لغته أو قوميته أو لونه أو رأيه السياسي، وتعمل حركة حقوق الإنسان على نطاق العالم متجاوزة بذلك الحدود الوطنية والإقليمية .
غير قابلة للتصرف : لا يجوز التصرف أو التنازل أو المساس بحقوق الإنسان لأنها ليست ملكا لأحد بعينه أو دولة بذاتها حتى تتصرف بها كما يحلو لها أو كما يتوافق مع رغباتها أو مصالحها .
أما المبادئ التي قامت عليها حقوق الإنسان والتي تسعى لترسيخها وإخراجها إلى حيز الوجود فهي :
الكرامة : فلا حياة للإنسان بدون كرامة أي كيانه الذي يشعره بقيمته وأهميه وجودة في هذه الحياة .
التضامن: تقوم حقوق الإنسان على مبدأ تضامن البشر وتعاونهم وتآزرهم واتحادهم بما فيه خيرهم أجمعين .
التسامح :إن التسامح والمحبة بين بني الإنسان هما ضمانة أكيدة من ضمانات تطبيق حقوق الإنسان، فعندما تطبق حقوق الإنسان ويشعر كل إنسان بأنه استوفى حقوقه يسود الود والتالف والتسامح بين الناس .
العدالة :إن تحقيق العدالة بين بني الإنسان هو مطلب بشري منذ الأزل وهو ركيزة حقوق الإنسان وأساسها .
المساواة. إن شعور الإنسان بأنه متساو مع أخيه الإنسان بغض النظر عن لونه أو جنسه أو عرقه ،هو ضرورة هامة وأساسية تسعى حقوق الإنسان لتطبيقها .
الحرية : إن الله قد خلق الناس أحرارا ومنع استعبادهم وإذلالهم لان في ذلك انتقاص من قيمتهم وتقليل من تكريمهم الذي أقره الله منذ خلق الخلق ،فالحرية هي أساس العمل والأعمار والبذل والعطاء وهي مبدءا أساسي من المبادئ التي ترتكز عليها حقوق الإنسان .
المطلب الثالث: خصائص ومميزات حقوق الإنسان في الإسلام.:
لا شك أن الدارس لحقوق الإنسان وحرياته في الإسلام يجدها تمتاز بخصائص ومميزات شاملة وعامة ومتوازنة، شمول، رسالة الإسلام ذاتها، وحقوق الإنسان التي جاء بها الإسلام تمتاز بخصائص باعتبارها جاءت للإنسان كانسان مخلوق معزز مكرم وله الاحترام والتقدير والرفعة من الله سبحانه وتعالى ([28]).
أما أهم هذه الخصائص منها:
أن هذه الحقوق منحة من الله ليست هبة من أحد: هذه الحقوق قررها الخالق عز وجل كتكريم وتشريف للإنسان لأن الخالق عز وجل يدرك أن حياة الإنسان لا تستقيم إلا بها لتتحقق إنسانيته ويرتفع عن مستوى غيره من المخلوقات وذلك لما يتمتع به من مميزات كالعقل والتفكير والإدراك والنطق ووسائل التدبير والتفكير كأنه، وقد جعلها الله منحة منه لكي لا يمن فيها أحد على أحد لا يستذل أحد ولا يستعبده أو يستغله من اجل منحة أي حق من حقوق حفاظا على إنسانيته وكرامته. لذا فإن حقوق الإنسان في الإسلام تستمد شرعيتها من أحكام الدين التي ترتفع بها رغبات وأهواء البشر وهي ليست منحة من الحاكم يتحكم فيها كيف شاء وفقا لمشيئته وإرضاء لأهوائه وإنما هي فرائض الهبة وواجبات شرعية.([29]).
إنها حقوق ثابتة لا مجال لتغييرها أو الانتقاص منها: بل إنها مرنة وجاهزة للتأقلم مع متغيرات الحياة وتطورات المحركات، وهذا من عدل الإسلام ومرونته وصلاحيته لكل زمان ومكان وقدرته على التأقلم والتعايش مع كل الظروف وكل المجتمعات.
إنها حقوق عامة: ليست مقصورة على إنسان دون إنسان بل هي لكل البشر الصغير والكبير، الذكر والأنثى ، الأبيض والأسود، الرئيس والمرؤوس، … الخ.
إنها مترابطة مع بعضها البعض وغير قابلة للتجزئة أو الانقسام: وقد لاحظنا مدى الترابط من خلال السرد السابق لها حيث نجد أن كل حق ينبثق منه حقوق وينبني عليه حقوق أخرى فمثلا حق الحياة ينبثق منه حق التملك والتصرف والتعبير والتعليم والرعاية والاجتماع وغيرها.
إنها لازمة لا يجوز التنازل عنها: فليس من حق الإنسان منح حق لأحد أو التنازل لغرض معين فقد حرم الإسلام أن يقوم الإنسان بقتل نفسه مثلا ليتخلص من حقه في الحياة واعتبر ذلك انتحارا يدخل صاحبه النار لأن الحق في الإسلام ليس ميزة لصاحبه بل هو وسيلة لتحقيق غاية أو وظيفة اجتماعية، قال تعالى: ” ولا تقتلوا أنفسكم أن الله كان بكم رحيما)( [30])، وكونها ملزمة بحكم المصدر الإلهي الذي تستمد منه لذلك فهي لا تقبل الحذف أو النسخ أو التعطيل كما لا يجوز الاعتداء عليها لأن الاعتداء عليها يوجب العقوبة المنصوص عليها في القرآن أو السنة وذلك في إطار ما يعرف بنظام الحدود.
ترتقي حقوق الإنسان في الإسلام لتصل إلى درجة الضرورات التي لا يستطيع الفرد الاستغناء عنها: كحقه في العمل والكسب وحقه في التعليم الذي اعتبره الإسلام فريضة عليه ينبغي طلبه ويأثم أن هو قصر في طلبه.
