دراسة وبحث كبير عن النظام شبه الرئاسي
مقـدمة*
خلال ما قدم من بحوث سابقة ،عرفنا أن المجتمع الدولي قائم على عدة أنظمة تختلف باختلاف طبيعة كل مجتمع فقاعدة أي دولة تبنى على أساس نظام معين وهذا الأخير اختلف في تعريفه عدة فقهاء ، فعرفه الأستاذ ستراوس قائلا : (( إن النظام هو عبارة عن بناء يقوم على عناصر مترابطة بحيث أن أي تغيير في إحداها أو في موضوعها يؤدي حتما إلى تغيير الكل )) ومضمون هذه الفكرة أن النظام بتعدد صوره تتعدد أفكاره وهياكله كما هو الحال بالنسبة للنظامين البرلماني والرئاسي باعتبار انه يوجد نوع آخر من الأنظمة ألا وهو النظام شبه الرئاسي وعادة ما يؤخذ دستور الجمهورية الخامسة لسنة 1958 كنموذج لهذا النظام.
وفي ظل أهمية هذا النظام نصوغ الإشكالية التالية:
لماذا اعتمدت فرنسا النظام شبه الرئاسي وما هي مرتكزات هذا النظام؟
لذا وضعنا عدة تساؤلات لتسهيل فهم الموضوع
ماذا نعني بنظام شبه رئاسي؟ وما هي خصائصه؟
وما أسباب ولادة دستور 1958؟ وما هي مؤسسات النظام شبه رئاسي وتقييماته؟
الفرضيات : وضعنا فرضيات الآتية :
نظام شبه رئاسي : هو نظام يجمع بين نظام برلماني ونظام رئاسي ( أي ايجابيات النظامين )
خصائصه :وجود رئيس ووزير أول ، مسؤولية الحكومة أمام البرلمان.
أسباب : ظهور الثورة في الجزائر سنة 1954 وعدم القدرة في مواجهتها ، صعود ديغول لسلطة الحكم.
مؤسسات : نعلم انه يوجد مؤسسات حكومية تتمثل في السلطات الثلاث ومؤسسات غير حكومية تتمثل في الجماعات (أي النخب ).
ومن خلال جمعنا للمعلومات قسمنا البحث في فصلين مع اعتمادنا منهج دراسة الحالة والمنهج الوصفي للمؤسسات الحكم في فرنسا.
الفصل الأول :
المبحث الأول : مفهوم النظام الشبه الرئاسي*
1- لا يوجد من الناحية النظرية نظام شبه رئاسي لهذه التسمية إنما المقصود به نوع من النظام البرلماني أدخلت عليه تعديلات قوت جانب السلطة التنفيذية لاسيما توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية باختصاصات أوسع مقارنة بما يتمتع به رئيس الدولة في النظام البرلماني التقليدي .
2- النظام شبه الرئاسي ، هو الذي يهيمن فيه رئيس الدولة على السلطة التنفيذية تشاركه في ممارستها الوزارة وغالبا ما تكون مسؤولة أمام البرلمان لاعتماد النظام مبادئ النظام البرلماني
3- النظام شبه الرئاسي يعتبر من الأنظمة التي تقوم على دستور يشمل قواعد يتميز بها النظام البرلماني وقواعد سائدة في المجتمع فهي نظم قرر في دساتيرها انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام ويتمتع بسلطات خاصة ووجود وزير أول يسير الحكومة التي يستطيع البرلمان إسقاطها*
وهو بتلك يجمع بين النظامين الرئاسي و البرلماني والمثل على هذه الأنظمة النظام الفرنسي، البرتغالي، الأيسلندي،الفنلندي والايرلندي، غير أن هذا النظام يختلف فيما بينهما مع موقع الرئيس الفعلي بحسب تمتعه بالأغلبية البرلمانية الأمر الذي يقوي مكانته آو عدم تمتعه بها ، لا يملك الرئيس حيزا من المبادرة.
كما يعرف النظام شبه الرئاسي بالنظام المختلط أي هو خليط بين تقنيات النظام البرلماني وتقنيات النظام الرئاسي وتتجلى مظاهر الخلط كالتالي*
– رئيس الجمهورية ينتخب مباشرة من طرف الشعب.
– يتولى رئيس الجمهورية رئاسة مجلس الوزراء مما يجعله عضوا أساسيا في ممارسة السلطة التنفيذية ، بل له ميادين خاصة به منها السياسة الخارجية وشؤون الأمن والجيش.
– يعين الوزير الأول وله حرية كبيرة في ذلك.*
– يعين الوزراء ويقيلهم بناءا على اقتراح رئيس الحكومة.*
– يعين كبار الموظفين.
– يتمتع بالسلطة التنظيمية وخاصة إصدار القرارات المستقلة بحكم ان المجال التشريعي محدد.
– يعين بعض أعضاء المجلس الدستوري.
مظاهر النظام البرلماني :
– ثنائية السلطة التنفيذية إذ يوجد رئيس الحكومة إلى جانب رئيس الجمهورية.
– يقوم البرلمان بمراقبة تشمل الحكومة بعدة وسائل والحكومة مسؤولة أمام البرلمان عن برنامجها ويمكنه سحب الثقة منها.
– يمكن للسلطة التنفيذية حل البرلمان .
– تشارك السلطة التنفيذية ومناقشتها داخل البرلمان.
المبحث الثاني : موقف وموقع الرئيس الفعلي من البرلمان :
1-الرئيس يتمتع بأغلبية برلمانية*
*إذا كان الرئيس يتمتع بالأغلبية البرلمانية ، فان دور الأقلية يكون ضعيفا .
*إذا كانت الأغلبية تؤيد الرئيس فإننا نغدو أمام أغلبية برلمانية ورئاسية ، وهناك تكون الأغلبية مساندة للحكومة والرئيس *الذي يكتسب بذلك قوة كبيرة تتجاوز أحيانا سلطة الرئيس في النظام الرئاسي ، ويمكن للرئيس الذي يتمتع بالأغلبية أن يعزل الوزير الأول مع أن الدستور لا ينص بذلك.
2- الرئيس لا يتمتع بأغلبية برلمانية:
إذا كان الرئيس لا يتمتع بأغلبية برلمانية فان الحكومة هنا لا تملك وسيلة المبادرة مما يؤدي على استقرارها ، فضمن هذه الأنظمة قد نجد حزبا يملك الأغلبية رغم تعدد الأحزاب مثل ايسلندا (الحزب الاستقلالي) والبعض الأخر لا يملكها مثل فنلندا والبرتغال ففي الحالة الأولى يستطيع الرئيس ترك المبادرة للحكومة أما في الحالة الثانية فان هذه المبادرة تكون للرئيس نتيجة الانقسامات الحزبية مثل فنلندا الذي نجد رئيسه مجبرا على استعمال كل السلطات المخولة لدفع الأحزاب إلى تكوين ائتلاف يسمح للوزير الأول ومساعديه بتسيير شؤون الدولة.
ففي ايرلندا وايسلندا يكون الرؤساء من الضعف بحيث يتركون الحكومة تواجه البرلمانات وتسيير سياسة الدولة ، فهم يشبهون الرؤساء في الأنظمة البرلمانية بحيث تقتصر مهمتهم على تعيين رئيس وزراء قادر على جمع أغلبية برلمانية مع الاحتفاظ لنفسه بدور المحافظ على النظام وإذا كان يمارس سلطة معنوية واسعة.
المبحث الثالث : خصائص النظام شبه رئاسي :
يمكن تلخيص عناصر وخصائص النظام شبه رئاسي في عنصرين*
هيمنة رئيس الدولة بسبب انتخابه ومسؤولية الحكومة أمام البرلمان.
ويتميز هذا النظام بثنائية السلطة التنفيذية حيث يكون رئيس الحكومة وحكومته مسؤولة سياسيا أمام البرلمان وهذه المسالة حتمية بظل التعددية الحزبية لذا تؤدي هذه الثنائية إلى عدة نتائج:
1- السلطة السياسية في النظام شبه الرئاسي تحتاج أن تكون قوية وبالتالي تحتاج إلى التعامل مع البرلمان والتحكم فيه إلى جانب ذلك فان الرئيس في هذا النظام كثيرا ما يتقاسم الوظيفة التشريعية مع البرلمان عن طريق الأوامر والمراسيم ، وإصدار المراسيم خارج البرلمان ، وله الحق في حل البرلمان لتجاوز أزمات معينة ويتولى سلطات واسعة في الحالات الاستثنائية.
2- التعددية الحزبية تستلزم إشراك القوى الفاعلة المنافسة على السلطة من خلال الأحزاب في هذه السلطة حسب تأثيرها وأهميتها وأحسن مكان لذلك هو البرلمان ، إذ أن الحكومة مسؤولة أمامه وهذا ما يؤدي إلى مناقشته السياسات والبرامج المطبقة في البلاد ويكون ذلك حكومة مسؤولة أمام البرلمان.
3- كما تعد المسؤولية الوزارية عنصرا جوهريا في النظام باعتبارها تمثل الجانب البرلماني فيه والتي تستدعي ثنائية السلطة التنفيذية .
4- أما المسؤولية السياسية لرئيس الجمهورية فهناك مسؤولية أمام الهيئة الناخبة.
الفصل الثاني
المبحث الأول : أسباب ظهور النظام شبه الرئاسي في فرنسا*
من أسباب ظهور النظام شبه الرئاسي في فرنسا سببين هما :*
أزمة سياسية ظرفية مرتبطة بالقضية الجزائرية وأزمة بنيوية ناتجة عن عجز المؤسسات الدستورية الفرنسية عن مواكبة حركة التطور التقني .
أ-أزمة الجزائر : لقد أدت أزمة الجزائر وعدم قدرة الحكومات المتعاقبة منذ 1954 على إيجاد حل لمشكلة الاستعمار الفرنسي في الجزائر وخاصة انقلاب وتمرد الجنرالات الجيش الفرنسي في الجزائر إلى سقوط الجمهورية الرابعة التي شهدت طيلة حياتها أزمات حكومية متعاقبة ، وتصلب القيادة العسكرية الفرنسية في الجزائر في تعقيد الأمور ونشوب أزمة سياسية وزارية حادة تخللها محاولة انقلاب عسكري في كورسيكا وفي 15 ماي 1958 قطع الجنرال ديغول الصمت الذي فرضه على نفسه منذ انسحابه من الساحة السياسية ونخليه عن رئاسة الوزراء في 20 يناير 1946 نتيجة معارضته لتقيد سلطات الحكومة ليعلن أنه مستعد لتحمل سلطات الجمهورية ، وفي29 ماي كلف رئيس الجمهورية ريني كوتي الجنرال ديغول تأليف حكومة جديدة نالت الثقة بأكثرية وفي 3من جوان أصدر البرلمان قانوناً دستورياً يحدد الأسس والمبادئ التي تتعهد الحكومة باحترامها في الدستور الجديد : الانتخاب ، الفصل بن السلطات ، مسؤولية الحكومة أمام البرلمان .
وفي 28 سبتمبر عرض مشروع الدستور على الاستفتاء الشعبي فنال أكثرية ساحقة (80% من الناخبين) وفي 4 أكتوبر 1958 صدر الدستور ،وعلى أساسه جرت الانتخابات العامة لاختيار أعضاء الجمعية العامة الوطنية ومجلس الشيوخ (الذي حل محل مجلس الجمهورية) وفي 21 ديسمبر 1958 انتخب الجنرال ديغول بأكثرية ساحقة رئيساً للجمهورية وفي 8 يناير 1959 تسلم سلطاته رسمياً ، واختيار الوزير الأول والوزراء وفي 15 منه نالت الحكومة الثقة .
المبحث الثاني: مؤسسات النظام شبه الرئاسي في فرنسا .
تنصع فرنسا سياساتها عادة من المؤسسات الحكومية والمؤسسات غير الحكومية .
أولاً : المؤسسات الحكومية .
أ-السلطة التنفيذية : هي التي تجمع بين رئيس الجمهورية والحكومة أو هي التي تقوم على مبدأ الثنائية المستوحاة من النظام البرلماني بوجود رئيس الجمهورية من جهة والوزارة من جهة أخرى مع تقوية دور رئيس الجمهورية الذي خصه دستور 1958 بسلطات واسعة مستوحاة من فلسفة النظام الرئاسي خلافاً للنظام البرلماني التقليدي الذي يجعل دور رئيس الدولة مجرد دور شرفي .
1 -رئيس الجمهورية : كان ينتخب رئيس الجمهورية قبل التعديل الدستوري لعام 1962 من قبل أعضاء البرلمان ومجالس المحافظات والممثلون عن البلديات وأعضاء المجالس ما وراء البحار ، ومدة ولايته سبع سنوات قابلة للتجديد دون تحديد ، إلا أنه بموجب التعديل الدستوري الذي تم في 7 نوفمبر 1962 الذي قرر أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام السري المباشر في دورين إذا لم يتحصل على لأغلبية المطلقة في الجولة الأولى .
-اختصاصات رئيس الجمهورية : يتولى رئيس الجمهورية ممارسة أربع أنواع من الاختصاصات في الظروف العادية هي:
*اختصاصات تنفيذية :*
– تعيين الوزير الأول: إن رئيس الجمهورية هو الذي يتولى تعيين الوزير الأول وله السلطة التقديرية في ذلك أخذ الظروف المحيطة بعين الاعتبار لكونه عامل استقرار
– تعيين الوزراء : يتولى رئيس الجمهورية تعيين الوزراء باقتراح من الوزر الأول، غير أن ذلك لا يعني أن الرئيس مقيد بالموافقة على القائمة المتضمنة لتشكيل الحكومة بل له أن يعترض على أي شخص ، إلا أنه بعد الموافقة يكون عزل الوزير باتفاق بين الرئيس والوزير الأول أو بطلب من هذا الأخير .
– تعيين بعض الموظفين الكبار المدنيين والعسكريين ، وله الحق في تفويض هذا الاختصاص ، مع الإشارة إلى أن هناك بعض الوظائف التي يتم تعيين أصحابها في مجلس الوزراء .
– أما في مجال الدفاع الوطني فإن الدستور ينص على أنه قائد الجيوش ويرأس المجالس واللجان العليا للدفاع الوطني ، وقد نصت المادة21 من الدستور :” تقضي بأن الوزير الأول مسؤول عن الدفاع الوطني مما يجعله مشاركاً للرئيس في هذا المجال” .
– كما له اختصاصات دولية حيث يتولى تمثيل فرنسا في الاجتماعات الهامة مع رؤساء الدول العظمى ويبرم المعاهدات والاتفاقيات وقبول تعيين السفراء .
* اختصاصات تشريعية :
– إصدار القوانين خلال 15 يوم من إرسالها للحكومة بعد إقرارها من البرلمان وإمضاء الأوامر والمراسيم التي يصادق عليها مجلس الوزراء ومراسيم تنظيمية أخرى تتخذ خارج مجلس الوزراء [5
– حق الاعتراض الكلي أو الجزئي على القوانين التي يقررها خلال 15 يوماً، ويمكنه أن يطلب مداولة ثانية للقانون ككل أو بعض مواده غير أن الدستور لم يخول له رفض القانون بعد المداولة الثانية .
– حق المخاطبة : يعني حق الرئيس في توجيه رسائل إلى البرلمان حول ما يرتئيه من أمور وقضايا يرى من الضروري إطلاع البرلمان عليها .
– له الحق في حل البرلمان بعد استشارة الوزير الأول ورئيس المجلسين [7] .
* اختصاصات قضائية :
يمكن التمييز بين ثلاث أنواع من الصلاحيات التي يمارسها رئيس الجمهورية منفرداً :
1-بالنسبة للمجلس الدستوري:
يختص المجلس الدستوري بالفصل في صحة الانتخابات التشريعية والرئاسية ، وفي النظر في دستورية القوانين ، ويتألف المجلس من رؤساء الجمهورية السابقين ومن تسعة أعضاء آخرين ، يعين رئيس الجمهورية ثلاث منهم ، كما يعين رئيس المجلس الدستوري ، ويحيل القوانين إليه.
2-بالنسبة للقضاة :
تعتبر المادة 64 من الدستور رئيس الجمهورية الضامن لاستقلال القضاء ويعين كل أعضاء مجلس القضاء الأعلى ويضمن استقلالهم .
3-حق العفو الخاص :
لرئيس الجمهورية حق العفة الخاص ، أما حق العفو العام فهو من اختصاص السلطة التشريعية ، وحق العفو الخاص وبخلاف العام ، لا يلغي الجريمة بل ينهي العقوبة فقط أو يخفضها ويمارس الرئيس حق العفو الخاص بعد استشارة مجلس القضاء الأعلى ،دون أن يكون ملزماً في التقيد برأيه ، وموافقة كل من الوزير الأول ووزير العدل .
*اختصاصات سياسية :
أي بوصف رئيس الجمهورية حكماً بين المؤسسات، ويملك الرئيس في ذلك من أجل مزاولة هذه الصلاحيات الأدوات التالية :
-حق اللجوء إلى الاستفتاء :
لرئيس الجمهورية الحق في استفتاء الشعب ، إلا أن ممارسة هذا الحق يخضع لبعض القيود من ناحية الشكل بحيث لا يمكن لرئيس الجمهورية استفتاء الشعب إلا باقتراح من الحكومة أو البرلمان ، غير أنه من الناحية العملية يعتبر حق الحكومة في اقتراح الاستفتاء حقاً شكلياً تقرره عندما يطلب منها رئيس الجمهورية ذلك واقتراح ******** لا يعتبر قانونياً إلا إذا تم في أدوار انعقاد البرلمان.
أما من حيث الموضوع فالمادة 11 من الدستور تعطي رئيس الجمهورية الحق في اللجوء إلى الاستفتاء في حالات ثلاث:
1-إعادة تنظيم السلطات العامة .
2-الموافقة على اتفاق يتعلق بالجامعة الفرنسية (لم تعد موجودة) .
3-التصديق على معاهدة دولية ذات تأثير على سير المؤسسات ولقد استخدم الجنرال ديغول مضمون المادة 11ليطرح بصورة غير مباشرة في عامي 1962-1969 تعديل الدستور عن طريق الاستفتاء الشعبي متذرعاً بأن موضوع الاستفتاء يتعلق بإعادة تنظيم سلطات العامة ( طريقة انتخاب رئيس الجمهورية عام 1962 ، وإعادة تنظيم مجلس الشيوخ عام 1969).
-حل الجمعية الوطنية :
منح الدستور لرئيس الجمهورية حق حل الجمعية الوطنية دون اشتراط موافقة جهة أخرى ، غير أنه من ناحية العملية يجب على الرئيس مشاورة الوزير الأول ورئيس الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ دون أن يكون ملزماً رأيهم ، إلا أنه تجنباً لتحويل السلطة إلى وسيلة للحكم باستحواذ لذا فبموجب المادة 12 فقرة 02 فإن الرئيس يقوم ما بين 20 أو 40 يوماً عن حل الجمعية بتنظيم انتخابات جديدة وتجتمع بقوة القانون في أول خميس يلي انتخابها .
-اللجوء إلى المجلس الدستوري :
بموجب المادتين 54 و61 من الدستور يحق لرئيس الجمهورية اللجوء إلى المجلس الدستوري لإبداء رأيه فيما يتعلق بدستورية أو عدم دستورية المعاهدات والقوانين .
-تعديل الدستور*
منح الدستور للرئيس الحق في اقتراح تعديل الدستور بما يقضي على الأزمات التي تتخبط فيها مؤسسات الدولة واحتمال قيامها مستقبلاً مما يفضي عليه صفة الحكم بينها .
-حق توجيه الخطاب :
إن هذا الحق مقرر للرئيس دون اشتراط إمضائه من قبل الوزير الأول ويسمح الخطاب للرئيس بمخاطبة المؤسسات دون أن كون محل مناقشة ويعتبر بمثابة التماس لإعارة المواضيع التي يتناولها الاهتمام الذي يليق بها .
*اختصاصات رئيس الجمهورية في الظروف غير العادية :
منحت المادة 16 من دستور 4 أكتوبر 1958 اختصاصات استثنائية في ظل الظروف غير العادية بعد استشارة الوزير الأول ورئيسي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ دوت أن يكون ملزماً بآرائهم ثم يوجه خطاباً للشعب الفرنسي يخاطبه باللجوء إلى السلطات الاستثنائية وقيدت ذلك بتوفر شرطين [
-أن يكون تهديد خطير وفوري لمؤسسات الجمهورية أو استقلال الأمة او سلامة أراضيها أو تنفيذ الالتزامات الدولية ، معرضة لخطر جسيم وداهم.
– توقف السلطات العامة عن عملها المنتظم أي السير العادي وعلى الرغم من الصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الجمهورية في نطاق المادة 16 تبقى خاضعة لقيدين :
الأول: هو حرمان الرئيس من حق حل الجمعية الوطنية خلال ممارسة صلاحياتها المنبثقة من تطبيق تلك المادة.
الثاني : إلزام رئيس باتخاذ تدابير نابعة من إدارة تأمين الوسائل للسلطات العامة الدستورية لكي تتمكن من أداء رسالتها.
خلاصة القول :
بالرغم من الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها رئيس الدولة فإنه غير مسؤول سياسياً إلا في حالة الخيانة العظمى ، والخيانة العظمى ] هي جريمة سياسية وليست قانونية وهي غير محددة حيث ترك الدستور أمر تقديرها إلى اجتهاد مجلس الشيوخ الذي يعتبر الهيئة العليا المختصة بمحاكمة رئيس الجمهورية ، كما أن المسؤولية السياسية تقع على عاتق الحكومة [13
2- الحكومة :*
الحكومة هي المؤسسة التي تدير شؤون الدولة ، وفيها يمارس الوزراء صلاحيات إدارية باعتبارهم رأس الهرم الإداري في الوزارات فإن رسم السياسة العامة من اختصاص مجلس الوزراء. وأعضاء الحكومة الفرنسية لا يمكنهم الجمع بين منصب الوزير والعضوية في البرلمان فالمادة 23 من الدستور أوجبت اعتبار النائب الذي يعين في الحكومة مستقبلاً من نيابته بعد مرور شهر واحد على دخوله في الوزارة وهذا ما نادى به الرئيس ديغول في محاولة تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات.
تشكيل الحكومة :
نميز بين تشكيلتين :
1-مجلس الوزراء : هو اجتماع جميع أعضاء الحكومة تحت رئاسة رئيس الدولة ويجوز للوزير الأول بصورة استثنائية أن يخلف رئيس الجمهورية في رئاسة مجلس الوزراء وبناء على تفويض صريح من الرئيس وذلك حسب المادة 21 بموجب تفويض خاص ومعين من قبل الرئيس .
2-مجلس الحكومة : هو اجتماع الحكومة برئاسة الوزير الأول ويختص بالتحضير لأعمال الحكومة .
اختصاصات الوزير الأول:*
للوزير الأول في النظام الفرنسي وفقاً للمادة 21 من الدستور يتولى تنسيق العمل الحكومي وهو مسؤول عن الدفاع ، ويتولى ضمان تنفيذ القوانين مع مراعاة أحكام المادة 18، كما يمارس السلطة التنظيمية ويقوم بالتعيين للوظائف المدنية والعسكرية ويساعد رئيس الجمهورية في رئاسة المجلس واللجان المحددة في المادة 15 وفي رئاسة أحد اجتماعات بتفويض صريح منه ، كما يستعين الوزير الأول بصلاحيات للقيام بعمله:
أ-اللجان الحكومية : هي التي تضم عدداً قليلاً من الوزراء لمدارسة وضع السياسة الحكومية قيد التنفيذوهي على نوعين دائمة ومؤقتة ومنظمة بموجب مراسيم ومنها اللجنة الوزارية الخاصة بالتعاون الاقتصادي الأوربي .
ب-ديوان الوزير الأول : يضم أقرب مساعديه المباشرين ، وهناك الأمانة العامة للحكومة التي تتولى المهام الإدارية دون السياسية.
ج- اللجان المختصة : كالأمانة العامة للدفاع الوطني والأمانة العامة للجنة الوزارية للتعاون الاقتصادي الأوربي وغيرها من الأجهزة التي هي أجهزة ووسائل في يد الوزير الأول تساعده في أداء مهامه المختلفة .
اختصاصات الحكومة : هناك اختصاصات عادية واختصاصات استثنائية .
1-اختصاصات عادية :*
-المساهمة في اقتراح ومناقشة مشاريع القوانين والبرامج السياسية العامة التي يتقدم بها الوزير الأول إلى الجمعية الوطنية.
– كما تستطيع الحكومة أن تقترح على رئيس الجمهورية أن يستعمل إجراء الاستفتاء ،فقط خلال انعقاد دورة المجلسين.
– كما تنص الفقرة 02 من المادة 21:” تتصرف الحكومة بالإدارة وبالقوة العسكرية” ، فالجيش يربى على النظام والطاعة ومن الطبيعي أن تتصرف الحكومة به
2- الاختصاصات الاستثنائية :
يمكن للحكومة اتخاذ صلاحيات استثنائية منها :
-إعلان التعبئة العامة إذا تطلب ذلك الوضع الدولي ولكنها لا تستطيع إعلان الحرب.
– يمكن للحكومة أيضاً إعلان حالة الحذاري أي الطوارئ كما تستطيع اتخاذ قرار إعلان الحصار لمدة لا تتجاوز 12 يوماً وتستطيع إصدار قرارات تنظيمية بموافقة البرلمان.
ب- السلطة التشريعية (البرلمان)
وهو مكون من مجلسي الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ.
والمواطنون البالغون 18 من العمر هم الذي ينتخبون النواب ف الجمعية الوطنية ، ومدة ولايته 05سنوات ويشترط ألا يقل عمره عن 23 سنة ، ويجري انتخابه بالاقتراع الأكثري وعلى دورتين وعلى أساس الدائرة الفردية ، فإن نال الأكثرية المطلقة من الأصوات في الدورة الأولى أعتبر فائزاً ، وإلا اضطر إلى خوض معترك الدورة الثانية لنيل الأكثرية النسبية من الأصوات وقد طرأ على عدد النواب تغيير وعددهم 577 نائباً هذه انتخابات العام 1986 أما مجلس الشيوخ فيجري انتخابه على درجتين ، وهو يمثل المناطق والأقاليم في الجمهورية وولايته تسع سنوات ويجدد ثلث أعضاؤه كل ثلاث سنوات وعدد أعضائه اليوم 322 شيخاً ويشترط ألا يقل سن الشيخ عن 35 سنة .*
ويجتمع البرلمان بغرفتيه كل في إطاره في دورتين الخريفية وتبدأ في 02 أكتوبر وتستمر 80 يوماً والربيعية وتبدأ في 02 أفريل وتستغرق 90 يوماً ، كما يجتمع وجوباً في دورات استثنائية بناءًا على طلب من الوزير الأول أو أغلبية نواب الجمعية وفي حالة الطوارئ أو الانتخابات الموالية للحل وكذا الاستماع لخطاب رئيس الجمهورية.
صلاحيات البرلمان : يتمتع البرلمان باختصاصات فعلية واسعة في المجالين التشريعي والمالي وفي مجال الرقابة .
-الاختصاصات التشريعية :
بالرغم من تحديده لنطاق التشريع الذي يختص به البرلمان والذي عدّ تقييداً للبرلمان واعتداء على سيادته إذ فسح المجال بأن يقوم بهذه المهمة أيضاً الشعب عن طريق الاستفتاء والحكومة بناءًا على تفويض فإن دستور 1958 حدد مجالات واسعة سردتها المادة 34 وتتعلق خاصة بالحقوق المدنية والسياسية وضماناتها والجنسية ونظام الأسرة والمواريث وتحديد الجرائم والجنح والعقوبات والإجراءات وتأسيس الأنظمة ومجال تحصيل الضرائب وطبيعتها والنقود والقواعد المتعلقة بالانتخابات والهيئات المحلية وإنشاء المؤسسات العمومية والضمانات الأساسية للموظفين المدنين والعسكريين للدولة وقواعد تأميم المؤسسات وتحويل ملكية مؤسسات القطاع العام إلى القطاع الخاص ، كما يختص البرلمان الفرنسي بالتشريع بوضع المبادئ التي تحكم الدفاع الوطني إجراءات إدارة الهيئات المحلية واختصاصاتها ومصادرها المالية والمبادئ المتعلقة بالتعليم وتنظيم الملكية والحقوق والالتزامات المدنية التجارية وحق العمل والنقابة والأمن الاجتماعي كما يتولى البرلمان مناقشة الميزانية والمصادقة عليها وسن القواعد التي تحدد أهداف التدخل الاقتصادي والاجتماعي للدولة .
ولإعداد قانون ما يقتضي إتباع إجراءات معينة تكون عادية وأحياناً خاصة تتعلق بنص دستوري أو أساسي أو مالي ، يمكن تلخيصها فيما يلي:
1-الإجراءات العادية:
أ-المرحلة الأولى : وتتعلق بالمبادرة ، بالرجوع إلى الدستور نجد المادة 39 منه تقضي بأن المبادرة تكون إما للوزير الأول أو أعضاء الحكومة .
ففي الحالة الأولى يسمى مشروع قانون يصادق عليه مجلس الوزراء بعد إبداء مجلس الدولة رأيه فيه ثم يسجل لدى مكتب إحدى الغرفتين وبالتالي دراسته من احديهما ويحق للحكومة سحبه قبل أن يتم المصادقة عليه .أما في الحالة الثانية فيسمى اقتراح قانون يوضع لدى مكتب المجلس على أن لا يخالف أحكام المادة 40 التي تقضي برفض كل اقتراح يؤدي إلى تخفيض المصادر المالية العمومية أو إنشائها أو مضاعفة الأعباء العامة ويحق للنواب سحب مقترحهم قبل الموافقة عليه في القراءة الأولى .*
ب- المرحلة الثانية : تعد اللجنة المختصة تقريراً يعرض على الجمعية الوطنية للتصويت عليه بالقبول أو الرفض ، ويمكن لأعضاء الحكومة والنواب تقديم مشاريع واقتراحات لتعديل الموضوع قيد الدراسة ، كما منح الدستور إلى الحكومة الحق في طلب رفض الاقتراحات والتعديلات المقترحة من النواب ولرئيس الجمعية أن يقبل الاعتراض أو يحيله للمجلس الدستوري .
ج- المرحلة الثالثة : يشرع فيها مناقشة المشروع المقدم من طرف الحكومة مرفوقاً بتقرير اللجنة المختصة إذا رغب في ذلك ، وبالتالي تتوقف المناقشات إلى غاية انتهاء اللجنة من عملها وإما أن يستمر النقاش مادة مادة مع التعديل إن وجد والتصويت على المواد والتعديلات واحدة واحدة ، ثم يتبعه التصويت على المشروع أو الاقتراح ككل ، دون أن يلجأ إلى إجراءات مختصرة كطلب التصويت دون مناقشة على نص من قبل الحكومة أو اللجنة المختصة أو مناقشة محدودة تقتصر على تدخل الحكومة أو الرئيس أو المقرر أو مقترحي التعديل أو يطلب بالتصويت المغلق على النص وما قدمته الحكومة من مشاريع أو اقتراحات تعديل ، وللإشارة فإن المشاريع تعرض على الغرفتين للتصويت وفي حالة الخلاف تنشأ لجنة مختلطة بين الغرفتين تناط بها إيجاد صيغة توفيقية حول الموضوع كما يحق للحكومة طرحه للمداولة ثانية أمام المجلسين ثم أمام الجمعية الوطنية للبث فيه وفي حالة عدم القيام بأي من الإجراءين فإن الموضوع يعاد فتحه بعد 15 يوماً يفتح بين المجلسين إلى أني تم الاتفاق النهائي بينهما.
2- الإجراءات غير العادية :*
تتعلق بمواضيع معينة كالقوانين الأساسية والمالية إذ تنظر الجهة التي تتلقى الاقتراح أو المشروع المتعلقة بالقوانين الأساسية 15 يوماً لعرضها للمناقشة والتصويت ولا يتم إصدارها إلا بعد إعلان المجلس الدستوري انطباق أحكامه مع أحكام الدستور ، وأما بالنسبة للقوانين المالية فإن عدم موافقة الجمعية الوطنية عليها يمنح الحق اللجوء إلى مجلس الشيوخ خلال 15 يوماً وفي حالة عدم اتخاذ أي موقف من البرلمان خلال 70 يوماً فإن الحكومة وفقاً للمادة 45 من الدستور تبدأ في تنفيذ المشروع بموجب أمر .
انعقاد البرلمان باللجوء إلى الشعب أو تفويض الحكومة :
إذا كان البرلمان مختص في مجال التشريع حسب المادة 34 من الدستور فإنه يمكن اعتماد المادتين 11و38 بأن يقوم بتلك المهمة الشعب أو تفويض الحكومة .
أ-التشريع عن طريق الاستفتاء الشعبي :
ويتم بناء على طلب من رئيس الجمهورية باقتراح من الحكومة وقت انعقاد البرلمان الذي يشعر بمضمونه دون أن يكون له الحق في المناقشة أو التصويت كما يمكن أن يتم بناء على لائحة ممضاة من 01 إلى 10 نواب الغرفتين ، غير مرفوقة بشروط أو تحفظ ثم ترفع من قبل رئيس المجلس إلى رئيس الجمهورية لنشرها في الجريدة الرسمية وتقدير المصلحة في طرحها أو عدم طرحها للاستفتاء .
ب-التشريع بواسطة تفويض الحكومة : ويتم عند طلب الحكومة من البرلمان منحها ترخيص بالتشريع عن طريق أوامر لمدة محددة في مواضيع قانونية تتخذ في مجلس الوزراء بعد أخذ رأي مجلس الدولة وتصبح نافذة بمجرد صدورها في الجريدة الرسمية على أن يصادق عليها البرلمان لاحقاً قبل إنهاء مدة التفويض حتى تصبح قانوناً .
وبالإضافة إلى هذه الصلاحيات فالبرلمان يتمتع بسلطات أخرى تتمثل فيما يلي :
*صلاحيات دبلوماسية :
1-صلاحية الإجازة للحكومة في التصديق على المعاهدات:
وهذه الصلاحيات ليست مطلقة ، بل محصورة بالمعاهدات الدولية (المعاهدات التي لها نتائج على مالية الدولية ، المعاهدات التجارية …إلخ) وصلاحية البرلمان خاضعة لرقابة المجلس الدستوري كما أن المعاهدات التي تمس كيان وسيادة الدولة تخضع للموافقة الشعبية عن طرق الاستفتاء.
2- الترخيص للحكومة بإعلان الحرب :
تعطي المادة 35 من الدستور البرلمان الحق في ترخيص للحكومة بإعلان الحرب إلا أن ظروف الحرب الحديثة قد تضطر إلا إعلان الحرب قبل الحصول على ترخيص من البرلمان.
*صلاحيات قضائية :
-حق العفو العام : وهو يختلف عن حق العفو الخاص الذي يمارسه رئيس الجمهورية كونه تدبير عام يشمل فئة من المحكومين وينتج عنه محو أثار الجريمة فيما يتعلق بممارسة المسجونين المشمولين بالعفو لحقوقهم الشخصية .
– سلطة البرلمان فيما يتعلق بمحكمة العدل العليا : هي المنتخبة من عدد متساوٍ من النواب والشيوخ والبرلمان بمجلسيه هو الذي يقرر بالأغلبية المطلقة إحالة رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة إلى المحاكمة في حالة تآمرهم ضد الدولة .
– إعلان حالة الطوارئ : لقد رأينا أن الدستور الفرنسي يوعز للحكومة إعلان حالة الطوارئ لمدة لا تتجاوز اثني عشر (12) يوماً وللبرلمان وحده حق تمديد حالة الطوارئ أكثر من ذلك.*
– الاختصاصات الرقابية :
ويمارسها البرلمان بعدة وسائل أهمها :
1-العرائض المقدمة من طرف المواطنين إلى رئيس الغرفتين أو تلك التي يرسلها النواب إلى اللجنة المختصة التي تقوم بترتيبها أو إرسالها إلى لجنة أخرى أو إلى الوزير المختص الذي يلزم بالإجابة عليها خلال 03 أشهر وإلا عرض على البرلمان.
2- الأسئلة التي يوجهها النواب بقصد الاستعلام وتكون إما شفهية أو دون الاستغراق في المناقشة حيث يعرض السائل الموضوع في 10 دقائق على الوزير الذي يجيب وللسائل الرد أيضاً في 05 دقائق يتبعه رد الوزير مرة ثانية وعندها يتوقف النقاش ، وهناك أسئلة شفهية متبوعة بنقاش يعطى السائل بين 10و20 دقيقة لطرحها ويرد عليها الوزير ثم يتبع ذلك النواب المسجلين حسب القائمة ، ويحق لصاحب السؤال أن يتدخل ثانية لمدة 05 دقائق ويمكن للوزير أن يطلب توقيف المناقشة في المجلس وتتولى الحكومة بعدها تقديم تصريح يكون محل للمناقشة ، ويخصص لهذا النوع من الأسئلة يوم في الأسبوع خلال دورات البرلمان وهناك نوع آخر من أسئلة الساعة توجه إلى الحكومة تودع لدى رئاسة أحد المجلسين ويقرر اجتماع رؤساء اللجان وتسجيلها ولا يعلم بها الوزراء إلا قبل الاجتماع بقليل تمنح الأغلبية والمعارضة نصف ساعة يتولى الوزير الأول أو من يمثله الإجابة عنها .
الأسئلة المكتوبة :
تتعلق بمواضيع شخصية تنشر في الجريدة الرسمية وعلى الوزير المعني أن يجيب وجوابه ينشر أيضاً في الجريدة الرسمية ، كما يمكنه أن يمتنع إذا تعلق الأمر بأسرار الدولة كما يمكنه أن يطلب مهلة إضافية لاستجماع عناصر الموضوع وفي حالة عدم رد الوزير يطلب رئيس المجلس من السائل تحويل سؤاله إلى سؤال شفهي أو يمنح للوزير مهلة شهر إضافية وإلا أدرج السؤال ثانية في الجريدة الرسمية مع ما يترتب على ذلك من آثار على سمعة الوزير اتجاه الرأي العام.
الإعلان عن طريقة اللجان :
المخولة بجمع المعلومات من أي وجهه والاستماع لأي شخص لتتمكن من دراسة مختلف المواضيع المتعلقة بالتشريع ويلجا أحيانا إلى إنشاء لجان للمراقبة والتحقيق ويملك البرلمان وسائل أخرى للمراقبة تتمثل فيما يلي :
الموافقة على النفقات والإيرادات والموافقة على بعض المعاهدات والاتفاقيات الدولية قبل التصديق عليها من طرف رئيس الجمهورية وإعلان الحرب إذا تعلق الأمر بهجوم فرنسي وليس باعتداء على فرنسا وإعلان حالة الطوارئ التي تعلن بناء على قانون كما تشترط مصادقة البرلمان في حالة الحصار بعد انتهاء المدة المحددة لها 12 يوما بعد اتخاذ القرار داخل مجلس الوزراء وأخيرا مسؤولية الحكومة أمام البرلمان عن طريق رفض منح الثقة بعد طلب الحكومة لها من خلال عرض برنامجها او بيان السياسة العامة آو التصويت على نص كما يمكن للبرلمان من خلال تقدم عشرة نواب من احد المجلسين بلائحة سحب الثقة أن يطيح بالحكومة.
3 السلطة القضائية أو الهيئات القضائية والاستشارية .
أ- المجلس الدستوري:
يختص المجلس الدستوري في النظم على دستورية القوانين وفي الفصل في صحة الطعون الانتخابية والبرلمانية والرئاسية ولذلك فهو أشبه بالقضاء السياسي .
تأليفه : يتألف المجلس الدستوري من نوعين :
-أعضاء حكوميون ( رؤساء الجمهورية السابقون ).
-أعضاء معينون لمدة تسع سنوات غير قابلة للتجديد ، يعود لكل من رئيس الجمهورية ورئيسي المجلسين بتعيين ثلاثة أعضاء على أن يسمي رئيس الجمهورية رئيس المجلس الدستوري.
صلاحياته :
-الرقابة الدستورية على القوانين : إلغاء كل قانون يعتبر مخالفاً للدستور .
– الرقابة على صحة اقتراحات القوانين .
– الرقابة على ممارسة الحكومة السلطة التنظيمية .
– الإشراف على الانتخابات الرئاسية وتأكد من صحتها وإعلان النتائج .
– الإشراف على الاستفتاء والتأكد من قانونيته وإعلان النتيجة والنظر في الطعون .
– الرقابة على صحة المعاهدات والاتفاقيات الدولية.
ب- المجلس الاقتصادي الاجتماعي :
هي هيئة استشارية تمثل مختلف الفئات المهنية وخاصة النقابات .
تأليفه : يتألف من أعضاء منتخبين من المنظمات المهنية 70% وآخرين معينين من قبل الحكومة 30% ويبلغ مجموع الأعضاء 200عضو .
صلاحياته :
1-تقديم النصح والإرشادات للحكومة والبرلمان في المسائل الاقتصادية و الاجتماعية .
2- تشجيع التعاون بين مختلف الفئات المهينة وتأمين مشاركة هذه الفئات في رسم سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية.
ج- محكمة العدل العليا :
هي عبارة عن هيئة قضائية لا تجتمع إلا في الحالات الاستثنائية .
تأليفه :*
تتألف الحكومة من 24 قاضياً و12 احتياطياً جميعهم من النواب والشيوخ وهي مكونة من أعضاء ينتخبهم بالتساوي مجلسا البرلمان .
صلاحياتها:*
1- محاكمة رئيس الجمهورية في حال ارتكاب الخيانة العظمى .
2- محاكمة أعضاء الحكومة عن الأعمال التي يقومون بها خلال ممارسة وظائفهم .
3- محاكمة كل شخص اشترك معهم في التآمر على سلامة الدولة .
ثانياً : المؤسسات غير الحكومية*
أ-الأحزاب السياسية :
ففي فرنسا نظام التعددية الحزبية وهي تختلف على النظامين البرلماني ” بريطاني ” والرئاسي ” الولايات المتحدة الأمريكية” أما في فرنسا فإن نظام تعدد الأحزاب والائتلاف بين تلك الأحزاب وتنوعها إلى أحزاب يمينية ويسارية والمتطرفة وكذلك أحزاب الوسط ، وظهور ظاهرة التطرف في العديد من الأحزاب الفرنسية .
وللأحزاب السياسية في فرنسا دور معقد ويخلق مشاكل كثيرة لكثرة عقائدها واتجاهاتها ، الأمر الذي يصعب التوفيق بينهم في القضايا المختلفة خاصة السياسية منها لذلك نجد أن الكثير من الأحزاب السياسية الفرنسية تتحاشى أثناء العملية الانتخابية التطرق إلى مواضيع مهمة كالسياسة الخارجية أو بعض المواضيع الفرعية عن السياسة الداخلية.
ب- جماعات المصالح الخاصة – الضغط:
كانت هذه الجماعات في السابق تركز نشاطها على السياسة الداخلية الفرنسية دون النظر إلى السياسة الخارجية ، وما تمارسه الدولة في الأحداث الدولية ولكن أهمية الأحداث التي مرت بها فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية قد فرضت على جماعات الضغط أن تهتم بهذه القضايا بالإضافة إلى اهتمامات السياسية الخارجية ، فنقابات العمال وجدت مصلحتها في الالتحام مع الأحزاب السياسية لتحقيق أهدافها من خلال تلك الأحزاب بالمقابل فقد وجدت الأحزاب تلك النقابات ضالتها في مناصرتها وتأييدها في سياستها لاتساع حجمها وأهميتها على الساحة الفرنسية .
وكان أول من تعامل معها الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي الفرنسي خاصة مواقف تلك الجماعات من الحلف الأطلسي والتعريفات الجمركية ، ثم جماعا أرباب العمل والمستثمرين الزراعيين التي تحاول الضغط على الحكومة لاتخاذ إجراءات اقتصادية داخلية وخارجية تنسجم ومصالحها ، ولا ننسى جماعات الضغط الصهيوني في السياسة الفرنسية ، التي تتميز بقوة تنظيمها وفاعليتها وتماسكها وارتباطها بالتنظيم العالي للحركة الصهيونية ، التي تهدف إلى تحقيق أهدافها السياسية في دعم إسرائيل في كافة الميادين السياسية والاقتصادية والعسكرية ومن أهم ميزات هذه الجماعات سرعة تغلغلها في المنظمات والأحزاب خاصة التي تحمل طابع ثقافياً أو تربوياً أو غير ذلك .
ج-الرأي العام ووسائل الإعلام :
كل الدلائل والمؤشرات تقول بان الشعب الفرنسي يهتم بشؤونه الداخلية والمكاسب التي تتحقق له من خلال السياسة الفرنسية ، نتيجة طغيان المذهب المادي على المجتمع الفرنسي ولهذا نجد أن القلة القليلة من الشعب الفرنسي هي الفئة التي تؤثر في اتجاهات الرأي العام وتؤثر على السياسة الخارجية كما أن هذه الفئة هي التي تلعب الدور الرئيسي في سياسة فرنسا الخارجية والتي لا تخلو من المفكرين والكتاب الذين يتابعون تطورات الأحداث الداخلية والخارجية ، ويعبرون عن وجهات نظرهم نحوها وهم لا يشكلون إلا نسبة ضئيلة بالنسبة للأحزاب والكتل والجماعات الأخرى التي لها دورها وتأثيرها على الرأي العام والسياسة في فرنسا.*
المبحث الثالث : تقييم النظام شبه الرئاسي الفرنسي :
أ/- إيجابيته :
1/- ثنائية السلطة التنفيذية أي الجمع بين رئيس الجمهورية والوزير الأول.
2/- مسؤولية الحكومة أمام البرلمان أي إعطاء الثقة أو سحبها.
3/- وجود تعددية حزبية إذ تلعب الأحزاب السياسية دورا رئيسيا في الانتخابات على مختلف مستوياتها ( بلدية، برلمانية، رئاسية ).
4/- الجمع بين خصائص الديمقراطية التمثيلية ” انتخاب النواب ” ، والديمقراطية المباشرة ” انتخاب رئيس الجمهورية ”، والديمقراطية شبه المباشرة ” الاستفتاء ”.
5/- يعتبر النظام الفرنسي نظام ديمقراطي يرتكز على مبدأ السيادة الشعبية التي يعبر عنها بواسطة الانتخاب.
ب/- سلبياته :
1/- هيمنة رئيس الجمهورية إذ يعتبر في المركز المتفوق والوزارة أقرب إلى سكريتاريا.
2/- عدم مسؤولية رئيس الجمهورية إلا في حالة الخيانة العظمى.
3/- تصادم مصالح رئيس الجمهورية مع مصالح رئيس مجلس الوزراء الذي يمثل مصالح البرلمان .
4/- إساءة استخدام قانون الطوارئ وحقه في الاستفتاء من قبل الرئيس.
5/- صعوبة الائتلاف الحكومي بين الأحزاب .
خاتـــــــــمة
بعد تناولنا هذا البحث والتحدث على أهم ما يخص به هذا النظام أي النظام شبه الرئاسي على أنه نظام مختلط وتعتبر فرنسا أهم نموذج واقعي لتطبيق هذا النظام فإن النظام السياسي الفرنسي الذي عاش حقبة طويلة في ظل النظام البرلماني التقليدي أدخل تكييفات جديدة في بنية السلطة من خلال تقوية صلاحيات السلطة التنفيذية مقابل البرلمان ووسع من صلاحيات رئيس الجمهورية مقابل الحكومة مع بقائه بعيداً عن تحمل المسؤولية السياسية ولذا يمكن القول أن النظام الفرنسي تغلب عليه عناصر النظام الرئاسي من ناحية الموضوعية ويحتفظ بعناصر النظام البرلماني من الناحية الشكلية لذا استحق أن يطلق عليه تسمية النظام شبه رئاسي .
وقد تم اعتماد هذا النظام لأن ديغول أراد بذلك بناء مجد فرنسا وإعطائها مكانتها في الساحة الدولية .
29 سبتمبر، 2017 at 8:09 م
احسنتم