بحث ودراسة قانونية مميزة عن حجية التوقيع الإلكتروني في الأردن
مقدم من السيدة أحلام الحمبرجي
مؤسسة المناطق الحرة
عام 2008
مقدمة
أتقدم إلى مؤسستي الكريمة بهذه الورقة البحثية المتواضعة وموضوعها حجية التوقيع الإلكتروني لما أحدثته التقنية العالمية من أثر على إدارة ومحتوى أنشطة التجارة والإستثمار ومشاركة الحكومة في النشاط الإستثماري والتجاري وتشريعات الصناعة والتجارة وتشجيع الإستثمار والجمارك والضرائب والمناطق الحرة وغيرها.
إذ أن تقنية المعلومات أمست إلى جانب كونها محلاً للإستثمار مرتكزاً رئيسياً لإدارة النشاط التجاري والإستثماري الدولي في ميدان تحرير التجارة. وأمست تقنية المعلومات إحدى متطلبات التنافس في هذا الحقل، وكان من إفرازاتها على المستوى الحكومي مفهوم الدور الحكومي في الإستثمار، أما أهم إفرازاتها في القطاع الخاص فتمثل بشبكات الأعمال الإلكترونية وإعتماد تحقيق عناصر أساسية من معايير الجودة الشاملة في الإدارة والإنتاج والخدمات على تقنية المعلومات، وكان لا بد أن تمتد تأثيرات تقنية المعلومات على المحتوى التنظيمي الذي تتضمنه قواعد تشريعات الجمارك والإستثمار والضرائب والمناطق الحرة وغيرها خاصة بشأن أنشطة الإستثمار المتعلقة بالمشروعات ذات المحتوى الإلكتروني أو مشروعات الأعمال الإلكترونية، إضافة إلى تأثيرها المباشر على محتوى المشروعات التجارية التقليدية ومن الطبيعي أن يكون لهذا الإتجاه أثره على البناء القانوني لتشريعات الإستثمار والتجارة سواء القواعد التنظيمية والإجرائية أو القواعد ذات المحتوى الموضوعي.
وقد تضمنت هذه الورقة الموضوعات التالية:-
الفرع الأول (تعريف إجراءات وشهادة التوثيق والسجل الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني في قانون المعاملات الإلكترونية الأردني رقم 85 لسنة 2001)
الفرع الثاني (حجية التوقيع الإلكتروني في قانون المعاملات الإلكترونية وقانون البينات الأردني).
تمهيد
تتجه غالبية الدراسات البحثية والإستراتيجية والإقتصادية والإجتماعية والقانونية إلى إسباغ وصف عصر المعلومات على الحقبة الزمنية الممتدة منذ سبعينيات القرن العشرين وحتى الآن، فيما يتجه البعض إلى إعتبار مطلع الثمانينات مدخل الحقبة الزمنية لعصر المعلومات في وقت شاع وصف العصر منذ أواخر التسعينات بالعصر الرقمي.
ولقد خضعت القواعد القانونية للتعاقد في النظم المقارنة إلى عملية تقييم في ضوء مفرزات تقنية المعلومات وتحدياتها وذلك من أجل بيان مدى توائم النصوص القانونية القائمة مع ما أفرزته وسائل الإتصال الحديثة وتحديداً شبكات الإنترنت في نطاق التشريعات.
وضمن هذا التوجه سارت العديد من التشريعات في أوروبا وأمريكا وشرق آسيا، أما عن الإتجاه التشريعي العربي للتعامل مع تحديات الوسائل الإلكترونية في الإثبات ف‘ن البناء القانوني للتشريعات العربية في حقلي التعاقد والإثبات لم يكن يعرف الوسائل الإلكترونية، وقد أظهرت حديثاً في الأردن دعوات عديدة إلى وجوب التنظيم التشريعي لوسائل الإثبات الإلكترونية وإعادة النظر بقانون البينات وغيره من التشريعات ذات العلاقة لتحقيق هذا الغرض غير أن المشرّع الأردني لم يتيسر له الوقوف بشكل شمولي أمام هذه المسائل وجاءت إستجاباته لهذه الدعوات جزئية في حدود عدد ضيق من التشريعات الحديثة التي إستلزمتها ظروف تحرير التجارة وإستحقاقات عضوية منظمة التجارة الدولية (1).
