الجريمة السياسية بأبعادها القانونية المختلفة
أ/بن ددوش نسيمة* ود/ عباسة الطاهر *
Résumé:
Le crime politique se diffère dans leur définition à la différence des systèmes politiques prévalent dans les états. Donc si nécessaire de donner une définition appropriée pour ce crime, devrait prendre en compte cette différence.
La spécificité de ce crime doit être distinguée de certains des crimes, qui peuvent être similaires dans leur description, et non ses éléments et non ses dimensions juridiques.
Cette recherche basée sur le concept de crime politique du point de législateur algérien, par rapport à d’autres législations arabes comme législation égyptien et irakien et libanais. Avec distinguer de certains autres crimes similaires tels que le crime des partisans, et le crime d’agression sur le système politique, aussi il montre ses implications substantives et procédurales.
Les mots-clés : crime des partisans- criminel – crime politique – amnistie- extradition- emprisonnement.
الملخص باللغة العربية:
إن الجريمة السياسية تختلف في تعريفها باختلاف الأنظمة السياسية السائدة لدى الدول، وبالتالي إذا كان لزوما إعطاء تعريف مناسب لها فينبغي مراعاة هذا الاختلاف. كما أن لهذه الجريمة خصوصية، تجعلها تتميز عن بعض الجرائم التي قد تتشابه معها في وصفها، لا في أركانها ولا من حيث أبعادها القانونية.
إن بحثنا هذا يتطرق إلى مفهوم الجريمة السياسية من وجهة المشرع الجزائري، مقارنة ببعض التشريعات العربية الأخرى كالتشريع المصري والعراقي واللبناني، مع تمييزها عن بعض الجرائم الأخرى المشابهة لها كالجريمة الحزبية، وجريمة الاعتداء على النظام السياسي وغيرها، كما يبين الآثار الموضوعية والإجرائية المترتبة عليها.
الكلمات المفتاحية: المجرم السياسي- الجريمة السياسية- الجريمة الحزبية-العفو- التسليم- الحبس.
توطئة:
تعد الجريمة السياسية واحدة من الموضوعات الجدلية، والتي تحتل أهمية خاصة لدى الفقه الجنائي، بالنظر لغموضها ودقة معناها الذي لا يمكن ضبطه بسهولة، ويكفي القول بأن تلك الجريمة تقلص المسافة بين السياسة والقانون وتقارب بينهما رغم الفوارق.[1]
إن الممارسة السياسية داخل البلد ارتبطت بمعاني كثيرة وعديدة كالديمقراطية، الحريات والحقوق، الشرعية والتغيير، النضال والكفاح، وعلى النقيض من ذلك نجد الديكتاتورية والاضطهاد والقمع والتفرد وعدم الشرعية وسوى ذلك.
حيث أن ظهور مفهوم الجريمة السياسية وتداوله على أكثر من صعيد، يشكل انعكاسا للتساهل الذي ينبغي أن يبديه القانون الجنائي تجاه الممارسات المبررة بالصالح العام، فالقانون المذكور يحمي مصالح عليا تتمثل في الأمن والعدالة، وكثيرا ما يراعي مصالح أخرى معني هو بها وساعي إلى تجسيدها، ونعني بذلك كل ما يرتبط بالممارسة السياسية، وهذا الذي يطرحه القانون السالف يقابل بمجموعة من القواعد التي تحمي النظام السياسي ورموزه وثوابته.
المبحث الأول: ماهية الجريمة السياسية
إن علاقة السياسة بالقانون الجنائي تتجسد من خلال حماية هذا القانون للمبادئ السياسية ولرجال السياسة في إطار محدد وواضح، حيث تأثر القانون المذكور بالضوابط الحقوقية التي تمثل قيودا عليه ومحددات له، ولكن هذا القانون ليس تشريعا سياسيا بالرغم من أن تطبيق أحكامه منوط بالدول لا بالأفراد، لكونه من القوانين العامة ومرتبط بالأمن العام والصالح العام والنظام العام، وهذا ما يدفعنا لتحديد مفهوم الجريمة السياسية أولا ثم تمييزها عن بعض الجرائم المشابهة لها ثانيا، من خلال المطالب الآتية:
المطلب الأول: مفهوم الجريمة السياسية
قبل الخوض في بيان معنى الجريمة السياسية من الناحية التشريعية لابد لنا أولا من التطرق لمعناها من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية ثم التشريعية، وذلك على النحو الآتي.
أولا – تعريف الجريمة السياسية لغة:
كما هو معلوم فإن مصطلح ” الجريمة السياسية” هو مصطلح مركب من كلمتين، الأولى “جريمة” والثاني “سياسية”، والكلمة الأولى منبثقة من الجُرم الذي يعني في اللغة العربية الذنب، والجريمة مثله، نقول منه: جرم وأجرم واجترم. وجرم يجرم أي كسب وفلان جريمة أهله أي كاسبهم وقوله تعالى: “ولا يجرمنكم شنئان قوم” ( سورة المائدة : الآية 2) أي لا يحملنّكم.[2] في حين أن كلمة سياسة هي من الفعل “سَاسَ” فيقال: سَاس الناس سِياسةً أي: تولى رياستهم وقيادتهم، وسَاس الدوابّ: راضَها وأدّبها. وسَاسَ الأمور: دبّرها وقام بإصلاحها، فهو سَائسٌ و(ج) سَاسَةٌ وسَوّاسٌ. وسَاسَ القوم فلانا: ولّوه رياستهم، ويقال: أسَاسُوا فلانا أمورهم: ولّوه إياها، ويقال أيضا: سَوَّسَ القوم فلانا: أَسَاسُوه. ويقال: سَوَّسُوه أمورهم. وسَوَّسَ فلان لفلان أمرا: روّضه وذلّله.[3]
ومن الوجهة اللغوية لا يختلف لفظ الجريمة عن معناه المعروف في القانون الجنائي، وأما وصفها بالسياسية، فهذا معروف كذلك في تقسيم الجرائم، حيث يمتزج الإجرام بالسياسة، أو تطغى السمة السياسية على الجريمة، فإذا كانت الممارسة السياسية مشروعة كالأصل فقد تمارس في شكل آخر إجرامي.
ثانيا- تعريف الجريمة السياسية اصطلاحا:
لقد عرفت الجريمة السياسية من قبل الفقه القانوني بتعريفات مختلفة، فلقد قيل عنها بأنها: (الفعل الموجه ضد دستور الدولة وسيادتها وسلطتها)، أو (العمل الإجرامي الموجه ضد النظام السياسي لدولة ما مثل سيادة السلطات السياسية أو شكل الحكومة أو أمن واستقلال الأمة)، أو (كل اعتداء على النظام السياسي للدولة سواء من الداخل أم من الخارج). أو (الجرائم التي تقع ضد الدولة من جهة الداخل فقط بينما الجرائم التي تقع من جهة الخارج فهي جرائم عادية طالما أنها كانت بعيدة عن المساس بالنظام السياسي للدولة). وكذا: (الجريمة التي تعكر صفو النظام القائم الذي حددته القوانين الأساسية للبلاد، بما فيه التنظيم الاجتماعي والحقوق والواجبات المنبثقة عنه). [4]
والتقارب واضح بين التعريفات السالفة وإن الخلاف بصددها يقع في التفاصيل وحسب، فالجريمة السياسية تمس النظام السياسي للدولة وسيادتها والحقوق والحريات السياسية، وما سلف عبارة عن مضامين عامة يصعب ضبطها من الوجهة القانونية، لا بل إن أغرب ما في بعض السياقات السالفة أن تقتصر الجريمة السياسية داخل الدول لا خارجها في الوقت الذي أضحى الفارق بين الوجهتين ضئيلا جدا، كما أن ما سلف يكشف عن أمرا غريبا، فالجريمة السياسية التي ترتكب دفاعا عن الحقوق والحريات تخرق ستارها وتمس بها على نحو أو آخر.
