العنف الأسري من منظور ديني ودولي
الدكتور حسن عالي، أستاذ علم الاجتماع الديني ، جامعة سعيدة الجزائر
مقدمة
حث الإسلام على نبذ العنف داخل الأسرة بكافة أشكاله. والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة منها : ﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴾، [البقرة، 263] وقوله تعالى : ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [ آل عمران، 159 ]، وقوله عز وجل : ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ إلا تَعْبُدُوا إلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أو كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [ الإسراء، 23 ] .
وهذه الآيات تورد بوضوح موقف الإسلام الرافض للعنف الأسري بكافة أشكاله، المادية والمعنوية، حتى إن الرسول ، قدوة المسلمين، لم يمارس هذا العنف ولو على جارية، وقد قال لجاريته بعد أن أغضبته 🙁 لولا خشية القود لأوجعتك بهذا السواك)[1].
من هنا فإن الإسلام حينما شرع قوانينه وأحكامه شرعها للمؤمنين حتى يطبقوها على أنفسهم وعلى من يتحملون مسؤوليتهم، وإذا حدث أي خلل في التطبيق فهذا يعود للمسلمين وليس للإسلام. فما موقف الإسلام من العنف بين أفراد الأسرة.؟
أولا: العنف ضد الزوجة في الأسرة: حرص الإسلام على كرامة المرأة زوجةً كما حرص عليها بنتاً، وقد تجلى هذا التكريم في أمور عدة، منها :
أ- جعل الزوجة الصالحة من أسباب السعادة في الحياة الدنيا، فقد ورد عن رسول الله قوله : ( ثلاثة من السعادة، وثلاثة من الشقاء، فمن السعادة المرأة الصالحة تراها فتعجبك وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك)[2] .
ب- الحرص على ترك الحرية للمرأة في اختيار الزوج التي تحب ويميل معه هواها، فلم يرغمها الإسلام على أن تعيش مع من لا تحب وتهوى . وهذا أمر شدد عليه رسول الله عندما قال : ( لا تنكح الثيِّب حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، وإذنها الصموت)[3].
ج- الوصية بحسن معاملة الأزواج لزوجاتهم بحيث تكون العلاقة بينهم علاقة مودة ورحمة وليست علاقة استبداد وظلم، قال عليه الصلاة والسلام مبيناً هذا المعنى: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) [4] .
وهذا التكريم الذي فرضه الإسلام للزوجة يقابله أحكام وشرائع تحذر من الإساءة إليها والتصرف وإهانة كرامتها. أما الادعاء بأن الإسلام في سماحه بضرب الزوجة، وبمجامعة الزوج لزوجته رغما عنها يكون ممن يشجع على العنف ضد المرأة، فذلك أمر مرفوض والرد عليه على الشكل التالي:
1- ضرب الزوجة : يستغل بعض المسلمين إباحة الإسلام للضرب الخفيف في الحالات القصوى, حتى يمارسوا عنفهم غير المشروع ضد زوجاتهم محتجين بالآية الكريمة من سورة النساء التي جاء فيها: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فإن أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [ النساء، 34-35].
وهذا التبرير لضرب الزوجة غير صحيح إطلاقا لأن هذه الآية تختص بالزوجة الناشز، والزوجة الناشز في اللغة هي التي ارتفعت على الزوج واستعصت عليه وأبغضته وخرجت عن طاعته[5] . من هنا فلا يصح اعتبار هذه الآية دليلا على إباحة الإسلام لضرب المرأة لأن الضرب هنا هو علاج لحالة شاذة، فإذا انتفت الحاجة إلى هذا العلاج لا يصح القيام به . علما أن هذه الآية لم تطلق يد الزوج في ممارسة العنف ضد الزوجة، وإنما رسمت له منهاجاً عليه إتباعه لحل المشكلة ومعالجة الموضوع والمحافظة على كيان الأسرة. وهذا المنهج يقتضي استخدام ثلاث وسائل متدرجة، لا يصح تجاوز الواحدة منها قبل أن يكون قد استخدم الوسيلة التي قبلها وهي:
أ- النصيحة والموعظة بلطف وتحبب. ويمكن أن يستعين الزوج في هذه المرحلة بمن يمكن أن يؤثر على زوجته فيحاورها ويعرف سبب نشوزها وإعراضها، ويقدم إليها النصيحة ويرشدها لما فيه مصلحة زواجها . وهذه النصيحة قد تأتي من بعض الأهل الثقة أو قد تكون من قبل المختصين الاجتماعيين أو النفسيين الذين يحاولون الاستماع إلى الزوجين ومساعدتهما على حل مشاكلاتهما الزوجية .
ب- الهجر في المضجع نفسه وهو الفراش، يقول صاحب تفسير المنار إن : “في الهجر في المضجع نفسه معنى لا يتحقق بهجر المضجع أو البيت، لأن الاجتماع في المضطجع هو الذي يهيج شعور الزوجية فتسكن نفس كل من الزوجين إلى الآخر، ويزول اضطرابهما الذي أثارته الحوادث قبل ذلك. فإذا هجر الزوج زوجته وأعرض عنها في هذه الحالة رجا أن يدعوها ذلك الشعور والسكون النفسي إلى سؤاله عن السبب ويهبط من نشز المخالفة إلى صفصف[6] الموافقة ” [7] .
ج-الضرب غير المبرح، وأن يتَوَقَّى الوجه والمواضع الظاهرة، ولا يضربها إلا لما يتعلق بحقه كالنشوز، فلا يضربها لحق الله عند جمهور الفقهاء، كترك الصلاة[8] .
إذن المقصود من الضرب هنا هو الضرب غير المبرح، ومثل له بعض العلماء بالضرب بالسواك أو القصبة الصغيرة ونحوهما[9]. فعن عطاء قال: “قلت لابن عباس ما المبرح؟ قال بالسواك ونحوه”[10]. “وهذا في الحقيقة ليس من باب ( الضرب) بمعنى العقاب والأذى والايلام البدني والنفسي، ولكنه يأتي بمعنى التعبير المادي بالحركة، والمس بالسواك أو ما شابهه تعبيراً عن الجدية وعدم الرضا، وعن الغضب والإعراض عن الزوجة وإبعادها عن نفس الزوج الهاجر في الفراش، وهو عكس المس باليد الذي يعني عادة التعبير عن المحبة والتدليل” [11] .
ومن الحجج على نبذ الإسلام لضرب الزوجة أنه لم يعرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه استخدم أسلوب الضرب مع أحد من أزواجه، وقد وصف الرسول عليه الصلاة والسلام في حديثين مختلفين من يضرب زوجته باللؤم وغلاظة الحس، فقال عليه الصلاة والسلام : ( يعمد أحدكم يجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من آخر يومه) [12]، وجاء في حديث آخر أخرى 🙁 ِبمَ يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل ثم لعله يعانقها ) [13] .
وقد بنى فقهاء الإسلام بناء على هذه الأحاديث موقفهم من الضرب، فقال الشافعية والحنابلة بأنه إن جاز للزوج الضرب وتأديب امرأته لنشوزها، فالأولى تركه، قال الحنابلة : ” الأولى ترك ضربها إبقاء للمودة” [14] .
2- اتيان الزوج زوجته رغماً عنها : وضع الإسلام آدابا واضحة لتحقيق الانسجام الجنسي بين الزوجين، فقال الله عز وجل: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [ البقرة، 223 ]. ففي هذا الآية بيان لطبيعة المعاشرة الزوجية التي لا تحتاج إلى القسوة بل إلى اللطف واللين.
والرسول عندما قال: ( والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها) [15] . قصد بذلك تلك الزوجة التي تمتنع عن زوجها من دون عذر شرعي، أما إذا كان هناك عذر مثل المرض والإجهاد والاعذار الشرعية الاخرى من حيض ونفاس، فهذه الأمور يجب على الزوج أن يراعيها وأن لا يجبر زوجته على المعاشرة الزوجية وخاصة في حالة الحيض والنفاس، لقول الله تعالى : ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [ البقرة، 222)، ولقول رسول الله 🙁 لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)[16].
فالإسلام يرفض إتيان الزوجة رغما عنها، ولكنه في الوقت نفسه يجعل من أهداف الزواج غض البصر وإحصان الفرج، فلو امتنعت الزوجة عن فراش زوجها وكثرت تعليلاتها من دون سبب مقنع، تكون بذلك سببا في حصول المشكلات الزوجية وتصاعدها، حيث إن العلاقة الجنسية الطبيعية السليمة بين الزوجين كثيراً ما تجب ما قبلها من خلافات، وتخفف من التوتر العاطفي والنفسي بين الزوجين .
3- تعدد الزوجات في الإسلام : أباح الله سبحانه وتعالى تعدد الزوجات وفقا للآية الكريمة: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ إلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾ [النساء، 3 ] وقوله عز جل: ﴿ وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ﴾ [النساء 129] .
وهذا التعدد لم يفهمه بعض الناس ووجدوا فيه نوعا من أنواع العنف ضد المرأة، مع أن نظام التعدد نظامٌ اختياريٌ وليس إجبارياً وهو لا يكون إلا برضا المرأة . إذ إن الإسلام لم يحرم المرأة من حقها في رفض فكرة التعدد، وأباح لها إذا كرهت زواج زوجها عليها أن تشترط ذلك في العقد. وهذا مذهب الحنابلة، وحجتهم في ذلك قول رسول الله : ( أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج) [17] .
إضافة إلى ذلك فإن من يرفض فكرة التعدد ويربطه بالعنف ضد المرأة، يبني موقفه بناء على مصالح الزوجة الأولى وينسى مصلحة الزوج ومصلحة الزوجة الثانية التي تحتاج إلى تكوين أسرة وانجاب الأولاد أسوة بالزوجة الأولى . وهي لو وجدت غير المتزوج لما أقدمت ربما على الزواج من رجل متزوج، فهي أيضا ترغب ان يكون زوجها لها فقط. فالفتاة تفضل عادة الزواج من رجل أعزب سواء كانت عزباء أو مطلقة أو أرملة .
إضافة إلى ذلك فإن العنف ينتفي في موضوع التعدد كون الإسلام يشترط على الزوج أن يعدل بين زوجاته، فقد ورد عن رسول الله قوله : (من كانت له امرأتان فمال مع إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط ) [18].
وعلى كل الأحوال فإن تصوير موضوع التعدد على أنه معضلة كبيرة في المجتمعات العربية امر بعيد عن الواقع، إذ إن “نسبة تعدد الزوجات في سائر البلاد العربية في السنوات العشر الماضية حسب إحصائية جامعة الدول العربية من ( 7- 10 ) حالة تعدد لكل ألف زيجة” [19].
4 – الإرث : يحتج بعض دعاة تحرير المرأة على قول الله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [ النساء، 11] وقوله ايضا:﴿ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [ النساء، 176].