(1) دراسة في مسائل وتحديات الإثبات في المعاملات المصرفية الإلكترونية ومتطلبات التشريع الملائم لتجاوز هذه التحديات والمنشورة على الموقع الإلكتروني [email protected]
ولما كانت طلبيات البضاعة أو الخدمات تتم عبر شبكة الإنترنت إما بالدخول إلى الموقع المعني من قبل المستخدم أو عبر تقنية البريد الإلكتروني ولما كان العقد يتم على الشبكة، فإن أول ما أثير في هذا الميدان، مدى حجية هذه المحررات والعقود التي لا تتضمن توقيعاً مادياً عليها من قبل أطرافها أو مُصدريها وكحل يتفق مع الطبيعة التقنية لأنشطة التجارة الإلكترونية، إستخدمت تقنيات التواقيع الإلكترونية أما كصورة تناظرية، أو رموز رقمية، ولا تعرف النظم القانونية القائمة التواقيع الإلكترونية ولا تألفها، لذا كان لزاماً وضع القواعد التي تكفل قبول هذه التوقيعات وتضمن حجيتها وقوتها القانونية في الإثبات.
وأمام قواعد الإثبات بوجه عام، التي لا تُقبل بالنسبة للمستندات غير المستندات الرسمية بدون حاجة دعوة منظمها للشهادة، والمستندات العرفية الموقعة المبرزة عبر منظمها، ولا تقبل المستندات غير الموقعة إلا كمبدأ ثبوت بالكتابة يستلزم بينة أخرى إذا ما إعترف بها كمبدأ بثبوت بالكتابة إبتداءً بحسب نوع النزاع – فإن قبول القضاء للتعاقدات الإلكترونية يتطلب إقرار حجية العقود الإلكترونية والمراسلات الإلكترونية (البريد الإلكتروني مثلاً) والتواقيع الإلكترونية وموثوقيتها كبينة في المنازعات القضائية، وقد تضمنت التشريعات التي سنت في الدول المتقدمة، قواعد تقضي بالمساواة في القيمة ما بين التعاقدات والتواقيع العادية وبين رسائل البيانات الإلكترونية والعقد الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني الرقمي، وقررت عدد من التشريعات معايير للحجية تقوم على إثبات حصول الإتصال وموثوقية الموقعين المتصلين، كما أجازت بعضها عمليات التشفير التي تكفل حماية التوقيع من الإلتقاط غير المصرح به.
نطاق تطبيق أحكام قانون المعاملات الإلكترونية الأردني رقم 85 لسنة 2001، يهدف هذا القانون إلى تسهيل إستعمال الوسائل الإلكترونية في إجراء المعاملات مع مراعاة أحكام أي قوانين أخرى دون تعديل أو إلغاء لأي من هذه الأحكام، مع الأخذ بعين الإعتبار لدى تطبيق هذه الأحكام قواعد العرف التجاري الدولي ذات العلاقة بالمعاملات الإلكترونية ودرجة التقدم في تقنية تبادلها.
ويتم تطبيق أحكام هذا القانون على ما يلي (1) :-
1) المعاملات الإلكترونية والسجلات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني وأي رسالة معلومات إلكترونية.
2) المعاملات الإلكترونية التي تعتمدها أي دائرة حكومية أو مؤسسة رسمية بصورة محلية أو جزئية.
(1) المادة (4) من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني رقم 85 لسنة 2001
الفرع الأول: (إجراءات وشهادة التوثيق) والسجل (السجل الإلكتروني) و (التوقيع الإلكتروني) في قانون المعاملات الإلكترونية رقم 85 لسنة 2001 الأردني
إن التعديلات التشريعية الواسعة التي إعتمدت مؤخراً انصبت على إعطاء طرق الحفظ الإلكتروني للمستندات قيمة قانونية وصلاحية سواء في الحفظ لأغراض التوثيق أو في الإثبات عندما يثور النزاع بشأنها، فقانون البنوك مثلاً، عالج مشكلة إحتفاظه بالسجلات والمعاملات، فنحن صراحة على صلاحية صورة المستندات المحفوظة بنظام الميكروفيلم بأنواعه أو ملفات الكمبيوتر بحيث تقوم مقام الأصل الورقي، وذات الأمر مثلاً قرره قانون الأوراق المالية بشأن صلاحية البيانات والسجلات الإلكترونية المخزنة في أنظمة هيئة الأوراق المالية الأردنية، ونفس الحكم تضمنته تشريعات الملكية الفكرية بشأن سجلات مصنفات الملكية الفكرية وتحديداً الصناعية المحفوظة في أنظمة التسجيل الإلكترونية في وزارة الصناعة والتجارة، إلا أن هناك تشريعات أخرى لم تتضمن مثل هذه القواعد، لذلك جاءت المادة (11) من قانون المعاملات الأردني لتسد هذه الثغرة بإقرارها صلاحية الحفظ الإلكتروني ليقوم مقام الحفظ الورقي لأغراض التوثيق والإثبات والتدقيق، إلا أن هذه المادة إحتاطت من إحتمال أن لا يتجه المشرع إلى قبول هذا المبدأ بشأن سجلات أو وثائق معينة، فقررت إستثناء من هذا المبدأ حالة ما إذا نص تشريع لاحق على خلاف المبدأ بمعنى أن يتطلب تشريع لاحق على خلاف المبدأ بمعنى أن يتطلب تشريع لاحق الحفظ الورقي للمستندات لأغراض التوثيق والإثبات والتدقيق.
أولاً : تعريف إجراءات وشهادة التوثيق والسجل الإلكتروني.
– إجراءات التوثيق:
هي وسائل أو آليات تتبع للتحقق من أن التوقيع الإلكتروني والسجل الإلكتروني قد تم تنفيذه من شخص معين، أو لغاية تتبع التغييرات والأخطاء التي حدثت في سجل الإلكتروني بعد إنشائه بما في ذلك إستخدام وسائل التحليل للتعرف على الرموز والكلمات والأرقام وفك التشفير والإستعادة العكسية وأي وسيلة أو إجراءات أخرى تحقق الغرض المطلوب (1) .
(1) المرجع السابق
– شهادة التوثيق:
هي الشهادة التي تصدر عن جهة مختصة مرخصة أو معتمدة لإثبات نسبة توقيع إلكتروني إلى شخص معين إستناداً إلى إجراءات توثيق معتمدة (1) .
– السجل الإلكتروني:
هو القيد أو العقد أو رسالة المعلومات التي يتم إنشاؤها أو إرسالها أو تسلمها أو تخزينها بوسائل إلكترونية (2) .
ثانياً: تعريف التوقيع الإلكتروني:
لقد عرف قانون المعاملات الإلكترونية في المادة (2) منه التوقيع الإلكتروني بأنه “عبارة عن البيانات التي تتخذ هيئة حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها وتكون مدرجة بشكل إلكتروني أو رقمي أو ضوئي أو أي وسيلة أخرى مماثلة في رسالة معلومات أو مضافة عليها أو مرتبطة بها ولها طابع يسمح بتحديد هوية الشخص الذي وقعها ويميزه عن غيره من أجل توقيعه وبغرض الموافقة على مضمونه.
وفي هذا المقام لا بد من التفريق بين التوقيع الإلكتروني والتوقيع الرقمي إذ أن التوقيع الإلكتروني يكون بأية صورة بما فيها الرسم الضوئي، في حين أن التوقيع الرقمي والذي يصنعه برنامج خاص هو مجموعة مزايا رقمية مأخوذة من حجم الرسالة المرسلة تنقل بشكل مشفر ويتبين من فك تشفيرها مدى صحة أو عدم صحة التوقيع (3).
أيضاً عرف بأنه التوقيع المكون من حروف أو أرقام أو رموز أو صوت أو نظام معالجة ذي شكل إلكتروني وملحق أو مرتبط منطقياً برسالة إلكترونية وممهور بنية توثيق أو إعتماد تلك الرسالة (4).
(2) المرجع السابق
(3) المادة (2) من قانون أمارة دبي الخاص بالمعاملات والتجارة الإلكترونية رقم (2) لسنة 2002.
(4) محاضرة بعنوان “تقنية المعلومات والتجارة الإلكترونية منشورة على العنوان الإلكترونيWWW. Arablaw.org
بحيث يتم التوقيع الإلكتروني (الرقمي) بواسطة برنامج كمبيوتر خاص لهذه الغاية وبإستعماله فإن الشخص يكون قد وقع على رسالته تماماً كما يوقع مادياً (في عالم الأوراق والوثائق الورقية) ويستخدم التوقيع الرقمي على كافة الرسال الإلكترونية والعقود الإلكترونية.