لقد أختلط لدى بعض الفقه تعدد الجرائم بتعدد المصالح، ذلك أن المصالح قد لا تصلح معيارا للتفرقة القاطعة بين الجريمة الواحدة وتعدد الجرائم، فقد تضر الجريمة الواحدة أكثر من مصلحة. لقد عرفت الجريمة السياسية المختلطة بأنها: (الفعل الإجرامي الواحد الذي يصيب في آن واحد مصلحة من النظام السياسي وأخرى من النظام العام). أو (الجريمة التي ترتكب أساسا بقصد المساس بمصلحة خاصة من القانون العام فتصيب النظام السياسي للدولة بأذى أو ضرر). [5]
والحقيقة أن التفرقة بين مفهومي الجريمة السياسية (البحتة والمختلطة) يمكن حله بالنسبة للجريمة الواحدة على أساس نظرية المصالح، فمقتل رئيس دولة جريمة عادية وتحمل طابعا سياسيا في ظروف معينة – وفي غياب النص الصريح- يمكن تغليب المصلحة السياسية على غيرها واعتبار الجريمة سياسية. أما حين تتعدد الجرائم بين سياسية وغير سياسية، فحلها يكون باعتماد على نظرية التعدد المادي والمعنوي للجرائم.
لقد أخذ على نظرية الرجحان -أي المصلحة الأولى بالرعاية- التي تنسب للفقيه أورتولان ORTOLAN بالنظر لغياب المعيار المرجح للمصلحة الأولى بالاعتبار، كما أنها تتميز بالطبيعة النظرية ويصعب تطبيقها على أرض الواقع، عدا عن كونها تجعل المصلحة المرجوحة عديمة القيمة، وتخل بالعلاقات الدولية لكونها لا تراعي مصالح الدول الأخرى ذات العلاقة بموضوع الجريمة والمتابعة والتسليم بما يقود إلى خلل بين في العلاقات الدولية. [6] ولابد من التنبيه إلى ما يلي:
ضرورة البحث عن المعيار القضائي عند غياب النص الصريح المتضمن للمعيار التشريعي.
إن نظرية المصلحة جديرة باهتمام عند تعريف الجريمة السياسية، خارج نطاق النصوص.
إن الجريمة السياسية لا يبحث عنها ضمن جرائم أخرى، غير أن وحدة المشروع الإجرامي قد يصبغ جميع الجرائم بصبغة سياسية وقد يحدث العكس، حيث يمكن أن تلعب نظرية المصالح دورا فاعلا في هذا المجال.
تزداد الأمور تعقيدا بالنسبة للتشريعات التي نصت على إخراج مجموعة من الجرائم من نطاق الجريمة السياسية وجعلتها تدور في فلك مستقل، رغم أن ذلك لا يمنع من تطبيق نصوص التعدد عليها، فالأمر لا يتعلق بالإعفاء من العقاب بل بتخفيفه بشروط وضوابط معينة.
لقد عرفت الجريمة السياسية من قبل البعض بالقول عنها بأنها: ( كل فعل معاقب عليه قانونا يوجد ضد النظام السياسي للدولة سواء من جهة الداخل أو من جهة الخارج يهدف القضاء عليه أو عرقلة سير المؤسسات الدستورية القائمة بالفعل ).[7] ويخرج منها التجسس والخيانة العظمى لكون الدافع عليهما هو الحصول على المال وخدمة المصالح الشخصية، ولا يقر بقدرة الباعث على تعريف الجريمة السياسية لكونه جزءا من مكوناتها، لذا يميل هذا البعض إلى المعيار الموضوعي القائم على فكرة الحق المعتدى عليه، مع عدم ترك المذهب الشخصي وذلك بأخذ الهدف من ارتكاب الجريمة في الاعتبار. ونعتقد أن المزج بين فكرتين يضيع المعيار ويفقد الجريمة السياسية قيمتها القانونية، والباعث الذي يتنكر له البعض أو يقلل من شأنه قد وظف وبقوة في الجرائم الإرهابية التي تقف اليوم على النقيض من الجريمة السياسية. ويمكن من جهتنا تعريف الجريمة السياسية بالقول عنها بأنها: ( تلك الجريمة التي ترتكب في إطار العمل السياسي العام).
ثالثا- التعريف التشريعي للجريمة السياسية
لقد عرفت بعض التشريعات بالفعل الجريمة السياسية بالقول عنها بأنها: ( أ- الجريمة التي ترتكب بباعث سياسي أو تقع على الحقوق السياسية أو الفردية. وفيما عدا ذلك تعتبر الجريمة عادية). [8] واستثني من مفهوم الجريمة السياسية مجموعة من الجرائم هي[9]:
الجرائم التي ترتكب بباعث أناني دنيء.
الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي.
جرائم القتل العمد والشروع فيها.
جريمة الاعتداء على حياة رئيس الدولة.
الجرائم الإرهابية.
الجرائم المخلة بالشرف كالسرقة والاختلاس والتزوير وخيانة الأمانة والاحتيال والرشوة وهتك العرض.
إن هذه الاستثناءات انتقائية ولا تعبر عن حقيقة ثابتة، فالإجرام في تطور مستمر، كما أن بعض التحديدات كانت عامة يمكن أن تفسر على نحو تحكمي. وقد أكثر المشرع العراقي من الاستثناءات معتبرا الباعث السياسي خارج الباعث الدنيء، والاعتداء على رئيس الدولة يقصد به رئيس دولة أخرى، حيث يشمل ذلك جرائم الاعتداء على حياته وليس على سوى ذلك كتوجيه إهانة له والأمر يتعلق به لا بأسرته أو ذويه. والجرائم المخلة بالشرف قليلة وتتعلق بجرائم تقليدية يمكن أن يضاف إليها اليوم العديد من الأفعال، وقد كان سباقا في استثناء الجرائم الإرهابية للحد من تنامي ظاهرة الإرهاب التي تدعم بالباعث الإرهابي أو يكون هو المحرك لها.
كما قد عرفت الجريمة السياسية في بعض التشريعات بأنها: (تلك التي أقدم عليها الفاعل بدافع سياسي، وهي كذلك الجرائم الواقعة على الحقوق السياسية العامة والفردية).[10] إن ما يعاب على هذا التعريف هو إدراج الجرائم الواقعة على الحقوق الفردية ضمن الجرائم السياسية، وهذا غير مقبول لأن هذا النوع من الجرائم-جرائم الواقعة على حقوق الأفراد- يدخل ضمن الجرائم العادية.
ولكن أين هي الجريمة السياسية في التشريع الجزائري ؟ تبدو الإجابة على هذا السؤال صعبة للغاية لأن المشرع الجزائري لم يعرف الجريمة السياسية ولم يصرح لجهة معينة لتحديد مفهومها، ولكن دون شك أن القضاء الجنائي هو من سوف يتكفل بتلك المهمة التي لا نحسبها سهلة ويسيرة، فالأمر بحاجة إلى معيار أو أكثر كالباعث والغرض وطبيعة الشخص مرتكب الجريمة.
إن القضاء الجزائري الذي سوف يتصدى للجريمة السياسية سيأخذ في اعتباره النظريات التي طرحت بصدد هذه الجريمة، وقد يقال بأن ما يقوم به يخرج عن نطاق العمل القضائي ليدخل في مهام التشريع، لا بما يتعلق بالعقاب لأن المشرع لم يقر بالعذر المخفف بالنسبة لهذه الجريمة بل لما يتصل بالإكراه البدني والتسليم. ولابد من ملاحظة ما يلي:
نسبية مفهوم الجريمة السياسية وعدم خضوعها لمعيار منضبط.
لا يمكن اعتبار كل الجرائم الواردة في قانون واحد من طبيعة واحدة ولو تعلق الأمر بقانون الأحزاب السياسية.
يزداد البحث في قيمة وأهمية الوجه السياسي للجريمة كلما تعلق الأمر باعتبارات تسليم المجرمين.
إن الاعتبارات الداخلية في تعريف الجريمة السياسية لا تتطابق بالضرورة من الاعتبارات الدولية.
مصلحة دولة ما في اعتبار الجريمة سياسية تختلف بحسب مصالحها ودرجة التزامها بالقانونيين الداخلي والدولي.
