دراسة قانوني وبحث هام عن النظام السياسي المغربي – دراسة في الاختصاصات و الوظائف
يقصد بالنظام السياسي المغربي مجموعة القواعد والأجهزة المتماسكة التي تحدد هيكل نظام الحكم بالمغرب والمؤسسات العاملة فيه وطريقة ممارسة السلطة، إضافة إلى غايات النظام وأهدافه والتي تتدخل في صياغة شكل النظام واليات عمله وأجهزته، وينفرد هذا النظام السياسي بخصوصية تميزه عن باقي الأنظمة السياسية الأخرى المتواجدة في بقاع العالم، حيث يشكل هذا النظام تجربة مختلفة على مستوى الفكر السياسي والنظم السياسية القانونية من حيث طبيعة بنيته العقدية ومن حيث بنية السلطة بداخله. وهذا لا ينفي استفادة هذا النظام وفق بناء معين من الفكر الدستوري الغربي وكذا القانون العام الإسلامي والتقاليد البربرية في الحكم، ونحن في هذا الإطار لن نحاول إبراز هذه النقاط وتفصيلها باعتبار أن هذا العمل يحتاج منا اعتماد مقاربات عديدة قد تطوع مجهود بحثنا في اتجاه آخر، لهذا سوف نكتفي بمحاولة تكييف هذا النظام السياسي تكييفا قانونيا، أي أننا سوف نحاول رصد الآليات القانونية لأشغال هذا النظام من خلال الارتكاز على المتن الدستوري في تحليل ورصد أغوار هذا النظام أي أننا سوف نعتمد المقاربة القانونية في التحليل، وإذا انطلقنا من الفصل الأول من الدستور المغربي الذي ينص على أن نظام الحكم بالمغرب هو نظام ملكية دستورية ديمقراطية و اجتماعية، فان السؤال الأساسي الذي أطرح هو: ماهي الخصائص التي تميز هذه الملكية الدستورية؟ سوف نحاول الإجابة عن هذا السؤال من خلال دراسة مكانة الملكية في البناء الدستوري.
وذلك في المحور الأول من هذا البحث أما المحور الثاني فسوف نخصصه لمكانة البرلمان و الحكومة في البناء العام الدستوري.
I) مكانة الملكية في البناء الدستوري:
يمكن دراسة مكانة الملكية في البناء الدستوري من خلال الوقوف على اختصاصاتها ذات البعد التقليدي (1) ثم دراسة اختصاصاتها الحديثة (2).
1- الاختصاص التقليدي للملك:
يمكن الوقوف على اختصاصات الملك التقليدية من خلال تحليل الفصل 19 الذي يعتبر الملك أميرا للمؤمنين فهذا الفصل الذي يتصدر الباب المخصص للملكية، و الذي له علاقة وطيدة بالوثيقة الدستورية برمتها قد تم التنصيص عليه في الدستور ليقوم بوظائف متعددة، وقد حددها الأستاذ “مصطفى قلوش” فيما يلي:
– إلزام الملك باعتباره أميرا للمؤمنين بالاستمرار في القيام بواجباته المتعلقة بالشؤون الدينية، حيث يتوجب عليه أن يسهر على حماية الشريعة وإقامة شعائر الدين.
– القيام بدور الحكم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وذلك عندما يحتدم الخلاف بين الحكومة و والبرلمان حول مسالة سياسية أو دستورية.
– يمكن للملك أن يتدخل في حالة عدم وجود نص دستوري وذلك من أجل مواجهة المعضلات التي تعترض الحياة السياسية في جانبها التطبيقي.
– يخول للملك الحق في تأويل النص وذلك في إطار ينسق مع روح الدستور وجوهره مادام جلالته من الناحية الواقعية هو صاحب السلطة التأسيسية من حيث أخذ المبادرة لوضع الدستور وتعديله.
وخلاصة القول وحسب الأستاذ مصطفى قلوش فانه بموجب هذا الفصل يحتفظ الملك بجميع الصلاحيات التي لم يسندها الدستور إلى إحدى المؤسسات الدستورية، غير أن أعمال مقتضيات الفصل 19، يجب أن يتم في اتساق كامل مع جميع الأحكام المقررة في الوثيقة الدستورية تأسيسا على أن الأحكام القاطعة الدلالة تكون واجبة الإتباع.
2- الاختصاصات الحديثة للملكية:
نقصد بالاختصاصات الحديثة، تلك الاختصاصات المدسترة والمحددة بشكل واضح في الوثيقة الدستورية، ويمكن إجمال جل هذه الاختصاصات على الشكل التالي:
– إمكانية تعيين الملك في حياته خلف له ولدا وآخر من أبناءه غير الولد الأكبر سنا (الفصل 20).
– تعيين عشر شخصيات في مجلس الوصاية (الفصل 21).
– تعيين الحكومة وإقالتها (الفصل 24).
– رئاسة المجلس الوزاري (الفصل 25).
– إصدار الأمر بتنفيذ القانون (الفصل 26).
– حق حل البرلمان أو أحد مجلسيه (الفصل 27-71).
– مخاطبة الأمة والبرلمان (الفصل 28).
– رئاسة القوات المسلحة الملكية (الفصل 30-1).
– حق التعيين في الوظائف المدنية والعسكرية (الفصل 30-2).
– اعتماد الملك السفراء لدى الدول الأجنبية والمنظمات الدولية ولديه يعتمد السفراء وممثلوا المنظمات الدولية (الفصل 31-1).
– توقيع المعاهدات والمصادقة عليها (الفصل 31-2-3)
– رئاسة المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للتعليم والمجلس الأعلى للتعليم والمجلس الأعلى للإنعاش الوطني وللتخطيط (الفصل 32).
– تعيين القضاة (الفصل 33-84).
– ممارسة حق العفو (الفصل 34).
– الإعلان عن حالة الاستثناء (الفصل 35).
– رئاسة افتتاح الدورات الأولى لمجلس البرلمان (الفصل 40).
– تشكيل لجان برلمانية لتقصي الحقائق (الفصل 42-2).
– الإعلان عن حالة الحصار (الفصل 49).
– مسؤولية الحكومة أمام لملك (الفصل 60-1).
– طلب القراءة الجديدة لكل مشروع أو اقتراح قانون (الفصل 67).
– استفتاء الشعب في إسناد كل مشروع أو اقتراح قانون (الفصل 69).
– ممارسة الملك للصلاحيات التشريعية التي يختص بها البرلمان بعد حله (الفصل 72-2)
– حق إشهار الحرب (الفصل 74).
– تعيين ستة أعضاء بالمجلس لدستوري (الفصل 79).
– إحالة القانون العادي إلى المجلس الدستوري (الفصل 81-3).
– إصدار الأحكام وتنفيذها باسم الملك (الفصل83).
– تعيين رئيس المحكمة العليا (الفصل 91).
– حق المبادرة قصد مراجعة الدستور (الفصل 103).
– عرض مشاريع واقتراحات مراجعة الدستور على الاستفتاء الشعبي (الفصل 105).
– صلاحية استثنائية إبان المرحلة الانتقالية (الفصل 107).
ومن خلال هذه الاختصاصات يتضح لنا انجلاء لخاصية التي تتميز بها الملكية الدستورية بالمغرب وهي سمو المؤسسة الملكية من الناحية القانونية، حيث يتولى الملك اختصاصات واسعة سواء في المجال التشريعي أو التنفيذي أو القضائي وهو الشيء الذي يوضح عدم وجود فصل السلط على مستوى الملك، حيث يتدخل في جميع الميادين بشكل قوي.
إذا كانت هذه هي وضعية الملك من الناحية القانونية فما هي وضعية كل من البرلمان والحكومة.
II) مكانة البرلمان والحكومة في البناء الدستوري:
بداية سوف نقف عند اختصاصات كل من البرلمان و الحكومة (1) لندرس بعد ذلك العلاقة بينهما (2)
1- اختصاصات كل من البرلمان و الحكومة:
ينص الدستور المغربي على اختصاصات محددة للبرلمان (أ) كما يحدد أيضا اختصاصات الحكومة في المجال التنظيمي (ب).
أ- اختصاصات البرلمان
يمارس البرلمان اختصاصاته في إطار دورتين عاديتين سويا و يحدد الدستور مدة كل واحدة منهما في ثلاثة أشهر على الأقل (الفصل 40 فقرة 2)، ويمكن تحديد هذه اختصاصات في سلطة التشريع (أولا) وسلطة المراقبة (ثانيا) كذلك حق المبادرة في مراجعة الدستور (ثالثا).
أولا: سلطة التشريع
فلكل من المجلس حق المبادرة التشريعية وذلك من خلال الاختصاصات المسندة إليه من خلال منطوق الفصل 15 من الدستور والفصل 45 وكذلك الفصل 99 والفصل 101.
فالفصل 15 من الدستور يعطي الصلاحية للبرلمان، في الحد من مدى المبادرة الخاصة إذا ما دعت الضرورة النمو الاقتصادي لذلك، أما الفصل 45 فهو يحدد مجموعة من المجالات التي يختص البرلمان في التشريع فيها.
أما الفصل 101 فهو يعطي للبرلمان صلاحية تحديد الشروط التي ينفد فيها عمال صاحب الجلالة مداولات المجالس الإقليمية ومجالس العمالات والمجالس الجهوية، ومن خلال الفصل 95 فان البرلمان هو الذي شرع القوانين المتعلقة بتنظيم واختصاصات المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات.
ثانيا: سلطة المراقبة
يسند دستور 1996 للمجلسين وسائل مراقبة الحكومة ويتعلق الأمر بوسائل مشتركة بينهما أو خاصة بإحداهما.
(سوف ندرسها عندما تتعرض لعلاقة البرلمان و الحكومة).
ثالثا: المبادرة في مراجعة الدستور
يرجع الحق في المبادرة من أجل مراجعة الدستور إلى كل من المجلسين، و لا يمكن المصادقة على اقتراح المراجعة إلا بأغلبية ثلثي أعضاء كل من المجلسين لمجلس الذي انبثق عنه الاقتراح أو المجلس الذي أحيل إليه الاقتراح، ولا يتم عرض الاقتراح على الاستفتاء إلا بظهير شريف.
ب- اختصاصات الحكومة:
يمكن أن نعرض للاختصاصات الوزير الأول (أولا) ثم اختصاصات الوزير (ثانيا) اختصاصات الحكومة كهيئة (ثالثا).
أولا: اختصاصات الوزير الأول
يمارس الوزير الأول بالإضافة إلى اختصاص السلطة التنظيمية عدة اختصاصات منها:
– بعد تعيين أعضاء الحكومة من طرف الملك وذلك بعد احترامهم من طرف الوزير الأول، يتقدم هذا الأخير بالبرنامج الذي يعتزم تطبيقه (ذ 60 فقرة 2).
– الوزير الأول، كما هو الأمر بالنسبة لأعضاء البرلمان له حق المبادرة التشريعية، أي التقدم بالنسبة إليه مشاريع مشاريع قوانين (ف 52 ف 62) بيد أن مشاريع القوانين إلى يتقدم بها الوزير لا يمكن أن تودع مكتب احد المجلسين الا بعد التداول بشأنها في المجلس الوزاري (ف 66).
– إذا كانت جلسات مجلس البرلمان عمومية فان الوزير الأول كما هو الشأن بالنسبة لثالث أعضاء كل من مجلس البرلمان أن يطلب عقد اجتماعات سرية (ف 43 – فقرة2) وله أيضا أن يختم الدورة العادية للبرلمان بمقتضى مرسوم، وذلك إذا استمرت جلساته ثلاثة أشهر على الأقل (ف 40-الفقرة الأخيرة)، وأن يدعو إلى عقد دورة استثنائية بمرسوم، و تقفل الدورة الاستثنائية بمرسوم حتى ولو كانت بطلب من أعضاء البرلمان أي من الأغلبية المطلقة لأحد المجلسين (ف 41).
– الوزير الأول هو الذي يتحمل مسؤولية تنسيق القطاعات الوزارية (ف 65) والحكومة تعمد تحت مسؤوليته على تنفيذ القوانين (ف 61) وهذه المسؤولية تمكن الوزير الأول من أن يشرف ويوجه أعمال الوزارات من اجل التنسيق بينها، وتبرز هذه المسؤولية خاصة في رئاسة الوزير الأول لمجلس الحكومة. وهي الهيئة التي تدرس في إطارها المسائل العامة التي تعرض إلى مجلس الوزراء لدى ينعقد برئاسة جلالة الملك.
– يوقع الوزير الأول بالعطف على الظهائر الشريفة باستثناء الأمور الواردة في الفقرة الثانية من الفصل 29 وهي مجالات يوقع عليها الملك بصورة منفردة.
– الوزير الأول هو الذي يحيل القوانين التنظيمية على المجلس الدستوري للنظر في مطابقتها للدستور (ف 81 فقرة 2 ف 21 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري). كما له الحق في حالة أي خلاف قد يقع بين الحكومة والبرلمان على المجلس الدستوري وذلك عندما تدفع الحكومة بعدم قبول أي اقتراح أو تعديل لا يدخل في حيز اختصاص القانون (ف 53) ونفس الأمر وارد بالنسبة لما نص عليه الفصل 48 حيث أن النصوص التشريعية من حيث الشكل يمكن تغييرها بمرسوم بعد موافقة المجلس الدستوري إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجالات التي تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصاتها وفي إطار هذا الفصل يقرر القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الدستوري في فصله 25 “في الحالة المنصوص عليها في (الفصل 48) من الدستور، يحيل الوزير الأول القضية على المجلس الدستوري”.
ولما كانت الاختصاصات التي يمارسها الوزير الأول متعددة، فقد أتاح له الدستور أن يفوض بعض سلطاته للوزراء (ف 64).
ثانيا- اختصاصات الوزير
تكون هذه الاختصاصات محددة في القوانين والأنظمة المتعلقة بوزارة واهم ما يمارسه الوزير من اختصاصات بصفة فردية:
– الإشراف على تنفيذ السياسة العامة للحكومة في إطار وزارته.
– ممارسة السلطة التنظيمية فيما يتعلق بالمرافق التابعة له.
– الإدارة المالية لوزارته، حيث يعتبر الوزير هو الآمر بالصرف بالنسبة للمصاريف الخاصة بوزارته.
– إصدار القرارات المتعلقة بتعيين الموظفين في وزارته باستثناء الدين يتم تعيينهم بظهير شريف، كما يملك الحق في نقل الموظفين وترقيتهم أو فصلهم.
– إعداد مشروع ميزانه الوزارة.
– التوقيع بالعطف على القرارات التنظيمية الصادرة عن الوزير الأول.
– إصدار القرارات الوزارية، وكذلك المنشورات والتوجيهات والمذكرات كما يتولى تنفيذ القوانين المتعلقة بنشاط وزارته.
– تمثيل الوزارة أمام القضاة وذلك بالنسبة للقرارات الصادرة عنه وعن مرؤوسيه، كما يمثل الوزارة أمام سائر الجهات الحكومية.
ثالثا: اختصاصات الحكومة كهيئة جماعية
ينص الدستور في فصول متعددة على الاختصاصات التي يمارسها أعضاء الحكومة كهيئة جماعية على رأسها الوزير الأول وأهمها:
– السهر على تنفيذ القوانين، ولهذا الغرض، توضع الإدارة رهن تصرف الحكومة (ف 61).
– للحكومة أن تدفع بعدم القبول في شان كل اقتراح أو تعديل من طرف البرلمان لا يدخل في اختصاص القانون (ف 53).
– للحكومة وحدها الصلاحية في تقديم مشاريع قوانين ترمي إلى تغيير البرنامج المصادق عليه من قبل البرلمان و المتعلق بنفقات التجهيز في مخطط (التنمية ف 50 فقرة 20).
– للحكومة الحق في تقديم تعديلات حول النصوص الموضوعة لدى مكتب كل من مجلسي البرلمان، ولها أيضا بعد افتتاح المناقشة أن تعارض في بحث كل تعديل من قبل على اللجنة التي يعنيها الأمر (ف 57).
– إذا كان مكتب كل من المجلسين هو الذي يضع جدول أعماله، فان جدول الأعمال يجب أن يتضمن الأسبقية وحسب الترتيب الذي تحدده الحكومة مناقشة مشاريع القوانين المقدمة من طرف الحكومة واقتراحات القوانين التي يتم قبولها من طرفها (ف 56).
2- العلاقة بين البرلمان والحكومة
عندما نتحدث عن العلاقات بين البرلمان و الحكومة فإننا نكون بصدد الحديث عن صيغة لا تكون واردة سوى في النظام البرلماني (أو في الجانب البرلماني الهام من النظام الشبه الرئاسي)، حيث تقوم الحكومة بمعنى المؤسسة الجماعية المرؤوسة من طرف الوزير الأول و المسؤولة أمام البرلمان.
وعندما نتحدث عن العلاقة بين هذين الجهازين داخل النظام الدستوري و السياسي المغربي، فانه يقع التحدث عنها في إطار ملكية حاكمة تتمتع بصلاحيات ومهام، هي إذن علاقات بين برلمان يتفوق عليه الملك بتمثيليته الأسمى للأمة، وحكومة تكون مسؤولة أمام الملك و البرلمان، أو مسؤولة أمام الملك وحده عندما يغيب البرلمان مؤقتا بسبب دستوري أو سياسي ما.
والرجوع إلى الدستور المغربي نجد أن علاقات البرلمان بالحكومة مؤطرة في الباب الخامس من الدستور بعد العنوان المخصص للعلاقة بين الملك والبرلمان، ويذكر الدستور في فصوله 75 و 76 و 77 الآليات التالية في إطار العلاقات المذكورة: سؤال الثقة وملتمس الرقابة وملتمس توجيه التنبيه.
أ- سؤال الثقة:
بإمكان الوزير الأول كما ينص على ذلك المقطع أول من الفصل 75، أن يربط لدى مجلس النواب مواصلة الحكومة تحمل مسؤولياتها بتصويت يمنع الثقة بشان تصريح يفضي به الوزير الأول في موضوع السياسة العامة شان نص يطلب الموافقة عليه ويبدو في هذا المقطع أن القرار في هذا الأمر يرجع إلى الوزير الأول إلا أن الفصل 66 من الدستور يجعل طلب الثقة من بين المسائل التي تحال على المجلس الوزاري في البث فيها، وذلك منذ دستور 1972 أما قبل هذا الدستور، فان مسالة ربط الثقة أمام مجلس النواب كان قرارا يتخذ مباشرة أمام المجلس الوزاري في دستور 1962 (ف 80) ودستور 1970 (ف 73).
وبما أن مسالة ربط الثقة مسالة لها خطورتها فان المقطع الثاني من النص 75 جعل سحب الثقة أو رفض النص لا يتم إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب، كما أن المقطع الثالث من نفس الفصل يعطي نوعا ما: مهلة تفكير وتقدير للعواقب وذلك بنصه على انه لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على اليوم الذي طرحت فيه مسالة الثقة.
وبطبيعة الحال يؤدي سحب الثقة إذا كان لابد من ذلك إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.
ب- ملتمس الرقابة:
يشكل ملتمس الرقابة كسؤال وسيلة لمراقبة الحكومة منذ الدستور المغربي الأول الصادر في 1962، و لم يطرأ عليها تغيير في حد ذاتها إلا فيما يتعلق بنسبة أعضاء البرلمان التي ينبغي أن توقع عليها حتى يتسنى إيداع الملتمس لدى مكتب البرلمان.
وقد نص على ذلك دستور 1970 حيث أصبح عدد الموقعين ربع الأعضاء بدل العشر، وهو ما بقي سائدا إلى الآن.
أما التغيير الذي طرأ على ملتمس الرقابة بعد ذلك، فهو الذي طرأ عليه بسبب إقامة ثنائية برلمانية تكاد تكون متساوية خلافا لما كان عليه الأمر في دستور 1962، وهكذا أصبح ملتمس الرقابة في دستور1996 وسيلة متاحة لمجلس المستشارين بالإضافة إلى مجلس النواب؛ إلا أن إعمال هذه الوسيلة لا يخضع كلية لنفس الشروط داخل كل من المجلسين
فبالنسبة لإيداع ملتمس الرقابة لدى مكتب المجلس، يوقع بالنسبة لمجلس النواب عل الأقل ربع الأعضاء الذين يكونون المجلس (ف 76- فقرة 10) وترتفع هذه النسبة إلى ثلث الأعضاء على الأقل بالنسبة لمجلس المستشارين (ف 77- فقرة 5).
أما الموافقة على الملتمس فتقضي التصويت عليه بالأغلبية المطلقة داخل مجلس النواب بكامل أعضاءه، حتى في حين لا تتم هذه الموافقة داخل مجلس المستشارين الا بالأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم هذا المجلس (ف 76- فقرة 2 بالنسبة للمجلس الأول، ف 77- فقرة 5 بالنسبة للمجلس الثاني).
وتأتي الشروط الأخرى المعتادة بالنسبة لملتمس الرقابة شروطا موحدة بالنسبة للمجلسين، وهكذا لا يقع التصويت داخل كل من المجلسين إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس وتؤدى الموافقة على الملتمس إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية، كما انه لا يمكن تقديم ملتمس رقابة طيلة سنة بعد موافقة مجلس النواب أو مجلس المستشارين على ملتمس الرقابة.
ج- ملتمس توجيه تنبيه:
تعتبر هذه الوسيلة خاصة بمجلس المستشارين، إذن هي وسيلة لا ترد إلا في الفصل 77 من الدستور ولا يسندها هذا الفصل إلا لمجلس المستشارين، وهكذا ينص هذا الفصل في مقطعه الأول “لمجلس المستشارين أن يصوت على ملتمس توجيه تنبيه…
وحتى لو كان الأمر لا يتحمل سوى تنبيه دون اثر مباشر على الحكومة منه كما هو شان ملتمس الرقابة، فان الفصل 77 وضع شروطا تهم إيداعه لدى مكتب المجلس و الموافقة عليه.
خلاصة البحث:
– من خلال دراستنا للاختصاصات الملكية وكذا البرلمان والحكومة والعلاقة بينهما يمكننا أن نخلص إلى أن النظام السياسي المغربي يجعل من المؤسسة الملكية محور النظام من خلال الاختصاصات التي تحوزها في المجال التنفيذي و التشريعي كما يمكن أن نستخلص أن النظام السياسي المغربي، يجمع بين سمات الخلافة في مجال الحكم وكذلك بين سمات النظام الرئاسي و البرلماني على نحو محدد في الوثيقة الدستورية
لائحة المراجع
– ذ “مصطفى قلوش”، النظام الدستوري المغربي 1 المؤسسة الملكية، شركة بابل للطباعة و النشر و التوزيع، ط 1996- 1997.
– عبد العزيز المغاري، محاضرات في القانون الدستوري لسنة 2001- 2002.
– إسماعيل الغزل، القانون الدستوري والنظم السياسية، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع بيروت الطبعة 5، 1993
اترك تعليقاً