بحث ودراسة حول مسودة الدستور العراقي الجديد الباب الأول
بغداد/2005
((هوية الدولة العراقية))
تناول الباب الأول من مسودة الدستور الخاص بالمبادئ الإسلامية بيان هوية الدولة العراقية في المادتين (1) و (2) منه و التي نصتا على ما يلي :-
المادة (1) جمهورية العراق دولة مستقلة ذات سيادة نظام الحكم فيها جمهوري
نيابي ( برلماني ) ديمقراطي أتحادي .
المادة (3) العراق بلد متعدد القوميات و الأديان و المذاهـب ، و هو جـزء من
العالم الإسلامي ، والشعب العربي فيه جزء من الأمة العربية .
يستخلص من دراسة المادتين أعلاه ما يلي :-
1- أن المادة (1) لم توضح هوية الدولة العراقية و أنما تكفلت ببيان نوع نظام الحكم فيه من كونه جمهوري نيابي فدرالي و بالتالي تستبعد هذه المادة من بيان تحديد هوية الدولة العراقية .
أما المادة (3) فأنها من المفترض بها هنا أن تكون هي المادة التي أناطت بها لجنة كتابة الدستور بيان هوية الدولة العراقية ألا أنه وعند دراسة هذه المادة يلاحظ أنها جاءت مجتزأة و غير جازمة في تحديد هوية الدولة العراقية و الأدق من القول أنها لم تنص على أن العراق دولة عربية لا صراحتاً ولا ضمناً و جاءت مخالفة للحقائق القانونية و التأريخية و الحضارية التي تؤكد أن العراق (( دولة عربية )) و تمثل في حقيقتها و ماضيها وواقعها الحضاري جزءً لا يتجزأ من الأمة العربية .
و هذا هو الوصف القانوني و الاجتماعي و الديمغرافي لجمهورية العراق كشخصية معنوية دولية بين الدول الأخرى في المحيط الدولي ، وهذا ناجم عن كون التركيبة السكانية لدولة العراق و التي يشكل العرب فيها الأغلبية المطلقة بنسبة تزيد على 80٪ من السكان و الباقي من السكان من القوميات الأخرى كالقومية الكردية و التركمانية و الكلدوأشورية و غيرها .
جاء في السطر الأخير من المادة (3) عبـارة ( و الشعب العربي فيه جزء من الأمة العربية) .
و هنا نوضح أن الدول بإحدى صفاتها من كونها الشخصية المعنوية ذات مركز قانوني في الوسط الدولي تستمد هويتها و صفتها من شعوبها و ما تتصف به تلك الشعوب و بما أن ((العرب)) في العراق يشكلون نسبة الأغلبية المطلقة من السكان عليه فأن الوصف الصحيح للشعب العربي في العراق وصفاً متقدماً ملاصقاً لوصف الدولة العراقية يتقدم على غيره من الأوصاف للأقليات من القوميات و الأعراق الأخرى أنطلاقاً من مبدأ (القاعدة تتقدم على الاستثناء )
(و الكل يسبق الجزء ) و هلم جره من البديهيات المنطقية المعروفة .
عليه فأن ما ورد من عبارة ( و الشعب العربي فيه جزء من الأمة العربية) كلام حق جاء في غير مورده فالمورد و الحق أن يقال ذلك باعتباره القاعدة الأصل في صدر المادة لا في عجزها و أن يلاصق و صف الشعب العربي لدولته و يعطى الأولوية في الوصف للدولة بحيث يقال ( العراق ) دولة عربية أو العراق جزء من الأمة العربية كما أن القارئ لهذا النص ( و الشعب العربي فيه جزء من الأمة العربية ) يرى بوضوح أن استعمال حرف (الواو) قبل كلمة الشعب العربي يعطي دلالة خاطئة للشخص الذي لم يعرف حقيقة التركيبة السكانية في العراق من أن العرب فيه (أقلية) كون العبارة جاء مسبوقة بـ (واو) الاستثناء و مما يوحى ويعزز ذلك أيضاً أن العبارة جاءت في أخر النص الذي عادة يكون موقعاً مناسباً من حيث الصياغة القانونية الدقيقة لبيان حقوق الأقليات .
((تعارض نص المادة (3) مع ميثاق جامعة الدول العربية))
من المعروف للجميع أن العراق عضو مؤسس و فاعل في جامعة الدول العربية.و من الدول الأساسية التي صادقت على ميثاق جامعة الدول العربية في 22/مارس/ 1945 عليه فعلى العراق أن يرعى أحكام هذا الميثاق و أن يوائم دستوره و قوانية مع هذا الميثاق وهذا يقودنا إلى نص المادة (3) من مسودة الدستور و مدى انسجامها مع ميثاق جامع الدول العربية و كما يلي :-
نصت المادة (1) من الميثاق على ما يلي :-
(تتألف جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلة الموقعة على هذا الميثاق) .
يتضح من المادة (1) أعلاه من الميثاق على ضرورة إفصاح الدول المنظمة له على عروبتها و كونها (دول عربية) و هذا ما جعل الدول العربية أن تنص على كونها دول عربية و أنها جزء من الأمة العربية في دساتير و مثال ذلك ما نص عليه الدستور المصري لعام 1971 في المادة (1) منه على ((جمهورية مصر العربية دولة نظامها اشتراكي ديمقراطي ………و الشعب المصري جزء لا يتجزأ من الأمة العربية يعمل على تحقيق و حدتها الشاملة ))
و كذلك فعل دستور المملكة الأردنية الهاشمية في المادة(1) منه و التي نصت على( المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ……..و الشعب الأردني جزء من الأمة العربية ).
من هنا نلاحظ مدى تمسك الدول العربية في النص في دساتيرها على عروبتها كدول و شعوب رغم أن الكثير منها وضعه مماثل لوضع العراق من حيث تعددت مكوناتها حيث لديها أقليات قومية أخرى . و مثل هكذا نصوص لا يمكن اعتبارها منتقصة لحقوق الأقليات الأخرى مادامت هناك نصوص أخرى في الدستور تنص على حقيقة وجود هذه الأقليات القومية الأخرى و تدعو إلى احترام حقوقها و لغتها و ثقافتها و حضارتها في ظل تعايش سلمي في دولة واحدة يقوم على مبدأ المواطنة .
النص المقترح البديل للمادة (3)
العراق دولة عربية و هي جزء لا يتجزأ من العالم العربي و الإسلامي مع حفظ كامل حقوق القوميات و الأقليات الأخرى التاريخيــة و الثقافيــة و الاجتماعية .
أضافه عبارة (والعراق عضو مؤسس في الجامعة العربية)
لا يغير من الأمر شيئاً:-
تترددت أنباء بأن نص المادة (3) من مسودة الدستور قد عدلت بإضافة عبارة و العراق عضو مؤسس في الجامعة العربية …)
أن هذا التعديل صرح به بعض المسؤولين من خلال شاشات التلفزيون و لم نطلع حتى الأن على نص التعديل لعدم طبع المسودة النهائية حتى كتابة هذه السطور في 13/9/2005 .
عليه سوف نناقش هذا الأمر و كأنه حصل فعلاً وأقر من السادة في الجمعية الوطنية :-
أن أضافه عبارة (و العراق عضو مؤسس في الجامعة العربية) هو تحصيل حاصل لأمر حصل فعلاً في عام 1945 و ذلك عندما أنشأت منظمة جامعة الدول العربية باعتبارها إحدى المنظمات الإقليمية في المنطقة العربية و لكن أن اعتبار العراق عضواً مؤسساً في هذه المنظمة هل سيحدد هوية الشعب العراقي؟؟
و بدوره هل سيحدد هوية دولة العراق باعتباره دولة عربية ؟؟ أن الجواب على ذلك سيكون بالتأكيد (لا) ذلك أن هوية الدول لا تأتي بالانضمام إلى منظمة معينة أو عدم الانضمام أليها مهما كانت خصوصية هذه المنظمة بل أن الذي يحدد هوية دولة معينة هو واقع هذه الدولة و مكوناتها وما يميز شعبها من صفات باعتباره المكون الأساسي في ذلك تبعاً لعوامل الواقع التاريخي و الثقافي و الحضاري و الاجتماعي لذلك الشعب .
من جانب ثاني وأذا ما سلمنا جدلاً أن أضافه عبارة (والعراق عضو مؤسس في جامعة الدول العربية ) تعطي صفة الدولة العربية للعراق . فهنا تقول كيف سيصبح الأمر إذا ما حلت منظمة الجامعة العربية ؟ وهذا ممكن لأي سبب من الأسباب أو كيف سيصبح الأمر إذا ما أبدلت جامعة الدول العربية بمنظمة أخرى لاتحمل نفس الاسم ؟؟
هل سنرجع هنا إذا ما حصل ذلك إلى نقطة الصفر و نفقد هوية العراق العربية بمجرد انحلال منظمة كان العراق هو عضواً فيها .
بهذه الفرضيات يستطيع القارئ لهذه السطور أن يجيب على ما جاءت به مسودة الدستور من عبارات و افتراضات لا حصر لها في الوقت الذي كان المفترض بالمسودة من كونها القانون الأعلى للدولة أن تعطي لنصوصها الحصانة الكاملة للجزم بالمعاني و الألفاظ التي توردها لتقطع الطريق أمام أي تأويل أو افتراض .
((اللغة الرسمية))
تناولت مسودة الدستور اللغة الرسمية للعراق في باب المبادئ الأساسية و بالتحديد في المادة (4) التي نصت :-
أولاً: اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق و يضمن حـق
العراقيين بتعليم أبنائـهم بلغة الأم كالتركمانيـة أو الريانـية الأرمـنية في
المؤسسات التعليمية الحكومية على وفق الضوابط التربوية ، أو بأية لغـة
أخرى في المؤسسات التعليمية .
ثانياً : يحدد نطاق المصطلح لغة رسمـية ، و كيفية تطبيق أحكام هـذه المـادة
بقانون يشكل :-
أ?- إصدار الجريدة الرسمية باللغتين .
ب- التكلم و المخاطبة و التعبير في المجـالات الرسميـة كمجلس النواب و
مجلس الوزراء و المحاكم و المؤتمرات الرسمية ، بـأي من اللغتين .
ج- الاعتراف بالوثائق الرسمية و المراسلات باللغتين و إصدار الوثـائق
الرسمية ، و جوازات السفر و الطوابع .
ثالثاً : تستعمل المؤسسات و الأجهزة الاتحادية في كوردستان اللغتين .
رابعاً : اللغة التركمانية و اللغة السريانية لغتان رسميتان أخريـان في الوحدات
الإدارية التي يشكلون فيها كثافة سكانية .
خامساً : لكل أقليم أو محافظة اتخاذ أي لغة محلية أخرى لغة رسمية إضافية إذا
أقرت غالبية سكانها ذلك باستفتاء عام .
من دراسة هذه المادة نستخلص النتائج التالية :-
أولاً : أن مسودة الدستور جعلت للعراق كدولة لغتان رسميتان هما اللغة العربية و اللغة الكردية حيث ساوى هذا النص تماماً اللغة الكردية باللغة العربية من حيث العموم و الشمول بجعلها لغة التكلم و المخاطبة و التعبير و التعامل لمجمل دوائر و مؤسسات و مفاصل الدولة العراقية أجمع دون أي تمييز أو تفرقة أو انتقاص لإحدى اللغتين اتجاه الأخرى و في حدود جميع أراضي الدولة العراقية بكافة محافظاتها من شرقها إلى غربها ومن أقصى جنوبها إلى أقصى شمالها دون أية مراعاة للحقائق التالية :-
أن أغلب دول العالم لها لغة رسمية واحدة و هي بالتحديد تلك اللغة التي يتحدث بها عموم شعبها دون اللجوء إلى اتخاذ لغة أخرى كلغة رسمية في الوقت الذي لا يفهما ولا يجيد التحدث و التخاطب بها ألا فئة واحدة من فئات الشعب في تلك الدولة حتى لو كانت المكونات الاجتماعية في تلك الدولة متعددة و متنوعة و أن اعتماد لغة رسمية واحدة للدولة لا يعني بأي شكل من الأشكال انتهاكاً أو إجحافاً لحقوق باقي المكونات العرقية الأخرى في تلك الدولة ما دام الدستور و القوانين الأخرى قد ضمنت لها احترام كامل لحقوقها الحضارية و الثقافية و الاجتماعية عملاً بمبدأ المواطنة .
ب-فرض اعتبار اللغة الكردية لغة رسمية في كافة مناطق العراق فيه مبالغة كبيرة على حساب الواقع الفعلي لمـدى حقيقة انتشـار هذه اللغـة حيث أن مـن المعروف أنها لا يجيد التحدث بها ألا أبناء شعبنا الكردي في مناطـق شمال العراق في الوقت الذي يجهلها تمامـاً أبناء وسط و شرق و غـرب
و جنوب العراق و الذين يشكلون ما يقارب 85٪ من سكان العراق . أخذين بنظر الاعتبار أن أغلبية أبناء القوميات الأخرى من تركمان و أكراد و أشورين يجيدون التحدث و المخاطبة (( باللغة العربية )) و بشكل تام للاندماج و التقارب الحاصل بين هذه المكونات و باعتبار اللغة العربية لغة الدولة العراقية الرسمية عبر مر السنين و الأزمان . عليه فلا يمكن فرض لغة على أشخاص يجهلون حتى( أحرفها) و تجعلها لغة رسمية مساوية تماماُ للغة العربية في الدوائر و المؤسسات و المحاكـم و المفاصل كافـة للدولـة
و في كافة المحافظات . ولو حصل ذلك فأنه سوف يخلق حالة مـن الارتباك
و الفوضى و فيه مضيعة للحقوق و بالذات في عمل المحاكم و الدوائر العدلية بسب عدم توفر العدد الهائل لمترجمي اللغة الكردية.
ج-من الواضح أنه قد حصل خلط و التباس لدى لجنة كتابة الدستور بيــن اللغة الرسمية و مفهوم اللغة المحلية . حيث وسعت اللجنة مفهوم اللغة المحلية في بعض المناطق وجعلت منها لغة رسميـة لعموم العراق و هذا مـا حصل مـع اللغة الكردية التي جعلتها اللجنة لغــة رسمية لعمـوم مؤسسـات العراق فـي الوقت الذي هي لا تتعدى ذلك من حيث الانتشار لذلك كـان الأولى أن يكون النص معتبراً اللغة الكردية لغة محلية معترف بها في الحدود الإداريـة لمحافظات المنطقة الشمالية الثلاث . عمـلاً بمعيار ((الانتشار)) للغـة مــن التكلم و التحدث و المخاطبة بها .
ثانياً :- تعقباً على ما ورد فـــي الفقرة ثانياً مــن المــادة (4) المذكور أنفاً نوضــح ما يلي :-
أن هذه الفقرة جاءت مبالغ بها صياغتاً و مضموناً بحيث خالفت أغلب القواعد الأساسية في الأمور الدبلوماسية و الاقتصادية و القضائية :-
1- أن هذه الفقرة أجازت استعمال أي مـن اللغتين العربية و الكردية كلغـة رسمية للوثائق و المراسلات الخاصة بالدولة العراقية :-
أن هذا النص فيه مبالغة كبيرة للقواعد العامة للعمل الدبلوماسي فكما معروف مثلاً أن الدولة العراقية باعتبارها دولة عربيــة تخاطب الدول و المنظمات الدولية و الإقليمية باللغة العربية و ذلك عبر مراحلها كافة منذ تأسيسها و حتى اليوم فأن أرشيف الدولة العراقية يثبت ذلك فنجد كافة مؤتمرات الجامعة العربية و الأمم المتحدة و المنظمات الإقليمية الأخرى وثقت باللغة الرسمية للعراق و هي اللغة العربية عليه و بموجب نص الفقرة ثانياً من المادة (4) من المسودة و في ضوءها نطرح السؤال التالي هل بإمكان الدولة العراقية عملياً أن تخاطب اجتماعات الجامعة العربية و دول العالم دبلوماسياً باللغة الكردية و هل ستكون هذه اللغة مفهومة و معلومة لهذه الهيئات وأذا ما حصل ذلك هل تكن هذه المخاطبات معبرة عن واقع الشعب العراقي بأكمله؟ أم لتكوين واحد من مكونات هذا الشعب ؟
2 . أما من جانب القضاء العراقي و إلزامه بموجب نص مسودة الدستور بان تكون اللغة الكردية لغة رسمية في عمله لكافة أنحاء العراق فهذا أمر غاية في التعقيد نظراً لجهل الكادر القضائي العراقـي بكامل درجاتــه و عناوينه الوظيفية باللغة الكردية عدا مناطق شمال العراق .فكيف يمكن لقاضي في محافظة الديوانية مثلاً البت في طلب أو عريضة مقدمة له باللغة الكردية باعتبارها لغة رسمية عليه فأن ذلك سوف يؤدي الى ضياع الحقوق لا لشيء و أنما للجهل باللغة الكردية . و الكلام عن الصعوبات و التعقيدات الناجمة عن تطبيق اعتبار اللغة الكردية لغة رسمية في الدوائر و المحاكم نفسه يقال بالنسبة إلى طبع جوازات السفر و العملة النقدية و الطوابع باللغتين و أكرر دون أي انتقاص لحقوق إخواننا الأكراد ثقافياً و اجتماعيا و حضارياً .
ثالثاً :- بخصوص ما ورد في الفقرة رابعاً من المادة (4) من المسودة و الذي أوجب اعتبار اللغتين التركمانية و اللغة السريانية لغتان رسميتان أخريات في المناطق ذات الكثافة السكانية للمتحدثين بهما .
ان هذا النص أيضاً لم يفرق بين مصطلح اللغة الرسمية و اللغة المحلية في حدود منطقة أداريه من مناطق العراق فالأولى بالنص يقر اعتبار اللغات التي ذكرها هي لغات محلية بقدر الإمكان في الدوائر الرسمية في تلك المناطق الى جانب اللغة الرسمية الوحيدة للدولة و هي اللغة العربية هذا ومن جانب ثاني أن هذا النص أغفل تحديد مسألة اللغة المركزية و الرئيسية للمخاطبة بين تلك المناطق و مناطق العراق الأخرى بدوائرها و مؤسساتها و كذلك مع عاصمة الدولة . وأخيراً من التطبيق الفعلي لنص المسودة هذا سوف تكون في بعض المناطق أمام أربع أو خمس لغات (( رسمية )) .
((القوات المسلحة))
تكفلت المادة (9) من الباب الأول المتعلق بالمبادئ الأساسية معالجة مسألة القوات المسلحة و الأجهزة الأمنية حيث نصت على ما يلي :-
المادة (9) :-
أولاً / أ :- تتكون القوات المسلحة العراقية و الأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي تراعى توازنها و تماثلها بدون تمييز أو إقصاء و تخضع لقيادة السلطة المدنية و تدافع عن العراق و لا تكون أداة لقمع الشعب العراقي ولا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها في تداول السلطة .
من دراسة النص أعلاه نستخلص النتائج التالية :-
1- أن نص الفقرة ( أ ) من أولاً من المادة (9) من المسودة عالج مسألة القوات المسلحة العراقية (الجيش العراقي) مع الأجهزة الأمنية (الشرطة وغيرها) في نص واحد و هذا غير جائز قانوناً للاختلاف الكبير بين الاثنين حيث أن وحدات الشرطة هي جهات مدنية و ليست عسكرية من حيث المفاهيم الدفاعية و القتالية حيث تنحصر مهامها في حفظ النظام و الأمن الداخلي في داخل المدن لذلك و نظراً لاختلاف تشكيلات و واجبات كلاً من الاثنين عليه فأنه كان ينبغي معالجة كل تشكيل في هذين التشكيلين كلاً على انفراد بنصوص قانونية منفصلة و مستقلة عن الأخرى .
ومن الأمثلة العـديدة على ذلك المـادة (184) من الدستور المصري لعام 1971 الذي أخذ بهذا التمييز بشكل واضح حيث فصل في نصوصه بين القوات المسلحة و بين قوات الشرطة فبموجب المادة (184) من هذا الدستور التي نصت على (( الشرطة هيئة مدنية نظامية رئيسها الأعلى رئيس الجمهورية و تؤدي الشرطة واجبها في خدمة الشعب و تكفل للمواطنين الطأمنينة و الأمن …… )) .
2- الأمر المهم الذي يكون محوراً رئيسياً عند الحديث عن المادة (9) الفقرة
أولاً /أ ينحصر في إلزام هذه الفقـرة على أن تشكـل القـوات المسلحة العراقية و الأجهزة الأمنية وفقاً لمكونات الشعب العراقي العرقية و الدينية والمذهبية و هذا واضح من خلال عبارة ((تراعى توازنها و تماثلها)).
رغم أن الفقرة أعلاه أكدت على أن تكون هذه المراعاة دون تمييز أو إقصاء لكن هنا يسجل التحفظ على أصل المبدأ الذي صيغ بأسس خاطئة فكما معروف أن الجيوش هي للشعوب و للأوطان و ليست لها في ولائاتها لوطنها أي معايير أخرى غير معيار الولاء للدولة و الشعب و الوطن الواحد وهذا بدوره يشكل عاملاً رئيسياً في قوة وصلابة هذه الجيوش .
أما أن ينص و بشكل صريح على مراعاة مكونات الشعب الطائفية و العرقية عند تشكيل الجيش العراقي و أجهزته الأمنية بعيداًُ عن مبدأ المواطنة المجردة فأنك هنا سوف تكون أمام محا صات و تقسيمات داخل هذا الجيش حيث أتيحت الفرصة مقدماً لهذه المسميات أن تسود و تعيش داخل هذا الكيان مما يشكل عامل خطورة كبيرة في أداء هذا الجيش مستقبلاً .
النص المقترح البديل :-
تكون القوات المسلحة من أبناء الشعب العراقي و تخضع لقيادة السلطة المدنية و تدافع عن وحدة و سلامة العراق و لا تكون أداة في قمع الشعب العراقي ولا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها في تداول السلطة )) .
((الميليشيات العسكرية))
نصت الفقرة أولاً / ب من المادة (9) من مسودة الدستور على (( يحضر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة )) .
من هذا النص نلاحظ أن حضر تكوين ميلشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة الحكومية يعطي دلالة أخرى تتمثل في أجازة تكوين ميلشيات عسكرية داخل إطار القوات المسلحة الحكومية بأن تكون أحد تكويناتها و مفاصلها العسكرية .
و من جانب ثاني أن النص لم يتطرق إلى الميلشيات الشبه عسكرية و حضرها من عدمه و كان الأجدر بالنص أن يحضر تكوين الميلشيات العسكرية و الشبه العسكرية داخل إطار القوات المسلحة و خارجها و ذلك حفاظاً على حسن سير تطبيق القانون و جعل القوات المسلحة هي الجهة الوحيدة المرخص لها بحمل السلاح للدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء .
النص المقترح البديل :-
المادة(9) :-
أولاً :-
ب- يحضر تكوين ميلشيات عسكرية أو شبه عسكرية داخل وخارج إطار القوات
المسلحة.
اترك تعليقاً