ويعتبرون أن الإسلام قد ظلم البنت إذ جعل لها نصف حظ أخيها من تَرِكَة الأب، ويتغافلون عن أن هذا الحكم جاء ضمن منظومة اجتماعية اقتصادية متكاملة. فالإسلام كلَّف الرجل بما لم يكلف به المرأة، فهو المسؤول عن نفقتها ونفقة عياله وحتى أخواته إذا لم يكن لهن معيل تحت قاعدة” الغُرْم بالغُنْْم”، بينما لم يكلف الشرع المرأة بأية مسؤوليات. فالمال الذي ترثه من أبيها يبقى لها وحدها لا يشاركها فيه مشارك، بينما نصيب الابن معرض للنقصان بما ألقى عليه الإسلام من التزامات متوالية متجددة، ونصيب البنت معرض للزيادة بما تقبض من مهور وهدايا .
ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن قاعدة التنصيف في الإرث المبنية على قوله تعالى : ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ ليست قاعدة مطردة، لأن هناك حالات يتساوى فيها الذكر والأنثى كما في حال تساوي نصيب الأب وهو ذكر مع نصيب الأم وهي أنثى في ميراث ابنهما، كما أن هناك حالات أخرى تزيد بها حصة الأنثى عن حصة الذكر في الميراث، كما لو تركت المتوفاة زوجاً وابنةً،فإن الزوج (الذكر) يأخذ الربع، وتأخذ الابنة (الأنثى) ضعف ما أخذ أبوها وهوالنصف .
5- حق الطلاق: يعترض كثير من المعاصرين على حصر الإسلام الطلاق بيد الرجل، ويعتبرون ان في ذلك عنفا ممارسا ضد المرأة التي قد يسيئ زوجها استغلال حقه فيطلقها من دون سبب، ويظلمها ويدمر عائلتها، ومن المفيد الإشارة في هذا الموضوع إلى النقاط التالية :
أ- إن قبول الزوجين الارتباط الإسلامي يفرض عليهما الالتزام بأحكام الشرع، والتي من بينها الأحكام الخاصة بالزواج والطلاق، وتستطيع المرأة الخائفة على نفسها من تعسف الرجل أن تستفيد من الحقوق التي اعطاها اياها الشرع والتي من بينها الحق في تطليق نفسها إذا اشترطت ذلك في العقد ( العصمة بيد الزوجة) .
ب- إن حصر الإسلام الطلاق في يد الزوج إنما يعود لعدة أسباب أهمها كونه معروفاً بغلبة العقل على العاطفة تناسباً مع طبيعة المرأة التي تغلب عليها العاطفة، كما أن المتضرر الأول من الطلاق من الناحية المادية فهو الذي يجب عليه المهر والنفقة لمطلقته ولعياله طوال فترة العدة والحضانة، هذا الأمر يجعله أكثر ضبطاً لنفسه من المرأة التي قد لا يكلفها أمر رمي يمين الطلاق شيئاً.
ج- إن الطلاق وإن كان بيد الرجل إلا أن للمرأة الحق في طلب الطلاق في حال وقوع الضرر عليها، وفي قوله تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ [ البقرة، 231] . اشارة إلى حق المرأة في طلب الطلاق إذا كان زواجها يسبب لها الضرر، لأن الحياة الزوجية تفترض المعاشرة بالمعروف، فإذا انتفى هذا الأمر فيحق للمرأة طلب الطلاق، عملا بالقاعدة الفقهية ” لا ضرر ولا ضرر ” .
د- إن الشرع الإسلامي أعطى للمرأة الحق في أن تختلع ممن تبغضه ولا تقدر على العيش معه بأية حال من الأحوال، ولو لم يكن هناك سبب موجب من ضرر أو ما شابه. واكبر دليل على ذلك هو ما رواه البخاري من حديث أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن امرأة ثابت بنقيس أتت النبي فقالت:( يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكن لاأطيقه! فقال رسول الله : أتردين عليه حديقته ؟ قالت:نعم، قال رسول الله : أقبل الحديقة وطلقها تطليقة )[20].
-6- سلطة الزوج ( القوامة ):يعترض المخالفون للشريعة الإسلامية على مبدأ القوامة ويجدون فيها رئاسة قائمة على ظلم المرأه التي تتعرض لاستبداد الرجل وتسلطه، بينما الحقيقة أن القوامة في الإسلام هي قوامة رحمة ومودة . إذ أنه لو كان في الأمر استبداد وتسلط من الرجل على المرأة لكان يحق للرجل أن يمد يده إلى مال زوجته أو يمنعها من أن تتاجر بمالها، أو أن يجبرها على تغيير دينها… والمعروف أن الإسلام أباح للمسلم أن يتزوج النصرانية واليهودية مع احتفاظ كل منهما بدينه .
إن هذه القوامة مبنية على ضرورة وجود رأس مدبر لكل مجموعة من الأفراد، يقول عمر بن الخطاب:( إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم)[21]، وإلا سادت الفوضى وحل الخراب في هذه المجموعة، والرجل هو الأقدر على تحمل هذه المسؤولية بسبب تكوينه النفسي والبيولوجي الذي يجعله اكثر قدرة على تحمل المصاعب، بينما المرأة المفطورة على الرقة والحنان تكون، في الغالب، اضعف من مواجهة الصعوبات التي تتعرض لها الأسرة .
إضافة إلى ذلك فإن هذه القوامة مبنية على ان الرجل هو “المكلف الإنفاق على الأسرة، ولا يستقيم مع العدالة في شيء أن يكلَّف فرد الإنفاق على هيئة ما دون أن يكون له القيام عليها والإشراف على شئونها، وعلى هذا المبدأ قامت الديمقراطيات الحديثة . ويلخص علماء القانون الدستوري هذا المبدأ في العبارة التالية : ” من ينفق يشرف ” أو ” من يدفع يراقب”.
7- الحِضانة : الحضانة في الشرع حفظ صغير ومجنون ومعتوه وتربيتهم بعمل مصالحهم [22]. وقد اجمع العلماء على وجوب كفالة الأطفال الصغار، باعتبار أنهم خلق ضعيف، يفتقر لكافل يربيه، إلى أن يبلغ ما يقوم فيه بنفسه، فهو فرض كفاية .
هذا وقد جاء اهتمام المشرع بالطفل الصغير فأحاطه برعايته ووضع له المبادئ التي تكفل العناية به. وقد جعل دور الأم اهم من دور الأب، فهي الصق بالطفل واحن به وارحم. لذلك جعلها الإسلام أولى بحضانته من والده في بداية مراحله الأولى من سنوات طفولته . والأصل فيه حديث عبدا لله بن عمرو بن العاص (أن امرأة قالت يارسول الله ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وأن أباهطلقني وأراد أن ينزعه مني فقال لها رسول الله أنت أحق بهمالم تنكحي)[23] .
ويعود السبب في إزالة حق الحضانة عن الأم في حال زواجها أنها إذا تزوجت اشتغلت بحقوق الزوج وأولاده عن الحضانة. كما أنها في زواجها يمكن ان تعرض ابناءها لقسوة زوج الأم الذي قد لا يرغب بوجودهم في بيته والانفاق عليهم .
هذا وقد اختلف العلماء في تحديد نهاية فترة الحضانة، فحددها مالك بالبلوغ في الذكور وأما في في الإناث فإلى “أن تتزوج، ويدخل بها زوجها إلا أن يكون موضع أبيها أصون لها وأمنع، إذا ثبت ذلك، فيختار لها الموضع الأصون” [24] .
وأما عند الأحناف ” فوقتها إلى ما بعد الاستغناء في الغلام إلى وقت البلوغ، وبعد الحيض في الجارية “[25] .وعند الشافعي إذا بلغ الولد سبع سنين، أو ثمانيا خير بين أبويه فمن اختار منهما كانت الحضانة له [26] .
على أن هذا التخيير لا يكون إلا إذا حصلت به مصلحة الولد كما قال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد حيث قال :” فلو كانت الأم اصون من الاب واغير منه قدمت عليه، ولا التفاتالى قرعة ولا اختيار الصبي في هذه الحالة، فانه ضعيف العقل يؤثر البطالة واللعب، فإذا اختار من يساعده على ذلك فلا التفات إلى اختياره “[27].
8- القتل على خلفية جرائم الشرف :لا يوجد في القانون اللبناني شيء اسمه “جرائم الشرف”، وإنما عرف هذا المصطلح بين الناس كتعبير عن كل جريمة يرتكبها رجل بداعي الدفاع عن عرضه.والمادة التي تتناول هذه الجريمة في قانون العقوبات اللبناني هي المادة 562 التي تنص على أنه: ” يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته في جرم الزنا المشهود أو في حالة الجماع غير المشروع، فأقدم على قتل أحدهما أو ايذائه بغير عمد، ويستفيد مرتكب القتل أو الأذى من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو حد فروعه أو أحد أصوله أو أخته في حالة مريبة مع الآخر ” [28] .
ولا بد من التنبيه هنا أنه لا يوجد أيضا في الشريعة الإسلامية شيء يسمى بـ”جرائم الشرف”، فالإسلام حرم القتل واعتبره من أكبر الكبائر، ومنطق القتل بدافع الشرف هو منطق مرفوض إسلامياً . وقد اعتبر الدكتور “محمد حبش” مدير “مركز الدراسات الإسلامية” في دمشق أن هذه الجرائم فيها ثلاث مخالفات شرعية ظاهرة وكل واحدة منها تعد من أكبر الكبائر:
“الكبيرة الأولى: أنه إثبات لحد بغير بينة شرعية، ولا حد بدونبينة، ومعلوم أن البينة الشرعية تقتضي أربعة شهود بشروط صارمة، تجعل من المستحيل إثبات هذا اللون من الجرائم عن طريق البينة.
الكبيرة الثانية: وهي الافتئات، ومعناها إقامة الحدودعن طريق الأفراد وهذا حرام شرعاً، وهو من الكبائر، فلا يجوز شرعاً إقامة أي حد إلاعن طريق ولي الأمر الشرعي.
الكبيرة الثالثة: هدر دم المسلم بغير حجة[29] لقول الله عز وجل: ﴿ وَمَنيَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾ [ النساء/ 93].
ثانيا: العنف ضد الأطفال في الأسرة: شدد الإسلام على نبذ العنف ضد الأطفال في العائلة. ومن الأحاديث التي تروى في هذا المجال حديث الرسول : (عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش)[30]، وحديث: (علموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف)[31]. وحديث: (إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه)[32].
وهذا الواقع المناهض للعنف ضد الطفل امر أقره الإسلام قبل ان تقره وثيقة الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل(Convention on the Rights of the Child ) الصادرة من الأمم المتحدة بقرارها رقم ( 44/25) بتاريخ 20 تشرين الأول – نوفمبر 1989م.، ووثيقة “عالم جدير بالأطفال WFFC” (A World Fit for Children ) التي صدرت عام 2002م. كوثيقة آليات وسياسات لتفعيل وتطبيق اتفاقية حقوق الطفل.
وقد جاءت هاتان الوثيقتان بكثير من المغالطات التي تتنافى مع النظرة الإسلامية للطفل من جهة، ولبعض مفاهيم العنف من جهة أخرى. لذلك قام مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف بإصدار “ميثاق الطفل في الإسلام”، بالتعاون مع اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل التابعة للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، ردا على ميثاق الأمم المتحدة للطفولة، الذي شملت بنوده، بحسب الأزهر، “مخالفات صريحة للشريعة الإسلامية” .
وقد جاء هذا الميثاق ليؤكد على أهمية الأسرة بالنسبة للطفل، مشددا على أن الإسلام حرص على أن ينشأ الطفل في أسرة ممتدة الروابط، تعمل على حمايته ورعايته وتربيته.ودعا الميثاق إلى حماية الطفل من العنف وإساءة المعاملة، وغير ذلك مما يمس كرامته، سواء وقعت من الوالدين أو ممن يتعهده أو يقوم برعايته، كالمدرس في المدرسة أو المربية في المنزل، أو المشرف في النادي، وغيرهم .
1- العنف ضد الطفل قبل الولادة : اتفقت كلمة الفقهاء على أن إسقاط الحمل بعد نفخ الروح فيه حرام، لا يحلّ لمسلم أن يفعله لأنه جناية على حي، ولذلك وجبت فيه العقوبة . أما إسقاطه قبل نفخ الروح فيه فرأى فريق أنه جائز توهماً منه أنه لا حياة فيه، فلا جناية بإسقاطه، ولا حرمة . والتحقيق أنه حرام، لأن فيه حياة محترمة، هي حياة القبول والاستعداد . وقال فيها الإمام الغزالي : “إنه جناية على موجود حاصل، وأن أول مراتب الوجود أن تقع المادة في المحل وتختلط بالبويضة وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جناية، وتعظم الجناية كلما انتقلت المادة من طور إلى طور حتى تصل إلى منتهاها بعد الانفصال حياً … ومن هنا وجب حمل القول والإباحة على حالة ترتب الضرر الفادح، كموت الأم إذا لم يُسْقَطِ الجنين ” [33] . علماً بأن إجهاض الطفل الأنثى ما زال شائعاً في دولتين كبيرتين هما الصين والهند اللتين يبلغ عدد سكانهما حوالي 3 مليارات نسمة .
2- انواع العنف ضد الأطفال: تمتاز معاملة الأطفال في الإسلام بالرقة والحنان والشفقة والعناية والتوجيه. ولا تقتصر التربية والتوجيه على حب الأبناء الذكور ولكن تتعداه إلى حب البنات وعدم التضجر من ولادتهن، وقد حث النبي على تربية البنات والإحسان إليهن وجعل من يحسن إلى اثنتين أو ثلاث منهن رفيقه في الجنة، فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله قال: ( من عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين . وضمّ أصبعيه)[34] .
وفي نظرة تفصيلية لبيان حكم الإسلام في العنف الموجه ضد الأطفال- وفق النظرة الدولية لهذا العنف- يلحظ وجود ثلاثة انواع من العنف سنذكرها هنا مع بيان ما يتفق ويتعارض فيها مع الشريعة الإسلامية .
أ- الاعتداء أو الأذى العاطفي: هو الحاق الضرر النفسي والاجتماعي بالطفل، وذلك من خلال ممارسة سلوك ضد الطفل يشكل تهديداً لصحته النفسية، بما يؤدي إلى قصور في نمو الشخصية لديه، واضطراب في العلاقة الاجتماعية بالآخرين .ومن أشكال العنف العاطفي:
1- الحرمان والإهمال والتدليل الزائد: كحرمان الطفل من اللعب والحنان والرعاية، ومن حقه في التعليم واللعب، والقسوة في المعاملة أو التدليل الزائد والحماية المسرفة[35]. وكذلك الإهمال الذي هو نمط سلوكي يتصف بإخفاق أو فشل أو ضعف الأسرة والمدرسة في اشباع كل من الاحتياجات البيولوجية ( مثل الحاجة إلى المأكل والمشرب والملبس والمأوى)، والاحتياجات النفسية (مثل الحاجة إلى الأمن والأمان، والرعاية) [36].
وهذا النوع من العنف نبذه الإسلام، حيث كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم الرحمة بالأطفال ومعاملتهم معاملة حسنة. ولا أدل على ذلك ما رواه ابو هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس أبصر النبي يقبل الحسن فقال:( لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر إليه رسول الله ثم قال من لا يرحم لا يرحم)[37] .
2-الزواج المبكر: عُرِّف الطفل في بالاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، بأنه: ” هو كل إنسان لم يتجاوزالثامنة عشرة من عمره ” . وهذا التعريف الذي حدد سن الطفولة بـ 18 سنة أمر خطير جدا لأنه “يجعل الزواج قبل سن 18 عاما زواجاً لاغيا وباطلا . ويعتبره من اعمال الإكراه [38] .
ويحتج انصار هذه الاتفاقيات في دعوتهم إلى رفض الزواج المبكر إلى عدم حصول الفتاة على “الأهلية القانونية والنضج الكاف لإتخاذ قرار إختيار الشريك أو القبول به وبما يسبب حرماناً للطفلة من حقوقها في التعليم ويحملها أعباء نفسية وإجتماعية وصحية ويصيبها أو يحتمل أن يصيبها بسببه ضرر نفسي أو صحي أو جنسي” [39] .
إن رفع سن الزواج إلى 18 سنة ينافي النظرة الإسلامية التي ربطت أهلية الزواج بالبلوغ، والذي يمكن تحديده بظهور علاماته المعروفة، لا بوصول الإنسان إلى سن معينة، ثم إن الناس ليسوا سواء في البلوغ، فالبلوغ يتأخر في المناطق والبلدان الباردة ويتقدم في الحارة، الشيء الذي يجعل ربط الزواج بالبلوغ أقرب للطبيعة البشرية من ربطه ببلوغ الإنسان سن معينة .
ويأتي الخلاف بين النظرة الإسلامية لموضوع الزواج المبكر وبين المواثيق الدولية في نظرة كل منهما إلى العلاقة الجنسية: ففيما يشجع الإسلام على الزواج المبكر بهدف سد أبواب الحرام ومنع الانحراف في المجتمع، وحجته في ذلك الآيات والأحاديث التي تحث على التبكير في الزواج، منها قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور، 32] وقوله عليه الصلاة والسلام : (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وِجاء) [40] . أما المواثيق والإعلانات الدولية فإنها لا تجد حرجاً في إقامة العلاقات الجنسية خارج الزواج، بل وتعتبره بابا من ابواب الحرية الشخصية التي كفلت هذه المواثيق بحمايتها .
3- الولاية في الزواج: اتفق جمهور الفقهاء، ما عدا الحنفية، على ضرورة وجود الولي في عقد النكاح وكل عقديخلو من الولي يقع باطلاً، وحجتهم في ذلك قول رسول الله : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل، وان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من ولا ولي له )[41] . كما يحتجون أيضا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا نكاح إلا بولي)[42] . فليس للمرأة مباشرة عقد النكاح، سواء أكانت صغيرة أمكبيرة .
وكذلك اتفق جمهور الفقهاء على تقسيم الأولياء إلى مجبر وغير مجبر، أماالحنفية فيرون أن ولاية الإجبار لا تكون إلا على الصغير والصغيرة ومن في حكمهما، جاء في المذهب الحنفي : ” لا يجوز للولي إجبار البكر البالغة على النكاح، وإذا استأذنها فسكتت أو ضحكت فذلك إذن منها، وإن أبت لم يزوجها”[43]. وذلك أفضل لتحقيق كرامة الفتاة وإنسانيتها .
أما الشافعية فقد اشترط الشافعية في الوالد الذي يجبر ابنته على الزواج أن يزوجها بشروط منها:”1- أن لا يكون بينه وبينها عداوة ظاهرة .2- أن يزوجها من كفء .3-أن يزوجها بمهر مثلها .4- أن يكون من نقد البلد (أي المهر).5- أن لا يكون الزوج معسراً بالمهر 6- أن لا يزوجها بمن تتضرر بمعاشرته كأعمى وشيخ هرم.7- أن لايكون قد وَجب عليها الحج، لكون الحج على التراخي ولها غرض في تعجيل براءة ذمتها”[44].
2- الاعتداء أو الأذى الجسدي: هو أشد وأبرز أنواع العنف، وهو الذي يتعلق بالأذى الجسدي واستخدام القوة، ويتراوح من أبسط الأشكال إلى أخطرها وأشدها، وسنقتصر في هذا البحث على ذكر نوعين من انواع العنف الواردة في تعريفات الأمم المتحدة، وهي تأديب الأولاد، وختان الإناث.
أ-تأديب الأطفال: التأديب مفهوم أساسي من مفاهيم التربية، وهو ضرورة حياتية بالنسبة للأبناء، وهو حق من حقوق الطفل لقول لرسول الله 🙁 من ولد له ولد فليحسن اسمه وأدبه)[45] . وقال عليه الصلاة والسلام:( لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع ) [46] .
والتـأديب ليس عملا انتقاميا ضد الطفل وإنما هدفه تربوي ووسيلته تربوية. ويشترط في التأديب شروطا منها: إلا ينال من كرامة الفرد التي حفظها الشرع، أو يتجاوز حدود التأديب، أو يحث على ممارسة أمور لا تقبلها الأخلاق . ومنهاألا يأتي الضرب قبل بلوغ الطفل العاشرة من العمر، لقوله ( مروا الصبيان بالصلاة لسبع واضربوهم عليها في عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع)[47]. ومنها إلا يلجأ المربي إلى الضرب إلا بعد أن يستنفذ جميع الوسائل التأديبية والزجرية، وأن يتجنب الضرب في الأماكن المؤذية كالرأس، والوجه، لأن الضرب في هذه الأماكن يمكن أن يؤدي إلى ضرر، فيكون المنع لقوله :(لا ضرر ولا ضرار) [48] . ومنها أخيرا ان يقوم المربي بضرب الولد بنفسه، ولا يترك هذا الأمر لأحد من الأخوة، حتى لا تتأجج بينهم نيران الأحقاد والنزاعات [49].
ب- ختان الإناث : جاء في لسان العرب في مادة ( ختن) : الختان موضع الختن من الذكر وموضع القطع من نواة الجارية[50] . وتنتشر ظاهرة ختان الإناث بشكل كبير في القارة الإفريقية، حيث تمارس في 26 بلدا هناك حسب البيانات الصادرة من اليونيسيف، بالإضافة إلى بلدان أخرى[51].
وتنقسم الآراء في خصوص ختان الإناث إلى أقسام عدة، ففيما رأى الحنفية أنه مكرمة للنساء، لأنه يجعل الجماع ألذ وأمتع، يرى المالكية أنه مندوب أو مستحب . بينما يجد كل من الشافعية والحنابلة أنه واجب [52]. ويستند الداعون إلى ختان الإناث إلى أحاديث الرسول ( الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء)[53]، وحديث الرسول لأم عطية : ( إذا أخفضت فأشمي ولا تنهكي فانه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج )[54]. وفي قوله : ( إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان وجب الغسل)[55] “دليل على أن النساء كن يختتن، ولأن هناك فضلة فوجب إزالتها كالرجل”[56] .
بينما احتج القائلون بعدم وجوب الختان على الاناث من كون الرسول لمّا شرع الختان لأمة الإسلام، كان يخص بذلك الرجال دون الإناث ولم يثبت أنه عليه الصلاة والسلام أمر امرأة بالاختتان، والأحاديث النبوية الواردة في ختان الإناث ضعيفة لم يصح منها شيء[57].
وهذا الرأي يتناسب أكثر مع واقع النساء والرجال في العالم الإسلامي عبر القرون، ففيما نجد أن كل أطفال المسلمين الذكور قد تعرضوا للختان، نجد ان الختان بالنسبة للفتاة لا يوجد إلا في بعض الدول الأفريقية خاصة، التي تحتكم للعادات والتقاليد أكثر من احتكامها إلى الشرع والدين مما يسيء للفتاة ويحرمها في كثير من الأحيان من حقها في الاستمتاع الجنسي .
2- الاعتداء أو الأذى الجنسي: وهو شكل من أشكال الاعتداء الجسدي، ويقصد به استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لشخص آخر . والاعتداء الجنسي يبدأ من التحرش الجنسي إلى ممارسة الجنس بشكل كامل مع الطفل، مما يؤدي بلا شك إلى عدة آثار سلبية خطيرة على الطفل، منها إفساد أخلاق الطفل، تهتك الأعضاء الجنسية لدى الطفلة، حرمان الطفلة من الحمل والولادة في المستقبل، مشكلات الحمل المبكر والخطير لدى الطفلة [58].
وتظهر الإحصائيات أن هذا النوع من الاعتداء تتزايد نسبته في المجتمعات العربية والإسلامية. فقد أشار المؤتمر اللبناني الرابع لحماية الأحداث عام 2000م. إلى ارتفاع عدد الاعتداءات الجنسية على القاصرين خاصة الذكور منهم على يد أقرباء لهم أو معتدين قاصرين[59]. وفي السعودية نقلت “صحيفة الشرق الأوسط اللندنية عنجهات معنية بالعنف الأسري في السعودية بتاريخ 19/ 12/ 2006م.، أن هناك نحو 50 حالة حمل من محارم مسجلةرسميا، كما أن أكثر حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال هي من أقارب وأشخاص معروفين للطفل”[60] .
هذا وتعمل القوانين المحلية على تشديد العقوبة على الجاني الذي يعتدي على محارمه، فقد حدد المشرع المصري مدة هذه العقوبة بتسع سنوات، فجاء في المادة 491 :” كل من جامع قاصرا لم يتم الخامسة عشرة من عمره عوقب بالأشغال الشاقة لتسع سنوات”.
وهذه العقوبة كما هو معروف غير رادعة للمجرم، كما انها لا تشفي غليل الضحية وأهلها التي تشعر بأن هذه الفترة ليست كافية لعقاب المجرم، وأن السِّجن والتعويض المادي ليسا كافيين في التعويض عن مأساتها . من هنا تأتي الدعوة إلى تبني حكم الإسلام في سفاح المحارم، الذي يتراوح بين حد الزنا كما في أحد آراء أحمد، ومالك والشافعي، وحد القتل كما قال الإمام أحمد : “يقتل ويؤخذ ماله إلى بيت المال، وذلك لما روى عن البراء أنه قال : لقيت عمي ومعه الراية، فقلت : إلى أين تريد ؟ فقال : (بعثني رسول الله إلى رجل نكح امرأة أبيه من بعده، أن أضرب عنقه، وآخذ ماله )[61] .
وقد ذكر ابن القيّم الجوزية حادثة حصلت في زمن الحجاج فقال: ” حدثنا صالح بن راشد قال : أُتي الحجاج برجل قد اغتصب أخته على نفسها، فقال: احبسوه وسلوا من ها هنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟ فسألوا عبد الرحمن بن مطرف فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من تخطّى الحرمتين[62] فخطوا وسطه بالسيف ” [63].
ثالثا: العنف ضد المسنين في الأسرة: يتخذ الإهمال وسوء المعاملة والعنف الذي يمارس ضد كبار السن في عالمنا المعاصر أشكالا عدة: جسدية ونفسية ووجدانية ومالية ومادية. وهذه الأشكال من العنف تحدث في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والعرقية والجغرافية.
وتشير دراسة سعودية أجرتها “وزارة الشؤون الاجتماعية” في المملكة العربية السعودية عام 2006م.، تحت عنوان “العنف ضد كبار السن” إلى زيادة معدلات العنف ضد كبار السن في المجتمع السعودي، وأن أكثر أنواع الإيذاء يتمثل في الإهمال إذ بلغ المتوسط 2.8 في المائة، يلي ذلك الإيذاء النفسي بمتوسط 2.49 في المائة، حسب صحيفة الاقتصادية السعودية . وقد كشفت هذه الدراسة أن أغلب مشكلات المسنين الاجتماعية تتمثل في: الحرمان الاجتماعي، تقلص العلاقات، فقدان الأمن الاقتصادي، فقد الدور، التقاعد، الترمل، الطلاق، ومشكلات شغل وقت الفراغ. هذا إضافة إلى مشكلات الرعاية الشخصية المتمثلة في نظافة البدن والملبس والمأكل [64].
وفي دراسة قامت بها وزارة الصحة في البحرين ورد تعريف لسوء معاملة المسن، وقد قسمته إلى أقسام:
“سوء المعاملة الجسدية: وهي الضرر الذي يصيب الضحية من الناحية الجسدية مثلالحرمان من المأكل والملبس، وعدم العناية الشخصية وفقدان العطف. ويعتبر استعمالالعنف والقوة أحد أبرز مظاهر سوء المعاملة الجسدية.
سوء المعاملة العاطفية:ويشمل الإهانة والتأفف والتحرش والتهديد والشتموارتفاع نبرة الصوت والاهمال العاطفي.
سوء المعاملة المادية: التصرف في الأموال والممتلكات والمصاريف اليومية بدونموافقة الضحية.
سوء المعاملة الجنسية: التحرش الجنسي والاجبار أوالاكراه على ممارسة الجنسضد رغبة الضحية[65].
ويتميز العنف ضد المسنين عن غيره من الأنواع التي تحدث مع المرأة والطفل إلى أن “كبار السن الذين يتعرضون لسوء المعاملة ربما لا يبرأون أبدا من آلامهم الجسدية أو النفسية. وقد تتفاقم تأثير الصدمات عليهم لأن الخوف والخجل يجعلان كبير السن يحجم عن طلب المساعدة”[66]، أو عن تقديم الشكوى. لذلك يلحظ أن المسن قد يتعرض بالفعل للاعتداءات المتكررة التي تكشف عنها الأوساط الاجتماعية أكثر مما تبينه الإحصائياتالرسمية.
إن المخجل في حوادث العنف ضد المسنين أنها تتم على أيدي أقرب الناس إليهم، فنجدبعض الأبناء الذين تجردوا من إنسانيتهم يمارسون انواعا عدة من العنف ضد ذويهم، منها :
1- التعنيف الذي يبدأ بالاساءة اللفظية وينتهي بالضرب. وهذا النوع من العنف يؤذي المسن ويحطم من معنوياته التي هي بالكاد مستقرة بسبب عامل السن. وكذلك تحطمن كرامته التي حفظها الله سبحانه وتعالى لكل البشر بقوله: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء، 70]. فكرامة الإنسان لا تتعلق بالجنس ولا بالسن بل هي أشد وجوباً عند كبر السن وذلك لكي يبقى للأمة الإسلامية قوتها وسلامتها، فرسول الله يقول : ( ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ) [67] .
2 – إرسال الأهل وكبار السن من أبناء العائلة إلى دور العجزة من دون اية رحمة أو شفقة. مع أن الله عز وجل عندما قال في كتابه: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ إلا تَعْبُدُوا إلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أو كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء، 23]، حدد المكان الذي يقيم فيه المسن في مرحلة الشيخوخة وهو بيت ابنه أو ابنته وليس بيت المسنين .
إن وجود هذه الدور قد ساهم في زيادة الشرخ بين الأهل والأبناء، إذ جعلت هؤلاء الأبناء يتخلون عن مهامهم بسهولة، وقد تناسوا قول الرسول : ( كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة، إلا عقوق الوالدين، فانه يعجله لصاحبه في الحياة قبل الموت) [68].والإسلام لا يلقي مسؤولية إيواء الآباء المسنين أو العاجزين إلى دور العجزة إلا إذا لم يكن لهم أولاد أو اقرباء [69].
رابعا: عنف المرأة ضد أفراد أسرتها: تهمل الأمم المتحدة والجمعيات التابعة لها موضوع العنف الذي تمارسه المرأة داخل الأسرة وتركز على العنف الممارس ضدها، مع أن بعض الدراسات الميدانية التي أجريت في محيط المجتمعات العربية ذكرت أن الرجل يعاني في بعض المجتمعات من العنف الأسري بنسبة أكبر من معاناة المرأة[70] . ويمكن تقسيم عنف المرأة داخل الأسرة إلى ثلاثة اقسام:
1-عنف المرأة ضد زوجها: تتعدد أنواع العنف الذي تمارسه الزوجة ضد زوجها في الأسرة، ومن هذه الأنواع ما يلي:أ- العنف البدني المتمثل فيالتعدي بالقتل، الضرب، تعمد التشويه، الإيذاء وتشويه السمعة. ب- عدم مشاركتهالفراش كرهاً، أو إهمالاً، أو التمنع عنه كنوع من الإذلال.ج-تأليب الأبناء عليهباختلاق الأكاذيب التي تشوه صورته أمامهم.د_ محاولة تدمير معنوياته، مثلاتهامه بالفشل، ومعايرته إن كان فقيراً.[71]
وتبين نتيجة احصاء لسجلات محاكم الأحوال الشخصية العاملة في بيروت في العام 1992/1993 م.، قام به مركز ” العيادة الاجتماعية في خدمة العائلة العربية” العائد إلى المحامي البناني ” أسعد بكار” رحمه الله، أن الرجل اللبناني يمارس العنف المادي في علاقته مع زوجته بنسبة %3,6 بينما العنف المعنوي والنفسي تمارسه المرأة في علاقتها مع الرجل بنسبة 1,18%[72] . ومن انواع العنف الذي تمارسه المرأة في اسرتها مايلي:
1-ضرب الأزواج: يستغرب الإنسان عادة فكرة ضرب المرأة لزوجها على اعتبار أنها الكائن الأضعف، والرجل يتمتع بقوة بدنية اكبر من تلك الموجودة عند المرأة، ولكن الدراسات تبين أن ضرب الزوجة لزوجها اصبحت ظاهرة في بعض الأسر ومن بينها بعض الأسر المصرية. كما تؤكد على ذلك أكثر من دراسة للمعهد القومي للبحوث، خلاصتها أن نسبة تقارب الربع من المصريات المتزوجات يضربن أزواجهن[73].
ومما يؤكد تفاقم هذا العنف، هو بدء تاسيس الجمعيات الخاصة بالأزواج الذين تعرضوا للعنف، ففي “سابقة تعد الأولى من نوعها، تم إنشاء أول ملجأ للأزواج المضطهدين من قبلزوجاتهم في تونس. [74].
والعوامل المؤدية إلى سلوك المرأة طريق العنف ضد زوجها عديدة منها: زواج المرأة من رجل ضعيف الشخصية، تحمل المرأة في بعض الأسر مسؤولية البيت والانفاق وتربية الأولاد، بعض حالات الانحراف، وكذلك الأمر بالزوجات اللواتي يتناولن المخدرات والمسكرات .
2- سوء معاملة الأبناء: إن العنف ضد الأطفال الذي ورد الحديث عنه سابقا لا يمارسه الرجل فقط بل إن الأم قد تمارس عنفا أقوى من ذلك الذي يمارسه الأب على اطفاله، وذلك بسبب احتكاكها المباشر بهم، ووجودها معهم في فترة أطول مما يفعله الرجل في الغالب.
وفي مجال عملي في موقع المستشار على الشبكة العنكبوتية وردتني استشارات عديدة يشتكي اصحابها من ظلم امهاتهم وسوء معاملتها لهم. وقد جاءت بعض عناوين هذه الاستشارات على الشكل التالي: مشكلتي أمي!، أمي تغار مني وإن لم تصدقوني!، أمي تهوى تشويه سمعتي!! كان جسدي مسرحاً لضرباتها وذلك لأهرب منها لأني أشبه أبي.. فقط هذا ذنبي!! …و هذه الاستشارات وغيرها كثير مما يرد على المواقع الالكترونية تلغي في بعض الأحيان صورة الأم الحنون الذي تُرسم في أذهان الأطفال في الكتب الدراسية، وتعطي نموذجا مغايرا عن معاناة بعض الأبناء مع امهاتهم التي قد لا تنتهي في فترة الطفولة والمراهقة بل تستمر حتى بعض الزواج، حيث تتحول إلى عنف ضد زوجة الابن التي كثيرا ما تعاني من تسلط والدة زوجها وسوء معاملتها لها ولأبنائها .
إن مشكلة ضرب الأم لأبنائها تكمن في اسباب عديدة منها : 1-عنف الزوج مع زوجته الذي تحوله الأم إلى اولادها انتقاما من الوالد الذي اساء معاملتها .2- عدم وعي الأمهات لمتطلبات المراحل العمرية للأبناء والتي تتغير باستمرار .3- سوء التربية التي تعرضت لها الأم في منزل أهلها، فالشخص الذي ينحدر من أسرة مارس أحد أفرادها العنف عليه، سيمارس في اغلب الأحيان الدور نفسه، اعتقادا منه أن ما يمارسه من عنف تجاه أولاده هو أمر عادي كونه مورس عليه من قبلً.
3-العنف ضد الخدم: من انواع العنف الذي تمارسه المرأة داخل الأسرة ذلك العنف الموجه ضد الخدم والذي قد يتجاوز التعنيف والضرب ليصل إلى حد القتل . والكل يذكر حادثة الممثلة المصرية ” وفاء مكي” التي حكم عليها لمدة عشر سنوات نتيجة ضربها لخادمتها ضربا مبرحا كاد يؤدي إلى موتها .
إن انتهاكات حقوق الخادمات وممارسة العنف ضدهن امر أكدت عليه دراسة حديثة قامت بها منظمة “هيومن رايتس ووتش” التي نشرت مؤخرا تقريرا حول بعض التصرفاتالمسيئة لحقوق الإنسان تجاه العاملات الأجنبيات في كل من لبنان والسعودية والكويت والإمارات. وقد بُنيت معطياتهعلى مقابلة 170 شخصاً في سريلانكا موزعين على عاملات خدمنَ في البيوت. جاءت نتيجة التقرير لتذكر انواع العنف الممارس على الخدم والذي يبدأ بالإهاناتاللفظية والجسدية ليصل إلى حدود الإيذاء بالضرب، وينتهي بالاغتصاب. وقد اشار التقرير إلىأن حجز حرية العاملات وأوراقهن ورواتبهن احتلت المرتبة الأولى في سلم الانتهاكات [75] .
إن هذا الواقع الذي يعاني منه الخدم تفاقم لدرجة إلى أنه اصبح ظاهرة خطيرة تدعو للانتباه إليها، كما قال الاستشاري النفسي “الدكتور طاهر شلتوت” الذي لاحظ أيضا ” ان الشكوي من التعذيب الجسدي أو اللفظي قد تأتي من النساء أكثر من الرجال.وتفسير ذلك ان مساحة الاحتكاك بين الخادمة وربة الأسرة يكون أكثر من غيرها من أفراد المنزل. كما ان ذلك قد يعود أيضا الي وجود دافع نفسي عميق يتمثل في شعور المرأة أوالزوجة بأن هذه الخادمة تقوم ببعض الأدوار التي كان ينبغي ان تقوم هي بأدائها مما يخلق نوعاً من الخبرة غير المعلنة والذي يفسر أحيانا الاندفاعية والعصبية أوالعدوانية في بعض الاحيان من السيدات تجاه الخادمة أكثر من الرجال” [76].
أسباب العنف وآثاره على الأسرة
أولاً: أسباب العنف
تتعدد أسباب العنف الأسري، منها ما يتعلق بالمعنِّف ومنها ما يتعلق بالمعنَّف .
1- أسباب تتعلق بالمعنِّف : توضح الوقائع والدراسات ان الذين يتسببون في أفعال العنف في داخل الأسرة هم أفراد عاديون، ومن عامة الناس، ولا ينتمون بالضرورة إلى فئة منحرفة، لكن بعض الباحثين يقول أن نسبة عالية من المتسبيين في أفعال العنف العائلي هم من الذين عندهم تاريخ مع الجريمة، فقد وجد أحد الباحثين وهو(Grayford) أن خمسين بالمئة من الأزواج الذين ضربوا زوجاتهم سبق لهم أن قضوا وقتاً في السجن، إذ إن العنف عند هؤلاء ليس بالشيء العارض بل هو الطريق لوضع حد لمختلف ألوان الاختلاف مع الآخرين “[77].
وتعود الأسباب التي تؤدي إلى استخدام الشخص للعنف إلى ما يلي:
أ- اعتقادات الجاني والتي تجعله يؤمن بمشروعية العنف، ومن الآيات القرآنية التي يمكن الاحتجاج بها قول الله تعالى : ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فإن أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [ النساء، 34-35]. وقد سبق وبينا المقصود بالضرب في هذه الآية الكريمة.
ب- التربية التي يتلقاها الزوج من بيئته ومجتمعه واسرته والتي تصور له فعل العنف وكأنه أمر طبيعي يحصل في كل بيت وداخل كل أسرة. وقد يكون الزوج قد تربى على العنف منذ صغره، مما يجعل هذا الأمر ينطبع في ذهنيته، ويجعله أكثر عرضة لممارسة هذا العنف في المستقبل. وقد أثبتت الدراسات الحديثة “بأن الطفل الذي يتعرض للعنف إبان فترة طفولته يكون أكثر ميلاً نحو استخدام العنف من ذلك الطفل الذي لم يتعرض للعنف فترة طفولته [78] .
ومن التصورات الذهنية الخاطئة العائدة إلى سوء التربية, ذلك الاعتقاد بأن في ضرب الزوجة اصلاحاً لها، أو أن ضرب الزوجة يرتبط باثبات الرجولة وفرض الهيبة، وان استخدام الضرب سيجعل المرأة اكثر طاعة للزوج وتنفيذا لأوامره .
ج- تفريغ الانفعالات التي يشعر بها المعنِّف في حياته اليومية مثل الغضب والضغط الذي يلاقيه في المجتمع وخاصة من رؤساء العمل، والغيرة التي هي انفعال مركب من حب التملك والشعور بالغضب. ويعاني كثير من النساء مما يعرف بغيرة الزوج العمياء التي يراها هو دليل محبة بينما هي تراها دليل على شك وعدم ثقة.
د- الاسباب النفسية التي تفقد المعنِّف عقله وتخرجه عن طوعه. ومن نماذج الأمراض النفسية التي قد تؤدي إلى العدوان “السيكوباتية”، وهي ما يعرف بحالة التخلق النفسي أو الروحي. ويبدأ تطور الحاسة الخلقية عند السيكوباتيين منذ الطفولة، حيث يبدي السيكوباتيون سلوكاً عدوانياً منذ السنين الأولى لحياتهم [79] .
هـ المشكلات الاقتصادية من بطالة وفقر وديون وما إلى ذلك من امور تزيد من الضغوط النفسية على الزوج وتزيد من شعوره بالعجز والضعف. والمثل يقول:” إذا دخل الفقر من الباب خرج الحب من الشباك”. ولا يعتبر الفقر مؤثراً على شخصية الفرد إلا في حال استمراره مدة زمنية طويلة . فالإنسان إذا عانى ضيقاً مادياً مؤقتاً، وكان يتمتع بالتربية الدينية والأخلاقية، فانه نادراً ما ينقلب إلى استعمال العنف والإجرام. فالإجرام إذاً ” ليس رهناً بضغط ظروف اقتصادية سيئة في وقت ما بقدر ما هو رهن بتواتر هذا الضغط واستمرار تأثيره على الفرد وعلى سلالته على مرّ الأوقات”[80] .
ومن المشكلات الناتجة عن الفقر والتي تساهم في نشوء العنف، اهمال التربية، ازدحام المساكن، استغلال السلطة وما إلى ذلك .
و- الانحرافات الأخلاقية مثل شرب الخمور والمسكرات التي تؤجج الخلافات العائلية وتؤدي إلى اللجوء إلى العنف، وفي دراسة للمقدم ” سعاد عبد الله محمد” نائب رئيس قسم مكافحةالمخدرات بعدن، تبين “ان جرائم الاعتداء على المحرمات في اليمن كان معظمها بسبب تعاطي الخمر وقلة الوازع الديني[81] .
ز- التأثر بما تعرضه وسائل الإعلام من مشاهد تشجع على العنف، ومن ذلك مشاهدة الأفلام العنيفة التي تدفع الزوج إلى تطبيق ما رأى على أسرته، وقد أثبتت الدراسات خطأ هذه النظرية إذ إن التعرض لوسائل الإعلام التي تعرض الممارسات العنيفة ” لا تنفس عن الفرد بقدر ما تدفعه وتحرّضه على ممارسة السلوك العنيف ” [82] .
وقد دلت الأبحاث على وجود علاقة بين ارتفاع نسبة الجريمة وبين العنف التلفازي عملاً بنظرية التعلم الاجتماعي التي ورد ذكرها سابقاً . وقد نشرت منظمة الائتلاف الدولي ضد العنف التلفازي ” بحثاً استغرق إجراؤه (22 عاما ) أظهر الأثر التراكمي للتلفاز الذي يمتد حتى عشرين سنة لتظهر نتائجه . قال البحث : ” هناك علاقة مباشرة بين أفلام العنف التلفاز في الستينات وارتفاع الجريمة في السبعينات والثمانينات ” . وقالت المنظمة: إن ما يتراوح بين 25 بالمائة و50 بالمائة من أعمال العنف في سائر العالم سببها العنف في التليفزيون والسينما ” [83] .
2- أسباب تتعلق بالمعنَّف: تساهم بعض الاعتقادات الخاطئة والتصرفات السيئة التي تقوم بها الضحية فى تعرضها للعنف الأسري، ومن هذه الاعتقادات والتصرفات:
أ- استهانةٍ بالجاني ومحاولة التقليل من شأنه أمام الآخرين مما يدفعه إلى الانتقام منه بعد ذلك انتقاماً يرد فيه الإذلال ويسترد فيه كرامته، ومن نماذج هذه التصرفات المستفِزة : مجادلة الزوج وتحقير أفكاره وانتقاد تصرفاته انتقاداً لاذعاً أمام الآخرين الأمر الذي يؤدي إلى إثارة سخرية الحاضرين من جهة وإحساس الزوج إحساساً دونياً يثير حفيظته ويدفعه إلى الاعتداء على زوجته بالضرب انتقاماً من تحقيرها وإهانتها له أمام الناس، وقد عبر أحد الأزواج عن سبب ضربه لزوجته بقوله : ” لقد قامت زوجتي بتعريتي أمام الآخرين تعرية كاملة “.
ومن هذه النماذج أيضا استفزاز الأبناء لوالديهم حين يهملون دراستهم، أو يثيرون ضوضاء فى المنزل حينما يرغب الوالد فى الراحة والهدوء، أو حين يعتدون على أخوتهم، أو حين يرفضون الالتزام بأداء الفروض الدينية[84] .
ب- تبلد الزوجة الجنسي، وتمنعها المستمر عن زوجها حين يرغبها، هذا الأمر الذي حذر منه رسول الله عندما قال 🙁 إذا الرجل دعا زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور ) [85] .
وأسباب تمنّع المرأة عن زوجها في هذا العصر تختلف قليلاً عما سبق، خاصة عند المرأة العاملة التي تعاني من ظاهرة اليوم المزدوج داخل البيت وخارجه، الأمر الذي زاد من تعرضها للضغوط النفسية وأثقل قدرتها الجسدية، مما جعلها تمتنع عن زوجها في كثير من الأحيان تحت تأثير التعب والإرهاق .
ج- المعتقدات الشاذة للزوجة التي تعتقد أنها بمعاندتها لزوجها تثبت ذاتيتها واستقلاليتها وذلك تطبيقاً للنظريات “التحررية” التي ينادي بها فريق من الناس وخاصة النساء. هذا النوع من المعتقدات والأفكار قد يثير حفيظة الزوج ضد زوجته في محاولة منه للرد على مزاعمها بشكل عملي . مثال على هذه الأفكار: تلك التي تدعي تحرير المرأة، التي زُرعت في عقول بعض النساء فتأثرن بها وحاولن تطبيقها داخل أسرهن، فأصبحن أكثر عرضة لمواقف عنف من قبل أزواج لا يؤمنون بهذه النظريات التي ينتج عنها في بعض الأحيان إهمال الزوجة لبعض الواجبات الزوجية، أو اعتبار نفسها مساوية للرجل ونِداً له .
د- رضا الضحية بالعنف الممارس ضدها، وعدم محاولتها تغييره، بل انها تتصرف تصرفات مدافعة عن الجاني مما يجعل المعنِّف يستمر في غيه . والأسباب التي تدفع الضحية إلى الرضا عن العنف الموجه إليها وعدم التحدث عنه، هي المعتقدات الخاصة لدى الزوجة التي تجعلها أكثر تقبلاً لدوافع ارتكاب العنف من قبل الجاني من جهة أخرى، ومن هذه المعتقدات التي يمكن ملاحظتها ما يلي :
1- اعتقاد بعض الضحايا أن العنف هو دليل حب الجاني للضحية، إحدى الزوجات لما سُئلت : ” لماذا تعتقدين أن زوجك لا يحبك ؟ قالت : لأنه لم يعد يضربني ” ..
2-الخوف النفسي عند بعض الضحايا من النساء الذي يدفعهن إلى الامتناع عن التبليغ عن العنف، مثل خوف الأم على أطفالها من أن تتركهم تحت رحمة أب ظالم يضربهم. والخوف من وصمة المطلقة وما ينتج عنها من ظلم المجتمع للمطلقة، أو لخوفها من التعرض لردود فعل انتقامية إذا طلبت الطلاق من الزوج المتسلط القوي .
3- حب المرأة الضحية للجاني حباً يدفعها إلى الصبر محاولة منها لإصلاحه وتعديل تصرفاته، ” ففي دراسة أجريت على 52 زوجة تبين أن 70 % منهن ضربن بعد السنة الأولى من الزواج، إلا أنهن لم يبدأن في التقدم بشكاوى إلى الهيئات الرسمية إلا بعد 12 سنة، أي بعد أن شعرت الزوجة باليأس من العلاج من جهة، أو بعد أن اشتد عنفه بصورة لا تأمن فيها على حياتها، أو لشعورها بوجود مزايا أخرى في الزوج تزيد من تحملها لمساوئه، وخاصة حين يمارس عنفه ضدها بصورة دورية، حيث ثمة فاصل زمني متسع بين المرتين من الضرب، يتمكن الزوج أثناءه من تقديم العديد من المدعِّمات للزوجة على نحو يسمح بتبديد المشاعر المنفرة منه “[86] .
هذه هي اهم اسباب العنف العائلي والتي ترتبط ببعضها البعض في تشابك ملحوظ،فالازمات الاقتصادية داخل العائلة والظروف المعيشية الصعبة التي تواجه أيعائلة غالباً ما تؤدي إلى بروز الخلافات العائلية التي تؤدي إلى الاضطراب النفسي والعقلي بين افراد الأسرة، وربما إلى تدميرها .
ثانيا: آثار العنف: يساهم العنف الأسري في اعاقة حركة الأسرة، ويجعل من الصعب عليها القيام بوظائفها . وتختلف الآثار التي تظهر على الضحية التي تتعرض للعنف الأسري باختلاف الشخص الذي يقع عليه العنف. فالطفل الذي لم تتكون شخصيته بعد، يختلف عن المرأة التي تتعرض للعنف الزوجي بعد زواجها. وكذلك عن العنف الممارس ضد كبير السن الذي يحتاج في آخر شيخوخته لمن يحترم سنه ويشبع حاجته للحب والرعاية والحنان.
وبالاجمال فإن الدراسات تؤكد على آثار صحية عديدة تظهر نتيجة العنف الممارس في الأسرة. فقد أبرز التقرير الذي صدر عن منظمة الصحة العالمية في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2005 | جنيف/لندن أنّ ظاهرة العنف المنزلي تتسبّب في آثار صحية وخيمة[87]. وكذلك جاء في دراسة اخرى: “ان المشقة المزمنة الناجمة عن التعرض للعنف والخوف المتواصل من حدوثه يدفع بالضحايا إلى التردد على عيادات الأطباء طلبا للعلاج من بعض الأعراض النفسجسمية، كالصداع والسعال والشعور بالوخز والتنميل والأرق ونقص الوزن (Ewing , 1989) ) .[88]
وفي محاولة لذكر بعض هذه الآثار التي تظهر على المرأة والطفل والمسن يلاحظ ما يلي:
1-آثار العنف على المرأة: تتراوح الآثار النفسية للعنف على المرأة بين أمراض نفسية وأخرى نفس- جسدية Psychosomatique كالمشكلات النسائية والأمراض الصدرية شأن مرض الربو … وإلى ما هنالك من أمراض لا أساس عضوي لها، والتي هي نتيجة مباشرة للعنف الممارس على المرأة، لا سيما أن هذه الأخيرة غالباً ما تلجأ إلى المرض بصفته أحد المخططات (الاستراتيجيات) المؤقتة التي تتوسّلها كمنقذ لتجنب العنف والتحايل على وضعها في إطار مجتمعي يلزمها بالصمت والخضوع بفعل التربية والتنشئة”[89].
ومن اهم الآثار النفسية التي تبدو على المرأة الشعور بالخوف بعد تعرضها للعنف أو أثناء الاعتداء عليها. وقد يعتريها الشعور بالذنب حتى دون أن تكون قد ارتكبت خطأ. فقد تشعر بأنها مسؤولة عن هذا العنف، وقد تشعر بالفشل والإحباط كامرأة وكزوجة، وقد تشعر أنه تم استدراجها لهذا الزواج وأنها أصبحت لا حول لها ولا قوة [90]. وقد تشعر أخيرا بالوحدة وبالافتقاد إلى الملجأ وإلى الخوف من الموت [91].
ومن الآثار الأخرى التي تظهر على المرأة المعنفة داخل اسرتها انخفاض قدرتها على رعاية أطفالها والاهتمام بهم . بل يزيد احتمال ضربها لأطفالها. وقد تجنح إلى كراهيتهم لأنهم يجبرونها على الاستمرار فى تلك العلاقة الزوجية التى لا تحتملها[92] .
2- آثار العنف على الطفل: تبدأ نتائج هذا العنف تظهر على الأطفال في سن مبكرة عندما يكونون أجنة فى بطون أمهاتهم حيث يصابون بأذى نتيجة ضرب آبائهم أمهاتهم، وبعد ولادة هؤلاء الأجنة فإن الخطر يتسع [93] .
ومن الدراسات التي تناولت آثار العنف على الأطفال اثنتان: واحدة قام بإجرائها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر تحت عنوان” ظاهرة العنف داخل الأسرة المصرية، تبين فيها ” أن الأطفال الذين يتعرضون لسلوك عنف( ضرب، جرح، إهمال، قسوة في المعاملة) لا يزدهرون عاطفيا، وإذا انجبوا فإنهم لا يعرفون كيف يستجيبون لاحتياجات أطفالهم العاطفية، وينتهي بهم الأمر إلى الإحباط، فيهاجمون أطفالهم أو يهملونهم”[94].
أما الدراسة الثانية فقد وردت في كتاب الدكتور “رجاء مكي” والدكتور “سامي عجم”، تحت عنوان ” أشكالية العنف” ورد فيها ذكر لآثار وعواقب إساءة معاملة الأطفال والتي تشمل :” العواقب العصبية، والعقلية، والتربوية، والسلوكية والعاطفية”. فقد ينتج عن الإساءة العاطفية سلوكيات إنعزالية سلبية، أو عدائية، أو نشاط مفرط” ويرافق ذلك التبول اللاارادي، نوبات الغضب، عدم احترام الذات، تأخر في الدراسة وحذر من الكبار. وينتج عن الإساءات الجسدية إعاقات دائمة نتيجة إصابات الرأس وارتفاع معدلات الانتحار والتفكير بها. أما الاساءة الجنسية، فينتج عنها توتر، خوف، قلق، غضب، سلوكيات جنسية غير مناسبة”[95].
ومن التأثيرات الأكثر خطورة ما يصيب الأبناء في حياتهم العلائقية مع الجنس الآخر مستقبلا، إذ إن الكثيرين منهم وبخاصة الإناث تترسخ لديهم قناعة لا واعية بأن الحياة الزوجية عذاب بعذاب . لذا نرى البنات يمتنعن عن الزواج ويرفضن أي شاب يتقدم لخطبتهن لأنه برأيهن يمثل صورة الأب الظالم والعنيف، وأن حياة العزوبية ( مع السعي لإيجاد وظيفة أو مهنة) هي ارحم بكثير من الحياة الزوجية [96]
1-آثار العنف ضد المسنين: تختلف نتائج العنف الممارس ضد كبار السن عن العنف الممارس ضد الطفل أو المرأة، من ناحية امكانية عدم شفاء كبار السن الذين يتعرضون لسوء المعاملة، وربما لا يبرأون أبدا من آلامهم الجسدية أو النفسية. فقد وجدت الباحثة “سميرة المشهراوي في رسالة الماجستير التي قامت بها حول الروابط الأسرية وعلاقتها بمشكلات كبار السن، أن هناك علاقة طردية بين سوء معاملة المحيطين بالمسن،والمشكلات النفسية التي يعاني منها وإحساسه بالترابط الأسري[97].
ومن مظاهر سوء المعاملة التي تظهر على المسن ما يلي:1- عدم الالتزام بتناول الأدوية، 2- عدم انتظام المواعيد في المراجعات الطبية3- الإصابات الجسمانية المتكررة بدون أسباب واقعية وذكر تبريرات واهية لها. 4-العزلة الاجتماعية 5- الشعور بالخوف الدائم، 6-التردد في الحديث والشعور بفقدان المساعد7- تكرر الزيارات الفردية للأطباء والشكوى من أعراض جسمانية مختلفة، 8- الشعور بالاكتئاب النفسي والقلق عند زيارة الأطباء”[98] .
الخاتمة
يشكل العنف الأسري بكل أنواعه تحدياً كبيرا امام المسؤولين والباحثين في قضايا الأسرة، وذلك بسبب تعلق هذا الأمر باستقرار الأسرة واستمراريتها من جهة، وبضمان حقوق أفرادها من جهة اخرى .
إن الحماية من العنف الأسري تستوجب مطالبة المجتمع بعناصره كافة بالمساعدة على تأمين هذه الحماية، ومن هنا يمكن تقسيم هذه الحماية إلى قسمين : ذاتية وجماعية .
أولا: الحماية الذاتية : تتعدد الوسائل الذاتية التي يمكن أن يتحصن بها المرء ضد العنف، وتبدأ هذه الوسائل بالوقاية قبل حدوث الفعل، إذ إن في أخذ الاحتياطات كفالة مهمة تعينه في مهمته، ومن هذه الوسائل الوَقائية ما يلي :
1- الالتزام بتعاليم الإسلام السمحة وتطبيقها في الحياة الأسرية، سواء كان ذلك على صعيد اختيار الزوجين، أو تسمية الأبناء، أو تربيتهم والتعامل معهم، أو احترام الأبوين، وجعل الإسلام هو دين للحياة وليس للعبادات فقط. مع ضرورة توضيح مقصد الشرع من الآيات والأحاديث التي ورد فيها ذكر الضرب حتى لا تستغل باسم الإسلام.
2- تغيير التصورات والتصرفات حول العنف. وهذا التغييرلا يختص بالضحية فقط، بل يجب أن يشمل الجاني أيضا وذلك بهدف إشعاره بخطورة العنف الممارَس على الضحية، ومساعدته على الامتناع عن هذا الفعل وعدم تكراره. وهذا الأمر قد يتطلب الاستعانة بمستشارين نفسيين واجتماعيين من أجل مساعدة الأفراد الذين ينتمون إلى الأسر التي ينتشر فيها العنف .
ثانياً : الحماية الجماعية : شرع الإسلام الحدود والعقوبات حفاظاً على الفرد والمجتمع على حد سواء. وحدّد السبل التي يجب على المسلم أن يتجنب الوقوع فيها لِما فيها من اعتداء على النفس وعلى الآخرين، ومن هذه السبل ما يلي:
1- اصدار التشريعات التي تحمي من العنف الأسري وتفعيلها إن وجدت. وهذا يتطلب تبسيط إجراءات التقاضي بما يحقق الإسراع فيها دون الإخلال بحيثيات المحاكمة. كما يتطلب الصرامة في تنفيذ العقوبة، مراعاة لمصلحة الفرد ومصلحة الجماعة على حدٍّ سواء .
2- تفعيل دور الحكمين، عملا بقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾ [النساء/ 35]، لأن الحكمين ينظران فيالخلاف بشكل أشمل من نظرة القاضي. “فالقاضي ملزم بالأدلة والبينات أما الحكمانفيحاولان الصلح بشتى الطرق، ثم إن لم يستطيعا ذلك يكون تقريرهما في شأن الحياةالزوجية مبنياً على تقديرهما، وخاصة أنهما أقرب الناس إلى الزوجين” .
3- تشجيع الضحية على الإبلاغ عن الجرم، إذ يعتبر كثير من الباحثين القانونيين أن من أبرز الوسائل التي تخفف من انتشار الجرائم هو إبلاغ الشرطة عنها باعتبار أن ذلك من شأنه ” أن يحول دون استمراء المجرمين للجريمة في حالة عدم الإبلاغ عنهم وتوقيع العقاب عليهم .
4-تأسيس مؤسسات اجتماعية إسلامية تهتم بقضية العنف الأسري، وإيجاد خطوط ساخنة لهذه المؤسسات يمكن من خلالها تقديم الاستشارات والمساعدة . ويكون من مهمة هذه المؤسسات الاهتمام بالضحية ومحاولة إعادة تأهيلها في الحياة الاجتماعية بعد حدوث الجرم، والتخفيف من معاناتها الجسدية والنفسية والاقتصادية .
وهذا الأمر يشكل ضرورة قصوى خاصة مع وجود بعض الجمعيات العلمانية التي تحاول عبر هذا الطريق خرق مجتمعاتنا الإسلامية لتستغل بعض حالات العنف التي تصل إليها من أجل إثبات ظلم الإسلام وإجحافه في حق المرأة وخاصة من ناحية إباحته لضرب الزوجة .
5-الرقابة على الإعلام، إذ أنه ثَبَتَ أن لمشاهد العنف التي تبثها وسائل الإعلام دور مهم في انتشار العنف، وهذه الرقابة قد تستوجب امور عدة، منها : تسليط الضوء على العنفالأسري من خلال الاستشهاد بالأدلة عليه، وتوعية الأسر بنتائجه النفسية والاجتماعيةوآثارها السلبية على المجتمع والفرد، وتدريب الأسرة على كيفية مواجهة مشكلات العنف معالكشف عن الأسباب التي تؤدي للعنف وسبل الوقاية منه.
6- العمل على تحاشي بعض الأسباب الموصلة إلى العنف الأسري، كعدم العدل بين الزوجات في حال التعدد، والتخفيف من تدخل الأهل والأقارب في الشئون الزوجية لأبنائهم وأقاربهم، وسلوك الطريق الطبيعي قبل الإقدام على الزواج، كالسؤال عن الخاطب، وعدم إرغام أحد العريسين أو كليهما على الزواج من شخص لا يرغبه، وتحاشي السكن مع الأهل إلا في حال ضرورة رعاية الأبوين أو أحدهما من قبل الولد، ومراعاة حالة الأبناء في سن المراهقة لما يحدث في هذه المرحلة من تغيرات هرمونية تؤثر على نمو الطفل جسدياً وفكرياً وعاطفياً.
قائمة المراجع
[1] أبو يعلى، مسند أبي يعلى، حديث رقم 6944، 12/373، قال محقق الكتاب : إسناده ضعيف.
[2] العجلوني، كشف الخفاء، حديث رقم 1408، 1/ 327.
[3] الترمذي، كتاب النكاح، باب ما جاء في استئمار البكر والثيب، حديث رقم 1107، قال : حديث حسن صحيح، 3/ 415.
[4] الترمذي، باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم 3895، قال: حديث حسن صحيح غريب، 5/ 709.
[5] ابن منظور، 2/ 617
[6]الصفصف: المستوي من الأرض
[7] محمد رشيد رضا، تفسير القرآن الحكيم المشهور بتفسير المنار، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولى، 1420هـ، 1999م.، 5/ 60.
[8] الموسوعة الفقهية، 28/ 178 .
[9]المرجع والصفحة نفسها .
[10] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة ـ مصر، 5/ 173
[11] عبد الحميد أحمد أبو سليمان، ضرب المرأة وسيلة لحل الخلافات الزوجية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى، 1424هـ، 2002م.، ص 30-31.
[12] البخاري، كتاب التفسير، تفسير سورة لا اقسم بهذا البلد، حديث رقم 4658، 4/ 1888 .
[13] البخاري، كتاب الأدب، باب قول الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم، حديث رقم 5695، 5/ 2246 .
[14] ابن ادريس البهوتي، كشاف القناع عن متن الأقناع، عالم الكتب، بيروت ـ لبنان، 4/ 184.
[15] مسلم، كتاب النكاح، باب تحريم امتناعها من فراش زوجها، حديث رقم، 1436، 2/ 1060.
[16] سبق تخريجه.
[17] البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في المهر، حديث رقم 2572، 2/ 970.
[18] سبق تخريجه.
[19] جاسم المطوع، عدم مساواة المرأة بالرجل في قضية التعدد، موقع الأسرة السعيدة على الشبكة العنكبوتية، http://www.e-happyfamily.com
[20] البخاري، كتاب الطلاق، باب الخلع وكيف الطلاق فيه، حديث رقم 4971 . 5/ 2021.
[21] مصنف عبد الرزاق، باب اختلاف الماشية، حديث رقم 6960. 4/ 58.
[22] ابن ادريس البهوتي، كشاف القناع عن متن الأقناع، 5/ 432.
[23] الحاكم، المستدرك على الصحيحين، كتاب الطلاق، قال الذهبي في التلخيص صحيح، 5/ 207.
[24] أبو الوليد الباجي، المنتقى شرح الموطأ، كتاب الأقضية،ما جاء في المؤنث من الرجال ومن أحق بالولد، عالم الكتب، بيروت ـ لبنان، 8/ 150
[25] الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، 4/ 43.
[26] محمد الشربيني الخطيب، مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج، مكتبة ومطلعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، 1377هـ 1958م.،3 /456
[27] ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، اختلاف الفقهاء في تعيين أحد الأبوين لمقام البنت عنده، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان،5/204.
[28] وفيقة منصور الدويري، المرأة في القوانين الوضعية اللبنانية وقوانين الأحوال الشخصية، جمعية تنظيم الأسرة، بيروت- لبنان، 1996م.، ص 17.
[29] رويدة عفوف، يقتلون بذريعة الشرف.. والقانون يهادنهم، موقع “شبكة فولتير” على الشبكة العنكبوتية، www.voltairenet.org .
[30] البخاري، كتاب الأدب، باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا، حديث رقم 5683، 5/ 2243.
[31] مسند الحارث، زوائد الهيثمي، كتاب العلم، باب الرحلة في طلب العلم، حديث رقم 44، وقال ضعيف . وكذلك في كنز العمال 10/ 29331.
[32] مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، حديث رقم 2593، 4/ 2003.
[33] محمود شلتوت، تفسير القرآن الكريم، دار القلم، القاهرة- مصر، الطبعة الرابعة، 1966م.، ص413ـ414.
[34] مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الإحسان إلى البنات، حديث رقم، 2631 . 4/2027.
[35] مدحت أبو النصر، العنف ضد الأطفال، المفهوم والأشكال والعوامل، مجلة خطوة، المجلس العربي للطفولة والتنمية، العدد الثامن والعشرون، مايو 2008، ص 6 .
[36] المرجع والصفحة نفسها .
[37] سبق تخريجه.
[38] محمد علي البار، الاعتداء على الأطفال،، ص93- 94
[39] قاموس مصطلحات حول العنف ضد المراة، موقع أمان على الشبكة العنكبوتية، www.amanjordan.org.
[40] مسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، حديث رقم 1400، 2/ 1018.
[41] اخرجه الترمذي، وقال حديث حسن، كتاب النكاح م، باب ما جاء في تزويج الأبكار، حديث رقم 1102، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، 3/ 407.
[42] الترمزي، كتاب كتاب النكاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء لا نكاح إلا بولي، حديث رقم 1101، 3/ 406.
[43] عبد الغني الميداني، اللباب في شرح الكتاب، دار الكتاب العربي، بيروت ـ لبنان، 3/8.
[44] محمد الشربيني الخطيب، مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، ج3، دار احياء التراث العربي، بدون رقم الطبعة والتاريخ، ج3، بيروت- لبنان، ص149.
[45] البيهقي، شعب الإيمان، التاسع والخمسون من شعب الإيمان، حديث رقم 8666، 6/ 401.
[46] الترمذي، سنن الترمذي، ابواب النكاح، باب ما جاء في وضوء الولد، حديث رقم 1951، قال أبو عيسى هذا حديث غريب، 4/ 337.
[47] الحاكم، المستدرك على الصحيحن، 1/197، وسكت عنه الذهبي في التلخيص.
[48]الحاكم، المستدرك على الصحيحين، كتاب فضائل القرآن، حديث رقم 2345، 2/58، قال الذهبي: هو على شرط مسلم .
[49] عبد الله علوان، تربية الأولاد في الإسلام، دار احياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان 2/ 769 – 770.
[50] ابن منظور، لسان العرب، 13/ 138 .
[51] هادي محمود، العنف ضد النساء، الطريق، موقع الحزب الشيوعي العراقي على الشبكة العنكبوتية،www.iraqcp.org/
[52] وهبة الزحيلي، الأسرة المسلمة في العالم المعاصر، الطبعة الأولى، 1420هـ، 2000م.، ص، 118
[53] الطبراني، المعجم الكبير، 7/273، قال ابن الملقن في البدر المنير: ضعيف وهو مروي من طرف .
[54] ابن عدي، الكامل من ضعفاء الرجال، دار الفكر، الطبعة الثالثة، 1988م. 3/ 228 . قال الشيخ: يرويه عن ثابت زائدة بن أبي الرقاد وله أحاديث حسان ومن بعض أحاديثه ما ينكر .
[55] مسلم، صحيح مسلم، كتاب الحيض باب إنما الماء من الماء، حديث رقم 349،
[56] الموسوعة الفقهية، 19/28 .
[57] السيد سابق، فقه السنة، مكتبة الخدمات الحديثة، جدة – المملكة العربية السعودية، بدون رقم الطبعة والتاريخ1/ 36.
[58] مدحت أبو النصر، العنف ضد الأطفال، المفهوم والأشكال والعوامل، مجلة خطوة، المجلس العربي للطفولة والتنمية، العدد الثامن والعشرون، مايو 2008م.، ص 6 .
[59]هداية درويش، العنف ضد الأطفال : دراسة تؤكد أن 21% من الأطفال السعوديين يتعرضون للايذاء، موقع مجلة العلوم الاجتماعية، 21 كانون الثاني 2004م.، www.swmsa.com
[60] صحيفتا ” الحياة” و” الشرق الأوسط” ناقشتا الظاهرة، السعودية: 50 حالة حمل من محارم وشابة تتحدث اغتصابها، موقع العربية . نت على الشبكة العنكبوتية، www.alarabiya.net
[61]ابو داود، كتاب الحدود، باب في الرجل يزني في حرة، حديث رقم 4457، 4/ 157 واخرجه الترمذي في الأحكام، وقال حديث حسن غريب .
[62] الحرمتين : حرمة الزنا وحرمة الرحم .
[63] ابن قيم الجوزية، روضة المحبين ونزهة المشتاقين، ص361.
[64] السعودية: دراسة توصي بمواجهة العنف ضد المسنين، موقع لها اون لاين على الشبكة العنكبوتية، www.lahaonline.com .
[65] سوء معاملة كبار السن، موقع وزارة الصحة في مملكة البحرين على الشبكة العنكبوتية www.moh.gov.bh
[66]تقرير الجمعية العالمية الثانية للشيخوخة، مدريد، 8_12 نيسان 2002م.، الأمم المتحدة .
[67] الترمذي، سنن الترمذي، كتاب البر والصلة، حديث رقم 1919، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، 4/ 321.
[68] اخرجه الحاكم وغيره عن ابي بكرة رضي الله عنه، وقال حديث صحيح الاسناد، وتعقبه الذهبي بأن فيه بكار بن عبد العزيز وهو ضعيف .
[69] عبد الهادي أبو طالب، مفهوم الأسرة ووظيفتها والإعلانات العالمية ومواثيق الأمم المتحدة، أزمة القيم ودور الأسرة في تطور المجتمع المعاصر، ص 170
[70] حيدر البصري: العنف الأسري لا يعني إثبات الشخصية، جريدة الوطن السعودية، العدد 599، 21/5/ 2002م.
[71] سوزان مشهدي، اسباب عنف المرأة، موقع العربية. نت على الشبكة العنكبوتية . www.alarabiya.net
[72] الظاهرات المرضية للعنف بين الزوجين في المجتمع اللبناني، العيادة الاجتماعية في خدمة العائلة العربية
[73] وائل ابو هندي، ضرب الأزواج، موقع مجانين على الشبكة العنكبوتية، www.maganin.com .
[74] قناة البي بي سي العربية، 21 سبتمبر 2007 م. . http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/news/
[75] سعدى علوه، اهانات لفظية وجسدية تصل إلى الاغتصاب،” هيومن رايتس ووتش” اساءات للسيرلنكيات في لبنان والخليج، جريدة النهار، 20/ 11/ 2007
[76] نشأت امين، العنف ضد الخادمات يثير التساؤلات، موقع أمان على الشبكة العنكبوتية، www.amanjordan.org. .
[77]مصطفى عمر التير، الأسرة العربية والعنف ملاحظات اولية، مجلة الفكر العربي، شتاء1996، العدد الثالث والثمانون، السنة السابعة عشرة، ص38.
[78] عبد الله بن أحمد العلاف، العنف الأسري وآثاره على الأسرة والمجتمع، موقع صيد الفوائد على الشبكة العنكبوتية، www.saaid.net، ص 6.
[79]أنتوني، ستور، العدوان البشري، ترجمة محمد أحمد غالي، إلهامي عبد الظاهر عفيفة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة- مصر، الطبعة الأولى، 1975م.، ص153.
[80] بهنام رمسيس، المجرم تكوينا وتقويما، منشأة دار المعارف، الاسكندرية ـ مصر، بدون رقم الطبعة والتاريخ، ص219.
[81]محاسن الحواتي، العنف العائلي مظاهرة ومعالجاته، موقع أمان على الشبكة العنكبوتية، www.amanjordan.org
[82] محمد بن عبد الرحمن الحضيف، كيف تؤثر وسائل الاعلام، مكتبة العبيكان، الرياض ـ المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1415هـ، 1994م.، ص73.
[83] مروان كجك، الأسرة المسلمة أمام الفيديو والتلفزيون، دار الكلمة الطيبة، القاهرة ـ مصر، الطبعة الأولى، 1407هـ 1986م.، ص129.
[84] طريف شوقي محمد فرج، العنف في الأسرة المصرية، 2002، ص 19-20
[85] رواه الترمذي، كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق الزوج على المرأة، حديث رقم 1160، قال ابو عيسى هذا حديث حسن غريب، 3/ 465
[86] طريف شوقي، العنف في الأسرة المصرية، ص60.
[87] العنف الزوجي وآثاره الصحية، دراسة لمنظمة الصحة العالمية، موقع مكتوب، عالم الحياة الزوجية على الشبكة العنكبوتية، www. arb3. maktoob.com
[88] طريف شوقي محمد فرج، العنف في الأسرة المصرية، ص 3- 4.
[89] زويا روحانا، المرأة مرآة، العنف ضد المرأة وتأثيره على تماسك الأسرة، ص48.
[90] صبري مرسي الفقي، حلول إسلامية لمشاكل اسرية، دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1426هـ، 2005م.، ص 123.
[91] زويا روحانا، المرأة مرآة، العنف ضد المرأة وتأثيره على تماسك الأسرة، ص46-47.
[92] طريف شوقي محمد فرج، العنف في الأسرة المصرية، ص 4-5
[93] طريف شوقي محمد فرج، العنف في الأسرة المصرية، ص 4-5
[94]احمد المجذوب، ظاهرة العنف داخل الأسرة المصرية، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة، 2003م.، ص 106.
[95] رجاء مكي، سامي عجم، أشكالية العنف، العنف المشرع والعنف المدان، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى، 1429هـ، 2008م. ص 106
[96] جليل وديع شكور، العنف والجريمة، الدار العربية للعلوم، الطبعة الأولى، 1418هـ، 1997م. ص 113
[97] ابراهيم الخضير، سوء معاملة المحيطين بالمسن واثرها على مشاكله النفسية، موقع المستشار على الشبكة العنكبوتية،www.almostshar.com
[98] سوء معاملة كبار السن، موقع وزارة الصحة مملكة البحرين على الشبكة العنكبوتية، www.moh.gov.bh
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً