دراسة وبحث قانوني في اجراءات التفليسة
مقدمة
تقوم المعاملات التجارية على الثقة والائتمان اللذان يميزانها عن المعاملات المدنية لذلك عمد القانون التجاري إلى دعم الائتمان عن طريق الزيادة في ضمانات الدائن التجاري ، وتوقيع جزاءات صارمة على من يخل به وذلك بإقرار الإفلاس كنظام يقوم على تصفية أموال التاجر المتوقف عن دفع ديونه تصفية جماعية وتوزيعها على الدائنين كل بنسبة ما له من حق قبل المدين ولما كان الإفلاس عبارة عن طريقة تنفيذ جماعية تتم على أموال المفلس كان لا بد من تحديد هذه الأموال وتصفيتها تيسيرا لدفع الديون المستحقة لدائني المفلس ولا بد من إتباع إجراءات معينة تؤدي إلى حفظ أموال المفلس وإلى إدارة هذه الأموال بطريقة يستفيد منها جميع الدائنين بالتساوي فيما بينهم وقد راعى القانون هاتين الناحيتين فوضع النصوص الكفيلة بتحديد أموال المفلس وإدارتها وعلى ضوء ما تقدم طرحنا الإشكالية التالية : ما هي إجراءات التفليسة ؟
للإجابة على هذه الإشكالية تناولنا في المبحث الأول: حصر أموال المفلس وإدارتها وخصصنا المبحث الثاني: لتحقيق الديون وتأييدها
المبحث الأول :
حصر أموال المفلس وإدارتها
من المسائل الجوهرية لتحديد أصول التفليسة المحافظة على أموال المدين لاسيما وأن صدور الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية يترتب عليه غل يد المدين عن إدارة أمواله لذلك تطلب القانون لتحقيق المحافظة وضع الأختام على أموال المدين لمنع تبديدها حتى يتم جردها وتسليمها إلى الوكيل المتصرف القضائي فإذا ما تم جرد أموال المدين يتم تحرير ميزانيته وتقفل دفاتره.
المطلب الأول :
حصر أموال المفلس
بصدور حكم إشهار الإفلاس تغل يد المفلس عن إدارة أمواله وتوضع تحت يد هيئة التفليسة المشكلة من الوكيل المتصرف القضائي ، القاضي ،المراقبان ، وغرض الشارع من تقريره رفع يد المدين المفلس عن إدارة أمواله أن يحول بينه وبين ما عسى أن يقوم به من الأعمال والتصرفات التي قد تنقص أمواله ضمان الدائنين.
ويتطلب انتقال إدارة أموال المفلس إلى هيئة التفليسة بعض الإجراءات تتمثل في وضع الأختام على أموال المفلس وجردها وإقفال الدفاتر التجارية ووضع الأختام عليها.
أولاً :وضع الأختام :
رأى المشرع أن المحافظة على أموال المفلس تتطلب وضع الأختام عليها خشية من تهريبها أو العبث بها فقضى في المادة 258 ق ت أن المحكمة التي تحكم بشهر الإفلاس أن تأمر في حكمها بوضع الأختام على خزائن وأوراق ومنقولات المدين والمراكز التجارية والمخازن التابعة له .
وإذا كان المفلس شخص معنوي فيه شركاء متضامنون فإنه يتم وضع الأختام على أموال كل منهم .
أما إذا كانت الأموال المراد وضع الأختام عليها واقعة خارج دائرة اختصاص المحكمة المختصة يوجه إعلان بذلك إلى رئيس المحكمة التي توجد أموال المفلس في دائرة اختصاصها، يقوم رئيس المحكمة الذي وضع الأختام اثر ذلك بإبلاغ رئيس المحكمة الذي حكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية بلا إبطاء بحصول وضع الأختام وفق ما تم تأكيده بنص المادتين 258 و 259 .
إلا انه إذا اختفي المدين أو قام باختلاس بعض أو كل أمواله فجاز للقاضي حتى قبل صدور الحكم بشهر الإفلاس أن يضع الأختام سواء تلقائيا أو بناء على طلب احد الدائنين أو بعضهم هذا ما قضت به المادة 258/3 ق ت .
استثناء بعض الأموال والحقوق التي لا يشملها غل اليد :
يمكن للقاضي المنتدب بناء على طلب الوكيل المتصرف القضائي أن يعفى من وضع الأختام أو رفعها وفق نص المادة 260 ق ت ج :
ـ المنقولات والأمتعة اللازمة للمدين وأسرته
ـ الأشياء المعرضة للتلف القريب أو انخفاض القيمة الوشيك
ـ ما يلزم استعماله في نشاطه الصناعي أو مؤسسته إذا تم الترخيص له باستمرار الاستغلال .
وتجدر الإشارة إلى أن المستندات والدفاتر الحسابية وبمقتضى المادة 261 ق.ت يجب أن تستخرج من قبل القاضي المنتدب من الحفظ تحت الأختام وتسلم للوكيل المتصرف القضائي ، الذي يقوم بجردها ويحرر محضرا بالحالة التي وجدها عليها، ويعود هذا لأهمية المستندات والدفاتر الحسابية في بيان المركز المالي ، كما يستخرج الأوراق المالية التي حان أجلها أو المحتملة القبول أو التي يستدعي الحال إجراءات تحفظية لها ، ويسلمها للوكيل المتصرف القضائي بعد بيان أوصافها وهذا قصد تحصيل قيمتها.
وإذا تعلق الأمر بإفلاس شخص معنوي لا يمكن للمديرين أن يقوموا بعمليات تحويل أو تداول الأسهم والسندات وغيرها من الحصص التي تتكون فيها حقوقهم في الشركة إلا بأذن من القاضي المنتدب.
ثانيـا: جــرد الأمـوال:
تجسيداً لمبدأ السرعة في التعامل التجاري فإن وضع الأختام لن يلبث طويلا وإلا كان في ذلك إجحاف بحق المفلس و إضرار بجماعة الدائنين، لأجل ذلك نصت المادة 263 ق ت ج (( يتقدم وكيل التفليسة بطلب خلال ثلاثة أيام لرفع الأختام لأجل مباشرة عمليات الجرد)) .
وعلى إثر ذلك يتم جرد أموال المدين بحضوره أو بعد استدعائه قانونا بموجب رسالة مضمونة الوصول أو عن طريق المحضر كما يتم التحقق من وجود الأشياء التي لم توضع عليها الأختام أو التي نزعت عنها ويتم حساب قيمتها وتتمثل في الأشياء والبضائع التي بيعت مخافة تلفها أو إنقاص قيمتها، ثم تحرر قائمة الجرد على نسختين تودع إحداهما لدى أمانة ضبط المحكمة المختصة وتبقى الأخرى لدى الوكيل المتصرف القضائي طبقا للمادة 246. ويمكن للوكيل المتصرف القضائي طلب مساعدة أي شخص مناسب، أجير مثلا له دراية بقيمة البضائع في تحرير قائمة الجرد، ويجوز لوكيل الجمهورية حضور عملية الجرد طبقا للمادة 266 من القانون التجاري وعند انتهاء عملية الجرد تودع هذه البضائع والأموال لدى الوكيل المتصرف القضائي ويمضي على قائمة الجرد طبقا للمادة 267 من القانون التجاري. وفي حالة وفاة المدين قبل إجراء الجرد يجب حضور ورثته طبقا للمادة 267 بعد طلب الوكيل المتصرف القضائي من القاضي المنتدب رفع الأختام وهذا خلال ثلاثة أيام من صدور الحكم.
ثالثاً : قفل الدفاتر وتحرير الميزانية :
يستدعي الوكيل المتصرف القضائي المدين لإقفال الدفاتر الخاصة بتجارته وحصر أمواله وضبط حساباتها في حضوره فإذا لم يستجب المدين لهذا الاستدعاء تُوجه له رسالة موصى عليها تنذره بالحضور خلال 48 ساعة على الأكثر ويجوز للمدين إنابة شخص آخر عنه إذا كانت هناك أسباب جدية لغيابه ويقرر قبول ذلك القاضي المنتدب طبقا لنص المادة 253 ق ت ج وفي حالة عدم حضور المدين المفلس فإن الوكيل المتصرف القضائي يقوم بوضع الميزانية بنفسه مستعينا بالأوراق والدفاتر التي يحصل عليها وبعد هذا يقوم بإيداعها لدى أمانة الضبط بالمحكمة وهذا في الحالة التي لم يكن فيها المدين قد حرر الميزانية وأودعها لدى أمانة الضبط من قبل هذا ما نصت عليه المادة 256 ق ت ج .
رابعاً :الإعلام بالوضعية الظاهرة :
خلال الشهر الذي صدر فيه الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية يتولى الوكيل المتصرف القضائي إعداد بيان موجز عن الوضعية الظاهرة للمدين وموقعه المالي والأسباب والظروف التي أدت به إلى ذلك ويقدمه إلى القاضي المنتدب ، ويقوم هذا الأخير بإحالة الملف فورا إلى وكيل الجمهورية مرفقا بملاحظاته فإن لم يتمكن من ذلك في المهل المحددة أستوجب عليه إخطار وكيل الجمهورية بذلك مع توضيح أسباب التأخير وفق ما أكدته المادة 275 من القانون التجاري الجزائري.
المطلب الثاني :
إدارة أموال المفلس
عند شهر الإفلاس تغل يد المدين عن إدارة أمواله حيث يتجلى الدور الهام الذي يلعبه الوكيل المتصرف القضائي في إدارة أموال المفلس وتتم عملية إدارة أموال المدين من خلال الأعمال التالية
أولا: الأعمال التحفظية :
يجب علي الوكيل المتصرف القضائي من وقت استلامه أموال المفلس أن يقوم بجميع الأعمال اللازمة لصيانة حقوق المفلس تجاه مدينيه وذلك طبقا لنص المادة رقم 255 من القانون التجاري و المتمثلة في .
ـ توقيع الحجوز التحفظية لفائدة المدين المفلس والطعن في الأحكام الصادرة ضده .
ـ تحرير احتجاجات عدم الوفاء ضد مديني الدائنين إذا تعلق الأمر بالإسناد التجارية .
ـ قيد وتسجيل حقوق الامتياز والرهن والتخصص الواقعة علي عقارات المدينين للمفلس
ـ تسجيل الرهن العقاري لصالح جميع أموال المدين وعلى ما قد يكتسبه لاحقا مباشرة بعد صدور الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية وفق ما نصت عليه المادة 254 ق ت ج.
ثانيا: تحصيل الديون تحصيل حقوق المفلس:
عند صدور حكم شهر الإفلاس امتنع عن المفلس استيفاء الحقوق التي له لدى الغير وتعين حصول الوفاء بها إلى الوكيل المتصرف القضائي إذا حل أجل وفائها ويقوم بإيداع ما تم تحصيله إلى الخزينة العامة وتبعا لذلك نصت المادة 271 على أنه (( تودع الأموال الناتجة من البيوع والتحصيلات في الخزينة العامة فورا ويتعين تقديم إثبات الإيداع إلى القاضي المنتدب في مدة خمسة عشر يوماً من التحصيل )) .
ثالثا: بيع أموال التفليسة :
الأصل أن الوكيل المتصرف القضائي لا يبيع شيئا من أموال المفلس بل يجب عليه المحافظة عليها حتى يردها إليه في حالة انتهاء التفليسة بصلح ، ولكن المشرع أجاز للوكيل المتصرف القضائي بيع المنقولات والبضائع في بعض الحالات ويكون ذلك بناءا على طلب الوكيل المتصرف القضائي خلال فترة الإجراءات التمهيدية وذلك بأذن من القاضي المنتدب ، حيث يجوز بيع الأشياء القابلة لتلف سريع أو لنقص عاجل في القيمة أو التي تقتضي صيانتها مصاريف باهظة كما يجوز الإذن ببيع أموال التفليسة إذا كان البيع لازما للحصول علي نقود للصرف على شئونها أو كان البيع يحقق نفعا مؤكدا للدائنين أو للمفلس ولا يجوز الإذن بالبيع في الحالة الأخيرة إلا بعد إخطار المفلس بالبيع وسماع أقوالة المواد 268 ،269 ق ت ج
رابعا : الاستمرار في تجارة المفلس :
أجاز القانون الاستمرار في تجارة المفلس أو صناعته من أجل المزايا المتعددة الناجمة عن هذا الاستمرار سواء بالنسبة للمدين المفلس أو جماعة الدائنين ذلك أنه بالنسبة لجماعة الدائنين فالمتجر يظل محتفظا بقيمته أما بالنسبة للمدين فمصلحته أن يسهل عليه إستئناف نشاطه بسهولة هذا حسب المادة 277 ق ت ج ، ويكون ذلك في الحالتين التاليتين .
في حالة التسوية القضائية : يمكن للمدين المقبول في التسوية القضائية وبمعونة الوكيل المتصرف القضائي وأذن القاضي المنتدب متابعة استغلال مؤسسته التجارية والصناعية وفق الفقرة 01 من المادة 277
أما في حالة الإفلاس :فلا يمكن ذلك للمدين إذ نصت المادة 277 فقرة 02 على انه (( وفي حالة الإفلاس ، إذا ارتأى لوكيل التفليسة استغلال المحل التجاري لا يكون له هذا إلا بعد إذن المحكمة بناءا على تقرير القاضي المنتدب بإثبات أن المصلحة العامة أو مصلحة الدائنين تقتضي ضرورة ذلك )).وبالتالي في حالة الإفلاس لا يمكن استمرار الاستغلال إلا من طرف الوكيل المتصرف القضائي بعد إذن المحكمة وبناءا على تقرير يقدمه القاضي المنتدب . وبعد هذا الإذن تعتبر الأرباح الناتجة عن هذا النشاط حقا لجماعة الدائنين.
وإذا كان المحل مؤجر وطالب أصحابه بفسخ عقد إيجاره ، فنجد أن المشرع الجزائري قد منع مؤجر المحل التجاري القيام بأي إجراء تنفيذي لاستعادة العين المؤجرة وذلك لمدة الثلاثة أشهر الموالية لصدور الحكم بشهر الإفلاس .
خامسا: إقفال التفلسة :
إذا لم تبقى في أموال المفلس ما يكفي لمتابعة إجراءات التفلسة وتغطية مصاريفها فإنه يتعذر الاستمرار في الإجراءات وفي هذه الحالة يجوز للمحكمة مصدرة حكم الإفلاس أن تحكم بإقفال التفليسة المادة 355 ق ت .
ويشترط لقفل التفلسة على أساس عدم كفاية الموجودات أن يصدر حكم قضائي بذلك من المحكمة مصدرة الحكم بالإفلاس
ألا تكون هناك أمول كافية لتغطية الإجراءات في التفلسة سواء سيولة نقدية أو أموالا منقولة أو عقارية ولا يقصد بعدم كفاية الأموال أن تكون لا تكفي للوفاء بحقوق جماعة الدائنين طالما وجدت أموال كافية للإنفاق على الإجراءات فإنها تتواصل ولو لم يبقى ما يكفي للوفاء بحقوق الدائنين .
يجوز لكل ذي مصلحة كالمدين أو الوكيل المتصرف القضائي أو الدائن طلب الحكم بالإقفال وللمحكمة القضاء به من تلقاء نفسها بموجب تقرير القاضي المنتدب
يقدم طلب الإقفال في أي وقت طالما لم يحصل صلح أو اتحاد .
وينجم عن صدور حكم الإقفال الآثار التالية:
الحكم بالإقفال لسداد الديون لا يضع حدا نهائيا لإجراءات التفلسة ، لا يمكن إعادة افتتاحها من جديد إلا عن طريق استصدار حكم بشهر الإفلاس
لا يعد إقفال التفلسة لعدم كفاية الموجودات حلا نهائيا للتفليسة كما هو واضح في الصلح بل هو مجرد وقف مؤقت لعمليات التفليسة ولا ينبني عليه زوال آثار الحكم بالإفلاس فيستمر غل يد المدين ويحتفظ وكيل التفلسة بوظائفه وسلطاته .
ويلتزم الوكيل المتصرف القضائي في وجود حكم إقفال التفليسة برد المستندات التي سلمت له من قبل الدائنين ويكون مسؤولا عنها لمدة عام واحد من تاريخ هذا الحكم ويعود لكل واحد من الدائنين حق الدعاوي الفردية ضد المدين .
لا يحوز الحكم الصادر بإقفال التفليسة لعدم كفاية الموجودات قوة الأمر المقضي فيه المادة 356 ق ت ج .
المبحث الثاني :
تحقيق الديون وتأييدها.
من أهم إجراءات الإفلاس معرفة الحقوق التي على المفلس والتأكد من جديتها وحصرها باعتبارها الجانب السلبي لذمة المفلس ونظرا لارتياب المشرع في سلوك المفلس وخشية من الأضرار بدائنيه أو المحاباة لبعضهم لم يستند كثيرا من بيان هذا الجانب إلي ما يقرره المفلس ولا حتى إلي الديون التي تتضح من دفاتره التجارية أو من الميزانية التي قد لا تكون منتظمة أو ملفقة.
المطلب الأول :
تقديم الديون
إن تقديم سندات الديون واجب على جميع الدائنين دون استثناء سواء كانوا عاديين أو ممتازين ، وبما فيها ديون الخزينة العامة سواء منها الجبائية أو الجمركية وهذا حسب نص المادة 280 ق ت ج فبعد صدور حكم شهر الإفلاس يقوم جميع الدائنون بتسليم الوكيل المتصرف القضائي السندات المثبتة لديونهم مرفوقة بجدول بيان الأوراق المقدمة والمبالغ المطالب بها ، ويكون التوقيع على هذا الجدول مع الإقرار بصحتها ومطابقتها ، فإذا لم يقدم أصحاب الدين مستنداتهم خلال شهر لا يقبل المتخلفون في التوزيع والأرباح ما لم ترفع المحكمة سقوط هذا الأجل عنهم وفي هذه الحالة لا يشاركوا إلا في توزيع الحصص أو الأرباح المقبلة المادة 281 ق ت ج ، وإذا قام الدائن بالتقدم بدينه طبقا للإجراءات القانونية ويكون له الحق في الإشتراك في إجراءات التحقيق في الديون والمنازعة في صحة ديون الآخرين ، كما يكون له التصويت على الحل النهائي في حالة التفليسة والاشتراك في التوزيع للأموال في حالة قيام الإتحاد .
المطلب الثاني :
تحقيق الديون
يجُرى تحقيق الديون من طرف الوكيل المتصرف القضائي يعاونه المراقبان وذلك بحضور المدين أو بعد استدعائه قانونا برسالة موصى عليها مع العلم بالوصول حسب نص المادة 282 ق ت ج ، وإذا اعترض الوكيل المتصرف القضائي على الدين كله أو بعضه فيتعين عليه إخبار الدائن برسالة موصى عليها وللدائن أجل ثمانية أيام لتقديم بيانات كتابية أو شفهية ، غير أن المنازعة في الديون الضريبية أو الجمركية لا تكون إلا وفقا للإجراءات المنصوص عليها مادة 282 ق ت ج ، كما يجوز لكل دائن الإعراض على الديون حتى ولو كان دين هذا الأخير لم يتم التحقيق فيه بعد وتجوز المعارضة على الدين من المفلس أو المدين وأثناء إجراءات التحقيق في الديون يجوز لوكيل التفليسة والقاضي المنتدب استجواب كل دائن بالنسبة لدينه مع حقهم في طلب دفاتره للإطلاع عليها وتجدر الإشارة الى أن دور الوكيل المتصرف القضائي في هذه المرحلة يقتصر على تحقيق الديون وتقديم مقترحات حول قبولها أو رفضها ولكن يبقى للقاضي المنتدب وحده سلطة القبول أو الرفض ، وبمجرد إتمام التحقيق يحرر القاضي المنتدب محضرا بما تم في جلسات التحقيق ويقوم بالتوقيع على كشف الديون المقبولة الذي يتكفل الوكيل المتصرف القضائي بإيداعه أمانة ضبط المحكمة مع توضيح القرار المتخذ من طرف القاضي المنتدب حول تلك الديون ، وأوجبت المادة 283 ق ت ج ألا تتجاوز جميع هذه الإجراءات ثلاثة أشهر من تاريخ صدور الحكم بالإفلاس ، وبعد إيداع كشف الديون يقوم أمين ضبط المحكمة بإخطار الدائنين بحصول إيداع كشف الديون عن طريق النشر في الجرائد والنشرة الرسمية للإعلانات القانونية كما يوجه لكل دائن تم رفض دينه أو نوزع فيه رسالة موصى عليها خلال خمسة عشر يوم من تاريخ نشر الديون المقبولة المواد 284 ، 285 ق ت ج ، كما أنه لكل دائن تقدم بدين ولم يتم قبوله أن ينازع في عدم القبول بطريق أداء طلباته وتدعيمها بالإثباتات لدى أمانة ضبط المحكمة خلال خمسة عشر يوم من تاريخ النشر للديون المقبولة كما يجوز ذلك للمدين المفلس وتنظر المحكمة في صحة الدين المتنازع فيه وتصدر حكمها بناءا على تقرير من القاضي المنتدب ويمنع على الدائن والمدين حق المنازعة في الديون المفصول فيها بموجب هذا الحكم وهذا لتفادي الإطالة في إجراءات التفليسة .
المطلب الثالث :
النتائج التي يسفر عنها التحقيق
بعد أن ينتهي تحقيق الديون لا يخرج الأمر عن أحد صور ثلاث إما أن يكون الدين مقبولا أو أن يكون الدين متنازعا فيه أو أن يرفض الدين نهائيا.
أما قبول الديون فيكون من طرف القاضي المنتدب لأن الوكيل المتصرف القضائي يناقش فقط هذه الديون ويقدم اقتراحاته حول قبول هذه الديون أو رفضها ماعدا الديون المستحقة للخزينة العامة فلا تجوز مناقشتها ويجب أن تقبل بشكل معجل طبقا للمادة 282/5 .
ويتم توقيع القاضي المنتدب على كشف الديون خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الحكم بشهر الإفلاس أو التسوية القضائية ويمكن تعديل هذه المهلة بأمر من القاضي المنتدب إذا ظهرت ظروف استثنائية.
وبعد انتهاء إجراءات التحقيق والتوقيع على كشف الديون يقوم الوكيل المتصرف القضائي بإيداع الكشف والقرارات المتخذة الخاصة بمقترحاته لدى كتابة ضبط المحكمة طبقا للمادة 283 من القانون التجاري، ثم يقوم كاتب الضبط بنشر قرار القاضي المنتدب بإعلام الدائنين وذلك عن طريق نشره في نشرة الإعلانات القانونية، ويبلغ الدائنون الذين رفضت ديونهم عن طريق رسالة موصى عليها مع العلم بالوصول خلال 15 يوم من تاريخ النشر 284/2.
وقد نصت المادة 285 من القانون التجاري على إمكانية اعتراض الدائنين أو المدين على ما جاء في كشف الديون وهذا بإيداع الاعتراض لدى كتابة ضبط المحكمة خلال 15 يوم من تاريخ النشر طبقا للمادة 285 ، وبعد مرور ثلاثة أيام على رجوع الوصل الذي يتم فيه إعلام الأطراف بالنتائج يرفع كاتب الضبط الديون المتنازع فيها للمحكمة للفصل فيها بناءا على تقرير القاضي المنتدب لتتخذ المحكمة بشأنها حكما .
ـ إما بقبول طلب الدائن المرفوض أو العكس رفض طلب الدين المقبول.
ـ قبول مؤقت للدائن الذي له دين اجتماعي مع تحديد المبلغ الذي قبل له طبقا للمادة .
وبعد صدور الحكم يبلغ كاتب الضبط الأطراف برسائل مضمنة الوصول 287/2.
خاتمة
من خلال هذا العرض الموجز يتبين لنا أن الحكم بشهر الإفلاس يترتب عليه غل يد المفلس عن إدارة أمواله وذلك ضمانا لحقوق الدائنين حيث يقوم الوكيل المتصرف القضائي بحصر أموال المفلس ووضع الأختام عليها إن واقعة في دائرة شهر الإفلاس وإذا كان للمفلس أموال خارج دائرة المحكمة التي شهرت الإفلاس فيقوم القاضي بإبلاغ كل محكمة يوجد في دائرتها أموال للمفلس مع العلم أنه تستثنى من وضع الأختام عليها بعض الأشياء مثل ملابس المفلس ومنقولاته والأشياء الضرورية له أو الأشياء القابلة لتلف قريب.
ويتم جرد أموال المفلس خلال الثلاثة أيام الموالية لتاريخ الحكم بإشهار الإفلاس وذلك بحضور قاضي التفليسة أو من ينتدبه لذلك والوكيل المتصرف القضائي وكاتب المحكمة ويحرر قائمة بذلك ثم يتم إيداع قائمة الجرد في خزينة المحكمة خلال أربع وعشرون ساعة من انتهاء الجرد. أين يتم إقفال الدفاتر التجارية ويكون ذلك بحضور المفلس والوكيل المتصرف القضائي ويتم تقرير الميزانية ثم يقوم الوكيل المتصرف القضائي بإدارة أموال المفلس وعليه اتخاذ الأعمال التحفظية اللازمة لصيانة حقوق المفلس تجاه الدائنين حيث يقوم بتحصيل حقوق المفلس من مدينيه سواء كانت سندات أو أوراق تجارية .والذي له بعد استئذان قاضي التفليسة أن يتولى بيع الأشياء القابلة للتلف السريع أو لعجز في القيمة ، كما يتولى مباشرة الدعاوى القضائية المرفوعة علي المفلس أو التي كان المفلس قد رفعها علي الغير ويجوز عمل إجراءات الصلح مع الآخرين، ويتولى كذلك الاستمرار في تجارة المفلس وذلك لوجود مصلحة للمفلس وللدائنين كما يقوم الوكيل المتصرف القضائي بإيداع المبالغ المتحصلة من التفليسة الخزينة العامة.
كما يجب علي الدائنين التقدم بديونهم للوكيل المتصرف القضائي إذا كانت مصحوبة بأحكام أو تأمينات فإذا لم يتقدموا بها يتم دعوتهم إلي التقدم بها ويتم الدعوة بنشر إعلانات في إحدى الصحف الذي يقوم بتحقيق الديون وذلك من خلال المستندات والكشوف الموجودة لديه ولا تخضع للتحقيق تلك التي تقع علي عاتق التفليسة من أتعاب المحاماة أو أجرة الوكيل المتصرف القضائي وغيرها
اترك تعليقاً