إنها حقوق متوازنة: لم تعط الفرد حقوق تميزه عن الجماعة لكي لا يصاب بالغرور والأنانية فيتجبر ويطغى ويعود عاله على المجتمع، فالفرد مسئول تجاه المجتمع طبقا للقاعدة (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) كذلك الحال بالنسبة للجماعة فهي مسئوله تجاه الفرد، وهذا دليل على وسطية الإسلام واعتداله وتميزه عن الأنظمة الاشتراكية التي طغت فيها الجماعة على الفرد وليس كالرأسمالية التي تجبر فيها الفرد وتحكم في مقدرات الجماعة ومصالحها ([31]).
حقوق الإنسان في الإسلام مصانة ومحمية ومنظمة من قبل الدولة تعمل على توظيفها وتحقيق استفادة الإنسان منها وحصوله عليها وتتأكد من ذلك من خلال الأجهزة المختلفة للدولة.
إنها ليست مطلقة بل مقيدة: فعندما تصل درجة مباشرة الإنسان لحق في أن يؤذي الآخرين أو يسبب الإزعاج أو يدعو إلى الفرقة والاقتتال والطائفية والتنازع فان الإسلام عندها قيده في إطار القاعدة التي تقول:(تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين).
إنها ذاتية أصيلة في الإنسان لا تتبع جنسه ولا لونه ولا بلده ولا عشيرته ولا قومه إنما تتبع كونه إنسانا ( [32]).
مما سبق ندرك كم هي مبادئ الإسلام عظيمة لأنها أرست قواعد متينة لحقوق الإنسان لا يغيرها زمان ولا مكان ولا نظام لأنها حقوق إلهية –ليس للبشر أي تدخل فيها، وإما العالم الذي عانى ويعاني من نقص وشح في المصادر المغذية لحقوق الإنسان إنما يجد ضالته في أسس الإسلام العظيمة فيما يتعلق بالإنسان وحقوقه، فما أحوج العالم وهو يعيش جاهليته المحدثة ويتخبط باحثا عن كرامة وحقوق للحريات لملايين الناس في أنحاء العالم – ما أحوجه إلى الإسلام ينقذه من الضلال والضياع ويعيد إليه الأمن والاطمئنان والسلام ، ما أحوج العالم اليوم إلى روح الإسلام ومبادئه تخلصه من طغيان المادة التي انتزعت الروح وألقت فيها على مزابل التاريخ ليعيش الإنسان حياة فارغة ليس لها طعم وليس فيها راحة أو سعادة فهو يركض ليلا نهارا باحثا عن لقمة العيش فقط ، مقارنة مع زمان فاضت فيه خزائن بيت المال ولم تجد أحد يأخذ الصدقات والزكاة أو بحاجة إلى المال أو المتاع أو الطعام رغم أن العالم كان آنذاك ليس فيه حواسيب ولا طائرات ولا سيارات ولا تقنيات ولا هواتف خلوية ولا تكنولوجيا نووية أو فضائية أو غير ذلك ، لكنه الإسلام.
المبحث الثالث: الحقوق الاقتصادية في القران والسنة.
تأتي الحقوق الاقتصادية كواحدة من ابرز الباقات التي تضمها منظومة حقوق الانسان التي قدمتها الشريعة بمصدريها([33])، ويمكننا ان نعرض لهذه الحقوق ليس على سبيل حكاية الفعل بل لتكون نبراسا ومعينا وهاديا للإنسان تدفعه للنشاط والعمل والحرية وبذل الوسع من اجل اعمار الكون والقيام بحقوق وواجبات الاستخلاف الذي ارادة الشارع الحكيم له ، وقد جعلنا هذه الحقوق تحت مطلبين اولهما الحقوق الاقتصادية العامة اي للناس كافة ، ولأهمية ومكانه المرأة في الاسلام ولإبراز دورها الاقتصادي فقد افردنا لها مطلبا خاصا يبين اهم الحقوق الاقتصادية التي منحتها اياها الشريعة الغراء .
المطلب الاول : الحقوق الاقتصادية العامة :
حق العمل والكسب : العمل في الإسلام عبادة لان فيه حفظ للكرامة وكف عن المسالة وصيانة للنفس الإنسانية من الابتذال والسقوط والانزلاق إلى مهاوي الجريمة والانحراف والشذوذ ، فالإنسان العاطل عن العمل- وهو قادر علية – يتملك تفكيره الشيطان ويدفعه إلى الابتعاد عن الطريق القويم والسلوك المستقيم ، وفي العمل نشاط وحيوية وبناء للأوطان ، وقضاء لحاجات المجتمع وبالتالي حفظ كرامة الأمة لكي لا تكون رهينة بيد غيرها ، واعتمار للكون وإحياء للأرض والقيام بأعباء الاستخلاف الإلهي للإنسان في هذه الأرض على أكمل وجه ،والله سبحانه سخر الأرض وخيراتها للإنسان ليسعى في مناكبها ويأكل من رزق الله ليشكره ويحمده فيزداد قربا من خالقة قال تعالى: (هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً فَٱمْشُواْ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ) ([34]) ؛ قال ابن كثير: “أي: فسافروا حيث شئتم من أقطار، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات”( [35]) ، وكسب الإنسان يجب ان يكون كسبا حلالا خالصا لا تشوبه شائبة لان المال الحرام يفنى هو وأهلة بالإضافة إلى ما يلاقي صاحبة من الحساب والعذاب يوم القيامة، لان المال هو الشيء الوحيد الذي يسال المرء عنة مرتين ، مرة من أين اكتسبه ومرة فيما أنفقة ،لذا فسعي الإنسان وكسبة يجب ان يكون في مرضاة الله بعيدا عن السرقة والربا والاحتيال والنصب والمقامرة والغش والابتزاز وغيرة من طرق الكسب المحرمة ، ونهى الإسلام أيضا عن السؤال بغير حاجة قال( ص) :”اليد العليا خير من اليد السفلى “([36]) ، وعلى الدولة المسلمة توفير فرص العمل لا بناءها وحثهم عليها وذلك بسن القوانين المشجعة وتوفير العناية والرعاية الطبية والاجتماعية للعامل وإعطاءه الأجور المجزية وحماية حقوقه وفق القوانين العادلة التي تسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية في المجتمع ([37]).
2. حق التملك :الى جانب الملكية العامة للامة وملكية الدولة فان الله سبحانه وتعالى قد اقر حق التملك الخاص للإنسان ، والتملك في الأصل يقع على المال الذي هو أحد الضروريات الخمس في الإسلام، ويعتبر المال أحد الدعائم الأساسية في الحياة، وهو أحد عناصر الإنتاج مع العمل والموارد الطبيعية، وهو زينة الحياة،([38]) ؛ وبإقرار الإسلام لهذا الحق إنما هو يعترف بفطرة الإنسان التي فطرة الله عليها ، وهي ميل النفس البشرية ونزعتها وحبها للتملك الأشياء والاستئثار بها ، وهذا الحق الذي أقره الإسلام إنما هو رد على كل محاولات العابثين المشككين بالاسم بقولهم أن الإسلام حجر على الجسد والروح ويقيدهما بقيود كثيرة ونرد عليهم بالقول إن الاسم العظيم بإقراره لهذه الحقوق والحريات إنما ينسجم مع الخصائص الإنسانية ويزيل العوائق من أمامها ويوجهها التوجيه السليم والصحيح الذي يحقق النفع والفائدة ويسهم في تطوير المجتمع .
سمح الإسلام للإنسان أن يتملك الأشياء التي هي من ثمار جهده وتعبه واعطائه حق التمتع بها ومنع غيرة من الاعتداء على ممتلكاته وأشيائه ، فحرم السرقة والاحتيال والاختلاس والربا والسلب والنهب وقطع الطريق واكل أموال الناس بالباطل والتزوير والاعتداء على أموال الأيتام وغيرها .
وعندما اقر الإسلام هذا الحق لم يجعله مطلقا دون قيود بحيث يتحول إلى النزعة الفردية المطلقة والى الأنانية البغيضة لان في ذلك حبس للأموال والممتلكات بيد فئة قليلة من الناس مما يؤدي إلى ظهور الطبقية التي تولد الحقد والكراهية والتنازع بين الأغنياء والفقراء المعدمين ([39]).
لذلك جاءت فلسفة الإسلام الاقتصادية وسطية معتدلة ليست بالشيوعية التي تختصر الفرد وتلغي دورة وحقه في التملك وتلغي فطرته الإنسانية وتحرمه من الحقوق التي منحة إياها خالقة ، وليس بالرأسمالي الذي يشجع على تكديس الثروة بيد فئة قليلة من ذوي الجاه والسلطان ويحرم باقي أفراد المجتمع من حقهم بها ، فالفرد في الإسلام هو فرد مستقل لذاته وهو في نفس الوقت جزء من الجماعة له ما لها وعلية ما عليها .([40])، ومما يدل على تشجيع الإسلام للملكية الفردية ن هو حضه على العمل والكسب والسعي في الأرض والبحث عن الرزق لان في ذلك تحقيق للذات وعف لها عن السؤال ، قال تعالى :”فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه والية النشور “([41]) ، وقال (ص):”ما ا كل احد طعاما قط خير من أن يأكل من كسب يده ” وقال(ص):” أفضل الكسب كسب الرجل من عمل يده “([42] ).
حرية المعاملة(البيع واشراء ، والاتجار …) والسلوك: إن الطبيعة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها تفرض عليهم وتتطلب منهم أن يكونوا أحرارا في تعاملهم مع الآخرين سواء بالبيع أو الشراء أو التزاوج والمصاهرة والعلاج والتعليم والتربية والتوجيه أو التزاور … الخ من أصناف المعاملات ، والإسلام منح الإنسان الحرية الكاملة المطلقة للتعامل مع الآخرين ضمن إطار الشرع وبما لا يخالف القواعد الدين الحنيف ممتثلا بذلك كتاب الله وسنة رسوله الكريم ومقتديا بالسلف الصالح .
والإسلام وجه هذه الحرية توجيها سليما صحيحا وذلك لكي تكون مظهرا طيبا من مظاهر إنسانية الإنسان التي جبلة الله عليها وبحيث لا تؤدي إلى إيذاء الآخرين أو الإضرار بهم ، لذلك نجد أن الإسلام قد وضع قيودا على حرية التعامل مع الطفل الصغير والمجنون والسفيه والمعتوه والفاقد لعقلة بإغماء أو غيرة ، ووضع لذلك الضوابط والقواعد التي تناسب كل حالة على حدة ، لذلك نجد أن حرية التعامل في الاسلام مشروطة بعدم إيقاع الضرر أو الخداع أو الأذى أو الغش بالآخرين ، وفي ذلك صيانة للأعراض والأموال والأنفس وحماية للمجتمع من الآفات الاجتماعية واستمرار للمودة والرحمة بين الناس؛ وعندما اقر الإسلام بحرية المعاملة والسلوك للإنسان أباح له في إطارها حرية التنقل من مكان إلى أخر في أرجاء المعمورة دون أن يتعرض للأذى أو إساءة أو قطع الطريق ،ووضع الإسلام العقوبات الرادعة لمن يقوم بأذى الناس وقطع طريقهم والحد من حريتهم في التنقل والحركة من مكان إلى أخر ، قال تعالى :” فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه والية النشور”.([43])وهذه الحرية من شانها ان تتيح للفرد استغلال الموارد الاقتصادية المتاحة له بصورة كفؤة وفي اطار من الامن والطمأنينة على أمواله ونفسة مما يوفر بيئة خصبة للتنمية وزيادة الانتاج وتوفر سبل العيش الكريم ([44])؛ ووصل الامر ان اباح الاسلام للإنسان بالعمل في وقت الحج: قال تعالى:(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رَّبّكُمْ) ([45]) .قال ابن عباس: (وهو لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده) ([46]) ؛ قال القرطبي: “في الآية دليل على جواز التجارة في الحج للحاج مع أداء العبادة، وأن القصد إلى ذلك لا يكون شركاً، ولا يخرج به المكلف من رسم الإخلاص المفترض عليه” ([47]).
حق تولي الوظائف العامة: أعطى الإسلام الحق للإنسان في تولي الوظائف العامة مادام يتمتع بصفات تؤهله لذلك فإذا توفرت النزاهة والأمانة والكفاءة والمؤهلات الأخرى فلا شيء يمنعه من تولي المنصب العام الذي من خلاله يخدم أمته ومجتمعة ويعلي به بناء وطنه ، وفي ذلك تحقيق للعدالة واحترام لذات الفرد المسلم وتفعيلا لقدراته وطاقاته وملكاته الفكرية والإبداعية فلا تمييز بين فرد وأخر في ذلك إلا بأهليته وكفاءته ، قال عليه الصلاة والسلام فيما يرويه ابن عباس :”من استعمل رجلا من عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى منة لله فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين” وفي حديث أبي هريرة ، قال عليه الصلاة والسلام فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ، قال كيف إضاعتها ؟ قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهلة فانتظر الساعة” .ولا شك ان تولي الانسان للوظيفة العامة في خدمة لمصلحة الامة وتحقيقا لأهدافها الاقتصادية وخاصة اذا توافرت شمائل الأمانة والاخلاص والقوة والصدق والكفاءة فإن ذلك مدعاة لزيادة الانتاج وزيادة الخيرات والحفاظ على ثروات المجتمع من الهدر والضياع.
المطلب الثاني : حقوق المرأة الاقتصادية في الإسلام:
تمتعت المرأة بحقوق اقتصادية عظيمة وكثيرة لم تعطها لها شريعة اخرى كما اعطاها اياها الاسلام العظيم ، وذلك طمعا فيها لتعلب دورا اقتصاديا هاما في المجتمع باعتبارها الحاضن الأول للأسرة وانها الأمينة على الأجيال ، لذا فقد رفع الاسلام وقيمتها وإعلاء من شأنها بعد ان كانت عند العرب قبل الإسلام موضع ازدراء واحتقار بل إنها كانت عار على والدها وأهلها، لأنها كانت وسيلة للمتعة وقضاء الشهوة، ويصاب الرجل بانتكاسة عظيمة إذا علم أن زوجته أنجبت مولودا أنثى، وقد وضح القرآن الكريم ذلك بقوله تعالى: ” وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم “([48]). بل أن الأمر وصل إلى حد إعدامها وهي حية، وهذا امتهان وإذلال لم تشهد له البشرية مثيلا. وتساءل المولى عن ذلك بقولة تعالى : ” وإذا الموءودة سئلت، بأي ذنب قتلت “([49]).وبالتالي لم تفرق الشريعة الإسلامية بين الرجل والمرأة من حيث الحقوق والواجبات كونها جاءت تكريما للإنسان كانسان وليست للرجل دون المرأة،([50]). ففي الإسلام يتساوى الرجل والمرأة من حيث التكليف والجزاء، فالمرأة تدخل الجنة جزاء على أعمالها الصالحة والرجل يدخل النار أن قصر في أداء واجباته الرئيسية تجاه الله، لذلك نجد أن الثواب أو العقاب ليس مخصوصا به الرجل دون المرأة في الإسلام مصداقا لقوله تعالى: ” من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزيهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون “([51]) وكذلك قوله تعالى: ” من يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ” ([52]) وهنا تأكيد على أن الجزاء في الآخرة واحد للجنسين لا تمييز بينهما. قال تعالى: ” فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض”([53]) .هنا مساواة تامة بين الرجل والمرأة في القيمة الإنسانية وفي الحقوق والواجبات، أما الاختلاف فقط يكون بما اختلفتا به طبيعتهما الخلقية، إذ ليس من العدل أن تفرض قوانين موحدة على شخصين لهما طبيعتان مختلفتان. ومن اجل ذلك فقد أوجب الاسلام للمرأة كثيرا من الحقوق وعلى رأسها الحقوق الاقتصادية التي تحفظ لها كرامتها وتصون أنوثتها وتقدس كيانها نجملها بما هو آت:-
حق الملكية: منح الاسلام المرأة حق التملك مثلها مثل الرجل وجعل لها ذمتها المالية الخاصة بها بعد ان حرمتها الحضارات السابقة من هذا الحق بل انها جعلتها خاضعه لنظام الوصاية الدائمة التي تحول دون قدرتها على التصرف بأي شيء، فقد كانت المرأة في الحضارة الرومانية خاضعة لنظام العائلة الرومانية القائم على السلطة الأبوية فليس لها حق التصرف في أي شيء، وفي حياة العرب قبل الإسلام لم يكن هناك اعتراف بحق الملكية الفردية للمرأة بل أن المرأة نفسها كانت جزءا من المتاع والأثاث والأشياء التي تباع وتشترى وبحق للرجل تملكها والتصرف بها كأي سلعة أخرى لا قيمة لها. وحتى في الأنظمة الحديثة لم تعطى المرأة حق التملك فقد كانت شرائع أوروبا في العصور الوسطى تحرم المرأة من كل هذه الحقوق إلى عصر قريب، فقد كان القانون المدني الفرنسي ينص على أن “المرأة المتزوجة لا يجوز لها أن ترهب أو أن تنقل ملكيتها ولا أن ترهن ولا أن تمتلك بعوض أو بدون عوض يرون اشتراك زوجها في العقد أو موافقته عليه موافقة كتابية)([54]) .وفي الأنظمة الشيوعية التي يعتبرون فيها الكيان البشري هو الكيان الاقتصادي يعتبرون أن المرأة لا كيان لها لأنها لا تملك شيئا أو ليس لها حق التصرف فيما تملك وإنها ما صارت مخلوقا حيا إلا حين استقلت اقتصاديا أي عندما صار لها ملك مثل الرجل( [55]) أما في شريعة الإسلام الغراء فان المرأة لها حق التملك والتصرف فيما تملك ، ولها ذمة مالية مستقلة فلها حق البيع والشراء والشركة والرهن و القبض والتصرف فيما تملك مثلها مثل الرجل لا فرق بينهما فكل منهما له أن يدير أمواله وينميها ضمن حدود الشرع وما تفتضيه أحكام الإسلام بالنسبة للمرأة واختلاطها مع الرجال([56]).
حق الميراث: لم تعترف الحضارات السابقة –فيما عدا الحضارة الفرعونية- بحق للمرأة في الميراث بل أن بعضها كان يعتبر المرأة نفسها شيء يورث، ففي حضارة بلاد ما بين النهرين لم يعترف قانون حمورابي الشهير الا بحق الأبناء الذكور في الميراث أما البنات فقد استبعدهن إلا في حدود ضيقة ،كذلك الحال في الدولة الرومانية فقد كانت الأنوثة سبباً من الأسباب الموجبة للحجز على الشخص وتقييد حريته بالتصرف القانوني فيما يملك ،وعند العرب قبل الإسلام لم تكن المرأة تورث. أما في الإسلام فقد اقر حق المرأة في الميراث سواء كان ميراث والدها أو زوجها أو أخيها أو ابنها أو جدها أو غيرهم وذلك حسب الأسس والحالات والأحكام التي تفتضيها كل حالة على حده ولا مجال لذكرها هنا([57]).
حق النفقة: من عظيم تكريم الاسلام للمرأة انه لم يكلفها عناء ومشقة النفقة على الإطلاق ، بل أوجبها على الرجل تجاه المرأة وجعلها حق لها عليه. فعندما تكون المرأة في بيت والدها تجب نفقتها على أهلها إلى أن تتزوج وعند زواجها تكون نفقتها على زوجها ثم على أبناءها إلى أن يتوفاها الله فان لم يكن للمرأة قريب فنفقتها واجبة على بيت المال. وهذه الإشارة البسيطة تدل دلالة قاطعة على أن المرأة في الإسلام لها كل الاحترام والتقدير حيث لم يكلفها بالنفقة احتراما لأنوثتها ومنعا لإهدار كرامتها بالخروج إلى العمل ومخالطة الرجال ومواجهة المصائب والمتاعب ودرءاً لما قد ينتج عن ذلك من إثار اجتماعية سلبية، كإهمال البيت وعدم الإشراف على الأسرة إضافة إلى مخاطر اختلاطها بالرجال والتي قد تؤدي إلى وقوعها فريسة في براثن الرذيلة والانحلال مما ينتج عنه فساد المجتمع والأمة. لذا صانها الإسلام وحفظ عفتها وجعلها معززة مكرمة([58]) . والدليل على وجوب نفقة الرجل على زوجته قوله تعالى: ” لينفق ذوو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فينفق مما أتاه الله “.([59]) ، وقال تعالى: ” أسكنوهن من حيث سكنتم”([60]) ، وقال علية الصلاة والسلام: ( ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) ([61]).
حق المهر: المهر من الحقوق المالية التي أوجبها الشارع الكريم على الرجل يدفعه للمرأة عند زواجه منها وهو ليس ثمن لها فهي اعز وأكرم من أن تباع. وهو ملك خاص لها لا يجوز لأحد سواء كان أبا أو أخا أن يأخذ منه شيئا فهي حرة تتصرف به كما تشاء ،والمهر إكرام للمرأة وتتطيب لخاطرها وهو معونة يقدمها الرجل لها لكي تستعين به على شراء حاجيات الحياة الزوجية الجديدة كشراء الثياب أو بعض الحاجيات الخاصة بها. وإعطاء المهر للمرأة وحدها دون غيرها هو إقرار من الشارع الحكيم بأن للمرأة الحق في التملك والتصرف بما تملك من استثمار أو بيع أو تجارة أو ما شابه، وقد منع الإسلام حرمان المرأة من المهر لأن ذلك يؤدي إلى إيذاء المرأة والحط من قدرها والاستهانة بأمر الزواج و سهوله إنهاء العلاقة لأتفه الأسباب،([62]) قال تعالى: ” وآتوا النساء صدقاتهن”([63]) ؛ وقال علية الصلاة والسلام: (التمس ولو خاتماً من حديد)([64]). وفي هذا توجيه نبوي كريم على تيسير المهور وتسهيل أمور الزواج على الشباب وترغيبهم به.
رأينا فيما سبق كم هو الإسلام عظيم وشامل ودقيق وعادل في إعطاء المرأة التي هي كائن بشري محترم – وليس ثانوي- كل حقوقها غير منقوصة، وبهذه الحقوق والحريات تستطيع المرأة أن تعيش بكرامة وتقدير وتقديس ضمن كيانها الأنثوي وضمن فطرتها التي فطرها الله عليها وضمن وظائفها التي يفرضها تكوينها البيولوجي والفسيولوجي والسيكولوجي ،
المبحث الرابع : انعكاسات الحقوق الاقتصادية على الواقع الاقتصادي.