ويقول المشرع الجزائري عن الجريمة الإرهابية: ( يعتبر فعلا إرهابيا أو تخريبيا في مفهوم هذا الأمر كل فعل يستهدف امن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي عن طريق أي عمل غرضه ما يلي:….).[11] فالمشرع يعتمد على الغرض الإجرامي – الهدف القريب – الذي لا يختلف كثيرا عن الباعث، وهو قد أخذ الحق المعتدى عليه في الاعتبار، والمزج السالف قد يكون السبب في عدم ضبط مفهوم الجريمة السياسية ومعالجتها، فهي واسعة ولا يمكن تحت أي ظرف معرفة أي منهما أوسع.
واستثنت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب عدة جرائم من مفهوم الجريمة السياسية وهي[12]:
التعدي على ملوك ورؤساء الدول المتعاقدة والحكام وزوجاتهم أو أصولهم أو فروعهم.
التعدي على أولياء العهد أو نواب رؤساء الدول أو رؤساء الحكومات أو الوزراء في أي من الدول المتعاقدة.
التعدي على الأشخاص المتمتعين بحماية دولية بما فيهم السفراء والدبلوماسيين في الدول المتعاقدة أو المعتمدون لديها.
القتل العمدي والسرقة المصحوبة بإكراه ضد الأفراد أو السلطات أو وسائل النقل أو المواصلات.
أعمال التخريب وإتلاف الممتلكات العامة والممتلكات المخصصة لخدمة عامة حتى ولو كانت مملوكة لدولة أخرى من الدول المتعاقدة.
جرائم تصنيع أو تهريب أو حيازة الأسلحة أو الذخائر أو المتفجرات أو غيرها من المواد التي تعد لارتكاب جرائم إرهابية.
فالاتفاقية استثنت الجرائم الإرهابية التي نصت عليها من حكم الجريمة السياسية عدا عن عدم اعتبار الجرائم أعلاه من قبيل الجرائم السياسية ولو كان الباعث على ارتكابها سياسيا. ويشوب صياغة النص العديد من نقاط الغموض، حيث يفترض بألا يكون المسئول من الجنس الآخر، كما لم يحدد واضعها طبيعة الاعتداء الواقع على المسؤولين، وشمل بالحماية كل المبعوثين الدبلوماسيين ولو من خارج الدول المتعاقدة المهم أن يكون اعتمادهم من قبلها. عدا عن التداخل بين ما ذكر والجريمة الإرهابية، والتي قيل في تعريفها بأنها:( التي ترتكب لغرض إرهابي سواء وفق القانون الداخلي أم الدولي والتي تمس رعايا الدول المتعاقدة أو ممتلكاتها أو مصالحها وتقع على إقليمها).[13]
إن السؤال الجوهري الذي يمكن طرحه هنا مفاده: ما هي الجريمة السياسية حتى يوضع استثناء لها في الاتفاقية الدولية السالفة ؟ حيث إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في اعتقاد سائد ومفهوم ذائع مفاده: إن الدول المتعاقدة لها رؤية متباينة حول الإجرام ذو الطبيعة السياسية، وذلك تبعا لنظامها السياسي وموروثها القانوني، وبالتالي ينبغي عليها وهي بصدد الانضمام لهذه الاتفاقية ألا تحتج بكون الجريمة سياسية. علما أن الاتفاقية المذكورة لم تقصر الأمر على تسليم المجرمين، بما يعني أن الجريمة السياسية لا تصح حجة لأي امتياز موضوعي أو إجرائي يمكن أن يستفيد منه مرتكبها.
فقد تكون الجريمة سياسية رغم أن مرتكبها ليس له صفة السياسي، مثلما قد يرتكب السياسي جريمة عادية، والأمر هنا لا علاقة له بالحصانة بقدر ما يتعلق بالحماية التي للحقوق السياسية، بما يجعل المرء يبحث في إطار إمكانية ارتكاب الجريمة السياسية من قبل أشخاص معنوية، حيث نعتقد بهذا ولكن ذلك لا قيمة كبيرة له بالنسبة للمكون الاعتباري إذا ما قيس الأمر بالشخص الطبيعي.
جاء في المادة 196 من قانون العقوبات اللبناني: ( الجرائم السياسية هي الجرائم المقصودة التي أقدم عليها الفاعل بدافع سياسي، وهي كذلك الجرائم الواقعة على الحقوق السياسية العامة والفردية، ما لم يكن الفاعل قد انقاد بدافع أناني دنيء). كما جاء في ذات القانون: ( يكون الدافع شريفا إذا كان متسما بالمروءة والشهامة ومجردا من الأنانية والاعتبارات الشخصية والمنفعة المادية).[14]
حيث أخذ المشرع اللبناني بأكثر من معيار ( الباعث الشريف ) و ( محل الاعتداء المتمثل في الحقوق السياسية العامة والفردية ) كما عرف الباعث الشريف بمعاني غير منضبطة، وساوى بين الحقوق العامة والفردية في القيمة القانونية.
لقد تأثر المشرع المذكور بكل من: ( النظرية الموضوعية ) والتي تعتمد على طبيعة الحق الذي تمس به الجريمة بأن يكون من الحقوق السياسية عامة كانت أم فردية، والثانية ( النظرية الشخصية ) التي تستند على فكرة الدافع الباعث على الجريمة. ولقد تعرض الفقه لكلا النظريتين واصفا الأولى بالمجحفة لكونها تحمي الأنظمة السياسية ولا تنظر إلى نفسية المجرم وهي تتجاهل الركن المعنوي للجريمة، وتساوي بين الخائن والثائر، مع قصور دالة الحق في التعبير عن حقيقة الجريمة السياسية، سيما إذا ما كان هدف الفعل السياسي مجرد الحصول على المال. كما أن النظرية الشخصية توسع من نطاق الجريمة السياسية فالخطف والابتزاز السياسي دوافع سياسية مع صعوبة ضبط الباعث وتغليب الجوانب النفسية على سواها.[15]
ويرى البعض أن الأصل في تحديد كون الجريمة سياسية أو جريمة عادية، هو الشعور الذي تثيره الجريمة في المجتمع، فإن كانت هذه الجريمة لا تثير استنكارا شاملا وتعبر عن نفس نبيلة وغير شريرة، فهي جريمة سياسية، وإذا كانت تتم عن نفسية شريرة وتتسم بطابع إجرامي في بواعث وطريقة تنفيذها، فهي جريمة عادية.[16] وهذا الطرح يعول كثيرا على الجانب الاجتماعي في رسم ملامح التجريم والعقاب. ومن جهتنا نجد أن التشريعات السالفة، جمعت بين المذهبين الموضوعي والشخصي عندما عرفت الجريمة السياسية صراحة، عدا عن الخوض فيما يعد من تلك الجريمة أو يخرج عنها.
المطلب الثاني: تمييز الجريمة السياسية عن بعض الجرائم المشابهة لها
للجريمة السياسية خصوصية – كما سبق ذلك -، وهذا ما يجعل منها جريمة استثنائية ويكسبها مكانة قانونية خاصة، ولتجنب وقوع خلط بينها وبين بعض الجرائم الأخرى التي قد تتشابه وإياها، كان لابد لنا من وضع مقارنة بينها وبين هذه الجرائم التي رأيناها قريبة لمفهومها السياسي، وعلى النحو التالي:
أولا- الجريمة السياسية والجريمة الحزبية
لابد من التعرض للجريمة الحزبية لبيان درجة التقارب بين الوجه السياسي والوجه الحزبي للإجرام، ولكن قبل هذا كله لابد من بيان المراد بالحزب، وعلى قدر تعلق الأمر بالجزائر فقد عرف المشرع الحزب السياسي بالقول عنه بأنه: (تجمع مواطنين يتقاسمون نفس الأفكار ويجتمعون لغرض وضع مشروع سياسي مشترك حيز التنفيذ للوصول بوسائل ديمقراطية وسليمة إلى ممارسة السلطات والمسؤوليات في قيادة الشؤون العمومية).[17]
فلا يقوم الحزب دون مجموعة أشخاص طبيعيين، ولابد من مشروع سياسي قابل للتنفيذ وغير متعارض مع حكم القانون، وجعل المشرع بلوغ السلطة والمسؤولية مشروطا بالطرق الديمقراطية. وقد يرتكب أي من أعضاء الحزب جريمة لها علاقة بنشاطه، وبالتالي يمكن التساؤل عن مدى اعتبار تلك الجرائم جريمة سياسية ؟ بمعنى آخر هل هناك تطابق بين الجريمة الحزبية والجريمة السياسية أم لا ؟
إن اعتماد الحزب من طرف الدولة يعني تمتعه بالشخصية المعنوية، جاء في قانون الأحزاب: (يخول اعتماد الحزب السياسي الشخصية المعنوية والأهلية القانونية، ابتداء من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية).[18] أما عن مسؤولية الحزب كشخص معنوي فلا يوجد ما يمنع من ذلك على وفق قانون العقوبات الجزائري.
لقد سار القضاء اللبناني على معيار المصلحة الحزبية للجاني لتحديد مفهوم الجريمة السياسية، كما أخذ كذلك بمعيار اختلاف الانتماء الحزبي للقول بها.[19] ورغم أن الخلاف بين أعضاء الحزب الواحد قد يتخطى درجة الصراع والتنافس بين الأحزاب المختلفة، إلا أن القضاء لا يمكن أن يسلم بمعايير سياسية، وبالباعث السياسي في إطار الجرائم التي تعد حزبية، فالحزب تنظيم وكيان وعمله سياسي، حيث لا يمكن أن يكون كل ما يرتكبه المنسب إليه-الحزب- سياسيا.
وقد جاء في القانون العضوي المتعلق بالأحزاب ما يلي: (يتابع ويعاقب الأعضاء القياديون وأعضاء الحزب السياسي، على المخالفات المنصوص عليها في هذا القانون العضوي والتشريع الساري المفعول).[20] ولا يوجد في القانون المذكور ما يمنع من اعتبار ما يرتكب من قبيل الجرم السياسي، ومن جهة أخرى ليس كل ما نص عليه القانون يعد من هذا القبيل، فقد جرم المشرع في المادة 78 منه القانون السالف كل ما يتعلق بتأسيس أو إدارة أو تسيير حزب سياسي خلاف أحكامه، وعاقب كل من يدير أو يسير أو ينتمي لحزب سياسي خلال توقيفه أو عقب حله.[21] ولا تعد جرائم الفساد المالي بحسب نصوص القانون المذكور وقانون الفساد من قبيل الجرائم السياسية.[22]
ولا شك في أن قانون الوقاية من الفساد ومكافحته قد جرم تمويل الأحزاب السياسية بصفة خفية وجعل واضعه عقوبة الجريمة تتراوح بين الحبس من سنتين إلى عشر سنوات عدا الغرامة التي تتراوح بين 200000 إلى 1000000 د.ج مع مراعاة الأحكام الجزائية الأخرى ذات الصلة بتمويل الأحزاب.[23]
وللإشارة فإن المحكمة الاتحادية السويسرية قد وضعت عدة شروط لإمكانية اعتبار الجريمة سياسية تمثلت بما يلي:[24]
وقوع الفعل المجرم على نظم الدولة السياسية والاجتماعية.
2. أن يتفق هدف الجاني مع أهداف حزب سياسي منظم، أو أن يسعى لتحقيق أهدافه أو إصلاح النظام السياسي أو الاجتماعي القائم.
3. تناسب الوسيلة التي اتبعها الجاني مع الأهداف التي سعى لتحقيقها.
لقد اعتبر في لبنان تباعد الأطراف حول تفسير الأسس العامة للبلاد مع التباين في المرتكزات العسكرية والعقائدية حول الوضع في هذا البلد من قبيل الغرض السياسي الذي يبرر الجرم المرتكب. فيما اعتبر تسلط جماعة مسلمة على أبناء جلدهم تصرف فردي ينبئ عن باعث دنيء. وأن العمالة – لإسرائيل – والعمل لصالح إحدى الفصائل الفلسطينية يعني انتفاء الطابع الشريف.[25]
إن الاختلاف في العقيدة والانتماء لا يقطع بسياسية الجريمة وباعثها، ويمكن أن يكون معيار المصلحة العامة أفضل وأنسب المعايير، فحيث يقترن الفعل السياسي بالدافع الجماعي ولا تكون الجريمة من تلك الخارجة عن نطاق الجرم السياسي صراحة أو ضمنا نكون أمام حصيلة مفادها أن ما ارتكب يستحق أن ينظر إلى فاعله بعين التساهل لا الشدة.
ثانيا- الجريمة السياسية وجريمة الإساءة لرموز الدولة والنظام السياسي:
لرغبة المشرع الجزائري في تعزيز الحقوق والحريات السياسية، تساهل مع مرتكبي جرائم الإساءة لرموز الدولة، حيث عاقب بالغرامة من 100000 – 500000 د.ج كل من أساء إلى رئيس الجمهورية بعبارات تتضمن إهانة أو سبا أو قذفا سواء عن طريق الكتابة أو الرسم أو التصريح أو بأي آلية لبث الصوت أو الصورة أو بأية وسيلة إلكترونية أو معلوماتية أو إعلامية أخرى. كما عاقب بذات العقوبات لكل من يسيء إلى البرلمان أو الجهات القضائية أو الجيش الوطني أو أي هيئة نظامية أخرى.[26]
وما يلاحظ هنا:
جعل المشرع العقوبة مالية تقع بين حدين.
قال المشرع بمضاعفة العقوبة عند العود، والأخير من الظروف الشخصية المشددة للعقوبة.
جعل تحريك الدعوى العمومية من اختصاص النيابة العامة، بمعنى لم يتطلب لتحريك الدعوى طلب أو شكوى. وقد قصر ذلك على ما يتعلق بالإساءة إلى رئيس الجمهورية.
لم ينص على العقوبات التكميلية القاضية بالحرمان من الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية بحسب المواد 9 و9 مكرر 1 و14 من قانون العقوبات.
ثالثا: الجريمة السياسية وجريمة إهانة رؤساء الدول الأجنبية:
بحسب المادة 123 من قانون الإعلام 12 – 05 فإن الإهانة التي تتم عبر وسائل الإعلام ، والتي تقع على رؤساء الدول الأجنبية وأعضاء البعثات الدبلوماسية المعتمدين في الجزائر جنحة عقوبتها الغرامة فقط، كما أن تقادم الجرائم بحسب المادة 124 منه بمرور 06 أشهر. وجريمة الإهانة يمكن أن تكون من بين الجرائم السياسية ولا يصح تسليم مرتكبها متى كان لا يحمل الجنسية الجزائرية، غير أن ذلك مرتبط بما هو موجود من اتفاقات دولية تعقدها الدولة.
المبحث الثاني: الآثار الناجمة عن ارتكاب الجريمة السياسية
لقد سبق لنا التنويه إلى كون المشرع الجزائري لم يمنح الجريمة السياسية اهتمامه من الوجهة الموضوعية، بخلاف الحال بالنسبة للجوانب الشكلية أو الإجرائية، من أجل هذا سوف ينصب اهتمامنا بها على التشريعات التي خاضت في تعريفها وحرصت على إظهار وجهها الحقيقي بغض النظر عن درجة النجاح والفائدة التي حققتها.
المطلب الأول: الآثار الموضوعية للجريمة السياسية
لا ريب أن الجريمة السياسية ومهما قيل عنها تبقى أسيرة إرادة المشرع، وخاضعة للظروف والمتغيرات وتعبر عن أوجه التقابل بين السياسة والقانون، وربما التنافي بينهما في ظل أصعب تصور وأضعف المواقف منها. وبالتالي يلحقها آثار موضوعية واضحة وهو ما سنقوم بتبيانه في هذا المطلب.
أولا: شخصية المجرم السياسي
المجرمون في علم الإجرام والدراسات الجنائية عدة فئات، يتم العمل عليها لتسهيل فهم الشخصية الإجرامية، باعتبار أن البشر ومنهم المجتمع الإجرامي على وجه الخصوص، ليسوا سواء في تكوينهم الإجرامي أو خلفيتهم الاجتماعية.
وأبرز التقسيمات فيما يتعلق بموضوع بحثنا هنا هو تقسيم المجرمين إلى عاديين وسياسيين[27]، وهذا ما دعا إليه الفقيه الايطالي فيري (Ferri) من خلال تقسيمه للإجرام إلى صنفين:
الصنف الأول: وراثي ارتدادي، وتنطوي تحته أكثر الجرائم العادية التي تتسم بالعنف والشراسة والتي تدل على خبث مرتكبها وأنانيته وتستهدف إيذاء الوجود الإنساني، فهو إجرام عادي ورجعي.
الصنف الثاني: هو إجرام متطور أو تقدمي، وينم عن دوافع الغيرة والإيثار وبواعث الإصلاح الاجتماعي، والرغبة في دفع عجلة التاريخ إلى الأمام، فهو ليس في الواقع إجراما حقيقيا وإنما هو إجرام مزعوم أو موهوم، فهو لا يستهدف غير المساس بالنظام السياسي أو الاجتماعي القائم وتعديله أو تبديله أو السير به قدما.[28]
من خلال نظرة الفقيه ” فيري” للإجرام وللمجرمين، أن الجريمة العادية ترتكب من قبل المجرم الذي تحركه غرائز الفطرة والتي تتنامى بتأثر هذا الشخص بالمحيط، كما قد تكون صفات العنف والإيذاء متوارثة جينيا لدى هذا الشخص حتى يعتبر مجرما عاديا. أما إذا كان الشخص يرتكب جريمة تهدف للمساس بالنظام السياسي، فيكتسب هنا صفة المجرم السياسي، ومن بين أبرز ما يلاحظ على ما طرحه ( فيري ) هو اعتباره الإجرام السياسي موهوما أو مزعوما بما يعني عن اعتباره كذلك حقيقة وأن من يأتيه لا يمكن أن يتساوى بغيره فهو يدفع عجلة التاريخ لا يوقفها أو يخربها.
ويقول الطبيب الايطالي (لومبروزو) في كتابه حول الجريمة السياسية والثوار أن المجرم السياسي هو(شخص يبتغي أن يعجل في سير التطور السياسي والاجتماعي فيصطدم بالنظام القائم في الدولة)، كما وضع صفات وخصائص يتميز بها المجرمون السياسيون عن غيرهم حيث يجمعون بين جمال الجسم وسمو الخلق وشرف النفس، وهم خالين من أي عيب مبرئين من كل نقص عقلي أو نفسي، وأنه بحسب تصنيفه المشهور للمجرمين فالمجرمين السياسيين يدخلون في عداد المجرمين العاطفيين ويدعو إلى معاملتهم معاملة خاصة ولائقة.[29] وما طرحه ( لومبروزو ) يحتاج إلى مراجعة لا بل أن نظريته التي وضعها قد هجرت في ضوء موجة التغير التي عرفها العالم اليوم.
ثانيا: العقاب عن الجريمة السياسية
جاء في قانون العقوبات العراقي: ( 1- يحل السجن المؤبد محل الإعدام في الجرائم السياسية. لا تعتبر العقوبة المحكوم بها في جريمة سياسية سابقة في العود ولا تستتبع الحرمان من الحقوق والمزايا المدنية ولا حرمان المحكوم عليه من إدارة أمواله أو التصرف فيها ).[30] لقد نظر المشرع العراقي إلى المجرم السياسي على أنه يستحق العطف، أو لا يمكن أن يتساوى مع غيره من الأفراد الآخرين، فجعل للاعتبار السياسي قيمة ودور.
وإذا كان المشرع الجزائري لم يستثني المجرم السياسي من العقوبات التكميلية أو من اعتبار جرمه سابقة في العود إلا أنه وعلى قدر تعلق الأمر برد الاعتبار، قال:
( إذا حدث بعد ارتكاب الجريمة أن أدى المحكوم عليه خدمات جليلة للبلاد مخاطرا في سبيلها بحياته لم يتقيد طلب رد الاعتبار بأي شرط زمني أو متعلق بتنفيذ العقوبة ).[31] فهذا النص لا يمكن أن يفيد كثيرا في موضوعة الجريمة السياسية، غير أنه لا يستبعد أن يكون ما يقدم للبلد هو سلوك سياسي يصب في خانة المصلحة العامة. ولا يمكن في ضوء القانون الجزائري اعتبار الباعث السياسي من الأعذار المخففة لغياب النص عليه وعلى عموم الباعث، ولكن لا يوجد ما يمنع القضاء الجنائي من إعمال الظروف المخففة التي ترك أمرها لتقديره.[32]
ثالثا- العفو عن الجرم السياسي
يقف العفو عن المجرم السياسي على النقيض من تسليمه، فالأول يصب في صالحه بخلاف الثاني، وهذا التباين لا يمكن أن يحول الحديث عنهما معا، فعدم التسليم والعفو يقفان جنبا إلى جنب.
لقد قدم المشرع اللبناني مثالا على ذلك من خلال شموله للقتل العمد لدوافع سياسية بقانون العفو العام رقم 91 – 84 فهذا القانون قد أعقب الحرب اللبنانية التي استمرت أكثر من 15 عاما، وكان لابد لكي يعاد السلم والأمن الأهليين إلى هذا البلد، صدر القانون المذكور كحل قانوني لا بديل عنه.
حيث جاء في المادة الأولى من القانون[33]رقم 302- 94 الصادر في 21/3/1994: (خلافا لأحكام المادة 198 من قانون العقوبات، يقضي بعقوبة الإعدام إذا حصل القتل العمد بدافع سياسي، أو كان له طابع سياسي). حيث يلاحظ أن التعديل لم يأت بالجديد فالمادة 197 قانون عقوبات لبناني[34] تشير إلى ما هو أقل من القتل العمد، بالإضافة إليه كاستثناء من الجرائم السياسية، وكل ما حصل هو أن قانون العفو العام رقم 91-84 قد أحدث تغييرا خلاصته عدم ملاحقة مرتكبي جرائم القتل لدواعي سياسية لارتباط القتل بأحداث الحرب الأهلية.
وكمثال من الواقع العملي نجد موافقة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب المصري، بصفة مبدئية على اقتراح مشروع قانون بالعفو الشامل عن الجرائم السياسية التي وقعت في الفترة الممتدة من 6 أكتوبر 1981 إلى11 فبراير 2011، والذي تقدم به عدد من نواب مجلس الشعب المنتمين لأحزاب البناء والتنمية والحرية والعدالة والوفد والنور والغد الجديد، حيث جاء الاقتراح في ظل الحرية والكرامة والعدالة لإنصاف ضحايا كانوا قد سجنوا لمجرد معارضتهم للنظام الأسبق.[35]
المطلب الثاني: الآثار الإجرائية للجريمة السياسية
من بين أبرز ما يتعلق بالجريمة السياسية هي الآثار الإجرائية سيما تلك التي تمس بشكل أو آخر بالحريات الشخصية والحقوق التي للأفراد، وإذا ما استثنينا إجراءات تسليم المجرمين فإن من النادر أن يهتم الفقه الجنائي بموضوعة الإجراءات ذات الصلة بالجريمة المذكورة، فلقد شغل الفقه المذكور نفسه وسنوات طويلة بتعريف الجريمة السياسية وبيان تطبيقاتها في الأنظمة القانونية المختلفة. أما نحن فنقدم من خلال هذا البحث رؤية أوسع وأشمل للآثار الإجرائية للجريمة السياسية من خلال تتبع آثارها في القانون الجزائري الذي لم يعرف مشرعه تلك الجريمة ولم يضع لها ضوابط موضوعية يمكن أن يستهدى بها على نحو أو آخر، عدا عن التعريج على التشريعات الأخرى الوطنية والاتفاقيات الدولية حيث نجد لذلك من ضرورة وقيمة وأهمية:
أولا: عدم جواز حبس المتهم بجرم سياسي مؤقتا
جاء في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري: (إذا لم يقدم مرتكب الجنحة المتلبس بها ضمانات كافية للحضور، وكان الفعل معاقبا عليه بعقوبة الحبس، ولم يكن قاضي التحقيق قد أخطر، يصدر وكيل الجمهورية أمرا بحبس المتهم بعد استجوابه عن هويته وعن الأفعال المنسوبة إليه…… لا تطبق أحكام هذه المادة بشأن جنح الصحافة أو الجنح ذات الصبغة السياسية أو الجرائم التي تخضع المتابعة فيها لإجراءات تحقيق خاصة، أو إذا كان الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في الجنحة قصرا لم يكملوا الثامنة عشرة ).[36] إن ما جاء به النص ينتمي إلى الحماية الإجرائية للشرعية الدستورية أو السياسية، بمعنى تقديم ضمانات يراعى عندها طبيعة النشاط والظروف والبواعث.
لم يعفي المشرع المجرم السياسي من الحبس المؤقت بحسب المادة 123 إ.ج.ج، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن الضمانات التي تقدم له لا يمكن أن تكون مطلقة. ولكنه أعفاه منه حيث يتعلق الأمر بالجنح المتلبس بها ذات الصبغة السياسية حين يتعلق الأمر بصلاحية وكيل الجهورية في الاستجواب والحبس.[37] والمتهم بجرم سياسي غير مستثنى من الرقابة القضائية بحسب المادة 125 مكرر 1 إ.ج.ج، بل على العكس حيث تصب الرقابة في صالحه، وكان يمكن للمشرع وقد استثناه بالنسبة للجنح السياسية أن يستثنيه من الحبس المؤقت الذي يأمر به قاضي التحقيق بشروط خاصة بما يعزز من فرص فرض الرقابة القضائية بحقه.
ثانيا: عدم جواز تسليم المجرم السياسي
من بين ما حظيت به الجريمة السياسية لدى المشرع الإجرائي منع تسليم المتهم بها أو المحكوم عليه عنها، متى كان للجناية أو الجنحة صيغة سياسية أو إذا تبين من الظروف أن التسليم مطلوب لغرض سياسي.[38] والحقيقة أن المشرع الجزائري قد منع تسليم من يكن قد اتخذت بحقه إجراءات متابعة.[39]
كما أنه وفي موضع آخر قال: (يجوز الإذن بتسليم شخص من أية جنسية كان إلى حكومة أخرى بناء على طلب بالطريق الدبلوماسي مؤيد بالمستندات اللازمة لإثبات أن الأمر لا يتعلق بجنحة سياسية، وذلك بطريق المرور عبر الأراضي الجزائرية أو بطريق بواخر الخطوط البحرية الجزائري ).[40] فهذا النص يتعلق بالعبور وقد أكد من خلاله المشرع على أمرين:
أن الشخص محل العبور عبر الإقليم الوطني الجزائري لا يحمل الجنسية الجزائرية.
أنه غير متهم بجريمة سياسية وقد عبر عنها المشرع بالجنحة، بخلاف الجناية.
وحيث يتعلق الأمر بالقانون العراقي نجد المشرع يمنع تسليم المجرمين في حالات معينة منها: ( 1- إذا كانت الجريمة المطلوب التسليم من أجلها جريمة سياسية أو عسكرية وفقا للقوانين العراقية).[41]
أما بخصوص تسليم المجرم السياسي إطار الاتفاقيات، نجد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000 قد نصت على: (لا يجوز تفسير أي حكم في هذه الاتفاقية، على أنه يفرض التزاما بالتسليم إذا كان لدى الدولة الطرف متلقية الطلب دواع وجيهة للاعتقاد بأن الطلب قدم بغرض ملاحقة أو معاقبة شخص بسبب نوع جنسه أو عرقه أو ديانته أو جنسيته أو أصله العرقي أو آرائه السياسية، أو أن الامتثال للطلب سيلحق ضررا بوضعية ذلك الشخص لأي سبب من تلك الأسباب).[42] ففي النص السالف غير المشرع الدولي من طبيعة الالتزام الملقى على الدولة الطرف في الاتفاقية، حيث أقر صراحة بأهمية حماية المطلوب تسليمه. غير أنه من الصعب الفصل بين ما ذكره المشرع – الجنس، العرق، الديانة، الجنسية، الأصل – عن الآراء السياسية أو بمعنى أدق عن الدواعي السياسية، حيث ترك واضع النص تقدير ما ينطوي تحت المفاهيم السالفة لتقدير أجهزة الدولة، وقد لا يرضي القرار بعدم التسليم الدولة الطالبة.[43]
كما نصت المادة الرابعة من الاتفاقية العربية لتسليم المجرمين لعام 1952، والتي أقرها مجلس جامعة الدول العربية على أنه: (لا يجوز التسليم في الجرائم السياسية، وتقدير كون الجريمة السياسية متروك للدولة المطلوب إليها التسليم…) في هذه الاتفاقية نجد أن عدم تسليم المجرم السياسي أمر استثنائي، في حين جعلت منه أمر وجوبي في حال الاعتداء على الملوك، والرؤساء أو زوجاتهم أو أصولهم أو فروعهم ، أو على أولياء العهد.
كذلك نجد في نطاق منع التسليم أن اتفاقية مكافحة الفساد لسنة 2003 تحاكي اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة، عندما لا تلزم الدولة بتسليم المجرم لاعتبارات مختلفة منها الدواعي السياسية، ولو أنها تمنع الدول الأطراف من التذرع بكون الجرم يتعلق بالجوانب المالية للامتناع عن التسليم.[44] الخلاصة إن جرائم الفساد ليست من بين الجرائم السياسية إلا حيث يتعلق الأمر بتسليم المجرمين ولأغراض محددة.
ثالثا: استثناء الجريمة السياسية من الإنابة القضائية
وتعد الإنابة أحد صور التعاون الجنائي على الصعيدين الوطني والدولي، وعلى قدر تعلق الأمر بالجريمة السياسية قال المشرع الجزائري: ( في حالة المتابعات الجزائية غير السياسية في بلد أجنبي تسلم الانابات القضائية من السلطة الأجنبية بالطريق الدبلوماسي وترسل إلى وزارة العدل بالأوضاع المنصوص عليها في المادة 703 وتنفذ الانابات القضائية إذا كان لها محل وفقا للقانون الجزائري، وكل ذلك بشرط المعاملة بالمثل ).[45]
فهذا النص استثنى صراحة من نطاق التعاون الدولي بين الجزائر ودولة أخرى الجرائم ذات الطابع السياسي، حيث كان المشرع منسجما فيما قدمه من نصوص مختلفة، فإذا كان المجرم السياسي لا يسلم – مثلا – فلا يصح من باب أولى تقديم دليل ضده، غير أن حدود هذا المنع المبرر بالدواعي السياسية غير منظورة، ليس من جهة تحديد الجرم السياسي وحسب بل ومن مدى اعتبار أدلة النفي والبراءة داخلة في هذا النطاق كذلك. والإشكال يتمحور حول ما يلي:
إن الدليل المعد للبراءة يمكن أن يوظف للإدانة كذلك.
إن احترام قرينة البراءة واجبة فهي من المبادئ الحقوقية العالمية، ولا تستطيع الدول التغاضي عنه.
لا يمكن الوقوف على البراءة إلا بعد حسم المحاكمة، ومع هذا لا يستبعد أن يكون الدليل للبراءة من الوضوح بحيث لا يمكن أن يستعمل لغير تلك المهمة.
ولا شك في أن شرط المعاملة بالمثل من بين الشروط الهامة يرتبط بسيادة الدولة الجزائرية، وإن كانت فروض تطبيقه على أرض الواقع قد لا تكون مرضية، حين تتعاون دولة مع أخرى بموجب اتفاق دولي فيما تتهرب غيرها من التزاماتها في وقت لاحق، فمن النادر أن تتزامن حالات التعاون مع بعضها البعض.
ولم يذكر المشرع الجزائري الجريمة السياسية حيث يتعلق الأمر بالتبليغ الذي يتم من دولة أجنبية لشخص مقيم في الجزائر، سواء لورقة أو حكم.[46] ومن الأفضل في اعتقادنا شمول كل صور التعاون وأشكاله حيث يتعلق الأمر بجريمة سياسية، فالتبليغ المتعلق بجريمة سياسية لا ينبغي أن يحصل ولو لم يجرم القانون الجزائري الفعل أو لا يعد الجرم ذا طابع سياسي وفقا له، ولا يستبعد أن يكون الشخص المعني بأي من أوجه التعاون لاجئا مهما كان نوع لجوئه سواء سياسيا أم إنسانيا.
الخاتمة
من خلال كل ما سبق عرضه في هذا البحث، نجد أن الجريمة السياسية ورغم كل ما يقال عنها قد ارتبطت بالحريات والحقوق والمساواة والعدالة، ووجدت لها مكانة لا يمكن الاستهانة بها، فهي الأغرب بين أوصاف الجريمة عموما، فإذا كانت السياسة – كفكر وممارسة – مشروعة فإنها قد تدفع إلى الإجرام حين يعجز الفعل المشروع عن تحقيق الغايات المرجوة.
إن بقاء الجريمة السياسية قائما يرتبط بعوامل عديدة، وإن مما لا شك فيه أن كل ما يتعلق بهذه الجريمة لا يمكن أن يبقى على حاله، والأهم الذي قدمناه في هذا البحث هي آثار الجريمة المذكورة سيما الإجرائية منها، وأن كنا لم نجد فكرة أو نظرية متماسكة بهذا الشأن، فهناك مجموعة من المزايا المتناثرة ليس بينها من رابط حقيقي سوى كون الجريمة مرتبطة بالفعل السياسي أو كونه هو ذاته مناسبة لها.
– الاستنتاجات:
من خلال ما سبق بيانه نخلص إلى الاستنتاجات التالية:
وجود ضبابية كبيرة تلف الجريمة السياسية وعدم الاتفاق على تحديد المراد بها، وتنسحب الحقيقة السالفة على كل من التشريع والفقه والقضاء.
علاقة السياسة بالإجرام مبهمة ومرتبكة، سيما إذا ما علمنا أن متغيرات السياسة أكثر من ثوابتها، وبالتالي يصعب ضبط العمل السياسي على ضوء مرتكزات القانون الجنائي المحكوم بمبدأ الشرعية الموضوعية والإجرائية.
وجود ضرورة ملحة إلى إعادة النظر بكل ما يتعلق بهذه الجريمة.
نلمس خشية لدى المشرع من وضع قواعد واضحة للجريمة السياسية، وقد يكون مرد ذلك الخشية من استغلالها بالصورة التي لا تخدم الأوضاع العامة.
إن أثر الجريمة السياسية في القواعد الإجرائية لا يقل أهمية عما هو موجود في القواعد الموضوعية.
عدم الاهتمام الفقهي بأبعاد الجريمة السياسية وآثارها في القواعد الإجرائية المختلفة.
– اقتراحات:
ولابد لنا في النهاية أن نضع أمام المشرع الاقتراحات التالية:
ضرورة تدخل المشرع الجزائري من خلال نصوص صريحة ضمن القواعد العامة لقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية للنص على بعض الأحكام والضوابط المتعلقة بالجريمة السياسية.
الموازنة بين الجوانب النفسية والموضوعية عند صياغة مفهوم للجريمة السياسية، فالجريمة المذكورة ترتبط بالعمل السياسي المشروع ولكنها لا تكون جزءا منها، أي حيث يكون السلوك غير المشروع في خدمة السلوك المشروع.
اخذ نظرية المصالح بنظر الاعتبار عند صياغة أحكام الجريمة السياسية، سيما أحكام وضوابط المصلحة العامة، لقدرتها على بلورة حلول واقعية مقبولة.
أخذ التطورات الحاصلة على الصعيدين الدولي والوطني بنظر الاعتبار عند صياغة الأحكام المتعلقة بالجريمة السياسية. فعالم اليوم يسير على خطوط متوازية ومتقاطعة، من جهة حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية، ومن جهة أخرى التهديد الأمني الغير المسبوق، عدا عن التطورات التكنولوجية التي تدفع بكل الاتجاهات.
إخراج الجرائم الدولية من حظيرة الجريمة السياسية، بمعنى الاعتداد بالركن الدولي للجريمة كمانع من اعتبار الجريمة سياسية.
اعتبار حق اللجوء السياسي الركيزة الأساسية لحماية الممنوح من الملاحقة والمتابعة الجزائية عن جرائم معينة.
اعتبار الدافع الحقوقي – الدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته الأساسية – ضمن مفهوم الجريمة السياسية، التي يستحق مرتكبها الامتيازات التي لسواه من المجرمين السياسيين.
ضرورة عدم اعتبار الجريمة السياسية سابقة في العود، على الأقل بالنسبة للجرائم من توع مغاير.
إعفاء المجرم السياسي من الحرمان المتمثل بالفترة الأمنية.
تشجيع البحث في مضمار السلوك السياسي لوضع الحد الفاصل بين المشروع وغير المشروع منه، وما يعد من السياسة وما يخرج عنها.
قائمة المراجع:
– أبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري: معجم الصحاح، دار الحديث، القاهرة، 2009 .
– مجمع اللغة العربية : المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2004.
– منتصر سعيد حمودة: الجريمة السياسية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2008.
– محمد عبد المنعم عبد الخالق: الجرائم الدولية ( دراسة تأصيلية للجرائم ضد الإنسانية والسلام وجرائم الحرب)، القاهرة، 1989.
– محمد علي السيد: في الجريمة السياسية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003.
– باسم محمد شهاب: مبادئ القسم العام لقانون العقوبات، ديوان المطبوعات الجامعية، وهران، 2007.
– ممدوح توفيق: الإجرام السياسي، دون مكان نشر، طبعة 1977.
– وداد عبد الرحمن القيسي: الجريمة السياسية في القوانين المقارنة، مجلة المستقبل العراقي، العدد السابع ، 2006.
– محمد الفاضل: الجريمة السياسية وضوابطها، بحث مقدم للمؤتمر السادس للمحامين العرب، القاهرة، 1961.
– قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971.
– قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969.
– قانون العقوبات اللبناني لسنة 1983.
– القانون اللبناني المتعلق بتطبيق عقوبة الإعدام في القتل قصدا أو بدافع سياسي أو كان له طابع سياسي، رقم 302-94 لسنة 1994.
– قانون العفو العام اللبناني رقم 91-84 لسنة 1984.
– قانون العقوبات المصري رقم241 لسنة 1952.
– قانون العقوبات الجزائري رقم 66-156 لسنة 1966.
– قانون الإعلام الجزائري رقم 12 – 05 لسنة 2012.
– قانون الإجراءات الجزائية الجزائري رقم 66-155 لسنة 1966.
– القانون العضوي الجزائري 12 – 04 المتعلق بالأحزاب السياسية.
– قانون 06 – 01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته الجزائري لسنة 2006.
– اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والمعروفة باتفاقية نيويورك لسنة 2003.
– اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية لسنة 2000.
– الاتفاقية العربية لتسليم المجرمين لسنة 1952.
– الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لسنة 1998.
– مقال منشور بجريدة ” الأهرام” اليومية، يوم26/02/2012 على الموقع الالكتروني:
www.ahram.org.eg
* باحثة على مستوى الدكتوراه، تخصص قانون دولي جنائي، كلية الحقوق والعلوم السياسية/جامعة عبد الحميد بن باديس-مستغانم- الجزائر.
* أستاذ محاضر قسم “أ” وعميد كلية الحقوق والعلوم السياسية/جامعة عبد الحميد بن باديس –مستغانم- الجزائر.
[1] ليست الجريمة السياسية هي الوحيدة التي تنفرد بهذه التسمية أو تأخذ هذا الوصف، فنجد السياسة الجنائية، السياسة التشريعية، الباعث السياسي، المحاكمة السياسية…الخ وهذا كله وسواه عبارة عن توظيف لمصطلح السياسة، وهذا التوظيف لا يقصد منه من حيث المبدأ خلط السياسة بالقانون الجنائي، فهو أما أن يدلل على منهج أو سياق معين أو يأتي للتعبير عن مدى تأثر القانون الجنائي بالمسائل السياسية.
[2] أبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري: معجم الصحاح، دار الحديث، القاهرة، 2009 ، ص 178.
[3] مجمع اللغة العربية : المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2004، ص 462.
[4] التعريفات السالفة تعود لكل من الفقهاء: FILANGERIE ، DE VIGNE، GRIPPO، يوسف الشال، FIORE: أنظر في هذه التعريفات: منتصر سعيد حمودة: الجريمة السياسية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2008، ص114.
[5] أنظر في تلك التعريفات: منتصر سعيد حمودة، مرجع سابق، ص167 – 168.
[6] أنظر: منتصر سعيد حمودة، مرجع سابق، ص171 – 172.
[7] منتصر سعيد حمودة، مرجع سابق، ص122.
[8] المادة 21 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969.
[9] الفقرة الثانية من المادة 21 من قانون العقوبات العراقي. أنظر كذلك المادتان 196 و197 من قانون العقوبات اللبناني.
[10] قانون العقوبات المصري رقم241 لسنة 1952. محمد عبد المنعم عبد الخالق: الجرائم الدولية ( دراسة تأصيلية للجرائم ضد الإنسانية والسلام وجرائم الحرب)، القاهرة، 1989، ص 100.
[11] الفقرة الأولى من المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري.
[12] المادة الثانية /ب من الاتفاقية المذكورة الموقعة في القاهرة في 22 أبريل 1998 . والتي صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي 98 – 43 في 07 ديسمبر 1998.
[13] المادة الأولى /3 من الاتفاقية المذكورة.
[14] المادة 193 من قانون العقوبات اللبناني.
[15] للمزيد من التفصيل: محمد علي السيد: في الجريمة السياسية، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2003، ص40 – 48.
[16] باسم محمد شهاب: مبادئ القسم العام لقانون العقوبات، ديوان المطبوعات الجامعية، وهران، 2007، ص 21.
[17] المادة 03 من القانون العضوي 12 – 04 المتعلق بالأحزاب السياسية.
[18] المادة 32 من القانون العضوي 12 – 04 المتعلق بالأحزاب السياسية.
[19] قرار رقم 12/94 بتأريخ 30/6/1994 تمييز جزائي لبناني، الغرفة الثالثة. قرار رقم 82/95 بتأريخ 22/3/1995 تمييز جزائي، الغرفة الثالثة. أشار إليه: محمد علي السيد، مرجع سابق، ص56.
[20] المادة 77 من القانون العضوي المذكور سابقا.
[21] العقوبة هي الغرامة من 300000 إلى 600000 د.ج. تراجع كذلك المادة 81 منه.
[22] المادتان 79 و 80 منه وقانون 06 – 01 المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته.
[23] المادة 39 من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته .
[24] محمد الفاضل، الجريمة السياسية وضوابطها، بحث مقدم للمؤتمر السادس للمحامين العرب، القاهرة، 1961، ص36 -37.
[25] قرار رقم 182/94 بتأريخ 4/11/1994 تمييز جزائي لبناني، الغرفة السادسة. قرار رقم 140/96 بتاريخ 19/6/1996 تمييز جزائي لبناني الغرفة الثالثة. قرار رقم 116/2000 بتاريخ 12/4/2000 تمييز جزائي لبناني. أشار إليها: محمد علي السيد، مرجع سابق، ص56.
[26] المادتان 144 مكرر و 146 من قانون العقوبات الجزائري.
[27] سبق أن اتهم شخص في الولايات المتحدة الأمريكية بجريمتي السرقة وقطع الطريق، ودفع أمام القضاء بأن ما قام به يعد من الجرائم السياسية باعتباره من المعروفين بالنشاطات السياسية، عدا عن أن دافعه إلى ذلك الحصول على المال لتمويل الحركة السياسية التي ينتمي إليها، غير أن طلبه هذا قوبل بالرفض لاعتبار أن ما قام به تغلب عليه سمة الإجرام العادي. ممدوح توفيق: الإجرام السياسي، دون مكان نشر، طبعة 1977، ص48.
[28] وداد عبد الرحمن القيسي: الجريمة السياسية في القوانين المقارنة، مجلة المستقبل العراقي، العدد السابع ، 2006، ص2- 3.
[29] وداد عبد الرحمن القيسي، مرجع سابق، ص3.
[30] المادة 22 من القانون المذكور.
[31] المادة 684 إ.ج.ج جاء في المادة 59 من قانون العقوبات الجزائري: ( كل من سبق الحكم عليه من محكمة عسكرية لا يعاقب بعقوبة العود إذا ارتكب بعد ذلك جناية أو جنحة إلا حسبما يكون الحكم الأول قد صدر في جناية أو جنحة معاقب عليها طبقا للقوانين الجزائية العادية ). فهذا النص يستثني الجريمة العسكرية التي يحاكم عنها الجاني على وفق القانون العسكري من أحكام العود بالنسبة للجريمة التي يحاكم عنها أمام القضاء العادي.
[32] بشأن الظروف المخففة أنظر المواد 53 و53 مكرر و53 مكرر 1-8 من قانون العقوبات الجزائري.
[33] قانون تطبيق عقوبة الإعدام في القتل قصدا أو بدافع سياسي أو كان له طابع سياسي، أصدر عن رئيس الجمهورية اللبناني آنذاك إلياس الهراوي.
[34] تنص المادة 197 ق. ع. لبناني على 🙁 تعد جرائم سياسية الجرائم المركبة أو الملازمة لجرائم سياسية ما لم تكن من أشد الجنايات خطورة من حيث الأخلاق والحق العام كالقتل والجرح الجسيم والاعتداء على الأملاك إحراقا أو نسفا أو إغراقا والسرقات الجسيمة ولاسيما ما ارتكب منها بالسلاح والعنف وكذلك الشروع في تلك الجنايات. أما في الحرب الأهلية أو العصيان فلا تعد الجرائم المركبة أو المتلازمة سياسية إلا إذا كانت عادات الحرب لا تمنعها ولم تكن من أعمال البربرية أو التخريب). أما المادة 198 ق.ع. لبناني( إذا تحقق القاضي أن للجريمة طابعا سياسيا قضى بالعقوبات التالية: -الاعتقال المؤبد بدلا من الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة. –الاعتقال المؤقت أو الإبعاد أو الإقامة الجبرية الجنائية أو التجريد المدني بدلا من الأشغال الشاقة المؤقتة. –الحبس البسيط أو الإقامة الجبرية الجناحية بدلا من الحبس مع التشغيل. ولا تطبق هذه الأحكام على الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجي).
[35] مقال منشور بجريدة ” الأهرام” اليومية يوم26/02/2012 على الموقع الالكتروني: www.ahram.org.eg
[36] المادة 59 من القانون أعلاه. ولا نجد في قانون الإعلام 12 – 05 الجزائري ما يقدم امتيازا للتحقيق والمحاكمة بالنسبة للجرائم السياسية، وتبدو رغبة المشرع واضحة في عدم خلق فجوة بين فئات المجتمع.
[37] المادة 59 إ.ج.ج.
[38] المادة 698 / إ.ج.ج.
[39] المادة 695 إ.ج.ج.
[40] الفقرة الأولى من المادة 719 إ.ج. ج.
[41] المادة 358 من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971.
[42] المادة 16/14 من الاتفاقية المذكورة.
[43] جعل المشرع الجزائري التسليم من صلاحية القضاء الأعلى المتمثل بالمحكمة العليا، كما سمح للمعني التنازل عن حقه بعدم التسليم. المواد 704 إلى 711 إ.ج.ج.
[44] المادة 44 الفقرات 15 و 16 اتفاقية مكافحة الفساد والمعروفة باتفاقية نيويورك والتي صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي 04 – 128 في 19 أبريل 2004. وكذا المادة 16 الفقرات 14 و 15 من اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة.
[45] المادة 721 إ.ج.ج
[46] المادة 722 من الإجراءات الجزائية الجزائري.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً