دراسة قانونية وبحث هام عن الجرائم الإرهابية ضد الملاحة
إن الأعمال الإرهابية لم تترك شيئا سالما ومست كل شيئ يدب على الارض وأصبحت تهدد وسائل النقل البحرية في البحار والطائرات في الفضاء وهذا ما يقصد بالملاحة،والتي سوف نتطرق لها في الفرعين التاليين التاليين :
الفرع الأول : الجرائم الارهابية ضد الملاحة البحرية
وتعرف هذه الجريمة نوعين النوع الاول ،وهو القرصنة البحرية والنوع الثاني هو الاعتداءات غير مشروعة ضد الملاحة البحرية والتي هي كما يلي:
1)-القرصنة البحرية: لقد ظهرت هذه الجريمة منذ أن بدأ الإنسان بإستعمال السفينة كوسيلة للتنقل والتجارة ،فكان يعترض القراصنة طريقهم محاولة منهم نهب والاعتداء على ما يوجد بمتن السفينة وعرفوا كذلك بإسم لصوص البحر ،ولقد ظهرت الحاجة إلى ضرورة توحيد التشريعات الوطنية حول هذه الجريمة من خلال الإتفاقيات الدولية،نظرا لتزايد خطر هذه الجريمة ولقد عرف مشروع إتفاقية جامعة هارفارد لسنة 1932 والذي سارت عليها الاتفاقيات اللاحقة في هذا المجال جريمة القرصنة بأنها الأفعال التي تقع في مكان لا يخضع للإختصاص الإقليمي لأية دولة وتتمثل في أعمال العنف أو السلب لغاية خاصة ،ومن غير غرض صادق بشرط ان يتعلق هذا العمل بهجوم في البحر أو منه ،وجاءت بعد ذلك إتفاقية جنيف لأعالي البحار في تاريخ 29أفريل1958والتي دخلت حيز التنفيذ في 03أوت1962، و تضمنت النص في المادة 15 منها على القرصنة البحرية والتي عرفتها على أنها أي عمل غير مشروع من أعمال العنف أو القبض أو السلب يرتكب لأغراض خاصة بواسطة طاقم أو ركاب السفينة أو طائرة ويكون موجها في أعالي البحار ضد سفينة كما نصت عليها المادة 101 من إتفاقية مونتيقو باي بتاريخ 10 ديسمبر1982(1) ومن خلال هذا التعريف يمكننا التعرف على اركان هذه الجريمة والتي هي:
الركن المادي :ويتحقق في هذه الحالات :
– عدم مشروعية فعل العنف أوالسلب :ويقصد هنا بعدم المشروعية في مفهوم القانون الجنائي الدولي .
– أن يقع هذا الفعل في أعالي البحار أو خارج الإختصاص الإقليمي لأية دولة .
– أن يرتكب الفعل ضد سفينة أو طائرة أخرى أوضد أشخاص أو أموال على متنها .
الركن المعنوي : يتخذ الركن المعنوي لهذه الجريمة صورة العمد المتمثل في القصد العام بتوافر عنصريه (العلم والإرادة)، ويشترط كذلك قصد خاصا ويتمثل في إتجاه إرادة الجاني إلى تحقيق غرض خاص يسعى اليه .
2-الإعتداءات غير المشروعة ضد الملاحة البحرية : لقد أظهر الواقع الدولي قصور إتفاقية جنيف لأعالي البحار، كونها إقتصرت على معالجة الإعتداءات على الأموال والأشخاص والسفن في البحر العالي أو خارج الاختصاص الإقليمي لأية دولة،كما نصت المادة 99 من إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحارعلى أنه على الدول الأطراف إتخاذ التدابير الفعالة لمنع ومعاقبة نقل الرقيق في السفن وعلى منع الاعمال الغير مشروعة من أعمال العنف أو الإحتجاز أو السلب يرتكبه لأغراض خاصة طاقم أوركاب السفينة أو الطائرة ،ويكون موجها ضد سفينة أو طائرة أخرى أو ضدالأشخاص أو الممتلكات التي على ظهرها في البحار العامة(2)، ولقد كانت حادثة اختطاف سفينة إكيلي لاورو في 07اكتوبر1985 هي نقطة البداية نحو إتفاقية دولية حول الإعتداءات على الملاحة البحرية في مناطق غير أعالي البحار (3)، وقامت مصر وإيطاليا والنمسا بإعداد مشروع إتفاقية لقمع الإعتداءات التي تقع على السفن وفي العام التالي تم تشكيل لجنة تحضيرية لإعداد مشروع إتفاقية بشأن قمع الأعمال غير مشروعة ضد الملاحة البحرية ،و التي إتخذت من المشروع المقدم من مصر وايطاليا و النمسا وتمت الموافقة على الاتفاقية في 10مارس1988 وتتمثل أركان الجريمة فيمايلي:
– الركن المفترض: وهو وجود سفينة بالمعنى الذي حددته المادة الاولى من الاتفاقية
– الركن المـــادي: يأخذ الركن المادي عدة صور وتتمثل أساسا في إعاقة سيرالسفينة بواسطة الافعال المنصوص عليها في الفقرة الاولى من المادة 03من الاتفاقية ___________________________________________________ 1) )-André Huet/reneé koering-joulin(droit pénal international)op cit p121 (2)- أسامة مصطفى إبراهيم مضوي ( جريمة إختطاف الطائرات المدنية في القانون الدولي . الفقه الإسلامي طبعة 2002 ص49 .
(3)-د/إمــام حسنين عطــــا الله نفس المرجع ص777
– أعمال العنف أو التهديد لخطف السفينة وهذه الصورة هي المثالية لأعمال الإرهاب إذ يغلب عليها طابع الرعب والفزع.
– إستخدام العنف أو التهديد لأجل السيطرة على شخص موجودعلى ظهر السفينة إذا كان من شأن هذا العمل عرقلة سير السفينة.
– تدمير السفينة أو إلحاق أضرار بها أو بحمولتها
– وضع متفجرات أو مواد قابلة للإنفجار على ظهر السفينة من شأنها أن تدمر أو تحدث خسائر بها أو بحمولتها والتى من شأنها أن تعرقل سير السفينة وتخرج من هذه الصورة حالة تحميل السفينة للأسلحة في إطار صفقة تجارية.
– تدمير أو إلحاق خسائر بالمعدات أو الخدمات البحرية إذا كان من شأنها إعاقة سير السفينة
– إعطاء الجاني معلومات من شأنها إعاقة سير السفينة
– الركن المعنوي يجب أن يتوفرالقصدين العام (العلم والإرادة) الخاص والمتمثل في إعاقة سير السفينة.
الفرع الثاني: الجرائم ضد سلامة الطيران المدنــــي
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية إتسع نطاق الإعتماد على النقل الجوي وأصبحت الطائرة الوسيلة الأساسية للنقل عبرالدول، لذلك فرض على المجتمع الدولي حمايتها من أي إعتداء بعد أن أصبحت الوسيلة الأكثر تعريضا للعمليات الإرهابية ،ولقد عرف أول حادث إختطاف طائرة مدنية في البيرو سنة 1930 ثم توالت هذه العمليات كأسلوب إرهابي منذ سنة 1945 (1)،وعلى إثر ذلك قامت المنظمة الدولية للطيران المدني بوضع نوعا من التجانس في نطاق التجريم الدولي للارهاب كما ساهمت في مكافحته، بدأ بتعريف الطائرة والتي عرفها الملحق الثامن من إتفاقية شيكاغو للطيران الدولي لسنة 1944 على أنها كل جهاز يستطيع البقاء في الجو بواسطة ردود فعل الهواء،كما وضعت ثلاثة إتفاقيات في هذا المجال و التي هي:
إتفاقية طوكيـــو: والتي أبرمت بتاريخ14 سبتمبر1963 و دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 04 ديسمبر1969، إن هذه الإتفاقية لم تنص على جرائم الإرهاب كونها تتعلق بتحديد الإختصاص بالنسبة للدول المتضررة من الأفعال المرتكبة على متن الطائرة، وليس مشكلة خطف الطائرات ،ولقد تطرقنا لهذه الإتفاقية كونها أول عمل دولي عالج الجرائم التي ترتكب على متن الطائرات، فلقد نصت المادة11 منها على أنه في حالة إرتكاب شخص على متن طائرة وهي في حالة طيران عن طريق القوة أو التهديد من أجل القيام بإحدى الأعمال الغير مشروعة التي تعد تدخلا في إستعمال الطائرة والإستيلاء عليها، فعلى الدولة المتعاقدة إتخاذ كافة الإجراءات المناسبة واللازمة لإعادة السيطرة على الطائرة وإعادتها لقائدها الشرعي ،ويتضح من خلال هذا النص أنه لم يتضمن تجريما خاصا وإنما أعطى للدولة المتعاقدة أن تتخذ مايناسبها من إجراءات لإعادة السيطرة لقائد الطائرة وشروط تطبيق هذه الاتفاقية أربع وهم: ___________________________________________________ (1)- الدكتوريحي أحمد البنا (الإرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران)مرجع سابق ص05
-أن يكون الفعل غير مشروع أي يكون الإستيلاءوالتدخل في سير الطائرة دون سبب قانوني
– إستخدام القوة أو التهديد وتشمل كل الوسائل المادية أو المعنوية والتي من شأنها الإستيلاء على الطائرة، ومن ثمة يمكن تصور وقوع إختطاف طائرة عن طريق الخديعة
– وقوع الفعل و الطائرة في حالة طيران وتعتبر الطائرة في حالة طيران طبقا لأحكام هذه الإتفاقية منذ لحظة التشغيل حتى هبوطها
– وقوع الفعل على متن الطائرة . – أن يكون الغرض هو السيطرة على الطائرة والتحكم فيها . – محاولة إرتكاب الأفعال السابقة أو الشروع فيها . غير أن هذه الإتفاقية شابها قصور ، إذ أنها مستبعدة التطبيق أذا ما وقع الإعتداء من خارج الطائرة
– إتفاقية لاهــــاي: المنعقدة بتاريخ12 ديسمبر 1970 والتي دخلت حيز التنفيذ بتاريخ14 أكتوبر 1971، والمتعلقة بقمع الأعمال الغير المشروعة والتي تستهدف الإستيلاء على الطائرات وتغير مسارها ، فنصت المادة الأولى منها على جريمة خطف الطائرات “أنه يكون مسؤولا جنائيا من كان على متن مركبة جوية في حالة طيران وقام بالإستيلاء عليها بطريقة غير مشروعة بالعنف أو بالتهديد أو بإستعمل أي شكل أخر من أشكال الإ كراه على هذه الطائرة أو بالإشتراك مع من يرتكبها أو
الشروع في ذلك ،وبهذا فلقد جرمت هذه الاتفاقية الإستيلاء الغير المشروع على الطائرات والتي بها يمكننا إستجراج أركانها والتي هي كما يلي: .
– وقوع الفعل دون مصوغ قانوني
– الركن المادي : يتكون الركن المادي من أستعمال العنف أو التهديد أو أي شكل من أشكال الاكراه الاخرى من أجل الإستيلاء على الطائرة، ويسوى الإكراه المادي أو المعنوي
– ان يرتكب الفعل على متن مركبة جوية ، فلقد إستخدمت إتفاقية لاهاي مصطلح جديد غير مصطلح الطائرة الذي نصت عليه إتفاقية شيكاغو وهو مركبة جوية وبذلك يمكن أن يكون محلا للجريمة المناطيد والطائرات الشراعية…. غير أنه يستثنى منها الطائرات الحربية ،ويشترط ان يرتكب الفعل الإجرامي على متنها ،ومن ثمة فالأفعال التي ترتكب من مكان أخر ضد المركبة الجوية لا تخضع للإتفاقية.
– أن يقع الفعل والمركبة في حالة طيران،ولقد حددت الفقرة الأولى من المادة الثالثة منها ،معنى حالة الطيران والتي تبدأمن لحظة إغلاق الأبواب من أجل الإقلاع إلى غاية فتحها عند نزول الركاب أو تفريغ الحمولة.
– الركن المعنوي: وهوالقصد العام المتمثل في العلم والارادةفيجب أن تنصرف إرادة الجاني إلى إحداث السلوك الإجرامي ،وقصد خاص يتمثل في نية الإستلاء على المركبة.
إتفاقيــــة مونتريـــــــــال : المنعقدة بتاريخ 14 سبتمبر1971 ، بعدما عالجت إتفاقية لاهاي الإعتداءات الموجهة ضد سلامة الطيران عند تكون في حالة الطيران،وأنها لم تتناول الإعتداءات التي يمكن ان تتعرض لها الطائرات وهي متوقفة ،ولما كان الإعتداء الإرهابي لا يقع فقط أثناء الطيران وإنما قد يرتكب أثناء الإعداد للرحلة الجوية ، دعت اللجنة القانونية لمنظمة الطيران المدني الدولي في الفترة الممتدة بين 29 سبتمبرإلى 10 أكتوبر لسنة 1970، إلى عقد مؤتمر دولي لوضع مشروع إتفاق تجريم كل أفعال العنف الموجهة ضد الطائرة و الركاب ولاأموال وغعاقة الخدمةعلى الخطوط الجوية العالمية (1)،و التي نتج عنها إتفاقية مونتريال وجعلت من الإعتداءات الموجهة ضد الطائرات التي مازالت على الأرض أو ضد المنشأت الملاحية وأركان الجريمة التي جاءت بها هذه الإتفاقية هي :
الركن المادي: لقد نصت المادة الاولى من الإتفاقية على أنه يعد مرتكبا للجريمة أي شخص يقوم عمدا ودون حق مشروع بعملا من الأعمال التالية والتي تشكل ركنها المادي وهي:
– عمل من أعمال العنف ضد شخص على متن طائرة وهي في حالة طيران ومن شأنها ان تعرض الطائرة للخطر
– تدمير طائرة في الخدمة أو إحداث تلف بها يجعلها عاجزة عن الطيران ،او يحتمل تعرض سلامتها للخطر أو تدمير تسهيلات الملاحة الجوية أو يدخل في تشغيلها إن
كان هذا العمل يعرض أو يحتمل تعريض سلامة الطائرة للخطر .
– تقديم معلومات يعلم أنها كاذبة معرضا بذلك الطائرة للخطر
– القيام بأية وسيلة كانت من شأنها تعريض الطائرة للخطر وهذه الصورة قد وسعت في دائرة التجريم اذ تسمح بتجريم العديد من الأفعال الغير المشروعة
كما جرمت الاتفاقية على الاشتراك في اعمال العنف والتهديد وكذا الشروع يها،وأضافت للأعمال السابقة إلزامية توافر شروط عامة وهي : – أن يكون من شأن العمل تعريض الطائرة للخطر أو إحتمال ذلك،ومن ثمةفهي من جرائم الخطر وليست من جرائم الضرر
– يقع العمل أثناء وجود الطائرة في الخدمة ، ويضاف لها 24 ساعة طبقا للفقرة الأولى من المادة الثانية كما أن إتفاقية مونتريال وسعت من نطاق التجريم فأدخلت العديد من الأفعال الغير مشروعة كنقل الأسلحة والمتفجرات ،والهجوم عليها بالصواريخ ،ولم تشترط أن يكون مرتكبها على متن الطائرة ،ولقد نصت إتفاقية سـتراسبوغ المؤرخة في 27 جانفي 1977 على إستبعاد الطابع السياسي للجرائم المنصوص عليها في إتفاقية لاهاي ومونتريال والجرائم الخطيرةالناشئة عن الإعتداء على الحياة أو على سلامة الجسد أو على الحرية و تلك الموجهة ضد أشخاص اللذين يتمتعون بالحماية الدبلوماسية(2)، كما أن إتفاقية مونتريال كملة ببرتوكول بتاريخ 24 فيفري1988 المتضمن مكافحة الأعمال الغير مشروعة من العنف في المطارات التي يستعملها الطيران المدني الدولي ، وأضاف هذا البرتوكول لقائمة الأعمال المجرمة الإعتداء على شخص في مطار مخصص للطيران المدني الدولي ___________________________________________________ (1)- الدكتوريحي أحمد البنا (الإرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران)مرجع سابق ص 06
(2)-د/محمد أبو الفتح الغنام (الإرهاب وتشريعات المكافحة في الدول الديموقراطية)مرجع سابق ص66
بواسطة سلاح ويسبب له جروح خطيرة أويؤدي إلى قتله كما انه أدخل حيز التجريم تحطيم مطار مخصص للطيران المدني الدولي او تحطيم طائرة ليست في الخدمة كما ان الشروع في ذلك يعد جرما(1) .
المبحث الثالث: المسؤولية الدولية عن أعمال الإرهاب
في القوانين الداخلية يترتب عن كل عمل إجرامي قيام مسؤولية جنائية عن الفعل الفكرة التي هي موجودة في القانون الدولي ،ولكن تطورت فكرة المسؤولية عن الجرائم الدولية فبعدما كانت تقتصر فقط على الدولة وعلى المسؤولية المدنية،فلقد كانت تعرف المسؤولية الدولية على أنها نظام قانوني يترتب بموجبه على الدولة التي إرتكبت عملا يجرمه القانون الدولي التعويض عن الضرر الذي لحق بالدولة المعتدي عليها (2)،لكن هذا المفهوم كان يتماشى مع القانون الدولي التقليدي،إذ أصبح الشخص الطبيعي هو محور الحركة العالمية، وبدأت فكرة المسؤولية الدولية بالتطور، ويقوم المفهوم المعاصر لفكرة المسؤولية الدولية على ثلاثة محاور الأول على أنه تتحرك المسؤولية الدولية إزاء أي شخص دولي وفقا للنظرية المعاصرة في الشخصية الدولية والثاني مفاده أن المسؤولية قد تكون مدنية أو جنائية والثالث مفاده أنه يسأل الشخص الدولي عن إتيانه الفعل المحضور دوليا، كما يسأل عن الأفعال التي يترتب عليها الضرر، ويعرف الأستاذ الدكتورمحمدحافظ غانم المسؤولية الدولية بقوله:”تنشأ المسؤولية الدولية القانونية في حالة قيام دولة أو شخص من أشخاص القانون الدولي بعمل أوالإمتناع عن عمل مخالف للإلتزامات المقررة وفق لأحكام القانون الدولي ويترتب عن ذلك المسؤولية القانونية ،وهي تطبيق الجزاء على الشخص الدولي (3)،وكون جريمة الإرهاب من أخطر وأبشع الجرائم الدولية حظت بإهتمام المجتمع الدولي نتيجة لأثارها الوخيمة التي تحدث خطر عام ،مما إستلزم على المجتمع الدولى إرساء قواعد قانونية تحكم المسؤولية الجنائية عن أعمال الإرهاب
الفرع الأول: مسؤولية الدولة عن جريمة الإرهاب في القانون الدولي
إعتبرت الأمم المتحدة في مؤتمر دولي إنعقد سنة 1975والذي أشارإلى مدى خطورة إرهاب الدولة، كونه أكثر الأعمال الإرهابية خطورة على الإطلاق وفي عام 1980 عقد في كاراكاس بفنزويلا المؤتمرالدولي السادس للأمم المتحدة لمنع الجريمة ومعاملة المذنبين من25أوت إلى5سبتمبر1980،أين إهتمت الدراسات بمسألة تعسف السلطة كنوع من إرهاب الدولة والجرائم والمجرمين فوق القانون (4)،وأجمع الفقه على ضرورة تجريم تعسف الدولة عموما بنصوص واضحة __________________________________________________ _ 1) )-André Huet/reneé koering-joulin(droit pénal international)op cit p121 (2)و(3)-الدكتور سيد أبو عطية(الجزاءات الدولية بين النظرية والتطبيق) مؤسسة الثقافة الجامعيةمصر2001 ص244و246
(4)-د/ محمد مؤنس محب الدين (الإرهاب في القانون الجنائي على المستويين الوطني والدولي )مرجع سابق ص 540
بإعتبارها تصرفات مضادة للمجتمع قابلة للعقاب، وهذا التعسف قد يكون من السلطة السياسية أو الادارية أو الاقتصادية بإستعمال وسائل غير مشروعة، وهو إرهاب الدولة كما كان الحال عليه في عهد روبيسيبير، فالإعتداء الصارخ على حقوق الإنسان لم يعد أمرا مقبولا في ظل الأعراف والمواثيق الدولية المتطورة، كما أنه هناك نوع أخر من إرهاب الدولة، وهو قيامها بعمل إرهابي خارج حدودها كغارة على هدف معين يتمثل في الترويع والتخويف لإجبار الأخرين على إتخاذ موقف معين ويسمى بالارهاب غير مباشر(1)ويتمثل هذا الارهاب في تنشيط ومساعدة الدولة لعناصر او مجموعات إرهابية قد تعمل لحسابها الخاص او لحساب دولة اخرى وعلى إثر ذلك إهتم المجتمع الدولي بهذا النوع من الارهاب إذا جاء في مشروع تقنين الجرائم ضد السلام وأمن البشرية المقدم إلى الأمم المتحدة سنة 1954،و نصت الفقرة السادسة من مادته الثانية على أنه تكون الأفعال جرائم ضد السلام وأمن البشرية مباشرة أو بتشجيع من سلطات الدولة للنشاطات الارهابية في دولة اخرى أو سماح سلطات الدولة لنشاطات منظمة بقصد إرتكاب الأعمال الإرهابية في دولة أخرى ،وبعدها إنعقد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية المنعقد في ستوكهولم في الفترة الممتدة ما بين 05الى16 جويلية 1972 أين إزداد توجه المجتمع الدولي نحو قيام المسؤولية الدولية الجنائية عن الجرائم التي تقوم بها ،ولقد نادى الفقه الدولي الحديث بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بضرورة توقيع عقوبات دولية على الدول التي ترتكب المخالفات الدولية ،إلا أنه وقع إختلاف بين الفقه حول نسب المسؤولية الجنائية للدولة ،فهناك من يرفضها كونها تقترن بالقصد و انه من الصعب إيجاد قصد للدولة كونها شخص معنوي ،ومن جهة آخرى رأي يأخذ بفكرة المسؤولية الجنائية للدولة والقصد الجنائي ،و يرى الأستاذ مصطفى أحمد فؤاد أنه يمكن إسناد المسؤولية الجنائية والقصد الجنائي للدولة ،أما عن العقوبات فينبغي قصرها فقط على الأشخاص المسؤولة عنها دون الدولة ذاتها(2)،وبهذا أصبحت المسؤولية الجنائية للدولة عن أعمال الإرهاب التي تقوم بها شيء مسلم به ،ولكن لكي تتحقق هذه المسؤولية الدولية لابد من توافر شروط وهي : .
1- الفعل غير مشروع:وهنا يشترط قيام الدولة بعمل غير مشروع دوليا، ويفرق الفقه هنا بين نقطتين الأولى قيام الدولة بعمل غير مشروع بناء على خطأ أساسه الإهمال أو الرعونة أو عدم الاحتياط أو عدم الانتباه،والثانية قد يكون عمدا ( القصد العام او الخاص).
2-الضرر: ويشترط في الضرر أن يكون جديا أي يكون إنتهاك فعليا لأحكام القانون الجنائي الدولي(3)
3-العلاقة السببية : وهي الرابطة السببية بين الفعل الضار والنتيجة الإجرامية المنصوص عليها في القانون الجنائي الدولي.
___________________________________________________ (1)-عبدالله سليمان سليمان المقدمات الأساسية في القانون الدولي الجنائي مرجع سابق ص238 (2)-د/سيد أبو عطية(الجزاءات الدولية بين النظرية والتطبيق)مرجع سابق ص271 (3)- ثامر إبراهيم الجهماني(مفهوم الإرهاب في القانون الدولي)مرجع سابق ص 137 بالتالي فإن الإرهاب الذي تمارسه الدولة او تدعمه رسميا، يحقق كل أركان الجريمة الدولية وبالتبعية عنها تطبق أحكام المسؤولية الدولية الجنائية بشكل عام . إلا انه يخرج عن اطار المسؤولية الدولية بعض الحالات وفقا لأحكام القانون الدولي المعاصروهي: . – حالة الدفاع عن النفس والاجراءات الوقائية .
– بتخويل من الجهاز الخاص من الأمم المتحدة.
-النضال من اجل تحرير الوطن وحق تقرير المصير .
الفرع الثاني: مسؤولية الفرد عن جريمة الارهاب في القانون الدولي:
إن الفرد هو محور حركة المجتمع الدولي بشتى تنظيماته ومؤسساته اذ اصبح الفرد شخص من اشخاص القانون الدولي العام تاسيسا على الاعتراف له بأهلية التقاضي دوليا إذ نصت المادة الرابعة من إتفاقية لاهاي لسنة 1970،والتي أقرت السماح للأفراد في بعض المجالات بالمثول أمام المحاكم الدولية ضد الدولة وإذا كان الإعتراف للفرد بالشخصية الدولية وببعض الحقوق والحريات ذات الطابع العالمي ،فانه يجب كذلك معها تقرير مسؤوليته دوليا عن إرتكابه للمخالفات ذات الطابع الدولي ،كما نصت المادة 227 من معاهدة فرساي لسنة 1919 والتي تم بها إقرار المسؤولية الجنائية لإمبراطور ألمانيا عن الجريمة العضمى ضد الأخلاق الدولية وقدسية المعاهدات ،والذي وافقت أمانيا على محاكمته أمام محكمة دولية(1) ولقد تقررت المسؤولية الجنائية الدولية للفرد عن الجرائم الدولية في لائحة المحاكم العسكرية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب (نورمبرج -وطوكيو )وذلك من مادتها السادسة إلى الثامنة،ولقد أكد في المؤتمر الثالث والعشرين للإتحاد البرلماني الدولي الذي عقد بواشنطن 1925 ،هذا النوع من المسؤولية حينما قرر انه إلى جانب مسؤولية الدولة المعتدية وهيئاتها العامة ،فإنه يوجد أيضا المسؤولية الجنائية للأفراد العاديين حيث يعتبرون مسؤولين عن الجرائم التي ترتكب ضد النظام العام الدولي ولقد أكدت بعض الإتفاقيات الدولية هذا النوع من المسؤولية الدولية ،من ذلك إتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية إواذا ما أرتكب احد رؤساء الدول أو المسؤولين السياسيين فيها، إحدى الجرائم الإرهابية فإنه يمكن تحريك دعوى المسؤولية إزاء هذا الشخص ويترتب على ذلك توقيع الأحكام والعقوبات الدولية كأثار للمسؤولية الدولية(2).
المطلب الثاني: أثـار المسؤوليةالجنائية عن جرائم الإرهاب في القانون الدولي
يترتب على إسناد المسؤولية الدولية لأحد أشخاص القانون الدولي توقيع الجزاء الدولي المناسب ،إلا أنه إسناد المسؤولية يترتب عنه ضرورة وجود جهة مختصة تقوم بهاته العملية وبعد وجود جهة مختصة يستوجب أن يكون جزاء مناسب لهذه الافعال للحد منها ، ولقد حثت أغلب الدول والأراء الفقهية حول ضرورة إقامة نظام لصلاحية قضائية لمواجهة مرتكبي جرائم الإرهاب، ولقد نص مؤتمر ___________________________________________________ (1)- الدكتور عباس هاشم السعدي( مسؤولية الفرد عن الجريمة الدولية) دار المطبوعات الجامعية -مصر- 2002 ص255 . (1)-د/سيد أبو عطية(الجزاءات الدولية بين النظرية والتطبيق)مرجع سابق ص277 الإتحاد البرلماني الدولي المنعقد في روما عام 1948 على المبادىء الرئيسية للأخلاق الدولية أنه يجب على المجموعة الدولية أن تقرر بأسرع ما يمكن قانون عقوبات دولي وإقامة محكمة جنائية دولية للمعاقبة على الجرائم الدولية(1)،ومن هنا يتضح أن أثار المسؤولية الدولية عن جرائم الإرهاب تنتج أثرين هما الإختصاص فيها وتحديدها إذ يجب أن تكون هذه الجهة محايدة ،كما يجب أن تقابل المسؤولية جزاء للحد من مخالفات القانون الجنائي الدولي النقطتين اللتين سوف نتطرق لها في الفرعين التاليين : .
الفرع الأول : الإختصــــــــاص.
لقد كان العرف الدولي مستقرا على أن المحاكم الوطنية ذات اختصاص شامل لجميع الجرائم ،غير أن هذا العرف تزعزع إبتداء من نهاية القرن العشرين وقد أثمرت جهود إتفاقية جنيف لمكافحة الارهاب لسنة 1937،إذ أبرمت الاتفاقية الثانية منها ونصت على إنشاء محكمة دولية للمعاقبة على جرائم الارهاب . غير أنه لم ينفذ ذلك رغم التوقيع عليها من طرف 13دولة ولكن لم تتم المصادقة عليها ،وإعتبر الفقه أن هذه الاتفاقية تبين نوايا الدول حول إيجاد سبيل لمكافحةالإرهاب ومن ثمة دراسة الصلاحيات للنظر في قضايا الارهاب والتي هي كمايلي:
– إختصاص المحاكم الوطنية : تختص المحاكم الوطنية للنظر في الجرائم التي تقع داخل إقليمها الوطني،وكإستثناء يمكن للدول أن تلاحق رعاياها الذين يرتكبوا الجرائم في الخارج ويسمى ذلك بمبدا الشخصية الإيجابية ،كما يمكن للدولة ملاحقة أشخاص إرتكبوا جرائم إرهابية كان سببها مواطنيها ويسمى هذا المبدأ بمبدأ الشخصية السلبية،لكن يطرح التساؤل حول إرتكاب الجرائم الارهابية في عدة أماكن النقطة التي إختلف فيها الفقه فيرى أنصار نظرية السلوك الإجرامي أن الإعتداء بالمكان الذي مارس فيه الجاني سلوكه الإجرامي هو الذي يحدد الإختصاص فيها،في حين يرى أنصار نظرية النتيجة المختلطة أنه كل من مكان السلوك ومكان النتيجة معا يحددان الإختصاص فتعتبر الجريمة وقعت في المكان الذي إرتكبت فيه الجريمة او جزء منها.
-الإختصاص العالمي : نظرا لخطورة جريمة الإرهاب من حيث الأفعال وكذا من حيث الأشخاص الذين يرتكبونها ،تطرأ بعض الصعوبات تؤثر على المحاكمات العادلة والشفافة ، ومن جهة أخرى فإنه يصعب إذ لم نقل أنه من المستحيل عقد إختصاص وطني في قضية إرهاب الدولة ،الأمر الذي إستوجب وجود حل يتمثل في إنشاء جهة قضائية لها صلاحية القضاء الدولي ولقد ظهرت فكرة الاختصاص العالمي في معاهدة جنيف لسنة 1937،وذلك بتخصيص جهاز ذو صلاحية دولية تختص للبت في قضايا الارهاب الدولي و،توجت هذه الفكرة بقبول الدول وكذا الفقه في المؤتمرات الدولية والجهود العلمية ،وإقترح البعض بشأن ذلك إنشاء محكمة جنائية دولية ،إلا أن هذه المسالة رغم محاسنها والذي أساسها الوحيد
___________________________________________________ (1)-د/ محمد مؤنس محب الدين (الإرهاب في القانون الجنائي على المستويين الوطني والدولي )مرجع سابق ص 638
يتمثل في حماية الإنسان الذي هو أساس وجود الجماعة الدولية ،لكن تطبيق مبدأ الإختصاص العالمي يعترضه عدة صعوبات ،تتمثل في السيادة وكذا الحصانة القضائية، والتي قد تحدث إذ ما كان رئيس دولة محل متابعة بشأن جريمة ارهاب كما أن الحصانة القضائية تعتبر من أهم العوائق التي تعارض مبدأ الإختصاص العالمي(1)،إلا أنه خلال العشريتين الأخيرتين هناك مجهودات كبيرة تبذل لإعادة النظر في الطابع المطلق لهذه الحصانات بسبب الجرائم الخطيرة ،وينص نظام محكمة نورمبرغ في مادته السابعة على انه مبادىء القانون الدولي التي تحمي في بعض الأحوال ممثلي الدول لا يمكن إعمالها إذا كنا بصدد أفعال تعتبر جرائم بمقتضى القانون الدولي نفسه ، إن مرتكبي مرتكبي هذه الأفعال لا يمكنهم أن يتذرعوا بصفتهم الرسمية لكي يسلمو من العقاب …فمن يخالف قوانين الحرب لا يمكنه أن يحتمي بالحصانة على إعتبار أن هذه الأفعال تخرج عن إختصاص الدول وتخالف القانون الدولي ، كما أن نظام محكمة روندا الدولية ينص على أنه لا يعني المنصب الرسمي للمتهم ، سواءا كان رئيسا لدولة أو حكومة أو…(2)، ولقد كانت قضية بينوشي الإنطلاقة القضائية الحقيقية لتفعيل هذا المبدا ،كذلك وفي نفس السياق قضية الرئيس الليبي محمد القذافي والتي خلص من القرار أنه لم تظهر قاعدة قانونية قادرة على تعليق حصانة رؤساء الدول في حالة إرتكابهم أعمال ارهابية.
كما أن بعض الاتفاقيات نصت على الإختصاص للنظر في جرائم الإرهاب ،فإن إتفاقيتا لاهاي سنة1970واتفاقية مونتريال1971 لمنع الإستيلاء الغير مشروع على الطائرات تضمنتا الإختصاص الجنائي للبت في هذه الجريمة ،ولقد أوجبت الاتفاقيتين على الدول المتعاقدة أن تتخذ الإجراءات الضرورية لتأسيس إختصاصها القضائي في جريمة الإختطاف والدول التي لها الحق بممارسة الاختصاص هي: .
1- دولة التسجيل: لقد نصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من إتفاقية طوكيو وكذا الفقرة من المادة 04 من إتفاقية لاهاي ومونتريال على أنه على الدول المتعاقدة أن تتخذ ما يلزم من اجراءات لتاسيس إختصاصها القضائي إذا كانت تلك الدولة قد تم تسجيل الطائرة المختطفة بها ،ويبقى السؤال مطروحا حول الطائرات التي تملكها المنظمات الدولية ،غير أن هناك راي ينص على أن تسجيل الطائرة من دولة معينة تتولى الاختصاص بالنيابة .
2- دولة الهبوط:لقد نصت الفقرة الثانية من المادة 11من اتفاقية طوكيو وكذا الجزء (ب) من الفقرة الأولى من المادة 04 من إتفاقية لاهاي، وكذا الجزء ج من الفقرة 01 من المادة05من إتفاقية مونتريال على أن الدول التي تهبط الطائرة المختطفة على أراضيها ومازال الخاطف على متنها لها أن تمارس إختصاصها القضائي ويشترط لممارسة الاختصاص شرطين هما: .
– هبوط الطائرة داخل اقليم الدولة .
– وجود المختطف على متن الطائرة .
___________________________________________________
(1)-محاضرت الأستاذ لعرابة محمد ألقيت على الطلبة القضاة السنة الثانية سنة 2005-2006
(2)-أحمد حسين سويدان الإرهاب الدولي في ظل المتغيرات الدولية مرجع سابق ص107
ولقد لقت هذه الفقرات إعتراض على أساس إنعدام الصلة بين هذه الدولة والجريمة المرتكبة ،إلا أن المندوب الإسباني في المؤتمر دافع عن هذا الاختصاص بتبرير اذا لم يسمح للدولة التي تهبط فيها الطائرة ممارسة الاختصاص ،فإنه يكون من الصعب على تلك الدول إتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء الاختطاف(1)،وإضافة إلى الإختصاص الذي صرحت به الإتفاقيات الدولية ذات الصلة بجريمة إختطاف الطائرات يجوز للدول المتعاقدة تأسيس إختصاص قضائيا بالاتفاق،غير انه في حقيقة الامر أنه لا يوجد قضاء دولي مختص للبت في قضايا الإرهاب فإن نظام المحكمة الجنائية الدولية لم يدخل الأرهاب في دائرة إختصاص المحكمة والتي يشمل طبقا للمادة 05 من النظام على جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان ، كما أن المحكمة الجنائية بيوغسلافيا والمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بروندا لم تنصا على إختصاصهما للبت في جرائم الإرهاب ،كم أنه كانت إقتراحات (كالجزائر)بشأن إدخال جريمة الإرهاب في إختصاصات المحكمة الجنائية الدولية غير أن بعض الدول إعترضت على ذلك من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن هناك إمكانية ملاحقة مرتكبي جرائم إرهابية أمام المحكمة الجنائية الدولية إذا ما دخلت الأفعالتحت وصف يشمله إختصاص المحكمة (2)
الفرع الثاني : الجزاءات المترتبة عن اعمال الارهاب في القانون الدولي .
الشيء المتفق عليه هو أنه لإحترام القاعدة القانونية يجب أن يترتب عنها جزاء يكون بقدر المسؤولية ،وبعد تطرقنا الى المسؤولية والجهات المختصة في تحديدها، يجب التطرق إلى الجزاء في ظل القانون الدولي الناجم عن إرتكاب أعمال إرهاب ويدور مفهوم الجزاء الدولي لدى الفقه الدولي على فكرة مفادها أن الجزاء الدولي ذو طبيعة عقابية ويمارس كأثر مترتب على فعل غير مشروع دوليا ،ويعرف الفقه الجزاء الدولي على أنه رد فعل إجتماعي إتجاه أحد اعضائه عن طريق استخدام الإكراء المادي ، ولقد اكد الاستاذ انتونيو درانجو المقرر الخاص للجنة القانونية الدولية في تقريره عن المسؤولية الدولية سنة1991،ان الجزاء ماهو إلا نتيجة منطقية لحدوث فعل غير مشروع دوليا ،ومن ثمة فإن العقوبة هي الصورة النموذجية للجزاء الدولي الجنائي ،ولقد نصت على ذلك المادة الثانية من مشروع لجنة القانون الدولي حول العقاب على الجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها على أنه كل من يرتكب جريمة مخلة بسلم الانسانية وأمنها يكون مسؤولا عن هذا العمل ويقع تحت طائلة العقاب ،غير أن القاعدة العامة في القانون الدولي الجنائي هو عدم النص الصريح على شكل العقوبة التي يجب ان توقع، والإكتفاء بوجوب توقيعها دون تحديدها ، القاعدة التي إتبعتها العديد من الإتفاقيات الدولية ذات الطابع الجزائي ومثال ذلك إتفاقية لاهاي وإتفاقية مونتريال وإكتفت بالنص على ضرورة بتشديد العقوبة،ولقد خصت المادة الثالثة من إتفاقية مونتريال على أنه تتعهد كل دولة متعاقدة
___________________________________________________
(1)- أسامة مصطفى إبراهيم مضوي جريمة إختطاف الطائرات المدنية في القانون الدولي والفقه الإسلامي مرجع سابق ص111 . (2)-أحمد حسين سويدان الإرهاب الدولي في ظل المتغيرات الدولية مرجع سابق ص100 تشديد العقوبات على الجرائم المنصوص عليها في المادة الاولى غير أنه نجد في بعض النصوص بعض العقوبات على الجرائم الارهابية كما جاءت به اللائحة27 من لائحة محاكم نورمبرج قد نصت على بعض انواع العقوبات الجسدية مثل الاعدام . ومن ثمة فان كل دول العالم أادانت الأعمال الإرهابية بشتى أنواعه ،كما أنها لم تأخذ بعين الإعتبار صفة الأشخاص المرتكبين لها ،كما أكدت الدول كذلك على أن جريمة الإرهاب لا تتقادم ،اما بالنسبة للدول المصنفة إرهابية فهي الأخرى لم تسلم من قواعد القانون الجنائي الدولي، وخصصت لها عقوبات هي على أربعـة انواع وهي كمايلي (1):- الحصار الاقتصادي- المقاطعة الاقتصادية – قطع العلاقات السياسية أو الدبلوماسية – إستخدام القوة المسلحة
كما ان الولايات المتحدة الامريكية نصت على تطبيق اربع مجموعة رئيسة من العقوبات على الدول التي ترعى الارهاب وهي (2):
1- حظر تصديروبيع الاسلحة واللوازم المتصلة بها للدولة الارهابية.
2- مراقبة صادرات المواد ذات الاستخدام المزدوج ،ويجب اشعار الكونغرس قبل 30يوم من تصدير اي سلع او خدمات قد تكون لها اثر هام في تعزيز القرارات العسكرية للدولة الراعية للارهاب او قدرتها على دعم الارهاب .
3- حظر المساعدات الاقتصادية .
4- فرض قيود مالية متنوعة وقيود اخرى تشملما يلي :- معارضة الولايات المتحدة الامريكية للقروض التي يمنحها البنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية الاخرى. – رفع الحضانة الدبلوماسية لإتاحة المجال لعائلات ضحايا الإرهاب لإقامة دعاوى أمام المحاكم الامريكية.- حرمان الشركات والأفراد من الإعفاءات الضريبية والمداخيل التي حققتها الدولة الإرهابية .- وقف العفاء الجمركي عن البضائع المصدر للولايات المتحدة الامريكية – صلاحية منع أي مواطن أمريكي من إجراء معاملات مالية مع دولة إرهابية دون الحصول على ترخيص من وزارة الخارجية الأمريكية والتي تتجاوز قيمتها 100.000دولار مع أي شركة تديرها دول مدرجة ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب
اترك تعليقاً