وظيفة التوقيع الرقمي:-
يمكن من الوجهة القانونية إعتبار أن الوظائف الرئيسية للتوقيع الرقمي هي:-
1- التوقيع الرقمي يثبت الشخص الذي وقع الوثيقة.
2- يحدد التوقيع الرقمي الشئ (الوثيقة) التي تم توقيعها بشكل لا يحتمل التغيير.
التفرقة بين التوقيع العادي والتوقيع الإلكتروني (الرقمي)
التوقيع الإلكتروني (الرقمي): عبارة عن جزء صغير مشفّر من بيانات يضاف إلى رسالة إلكترونية كالبريد الإلكتروني أو العقد الإلكتروني، وثمة خطر كبير في مفهوم التوقيع الرقمي حيث يظن البعض أنه أرقام أو رموز أو صورة للتوقيع العادي وهو ليس كذلك، إذ لا تعد صورة التوقيع العادي بواسطة السكانر (الماسحة الضوئية) توقيعاً إلكترونياً.
فالتوقيع الإلكتروني الرقمي على رسالة ما عبارة عن بيانات مجتزأة من الرسالة ذاتها (جزء صغير من البيانات) يجري تشفيره وإرساله مع الرسالة، بحيث يتم التوثّق من صحة الرسالة من الشخص عند فك التشفير وإنطباق محتوى التوقيع على الرسالة (1).
(1) مقالة بعنوان التحديات القانونية للتجارة الإلكترونية على الموقع الإلكتروني
WWW.Opendirectorysitenifo/e-commerce/04.htm-73K
الفرع الثاني: حجيّة التوقيع الإلكتروني وتأثير تقنية المعلومات على بعض العلاقات التعاقدية والإثبات
في بعض الأحوال يستلزم التشريع تقديم المعاملة إلى جهة معينة كوثيقة خطية محرر كما هو الحال ببوالص الشحن مثلاً في حين تكون هذه الوثيقة أجريت بطريقة إلكترونية ومخزنة في نظم الكمبيوتر، أو كالكشوف المحاسبية التي تجري داخل النظام لكن يتعين تقديمها للقضاء كمستخرج ورقي.
ولقد قررت المادة (6) من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني أن طباعة المعاملة المجزّأة بواسطة وسائل إلكترونية من قبل المرسل إليه وتقديمها كمستخرج خطي يفي بالإلتزام الذي تقرره التشريعات الخاصة حين تتطلب تقديم المستند أو المعاملة بصورة خطية، لكن هذه السجلات تعتبر غير ملزمة للمرسل إليه إن عجز عن طباعتها أو تخزينها والإحتفاظ بها بسلوك صادر عن المرسل ذاته.
ولتوضيح هذه الفكرة فإن المرسل قد يرسل رسالة معلومات إلى المرسل إليه بالبريد الإلكتروني، فإن إفترضنا أن تقنية الإرسال تمنع المرسل إليه من الإحتفاظ بالرسالة وتخزينها وإسترجاعها ورقياً فإن هذه الرسالة لا تكون ملزمة للمرسل إليه.
أولاً: حجية التوقيع الإلكتروني
لقد أكدّت المادة (10) من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني على أن التوقيع الإلكتروني على السجل الإلكتروني يفي بمتطلبات التشريع الذي يستوجب توقيعاً على المستند أو نص على ترتيب أثر على خلوة من التوقيع، وهذا تكريس لمبدأ أن التوضيح الإلكتروني حقق المقصود من التوقيع الخطي، لكن إيفاء التوقيع الإلكتروني بهذه الوظيفة التي يحققها التوقيع العادي رهن بالثقة بصحة هذا التوقيع، فكيف ستحقق هذه الثقة؟
إن الفقرة (ب) من ذات المادة أجابت على هذا التساؤل حين قررت أنه يتم إثبات صحة التوقيع الإلكتروني ونسبته إلى صاحبه إذا توافرت طريقة لتحديد هويته والدلالة على موافقته على المعلومات الواردة في السجل الإلكتروني الذي يحمل توقيعه إذا كانت تلك الطريقة، مما يعول عليها لهذه الغاية في ضوء الظروف المتعلقة بالمعاملة بما في ذلك إتفاق الأطراف على إستخدام تلك الطريقة ومن الطرق الشائعة في البيئة الرقمية (1) (إنضمام الشخص إلى نظامه الإلكتروني) ويقصد بها الإنضمام إلى شبكة يديرها الغير تمنحه مصادقة على أن التوقيع الإلكتروني المستخدم فيه معتمد من قبلها لشخصه ونظامه وأنه يستخدمه في تعاملاته الإلكترونية، ومن الطرق أيضاً إثبات إشتمال نظام الكمبيوتر المستخدم في الإرسال على برمجيات التوقيع الإلكتروني مزودّة من منتجيها بحيث يسهل اللجوء إلى منتج البرنامج لتأكيد سلامة أو عدم سلامة التوقيع الإلكتروني محل الإستخدام (2).
ولقد بحثت العديد من المحاكم في النظم القانونية المقارنة حجية التوقيع الإلكتروني، وتباينت الإتجاهات بشأنها قبل أن يتم تطبيق حجيتها قانوناً في عدد من الدول أو الإستعداد التشريعي في عدد آخر تمهيداً لقبوله أو إقرار حجيته، ضمن شروط ومعايير معينة.
وقد إعتبر القانون المعاملات الإلكتروني الأردني أن السجل الإلكتروني أو العقد الإلكتروني أو الرسالة الإلكترونية أو التوقيع الإلكتروني منتجاً للأثر القانوني ذاته المترتب على الوثائق والمستندات الخطية والتوقيع الخطي بموجب أحكام التشريعات النافذة من حيث إلزامها لأطرافها أو صلاحياتها في الإثبات ولا يجوز إغفال هذا الأثر، شريطة عدم تعارضها مع مواد القانون المعمول به وذلك حسب نص المادة (7) من القانون نفسه.
وفي هذا المقام لا يمكن أن نتجاهل التعديل التشريعي في قانون البينات الأردني مؤخراً، فقد تناول القانون المعدّل لقانون البينات الأردني لسنة 2001 حجية رسائل الفاكس والتلكس والبريد الإلكتروني وقوتها في الإثبات، وأعتبر أن لها قوة الإسناد العادية في الإثبات ما لم يثبت من نُسب إليه إرسالها انه لم يقم بذلك أو لم يكلف أحدبإرسالها، كما أن لرسائل التلكس بالرقم السري المتفق عليه بين المرسل والمرسل إليه حجة على كل منهما وتكون لمخرجات الحاسوب المصدقة أو الموثقة فوة الأسناد العاديّة من حيث الإثبات ما لم يثبت من نسبتإليه أنه لم يستخرجها أو لم يكلّف أحد بإستخراجها (3).
(1) مرجع سابق WWW. Arablaw.org
(2) نفس المرجع
(3) المادة (13/3) من قانون البينات المعدّل لسنة 2001
وبذلك يكون المشّرع الأردني قد قطع شوطاًَ في مجال التطور التشريعي بما يتناسب مع التطور العالمي وتطور التشريعات على المستوى العالمي بما سينعكس إيجاباً على تشجيع الإستثمار ويكون نقطة جذب للمستثمرين الذين سيتمكنوا من إثبات أعمالهم في ظل قانون عصري يتواكب مع التطور.
ويتم إثبات صحة التوقيع الإلكتروني (1) ونسبته إلى صاحبه إذا توافرت طريقة لتحديد هويته والدلالة على موافقته على المعلومات الواردة في السجل الإلكتروني الذي يحمل توقيعه إذا كانت تلك الطريقة مما يعول عليها لهذه الغاية في ضوء الظروف المتعلقة بالمعاملة بما في ذلك إتفاق الأطراف على إستخدام تلك الطريقة.
وقد إعتبرت المادة (32/أ) من الفصل السادس من قانون المعاملات المذكور والخاص بتوثيق السجل والتوقيع الإلكتروني، أن التوقيع الإلكتروني يعتبر موثقاً إذا إتصف بما يلي:-
1- إرتباطه بالشخص صاحب العلاقة وتميّزه بشكل فريد.
2- كان كافياً للتعريف بشخص صاحبه.
3- تم إنشاؤه بوسائل خاصة بالشخص وتحت سيطرته.
4- إرتبط بالسجل الذي يتعلق به بصورة لا تسمح بإجراء تعديل على القيد بعد توقيعه دون إحداث تغيير في التوقيع.
لذلك فإن القانون الأردني يفترض أن التوقيع الإلكتروني والسجل الإلكتروني الموثق لم يتم تغييره أو تعديله منذ تاريخ إجراءات توثيقه وأنه صادر عن الشخص المنسوب إليه وأنه قد وضع من قبله للتدليل على موافقته على مضمون السند ما لم يثبت العكس.
(1) المادة (10) من قانون المعاملات الإلكترونية، مرجع سابق
وفي حالة عدم توثيق السجل الإلكتروني أو التوقيع الإلكتروني،
فلا يعتد بهما ولا يرتب أياً منهما أي حجية في القانون، ويعتبر السجل الإلكتروني أو أي جزء منه إذا كان يحمل توقيعاً إلكترونياً موثقاً، سجلاً موثقاً بكامله أو فيما يتعلق بذلك بذلك الجزء حسب واقع الحال، إذا تم التوقيع خلال مدة سريان شهادة توثيق معتمدة وتمت مطابقته مع رمز التعريف المبين في تلك الشهادة (1).
ثانياً: حالات إعتماد شهادة التوثيق التي تبيّن رمز التعريف للتوقيع الإلكتروني:-
لقد عرف قانون المعاملات الإلكترونية الأردني في المادة (2) منه شهادة التوثيق بأنها “الشهادة التي تصدر عن جهة مرخصة أو معتمدة لإثبات نسبة توقيع إلكتروني إلى شخص معين إستناداً إلى إجراءات توثيق معتمدة”. (2)
وتأسيساً على هذا التعريف:-
يمكن إعتماد هذه الشهادة والتي تسمى في بعض الدول بشهادة المصادقة الإلكترونية بإعتبارها تصدر من مزوّد خدمات التصاديق الإلكترونية بإعتبارها تصدر من مزوّد خدمات التصديق بعد التأكد من هوية الشخص أو الجهة الحائزة على أداة توقيع معينة وذلك ضمن الحالات التالية (3):
1- إذا كانت صادرة عن جهة مرخصة أو معتمدة من نفس الدولة أو دولة أخرى.
2- إذا صدرت عن دائرة حكومية أو مؤسسة أو هيئة مفوّضة قانوناً بذلك.
3- إذا صدرت عن جهة وافق أطراف المعاملة على إعتمادها.
(1) www.KSU.edu.sa/book fair 10/4.htm-57 6K
(2) المادة (2) من قانون المعاملات الإلكترونية (مرجع سابق)
(3) إنظر المواد من (19-22 و 23-25) من قانون إمارة دبي رقم (2) لسنة 2002 الخاص بالمعاملات والتجارة الإلكترونية
ثالثاً: إن أثرالتقنية الإلكترونية على النشاط الإستثماري والتجاري وتشجيع الإستثمار والجمارك والمناطق الحرة وغيرها.
إدى إستغلال وسائل التقنية الحديثة وفي طليعتها الإنترنت في إبرام العقود المختلفة وأتيح بفضل ربط الحواسيب وشبكة الإنترنت التعاقد الفوري بين شخصية غائبين وإذا كانت التشريعات المدنية والتجارية قد وقفت فيما سبق أمام فكرة التعاقد بواسطة التلكس أو الهاتف، فإنها مدعوة للوقوف أمام إستخدام نظام الكمبيوتر، وشبكات المعلومات في التعاقد والوقوف أمام طبيعة هذه التعاقدات وأحكام التعاقد وإشكالاته والوقوف أمام مسائل الإثبات فيما أنتجته الحواسيب والإنترنت من مخرجات وبحث حجية مستخرجات الحاسوب والبريد الإلكتروني وقواعد البيانات المخزنة داخل النظم وغيرها، وإذا كان البعض يرى أن التقنية ليست أكثر من تحقيق لفكرة التعاقد بين غائبين فإن ذلك ينطوي على نظرة قاصرة، لأن هناك أبعاداً تنظيمية فيما أفرزته وسائل التقنية من أنماط جديدة للعلاقات القانونية وتحديداً في حقل التجارة الإلكترونية والخدمات والتعاقد الإلكتروني في الأسواق المالية.
وفي خضم البحث في قانونية التعاقد بالطرق القانونية وحجية مستخرجات الوسائل التقنية في الإثبات، ظهرت التجارة الإلكترونية كنمط من أنماط التعامل التجاري، لا في ميدان البيع والشراء، وإنما في ميادين التعاقد كافة كعقود التأمين والخدمات وغيرها، وقد أثارت وتثير التقنية العالية وتحديداً محتوياتها الفنية والمعرفية تحديات كبيرة في ميدان نقل التكنولوجيا والتبادل الفني والمعرفي وإلتزام مورد التكنولوجيا ومتلقيها، وقد أثرت الأنماط المتطورة من تقنيات المعلومات على البناء التقليدي لعقود نقل التكنولوجيا المعروفة منذ منتصف القرن الماضي، وأظهرت التقنية تحديات قانونية تستلزم التنظيم بالنسبة لعقود تقنية المعلومات، التوريد، البيع، الصيانة والتطوير ورخص الإستخدام، أيضاً بالنسبة لعقود الوكالات التجارية والتوزيع وعقود إشتراكات المعلوماتية وخدمات الإتصال (1).
(1) أنظر مقالة البرفسور محمد المرسي زهرة بعنوان: مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات مجلة -3- الشؤون الإجتماعية السنة الثانية عشر- العدد الثامن والأربعون – السنة 1995.
الخاتمة
لقد أفرزت تقنية المعلومات وسائل حديثة لتقديم الخدمات المصرفية وإدارة العمل البنكي، أبرزها ظهر حقل أنظمة الدفع الإلكتروني والدفع على الخط وإدارة الحسابات عن بعد، كما حدث بفعل التقنية شيوع بطاقات الدفع والإئتمان المالية بأنواعها المختلفة، ويشيع الآن مفهوم المحفظة والبطاقة الماهرة التي تمهد إلى إنتهاء مفهوم النقد الورقي والمعدني وتفتح الباب واسعاً أمام مفهوم النقد الإلكتروني أو الرقمي أو القيدي.
إلى جانب ذلك تطورت وسائل تداول الأوراق المالية وخدماتها، فظهرت فكرة التعاقد الإلكتروني والتبادل الإلكتروني للأوراق إلى جانب الإعتماد شبه الكلي في أسواق المال على تقنية الحوسبة والإتصال في إدارة التداول وقيده وإثبات علاقاته القانونية، ويشيع منذ سنوات النشاط المالي الخارجي عن بعد سيما في حقل المزادات الإلكترونية وفي حقل الإستثمار المالي وإدارة المحافظ في الأسهم والسندات وسلة العملات في الأسواق الأجنبية من قبل متعاملين وطنيين عبر منصات وبرمجيات إلكترونية، وقد أظهرت هذه التجربة عشرات المنازعات والتحديات أكثرها وضوحاً في العلاقة ما بين الزبائن العرب وبين الشركات الأسهم والعملات الأمريكية والأوروبية والشرق آسيوية.
المراجع
(1) دراسة في مسائل وتحديات الإثبات في المعاملات المصرفية الإلكترونية ومتطلبات التشريع الملائم لتجاوز هذه التحديات والمنشورة على الموقع الإلكتروني [email protected]
(2) قانون المعاملات الإلكترونية الأردني رقم 58 لسنة 2001
(3) قانون إمارة دبي الخاص بالمعاملات والتجارة الإلكترونية رقم 2 لسنة 2002
(4) قانون البينات الأردني المعدل لسنة 2001
(5) محاضرة بعنوان ” تقنية المعلومات والتجارة الإلكترونية منشورة على العنوان الإلكتروني WWW.arablaw.org
(6) مقالة بعنوان التحديات القانونية للتجارة الإلكترونية على الموقع
WWW.Opendirectorysitenifo/e-commerce/04.htm-73K
(7) www.KSU.edu.sa/book fair 10/4.htm-57 6K
(8) انظر مقالة البرفسور محمد المرسي زهرة بعنوان: مدى حجية التوقيع الإلكتروني في الإثبات مجلة -3- الشؤون الإجتماعية السنة الثانية عشر- العدد الثامن والأربعون – السنة 1995.
اترك تعليقاً