لاشك ان جملة الحقوق التي ذكرت آنفا تساهم وبقوة في تسيير النشاط الاقتصادي ورفع سويته حيث تترك آثارها الايجابية وانعكاساتها الحسنة على مجريات الاقتصاد ومكوناته مما يعود بالنفع والفائدة على المجتمع الذي يلتزم بتطبيق هذه الحقوق وجعلها واقعاً عملياً ، ومن أبرز هذه الآثار ما يلي:
ان من أبرز الحقوق التي رأيناها هو حق التملك وخاصة الملكية الخاصة حيث شرعت تجسيداً لمبدأِ الحرية الاقتصادية التي يكفلها الإسلامُ للأفراد ليتمكنوا من العمل والإنتاج والإبداع، واستجابة لميول الإنسان الطبيعي في حب التملك وتكريماً للإنسان ليحيى حياةً طيبةً، وتمكيناً له للقيام بمسؤوليته في إعمار الأرض وتحقيق العدالة الاجتماعية. فإنَّ الإنسان يحمل على عاتقة مسؤولية الخلافة العامة بجعلٍ من الله تعالى كما جاء في قوله تعالى: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)، ([65]) ، والملكية الخاصة التي يمنحها النظام الإسلامي للأفراد تمكِّنهم من القيام بمسؤولياتهم الاجتماعية وفق مفهوم الاستخلاف بنص القرآن الكريم (وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ). ([66])، وبهذا تكون الملكية الخاصة أسلوباً من أساليب أداء الوظيفة الاجتماعية، ومظهراً من مظاهر الخلافة العامة، وفرع التكليف بها.
يساهم حق العمل الذي أقره الاسلام وشدد علية في بعث روح التحفز والكسب والتشجيع على الاعتماد على النفس وعدم التبطل وتعطيل عجلة النمو والاقتصاد ،والدول والمجتمعات اليوم وفي ظل التطورات الهائلة تقاس جديتها وتقدمها باهتمامها بالعمل، والدول المتقدمة في العصر الحاضر لم تصل إلى هذا المستوى من التقدم في العلوم والفضاء والتقنية إلا بجدية أبنائها في العمل. فكل عمل طيب متقن يقوم به إنسان سواء كان خاصا بالعبادة الخالصة أم كان عبادة عن طريق كسب العيش وإثراء الحياة بالإنتاج .. يضع الله النتائج الطبيعية له في الدنيا ويضع أمامنا الجزاء عليه فى الآخرة كحافز يحمل الإنسان على إجادة عمله وإتقانه مهما يكن نوع هذا العمل. يقول الله تعالى: “إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا“([67]).
أما بالنسبة للمرأة فقد جعل لها الإسلام ذمة مالية مستقلة وأجاز لها العمل الذي يناسب قدراتها بشرط الاحتشام والوقار.وعندما أقر لها ذلك فأنه يعطيها بذلك دورا قياديا ويؤهلها للقيام بأدوار هامة في الحياة الاقتصادية للمجتمع الذي تعيش فيه اذا اقتضت الضرورية منها ذلك .
يساهم حق تولي الوظائف العامة لمن يتمتع بالقوة والأمانة في تحسين واقع المنشآت الانتاجية وحمايتها من الفساد والنهب الذي يؤدي الى تدني مستوى الانتاج وحصول التردي الاقتصادي ممثلاً بالدورات الاقتصادية التي ليس لها الا عاقبة واحدة وهي خراب البلاد والعباد معاً.
نخلص الى ان حقوق الانسان الاقتصادية في الاسلام تحقق على الصعيد الاقتصادي ما يلي:
تقليص البطالة أو منع حدوثها .من خلال تمكين الفرد من اعالة نفسة من خلال العمل في اطار المشروعات الصغيرة.
رفع الطاقة الانتاجية المعتمدة على الاخلاص في العمل .
تحقيق الميزة التنافسية لأنها تعتمد على اتقان العمل والاخلاص فيه .
تحقيق الكفاءة الاقتصادية بشقيها الفنية والانتاجية لأنها تعتمد على الحرية الاقتصادية المنضبطة.
دعم ميزان المدفوعات من خلال زيادة الصادرات للخارج لان السلعة تكون مقبولة خارجيا لأنها تتمتع بميزات عالية الجودة.
تقليل التفاوت الاجتماعي والتمايز الطبقي بين أفراد المجتمع من خلال اقرار حق الميراث .مما يوفر الاستقرار السياسي والاقتصادي .
رفع مستوى الطلب الكلي سواء كان طلباً استثمارياً أم استهلاكياً وذلك من خلال حرية الفرد في البيع والشراء واتمام كافة المعاملات في اطار الشرع .
قيام سوق اسلامية منضبطة يجري فيها الطلب والعرض بتوازن ونشاط .
ان هذه النتائج المتحققة تثبت وبلا منازع صحة فرضية هذه الدراسة وهي وجود علاقة ايجابية بين مستوى النشاط الاقتصادي وتطبيق حقوق الانسان في المجتمع محل الاعتبار .
الخاتمة
ان منظومة حقوق الإنسان التي قدمها الاسلام جاءت متكاملة شاملة عامة لم تغفل عن شيء أو عن مرحلة أو عن جزء من حياة الإنسان ، وقد اقرت الشريعة الغراء بمصدريها الأساسيين القرآن الكريم والسنه المطهرة حقوقاً كثيرة ومتنوعه كان ابرزها الحقوق الاقتصادية السالفة الذكر ، والتي كان اقرارها ايذاناً بضرورة السعي والبذل والعمل من أجل توفير الحياة الاقتصادية والمعاشية الكريمة للإنسان قياماً بمبدأ الاستخلاف وعمارة الكون في اطار من العدل بالحق ، فالتنمية في الاسلام تجري من اجل الانسان كل الانسان وهو الذي يقوم بها وينهض بعبئها لكي يشارك بثمارها.
النتائج
من خلال ما سبق يمكن أن نخلص الى النتائج التالية :
أقر الاسلام جملة من الحقوق التي أعطت للإنسان مكانه متميزة عن باقي المخلوقات تمكنه من القيام بمهمة الاستخلاف على أكمل وجه . وكان من ابرزها الحقوق الاقتصادية .
تلعب الحقوق الاقتصادية دوراً مهماً في تحفيز النشاط الاقتصادي وتحسين جودة الانتاج وتخليص المجتمع من الآفات الاقتصادية الخطيرة كالبطالة والتضخم .
يمكن ان تساهم هذه الحقوق في حال تحويلها الى واقع عملي في تحقيق الأمان الاجتماعي والاستقرار السياسي.
تساهم هذه الحقوق في ابراز دور المرأة الاقتصادي في المجتمع المسلم .
قائمة المصادر والمراجع:
المصادر الاساسية :
القرآن الكريم .
كتب السنه النبوية المطهرة .
الكتب العربية :
إبراهيم ، عبد الرحمن ذكى(1990) مفهوم اسلامي عن الملكية الخاصة ، مجلة العربي ، الكويت .
أبو الفتوح، نجاح (2011) الاقتصاد الاسلامي ، النظام والنظرية ، عالم الكتب الثقافي ، اربد ، الاردن .
أبو ليلى، محمود فرج (1994) تاريخ حقوق الإنسان في التصور الإسلامي ، د ن ، عمان.
الالفي ، أسامة (2000) حقوق الإنسان وواجباته في الإسلام ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،القاهرة.
البدارين ، فالح (2003) قراءة لحقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية ،دار مجدي للنشر والتوزيع ،عمان.
البعلي، عبد الحميد (1982) الضوابط الفقهية في الملكية ، الاتحاد الدولي للبنوك الاسلامية .
بني سلامة ، والشرعة ، محمد تركي ،محمد كنوش (19/12/2006)، دراسة حول :حقوق الإنسان في الأردن الواقع والمأمول، جريدة الرأي ،العدد 13230، عمان.
الجوزية ، ابن القيم (1968) أعلام الموقعين ، مكتبة الكليات الأزهرية، مصر، القاهرة.
الحازمي ، خالد ، ( 1425هـ) مساوئ الاخلاق واثرها على الامة ، وكالة المطبوعات والبحث العلمي ، الرياض.
الحمصي، محمد حسن(د ت)، القران الكريم تفسير وبيان مع أسباب النزول، دار الرشيد دمشق.
خفاجي، محمد عبد المنعم ا، (1992) الإسلام والحضارة الإنسانية ،دار الكتاب اللبناني ،بيروت
الخفيف، علي (1969)، الملكية في الشريعة الاسلامية ،معهد البحوث والدراسات العربية ، القاهرة .
الرشيدي ، احمد ،وحسين ، عدنان السيد(2002) حقوق الإنسان في الوطن العربي، دار الفكر ، بيروت.
الزحيلي، محمد (1997) حقوق الإنسان في الإسلام، دراسة مقارنة ، دار ابن كثـير، دمشق.
الزحيلي، وهبة (1995) الخصائص الكبرى لحقوق الإنسان في الإسلام، دار المكتبي، دمشق .
سميران ، محمد سميران وآخرون (2006) تنظيم الاسرة والمجتمع ، دار المسار ، المفرق ، الاردن .
الشكيري، عبد الحق (1988) التنمية الاقتصادية في المنهج الاسلامي ، مؤسسة اخبار اليوم ، القاهرة .
طعيمة ، صابر (1979) الشريعة الإسلامية في عصر العلم، دار الجيل ، بيروت.
عاشور ، احمد عيسى ،( 1972) الفقه الميسر ، دار الاعتصام ، بيروت .
عمارة، محمد (1985) الاسلام وحقوق الانسان ، ضرورات الحقوق ،عالم المعرفة،( 89)، الكويت.
القنيبي، حامد صادق (1980) الكون والإنسان في التصور الإسلامي، مكتبة الفلاح، الكويت.
المبارك، محمد (1972) نظام الإسلام ، الاقتصاد مبادئ وقواعد عامة، دار الفكر ، بيروت .
المرزوقي ، إبراهيم عبد الله(1997) حقوق الإنسان في الإسلام ، ترجمة ،محمد حسين المرسي،مراجعة ،حسن الحفناوي، منشورات المجمع الثقافي ، أبو ظبي.
المعجم الوجيز ،(1989) مجمع اللغة العربية، القاهرة .
منشورات وزارة الثقافة والإعلام السعودية(2004) موقف السعودية من الإرهاب ، ط1،دار القمم ، الرياض.
الناصر ، محمد(2006) مفاهيم حقوق الإنسان ، محاضرة ضمن منهاج دورة مجابهة العنف ضد المرأة لطلبة جامعة آل البيت من قبل المركز الوطني لحقوق الإنسان، عمان.
النحوي ،عدنان علي(1997) بناء الأمة المسلمة الواحدة ،دار النحوي للنشر والتوزيع ،الرياض .
نشرات تدريبية صادرة عن المركز الوطني لحقوق الإنسان(2005) ،عمان .
هويدي، حسن (1984).. محاذير الاختلاط، دار عمار ، عمان.
وافي ، علي عبد الواحد (1978) حقوق الانسان في الاسلام، دار النهضة للطباعة والنشر ، القاهرة.
يوسف، إبراهيم يوسف (1988)، المنهج الاسلامي في التنمية الاقتصادية، القاهرة.
شبكة الانترنت :
موسوعة (ويكيبيديا ) انظر الموقع الالكتروني للموسوعة :are.wikipedia, org/ wiki .
انظر: مقالة بعنوان: حقوق الانسان ، 2005، منشورة على موقوع موسوسة ويكيبيديا .are.wikipedia, org/ wiki.
انظر: احمد الرشيدي ، عدنان السيد حسين ، حقوق الإنسان في الوطن العربي، دار الفكر ، بيروت، 2002 ، ص 15-23.
انظر: محمد الناصر ، مفاهيم حقوق الإنسان ، محاضرة ضمن منهاج دورة مجابهة العنف ضد المرأة لطلبة جامعة آل البيت من قبل المركز الوطني لحقوق الإنسان، عمان، 2006.
انظر: محمد تركي بني سلامة ، محمد كنوش الشرعة، دراسة حول :حقوق الإنسان في الأردن الواقع والمأمول، جريدة الرأي ،العدد 13230، عمان. تاريخ: (19/12/2006). ص 32.
انظر: منشورات وزارة الثقافة والإعلام السعودية، موقف السعودية من الإرهاب ، ط1،دار القمم ، الرياض، 2004، ص 77.
انظر: المعجم الوجيز ،مجمع اللغة العربية، القاهرة 1989، ص 163.
[7]. انظر: المعجم الوجيز ،مجمع اللغة العربية، القاهرة 1989، ص 163.
محمد الزحيلي، حقوق الإنسان في الإسلام، دراسة مقارنة ، دار ابن كثـير، دمشق.1997، ص9.
[9]. احمد الرشيدي ، مصدر سابق ،ص21.
[10] . للمزيد انظر: محمود فرج ابو ليلى، تاريخ حقوق الإنسان في التصور الإسلامي ، د ن ، عمان.1994، ص 11.
[11] . الأنفال آية 7.
[12] . الانفال / آية 8
[13] . الانفال / آية 4.
[14] . الانفال / آية 6.
[15] . الانعام/ آية 81..
[16] . الاعراف / آية 105.
[17] . للمزيد راجع: فالح البدارين، قراءة لحقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية ،دار مجدي للنشر والتوزيع ،عمان.2003، ص16.
[18] . محمد الزحيلي، مصدر سابق، ص ص 132، 133.
[19] . صابر طعيمة، الشريعة الإسلامية في عصر العلم، دار الجيل ، بيروت.1979، ص 41- 44.
[20] . الاسراء / آية 70.
[21] . البقرة/ آية 30.
[22] . انظر: حامد صادق القنيبي، الكون والإنسان في التصور الإسلامي، مكتبة الفلاح،الكويت.1980، ص 91.
[23] . منشورات وزارة الاعلام السعودية ، مصدر سابق، ص73.
[24] . البقرة/ آية 34.
[25] . للمزيد انظر: محمد عبد المنعم الخفاجي، الإسلام والحضارة الإنسانية ،دار الكتاب اللبناني ،بيروت، 1992، ص 97 – 113.
[26] . منشورات وزارة الاعلام السعودية ، مصدر سابق، ص ص74، 75.
[27] . محمد عماره، الاسلام وحقوق الانسان ، ضروروات لا حقوق ،عالم المعرفة،( 89)، الكويت، 1985، 20 – 90.
[28] .انظر: علي عبد الواحد وافي، حقوق الانسان في الاسلام، دار النهضة للطباعة والنشر ، القاهرة .1978، ص 25-55.
[29] . انظر: عدنان النحوي، بناء الأمة المسلمة الواحدة ،دار النحوي للنشر والتوزيع ،الرياض .1997، ص 192.
[30] . النساء /آية 29.
[31] . انظر: سعيد حوى، 1971، مصدر سابق، ص 180- 186.
[32] . المصدر السابق، ص 175.
[33] . انظر: علي عبد الواحد الوافي ، مصدر سابق، ص 10-40.
[34] . الملك/ آيه 15.
[35] . انظر: محمد حسن الحمصي، القران الكريم تفسير وبيان مع أسباب النزول، دار الرشيد دمشق. د ت. ص 424.
[36] . رواه البخاري.
[37] . سيد قطب، العدالة الاجتماعية في الاسلام، 1980، ص 25 – 50.
[38] . محمد الزحيلي، مصدر سابق، 305.
[39] . انظر: نجاح بو الفتوح، الاقتصاد الاسلامي ، النظام والنظرية ، عالم الكتب الثقافي ، اربد ، الاردن، 2011، ص 448. .
[40] . انظر: عبد الحميد البعلي، الضوابط الفقهية في الملكية ، الاتحاد الدولي للبنوك الاسلامية ، 1982، ص50.
[41] . الملك/ آية 15.
[42] . محمد المبارك، نظام الإسلام ، الاقتصاد مبادئ وقواعد عامة، دار الفكر ، بيروت، 1972، ص 70 -105.
[43] . الملك / آية 15.
[44] . انظر: يوسف ابراهيم يوسف، المنهج الاسلامي في التنمية الاقتصادية، القاهرة، 1988.
[45] . البقرة/ آية 198.
[46] . جامع البيان، 2/293.
[47] . انظر: الجامع لأحكام القرآن 2/413
[48] . النحل ، الآية 58.
[49] . التكوير ، الآية ، 8، 9.
[50] . علي عبد الواحد وافي ، مصدر سابق، ص 20-60
[51] . النمل/ آية 97.
[52] . النساء/ آية 124.
[53] . آل عمران /آية 159.
[54] . احمد الرشيدي، مصدر سابق ، ص 79.
[55] . محمد قطب ، مصدر سابق ، 113.
[56] . الثقافة الاسلامية ، مصدر سابق ، ص 184.
[57] . للمزيد انظر: احمد عيسى عاشور ، الفقه الميسر ، دار الاعتصام ، بيروت .1972، 234.
[58] . انظر: خالد الحازمي، مساوئ الاخلاق واثرها على الامة ، وكالة المطبوعات والبحث العلمي ، الرياض.1425هـ ، ص 61 – 76.
[59] . الطلاق/ آية 7.
[60] . الطلاق/ آية 6.
[61] . رواه الترمذي في سننه وابن ماجه.
[62] . محمد سميران ، مصدر سابق، ص 159.
[63] . النساء/ آية 4.
[64] . رواه أبو داوود في سننه والحاكم في المستدرك
[65] . البقرة /آية 30.
[66] . الحديد /آية 7.
[67] . الكهف آية 30.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً